نوفمبر 22, 2024 7:10 م

الدكتور عبد الله اليزيدي المعتمد على الله

elyazidi.a.91@gmail.com

00212637753122

 

الدكتورة مونة جنيح

jiniah.mouna@gmail.com

00212668836281

جامعة عبد المالك السعدي ـ كلية الحقوق تطوان (المملكة المغربية)

الملخص :

تتناول الدراسة مسألة تأثير الثورة الصناعية الرقمية المعاصرة على خصوصيات التقاليد والثقافات الوطنية، حيث أن تسارع التطور التكنولوجي الذي أتاحته التقنيات والوسائل الحديثة فتح المجال لاعتماد منظومة الأمم المتحدة التكنولوجيات الرائدة والرقمية بما فيها التقنيات الحديثة الرقمية وتكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة، كعوامل تمكينية قوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما استدعى تدخل دول العالم لتقنين استعمالات الرقمية وتوجيه السلوك الإنساني. ويهدف البحث الى تسليط الضوء على التقنيات الحديثة للثورة الصناعية الرابعة وتأثيرها على المجتمع، كما يهدف الى إيجاد توازنات للتعاطي مع الثورة الرقمية وترشيد استعمالها بما يعود بالتنمية والحفاظ على الخصوصيات من الانفتاح الغير المعقلن على الرقمنة، ومن بين النتائج المتوصل اليها نجد أن الثورة الصناعية أسهمت في القضاء على المجتمع القديم وأقامت مكانه مجتمع رقمي جديد مما نتج عنه بروز عدة نتائج على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي…الخ، كما أن الثورة الصناعية الرقمية سلاح ذو حدين جانب يسعى لرفع مستوى  تنمية الموارد البشرية  وجانب يأثر على خصوصية الافراد لأن التقنيات والوسائل التي تحتويها التكنولوجيا الرقمية لها انعكاس بالغ الأهمية قد يكون إيجابيا كما قد يكون سلبيا على أفراد المجتمع في مختلف المجالات والقطاعات.

كلمات مفتاحية: الثورة الصناعية، التقنيات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، التقاليد، الخصوصيات

The impact of the contemporary digital industrial revolution on the specificities of national traditions and cultures

Dr. Abdullah Al-Yazidi Al-Mutamad

Dr. Mouna Jeneh

Abdelmalek Saadi University – Faculty of Law, Tetouan

(Kingdom of Morocco)

Abstract:

The study deals with the impact of the contemporary digital industrial revolution on cultural specificity and national traditions, Because of the fast technological development made possible by modern technologies and means opened the way for the United Nations system to adopt pioneering and digital technologies Including, Digital technologies, fourth industrial revolution technologies, as factors for achieving the target of sustainable development, Which necessitated the intervention of the countries of the world to legalize the uses of digitalization and directing the human behaviour. The research aims to shed light on the modern technologies of the fourth industrial revolution and its impact on society. It also aims to find balances to deal with the digital revolution and rationalize its use in a way that leads to the development and the preservation of privacy from the unreasonable openness to digitalization. Among the results reached, we find that the Industrial Revolution contributed to the elimination of the old society and established a new digital society instead.

This resulted in the emergence of several results on the social, cultural, economic and political levels…etc. The industrial use of digital technology is a double-edged sword that seeks to raise the level of human resource development, whether individual or collective. This is an aspect that affects the privacy of individuals because the techniques and means contained in digital technology have a very important impact that may be positive as well as negative on members of society in various fields and aspects.

Keywords: digital industrial, Digital technologies, Artificial intelligence, traditions, private life.

مقدمة:

شهدت معظم الدول في ظل التطور المتنامي تطورات متسارعة نتيجة التحولات التكنولوجية والتقنيات الرقمية الحديثة التي عرفتها مختلف المجتمعات الغربية والعربية تغيرات غير مسبوقة على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية، حيث تستند تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة الى الثورة الرقمية لتوفر العديد من الخدمات الرقمية والتطبيقات الذكية لتطوير مختلف المجالات؛ بدأ بالذكاء الاصطناعي وثورة الروبوتات والبيانات الضخمة وانترنت الأشياء والبلوك تشين …الخ لتحتل بذلك النظم الاقتصادية العالمية.

وبذلك، فإن التحولات التي نشهدها في عصرنا الحالي من خلال الثورة الصناعية الرقمية يعد حدثا عالميا وإنجازا عصريا جديدا، وحجم تأثيره وانعكاسه سيكون على مختلف مجالات الحياة متسع وعميق على المجتمعات والأفراد وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكذا السياسي، والأكيد أن لكل دولة خصوصيتها في التعامل مع هذه الثورة، فقد اختلفت الآراء وتعددت حول موضوع تأثير الثورة الصناعية الرقمية المعاصرة على خصوصيات التقاليد والثقافات بشكل عام بين اتجاه مؤيد لمواكبة التحولات التكنولوجية والتطورات الناشئة في ظل التحول الرقمي والثورة الصناعية واثارها الإيجابية، والأخر اتجاه معارض لها باعتبارها تحدث المخاطر  وتؤثر سلبا بدرجات متفاوتة وبنتائج مختلفة في مختلف القطاعات وتؤثر على الثقافات والخصوصيات.

وادراكا بأن محور اهتمام الفكر الاجتماعي والاقتصادي السائد في العالم كله هو التحول والانتقال من النظم التقليدية في جميع القطاعات الى النظم التكنولوجية الرقمية، وبالنظر الى المتغيرات الراهنة التي يشهدها العالم منذ مطلع القرن الواحد والعشرون في ولادة مكونات اقتصاد جديد يقوم على تكنولوجيات تجمع بين العلوم المادية والرقمية وكذا البيولوجية نجد أن الثورة الصناعية الرقمية قد غيرت الموازن العالمية، فكما غيرت الثورة الصناعية الأولى الباراديم الكلي عن معنى الكون والإنسان فإن الثورة الصناعية الرابعة الحالية غيرت فكرة أن الانسان محور الكون والكائنات الأكثر ذكاء، وذلك من خلال تكنولوجيات وتقنيات رقمية غيرت وستغير العديد من الأنماط والعادات القديمة لدى مختلف المجتمعات، مما يطرح معه العديد من الأسئلة الفلسفية إزاء هويتنا وعلاقتنا بذاتنا وبالطبيعة والكون والمستقبل دون أن ننسى تقاليدينا وخصوصيتنا الثقافية والشعبية.

مشكلة البحث وتساؤلاته: تمثلت إشكالية الدراسة في كون الثورة الصناعية الرقمية فرضت عدة تحديات على المجتمعات والمؤسسات مما أدى الى ظهور تداعيات وانعكاسات غيرت من شكل وطبيعة الخصوصيات والتقاليد التي كان متعارف عليها لدى كل مجتمع على حذا، وبالتالي تتبلور الإشكالية الرئيسية للدراسة في: كيف أثرت الثورة الصناعية الرقمية في خصوصيات التقاليد والثقافات؟ وهل يمكن الاستفادة من نتائجها في ظل التعامل معها بعقلنة؟

وينبثق عن هذه الإشكالية الرئيسية مجموعة من الأسئلة الفرعية من بينها:

ـ ماهي الثورة الصناعية والتكنولوجية الرقمية؟

ـ ماهي مظاهر تأثير الثورة الصناعية الرقمية على المجتمعات؟

ـ ما هي صور وأنماط تحديات هذه الثورة؟

أهمية البحث: تتضح أهمية هذه الدراسة في كونها تتعرض بالتحليل لموضوع الثورة الصناعية الرقمية وتأثيرها على الخصوصيات والتقاليد خاصة امام التحول الرقمي والتكنولوجي الحديث، هذا الى جانب ما سوف تتناوله الدراسة من مظاهر وتحديات الثورة الصناعية الرقمية وتداعياتها على المجتمع.

أهداف البحث: ستسعى الدراسة الى تحقيق الأهداف التالية:

  • عرض وتحليل الثورة الصناعية الرقمية من حيث الماهية والتطور.
  • ابراز أثر الثورة الصناعية الرقمية على خصوصيات التقاليد والثقافات الوطنية.
  • عرض أهم التحديات التي فرضتها الثورة في ظل الرقمية.
  • إيجاد توازنات للتعاطي مع الثورة الرقمية وترشيد استعمالها بما يعود بالتنمية والحفاظ على الخصوصيات من الانفتاح الغير المعقلن على الرقمنة.

فرضية الدراسة: لمعالجة اشكالية البحث والاجابة على الأسئلة المطروحة تقوم الدراسة باختبار الفرضية التالية: كون هناك تأثير واضح للثورة الصناعية الرقمية على خصوصيات التقاليد والثقافات المجتمعية، وخاصة الخصوصية الفردية، مما جعل الهوة تزداد اتساعا بين الدول المتقدمة والدول التي تحاول جاهدة اللحاق بالتطورات المتسارعة.

منهج البحث: وفي سبيل تحقيق أهداف البحث واختبار فرضيته سوف نتعتمد على المنهج الوصفي، والمنهج التحليلي لمعالجة هذا البحث، وذلك من خلال محورين رئيسين: المبحث الأول: تحديد ماهية الثورة الصناعية والتكنولوجيا الرقمية، والمبحث الثاني: أثر الثورة الصناعية الرقمية على خصوصيات التقاليد والثقافات الوطنية، وأخيرا خاتمة وعرض للمقترحات.

المبحث الأول: تحديد ماهية الثورة الصناعية والتكنولوجيا الرقمية

عرفت مختلف دول العالم في بداية النصف الثاني من القرن الثامن عشر تطورا في الميدان الصناعي سمي بالثورة الصناعية، والتي ظهرت ملامحها الأولى في أوروبا لتمتد إلى باقي بقاع العالم، وبالموازاة ظهرت الثورة الرقمية والتكنولوجية الحديثة التي أصبحت تعد عنصرا أساسيا لتحول المجتمعات وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي، وعليه سنتطرق في هذا المبحث الى مطلبين سنحاول من خلالهما التطرق لماهية الثورة الصناعية وتطورها في المطلب الأول، وتحديد ماهية التكنولوجيا الرقمية في المطلب الثاني.

المطلب الأول: ماهية الثورة الصناعية وتطورها

الحقت الثورة الصناعية تغيير جذري لدى مختلف المجتمعات على رأسها المجتمع الاوروبي الذي تحول من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي مما نتج عنه نشوء مدن صناعية وظهور تقاليد وقيم جديدة، فأظهرت الثورة الصناعية تطورا اجتماعيا واقتصاديا وعلميا كما ظهرت أسس فلسفية جديدة في المجتمع الأوروبي، والملاحظ في هذا السياق أن هذه الثورة قد مرت بعدة مراحل (المطبري, فايز علي الثورة الصناعية الرابعة وأسواق العمل العربية…الواقع والمأمول،، صفحة 15) بدأ بالثورة الصناعية الأولى والتي بدأت ولادتها رسميا في بريطانيا سنة 1760 عندما اخترعت الآلة البخارية التي أدت إلى ميكنة الإنتاج والنقل بواسطة الطاقة البخارية، فيما بدأت الثورة الصناعية الثانية رسميا سنة 1900 مع اختراع محرك الاحتراق الداخلي، ومع بداية القرن العشرين دخل العالم عهدا جديدا شكل تحولا جذريا في مفهوم المواصلات واستخدام القطار لتتوالى بعد ذلك الانجازات العلمية مع ظهور الهاتف والإذاعة والتلفزيون والطائرة، وعلى عكس الثورة الصناعية الثالثة سنة 1960والتي عرفت تطورات في مجال الإلكترونيات والمعالجات الدقيقة ووسائل الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر والروبوتات، فأدت لبزوغ عصر الأتمتة في الإنتاج بفضل وحدات التحكم القابلة للبرمجة في مجال التصنيع والتعليم والإدارة وبداية الاعتماد على الجيل الأول من الروبوتات…، وهكذا كانت الثورة الرقمية أساس الثورة الصناعية الثالثة، التي أسهمت في تغيير نمط الاقتصاد والحياة في مجتمعاتنا وساهمت في إدخال الحواسيب والروبوتات في معظم مناحي الحياة. (الفقي محمد عبد القادر، الثورات الصناعية الأربع إطلالة تاريخية،، صفحة 09)

ومع بداية الألفية الجديدة انطلقت الثورة الصناعية الرابعة ولاتزال مستمرة الى يومنا هذا، ثورة تجمع العالمين الحسي والرقمي معا بشبكات معقدة مرتبطة بالآلات الذكية وقواعد المعطيات الضخمة من خلال ربط الأشياء مع بعضها البعض عبر الانترنت، والتي من سماتها بزوغ عدد من  التطبيقات والتقنيات والمحركات التي بدأت في تغيير وجه حياة البشرية من بينها على الأخص تقنيات الذكاء الاصطناعي، انترنت الأشياء، علم الجينات الوراثية “الجينوم البشري”،  النانو تكنولوجي، البيو تكنولوجي، تخزين الطاقة…الخ،  وهذا يعني أنها “التحول الشامل والكامل لمجال الإنتاج الصناعي وذلك من خلال دمج التكنولوجيا الرقمية مع الصناعة التقليدية (Davies Ron, Industry 4.0 Digitalisation for productivity and growth، صفحة 02) أي تحويل نظام الإنتاج من خلال دمج عالم الانترنت الذي تمتله تكنولوجيا المعلومات والعالم الحقيقي الذي كان موضوع الثورة الصناعية الأولى والثانية أي أنها تربط العالم المادي بالعالم الالكتروني (Um Jung-Sup,Drones as Cyber-Physical Systems Concepts and Applications for the Fourth Industrial Revolution، صفحة 04). وتتجلى أبرز خصائصها في (هبة سمير سليمات محمود، صفاء احمد محمد شحاته، احمد محمد محمد عبد العزيز، مروة محمد سمير الموجي، الثورة الصناعية الرابعة ومتطلبات تحقيقها في الجامعات المصرية، ):

ـ الرقمنة، أي استخدام تطبيقات التحول الرقمي في كافة المجالات،

ـ التفاعل بين التقنيات الناشئة من خلال الرؤية الرئيسة للثورة الصناعية المتمثلة في ربط التقنيات ببعضها البعض في

مختلف القطاعات،

ـ السرعة: أي السرعة في إمكانية تطوير الابتكارات ونشرها؛ وهذا نتاج للعالم المترابط بشكل

أعمق وكون التكنولوجيا الجديدة تولد تكنولوجيا أحدث وأكثر قدرة من سابقتها.

ـ الاتساع والعمق: فالاعتماد على الثورة الرقمية يجمع بين تقنيات متعددة يؤدي إلى تحولات كبيرة

في الاقتصاد والأعمال والكيفية التي نعمل بها بل وتؤثر على الانسان.

-التأثير والتعميم: حيث إنها ستتضمن تحولا في مختلف المجالات عبر كل الدول والمجتمعات فالتقنيات الناشئة لها تأثير كبير على كافة المجالات.

وبذلك فهي مجموعة من التغيرات والتحولات التكنولوجيا التي شهدها العالم في مجال الصناعة، حيث أصبح لهذه الثورة تأثير إيجابي وسلبي في آن واحد وغير مسبوق على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وما أصبح مؤكد اليوم، أنه وفي ظل الثورة الصناعية الرابعة بالخصوص وبفضل الاتصالات الفائقة السرعة والحوسبة القوية والخدمات السحابية والتخزين السحابي لعدد هائل من المعلومات والبيانات، فإن  هذه التطورات أدت  إلى اعتماد منظومة الأمم المتحدة عددا من التكنولوجيات الرائدة والرقمية، لما لها من دور أساسي في تسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة (Fourth Industrial Revolution, Impact of the Fourth Industrial Revolution on Development in the Arab region، صفحة 09) لدى مختلف الدول والمجتمعات.

المطلب الثاني: ماهية التكنولوجيا الرقمية

أصبح مفهوم التكنولوجيا الرقمية او الثورة الرقمية يرتبط بالأساس بالتحولات والتغيرات الحاصلة في بنية المجتمعات الإنسانية المعاصرة، خاصة في ظل التحول من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي ثم الى مجتمع رقمي أو “مجتمع المعلومات”، ويعتبر هذا المصطلح بمثابة استمرار للنظريات التي أفرزت مصطلح المجتمع الصناعي وما بعد الصناعي (مهنا النفري، المعلوماتية والمجتمع ـ مجتمعاتنا بعد الصناعة ومجتمع المعلومات، صفحة 84) والذي مكن من خلق طريقة جديدة في العلاقات الاجتماعية محورها المعرفة والعلم، فالذين يتحكمون في أنساق المعلومات والمعرفة العلمية المعقلنة هم الذين يتحكمون في القرارات وفي منظومات الإنتاج داخل المجتمع (Touraine alain, la société post-industrielle، صفحة 110)، فالثورة التكنولوجيا الحديثة جعلت العالم قرية صغيرة يستطيع أفرادها الاتصال فيما بينهم بسهولة من خلال الانتشار الواسع واللامحدود للمعلومات بين دول العالم، فأتاحت إمكانية تبادل  ونقل المعلومات والوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان وبأقصى سرعة، لتؤثر وبشكل واضح على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية…الخ.

وأضحى للتكنولوجيا الرقمية أهمية كبيرة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية …لأن مفهوم المجتمع ما بعد الصناعي يتعلق بالتغيرات داخل بنية المجتمع وفي الطريقة التي بواسطتها يتم تحويل الاقتصاد وإعادة صياغة النظام المهني وبالعلاقات الجديدة بين النظرية والتجربة، وخصوصا العلم والتقنية (Daniel bell, the coming of post-industrial society, a venture in social forecasting، صفحة 13)، وبمقتضى هذا التغير في بنية المجتمع حدث تحالف بين تكنولوجيات المعلومات ووسائل الاتصالات الجديدة السمعية والبصرية، واكتسبت جميعها دورا متزايدا في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وأثرت في طبيعة العمل الإنساني (الشابي نور الدين، الثورة الرقمية من منظور فلسفي، صفحة 43)، ومقارنة بالثورة الصناعية تعتبر الثورة الرقمية متميزة باتساع مداها وبقصر المدة التي حدثت فيها وأثرت من خلالها في العالم، أي في النظام الاجتماعي والأخلاقي والسياسي والاقتصادي وفي علاقة الانسان بالواقع وتجربته في العالم.

ولم يتم الاتفاق الا يومنا هذا على وضع تعريف محدد وشامل لمفهوم التكنولوجيا الرقمية نظرا لتطورها وتغيرها المستمر، ومن بين التعاريف التي حاولت إعطاء تعريف يحدد مفهوم الثورة الصناعية الذي ورد فيه “بأنها كل الأجهزة الإلكترونية من عتاد وبرمجيات تقوم بمعالجة المعطيات بعد ترميزها أو تشفيرها إلى إشارات اثنية بين صفر وواحد (0,1)، وتتميز بأن كل أشكال المعلومات والبيانات تصبح رقمية سواء النصوص أو الرسومات والصور والمعلومات الصوتية والمصورة، والرقمية الساكنة والمتحركة…ليتم نقل تلك المعلومات من خلال الشبكة المعلوماتية بواسطة مجموعة أجهزة إلكترونية وسيطة تماما، كما يتم انتقال رسالة تقليدية بمظروف خلال عدة مكاتب للبريد حتى تستقبل في النهاية بنقطة معينة”، وهناك من اعتبرها الفرز المتواصل بين من يولد المعلومات) الابتكار( ويملك القدرة على استغلالها)المهارات( وبين من هو مستهلك لها بمهارات محدودة (بوادي مصطفى ـ أوماحي عائشة، دور التكنولوجيا الرقمية في تنمية الموارد البشرية الو اقع والمأمول،، سنة 2019،، صفحة 195)”، وقد مرت التكنولوجيا الرقمية بتنقلات نوعية عديدة ومترابطة يمكن إيجازها في خمس مراحل[1]، وبفضل هذه الثورة جرى تطوير شتى مظاهر الحياة باعتماد الوسائط الرقمية [2] في شتى المظاهر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسة…وهو ما أصبح يعرف بالتحول الرقمي الذي يشير إلى استخدام تكنولوجيا الحاسب الآلي والإنترنت في عملية إنشاء قيمة اقتصادية أكثر كفاءة وفعالية، وبمعنى أوسع يشير إلى التغييرات التي تحدثها التكنولوجيا الجديدة بشكل عام حول كيفية العمل والتفاعل معها، ويهدف الى الاستثمار في الفكر وتغير السلوك لإحداث تحول جذري في طريقة العمل عن طريق الاستفادة من التطور العلمي والتقني الحاصل وبداية مرحلة جديدة في إعادة هيكلة وتنظيم التغييرات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تأثير تكنولوجيا المعلومات (سعاد أغانيم، الإدارة القضائية وتحديات التحول الرقمي، التجربة المغربية نموذجا، سنة 2019، صفحة 160)

المبحث الثاني: أثر الثورة الصناعية الرقمية على خصوصيات التقاليد والثقافات الوطنية

تعيش مختلف المجتمعات عصرا تسيره التكنولوجيات الرقمية بطريقة غيرت من طبيعة الحياة والعلاقات الإنسانية والمعاملات التجارية، وطريقة الحصول على المعلومات وسرعة مشاركتها مع الآخرين، والتي جاءت نتيجة التطور الهائل الذي أحدثته ثورة تكنولوجيا المعلومات الرقمية، فأصبح الحديث عن المجتمع الرقمي يجرنا للحديث عن قاطني هذا المجتمع وما مدى تأثرهم بهذه التحولات الحاصلة، لذلك ارتأينا من خلال هذا المبحث أن نتطرق لمظاهر تأثير الثورة الصناعية الرقمية في المطلب الأول، وتحديات الثورة الصناعية الرقمية في المطلب الثاني، مما حمل معظم دول العالم السعي لتسريع خطاها لمواكبة متطلبات هذه الثورة.

المطلب الأول: مظاهر تأثير الثورة الصناعية الرقمية

لقد تميزت الثورة الصناعية الرقمية الحالية بالسرعة والتعقيد وشمولها لمختلف مظاهر الحياة الإنسانية والتي ستشكل في نهاية الامر القوة التي تؤدي إلى إحداث تغيير في العلاقات والمصالح لدى مختلف المجتمعات في كل منها وفيما بينها، كما أنها تقوم على أساس الرقمنة الشاملة العمودية والأفقية للظواهر المرئية والخفية ـ ويتجلى ذلك الدمج الرقمي- الأفقي والعمودي- في مختلف مظاهر الحياة والوجود، وعليه فإن الثورة الصناعية الحالية تدور في الزمن الذي يتحول فيه الاقتصاد من نموذج الإنتاج المركزي إلى نموذج الإنتاج اللامركزي والربط بين جميع الوحدات الإنتاجية في الاقتصاد في مختلف الاتجاهات عموديا وأفقيا داخليا وخارجيا حيث تشكل عملية تلاحم لا يفصم عراها بين مختلف مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية (علي أسعد وطفة، الثورة الصناعية الرابعة: تحديات أم فرص؟ ).

ومن الواضح اليوم أن تكنولوجيا الثورة الصناعية قد فتحت إمكانية تخزين وتوزيع كم هائل من المعلومات الرقمية (Koelsch Frank. McGraw-Hill Ryerson, “The Info-media Revolution: How It Is Changing Our World and Your Life، صفحة 123)، ولم تعد مجرد وسائل تغيير أو أدوات تعتمد في عملية تطوير المجتمع وتغيري ملامحه فحسب بل أصبحت قوى اجتماعية وأنثروبولوجية وبيئية وتفسيرية تخلق وتشكل واقعنا الفكري والمادي وتلغي فهمنا لذواتنا، وفي ظل التطور السريع في وسائل الاتصال والتواصل بدأت مظاهر تأثير هذه الثورة تتضح في كافة أنشطة الحياة والتي حملت معها قفزة نوعية على صعيد حرية حركة الأفكار والمعلومات وتبادل الخبرات والتجارب، فأصبحت البشرية تعيش مرحلة الثورة الرقمية التي وضعت الإنسان في قلب تحولات كبرى طالت وعيه وسلوكه ونظرته للعالم وموقعه فيه، وصار معها الإنسان إنسانا “صناعيا “و “رقميا” في ذات الوقت، ولا تزال نتائج هذه الثورة تعد بتطورات أكبر وأسرع خاصة وفق معطيات التقدم التقني في الذكاء الاصطناعي، ومن مظاهرها أيضا أنها تتميز بشمولها المذهل إذ تنتشر بسرعة هائلة في مختلف جوانب الحياة لتحدث انقلابا ثوريا شاملا ومستمرا ضد كل ما عرفته المجتمعات الإنسانية البدائية في تاريخها من تقدم تكنولوجي وعلمي  وتغير مفهوم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي أصبحت ترتكز على التقدم الهائل في الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، فالتحول التدريجي في التقاليد والعادات والأعراف وكذا الثقافات الاجتماعية والاقتصادات الدولية والوطنية التي نشاهدها ونعيشها في الوقت الحاضر، جاء نتيجة لتداول المعلومات المختلفة عبر عدة وسائط ووسائل منها : شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية مثلFacebook و Youtubeو Twitter …الخ والتي تتزايد وتتعدد بشكل مستمر مع سرعة تطور التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية التي تعد ملاذا للكثير من الأفراد الرقميون.

كما مكنت محركات البحث Googleو Firefox على سبيل المثال من سرعة الوصول إلى مصادر مختلف المعلومات والحصول عليها بسهولة ويسر؛ بحيث أصبح من السهل مثلا التعرف أو تقليد ثقافات وأعراف مجتمع اخر دون الحاجة الى التنقل والسفر اليه، مما نتج عنه تغير بنائي في المجتمع وظهور أنماط معيشية جديدة بشكل عام كنتيجة لتغير القيم والاتجاهات وتأثير على الهوية الثقافية لدى بعض أفراده، مما أدى إلى ظهور قيم جديدة مغايرة للقيم الاجتماعية التي كانت سائدة في السابق.

ومما لاشك فيه أن  هذا التحول الرقمي قادر على إحداث قدر من التحول الاجتماعي الذي يستهدف القيم الثقافية والمؤسسات الاجتماعية وعلاقات الأفراد ببعضهم وعلاقاتهم بالمؤسسات، بل اصبح استخدامه يعد معيارا لتصنيف المجتمعات إلى مجتمعات رقمية ومجتمعات تقليدية، وبقدر ما استطاعت أن تستخدم للتقريب بين الأفراد والشعوب وتنمية الاقتصاد الصناعي، فإنها تؤثر بدرجات متفاوتة على تطوير وتغيير العادات والتقاليد الاجتماعية، وبذلك تأثيرات مماثلة على ثقافات المجتمعات وتطويرها، مما يستوجب عدم خلط التحولات الاجتماعية بنظرية التحديث وعناصرها كمعيار لقياس التحول بصفة خاصة في سياق المجتمعات العربية.

 

المطلب الثاني: تحديات الثورة الصناعية الرقمية

تتسم الثورة الصناعية باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة وهي تقنيات تشكل تحديات كبرى لمختلف القطاعات والمجتمعات وانعكست نتائجها على كافة نواحي الحياة، حيث تحمل كل ثورة عرفتها الإنسانية في ذاتها فرص وتحديات هائلة، ففي كل اكتشاف تتدفق المنافع والمكاسب الإنسانية التي لا تحتاج إلى تعريف، وإذا كانت الفرص والمنافع التي تحملها الثورة الصناعية واضحة ولا تحتاج الى استنفار عقلي فإن معرفة التحديات تتطلب جهدا ووعيا في مستوى التحليل والتفكير لأنها تحمل في طياتها كثيرا من الوعود والفرص، ويبدو أن هذه الثورة التي بدأت معالمها ترتسم منذ مطلع هذه الألفية ستشكل ثورة عارمة في الحياة الإنسانية برمتها وقد تكون قادرة على تغيير هوية العامل الإنساني، وما يحمله المستقبل القريب من متغيرات وكيفية الاستعداد لها على مستوى التحديات والمتطلبات (الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية والثقافية وكذا التكنولوجية  او الالكترونية او على مستوى التحديات البيئية والمستقبلية…). إلا أن التحديات الاقتصادية لهذه الثورة تشكل اللبنة الأساسية لكسب رهان التحدي، فنجد مختلف المجتمعات وشعوب العالم تبحث عن طرق ووسائل وآليات فاعلة تساعدها على النمو والتطور الاقتصادي بديناميكية مناسبة، حتى تتمكن من رفع مستويات الدخل العالمية وتقدم المنتجات والخدمات الرقمية الجديدة التي تتطلبها متطلبات الحياة اليومية وتحسين العمل والبحث عن المعرفة وزيادة الإنتاج لتحقيق غد أفضل… والقدرة على رفع مستويات الدخل العالمية وتحسين نوعية الحياة للسكان في جميع أحناء العالم (بدران عبد الله، الثورة الصناعية الرابعة الشغف بالمستقبل الغامض، صفحة 55)، مرتكزة على الاتفاقيات الدولية والعمل الاقتصادي المشترك وعلى التكتلات الاقتصادية العالمية والاقليمية لضمان وحماية مواقعها من نتائج التغيرات المتسارعة والمحتملة، وبذلك فإن هذه التحديات لم تعد تقتصر على التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والبشرية فقط بل أصبحت تشمل أيضا “أداة” هذه التنمية والتي تعد الثورة الرقمية أحد عناصرها الأساسية، بحيث لا يعد الأمر مجرد تحولا تقنيا عابرا وإنما حقبة تاريخية جديدة يتوج فيها الجهد البشري الذي مر من مرحلة العصر الزراعي والصناعي الى الرقمي.

ومن الطبيعي أن يتم الربط بين سمة الرقمنة ومختلف أشكال التفاعل الإنساني بما يتناسب مع العصر الرقمي، الا أن هذه المسألة تطرح إشكالية الخصوصية والتي تعد من أكبر التحديات التي تسببها الثورة الصناعية الرقمية لما لها من تأثير على الحياة الخاصة للإنسان وعلاقاته الاجتماعية، فالثورات التي تحدث في مجال التكنولوجيا الحيوية وظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي ستعيد تعريف معنى (الإنساني) وبذلك إعادة مفاهيمنا المعنوية والأخلاقية.

وتوجد أيضا العديد من التداعيات المترتبة على التطور الحاصل في الثورة الصناعية والرقمية، إذ نجد أن تقدم الثورة الصناعية وتقنياتها من شأنه أن يؤثر على حجم ونوعية الوظائف وفرص العمل المتاحة، فمن المتوقع أن تأخذ “الروبوتات” مكان الانسان مما ينعكس بالسلب على اليد العاملة في مجال الصناعات التحويلية وصناعة السيارات، والأدوات الكهربائية… كما ان الاحتكاك مع الآلات بشكل يومي من شأنه أن يؤدي إلى انفصال البشر تدريجيا عن محيطهم الاجتماعي البشري، وهو ما قد يفقد العلاقات الإنسانية مرونتها التقليدية، ويجعلها أكثر صلابة وجمودا فتتحول طرق التفكير والتفاعلات البشرية، ليصبح الهدف من هذه العلاقات الإنسانية ماديا بعدما كان معنويا بالأساس. فتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقنياته تحمل وعودا بمستقبل مزدهر للجميع، لكنه في نفس الوقت يتطلب تطبيق وتنفيذ سياسات أكثر ذكاء لتحقيق هذه الوعود، حيث أن تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية واتساع حجم الفجوة المعرفية والتقنية، وتحديات الاندماج بالثورة الصناعية والتحول الرقمي يستدعي أن تكون السياسات المعتمدة والمطبقة أكثر استجابة للتغيير الحاصل لدى مختلف المجتمعات، وعلى الرغم من تنوع وتعدد التحديات والمتطلبات التي تواجه المجتمعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والبيئية والتكنولوجية… الخ، إلا أنه يمكن القول أن التحديات الاقتصادية واثارها ستشكل موقع الصدارة باعتبارها الأساس لحل مختلف المعضلات.

ولعل المجتمع المغربي شأنه شأن باقي المجتمعات فإنه سعى منذ سنوات إلى تسريع التحول الرقمي ودمج التكنولوجيات الحديثة في مختلف القطاعات في محاولة منه لمواكبة التطور التكنولوجي التقني والخدماتي للدول المتقدمة، وذلك ضمن استراتيجية رقمية مواكبة للتحولات العالمية المتسارعة[3] مما استدعى تعزيز وتأهيل ترسانة تشريعية تواكب الثورة الرقمية و التحول الرقمي  والاعتماد على استراتيجيات[4] واضحة المعالم من أجل إرساء بنيات المغرب الرقمي، لذلك عمل التشريع المغربي على اصدار مجموعة من القوانين لتنمية منظومته التشريعية والمؤسساتية، ومن بين هذه القوانين نجد القانون رقم 24.96 المتعلق بالبريد والمواصلات[5]، قانون رقم 03-77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، والقانون رقم 07-03 المتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات لسنة 2003 ثم قانون رقم 53.05 المتعلق ﺑﺎﻟﺗﺑﺎدل اﻹﻟﮐﺗروﻧﻲ للمعطيات اﻟﻘﺎﻧوﻧية سنة 2007 ، القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي 2009، قانون رقم 61.16 المحدث لوكالة التنمية الرقمية سنة 2017[6] منشور رئاسة النيابة العامة عدد 48 سنة 2018 حول حماية الحياة الخاصة للأفراد في ظل قانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، بالإضافة الى مصادقة المغرب على اتفاقية بودابيست المتعلقة بالجريمة المعلوماتية بتاريخ 29 يونيو 2018 والبروتوكول الإضافي الثاني الملحق بهذه الاتفاقية حول محاربة الجريمة الإلكترونية2021، واحداث قانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية سنة 2020، ثم قانون 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني لسنة 2020. وهذه الترسانة التشريعية واكبها إحداث عدة مؤسسات، كالمجلس الوطني لتكنولوجيات الإعلام والاقتصاد الرقمي 2009، الجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي سنة 2009 اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات لدى إدارة الدفاع الوطني 2011 ثم المديرية العامة لأمن نظم المعلومات والوكالة التنمية الرقمية سنة 2017.

وبذلك يكون المجتمع المغربي قد حاول مواكبة التطورات العلمية والتقنية الحاصلة في مجال الثورة الصناعية والتحول الرقمي الحاصل في الثورة الرقمية لبناء مغرب رقمي يعتز بتاريخ حاضره ومستقبله، ولكسب التحديات التي تفرضها هذه الثورات.

خاتمة

لقد حاول هذا البحث التوصل إلى إبراز الدور الذي تقدمه الثورة الصناعية الرقمية بمختلف تقنياتها وما من شأن هذا الدور أن يقدمه لتطوير وتحسين جودة الحياة وللتنمية الاقتصادية والظروف المعيشية للإنسان، الا أنها قد تؤثر على العادات والتقاليد والثقافات الاجتماعية. وفي الأخير توصي الدراسة بالمقترحات التالية:

ـ إن عجز النظم التشريعية في استيعاب المفاهيم الحديثة المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية وقصور المبادئ القانونية المتعارف عليها في معالجتها، يفرض وضع سياسات عمومية محفزة لمواكبة التغيرات الحاصلة.

ـ وضع قواعد ونصوص قانونية وتشريعات منظمة، يلزم احترامها والتقيد بمضامينها لجعل توجهات الثورة الصناعية والرقمية واضحة المعالم.

ـ. ضرورة وجود قاعدة صناعية وطنية لازمة للبناء عليها للمستقبل الرقمي المطلوب لتكنولوجيات هذه الثورة، الى جانب التجاوب مع متطلبات وآثار هذه الثورة في المجالات الثقافية والاجتماعية والتشريعية.

ـ تفعيل وسائل الرقمنة لدى مختلف الأوساط ضمن إطار يحدد قواعد وضوابط استخدامها في الوقت الراهن.

ـ استخدام التكنولوجيا المتطورة بجميع أنواعها والاستفادة منها بطرق معقلنة حتى لا تؤثر على حياة الأفراد وعلى العادات والتقاليد وكذا الثقافات الاجتماعية.

ـ إقامة الندوات والمؤتمرات العلمية التي من شأنها ان تعرف مختلف المجتمعات بإيجابيات وسلبيات الثورة الرقمية.

ـ تنمية الثقافة القانونية الخاصة بالتحول الرقمي.

. نشر الثقافة الازمة لتفهم التكنولوجيات الجديدة.

قائمة المراجع

ـ أغانيم سعاد، الإدارة القضائية وتحديات التحول الرقمي، التجربة المغربية نموذجا، مجلة القانون والأعمال، العدد 44، سنة 2019؛ ص 160.

ـالشابي نور الدين، الثورة الرقمية من منظور فلسفي، مجلة رسمية العدد الثاني أكتوبر 2020، ص 43.

الفقي محمد عبد القادر، الثورات الصناعية الأربع إطلالة تاريخية، مجلة التقدم العلمي ـ مجلة علمية فصلية تصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي العدد 103 أكتوبر 2018، ص 13.

ـ النفري مهنا، المعلوماتية والمجتمع ـ مجتمعاتنا بعد الصناعة ومجتمع المعلومات، المركز الثقافي العربي، بيروت طبعة سنة 2001، ص 84.

بدران عبد الله، الثورة الصناعية الرابعة الشغف بالمستقبل الغامض مجلة التقدم العلمي، مجلة علمية فصلية تصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي العدد 103؛ أكتوبر 2018، ص55.

بوادي مصطفى ـ أوماحي عائشة، دور التكنولوجيا الرقمية في تنمية الموارد البشرية) الواقع والمأمول (، دفاتر السياسة والقانون.، سنة 2019، ص 195.

ـ فايز علي المطبري، الثورة الصناعية الرابعة وأسواق العمل العربية…الواقع والمأمول، منشور منظمة العمل العربية، ص 15.

ـ هبة سمير سليمات محمود، صفاء احمد محمد شحاته، احمد محمد محمد عبد العزيز، مروة محمد سمير الموجي، الثورة الصناعية الرابعة ومتطلبات تحقيقها في الجامعات المصرية، مجلة كلية التربية ـ جامعة عين شمس، العدد الخامس والاربعون (الجزء الثالث) سنة 2021؛ ص 169-170.

قائمة المراجع الأجنبية:

-Daniel bell, the coming of post-industrial society, a venture in social forecasting, heinemann, London, 1974, p 13.

– Davies Ron, Industry 4.0 Digitalisation for productivity and growth, European Parliamentary Research Service (EPRS), European Union, 2015 p  02.

-ـFourth Industrial Revolution, Impact of the Fourth Industrial Revolution on Development in the Arab region, United Nations 2019, p 09.

-Koelsch Frank. McGraw-Hill Ryerson, “The Info-media Revolution: How It Is Changing Our World and Your Life.”, Mcgraw-Hill; First Edition March 1995, p 123.

-Touraine alain, la société post-industrielle, édition Denoël Paris année 1969, p 110.

-Um Jung-Sup,Drones as Cyber-Physical Systems Concepts and Applications for the Fourth Industrial Revolution, Springer Nature Singapore, 2019, p 03-04.

المواقع الإلكترونية:

ـ علي أسعد وطفة، الثورة الصناعية الرابعة: تحديات أم فرص؟ كلية التربية – جامعة الكويت ص 7. مقال منشور على الموقع:

 https://watfa.net/wp-content/uploads/2019/06/Conrevolution.pdf

  تاريخ التحميل 2023/03/01 تم الاطلاع عليه على الساعة 22:23.

-ـWorld Economic Forum, “The Fourth Industrial Revolution: what it means, how to respond”. https://www.weforum.org/agenda/2016/01/the-fourth-industrial-revolution-what-it-means-and-how-torespond/:Retrieved 12/02/2023 at 20 :30.

الوثائق القانونية:

ـ قانون رقم 24-96المتعلق بالبريد والمواصلات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-97-162 المؤرخ في 2 ربيع الآخر 1418 الموافق ل 7 غشت 1997، كما وقع تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 29-06 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-07-43 المؤرخ في 28 ربيع الأول 1428 الموافق ل 17 أبريل 2007.

ـ قانون رقم 03-77 يتعلق بالاتصال السمعي البصري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 257-04-1 المؤرخ في 25 من ذي القعدة 1425 ، جريدة رسمية بتاريخ 23 ذو الحجة 1425 – 3 فبراير 2005.

ـ قانون رقم 53.05 المتعلق ﺑﺎﻟﺗﺑﺎدل اﻹﻟﮐﺗروﻧﻲ للمعطيات اﻟﻘﺎﻧوﻧية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007) .

ـ ظهير شريف رقم 15.09.1 صادر في 22 من صفر 1430 )18 فبراير 2009) بتنفيذ القانون رقم 08.  09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، جريدة رسمية عدد 5711 بتاريخ 27 صفر 1430( 23 فبراير 2009).

[1] ـ المرحلة الأولى: هذه المرحلة تميزت بظهور التجمعات البشرية، نتيجة لبداية التفاهم الإنساني باستخدام الإشارات، إلى جانب أهمية ارتقاء هذا التفاهم حينما بدأ الإنسان باستخدام اللغة.

المرحلة الثانية: تميزت هذه المرحلة ب اختراع أقدم طريقة للكتابة في العالم، وهي الكتابة السومرية، لكن الكتابة لم تكن كافية وحدها لحل مشكلة الاتصال.

المرحلة الثالثة: تميزت بظهور الطباعة في منتصف القرن 15، ويعتبر “يوحنا جوتنبرج” هو أول من فكر في اختراع الطباعة بالحروف المعدنية المنفصلة واتم طباعة الكتاب المقدس باللغة اللاتينية.

المرحلة الرابعة: في هذه المرحلة شهد القرن 19 ظهور عدد كبير من وسائل الاتصال، استجابة لعلاج المشكلات الناجمة عن الثورة الصناعية، فأصبحت الأساليب التقليدية للاتصال لا تلبي التطورات الضخمة التي شهدها المجتمع الصناعي، مما أدى إلى ظهور العديد من المخترعات الجديدة نتيجة استغلال الطاقة الكهربائية، حيث تم اختراع التلغراف والهاتف.

المرحلة الخامسة: تميزت هذه المرحلة بتفجر المعلومات وثورة الاتصال من خلال استخدام الحاسب الرقمي في تخزين واسترجاع ما أنتجه الفكر البشري بأسرع وقت ممكن، كما تمثلت هذه المرحلة في استخدام الأقمار الصناعية لنقل المعلومات والبيانات والصور عبر الدول والقارات.

[2] ـ وظهرت المصطلحات الكثيرة التي تعبر عن أوجه الحياة الجديدة مثل المنزل الذكي، والمباني التجارية الافتراضية، والعمل عن بعد.

[3] ـ ـ ….تقوم على الاستغلال الأمثل لما تتيحه العولمة من فرص تدفق الاستثمار، وتهدف إلى تقوية المقاولة المغربية وتشجيع الاستثمار الصناعي الحامل للقيمة المضافة، وفتح المجال أمام الاقتصاد الوطني، لاقتحام أنشطة صناعية جديدة ذات تقنيات مبتكرة، وأسواق واعدة، لتصدير منتجاتها وخدماتها…، مقتطف من الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمناسبة عيد العرش المجيد يوم 30 يوليوز 2008.

وعلى ضوء هذه الرؤية الاستشرافية عرف المغرب عدة محطات مؤسسة لمغرب رقمي، كاستراتيجية المغرب الإلكتروني لسنة 2005-2010، واستراتيجية المغرب الرقمي 2009-2013، ثم المغرب الرقمي 2013 والمغرب الرقمي 2020 ومذكرة التوجهات العامة للتنمية الرقمية بالمغرب في أفق 2025، وكذا توصيات النموذج التنموي الجديد الداعية لتسريع التحول الرقمي وتأهيل البنيات التحتية الرقمية.

[4] ـ اعتماد المخطط الخماسي 1999- 2003، والذي وضع من أجل تطوير قطاع الاتصالات والتكنولوجيات الحديثة، حيث تمت مواكبة ذلك باعتماد أول قانون بهذا الخصوص في سنة 1996، وهو القانون رقم 24.96.

ـ إعداد استراتيجية المغرب الرقمي 2013، والتي همّت الفترة الممتدة من 2009 إلى 2013، وتضمنت محاور استراتيجية تعزيز الخدمات العمومية الموجهة إلى المرتفقين، والرفع من مردودية وإنتاجية المقاولات الصغرى والمتوسطة، والعمل على إرساء صناعة تكنولوجيات الإعلام، كما تضمنت محورين مواكبين للمحاور السابقة تتعلق بتنمية الرأسمال البشري وإرساء الثقة الرقمية.

ـ وضع استراتيجية المغرب الإلكتروني لسنة 2005- 2010، والتي هدفت إلى سد الفجوة الرقمية التي كان يعرفها المغرب عن طريق تمكين كافة المواطنين المغاربة من النفاذ لمجتمع المعلومات، وتوفير التكوين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بما يتلاءم مع جميع المستويات من جهة، ومن جهة أخرى تعزيز مكانة المغرب على الصعيد الدولي في مجال الصناعة الإنتاجية ذات قدرة تنافسية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال وصناعة خدمات الاتصال عن بعد، لاسيما تلك الموجهة للتصدير وتمكين الشركات المتخصصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال من الولوج إلى هذا المجال، وتوفير التكوين بشأن امتلاك المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال.

ـ الاستراتيجية الرقمية 2020 والتي تعمل الحكومة على تنزيلها في الوقت الراهن، فتندرج هي الأخرى في سياق متابعة التقدم الذي تم تحقيقه على مدى سنوات في مجال تكنولوجيا الاعلام والاتصال، وتمكينها من مواصلة تعزيز تموقع المغرب كمركز إقليمي في هذا المجال، وتقديم الخدمات لكل من المواطن والمقاولة، لا سيما الصغرى منها والمتوسطة بجودة أفضل وبإمكانيات أقل.

وهي استراتيجيات غايتها تحقيق تطور تكنولوجي ورقمي كبير للمجتمع المغربي، غير أن ذلك يبقى ناقصا دون اعتماد مجموعة من النصوص القانونية بغية تأطير هذه الاستراتيجيات وتقويتها بمنظومة تشريعية قادرة على منحها نفسا جديدا، وتمكينها من مواكبة العصر وضمان شروط المنافسة بين دول العالم.

[5] ـ وهو القانون الذي ساهم في إطلاق المرحلة الأولى من تحرير قطاع الاتصالات من الاحتكار، ما مكّن من إنشاء شركة “اتصالات المغرب” و”بريد المغرب” و”الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات”، كما مكن من وضع الإطار التشريعي الكفيل بحل إشكاليات حماية الأسماء في القطاع التجاري، وتدفق البيانات ذات الطابع الشخصي وسلامة المعاملات التجارية الإلكترونية، ما وأحدث هذا القانون نقطة تحول في قطاع التعليم من خلال إدماج الأدوات المعلوماتية والانترنت في المؤسسات التعليمية.

[6] تم إحداثها بموجب الظهير الشريف رقم 1.17.27 الصادر في 8 ذي الحجة 1438 بتنفيذ القانون رقم 61.16 المحدثة بموجبه هذه الوكالة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *