إعداد -أ- صالحة عبد الله علي المقرحي
عضو هيئة تدريس بدرجة مُحاضر بكلية القانون جامعة الزاوية – قسم القانون الدولي
Ahmedkhiri12@gmail.com
00212603077385
الملخص
تعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003الصك القانوني الوحيد الملزم على الصعيد الدولي لمكافحة ظاهرة الفساد التي أرقت المجتمع الدولي باعتبارها اهم العراقيل التي تواجه المجتمعات في سبيل نموها وتطورها، وقد حاولت هذه الاتفاقية تغطية جلّ الإشكاليات التي تثيرها هذه الظاهرة من خلال وضعها لإطار عملي وفعال للتعاون الدولي لمكافحة الفساد من خلال أربع مسارات أساسية وهي المعايير الوقائية، والتجريم وإنفاذ القانون، استرداد الأموال والتعاون الدولي.
وقد ركزت الدراسة على جانب التجريم وانفاذ القانون لمعرفة صور الفساد التي جرمتها الاتفاقية، وخلصت الى أن الاتفاقية قد انتهجت سياسة جنائية اتسمت بالتوسع في تجريم أفعال الفساد، إضافة الى تنوع طبيعة الالتزامات التي فرضتها على الدول بين الجبر والاختيار، كما انها اعتمدت على نظام متكامل لمتابعة تنفيذها من قبل الدول الأطراف.
الكلمات المفتاحية: الفساد- التجريم وإنفاذ القانون- الرشوة- غسيل الأموال- مؤتمر الدول الأطراف -آلية الاستعراض.
Legal reading
in the United Nations Convention against Corruption of 2003
Researcher / Saleha Abdullah Ali Al-Megrahi
A faculty member with the rank of lecturer at the Faculty of Law, Al-Zawiya University – Department of International Law
Abstract: –
The United Nations Convention against Corruption of 2003 is the only legal instrument binding at the international level to combat the phenomenon of corruption that has plagued the international community as the most important obstacle facing societies for their growth and development. The international fight against corruption through four basic tracks, which are preventive standards, criminalization and law enforcement, money recovery and international cooperation.
The study focused on the aspect of criminalization and law enforcement to find out the forms of corruption that were criminalized by the Convention and concluded that the Convention had pursued a criminal policy that was characterized by an expansion in criminalizing acts of corruption, in addition to the diversity of the nature of the obligations it imposed on states between coercion and choice, and it relied on an integrated system to follow up implemented by the states parties.
Keywords: corruption – criminalization and law enforcement – bribery – money laundering – conference of states parties – review mechanism.
المقدمة
تُعد ظاهرة الفساد ظاهرة عالمية لها آثارها الوخيمة على الدول فهي تهدد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ،وتقوض نظم العدالة وسيادة القانون فيها ، والفساد كظاهرة وإن كان لها الأثر الأكبر على التنمية والاستقرار في الدول النامية فإن للدول المتقدمة أيضا نصيب من مخاطرها؛لذا ظهرت الحاجة ملحّة من أجل تظافر الجهود الدولية للحد من هذه الظاهرة ومكافحتها ولهذا الغرض تم اعتماد العديد من الوثائق والقرارات والاتفاقيات الإقليمية والدولية ولعل أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003، التي تعد أهم صك دولي يوفر إطار مهمًا للعمل الفعّال والتعاون الدولي في سبيل مكافحة الفساد، حيث قدمت الاتفاقية مجموعة مهمة من المعايير والقواعد والتدابير التي تساعد الدول في تعزيز أنظمتها القانونية لمحاربة الفساد وتقدم سبلا للتعاون الدولي في هذا المجال ،وليبيا أيضا طرف في هذه الاتفاقية حيث صادقت عليها بتاريخ 7/6/2005م.
أهمية البحث:تكمن أهمية الدراسة في بيان الإطار القانوني الذي ينظم الجهود الدولية المبذولة من أجل مكافحة الفساد من خلال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003، وتسليط الضوء على الأفعال الفساد المجرمة بموجبها.
منهج البحث:بالنظر الي طبيعة الموضوع رأينا الاعتماد أساسًا على المنهج الوصفي التحليلي الذي سنستخدمه في عرض نصوص تجريم أفعال الفساد كما وردت بالفصل الثالث من الاتفاقية، فضلا عن ذلك اعتمدنا المنهج التاريخي للوقوف على المراحل التي مرت بها الاتفاقية عند إبرامها.
حدود البحث:تنحصر حدود هذه الدراسة في البحث في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ابتداءً بالقرارات التي اتخذتها الجمعية العامة للتفاوض على اعدادها وصولا الى اعتمادها كصك قانوني ملزم لمكافحة الفساد، والتركيز بشكل خاص على الفصل الثالث من الاتفاقية الخاص بالتجريم وانفاذ القانون، مع التعرف على آليات تنفيذ الاتفاقية.
مشكلة البحث:تكمن مشكلة الدراسة في كون الفساد أضحى وباء غادر وظاهرة عالمية يحتاج الى تظافر جهود الجميع لمكافحته والحد من آثاره الى أقصى قدر ممكن، ولهذا قام المجتمع الدولي بإبرام العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية لهذا الغرض والتي من بينها هذه الاتفاقية موضوع البحث وتكمن إشكالية الدراسة في الإجابة على التساؤلات الآتية:
- ما مفهوم الفساد وماهي صوره التي جرمتها الاتفاقية؟
- ما مضمون الاتفاقية وما هو نطاق تطبيقها؟
- ماهي اهداف الاتفاقية وماهي خصائصها؟
- ما هي آليات تنفيذ الاتفاقية ومدى نجاحها في مساعدة الدول على تنفيذها؟
خطة البحث:ونظرا لأهمية هذه الاتفاقية سنقوم من خلال هذا البحث باستقراء نصوصها وتحليلها من أجل التعرف على مضمونها وأهدافها وكذلك التعرف على صور الفساد التي جرمتها الاتفاقية، والاليات التي أقرتها لضمان تنفيذها، وذلك من خلال الخطة الثنائية الآتية:
المبحث الأول / التعريف بالاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام 2003.
المبحث الثاني /الإطار التشريعي لتجريم الفساد وفقاً للاتفاقية وآليات تنفيذ الاتفاقية.
المبحث الأول
التعريف باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003م
تعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الصك القانوني الوحيد الملزم على الصعيد الدولي لمكافحة الفساد، والذي جاء بعد مشاورات مستفيضة حول السبل والوسائل الكفيلة بمكافحة الفساد على المستوى الدولي، وقد سعت الاتفاقية إلى إتباع نهج بعيد المدى لتحقيق استجابة شاملة للإشكاليات التي تثيرها ظاهرة الفساد من خلال تغطية مجالات مهمة، وسوف نحاول من خلال هذا المبحث القاء نظرة عن المراحل التي سبقت ابرام هذه الاتفاقية في مطلب أول والتطرق الى أهدافها وخصائصها في مطلب ثانِ وذلك وفق التقسيم الآتي:
المطلب الأول: مراحل ابرام الاتفاقية: إن بلورة الاهتمام الدولي بمكافحة الفساد وفق أطر قانونية تقوم على أسس التعاون والتكامل بين الدول في محاربة هذه الظاهرة أدى الى إفراز اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد،والتي جاءت عبر مراحل سبقت اعتمادها من قبل الجمعية العامة، حيث جاءت نتيجة لتنامي الوعي الدولي بخطورة هذه الظاهرة على قيم الديموقراطية، والتنمية المستدامة وتقدم الدول واستقرارها الاقتصادي والسياسي.
وجدير بالذكر أن الاتفاقية تمثل قمة عمل بدأ منذ زمن ليس بالقصير عندما لم بكن للفظة الفساد أي مكان في الدوائر الرسمية،واحتاج الامر جهودًا متواترة في المجال التقني أولا، ثم بعد ذلك على المستوى السياسي لإدراج مكافحة الفساد في جدول الاعمال الأمم المتحدة، وحيث أفرز كل من مؤتمر مونتيري الدولي المختص بالتمويل من أجل التنمية، ومؤتمر جوهانسبرغ الخاص بالتنمية المستدامة للحكومات فرصا مهمة للتعبير عن إرادتها الفاعلة لمحاولة القضاء على الفساد ومكافحته (كوفي ع.عنان، 2004).
ومن وجهة نظر تاريخية فإن هيئة الأمم المتحدة أهتمت بظاهرة الفساد لأكثر من ثلاثين عاما، وكانت الاهتمامات الأولى والتي مثلت تصديًا دوليا لهذه الظاهرة مرتبطة بالجهود التي أطلقتها في منتصف السبعينات من القرن العشرين لمعالجة مسألة الممارسات الفاسدة والمدفوعات غير القانونية في معاملات الاعمال التجارية، ووضع مدونة واضحة في جدول أعمال الأمم المتحدة مختصة بمنع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية، ولذلك دأبت مؤتمرات منع الجريمة التي تعقد كل خمس سنوات تناقش ظاهرة الفساد بشكل متزايد وخاصة فيما يتعلق بالأشكال الجديدة للنشاط الاجرامي والتخطيط لمنع الجريمة في سياق التنمية (منشورات الامم المتحدة, 2011).
وعليه قد اقترحت الدول المشاركة في هذه المؤتمرات أن يتم تناول مسألة الفساد بصورة أكثر فاعلية وبشكل مستقل عن مسألة الجريمة المنظمة، وبأن هناك ضرورة ملحة لاعتماد صك قانوني دولي يتعلق بمكافحة الفساد، وإن هذا الاهتمامبمسألة الفساد يجب أن يترجم في شكل اتفاقية قانونية ملزمة للدول توفر إطارًا للتعاون الفعال في مكافحة هذه الظاهرة التي تزايدت واتسعت في عصر العولمة وتحرير التجارة، وأنه لم يعد من الممكن التعامل معها بصورة فاعلة من خلال الاجراءات الوطنية وحدها، بل ان المجتمع الدولي في حاجة الى وجود أساس مشترك للتعاون يكفل ألا تعرقل ممارسات الفساد خطط التنمية والتقدم وتعزيز قيم الحكم الرشيد،ومن أجل تحقيق هذه الغاية اتخذت الجمعية العامة جملة من القراراتالتي ساهمت في ابرام الاتفاقية نذكر أهمها على النحو التالي:
الفرع الأول: قرارات الجمعية العامة الخاصة بإنشاء اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار العديد من القرارات التي كانت بداية الاهتمام العالمي بمكافحة ظاهرة الفساد مثّلت مراحل ابرام الاتفاقية وهي على النحو الآتي:
أولا: قرار الجمعية العامة رقم 55/61 المؤرخ في 4/ديسمبر/2000م والذي أنشئت بموجبه لجنة مخصصة للتفاوض بشأن أنشاء صك قانوني دولي فعال لمكافحة الفساد: وقد أشار القرار في مطلعه ملاحظة الجمعية العامة لأثر الفساد الجلي في تأخر الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون والنشاط الاقتصادي، واستذكرت الجمعية العامة فيه قرارات سابقة لها والمناقشات رفيعة المستوى التي جرت في المؤتمر العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين ونتائجه، وخصوصا اعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة.
وقد سلّمت أنه منالصائب ابرام معاهدة دولية ذات فاعلية قانونية لمكافحة الفساد تتمتع بالاستقلالية عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، حيث اعتبرت هذه الأخيرة ان الفساد جريمة منظمة وأوردت احكامًا خاصة بتحريمه وأيضا احكام تتعلق بالتدابير التي يجب على الدول اتخاذها (قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة، 2001، صفحة 3) كما طلبت في القرار من الأمين العام أن يقوم على إعداد تقرير يدرس فيه كافة الاتفاقيات القانونية الدولية والوثائق والتوصيات التي لها علاقة بمعالجة الفساد وأن يركز في التقرير على عدة مسائل منها، الالتزامات الدول المتعلقة بتجريم كافة صور الفساد ووسائل التعاون بين الدول ، والوسائل الرقابية للفساد والعلاقة بينه وبين غسل الأموال،وبعد انتهائه من اعداد هذا التقرير علية أن يقدمه الى لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية وعليه أيضا بعد الانتهاء أن يدعو فريقا من الخبراء الحكوميين يكون مفتوح باب العضوية إلى الانعقاد؛تكون مهمته أن يتولى اعتمادا على تقرير الأمين العام وتوصيات اللجنة في دورتها العاشرة إعداد مشروع نطاق الاختصاص للتفاوض بشأن الاتفاقية المخصصة لمكافحة الفساد ولهذا الغرض تم انشاء لجنة مخصصة للتفاوض تبدأ اعمالها في فيينا بعد اعتماد مشروع نطاق الاختصاص الخاص بالتفاوض(قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ، 2001، صفحة 2)
ثانيا:قرار الجمعية العامة رقم 56/260المؤرخ في 20/ديسمبر/2002م:والذي تطلب فيه من اللجنة المخصصة للتفاوض البدء في عملية التفاوض بشأن اتفاقية واسعة النطاق وفعالة يشار اليها باسم “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”، كما أنها طلبت في القرار من اللجنة أن تعتمد في وضع مشروع الاتفاقية نهجا شاملا متعدد المجالات، وأن تنظر في أمور وإشكاليات متعددة منها العناصر الارشادية التالية:تحديد المفاهيم والتعريفاتونطاق انطباق الاتفاقية ، ومراعاة مبدأ سيادة الدول وتدابير المنع، والتجريم والجزاءات والمصادرة والحجز والولاية القضائية وحماية الشهود والضحايا وتشجيع التعاون الدولي وتعزيزه ومنع تهريب الأموال غير المشروعة وارجاعها والمساعدة التقنية وجمع المعلومات وتبادلها وتحليلها،وطلبت الي اللجنة أيضا أن تعقد دوراتها في فيينا في سنتي 2002-2003م،حسب الاقتضاء على ألا تعقد أقل من ثلاث دورات مدة كل منها أسبوعان سنويا، وطلبت من اللجنة أن تقدم تقارير مرحلية عن أعمالها الى لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية في دورتيها الحادية عشر والثانية عشر على التوالي (قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ، 2002، صفحة 2).
وبالفعل بدأ اللجنة أعمالها حيث عقدت اجتماعا تحضيريا غير رسمي في مدينة بيونس آيرس بالأرجنتين في الفترة بين 7،4 /ديسمبر 2002م تبادلت في الدول الأعضاء المقترحات والملاحظات حول مضمون الاتفاقية المطلوب إعدادها قبل الانتقال الى فيينا والبدء في العملية التفاوضية التي كانت في سبع دورات امتدت من 12/يناير /2002م،إلى 1أكتوبر2003م،وحضر جلسات اللجنة وشارك فيها ممثلون عن الدول الأعضاء وتراوح التمثيل بين (47) دولة، و(128) دولة إضافة الى حضور ومشاركة مراقبين من الأمانة العامة للأمم المتحدة وهيئاتها ا، ومعاهد أبحاث ووكالات متخصصة ومنظمات أخرى تابعة لها ومعاهد شبكة برنامج الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية ومنظمات حكومية دولية ومنظمات غير حكومية (الفارس، 2008، صفحة 20).
ثالثا:قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 58/ 4المؤرخ في 21/نوفمبر /2003م، الذي اعتمدت بموجبه الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: بعد أن انهت اللجنة المخصصة للتفاوض أعمالها قدّمت النص النهائي لمشروع الاتفاقية الي الجمعية العامة، لكي تنظر فيه وتتخذ الإجراءات بشأنه، أصدرت الجمعية هذا القرار باعتماد الاتفاقية وفتحت باب التوقيع والتصديق عليها في أقرب وقت ممكن والتعجيل بتنفيذها (قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة، 2003، صفحة 3)وتم فعلا فتح باب التوقيع عليها في ديسمبر 2003م، في المؤتمر السياسي رفيع المستوى الذي عقد في ميريدا بالمكسيك ودخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2005م، وهي تضم حاليا (187) طرف فيها، وقد وقعت ليبيا على الاتفاقية بتاريخ 23/12/2003م، وصادقت عليها بموجب القانون رقم 10 لسنة 2005 م، بشأن التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وأودعت صك مصادقتها على الاتفاقية لدى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 7/6/2005م.
الفرع الثاني: مضمون الاتفاقية:
لقد عبر الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي. ع عنان في معرض تصديره للاتفاقية بأنها إنجاز رائع، وبأنها جاءت متوازنة وقوية وواقعية توفر اطارا جديدا للعمل الفعال والتعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد،وأن هذه الاتفاقية إذا ما تطبيقها على الوجه الأمثل فإنها ستحدث تغييرا جوهريا في نوعية حياة الملايين حول العالم بالقضاء على أكبر العراقيل امام تطور النمو المستدام (كوفي ع.عنان، 2004) .
وقد جاءت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في ديباجة وثمانية فصول شاملة للكل الإشكاليات التي تثيرها ظاهرة الفساد، وقد عبرت الدول في ديباجة الاتفاقية عن قلقها المتزايد من خطورة مايطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، كما تقلقها أيضا الروابط الوثيقة بين الفساد وكافة اشكال الجرائم خاصة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والجرائم الاقتصادية.
وقد وضعت في اعتبارها أن الحد من الفساد والقضاء عليه هو مسؤولية جميع الدول، وعليها أن تتعاون معا بدعم ومشاركة الجميع بما فيها المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية والافراد حتى تكون جهودها ذات فاعليةوقد كانت الاتفاقية مقسمة على النحو الآتي:-
الفصل الأول: حمل عنوان “الاحكام العامة” (المواد من1-4) احتوى هذ الفصل على بيان أغراض الاتفاقية والهدف من ابرامها، وتحديد المصطلحات الواردة مثل تحديد من المقصود بتعبير الموظف العمومي، والعائدات الاجرامية وأيضا بيّن هذا الفصل نطاق سريان الاتفاقية.
الفصل الثاني: وحمل عنوان “التدابير الوقائية”(المواد من 5-14) قد رأت الاتفاقية ضرورة السعي الى اتخاذ إجراءات وتدابير وقائية لمنع الفساد قبل وقوعه، ذلك لأن من بين أهم العناصر في مكافحته هو التقليل منه الى اقصى حد ممكن باتخاذ هذه التدابير.
الفصل الثالث: حمل عنوان “التجريم وانفاذ القانون”(المواد من 15-42) وتعلق هذ الفصل بتحديده صور الفساد الواجب تجريمها، واعتبارها جرائم فساد يتوجب على الدول اعتماد التشريعات اللازمة لتجريمها وتقرير العقاب الرادع لمرتكبيها، وهي صور الفساد التي سنتناولها بالدراسة في المبحث الثاني.
الفصل الرابع: حمل عنوان “التعاون الدولي”(المواد من 43-50) وقد اقرت الاتفاقية في هذا الفصل بأهمية التعاون بين الدول الأطراف في مكافحة الفساد، وتبادل المعلومات وتسهيل إجراءات التحري والملاحقة،لأن الفساد لم يعد مشكلة داخلية بل هو ظاهرة عالمية وجبت مكافحتها بتظافر جهود الجميع.
الفصل الخامس: حمل عنوان “استرداد الموجودات” (المواد من 51-59) وفي هذ الفصل نصت الاتفاقية على الإجراءات الواجب اتباعها والتي تستطيع الدول من خلالها استعادة الأموال المتحصل عليها من جرائم الفساد، وإعادتها الى بلدانها الاصلية التي نهبت منها.
الفصل السادس: حمل عنوان “المساعدة التقنية وتبادل المعلومات” (المواد من 60-62)وفي هذا الفصل سعت الاتفاقية الى توفير إطار تستطيع الدول بالاعتماد عليه من أن تستحدث وتطور برامج وطنية لمكافحة الفساد ومنعه قبل وقوعه، وتسهيل القيام بالأبحاث والدراسات اللازمة وتبادل الخبرات بين الدول الأطراف في هذا المجال.
الفصل السابع: حمل عنوان “آليات التنفيذ”، (المواد من 63-64) وفي هذا الفصل ورغبة من واضعي الاتفاقية في جعلها ذات فعالية تم إقرار آليات لمتابعة تنفيذها من خلال جهازين هما الأمانة العامة ومؤتمر الدول الأطراف يتابعان التقدم الحاصل في تنفيذها من قبل الدول الأطراف ومدى التزامها بمكافحة الفساد بالاستناد الى التزاماتها الواردة فيها من خلال آلية التقارير والمتابعة.
الفصل الثامن: حمل عنوان “الاحكام الختامية” (المواد من65-71) ويشتمل هذ الفصل على احكام ختامية تتعلق بقواعد الانضمام للاتفاقية، وكيفية تسوية أي نزاع قد يثور حول عند تنفيذها، وكذلك إجراءات تعديلها والانسحاب منها، وأخيرا موعد بدء سريانها.
المطلب الثاني: اهداف الاتفاقية وخصائصها:من المسلم به أن الاتفاقيات الدولية تبرم لغرض تحقيق أهداف معينة وعادة ما يتم تضمين هذه الأهداف في الاتفاقية، كما أن لأي اتفاقية أيضا خصائص تميزها عن غيرها،ويمكن توضيح ذلك من خلال الفرعين الآتيين:
الفرع الأول: أهداف الاتفاقية ونطاق تطبيقها:
أولا: أهداف الاتفاقية:حددت المادة الأولى من الاتفاقية أغراضها وذلك على النحو الآتي:
- نشر ومؤازرة التدابير التي تهدف الى الحد من الفساد بطريقة ذات نجاعة وكفاءة.
- نشر وتسهيل ودعم سبل التعاون الدولي والاعانة التقنية في مجال مكافحة الفساد بما في ذلك استرداد الأموال الناتجة من الفساد
- تدعيم الشفافية والمساءلة والإدارة الرشيدة للشؤون العامة والممتلكات العامة (الامم المتحدة ، 2004).
ثانيا:- نطاق تطبيق الاتفاقية: يتسم نطاق تطبيق الاتفاقية بالشمول حيث نظمت الاحكام الواردة فيها مراحل ومستوياتمختلفة لمكافحة ظاهرة الفساد سواء كان ذلك قبل وقوعه من خلال التدابير الوقائية أو بعده وقوعهمن خلال التحري والملاحقةأو تتبع العائدات المتحصل عليها من الفساد عن طريق التدابير الإجرائية، وقد نصت المادة (3) من الاتفاقية تحت عنوان نطاق التطبيق بقولها “أ-تنطبق هذه الاتفاقية وفقا لأحكامها على منع الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرمة وفقا لأغراض هذه الاتفاقية، ب- لأغراض هذه الاتفاقية ليس ضروريا أن تكون الجرائم المبينة فيها قد ألحقت ضررا أو أذى بأملاك الدولة باستثناء ما تنص عليه خلاف ذلك”.
إن ما يتميز به نطاق الاتفاقية أنه يشمل كل مراحل محاربة الفساد وذلك من ناحيتين:
أولا/ السياسات الوقائية: فيما يتعلق بالسياسات الوقائية ويقصد بها هنا الفترة التي تسبقحدوث الفساد بالتحري والمتابعة وهو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة(3)من الاتفاقية “تنطبق هذه الاتفاقية وفقا لإحكامها على حظر الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه وعلى تجميد وحجز وارجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرمة وفقا للاتفاقية”
ثانيا/ شمولية تنفيذ الاحكام الخاصة بجرائم الفساد:إن تنفيذ الاتفاقية للأحكام لا يقتضي ان تكون جرائم الفساد المنصوص عليها في الاتفاقية يترتب عليها ضررا بأملاك الدولة وهو ما أوضحته الفقرة الثانية من المادة (3) من الاتفاقية التي تنص على أنه لأغراض تنفيذ هذه الاتفاقية ليس ضرورياأن تكون الجرائمالواردة فيهاقد ألحقت أضرارا أو أذى بأملاك الدولة باستثناء ما تنص عليه خلاف ذلك”(الفارس، 2008، صفحة 26).
الفرع الثاني: خصائص الاتفاقية: عند استقراء مواد الاتفاقية نجد انها اتسمت ببعض الخصائص المهمة التي تميزت بها وهي على النحو الآتي:
- اتساع نطاق العضوية: حرص واضعو الاتفاقية على جعلها اتفاقية موسعة تتبلور من خلالها الجهود الدولية لمكافحة الفساد ومن أجل هذ الغرض فتحت باب العضوية فيها لكل الدول والمنظمات الإقليمية المهتمة بمكافحة الفساد لغرض التعاون وتنسيق العمل الجاد في مكافحة هذه الظاهرة حيث نصت المادة(67)من الاتفاقية الفقرة الثانية منها على” يفتح باب التوقيع امام المنظمات الاقتصادية الإقليمية بشرط أن تكون دولة على الأقل من الأعضاء في أي منظمة من هذا النوع قد وقعت على هذه الاتفاقية”.
- صون السيادة الوطنية:حرصت الاتفاقية من خلال نص المادة (4) على احترام السيادة الداخلية للدول الأطراف والتعامل على أساس تساوي السيادات، وأكدت على مبدأ عدم جواز التدخل في شؤونها الداخلية بذريعة تنفيذ الالتزامات الواردة بالاتفاقية.
- احترام القانون الداخلي: وهو جوهر مبدأ احترام السيادة الوطنية حيث نصت الاتفاقية على عدم جواز ممارسة الاختصاصات القانونية أو القضائية لدولة من الدول الأطراف ألا وفقا للمبادئ القانونية والقضائية لتلك الدولة، وهذا ورد في الفقرة الثانية من المادة الرابعة “ليس في هذه الاتفاقية ما يسمح للدولة الطرف أن تقوم في إقليم دولة أخرى بممارسة الولاية القضائية، وأداء الوظائف التي يناط أداؤها حصرا بسلطات الدولة الأخرى الا بمقتضى قانونها”.
- تدرج مستويات الالتزامات: استخدمت الاتفاقية ثلاث أساليب للتعبير عن القوة الالزامية، وهذه الاساليب هي:
- أساليب تفيد الالزام المنجز: وهي الالتزامات على الدول تنفيذها بمجرد التصديق على الاتفاقية.
- أساليب تفيد الالتزام الممتد: وهي الالتزامات التي على الدولة تنفيذها بعد التصديق ولكن ليس حالا.
- أساليب تفيد الالتزام التخييري: وهي الالتزامات التي يتوقف تطبيقها على محض إرادة الدولة العضو وتعد بمثابة إرشادات تهدف الى تحسين المناخ الوطني والدولي وتهيئة بيئة أكثر مقاومة للفساد(مداحي، 2019، صفحة 12).
فمثلا حيث حدد الاتفاقية درجة إلزامية كل من المواد المتعلقة بصور جرائم الفساد فبعض الجرائم الواردة في الفصل الثالث منها ملزمة لكافة الدول الأطراف بمعنى أن كل دولة طرف أن تعتمد مايلزم من تدابير تشريعية لتجريمها في قوانينها الوطنية وفق العناصر المتضمنة في الاتفاقية، وبعضها يعتبر من قبيل المقتضيات الاختيارية بحيث تلزم الدول بالنظر في إمكانية تجريمها رهنا بدساتيرها وانظمتها القانونية مثل تجريم الاثراء بلا سبب اعتبرته ضمن المقتضيات الاختيارية(عمارة، 2019، صفحة 7).
- مراعاة الاتفاقيات الدولية: حرصت الاتفاقية على تسهيل سبل التعاون الدولي في مكافحة الفساد إذ حرص واضعوها على احترام الاتفاقيات الدولية والاقليمية وكل الوثائق القانونية المتعلقة بمسألة الفساد عند التفاوض،وحثت الدول على ابرام اتفاقيات إقليمية وثنائية يكون من شأنها تبسيط تطبيق الاحكام الواردة في الاتفاقية باعتبارها قواعد عامة لمكافحة الفساد.
- تسوية المنازعات بالطرق السلمية: نصت الاتفاقية في المادة (66) منها على ان الأساس في تسوية أية نزاع يتعلق بتفسيرها أو تطبيقها هو التفاوض،ثم وضعت اللجوء الى التحكيم بناءً على طلب إحدى الدول الأطراف في حالة فشل التفاوض كخيار ثاني، وجعلت الخيار الأخير الإحالة الى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا لبنود نظامها الأساسي.
- تعزيز التعاون الدولي: لقد اهتمت الاتفاقية بإبراز أهمية التعاون الدولي في مكافحة الفساد وخصصت لهذا الغرض فصلًا كاملًا لتوضيح أطر التعاون المشترك بين الدول قانونيا وقضائيا، وحثت الدول على أن تقدم لبعضها أكبر قدر ممكن من المساعدة في التحقيقات والملاحقات والإجراءات القضائية وتسليم المجرمين وانفاذ القانون.
- وجود آلية لمتابعة تنفيذ الاتفاقية:تميزت الاتفاقية باعتمادها نظام قانوني متكامل لمتابعة تنفيذها، وحث الدول الأطراف على التعاون من أجل الوفاء بالتزاماتها وتحقيق الأهداف التي ابرمت الاتفاقية من أجلها، وذلك بإنشائها لآلية مؤتمر الدول الأطراف والأمانة العامة لغرض استعراض تنفيذ الدول لالتزاماتها ومتابعة التقدم المحرز.
المبحث الثاني
الإطار التشريعي لتجريم الفساد وفقاً للاتفاقية وآليات تنفيذ الاتفاقية
تُشكل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد خطوة هامة في جهود مكافحة الفساد في جميع أنحاء العالم حيث تلزم فصولها الثمانية وموادها الإحدى والسبعين الدول الأطراف بتطبيق تدابير واسعة ومفصلة لمكافحة الفساد تؤثر على قوانينها ومؤسساتها وممارستها،تهدف هذه التدابير الى تعزيز الوقاية من أفعال الفساد والكشف عنها ومعاقبة مرتكبيها أضافة الى التعاون الدولي بين الدول الأطراف في الاتفاقية حول هذه المسائل (موري، 2018، صفحة 34).
المطلب الأول: مفهوم الفساد وصوره: للفساد مفاهيم عديدة قانونية واقتصادية واجتماعية، أدى هذا الاختلاف في مرجعيات مفاهيم الفساد الى الاختلاف في تعريفة كل حسب وجهة نظره وسوف نقتصر في بحثنا على تعريفه من الناحية القانونية ويمكن توضيح ذلك من خلال التقسيم الآتي:
الفرع الأول/تعريف الفساد: قال:ابن منظور في معجمه لسان العرب بأن الفساد نقيض الصلاح، فسد يفسد وفسُد فسادًا وفُسُودًا، فهو فاسدٌوفسيدٌ فيهما، والفساد هو التلف والعطب والاضطراب والخلل وهو الحاق الضرر وهذه المترادفات توحي بمعانٍكثيرة كالتعدي على المال واتلافه وجعله لا يصلح للانتفاع به، والتعدي على النفس وإلحاق الضرر بها أو التعدي على النفس والمال معًا (فطوش، 2021، صفحة 32).
ويعرف الفساد قانونا بأنه “سلوك غير سوي ينطوي على قيام الشخص باستغلال مركزه وسلطاته في مخالفة القوانين واللوائح والتعليمات لتحقيق منفعة لنفسه أو لذويه من الأقارب والأصدقاء والمعارف وذلك على حساب المصلحة العامة ويظهر في شكل جرائم ومخالفات (حبحب، 2021، صفحة 327).
وعلى الرغم من إن الاتفاقية قد وضعت من أجل ملاحقة الفساد حول العالم إلا أنها خلت من أي تعريف لمعنى الفساد، حيث اختارت الاتفاقية ألا تعرف الفساد تعريفا فلسفيا وصفيا بل حاولت أن تحدد مفهومه من خلال نصها الى الحالات التي يتحول فيها الفساد الى أفعال على أرض الواقع ومن تم القيام بتجريم هذه الأفعال وهي الرشوة بجميع اشكالها في القطاعين العام والخاص والاختلاس واستغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة وغسل الأموال والإثراء غير المشروع وغيرها من أشكال الفساد الاخرى(مصلح، 2007، صفحة 16)، ولربما كان قصد واضعو الاتفاقية جعل نطاقها واسعا دون تقييد لمفهوم الفساد من خلال تعريفه الذي سيضع قيود على الاتفاقية ويخرج من نطاقها أشكالا جديدة للفساد لم تشملها الاتفاقيةحيث أنه وأثناء التفاوض رأى وفد دولة كولومبيا أنه في حالة عدم الوصول اجماع الوفود على تعريف موسع لمفهوم الفساد فلا داعي لتضمين الاتفاقية تعريفا له وعوضا عن ذلك يجب أن تحدد الاتفاقية أفعال الفساد في الفصل الخاص بالتجريم وانفاذ القانون ، وهذا ما تم تضمينه في وثيقة الاعمال التحضيرية للتفاوض حول الصك الدولي لمكافحة الفساد، الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات (منشورات الامم المتحدة، 2011، صفحة 32).
حقيقة الأمر أن في مشروع اتفاقية الأمم المتحدة وأثناء دورات التفاوض قد تم تقديم أكثر من مقترح سوء من رئيس اللجنة المخصصة للتفاوض أومن الدول المتفاوضة لتحديد المقصود بمصطلح الفساد منها على سبيل المثال تعريفه بأنه ” القيام بأعمال تمثل أداء غير سليم للواجب أو إساءة استغلال لموقع أو سلطة بما في ذلك أفعال الإغفال توقعا لمزية أو سعيا للحصول على مزية بوعد بها أو تعرض أو تطلب بشكل مباشر أو غير مباشر أو أثر قبول مزية ممنوحة بشكل سواء للشخص ذاته أو لصالح شخص آخر” (منشورات الامم المتحدة، 2011، صفحة 54).ويظهر من ذلك أن عناصر الفساد وفقا لهذا التعريف هي:
العنصر الأول /القيام بعمل أو أعمال تمثل أداء غير سليم للواجب أو استغلال لموقع أو سلطة: وهذا هو العنصر المهم فلا بد أن يرتبط الفساد باتخاذ نشاط أو بأداء عمل، فالنيات لا تكفي لتوافر الفساد بل لابد أن يرتبط بعمل ويلازم ذلك أن يكون النشاط فيه انحراف عن أداء الواجب بما في ذلك استغلال.
العنصر الثاني/ يتصل بهدف النشاط: وهو الحصول على مقابل غير مشروع من أداء النشاط المنحرف سواء ثم دفع مقابل مادي أو تم الوعد بالدفع أوحتى تحقُق ميزة معينة( (عبدالسلام، 2003، صفحة 13،12).
ولكن هذا التعريف تم حذفه من النص النهائي للاتفاقية بسبب اختلاف وجهات النظر حيث ظهرت انقسامات حادة بين الوفود حول إعطاء تعريف واسع للفساد وبين حصر تحديد مصطلح الفساد بأفعال الفساد كما وردت بالاتفاقية، بالإضافةالى أن العناصر الواردة في التعريف كانت محدودة وتخرجمن نطاقه أشكال أخرى للفساد لذلك فضل واضعوها الاكتفاء بإدراج صور الفساد وتجريمها في الاتفاقية ، والذي حدثأنه وأثناء الدورة السادسة للجنة التفاوض طلب نائب الرئيس المسؤول عن هذا الفصل من مشروع الاتفاقية إلى ممثل باكستان أن يقوم بتنظيم أعمال فريق عامل غير رسمي يتولى كتابة ملحوظة تدرج في الاعمال التحضيرية بشأن مفهوم الفساد، ولكن الفريق العامل غير الرسمي أكد على مناقشاته بشأن تعاريف الفساد قد توقفت بعد أن أتضح له أن النقاش يرتبط بمسائل جوهرية معينة أدت إلى انقسامات شديدة بين وفود الدول وأن البحث فيها ليس من ضمن صلاحياته ا، وأقترح الرئيس مشروع ادراج ملحوظة في الاعمال التحضيرية تختص بتعريف الفساد ليكون اساسًا لمواصلة المشاورات: يشير مصطلح الفساد المستخدم في هذه الاتفاقية الى الأفعال المجرمة في الفصل الثالث، وكذلك الأفعال التي تجرمها الدول الاطراف أو سبق لها أن جرمتها “ولم تتمكن للجنة المخصصة في دورتها السادسة مناقشة اقتراح الفريق العامل غير الرسمي (منشورات الامم المتحدة، 2011، صفحة 58)
إلا أن منظمة الشفافية الدولية وهي منظمة غير حكومية معنية بالفساد تشتهر عالميا بتقريرها السنوي “مؤشر الفساد CPI ،”الذي يقوم على مقارنة للدول من حيث انتشار الفساد حول العالم بالاعتماد على عدد قضايا الفساد الحقيقية، قد عرفت الفساد بأنه “كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو لجماعته ” ومن الواضح ان المنظمة الدولية تحاول أن تبرز مجموعة من المحددات الأساسية التي يمكن من خلالها توصيف ظاهرة الفساد ممثلة في سوء استخدام المنصب بنية تحقيق المصلحة الشخصية (السعدي، 2020، صفحة 22).
أما البنك الدولي فقد عرف الفساد بأنه “إساءة استعمال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة”، وعرفه صندوق النقد الدولي بأنه” علاقة الايادي الطويلة الممتدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو لمجموعة ذات علاقة بالآخرين يصبح الفساد علاقة وسلوك اجتماعي يسعى رموزه الى انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي فيما يمثل عند المجتمع المصلحة العامة”(الحمري ع. , 2022, p. 160)
الفرع الثاني/صور الفساد المجرمة في الاتفاقية:لا تكاد تخلو الاتفاقية بصفة عامة من تجريم أي فعل من أفعال الفساد، ولعل هذا ما يؤكد أهميتها كصك قانوني دولي وموسع للحد من الفساد، وعلى الرغم من أن الاتفاقية لا يمكنها أن تنشئ بذاتها تجريما مباشرا يطبق تلقائيا على الدول الأطراف فيها، فإن ما تضمنته من الدعوة إلى تجريم مختلف أفعال وصور الفساد ينطوي على درجة من الإلزام في مواجهة الدول الأطراف فيها والتي يعترف بها نظامها القانوني أن المعاهدات الدولية التي تصدق عليها الدولة تصير جزءا من قانونها الداخلي وتصبح هذه الدول ملزمة بتحقيق التوافق بين الاتفاقية وتشريعاتها الداخلية (لخشين، 2020، صفحة 20)
ذكرنا فيما سبق ان الالتزامات التي فرضتها الاتفاقية على الدول الأطراف فيها تنقسم الي نوعين من الالتزامات، التزامات اجبارية والتزامات تخييرية، ومنها تلك التي تعلقت بالتجريم وانفاذ القانون في الفصل الثالث منها حيث أنها عند تجريمها لبعض أشكال الفساد طلبت من الدول الأطراف اعتماد تشريعات تجرم هذه الأفعال وبعض اشكال الفساد الأخرى تركت للدول النظر في اعتمادها كأفعال مجرمة بما يتوافق مع مبادئها الدستورية وقوانينها ونظمها الداخلية.
وهذا التباين في استخدام المصطلحات الإلزامية وغير الإلزامية له تبرير ذكر في الدليل التشريعي لتطبيق احكام الاتفاقية الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حيث ذكر ان التجريم الالزامي لبعض الأفعال دون غيرها يرجع الى أن تلك الأفعال التي تنطوي عليها الجرائم هي الأدوات المساعدة في اقتراف أعمال الفساد، وفي قدرة الجناة على حماية أنفسهم ومكاسبهم غير المشروعة من سلطات انفاذ القانون، ومن ثم فإن تجريمها يشكل الجزء العاجل والاساسي من أي جهد عالمي ومنسق يبذل لمكافحة الفساد (الجهاني, 2019, p. 144).
أولا/ صور الفساد وفقاً لما وردت في الاتفاقية:وفيما يلي يمكن ادراج صور الفساد حسبما وردت في الاتفاقية:
- الرشوة: تعتبر جريمة الرشوة جريمتين مستقلتين: أي جريمة مزدوجة تتكون من جريمتين منفصلتين أ-الجريمة السلبية:- وهي جريمة المرتشي وتسمى الرشوة السلبية أو الارتشاء، وتتحقق بطلب الموظف العام للمقابل أو بأخذه له أو بقبوله الوعد به أي فعل الشخص الذي يطلب الرشوة أو يقبلها مستغلا وظيفته التي خولها له القانون سواء كانت في صورة عطية أو هدية أو مجرد وعد ب- الجريمة الإيجابية وهي جريمة الراشي وتسمى الرشوة الإيجابية وتقوم في حق الراشي الذي يعطي الموظف العام المقابل أو يعده به أو يعرضه عليه فهي تقع في جانب صاحب الحاجة بإعطائه للموظف العام مقابل ما يؤديه اليه بنفسه أو بواسطته أو عرض ذلك عليه أو وعده به، (غانم، 2011، صفحة 139،138) وقد ورد النص على هذه الجريمة في المادة(15) من الاتفاقية على “أن الرشوة هي مزية غير مستحقة يوعد بها موظف عمومي أو تعرض عليه أو تمنح له وسواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ويستوي أن تكون هذه المزية لمصلحته أو لمصلحة شخص أو كيان آخر يكون الغرض منها قيام هذ الموظف بفعل ما أو أن يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية وكذلك عدت الاتفاقية من صور الرشوة التماس الموظف العمومي أو قبوله بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة سواء أكان لصالح الموظف أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدي أداء واجباته الرسمية
ويتضح من نص المادة (15) ان الاتفاقية قد توسعت في تحديد الأفعال التي تكون الركن المادي للجريمة بانها: –
- الوعد بمزية غير مستحقة أو عرضها أو منحها لموظف عمومي وسواء أكان هذا الفعل قد حدث بشكل مباشر مع الموظف أو بشكل غير مباشر أي عن طريق وسيط، ويستوي أيضا كون تقديم المزية غير المستحقة لصالح الموظف أو لصالح شخص آخر أو حتى لصالح كيان والمقصود هنا ان يكون المستفيد من المزية غير المستحقة شخص معنوي
- ويعد من قبيل فعل الرشوة أيضا التماس الموظف أو قبوله لهذه المزية غير المستحقة سواء كانت لصالحه أو لصالح شخص آخر أو كيان أخر
اما الركن المعنوي فجريمة الرشوة شأنها شأن جرائم الفساد الأخرى المشمولة بالاتفاقية كونها جريمة تمس الصالح العام فلابد لقيامها من توافر عناصر العمد وهي: –
- اتجاه إرادة الجاني للقيام بالسلوك الاجرامي
- العلم بالعناصر الواقعية الضرورية لقيام الجريمة
- نية الاتجار بالوظيفة واستغلالها
فالخطأ غير المقصود أيا كانت صوره كالإهمال أو التقصير لايكفي لقيام جريمة الرشوة (الفارس، 2008، صفحة 26)، والركن المفترض في جريمة الرشوة هي وقوعها من موظف عموميبحكم وظيفته ويستوي في ذلك إذا كان الفعل سلبيا أم إيجابيا بمعنى أن يقوم باستغلال وظيفته بقيامه بفعل بحكم وظيفته أو امتناعه عن القيام بفعل كان من المفترض قيامه به بحكم وظيفته،وقد حددت المادة (2) الفقرة (أ) منها المقصود بالموظف العمومي لأغراض تطبيق هذه الاتفاقية وتوسعت في ذلك وأحالت الى التشريعات الداخلية فيما لم يرد بشأنه نص في الاتفاقية.
تم جاءت المادة (16) من الاتفاقية لتجرم رشو الموظفين العامين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية بقولها:”تعتمد كل دولة طرف مايلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام عمدًا بوعد موظف أجنبي، أوموظف مؤسسة دولية عامة، بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر سواء لمصلحة الموظف نفسه أو لمصلحة شخص أو كيان آخر لكي يقوم بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما عند أداء واجباته الرسمية من أجل الحصول على منفعة تجارية أو مزية غير مستحقة أو الاحتفاظ بها فيما يتعلق بتصريف الاعمال التجارية الدولية”، وجاءت الفقرة (2) من نفس المادة وأعطت الخيار للدول في تجريم التماس أو قبول الموظف الأجنبي او موظف مؤسسة دولية عمومية عمدا بشكل مباشر أو غير مباشر لمزية غير مستحقة ويستوي في ذلك إذا كانت لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر مقابل قيامه بفعل أو امتناعه عنه بمناسبة أدائه لواجباته الرسمية”
. وبحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حددت المقصود بموظف عمومي أجنبي “يقصد بتعبير موظف عمومي أجنبي أي شخص يشغل منصبا تشريعيا أو إداريا أو اقتصاديا لدى بلد أجنبي سواء أكان معينا أم منتخبا وأي شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بلد أجنبي بما في ذلك العمل لصالح جهاز عمومي أو منشأة عمومية”. ويقصد بتعبير” موظف في مؤسسة دولية عمومية مستخدم مدني دولي أو أي شخص تأذن له مؤسسة من هذا القبيل أن يتصرف نيابة عنها”
وقد جرت مناقشات مستفيضة حول نص هذه المادة من حيث مساسها بالحصانات ، وكذلك اختلاف صفة الالزام بين الفقرة الأولى والثانية وادراج تعبير العمد في الفقرة الثانية وقد ورد بالأعمال التحضيرية للمفاوضات حول الاتفاقية ادراج اللجنة المخصصة للتفاوض ملاحظات تفسيرية بخصوص هذه المسائل منها أن ادراج تعبير “عمدا” في الفقرة (2) من المادة (16) قد جاء أساسا لتحقيق التوافق مع الفقرة (1)مع باقي الاحكام الواردة بالاتفاقية ولا يقصد منه ضمنا اضعاف الالتزام الوارد في الفقرة (2)، إذ أن من المؤكد أن الموظف الأجنبي لا يمكن تصور قبولهللرشوة بصورة غيرعمدية، وإن اختلاف صفة الالزام بين الفقرتين (1-2) ليس مرده التغاضي من قبل أي وفد عن التماس وقبول الرشاوي و استعداده للتسامح في ذلك ،وإنما يعود الى أن الفعل الذي ورد بالفقرة الثانية سبق أن تناولته المادة (15) والتي تقضي بأن تجرم الدول الأطراف طلب الرشاوى أو قبولها من قبل موظفيها (منشورات الامم المتحدة، 2011، صفحة 197،196)
وتعتبر هذه الجريمة صورة مستحدثة من جرائم الرشوة جاءت بها الاتفاقية وان كان لا يختلف النموذج القانوني لهذه الجريمة عن رشوة الموظف في القطاع العام الوطني غير أن الجديد هو اختلاف صفة الفاعل كونه حامل لجنسية دولة أخرى غير جنسية الدولة التي وقع فيها الفعل وكذلك في الغرض من رشوة الموظف العمومي الأجنبي او الموظف في مؤسسة دولية عمومية وحسب ما نصت علية الاتفاقية هو الحصول على منفعة تجارية أو مزية غير مستحقة أو الاحتفاظ بها فيما يتعلق بتصريف الاعمال التجارية (كاظم، 2012، صفحة 64).
- اختلاس الأموال العمومية: نصت المادة (17) من الاتفاقية على أنه “تعتمد كل دولة طرف في الاتفاقية ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي عمدًا لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر باختلاس أو تبديد أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء ذات قيمة عهد بها اليه بحكم موقعه أو تسريبها بشكل آخر”.
ويتضح لنا من نص المادة ان الاتفاقية قد اقتصر في جريمة اختلاس المال العام على الموظف العمومي الوطني فقط ولم ترد بها أي إشارة الى الموظف العمومي الأجنبي أو الموظف المدني في منظمة دولية عمومية بخلاف جريمة الرشوة، وكذلك اتجاه الاتفاقية الى قيام الجريمة في حق الموظف المختلس حتى ولو يتحقق منها إثراءً شخصيا له بل يستوي ان يكون قد قام بالاختلاس لصالح شخص أو كيان آخر.
اما عن اركان الجريمة فبالإضافة الى صفة الموظف العمومي الوطني تتكون الجريمة من ركنين:
- الركن المادي:ويشتمل على جزءين
- الجزءالأول/السلوك أو الفعل: أي (الاستيلاء المقترن بنية التملك) والتبديد وأي استعمال آخر غير مشروع والصورة الأخيرة تسمح باستيعاب مجرد استعمال الأموال أو الممتلكات العامة على نحو غير مشروع ولو لم يقترن بنية التملك.
- الجزء الثاني المحل: أي الأموال او الممتلكات العامة أو الأوراق المالية العامة والخاصة أو أشياء أخرى ذات قيمة بشرط أن تكون قد سلمت اليه بسبب وظيفته(الفارس، 2008، صفحة 36)
- الركن المعنوي: ويتمثل توافر النية للقيام بفعل الاختلاس بقيامه عمدا باستعمال المال الذي بحوزته والتصرف فيه تصرف المالك.
- المتاجرة بالنفوذ: نصت المادة (18) من الاتفاقية على يطلب من كل دولة طرف النظر في اعتماد ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التي أوردتها والتي تمثل جريمة المتاجرة بالنفود وتفاديا للتكرار يمكن الاطلاع على نص المادة في ملحق هذا البحث
وباستقراء نصها يتضح أنها جعلت من جريمة المتاجرة بالنفوذ من ضمن الالتزامات الاختيارية للدول بقولها تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما يلزم من تشريعات تجرم بها فعل المتاجرة بالنفوذ الحقيقي أو المفترض للموظف العمومي أو لشخص ما.
ويتمثل الركن المادي للجريمة في وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياه لغرض استغلال ذلك الموظف لنفوذه الفعلي أو المفترض من اجل التأثير على إدارة او سلطة عمومية تكون تابعة للدولة حتى يحصل مقدم الوعد أو العرض أو المانح للمزية غير المستحقة على منفعة غير مستحقة له أولصالح شخص آخر، ويستوي أن تتم بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك يتحقق الركن المادي للجريمة بالتماس الموظف العمومي أو شخص أخر أو قبوله لمزية غير مستحقة له أو لأيشخص آخر بغرض استغلال نفوذه الفعلي أو المفترض من اجل الحصول على مزية غير مستحقة.
أما الركن المعنوي لجريمة استغلال النفوذفيتمثل في انصراف قصد وإرادة الموظف أو أي شخص أخر عمدًا لاستغلال نفوذه الفعلي أو المفترض في الحصول على مزية غير مستحقة وفي هذه الجريمة هناك ركن آخر مفترض لقيامها وهو النفوذ الذي يملكه الموظف بحكم وظيفته أو الشخص الذي قد تربطه علاقة شخصية مع موظفين في إدارة او سلطة عمومية ويستوي في ذلك أن يكون النفوذ حقيقي أو مزعوم.
4- إساءة استغلال الوظائف: تنص المادة (19) على انه يطلب من كل دولة طرف في الاتفاقية أن تعتمد ما قد يلزم من تشريعات وقوانين وتدابير أخرى يكون من شأنها تجريم قيام موظف عمومي بشكل عمدي إساءة استغلال وظائفه أو موقعه أي أنه يقوم بفعل ما أو يمتنع عن القيام به ما عند أدائه للوظائف الموكلة اليه بهدف حصول على مزية ليست من حقه هو أو لصالح شخص أو كيان آخرممايشكل انتهاكا للقوانين”
وبحسب نص المادة تعد هذه الجريمة من بين الالتزامات الاختيارية بالنسبة للدولة الطرف لها حق النظر في تجريم فعل إساءة استغلال الوظيفة من عدمه:
ويتمثل الركن المادي للجريمة في قيام الموظف العمومي بعمل ما أو امتناعه عن القيام بعمل ما يدخل ضمن اختصاصاته الوظيفية ويكون بذلك الفعل او الامتناع عن الفعل قد خالف القوانين واللوائح المعمول بها في وظيفته ويكون الغرض من قيامه بذلك الحصول على مزية غير مستحقة، ويستوي في ذلك إن كانت لصالحه او لصالح شخص او كيان اخر.
اما الركن المعنوي والذي يتمثل في القصد العام والمتمثل في علم الموظف بأنه يسيء استغلال وظيفته واتجاه ارادته لمخالفة القوانين المنظمة لها وقيامه بذلك عمدا.
إلا أن المادة (19)قد اضافت قصدًا خاصًا تمثل برغبة الموظف في حصوله مقابل هذا الفعل أو امتناعه عن الفعل على مزية غير مستحقة لصالحه او لصالح شخص أو كيان آخر.
5- الاثراء غير المشروع: نصت المادة (20) من الاتفاقية على أنه لكل دولة طرف فيها النظر بما يتوافق مع دستورها والمبادئ الأساسية لنظامها القانوني في اعتماد ما يلزم من تشريعاتوقوانين وتدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي عمدا بالأثراء إثرًاغير مشروع وذلك بزيادة ممتلكاته زيادة كبيرة دون تقديمه لتبرير منطقي لتلك الزيادة مقارنةبدخله الفعلي والقانوني.
يتضح من نص المادة (20) أن تجريم فعل الاثراء غير المشروع هو من ضمن الالتزامات الاختيارية وقد أثارت هذه المادة جدلا كبيرا اثناء المفاوضات ورأت بعض الوفود أن جعل تجريم هذا الفعل من أفعال الفساد الزاميا يثير صعوبات كثيرة تتعارض مع مبادئها الدستورية حيث أن صياغة المادة توحي بأن عبء اثبات البراءة يقع على المتهم الذي يجب عليه إعطاء تبرير منطقي لممتلكاته التي لا تتناسب مع كسبه المشروع الناتج عن وظيفته العمومية، قد يعتبر هذا النص من ظاهره أنه متعارض في بعض الولايات القضائية مع الحق المنصوص عليه فيها بشأن -أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته- ولكن بموجب هذا النص لايوجد افتراض لارتكاب الجرم، وإن عبء الاثبات يقع على عاتق الادعاء الذي يتعين عليه اثبات الاثراء الذي يتجاوز حدود الدخل المشروع، ومن تم يكمن اعتبار الافتراض قابلا للطعن، وإذا ما أقيمت الدعوى فإن المدعى عليه بإمكانه حينئذ أن يقدم التوضيحات المعقولة والمقنعة حول سبب إثرائه (مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2012، صفحة 108)، ومع ذلك تم تغيير صياغة المادة وجعلها أقل الزاما وربطها بالدستور والمبادئ الأساسية للنظام القانوني لكل دولة طرف في الاتفاقية.
ويتكون النموذج القانوني لجريمة الاثراء غير المشروع من ركن مفترض يتمثل في صفة الجاني وركن مادي ينصب في الواقع على الزيادة التي تطرأ على ثروة الموظف بعد دخوله الوظيفة العامة والناتجة من استغلاله لها متى كانت هذه الزيادة لا تتناسب مع موارده ولم يكن لهذه الموارد مصدر مشروع يقوم الموظف بإثباته، بالإضافة الى ركن معنوي يأخذ صورة العمد من خلال اتجاه إرادة الى استغلال الوظيفة والتكسب من ورائها وعلمه ان هذا السلوك يؤدي الى تلك النتيجة (كاظم، 2012، صفحة 100).
6-الرشوة في القطاع الخاص: تنص المادة (21) من الاتفاقية على أنه لكل دولة طرف فيها النظر في اعتماد ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التي تمثل جريمة الرشوة في القطاع الخاص ويمكن الاطلاع على المادة في ملحق هذا للبحث.
باستقراء نص المادة (21) يتضح أيضا أن الالتزام بتجريم الرشوة في القطاع الخاص من الالتزامات الاختيارية وهي تتفق مع جريمة الرشوة في القطاع العام من حيث ركنيها المادي والمعنوي ولكنها تختلف في ركنها المفترض حيث أنها لا تتعلق بالموظفين العموميين وانما بمدراء وموظفي القطاع الخاص، كما ساوت المادة أيضا كما هو الحال في جريمة الرشوة في القطاع العام في كون المزية غير المستحقة تكون لصالح الشخص نفسه او لصالح شخص آخر ولكنه لم تشر الى الكيانات الأخرى أي الأشخاص المعنوية التي اشارت اليها في المادة (15).
7- اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص: تنص المادة (22) على أنه لكل دولة طرف حرية النظر في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرم قيام شخص يدير أي نشاط تابعللقطاع الخاص أو يعمل فيه بأي صفة أثناء مزاولة نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري اختلاس أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها اليه بحكمموقعه”.
يتضح من صياغة المادة كون الالتزام بتجريم فعل اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص هو أمر اختياري يرجع الى إرادة الدولة الطرف التي ربما نظمت قوانينها الداخلية هذا الفعل ضمن جرائم أخرى، ولكن رغبة من تحقيق الازدواج التشريعي بين الدول الأطراف وتحقيق أكبر قدر من التعاون في مكافحة الفساد تم ادراج هذا الفعل ضمن اشكال الفساد الذي يجب منه ومكافحته
وتتفق جريمة اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص مع جريمة اختلاس الأموال العمومية في أوجه عدة ولكنها تختلف عنها في صفة الجاني وكذلك لم تشر الاتفاقية الى فعل التبديد والاستعمال غير المشروع للممتلكات الخاصة واكتفت فقط بفعل الاختلاس والمتمثل في نقل المال الخاص الى حيازته الكاملة مع انصراف نية الموظف في القطاع الخاص الى تملكه.
- غسيل العائدات الاجرامية: يعتبر فعل غسل الأموال والعائدات المتأتية من جرائم الفساد من أهم الجرائم المرتبطة بالفساد حيث يحاول المجرمون إعادة تدوير هذه العائدات غير المشروعة للتغطية عن مصادرها المشبوهة وغالبا ما ذلك خارج حدود الدولة القادمة منها ولذا رأت الاتفاقية ضرورة تجريمها بشكل إلزامي وعددت جملة من السلوكيات والافعال التي تمثل عناصر هذه الجريمة ويمكن الرجوع الى الملحق للاطلاع على نص المادة(23) والملاحظ أن صيغة الاجبار الواردة فيها بضرورة اعتماد الدول ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم جملة من الأفعال التي أوردتها المتعلقة بغسيل العائدات الاجراميةيرجع الى خطورة هذه الجريمة وتأثيرها العابر للحدود الوطنية للدول،ورد توضيح المقصود “بالعائدات الاجرامية “في المادة الثانية من الاتفاقية والخاصة بتحديد المصطلحات “يقصد بتعبير عائدات إجرامية أي ممتلكات متأتية أو متحصل عليها بشكل مباشر أو غير مباشر من ارتكاب جرم اذا غالبا ما يتم تهريب هذه العائدات الى خارج الدولة التي وقعت فيها الجريمة الاصلية ويجمع العالم اليوم على وجود علاقات وثيقة بين مختلف الجرائم العابرة للحدود وغسيل الأموال حيث هناك ترابطا بين الإرهاب وغسيل الأموال وكذلك ترابطا بين تجارة الأسلحة غير المشروعة وتهريب المواد النووية وغير من المواد التي تعتبر فتاكة وغسيل الأموال وبين مختلف الجرائم المالية وغسيل الأموال، أيضا غسل الأموال والاتجار غير المشروع في النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض ، وكذلك غسيل الأموالوالجرائم المرتكبة ضد التراث الثقافي(بودور، 2013، صفحة 123،122).
أما بخصوص النموذج القانوني لجريمة غسل العائدات الاجرامية فإنها تتكون من ثلاث اركان وهي جريمة تبعية لإحدى الجرائم الاصلية التي ورد ذكرها في الاتفاقية في المواد من (15-22) ولكن لا يوجد في الاتفاقية ما يمنع من سريان هذه المادة على أي غسل لعائدات إجرامية متأتية بشكل مباشر أو غير مباشر من أي جرم لم يرد ذكره فيها حيث انها عندما حددت المقصود بالعائدات الاجرامية لم تحصرها في تلك المتعلقة بجرائم الفساد باستخدامها لتعبير (أي ممتلكات متأتية أو متحصل عليها بشكل مباشر أو غير مباشر من ارتكاب جرم).
اما الركن المادي فقد توسعت المادة (23) في تعداد اشكال السلوك الاجرامي التي تكون الركن المادي لهذه الجريمة في الفقرة أ وكذلك أعطت للدول سلطة تجريم الأفعال رهنا بنظامها القانوني في الفقرة ب والتي من بينها التآمروالمساعدة والتشجيع والشروع في ارتكاب أي فعل مكون لجريمة غسل العائدات الاجرامية.
وجدير بالإشارة أن الاتفاقية قد تضمنت تجريم الاشتراك والشروع بنص مستقل وفي كافة الجرائم المشمولة بالاتفاقية، ولعل الدافع من هذا التكرار هو الرغبة في تشديد مكافحة غسل الأموال والاحاطة بكل صور الاشتراك في الجريمة (كاظم، 2012، صفحة 114)، كما تم تضمين ملاحظة تفسيرية تتعلق بجريمة غسل العائدات الاجرامية وافقت عليها اللجنة المخصصة للتفاوض مفادها أفعال غسل الأموال المجرّمة وفقا لهذه المادة تُفهم على أنها جرائم مستقلة وقائمة بذاتها، وأنه لا داعي لوجود إدانة سابقة بالجرم الأصلي لتقرير الطابع أو المنشأ غير المشروع للموجودات المغسولة، ويجوز تقرير الطابع أو المنشأ غير المشروع للموجودات، وأي علم أو قصد أو غرض وفقا للمادة (28)،أثناء سير إجراءات الملاحقة المتعلقة بغسل الأموال، ويمكن الاستدلال عليهما من الملابسات والوقائع الموضوعية(منشورات الامم المتحدة, 2011, p. 248).
اما الركن المعنوي في يتمثل في القصد العام وهو علم الجاني بإن هذه العائدات متأتية من جريمة واتجاه إرادته لارتكاب الفعل مع علمه بجميع العناصر المكونة له والنتيجة المترتبة عنها وأيضا تتطلب القصد الخاص وهو نية الجاني إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للمال، اما الركن المفترض فيتمثل في المال الفاسد المتأتي او المتحصل من جرم أصلي والمراد تطهيره عن طريق إعادة تدويره في مسارات تجارية مشروعةبغرض تمويه مصادره الاصلية.
9- الاخفاء: نصت المادة (24) من الاتفاقية على أنه “دون مساس بأحكام المادة 23من الاتفاقية تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام عمدا عقب ارتكاب أي من الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية دون المشاركة في تلك الجرائم بإخفاء ممتلكات أو مواصلة الاحتفاظ بها عندما يكون الشخص المعني على علم بأن تلك الممتلكات متأتية من أي من الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية”.
يتضح من نص المادة ان هناك تداخل وتشابه بين جريمة الاخفاء وجريمة غسيل العائدات الاجرامية وهذا ما دفع بعض الوفود اثناء التفاوض بشأنها الى ضرورة حذفها كمادة مستقلة ومعالجتها ضمن المادة (23) ورأت وفود أخرى ضرورة الإبقاء عليها لان عناصرها الجوهرية تختلف عن تلك التي تعالجها المادة (23)، المتعلقة بغسيل العائدات الاجرامية لذلك تم ايراد عبارة “دون مساس بأحكام المادة 23” ويتمثل نموذجها القانوني كما ورد في المادة في قيام الجاني عمدا بإخفائه لممتلكات غير مشروعة او مواصلة الاحتفاظ بها أي حيازته لها سواء كانت حيازة قانونية أو مادية دون أن يكون قد اشترك في الجريمة التي نتجت عنها أي انه لم يقصد من حيازته لها تمويه مصدرها كما هو الحال في جريمة غسيل الأموال ومعنى ذلك ان جريمة الاخفاء هي جريمة مستقلة بذاتها، وأيضا علم الجاني أن هذه الممتلكات متأتية من أفعال مجرمة بموجب هذه الاتفاقية واتجهت إرادته الى إخفائها او مواصلة الاحتفاظ بها رغم علمه بذلك.
10-إعاقة سير العدالة:
مما لا شك فيه أن أهم الوسائل التي يلجأ اليها مرتكبي جرائم الفساد للمحافظة على أنفسهم وثرواتهم ونفوذهم هو سعيهم الي تقويض نظم العدالة من خلال التأثير على العاملين في مجال القضاء وانفاذ القانون بكل الطرق سواء بالترهيب أو الترغيب؛ ولذا رأت الاتفاقية ضرورة اعتبار تجريم فعل عرقلة سير العدالة التزام اجباري وبحسب نص المادة 25 والتي يمكن الرجوع الى نصها في ملحق هذا البحث، تتكون جريمة إعاقة سير العدالة من فعلين اجراميين يمثلان الركن المادي للجريمة
الفعل الأول: هو استخدام وسائل افساد كالرشوة أو وسائل اكراه كاستعمال العنف أو التهديد باستعماله أي يتعلق بالجهود التي ترمي الى التأثير على الشهود المحتملين وغيرهم ممن هم في وضع يمكنهم من تزويد السلطات بأدلة مناسبة، ويتعين على الدول تجريم استخدام القوة البدنية أوالتهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية غير مستحقة أو عرضها أو منحها لأجل التحريض على الادلاء بشهادة زور، أو التدخل في الادلاء بالشهادة أو تقديم في اجراءات دعاوى تتعلق بارتكاب جرائم مشمولة بالاتفاقية.
الفعل الثاني: ويتمثل في التدخل في اعمال الموظفين العموميين القضائيين أو موظفي انفاذ القانون باستخدام القوة البدنية أو الترهيب أو التهديد لأجل التدخل في ممارسة موظف قضائي أو موظف انفاذ القانون واجباته الرسمية في إجراءات تتعلق بارتكاب جرائم وفقا للاتفاقية، وفي هذه الجريمة لم يتم ادراج عنصر الرشوة لأن موظفي القضاءوموظفي انفاذ القانون مشمولين بجريمة رشوة الموظفين العموميين بحسب تحديد الاتفاقية لمصطلح موظف عمومي (مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2012، صفحة 126)
والركن المعنوي يتمثل في صورة العمد بعلم الجاني وارادته باركان جريمته والنتيجة المترتبة عليها، أما الركن المفترض في جريمة عرقلة سير العدالة فانه يتمثـل فـي أن تنصـب أفعـال التهديـد أو الترهيــب أو العنــف ضــد شــاهد فــي دعــوى منظــورة أمــام القضــاء أو موظــف منــوط بــه تطبيــق القانون من ناحية، وأن يكون ذلك بشأن الإجراءات المتعلقة بإحدى جرائم الفساد المنصـوص عليها بالاتفاقية، وهذا لا يعني استبعاد الجرائم الأخرى بطبيعة الحال (كاظم، 2012، صفحة 131،130).
المطلب الثاني: آليات تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
من الجدير بالذكر أنه واثناء التفاوض على ابرام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد رأت معظم الوفود ضرورة إيجاد آلية أو نظام لكفالة تنفيذها وتحقيق الهدف من ابرامها وأن يكون هذا النظام فعالا وعمليا وشفافا ومحققا لتوافق الآراء ،وأشارت الوفود أثناء مناقشاتها أن استحداث نظام يكفل تتبع تنفيذ الاتفاقية يحتوي على العديد من الآليات التي قد يتعذر الامتثال لها على الصعيد الدولي يمكن أن يجعل الالتزام بتطبيقها مرهقًا للدول فيمنعها هذا الالتزام من التصديق عليها وتنفيذها وهذا سوف يؤدي بالنهاية الى الاضرار بالاتفاقية لذا رأت الوفود أن النظام الذي تم اعتماده لتنفيذ اتفاقية الجريمة المنظمة عن طريق إنشاء مؤتمر الدول الأطراف وتقرير ولايات كافية لتلك الهيئة يمثل نموذجا يحتذى به (منشورات الامم المتحدة، 2011)،وعليه تم التوافق على انشاء مؤتمر الدول الأطراف وتُرك له أمر انشاء أية آليات أو هيئات فرعية تكون مناسبة للمساعدة على تنفيذ الاتفاقية فكانت الآلية على النحو الآتي: –
الفرع الأول: مؤتمر الدول الأطراف: هو الهيئة الرئيسية لتقرير السياسات في الاتفاقية حيث يقدم الدعم للدول الأطراف والموقعين من أجل تنفيذها للاتفاقية ويقدم التوجيه لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أجل تطوير أنشطة مكافحة الفساد، ويجتمع مرة كل سنتين ويتخذ قرارات ومقررات لتنفيذ ولايته (مكتب الامم المتحدة المعني بالمجدرات والجريمة، 2022)
لقد قامت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد باستحداث آلية لمتابعة تنفيذها تمثلت في مؤتمر الدول الأطراف وأمانته العامة بنصها في المادة(64) “ينشأ بموجب هذ الصك مؤتمر للدول الأطراف من أجل تحسين قدرة الدول الأطراف وتعاونها على تحقيق الأهداف المبينة في الاتفاقية، ومن أجل تشجيع تنفيذها واستعراضه”ويتضح من نص المادة أن الغرض من إنشاء هذه الالية هو:
- تحسين قدرة الدول وتعاونها من أجل تحقيق اهداف الاتفاقية.
- تشجيع الدول على تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية، ومتابعة التقدم الذي تحرزه في سبيل ذلك.
وعقد مؤتمر الدول الأطراف تسع دورات عادية ودورة استثنائية عقدت في 7/مايو/2021 وفيها تم فيها اعتماد الإعلان السياسي بناء على طلب من الجمعية العامة بموجب قرارها 74/276الذي اعتمدته الجمعية العامة في دورتها الاستثنائية المخصصة لمكافحة الفساد عقدت في يونيو/2021ماكدت الدول في إعلانها السياسي والمعنون بـ “التزامنا المشترك بالعمل بفاعلية على التصدي للتحديات وتنفيذ التدابير الرامية الى منع الفساد ومكافحته وتعزيز التعاون الدولي وأكدت على ان تحقيق ذلك هو مسؤولية جميع الدول ويتطلب توافر إرادة سياسية قوية ومشاركة المجتمع وضرورة وجود مؤسسات قوية تعمل على ذلك .
أماعن الدورات العادية فقد عرضت دولة الأردن استضافة الدورة الأولى للمؤتمر، وبالفعل تم عقد الدورة الاولي في الأردن.
وقد تم اتخاذ عدد من القرارات والتي من بينها القرار1/1 والذي اتفقت فيه الدول الأطراف على أنشاء آلية مناسبة وفعالة للمساعدة على استعراض تنفيذ الاتفاقية،وأنشأوا بموجب هذا القرار فريقا عاملا مفتوح العضوية ليقدم توصيات الى مؤتمر الدول الاطراف في دورته الثانية بشأن الآليات والهيئات المناسبة لاستعراض تنفيذ الاتفاقية، وأيضا القرار1/2والذي طلب فيه من الدول الأطراف استعمال قائمة مرجعية للتقييم الذاتي كأداة لتيسير تقديم معلومات عن تنفيذ الاتفاقية قبل انعقاد الدورة التالية للمؤتمر، وطلب الى الأمانة العامة اعدادها في غضون شهرين وتوزيعها على الدول الأطراف والدول الموقعة في أقرب وقت ممكن (الامم المتحدة, 2006)
وفي الدورة الثالثة والتي عقدت في دولة قطر في الفترة من 9-13 نوفمبر 2009م، تبنى مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد القرار 3/1 المعنون “آلية الاستعراض”وأشار المؤتمر في ذلك القرار إلى المادة (63) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وخاصة الفقرة السابعة منها، والتي وفقا لها يجب على المؤتمر، إذا لزم الأمر، أن يضع أية آلية أو هيئة مناسبة للمساعدة في تحقيق التنفيذ الفعال للاتفاقية
واستمر مؤتمر الدول الأطراف في عقد دوراته كل سنتين وتقوم الأمانة العامة لمؤتمر الدول الأطراف في أداء المهام الموكلة لها بموجب نصوص الاتفاقية ونظام العمل الداخلي الخاص بمؤتمر الدول الأطرافنصت المادة (64) من الاتفاقية على اختصاصات الأمانة العامة على النحو الآتي:
أولاً/ مساعدة مؤتمر الدول الأطراف على الاضطلاع بالأنشطة المبينة في المادة 63 من الاتفاقية، واتخاذ الترتيبات لعقد دورات مؤتمر الدول الأطراف وتوفير الخدمات اللازمة لها.
ثانياً/ مساعدة الدول الأطراف عند الطلب على تقديم المعلومات الى مؤتمر الدول الأطراف حسب ما تتوخاه الفقرتان (5-6) من المادة (63) من الاتفاقية.
ثالثاً/ ضمان التنسيق الضروري مع أمانات المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة.
وقد نص النظام الداخلي لمؤتمر الدول الأطراف في المادة (33) منه على واجبات الأمانة العامة بقولها “إضافة الى الوظائف المحددة في المادة (46) من الاتفاقية تتولى الأمانة العامة استلام وثائق وتقارير وقرارات المؤتمر وترجمتها واستنساخها وتوزيعها، وكذلك ترجمة الشفوية للكلمات التي تلقى في الجلسات واعداد محاضر الدورة وطبعها وتعميمها، كما تتولى عهدة الوثائق وحفظها على النحو الواجب في محفوظات المؤتمروتوزيع جميع وثائق المؤتمر في أداء مهامه والقيام بكل ما يلزم للمؤتمر عموما من اعمال ووظائف اخرى.
الفرع الثاني :آلية استعراض اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: إن آلية الاستعراض هي عملية حكومية دولية الغرض منها مساعدة الدول الأطراف علىتطبيق الاتفاقية، ويشترط في هذه الآلية أن تكون قابلة لتنفيذ على كافة الدول الأطراف،تقوم بالأساس على كل دولة طرف يتم استعراضها من قبل دولتين من الدول الأطراف، تنتمي احدها الى نفس المنطقة الجغرافية للدولة المستعرضةمع ضرورة أن كان ذلك ممكنًا تشابه النظام القانوني في الدولتين ويجب مشاركة الدولة الطرف المستعرَضة مشاركة فعالة في العملية ويجرى اختيار الدول الأطراف المستعرِضة بالقُرعة في بداية كل سنة من الدورة، على ألاَّ تقوم الدول الأطراف باستعراضات متبادلة، ويجوز للدولة الطرف المستعرَضة أن تطلب تكرار سحب القرعة مرتين على الأكثر، ويجوز في ظروف استثنائية تكرار سحب القرعة أكثر من مرتين.
أولا: المبادئ التوجيهية للآلية وخصائصها
لقد أدرج القرار رقم (3/1)لمؤتمر الدول الأطراف مرفقا به حدد فيه الإطار المرجعي لآلية الاستعراض يوضح كل ما يتعلق بها ومنها المبادئ التوجيهية وخصائص الالية وكانت كالآتي:
يتعين في الالية ما يلي:
- أن تتسم بالشفافية والنزاهة والكفاءة وعدم التدخل والشمولية والنزاهة
- ألا تفضي الى أي شكل من اشكال الترتيب التصنيفي
- أن تتيح فرصا لتقاسم الممارسات الجيدة ومواجهة التحديات
- أن تساعد الدول الأطراف على تنفيذ الاتفاقية تنفيذا فعالا
- أن تتجنب موقف الخصومة والمعاقبة وتشجع على انضمام جميع دول العالم الى الاتفاقية
- ان تستند في عملها الى مبادئ توجيهية راسخة وواضحة بشأن تجميع المعلومات واعدادها وتعميمها بما في ذلك مسألتي الحفاظ على السرية وعرض النتائج على المؤتمر وهو الهيئة المختصة باتخاذ أي إجراءات بشأن تلك النتائج
- أن تحدد في أبكر مرحلة ممكنة ما تواجهه الدول الأطراف من صعوبات في الوفاء بالتزاماتها بمقتضى الاتفاقية، وما تتبعه من ممارسات جيدة في جهودها الرامية لتنفيذ الاتفاقية
- أن تتسم بطابع تقني وتشجع على التعاون البناء في جملة من الأمور منها التدابير الوقائية واسترداد الموجودات والتعاون الدول.
- ان تكون مكملة لآليات الاستعراض الدولية والإقليمية القائمة لكي يتسنى للمؤتمر ان يتعاون مع تلك الآليات عند الاقتضاء ويتجنب الازدواج في الجهود(مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة, 2011)
أيضا من بين الأمور التي تتسم بها الآلية هي ألا تتخذ كأداة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأطراف بل يجب أن تحترم مبدأي المساواة بين الدول ومبدأ حق الدول في السيادة وكذلك يجب أن تجرى عملية الاستعراض بعيدًا عن التجاذبات السياسية والنزعات الانتقائية؛ فمهمة الآلية الأساسية هي مساعدة الدول على تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية من خلال خلق فرص لتبادل الآراء والأفكار والممارسات الجيدة مما يؤدي الي بالنهاية تعاون الدول الأطراف في منع الفساد ومكافحته، كذلك يجب على الآلية مراعاة الفروقات بين مستوى الدول في التنمية وكذلك تنوع أنظمتها القضائية والقانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والاختلاف في التقاليد القانونية (مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2011).
ثانيا: كيفية عمل الآلية: يتم استعراض كل دولة طرف من قبل دولتين طرفين أخريين، ويجب أن تشارك الدولة المستعرَضة وبفعالية في عملية الاستعراض، في الخطوة الأولى يجب على كل دولة طرف أن تقدم للأمانة العامة المعلومات المطلوبة من قبل المؤتمر حول مدى الامتثال وتنفيذ الاتفاقية، وذلك باستخدام قائمة التقييم الذاتي التي وضعتها الأمانة العامة، ويقوم فريق الاستعراض بإجراء استعراض مكتبي للردود التي تقدمها الدولة المستعرَضة في قائمة التقييم الذاتي، ويجب أن يتضمن الاستعراض المكتبي تحليلا للردود التي تركز على تحديد الثغرات المعيارية، بالإضافة الى المساعدة التقنية واحتياجات بناء القدرات.
وفقا لهذه الآلية فإن جميع الدول الأطراف هي قابلة للاستعراض، الامر الذي سوف يؤدي بصورة تدريجية إلى تغطية التنفيذ الكامل للاتفاقية، ولقد تم تحديد مراحل ودورات عملية الاستعراض، فضلا عن نطاق وتسلسل موضوعات وتفاصيل هذا الاستعراض من قبل المؤتمر. كما حدد المؤتمر عدد الدول الأطراف المشاركة سنويا في كل دورة من دورات الاستعراض.
وبالفعل تم استعراض دولة ليبيا من قبل دولتي موزمبيق وناميبيا في الدورة الأولى لعملية الاستعراض في (2010-2015) وكانت الفصول المستعرضة الفصل الثالث (التجريم إنفاذ القانون) والفصل الرابع (التعاون الدولي) وتم استعراض الإجابات التي تقدمت بها ليبيا من خلال ردودها على قائمة التقييم الذاتي واجراء اجتماعات مشتركة بين ممثلي الدول الثلاث في مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة وتم اصدار تقرير الاستعراض الذي طرح بشكل مفصل كل قواعد القانون الليبي المتعلقة بتجريم الفساد ومدى موائمتها مع احكام الاتفاقية وبيان جوانب الممارسات الجيدة وإصدار ملاحظات وتوصيات للجوانب التي يجب على دولة ليبيا اخذها في الاعتبار(مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة, 2010/2015).
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن تقارير الاستعراض القطري يجب أن تظل سرية، وتتم ترجمة الخلاصة الوافية لكل تقرير من تقارير الاستعراض القطرية التي وضعت في صيغتها النهائية إلى لغات الأمم المتحدة الرسمية الست وتتاح باعتبارها من وثائق فريق استعراض التنفيذ، وذلك لغرض العلم بها فقط (المنظمة القانونية الاستشارية الآسيوية الافريقية” ألكو”, 2010)
الخاتمة
مما لا شك فيه أن الفساد أضحى ظاهرة عالمية تهدد استقرار الدول وتطورها وقوض مؤسساتها ويعيق سبل التنمية المستدامة فيها، وما زاد من خطورة هذه الظاهرة ارتباطها الوثيق بمختلف الجرائم المنظمة العابرة للحدود كتجارة المخدرات والإرهاب، الامر الذي استدعى استعى تظافر الجهود لمكافحتها ومحاولة الحد انتشارها عن طريق توفير إطار قانوني للعمل على ذلك فكانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ومن خلال دراستنا لبعض مواد هذه الاتفاقية خلصنا الى النتائج والتوصيات على النحو الآتي:
أولا: النتائج
- تعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أول صك دولي قانوني ملزم تقدم إطار عمليا لتنسيق الجهود الدولية وتحقيق التعاون الفعال لمكافحة الفساد على المستوى الدولي
- تتسم الاتفاقية بالشمولية فهي تغطي معظم أوجه وصوره واشكال الفساد الاكثر انتشارا وتقدم إطارًا متكاملًا لمكافحته من خلال أربع مسارات أساسية هي المعايير الوقائية، والتجريم وانفاذ القانون، استرداد الأموال والتعاون الدولي.
- تضع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد جملة من المعايير الدنيا واعطت للدول الأطراف صلاحية جعلها أوسع نطاقا في ان تجرم أو أن تكون قد جرمت بالفعل سلوكيات لم يرد ذكرها بالاتفاقية على أنها جرائم فساد.
- تنوع طبيعة الالتزامات التي فرضتها الاتفاقية على الدول الأطراف فيها بين الالتزامات اجبارية يجب على الدول تنفيذها وأخرى اختيارية تركت لها حرية النظر في الالتزام بها.
- انتهجت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سياسة جنائية اتسمت بالتوسع في تجريم أفعال الفساد بل قامت باستحداث جرائم لم تجرمها النظم القانونية الداخلية للدول مثل جريمة رشو الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية، وجاءت بأفكار جديدة مثل تجريم إخفاء اثار الجريمة واعاقة سير العدالة
- يؤخذ على الاتفاقية اهمالها لجرائم الحاسب الالي، وما يترتب عنها من أفعال تساهم بشكل كبير في تسهيل انتشار الفساد وعولمته.
- اعتماد الاتفاقية على نظام قانوني متكامل من أجل متابعة تنفيذها من قبل الدول الأطراف باستحداث آلية مؤتمر الدول الأطراف تعاونه الأمانة العامة وكذلك آلية الاستعراض الدوري للدول.
ثانيا: التوصيات
- حثّ جميع الدول والمنظمات ذات الطبيعة الاقتصادية على الانضمام الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
- تحفيز الإرادة السياسية للدول من أجل تفعيل كل المسارات التي تضمنتها الاتفاقية ودعمها من أجل مكافحة الفساد بصورة فاعلة ومجدية.
- الاهتمام بتحقيق التوافق والتناسق بين التشريعات الداخلية مع تلك التي جاءت بها الاتفاقية خاصة ما تعلق منها بالملاحقة القضائية واسترداد العائدات الاجرامية.
- العمل على تعزيز سبل التعاون الدولي لمكافحة الفساد من خلال تنسيق الجهود والإجراءات المتبعة لتعقب الفساد داخل الدول وخارجها
- الدعوة الى ابرام بروتوكول اختياري ملحق بالاتفاقية بشأن جرائم الحاسب الالي وكل الآليات الحديثة للعولمة والتجارة الحرة.
المراجع والمصادر
أولا: المصادر الأساسية.
أ: الاتفاقيات
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 م.
- اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الجريمة المنظمة
ب:الوثائق
- قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 55/61، الدورة الخامسة والخمسين، المؤرخ في 22/ديسمبر/2001م، رقم الوثيقة A/RES/55/61
- قرار الجمعية العامة رقم 56/260 المؤرخ 9/ابريل/2002م رقم الوثيقة A/RES/56/260
- قرار الجمعية العامة للمم المتحدة رقم 58/4المؤرخ في 21/نوفمبر/2003م رقم الوثيقة A/RES/58/4.
- التقرير التفصيلي “تقرير استعراض دولة ليبيا”
- التحديات في مكافحة الفساد-دور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، منشورات المنظمة القانونية الاستشارية الاسيوية الافريقية، ألكو ((AALCO الدورة 49 ،2010م،
- آلية استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد –الوثائق الأساسية– مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، منشورات الأمم المتحدة، نيويورك، مايو2011
- الإعلان السياسي لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الاطلاع على وثيقة رقم CAC/COSP/S/2021/2 من وثائق الأمم المتحدة
- الاعمال التحضيرية للمفاوضات الرامية الى وضع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات
- الدليل التشريعي لتنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، مكتب اللمم المتحدة المعين بالمخدرات والجرمية، فيينا 2012
ثانيا/المراجع
أ: الكتب
- عبير مصلح، النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد، منشورات الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة -أمان، الطبعة الثالثة ،2007
- محمد أحمد غانم، الإطار القانوني للرشوة عبر الوطنية (رشوة المسؤولين العمومين الأجانب)، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية ،2011
- وسام نعمت إبراهيم السعدي، آليات المجتمع الدولي في مكافحة الفساد (دراسة في آليات تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)،المركز العربي للنشر والتوزيع،الطبعة الأولى،2020م.
ثالثا/ الرسائل الجامعية:
- أحمد عبد الله بن سعود الفارس، تجريم الفساد في اتفاقية الأمم المتحدة -دراسة تأصيلية مقارنة- رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، السعودية ،2008 م.
- رشا توفيق عمارة، جريمة الكسب غير المشروع في النظام الجزائي الفلسطيني ومدى انسجامها مع الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد -دراسة تحليلية-رسالة ماجستير، كلية الحقوق والإدارة العامة، جامعة بيرزيت، فلسطين ،2019م.
- رشا علي كاظم، جرائم الفساد (دراسة في مدى موائمة التشريعات العربية لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين، العراق،2012 م.
- سفيان موري، آليات مكافحة الفساد الاقتصادي الدولي، رسالة دكتوراه كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2018 م.
- صبرينة فطوس، آليات المنظمات الدولية لمكافحة الفساد في الدول العربية دراسة حالة منظمة الشفافية الدولية، رسالة دكتوراه، كلية العلوم القانونية والعلوم السياسية، جامعة بسكرة، 2021 م.
ثالثا/ البحوث والمقالات:
- جعفر عبد السلام، التعريف بالفساد وصوره من الوجهة الشرعية، بحث مقدم الى المؤتمر العربي الدولي لمكافحة الفساد الذي عقدته أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بفيينا.
- عايشة لخشين، مكافحة الفساد في إطار اتفاقية الأمم المتحدة والقانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، المجلد 4/العدد1/2020، على الموقع الالكترونيhttps://www.asjp.cerist.dz
- عبد الباسط إبراهيم الحمري الجهود الدولية لمكافحة الفساد(الآليات)، مجلة جامعة صبراتة العلمية ،2022 م.، الموقع الالكتروني https://www.jhs.sabu.edu,ly
- عبد الناصر الجهاني، الالتزامات المفروضة على الدول لمكافحة الفساد في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد12 اكتوبر2019م، على الموقع الالكتروني https://www.asjp.cerist.dz
- محمد حبحب، آليات التعاون الدولي لمواجهة جرائم الفساد في ظل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 م، دراسة تحليلية حول أسباب جرائم الفساد في لبنان وكيفية استعادة الموجودات الناتجة عنها، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية،السنة الثامنة، ملحق خاص الجزء الثاني،العدد9، يناير 2021https://journal.kilaw.edu–
- عثمان مواحي، الجهود الدولية لمكافحة الفساد-اتفاقية الأمم المتحدة نموذجا، مجلة أبعاد اقتصادية، تصدر عن كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، تاريخ النشر 30/6/2019 م، على الموقع الالكترونيhttps://www.asjp.cerist.dz.
- التحديات في مكافحة الفساد -دور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، منشورات المنظمة القانونية الاستشارية الاسيوية الافريقية، ألكو ((AALCO الدورة 49 ،2010، على الموقع الالكتروني https://arabic.co.int
ثالثاً / المواقع على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت).
- موقع هيئة الأمم المتحدةhttps://un.org
- مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمةhttps://www.unodc.org
ملحق (التجريم وإنفاذ القانون:الفصل الثالث من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003)
المادة 15
رشو الموظفين العموميين الوطنيين
تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرىلتجريم الأفعال التالية، عندما ترتكب عمدا:
- وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقةأو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أولصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل مالدى أداء واجباته الرسمية؛
(ب) التماس موظف عمومي أو قبولـه، بشكل مباشر أو غيرمباشر، مزيـة غير مستحقة، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكييقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية.
المادة 16
رشوالموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية
1- تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام، عمدا،بوعد موظف عمومي أجنبي أو موظف مؤسسة دولية عمومية بمزية غير مستحقة أو عرضها عليهأو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أوكيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداءواجباته الرسمية، من أجل الحصول على منفعة تجارية أو أي مزية غير مستحقة أخرى أوالاحتفاظ بها فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية.
2- تنظر كل دولة طرففي اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي أجنبيأو موظف في مؤسسة دولية عمومية عمدا، بشكل مباشر أو غير مباشـر، بالتماس أو قبولمزيــة غير مستحقــة، سواء لصالح الموظــف نفســه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكييقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية.
المادة 17
اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبهابشكل آخرمن قِبل موظف عمومي
تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابيرأخرى لتجريم قيام موظف عمومــي عمـدا، لصالحه هو أو لصالح شخص أو كيان آخر، باختلاسأو تبديد أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء أخرىذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه، أو تسريبها بشكل آخر.
المادة 18
المتاجرة بالنفوذ
تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابيرأخرى لتجريم الأفعال التالية، عندما ترتكب عمدا:
أ) وعد موظف عمومي أو أي شخصآخر بأي مزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر،لتحريض ذلك الموظف العمومي أو الشخص على استغلال نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة لصالحالمحرّض الأصلي على ذلك الفعل أو لصالح أي شخص آخر؛
ب) قيام موظف عمومي أو أيشخص آخر، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالتماس أو قبول أي مزية غير مستحقة لصالحه هو أو لصالح شخص آخر، لكي يستغل ذلك الموظف العمومي أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترضبهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة.
المادة 19
إساءة استغلال الوظائف
تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرّم تعمد موظف عمومي إساءة استغلال وظائفه أو موقعه، أيقيامه أو عدم قيامه بفعل ما، لدى الاضطلاع بوظائفه، بغرض الحصول على مزية غيرمستحقة لصالحه هو أو لصالح شخص أو كيان آخر، مما يشكل انتهاكا للقوانين
المادة 20
الإثراء غير المشروع
تنظر كل دولة طرف، رهنا بدستورهاوالمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعيةوتدابير أخرى لتجريم تعمّد موظف عمومي إثراءً غيـر مشــروع، أي زيادة موجوداتهزيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا إلى دخله المشروع.
المادة 21
الرشوة في القطاعالخاص
تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعيةوتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية،عندما ترتكبعمدا أثناء مزاولة أنشطةاقتصادية أو مالية أو تجارية:
أ) وعد أي شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص، أويعمل لديه بأي صفة، بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أوغير مباشر، سواء لصالح الشخص نفسه أو لصالح شخص آخر، لكي يقوم ذلك الشخص بفعل ما أويمتنع عن القيام بفعل ما، مما يشكل إخلالا بواجباته.
ب) التماس أي شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص، أو يعمل لديه بأي صفة، أو قبولـه، بشكل مباشر أو غيرمباشر، مزية غير مستحقة، سواء لصالح الشخص نفسه أو لصالح شخص آخر، لكي يقوم ذلكالشخص بفعل ما، مما يشكل إخلالا بواجباته
المادة22
اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص
تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابيرأخرى لتجريم تعمد شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص، أو يعمل فيه بأي صفة، أثناءمزاولة نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري، اختلاس أي ممتلكات أو أموال أو أوراق ماليةخصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه.
المادة 23
غسل العائداتالاجرامية
1-تعتمد كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونهاالداخلي، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية، عندماترتكب عمدا:
أ )’1′ إبدال لممتلكات أو إحالتها، مـع العلم بأنها عائداتإجرامية، بغرض إخفاء أو تمويه مصدر تلك الممتلكات غير المشروع أو مساعدة أي شخصضالع في ارتكاب الجرم الأصلي على الإفلات من العواقب القانونية لفعلته؛
‘2’ إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرففيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأن تلك الممتلكات هيعائدات إجرامية؛
ب) ورهنا بالمفاهيم الأساسية لنظامها القانوني:
‘1’ اكتسابالممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع العلم، وقت استلامها، بأنها عائداتإجرامية؛
‘2’ المشاركة في ارتكاب أي فعل مجرّم وفقا لهذه المادة، أو التعاون أوالتآمر على ارتكابه، والشروع في ارتكابه والمساعدة والتشجيع على ذلك وتسهيله وإسداءالمشورة بشأنه.
2-لأغراض تنفيذ أو تطبيق الفقرة 1 من هذه المادة:
أ) تسعىكل دولة طرف إلى تطبيق الفقرة 1 من هذه المادة على أوسع مجموعة من الجرائمالأصلية؛
ب) تدرج كل دولة طرف في عداد الجرائم الأصلية، كحد أدنى، مجموعة شاملةمن الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية؛
ج) لأغراض الفقرة الفرعية (ب) أعلاه،تشمل الجرائم الأصلية الجرائم المرتكبة داخل الولاية القضائية للدولة الطرف المعنيةوخارجها. غير أن الجرائم المرتكبة خارج الولاية القضائية للدولة الطرف لا تمثلجرائم أصلية إلا إذا كان السلوك ذو الصلة يعتبر فعلا إجراميا بمقتضى القانونالداخلي للدولة التي ارتكب فيها وكان من شأنه أن يعتبر فعلا إجراميا بمقتضى القانونالداخلي للدولة الطرف التي تُنفِّذ أو تُطبّق هذه المادة لو كان قد ارتكبهناك؛
د) تزوّد كل دولة طرف الأمين العام للأمم المتحدة بنسخ من قوانينهاالـمُنْفذة لهذه المادة وبنسخ من أي تغييرات تُدخل على تلك القوانين لاحقا أو بوصفلها؛
ه) يجوز النص على أن الجرائم المبيّنة في الفقرة 1 من هذه المادة لا تسريعلى الأشخاص الذين ارتكبوا الجرم الأصلي، إذا كانت المبادئ الأساسية للقانونالداخلي للدولة الطرف تقتضي ذلك.
المادة 24
الإخفــــاء
دون مساس بأحكامالمادة 23 من هذه الاتفاقية، تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابيرتشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام عمدا، عقب ارتكاب أي من الأفعال المجّرمة وفقالهذه الاتفاقية دون المشاركة في تلك الجرائم، بإخفاء ممتلكات أو مواصلة الاحتفاظبها عندما يكون الشخص المعني على علم بأن تلك الممتلكات متأتية من أي من الأفعالالمجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
المادة 25
إعاقة سير العدالة
تعتمد كلدولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية، عندماترتكب عمدا
أ) استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزيةغير مستحقة أو عرضها أو منحهاللتحريض على الإدلاء بشهادة زور أو للتدخل في الإدلاءبالشهادة أو تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذهالاتفاقية؛
ب) استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب للتدخل في ممارسةأي موظف قضائي أو معني بإنفاذ القانون مهامه الرسمية فيما يتعلق بارتكاب أفعالمجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية. وليس في هذه الفقرة الفرعية ما يمس بحق الدول الأطراففي أن تكون لديها تشريعات تحمي فئات أخرى من الموظفين العموميين.
المادة 26
مسؤولية الشخصياتالاعتبارية
1- تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير، تتسق معمبادئها القانونية، لتقرير مسؤولية الشخصيات الاعتبارية عن المشاركة في الأفعالالمجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
2- رهنا بالمبادئ القانونية للدولة الطرف، يجوزأن تكون مسؤولية الشخصيات الاعتبارية جنائية أو مدنية أو إدارية .
3- لا تمس تلكالمسؤولية بالمسؤولية الجنائية للشخصيات الطبيعية التي ارتكبت الجرائم.
4- تكفلكل دولة طرف، على وجه الخصوص، إخضاع الشخصيات الاعتبارية التي تلقى عليها المسؤوليةوفقا لهذه المادة لعقوبات جنائية أو غير جنائية فعّالة ومتناسبة ورادعة، بما فيهاالعقوبات النقدية.
المادة 27
المشاركة والشروع
1- تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم منتدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرّم، وفقا لقانونها الداخلي، المشاركة بأي صفة،كطرف متواطئ أو مساعد أو محرض مثلا، في فعل مجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
2- يجوزلكل دولة طرف أن تعتمد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرّم، وفقالقانونها الداخلي، أي شروع في ارتكاب فعل مجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
3- تعتمدكل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرّم، وفقا لقانونهاالداخلي، الإعداد لارتكاب فعل مجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
المادة 28
العلم والنيةوالغرض كأركان للفعل الإجرامي
يمكن الاستدلال من الملابساتالوقائعية الموضوعية على توافر عنصر العلم أو النية أو الغرض بصفته ركنا لفعل مجرّموفقا لهذه الاتفاقية.
المادة 29
التقادم
تحدد كل دولة طرف فيإطار قانونها الداخلي، عند الاقتضاء، ، فترة تقادم طويلة تبدأ فيها الإجراءات القضائية بشأن أي فعل مجرَّم وفقا لهذه الاتفاقية، وتحدد فترة تقادم أطول أو تعلّقالعمل بالتقادم في حال إفلات الجاني المزعوم من يد العدالة.
المادة 30
الملاحقة والمقاضاةوالجزاءات
1- تجعل كل دولة طرف ارتكاب فعـل مجرّم وفقا لهذهالاتفاقية خاضعا لعقوبات تُراعى فيها جسامة ذلك الجرم.
2- تتخذ كل دولة طرف،وفقا لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية، ما قد يلزم من تدابير لإرساء أو إبقاءتوازن مناسب بين أي حصانات أو امتيازات قضائية ممنوحة لموظفيها العموميين من أجلأداء وظائفهم وإمكانية القيام، عند الضرورة، بعمليات تحقيق وملاحقة ومقاضاة فعالةفي الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
3- تسعى كل دولة طرف إلى ضمان ممارسةأي صلاحيات قانونية تقديرية يتيحها قانونها الداخلي فيما يتعلق بملاحقة الأشخاصلارتكابهم أفعالا مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، من أجل تحقيق الفعالية القصوىلتدابير إنفاذ القانون التيتُتخذ بشأن تلكالجرائم، ومع إيلاء الاعتبار الواجبلضرورة الردع عن ارتكابها.
4- في حالة الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية،تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة، وفقا لقانونها الداخلي ومع إيلاء الاعتبار الواجبلحقوق الدفاع، لضمان أن تراعي الشروط المفروضة بخصوص قرارات الإفراج إلى حينالمحاكمة أو الاستئناف ضرورة حضور المدعى عليه في الإجراءات الجنائيةاللاحقة.
5- تأخذ كل دولة طرف بعين الاعتبار جسامة الجرائم المعنية لدى النظر فيإمكانية الإفراج المبكّر أو المشروط عن الأشخاص المدانين بارتكاب تلكالجرائم.
6- تنظر كل دولة طرف، بما يتوافق مع المبادئ الأساسية لنظامهاالقانوني، في إرساء إجراءات تجيز للسلطة المختصة، عند الاقتضاء، تنحية الموظفالعمومي المتهم بارتكاب فعل مجرم وفقا لهذه الاتفاقية أو وقفه عن العمل أو نقله، معمراعاة مبدأ افتراض البراءة.
7- تنظر كل دولة طرف، حينما تسوّغ جسامة الجرم ذلك،وبما يتوافق مع المبادئ الأساسية لنظامها القانوني، في اتخاذ إجراءات لإسقاطالأهلية، بأمر قضائي أو بأي وسيلة مناسبة أخرى، ولفترة زمنية يحددها قانونها الداخلي، عن الأشخاص المدانين بارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، للقيامبمايلي:
أ) تولي منصب عمومي؛
ب) تولي منصب في منشأة مملوكة كليا أو جزئياللدولة.
8- لا تمس الفقرة 1 من هذه المادة بممارسة السلطات المختصة صلاحياتها التأديبية تجاه المستخدمين المدنيين.
9- ليس في هذه الاتفاقية ما يمس بالمبدأالقاضي بأن يكون توصيف الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية وتوصيف الدفوعالقانونية المنطبقة أو المبادئ القانونية الأخرى التي تحكم مشروعية السلوك محفوظاحصرا للقانون الداخلي للدولة الطرف، وبوجوب الملاحقة والمعاقبة على تلك الجرائموفقا لذلك القانون.
10- تسعى الدول الأطراف إلى تشجيع إعادة إدماج الأشخاصالمدانين بارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية في مجتمعاتهم.
المادة 31
التجميد والحجزوالمصادرة
1- تتخذ كل دولة طرف، إلى أقصى مدى ممكن ضمن نطاق نظامهاالقانوني الداخلي، ما قد يلزم من تدابير للتمكين من مصادرة
(أ) العائداتالإجرامية المتأتية من أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، أو ممتلكات تعادل قيمتهاقيمة تلك العائدات؛
(ب) الممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التي استُخدمتأو كانت معدّة للاستخدام في ارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية
2-تتخذكل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير للتمكين من كشف أي من الأشياء المشار إليها فيالفقرة 1 من هذه المادة أو اقتفاء أثره أو تجميده أو حجزه، لغرض مصادرته في نهايةالمطاف
3-تتخذ كل دولة طرف، وفقا لقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابيرتشريعية وتدابير أخرى لتنظيم ادارة السلطات المختصة للممتلكات المجمدة أو المحجوزةأو المصادرة، المشمولة في الفقرتين 1 و2 من هذه المادة.
4-إذا حُوّلت هذهالعائدات الإجرامية إلى ممتلكات أخرى أو بدلت بها، جزئيا أو كليا، وجب إخضاع تلكالممتلكات، بدلا من العائدات، للتدابير المشار إليها في هذه المادة
5- إذاخُلطت هذه العائدات الإجرامية بممتلكات اكتُسبت من مصادر مشروعة، وجب إخضاع تلك الممتلكات للمصادرة في حدود القيمة المقدّرة للعائدات المخلوطة، مع عدم المساس بأيصلاحيات تتعلق بتجميدها أو حجزها
- تُخضع أيضا للتدابير المشار إليها في هذهالمادة، على نفس النحو وبنفس القدر الساريين على العائدات الإجرامية، الإيرادات أو المنافع الأخرى المتأتية من هذه العائدات الاجرامية، أو من الممتلكات التي حُوّلتتلك العائدات إليها أو بُدّلت بها، أو من الممتلكات التي اختلطت بها تلكالعائدات.
7-لأغراض هذه المادة والمادة 55 من هذه الاتفاقية، تخوِّل كل دولةطرف محاكمها أو سلطاتها المختصة الأخرى أن تأمر بإتاحة السجلات المصرفية أو الماليةأو التجارية أو بحجزها. ولا يجوز للدولة الطرف أن ترفض الامتثال لأحكام هذه الفقرة بحجة السرية المصرفية
8-يجوز للدول الأطراف أن تنظر في إمكانية إلزام الجانيبأن يبيّن المصدر المشروع لهذه العائدات الاجرامية المزعومة أو للممتلكات الأخرىالخاضعة للمصادرة، ما دام ذلك الإلزام يتوافق مع المبادئ الأساسية لقانونها الداخليومع طبيعة الإجراءات القضائية والإجراءات الأخرى.
9- لا يجوز تأويل أحكام هذهالمادة بما يمس بحقوق أطراف ثالثة حسنة النية.
10-ليس في هذه المادة ما يمسبالمبدأ القاضي بأن يكون تحديد وتنفيذ التدابير التي تشير إليها متوافقين مع أحكامالقانون الداخلي للدولة الطرف وخاضعين لتلك الأحكام.
المادة 32
حماية الشهودوالخبراء والضحايا
1-تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقا لنظامهاالقانوني الداخلي، وضمن حدود إمكانياتها، لتوفير حماية فعّالة للشهود والخبراءالذين يُدْلون بشهادة تتعلق بأفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية وكذلك لأقاربهموسائر الأشخاص الوثيقي الصلة بهم عند الاقتضاء، من أي انتقام أو ترهيب محتمل.
2- يجوز أن تشمل التدابير المتوخّاة في الفقرة 1 من هذه المادة، ودون مساس بحقوقالمدعى عليه، بما في ذلك حقه في محاكمة حسب الأصول:
أ) إرساء إجراءات لتوفيرالحماية الجسدية لأولئك الأشخاص، كالقيام مثلا، بالقدر اللازم والممكن عمليا،بتغيير أماكن إقامتهم والسماح، عند الاقتضاء، بعدم إفشاء المعلومات المتعلقةبهويتهم وأماكن تواجدهم أو بفرض قيود على إفشائها؛
ب) توفير قواعد خاصة بالأدلةتتيح للشهود والخبراء أن يدلوا بأقوالهم على نحو يكفل سلامة أولئك الأشخاص، كالسماحمثلا بالإدلاء بالشهادة باستخدام تكنولوجيا الاتصالات، مثل وصلات الفيديو أو غيرهامن الوسائل الملائمة
3- تنظر الدول الأطراف في إبرام اتفاقات أو ترتيبات مع دولأخرى بشأن تغيير أماكن إقامة الأشخاص المشار اليهم في الفقرة 1 من هذهالمادة.
4- تسري أحكام هذه المادة أيضا على الضحايا اذا كانوا شهودا.
5- تتيحكل دولة طرف، رهنا بقانونها الداخلي، امكانية عرض آراء وشواغل الضحايا وأخذها بعينالاعتبار في المراحل المناسبة من الاجراءات الجنائية المتخذة ضد الجناة، على نحو لايمس بحقوق الدفاع.
المادة 33
حماية المبلّغين
تنظر كل دولة طرف في أن تُدخل في صلبنظامها القانوني الداخلي تدابير مناسبة لتوفير الحماية من أي معاملة لا مسوّغ لهالأي شخص يقوم، بحسن نيّة ولأسباب وجيهة، بإبلاغ السلطات المختصة بأي وقائع تتعلقبأفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
المادة 34
عواقب أفعال الفساد
مع إيلاءالاعتبار الواجب لما اكتسبته الأطراف الثالثة من حقوق بحسن نيّة، تتخذ كل دولة طرف،وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، تدابير تتناول عواقب الفساد. وفي هذاالسياق، يجوز للدول الأطراف أن تعتبر الفساد عاملا ذا أهمية في اتخاذ اجراءاتقانونية لإلغاء أو فسخ عقد أو سحب امتياز أو غير ذلك من الصكوك المماثلة أو اتخاذأي اجراء انتصافي آخر.
المادة 35
التعويض عن الضرر
تتخذ كلدولة طرف ما قد يلزم من تدابير، وفقا لمبادئ قانونها الداخلي، لضمان حق الكيانات أوالأشخاص الذين أصابهم ضرر نتيجة لفعل فساد في رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين عنإحداث ذلك الضرر، بغية الحصول على تعويض.
المادة 36
السلطات المتخصصة
تتخذ كلدولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، ما قد يلزم من تدابير لضمان وجود هيئة أو هيئات متخصصة أو أشخاص متخصصين في مكافحة الفساد من خلال إنفاذالقانون. وتمنح تلك الهيئة أو الهيئات أو هؤلاء الأشخاص ما يلزم من الاستقلالية،وفقا للمبادئ الأساسية للنظام القانوني للدولة الطرف، لكي يستطيعوا أداء وظائفهمبفعالية ودون أي تأثير لا مسوغ لـه، وينبغي تزويد هؤلاء الأشخاص أو موظفي تلكالهيئة أو الهيئات بما يلزم من التدريب والموارد المالية لأداء مهامهم.
المادة 37
التعاون مع سلطات انفاذ القانون
1- تتخذ كل دولة طرفتدابير مناسبة لتشجيع الأشخاص الذين يشاركون أو شاركوا في ارتكاب فعل مجرّم وفقالهذه الاتفاقية على تقديم معلومات مفيدة إلى السلطات المختصة لأغراض التحقيقوالاثبات، وعلى توفير مساعدة فعلية محددة للسلطات المختصة يمكن أن تسهم في حرمانالجناة من عائدات الجريمة واسترداد تلك العائدات.
2- تنظر كل دولة طرف في أنتتيح، في الحالات المناسبة، إمكانية تخفيف عقوبة المتهم الذي يقدم عونا كبيرا فيعمليات التحقيق أو الملاحقة بشأن فعل مجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
3-تنظر كلدولة طرف في إمكانية منح الحصانة من الملاحقة القضائية، وفقا للمبادئ الأساسيةلقانونها الداخلي، لأي شخص يقدم عونا كبيرا في عمليات التحقيق أو الملاحقة بشأن فعلمجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
4- تجري حماية أولئك الأشخاص على النحو المنصوص عليهفي المادة 32 من هذه الاتفاقية، مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال.
5-عندمايكون الشخص المشار اليه في الفقرة 1 من هذه المادة، الموجود في دولة طرف، قادرا علىتقديم عون كبير إلى السلطات المختصة لدولة طرف أخرى، يجوز للدولتين الطرفينالمعنيتين أن تنظرا في ابرام اتفاقات أو ترتيبات، وفقا لقانونهما الداخلي، بشأنإمكان قيام الدولة الطرف الأخرى بتوفير المعاملة المبينة في الفقرتين 2 و 3 من هذهالمادة.
المادة 38
التعاون بين السلطات الوطنية
تتخذ كل دولة طرف، وفقالقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابير لتشجيع التعاون بين سلطاتها العمومية،كذلك موظفيها العموميين، من جانب، وسلطاتها المسؤولة عن التحقيق في الأفعالالإجرامية وملاحقة مرتكبيها، من جانب آخر. ويجوز أن يشمل ذلك التعاون
أ) المبادرة بإبلاغ السلطات الأخيرة، حيثما تكون هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه جرىارتكاب أي من الأفعال المجرّمة وفقا للمواد 15 و21 و23 من هذه الاتفاقية؛
أو
ب) تقديم جميع المعلومات الضرورية إلى السلطات الأخيرة، بناء على طلبها.
المادة 39
التعاون بين السلطات الوطنية والقطاع الخاص
1- تتخذ كل دولة طرف، وفقا لقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابير لتشجيع التعاون بينالسلطات الوطنية المعنية بالتحقيق والملاحقة وكيانات القطاع الخاص، وخصوصا المؤسساتالمالية، فيما يتصل بالأمور المتعلقة بارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
2- تنظر كل دولة طرف، في تشجيع رعاياها وغيرهممن الأشخاص الذين يوجد مكان إقامتهم المعتاد في اقليمها على إبلاغ السلطات الوطنيةالمعنية بالتحقيق والملاحقة عن ارتكاب فعل مجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
المادة 40
السرية المصرفية
تكفل كل دولة طرف، في حال القيام بتحقيقات جنائية داخلية في أفعالمجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، وجود آليات مناسبة في نظامها القانوني الداخلي لتذليلالعقبات التي قد تنشأ عن تطبيق قوانين السرية المصرفية.
المادة 41
السجل الجنائي
يجوز لكل دولة طرف أن تعتمد ما قد يلزم من تدابير تشريعية أو تدابيرأخرى لكي يؤخذ بعين الاعتبار، حسبما تراه مناسبا من شروط وأغراض، أي حكم إدانة سبقأن صدر بحق الجاني المزعوم في دولة أخرى، بغية استخدام تلك المعلومات في إجراءات جنائية ذات صلة بفعل مجرّم وفقا لهذه الاتفاقية.
المادة42
الولاية القضائية
1-تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير لكي تخضع لولايتها القضائية ما جرمته منأفعال وفقا لهذه الاتفاقية في الحالتين التاليتين:
- عندما يُرتكب الجرم فياقليم تلك الدولة الطرف
ب) عندما يرتكب الجرم على متن سفينة ترفع علم تلكالدولة الطرف أو طائرة مسجّلة بمقتضى قوانين تلك الدولة الطرف وقت ارتكاب الجرم.
2- رهنا بأحكام المادة 4 من هذه الاتفاقية، يجوز للدولة الطرف أن تُخضعأيضا أي جرم من هذا القبيل لولايتها القضائية في الحالات التالية:
(أ) عندمايُرتكب الجرم ضد أحد مواطني تلك الدولة الطرف؛ أو
(ب) عندما يَرتكب الجرم أحدمواطني تلك الدولة الطرف أو شخص عديم الجنسية يوجد مكان اقامته المعتاد في اقليمها؛أو
(ج) عندما يكون الجرم واحدا من الأفعال المجرّمة وفقا للفقرة 1 (ب) ‘2’ منالمادة 23 من هذه الاتفاقية ويُرتكب خارج اقليمها بهدف ارتكاب فعل مجرّم وفقاللفقــرة 1 (أ) ‘1’ أو ‘2’ أو (ب) ‘1’من المادة 23 من هذه الاتفاقية داخل اقليمها ؛ أو
(د) عندما يُرتكب الجرم ضد الدولة الطرف.
3- لأغراض المادة 44 من هذهالاتفاقية، تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير لإخضاع الأفعال المجرّمة وفقالهذه الاتفاقية لولايتها القضائية عندما يكون الجاني المزعوم موجودا في إقليمها ولاتقوم بتسليمه لمجرد كونه أحد مواطنيها.
4- يجوز لكل دولة طرف أيضا أن تعتمد ماقد يلزم من تدابير لإخضاع الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية لولايتها القضائيةعندما يكون الجاني المزعوم موجودا في اقليمها ولا تقوم بتسليمه.
5- إذا أُبلغتالدولة الطرف التي تمارس ولايتها القضائية بمقتضى الفقرة 1 أو 2 من هذه المادة، أوعلمت بطريقة أخرى، أن أي دول أطراف أخرى تجري تحقيقا أو ملاحقة أو تتخذ إجراءقضائيا بشأن السلوك ذاته، وجب على السلطات المعنية في تلك الدول الأطراف أن تتشاورفيما بينها، حسب الاقتضاء، بهدف تنسيق ما تتخذه من إجراءات .
6- دون مساس بقواعدالقانون الدولي العام، لا تحول هذه الاتفاقية دون ممارسة أي ولاية جنائية تؤكدالدولة الطرف سريانها وفقا لقانونها الداخلي.