نوفمبر 22, 2024 7:07 م
download

أ.د. حسين عبدعلي عيسى

كلية القانون/ جامعة السليمانية

Email: husseinissa@hotmail.com

Tel.:+964 7702100958

 

الملخص

يعدّ الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية وانتهاكاً خطيراً وصارخاً لحقوق الإنسان الأمر الذي استدعى تدخل المجتمع الدولي لمواجهته. وقد تكللت جهوده بإصدار عدد من المواثيق الدولية، ومن أهمها: إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992، والاتفاقية الأمريكية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1994، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، والنظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

كما وتصدى المجتمع الدولي لهذه الجريمة من خلال مختلف الآليات الدولية والإقليمية، ولاسيما عن طريق محاكم حقوق الإنسان، ومنها خاصة المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، اللتان كان لهما الدور البارز في توصيف جريمة الاختفاء القسري، والتصدي لها على صعيد الدول الأمريكية والأوربية.

وتنحصر مشكلة البحث في دراسة تطبيقات محاكم حقوق الإنسان كونها تشكل أحد المرتكزات الأساسية للتصدي لجريمة الاختفاء القسري دولياً، ولأنها تمثل أساساً مهماً لتطبيقات المحاكم الجنائية الدولية والوطنية، ولتطوير القوانين ذات الصلة بالتصدي لجريمة الاختفاء القسري، مما يكسب البحث فيها أهمية نظرية وتطبيقية على حد سواء، ولا سيما بالنسبة للعراق، وذلك في ظل انتشارها الواسع فيه، ولضرورة تجريمها والعقاب عليها في التشريعات العقابية الوطنية، ولبيان أهمية هذه التطبيقات بالنسبة للنظر في قضايا الاختفاء القسري أمام المحاكم الجنائية الوطنية.

وتنحصر أبرز أهداف البحث في استعراض الجهود الدولية للتصدي لحالات الاختفاء القسري على الصعيد الدولي، وبخاصة المواثيق الدولية ذات الصلة، وفي دراسة تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان المتعلقة بجريمة الاختفاء القسري، وبيان أهميتها في التصدي لهذه الجريمة، والخروج بالتوصيات التي يمكن أن تسهم في التصدي لها على الصعيدين الدولي والوطني.

وتستند دراسة موضوع البحث إلى عدد من المناهج، وبخاصة المنهج الوصفي والتحليلي والمقارن، التي كان الاعتماد عليها خاصة في بيان الجهود الدولية للتصدي للاختفاء القسري، وفي البحث الوصفي والتحليلي للمواثيق الدولية ذات الصلة ولتطبيقات محاكم حقوق الإنسان محل البحث ومقارنتها فيما بينها.

ويتوزع البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة. يبين المبحث الأول الجهود الدولية للتصدي لجريمة الاختفاء القسري، ويكرس المبحث الثاني لدراسة تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، ويخصص المبحث الثالث للبحث في تطبيقات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان. وتتضمن الخاتمة أهم الاستنتاجات والتوصيات المتوصل إليها.

الكلمات المفتاحية: مفهومالاختفاء القسري، اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، تطبيقات محاكم حقوق الإنسان، المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان.

             Combating the Crime of Enforced Disappearance

in human rights court practices

Prof. Dr. Hussein Abd Ali Issa

College of Law/University of Sulaymaniyah

 

Abstract

Enforced disappearance is a crime against human dignity and a serious and flagrant violation of human rights, which called the international community to confront it. Its efforts culminated in the issuance of many international conventions, the most important of which is: the United Nations Declaration on the Protection of All Persons from Enforced Disappearance of 1992, and the American Convention for the Protection of All Persons from Enforced, the disappearance of 1994, the International Convention for the Protection of All Persons from Enforced Disappearance of 2006, and the Statute of the International Criminal Court of 1998.

The international community has also confronted this crime through various International and regional mechanisms, including human rights courts. In particular, the American Court of Human Rights and the European Court of Human Rights had a prominent role in characterizing and addressing the crime of enforced disappearance at the level of American and European countries.

The research problem limits to the study the human rights courts applications, as they constitute one of the basic foundations for opposition to the crime of enforced disappearance internationally, and because they represent an important basis for the applications of international and national criminal courts, and for the development of laws related to addressing the crime of enforced disappearance, which gives theoretical and practical importance. Especially about Iraq, in light of its widespread there, the need to criminalize and punish it in national penal legislation, and to demonstrate the importance of these applications about the consideration of enforced disappearance before National criminal courts.

The main objectives of the research are to review international efforts to address cases of enforced disappearance at the international level, especially the relevant international conventions, and to study the applications of the American Court of Human Rights and the European Court of Human Rights related to the crime of enforced disappearance, and to indicate their importance in addressing this crime, and to come up with recommendations that can be made contribute to addressing it at the international and national levels.

The study of the subject of the research is based on some research methods, especially the descriptive, analytical, and comparative method, which was relied upon, especially in the statement of international efforts to address enforced disappearance, and in the descriptive and analytical research of the relevant international conventions and the applications of the human rights courts in question and their comparison with each other.

The research consists of an introduction, three sections, and a conclusion. The first section shows international efforts to oppose the crime of enforced disappearance, the second section is devoted to studying the American Court of Human Rights applications, and the third section is devoted to researching the European Court of Human Rights applications. The conclusion includes the most important consequences and recommendations reached.

Keywords: Enforced disappearance concept, the Convention for the Protection of All Persons from Enforced Disappearance, Human rights court applications, the American Court of Human Rights, the European Court of Human Rights.

 

 

 

المقدمة

تنتشر حالات الاختفاء القسري بشكل واسع في الدول ذات النظم الدكتاتورية وكذلك في تلك الدول التي تمر بمرحلة الانتقال من الدكتاتورية إلى السلم والديمقراطية. ويشكل الإفلات من العقاب أحد االعوامل الأساسية لارتكاب المزيد من جرائم الاختفاء القسري، ذلك لأن الاختفاء القسري يعني تغييب الضحية وإخفاء الدولة للمعلومات المتعلقة بمصيره أو التي تكشف عن مكان وجوده، كما أن عدم العثور على جثة الضحية، وعدم القيام بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري يجعل من الصعوبة بمكان تحديد شخصية الجناة، وهذا بدوره يرفع من أعداد حالات الاختفاء القسري، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى وضع أعباء إضافية على الأجهزة القضائية، كما إن النظام القضائي في الدول الدكتاتورية أو التي تمر بالمرحلة الانتقالية يكون في الغالب ضعيفاً، وهذا الضعف إلى جانب الأعداد الكبيرة من حالات الاختفاء القسري يؤديان إلى خلق ثقافة الإفلات من العقاب.

كما أن المشاكل المرتبطة بتطبيق القوانين الجنائية، بشقيها الموضوعي والإجرائي، وكذلك إجراءات التحقيق المتبعة في حالات الاختفاء القسري، وملاحقة الجناة عنها، والصعوبات المرتبطة بإجراء التحقيق في هذا النوع من الجرائم، ووجود حالات من الامتناع عن إجراء التحقيق، أو تشكيل لجان التحقيق الشكلية، إلى جانب موقف المحاكم الجنائية منها، بالتزام موقف تبرئة الجناة، كل ذلك يؤدي أيضاً إلى إفلات الجناة من العقاب عن الاختفاء القسري.

وعلى الرغم من عدم وضع تعريف قانوني للاختفاء القسري لسنوات عديدة، الا أنه كان على الدوام موضع اهتمام المؤسسات الدولية لحماية حقوق الإنسان، التي حددته بوصفه ظاهرة معقدة تتضمن انتهاك عدة حقوق للإنسان في آن واحد. وقد تجسد هذا خاصة في تطبيقات المحاكم الدولية لحقوق الإنسان، التي كان لها الدور البارز في التصدي لحالات الاختفاء القسري في عدد من البلدان، ومن ذلك الدور الذي لعبته المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان في مواجهة حالات الاختفاء القسري في بلدان أمريكا اللاتينية، وفي وضع الأسس القانونية لمفهوم الاختفاء القسري، وسماته، والمساءلة القانونية عنه، وبيان حقوق الضحايا، مما جعل تطبيقاتها تشكل معايير أساسية للنظر في قضايا الاختفاء القسري من طرف المحكمة الأوربيةلحقوق الإنسان، التي كان لها دورها الفاعل في البلدان الأوربية.

مشكلة البحث: يشكل انتشار حالات الاختفاء القسري مشكلة وطنية ودولية على حد سواء، مما يطرح على بساط البحث أهمية التصدي لها على صعيدي القانون الدولي والقانون الوطني، وتشكل دراسة تطبيقات محاكم حقوق الانسان إحدى المرتكزات الأساسية للتصدي لها دولياً، كما وتمثل أساساً مهماً لتطبيقات المحاكم الجنائية الدولية والوطنية ولتطوير القوانين ذات الصلة بالتصدي لجريمة الاختفاء القسري، مما يتطلب إيلاء العناية لدراسة هذه التطبيقات لاستجلاء أهميتها.

أهمية البحث: تكتسب دراسة تطبيقات هاتين المحكمتين أهمية كبيرة على صعيد دراسة الاختفاء القسري بوجه عام، وبيان دور محاكم حقوق الإنسان في التصدي لهذه الجريمة بوجه خاص. كما تشكل دراستها أهمية خاصة بالنسبة للتصدي لحالات الاختفاء القسري على صعيد العراق، وعدم إفلات الجناة من العقاب عليها.

أهداف البحث: تنحصر أبرز هذه الأهداف في استعراض الجهود الدولية للتصدي لحالات الاختفاء القسري على الصعيد الدولي، وفي دراسة تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان المتعلقة بجريمة الاختفاء القسري، وبيان أهميتها في التصدي لهذه الجريمة، والخروج بالتوصيات التي يمكن أن تسهم في التصدي لها على الصعيدين الدولي والوطني.

مناهج البحث: تستند دراسة موضوع البحث إلى عدد من المناهج، وبخاصة المنهج الوصفي والتحليلي والمقارن، وذلك من خلال بيان الجهود الدولية للتصدي للاختفاء القسري، والبحث في المواثيق الدولية ذات الصلة، والبحث الوصفي والتحليلي لتطبيقات محاكم حقوق الإنسان محل البحث ومقارنتها فيما بينها.

خطة البحث:من أجل بيان مفهوم الاختفاء القسري وتوضيح تجربة المحاكم الدولية لحقوق الإنسان في مواجهة حالات الاختفاء القسري وأهميتها، سنوزع هذا البحث على ثلاثة مباحث، نبيّن فيالمبحث الأول الجهود الدولية للتصدي لجريمة الاختفاء القسري، ونتناول بالدراسة في المبحث الثاني تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، وفي المبحث الثالث تطبيقات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، وعلى الوجه الآتي:

 

المبحث الأول

الجهود الدولية للتصدي لجريمة الاختفاء القسري

في ضوء انتشار حالات الاختفاء القسري في عدد من البلدان ووصول بلاغات جدية عن حالات عديدة للاختفاء القسري فيها، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم (33/173) في 20 ديسمبر 1978، بخصوص الأشخاص المختفين، عبرت فيه عن القلق العميق للتقارير الواردة من مختلف أنحاء العالم والمتعلقة باختفاء الأشخاص قسراً أو كرهاً نتيجة قيام سلطات إنفاذ القانون أو سلطات الأمن أو ما شابهها بارتكاب تجاوزات تحدث في أحيان كثيرة عندما يكون هؤلاء الأشخاص رهن الاعتقال أو السجن، وكذلك نتيجة أعمال غير مشروعة أو أعمال عنف واسعة النطاق. وأوصت فيه لجنة حقوق الإنسان بدراسة مسألة الاختفاء القسري وتقديم التوصيات المناسبة(الجمعية العامة، 33/187، 1978).

وعلى أساس هذاالقرار قدمت اللجنة المذكورة في 21 نوفمبر 1979 تقريراً عن الاختفاء القسري في(تشيلي) بيّنت فيه أن الممارسة المنتظمة للاختفاء القسري تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، وأن الدولة وفقاً لالتزاماتها الدولية ملزمة بتحديد مصائر الأشخاص المختفين، وتحميل المذنبين في ذلك المسؤولية القانونية، ودفع التعويضات لضحايا الاختفاء القسري، وإتخاذ الإجراءات  اللازمة لردعه في المستقبل. كما أن وجود سياسة للدولة بممارسة الاختفاء القسري يدلّ على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان فيها، وهي تشكل مشكلة كبيرة بالنسبة لذوي الضحايا الذين يتوجب أن يكونوا على معرفة بمصائر أفراد أسرهم(حقوق الإنسان، 1979).

وفي 29 فبراير 1980 أيدت لجنة حقوق الإنسان مبادرة فرنسا لتشكيل الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي لمدة سنة واحدة من خمسة أعضاء يعملون كخبراء بصفتهم الشخصية من أجل دراسة المسائل المتعلقة بالاختفاء القسري للأشخاص(حقوق الإنسان، 1980). ويعدّهذا الفريق أول لجنة خاصة معنية بحقوق الإنسان عامة، وحالات الاختفاء القسري خاصة. وقد لعبت التوصيات التي تقدم بها هذا الفريق دوراً كبيراً في صياغة إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992، وفي صياغة مشروع الاتفاقيةالدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وكذلكفي إقراره في 20ديسمبر عام 2006، هذا إضافة إلى أهمية هذه التوصيات بالنسبة لصياغة مفهوم الاختفاء القسري في التشريعات العقابية الوطنية، وكذلك في التصدي لحالات الاختفاء القسري في مختلف البلدان.

لقد استخدم مصطلح الاختفاء القسري في البدء من طرف المنظمات غير الحكومية في أمريكا اللاتينية وذلك للدلالة على الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان،وبوصفه جريمة ترتكبها أجهزة الدولة بصورة مباشرة أو بمساندتها، وذلك من أجل التخلص من معارضييها السياسيين. وقد انتشرت هذه الظاهرة في أمريكا اللاتينية في النصف الثاني من القرن العشرين بوصفها سياسة للدولة إزاء الأشخاص غير المرغوب فيهم. وقد تجلى ذلك خاصة في الأرجنتين وغواتيمالا في الستينيات والسبعينيات، لكنها إتخذت نطاقاً واسعاً في السبعينات والثمانينات في أغلبية دول امريكا اللاتينية، ولاسيما في الأرجنتين وتشيلي وكولومبيا وهندوراس وأورغواي بحسب تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية.

ولم تقتصر ممارسة الاختفاء القسري على دول أمريكا اللاتينية فحسب، إذ وصل عدد الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري في العراق بحسب تقرير الحكومة العراقية المقدم عام 2014 إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي إلى (16,400)حالة حصلت معظمها قبل عام ٢٠٠٣(تقرير العراق، 2014).كما وصلت حالات الاختفاء القسري أبان النزاع العسكري القبرصي التركي (1960-1974) إلى أعداد كبيرة للغاية(لجنة المفقودين، قبرص)، ومثلها في حرب الشيشان في عام 1999(العفو الدولية، 2000)، وبموجب تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وصل عدد حالات الاختفاء القسري لغاية 22 مايو 2019 في 108 دولة إلى حوالى (57,891) حالة (الفريق العامل، 2019).

إن الاختفاء القسري لم يحدد حتى ثمانينات القرن الماضي بوصفه جريمة مستقلة، إذ كان يحدد بوصفه انتهاكاً لعدد من حقوق الإنسان التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية لعام 1950، والتي تتمثل في الحق في الحياة، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في المحاكمة العادلة والضمانات القضائية.

أما في الوقت الراهن فهناك عدة آليات قانونية دولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، وهي تتمثل في إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992، والاتفاقيةالأمريكية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاءالقسري لعام 1994، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، والنظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

وقد حدد إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992 لأول مرة أن الاختفاء القسري يعدّ انتهاكاً لكرامة الإنسان، وأنه انتهاك جسيم لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية(المادة 1، فقرة 1). ونظراً لأن هذا الإعلان لا يتصف بطبيعة إلزامية، لذلك فأنه لا يتضمن آليات للرقابة على تطبيقه. وبخلافه إتصفتالاتفاقيةالأمريكية بشأنالاختفاء القسري للأشخاص لعام1994بأنها ذات طبيعة إلزامية، الا أنسريانها لايقتصر الا على عدد محدود من دول أمريكا اللاتينية(الاتفاقية الأمريكية).

ونظراً لأهمية إصدار اتفاقية دولية شاملة وملزمة من أجل التصدي لحالات الاختفاء القسري فقد وضعت لجنة تعزيز وحماية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عام 1998 أول مشروع للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تعديله في الجلسة (61) في 20 ديسمبر 2006، وباتت هذه الاتفاقيةسارية المفعول اعتباراً من 23 ديسمبر 2010، بعد التوقيع عليها من طرف عشرين دولة(الاتفاقية، 2006).

إن المواثيق الدوليةالتي أصدرتها منظمة الأمم المتحدة(الإعلان والاتفاقية) لا تحدد عناصر متماثلة لجريمة الاختفاء القسري، كما أن أياً منها لا يحتوي على تعريف دقيق لهذه الجريمة، هذا على الرغم من أن لجنة تعزيز وحماية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة هي التي اضطلعت بوضعها، ففي (الإعلان) جرى التأكيد علىالطبيعة المستمرة للاختفاء القسري، كونه يتخذ”صورة القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغماً عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر، على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون”(الديباجة، الإعلان، 1994)،في حين تضمنت (الاتفاقية) تعريفاً أكثر شمولية وعمومية بأنه “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”(الاتفاقية، 2006، المادة 2).

وفي رأي الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسريإن مفهوم الاختفاء القسري يتوجب أن يقوم على أساس ثلاثة عناصر، تنحصر فيما يأتي:

  • حرمان الشخص من حريته خلافاً لإرادته.
  • الجناة هم ممثلو الدولة أو أشخاص يقومون بذلك بناءً على إذن من الدولة أو بموافقتها.
  • الامتناع عن الإبلاغ عن مصير الضحية أو مكان وجودها(الفريق العامل، 2010، الفقرات 21-32).

وكما يلاحظ فأن العنصر الأول المعتمد لمفهوم الاختفاء القسري يمكن أن يتحقق بأية صورة من القبض أو الاحتجاز أو الاختطاف، وليس هناك أهمية لما يجري للضحية بعد حرمانها من حريتها، سواءً أتم احتجازها أم قتلها. الا أن العنصر الثاني يمكن أن يثير عدداً من الاختلافات في وجهات النظر، إذ أن الاختفاء القسري يمكن أن يتحقق أيضاً من طرف مجاميع أو أشخاص من دون إذن الدولة أو موافقتها. ونظراً لعدم إدراجهذلك فيه، فأن هذا أدى إلى صعوبة وضع صياغة تشريعية لجريمة الاختفاء القسري في التشريعات العقابية الوطنية، وبخاصة أن المفهوم المدرج للاختفاء القسري لا يعزل هذه الجريمة عن جرائم الحرمان غير القانوني من الحرية مثل الخطف أو الاحتجاز غير القانوني أو ما شابه التي تعاقب عليها أغلبية هذه التشريعات، ومنها على سبيل المثال: المواد (280-283، 288-290) من قانون العقوبات المصري رقم (58) لعام 1937، والمادتان (302، 303) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960، والمواد (421-425) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969.

الا أن النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 تضمن صياغة مختلفة لمفهوم الاختفاء القسري كونه عدّ (المنظمات السياسية) من ضمن فاعلي هذه الجريمة إلى جانب ممثلي الدولة أو الأشخاص الذين يرتكبوها بإذن منها أو بموافقتها، إذ عرّف الاختفاء القسري بأنه:”إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه. ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم، بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة”(النظام الأساس، 1998، المادة 7، فقرة 2 ط).

وعلى وفق النظام الأساس للمحكمة يعدّالاختفاء القسري إحدى الجرائم ضد الإنسانية، ومن ثم فقد اشترط لتحققه أن يرتكب في ظل الممارسة المنهجية والواسعة النطاق وضد مجموعة من المدنيين(النظام الأساس، 1998، المادة 7، فقرة 1). وقد بيّن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أوجه الاختلاف بين الاختفاء القسري الواحد والاختفاء القسري المنهجي والواسع النطاق، وبيًن الشروط المتوجب توافرها، والتي تجعل منه موضوعاً للتنظيم القانوني بموجب المادة (7) من النظام الأساس للمحكمة(الفريق العامل، التعليقات العامة، 2009،  الفقرة 39).

وتعدّالاتفاقيةالدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 الوثيقةالدولية الأولى والشاملة والالزامية التي حددت حق الإنسان المستقل والمطلق في عدم التعرض للاختفاء القسري، وقد عرفته في المادة (2) منها بأنه:”الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”. كما نصت الفقرة (2) من المادة (1) منها على الحظر المطلق له بأنه:”لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري”(الاتفاقية، 2006، المادتان 1، 2).

ومن أجل ضمان هذا الحق أوجبتالاتفاقيةعلى الدول الأطراف فيها عدداً من الالتزامات، وعلى رأسها: الالتزام باتخاذ التدابير للتحقيق في حالات الاختفاء القسري التي يرتكبها الأشخاص أو المجاميع ومساءلتهم عنها قضائياً، كما يتوجب على الدول الأطراف إتخاذ الإجراءات لتجريمالاختفاء القسري والعقاب عليه في تشريعاتها العقابية الوطنية(الاتفاقية، 2006، المواد 17-23).

إن اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 تعتمد عدة آليات من أجل التصدي لحالات الاختفاء القسري، وهي تتمثل في: التحريم والردع والرقابة على التنفيذ والعقاب. وقد أكدت كثير من نصوص الاتفاقيةعلى لزوم قيام الدول الأطراف بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري، وتحميل المذنبين المسؤولية الجزائية. كما وكُرس جزء كبير من نصوص الاتفاقيةلردع الاختفاء القسري، وذلك من خلال كفالة الحريات والحقوق في مرحلة القبض أو الاعتقال، وتحريم استخدام الأماكن السرية أو غير المعروفة للاحتجاز، وأهمية وضع سجل خاص للأشخاص المحتجزين.

ومن أهم ما نصت عليه الاتفاقيةتحديدها الموسع لمفهوم (الضحية)، التي عرفتها بأنها: “الشخص المختفي وكل شخص طبيعي لحق به ضرر مباشر من جراء هذا الاختفاء القسري”، فهذا المفهوم ينطبق كذلك على أفراد أسرة الضحية، الذين تلتزم الدولة إزاءهم بتجسيد (الحق في جبر الضرر والحصول على تعويض بشكل سريع ومنصف وملائم.). وحددت الاتفاقيةصور جبر الضرر على الوجه الآتي: تعويض الأضرار المادية والمعنوية، رد الحقوق، إعادة التأهيل، الترضية، وبضمنها رد الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته، ضمانات بعدم التكرار، وغيرها من الطرائق الأخرى لجبر الضرر(الاتفاقية، 2006، المادة 24، الفقرات 1، 4، 5).

وبموجب الاتفاقيةيعدّالاختفاء القسري جريمة مستمرة، طالما لم يجرِ تحديد مصير الضحية أو مكان وجودها(الاتفاقية، 2006، المادة 8، فقرة 1/ب). ويتصف تحديد الطبيعة المستمرة للجريمة بأهميته بالنسبة لتحديد الاختصاصين التحقيقي والقضائي في هذه الجريمة، وكذلك لتقدير النتائج السلبية المترتبة عليها ومقدار التعويض.

وتتضمن الاتفاقية آلية للرقابة على تنفيذها، وهي تتمثل اللجنة المعنية بالاختفاء القسري، التي تتمتع بصلاحيات واسعة، وذلك من خلال اضطلاعها بالمهام الآتية:

  • النظر في تقارير الدول الأطراف عن تنفيذ نصوصها.
  • النظر في الشكاوى الفردية.
  • النظر في بلاغات الدول عن انتهاك دول أخرى لالتزاماتها.
  • إبلاغ السكرتير العام للأمم المتحدة عن حالات الاختفاء القسري المنهجية والواسعة النطاق. كما ويجوز لها على أساس الشكاوى الفردية الإبلاغ كذلك عنها(الاتفاقية، 2006، المواد 26، 20، 30، 32-34، 36).

ويلاحظ أن التنظيم القانوني للتصدي لحالات الاختفاء القسري على صعيد القانون الدولي مازال يعاني من عدد من الثغرات، التي تتمثل أبرزها في :تعدد التعاريف المحددة لمفهوم الاختفاء القسري في المواثيق الدولية، وعدّ (المنظمات السياسية) من ضمن فاعلي الجريمة، ووجود القصور التشريعي في صياغة الاختفاء القسري بوصفه من الجرائم ضد الإنسانية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إشكاليات في وضع تعريف للاختفاء القسري لدى القيام بتجريم الاختفاء القسري في التشريعات العقابية الوطنية، مما يعوق في الوقت نفسه مواجهة هذه الجريمة على الصعيد الداخلي.

 

المبحث الثاني

تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان

من أولى القضايا وأبرزها التي طرحت على صعيد القانون الدولي فيما يتعلق بالاختفاء القسري، تلك التي نظرت فيها المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، وهي قضية (Velasquez Rodriguez)، التي تتلخص وقائعها بأن دولة (هندوراس) شهدت في المدة بين 1981 و1984 اختفاء ما بين 100-150 شخص دون العثور على أثر لهم. واتصفت الوقائع بتشابهها من حيث ارتكاب جرائم خطف المجنى عليهم في وضح النهار من طرف رجال مسلحين ومتنكرين بملابس مدنية، وفي سيارات مظللة من دون هوية رسمية أو بلوحات كاذبة، وفي رأي السكان أنها تمت من طرف أفراد الشرطة أو القوات المسلحة وتحت إشراف الحكومة في هندوراس. وكان (Velasquez Rodriguez) من ضمن المختطفين، فقد كان طالباً في الجامعة الوطنية المستقلة في هندوراس، وجرى اختطافه بتأريخ 12 سبتمبر 1981 في موقف للسيارات بوسط المدينة من طرف مجموعة مسلحة بملابس مدنية باستخدام سيارة (فورد بيضاء)، وبتوجيه من القوات المسلحة، ومن دون تقديم أي أمر بالقبض عليه أو أية وثائق تسوغ ذلك.وقد وجهت إليه تهمة ارتكاب جريمة سياسية، وتعرض خلال التحقيق للتعذيب الشديد، ونقل في 17 سبتمبر 1981 إلى قاعدة عسكرية، وهناك استمر تعذيبه، ومن ثم نقل إلى مكان آخر، واختفت بعد ذلك اخباره، ولم يعرف مصيره حتى عام 1986.

وأشارت المحكمة في قرارها المتخذ في القضية في 29 يوليو 1988 إلى أن دولة هندوراس لم تقدم أية أدلة مقنعة تفند عدم صحة هذه القضية أوأنها تخالف الواقع، كما رأت أنهندوراس خلال المدة بين عام 1981 ولغاية عام1984 شهدت حالات كثيرة للاختفاء القسري، وقضية (Rodriguez) هي واحدة منها، وخلال ذلك لم تعمل الدولة فيها على حماية حقوق الضحية، كما أعلنت في قرارها: إن جريمة الاختفاء القسري تعدّ جريمة مستمرة، إن هذه الجريمة تنتهك حلقة واسعة من حقوق الإنسان وحقوقه المثبتة في الاتفاقيةالأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969(الاتفاقية الأمريكية، 1969)، التي يتوجب على الدول الأطراف فيها احترامها وضمانهاVelasquez Rodriguez. Para.155)).

كما وأشارت المحكمة في قرارها إلى أن أي انتهاك من طرف أي من الدول الأطراف للحقوق التي كفلتها الاتفاقيةالأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 هو انتهاك لالتزاماتها التي نصت عليها المادة (1) منها بأن:”تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقيةبأن تحترم الحقوق والحريات المعترف بها في هذه الاتفاقيةوبأن تضمن لكل الأشخاص الخاضعين لولايتها القانونية الممارسة الحرة والكاملة لتلك الحقوق والحريات دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الآراء السياسية أو غير السياسية أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الوضع الاقتصادى، أو المولد أو أي وضع اجتماعي آخر”(Velasquez Rodriguez.Para.164).

وبرأي المحكمة أن الاختفاء القسري يؤدي إلى انتهاك أحكام المواد (7)، (4) ، (5) من الاتفاقيةالأمريكية لحقوق الإنسان، المتعلقة بالحق في الحرية الشخصية، والحق في الحياة (في حالات الإعدام من دون تحقيق أو محاكمة)، والحق في السلامة البدنية. وأن ذلك يشكل إنكاراً من طرف الدولة للقيم التي تنبع منها الكرامة البشرية، وكذلك أغلبية المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الأمريكي لحقوق الإنسان، وتستند إليها الاتفاقية. ويدلّ شيوع حالات الاختفاء القسري على إهمال الدولة لالتزاماتها بخصوص حماية حقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيةالأمريكية لحقوق الإنسان(Velasquez Rodriguez.Para.158).

كما أوضحت المحكمة أن الدولة الطرف يمكنها عن طريق ارتكاب الاختفاء القسري ان تنتهك حقوق الإنسان، سواءً من خلال الفعل أم الامتناع عن الفعل، ويتحقق الامتناع عن الفعل بعدم إيلاء الدولة العناية المتطلبة لتجنب حصول الانتهاك (Velasquez Rodriguez.Para.172).

وتفترض المحكمة تعرض المختفين قسرياً للتعذيب، وذلك عندما يرتبط الاختفاء القسري بممارسته بصورة منتظمة على صعيد الدولة، وكذلك عندما لا تقوم الدولة بإجراء التحقيق المطلوب في حالات الاختفاء القسري، فمن ذلك يستنتج أن الضحايا تعرضوا للترهيب والشعور بأنه ليس هناك من يدافع عنهم، مما يعني أنهم تعرضوا لمعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة لكرامة الإنسان(Velasquez Rodriguez.Para.156).

وأكدت المحكمة أيضاً على أن الدول الأطراف ملزمة بإجراء التحقيق الفعال في أي انتهاك للحقوق التي كفلتها الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والمعاقبة عليه، وتعويض الضحية عن الأضرار المترتبة نتيجة انتهاك حقوقها(Velasquez Rodriguez.Para.166). ويعني عدم قيامها بذلك عدم إيفائها بالتزاماتها فيما يتعلق بضمان حقوق المواطنين. وهذا المبدأ يؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة لسماح الدولة لفرد أو مجموعة أفراد بانتهاك الحقوق التي كفلتها الاتفاقية، بصورة حرة ومن دون العقاب عليه(Velasquez Rodriguez.Para.176).كما ويتوجب على الدول الأطراف أن تتخذ الإجراءات  الكفيلة بردع انتهاكات حقوق الإنسان، وأن تستخدم الوسائل المتاحة لديها لاجراء تحقيقات جدية في الانتهاكات المرتكبة من أجل التوصل إلى معرفة مرتكبيها ومعاقبتهم ودفع التعويضات المتناسبة معها للضحايا(Velasquez Rodriguez.Para.174).

وأكدت المحكمة على إن واقعة انتهاك حقوق الإنسان تتحقق في حالة عدم اضطلاع الدولة بالتزاماتها في إتخاذ التدابير الوقائية، كما أن الدولة لا تكون قد وفت بالتزاماتها بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري عند عدم التوصل فيه إلى نتيجة إيجابية(Velasquez Rodriguez.Para.175, 171).وتعدّ الموافقة الصامتة للدولة عنصراً حاسماً في مساءلتها عن حالات الاختفاء القسري ، كما وتدّل على أنها سمحت بحصول انتهاك الحقوق، ولم تتخذ الإجراءات  الكفيلة بالتصدي له ومعاقبة مرتكبيه(Velasquez Rodriguez.Para.173).

وبهذه الصورة، يكتسب قرار المحكمة الأمريكية في هذه القضية، الذي أدانت فيه دولة هندوراس، أهمية كبيرة على صعيد تطبيقات المحاكم فيما يتعلق بقضايا حماية حقوق الإنسان عامة، وجرائمالاختفاء القسري خاصة، لاسيما وأنه يؤكد على إلزام الدولة بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري حتى الوصول إلى مكان وجود المجنى عليه أو تسليم جثمانه إلى أسرته. ويتوجب على الدولة، في حالة عدم توفر الإمكانية لمساءلة الفاعل المباشر للاختفاء القسري، أن تبلغ ذوي المجنى عليه عن مصيره، وفي حالة وفاته الابلاغ عن مكان وجود جثمانه(Velasquez Rodriguez. Para.181).

وقد أكدت المحكمة الامريكية لحقوق الإنسان في قراراتها اللاحقة على الطبيعة المستمرة للاختفاء القسري، فالجريمة تبقى مستمرة حتى التوصل الفعلي إلى تحديد مصير الضحية ومكان وجودها، وفي حالة تعرض الشخص المفقود للإعدام خارج نطاق القضاء، كما في حالة العثور على بقاياه أو أشيائه الشخصية، فهو يعدّ مفقوداً حتى تحديد مكان وجوده أو تحديد شخصيته من خلال بقاياه(La .Cantuta.Para.114).

كما أكدت المحكمة في قراراتها على عدّ حظر الاختفاء القسري والتزامات الدولة بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري والعقاب عليها من ضمن القواعد القانونية ذات الطبيعة الالزامية (Jous Coges)، وعلى أن عدم وفاء الدولة بالتزاماتها يشكل انتهاكاً لأحكام الاتفاقيةالأمريكية لحقوق الإنسان(Goiburu and Others. Para.84).

ولعبت قضية (Blake) دوراً مهماً في تطوير تطبيقات هذه المحكمة في التصدي لجريمة الاختفاء القسري، كما وباتت سابقة قضائية معتمدة فيالمحاكمات اللاحقة المماثلة. ففي هذه القضية جرى الاختفاء القسري للضحية قبل أن تعترف الدولة المدعى عليها بالاختصاص القضائي للمحكمة، وبقي مكان اختفاء الضحية مجهولاً بعد مدة من اعتراف الدولة المعنية بهذا الاختصاص. وقد ارتبطت هذه القضية باختطاف قوات الأمن الوطني في غواتيمالا للصحفي الأمريكي (نيكولايس بليكا) المقيم في غواتيمالا، واختفائه ومن ثم قتله. وقد حصل الخطف والقتل في عام 1985، الا أنه عدّ مفقوداً لأكثر من سبع سنوات، أي حتى عام 1992. وقد طرحت هذه القضية على المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان في عام 1995، الا أن حكومة غواتيمالا اعترضت على ذلك بحجة إن المحكمة لا يمكنها النظر في هذه القضية لأن الخطف والقتل قد حصلا في عام 1985، في حين أن غواتيمالا لم تعترف بالولاية القضائية للمحكمة الا في عام 1987 فقط. الا أن المحكمة ردت على ذلك بأن موت المجنى عليه قد حصل بالفعل في عام 1985، وفي هذا العام توقف احتجازه القسري، والمحكمة لا يمكن أن تنظر في ذلك. الا أن حرمان المجنى عليه من حريته وموته مرتبطان باختفائه القسري، الذي إمتد إلى عام 1992، عندما عرف ذووه بمصيره ومكان وجوده(Blake. 1996).

وقد استندت المحكمة في قرارها هذا، المتخذ في 2 يوليو 1996، إلى المادة (17) فقرة (1) من إعلان الأمم المتحدة الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992، التي تنص:”يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة مستمرة باستمرار مرتكبيها في التكتم على مصير ضحية الاختفاء ومكان إخفائه، وما دامت هذه الوقائع قد ظلت من دون توضيح”(الإعلان، 1996)،وكذلك إلىالمادة (3) فقرة (1) من الاتفاقيةالأمريكية بشأن الاختفاء القسري للأشخاص لعام 1994، التي تنص:”تتعهد الدول الأطراف باتخاذ الإجراءات التشريعية – طبقاًلإجراءاتها الدستورية – التي قد تكون لازمة لبيان أن الاختفاء القسري جريمة، وفرض العقوبة التي تتناسب مع خطورتها الشديدة، وتعتبر هذه الجريمة مستمرة أو دائمة طالما لم يتم تحديد مصير أو مكان الضحية(الأمريكية، 1994).وأشارت المحكمة في قرارها أيضاً إلى أنه على الرغم من أن هاتين الإتفاقيتين ليستا نافذتين بالنسبة لغواتيمالا، الا أنهما تجسدان مبادئ القانون الدولي ذات الصلة بالقضية المنظورة من قبلها.

وفي ضوء قرار المحكمة يلاحظ أنها أكدت فيه على الطبيعةالمستمرة لجريمة الاختفاء القسري، وأنها تبقى مستمرة حتى الكشف عن مصير المجنى عليه أو مكان وجوده، واستناداً إلى ذلك فأن المحكمة رفضت اعتراض غواتيمالا فيما يتعلق بولايتها القضائية. كما كان لهذا القرار أهمية خاصة بالنسبة للدول الأمريكية الأخرى، كونه طرح إمكانية النظر قضائياً في حالات الاختفاء القسري التي شهدتها هذه الدول في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، هذا إضافة إلىأنه بات أساساً للقرارات القضائية اللاحقة المتخذة والتي أسهمت في تطوير التشريعات الجنائية وتطبيقات المحاكم الجنائية الوطنية في قضايا الاختفاء القسري والتصدي له وتعويض الضحايا.

وقد أولت المحكمة في قراراتها العناية لمسألة التعويضات عن الضرر المسبب لضحايا الاختفاء القسري، سواءً أكان بدنياً أم عقلياً، أم مادياً، إذ أيدت في قرارها في قضية (Barrios Altos) ضد البيرو في 14 مارس  2001 الاتفاقيةالمبرمة بين البيرو وضحايا الاختفاء القسري، التيبموجبها التزمت الدولة بتوفير عدد من الضمانات والامتيازات لتعويض الأضرار البدنية والعقلية المترتبة على حالات الاختفاء القسري(Barrios Altos. 2001).

وأشارت المحكمة في قرارها إلى أنه يتوجب على الدولة،إلى جانب التعويضات المالية، تحقيق التعويضات الأخرى المتمثلة بجبر الضرر ورد الاعتبار وضمان عدم التكرار، هذا إضافة إلى كفالة التحقيق في الأحداث التي أدت إلى الاختفاء القسري، ومساءلة المذنبين عنه، والكشف عن مكان المجنى عليهم، ومطابقة بقاياهم، واعادتها إلى ذويهم، وتقديم المساعدة الطبية والنفسية للضحايا ولذويهم، وإقامة الدورات التدريبية بخصوص حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في القوات المسلحة والمؤسسات العقابية، وتقديم الدولة الاعتذار الرسمي والعلني وإعلان مسؤوليتها في نطاق القانون الدولي، وإقامة النصب التذكارية لرد الاعتبار للضحايا(Barrios Altos. Para 41).

وأكدت المحكمة في قراراتها اللاحقة على أن قرارات العفو والأوامر والتدابير الرامية إلى استبعاد المسؤولية الجزائية عن الجناة لا تعدّ مقبولة، لأنها تعوق إجراء التحقيق ومعاقبة الأشخاص المسؤولين على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، من قبيل الاختفاء القسري. وهذا يعدّ من ضمن الالتزامات النابعة من قواعد القانون الدولي التي لا يمكن التراجع عنها.كما ويجب على الدولة المدعى عليهاأن تتخذ التدابير القضائية التي تكفل حماية المدعي وذويه وممثليه والشهود(Gelman. Para. 238, 253-254, 39).

وأشارت المحكمة في قراراتها إلى أن التعويضات المقدمة يمكن أن تكون فردية أو جماعية، كما أجازتالجمع بينها، مع عدم استبعاد أحدها الآخر، وذلك لاختلاف الغايات من كل منها. وأوضحتأن التعويض الجماعي، بالاختلاف عن التعويض الفردي، هو تعويض الضرر المسبب للمجتمع عامة، ويمكن تحقيقه من خلال الاعتذار العلني عمّا حصل، وإقامة النصب التذكارية لضحايا الاختفاء القسري، إلى غير ذلك.(Moiwana. Para. 194, 202)

وقد بيّنت المحكمة في عدد من قراراتها إن الاختفاء القسري على اختلاف حالاته يتصف بالصفات العامة الآتية:

  • الحرمان من الحرية.
  • المشاركة المباشرة لموظفي الدولة في ارتكاب الجريمة أو موافقتهم الصامتة على ارتكابها.
  • إنكار واقعة الحرمان من الحرية أو الامتناع عن الكشف عن مصير الضحية أو مكان وجودها(Gómez Palomin. Para.97, Heliodoro Portugal. Para.110) .

كما اعتمدت المحكمة في إدانتها لعدد من الدول الأمريكية عن حالاتالاختفاء القسري بمدى تأثير عدم الكشف عن مصير الضحية والمذنبين في اختفائها في الضحية نفسها وكذلك في أسرتها والمجتمع عموماً، ففي قرارها المتخذ في 2 مايو 2010 في قضية (Gonzalez Medina) ضد جمهورية الدومينيكان أوضحت المحكمة إن أفراد الأمن الوطني اختطفوا المجنى عليه في 26 مايو 1994 ومنذئذ لم تتلقَ عنه أسرته أية أخبار، الا أن شهوداً ذكروا أنهمشاهدوه في عدد من مراكز الشرطة بصحبة أفراد من الأجهزة  الأمنية، ومن ثم إنقطعت أخباره بشكل نهائي. وعندما بدأت أسرته بالبحث عنه أنكر موظفو الدولة الذين تم الاتصال بهم أن يكون المجنى عليه لدى الدولة، هذا على الرغم من أنه شوهد في المرة الأخيرة في إحدى المستشفيات الحكومية. وبذلك لم تقدم الدولة أية تفسيرات مقنعة عن علاقتها بمصير المجنى عليه أو باختفائه القسري. ورأت المحكمة أنها طالما تقوم بالنظر في قضية المذكور، ولكونه مجهول المصير، ولا يعرف مكان وجوده، فهذا يعني أن عناصر جريمة الاختفاء القسري تعدّ متوافرة، ومن ثم فأنه قد أصبح ضحية للاختفاء القسري.(Gonzalez Medina. Para.111-116)

وقد أولت المحكمة عناية خاصة في عدد من قراراتها الأخرى للمسائل المرتبطة بالنساءعلى وجه التحديد، ولاسيما فيما يتعلق بمسألة تعويضهن في حالات الاختفاء القسري.(Gonzales and Others. 2009)

 

المبحث الثالث

تطبيقات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان

تكتسب تطبيقات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في القضايا المتعلقة بحالات الاختفاء القسري أهمية خاصة على صعيد التصدي لها أو فيما يتعلق بإجراءات النظر فيها، ونبيّنالتوجهات العامة لتجربتها ولمنهجية عملها على الوجه الآتي:

من خلال دراسة القرارات الصادرة عن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بخصوص حالات الاختفاء القسري يلاحظ إنها استندت في النظر فيها، في المرتبة الأولى،إلى الاتفاقيةالأوربية لحقوقالإنسان لعام 1950، واعتمدت على تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان على وجه الخصوص، ولاسيما في قراراتها المتخذة في القضايا الآتية:

(Case of Velásquez-Rodríguez v. Honduras، Case of Loayza-Tamayo v. Peru، Case of Cantoral-Benavides v. Peru، Case of Barrios Altos v. Peru، Case of Bulacio v. Argentina، Case of Godinez-Cruz v. Honduras، Case of the Serrano-Cruz Sisters v. El Salvado(References, 2016(.

وبيّنت المحكمة الأوربية في عدد من قراراتها(Cyprus. Para.130)أن البلاغات المتعلقة بالانتهاكات القانونية يجب ان تقدم إليها(المحكمة) في مدة أقصاها ستة شهور تسري من تأريخ إتخاذ القرار في الانتهاك القانوني، وذلك تجسيداً لأحكام المادة (35) فقرة (1) من الاتفاقيةالأوربية لحقوق الإنسان لعام1950، التي تنص: ” لا يجــوز التمــاس المحكمــة إلا بعد اســتنفاد ســبل الانتصاف الوطنية، طبقاً لمبــادئ القانون الدولي المتعــارف عليها عموماً، وفي غضون ستة أشهر من تاريخ صدور القرار الوطني النهائي”(الاتفاقيةـ 1950).الا أن هذه القاعدة في رأي المحكمة لا تسري بالنسبة لحالات الاختفاء القسري التي تتصف بطبيعتها المستمرة، ومن هنا أكدت على أن التزامات الدولة بالتحقيق تبقى سارية طالما بقي مكان وجود الضحية ومصيره مجهولين.وهذا السريان لا يتوقف الا بانتهاء الانتهاك، ومن ثم يمكن أن يبتدأ احتساب مدة الشهور الستة((Varnava and Others. 2009, .Para.186, 159)

وفي الوقت نفسه فأن البلاغات التي تقدم استناداً إلى الطبيعة المستمرة للاختفاء القسري يمكن أن ترفض، ذلك إن البلاغات يجب ألّاتـتأخر إلى ما لانهاية، وفي حالة حصول تأخير في تقديمها فأن ذلك يجب أن يقوم على مسوغات تستدعي ذلك. ومع ذلك فأن المحكمة تستثني من هذه القاعدة تلك الحالات المرتبطة بالنزاعات الدولية، ومن ذلك ترى المحكمة في قضية (Varnava and Others v. Turkey)أن بمستطاع الضحايا تقديم بلاغاتهم بعد عدة سنوات من حصول الانتهاكات عند توفر الإمكانية لذلك على الصعيد الوطني.الا أن تقديم البلاغ بعد انقضاء أكثر من عشر سنوات على الانتهاك القانوني يتطلب توضيح المسوغات التي استدعت مثل هذا التأخير، ولاسيما عندماتتوافر الامكانيات للجوء إلى أجهزة التحقيق الوطنية المختصة. ومن ثم فقد قررت في هذه القضية أن الظروف الدولية والوطنية أعاقت تقديم البلاغ، لذلك فأن تقديمه يعدّ مقبولاً وضمن المدة القانونية(Varnava and Others. Para.166).

وقد أكدت المحكمة عام 2012 لدى نظرها في عدد من القضايا المتعلقة بحالات الاختفاء القسري التيحصلت في التسعينيات في جنوب شرق تركياعلى عقلانية مدة العشر سنوات المحددة لتقديم البلاغات في هذه الجريمة(Er and Others. Para.60).

وتستند المحكمة الأوربية عند النظر في قضايا الاختفاء القسري وتكييف حالات الاختفاء القسري إلى الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950، وبخاصة المواد المتعلقة بحماية الحق في الحياة (المادة 2)، وحظر التعذيب (المادة 3)، والحق في الحرية والأمن (المادة 5)، والحق في حماية الحياة الشخصية والعائلية (المادة 8)، والحق في الانتصاف الفعال (المادة 13).

وتفترض المحكمة الأوربية انتهاك الحق في الحياة (المادة 2) في حالة مشاهدة الضحية في آخر مرة حياً، وفي ظل ظروف تشكل خطراً على حياته، وكذلك عند تقديم الدولة لتوضيحات غير مقنعة عما حدث له، أو عن مصيره أو عن مكان وجوده(Bazorkina, Para.110-112). ويتوجب على الدولة، في حالة التحقيق الذي تتمخض نتائجه عن عدم الكشف عن جثمان الضحية أو عندما تشير الأدلة إلى فرضية موتها، أن تكشف عن المذنبين وتحملهم المسؤولية(Varnava and Others.Para. 144-145) .

وأشارت المحكمة في عدد من القضايا إلى مسألة انتهاك الدولة لالتزاماتها النابعة من نص المادة الثانية من الاتفاقيةالمتعلقةبإتخاذ الإجراءات  الفعالة من أجل حماية حق الشخص المختفي في الحياة(Osmanoglu. Para.72).ففي قضية (اليونان ضد تركيا) أشارت المحكمة إلى تحققالانتهاك المستمر لنص المادة الثانية من الاتفاقيةلأن السلطات التركية لم تجرِ التحقيق الفعال فيما يتعلق بتحديد مكان المفقودين ومصائرهم، الذين اختفوا في ظل ظروف تشكل خطراً على حياتهم. كما وأكدت المحكمة على تحقق الانتهاك المستمر أيضاً لنص المادة الخامسة من الاتفاقية الخاصة بالحق في الحرية والأمن، وقيمت انتفاء ردود فعل هذه السلطات إزاء قلق ذوي المفقودين بأنه يدلّعلى المعاملة غير الإنسانية لذوي الضحايا ومن ثم انتهاك نص المادة الثالثة من الاتفاقيةفيما يتعلق بحقوقهم. وفي القضية نفسها قررت المحكمة بأن تقوم تركيا بمنح ذوي الأشخاص المفقودين تعويضاً قدرة ثلاثين مليون ليرة عن الضرر غير المادي الذي تسببت فيه بحقهم.(Cyprus. 2001, 2014)

وفي قضايا الاختفاء القسري المتعلقة بالبوسنة والهرسك بيّنت المحكمة أن الإجراءات بخصوصها طالت من الناحية الزمنية بالنظر لوجود النواقص في إجراءات التحقيق، مما أدى بدوره إلى التأخير في مساءلة المذنبين. كما رأت المحكمة أن عدداً من القضايا لا يقوم على أسس كافية، فعلى الرغم من المطالبات الدولية بمساءلة البوسنة والهرسك عن عدم الإيفاء بالتزاماتهما، ألا ان المحكمة رأت أنهما فعلا كل ما يتوجب عليهما القيام به. وفي رأيها أن البوسنة والهرسك في ظل الظروف الاستثنائية قبل عام 2005 كان من غير العقلاني أن تقوما بتحقيق فعال، لكنهما تمكنا من القيام بذلك فيما بعد، وأن كان ذلك يشكل الحد الأدنى مما يتوجب إتخاذه آنذاك(Palic. Para.70, Fazlic and Others. 2014).

وفي رأي المحكمة أن التزامات الدولة في الجانب القانوني الإجرائي النابع من أحكام المادة الثانية من الاتفاقيةفيما يتعلق بموت الضحايا في حالات الاختفاء القسري التي حصلت قبل سريان ولاية المحكمة تبقى قائمة حتى قيامها بالإجراءات المتعلقة بالكشف عن ظروف هذه القضايا وإيقاع المسؤولية على المذنبين فيها.(Silih. Para.175-160)كما حددت أن اختصاصها يسري على انتهاك الدولة لهذه الالتزامات، سواءً بالقيام بها أم عدم القيام بها بعد تأريخ نفاذ الاتفاقيةبالنسبة لها، الا أنه في الأحوال كافة لا يجب أن يمتد ذلك إلى أكثر من عشر سنوات، الا إذا كانت القيم والمصالح الأساسية التي تحميها الاتفاقيةتتطلب استثناءً من ذلك(Janowiec and Others. 2012).

كما وأشارت المحكمة إلى إن إصدار قرارات العفو لا يتوافق في نطاق القانون الدوليمع التزامات الدولة بالتحقيق في الجرائم وإحالتها إلى المحاكم ، ومن ثم فأن قرارات العفو فيما يتعلق بالاختفاء القسري للمواطنين المدنيين تتعارض مع التزامات الدولة بموجب المادتين الثانية والثالثة من الاتفاقية، كونها تعوق التحقيق في هذه الجرائم، وتؤدي إلى إفلات المذنبين من العقاب(Margus. Para.126-127) .

الا أنها أشارت أيضاً إلى أن قرارات العفو يمكن أن تطبق في بعض الحالات الاستثنائية، كما في مسار عملية المصالحة المجتمعية أو بالتزامن مع تعويض الضحايا، الا أن هذا يجب أن يرتبط بظروف كل حالة على حدة بالاستنادإلى الموقف من إجراءات العفو في نطاق القانون الدولي(Margus. Para.139).

وبخصوص الانتهاك المزعوم للمادة الثالثة من الاتفاقيةفيما يتعلق بتعرض الضحية في الاختفاء القسري للتعذيب طالبت المحكمة مقدمي الشكاوى بإثبات تعرض المجنى عليه للتعذيب، وبما لا يقبل الشك في ذلك، ولا يكون على سبيل الافتراض(Zaurbekova and Zaubekova. Para.91-92) . الا أن الإثبات يمكن تحقيقه إنطلاقاً من الاستنتاجات المقنعة والكافية، وكذلك الوقائع الدامغة.(Ireland. Para.161)

ومقارنة بالمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان فأن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان لا تعترف بتحقق (الانتهاك التلقائي) لأحكام المادة الثالثة من الاتفاقيةالمتعلقة بحظر التعذيب بالنسبة للمختفي(Alikhadzhiyeva. Para.78)، وفي رأي المحكمة أن اعتقال الضحية بمعزل عن العالم الخارجي يتساوى مع المعاملة اللاإنسانية والمهينة للكرامة، وذلك ارتباطاً بالمعاناة والخوف المسببين للضحية(Al-Masr., Para.202-204, Aslakhanova and Others. Para.142) .

وغالباً ما تطالب المحكمة الدولة المعنية بنسخة من ملف الدعوى الجزائية بخصوص حالات الاختفاء القسري، الا أنها ترى أن تعاون سلطات الدول في ذلك مازال غير مقنع، مما يدلّ على عدم إيفاء الدول بالتزاماتها بضمان الشروط الضرورية للنظر في الشكاوى، وهذا يعدّ انتهاكاً لأحكام المادة (38) من الاتفاقية.

ويختلف موقف المحكمة من الحقوق التي يتمتع بها الضحايا، وذلك انطلاقاً من مواد الاتفاقيةالأوربية لحقوق الإنسان التي يجري تطبيقها على حالات الاختفاء القسري، فإذا جرى تطييق المادة الثانية الخاصة بكفالة الحق بالحياة، يعّد المقربون المباشرون من المجنى عليه من ضحايا الانتهاك، ولهم الحق في تقديم البلاغات المتعلقة بموت الضحية(Yaşa, Para.100) . ويتحدد المركز القانوني للضحايا بالاستناد إلى علاقاتالقرابة في المقام الأول، وهم عادة: الوالدان، الزوجان، الأولاد، الأخوان والأخوات، الأجداد والجدات، الأحفاد. كما ينطبق ذلك علىأقارب الزوجين، الذين يمكن أن يعدّوا من الضحايا في حالة عدم اعتراض السلطات الحكومية المعنية على ذلك.(Isayeva. Para.202, Estamirov. Para.131)

وفي حالة تطبيق المادة الثالثة من الاتفاقيةالأوربية الخاصة بالحماية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة لكرامة الإنسان، فأن المحكمة تنظر في مسألة القرابة ارتباطاً بتعويض الضرر المعنوي على وجه الخصوص. ويلاحظ تباين مواقف المحكمة فيما يتعلق بهذه المسألة، إذ يعدّ من ذوي الأشخاص المختفين أولئك الأشخاص الذين انتُهكت بحقهم أحكام المادة الثالثة من الاتفاقية، وبشكل رئيس نتيجة ردود فعل السلطات وتعاملها معهم حال علمهم بالجريمة المرتكبة. وتعود المحكمة في تقديرها لوجود مثل هذا الانتهاك إلى طبيعة الروابط الأسرية الوثيقة والعلاقات الخاصة، وكيف كان هؤلاء الأقارب شهوداً على الأحداث المأساوية؟ ومدى مساهمة كل فرد في الأسرة في محاولة الحصول على المعلومات بخصوص المفقودين(Janowiec and Others. Para.151, Cakici. Para.98)

وفي بعض الحالات رأت المحكمة أنالمعاناة النفسية للأقارب (الأطفال)الذين ولدوا بعد حصول الاختفاء القسري تكون خارج نطاق تطبيق أحكام المادة الثالثة من الاتفاقية، وذلك بصرف النظر عما بذلوه من جهود لمعرفة مصير الأشخاص المختفين ومكان وجودهم، وكذلك عن نوع اللامبالاة التي أبدتها سلطات الدولة.(Janowiec and Others, Para.154) الا أنها في حالات أخرى رأت العكس تماماً(Sasita Israilova. Para.122, Abayeva and Others. Para.114).

إن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان لا تقوم كقاعدة بأيةزيارات إلى الدول المشتكى عليها الا في حالات نادرة. ففي البلاغات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري، التي تتضمن تسبيباً كافياً تستعين المحكمة بسلطات الدولة للقيام بالتحقيق وجمع الأدلة ومساءلة المذنبين، لذلك يتوجب على المشتكي أن يسبب شكواه محدداً أن الأشخاص المختفين هم تحت سلطات الدولة، في حين يتوجب على سلطات الدولة إثبات العكس، وذلك بتقديم الوثائق التي لا يمكن الا لهذه السلطات الوصول إليها، أو تقديم توضيحات مقنعة وكافية للأحداث محل الشكوى(AZIYEVY. Para.74, Khutsayev. Para.104) .وفي عدد من القضايا اعتمدت المحكمة على المشتكين أنفسهم في وصف حالات الاختفاء القسري، كما في القضايا ضد تركيا(Akkum and Others. Para. 211, Toğcu, Para.95, Varnava and Others. Para.184) .

وعلى الرغم من أن الحق في معرفة الحقيقة قد كفلته الفقرة (2) من المادة (24) من اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، ولم تنص عليه الاتفاقيةالأوربية لحقوق الإنسان، الا أن المحكمة الأوربية مع ذلك تلتزم بذلك. وينبع هذا الموقف من نص المادة الثانية من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، المتعلقة بحماية الحق في الحياة، فهذا النص يضع على عاتق الدول الأطراف فيها التزامات بسن التشريعات اللازمة لحماية حياة الإنسان. والهدف من ذلك ليس حماية حياة الإنسان فحسب، بل وكذلك ضمان مساءلة الأشخاص المذنبين في الانتهاكات الجسيمة لهذا الحق.

ويعدّ عدم القيام بالتحقيق الفعال في حالات الاختفاء القسري انتهاكاً آخر للاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، مما يشكل الأساس الذي تقوم عليه الشكاوى المقدمة إلى المحكمة. وفي ضوء قرارات المحكمة الأوربية يستند التحقيق الفعال إلى عدد من الضوابط، ومن أهمها: الاستقلالية، في الوقت المناسبأوفي حينه، السرعة، الرقابة الاجتماعية اللازمة. ويعدّ التحقيق فعالاً عند ضمان الكشف عن ظروف الموت، والكشف عن المذنبين ومعاقبتهم. كما ويبقى التزام الدولة بالتحقيق الفعال مستمراً حتى الكشف عن مصير الشخص المختفي. وفي الوقت تفسه، فأن التدابير التي تتخذها الدولة في بعض الأحيان بجمع بقايا المجنى عليهم وفحص هويتهم ونقلها وما شابه ذلك، لا تعني تنفيذها لالتزاماتها، إذ أن العثور على الجثة أو إثبات الوفاة يمكن أن يلقيا الضوء على جانب لا غير مما حصل (Varnava and Others. Para. 191, 186, 145).

وغالباً ما تؤكد المحكمة الأوربية في قراراتها على أهمية التزام الدولة بالتحقيق الفعال في حالات الاختفاء القسري، ففي قضية (Tahsin Acar v. Turkey) أبدت تركيا أسفها على ما تعرضت له الضحية، والتزمت بدفع تعويض مالي كبير إلى ذويها، الا أن المحكمة قررت أنه:”في حالات الاختفاء القسري المتضمنة أدلة دامغة والتي لا يحدد فيها المذنبون وتجري فيها الدولة تحقيقاً لا يتوافق مع المعايير الدنيا التي تنص عليها الاتفاقية، فأن الاعلان إحادي الجانب بالمسؤولية يجب أن يتضمن كذلك الالتزام بالتحقيق الذي يتوافق بشكل كامل مع الاتفاقية،والذي حددته القرارات السابقة للمحكمة في القضايا المماثلة”(Tahsin Acar. Para. 84) .

وتعتمد المحكمة في قراراتها في حالات الاختفاء القسري موقفاً عاماً بالنسبة لتحديد التعويض عن الضرر المترتب، وهي تعتمد صيغة (التعويض العادل) لتعويض ضحايا الاختفاء القسري عن الضرر المادي أو المعنوي على حد سواء. وفي قضايا الاختفاء القسري غالباً ما يطالب الضحايا بأن تقوم الدولة بالإعلان عن مصير الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم، لكن المحكمة تمتنع عادة عن مطالبة الدولة بذلك، على اعتبار أن الدولة حرة في اختيار الوسائل الملاءمة لتنفيذ قراراتها. الا أن عدداً من قرارات المحكمة يتضمن مطالبة الدولة المعنية بالتحقيق الفعال والتفصيلي في حالات الاختفاء القسري المزعومة، وكذلك بتعويض الضرر المسبب للضحايا.(Varnava, Para.2-3, 5-7)

وتعدّ قضية (Aslakhanova and Others v. Russia) من القضايا المهمة في قضايا التعويض في حالات الاختفاء القسري، التي أشارت فيها المحكمة إلى حلقة واسعة من الإجراءات  التي يتوجب على الدولة القيام بها من أجل أن يكون التحقيق فعالاً. ففي رأي المحكمة إن عدم إجراء التحقيق في حالات الاختفاءالقسري في شمال القفقاس يرتبط بأسباب ذات طبيعة تنظيمية على الصعيد الوطني، مما أدى إلى عدم وجود وسائل فعالة للحماية القانونية. وفي رأي المحكمة أن إجراءات التعويض ارتباطاً بالانعدام المنظم للتحقيق في حالات الاختفاء القسري تتوزع على نوعين: الأول يرتبط بمعاناة ذوي الضحايا، والثاني يتعلق بعدم فعالية التحقيق الجنائي وعدم عقاب المذنبين. وبيّنت في قرارها الإجراءات المتوجب القيام بها، إذ أشارت إلى تعدد أجهزة الدولة المعنية بالتحقيق، مما يتطلب تأسيس جهاز أعلى للتحقيق في حالات الاختفاء القسري، على أن يتمتع بصلاحية الوصول إلى المعلومات الضروروية كافة بخصوصها، وأن تقوم علاقته مع الضحايا على أساس الثقة المتبادلة.(Aslakhanova and Others, Para.21, 225)

وترى المحكمة بخصوص مسألة تسليم المجرمين أن حالة القلق الدائم وعدم اليقين التي تتصف بها الضحية عند الاعتقال عند التسليم الاستثنائي تفوق مثيلاتها من حالات الاختفاء القسري، وذلك بصرف النظر عن حدودهما الزمنية(Al-Masri.Para.240).وفي رأي المحكمة أن للضحية التي تتعرض مباشرة للاختفاء القسري، ولذويها، وكذلك للرأي العام، الحق في الحصول على كل المعلومات الموثوقة بخصوص حالات الاختفاء القسري التي حصلت(Al-Masri. Para.191, Al-Nashiri. Para.495).

وفي بعض القضايا المتعلقة بالخطف والاختفاء القسري التي حصلت في روسيا وتم فيها نقل الضحايا إلى تاجكستان واوزبكستان قررت المحكمة أن روسيا قامت بعدة انتهاكات لأحكام الاتفاقية التي تقوم المحكمة بالرقابة على تنفيذها. وفي رأي المحكمة أن مقدمي الشكاوى لا يمكن أن يتعرضوا للاختطاف والاختفاء، ومن ثم النقل قسراً من أراضي روسيا إلى دول أخرى من دون علم السلطات فيها أو مشاركتها الفاعلة بذلك. كما أشارت إلى انتهاك المادة الثالثة من الاتفاقيةارتباطاً بأن الدولة لم تقدم الحماية اللازمة للمشتكين من التهديد بالتعذيب أو الأنواع الأخرى من المعاملةالقاسية، كما أنها لم تقم بالتحقيق الفعال في حالات الخطف والاختفاء(Garabayev. 2008).

 

الخاتمة

توصلنا من خلال دراسة موضوع البحث إلى عدد من الاستنتاجات والتوصيات التي تتلخص أبرزها فيما يأتي:

أولاً: الاستنتاجات:

  • تمخضت الجهود الدولية للتصدي للاختفاء القسري عن وضع عدة آليات قانونية دولية، وهي تنحصر في إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992، والاتفاقية الأمريكية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1994، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، والنظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.
  • تعدّ الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 الوثيقة الدولية الأولى والشاملة والالزامية التي حددت حق الإنسان المستقل والمطلق في عدم التعرض للاختفاء القسري، وقد عرفته في المادة (2) منها بأنه: “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”.
  • يعدّ الاختفاء القسري على وفق النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية إحدى الجرائم ضد الإنسانية، ومن ثم فقد اشتُرط لتحققه أن يرتكب في ظل الممارسة المنهجية والواسعة النطاق وضد مجموعة من المدنيين.
  • إن اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 تعتمد عدة آليات من أجل التصدي لحالات الاختفاء القسري، وهي تتمثل في: التحريم، والردع، والرقابة على التنفيذ، والعقاب. وقد أكدت على لزوم قيام الدول الأطراف بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري، وتحميل المذنبين المسؤولية الجزائية. وكذلك ردع الاختفاء القسري، وذلك من خلال كفالة الحريات والحقوق في مرحلة القبض أو الاعتقال، وتحريم استخدام الأماكن السرية أو غير المعروفة للاحتجاز، ووضع سجل خاص للأشخاص المحتجزين.
  • تكتسب تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان في القضايا المتعلقة بحالات الاختفاء القسري أهمية خاصة على صعيد التصدي لها أو فيما يتعلق بإجراءات النظر فيها، كما أن هذه التطبيقات باتت من المصادر الأساس التي تعتمدها المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان لدى نظرها في قضايا الاختفاء القسري.
  • تضمنت تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان المبادئ العامة الرئيسة لتحديد مفهوم الاختفاء القسري وخصائصه الأساسية ووسائل التصدي له، وحماية حقوق الضحايا فيه وتعويضهم.

ثانياً: التوصيات:

  • نجدد التوصية إلى المشرع العراقي بسرعة إصدار التشريعات المناهضة لجريمة الاختفاء القسري الشائعة في العراق، مع الاستناد في ذلك إلى المواثيق الدولية ذات الصلة، وبخاصة اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006.
  • نوصي باعتماد تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، ومثلها تطبيقات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، في تجريم الاختفاء القسري في التشريعات العقابية الوطنية، وذلك لكونها تضمنت تحديد الأسس المعتمدة في توصيف جريمة الاختفاء القسري.
  • نوصي بدراسة تطبيقات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسانوتطبيقات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، واستخلاص المبادئ الرئيسة فيها من أجل اعتمادها لدى النظر في القضايا المتعلقة بالاختفاء القسري أمام المحاكم الجنائية الوطنية.

 

قائمة المصادر

أولاً: الإعلانات والاتفاقيات الدولية:

  • إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992.
  • اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006.

ثانياً: الوثائق الدولية:

  • قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (33/ 173) في 20 ديسمبر 1978.
  • قرار لجنة حقوق الانسان رقم (20/ د 36) في 29 فبراير 1980.
  • تقرير لجنة حقوق الإنسان في 21 نوفمبر 1979 عن حقوق الإنسان في تشيلي.
  • تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، التعليقـات العامـة بشـأن الاختفاء القـسري بـوصفه جريمـة ضد الإنسانية/ 21 ديسمبر 2009.
  • تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، (أفضل الممارسات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري في التشريعات الجنائية المحلية)، 28 ديسمبر 2010.
  • تقرير العراق عن حالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، 25 يوليو 2014، (CED/C/IRQ/1).
  • تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، 30 يوليو 2019.
  • تقارير لجنة المفقودين في قبرص (http://www.cmp-cyprus.org/).

ثالثاً: الاتفاقيات الإقليمية:

  • الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950.
  • الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969.
  • الاتفاقية الأمريكية بشأن الاختفاء القسري للأشخاص لعام 1994.

رابعاً: نظم المحاكم الجنائية الدولية:

  • النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

خامساً: القوانين:

  • قانون العقوبات المصري رقم (58) لعام 1937.
  • قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960.
  • قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969.

سادساً: القرارات القضائية:

  • قرارات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان:
  • Case of Velásquez Rodríguez v. Honduras. Judgment of July 29, 1988.
  • Case ofBlake v. Guntemala. Judgment of July 2, 1996.
  • Case of Barrios Altos v. Peru. Judgment March 14, 2001.
  • Case of the Moiwana Community v. Suriname. Judgment of June 15, 2005.
  • Case of Gómez Palomino v. Peru. Judgment of November 22, 2005.
  • Case of Goiburu and Others v.Paraguay. Judgment of September 22, 2006.
  • Case of La Cantuta v.Peru.Judgment of November 2006.
  • Case of Heliodoro Portugal v. Panama. Judgment of August 12, 2008.
  • Case of Gonzales and Others (Campo Algodonero) v. Mexico.Judgment of November 16, 2009.
  • Case of Gelman v. Uruguay. . Judgment of February 24, 2011.
  • Case of Gonzalez Medina and family v. Dominican Republic.Judgment of February 27, 2012.
  • قرارات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان:
  • Case of Ireland v.United Kingdom. Judgment, 18 January 1978.
  • Case ofYaşa v. Turkey. Judgment of 2 September 1998.
  • Case of Cakici v. Turkey, Judgment of 8 April 1999.
  • Case of Tahsin Acar v. Turkey . Judgment of 06 May 2003.
  • Case ofIsayeva v. Russia. Judgment of 24 February 2005.
  • Case of Akkum and Others v. Turkey. Judgment of 24 March 2005.
  • Case of Toğcu v. Turkey. Judgment of 31 May 2005.
  • Case of Bazorkina v. Russia.Judgment 27 July 2006.
  • Case of Estamirov and Others v. Russia. Judgment of 12 October 2006.
  • Case of Alikhadzhiyeva v.Russia. Judgment of 5 July 2007.
  • Case of Osmanoglu v. Turkey, Judgment of 24 January 2008.
  • Case ofGarabayev v. Russia.Judgment of 30 January 2008
  • Case of AZIYEVY v. RUSSIA. Judgment of 20 March 2008.
  • Case ofZaurbekova and Zaubekova v. RUSSIA.Judgment, 22 januari, 2009.
  • Case ofSilih v. Slovenia. Judgment of 9 April 2009.
  • Case of Varnava and Others v. Turkey. Judgment of 18 September 2009.
  • Case ofAbayeva and Others v. Russia. Judgment of 8 April 2010.
  • Case of Khutsayev and Others v. Russia. Judgment of 27 May 2010.
  • Case ofSasita Israilova and Others v. Russia. Judgment of 28 October 2010.
  • Case ofJanowiec and Others v.Russia.Judgment of 16 April 2012
  • Case of Er and Others v. Turkey. Judgment of 31 Jule 2012.
  • Case of Al-Masri v.The Former Yugoslav Republic of Macedonia.Judgment of 13 December 2012.
  • Case of Aslakhanova and Others v.Russia.Judgment of 18 December 2012.
  • Case of Cyprus v. Turkey, Judgment of 10 Mai, 2001, Judgment of 12 Mai
  • Case of Marcus v. Croatia, Judgment of 27 Mei, 2014.
  • Case of Fazlic and Others v. Bosnia and Herzegovina. Judgment of 3 Juni, 2014.
  • Case of Al-Nashiri v.Poland.Judgment of 24 Juli,2014.
  • Case ofPalic v. Bosnia and Herzegovina.Judgment of 15 February 2015.

سابعاً: وثائق منوعة:

ثامناً: المصادر الألكترونية:

  • قرارات وأحكام المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، متاح علىالرابط الألكتروني:

https://www.corteidh.or.cr/casos_sentencias.cfm?lang=en

  • قرارات وأحكام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، متاح على الرابط الألكتروني:

https://hudoc.exec.coe.int/eng#{%22EXECDocumentTypeCollection%22:[%22CEC%22]}

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *