نوفمبر 23, 2024 3:09 ص
3

إعداد: هيام سامي الزعبي

باحثة وطالبة دكتوراه في الاقتصاد والمصارف الإسلامية – جامعة اليرموك\ الأردن

إيميل: heyam.2009@live.com

موبايل: 00692799459346

الملخص

التنمية الاقتصادية من أهم القضايا التي تسعى لتحقيقها جميع المجتمعات لضمان استمرارية التطور والتقدم حيث يتم ذلك من خلال زيادة الدخل القومي الحقيقي وزيادة الإنتاجية والتكوين الرأسمالي وزيادة دخل الفرد، وتعتمد التنمية الاقتصادية بالدرجة الأولى على الجهود الاقتصادية المحلية المجتمعية لتحقيق جميع أهدافها، ومن هنا يبرز دور الموارد البشرية سواء الرجل أو المرأة.

وتُعد المرأة من أهم الأطراف المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية ولها دور فعال في المجتمع وهي المسؤولة عن نواة المجتمع (الأسرة) فهي مسؤولة عن مؤسسة الأسرة التنموية المنتجة للعناصر البشرية والداعمة لها، وهي التي تنشأ الأجيال التي تخرج للمجتمع وتمارس أنشطتها في كافة المجالات التي تهدف بنهاية إلى تنمية اقتصادية شاملة.

وجاء الإسلام ليؤكد على دور المرأة في عمليات التنمية الاقتصادية فأعطاها الأهلية الاقتصادية الكاملة واعترف برشدها الاقتصادي، وأشركها في عمليات التنمية الشاملة من خلال اشراكها في العملية الإنتاجية (كنصر بشري)، ومن خلال مشروعية الملكية (ملكيتها لرأس المال)، وضمن الإسلام للمرأة العدالة الاقتصادية من خلال معايير التوزيع الاقتصادية (الدخل والثروة)، وجاءت الدراسة للإجابة عن السؤال الرئيس: هل للمرأة دور في التنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلامي؟

وتظهر أهمية الدراسة من انها تؤشر للدور الذي يمكن للمرأة أن تُسهم من خلاله في عمليات التنمية الاقتصادية.

الكلمات المفتاحية: المرأة، التنمية الاقتصادية، الاقتصاد الإسلامي

“The role of women in economic development from the perspective of the Islamic economy”

Heyam Sami Al Zoubi

Researcher and PhD student in Islamic Economics and Banking

Yarmouk University – Jordan

Abstract

Economic development is one of the most important issues that all societies seek to achieve to ensure continuity of development and progress, as this is done through increasing real national income, increasing real national income, increasing productivity, capital formation and increasing per capita income. Economic development depends primarily on local community economic efforts to achieve all its objectives, hence highlighting the role of human resources, both men and women.

The government’s policy of promoting women’s participation in the labour market is a major concern for women and men.

Islam emphasized the role of women in economic development processes, gave them full economic capacity, recognized their economic rationality, and engaged them in comprehensive development processes through their involvement in the productive process (as a human victory), through the legitimacy of ownership (ownership of capital), and within Islam for women economic justice through economic distribution criteria (income and wealth).

The study came to answer the main question: Do women have a role in economic development from the perspective of Islamic economics?

The importance of the study shows that it indicates the role through which women can contribute to the processes of economic development.

Keywords: Woman, Economic development, Islamic Economy

المقدمة

إن الإسلام هو النظام الأكمل الذي أنصف المرأة وضمن لها حقوقاً إنسانية واقتصادية واجتماعية لم تتوافر لها في غيره، فساواها بالرجل بالقيمة الإنسانية وفي التمتع بكافة حقوقها المدنية والسياسية كحقها في الحياة الحرة الكريمة وحقها في التمتع بالحريات العامة حيثُ رُفعت مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي، وخلق الله سبحانه وتعالى الرجل والمرأة وأناط بكل منهما دوراً أساسياً للقيام بمهمة الاستخلاف على هذه الأرض وأعمارها بما يتلاءم  وطبيعة الفطرة التي خُلق عليها، ومن هنا جاءت الأحكام الشرعية والآداب العامة موضحة دور كل من الرجل والمرأة مؤكدة أهمية المسؤوليات المُناطة على عاتقهما على حد سواء.

والمرأة عنصر رئيسي لإعادة انتاج القيم والمبادئ الأساسية للمجتمع وللأمة بأسرها سواء من خلال دورها كأم أو من خلال ادوارها العامة ومشاركتها في المجتمع، فهي مدخل مهم للتغيير والإصلاح والبناء وطاقة عقلية هائلة يمكن أن تُسهم بدور عظيم في عمليات التنمية للمجتمعات المسلمة وذلك بحكم قيامها على عملية التنشئة الاجتماعية الاولى ودورها الكبير في البناء الاسري والاجتماعي.

والتنمية الاقتصادية من أهم القضايا التي تسعى لتحقيقها جميع المجتمعات لضمان استمرارية التطور والتقدم حيث يتم ذلك من خلال زيادة الدخل القومي الحقيقي وزيادة الانتاجية والتكوين الرأسمالي وزيادة دخل الفرد، وتعتمد التنمية الاقتصادية بالدرجة الأولى على الجهود الاقتصادية المحلية المجتمعية لتحقيق جميع أهدافها ومن هنا يبرز دور الموارد البشرية سواء الرجل أو المرأة وتُعد المرأة من أهم الاطراف المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية ولها دور فعال في المجتمع.

والتنمية الاقتصادية في الإسلام تبدأ ذاتيا وذلك من خلال تربية الإنسان ليقوم بالدور المنوط به، فجوهر التنمية هو تنمية الإنسان نفسه وليس مجرد تنمية الموارد الاقتصادية المتاحة لإشباع حاجاته فهي تنمية أخلاقية تهدف إلى تكوين الإنسان، ومن هنا جاء الإسلام ليؤكد على دور المرأة في عمليات التنمية الاقتصادية فأعطاها الأهلية الاقتصادية الكاملة واعترف برشدها الاقتصادي، وأشركها في عمليات التنمية الشاملة من خلال اشراكها في العملية الانتاجية (كعنصر بشري) ومن خلال مشروعية الملكية (ملكيتهالرأس المال) وضمن الإسلام للمرأة العدالة الاقتصادية من خلال معايير التوزيع الاقتصادية (الدخل والثروة)، وإدماج المرأة في الساحة الاقتصادية يُعد مؤشرا لنمو وتنوع امكانيات المتاحة كما أنه انعكاس لتمكين المرأة.

مشكلة الدراسة

تكمن مشكلة الدراسة من خلالالإجابة على السؤال الرئيس الآتي:

  • هل للمرأة دور في التنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلامي؟

ويتفرع عنه عدة أسئلة:

  1. ما مكانة المرأة في المجتمعات المختلفة؟
  2. ما الحقوق الاقتصاديةللمرأة في الإسلام؟
  3. ما دور المرأة في التنمية الاقتصادية؟
  4. كيف للمرأة المشاركة في عمليات التنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلامي؟

أهمية الدراسة

تكمن أهمية الدراسة من خلال:

  1. تبرز الدراسة أهمية المرأة في المجتمعات وخاصة المجتمع المسلم.
  2. تؤشر الدراسة للدور الذي يمكن للمرأة أن تُسهم من خلاله في عمليات التنمية الاقتصادية.

أهداف الدراسة

تظهر أهداف الدراسة من خلال:

  1. التعرف على مكانة المرأة في المجتمعات.
  2. التعرف على الحقوق الاقتصادية للمرأة في الإسلام.
  3. بيان دور المرأة في عمليات التنمية الاقتصادية.
  4. بيان وسائل مشاركة المرأة في عمليات التنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلامي.

الدراسات السابقة

وردت الكثير من الدراسات حول قضايا التنمية ومنها التنمية الاقتصادية، ودراسات تحدثت عن قضايا المرأة بشكل عام، ولم تجد الباحثة دراسات تجمع بين دور المرأة والتنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلامي، ووجدت الباحثة دراستان حول التنمية والمرأة وهما:

  • دراسة سريه، 2002م، بعنوان”دور المرأة في تنمية المجتمع”، تناولت الدراسة مكانة المرأة ودورها في تنمية المجتمع المصري القديم، ومشاركة المرأة في العمل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وأوصت الدراسة بمساعدة المرأة على تحقيق استقلالها الاقتصادي والتعاون مع أجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني.
  • دراسة العلواني، 2007م، بعنوان “دور المرأة المسلمة في التنمية  دراسة عبر المسار التاريخي”، تناولت الدراسة دور المرأة في التنمية في عصر الرسالة والتشريع وعصور الخلافة والعصر الحديث مع تقديم رؤية مستقبلية في التنمية للمرحلة القادمة، وأوصت الدراسة بضرورة الإفادة من مختلف الوسائل والإمكانيات بهدف نشر ثقافة الوعي بموقع المرأة وتفعيل دورها في مسيرة التنمية الفكرية والثقافية والاجتماعية.

منهج الدراسة

تقوم الدراسة على تناول الموضوع من خلال المنهج الوصفي التحليلي، بالحصول على المعلومات الخاصة بموضوع البحث من مصادرها، ثم تحليلها للتوصل إلى نتائج البحث.

مخطط الدراسة

تتكون الدراسة من مقدمة وتشمل مشكلة الدراسة، أهمية الدراسة، أهداف الدراسة، الدراسات السابقة، منهج الدراسة.

وتتكون من مبحثين:

المبحث الأول: مكانة المرأة، ويتكون من ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مكانة المرأة في المجتمعات.

المطلب الثاني: مكانة المرأة في الإسلام.

المطلب الثالث: الحقوق الاقتصادية للمرأة في الإسلام.

المبحث الثاني: دور المرأة في التنمية الاقتصادية، ويتكون من ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التنمية الاقتصادية

المطلب الثاني:دور المرأة في الحياة الاقتصادية إسلامياً

المطلب الثالث: وسائل مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلام

المبحث الأول: مكانة المرأة

المطلب الأول: مكانة المرأة في المجتمعات غير الإسلامية

المرأة تُعامل في المجتمعات غير الإسلامية معاملة تختلف عنها في المجتمع الإسلامي وخاصةً في الحضارات القديمة، فكانت المرأة مسلوبة الإرادة وليس لها قيمة ولا كرامة وفيما يلي عرض لمكانة المرأة في بعض الحضارات والمجتمعات:

  • لم يكن للمرأة قيمة ولا كرامة في أوروبا ولا يحسب لها حساب وكانت تعيش حياة قاسية بسبب العادات والتقاليد التي كانت سائدة.
  • عند اليونان كانت تباع وتشترى وهي مجرد رجس من عمل الشيطان وخادمة بسيطة في بيت الرجل وليس لها مهمة سوى قضاء حاجات الرجل الجنسية، ويحق للرجل أن يهديها أو يوصي بمتعتها لمن يشاء.(بحر العلوم، 1986م، ص36)
  • الرومان يعتبرون المرأة أداة إغواء يستخدمها الشيطان لإفساد القلوب ولذلك كان يفرض عليها عقوبات بدنية قاسية، وكانت تعامل معاملة الرقيق فالأب يبيعها لزوجها وللزوج حق في قتلها، ولا يحق للمرأة عند اليونان التملك.(النوبي، 2015م)
  • أما عند السومريون كانت تمتع المرأة بصلتها القوية بالهيكل والمعبد وكان يصرن خليلات أو سراري للآلهة وكان يطلق عليهن (عاهرات المعبد)، وبالنسبة لعلاقتها بزوجها فهو المسيطر ويحق له تقديمها للدائن بدلاً لدينه اذا لم يتمكن من سداد دينه.(بحر العلوم، 1986م، ص38)
  • في شريعة حمورابي (حضارة بابل) لها حقوق على الرجل منها الحرية في التصرف بما تملك ولها أن ترث وتورث وحق التعليم والعمل وممارسة التجارة، وللزوج حق بالزواج من امرأة ثانية إذا أصيبت زوجته بمرض لا شفاء منه.(بحر العلوم، ص40)
  • العبريون تباع مثل الرقيق وتحرم من الإرث بوجود الولد ولا تقبل في الوظائف الدينية ولا تقبل شهادتها.
  • الهنود المرأة عندهم رمز للوباء والموت والجحيم، والنار خير منها وتُعد حطاماً تحرق على قيد الحياة على قبر زوجها. (النوبي،2015م)
  • وعند الفرس تعاني من الاضطهاد والاحتقار في البيت ويحق للرجل إذا غضب منها أن يحكم عليها بالإعدام أو السجن مدى الحياة. (بحر العلوم، ص43)
  • أما النصارى تنظر إليها الكنيسة نظرة احتقار ويلقى عليها حمل الرذيلة وأنها غير طاهرة.
  • فرنسا تعتبر المرأة أنها ليست إنسان ولا حيوان لكنها في مرتبة أقل من الإنسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل. النوبي
  • أما انجلترا تعامل المرأة بالإهانة والدليل على ذلك أن الملك هنري الثامن أصدر أمر بتحريم ومنع النساء من مطالعة الكتاب المقدس.
  • وفي الجاهلية لم يكن للمرأة قيمة ولا كرامة ورمز للبؤس والعار وتعتبر ولادتها نكبة كبرى وحادث أليم في حياة والدها، وكانوا يقتلونها خشية الفقر والعار ويقولون أن الإناث بنات الله، وكانت تحرم من الميراث والتملك وليس لها حق في اختيار الزوج، وأجازوا الجمع بين الأختين والولد يتزوج زوجة أبيه بعد وفاة أبيه، ومشهور عندهم عدة أشكال للزواج منها: (زواج الشغار، المشاركة، نكاح البدل، زواج بالميراث، زواج بالشراء، نكاح الاستصناع)، والطلاق بدون قيود وأيضاً الظهار.

المطلب الثاني: مكانة المرأة في الإسلام

حرر الإسلام المرأة من العبودية وصحح نظرة المجتمع للمرأة فهي كائن إنساني له روح إنسانية كالرجل وهي نواة البشرية، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” (سورة النساء: آية 1)،وقال تعالى في سورة الحجرات: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” (سورة الحجرات: آية 2)

واعترف بأهليتها وحقها في العبادة وقابليتها للفوز برضا الله تعالى ودخول الجنة أن أحسنت كالرجل تماماً، فهي مخاطبة بالعبادات الإسلامية وفي الصلاة والوضوء والحج وغيها من الفروض والعبادات فلم يفرق الإسلام بينها وبين الرجل.(بحر العلوم، ص70)

وأعطاها حق الكسب والملكية وحرية التصرف بما تملك قال تعالى: “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا”(سورة النساء: آية 32) ، ولم يفرق الإسلام بين أهلية الرجل والمرأة في التصرفات المالية كالبيع والإقالة والسلم والصرف والإجارة والرهن والوكالة والكفالة وغيرها من المعاملات.

وعلى غير ما كان سائداً في المجتمعات الأخرى فقد حارب الإسلام التشاؤم بها والحزن لولادتها قال تعالى:”وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ”(سورة النحل: آية 58-59)، وحرم وأد البنات قال تعالى: “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ”(سورة التكوير: آية 8-9)، كما أمر الإسلام بإكرام المرأة سواء كانت بنتاً أو زوجةً أو أماً، وأمر بتعليمها ورغب فيه وأعطاها حقها في الميراث ووضع احكام الزواج والطلاق لما يحقق العدالة للطرفين. (جردات، 2000م، ص25)

وعلى المستوى الدولي في العصر الحديث صدرت منظمة الأمم المتحدة (اليونسكو) اتفاقيات ومواثيق دولية خاصة بالمرأة منها: حقوق المراة(أبو يحيى، 2011م)

  1. اتفاقية خاصة بحقوق المرأة السياسية عام 1954م.
  2. اتفاقية خاصة بجنسية المراة عام 1958م.
  3. اتفاقية خاصة بالسن الأدنى للزواج والرضا وتسجيل الزواج عام 1962م.
  4. اتفاقية حقوق الطفل عام 1990م.
  5. اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة عام 1981م.
  6. اتفاقية خاصة بمساواة العمال والعاملات في الاجر عام 1952م.

نرى أن القانون الدولي متفق مع الإسلام باحترام المرأة وحماية كرامتها، والعدل والمساواة ولكن القانون الدولي جعل المساواة مطلقة بينما الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق المعنوية وعدل بينهما في الحقوق المادية، وحقها في العمل ضمن ضوابط شرعية.

المطلب الثالث: الحقوق الاقتصادية للمرأة في الإسلام

أولاً: العمل

من أهم حقوق المرأة الاقتصادية في الإسلام حقها في العمل ويُعد من أهم مصادر اكتساب الدخول لذلك اهتم به الإسلام وحض عليه، ونهى عن التكاسل والبطالة الاختيارية والرجل او المرأة مطالبون بالعمل والسعي، قال تعالى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”(سورة النحل: آية 97)

وجعل الإسلام ضوابط لعمل المرأة منها:

  1. الحاجة، عن عائشة رضي الله عنها عن رسول صلى الله عليه وسلم قال: “قد أُذن أن تخرجن في حاجتكن” (البخاري، 2013م، ص41)
  2. الحشمة، قال تعالى: “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”(سورة النور: آية 31)
  3. العفة وهي عدم اختلاط النساء بالرجال بغير حاجة أو بشكل يؤدي إلى الفساد. (ابراهيم، 2013م، ص194)
  4. التناسب بمعنى مناسبة عمل المرأة لإمكانياتها وظروفها.
  5. أن يكون العمل مشروع وغير محرم وهذا مبدأ من مبادئ الاقتصاد الإسلامي.

مجالات عمل المرأة

قد تشارك المرأة في الجهاد كما في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة رضوان الله عليهم، وعملت طبيبة وممرضة وإمامة مسجد النساء، وقد تعمل كوزيرة وتمارس العمل التجاري والصناعي والزراعي وغيرها من المهن المشروعة.

ثانياً: الملكية

من حقوق المرأة الاقتصادية حقها في اكتساب الأموال وتملكها وإنفاقها والتصرف فيها وفق الضوابط الشرعية وفي الأمور المشروعة، ويعتبر حق الملكية من مصادر اكتساب الدخول عندما يستثمر المالك أمواله في مجالات الكسب التجاري أو الصناعي أو الزراعي، فحق الملكية يعطي المالك الحق في اكتساب الأموال وتنميتها وإنفاقها وهبتها. (ابراهيم، ص203)

ومن الأمثلة على ملكية المرأة في الإسلام وتصرفها بما تملك:

  • ملكية مشروع تجاري: السيدة خديجة رضي الله عنها كانت تملك مشروع تجاري وتستخدم فيه العمال.
  • ملكية مشروع زراعي: عند تقسيم أراضي خيبر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خيرهن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين الأرض وبين الثمار فاختارت عائشة رضي الله عنها الأرض أي الاستثمار العقاري الزراعي.
  • ملكية المشروع الحرفي: امرأة تملك مشروع حرفي وهو النجارة زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت تستخدم العمال أيضاً، عن سهل رضي الله عنه قال: بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى امرأة “مري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أجلس عليهن”(البخاري، ص97)
  • ملكية مشروع تربية المواشي: كانت زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم تمتلك مشروعاً لتربية المواشي وتستخدم فيه الرعاة من الرجال.

إذاً الإسلام كفل للمرأة حقها في اكتساب الأموال وتملكها واستثمارها بكافة الطرق المشروعة ولم يحرمها من ممارسة هذه الأنشطة.

ثالثاً: الميراث

أعطى الإسلام المرأة حقها في الميراث قال تعالى:”لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا” (سورة النساء: آية 7)

وأسباب الإرث النكاح، قال تعالى: “وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ” (سورة النساء: آية 12)، ومن الأسباب أيضاً النسب أي القرابة الحقيقية وهي كل صلة سببها الولادة.

ولميراث المرأة في الإسلام أحكام شرعية منها: (الكعكي، 2001م، ص152)

  1. تحصين المرأة من الحاجة.
  2. امتداد المال المركز في تفتيته وتوزيعة على المستحقين.
  3. يدور المال حتى يصل إلى زوج المرأة وذلك يتسع امتداد الثروات الكبيرة والصغيرة.

المبحث الثاني: دور المرأة في التنمية الاقتصادية

المطلب الأول: التنمية الاقتصادية

أولاً: مفهوم التنمية الاقتصادية

تُعرف بأنها: “عملية يزداد بواسطتها الدخل القومي الحقيقي للاقتصاد خلال فترة زمنية طويلة، وإذا كان معدل التنمية أكبر من معدل نمو السكان فإن متوسط دخل الفرد الحقيقي سيرتفع”(ماير، وبولدوين، 1965م، ص18-19)

مما يؤكد استمرارية حركية عملية التنمية على مدى فترة زمنية طويلة مما ينعكس على رفع الدخل القومي الحقيقي.(عبد الواحد، 1993م)

والمقصود بعملية أي تفاعل بين مجموعة قوى خلال فترة زمنية طويلة ينتج عنها تغيرات جوهرية في متغيرات معينة في الاقتصاد القومي وتختلف تفاصيلها باختلاف الزمان والمكان، وقد تكون التغيرات أساسية في عرض عوامل الانتاج، أو تغيرات في هيكل الطلب على المنتجات.(عقل، 1992م، ص206)

وتُعرف التنمية الاقتصادية في الاقتصاد الإسلامي بأنها: “عملية تفاعل بين الدولة والقطاع الخاص يستهدف إجراء تغييرات في البنيان الاقتصادي الاجتماعي على نحو يؤدي إلى تصحيح الهياكل الاقتصادية ويضمن عدالة توزيع الدخول والثروات بين أفراد المجتمع وفق عقيدة الاستخلاف”(ربابعة، 2007م، ص7)

ومفهوم التنمية الاقتصادية يتطلب التركيز على زيادة الناتج القومي من السلع والخدمات عموماً إلا أنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار رغبات المستهلكين العاديين والتغيرات التي تطرأ على النموذج الاستهلاكي نتيجة لتغير أذواقهم خلال الفترة الزمنية المحددة.(شرايحة، 1969م، ص67)

ثانياً: أهداف التنمية الاقتصادية

  1. زيادة الدخل القومي الذي يتمثل بالسلع والخدمات التي تنتجها الموارد الاقتصادية المختلفة خلال فترة زمنية معينة.
  2. رفع مستوى المعيشة لأفراد المجتمع.
  3. تقليل التفاوت في الدخول والثروات.
  4. تعديل التركيب النسبي للاقتصاد.

ثالثاً: مصادر تمويل التنمية

من أهم مصادر تمويل التنمية المدخرات الوطنية الاختيارية أي ما يدخره الأفراد اختياراً من دخولهم وما تدخره المشروعات من أرباحها، والقروض العامة والإصدار النقدي الجديد يوجه نحو الإنفاق على مشروعات التنمية دون أن يكون لها قوة شرائية جديدة مقابل موجود في الاقتصاد من السلع والخدمات مما يؤدي إلى التضخم الذي يعتبر عائق أمام التنمية وهروب رؤوس الأموال للخارج.(بكري، 1988م، ص96-97)

أن التنمية المستقرة والناجحة لا تعتمد على رأس المال الأجنبي فلا بد من الاعتماد على الموارد المحلية ورأس المال الأجنبي مكمل لها وقد يتخذ شكل استثمار خاص أو منح قروض طويلة الأجل، ويمكن أن يكون لتكامل الاقتصادي والتعاون الدولي فائدة من خلال الاستفادة من مزايا وفورات الحجم الكبير وتوفير الموارد الطبيعية والمالية والبشرية وتحقيق وفر في رؤوس الأموال المستخدمة ويعتبر التكامل الاقتصادي عامل تحريض لزيادة معدلات الاستثمار.

رابعاً: محددات وعناصر التنمية الاقتصادية(الرداوي، 1985، ص271-286)

  • الموارد البشرية
  • الموارد الطبيعية
  • رأس المال
  • التكنولوجيا والتقدم التقني
  • زيادة نفقات البنية التحتية.

المطلب الثاني: دور المرأة في الحياة الاقتصادية إسلامياً

أولاً: الحرية الاقتصادية

حرية الأفراد سواء كانوا منتجين أو مستهلكين أو في صورة العمل نفسه إلا ان هذه الحرية ليست مطلقة في الإسلام، فالمنتج حر في انتاج ما يشاء ولكن في حدود الضوابط الموضوعة على الإنتاج واستخدام عوامل الإنتاج، والمستهلك حر في استهلاك ما يشاء على أن لا يخرج بذلك عن الحدود الموضوعة على الإنفاق والتي تتمثل في حد الإسراف والتبذير والبخل، والعامل يعمل ما يشاء من أعمال لا يخرج عن نطاق وقواعد الشريعة.

والمرأة كمستهلكة يجب عليها الاعتدال فالإنفاق في جميع الحاجات الضرورية والحاجية والتحسينية والاعتدال مسألة اعتبارية تختلف باختلاف الدخل وبمستويات الطبقة التي تنتمي إليها المرأة، والمرأة كمنتجة يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاج وتحسينه وخلق فرص عمل جديدة وبصفة خاصة بالنسبة لعمالة المرأة وبالتالي إلى تقدم المجتمع ونموه.(معربة، 1999م، 70-76)

ثانياً: مساهمة المرأة في الحياة الاقتصادية

المرأة لها دور فعال في الحياة الاقتصادية وخاصةً أن الإسلام أعطاها حقوقها الاقتصادية (الملكية والعمل والميراث) فهي تمارس عملها وبالتالي هي عنصر منتج وهي مالكة لعناصر الإنتاج من خلال العمل والميراث وأعطاها الإسلام حرية التصرف وإنفاق أموالها سواء بغرض البيع أو الإيجار أو عن طريق التصدق والهبة، حيث تتمتع المرأة في ظل الإسلام بشخصية قانونية مستقلة عن الرجل سواء جانبها المتعلق بأهلية الوجوب أوأهلية الأداء، وتمتعت بحقوق اقتصادية داخل الأسرة فقوامة وقيادة الأسرة للرجل والمرأة لها حق بإدارة شؤون الأسرة الداخلية من الناحية الاجتماعية والمالية ومنحها حقوق مالية تساعدها على حسن إدارتها للأسرة وكلف الزوج بها كحقها في المهر والنفقة والميراث.(ابراهيم، ص220)

ولكي تقوم المرأة بدورها في الحياة الاقتصادية يجب أن تكون مؤهلة لذلك من خلال التعليم فلا بد من التركيز على تعليم المرأة وتثقيفها وتوعيتها وإعدادها يعمل على بعث العادات السليمة كالادخار وتنمية دخلها عن طريق رفع مستوى إنتاج الأسرة، وبالإضافة لتعليم يجب التركيز على دور المراكز الإرشادية وتثقيفية تنمية المعارف والمهارات في عدة مجالات بهدف المشاركة في العمل الاقتصادي(معربة، 43)

المطلب الثالث: وسائل مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية من منظور الاقتصاد الإسلامي

التنمية الاقتصادية في الإسلام تبدأ ذاتياً وذلك من خلال تربية الإنسان ليقوم بالدور المنوط به فجوهر التنمية هو تنمية الإنسان نفسه وليس مجرد الموارد الاقتصادية المتاحة لإشباع حاجاته فهي تنمية أخلاقية تهدف إلى تكوين الإنسان.

والتنمية الاقتصادية ليست عملاً دنيوياً محضاً يهدف إلى مجرد تحسين مستوى دخل أفراد المجتمع أو توفير حد الكفاف أو إشباع حاجاتهم الأساسية وإنما تنمية البيئة المحيطة به اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً لِتمكن الإنسان من القيام بهذه المسؤوليات المنوطة به، والمرأة عنصر فعال في التنمية الاقتصادية والإسلام بتشريعاته الحكيمة ونصوصه المتضافرة أكد هذا الدور وقدم كافة التسهيلات التي تمكن المرأة من القيام بدورها التنموي، ومن هنا أقر الإسلام للمرأة الوسائل المشروعة التي تحقق لها الوصول إلى الموارد الاقتصادية الممكنة لتأدية دورها التنموي الاقتصادي.(العلواني، 2007م، ص78)

إذا من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية يجب وضع برامج وخطط على أساس بناء المجتمع والتأكيد على ضرورة الاستفادة من الجهود الذاتية والمشاركة في المجالس والوحدات المحلية والمشاركة بالجمعيات التعاونية.

ومن أهم الوسائل المشروعة التي يمكن للمرأة اتباعها للمشاركة في عملية التنمية الاقتصادية المشاريع الصغيرة فهي تلعب دور كبير في مواجهة مشكلة البطالة، حيث تتميز باستخدامها فنون إنتاجية بسيطة نسبياً تتميز بارتفاع كثافة العمل وتعمل على خلق فرص عمل تمتص جزءاً من البطالة وتعمل أيضاً على الحد من الطلب المتزايد على الوظائف الحكومية، كما توفر المشروعات الصغيرة فرص عمل لبعض الفئات وخاصةً النساء فأكثر أفكار المشاريع الصغيرة من النساء وأثبتت نجاحها وتميزها في هذاالمضمار، وقطاع المشاريع الصغيرة مكانة متميزة ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.

ومن خلال استغلال أوقات الفراغ لأفراد الأسرة تبدأ المشروعات الصغيرة المنزلية والتي تتولى إدارتها المرأة مثل الحياكة والتطريز والأشغال اليدوية وصناعة اللبن والجبن، والمرأة أيضاً تتمتع بموقع هام في عملية التسويق لهذه المنتجات مما يساعد على تنمية الأسرة والمجتمع.(سرية، 2002، ص45)

وتعتبر المشروعات الصغيرة وسيلة ناجحة لتعبئة المدخرات الصغيرة وإعادة ضخها في صورة استثمارات وتعتبر الركيزة الأساسية التي تعمل من خلالها القطاع الخاص في الدول العربية وبالتالي مساندة هذه المشروعات يعتبر دعم للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ومن أهم دعائم النهوض الوطني بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والتي تعتبر من أبرز المشاكل التي تواجه الدول مثل البطالة ودورها في التكامل مع المشروعات الكبيرة، كما أنها تعتبر مصدر للأمن الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وتعطي فرصة للمرأة أن تصبح قوة فاعلة فيه عبر إقامة وتأسيس المشروعات الصغيرة.

أن عمل المرأة بمختلف مجالاته مرتبط مع غائيته في تحقيق العمران والاستخلاف على الارض من هنا كان دورها في التنمية الاقتصادية أساساً والقرآن أكد على هذه الحقيقة في أكثر من موضع، قال تعالى: “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”(سورة التوبة: آية 71)

أن المرأة تمثل ما لا يقل عن 50% من السكان وتتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في شؤون العائلة وقطاع الإنتاج وخاصةً الزراعي والغذائي بوجه خاص.(الدشوني، 2005م، ص50)

يتضح من ذلك أن المرأة تتحمل مسؤولية البناء والتغيير والإصلاح الاجتماعي، وممارستها لأي نشاط ثقافي أو دعوي أو سياسي يكون انطلاقاً من حركتها الاستخلافية المؤسسية لتنمية المجتمع والنهوض به.(العلواني، ص90-91)

ودور المرأة وفق الرؤية الإسلامية المتكاملة لا يشكل ضغطاً أو قهراً أو عزلةً بل يُعد من أبرز وسائل تمكين المرأة وتوسيع نطاق فعالية أنشطتها في المجتمع وفق رؤية إسلامية معتدلة تقدم نموذجاً معرفياً متكاملاً، فيجب التركيز على المرأة بخلق الدافعية لديها للمشاركة والوصول إلى مراكز اتخاذ القرار وإيجادالاتجاهات الإيجابية نحو النموذج القوي للمرأة وزيادة الثقة بقدراتها ومهاراتها إلى جانب توفير الفرص المماثلة للرجل للحصول و السيطرة على المصادر التي تزيد من قدرتها وقوتها.(العلواني، ص 328-334)

الاقتصاد الإسلامي يؤكد على دور المرأة في التنمية الاقتصادية فمبدأ الاستخلاف هو أساس الاقتصاد الإسلامي وجوهر الاستخلاف تفويض للإنسان وإطلاق يده في هذا الوجود وتكليفه بعمارة الأرض من خلال العمل الاقتصادي المشروع وأعطى المرأة الحق في العمل والتملك ضمن ضوابط تحفظ بها كرامة المرأة وقيمتها، وهذا امتداد لأحكام التوزيع في الإسلام التي جاءت بضوابط شرعية عادلة ولا تفرق بين الرجل والمرأة ولا بين الغني والفقير، فالتوزيع الابتدائي يقر الإسلام البيع والهبة والإرث كأسباب ناقلة للملك ويحترم الحرية الفردية وإقامة علاقة بين العمل ونشأة الحقوق الفردية فحيثما وجد العمل وجدت ثماره (التملك) (السبهاني، 2016م، ص160-162)

أما التوزيع الوظيفي فقد وضع الإسلام بوضع ضوابط المتمثلة في الضوابط الخاصة بالعمل، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول الله صل الله عليه وسلم قال: ” أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده” البخاري ، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، ح2072، ص338 والضوابط الخاصة فيما يتعلق بالأرض ورأس المال وتحريم الربا، أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ” اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات”(النيسابوري، 2014م، ص50)

أما إعادة التوزيع فهي متمثلة في نظام الإرث والزكاة وهي قائمة على مبدأ العدالة التي لم تتحقق في الأنظمة الأخرى كما في النظام الإسلامي، والإسلام لم يستثني المرأة من الأحكام الشرعية وضمن لها العدالة، فجعلها الإسلام قادرة على القيام بدورها الطبيعي وهي دعامة الأسرة والقيام بأعمال انتاجية غير منظورة كعمل المرأة في المنزل والوصول إلى درجات العالية في التعليم والعمل في الفروع والمجالات المختلفة، وفي ضوء المتغيرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية وبالتالي مساهمتها الفعالة في التنمية الاقتصادية من عدة وجوه فهي تربي وتبني جيل المستقبل وهي الحاضر الذي يعمل ويبني.

النتائج والتوصيات

أولاً: النتائج

توصلت الباحثة إلى النتائج التالية:

  1. المرأة والرجل في مجموعهما يمثلان القوة العاملة لدى المجتمع واستغلال هذه القوة بشكل صحيح وتوجيهها نحو الاستثمارات المختلفة يعتبر سببا رئيسيا لرفع معدلات التنمية.
  2. التنمية الاقتصادية تتطلب المشاركة الايجابية لجميع اعضاء المجتمع.
  3. الاسلام كفل للمرأة حقها في اكتساب الاموال وتملكها واستثمارها بكافة الطرق المشروعة ولم يحرمها من ممارسة هذه الانشطة.
  4. تأكيد الاسلام لأهمية دور المرأة وإسهامها الفعال في بناء المجتمع وتطويره والنهوض بالأمة الاسلامية.

ثانياً: التوصيات

وبعد النتائج التي توصلت إليها الباحثة توصي بما يلي:

  1. نشر الوعي لدى المرأة في العالم العربي الاسلامي بالسياق الثقافي والتاريخي والحضاري لقيم الحرية والمساواة بالمفهوم الغربي.
  2. ضرورة تعاون كافة مؤسسات المجتمع المدني لتصحيح الفكرة السائدة حول مشاركة المرأة في الحياة العامة والعمل المتناسق على ايجاد أرضية صلبة من الوعي والثقافة العامة.
  3. 3-    التركيز على تعليم المرأة وخاصة في ضوء المتغيرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية  فالتعليم اول خطوات مشاركة المرأة بعمليات التنمية.
  4. اتاحة الفرصة للمرأة للقيام بدورها كمنتجة لأن ذلك يؤدي الى زيادة الانتاج وتحسينه وخلق فرص عمل جديدة وخاصة للمرأة وبالتالي الى تقدم المجتمع ونموه.

المراجع

  • ابراهيم، صبري عبد العزيز، 2013م، الحقوق السياسية والاقتصادية للمرأة في الإسلام، العدد السادس، رابطة الجامعات الإسلامية سلسلة مركز دراسات الأسرة.
  • بحر العلوم، محمد، 1986م، المرأة في ظل الإسلام، ط4، دار ومكتبة الهلال، بيروت، لبنان.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، 2013م، صحيح البخاري، ط2، دار الفجر للتراث، القاهرة، مصر.
  • بكري، كامل، 1988م، التنمية الاقتصادية، الدار الجامعية، بيروت، لبنان.
  • جردات، صالح أحمد، 2000م، حقوق المرأة في الإسلام، دراسة مقارنة مع الواقع، ط1، مطبعة الروزنا، إربد، الأردن.
  • الدشوني، شريف، 2005م، قضايا في التنمية المستدامة، دار عزة، الخرطوم، السودان.
  • ربابعة، عدنان، 2007م، استراتيجيات التنمية الاقتصادية من منظور إسلامي دراسة تقديرية وتأصيلية، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية، جامعة اليرموك، الأردن.
  • الرداوي، تيسير، 1985م، التنمية الاقتصادية، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، حلب، سوريا.
  • السبهاني، عبدالجبار، 2016م، الوجيز في الفكر الاقتصادي الوضعي والإسلامي، ط1، مطبعة حلاوة، إربد، الأردن.
  • سريه، عصام نور، 2002م، دور المرأة في تنمية المجتمع، مؤسسة شباب الجامعة، مصر.
  • شرايحة، وديع، 1969م، مشاكل التنمية الاقتصادية في البلدان حديثة النمو، المطبعة الفنية الحديثة، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية.
  • طشطوش، هايل عبد المولى، 2012م، المشروعات الصغيرة ودورها في التنمية، ط1، دار الحامد، عمان، الأردن.
  • عبد الواحد، السيد عطية، 1993م، دور السياسة المالية الإسلامية في تحقيق التنمية الاقتصادية، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر.
  • عقل، خضر، وآخرون، 1992م، مبادئ علم الاقتصاد، ط1، دار الأمل للنشر والتوزيع، إربد، الأردن.
  • العلواني، رقيه طه، 2007م، دور المرأة المسلمة في التنمية  دراسة عبر المسار التاريخي، د.ن، م.
  • الكعكي، يحيى أحمد، 2001م، مكانة المرأة في الإسلام، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان.
  • ماير، جيرالد، وبولدوين، روبرت، 1965م، التنمية الاقتصادية، مكتبة لبنان، بيروت، لبنان.
  • معربة، زهيرة عبد الحميد، 1999م، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة في الإسلام إشارة إلى مصر، بحث مقدم للمؤتمر الثاني لكلية التجارة (بنات) بجامعة الأزهر، ط1، مصر.
  • النيسابوري، مسلم بن الحجاج، 2014م، صحيح مسلم، ط1، شركة القدس، القاهرة، مصر.
  • النوبي، فايز، 3/ 12/ 2015م، مكانة المرأة بين الجاهلية والإسلام، رابطة العلماء السوريين، www.islamsyria.com
  • أبو يحيى، محمد حسن، 2011م،حقوق المرأة في الإسلام والقانون الدولي، ط1، دار يافا العلمية، الأردن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *