أ.م.د ماهر جاسب حاتم الفهد
التخصص العلمي ( التاريخ / تاريخ حديث ومعاصر )
كلية الإمام الكاظم (ع) / أقسام ميسان محافظة ميسان، جمهورية العراق
maherhatem1982@gmail.com
009647802707234
المُلخص
تسبب التفشي المُتسارع لفيروس كورونا في أصقاع الكرة الأرضية بتعطيل الحياة في دول ومدن عديدة، فأغلقت الأسواق وعطلت حركة السفر وتضرر اقتصاد العالم بأسره، وفي ضوء هذه التحديات برزت كفاءة حكومات وكشفت فشل أخرى غيرها . وتعد جائحة كورونا شأنها شأن أحداث مفصلية في التاريخ، مثل سقوط جدار برلين أو انهيار الإتحاد السوفيتي، فهي حدث عالمي مدمر يصعب تخيل عواقبه على المدى البعيد .
وسعيا وراء الكشف عن ملامح النظام العالمي بعد انحسار جائحة كورونا، فيمكن القول أن المنتصرين في المعركة ضد فيروس كورونا القاتل هم من سيتسنى لهم كتابة التاريخ كما هي الحال عبر تاريخ البشرية. فكافة الدول باتت تعاني من الإجهاد المجتمعي الناجم عن انتشار الفيروس بطرق جديدة وقوية، فالدول التي تنجو بفضل نظمها السياسية والاقتصادية والصحية الفريدة، ستفوز على الدول التي خرجت بنتائج مختلفة ومدمرة في معركتها ضد هذا الوباء . وستكون النظرة لما ستسفر عنه المعركة ضد كورونا تتراوح بين من يرى فيها انتصاراً حاسماً للديمقراطية والتعددية والرعاية الصحية الشاملة، فيما سيرى فيها بعضهم دليلاً على الفوائد الجلية للحكم الاستبدادي الحاسم .
وربما يتعرض النظام الدولي لضغوط كثيرة بسبب الفيروس، فربما يؤدي إلى عدم الاستقرار وإلى نزاع واسع النطاق داخل بعض الدول أو فيما بينها . وربما سَيُسّرع انتشار الوباء وتيرة تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق، ويتضح ذلك من خلال استجابة دول شرقية لمواجهة الوباء مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان بشكل أفضل من بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، أضف إلى ذلك، أن تعاطي الصين كان جيداً بالرغم من تعثرها في البداية عند اكتشاف الفيروس، في حين إن الاستجابة البطيئة والمتخبطة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، كانت من الأشياء التي شوهت الهالة التي طالما أحاطت بالتعامل الغربي .
الكلمات المفتاحية :- الولايات المتحدة، الصين، كورونا، النظام العالمي، القطبية .
Features of the global order after the Corona pandemic recedes
Dr. Maher Gaseb Hatem Al-Fahd
Imam Al-Kadhim College (peace be upon him) / Departments of Maysan, Maysan Governorate, Republic of Iraq
Summary
The rapid spread of the Coronavirus has affected the globe disrupting life in many countries and cities, closing markets, disrupting travel and harming the economy of the entire world, and in light of these challenges, the competence of governments has emerged revealed other failures. The Corona pandemic, like articulated events in history, such as the fall of the Berlin Wall or the collapse of the Soviet Union, is a devastating global event that is difficult to imagine in the long run.
To reveal the features of the world order after the Corona pandemic receded, it can be said that the victors in the battle against the deadly Coronavirus are the ones who will be able to write history as it is throughout human history. All countries are suffering from societal stress caused by the spread of the virus in new and powerful ways. Countries that survive thanks to their unique political, economic and health systems will win over countries that have produced different and devastating results in their battle against the epidemic. The outlook for the outcome of the battle against Corona will range from those who see it as a decisive victory for democracy, pluralism and universal health care, while some will see it as evidence of the evident benefits of decisive authoritarian rule.
The international system may be exposed to a lot of pressure due to the virus, as it may lead to instability and a widespread conflict within or between some countries. Perhaps the spread of the epidemic will accelerate the transition of power and influence from the west to the east, and this is evident by the response of eastern countries to face the epidemic such as South Korea, Singapore and Japan better than some European countries and the United States of America. In addition, the abuse of China was good despite its failure The beginning was when the virus was discovered, while the slow and confused response in Europe and the United States of America was one of the things that distorted the aura that has long surrounded Western engagement.
Key words: – United States, China, Corona, world order, polarity .
المقدمة :- انتشار الفايروس وتفاعل العالم معه :-
لم يكن غريباً أن يُطلق وباء كورونا ( Corona Viruses ) _ يعرف علمياً بــ ” كوفيد 19 Covid 19 – _ موجة واسعة النطاق من الجدل حول مستقبل العالم والمؤسسات والانظمة التي ترتكز إليها المنظومة الدولية، فهذا وباء غير مسبوق، على الأقل من ناحية وعي الانسان والمجتمعات به، فالذاكرة البشرية تعرف أوبئة أكثر شدة وضراوة، من طاعون منتصف القرن الرابع عشر إلى الإنفلونزا الإسبانية في ( 1918 – 1919 )([1])، ولكن لا وسائل الاتصال في حقب الأوبئة السابقة، كانت بالسرعة واللحظية التي تتسم بها اليوم، ولا توقعات الانسان من دولته كانت بالمستوى التي هي عليها الآن، فخلال أسابيع من انتشار فيروس كورونا خارج الصين، بدأت عشرات، بل مئات الملايين من البشر يعيشون انتشار الوباء، ووقعه، وأثره الإنساني والاجتماعي والاقتصادي في معايشة ومعاينة واقعية ملموسة([2]) .
وفي العاشر من نيسان 2020، كان الوباء قد أصاب ما يزيد عن المليون ونصف المليون شخص ( مع وجود إصابات أكثر بكثير من ذلك، لم تُفحص بعد، ولم تُدرج بالتالي في الارقام الرسمية )، وقتل ما يزيد عن ( 100،000 ) شخص من المصابين، وعصف بالحياة الإنسانية كما لم تعصف بها رياح الحروب، وبالرغم من أن نصف الكرة الشمالي يبدو الأكثر تأثراً حتى الآن، بلغ عدد الدول التي اعلنت عن وجود حالات مرضية ما يزيد عن ( 200 ) دولة، ثلث هذه الدول، على الأقل أعلن منذُ النصف الأول من آذار، دولة بعد الأخرى، عن إغلاق كامل أو شبه كامل، للأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، وعن تطبيق قواعد صارمة للتباعد الاجتماعي، أملاً في محاصرة الوباء، فمدن كبرى في شرق العالم وغربه، من اسطنبول ولندن وباريس إلى نيويورك، كانت تعج بالحياة وترسم صورة عالم القرن الحادي والعشرين، تحولت إلى مدن شبه صامتة، مغلفة بالخوف والقلق وفقدان اليقين([3]) . وبالتأكيد ستكون هناك انعكاسات كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية وأخرى غيرها على مستوى العالم .
الحياة الاقتصادية بعد انحسار كورونا
كان لاري إيليوت ( Larry Elliott ) ( محرر الغارديان الاقتصادي ) في 20 آذار، من الأوائل الذين توقعوا انكماشاً حاداً في الاقتصاد العالمي، بفعل الطابع الوبائي لكورونا، وخلال اسابيع قليلة، اكدت مؤسسات مالية دولية وخاصة، بما في ذلك صندوق النقد([4]) والبنك([5]) الدوليين، أن الاقتصاد العالمي دخل بالفعل مرحلة من التراجع الاقتصادي، وأن تفاقم الاوضاع، قد يجر العالم إلى كساد اقتصادي يفوق أزمة ( 2008 – 2009 )([6])، وربما حتى الكساد العظيم ( Great Depression )([7]) في عام 1929([8]) .
فهناك مؤشرات يفرضها كورونا على المستوى العالمي، فبالرغم من أن الصراع الاقتصادي القائم بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، قد ألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي ككل، إلا أنه يبدو أن تأثيرات تفشي فيروس كورونا ستكون هي التحدي الأصعب الذي سيواجه الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة، إذ يُشير تقرير وكالة أونكتاد ( مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ) ( United Nations Conference on Trade and Development ) إلى أن الأزمة التي تسبب بها كورونا ستؤدي إلى ركود في الاقتصاد العالمي، وهو ما سيتسبب في انخفاض النمو السنوي العالمي لهذا العام بنسبة ( 5،2 % )، وقد يسوء الوضع إلى درجة تسجيل عجز في الدخل العالمي بقيمة ( 2000 ) مليار دولار، وذلك يعني انهيار الاقتصاد العالمي ككل، في تكرار لمشهد الكساد الكبير، الذي أعقب الأزمة الاقتصادية لعام 1929 من القرن الماضي، والتي كان تأثيرها مُدمراً على كل الدول دون استثناء، خصوصاً أن الاقتصاد العالمي لم يتعافَ بعد من تأثيرات ازمة ( 2008 – 2009 ) المالية، والتي حدثت نتيجة للهشاشة المالية للنظام الاقتصادي العالمي([9]) .
وبخلاف أزمات ( 1929، 1987، 1998، 2008 ) أن تدهور الاقتصاد العالمي هذه المرة لم يولد في منطقة معينة من العالم، ولا بفعل عامل اقتصادي – مالي مُحدد، فالتدهور هذه المرة، عالمي الطابع، يطول كافة الاقتصادات الكبرى والمتوسطة والصغيرة، وطالما أن لا يوجد أحد يتوقع أو يعرف مسيرة الوباء، وأثره على كل دولة على حدة، ولا كيفية محاصرته، فإن وقع الوباء الاقتصادي لم يزل محل جدل، فثمة من يقول : ” إن دولاً، مثل الصين، نجحت في محاصرة الوباء بصورة مبكرة، وهي في طريقها لإستعادة معدلات الانتاج السابقة على انتشار الوباء؛ ودولاً، مثل السويد وبعض دول نصف الكرة الجنوبي، التي تجنبت الإغلاق الكلي أو الجزئي؛ ستكون أقل تأثراً بالأزمة الاقتصادية “([10]) .
لكن هذه الحسابات ليست صحيحة تماماً؛ فالمشكلة أن الوباء أصاب العملية الاقتصادية على مستوى العالم بكافة مراحلها ( الانتاج – التوزيع – الاستهلاك )، وإن التعقيد المتزايد في شبكة التوزيع والإمداد، التي يرتكز إليها الاقتصاد العالمي، تجعل بنية هذه الشبكة أكثر هشاشة، وقد لجأت القوى الكبرى، سيما بعد نهاية الحرب الباردة ( 1945 – 1991 )، إلى هذا التعقيد بوصفه دافعاً للأعتماد المُتبادل بين الدول ووسيلة فعالة لمنع الحرب، طالما أن قطاعات هائلة من السلع والمنتجات تقوم على مواد وقطع تُصنَّع في عديد من الدول وليس في دولة واحدة، ولكن كلما أزداد تعقيد منظومة اقتصادية ما، أصبح من الصعب إصلاحها إن توقفت أو أصابها الخلل، وبتصاعد مستوى التوتر بين الاقتصادات الكبرى، فإن المتوقع أن تصبح عملية الإصلاح أكثر صعوبة([11]) .
أضف إلى ذلك، أن فصل سلاسل توريد التكنولوجيا بين الولايات المتحدة الأميركية والصين قد تسبب في تعطيل التدفقات الثنائية للتكنولوجيا والاستثمار، وربما هذا الفصل، سيشمل قطاعات اقتصادية أخرى، ولن يؤثر هذا التوجه بالسلب على قطاع التكنولوجيا العالمي ( الذي يبلغ 5 تريليونات دولار ) فقط، بل سيؤثر على الصناعات الأخرى، الأمر الذي قد يتسبب في خلق فجوة تجارية واقتصادية وثقافية عميقة، تُهدد بأتساع ما أُطلق عليه ” جدار برلين الافتراضي ” بين الطرفين، وقد سَّرع انتشار الوباء من الفصل، ليشمل قطاعي التصنيع والخدمات، الأمر الذي أجبر العديد من الشركات على تبديل سلاسل التوريد، وإغلاق المرافق، ونقل الموظفين إلى قطاعات عمل مختلفة، وربما ستواجه هذه الشركات خيارات صعبة حول نقل سلاسل التوريد بشكل دائم من الصين، خوفاً من خطر الافراط في تركيز الانتاج هناك، مما سيرسخ من اتجاهات الفصل بين أكبر اقتصادين في العالم، وسيضع مزيداً من التحديات أمام الدول؛ لموازنة العلاقات مع كلا الجانبين([12]) .
خاصة وأن الفيروس ظهر في ذروة التنافس التجاري والعقوبات المُتبادلة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، وبالتحديد في كانون الأول 2019، في مقاطعة ووهان، المعقل الصناعي الاضخم في الصين، مُتسبباً بأنخفاض كبير في الإنتاج، وحالة من الهلع والقلق النفسي، وشلل في حركة المواصلات والملاحة؛ نتيجة توقيف الدراسة والدوام، وإغلاق العديد من الدول حدودها، وفرض حظر التجوال والتجمعات، وتوقف العديد من المصانع وحركة المواصلات، نتيجة الإجراءات التي فرضتها السلطات في محاولة للحد من انتشاره وتقليل الخسائر المترتبة عليه، وقد صنفته منظمة الصحة العالمية بــ ” جائحة عالمية “([13]) .
عموماً، وباستثناء المواد الطبية والصحية والصناعات الغذائية، فإن عودة عجلة الانتاج في بلد ما لطبيعتها لا يعني الكثير، طالما أن وسائل النقل والتوزيع لا تعمل، وأن المستهلك أحجم عن الاستهلاك، والأمر الذي يجعل التدهور الاقتصادي أكثر تفاقماً، أن الوباء تسبب في تراجع غير مسبوق في قطاع الخدمات، من السياحة والنقل الجوي، والتعاملات المالية، إلى المقاهي والمطاعم . وبالتالي لم يكن غريباً أن تطلق نذر الازمة الاقتصادية، وردود فعل دول الاقتصادات الكبرى عليها، جدلاً واسع النطاق حول مصير النمط الاقتصادي النيوليبرالي([14])، الذي صعد بصورة حثيثة منذُ الثمانينيات ليتحول إلى الإطار المرجعي للسياسات الاقتصادية عبر العالم، بعد أن تبنته إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان ( Ronald Reagan )([15])، وحكومة مارجريت تاتشر ( Margaret Thatcher )([16]) البريطانية، ثم حكومة أوغستو بينوشيه ( Augusto Pinochet ) في تشيلي، وتوركوت أوزال ( Turgut Ozal ) في تركيا، وحكومات أخرى غيرها، وبانهيار الإتحاد السوفيتي والكتلة الشيوعية في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، أكتسب النموذج النيوليبرالي جاذبية عالمية، ليصبح النمط الأقتصادي الجديد للعالم([17]) .
لكن بعد انتشار الوباء، ومن خلال حزم الإنفاق والدعم المالي الهائلة التي اعلنت عنها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وعدد من الدول الغربية والآسيوية الأخرى، وبدرجة أقل تركيا، إن علامات أستفهام كبيرة بدأت في الظهور حول مصير الاقتصاد النيوليبرالي . فخلال شهور الأزمة القاسية، وضعت الشعوب ثقتها في الدولة لحمايتها من الخطر الداهم، وفي أغلب دول النموذج الليبرالي، ثمة مؤشرات متزايدة إلى أن الحكومات لن تعبأ كثيراً بعد اليوم بتصاعد حجم الدَّين العام، وأرتفاع معدلات التضخم، أو عجز الميزانية . وما يُعزز توقعات أنحسار هيمنة النيوليبرالية الانكشاف الصارخ للخدمات العامة، والخدمات الصحية على وجه الخصوص، سيما في الدول الغربية الرئيسة، بفعل تقلص الإنفاق العام طوال عقود([18]) .
المشكلة بالطبع، أن هناك تباينات واضحة في قدرات وطرق تعامل دول العالم المختلفة مع نذر الازمة الاقتصادية، فالدول التي تملك احتياطيات مالية كبيرة أو عملات ذات جاذبية دولية أو بنية أقتصادية دينامية مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول اليورو ( دول الإتحاد الأوروبي ) والصين واليابان ودول النفط العربية وتركيا، تستطيع تحمل أعباء حزم الإنفاق الحكومي الكبيرة؛ لمواجهة عواقب الوباء، والنهوض بالعملية الاقتصادية بعد انحساره، بما في ذلك تبني سياسة التيسير الكمي ( أي طبع كمية جديدة من النقود )، بيد أن دولاً أخرى مُثقلة بالديون أصلاً، أو ذات بنية أقتصادية هشة، مثل مصر ولبنان ومعظم دول المغرب العربي والعديد من الدول الإفريقية، سيصعب عليها التوجه نحو المزيد من الاقتراض، أو طباعة المزيد من أوراق النقد ومواجهة معدلات تضخم متزايدة، ومن المتوقع أن يكون وقع الازمة الاقتصادية أفدح أثراً وأطول زمناً بالتأكيد، وليس من المستبعد في لحظة ما أن تشهد هذه الدول أنفجاراً هائلاً لسؤال الشرعية السياسية([19]) .
ويمكن القول، أياً تكن الآثار والتداعيات التي سيُخلفها الفيروس، فمن المؤكد أن التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين لن يتوقف، لكن الفواتير الباهظة التي سيدفعها الطرفان قد تدفعهما إلى التوافق على آليات تضمن إعادة إنعاش القطاع الاقتصادي من أجل تعويض الآثار التي خلفها انتشار فيروس كورونا، ثم معاودتهما ( الولايات المتحدة والصين ) التنافس الاقتصادي مُجدداً([20]) .
النظام العالمي بين العولمة والقطبية المتعددة بعد أنحسار كورونا
ارتبطت فكرة العولمة ( Globalization )([21]) من البداية بالنموذج الاقتصادي النيوليبرالي، ومثله، كانت ولادتها الأولى في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، حتى أن المصطلح نفسه وُجد أولاً في اللغة الإنجليزية، وكان على اللغات الأوروبية الأخرى إبداع أشتقاق لغوي جديد لترجمته، وكما الاقتصاد النيوليبرالي، وجدت فكرة العولمة رواجاً بعد أنتصار الغرب في الحرب الباردة وانهيار الإتحاد السوفيتي في التسعينيات، مُعززة بإدعاءات نهاية التأريخ وحسم الصراع لصالح الليبرالية الغربية، والديمقراطية، وحرية الفرد . ما حملته العولمة، التي ظلت على الدوام مفهوماً أقرب إلى الغموض، من وعود، تتعلق أساساً بحرية انتقال الافراد والمال والبضائع والافكار عبر العالم، وانحياز المجتمعات البشرية المطَّرد لصالح الثقافة الغربية بكافة أبعادها، ولكن هذه الوعود لم تتحقق بصورة منتظمة ودائمة، حتى من قبل الدول التي روَّجت لفكرة العولمة وأسست لمقولاتها الرئيسة، الأمر الذي أدى لتصاعد الشكوك حول ما إن كان المقصود بالعولمة، حقيقة سيطرة الكتلة الغربية الأطلسية على مصائر المجتمع الإنساني، مادياً وثقافياً وروحياً([22]) .
وبانتشار الوباء، انطلقت التوقعات بنهاية العولمة، فأغلقت أغلب الدول حدودها، ووضعت قيوداً متزايدة على حركة البشر والبضائع، وسنَّت تشريعات مقيدة للحريات، وتبنَّت سياسات مختلفة لمواجهة الوباء، وتبادلت الاتهامات حول المسؤولية عن بروز الفيروس أو انتشاره، وبات الفيروس وحده من يتمتع بحرية الحركة الكاملة وتجاوز الحدود والقوانين والانظمة . وإن كان من الصحيح التوقع، كما هي تجارب الازمات الكبرى من قبل، بأن نهاية الوباء أو أنحساره لن تعني بالضرورة نهاية كافة الاجراءات الطارئة التي فرضها، فلابد أن العالم يشهد الآن بالفعل نهاية يوتوبيا العولمة، والوعود التي بشرت بها، بيد أن المشكة في جدل العولمة أنه لا يفرق بين مستويين أساسيين، الأول، يتعلق بالأدوات والوسائل التي عملت، ولم تزل تعمل، على تسارع معدلات النقل والاتصال والحركة، سواء للبشر، للمعاملات، أو للنصوص والفنون . والثاني، يتعلق بفكرة هيمنة تصور واحد للعالم على المجتمعات البشرية كافة، بغض النظر عن المواريث والقيم والمعتقدات الخاصة بكل جماعة أو أمة . في المستوى الأول، ليس ثمة ما يُشير بوجود الوباء أو غيابه، أن البشرية ستتخلى عن وسائط النقل الجوي والبري والبحري السريعة، التي تطورت بصورة مُطردة، منذُ دخول الآلة البخارية إلى وسائط النقل في منتصف القرن التاسع عشر، لكن العالم لن يتخلى الآن عن الإنترنت، والهواتف الذكية، وتطبيقات البنوك، ولا عن أمازون ( Amazon ) رمز العولمة التجارية الأبرز، ولن تستطيع اي دولة ما منع اي كتاب، طالما تحميله على الانترنت لا يحتاج سوى دقائق، ولا حظر خبر ما، طالما أن الأخبار، صحيحها وزائفها، تنتقل على الفيسبوك ( Facebook ) وتويتر ( Twitter ) بأقل قيود ممكنة . أما في المستوى الثاني، فإن التصدعات في جدار العولمة لم تكن خافية منذُ اليوم الأول لولادة الفكرة، إذ رحبت أغلب دول العالم، بما في ذلك دول الاقتصادات الكبرى، بحركة المال والاستثمار، ولكنها رفضت القبول بحرية حركة البشر، حتى دول الإتحاد الأوروبي، التي مثَّلت التعبير الأكثر جاذبية لفرضيات حرية الحركة والانتقال، سرعان ما واجهت ردود فعل داخلية ملموسة على هجرة العمالة بين الدول، والتي تصاعدت، إلى أن صوَّتت بريطانيا في استفتاء عام ( 2016 ) لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي، وما أن تولت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ( Donald Trump ) مقاليد البيت الأبيض، حتى بدأت سلسلة إجراءات للتخلي عن، أو إعادة النظر في عضوية منظمات حرية التجارة الإقليمية، وقواعد التجارة السابقة مع الصين ومع الشركاء الغربيين في نصف الكرة الغربي وفي اوروبا، وفرض قيود صارمة على الهجرة للولايات المتحدة، فما قد ينجم عن الوباء، هو إحداث المزيد من التشققات في اطروحة العولمة، وإعادة التوكيد على سلطة ومصالح الدولة القومية، وقيمها الخاصة بها، الإتجاه الذي أخذت بوادره في الظهور منذُ سنوات قبل الوباء([23]) .
وربما ستدفع أزمة كورونا الإتحاد الأوروبي ليصبح أكثر تماسكاً، كما أن قيود السفر إلى أوروبا التي فرضها ترامب، ستُشجع الإتحاد نحو إتباع سياسة جيوسياسية أكثر إستقلالية، مما قد يتسبب في زيادة التوترات عبر الأطلسي، ولكن بالنظر إلى احتمالات الركود الاقتصادي خلال الشهور المقبلة، فإن الوباء سيُخفف من حدة تلك السياسة العدائية، خاصة الموقف الأوروبي تجاه الصين([24])، وبالتأكيد هذه خطوة باتجاه التصدع في جدار العولمة .
التحولات الجيوسياسية في قيادة العالم ما بعد انتهاء الجائحة
يمر الوضع الجيواستراتيجي العالمي الحالي بنقص ملحوظ في القيادة، ففيه تتنافس قوتان عظيمتان، الولايات المتحدة الأميركية والصين، إلى جانب القوى الأخرى من الدرجة الثانية، فالعالم شهدَ توقف إستراتيجي منذُ أنهيار الإتحاد السوفيتي، في بداية العقد الأخير من القرن الماضي، وفي ظل هذا الاضطراب العالمي، ظهر وباء كورونا، وأثار تساؤلات حول قيادة العالم ومصير دوله، ويدرك المجتمع الدولي _ الآن في ظل الجائحة _ بأنه يشهد حالة مُشابهة لتلك التي كانت في نهاية الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945 )، بعد الدمار الفادح من حيث الخسائر البشرية والمادية، إذ بدأت معظم الدول الأوروبية في تصميم خطط وبرامج لإعادة بناء القارة القديمة، إلى حد كبير من خلال موارد خطة مارشال ( The Marshall Plan)([25])، لضمان أن المجتمع الأوروبي سيكون لديه الوجود والكرامة والازدهار الذي يستحقه، في ظروف اليوم، يجب أن يكون هذا الجهد عالمي النطاق([26]) .
فصحيح أن الاتحاد الأوروبي عانى من أزمة تقاعس عن العمل، مما سمح بردود فعل فردية، غير منسقة في كثير من الأحيان من كل دولة عضو فيه، وهو دليل على عدم وجود اتحاد وتماسك داخلي، ومع ذلك، وبدلاً من الانسحاب من معركة القضاء على الفيروس، يدعو البرلمان الأوروبي المؤسسات المتعددة الأطراف إلى لعب دور قيادي، إذ حث البرلمان الأوروبي منظمة الأمم المتحدة، ( The United Nations )([27])، ومنظمة الصحة العالمية (World HealthOrganization )، ومنظمة التجارة العالمية (World Trade Organization ) على إجراء إصلاحات من أجل وضع قائمة بمنتجات الطوارئ الصحية الأساسية، لتسهيل تداولها وكبح المضاربات الناتجة عن إقبال كبيرعليها([28])، وتُعد دول الإتحاد الأوروبي المتضرر الأكبر من تفشي الفيروس، إذ تبلغ خسارته قرابة ( 6،15 ) مليار دولار، نتيجة لتطبيق إجراءات الحجر الصحي، التي أثرت بشكل كبير على معظم القطاعات الاقتصادية، ولاسيما قطاع الطيران والسياحة وأسواق الاسهم والنفط([29]) .
ومن ناحية أخرى، ظلت الولايات المتحدة بشكل متزايد على الهامش مع شعار ” أميركا أولاً “، وأخطأ الاتحاد الأوروبي من السلبية، وفي غضون ذلك، تحاول الصين تجسيد القيم التي أعلنها الغرب ودافع عنها تاريخياً، مثل السلام والتضامن والتعاون، إن هذا الموقف ليس مجرد إيثار، ولكنه قبل كل شيء يمثل إرادة بكين لتحقيق الهيمنة العالمية من خلال احتلال الفراغ الكبير الذي ربما ستخلفه الولايات المتحدة. فيبدو أن الدور الدولي للولايات المتحدة في تراجع، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الحرب في جورجيا عام 2008([30])، نُفذت معظم الحلول للأزمات والأوبئة والصراعات والحروب تحت قيادة الولايات المتحدة ومشاركة دول أوروبية مختلفة مع الوحدات الرئيسية والمساعدة. وستتبعها دول أخرى في بقية العالم فيما بعد بموارد وموارد إضافية، وقد كان اتجاه تقديم المساعدة والدعم يذهب عادة من الولايات المتحدة وأوروبا إلى أفريقيا وآسيا، وبعبارة أخرى، ذهب الدعم والمساعدة من الغرب إلى الشرق، في الوقت الحاضر، يتغير اتجاه الدعم والمساعدات الدولية، على الأرجح، إنها تتجه من الشرق إلى الغرب، فتدفق الأفراد ( الملاكات الطبية ) والمواد من الصين وفيتنام إلى الاتحاد الأوروبي، وخاصة إلى دول مثل إيطاليا وإسبانيا، وهو ما يُجسد هذا الاتجاه بشكل جيد([31]) .
وأنطلاقاً من هذا التوجه، كُثر الجدل حول عالم ما بعد الوباء بمقولة ” التراجع الأميركي وصعود الصين كقوة قائدة لنظام دولي جديد “، فإن أُخذت البيانات الصينية الرسمية على ظاهرها، يبدو أن الصين استطاعت التحكم في الوباء بصورة مبكرة، وبأقل خسائر ممكنة، بالرغم من أن أدلة متضافرة تُشير إلى أنها منبع الوباء، وأتخذت بكين إجراءات سريعة وقاسية لعزل المدن والمقاطعات، ونقلت عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الصحي، من منطقة إلى أخرى، للتعامل مع المرضى، وبادرت إلى تجربة العديد من الأدوية؛ لتخفيف أعراض المرض . وبذلك، عادت معظم المقاطعات الصينية إلى الحياة الطبيعية، أو ما يُقاربها، منذُ الاسبوع الأول من نيسان، وبخسائر انسانية واقتصادية طفيفة، مقارنة بحجم البلاد وحجم اقتصادها، وبعد أن كانت تقارير الوباء الصيني تثير الرعب في أنحاء العالم الأخرى، بدأت الحكومة الصينية تبيع المعدات الصحية والطبية للدول الأخرى بمئات الملايين من الدولارات، وترسل المساعدات الرمزية لأصدقائها ولدول تعاني من الوباء . طبقاً لهذه الصورة، يتوقع إن تكون الصين أولى الدول الناهضة من أعباء الوباء الثقيلة، وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا الغربية بين أكثر الد20ول تأثراً بالوباء، اقتصادياً وإنسانياً، ليس من المستبعد أن تصبح أزمة كورونا العالمية المنعطف الحاسم لصعود الصين النهائي، الصعود الاقتصادي، ومن ثم العسكري والسياسي([32]) .
علماً أن التوقعات بارتفاع الدخل القومي الصيني إلى ما يساوي، أو ربما يفوق قليلاً الدخل القومي الأميركي مع نهاية العقد الثالث لهذا القرن، سبقت أنتشار الوباء، وما سيفعله الوباء، ربما، ليس سوى تسريع عجلة النمو المطرد للدخل القومي الصيني([33]) . لكن حتى هذا، لابد أن يكون محل شك، فالواقع أن معظم الدول التي طبقت سياسة الاغلاق، لم تغلق القطاع الصناعي الانتاجي كلياً، سوى المصانع التي لم يعد ثمة طلب ملحٌ على إنتاجها، مثل صناعة السيارات، بمعنى أن عودة الصين السريعة للحياة الطبيعية قد لا تحمل بحد ذاتها تفوقاً فوق العادي عن منافسيها الغربيين، أضف إلى ذلك أن ضعف الطلب بصورة عالمية، والاضطراب الهائل في شبكات النقل والإمداد والاعتماد المُتبادل بين الدول، يعني أن أعباء الوباء ستُطال الجميع، سواءً المنتجون أو الأقل أنتاجاً([34]) . وعلى أساس هذه المعطيات، يرجح العديد من الخبراء أن تفشي الفيروس، قد يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة تُقارب ( 2،1 % )، ويُقدر الناتج المحلي للصين بنحو ( 6،13 ) تريليون دولار في عام 2018، بما يُمثل نسبة ( 8،15% ) من الناتج المحلي العالمي، ومن هنا، تشير كثير من التقاريرإلى أن أنتشار فيروس كورونا سيكون له تأثيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي، ولذا خفضت الوكالة الدولية توقعاتها بنمو الاقتصاد الصيني إلى ( 4% ) مقابل ( 6،5 % ) في توقعات سابقة للربع الأول من عام 2020، وتتوقع مؤسسة أوكسفورد إيكونومكس ( Oxford Economics ) انخفاض النمو الصيني إلى ( 4،5 % ) خلال عام 2020، وهو الأدنى لها منذُ عام 1990، ووفقاً لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ( الأونكتاد ) تسبب فيروس كورونا بحدوث انكماش بنسبة ( 2% ) في إنتاج الصين، وهو ما أثر في مجمل انسياب الاقتصاد العالمي ([35]) .
ومن الجدير ذكره، انه حتى إن أُفترض بأن الوباء سيسرع من عجلة الصعود الصيني الاقتصادي، فإن تحقق مستوى عالٍ من الاكتفاء والرفاه، فأنه يتطلب النظر إلى الدخل القومي الفردي وليس القومي العام وحسب، فمستوى الرفاه في دولة من مليون شخص، يبلغ دخلها القومي عشرة ملايين من الدولارات، ليس مثل الذي تتمتع به دولة أخرى بنصف مليون من السكان وبذات الدخل القومي ([36]) .
ومما يُلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية أظهرت منذُ تولي إدارة دونالد ترامب مقاليد البيت الابيض، إنكفاءً قومياً واضحاً، وتخلياً نسبياً عن دورها القيادي في العالم، بما في ذلك في التعامل مع ازمة الوباء، ولكن هذا الأنكفاء قد لا يستمر طويلاً، بعد نهاية ولاية ترامب، الأهم أنه وبغض النظر عن سياسات الإدارة الأميركية، ثمة اتفاق بين دارسي صعود وإنحدار القوى الكبرى حول حقيقة أن القوة الاقتصادية ليست المُحدد الوحيد لوزن الدول وتأثيرها على المسرح الدولي، فثمة عشرات من وسائل التأثير الأخرى مثل، اللغة، والموروث الديني والقيمي، والفنون والآداب، ونمط الحياة السياسية والاجتماعية، التي لابد من وضعها في الاعتبار، وفي كثير من هذه المجالات لا يصعب على الصين المنافسة وحسب، بل ويستحيل أحياناً عليها المنافسة([37]) .
وفي سياق ذي صلة، سيتسبب الفصل في سلاسل التوريد بين الولايات المتحدة والصين في تفاقم التوترات بين البلدين، إذ سيصبح الصراع أكثر وضوحاً، حول قضايا تتعلق بالأمن القومي، والتأثير والنفوذ العالميين، وسيستمر الجانبان في استخدام الجوانب الاقتصادية في الصراع، كالعقوبات، وضوابط التصدير، والمقاطعة، وربما تزداد المواجهة حول هونغ كونغ وتايوان والأيغور وبحر الصين الجنوبي، وتنظر واشنطن وبكين إلى تفشي وباء كورونا بأعتباره الجولة التالية في سباق تنافسهما الجيوسياسي، إذ يُلقي المسؤولون الأميركيون باللوم على بكين في التسبب فيما وصفوه بــ ” الفيروس الصيني “([38])، ويخشون من استخدام الدول لأموال الطوارئ التي يُقدمها لهم صندوق النقد الدولي في سداد ديونهم للصين، بموجب مبادرة ” الحزام والطريق “، وفي المقابل، ستوظف بكين نجاحها في احتواء الفيروس في الترويج لنموذج الحوكمة الصيني. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، سيواجه دونالد ترامب الانتقادات الموجهة إليه في إدارة ازمة كورونا بإلقاء مزيد من اللوم على الصين، وستؤدي التوترات المتصاعدة إلى مزيد من عدم اليقين بشأن تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري([39]) بينهما، وهو ما يشك في إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية، وسيشهد العالم ما بعد كورونا ” حرباً باردة ” جديدة بين الولايات المتحدة والصين([40]) .
ووفقاً لتقارير تداعيات تفشي فيروس كورونا في العالم، فقد يلغي النتائج المُتحققة من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين، خصوصاً أن قطاعات مهمة تضمنها الاتفاق، كالزراعة والتصدير، قد توقفت، ضمن الإجراءات المُتخذة للحد من تفشي الفيروس في العالم، وترتبط مخاوف الصين من وقف حركة التصدير بينها وبين واشنطن والدول الأخرى، إذ تعتمد بكين بشكل رئيس على واردات البضائع المصدرة إلى الخارج، التي تُشكل عصب الاقتصاد، ومع تفشي هذا الفيروس وقدرته على التنقل خارج حدود الدول، ويمكن القول إن توقع انخفاض الصادرات الصينية، خاصة إلى واشنطن، سيكون حتمياً؛ بسبب إجراءات الحجر الصحي والتخوف من تداعيات تفشي الفيروس بصورة أكثر، الأمر الذي سيضر بالاتفاق التجاري بين البلدين، وسيلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي ككل([41]) .
وسيشهد العالم في الشهور المقبلة، بالتأكيد، جدلاً أخذ بالاحتدام منذ الآن، حول فعالية الدول المختلفة في التعامل مع الوباء، وما أن كان النجاح حالف الانظمة الليبرالية، التي وقع اغلبها صريع انتشار المرض والموت، أو انظمة التحكم المركزي، مثل الصين وسنغافورة، حيث العلاقة بين الحكومة وشعبها أقرب إلى العلاقة بين القائد العسكري وجنوده، وكانت الأسرع في التحكم بالوباء وعواقبه، ولكن مثل هذا الجدل لا يتعلق بجانب واحد من ازمة كورونا، فدول مثل كوريا الجنوبية وتايوان التي نجحت هي الاخرى في التعامل سريعاً مع الوباء، تتحدث بفخر عن الصلة الوثيقة بين ديمقراطيتها ونجاح جهودها، وثمة من يطرح مقارنات أخرى حول تباين المصداقية بين الأنظمة الليبرالية الديمقراطية والانظمة التحكمية السلطوية، وما تستدعيه المصداقية من الحرص على حياة البشر أو إهدارها([42]) .
وتأسيساً على ما تقدم، يمكن القول أن الوضع الجيوإستراتيجي العالمي بعد أنحسار جائحة كورونا، سيكون مختلفاً تماماً عما كان عليه في السابق، فمن المرجح جداً أن تكون تعددية الأقطاب هي الوضع الجيوسياسي الجديد، مما يؤدي إلى توازن جديد للقوى([43]) .
وما لا يجوز أن يكون محل شك أن لحظة القطب الواحد، عندما برزت الولايات المتحدة الأميركية في تسعينيات القرن الماضي، بوصفها القوة الكبرى المتفردة في قرار العالم السياسي والاقتصادي، كانت أقصر بكثير من التوقعات، ومنذُ أخذت الولايات المتحدة الأميركية في التدخل في افغانستان والعراق، في بداية العقد الأول من القرن الحالي، كانت الصين قد سجلت معدلات نمو متصاعدة بصورة مطردة([44])، وقامت روسيا بتدمير الآلة العسكرية الجورجية وفرض إرادتها على تبليسي، بدأ العالم في التحرك إلى مشهد مُتعدد القطبية . وخلال العقد المقبل، قد يصبح هذا المشهد أكثر وضوحاً، إذ ستجد الولايات المتحدة الأميركية في الصين منافساً أقتصادياً يصعب كسره، وفي روسيا منافساً عسكرياً وسياسياً، وإن كان بصورة محدودة، وفي عدد من القوى الأصغر منافساً إقليمياً أكثر إستقلالاً في قراره، ولكن بالرغم من ذلك، هناك ما يجب إلا يُغفل عنه في الولايات المتحدة الأميركية بأنها تتمتع بعناصر قوة مُتعددة وفريدة، ستساعدها في الحفاظ على موقع الدولة الأبرز والأكثر تأثيراً بين عدد من المنافسين، ربما لأكثر من عقد مقبل من الزمن([45]) .
وفي ظل هذا السياق العالمي الجديد، ستتعايش وتتنافس عدة قوى، وستكون السيادة الوطنية محور الإطار الجديد، إلى جانب القواعد المشتركة الأساسية التي اعتمدها المجتمع الدولي والمقبولة عالمياً، وفي هذا النموذج، سيظهر نظام عالمي جديد، حيث ستلعب الدولة مرة أخرى دوراً قيادياً، مصحوباً بمؤسسات متعددة الأطراف، وينبغي إنشاء هيكل دولي جديد للأمن والدفاع، بما في ذلك استراتيجية عالمية شاملة حيث جميع الموارد والأدوات متاحة للمجتمع العالمي يتم استخدامها للاستجابة بنجاح للتحولات والتغيرات المتعددة الأوجه، التي تحدث في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب . وليس هناك شك في أن تصميم هذا النظام الجديد، إذا كان له مصداقية حقيقية، يجب أن يكون له هيكل ثلاثي : سياسي واقتصادي وأمني، الأمر الذي سيسمح لمثل هذا النظام الجديد بمواجهة التحديات والتهديدات، التي قد تشكك في المبادئ والقيم العالمية التي يجب أن يقوم عليها المجتمع الدولي، وينبغي أن تكون سماته الرئيسية التضامن والثقة والتعاون الدوليين([46]) .
مرتكزات النظام الجديد
على الصعيد الجيوسياسي، نحن في فترة انتقالية، بدأت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، إذ سينتقل العالم من القطبية الأحادية إلى القطبية الثنائية أو إلى القطبية المتعددة، والتي من المحتمل أن تتبلور خلال الثلث الأول من القرن، فسيكون للنموذج الجيوسياسي الجديد للقطبية المزدوجة قطبين عظيمين يتنافسان مع بعضهما بعض، يمثل كل قطب تصنيفًاً مختلفًاً للسلطة والمثل العليا، القطب الديمقراطي عبر الأطلسي، المكون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي يقوم على الرابط عبر الأطلسي المتراجع حالياً؛ والقطب الاستبدادي الأوراسي، المكون من الصين وروسيا، بدعم من الشراكة الأوراسية، التي يتزايد نفوذها باستمرار، فهذه النسخة المعاصرة من ميزان القوى الذي سيرافقنا طوال الثلث الأول من القرن الحادي والعشرين([47]) .
ويمكن تحديد بعض أهم التغييرات التي ستحدث في العالم بعد أنحسار جائحة كورونا على النحو التالي([48]) :-
- تسريع إعادة ترتيب العالم في إطار ثنائي القطب المزدوج .
- 2- زيادة التآزر والانسجام بين الدولة، التي تتعافى بالكامل، والمؤسسات والمنظمات متعددة الجنسيات .
- 3- الحركة الجيواستراتيجية المحتملة للقطب الأوراسي ضد مصالح القطب عبر الأطلسي .
- 4- تفاقم العملية الحالية لفقدان القيادة الغربية .
ومع هذه التغييرات، ينبغي اتخاذ تدابير جديدة لجعل النظام العالمي المتجدد يعمل على مجموعة مرتكزات أهمها([49]) :-
- بما أن حياة الإنسان هي الأولوية، فيجب على العلماء والخبراء تطوير تقنيات جديدة مناسبة لمقاومة العدوى، وتوفير اللقاحات لكل من سكان المناطق الحضرية والريفية، وفي هذا المجال، المعلومات والعزلة أمران حيويان، يجب أن يرافقها إنشاء أنظمة صحية فعالة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أفريقيا .
- من الضروري تنسيق مصالح القطبين الجيوسياسيين، عبر المحيط الأطلسي والأوراسي، اللذان يدعمان أقوى قوتين جيواستراتيجيين على هذا الكوكب، وينبغي أن يكون الهدف إنشاء قيادة واحدة ومشتركة يروج لها القطبين على الصعيد العالمي، تحت مظلة الأمم المتحدة، مصحوبة بسلطات أخرى، يجب أن يكون هذا حلاً مناسباً لمواجهة كل من التهديد الحالي ( كورونا )، وتهديدات المستقبل القريب، استجابة للمصالح العالمية المشتركة، مثلما تظافرت الجهود في محاربة الإرهاب، ففي هذا السياق، من الضروري تشكيل الآليات اللازمة للتنسيق بين القوات المسلحة وقوات الأمن، والمسؤولين القضائيين وسلطات الصحة العامة في مختلف البلدان من أجل توفير استجابة فعالة للهجمات التي تسببها العوامل المعدية ( في المستقبل ) .
- إن انتعاش الاقتصاد وما يقابله من تمويل أمر لا غنى عنه، وتحقيقاً لهذه الغاية، من الضروري تصميم خطة اقتصادية ومالية لإعادة الإعمار العالمية، جميع المؤسسات المالية الدولية الرئيسية ( صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والبنك الآسيوي للاستثمار والبنية التحتية، وبنك التنمية الجديد لبلدان البريكس، بالإضافة إلى بنك التنمية للبلدان الأمريكية ومصرف التنمية لأمريكا اللاتينية، ومجموعة السبع أو مجموعات العشرين، من بين آخرين ) يجب أن يشاركوا في جهد عالمي مشترك ومنسق .
- من الضروري المضي قدماً في إصلاح نظام الأمن في الأمم المتحدة، حيث يتم دمج القوى العظمى والقوى الثانوية في مجلس الأمن، مع تحمل الثقل الجيوسياسي الذي يقابلها .
فمن أجل جعل هذا النظام العالمي متماسكاً قدر الإمكان، يجب تحديد الأهداف المشتركة الرئيسية، والتي أشار لها ميثاق الأمم المتحدة، من تحقيق السلام والاستقرار في جميع مناطق العالم إلى إنشاء الحد الأدنى من القاسم المشترك للأخلاقيات، والأخلاق التي يقبلها المجتمع الدولي بالكامل، وضمان العدالة وحقوق الإنسان وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق أكبر قدر من الازدهار للمجتمع الدولي، علماً أنه لن يكون التحدي الكبير هو تحقيق توافق في الآراء حول هذا النظام فحسب، بل أيضاً تحقيق توافق في الآراء حول معنى وتنفيذ كل عنصر من هذه العناصر([50]) .
وباختصار، من المحتمل أنه في رقعة الشطرنج العالمية الحالية والمتوقعة بعد انحسار جائحة كورونا، سيكون النظام الجيوسياسي الجديد مفضلاً في البداية للقطب الأوراسي، ومع ذلك، قد يوفر السيناريو نفسه فرصة للقطب عبر الأطلسي ( الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي ) لإعادة إطلاق نفسه، وتوحيد القوى، وتصبح أكثر تماسكاً، وتجنب المزيد من التناقضات، ويجب التغلب على نظرية أوسفالد شبنغلر ( Oswald Spengler )([51]) المتشائمة للغرب منذ قرن مضى، وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب تعزيز الرابط عبر الأطلسي في أقرب وقت ممكن، وهذا تحدٍ كبير، والانتخابات الرئاسية لعام 2020 في الولايات المتحدة هي مفترق طرق محدد([52])
الخاتمة :-
يُعد الاقتصاد الصيني هو المتضرر الأكبر من جراء انتشار هذا الفيروس؛ نتيجة للإجراءات الصارمة التي اتُّخِذتها من أجل مكافحته، إضافة إلى عدم قدرتها على الاستفادة المباشرة من مخرجات المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة، وتضررت سمعتها، التي تحتاج إلى وقت لتجاوزها، بعد إن اتهمتها الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها ( بريطانيا ) بأن الصين هي من تقف خلف هذا الفيروس، وهي متورطة في نشره، حتى وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بــ ” الفيروس الصيني “، رغم إن الصين ترفض هذه الاتهامات والتسمية، لكنها حاولت معالجة هذه الموقف من خلال تقديمها مساعدات طبية للعديد من الدول، وإرسالها خبرائها للدول المنكوبة، كصربيا وإيطاليا وأسبانيا، وربما تمكنها (الصين) هذه المساعدات في محو الصورة التي روجت لها الولايات المتحدة، والتي أصرت على اتهام الصين، وربما ستقود حملة إعلامية كبيرة _ وهي جارية الآن _ تضم العديد من الدول، تطالب فيها الصين بدفع تعويضات عن الخسائر التي لحقت بالدول التي تضررت من هذه الفيروس . وفي هذا الصدد، يمكن القول أن الانسحاب الأميركي من منظمة الصحة العالمية، ستكون له آثار كبيرة على مستوى العالم صحياً، فربما ستعمل الولايات المتحدة على تشكيل منظمة صحية عالمية جديدة، تضم الولايات المتحدة مع حلفائها، وتنهار منظمة الصحة العالمية الحالية تدريجياً، أو ربما يعود الدعم الأميركي مُجدداً _ في حال فاز بايدن بالانتخابات الأميركية _ للمنظمة، لكن وفق رؤية جديدة تُحدد مقاساتها الولايات المتحدة .
ومهما تكن الآثار والتداعيات التي سيخلفها الفيروس، فمن المؤكد أن التنافس الاقتصادي بينهما ( الولايات المتحدة والصين ) ستكون اضراره بالغة عليهما، وهو ما سيدفعهما للتوافق على سبل وطرق تدفع باتجاه إعادة إنعاش اقتصادهما؛ لتعويض الإضرار الكبيرة التي تسبب ويتسبب بها الفيروس، ثم يعاودان التنافس الاقتصادي مُجدداً . وبذلك، لا يمكن التنبوء بنهاية الاقتصاد النيوليبرالي مادامت الولايات المتحدة هي ابرز اقطابه .
ومن الجدير ذكره، ظهرت قبل وإبان انتشار الفيروس طروحات عديدة تدعم مسألة انحسار الهيمنة الأميركية على العالم وتبوء الصين مكانها، إلا أنه لا يمكن القول أن الولايات المتحدة الأميركية ستتنازل عن مكانتها في صدارة العالم وقيادته، وأن كشفت جائحة كورونا عن تلكؤها في التعامل معه، وحماية ارواح الأميركيين، إلا أن التنافس الأميركي – الصيني لقيادة العالم _ أقتصادياً وتكنولوجياً _، لا يمكن حصره بمسألة الحد من جائحة كورونا، وأن سلمنا جدلاً ان التعامل مع الجائحة يعد من المؤشرات المهمة لتغليب احدهما على الآخر، فالصين هي الأخرى اخفقت في احتوى الجائحة بصورة رسمية، ولغاية اليوم الاربعاء الموافق ( 15 / 7 / 2020 )، ظهرت اصابات جديدة في العديد من المدن الصينية، وهذا يعطي انطباع أن الصين لم تنجح في حماية سكانها بعد .
وبناء على ما تقدم، فهناك ثلاثة احتمالات لقيادة العالم جميعها لصالح الولايات المتحدة الأميركية، وهي :
- في حال نجحت الولايات المتحدة الأميركية في اكتشاف العلاج _ وهو ما يجري الآن بالتعاون مع بريطانيا _، فهذا يعني استمرار تفوقها في قيادة العالم .
- أما إذا نجحت الصين في أكتشاف العلاج، فهذا لا يجعلها ترتقي إلى صدارة العالم، بل يجعلها منافس قوي جداً للولايات المتحدة الأميركية، ومن الممكن أن تتبوئها في اقرب فرصة ممكنة .
- وفي حال اكتشفت احدى دول الإتحاد الأوروبي العلاج، فهذا يعني استمرار الصدارة الأميركية على العالم، لكن ستكون المنافسة جدا قوية بين دول الإتحاد الاوروبي والصين، للإطاحة بالولايات المتحدة الأميركية، أي ان العالم ما بعد الجائحة، سيكون انعكاس للعالم إبان الجائحة .
ولو عقدنا مقارنة بسيطة وعامة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، تظهر اغلب نتائجه لصالح الولايات المتحدة :-
- الجانب السياسي :- أن الثقل السياسي الأميركي أقوى من الصيني، لأن الولايات المتحدة مرتبطة مع دول العالم بشبكة من التحالفات والاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية وغيرها، على عكس الصين، التي لم تكن لديها تحالفات سياسية أو عسكرية دولية بمستوى الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن دورها وتأثيرها في مجلس الأمن الدولي، وسعيها الحثيث على أدخال ألمانيا واليابان إلى العضوية الدائمة لمجلس الأمن، لتضمن ( الولايات المتحدة ) صوتهما في اي قرار دولي تتبناه . أضف إلى ذلك، أن النظام الحاكم في الولايات المتحدة الأميركية هو نظام ديمقراطي تتنافس فيه الاحزاب في الانتخابات، ومستوى الحرية متحقق لأغلب المواطنين الأميركيين، على عكس الصين، التي تحكم قبضتها حكومة شمولية أحادية الحزب، فيها الانسان مجرد آلة للأنتاج .
- الجانب الاقتصادي :- الاقتصاد الأميركي بحكم الارقام هو الأول على العالم، ثم الاقتصاد الصيني، قبل انتشار الفيروس، وإبان مدة انتشاره، فالاقتصاد الصيني، الأكثر تضرراً من الأميركي، لأن مدينة ووهان بؤرة الفيروس هي من المناطق الصناعية المهمة، وبالتالي توقف أنتاجها نتيجة لأجراءات الحظر والحجر الصحي الإجباري، وبعد انحسار الجائحة، ربما سيلجأ الجانبين الأميركي والصيني إلى الجلوس مُجددأ لأكمال المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري، لينهض اقتصادهما، وبعدها، يعود التنافس الأقتصادي مُجدداً، إلا في حالة اوقف الرئيس الأميركي الاتفاق التجاري مع الصين، فضلاً عن ذلك، أن حجم الاستثمارات الأميركية على مستوى العالم أكبر من الصينية .
- الجانب الثقافي :- لازالت الثقافة الغربية ولاسيما الأميركية صاحبة التأثير الأكبر على دول العالم، بحكم عوامل عدة، منها :-
- اللغة الانجليزية وعالميتها على عكس اللغة الصينية التي تقف ربما عند اسوار الصين .
- الاعلام والفضائيات ومواقع التواصل الأجتماعي ذو التوجيه الغربي ( خاصة الأميركي ) تدعم التفوق الأميركي العالمي .
- وكالات الفضاء والنتاجات العلمية الأميركية المستمرة تفوق نسبياً التكنولوجيا الصينية .
- الجانب العسكري :- لازالت الولايات المتحدة الأميركية تمتلك أكبر ترسانة عسكرية في العالم، وتخصص مبالغ طائلة لمواصلة التفوق العسكري على مستوى العالم، وتملك قواعد عسكرية منتشرة في اغلب دول العالم، على عكس الصين، التي كان تركيزها على الجانب الاقتصادي أكثر من العسكري، طبقاً للأرقام المعلنة من الجانبين .
- الجانب الصحي :- الولايات المتحدة وأن وقفت _ إلى الآن _ عاجزة عن أيجاد لقاح للفيروس، إلا أنها تتقدم كثيراً على الصين، وإذا قارنا مستوى البلدين في مواجهة الفيروس، فالصين فشلت في احتوى الفيروس، وانتشر على مستوى العالم، وهي متهمة بتعمد نشره في العالم، أما على مستوى الأصابات، فالكثير يُشكك بالارقام المعلنة من الصين، قياساً لما تعلنه الولايات المتحدة الأميركية من أرقام، والتي تُعد قريبة جداً من الصحة .
وعلى أساس ما تقدم، أن المنافسة الأميركية – الصينية، ستستمر بينهما وفي المجالات كافة ، وأن كان الاقتصادي أبرزها، لكن ستبقى الولايات المتحدة الأميركية في قمة النظام العالمي، لكن من المحتمل أن تتسلم الصين هذه المكانة بعد سنوات عدة، إذا نجحت في بناء شبكات من التحالفات السياسية والاقتصادية ( مشروع الحزام والطريق ) والعسكرية والثقافية وغيرها، والتي يمكن أن تضاهي الركائز التي تسلقت من خلالها الولايات المتحدة الأميركية قيادة العالم في ظل القطبية الاحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي .
قائمة المراجع والمصادر
أولاً :- مراجع اللغة العربية :-
- الكتب:-
- أنجيلا ليفين، مارجريت تاتشر، ترجمة :- مصطفى محمد علي عبد الله، كلية الدراسات العليا – كلية اللغات، السودان، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، 2015 .
- جلال أمين، العولمة، ط1، القاهرة، دار الشروق، 2009 .
- حسن نافعة، الأمم المتحدة في نصف قرن: دراسة في تطور التنظيم الدولي منذ 1945، سلسلة عالم المعرفة، رقم 202، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1995 .
- داودي ميمونة، ظهور الأزمات المالية : دراسة أزمة الكساد الكبير ( 1929 – 1933 ) والازمة المالية ( 2007 – 2008 )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التجارية وعلوم التسيير ( المدرسة الدكتورالية للاقتصاد وإدارة الأعمال )، جامعة وهران، 2014 .
- ديفيد هارفي، الوجيز في تاريخ النيوليبرالية، ترجمة :- وليد شحادة، دمشق، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ( وزارة الثقافة )، 2013 .
- فراس البيطار, الموسوعة السياسة والعسكرية, ج1, الأردن، دار أسامة للنشر والتوزيع, 2003 .
- محمد حبيب صالح ومحمد يوفا, قضايا عالمية معاصرة ( دراسات في العلاقات الدولية المعاصرة ), ط1, دمشق، منشورات جامعة دمشق, 1999 .
- القوانين والمواثيق الدولية :-
- البنك الدولي للإنشاء والتعمير، اتفاقية إنشاء البنك الدولي للإنشاء والتعمير، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، 16 شباط 1989، ص1 – 53 .
- صندوق النقد العربي، الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصادات العربية، صندوق النقد العربي، كانون الأول 2008، ص1 – 23 .
- معهد تنمية القدرات ( صندوق النقد الدولي )، سياسات وممارسات صندوق النقد الدولي في مجال تنمية القدرات، صندوق النقد الدولي، واشنطن، 26 آب 2014، ص1 – 16 .
- المقالات :-
- إسراء إسماعيل، الركود الجيوساسي : المخاطر العشرة الأكثر تأثيراً في عالم ما بعد كورونا، مركز المستقبل للدراسات والابحاث ( مجموعة أوراسيا )، الاثنين، 4 أيار 2020، ص1 – 3 .
- فاطمة الطروانة، عوامل تدهور الحضارة الغربية : دراسة تأريخية سوسيولوجية تحليلية في ضوء نظرية الفيلسوف الألماني أوسفالد شبنغلر، مجلة دراسات ( العلوم الإنسانية والاجتماعية )، مج43، ملحق 3، الجامعة الأردنية، 2016، ص1471 – 1479 .
- فريدريك فانيورون، الإنفلونزا الإسبانية : عودة إلى وباء 1918 – 1919، ترجمة : محمد حبيدة، قسم الفلسفة والعلوم الإنسانية : مركز مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط، 15 ابريل 2020، ص3 – 20 .
- محمد أيمن عزت الميداني، الأزمة المالية العالمية : أسبابها وتداعياتها ومنعكساتها على الاقتصاد العالمي والعربي والسوري، محاضرة أُلقيت في ندوة الثلاثاء – جمعية العلوم الاقتصادية السورية، سوريا، 2009، ص1 – 17 .
- مركز الجزيرة للدراسات، ما بعد وباء كوفيد 19 : أي عالم يمكن توقعه؟، مركز الجزيرة للدراسات، قطر، 13 نيسان 2020، ص 2 – 11 .
- مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، تأثيرات كورونا على التنافس الاقتصادي بين الصين وأمريكا، منشورات وحدة الرصد والتحليل : مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، اسطنبول، 2020، ص3 – 9 .
- مراجع باللغة الإنجليزية :-
- الكتب :-
- Gian Luca Gardini (ed.), The world before and after Covid-19 : Intellectual reflections on politics, diplomacy and international relations, Stockholm, Published by European Institute of International Studies, 2020 .
- المقالات :-
- Barry Eichengreen, The Marshall Plan: History,s Most Successful Structural Adjustment Program, The Center for German and European Studies of The University of California at Berkeley, October 1991 .
- Jeffery K.Taubenberger and David M.Morenst, 1918 Influenza : The Mother of All Pandemics, Emerging Infectious Diseases, www.cdc.gov/eid, Vol.12, No.1, January 2006, Pp. 15 – 22 .
- Jim Nichol, Russia – Georgia Conflict in August 2008 : Context and Implications for U.S. Interests, Congressional Research Service, U.S.A., 3 March, 2009, Pp.1 – 36 .
- Melvyn P.Leffler, Ronald Reagan and The Cold War : What Mattered Most, Texas National Security Review, Vol.1, Issuue.3, May 2018, Pp.77 – 89 .
- Michael Cox and Caroline Kenney – Pipe, Special Forum: The Marshall Plan and the Origins of The Cold War: The Tragedy of American Diplomacy?, Journal of Cold War Studies, Vol.7, No. 1, Harvard College and the Massachusetts Institute of Technology, Winter 2005
- الإنفلونزا الإسبانية :- أشد الاوبئة التي حدثت في تأريخ البشرية، ويعتقد أنها تسببت في وفاة ( 20 – 50 ) مليون في انحاء العالم، ولشدتها، وصفت بأنها الفيروس الثاني الأكثر دراسة في العالم، بعد فيروس العوز المناعي البشري ( HIV ) . للتوسع في المعلومات يُنظر :-
فريدريك فانيورون، الإنفلونزا الإسبانية : عودة إلى وباء 1918 – 1919، ترجمة : محمد حبيدة، قسم الفلسفة والعلوم الإنسانية : مركز مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط، 15 ابريل 2020، ص3 – 20؛ Jeffery K.Taubenberger and David M.Morenst, 1918 Influenza : The Mother of All Pandemics, Emerging Infectious Diseases, www.cdc.gov/eid, Vol.12, No.1, January 2006, Pp. 15 – 22 .
- مركز الجزيرة للدراسات، ما بعد وباء كوفيد 19 : أي عالم يمكن توقعه؟، قطر، مركز الجزيرة للدراسات، 13 نيسان 2020، ص2 .
- المصدر نفسه، ص2.
- للتوسع في سياسات وممارسات صندوق النقد الدولي يُنظر :-
معهد تنمية القدرات ( صندوق النقد الدولي )، سياسات وممارسات صندوق النقد الدولي في مجال تنمية القدرات، صندوق النقد الدولي، واشنطن، 26 آب 2014، ص1 – 16 .
- للتوسع في عمل ونشاط البنك الدولي للإنشاء والتعمير، يُنظر :-
البنك الدولي للإنشاء والتعمير، اتفاقية إنشاء البنك الدولي للإنشاء والتعمير، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، 16 شباط 1989، ص1 – 53 .
- أزمة ( 2008 – 2009 ) :- تُعد أسوء كارثة اقتصادية منذ الكساد العظيم، والتي أدت إلى تدمير الاقتصاد العالمي في عام 2008، أدى ذلك إلى ما يُعرف بــ ” الركود الكبير “، والذي أدى إلى انخفاض اسعار المساكن وارتفاع حاد في معدلات البطالة، وكانت تداعياتها هائلة وما زالت تؤثر على الأنظمة المالية اليوم . في الولايات المتحدة فقد أكثر من ثمانية ملايين مواطن وظائفهم، وتم تدمير ما يقرب من ( 2.5 ) مليون عمل، وحُجزت حوالي أربعة ملايين منزل في أقل من عامين . ومن انعدام الأمن الغذائي إلى عدم المساواة في الدخل، فقد العديد من المواطنين الثقة في النظام. على الرغم من أن الركود انتهى رسمياً في عام 2009، إلا أن المعاناة استمرت، خاصة في الولايات المتحدة، إذ بلغ معدل البطالة ( 10 ٪ ) في عام 2009، وتم استرداده إلى مستويات ما قبل الأزمة فقط في عام 2016 . للتوسع في تفاصيل الأزمة وآثارها يُنظر :-
صندوق النقد العربي، الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصادات العربية، صندوق النقد العربي، كانون الأول 2008، ص1 – 23؛ محمد أيمن عزت الميداني، الأزمة المالية العالمية : أسبابها وتداعياتها ومنعكساتها على الاقتصاد العالمي والعربي والسوري، محاضرة أُلقيت في ندوة الثلاثاء – جمعية العلوم الاقتصادية السورية، سوريا، 2009، ص1 – 17 .
- الكساد العظيم :- هو أكبر وأهم مدة تدهور اقتصادي عرفها التاريخ الحديث، ويُعد في القرن الحالي مؤشراً لقياس العمق الذي يمكن أن يهوي إليه الاقتصاد العالمي، وكانت أسواق المال الأميركية أول ضحايا الأزمة، وتم التاريخ لها بأنهيار بورصة نيويورك في حي المال أو ( وول ستريت ) يوم 24 تشرين الأول الأول عام 1929، الذي أطلق عليه ” الخميس الأسود “، وتبعه ” الثلاثاء الأسود ” يوم 29 تشرين الأول من السنة نفسها، وحدث ذلك بسبب طرح ( 13 ) مليون سهما للبيع، لكنها لم تجد مشترين، لتفقد قيمتها . ونشر الوضع الاقتصادي الذعر لدى المستثمرين في البورصة، وبادر الوسطاء إلى البيع بكثافة، ليجد آلاف المساهمين بعد ذلك أنفسهم مفلسين . للتوسع في الازمة وآثارها يُنظر :-
داودي ميمونة، ظهور الأزمات المالية : دراسة أزمة الكساد الكبير ( 1929 – 1933 ) والازمة المالية ( 2007 – 2008 )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التجارية وعلوم التسيير ( المدرسة الدكتورالية للاقتصاد وإدارة الأعمال )، جامعة وهران، 2014 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص4 .
- مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، تأثيرات كورونا على التنافس الاقتصادي بين الصين وأمريكا، منشورات وحدة الرصد والتحليل : مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، اسطنبول، 2020، ص8 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص 4 – 5 .
- المصدر نفسه، ص5.
- إسراء إسماعيل، الركود الجيوساسي : المخاطر العشرة الأكثر تأثيراً في عالم ما بعد كورونا، مركز المستقبل للدراسات والابحاث ( مجموعة أوراسيا )، الاثنين، 4 أيار 2020، ص2 .
- مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص3 .
- النيوليبرالية ( Neoliberalism ) :- هي مصطلح تغير استخدامه وتعريفه بمرور الوقت، منذ ثمانينيات القرن العشرين، كان المصطلح يستخدم من الباحثين والنقاد بصفة أساسية للإشارة إلى تجدد أفكار القرن التاسع عشر المرتبطة بليبرالية اقتصاد عدم التدخل، التي بدأت في السبعينيات والثمانينيات، والتي تدعم سياسة التحرر الاقتصادي الموسع مثل الخصخصة، التقشف المالي، نزع الضوابط، التجارة الحرة، وتقليل الإنفاق الحكومي بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وتشتهر النيوليبرالية بارتباطها بالسياسات الاقتصادية التي طرحتها مارجريت تاتشر في المملكة المتحدة ورونالد ريغان في الولايات المتحدة . للتوسع يُنظر :-
ديفيد هارفي، الوجيز في تاريخ النيوليبرالية، ترجمة :- وليد شحادة، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ( وزارة الثقافة )، دمشق، 2013 .
- رونالد ريغان ( 1911 – 2004 ) :- ممثل وسياسي أميركي، وهو الرئيس الاربعين للولايات المتحدة الأميركية، وامتدت مرحلة حكمه خلال ( 1981 – 1989 )، خلال حكمه، انخفضت معدلات البطالة والتضخم، وازدهر التصنيع والتصدير، وعمل على كسر شوكة الإتحاد السوفيتي عن طريق بناء ترسانة عسكرية ضخمة، تعتمد على احدث التقنيات المتوفرة وقتذاك، وعندما توفي كان اكبر رئيس أميركي يُعمر، إذ بلغ عمره ( 93 ) سنة و ( 119 ) يوماً . للتوسع يُنظر :- =
= Melvyn P.Leffler, Ronald Reagan and The Cold War : What Mattered Most, Texas National Security Review, Vol.1, Issuue.3, May 2018, Pp.77 – 89 .
(1) مارغريت تاتشر ( 1925 – 2013 ) :- سياسية بريطانية، اشتهرت بــ” المرأة الحديدية “، كانت أول رئيسة وزراء في أوروبا، وأول أمرأة تتزعم حزب المحافظين في تأريخ بريطانيا، وأول شخصية بريطانية تكسب ثلاثة انتخابات متتالية، إذ تولت منصب رئاسة وزراء بريطانيا خلال الحقبة ( 1979 – 1990 )، ومُنحت في عام 1992 لقب ” البارونة ” . للتوسع يُنظر :-
أنجيلا ليفين، مارجريت تاتشر، ترجمة :- مصطفى محمد علي عبد الله، كلية الدراسات العليا – كلية اللغات، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، السودان، 2015 .
- (2) مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص5 .
- (3) المصدر نفسه، ص5.
- المصدر نفسه، ص6.
- مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص9 .
- العولمة :- ظاهرة عالميّة تسعى إلى تعزيز التكامل بين مجموعة من المجالات الماليّة، والتجاريّة، والاقتصاديّة وغيرها، وتساهم العولمة في الربط بين القطاعات المحليّة والعالميّة؛ من خلال تعزيز انتقال الخدمات، والسلع، ورؤوس الأموال، وتُعرَّف العولمة، بأنّها عملية تطبقها المنظمات، والشركات، والمؤسسات بهدف تحقيق نفوذ دوليّة، أو توسيع عملها ليتحول من محليّ إلى عالميّ . للتوسع يُنظر :- جلال أمين، العولمة، ط1، دار الشروق، القاهرة، 2009 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص6 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص6 – 7 .
- إسراء إسماعيل، المصدر السابق، ص2 .
- هو برنامج شجع الدول الأوربية على العمل معاً للإنعاش الأقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، ففي حزيران 1947 وافقت الولايات المتحدة الأميركية على مساعدة دول أوروبا، وكان الأسم الرسمي للمشروع هو ( برنامج الإنعاش الأوربي ). وقد أطلق عليه مشروع مارشال نسبة إلى وزير الخارجية الأميركي جورج مارشال، الذي يعد أول من دعا لأيجاده . بدأ هذا المشروع في نيسان 1948 عندما وافق الكونغرس الأميركي على إنشاء ” إدارة التعاون الأقتصادي” لتشرف على المساعدة الأجنبية. وأقامت سبعة عشر دولة منظمة ( التعاون الأقتصادي الأوربي )، لمساعدة إدارة التعاون الأقتصادي. قامت الولايات المتحدة الأميركية بإرسال ما قيمته حوالي ( 13 ) بليون دولار من الأغذية والآلآت والمنتجات الأخرى إلى أوربا. أنتهت المساعدة في عام 1952، وفي عام 1961 حلت ” منظمة التعاون الأقتصادي والتنمية ” محل إدارة التعاون الأقتصادي . للتوسع يُنظر :
فراس البيطار, الموسوعة السياسة والعسكرية, ج1, دار أسامة للنشر والتوزيع, الأردن, 2003, ص145-146؛ Barry Eichengreen, The Marshall Plan: History,s Most Successful Structural Adjustment Program, The Center for German and European Studies of The University of California at Berkeley, October 1991; Michael Cox and Caroline Kenney – Pipe, Special Forum: The Marshall Plan and the Origins of The Cold War: The Tragedy of American Diplomacy?, Journal of Cold War Studies, Vol.7, No. 1, Harvard College and the Massachusetts Institute of Technology, Winter 2005 .
- Gian Luca Giardini (ed.), The world before and after Covid-19: Intellectual reflections on politics, diplomacy and international relations, Published by European Institute of International Studies, Stockholm, 2020, p.36.
(3) للتوسع في تأسيس منظمة الأمم المتحدة ينظر:- =
= حسن نافعة، الأمم المتحدة في نصف قرن: دراسة في تطور التنظيم الدولي منذ 1945، سلسلة عالم المعرفة، رقم 202، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1995، ص 43 – 75؛ محمد حبيب صالح ومحمد يوفا, قضايا عالمية معاصرة ( دراسات في العلاقات الدولية المعاصرة ), ط1, منشورات جامعة دمشق, دمشق, 1999, ص25 – 39 .
- Gian Luca Gardini (ed.), Op. Cit., p.36 .
(2) مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص8 .
- للتوسع في هذه الحرب، يُنظر :-
Jim Nichol, Russia – Georgia Conflict in August 2008: Context and Implications for U.S. Interests, Congressional Research Service, U.S.A., 3 March 2009, Pp.1 – 36.
- Gian Luca Gardini (ed.), Op. Cit., Pp.36 – 37 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص8 – 9 .
- شهد الاقتصاد الصيني قفزات مذهلة خلال الحقبة السابقة، ففي عام 2000 تجاوز الناتج الملحي الإجمالي للصين نظيره الإيطالي، وفي عام 2005، تجاوز نظيره الفرنسي، وفي عام 2007، تفوق على المملكة المتحدة، وفي عام 2009، تجاوز اليابان، ليستقر بعد ذلك كثاني اقتصاد على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية .
مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص3 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص 9 .
- مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص6 – 7 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص 9 .
- المصدر نفسه، ص 9 – 10.
- (4) استنكرت الحكومة الصينية إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تسمية كورونا بالفيروس الصيني، وأتهمت في 3 شباط 2020 الولايات المتحدة الأميركية بالمبالغة في رد الفعل على التفشي وتأجيج الذعر .
مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص3 .
- (1) وقع الطرفان في 15 كانون الثاني 2020 أول مرحلة من الاتفاق التجاري، الذي يتضمن إجراءات حول ( حقوق الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا والمنتجات الغذائية والزراعية، والخدمات المالية وسعر الصرف والشفافية وزيادة التجارة والتقييم المُتبادل وتسوية المنازعات )، وتعهدت الصين فيه بشراء بضائع أميركية إضافية بقيمة ( 200 ) مليار دولار خلال السنتين المقبلتين، تتضمن المنتجات الزراعية الأميركية، والحفاظ على استقرار عملتها، وفتح أسواق الخدمات المالية أمام الشركات الأميركية، مقابل إلغاء الولايات المتحدة الرسوم الجمركية المفروضة على سلعها، ومن بينها الهواتف الذكية بنسبة ( 16% ) مقارنة بـــ ( 25% ) قد فُرضت سابقاً . مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص5 .
- إسراء إسماعيل، المصدر السابق، ص2 .
- مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص5 .
- (4) مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص 9 – 10 .
- Gian Luca Gardini (ed.), Op. Cit., p. 37 .
- على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، أستمر الاقتصاد الصيني في تحقيق معدلات نمو مرتفعة، خاصة في العقدين الماضيين، مكَّن الصين من تبوء المرتبة الثانية في الاقتصاد على المستوى العالمي، معتمدة تنوع سياساتها الاقتصادية وتبنيها لإستراتيجية ( الحزام والطريق )، التي تتضمن محاور عدة؛ منها المحور التجاري الذي ترغب الصين من خلاله في المحافظة على مكانتها في التصدير على مستوى عالمي، والمحور النقدي، الذي تحرص من خلاله على زيادة التبادل التجاري بالعملة الصينية؛ لتضمن تقليل تكلفة التبادل التجاري وتقليل مخاطر تقلبات أسعار الصرف بالنسبة لشركاتها مقابل العملات الاجنبية، والمحور الجيوسياسي، إذ تهدف الصين من خلال هذه الاستراتيجية إلى التوسع في التصدير عن طريق الحزام ( الحدود البرية ) والطريق ( الحدود البحرية )، وهو ما يُشير إلى عدم أقتصار الاستراتيجية الصينية على البعد الاقتصادي وحسب، بل إن لها أبعاداً سياسية قد تعمل على خلق تحالفات جديدة على مستوى العالم . مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، المصدر السابق، ص4 .
- مركز الجزيرة للدراسات، المصدر السابق، ص 10 .
- Gian Luca Gardini (ed.), Op. Cit., Pp. 37 – 38 .
- Ibid, p. 38.
- Ibid.
- Ibid, Pp. 38 – 39.
- Gian Luca Gardini (ed.), Op. Cit., p. 39 .
- للتوسع في نظرية أوسفالد شبنغلر، يُنظر :-
فاطمة الطروانة، عوامل تدهور الحضارة الغربية : دراسة تأريخية سوسيولوجية تحليلية في ضوء نظرية الفيلسوف الألماني أوسفالد شبنغلر، مجلة دراسات ( العلوم الإنسانية والاجتماعية )، مج43، ملحق 3، الجامعة الأردنية، 2016، ص1471 – 1479 .
- Gian Luca Gardini (ed.), Op. Cit., p. 39 .