م. د رائد حمدان عاجب المالكي
جامعة ميسان / كلية العلوم السياسية
ملخص :
ان حدثا كبيرا بمستوى ” جائحة كورونا” له تأثير كبير على حياة البشرية ، لا يمكن ان يحصل من دون ان يكون له تأثير كبير أيضا على مستقبل الديمقراطية كمذهب ونظام حكم سياسي، سواء بالنسبة لأنظمة الحكم ام للديموقراطية والمبادئ والقيم التي تستند لها إليها. ان آثار ذلك برزت مع اتخاذ أولى الإجراءات لمواجهة خطر الفايروس وسيظهر كثير منها في المستقبل.
:Abstract
A major event at the level of the “Corona pandemic” that has a major impact on the life of mankind, cannot happen without it also having a major impact on the future of democracy as a doctrine and a political system of government, whether in terms of systems of government or in relation to democracy and the principles and values on which it is based. The effects of this have emerged with the first measures taken to confront the virus, and many of them will appear in the future.
المقدمة
موضوع البحث:
يشهد العالم تأثيرات مختلفة وواسعة لجائحة كورونا شملت مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فضلا عن الوضع الصحي لشعوب الكرة الأرضية. واذا كان التأثير المباشر لهذه الجائحة يبرز من خلال العدد الكبير والمتزايد لحالات الوفاة والإصابة التي تجاوزت بمجموعها الملايين. فان التأثيرات غير المباشرة لهذا الحدث العالمي تبدو اكبر واوسع نطاقا وقد شملت الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية وحقوق الانسان وغيرها.
لكننا يمكن ان نرصد تأثيرا اخر على درجة من الأهمية ستتضح معالمه في المستقبل بشكل اكبر ، وهو يتعلق بمستقبل الديموقراطية في عالم ما بعد كوفيد 19 ، لأننا نرى الآن كيف أن تعامل الدول بانظمتها السياسية المختلفة قد مثل اختبارا صعبا للفلسفة السياسية لها ولايدلوجياتها ومذاهبها ، وكيف أنها واجهت تحدي كبير لقدرتها على مواجهة خطر الوباء مع الحفاظ على منظومة القيم السياسية التي يبتني عليها نظامها السياسي.
إن دولا معروفة بعدم ديموقراطيتها مثل الصين كانت انظمتها اكثر قدرة على مواجهة خطر الوباء من دول اخرى معروفة بلبراليتها وديموقراطيتها مثل ايطاليا واسبانيا وبريطانيا. وان هذه الدول الاخيرة لجأت مضطرة في الاونة الاخيرة الى تجاوز حدود الفلسلفة السياسية التي تقوم عليها.
وهنا يبدو التساؤل منطقيا عن مستقبل الديموقراطية في عالم ما بعد كوفيد 19 لذا تم اختيار هذا الموضوع. وسنقوم ببحث تحدي كوفيد 19 لمنظومة القيم الديموقراطية الغربية، التغيرات المتوقعة في الانظمة السياسية واحتمالية تراجع الديموقراطية.
مشكلة البحث :
يتصدى إلى الإجابة عن التساؤلات الآتية التي تمثل بمجموعها مشكلة البحث وهي : ما التغيرات المتوقعة على أنظمة الحكم السياسية كتداعيات محتملة لجائحة كورونا ؟ وما التغيرات والتأثيرات المتوقع حصولها على الديمقراطية في العالم بعد كورونا ؟ وهل ستتاثر فلسفة الحقوق والحريات في العالم وهل سيترتب على ذلك تغيير في التشريعات ؟ .
خطة البحث :
ولأجل تسهيل مهمة البحث سنقوم بتقسيمه وفق الخطة العلمية على مبحثين :
المطلب الاول : تداعيات كورونا وتأثيره في أنظمة الحكم السياسية
المطلب الثاني: تداعيات كورونا وتأثيره على الديموقراطية
المطلب الثالث: تأثير كورونا على العولمة
المطلب الأول
تداعيات كورونا وتأثيره في أنظمة الحكم السياسية
لقد أحدث فيروس كورونا تاثيرات مختلفة بالنسبة لأنظمة الحكم السياسية بجميع أصنافها وأنواعها، لكننا سنقف هنا عند بعض من تداعيات هذا الفايروس فيما يخص تاثيره على العلاقة بين السلطات، وفيما يخص دوره في إعادة هندسة بعض أنظمة الحكم من حيث نطاق المهام والصلاحيات.
الفرع الأول
تداعيات كورونا وتأثيره على العلاقة بين السلطات
اعتنقت معظم دساتير العالم مبدأ الفصل بين السلطات وقضت بتوزيع وظائف الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية على هيئات مستقلة عن بعضها ولكن مع وجود جوانب للعلاقة تضمن وحدة الدولة والتعاون والتوازن بين سلطاتها.
ولان جائحة كورونا خلقت تحديات كبيرة لعمل السلطات لذا فإنها أثرت على العلاقة بينها من نواحي متعددة نذكر منها:
أولا : ازدياد هيمنة السلطة التنفيذية ورجحان كفتها
يشير واقع النظم السياسية المعاصرة إلى تعاظم أهمية ممارسة الوظيفة التنفيذية ورجحان كفة السلطة المختصة بها على سائر السلطات([1])، ويعود ذلك إلى عدة أسباب من بينها إعطاء السلطة التنفيذية سلطات واسعة في أوقات الظروف الاستثنائية فقد ذهبت مجموعة كبيرة من الدساتير إلى إعطاء الحكومة سلطات واسعة عند قيام ظرف طارئ أو استثنائي مع إيجاد ضوابط اجرائية وموضوعية تنظم تلك السلطات . ومن الدساتير التي نظمت هذا الموضوع الدستور الفرنسي لسنة 1958 ([2]).
ويقصد بالظروف الاستثنائية، ( أحداث الحرب و الفتن والبلابل و الثورات و الانقلابات المدبرة، و كل الحالات الخطيرة التي من شانها المساس بالنظام العام و تهديده.) ([3]).
وقد تكون هذه الظروف خارجية كأن تقع حرب عالمية أو عامة أو حرب إقليمية، وقد ينشر وباء في المنطقة التي تحيط بالدولة أو تتدخل إحدى الدول الأجنبية في السيادة الداخلية لدولة ما أو تثير فيها بعض الفتن. وقد تكون داخلية كحدوث أزمة اقتصادية أو سياسية أو ثورة أو تدبير انقلاب أو انتشار فتنة أو وباء إلى غيرها من حالات المساس الخطير بالنظام العام.
ومع توجه أكثر الدول في ظل جائحة كورونا إلى إعلان حالة الطوارئ ، أو ممارسة السلطات الاستثنائية فعليا ، فقد توسعت سلطات وصلاحيات الحكومات بشكل كبير وكان ذلك على حساب عمل البرلمانات التي تعذر على كثير منها حتى عقد الاجتماعات .
والحقيقة إن استمرار اتباع واتخاذ تدابير استثنائية بواسطة السلطة التنفيذية سيكون له أثر على المدى البعيد لصلحها من خلال زيادة هيمنها ليس في وقت حصول الظرف الاستثنائي فحسب وأنما بعد ذلك ايضا.
وبالرغم من أن إعلان حالة الطوارى غالبا ما تصاحبه ضمانات شكلية وموضوعية لغرض ضبط عمل السلطة التنفيذية ، إلا أن بعض الدولة قد تلجأ إلى اتخاذ تدابير استثنائية من دون إعلان حالة الطوارئ وهذا ما نلاحظه في العراق إذ احجمت السلطات رسميا عن إعلان حالة الطوارى لكنها تمارسها فعليا.
وينص الدستور العراقي على اجراءات إعلان حالة الطوارئ ([4])، وجعل اختصاصات مجلس النواب العراقي ومنها:
أ ـ الموافقة على إعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءً على طلبٍ مشترك من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء.
ب ـ تُعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتمديد، وبموافقةٍ عليها في كل مرة.
ج ـ يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من ادارة شؤون البلاد في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ، وتنظم هذه الصلاحيات بقانونٍ، بما لا يتعارض مع الدستور.
د ـ يعرض رئيس مجلس الوزراء على مجلس النواب، الاجراءات المتخذة والنتائج، في مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهائها.
ثانيا : اختلال مبدأ الفصل بين السلطات
يعني مبدأ الفصل بين السلطات توزيع وظائف الدولة الثلاثة الرئيسة على هيئات ثلاث تتولى كل واحده منها مستقلة عن الاخرى مع ضرورة ان تراقب كل سلطة من هذه السلطات السلطة بين الآخريين في ادائها لوظائفها المستندة اليها دستورياً ([5]).
وفي ظل الظروف الاستثنائية مثل جائحة كورونا يتوقع أن يحصل اختلال في تطبيق هذا المبدأ ، لأن السلطة التنفيذية ستتوسع صلاحياتها وقد تتولى بشكل استثنائي مقيد وظيفة التشريع وهذا يعني أنها ستجمع بيدها أكثر من سلطة ووظيفة وهو أمر يولد اختلالا في تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات قد يكون له تبعات وآثار تستمر أبعد من مدة وجود الظرف الاستثنائي المتمثل بجائحة كورونا.
ويذكر بأن التقاليد الدستورية تجري على الأعتراف للهيئة التنفيذية بممارسة بعض مظاهر الوظيفة التشريعية وفي حدود القوانين ( السلطة اللائحية ) إلا أن ذلك ما يزال محكوما بالأصل العام لمبدأ الفصل بين السلطات محدودا بمقتضاه لذا استقر في فقه القانون العام أن الهيئة التشريعية لا تزال صاحبة الاختصاص الأصيل في الوظيفة التشريعية وأن سلطتها في وضع القوانين لا حدود لها ([6]).
ويمكن أن نبرز تاثيرا واضحا مرتبط بفكرة الفصل بين السلطات ، وهو أن هذا المبدأ يفترض وجود توازن أساسه امتلاك كل سلطة سلاح في مواجهة السلطة الاخرى توقف به طغيانها وتغولها. وهذا الأمر منشأ لحالة الاستقرار في الأنظمة السياسية وهو معروف بشكل أساس في النظم البرلمانية وحتى الرئاسية فأن لها ادواتها الخاصة لتحقيق التوازن.
والحقيقة أن ظروف جائحة كورونا قد تقلب معادلة التوازن تلك لأنها تجعل السلطة التنفيذية تعمل في ظروف بعيدة عن الرقابة، وهذا الأمر إذا استمر لمدة طويلة قد يكون من شانه تثبيت تلك الميزة للسلطة التنفيذية في علاقتها مع السلطة التشريعية. ومن ثم فان فكرة التوازن التي يقتضيها مبدأ الفصل بين السلطات قد تهتز وتحل محلها فكرة التدرج والارجحية.
ولكن علينا أن لا نبالغ في توقع حصول ذلك في جميع الانظمة السياسية لأن الديموقراطيات الراسخة تملك ضمانات أساسها الوعي السياسي وحضور الشعب صاحب السيادة، خلافا للديموقراطيات الشكلية أو الحديثة التي لم تقتلع تماما جذور الدكتاتورية التي ارتبطت غالبا بهيمنة السلطة التنفيذية.
الفرع الثاني
دور فايروس كورونا في إعادة هندسة بعض أنظمة الحكم
من حيث توزيع الصلاحيات
إن تأثير فايروس كورنا بوصفه ظرفا طارئا أو استثنائيا لن يقف عند حد التأثير على العلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بل إ ن استخدام سلطات الطوارئ يؤثر ايضا على العلاقة بين مستويات الحكم داخل الدولة وقد يؤدي إلى إعادة هندسة النظام وتلك العلاقة فيما يخص نطاق المسؤوليات والصلاحيات.
أذ تمنح الظروف الطارئة أو الاستثنائية التي تمر بها الدول حكوماتها حق اتخاذ تدابير وإجراءات استثنائية للحافظ على كيان الدولة ونظامها ومصالحها العامة. وقد يقتصر نطاق سلطات الطوارئ التي تتخذها الحكومة على جزء من إقليم الدولة، وقد يتسع نطاقها لعموم أقاليم الدولة، وفي جميع الأحوال فان استخدام تلك السلطات سيكون له تاثير على قواعد الاختصاص المنعقد لهيئات الدولة وأجهزتها المختلفة.
وقد اقرت الدساتير الاتحادية في بعض الدول للحكومة المركزية فيها بسلطات استثنائية تمكنها من تعديل مركز الوحدات المكونة للدولة، وتتنوع مظاهر تلك السلطات فقد تقتصر على التوجيه، وقد تمنح سلطة الرفض الكامل لاعمال السلطات المحلية، وقد تصل الى حد تعليق وايقاف عملها لمدة معينة. ففي جنوب افريقيا للحكومة المركزية اصدار تعليمات وتوجيهات لكل إقليم او تتولى المسئولية بشكل مباشر ([7])، ويمكن في الهند الإطاحة بحكومة ولاية معينة واستبدالها بقرار رئاسي([8]) ، والتدخل في مجال اختصاصها بسن قوانين لجميع أراضي الهند ([9])، والشيء ذاته اقر في نيجيريا اذ يمكن إعلان حالة الطوارئ في اية ولاية وتعليق حكومتها لفترة من الوقت ([10]). وفي كندا تستطيع الحكومة الاتحادية من الناحية الدستورية، رفض التشريعات الإقليمية قبل تطبيقها والإعلان عن أي عمل او نشاط ما على انه اختصاص فدرالي ([11]).
المطلب الثاني
تدعايات كورونا وتأثيره على الديموقراطية
من السهل التنبأ بحصول تغير كبير في قيم الديموقراطية في عالم ما بعد كوفيد19 ، وبالتالي توقع ظهور قيم جديدة تحكم الليبرالية وحرية التجارة والعولمة وحقوق الانسان وغير ذلك. واختصارا للبحث فاننا سنقف عند تاثير كورونا على الليبرالية ومستقبل النموذج الليبرالي في عالم ما بعد كورونا، وايضا تاثيرها على حقوق الانسان وحرياته.
الفرع الأول
تأثير كورونا على الليبرالية ومستقبل النموذج الليبرالي
في عالم ما بعد كورونا
عندما تنبأ البروفيسور فرانسيس فوكوياما في أطروحته: (نهاية التاريخ) في أواخر القرن الماضي، وقال إن الديمقراطية الرأسمالية هي النموذج النهائي للتطور البشري الأيديولوجي للإنسانية وبالتالي فهي تمثل نهاية التاريخ، فإنه لم يكن يدرك أن هذا الطرح الأيديولوجي أيضا لم ينطلق من رؤى واستقراءات عميقة في التاريخ والصيغ والنماذج البشرية، وأنه ربما سيفاجأ بما حدث للنظام المالي الرأسمالي في الولايات المتحدة الذي أعتبره نهاية النهايات لكل الفلسفات والأفكار الإنسانية، وأصبحت الاقتصاديات العالمية تعيش زوابعه السلبية وأثرها على الأمم في عيشها واستقرارها، آخرها الأزمة المالية التي عصفت بالغرب منذ عدة سنوات وما صاحب ذلك من ظاهرة الشعبوية وصعود اليمين ومرورا بالتحدي الصيني الروسي والأن جائحة كورونا التي ظهرت كأزمة من الازمات التي تواجه النموذج الليبرالي ([12]).
لقد تعدد التعريفات حول مفهوم الليبرالية ويخلط البعض بين الليبرالية liberalism وغيره من المعاني القريبة منه مثل الحرية والديموقراطية والرأسمالية ويستخدم اي مصطلح من هذه المصطلحات للتعبير عن الأخر وكلها مترادفات تدل علي معني واحد، صحيح أن الليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من liberalism في الانجليزية، و liberalisme في الفرنسية وهي تعني التحررية ويعود اشتقاقها من liberate ومعناها الحرية ولكن الليبرالية هي الأصل الذي ينبثق منه نوعان رئيسان من الحرية هما الحرية الاقتصادية وتعني اقتصاد السوق، والحرية السياسية وتعني اتباع النظام الديمقراطي في الحكم.
والليبرالية بشقيها الاقتصادي والسياسي تعتبر مذهب فكري وفلسفة النظم السياسية التي تعترف بقيمة الحرية الفردية في كافة المجالات ونواحي الحياة والتي تقدم علي تحقيق مصالح الأفراد، ويرى وجوب احترام استقلال الأفراد الي ابعد مدي، ويعتقد ان الوظيفة الأساسية للدولة هي ضمان حماية لحريات المواطنين مثل حرية الملكية الخاصة والحرية الشخصية وغيرها، وايضا قيام الدولة بفكرة الدولة حارسة الليل ، ولهذا يسعي هذا المذهب الي وضع قيود علي السلطة، وتقليل دورها، وإبعاد الحكومة عن السوق وتوسيع الحريات المدنية ([13]).
وقبل حصول جائحة كورونا واجه النموذج الليبرالي ازمات متعددة ابرزها : الشعبوية وصعود اليمين حيث شهدت الدول الغربية خلال السنوات الماضية صعودا ملحوظا لتيار الشعبوية السياسية الذي اتخذ ملمحا سياسيا بتشكيل أحزاب وظهور قيادات على غرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان تستفيد من هيكل الفرص المتاحة في النظام الديمقراطي من اجل التعبير عن مشروع سياسي شعبوي يدعي أنصاره بانه يمثل السيادة الشعبية في صراعها القائم ضد النظام الليبرالي الذي لم يعد يفي بغرضه الرئيسي ([14]). وأيضا ازمة الصعود الصيني ـ الروسي فالقيادات الصينية والروسية لا تخفي معارضتها لليبرالية الغربية وتحاول الربط بين نهوضها المعاصر وخصوصيتها الثقافية والحضارية التي لا تتفق بالضرورة مع الطرح الليبرالي الغربي كما تسهم السياسات التي تتبناها موسكو وبكين في اضعاف جاذبية الكثيرين حول العالم تجاه الليبرالية الغربية . وكذلك تحديات مرتبطة بعلاقة الليبرالية بالواقعية والقومية ، وأخيرا من التحديات التي تواجة النموذج الليبرالي هو الحاجة إلى مواجهة تحدٍ لم يكن حاضراً أمام نماذج الديمقراطية الاجتماعية لما بعد الحرب بحيث تأخذه في الاعتبار: التهديد الذي يشكله تغير المناخ والتدهور البيئي المأساوي([15]).
وفي ظل أزمة «كورونا» تبدو فكرة جاذبية النظام الليبرالي، وما يرتبط بها من أفكار أخرى كالسلام الديمقراطي والتضامن الإنساني، وعدم كفاءة نظم الضبط الاجتماعي بالمطلق، بحاجة إلى المراجعة استناداً إلى تطبيقات الدول الغربية مقارنةً بالتطبيق الصيني في مواجهة فيروس «كورونا». فنظم الصحة العامة في البلدان الرأسمالية أثبتت أنها أقل كفاءة مقارنةً بمثيلتها في الصين، حيث الدولة تسيطر تماماً على منظومة الصحة العامة. والفارق هنا أن النظم الرأسمالية تعتمد على منظومة صحية تقوم على الربحية والمنافسة بين الشركات المقدمة للخدمة أو المنتجة للدواء من أجل تعزيز المكاسب على حساب صحة الإنسان، ويظهر ذلك في عدم فاعلية نظم التأمين الصحي وعدم شمولها قطاعات كبيرة من المجتمع. ونتيجة لذلك واجه كثيرون انتشار الوباء وهم غير مشمولين بأي نوع من الرعاية الصحية، ومن لا يملك أموالاً كافية فليس أمامه سوى الموت في الشارع أو على عتبة باب بيته.
التطبيق الصيني أظهر سلوكاً مغايراً، فكل إمكانات الدولة الصحية والعلمية والتكنولوجية سُخرت من أجل حماية حياة الصينيين عبر تقديم خدمة صحية كفؤ، استطاعت أن تحاصر الوباء وأن تجد له علاجاً في مدى زمني قصير، وتجتهد بحماس كبير لإنتاج لقاح يحمي الناس ويحافظ على حياتهم. في المقابل نجد تخبطاً في السلوك الأميركي وعدم قدرة النظام الصحي العام، الهشّ أصلاً، أو حتى الخاص مرتفع التكلفة، على احتواء الوباء، فضلاً عن تدخلات الرئيس الأميركي ترمب لدى كبريات الشركات الدوائية لحثها على العمل المشترك من أجل إنتاج لقاح يقي الأميركيين، بما يعكس اليأس من قدرة نظم الربحية الصحية على مواجهة مخاطر كبرى كفيروس «كورونا». هكذا أثبتت فكرة الربحية عند تقديم الخدمة الصحية وهي السائدة في الغرب أنها نموذج مناهض لمبدأ الحق في الحياة، ما يعني أنها ليست تطبيقاً إنسانياً يصلح لأن يكون نهاية التاريخ.
لقد أظهر وباء كورونا مدى عجز وعدم اتزان بعض جوانب النموذج النموذج الليبرالي الغربي خصوصا أمام قضاي الصحة والسلامة والوعي البيئي فالصحة من منظور السياسة الاقتصادية والعامة مصلحة عامة عالمية لا يمكن انتاجها كسلعة وبيعها للمستهلكين الأفراد فقد أظهر وباء كورونا التكاليف الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الافتقار الى نظم الصحة والرعاية في جميع الدول وغياب القواعد العالمية لحماية الصحة .
ان كل هذه الاحداث تدعونا للتفكير مجدداً حول جدوى قيم النظام الدولي السائد والذي تهيمن عليه الأيديولوجيا الليبرالية بشقيها الكلاسيكي والجديد والتي تحد من سلطة الدولة وتعزز أفاق التكامل والتعاون بين الدول ، فقد غاب مفهوم التعاون الدولي بمجرد تعرض هذه الدول لأزمة تهدد وجودها وحلت محله القرصنة وغلق الحدود والامتناع عن تقديم المساعدات الانسانية ، كما عززت الأزمة من تأثير الأحزاب الشعبوية في الدول الغربية والتي باتت تطالب بمزيد من السيادة الوطنية لبلدانها بوجه سياسات التكامل السائدة وتعزيز الإجراءات التي تحد من حرية الحركة والتنقل بين الحدود الوطني .
فقد كشفت الجائحة الوبائية هذه عن خلل في الأيديولوجيا الليبرالية التي يتبعها النظام العالمي ذ أثر نمط التفكير بالمنفعة الاقتصادية لدى قادة هذه الدول إلى تأخير إجراءات الحجر خشية أن تؤدي هذه الإجراءات إلى خسائر اقتصادية كما أدى انتشار الجائحة في أوروبا إلى غياب مفردات التكامل والتعاون الأوروبية لتحل محلها مفردات السيادة والقومية والأمن القومي كما وحلت سياسات الحدود المغلقة بدل سياسات الحدود المفتوحة التي كانت سائدة فيما بين دول الاتحاد الأوروبي بفعل منظومة التكامل الأوروبية ([16]).
الفرع الثاني
تأثير كورونا على الحقوق والحريات
الحرية حق من الحقوق المكفولة للأفراد في العالم، وهي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها النظام الديمقراطي في العصر الحديث، لذلك نجد أن كل المواثيق والدساتير الدولية ركزت على تكريس الحريات الفردية وتنظيمها وضمان حمايتها.
وقد تتعرض حياة الدولة للأخطار والأزمات التي تهدد وجودها وكيانها وان السلطة التنفيذية في ضوء هذه الظروف بحاجة إلى صلاحيات جديدة للقيام بواجبها في الحفاظ على كيان الدولة ووجودها وان تعارض هذه المصالح مصلحة احترام القانون ومصلحة الحفاظ على الحريات العامة.
ويثار جدل كبير حول التأثيرات التي أفرزها تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) على حقوق الإنسان، وتخشى المنظمات الحقوقية، التي عبرت عن موقفها بشكل صريح في هذا السياق، أن يؤثر هذا الوباء في هذه الحقوق بشكل سلبي.
وفي الحقيقة إن تفشي وباء فيروس كورونا وتهديده لحياة الإنسان، يثيران بالضرورة الحق في الصحة بعدّه أحد الحقوق الأصيلة للإنسان، التي تشمل شبكة متكاملة من الحقوق، تضم الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والحقوق الجماعية وغيرها من حقوق الإنسان، التقليدية منها والمستحدثة. وهنا يجب التأكيد أن حق الفرد في الصحة، مكفول بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على الحق في الوصول إلى الرعاية الصحية، وحظر التمييز في تقديم الخدمات الطبية، وعدم الإخضاع للعلاج الطبي من دون موافقة المريض، وغيرها من الضمانات المهمة([17]).
لكن تفشي وباء فيروس كورونا أدى ايضا إلى إحداث جملة من التأثيرات الاقتصادية السلبية في معظم الدول، مثل فقدان الوظائف، وهو ما يثير قضية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنها الحق في العمل أو إعانات البطالة لحين الحصول على وظيفة جديدة، وقد بدأت كثير من الدول في تعويض الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم وانضموا إلى طابور العاطلين. وقد أثرت تدابير الحجر الصحي بشكل واضح على هذه الطائفة من حقوق الإنسان وغيرها من الحقوق الأخرى. وفي هذا الصدد، يقول كينيث روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش: إنه يجب على الحكومات تجنب القيود الشاملة والواسعة بشكل مفرط على الحركة والحرية الشخصية، والاعتماد على التباعد الاجتماعي الطوعي، وفرض القيود الإلزامية فقط عندما يكون ذلك مبرراً وضرورياً وعلمياً([18]).
لقد أدى تفشي وباء فيروس كورونا إلى فرض حالات طوارئ وحظر التجول في عدد من الدول، وعزل مدن أو مناطق بعينها، وهذه إجراءات ضرورية ومطلوبة للحد من هذا التفشي السريع للفيروس الذي يمكن أن ينتقل بسهولة بين الأفراد، ولكنها في نهاية المطاف تعني أن الوباء هدد الحريات الشخصية للأفراد الذين اضطروا إلى الدخول في حجر منزلي. وفي مقاله بمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، اعتبر فلوريان بيبر، أستاذ التاريخ والسياسة في جامعة «غراتس» النمساوية، أن الوباء وفّر للحكومات الديكتاتورية والديمقراطية -على حد سواء- فرصة للتعسف وإساءة استخدام القرار وتقليص الحريات المدنية. ويرى بيبر، أن الإجراءات الحالية قد تنجح في التخفيف من انتشار الفيروس وتفشي الجائحة، لكن العالم سيواجه خطراً من نوع آخر؛ إذ ستكون العديد من البلدان أقل ديمقراطية بكثير مما كانت عليه قبل، حتى بعد أن يتراجع خطر الفيروس.
أدى تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) إلى توقف كبير في مظاهر الحياة العامة، وتم العمل في بعض الدول وفقاً لقوانين استثنائية، أو سن قوانين طوارئ جديدة أحدثت حالة من الجدل، وعلى سبيل المثال، ففي المجر، تم العمل بقانون طوارئ جديد أثار عاصفة من الجدل، وتم انتقاده من قبل مؤسسات الاتحاد الأوروبي المعنية. ونشير في هذا السياق إلى أن الأمينة العامة لمجلس أوروبا في ستراسبورغ، ماريا بيجينوفيتش بوريتش ردت على خطوة المجر بالتحذير من أن البلدان الأعضاء في الاتحاد عليها الحفاظ على المبادئ الديمقراطية، وقالت إن حالة طوارئ غير معروفة وغير محددة زمنياً لا يمكن لها أن تضمن هذا الأمر. وأضافت بوريتش إن النقاش في وسائل الإعلام يُعدّ مكوناً أساسياً لنظام حر وديمقراطي. والقانون الجديد في المجر يعاقِب بالسجن حتى الصحفيين على نشر معلومات «غير صحيحة» عن كورونا. والخوف هو أن تتعرض أي تغطية إعلامية لا تروق للحكومة للعقاب أو المنع([19]) .
وتعدى تأثير وباء فيروس كورونا إلى تأجيل عقد الانتخابات العامة في كثير من الدول، وهذا التأجيل قد ينطوي بطبيعة الحال على حزمة من التأثيرات السلبية المفهومة بالنسبة للديمقراطية، وعلى سبيل المثال، فقد قرر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، تأجيل الانتخابات المحلية التي كانت مقررة في السابع من مايو المقبل لمدة عام وسط توقعات بان يعزز كورونا نظام الاقتراع الالكتروني([20])، وفي تشيلي، قرر البرلمان تأجيل الاستفتاء على الدستور الجديد لمدة 6 أشهر، معلناً إجراءه في 25 أكتوبر المقبل بدلاً من موعده الذي كان مقرراً في 26 إبريل الجاري، وفي إيران، أعلن مجلس صيانة الدستور تأجيل الجولة الثانية من انتخابات الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى إلى 11 سبتمبر المقبل، بعد أن كانت مقررة في 17 إبريل الجاري. وفي فرنسا، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، تأجيل الجولة الثانية من الانتخابات البلدية التي كان من المقرر أن تُجرى في 22 من الشهر نفسه إلى 21 يونيو المقبل، وقد شهدت الجولة الأولى التي أجريت في منتصف مارس حضوراً منخفضاً بسبب تفشي الفيروس في البلاد. وفي بوليفيا أجلت المحكمة الانتخابية العليا الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى، وقد كان مقرراً إجراؤها في 3 مايو المقبل، داعية جميع الأحزاب السياسية إلى حوار واسع وتعددي لتحديد موعد جديد للانتخابات الرئاسية.
وبالنسبة لحرية الرأي والتعبير أدى تفشي وباء فيروس كورونا إلى توقف الكثير من وسائل الإعلام في بعض الدول، وبخاصة لاسيما الصحف الورقية، التي كانت تمثل منابر مهمة للتعبير عن الرأي والرقابة على الحكومات، كما وأن الكثير من وسائل الإعلام أصبحت تعمل بالحد الأدنى من كوادرها البشرية، وهو أمر يحد من قدرتها على القيام بدورها على النحو الأكمل كمنابر للتعبير عن الرأي أو كأدوات للرقابة على الحكومة. هذه الشواهد تعني أن قضية حقوق الإنسان تقع في قلب الحديث عن الأزمة الوجودية التي يواجهها العالم حالياً بفعل تفشي وباء فيروس كورونا. والمشكلة تكمن في توظيف هذا الوباء من قبل جهات معينة لتحقيق أهداف سياسية، سواء كانت نظماً حاكمة أم قوى سياسية، وهذا الأمر لا يجوز من الناحية الأخلاقية، فاحترام حقوق الإنسان قضية أساسية، ولكن لا يجب استغلالها لتحقيق أهداف خاصة، والحديث ينبغي أن يكون حول الأولوية القصوى لمواجهة هذا التحدي الخطير دون تأثيرات سلبية على حقوق الإنسان ([21]).
المطلب الثالث
تأثير كورونا على العولمة
إن ظاهرة العولمة تثير جدلا واسعا وتتعدد بشأنها الآراء وأختلف حولها الدارسون في علم الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع ، وقد ازداد الحديث عن مصطلح العولمة مع زوال المعسكر الاشتراكي وإنفراد أمريكا بقيادة العالم كقائد للمعسكر الرأسمالي.
لقد أصبحت العولمة سمة أساسية من سمات العالم اليوم ، وهي تتطور باستمرار لكن حصول جائحة كورونا انعش التوقعات والدراسات بشان تاثير الجائحة على العولمة وامتداداتها في العالم. وسنوضح ذلك من خلال الاتي :
الفرع الأول
مفهوم العولمة
العولمة هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي Globalization ويدل هذا المصطلح على نظام جديد للعالم وعلى حركة دمج العالم وإلغاء الفواصل والحدود الجغرافية والزمنية والموضوعية بين الدول والمجتمعات وأصبحت كل المجتمعات تعيشها أو تعاني منها بدرجات متفاوتة حتى التي تعيش حالة من العزلة، مما جعل أغلب الدول تنتهج نظام اقتصاد السوق وما ترتب عن ذلك من تحرير للتجارة وإلغاء للقيود على حركة رأس المال، و قد نالت ظاهرة العولمة اهتمام المفكرين و الباحثين وقد تعددت الوجهات والآراء حول مفهوم العولمة، ومن أقدم تعاريف العولمة، تعريف رونالد روبرتسون Roland Robertson الذي يؤكد أن “العولمة” هي اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم، وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش.
أما أنتوني جيدنز Anthony Giddens فقد عرف ” العولمة” بأنّها مرحلة جديدة من مراحل الحداثة وتطورها، تتكاثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي، وحدوث تلاحم بين الداخل والخارج، وربط بين المحلي والعالمي بروابط اقتصادية وسياسية وثقافية وإنسانية. ولا يعني هذا إلغاء المحلي والداخلي، ولكن أن يصبح العالم الخارجي له حضور العالم الداخلي نفسه في تأثيره في سلوكيات الأفراد وقناعاتهم وأفكارهم، والنتيجة هي بروز العامل الداخلي وتقويته.
هذا في حين يذهب بريترون بادي Bertrand Badie إلى أن العولمة هي عملية “إقامة نظام دولي يّتجه نحو التوحد في القواعد والقيم والأهداف، مع ادعاء إدماج مجموع الإنسانية ضمن إطاره.
ويعرفها نورمان جيفان Norman jiwan على أنها تشير إلى مجموعة شاملة من العمليات الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية، ويوجد عند أساسها الاقتصادي تدويل التمويل والإنتاج والتجارة والاتصالات الذي تقوده أنشطة الشركات العابرة للأوطان، واندماج أسواق رأس المال والنقود وتضافر تقنيات الكومبيوتر والاتصالات السلكية واللاسلكية([22]).
واخيرا عرفها صندوق النقد الدولي بأنّها: “التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتّمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله”. ونخلص من كل هذه التعريفات إلى أن”العولمة” تتضمن بروز عالم بلا حدود جغرافية، أو اقتصادية، أو ثقافية، أو سياسية، وأن هناك عولمات كثيرة، كما رأينا أن تعريفات العولمة متنوعة وتختلف من باحث إلى آخر، ومن مفكر إلى آخر، ولكن تجمع بينهم جميعاً أفكار مشتركة وقواسم محددة أهمها:
- تجاوز الأفكار والخبرات والنظم والسلع والمشكلات لبيئتها المحلية، وعبورها للحدود السياسية والجغرافية على مستوى العالم.
- تسارع وتيرة الاتصال الدولي وتقدم وسائله مما سهل انتقال كل ما يراد نقله.
- يتفق معظم الباحثين على أن الهدف من العولمة هو هيمنة دول المركز القوية، وفرض أفكارها على دول الأطراف الضعيفة.
- تراجع قيمة الحدود السياسية وتآكل دور الدولة القومية، وانتهاء هيمنتها السياسية والاقتصادية، وذوبان الحدود والعوائق أمام كل المعطيات والعناصر المكونة للعولمة.
- قيام نظام العولمة على عدم الاكتراث بالخصوصيات المحلية والتراثية والبيئية للدول والشعوب، لأن العولمة تصنع بآلياتها الجبارة الميزات والخصائص والأجور التي تنسجم مع رواجها ومصالح القائمين عليها.
والعولمة على أنواع هي ([23]):
- العولمة الاقتصادية: وهي التي ترتكز بشكلٍ واضح على قاعدة البقاء للأقوى، إذ إنَّ الشركات الصغيرة ليس لها أيّ قدرة على مواجهة الشركات القوية ذات الهيمنة على السوق العالمي.
- العولمة الثقافية: وهي التي تستدرج جميع الشعوب إلى تبني عادات وتقاليد دول أخرى غير دولهم، وذلك من خلال الإعلاميين والكتاب.
- العولمة الساسية: وهي التي تسعى إلى جعل مُعظم الدول ذات النفوذ الضعيف بتبني السياسات الخاصة بدول أخرى.
- العولمة العسكرية: وهذه العولمة تُحقق أهداف العولمة الساسية، من خلال وجود جهاز عسكري يُحقق لها القوة والترهيب لفرض سلطتها وسيطرتها.
- العولمة القيمية: فقد تلجأ العديد من الدول إلى إغتصاب دول أخرى على أخذ قيمها وأخلاقها، حتّى تبدو الدول الضعيفة دون أيّ قيم أو ثقافات.
- العولمة التقنية: وهي التي ظهرت بعد الحرب الباردة التي كانت ترأسها الدول العظمى، ومن أكثر الدول التي تأثرت بها دول العالم الثالث، واستغلت الأولى هذه الأخيرة في دعم التّقدم الصناعي والتقني لصالح الدول المُهيمنة.
الفرع الثاني
العولمة بعد جائحة كورونا
اختلفت وجهات النظر والاراء بشأن تاثر نظام العولمة بجائحة كورونا وعن شكل هذا التأثير ، فهناك من يرى أن العولمة لن تنتهي ولكنها ستتبدل. وهناك كثيرون ممن يتوقعون انتهاء العولمة، بعدّ أن دول العالم بدأت بالانكفاء على نفسها بدلاً من انفتاحها على العالم. لا شك أن العولمة بمفهوم سيطرة اقتصاديات السوق الحرة قد انتهت إلى غير رجعة، بل إن نهاية اقتصاديات السوق الحرة لم تنتهِ على يد كورونا فحسب، وإنما بدأت بالأفول بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008. من الواضح اليوم، أن تدخل الدولة ضروري في بعض القطاعات كالصحة والتعليم والنقل، في حين يجب ابتعادها عن نشاطات أخرى كالتوظيف وإدارة الأنشطة الاقتصادية. لكن الثورة المعرفية وثورة التكنولوجيا ربطتا العالم بشكل لا يمكن تفكيكه، وإنما من الضروري أن تمتد وتتبدل العولمة لتشمل التعاون في مجالات كالوقاية الصحية ومكافحة الأوبئة، وأن تخصص الموارد الكافية لذلك بدلاً من تخصيصها لمجالات كالتسلح مثلاً. لم يخلق فيروس كورونا بسبب العولمة، لكن العولمة هي من ستنجح في محاربته من خلال بلورة رؤية فاعلة، مبنية على انعدام الأنانية والتفاف الأفراد نحو العمل الجماعي وتشارك المعلومة والمعرفة، تماماً كما نجحت في الخروج من أزمات مشابهة شهدناها في العقود الماضية([24]).
وفي مقابل ذلك هناك من يرى أن القول إن العولمة لن تنتهي وإنما ستتبدل هو قول مردود ، لأن العولمة في المجمل هي عبارة عن مجموعة قيم تم تسويقها لتحكم وتسود وتنتصر، بل روج لها أصحاب النموذج الليبرالي الأمريكي لتكون خاتمة مسيرة البشر ونهاية التاريخ ويكون إنسانها هو الإنسان الأخير الخاتم بمعناها السياسي، أي أنه لن يأتي بعده إنسان آخر يكون مختلفا عنه أو لديه قيم أخرى. وان هذه القيم انهارت وبعضها بدات بالانهيار وهذا ما حصل ايضا في ظل جائحة كورونا([25]).
في حين ذهبت اراء وتحليلات اخرى الى ان فيروس كورونا لن يقضي على العولمة- على الأقل لن يحدث ذلك إذا ما تحدثنا عن العولمة على أنها أمر أكبر من مجرد سلاسل التوريد عبر القارات وسفن الحاويات الضخمة. وعلاوة على ذلك، تقوض إشعارات الوفاة المبكرة، الناجمة عن الفيروس، التحدي الذي تشكله إدارة العولمة في ظل تحول موازين القوى العالمية.
ويركز العديد من هذه التحليلات المحمومة على بُعد واحد من العولمة في إطار زمني ضيق: وهو النمو الهائل، وتكامل الأسواق العالمية على مدار العقود القليلة الماضية. وهذه التحليلات لا تتجاهل فحسب المكونات السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية للعولمة، ولكن أيضا ما شهدته العولمة من مد وجزر خلال قرن ونصف قرن.
ويرى المحلل جيمس جيبني أنه على المرء أن يسترجع الأحداث التي وقعت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما فتحت الإمبريالية العالمية مسارات جديدة للتجارة والاستثمار. وجرى عقد مؤتمرات جديدة شملت مجالات مثل الرياضيات والإحصاء والكيمياء والفلسفة. كما تعاونت السلطات الوطنية المعنية بالصحة العامة من أجل مواجهة أمراض مثل الحمى الصفراء التي انتشرت في رقعة كبيرة وسببت خسائر فادحة من مدريد، إلى هافانا وممفيس، خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، وقد ساعد في ذلك الزيادة الكبيرة في التجارة. وتعاونت أيضا في مواجهة “الطاعون العقدي” أو “الطاعون النزفي”، الذي أصاب المدن الساحلية على نحو دوري خلال العقدين اللذين سبقا اندلاع الحرب العالمية الأولى([26]).”
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، البروفيسور هنري فاريل، والمحاضر في جامعة جورج تاون، أبراهام نيومان، أن “فيروس كورونا المستجد يتشكل بطريقة ستكون امتحانا قويا للعولمة، ففي الوقت الذي تتحطم فيه سلاسل الإمدادات، وتحاول فيه الدول توفير المواد الطبية والحد من السفر، فإن الأزمة تدفع لإعادة النظر في الاقتصاد العالمي المترابط، فلم تسمح العولمة فقط بانتشار المرض المعدي، لكنها عززت أيضا من حالة من الاعتماد المتبادل بين الشركات والدول، بشكل جعلها عرضة للصدمات غير المتوقعة”. ويجد الكاتبان أنه “في ظل غياب خيارات إنتاجية آمنة من الفشل فإن هذا يؤدي إلى تحطم سلاسل الإمداد، كما هو الحال في بعض قطاعات الصحة نتيجة لفيروس كورونا، ويتعرض منتجو الإمدادات الطبية لضغوط بسبب زيادة الطلب العالمي، ما أدى إلى تنافس الدول فيما بينها على المصادر، وكانت النتيجة تحولا في ديناميات القوة بين الاقتصاديات العالمية الكبرى مع تلك التي كانت مستعدة لمواجهة الفيروس من خلال حشد المصادر لأنفسهم، أو مساعدة من ليس لديهم، وتوسيع تأثيرها على الساحة الدولية نتيجة لذلك” ([27]).
الخاتمة :
نخلص من خلال بحثنا لموضوع مستقبل الديموقراطية في عالم ما بعد كوفيد 19، بمجموعة نتائج نجملها بالاتي :
- لقد احدث فيروس كورونا تاثيرات مختلفة بالنسبة لانظمة الحكم السياسية بجميع اصنافها وأنواعها، وأبرزها تاثيره على العلاقة بين السلطات، ودوره في إعادة هندسة بعض انظمة الحكم من حيث نطاق المهام والصلاحيات.
- 2. أوضحت الدراسة تأثير فايروس كورنا في ازدياد هيمنة السلطة التنفيذية ورجحان كفتها في ظل لجوء أكثر الدول في ظل جائحة كورونا الى اعلان حالة الطوارئ ، وتوسع سلطات وصلاحيات الحكومات بشكل كبير وكان ذلك على حساب عمل البرلمانات التي تعذر على كثير منها حتى عقد الاجتماعات .
- إن ظروف جائحة كورونا قد تقلب معادلة التوازن بين السلطات لانها تجعل السلطة التنفيذية تعمل في ظروف بعيدة عن الرقابة، وهذا الأمر إذا استمر لمدة طويلة قد يكون من شانه تثبيت تلك الميزة للسلطة التنفيذية في علاقتها مع السلطة التشريعية.
- إن استخدام سلطات الطوارئ يؤثر أيضا على العلاقة بين مستويات الحكم داخل الدولة وقد يؤدي إلى إعادة هندسة النظام وتلك العلاقة فيما يخص نطاق المسؤوليات والصلاحيات.
- لقد خلقت أزمة «كورونا» تحديات كبيرة أمام النظام الليبرالي إذ ظهرت مدى عجز وعدم اتزان بعض جوانب النموذج الليبرالي الغربي خصوصا أمام قضيتي الصحة والسلامة والتكاليف الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الافتقار إلى نظم الصحة والرعاية في جميع الدول وغياب القواعد العالمية لحماية الصحة .
- عززت أزمة كورونا من تأثير الأحزاب الشعبوية في الدول الغربية والتي باتت تطالب بمزيد من السيادة الوطنية لبلدانها بوجه سياسات التكامل السائدة وتعزيز الإجراءات التي تحد من حرية الحركة والتنقل بين الحدود الوطني وهو أمر سيؤدي في النهاية إلى تغيير الخارطة الحزبية وصعود احزاب يمينية.
- أوضحت الدراسة التأثيرات المختلفة لجائحة كورونا على الحقوق والحريات وخطورة لجوء السلطات إلى اجراءات وتدابير استثنائية تسببت بالتضييق وتعطيل كثير من الحقوق والحريات وأثرت على قيمها وفلسفتها.
المصادر
الكتب :
- الساعدي د. حميد حنون خالد ، الانظمة السياسية ، العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة ، 2008.
- اندرسون ، جورج اندرسون : مقدمة عن الفدرالية ، منتدى الاتحادات الفدرالية، ( اوتاوا ـــ كندا )، 2007.
- السيد علي ، د. سعيد: حقيقة الفصل بين السلطات في النظام السياسي الامريكي، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1999.
- السلمان ، سمير داود سلمان ، علي مجيد العكيلي : مدى تأثير الظروف الاستثنائية على الشريعة الدستورية: دراسة مقارنة، المركز القومي للاصدارات القانونية، ط1، 2015.
- علام ، د. عبد العليم ، دور سلطات الضبط الإداري في تحقيق النظام العام وأثره على الحريات العامة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1988.
القوانين والمواثيق الدولية.
- الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948
- دستور الهند لسنة 1950 المعدل
- دستور فرنسا لسنة 1958 المعدل.
- دستور جمهورية نايجريا الاتحادية لسنة 1999
- دستور جنوب افريقيا لسنة 1996 المعدل
- دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
المقالات :
- أزمات النموذج الليبرالي والبحث عن بدائل ، محمد بسيوني عبد الحليم مجلة السياسة الدولية، العدد 218، السنة 2005.
- العولمة والخيارات العربية المستقلة ، النصور عبد العزيز ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد25، العدد الثاني، 2009.
المواقع الالكترونية :
- مستقبل النموذج الليبرالي في عالم ما بعد كورونا ، البستاني جاد مصطفى البستاني واخرون ، مقال متاح على الرابط الالكتروني: https://webcache.googleusercontent.com/search
- فوكوياما وتراجعه عن الرؤية الأحادية للنموذج الليبرالي ، العليان عبد الله بن علي العليان ، مقال متاح على الرابط الالكتروني: https://al-sharq.com/opinion/27/09/2015
- فيروس كورونا المستجد كشف عن هشاشة العولمة، فاريل هنري فاريل, أبراهام نيومان : https://arabi21.com/story
- كورونا والبيئة والمناخ.. آثار ثانوية محدودة ، أمل اسماعيل، متاح على الرابط ، https://covid-19.ecsstudies.com/6794/
- مستقبل الرأسمالية انهيار “الليبرالية الجديدة”.. الأسواق ليست الحل ، ابو زينة علاء الدين ، (فورين أفيرز) https://alghad.com/
- حقائق مفزعة.. بكين كانت تعلم ، نرمين سعيد، المركز المصري، https://covid-19.ecsstudies.com/6805
- النظام المريض: أزمة النظام العالمي في ظل جائحة كورونا ، حسن فاضل ، مركز أوراسيا للدراسات السياسية https://katehon.com/ar .
- التحولات الجيوسياسية لفيرس كورونا وتآكل النيوليبرالية ، الشرقاوي محمد ، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية ، https://www.politics- .
- توصيات للحكومات في التصدي للجائحة ” احترموا الحقوق في الاستجابة لـ”فيروس كورونا” موقع منظمة هيومن رايتس ووتش، متاح على الرابط الالكتروني: https://www.hrw.org/ar/news/2020/0
- الخوف من ديكتاتورية كورونا في اوربا، مقال على موقع كاسل جورنال في 01 نيسان/أبريل 2020 . متاح على الرابط الالكتروني: https://webcache.googleusercontent.com
- كورونا وتعزيز نظام الاقتراع الالكتروني، مركز الامارات للدراسات والبحوث والاستراتيجية ، متاح على الرابط الالكتروني: https://www.ecssr.ae/reports_analysis
- حقوق الإنسان في عصر كورونا ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث والإستراتيجية ، متاح على الرابط الالكتروني: https://www.ecssr.ae/reports_analysis/ .
- العولمة: مفهومها، أهدافها و خصائصها ، عامر طارق عبد الرؤوف ، موقع العلوم، متاح على الرابط التالي: http://al3loom.com/?p=64
- الورواري محمد : في زمن كورونا.. هل تُبدل العولمةُ جلدها أم تموت؟ مقال منشور على الموقع : https://al-ain.com/article/corona
- مؤسسة الشروق : فيروس كورونا القاتل لن يقضي على العولمة https://www.shorouknews.com
([1]) ينظر : د. حميد حنون خالد الساعدي ، الانظمة السياسية ، جامعة بغداد / كلية القانون، 2008، ص94-95.
([2]) نص المادة (16) من دستور فرنسا لسنة 1958 المعدل.
([3])عبد العليم علام، دور سلطات الضبط الإداري في تحقيق النظام العام وأثره على الحريات العامة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1988، ص 216.
([4]) نص المادة (المادة ( 61/ تاسعاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
([5]) د. سعيد السيد علي : حقيقة الفصل بين السلطات في النظام السياسي الامريكي، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1999، ص25 وما بعدها.
([6]) سمير داود سلمان ، علي مجيد العكيلي : مدى تأثير الظروف الاستثنائية على الشريعة الدستورية: دراسة مقارنة، المركز القومي للاصدارات القانونية، ط1، 2015، ص47-48.
([7]) نصت المادة (100) من دستور جنوب افريقيا لسنة 1996 المعدل سنة 2012، على انه ((1/ عندما يعجز أي إقليم عن أداء التزام من التزامات السلطة التنفيذية وفقاً للدستور أو القانون، أو لا يؤدي ذلك الالتزام، يجوز للسلطة التنفيذية الوطنية أن تتدخل عن طريق اتخاذ أية خطوات مناسبة لضمان الوفاء بذلك الالتزام، بما في ذلك: إصدار توجيه إلى السلطة التنفيذية الإقليمية، يوضح مدى عجزها عن أداء التزاماتها ويحدد أية خطوات لازمة لأداء تلك الالتزامات؛ و ب. تولي مسؤولية أداء الالتزام المعني في ذلك الإقليم بالقدر اللازم….)).
([8]) اجازت المادة (160) من دستور الهند لسنة 1950 المعدل (( للرئيس أن يضع الأحكام التي يراها مناسبة لأداء وظائف حاكم الولاية في أية حالة طوارئ غير منصوص عليها )).
([9])نص المادة (250) من دستور الهند لسنة 1950 المعدل.
([10])وحدد دستور جمهورية نايجريا الاتحادية لسنة 1999 الحالات التي تجيز تعليق عمل حكومات الولايات في المادة (5/ الفقرة 3) منه وتتمثل بـ : (( أ/ إعاقة ممارسة السلطات التنفيذية للاتحاد أو الإخلال بها. ب/ تعريض أي أصول أو استثمارات لحكومة الاتحاد في تلك الولاية للخطر. ج/ تعريض استمرارية الحكومة الاتحادية في نيجيريا للخطر )).
([11]) ينظر: جورج اندرسون : مقدمة عن الفدرالية، منتدى الاتحادات الفدرالية، ( اوتاوا ـــ كندا )، 2007، ص 52-53.
([12]) عبد الله بن علي العليان ” فوكوياما وتراجعه عن الرؤية الأحادية للنموذج الليبرالي”، مقال متاح على الرابط الالكتروني: https://al-sharq.com/opinion/27/09/2015
([13]) جاد مصطفى البستاني واخرون : مستقبل النموذج الليبرالي في عالم ما بعد كورونا، مقال متاح على الرابط الالكتروني: https://webcache.googleusercontent.com/search
([14]) محمد بسيوني عبد الحليم ” أزمات النموذج الليبرالي والبحث عن بدائل ” مجلة السياسة الدولية العدد 218.
([15]) ينظر: جاد مصطفى البستاني واخرون : المصدر السابق . وينظر ايضا : أمل اسماعيل، “كورونا والبيئة والمناخ.. آثار ثانوية محدودة” ، متاح على الرابط ، https://covid-19.ecsstudies.com/6794/ وينظر: علاء الدين أبو زينة، مستقبل الرأسمالية انهيار “الليبرالية الجديدة”.. الأسواق ليست الحل (فورين أفيرز) https://alghad.com/
([16]) نرمين سعيد،حقائق مفزعة.. بكين كانت تعلم تقرير أمريكي يكشف: الصين زادت وارداتها الطبية في يناير بـنسبة 382% المركز المصري، https://covid-19.ecsstudies.com/6805 . حسن فاضل ، النظام المريض: أزمة النظام العالمي في ظل جائحة كورونا ، مركز أوراسيا للدراسات السياسية https://katehon.com/ar محمد الشرقاوي ، التحولات الجيوسياسية لفيرس كورونا وتآكل النيوليبرالية ، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية ، https://www.politics- .
([17]) نص المادة ( 25) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948
([18]) توصيات للحكومات في التصدي للجائحة ” احترموا الحقوق في الاستجابة لـ”فيروس كورونا” موقع منظمة هيومن رايتس ووتش، متاح على الرابط الالكتروني: https://www.hrw.org/ar/news/2020/03/19/339655 تاريخ الزيارة تاريخ 19 /5/2020
([19]) ينظر: الخوف من ديكتاتورية كورونا في اوربا، مقال على موقع كاسل جورنال في 01 نيسان/أبريل 2020 . متاح على الرابط الالكتروني: https://webcache.googleusercontent.com تاريخ الزيارة 19 /5/2020
([20]) كورونا وتعزيز نظام الاقتراع الالكتروني، مركز الامارات للدراسات والبحوث والاستراتيجية ، متاح على الرابط الالكتروني: https://www.ecssr.ae/reports_analysis الزيارة بتاريخ 10 /5/2020
([21]) حقوق الإنسان في عصر كورونا ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث والإستراتيجية ، متاح على الرابط الالكتروني: https://www.ecssr.ae/reports_analysis/ تاريخ 19 /03/2020
([22]) طارق عبد الرؤوف عامر، العولمة: مفهومها، أهدافها و خصائصها، موقع العلوم، متاح على الرابط التالي: http://al3loom.com/?p=64
([23]) عبد العزيز النصور : العولمة والخيارات العربية المستقلة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد25، العدد الثاني، 2009، ص212.
([24]) الورواري محمد : في زمن كورونا.. هل تُبدل العولمةُ جلدها أم تموت؟ مقال منشور على الموقع :
([25]) الورواري محمد : في زمن كورونا.. هل تُبدل العولمةُ جلدها أم تموت؟ مقال منشور على الموقع :
([26]) مؤسسة الشروق : فيروس كورونا القاتل لن يقضي على العولمة https://www.shorouknews.com/news/view.
([27]) هنري فاريل, أبراهام نيومان : فيروس كورونا المستجد كشف عن هشاشة العولمة- https://arabi21.com/story