نوفمبر 23, 2024 3:32 ص

أ.م. د. اسراء علاء الدين نوري احمد
كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين
Dr.israaallaa@yahoo.com
0096475002690684

الملخص
تكمن إشكالية البحث بأن ظاهرة العنف الاسري ظاهرة اجتماعية ونفسية ومشكلة إنسانية عامة مرضية معوقة، شائعة في كثير من المجتمعات بغض النظر عن النظم والايديولوجيات والمستوى الاقتصادي والتقدم المادي والتكنولوجي، كما انها تعد ازمة لأفراد الاسرة المعنفين وان تعددت أسبابها ومصادرها، ففي كثير من الأحيان مظاهرها تعد أخطر أنواع العنف البشري، لأنها تبقى من الأمور والقضايا الأكثر خفاءً والغير محسوسة ولا أثر لها واضحة للعيان، ولها أثر كبير على افراد الاسرة المعنفين من الناحية النفسية والاجتماعية، وقد تنوعت ظاهرة العنف الاسري وانقسمت الى العنف ضد المرأة والعنف ضد الأطفال والعنف ضد الشباب والعنف ضد المسنين مما يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع. ويستمد البحث أهميته من ان موضوع العنف الاسري ظاهرة تمس كيان أساس ودعامة المجتمع وهي الاسرة، ويعد من المشاكل الكبيرة والمدمرة التي تؤثر تأثيراً سلبياً ومباشراً على الاسرة، وان ظاهرة العنف الاسري ترتبط بالعديد من العوامل والمتغيرات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية. ويهدف البحث الى الإجابة عن عدة تساؤلات أهمها: ماهية العنف الاسري؟ وما اشكاله؟ وما أسبابه؟ وما اثاره؟ وما هي اهم السياسات والسبل للحد من هذه الظاهرة؟ وما دور القضاء العراقي في الحد منها؟ وما هي اهم القوانين والمواد الدستورية التي تتعلق بالعنف الاسري؟ ويقسم البحث بالإضافة الى المقدمة والخاتمة الى ثلاث مباحث، هي: المبحث الأول يتضمن ماهية العنف الاسري. اما المبحث الثاني فيتناول موضوع أسباب واثار العنف الاسري في العراق. اما المبحث الثالث فعنوانه السبل والمعالجات القانونية لظاهرة العنف الاسري في العراق.
الكلمات المفتاحية / : العنف، العنف الاسري، الدستور، القوانين الدولية والداخلية.

The phenomenon of domestic violence in Iraq
Its causes, effects and legal ways
Assistance Profe Dr Israa Alaulddin Noori Ahmed
Faculty of Political Sciences / Al-Nahrain University

Abstract
The problem of the research lies in the fact that the phenomenon of domestic violence is a social and psychological phenomenon and a general pathological and disabling humanitarian problem, common in many societies, regardless of the systems, ideologies, economic level, and material and technological progress. The most dangerous type of human violence, because it remains one of the most hidden and imperceptible matters and issues that have no visible effect, and it has a great impact on family members who have been violated psychologically and socially, and the phenomenon of family violence has diversified and divided into violence against women, violence against children, violence against youth and violence against The elderly, which greatly affects the stability of society. The research derives its importance from the fact that the issue of domestic violence is a phenomenon that affects the basic entity and pillar of society, which is the family, and it is considered one of the major and destructive problems that have a negative and direct impact on the family, and that the phenomenon of domestic violence is linked to many individuals, social, economic, psychological and environmental factors and variables. The research aims to answer several questions, the most important of which are: What is domestic violence? What are its forms? What are its causes? What is its trigger? What are the most important policies and ways to reduce this phenomenon? What is the role of the Iraqi judiciary in reducing them? What are the most important laws and constitutional articles related to domestic violence? In addition to the introduction and conclusion, the research is divided into three sections: The first topic includes the essence of domestic violence. The second topic deals with the issue of the causes and effects of domestic violence in Iraq. The third topic is entitled ways and legal treatments for the phenomenon of domestic violence in Iraq.

The keywords for the research are violence, domestic violence, the constitution, and international and domestic laws.

المقدمة
يعد موضوع العنف الاسري من المواضيع المهمة لما يحمله من تناقض بين ما يفترض وجوده من عاطفة وحنان لدى افراد الاسرة الواحدة تجاه بعضهم البعض وبين ما تحمله جرائم العنف من اذى لأشخاص يفترض ان تقدم لهم المحبة والرعاية خاصة ان أثر العنف داخل الاسرة لا يقتصر على مرتكبه والضحية فحسب وانما يطال جميع افراد الاسرة.
تكمن إشكالية البحث بأن ظاهرة العنف الاسري ظاهرة اجتماعية ونفسية ومشكلة إنسانية عامة مرضية معوقة، شائعة في كثير من المجتمعات بغض النظر عن النظم والايديولوجيات والمستوى الاقتصادي والتقدم المادي والتكنولوجي، كما انها تعد ازمة لأفراد الاسرة المعنفين وان تعددت أسبابها ومصادرها، ففي كثير من الأحيان مظاهرها تعد أخطر أنواع العنف البشري، لأنها تبقى من الأمور والقضايا الأكثر خفاءً والغير محسوسة ولا أثر لها واضحة للعيان، ولها أثر كبير على افراد الاسرة المعنفين من الناحية النفسية والاجتماعية، وقد تنوعت ظاهرة العنف الاسري وانقسمت الى العنف ضد المرأة والعنف ضد الأطفال والعنف ضد الشباب والعنف ضد المسنين مما يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع.
ويستمد البحث أهميته من ان موضوع العنف الاسري ظاهرة تمس كيان أساس ودعامة المجتمع وهي الاسرة، ويعد من المشاكل الكبيرة والمدمرة التي تؤثر تأثيراً سلبياً ومباشراً على الاسرة، وان ظاهرة العنف الاسري ترتبط بالعديد من العوامل والمتغيرات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية.
ويهدف البحث الى الإجابة عن عدة تساؤلات أهمها: ماهية العنف الاسري؟ وما اشكاله؟ وما أسبابه؟ وما اثاره؟ وما هي اهم السياسات والسبل للحد من هذه الظاهرة؟ وما دور القضاء العراقي في الحد منها؟ وما هي اهم القوانين والمواد الدستورية التي تتعلق بالعنف الاسري؟
اما هيكلية البحث، ويقسم البحث بالإضافة الى المقدمة والخاتمة الى ثلاث مباحث، هي: المبحث الأول يتضمن ماهية العنف الاسري. اما المبحث الثاني فيتناول موضوع ظاهرة العنف الاسري في العراق. اما المبحث الثالث فعنوانه السبل والمعالجات القانونية لظاهرة العنف الاسري في العراق.
اما الكلمات المفتاحية للبحث فهي: العنف، العنف الاسري، الدستور، القوانين الدولية والداخلية.
المبحث الأول/ ماهية العنف الاسري
ان العنف الاسري لا يقتصر على العنف ضد المرأة او الزوجة بل يمتد الى كافة افراد الاسرة ونظراً لانتشار هذه الظاهرة واثارها السلبية على الاسرة والمجتمع والنظام العام وعلى تطور المجتمع، الامر الذي يتطلب تحديد مفهوم هذه الظاهرة واسبابها، فهي من الظواهر القديمة في المجتمع فهي موجودة منذ وجود الانسان على الأرض وعلاقته بروابط اجتماعية مع المكان الذي يعيش فيه.
والعنف الاسري هو أحد أنواع العنف واهمها واخطرها، وقد حظي هذا النوع من العنف بالاهتمام والدراسة كون الاسرة هي ركيزة المجتمع، واهم بنية فيه والعنف الاسري هو نمط من أنماط السلوك العدواني والذي يظهر فيه القوي سلطته وقوته على الضعيف لاستخدامه في تحقيق أهدافه ومصالحه الخاصة مستخدماً بذلك كافة وسائل العنف سواء كان جسدياً او لفظياً او معنوياً وليس بالضرورة ان يكون المسبب للعنف هو احد الابوين وانما الأقوى في الاسرة ولا يستبعد ان يكون الممارس ضده العنف هو احد الوالدين اذا وصل الى مرحلة العجز وكبر السن، بمعنى اخر هو استخدام القوة المادية او المعنوية لإلحاق الأذى بأخر استخداماً غير مشروع ( ). وهو استخدام القوة من قبل أحد افراد الاسرة ضد شخص اخر فيها، للإكراه او الاجبار لتحقيق مطالب او للإذلال والعقاب او التخلص من التوتر واظهار العزة ( ). وهو نمط من أنماط السلوك يتضمن إيذاء الاخرين ويكون مصحوباً بانفعالات، وهو كل فعل او تهديد به يتضمن استخدام القوة بهدف الحاق الاذى والضرر بالنفس او الاخرين او ممتلكاتهم، ويقصد به ايضاً الأفعال التي يقوم بها أعضاء الاسرة ويلحق ضرراً مادياً او معنوياً او كليهما بأحد افراد الاسرة ( ). وهو استخدام غير شرعي للقوة قد يصدر من احد او اكثر من اعضاء الاسرة ضد اخر او اخرين فيها ( ).
والعنف الاسري سلوك يصدره فرد من الاسرة صوب فرد اخر، ينطوي على الاعتداء بدنياً عليه، بدرجة بسيطة او شديدة، بشكل متعمد املته مواقف الغضب او الإحباط او الرغبة في الانتقام او الدفاع عن الذات او لإجباره على إتيان أفعال معينة او منعه من اتيانها، قد يترتب عليه الحاق اذى بدني او نفسي او كليهما به ( ). وهو استخدام غير شرعي للقوة قد يصدر عن واحد او اكثر من أعضاء الاسرة ضد عضواً اخر او أعضاء اخرين بقصد قهرهم او اخضاعهم بصورة لا تتفق مع حريتهم وارادتهم الشخصية، ولا تقره القوانين المكتوبة وغير المكتوبة ( ). وعرفت الأمم المتحدة العنف الاسري بأنه الفعل القائم على سلوك عنيف ينجم عنه الايذاء او المعاناة البدنية او النفسية او الحرمان النفسي من الحرية في الحياة العامة او الخاصة ( )، وعرفته منظمة الصحة العالمية بأنه كل سلوك يصدر في اطار علاقة حميمة ويسبب اضراراً او الأماً جسيمة او نفسية او جنسية لأطراف تلك العلاقة ( ). ويمتاز العنف بأنه سلوك عنفي غير معلن غالباً، وهو سلوك مؤذٍ قد يترك اثاراً جسيمة او نفسية او اجتماعية على جسد او نفس او علاقات الضحية التي قد تكون الزوجة او الزوج او الابن او الاب او الاخ او الاخت او الابنة
وعرفته المادة الأولى من مسودة قانون الحماية من العنف الاسري بأنه شكل من اشكال الإساءة الجسدية او الجنسية او النفسية او الاقتصادية، ترتكب او يهدد بارتكابها من احد افراد الاسرة ضد الاخر بما لهم من سلطة او ولاية او مسؤولية في صعيد الحياة الخاصة او خارجها، اما عن قانون مناهضة العنف الاسري في إقليم كردستان لسنة 2011 فقد عرف العنف الاسري في المادة الأولى منه بأنه كل فعل او قول او التهديد بهما على أساس النوع الاجتماعي في اطار العلاقات الاسرية من شأنه ان يلحق ضرراً من الناحية الجسدية والنفسية بالضحية وسلباً لحقوقه وحرياته ( ). وهو أحد أنماط السلوك العدواني الذي ينتج عن وجود علاقات غير متكافئة في إطار نظام تقسيم العمل بين المرأة والرجل داخل الاسرة، وما يترتب على ذلك من تحديد لأدوار ومكانة كل فرد من افراد الاسرة، وفقاً لما يمليه النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد في المجتمع ( ).
ومن امثلة ظاهرة العنف الاسري، نذكر: ( )

  1. الاكراه في الزواج. 2. زواج الصغار وتزويج الصغير.
  2. التزويج بدلاً عن الدية. 4. الطلاق بالإكراه.
  3. قطع صلة الارحام. 6. اكراه الزوج للزوجة على البغاء وامتهان الدعارة.
  4. ختان الاناث. 8. اجبار افراد الاسرة على ترك الوظيفة او العمل رغماً عنهم.
  5. اجبار الأطفال على العمل والتسول وترك الدراسة. 10. الانتحار اثر العنف الاسري.
  6. الإجهاض اثر العنف الاسري. 12. ضرب افراد الاسرة والأطفال بأي حجة.
  7. الإهانة والسب وشتم الاهل وابداء النظرة الدونية تجاهها وممارسة الضغط النفسي عليها وانتهاك حقوقها والمعاشرة الزوجية بالإكراه.
    وهنالك أسباب مختلفة للعنف الاسري، كما قسمها البعض بأسباب نفسية واقتصادية واجتماعية وبيولوجية، ولكننا نرى بأن هناك أسباب أخرى أهمها: ) )
  8. نشأة الفرد في اسرة يسودها العنف، وذلك بسبب ممارسة الاب للعنف على الام او الابن او الأطفال الذين يعيشون في اسرة يسودها العنف فيتعلمون ممارسته.
  9. الثقافة، تؤدي دوراً في حصول الإساءة والعنف، فالثقافة التي تجعل من الرجل افل من المرأة وتمنحه الحق في السلطة هي ثقافة تؤيد وتشجع ممارسة العنف ضدها.
  10. الغيرة والشك والرغبة في فرض الهيمنة والسيطرة واستغلال القوة البدنية على افراد الاسرة.
  11. الافتقار لمهارات الاتصال وحل المشكلات والتعامل مع الخلافات والصراعات وعدم الاصغاء او عدم القدرة على حل المشاكل، والتعامل مع المشكلات باستخدام العنف.
  12. الضغوط، والتي قد تؤدي دوراً مهماً في حدوث العنف ولاسيما عند الزود مثل ضغط العمل، او الضغط الناجم عن عدم الرضا، او البطالة، حيث توجد معدلات مرتفعة من العنف في الاسرة التي يعمل الزوج فيها براتب قليل او يكون عاطلاً عن العمل.
  13. تعاطي المخدرات او الكحول، هنالك علاقة موجبة بين تعاطي الكحول والمخدرات والعنف الاسري، إذ ازداد معدل التعاطي عن ثلاث مرات كان ذلك عاملاً في زيادة العنف.
  14. يعد وجود الأطفال في العائلة من أسباب ظهور العنف الاسري، فكلما زاد عدد الأطفال في المنزل زاد العنف الاسري، وذلك بسبب نقص الإمكانيات لتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم.
  15. وسائل الاعلام، تؤدي دوراً في ظهور العنف الاسري من خلال عروض الأفلام التي تصور قدرة الرجل على ممارسة العنف ضد اسرته، وان الرجل هو الأقوى والأفضل دائماً وهذا يسهم في تعلم العنف وممارسته.
    اما أنواع العنف الاسري، فتكون على أنواع أهمها: ( )
  16. العنف المقصود الواعي، ويقصد به جميع الممارسات العدوانية المدعومة بإرادة وإصرار سواء كانت مبررة او غير مبررة وتوجد له اشكال متعددة:
    أ‌. القسوة في المعاملة، كالضرب وربط الحبال والحبس والحرمان من وجبات الطعان وتهجم لفظي او التهديد لاكتسابهم أنماط سلوكية مقبولة واستبعاد اخرة غير مقبولة الى جانب تنمية سمات معينة مع الذكور كالرجولة والخشونة ولتعليمهم ادوارهم الاجتماعية المستقبلية.
    ب‌. صورة الاستغلال الجسدي للأطفال.
    ج‌. النقد والقهر والاذلال والاتهام بالفشل.
    د‌. تخويف الطفل (الحبس، العزل، التخويف).
  17. العنف الغير المقصود، ومنها:
    أ‌. الاعتداءات الجنسية على الأطفال والتي يكون فيها الاب او الأخ الأكبر او الزوج هو الطرف المعتدي، وغالباً ما تحدث مثل هذه الحالات تحت تأثير تعاطي المخدرات او الكحول او بعض الاضطرابات النفسية او الانحرافات السلوكية.
    ب‌. الهياج والتصرفات الخارجة من المعايير، وهي من الحالات الملاحظة في اسرنا، وهي حالات الهياج والتصرفات التي تخرج عن المعايير المقبولة اجتماعياً، وكثيراً ما تؤدي مثل هذه التصرفات الى استعمال القسوة مع الأطفال وامهاتهم وقد يتعرضون نتيجتها للأضرار الجسدية والنفسية.
    ج‌. الحرمان من حاجات الطفولة والتي تتمثل في حرمان الطفل من التعليم والغذاء الكافي والى تشغيل الأطفال في اعمال لا تتناسب ونموهم وقدراتهم نتيجة الجهل واللاوعي بأمور عمليات النمو والنضج الجسدي والنفسي لأبنائهم، مما يسبب لهم معاناة نفسية وازمات لا يمكن السيطرة عليها مستقبلاً.
    أما اثار ونتائج العنف الاسري، فتتمثل في: ( )
  18. يتسبب العنف في نشوء العقد النفسية التي قد تتطور وتتفاقم الى حالات مرضية او سلوكيات عدائية او إجرائية.
  19. زيادة احتمال انتهاج هذا الشخص الذي يعاني من العنف النهج ذاته الذي مورس في حقه.
  20. تأثير واضح على الناحية الصحية فقد يؤثر على الجهاز العصبي والهضمي والعضلي للجسم وقد يحتاج الكثير من المعنفين الى رعاية طبية او حتى التدخلات الجراحية وغير ذلك.
  21. عدم القدرة على مواجهة المشكلات وكيفية حلها وعدم القدرة على عقد الصداقات مع الاخرين.
  22. قد يلجأ المعنف الى مقاطعة الاخرين والبكاء والعزلة والاضراب عن الطعام وتناول الادوية المهدئة والتدخين والايذاء الجسدي ومحاولة الانتحار.
  23. تولد الشعور لدى افراد الاسرة بالغبن واللامساواة ومما يولد التحاسد والرغبة في الانتقام لتحقيق المساواة.
  24. يولد انحرافات سلوكية لأفراد الاسرة مثل: تعاطي المخدرات والكحول او الاعمال الغير قانونية الشائعة في عالم الرذيلة والاجرام مثل الغش والخداع وابتزاز الأموال والنصب ولعب القمار والشعوذة والقتل كل ذلك يؤدي الى نمو سلوك العنف.
  25. حدوث القطيعة او الشرخ بين أبناء الاسرة الواحدة وفي نوع ونمط العلاقات مع الاهل والاقارب كخصومة الأبناء ضد بعضهم البعض وضد اباءهم، وبالتالي سينعكس على التفاهم المتبادل مع الاخرين.
  26. اضطراب حياة الأبناء الاسرية، مما يؤثر في نموهم الانفعالي والعقلي نتيجة لجو العنف والممارسات التي يشهدونها داخل الاسرة فيكون الأبناء في خصومة دائمة ضد بعضهم البعض وضد اباءهم والمقربين لديهم.

المبحث الثاني/ ظاهرة العنف الاسري في العراق
مع ان العراق كان قد صادق في (1986) على (اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة – سيداو)، ورغم ان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة دعت جميع الدول الى اصدار تشريعات لمكافحة العنف ضد النساء، فان العراق استجاب بان أصدر قانوناً ولكن لم يأخذ طريقه للتطبيق باستثناء اقليم كوردستان الذي اعتمد قانوناً متطوراً لمناهضة العنف الاسري خاصاً به.
ووثقت وزارة الداخلية العراقية أكثر من 5 آلاف حالة عنف أسري في البلاد خلال العام 2020. فحالات العنف الأسري منذ شهر مايو/أيار 2020، وحتى هذه اللحظة، وقد رصدت الوزارة 32 حالة انتهاك أغلبها في مناطق حزام بغداد، وبعض المحافظات الجنوبية كالناصرية والمثنى وذي قار، وأبرز أسباب العنف الأسري الأخيرة كانت بسبب جرائم الشرف ومن بين الحالات الموثّقة 3 آلاف و637 حالة اعتداء من الزوج على زوجته، وسُجلت أيضاً 402 حالة اعتداء ما بين الإخوة والأخوات، وهناك حالات فردية للقتل تحت أسباب الشرف وغسل العار( ). إذ تشير الإحصاءات الحكومية إلى أن امرأة من كل خمس نساء عراقيات تتعرض للتعنيف الجسدي (14% من النساء منهن كن حوامل في ذلك الوقت)، إذ أجرت وزارة التخطيط العراقية مسحاً بشأن العنف الموجه ضد المرأة في البلاد، يمكننا عبره إلقاء نظرة على التعنيف الجسدي، ونسبته في المجتمع العراقي: 47.9% ضرب الزوجة إذا خرجت من المنزل دون أذنه، 44.3% ضرب الزوجة إذا خالفت أوامره، 69.5% يمنع الزوجة من زيارة أقاربها، واليوم بالتزامن مع الضغوطات التي تعيشها الأسر العراقية المصاحبة لإجراءات العزل الاجتماعي بسبب فيروس كورونا، فإن مؤشرات العنف الأسري تصاعدت بوتيرة مخيفة، جرائم بشعة هزت المجتمع العراقي، حيث سُجل اغتصاب لامرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة والانتحار بسبب العنف المنزلي وجرائم قتل وخنق الزوجات من أزواجهن وجرائم تحرش بالقاصرين وغيرها من الجرائم، وان قيم البداوة المتجذرة في المجتمع العراقي، بمفاهيمها الذكورية التي تفضل الذكور على الإناث (الإحصاءات تشير إلى أن 50.7% من الفتيات العراقيات يتلقين معاملة غير متساوية مع إخوانهم الذكور في نفس العائلة، وثلث الفتيات بأعمار 10 – 14 سنة يعنفن جسدياً من إخوانهن و59% من النساء العراقيات يبررن العنف الجسدي)، فمنذ اليوم الأول لولادة الطفل، إلى إعطاء الفرص والصلاحيات للذكور دون الإناث، إلى مفاهيم الشرف والعار، هذه الأفكار السائدة في المجتمع، جعلت الزواج فرصة للحفاظ على الفتيات، ووضعت الزواج أولوية دون التعليم وأخذ الدور الفاعل في المجتمع، ففتاة من أصل عشر فتيات في العراق تعتقد ضرورة زواج الفتاة قبل سن الـ 18 (5% من المتزوجات تزوجن قبل سن 15 سنة، و22% قبل سن 18 سنة)، فضلاً عن نسب الأمية لا تزال بين النساء مرتفعة بشكل كبير في العراق، فمعدل الأمية بين النساء في الريف 36.5%، أما في المناطق الحضرية فتبلغ النسبة 15.9%، ويعود ذلك في جزء منه إلى حرمان النساء من فرص التعليم، حيث أشارت الإحصاءات إلى أن 69.4% من النساء في العراق تزوجن قبل أن يصلن إلى مستوى التعليم الذي يطمحن إليه( ).
وفي موضوع التعنيف الجسدي إذ افاد تقرير (مركز المعلومة للبحث والتطوير) بأن (46%) من النساء العراقيات يتعرضن للعنف، مستنداً الى دراسات ميدانية، قدمت نتائجها بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، واللافت في هذا التقرير ان تعاطي الزوج للمواد المخدرة جاء بنسبة (64%) محتلا المرتبة الثانية في اسباب العنف بعد المشكلات الاقتصادية، يليه بالمرتبة الثالثة وبنسبة (56%) استخدام الزوج للعنف كحق من حقوقه التي ينص عليها الدين، وفي تقرير اخباري لفضائية الحرة – عراق أفاد ان حالات الطلاق في العراق في تزايد، تتصدرها بغداد الكرخ وتليها الناصرية، ثم النجف في المرتبة الثالثة، مسجلة ارقاما قياسية، وصلت الى (50%) من عدد المتزوجين ( )، ووفقاً لمجلس القضاء الأعلى، بلغ عدد دعاوى الطلاق (36627) الى ما يشبه الكارثة هو (50) حالة طلاق مقابل (100) حالة زواج.. اي ان كل مليوني حالة زواج تقابلها مليون حالة طلاق!، الحال الذي جعل القضاة يصفون ظاهرة الطلاق بأنها صارت توازي ظاهرة الارهاب! ( ).
ويشكل زواج القاصرات ظاهرة شائعة في المجتمع العراقي. تقدر اليونيسيف أن حوالي ربع الفتيات يتزوجن قبل سن الثامنة عشرة (بما في ذلك 5% من الفتيات المتزوجات في سن الخامسة عشرة). كما اشرت تقارير منظمات المجتمع المدني ان 80% من هذا الزواج يتم خارج المحكمة، فضلاً عن جرائم الاتجار بالبشر وخاصة الاتجار بالنساء والفتيات واستدراجهن للعمل ضمن شبكات الدعارة بشكل لافت في العراق خاصة في السنوات الاخيرة، حيث انتشرت هذه الظاهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ساهم الانفلات الأمني والافلات من العقاب واستشراء الفساد في تصاعد نسب هذه الجرائم في مختلف محافظات العراق، وعلى الرغم من تشريع قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، الإجراءات الحكومية غير فعالة للحد من هذه الظاهرة، لضعف خبرات العاملين على مستوى التحقيق وجمع البيانات، ومتابعة وملاحقة شبكات الجريمة المنظمة. وكذلك ضعف البرامج التأهيلية والخدمات المقدمة للضحايا التي نص عليها القانون. وتعد ظاهرة الختان في العراق من صور العنف الاسري، إذ تتعرض الفتيات في مناطق اقليم كردستان العراق إلى الختان، لكنها نادرة الحدوث في الوسط والجنوب. فقد أظهرت احصائية وزارة الداخلية في إقليم كردستان لعام 2018 ان نسبة ختان الإناث بلغت 37% وان أغلب الفتيات اللواتي أجريت لهن عملية ختان تتراوح أعمارهن بين 2 و9 سنوات. وبالرغم من تجريمه وفقا لقانون الاقليم في مناهضة العنف الاسري فان الجهود الحكومية والمجتمعية لازالت عاجزة عن منعه، لأسباب اجتماعية وعرفية سائدة تحول دون ذلك ( ).

المبحث الثالث/ السبل والمعالجات القانونية لظاهرة العنف الاسري في العراق
يعد العراق من الدول السباقة الى توقيع العديد من الاتفاقيات حيث التزمت حكومة العراق باحترام وتوفير حماية حقوق الانسان لكافة افراد الشعب، وبعمل مكتب حقوق الانسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) مع حكومة وأعضاء المجتمع المدني العراقي من اجل تعزيز ودعم وتعزيز واحترام حماية حقوق الانسان في العراق بصورة حيادية، ويعمل المكتب الذي يمثل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان في العراق ايضاً بالتعاون مع صناديق الأمم المتحدة وبرامجها الأخرى من اجل ادخال الحقوق الأساسية للشعب العراقي كعنصر أساسي في نشاطها، حيث يركز مكتب حقوق الانسان على مجالات رئيسية منها تعزيز حقوق النساء والأطفال وحمايتهم
أولاً/ الاليات القانونية الدولية
ـ ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتمد في سان فرانسيسكو سنة 1945 اول معاهدة دولية تشير في عبارات محددة الى تساوي الرجال والنساء في الحقوق، إذ ورد في ديباجته (.. وان نؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية..) كما ورد في المادة الأولى من الميثاق وفي الفقرة (3) منها ان من ضمن مقاعد الأمم المتحدة تعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك اطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء ( ).
ـ لجنة المرأة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الجمعية العامة للأمم المتحدة أنشأت عام 1945، وقد تركزت أنشطتها في القضاء على التمييز ضد المرأة ومحاربة الفكرة التي تحدد من إمكانيات المرأة كشخص له قدرة على التفكير والتصرف والعمل وتحقيق أشياء كونها انساناً بنفس العنوان الذي هو للرجل الانسان ( ).
ـ الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 واكد في ديباجته ومواده ومنها المادة (2) ان للمرأة حق التمتع بجميع الحقوق والمساواة مع الرجل في القانون الذي يعد الانسان شخص ذا طبيعة بشرية وليس على أساس الاختلاف في صفاته ومهماته وقدراته الحيوية والروحية، واكد ايضاً على ان حقوق الانسان الأساسية التي هي حقوق المرأة ايضاً ولا يمكن التصرف بها لأنها فطرية تولد مع ولادة الانسان أي انها غير مطلوب وضعها بل يتوجب صيانتها وضمانها بتكافؤها في الدساتير والتشريعات الأخرى. وأشار في الفقرة (38) بأن مظاهر العنف تشمل المضايقة الجنسية والاستغلال الجنسي والتمييز القائم على الجنس والتعصب والتطرف، وقد جاءت الفقرة كما يأتي ((يشدد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان بصفة خاصة على أهمية العمل من احل القضاء على العنف ضد المرأة في الحياة العامة والخاصة والقضاء على جميع اشكال المضايقة الجنسية والاستغلال والاتجار بالمرأة والقضاء على التحيز القائم على الجنس في إقامة العدل وإزالة أي تضارب يمكن ان ينشأ بين حقوق المرأة والاثار الضارة لبعض الممارسات التقليدية او المتصلة بالعادات والتعصب الثقافي والتطرف الديني))( ).
ـ اتفاقية العهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتم التأكيد فيها على حق المرأة في مساواتها مع الرجل في العمل، إذ ورد مبدأ الحقوق المتساوية للرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية في المادة (3) المشتركة في العهدين( ).
ـ اعلان القضاء على التمييز ضد المرأة الذي أصدرته الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في عام 1967 وتؤكد مواده في مضامينها على حقوق المرأة وضرورة مساواتها مع الرجل دون تمييز. إذ أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، يوماً دولياً للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف الى زيادة الوعي العام بتلك المشكلة العالمية( ).
ـ اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والمعروفة باسم سيداو واعتمدت عام 1979 ولم تدخل حيز التنفيذ الا في عام 1981، والتي تعد ثمرة ثلاثين عاماً من الجهود والاعمال التي قام بها مركز المرأة في الأمم المتحدة لتحسين أوضاع المرأة ونشر حقوقها، وتضمنت برنامجاً كاملاً عن أساليب القضاء على التمييز بين الجنسين واتخاذ التدابير لتعزيز حقوق المرأة التي هي جزء مهم من حقوق الانسان التي بات الاهتمام بها اليوم شأناً عالمياً في ضوء عالمية حقوق الانسان. إذ أكدت ديباجية الاتفاقية على مبدأ التساوي في الحقوق بين الرجال والنساء وضرورة تحقيق هذا المبدأ من اجل نمو ورخاء المجتمع والاسرة، وأكدت في المادة (6) من الاتفاقية على الدول الاطراف فيها بأن تتخذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لمكافحة شكل من اشكال العنف ضد المرأة وهو الاتجار بالمرأة وغير ذلك من أنواع الاستغلال الجنسي( ).
ـ الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 الذي يرى ان العنف ضد المرأة بأنه أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه ويحتمل ان ينجم عنه اذى او معاناة جسيمة او نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل او الاكراه او الحرمان التعسفي من الحرية، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة او الخاصة، وينص هذا الإعلان على ان العنف ضد المرأة مظهر لعلاقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ أدت الى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها والحيلولة دون النهوض بالمرأة نهوضاً كاملاً، كما ويبرز هذا الإعلان المواضع المختلفة للعنف ضد المرأة كالعنف في الاسرة والعنف في المجتمع والعنف الذي ترتكبه الدولة او تتغاضى عنه، وأشار الإعلان الى حقيقة إن فئات من النساء معرضات بوجه خاص للعنف، بما في ذلك الأقليات ونساء الشعوب الاصلية واللاجئات والفقيرات فقراً مدقعاً والنساء المعتقلات في مؤسسات إصلاحية او في سجون والفتيات والنساء المعاقات والنساء المسنات والنساء في أوضاع النزاع المسلح، كما ويضع هذا الإعلان سلسلة من التدابير التي يجب ان تتخذها الدول لمنع هذا العنف والقضاء عليه ويقتضي من الدول ان تدين العنف ضد المرأة وان لا تتذرع بالعادات والتقاليد او الدين كي تتجنب واجباتها في القضاء على هذا العنف( ).
ـ المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995، إذ أكد المؤتمر على ان العنف ضد المرأة انتهاك لحقوق الانسان وعائق لتمتع المرأة التام بكل حقوق الانسان، وتحول التركيز إلى المطالبة بمسائلة الدولة عن تدابير منع العنف ضد المرأة والقضاء عليه التي اتخذتها، وأنشأ مجال القلق المهم جداً في منهاج عمل بيجين المتعلق بالعنف ضد المرأة اهدافاً استراتيجية ثلاث، هي: ( )

  1. اتخاذ تدابير متكاملة لمنع العنف صد المرأة والقضاء عليه.
  2. دراسة أسباب العنف ضد المرأة وعواقبه وفعالية التدابير الوقائية.
  3. القضاء على الاتجار بالمرأة ومساعدة ضحايا العنف الناتج عن البغاء والاتجار.
    وفي إطار هذه الأهداف وضع منهاج العمل سلسلة من التدابير الملموسة التي يجب ان تتخذها الحكومات بما في ذلك تنفيذ الصكوك الدولية لحقوق الانسان والسياسات والبرامج الهادفة الى حماية النساء اللائي وقعن ضحايا للعنف ومساندتهن، والتوعية والتعليم … الخ.
    ولقد عمد العراق الى التوقيع على هذه الاتفاقيات لكنها ظلت محصورة في سياقها البروتوكولي الخاضع لسياقات عمل المنظمات الدولية غير الملزم لأعضائه في اغلب العموم، والعراق الذي يعد من اكثر الدول اندماجاً في الاليات الاستعراضية للتشريعات الدولية هو اكثر الدول تورطاً في الحروب وانتاجاً لظواهر العنف بكل اشكاله على مدى عقود طويلة، وظلت هذه الاتفاقيات والمؤتمرات غير فاعلة في سياقها البرامجي لأنها غير خاضعة للمراقبة الدولية وغير نافذة على المستوى الاجرائي بسبب الطبيعة السياسية الشمولية للدولة ونمطية ادارتها للمؤسسات.
    ثانياً/ الاليات والقوانين الوطنية
    ـ الدستور العراقي الدائم لعام 2005 الذي يعد الضامن الأساسي لتمتع المرأة بحقوقها وحمايتها، إذ نصتن المادة (13) على (أولاً: يعد هذا الدستور القانون الأسمى والاعلى في العراف، ويكون ملزماً في انحاءه كافة وبدون استثناء. ثانياً: لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلاً أي نص يرد في دساتير الأقاليم او أي نص قانوني اخر يتعارض معه). والمادة (14) منه التي تنص على ان (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية… الخ) فضلاً عما نصت عليه المادة (20) منه (للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح). وتنص المادة 29 من الدستور العراقي على ان: ((الأسرة أساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية. وتكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم))( ).
    ـ قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، يعد قانون الأحوال الشخصية من القوانين المهمة التي لها مساس مباشر بالأسرة وخاصةً المرأة والطفل، ويضع القواعد القانونية التي تنظم الزواج والطلاق والنفقة والعدة والحضانة والنسب وغيرها من الأمور التي لها علاقة بالأسرة، إن المشرع العراقي بذل جهد كبير في تشريع قانون الأحوال الشخصية النافذ المرقم 188 في 1959 لضمان صيغة دقيقة ومحكمة بعيداً من النقص والخلل والغموض وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، ومن الملاحظات المتعلقة بهذا القانون هو :إن يكون إفراد الأسرة على دراية وعلم لبعض النصوص التي لها أهمية كبيرة في حياتهم الخاصة، وهي إحكام الزواج والخطبة وأركان العقد وشروطه واهلية الزواج وتسجيل عقد الزواج وإثباته والحقوق الزوجية وأحكامها ونفقة الزوجة وانحلال عقد الزواج والطلاق والتفريق القضائي والتفريق الاختياري (الخلع) واحكام العدة واحكام الرضاع والحضانة ونفقة الفروع والأصول والأقارب( ).
    ـ قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969، لغرض رفع الوعي القانوني للأسرة وخاصة المرأة وتنشيط دورها ومشاركتها في تعميق الأمن والسلام لابد من التعريف بمواد قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وخاصة بما يتعلق بالعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي والحماية منه، لذا نرى إن الرجل والمرأة يجب إن يكونا على دراية بسيطة ببعض المواد القانونية التي جاءت في القانون أعلاه التي لها علاقة وطيدة بالأسرة والتي تؤمن حماية وضمانة قانونية للرجل والمرأة على حد سواء وتلك المواد هي الجرائم التي تمس الأسرة والإجهاض والجرائم المتعلقة بالبنوة ورعاية القاصرين والجرائم الماسة بحياة الإنسان وسلامة بدنه والمخلة بالأخلاق والآداب العامة وغيرها مـــــن المواد القانونية( ).
    ـ قانون رعاية الاحداث العراقي المرقم 76 لسنة 1983 المعدل، يهدف قانون رعاية الاحداث المرقم 76 لسنة 1983 المعدل، الى الحد من ظاهرة جنوح الاحداث من خلال وقاية الحدث من الجنوح وتكييفه اجتماعياً وفق القيم والقواعد الاخلاقية للمجتمع، ويعتمد القانون على الأسس الرئيسية لتحقيق أهدافه والتي تتمثل الاكتشاف المبكر للإحداث المعرضين للجنوح وكذلك مسؤولية الأولياء في حالة الإخلال بواجباته اتجاه الأبناء ومساهمة المنظمات مع الجهات المختصة في وضع الخطط ومتابعتها لرعاية الاحداث( ).
    ـ مشروع قانون مناهضة العنف الاسري لعام 2019، ويتضمن (27) مادة بدأها بتعريف العنف بأنه (كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد باي منهما، يرتكب داخل الاسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي).. وحدد هدفه بـ(حماية الاسرة، وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من كافة اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الاسرية)، اما الفصل الثاني فيبدأ بالمادة (3) من القانون والذي يختص بتشكيل (اللجنة العليا لمناهضة العنف الاسري) يرأسها وزير العمل والشؤون الاجتماعية وتضم في عضويتها ممثل عن مجلس القضاء الاعلى والوزارات ذات العلاقة، وممثلين اثنين من منظمات المجتمع المدني. اما الفصل الثالث منه تتحدث عن مديرية حماية الاسرة، فالمادة (7) تنص على تشكيل دائرة تسمى (مديرية حماية الاسرة) في وزارة الداخلية، تتولى تنفيذ المهام المنصوص عليها في هذا القانون، يرأسها موظف بدرجة مدير عام، وله خبرة في مجال شؤون الاسرة ويكون مقر المديرية في بغداد، ومع فتح فروع في بغداد والمحافظات. أما المادة (8) فتوضح مهمات المديرية بأنها تتولى مهمة البحث والتحقيق في شكاوى العنف الاسري وعرضها على القاضي المختص. اما المادة (9) فتنظم تشكيلات المديرية ومهامها واختصاصاتها، بتعليمات يصدرها وزير الداخلية وتكون الاولوية لتمثيل المرأة في هيكلها الإداري. ويتناول الفصل الرابع موضوع الاخبار عن الجرائم واناط التحقيق في قضايا العنف الاسري الى محكمة مختصة يتم تشكيلها من قبل مجلس القضاء الاعلى في المناطق الاستئنافية، ونصت في المادة (11) ((لكل من تعرض للعنف الاسري، أو من ينوب عنه قانوناً التقدم بشكوى الى أي من: أولاً/ قاضي التحقيق المختص. ثانياً/ الادعاء العام. ثالثاً/مديرية حماية الاسرة. رابعاً/ المفوضية العليا لحقوق الانسان)). واوجبت المادة (12) ((على الموظف أو المكلف بخدمة عامة، أو كل من قدم خدمة طبية أو تعليمية أو اجتماعية أو المنظمات غير الحكومية المختصة، في حال يشتبه معها، وقوع جريمة عنف أسري، الاخبار الى أي من الجهات المنصوص عليها في المادة (11)))، والمادة (15) تحدد تقديم طلب الى القاضي المختص لغرض إصدار قرار الحماية وايداعه في المركز الآمن، لمن يتعرض للعنف الاسري او من ينوب عنه، وعلى المحكمة اصدار قرار الحماية خلال (24) ساعة ولمدة لا تزيد على (30) قابلة للتجديد وفقاً لأحكام هذا القانون. وفي المادة (18) ذكر الافعال التي يتضمنها قرار الحماية والتي تشمل: أولاً/ عدم التعرض للضحية وعدم التحريض عليها، أو على أي فرد من أفراد الأسرة أو على مقدم الإخبار. ثانياً/ منع المشكو منه من دخول منزل الضحية او الاقتراب من أماكن تواجده. ثالثاً/ تمكين الضحية، أو من يمثلها من دخول بيت الأسرة بوجود الموظف المكلف، لأخذ ممتلكاته الشخصية بموجب محضر اصولي. رابعاً/ ضبط أي سلاح بحيازة المشكو منه إذا كان ذلك ضرورياً. خامساً/ عدم الاتصال بالضحية سواء في المنزل، أو في مكان العمل، إلا إذا قصد منه الصلح الأسري بأشراف المديرية. سادساً/ اشعار الجهات ذات العلاقة، بإيقاف العمل بالوكالة العامة أو الخاصة الممنوحة من الضحية للمشكو منه من تاريخ تقديم طلب الحماية. سابعاً/ إلزام مرتكب العنف بالخضوع لدورات تأهيل من السلوك العنيف في مراكز متخصصة( ).
    وختمت المسودة بتحديد الأسباب الموجبة منها في: (الحد من مظاهر العنف الأسري، والقضاء على أسبابه، وحماية للأسرة وأفرادها، وتحمل الدولة لمسؤولياتها، ووقاية المرأة من الأفعال التي تشكل عنفاً بأشكاله المختلفة، مما يستوجب السعي الحثيث لتجريم تلك الأفعال وملاحقة مرتكبيها، وتوفير الخدمات اللازمة، ونظراً لكون العنف ضد المرأة يعد شكلاً من اشكال التمييز، وانتهاكاً لحقوق الانسان، والتزاماً بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق عليها العراق، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية، وسيراً على خطى مبادئ المجتمع الدولي، وتنفيذاً لأحكام المادة (29) من الدستور، والتي تنص ((الفقرة ب/ من اولاً: تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشئ والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم. والفقرة رابعاً: تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع))( ).

الخاتمة والتوصيات
وختاماً، يمكن القول إن علاج العنف الأسري مجهود جماعي يبدأ من طفل ينعم بطفولة خالية من التعنيف، ومن أسرة تحترم حقوق أفرادها لا يتميز فيها الذكور عن الإناث، ومن مؤسسة تربوية تهتم بتربية الطفل قبل تعليمه، وبمنظومة قيم للمجتمع تمكن المرأة من فرص التعليم والإسهام الحقيقي في المجتمع وتنتهي بسلطة تشريعية ترسخ قيم العدل والمساواة وسلطة تنفيذية تضمن الحقوق من الانتهاك.
ومن اجل الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة نوصي بالتالي:

  1. تشريع قوانين تجرم العنف الأسري وتوفير الملاذ الآمن للمعنفات، ومصدر دخل للأم والطفل يحفظ لها حياة كريمة. تتلاءم مع المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان تتضمن عدم تعرض المرأة الى العنف.
  2. تعديل قانون العقوبات العراقي فيما يتعلق بالمواد التي تتعلق بالأسرة والجرائم الاجتماعية، مع تفعيل بعض القوانين التي تعنى بالحقوق والحريات التي كفلها الدستور، وجعل القوانين والسياسات والممارسات الوطنية تتفق مع الالتزامات الدولية، وهذا يتطلب إلغاء او تعديل التشريعات التي تتضمن تمييزاً ضد المرأة وضمان أن تتفق التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
  3. نشر وتعزيز ثقافة حقوق المرأة من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات لبيان اهم الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية سيداو الخاصة ضد التمييز العنصري للمرأة.
  4. وضع قاعدة بيانات بخصوص النساء المعنفات وإيجاد الحلول لها من خلال التعاون مع الوزارات المعنية بهذا الموضوع لغرض التوصل الى إيجاد الحلول وبما ينسجم مع مجتمعنا.
  5. غرس القيم وممارسات تدعو الى المساواة بين الأطفال الذكور والاناث وعدم التمييز بينهما على أساس الجنس، مع نبذ التسلط العائلي وإعطاء النساء سلطة موازية ومساوية لسلطة الذكور بغية الوصول الى علاقات متكافئة بعيدة عن القهر والاضطهاد، وتعزيز مكانة الابنة الانثى والتشديد على ضرورة احترام اخوتها الذكور لها.
  6. منح المرأة الحرية اللازمة لاكتساب خبرات الحياة المختلفة التي تنمي في شخصيتها القدرة وتفتح في ذهنها آفاقاً تساعدها لان تكون مستوى مناظر للرجل يؤهلها لمنافسته او التفوق عليه مما قد يحول دون النظر اليها بدونية.
  7. ضرورة التأكيد على أهمية المؤسسات التربوية بتوضيح العنف ويجب أن تأخذ على عاتقها تعزيز العقل الديمقراطي من خلال تأكيدها على حرية الاخر وحقه في ابداء رأيه، كما عليها ان تسعى الى إعادة صياغة العلاقة ما بين الجنسين وتغرس في عقول الناشئة قيم المساواة والاحترام.
  8. تخصيص وحدات لعلاج الناجين من العنف الأسري. وتخصيص وحدات متخصصة لعلاج وإعادة تأهيل مرتكبي العنف الأسري. مع حملات توعية عن تأثير العنف الأسري على الأفراد والعوائل والمجتمعات.
  9. ضرورة وضع برامج تعليمية وطرق لحل النزاع العائلي تضمن الكرامة والمساواة والامن لكل افراد الاسرة.
  10. الوعظ والإرشاد الديني لحماية المجتمع من مشاكل العنف الاسري، إذ ان تعاليم الدين الإسلامي توضح أهمية التراحم والترابط الاسري.
  11. الاستعانة بوسائل الاعلام وقادة الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني لتحقيق ديمقراطية الاسرة وتوزيع السلطة لمحاولة تغيير المفاهيم التقليدية كالسيطرة والطاعة العمياء وتوضيح اثارها السلبية الى جانب الاثار الضارة المترتبة على الإهمال والتراخي.
  12. ضرورة فرض توعية تربوية واخلاقية على ما تبثه وسائل الاعلام لاسيما المرئية منها في بعض ما تبثه من مشاهد العنف والانحرافات الجنسية وغير الأخلاقية.
  13. تدريس مناهج حقوق الانسان لاسيما حقوق المرأة في المدارس والجامعات بهدف توعية سائر افراد المجتمع الذكور والاناث على حد سواء بحقوقهم بغية القضاء على كافة اشكال العنف الاسري.
    المصادر
  14. اتفاقية العهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  15. اتفاقية سيداو لعام 1979.
  16. الإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948.
  17. الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993.
  18. اعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1967.
  19. تعريف العنف الاسري، الانترنيت: http://www.hafralbatin.com/vb/showthread.php?t=22640
  20. جليل وديع شكور، العنف والجريمة، الدار العربية للعلوم، بيروت، 1997.
  21. الدستور العراقي الدائم لعام 2005.
  22. رانية الالجادي وموسى نجيب، العنف الاسري، مركز دراسات امان، المركز العربي للمصادر والمعلومات، أبحاث تموز، 2003.
  23. رندا يوسف محمد سلطان، العنف ضد المرأة في محافظة أسيوط، المجلة الافريقية الاجتماعية، المجلد (6)، العدد (46)، مصر، 2015.
  24. زينب الملاح، العنف الأسري في العراق.. أسباب الظاهرة المستفحلة وطرف خيط النجاة، الانترنيت: https://www.noonpost.com/content/36786
  25. سارة بنت فهد بن عبد الله السوبدي، العنف الاسري: أسبابه وعلاجه دراسة مقارنة، جامعة الملك سعدون، 2008، pdf،
  26. سارة قحطان عبد الجبار الحميري، العنف الاسري وعلاقته بالأمن النفسي لدى الهيئات التعليمية في محافظة بابل، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد (21)، العدد (4)، 2013.
  27. سليم القيسي، العنف في الاسرة: العنف الموجه ضد المرأة خاصة، مجلة راية مؤتة، المجلد (5)، العدد (1)، 1999.
  28. صلاح محمود عويس، ختان الانثى في ضوء قواعد المسؤولية الجنائية والمدنية في القانون المصري، جمعية تنظيم الاسرة، القاهرة، 1990.
  29. طريف شوقي، العنف في الاسرة المصرية: دراسة نفسية استكشافية، المركز القومي للبحوث الجنائية، مصر، 2000، ص24. وجليل وديع شكور، العنف والجريمة، الدار العربية للعلوم، بيروت، 1997.
  30. العنف ضد النساء بين الممارسة والتشريع في العراق، الانترنيت: https://blogs.lse.ac.uk/mec/2020/07/209/ة
  31. فواز الدرويش، العنف الاسري: انواعه ودوافعه والحلول المقترحة، 2008، pdf.
  32. قاسم حسين صالح، قانون مناهضة العنف الأسري.. العراقي، الانترنيت:http://www.almothaqaf.com/a/qadaya2019/949047
  33. قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959.
  34. قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969.
  35. قانون رعاية الاحداث العراقي المرقم 76 لسنة 1983 المعدل.
  36. قوانين لجنة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1945.
  37. كاظم الشيب، العنف الاسري قراءة في الظاهرة من اجل مجتمع سليم، ط1، المركز الثقافي العربي، 2007.
  38. مشروع قانون مناهضة العنف الاسري لعام 2019.
  39. مَن يحمي نساء العراق من العنف الأسري؟ الشرطة والقضاء يتغاضيان، والأحزاب الدينية تُعطل تشريعاً يحاسب الجناة، عربي بوست، الانترنيت: https://arabicpost.net/%d8%aa%d8%
  40. المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995.
  41. ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945.
  42. نادية كعب جبر، مدى الحماية القانونية من العنف الاسري في العراق والدول العربية: دراسة قانونية، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، المجلد (3)، العدد (11)، 30 تشرين الثاني 2019.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *