الباحث: اسراء عبدالباسط دهان
طالبة في كلية القانون زلطن/جامعة صبراته / ليبيا
nosadhan15@gmail.com
00964919007862
الملخص:
في ظل التغيرات المناخية تجتاح الكوارث الطبيعية، كالأعاصير والفيضانات مختلف أنحاء العالم، مخلفةً وراءها دمارًا هائلاً وخسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، إذ تُشكل هذه الكوارث تحديًا هامًا للدول، ليس فقط من حيث الاستجابة الفورية وتقديم المساعدات ألإنسانية، إنما أيضاً من حيث تحديد المسؤولية المدنية عن الأضرار التي تلحق بالمواطنين والممتلكات، وتُعد مدينة درنة الليبية نموذجًا صارخًا لتأثيرات الكوارث الطبيعية، حيث تعرضت لفيضانات مدمرة عام 2023م، خلفت أضرارًا جسيمة في البنية التحتية والممتلكات، ونظرًا لغياب التشريعات المنظمة للمسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية في ليبيا، يطرح هذا البحث تساؤلاً جوهرياً حول القواعد التي تحكم هذه المسؤولية في ظل التداخل المفاهيمي بين القوة القاهرة والكارثة الطبيعية ؟ حيث إن هذا التداخل يؤدي في غالب الأحيان إلى حرمان المتضررين من التعويض،ما يدفعنا الى ضرورة التركيز من خلال هذا البحث على فك هذا التداخل المفاهيمي، الذي يخلق جدلاً فقهياً واسعاً حول التكيف القانوني لطبيعة المسؤولية عن اضرار الكوارث الطبيعية، فيما إذا كانت تدخل في نطاق المسؤولية المدنية بنوعيها (عقدية– تقصيرية)،أم إن هناك قواعد قانونية خاصةتنظمها ما يجعل المسؤولية عنها ذات طبيعة خاصة ؟
فالإشكالية تدور حول تحديد مفهوم المسؤولية المدنية الكوارث الطبيعية، ثم بيان الاساس القانوني لهذه المسؤولية من خلال دراسة الاحكام القانونية ذات العلاقة بهذا النطاق، عن طريق تحليل واقعة سيول وفيضانات درنة وتحديد المسؤولية المدنية الناشئة عنها. فإن حدود هذا البحث المكانية تتمحور حول مدينة درنه الليبية باعتبارها نموذجاً عملياً، إضافة للحدود الزمنية التي تتراوح من حدوث هذه الكارثة في 10سبتمر 2023 الى يومنا هذا.واعتمدنا لدراسة موضوع هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي، من خلال وصف واقعة فيضانات درنه وتحليل النصوص القانونية والقرارات ذات الصلة والعلاقة.وتناولت الباحثة دراسة هذا الموضوع وفق خطة بحثية تم تقسيمها إلى مبحث تمهيدي ومبحثين رئيسين، جاء المبحث التمهيدي بعنوان الإطار النظري للكارثة الطبيعية، فيما خصص المبحث الأول لدراسة ماهية المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية الذي وضحنا من خلاله مفهوم المسؤولية المدنية والأساس القانوني لهذه المسؤولية، بينما خصص المبحث الثاني لدراسة الأثار المترتبة عن قيام المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية، وركزت الباحثة من خلاله على بيان أثارها بالنسبة للدولة وبالنسبة للمتضررين.
وبناءً على كل ما سبق فإن الباحثة في ختام دراستها لموضوع بحثها توصلت الى جملة من النتائج، يتمثل أهمها في الاتي:
منها: إمكانية تطبيق أحكام القواعد العامة للمسؤولية المدنية، خاصة بعد استقراء وتحليل القرارات الصادرة عن رئاسة الوزراء والمتعلقة بتنظيم التعامل مع أضرار هذه الكوارث، والتي يلاحظ اعتمادها بشكل واضح على القواعد العامة للمسؤولية المدنية بشكل عام. وتوصلت الباحثة إلى بعض التوصيات منها:
ضرورة توفير إطار قانوني واضح يعالج إشكالية تحديد طبيعة المسؤولية عن الكوارث الطبيعية في ليبيا، وتحديد الجهة المسؤولة عن وقوعها وتعويض المتضررين منها. سن تشريع بحظر البناء في الأماكن المعرضة للخطر بفعل الظروف الطبيعية كالبناء في مجرى السيول والأودية.
الكلمات المفتاحية: الكوارث الطبيعية. التعويض. الدولة. المتضررين. المسؤولية المدنية.
Civil Liability for Damages from Natural Disasters “Derna as a Practical Model”
Researcher: Israa Abdul Basit Dahhan
Student at the Faculty of Law, Zliten
University of Sabratha/Libya
Abstract:
In light of climate changes Natural disasters, such as hurricanes and floods, sweep across the world, leaving behind massive destruction and massive loss of life and property, These disasters pose an important challenge for countries, not only in terms of immediate response and provision of aid humanity but also in terms of determining civil liability for damage to citizens and property, the Libyan city of Derna is a stark example of the effects of natural disasters, as it was exposed to devastating floods in 2023 AD. , It caused severe damage to infrastructure and property, Given the absence of legislation regulating civil liability for natural disaster damage in Libya, this research raises a question! Essentially about the rules governing this liability in light of the conceptual overlap between force majeure and natural disaster? As this interference often leads to Depriving those affected of compensation, what drives us to necessity The focus of this research is on Unravelling this conceptual overlap, which creates a wide jurisprudential debate about the legal adaptation of nature Liability for damages from natural disasters, whether within the scope of civil liability Both types (nodal-tort) Or are there legal rules? Private TO organize it Which makes the responsibility for it of a special nature?
The problem revolves around Defining the concept of civil liability for natural disasters, then explaining the legal basis for this liability by studying the legal provisions related to this scope, analyzing the incident of torrents and floods in Derna and determining the civil liability arising from it. The spatial boundaries of this research revolve around the Libyan city of Derna as a practical model, in addition to the temporal boundaries that range from the occurrence of this disaster on September 10, 2023, to the present day. To study the topic of this research, we relied on the descriptive analytical approach, by describing the Derna flood incident and analyzing the legal texts and relevant decisions and the relationship. The researcher addressed Studying this topic according to a research plan that was divided into an introductory section and two main sectionsThe introductory section is entitled The Theoretical Framework of the Natural Disaster, while the first section was devoted to studying the nature of civil liability for natural disaster damage, through which we explained the concept of civil liability and the legal basis for this liability, while the second section was devoted to studying the effects resulting from the establishment of civil liability for natural disaster damage, and the researcher focused Through it, a statement of its implications for the state and those affected.
Based on all of the above, after she studied her research topic, the researcher reached several results, the most important of which are the following:: The possibility of applying the provisions of the general rules of civil liability, especially after extrapolating and analyzing the decisions issued by the Prime Minister related to regulating dealing with the damages of these disasters, which depend on the general rules of civil liability in general. The researcher found some Recommendations Of which:
It is necessary to provide a clear legal framework that addresses the problem of determining the nature of responsibility for natural disasters in Libya, determining the party responsible for their occurrence and compensating those affected by them and enacting legislation prohibiting construction in places exposed to danger due to natural conditions, such as building in flood streams and valleys.
keywords: natural disasters. Compensation. Country. affected people. Civil responsibility.
المقدمة
ففي ظلّ التغيرات المناخية المتسارعة، باتت الكوارث الطبيعية ظاهرةً مألوفةً تُلقي بظلالها القاتمة على مختلف بقاع العالم، وتُعدّ هذه الكوارث، بِما تُخلّفه من أضرارٍ ماديةٍ وبشريةٍ فادحةٍ، تحدّياً قانونياً هائلاً يتطلبُ دراسةً متأنّيةً لِتحديد المسؤولية وتَبيانَ أحكامِ التعويض.
حيث أن جبر هذه الأضرار في إطار القواعد العامة تجابهه صعوبة، وهذا في الحقيقة ناتج أساساًمن الطابع الشخصي لها؛ لما ترتبه من آثار قانونية مهمة بالنسبة للدولة والمتضررين.فإدراكاً لأهمية هذا الموضوع، تأتي هذه الدراسة كاستكشافٍ قانونيٍّ معمّقٍ لقضية المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية، مُتخذةً من مدينة درنة الليبية، وما شهدته من فيضاناتٍ عارمةٍ في أواخر العام الماضي، نموذجاً تطبيقياً لفهمِ التعقيدات القانونية المُحيطة، ومن خلال هذه الدراسةتوضح الباحثة مدى أهمية اتخاذالإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من أضرار الكوارث الطبيعية، حيث يُعد هذا البحث بمثابة رحلة استكشافية في دهاليز القانون المدني، باحثتاً عن إجابات شافية حول المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية لضمان التعويض العادل للمتضررين كأحد الآثار المترتبة.
أولاً:مشكلة البحث.
تكمن مشكلة هذا البحث في ايجاد معالجات لتحديد نطاق المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية نتيجة لتقارب مدلول الكارثة الطبيعية مع القوة القاهرة، مفاده تصوراً يؤدي الى حرمان المتضررين عند جراء وقوع الكارثة من الحصول على التعويض، ولفك هذا التداخل المفاهيمي توجب علينا مناقشة الإشكالية الأساسية التي يفرضها هذا البحث والمتمثل في الآتي:
س/ هل المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية تدخل في نطاق المسؤولية المدنية كقاعدة عامة، أم لها استثناء في حالة وجود نص خاص بنظمها؟
ثانيًا: أهمية البحث.
تتلخص أهمية هذا البحث في بعدين أساسين هما البعد النظري والبعد العملي.
البعد الأول: البعد النظري
تبرز الأهمية النظرية لهذه الدراسة كونها تُساهم في تحليل الأساس القانوني للمسؤولية المدنية؛ لقلة الدراسات والأبحاث حول معالجة نطاق المسؤولية المدنية نحو اضرار هذه الكوارث، ولَعَلّ من المفيد أن تحاول الباحثة من خلال هذا الدراسةالمُساهمة في سد الفراغ التشريعي.
البعد الثاني: البعد العملي
تكمن الأهمية العملية لهذه الدراسة في حياة المواطنين بالدرجة الأولى، حيث صارَ ولازال الجميع مهدد بخطر الكوارث الطبيعية، وكما أنها أيضاً تُعتبر من المواضيع المستحدثة في النطاقالقانوني، وخاصة أن المشرع الليبي لم يتناول معالجة هذا الأمر بنصوص صريحة، الأمر الذي تظهر أهميته في وضع قوانين عملية تُعالج هذه المسألة المعقدة، وإضافة إلى تحديد الجهة المسؤولة عن تعويض المتضررين.
يهدف البحث إلى تحقيق جملة من الأهداف، أهمّها:
- تحليل واقعة سيول وفيضانات درنة، وتحديد المسؤولية المدنية الناشئة عن هذه الكارثة.
- تحديد مفهوم المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية.
- دفع الجهات المعنية للقيام بالإجراءات اللازمة للوقاية من خطر الكوارث والتخفيف من حدتها.
- بيان مدى قدرة القواعد القانونية المتاحة في إقرار التعويض عن هذه الاضرار.
- دراسة الأحكام القانونية ذات الصلةبالمسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية في التشريع الليبي.
رابعًا:حدود البحث:
الحدود المكانية: مدينة درنة الليبية.
الحدود الزمنية: 9/2023-5/2024.
اعتمدنا في هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي ذلك بوصف واقعة فيضانات مدينة درنة وتحليل النصوص القانونية والقرارات ذات الصلة والعلاقة، للوصول إلى النتائج المرجوة من هذه الدراسة.
سادساً: صعوبات البحث.
واجهة الباحثة في هذا البحث العديد من الصعوبات منها:
- قلة الدراسات والابحاث: تعد الدراسات والابحاث المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية في ليبيا قليلة؛ بل تكاد أن تكون معدومة، مما يجعل من الصعب الحصول على معلومات وافية ودقيقة.
- عدم وضوح القوانين: لا توجد قوانين محددة في ليبيا تنظم المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية، إضافة إلى تداخل بعض المفاهيم الأخرى المرتبطة بها، الأمر الذي يفتح المجال لتفسيرات متعددة للنص القانوني.
ستتم معالجة هذا البحث من خلال التقسيم الآتي:
المبحث التمهيدي: الإطار النظري للكارثة الطبيعية.
المطلب الأول: التعريف بالكارثة الطبيعية.
المطلب الثاني: أنواع الكوارث الطبيعية.
المبحث الأول: ماهية المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية.
المطلب الأول: مفهوم المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية.
المطلب الثاني: الطبيعة القانونيةللمسؤولية المدنيةعن أضرار الكوارث الطبيعية.
المبحث الثاني:آثار المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية
المطلب الأول: آثار المسؤولية بالنسبة للدولة.
المطلب الثاني: آثار المسؤولية بالنسبة للمتضررين.
الإطار النظري للكارثة الطبيعية
شهد العالم وما زال يُشاهد العديد من الكوارث الطبيعية، والحوادث ربما قد يكون للإنسان دخل فيها بزيادة آثارها السلبية،وتبرز في مُقدمة الأمر كارثة درنة التي لطالما تعتبر من أسوء الكوارث التي شهدتها ليبيا في تاريخها الحديث، حيث تسبب إعصار دانيال الذي اجتاح الساحل الشرقي الليبي في انهيار سدي وادي درنة (وادي أبو منصور، والبلاد)،صحب هذا الاعصار هطول أمطار غزيرة في المنطقة الشرقيةأدت إلى زيادة كبيرة في منسوب المياه بالسدين، مما تجاوز طاقتهماالاستيعابية،وتسببت هذه السيول والفيضانات في آثارٍ ضارة بالمباني والمنشآت والارواح.
والحديث عن الكوارث الطبيعية فإن حجمها وقسوتها وجسامة الضرر الناشئة عنها تختلف فيما بينها بحسب طبيعتها، وبناءً على ذلك نُلاحظ أن الحوادث الناجمة عن تلك الكوارث تنقسم إلىقسمين حالات منضوية ضمن مصطلح الكوارث الطبيعية وحالات أخرى لا ترتقي إليها،ولكي نستطيع تحديد مفهوم الكوارث الطبيعية المتمثلة في كارثة درنة بشيء من الدقة، نُقسم هذا المبحث إلى مطلبين ونُخصص المطلب الأول منه للتعريف بالكارثة الطبيعية محل الدراسة، ثُمنبين بعد ذلك في المطلب الثانيأنواع الكوارث الطبيعية؛ليتنسى لنا الوصول إلىإبراز أهميتها وهي ضمان التعويض العادل للمتضررين.
للتعريف بالكارثة الطبيعية فإننا سنهتمببيان مفهومها ضمن (الفرع الأول)، ثم بيان أهم سماتها ضمن (الفرع الثاني).
سأهتم بإيضاح مفهوم الكارثة الطبيعية لغةً واصطلاحًا على النحو الآتي:
أولاً: في اللغة.
هي من كرث: كَرَثَه الأَمْرُ يَكْرِثُه ويَكْرُثُه كَرْثاً، وأَكْرَثه: سَاءَهُ واشتدَّ عَلَيْهِ، وبَلَغَ مِنْهُ المَشَقَّةَ(ابن منظور،1414ﮬ ج2 ص 180)، وتعني أيضًا مصيبة عظيمة وخراب واسع.(عمر،1429 هـ -2008، ص 1918/3)
ثانيًا: في الاصطلاح.
يختلف تعريف الكارثة تبعًالاختلاف الزوايا التي يُنظر بها كل علم إليها،فعلم الإرادة تعرف الكارثة على أنها: حدث مفاجئ ينتج عنه أثر مدمر يخلفأضرار مادية،أو غير مادية،أو كلاهما معًا،ويعرض المجتمع بالكامل أو جزء منه إلى خطر شديد مع احتياجهإلى جهود كافة أجهزة الدولة، وتُعرف في مجال علم الطبيعة أيضًا على أنها حدث فجائي مسببًا خسارة فادحة في الممتلكات والأرواح والمصادر الطبيعية(العتيبي، 2021، ص361).
والتعريف الأكثر شيوعًا هو أنه حدث طبيعي أو مفاجئ، يُؤثرعلى مجرى الحياة الطبيعية، مما يترتب على المجتمعات اتخاذ تدابير وإجراءات استثنائية لمواجهتها بقدرتها الذاتية،أو بمساعدة خارجية، وعند استقراء القرار رقم 184 لسنة 2012م بشأن تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات نجد أن القرارقد عَرف الكارثة الطبيعية في المادة الأولى منه، على أنها:”كل ما يُصيب الناس من نكبات نتيجة عوامل طبيعية قضاء وقدرًا كالفيضانات والجفاف والزلازل…تستلزمإزالة اثارها أو التحقيق منها باللجوء إلى وسائل استثنائية”(القرار رقم 184 لسنة 2012م).
تأسيسًا على ما تقدم من التعريفات يتضح من خلالها أن الحدث لا يُعدكارثة طبيعية مالم تحدث خسارة جسيمةسواء كانت خسائر مادية،أو بشرية، أو كلاهما معًا، مع الإشارة إلى أنجميع هذه التعريفات لمتكترث لعنصر المفاجأة في الحدث لإضفاء صفة الكارثة عليها، بالتالي سيظهر أثر ذلك عندما نتحدث عن نطاق المسؤولية المدنية، نستخلص من التعريفات السالفة الذِكر أنَّ الكارثة وإنْ كانتناشئة عن خسارة جسيمة؛إلا أنَّ الخسائر تختلف باختلاف الحدثالمنشئلها فتنقسمبناء على ذلك إلى نوعين وهما كالتالي(مشروع دعم بناء القدرات الوطنية للتقليل من أثر خطر الكوارث-الاردن،2009).
- الكوارث البشرية:هي التي تنشأ بفعل الإنسانوتشمل الإرهاب، الحروب، تلوث البيئة، الحوادث الكيماوية وغيرها…
ب-الكوارث الطبيعية:وهي الحوادث التي لا يكون الإنسان سببفي حدوثها، وتخلف آثارًاوأضرارًا جسيمة في الأرواح والممتلكات، والتي يُمكن أنْ تكون مزيج من عوامل طبيعية وبشرية،إلا أن أساسها العامل الطبيعي، مع مُساهمة العامل البشري في تفاقم الأضرار الناتجة عنها، مثلما حدث في مدينة درنة نتيجة تفاقم أضرارها لعدم اكتراث الجهات المختصة لاتخاذ التدابير الناجعة للحدّ من آثار تلك الفيضانات لطالما تسبب ذلك الإهمال في زيادة حجم الخسائر البشرية والمادية. والبعض يُطلق عليها “كوارث شبه طبيعية”، وذلك باعتبار أن العامل البشري له دور في إحداث الكارثة نتيجة خطأ أو اهمال منه.
وأمام استعراض هذه الأنواع من الكوارث الطبيعية،فإنالنوع الاول لا يدخل في نطاق بحثنا هذا بينما النوع الثاني من صلب موضوع البحث،الأمرالذي يتطلب تحديداً دقيقاً لهذا الدور المؤثر لها ومدى تدخل الانسان لإحداثالضرر، ومن ثم ايقاع المسؤولية وفق ذلكالتحديد والتشخيص.
بِالرجوع إلى التعريف الذي تناوله القرار رقم 184 لسنة 2012مالسالف الذِكر، يُمكن القول بأن الكوارث الطبيعية تتميز ببعض السمات الخاصة والتي يُمكن حصرها على النحو الآتي:
أولاً:أن تنشأ الكارثة بسببعوامل طبيعية خارجة عن إرادة الإنسان، ففي تعريف القرار لها على أنها: كل ما يُصيب الإنسان من نكباتنتيجة عوامل طبيعية قضاء وقدر، مثل:الفيضانات…فتضمينهلمصطلح”القضاء والقدر”للدلالة على خروجالكارثة عن إرادته،ويتضح من ذلكأنَّالقرارأرادأنْ يُميز بينها وبين الكارثة التي تنشأ بسبب تدخل بشري فقط، كما هو الحال في الكوارث الناجمة عن الحروب والكوارث الصناعية والنووية. فإن الفيضانات التي حدثت في مدينة درنة التي كانت مصاحبة للأمطار الغزيرة نجم عنها انهيار السد نتيجة لهذه الأخيرة فإنها تعتبر جزءًا من الكارثة الطبيعة؛ لأن السبب المباشرة هو الكارثة الطبيعة (إعصار دانيل مصاحب لأمطار غزيرة) ساهم في تفاقم الكارثة الإهمال والخطأ البشري، وذلك لعدم ترميم السد.
فمتى كانت العوامل الطبيعية هي المحرك الأساسي لإحداث الكارثة،فإن مساهمة عوامل أخرى لا ينفي عنها وصف الكارثة الطبيعية الموجبة للمسؤولية؛ نتيجة الإهمال المُساهم في تفاقم الوضع أو زيادته.
ثانيًا:أن تلحقأضرارًا بالغة بالناس،تتعدى قدرة الدولة على مواجهتها،فتتطلب إجراءات استثنائية للتعامل مع آثارها.
عليه فإنّالظواهر الطبيعية منها ما هو معتاد ومألوف حصوله، ومنها ما قد يكون استثنائي ونادر الوقوع(الكعبي،2020، ص39)، ولا اختلاف بعد إدراج ما جاء به القراربأن الكارثة الطبيعية تنطوي ضمن هذه الأخيرة، لما يتجسدبه من اختلالفي نظامالتوازن الكوني،فالأمطار لا خلاف على أنها ظاهرة مطلوبة نتيجة لأهميتها في استمرار الحياة، فتكون عندئذٍ ظاهرة معتادة ومألوفة، ولكنها في حالات استثنائية عصية قد تتجاوز الحد المألوف كما لو زاد منسوبالأمطار عن القدرةالاستيعابية لمجاري المياه والسدود فيُشكل فيضانات غامرةللأراضي والمقاطعات السكنية(عوضي، 2005، ص3).
فمسألة الاستعداد الكامل لمواجهة هذه الأحداث الاستثنائية،أو الأخطار،أو على الأقل التقليل والتخفيف من آثارها، تستوجب وعيًا وادراكًا عاليين مقترنين بتوفير الإمكانيات البشرية والمادية،وهو ما لا يتحقق إلا اذا تشكلتإدارة متخصصة بشؤونالكوارث ذات قدرة عالية من التنبؤ وكفاءات متميزة،ويكون لها إمكانية مواجهة الأزمات وتحديد الموارد اللازمة لمجابهة الكارثة(القرار رقم 195 لسنة 2012 )، وهذا ما يتفق عليه المتخصصون في علم الكوارث( المؤتمر العالمي المعني بالحد من الكوارث، يناير عام 2005، ص29)،وتأسيسًا على ما تقدم لا مجال للخلاف على أن سمة جسامة الأضرار إنما هي سمة ملازمة لمصطلح الكارثة الطبيعية، ويبدو أن القرار التفت إلى هذه الحقيقة من خلال إثارته إلى أنشدة اضرارها تفوققدرة الدولة لتصدي لها،وهنايتبادر في الأذهان سؤال: ماالجهة المسؤولة عن تحديد إلى أي مدى كانت درجة الضرر،بحيث يتمإضفاء،أو انفي صفة الكارثة من عدمها…!؟
يتضح وفقًا لما جاء في المادة الخامسة من القرار رقم 184 لسنة 2012مالسالف الذِكر، أن من يتولى تحديددرجةالجسامة ومن ثم تقدير قيمة التعويض عنها،هم: فروع ومكاتب صندوق التضامن الاجتماعي الواقع في نطاقها المواطنين المتضررين.
تُعد الكوارث الطبيعية حوادث طارئة أو فجائية يرتبط حدوثها بالعديد من العوامل الجيولوجية، التي لا يمكن حصرها ضمن إطار معين، إذ يمكن تصنيفها بناء على العديد من العوامل، ذلك لكون الفائدة القانونيةمن تصنيفها تتُمثل في بيان الإطار القانوني المتعلق بالتعامل مع هذه الكوارث وتحقيق تأثيرها على الناس والبيئة من عدمه؛ لما قد تُضيفه من آثر قانوني ملموس في إبراز المسؤولية الناجمة عنها، لكونها تختلف من حيث إمكانية توقعها، ومن حيث ظرفي الزمان والمكان على حدوثها، وبناءً عليه سيتم في هذا المطلب ببيان أنواع الكوارث الطبيعية ضمن فرعين، جاء تقسيمهما على النحو التالي:
الفرع الأول:أنواع الكوارث الطبيعية من حيث امكانية التوقع من عدمه.
الفرع الثاني:أنواع الكوارثالطبيعية من حيث ظرفيالزمانوالمكان.
الفرع الأول
أنواع الكوارث الطبيعية من حيث امكانية التوقع من عدمه
قبل الحديث عن هذين النوعين من الكوارث الطبيعية يستلزم أنْ نُشير إلى ما سبقلاحظناه عند استعراضنالتعاريف الكارثة،إذْ وجدنا من بينها من يرى بلزوم توافر عنصر المفاجأة في الحدث المنشئلهاحتى يصح وصفهابالكارثة الطبيعية(الكعبي،2020، ص61، الدليمي،2009، ص29)، وبالتالي لا مجال وفقًا لهذا الرأي أن نصنف الكارثةالطبيعية على إمكانية التوقع، ولكننا في الحقيقة نختلف مع هذا الرأيونرجح الرأي الذي يقر بأنّ الواقعةتعد كارثة طبيعية سواء نشأت عن حدث متوقع،أو مفاجئ، طالما تسببت هذه الكوارث خسارة في الأرواح والممتلكات والحقت أضرارًا مادية بالغةً جدًا(الكحيلي،2007 ، ص98، شحادة،2013، ص115).
حيث تظهر أهمية استبعاد عنصر المفاجأة كضرورة لتوصيف الواقعة الطبيعية بالكارثة؛ لأن الجهة المعنية بتقديرها ستمتنع عن اضفاء صفة الكارثة عن أية واقعة متوقعة الحدوث فقط؛ لأنها لا تتسم بالمفاجأة في الوقوع، وهو ما يترتب حرمانًا للمتضررين من التعويض، ولهذا ينبغي التوجه نحو مناصرة الرأي الذي لا يعتد بعنصر المفاجأة في اضفاء صفة الكارثة الطبيعية، وهذا الرأي يُوافق القرار السابق الذي لم ينكر على أن تكون الكارثة متوقعة من عدمه، الأمر الذي يذهب إلى تأييد الاتجاهالأخير:(الكحيلي، 2007، ص98؛ شحادة،2013 ص115).
وبناءً على ما سبقيتم تقسيم الكوارث من حيث إمكانيةتوقعها إلى الآتي:
(أولاً):الكوارث الطبيعية المتوقعة،(ثانيًا): الكوارث الطبيعية غير المتوقعة.
أولاً: الكوارث الطبيعية المتوقعة.
يُقصد بها كوارث ذات مؤثرات ودلائل يُمكن من خلالها التنبؤ بها قبل فترة كافية بالتالي تُتخذ التدابير التي تمنعحدوثها،أو الحد من آثارها،أو التخفيف منها،وتشمل فئة الكوارث البيولوجية (إبراهيم، (2010)، ص13)،وبعض الكوارث المائية والجوية، ففي مجال الكوارث المائية يبدو أن إمكانية توقع الفيضانات باتت ممكنة في هذا الزمن،وتجدر الإشارةإلى دراسة أجريت في مجال الهندسة المدنية للباحث “عبد الونيسي عبدالعزيز”، الذي تبين له من خلال دراسته لحوض وادي درنة أن منطقة الدراسة معرضة لمخاطر الفيضانات؛ لذا يجب اتخاذ إجراءات فورية لعملية الصيانة الدورية للسدود القائمة،حيث تبين له أنه في حالة حدوثفيضانفستكون النتيجة كارثية على سكان الوادي(عاشور 2022، ص94).
وبناءً على ما سبق يمكننا القول:أن الفيضانات في الغالبالأعم تكون من فئة الكوارث المتوقعة على عكس الكوارث الطبيعية الأخرى كالزلازل مثلاً.
ثانيًا: الكوارث الطبيعية غير المتوقعة.
هي التي تحدث بشكل مفاجئ دون سابق إنذار،أو أن يكون الفاصل الزمني بين التنبؤ بحدوثها ووقت وقوعها قصيرٍ جدًا، يمنع من خلال هذه الفترةإمكانية اتخاذ التدابير اللازمة لتلافي أضرارها،ويتمثل هذا النوع في الزلازل والبراكين والعواصف الاسيوية وغيرها،فعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الذينشاهده في هذا العصر؛إلا أنَإمكانية توقع حدوثهاباتت صعبة، فكل ما استطاع العلم التوصل إليه هو تتبع تاريخ الزلازل بشكل يسمح بتوقع مكان حدوثها، وبالنسبة للبراكين لم يستطع العلم إلىالآن تحديد الفترة الزمنية لحدوثها على الرغم من وجود علاقة بينها وبين الزلازل؛إلا أنه غالبًا ما تسبق هذه الاخيرة البراكين(الكعبي، 2020، ص65).
الفرع الثاني
أنواع الكوارث الطبيعية من حيث ظرفي الزمان والمكان
الكوارث الطبيعية تختلف من حيث ظرفي الزمان والمكان فهذه الأخيرة تعني المكان الذي تخلف فيه آثار هذه الكارثة،في حينتُمثل الأولى الوقت الذي تستغرقه الكارثةلحدوثها،وبناءً عليه سنهتم ضمن هذا الفرع بدراسة(أولاً) نوع الكارثةمن حيث ظرف الزمان،ثم (ثانيًا) نوع الكارثة من حيث ظرف المكان.
أولاً: نوع الكارثة من حيث ظرف الزمان.
يُعدعنصر الزمن عنصرًا هامًا في تحديد نوع الكارثة الطبيعية حيث تتنوع وفق ما تقتضيه من مدة لإيقاع الضرر وإحداث الدمار،وبالتالي يُمكن تصنيفهامن حيث الزمان لصنفين كما يلي:
- كوراث قصيرة المدة: هي التي لا يستغرق مدة حدوثها وتحقيقآثارها زمنًا طويلاً، ومن أبرز هذا الأنواع:الزلازل،والكوارث ذات الفئة الجوية: كالعواصف،والأعاصير،والأمطار الغزيرة،فزمن حدوثها قصيرة المدة،إلا أن آثارها تبقى على المدى الطويل، فتُشكل أزمة إذا لم يتم تدارك أمرها. المقصود بالآثار طويلة المدى أنها تخلف أضرارًا بشرية ومادية كبيرة جدًا، قد يصعب إعادة الحال كما كان عليه في السابق.
- كوراث طويلة المدة:هي الكوارث التي تستغرق مدة زمنية طويلة الأمد، حتى تتبين أضرارها وتظهر آثارها (إرشادات تقنية للرصد والإبلاغ عن التقدم المحرز في تحقيق الغايات العالمية لإطار سِنداي أي للحد من مخاطر الكوارث، مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية)، حيث تمثل في الغالب الأعم أضرار التلوث بشتى صوره(الكعبي،2020، ص65).
بعد إن انتهينا من عملية التصنيف هناك تساؤل يطرح نفسه في هذا الصدد:يتمثل في تحديدأهمية هذا التصنيف محل دراسة بحثنا؟ فنقول أنّ عملية حصرالأضرار الناشئة عن هذه الكوارث وتحديد مقدارها من أجل التعويض عنها، يستدعي منا اللجوء إلى هذا التصنيف،فالكارثةقصيرة المدة تكون في الغالب الأعم واضحة من حيث مقدارها ونوعها من جهة والأشخاص المتضررين منها.
ومن جهة أخرى لا يكون الأمر كذلك عند الكوارث طويلة المدة، حيث أنها ستلاقي صعوبات شتى عند تحديد وحصر الأضرار الناتجة عنها،لكون هذه الأخيرة تتفاقم وتزداد بمرور الزمن، مما يجعل أمر تحديدها ومن ثم تقدير التعويض عنها ليس بالأمرالسهل واليسير؛لأنها تشكل صعوبة للقضاء في تحديد عنصر الضرر لغرض تقدير التعويض عنها،الأمر الذي تراه الباحثة يستلزم شيئين:الأول تطوير قواعد نظام المسؤولية المدنية،والثاني استحداث نظام فعال لأداء التعويض المناسبللمتضررين جراء هذه الكارثة الطبيعية.
تانيًا: أنواع الكوارثالطبيعية من حيث ظرف المكان
يُقصد بذلك الرقعة الجغرافية التي تحدث فيها هذه الكارثة، وتخلف أضرارها وتنتج آثارها في نطاق حدودها الجغرافية الذي يُمكننا منمعرفة حدودها، لاسيما في عملية جمع الأدلة والبيانات اللازمة لإثبات وقوع الضرر وعلاقتها بهذه الكارثة، وتقدير حجم الأضرار وربطها بالأسباب والعوامل المحددة لنطاقها، الأمر الذي يُساعدنا في تحديد نطاق المسؤولية وفقا لهذا المعيار، وبناءً عليه يُمكننا تقسيم الكوارث الطبيعية وفقًا لهذا التصنيف كما يلي:
- الكوارث الداخلية: هي تلك الحوادث الكارثية الناجمة عن عوامل طبيعية والتي تحدث داخل حدود إقليم أو دولة معينة، يُقصد بدولة معينة نطاق إقليمها الجغرافي التي تفرض سيادتها عليه سواء كان البري أو الجوي أو البحري.وتؤثر بشكل كبير على البلد ومواطنيها لكونها تخلف اضرارًا بشرية ومادية كبيرةً جدًا، وتتطلب استجابة سريعة ومنسقة من قبلالحكومة والجهات المعنية،للتعامل مع الأزمةوتحقيق آثارها وتقديم المساعدة للمتضررين،وإعادة بناء المناطق المتضررة (الكعبي،2020، ص76).
- الكوارث العابرة للحدود: هي تلك الكوارث التي لا تقتصر آثارها على دولة واحدة بل تمتد لتشمل دولاًأخرى غير الدولة التي بدأت فيها الكارثة، ومن ثم يُمكن أن تقع هذه الأخيرة في أكثر من دولة فتُخلف أضرارًاعلى جميع الدول التي وقعت فيها،كإعصار دانيل الذي ضرب اليونان وتركيا إلى أن وصل إلى ليبيا وضرب مناطق الساحل الشرقي منها سوسه ودرنة وخلف أضرارًا بليغة في هذه الأخيرة.
بعد استعراضنالهذين الفئتين يتضح لنا فيما يتعلقبالفئة الأولىأن القانون الوطني هوالمعني بتنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار الناتجة عن هذه الكوارث الطبيعية، أماالفئة الثانيةتنتج حالة من الازدواجيةلا سيما عند تشابك وتداخلأحكام وقوانين تلك الدول،الأمر الذي يستدعي التنسيق بين الدول من أجل ضمان قيام نظام المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارثالطبيعية بدوره في تعويض الأضرار الناجمة عنها.
فيجب أن تتعاون الدول فيما بينها على وضع معايير تكفل التعويض المناسب للمتضررين نتيجة لوقوع الكارثة، حيث بدأت تظهر دعوات من المحافل الدولية تنادي بضرورة ايجاد تشريع للحدّ من هذه المخاطر الناتجة عن الكوارث والتعويض عنها،وتجدر الإشارة هنا أن ليبيا ظهرت في محافل دولية تنادي بتكاثف جهود الدول (اجتماع الشراكة العربية التاسع للحدّ من مخاطر الكوارث المنعقد في 21-23 نوفمبر 2023)، لا سيما ذلك يُساعد الدولة في تقليل الأعباء التي تقع على عاتقها ومن ضمنها التعويض المدني.
ماهية المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية
تُعتبر الكوارث الطبيعية من أكثر الظواهر المدمرة التي تواجه البشرية، ومن بين الأمور التي يجب مراعاتها في مواجهة هذه الكوارث تأتي المسؤولية المدنية عن أضرارها،فمن البديهي أن البناء النظري لأي موضوع يستلزم بيان مفهومه، ولبيانه يكون من الصعب الوقوف على مسألة ما دون معرفتها معرفة دقيقةً، ليتسنى لنا بيان المسؤولية المدنية الناشئة عنها، وبالتالي تحملها التبعات المدنية والتعويض؛ إلا من خلال دراسة بيان مفهوم المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعة(المطلب الأول)، وبحث الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية (المطلب الثاني).
مفهوم المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية
تُعد المسؤولية من أهم الأسس والركائز التي يقوم عليها القانون المدني بشكل عام والتي من خلالها يتم صياغة أحكام هذا الأخير، فتؤسس بناء على فكرة التعويض وجبر الضرر(عامر،1979، ص13)، وقيام المسؤولية المدنية لا يكون بدون قيام أركانها، لذا من مُنطلق ذلك نقسم (الفرع الأول) بالتعريف المسؤولية المدنية،و(الفرع الثاني) بيان أركان المسؤولية المدنية.
الفرع الأول
تعريف المسؤولية المدنية
لتعريف المسؤولية المدنية نوضح (أولاً) معناها اللغوي، (وثانيًا) معناها الاصطلاحي.
أولاً: التعريف اللغوي.
المسؤولية: مشتقة من الفعل “سأل وهي اسم المفعول منه المسؤول واسم الفاعل منه السائل”(ابن فارس ،(ب- ت)،ج5، ص124)، أي ما يعني للدلالة على المحاسبة والمحاكمة على أمر ما(ابن منظور، مرجع سابق، ج5، ص34)، لقوله تعالي: )قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ((سورة سبأ، الآية 24)،فهذه الآية تدل دلالة قطعية على أنه هناك سائل:هو المضرور أو ذوي الشأن الذين يتقدمون بدعوى المطالبة بالتعويض،ومسؤول عنه:هو المدعي عليه أو المتسبب في الضرر، وهو الذي تقع عليه المسؤولية المدنية،وجزاء مترتب على هذه المساءلة: هو التعويض المادي التي تصدرها المحكمة على المسؤول لمصلحة المضرور، ويتضح من التعريف اللغوي أن هذا المفهوم يُعالج أمرين رئيسين وهما:
- العنصر والركن المؤسس للمسؤولية، التي يكون أساس وجودها الأمور والأفعال التي أتاها الفاعل.
- الأثر المترتب على وجود هذه المسؤولية، أي ما يلتزم به الشخص المسؤول.
ثانيًا: الاصطلاح القانوني.
المسؤولية المدنية: عبارة عن التزام قانوني على محدث الضرر للغير(العنزي، 2021، ص136)، فيكون الهدف منها إعادة الحال كما كانت عليه قبل الضرر؛ إلا أنه أحياناً يصعب ذلك فيتم على كل الأحوال من خلال التعويض.
ويُمكننا القول أيضًا أن المسؤولية المدنية: هيالمؤاخذة عن الأخطاء التي تضر بالغير وإلزامالمتسبب بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، أو جبر الضرر عن طريق التعويض كما حدده القانون.
الفرع الثاني
أركان المسؤولية المدنية
تنص المادة 166 من القانون المدني الليبي لسنة 1953م، على أن: “كل خطأ سبب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض”(القانون رقم 1 لسنة 1953م)، يقر النص بوجه عام أن الخطأ هو أساس المسؤولية المدنية، ولتطبيق نص المادة 166 من القانون المدني على كارثة درنة، يتعين علينا نُقسم هذا الفرع على النحو الآتي:
أولاً: اثبات وقوع الخطأ وتحديد طبيعة الضرر الذي لحق بالأشخاص.
ثانيًا: اثبات العلاقة السببية المباشرة بين الخطأ المرتكب والضرر اللاحق.
أولاً: الخطأ والضرر في المسؤولية المدنية
في النظام القانونّي الخطأ والضرر يُشكلان عنصرين أساسيين في المسؤولية المدنية، بحيث يتعلق الخطأ في هذه الأخيرة بسلوك غير صحيح، أو في صورة إهمال، أو امتناع عن إتيان سلوك يفرضه القانون، مما يُؤدي ذلك إلى الإضرار بحقوق الآخرين، وبالتالي يُعتبر الخطأ عنصرًا أساسيًا لتحديدالمسؤولية المدنية(بو شليف2012، ص18)، وإنَّ الضرر الذي ينشأ بسبب هذا الخطأ قد يكون ماديًا، أو معنويًا، أو يشمل على الاثنين معًا، فيجب أن يكون هناك ضررًا فعلي وملموس لإقامة المسؤولية المدنية، حتى يُمكن للشخص المتضرر أن يُطالب بالتعويض وفق هذه المسؤولية، ومن هنا يُثار في هذا الصدد التساؤلالآتي: هل تُفرض المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية، بناءً على القواعد العامة للمسؤولية المدنية؟
وللإجابة على هذا التساؤل يقتضي منا: الرجوع إلى القواعد التي تنظم مسألة المسؤولية المدنيةعن أضرار الكوارث الطبيعية إنْ وجدت،والبحث عنمدى انطباق هذهالقواعد عن أضرار الكوارث الطبيعية ومنها كارثة درنة.
أما ما يتعلق بالقواعد القانونية المنظمة للمسؤولية عن الكوارث الطبيعية نجد أن القرار رقم 184 لسنة 2012مالسالف الذِكر، لم يهتم بتنظيمها بشكل عام؛ إلا إنه اهتم ببيان كيفية تعويض المتضررين عنها، ووضحآلية تعويضهم من جراء أضرار الكوارث الطبيعية، إن ما يُلاحظ على هذا القرار أنه قد أجاز تعويض المتضررين من وقوع هذه الكوارث دون أن يُركز على مسألة وجود خطأ ساهم في حدوثها، وهو ما يُعد مخالفًا للقواعد المتبعة في المسؤولية المدنية، التي لا تتحقق إلا بوجود الخطأ والضرر مجتمعين، في حين أن هذا القرار أجاز قيام المسؤولية بمجرد وجود الضرر، دون أن يُركز على وجود الخطأ، مشترطًا فقط ألا يكون المتضرر له مصدرًا أخرًا للتعويض عن الضرر الذي لحق به، كأن يكون مؤمنًا على هذه النوعية من المخاطر وهو ما أكدته المادة الثالثة من هذا القرار.
وأما ما يتعلق بمدى انطباق قواعد المسؤولية المدنية العامة عن أضرار الكوارث الطبيعية فإن هناك صعوبة في تأسيس المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية على أساس القواعد العامة للمسؤولية المدنية؛ لأن القواعد العامة تُقيم المسؤولية المدنية على أساس الخطأ(الدناصوري1988، ص15)، إلا أن كارثة درنة ذات طبيعة خاصة مما يعني أنه لا يُمكن الدفع بالقوة القاهرة عليهاذلك لأن:
- الإعصار المُصاحب للأمطار الغزيرة جاء كاشفًا عن خطأ موجود، وهو المتمثل في عدم صيانة السدود، وسوء التخطيط العمراني، حيث أن القانون رقم 3 لسنة 2001م بشأن التخطيط العمراني نص على ضرورة البناء بعيدًا عن مجاري الوديان؛ إلا أنه في الوقت نفسه أغفل عن مسألة المسافة على جانبين الوادي(القانون رقم 3 لسنة 2001م)، والإهمال في هذا الجانب فاقم الوضع، وأيضًا في ظل وجود إدارة مختصة بمخاطر الكوارث الطبيعية التي من المهمات الموكلة إليها الإشراف على الوقاية من الأزمات وتخفيف آثارها(القرار رقم 195 لسنة 2012، م 4)،وفي الحقيقة لا تزال تفتقر إلى ذلك، فلولا مساعدات الدول الأخرى لوقفنا عاجزين أمامحادثة درنة؛ نظرًا لقلة الإمكانيات والدعم من الحكومة، وكما نعلم أن القوة القاهرة يُمكن الاحتجاج بهافقط متى كانت السبب الوحيد لحدوث الضرر وذلك مستبعد في ظل كارثة درنة، لأن المادة 168 من القانون المدني مفادها أن لابد أن ينشأ الضرر عن سبب أجنبي لا يد له فيه حتى يمكن اطلاق القوة القاهرة على الحدث(الأزهري، 2022، ص333)، وبناء على ما تقدم فإن الكوارث الطبيعية أصبح من الممكن التنبؤ بها فلا يُمكن القول بأن الكوارث الطبيعية قوة قاهرة؛ لأن عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمجابهة هذه الكوارث يؤدي إلى إيقاع المسؤولية، كضعف التنبؤ بحجم الأمطار(القانون رقم 13 لسنة 1991، م3)، وتأسيسًا على ما سبق فإن المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية تُقام على أساس القواعد العامة للمسؤولية المدنية، ذلك متى لم تتخذ التدابير اللازمة لمُجابتها،ولا مناص من القول أنّ الفيصل هنا يكون القوة القاهرة متى اثبت الشخص بأن الضرر لا يد له فيه، وفي الكارثة الطبيعية إمكانية التنبؤ بها واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من مخاطرها والتي أصبحت ممكنة،وبالتاليلا يمكن للجهات المعنية أن تُثبت اليومأن الضرر لا يد لها فيه.
ثانيًا- علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
لا يكفي أن يكون هناك خطأ وضرر لإعمال قواعد المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية، بل يجب أن يكون الخطأ هو السبب في حدوث الضرر وهذا ما يعبر عنه بالعلاقة السببية(مونه2020، ص5)، أي أن يكون الضرر نتيجة مباشرة وحتمية للخطأ (أمال، فارس،2021، ص 113) فتعتبر العلاقة السببية بين الخطأ والضرر شرط أساسي لقيام المسؤولية المدنية(مأمون(ب- ت)، ص88)،وبالتالي استحقاق التعويض، بحيث يترتب على انتفائها انتفاء المسؤولية وعدم استحقاق التعويض(صابرينة،2015، ص33-34)، فنصت المادة 168 من القانونالمدني الليبي على أنه: “إذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك”، فيكون خطأ الدولة المتمثل في الإهمال صورة من صور هذه الأخطاء، وليست قوة قاهرة التي تقطع الرابطة السببية (مأمون، ص95)، فامتناعها عن اتخاذ إجراءات مناسبة شكل ضرر ماديًا ومعنويًا بالأشخاص والممتلكات، فالعلاقة السببية بين الخطأ والضرر تُحتم بدورها قيام المسؤولية(المرجع السابق، ص96)، ولما كان عبء الإثبات رابطة السببية على عاتق المضرور وجب علينا التنويه إلى أنه توجد العديد من الصعوبات التي تؤدي به في العديد من الحالات إلى عجزه عن اثبات تلك الرابطة، لا سيما الأمر في حالة الكوارث الطبيعية(عمار، صارة،2022، ص87-88)، بسبب تداخل العامل الطبيعي والعامل البشري (أقصد بالكارثة هنا إعصار دانيال المُصاحب للأمطار الغزيرة). فإن الكارثةكشفت عن إهمال موجود فلا مجال لنفي العلاقة السببية بين الخطأ والضرر الحاصل، ففي ظل عدم وجود مفهوم مجرد للرابطة السببية(الأزهري،2022، ص332)، وبطبيعة الحال يكون تقدير ذلك لقاضي الموضوع مع الاستعانة بالضرر المباشر والسبب المنتج كمعيار يستعين بهما، وغالبًا ما يأخذ القاضي في عين الاعتبار مدى جسامة الخطأ(المرجع السابق، ص332)، وتفسيرًا لذلك فإنه يُمكن فك الصعوبات التي يُعاني منها الأشخاص لإثبات المسؤولية المدنية فالعلاقة السببية قائمة بين الخطأ والضرر ولا مجال لنفيها في هذا الصدد.
الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية
المسؤولية المدنية هي ذاك المرجع والملاذ الذي يُوفر الحماية لكل مضرور، وهي الطريق الأوحد أمامه لجبر الضرر الذي أصابه(مصباح، 2018، ص328)، إن الأمر لا يُثير صعوبة في مجال الأضرار التقليدية(المرجع السابق، ص328)؛ لرسوخ القواعد المتعلقة بالطبيعية القانونية للمسؤولية المدنية في هذا المجال، فالمتعارف عليه في الفقه القانوني نجد أن المسؤولية المدنية إما أن تكون عقدية، أو تقصيرية(بن عمران وآخرين،2021، ص48)،والهدف من كلاهما هو “التعويض”الذي يقع تبعًا لهذه المسؤولية، غير أن الضرر الناشئ عن كل منهما يختلف عن الآخر، فتكون الأولى ناشئة عن الإخلال بالتزام عقدي أي أساسه العقد المبرم بين طرفيه، والثانية ناشئة عن الإخلال بالتزام قانوني أي اخلال بالتزام يُفرضه القانون، وكما أسلفنا بيانه في المبحث التمهيدي أن الكوارث الطبيعة ذات سمات خاصة الأمر الذي يطرح التساؤل:حول ماهيةالطبيعية القانونية لهذه المسؤولية؟ وللإجابة عن ذلك يستدعي منا عرض المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية ضمن فرعين على النحو الآتي:
الفرع الأول: المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية العقدية.
الفرع الثاني: المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية التقصيرية.
الفرع الأول
المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية العقدية
بِالرُجوع للقواعد العامة التي تحكم المسؤولية المدنية العقدية نجد أنها لا تقوم إلا بوجود عقد أنشأ التزامًا ثم تم إخلال بهذا الالتزام(قزمار،2019، ص374)، فكما نعلم أن أضرار الكوارث الطبيعية تنفرد إحداثيات الطبيعية بحدوثها، فتنشأ نتيجة لخلل يُصيب عنصر من عناصر الطبيعية دون أن يكون لإرادة الفرد دخلاً فيها(الكعبي، مرجع سابق، ص83)، كما أنه أيضًا يمكن أن يُساهم العامل البشري إلى جانب العوامل الطبيعية في إحداث الكارثة(المرجع السابق، ص83)، وبناءً على ذلك يُطرح تساؤلحول مدى إمكانية تطبيق قواعد المسؤولية المدنية العقدية على أضرار الكوارث الطبيعية؟ سنُحاول الإجابة عن هذا التساؤل على النحو الآتي: (أولاً) عرض الاتجاه، (ثانيًا) تقييم هذا الاتجاه.
أولاً: عرض الاتجاه.
بِالرُجوع للقواعد العامة في القانون المدني، والتي تُمثل أهمها في كون العقد شريعة المتعاقدين، نجد بأن العقد دائما يفرض التزامات متبادلة على عاتق الطرفين، وفي حالة أخل أحدهما بالتزاماته دخل تحت طائلة المسؤولية العقدية(القانون المدني الليبي 1953، م147)، إلا إن التساؤل الذي يُثار في مجال دراستنا: يتمثل في مدى إمكانية تطبيق قواعد المسؤولية العقدية عن الأضرار الناجمة عن حدوث الكوارث الطبيعية؟.
وفي مستهل إجابتنا عن التساؤل السابق وجب علينا الإشارة إلى أن القرار رقم 184 لسنة 2012م سالف الذِكر قد وضع آلية التعامل مع الكوارث الطبيعية وكيفية التعويض عنها في المادتين الثالثة والثامنة ينصان على مايلي:
- بالنسبة للمادة الثالثة تشترط لمنح التعويض عند تعرض للكوارث الطبيعية ألا يكون للمتضرر مصدرًا أخر للتعويض عن الأضرار…كأن يكون مؤمنًا ضد هذه المخاطر لجهة مختصة بالتأمين.
- وأما بالنسبة للمادة الثامنة من القرار ذاته، نستثني طائفة من ممارسي الأنشطة والمهن التجارية والصناعية من التعويض والتي تستلزم طبيعة نشاطهم اتخاذ جوانب الحيطة عن طريق التأمين.
يتضح لنا من خلال هذين النصين بأن لا يوجد ما يمنع من تطبيق قواعد المسؤولية العقدية عن أضرار الكوارث الطبيعية متى كان المتضرر مُبرمًا لعقد التأمين ضد حدوث مخاطرها، الأمر الذي يخلق لنا علاقة عقدية بين المتضرر (المؤمن له) وشركة التأمين (المؤمن)، وبالتالي يُمكن وفق القرار جعل المسؤولية عن أضرار الكوارث في ظل وجود عقد التأمين عند هذه الطائفة تكون مسؤولية عقدية.
ثانيًا: تقييم الاتجاه.
إن المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية لا تكون عقدية كأصل عام، حيث تُصرف التعويضات للمتضررين من جراء الكوارث الطبيعية بناءً على الضرر الحاصل وليس بناءً على التزام عقدي(الكعبي، مرجع سابق، ص85).
ولكن بالإمكان أن تكون المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية عقدية في بعض الحالات(المرجع سابق،ص85)، فكان الأجدر على القرار مُعالجة النص بشكلٍ صريحٍ، ولكن من خلال تفسير معطيات المادة يُفهم منه ذلك.
وترى الباحثة على أثر تلك الفاجعة المُروعة التي حدثت في مدينة درنة يجعل من المتعذر القول بوجود علاقة عقدية لعدة أسباب، أهمها:
- عدم وجود نص صريح في القانون المدني الليبي، الذي لطالما في ظل غيابه ينتابه الشك في عدم إمكانية التأمين ضد الكوارث الطبيعية، أيضاً في الوقت ذاته من الممكن لأصحاب الفئة المستثنية وفق لما جاء في النص لكونهم في العادة ذات دراية بمثل هذه المواضيع.
- في حالات الكوارث الطبيعية، لا يوجد اتفاق بين المتضرر ومن يسبب الضرر، وبالتالي لا تنطبق قواعد المسؤولية العقدية هنا.
- تُعد الدولة مسؤولة عن توفير الحماية للمواطنين من مخاطر الكوارث الطبيعة، وتُلزم المسؤولية المدنية الدولة بتعويض المتضررين من الكوارث الطبيعية في حال تقصيرها في أداء واجباتها، كما سيأتي بيانه لاحقًا.
وعند الانتهاء من بيان تقييم الاتجاه المتعلق بالمسؤولية عن الكوارث الطبيعية عقدياً، ننتقل إلى بيان المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية تقصيرياً في “الفرع الثاني“.
الفرع الثاني
المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية تقصيرية
بِالرُجوع إلى الأسس التي تبنى عليها المسؤولية التقصيرية، نرى بأنه على المتضرر أن يُثبت وقوع الخطأ الذي أدى إلى حدوث الضرر المسبب للمسؤولية في مواجهة محدثه(عامر، مرجع سابق، ص25)، ومن هنا يطرح التساؤل التالي: إلى أي مدى من الممكن أن تكون المسؤولية عن أضرار الكوارث الطبيعية تقصيرية؟
وللإجابة عن هذا التساؤل لابد (أولاً) من عرض الاتجاه، ومن ثم البحث في تقييم الاتجاه (ثانيًا).
أولاً- عرض الاتجاه.
تنص المادة 166 من القانون المدني، بأن: “كل خطأ سببًا ضررًا للغير يُلزم مرتكبه بالتعويض”، يتضح من هذا النص بأن المسؤولية التقصيرية تقوم على أركان ثلاث: (الخطأ، الضرر، العلاقة السببية)، ولما كانت المسؤولية التقصيرية تتحقق بمجرد الإخلال بالتزام قانوني، بسبب إهمال، أو عدم الحيطة.
إلا أن التساؤل الذي يُطرح في هذا الصدد يتمثل في مدى إمكانية تطبيق المبادئ المنصوص عليها في هذه المادة على أضرار الكوارث الطبيعية؟
وللإجابة عن هذا التساؤل وجب علينا أن ننوه بأن الكوارث الطبيعة حدوثها قائم على فرضيتين كالآتي:
- الفرضية الأولى: تكون في مسألة الكوارث الطبيعية المتمثلة في القضاء والقدر فلا مجال لقيام هذه المسؤولية طالما لم يثبت أن الشخص، أو الجهة المعنية قد قصرت، أو اتخذت صورة من صور الإهمال، أو ارتكبت خطأ تسببت في زيادة الأضرار وتفاقمها، فالكوارث الطبيعية ذات طبيعية خاصة تتخذ فكرة الضرر كأساس لقيامها(عبد المجيد، 2023، ص4).
- الفرضية الثانية: الكوارث الطبيعية التي تسبب في تفاقم وضعها التدخل البشري، ففي هذه الحالة وباعتبار أن المسؤولية المدنية تقوم على فكرة الخطأ(العنزي، مرجع سابق، ص138)، فالحديث عن كارثة كحجم كارثة درنة، التي تسبب بها السيول والفيضانات فإن صورة الإهمال وإحداث أثر العامل البشري لزيادة حجمها (السحاتي،يناير 2024)،كان واضحًا يُجسد فكرة الخطأ الموجب للمسؤولية وفق الأحكام العامة للمسؤولية المدنية.
ثانيًا- تقييم الاتجاه.
بِالرُجوع إلى القرار رقم 121 لسنة 2022م بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي للمركز الوطني لإدارة الأزمات نجد أن المادتين الخامسة والسادسة من هذا القرارتنصان على أنّ إدارة الدراسات والتنبؤ وتقييم المخاطر وإدارة عمليات الإنذار المبكر والاستجابة، حيث أنه تشكل الأولى(القرار رقم 121 لسنة 2022، م5)،اختصاص التنبؤ بمؤشرات الكوارث والأزمات المحلية ودراسة وتقييم المخاطر، وتعمد الثانية منهنحو تطوير الإجراءات التي يجب القيام بها عند التعرض إلى حالات الكوارث وتنسيق الجهود وفق للخطط من أجل انقاذ الأرواح، وبناءً على ما تقدم يُمكن تقييم هذا الاتجاه وفقًا للتالي:
يتضح من النصوص السابقة بأن هناك إدارات تختص بالكوارث في ليبيا، وإن خرق هذه الإدارات للقرارات المنظمة للتعامل مع الكوارث يُعد خطأ قانوني من قبلها يستوجب معه ادخالها تحت طائلة المسؤولية التقصيرية، وينطبق ذلك على الكارثة الذي تعرضت لها مدينة درنة حيث أن هناك كما تَم ذكره في المبحث التمهيدي دراسة ميدانيةأُجريت على حوض وادي درنة توصلت هذه الدراسة إلى ضرورة صيانة السدين(عاشور، مرجع سابق، ص99)، ولهذا ترى الباحثة أن ما حدث في مدينة درنة يُشكل مسؤولية تقصيرية؛ ذلك لأن الإدارات قصرت بالتزامها المتمثل في التنبؤ بالمخاطر، وإيجاد الحلول لها، ولم تكترث إلى الدراسات التي أجريت من العديد من الباحثين على السدود المنهارة والتي تنبهت عن الكارثة؛ إلا أن الإدارات المختصة لم تكترث لهذه الدراسات ما دفعنا للقول بأنها أخطأت في تطبيقها للقرار، مما يستوجب إعمال قواعد المسؤولية التقصيرية في حقها، مع الإشارة إلى أن في المسؤولية التقصيرية يُسأل عن الضرر المتوقع و غير المتوقع(الأزهري، مرجع سابق، ص223)، وذلك استنادًا إلى التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الناتجة عن العاصفة والفيضانات في ليبيا عام 2023م (تقرير التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الناتجة عن العاصفة والفيضانات في ليبيا عام 2023).
آثار المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية
تُرتب المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية آثارًا قانونية هامة في مواجهة كلاً من المتضررين والدولة؛ حيث تُمثل الأولى في حق المتضررين من الحصول على التعويض(الفقي، 2002، ص131)، جراء الضرر الذي أصابهم سواء كان ماديًا أو أدبيًا(الطباخ، 2009، ص12)، وأما الأخرى تُمثل آثارًا في مواجهة الدولة، باعتبارها الجهة المسؤولية عن تدارك مخاطر وقوع الكوارث.
وبناءً عليه فإننا سنحاول بيان هذه الآثار ضمن مطلبين وهما:
المطلب الأول: آثار المسؤولية بالنسبة للدولة.
المطلب الثاني: آثار المسؤولية بالنسبة للمتضررين.
لقد ألقى المشرع الليبي على عاتق الدولة مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بمكافحة مخاطر الكوارث الطبيعة والحد من أضرارها(الشاطري، 1/12/1431ﮬ)، وذلك من خلال العديد من القوانين والقرارات الخاصة التي تنظمها، والذي عن طريقها يبين لنا بأنه يقع على كاهل الدولة تحمل هذه المسؤولية وتتمثل أهمها القانون رقم 11 لسنة 1971مبشأن الدفاع المدني، الذي نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة منه على أنه تختص إدارة الدفاع المدني بمواجهة حالات الكوارث العامة والطبيعية،وهذه الجهات تتولىتحذير الأهالي، وإبلاغ العموم عن حدوث خطر داهم، أو محقق بالفعل لأخذ الحيطة والحذر، وبتجنب الأماكن والظروف الخطرة، وأن تستعد كافة الجهات الأمنية والصحية والإغاثية للقيام بدورها اللازم في مثل هذه الحالات(القانون رقم 11 لسنة 1971).
وأيضًا القانون رقم 3 لسنة 1977م بشأن تنظيم وزارة السدود والموارد المائية، تختص بإجراء الدراسات والبحوث الخاصة بالسدود وصيانتها وتنفيذ مشروعاتها، التي تدخل في اختصاصات الوزارة(القانون رقم 3 لسنة 1977).
وكذلك المادة 6،5،4 من القرار رقم 121 لسنة 2022م بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي للمركز الوطني لإدارة الأزمات، نستخلص بأن آثار المسؤولية بالنسبة للدولة يكون بناء على مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، تطبيقًا للمبادئوالقواعد العامة(حسين، 1991، ص129).
وبالرغم من أن المشرع لم ينص عن التفرقة بين أخطاء الموظف، إلا أنه إذا نظرنا إلى بعض الأحكام القضائية في بلادنا تقضي إلى القول بأن القضاء الليبي يشترط أن يرتكب الموظف خطأً جسيمًا حتى تُسأل الدولة(المرجع السابق، ص122)، وهذا مُتحقق في كارثة درنة، تطبيقًا لنص المادة 177 من القانون المدني: “يكون المتبوع مسؤولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعًا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها”.
وتفسيرًا لذلك يُمكننا القول بأن المتبوع يكون مسؤولاً عن الفعل الضار الذي قام به تابعه(محمد، 2020، ص1097)، وبالتالي المضرور يباشر دعواه على الدولة باعتبارها متبوعة لا علاقة له بالتفرقة بين الخطأ المصلحي والشخصي؛ لأنها تضع حماية المضرور هدفها الأساسي (حسين، مرجع سابق، ص223).
ومن خلال ما سبق نخلص إلى القول بأن أهم آثر يترتب على قيام المسؤولية في حق الدولة هو التزامها بجبر ضرر المتضررين من حدوث الكوارث الطبيعة، بتعويضهم عما لحقهم من أضرار، وذلك إما عينيًا وإما نقديًا ضمن فرعين على النحو الآتي:
الفرع الأول: التعويض العيني.
الفرع الثاني: التعويض النقدي.
الفرع الأول
التعويض العيني
يُقصد بالتعويض العيني في هذا الإطار بإعادة الحال إلى ما كان عليه، وعلى الرغم من كونه يُعد الإجراء الأفضل لجبر الضرر في كثير من الأحيان عند وقوع الكوارث، لاسيما عند تسببها في هلاك المنازل والممتلكات(الطباخ، مرجع سابق، ص261)؛إلا أنَّ تطبيقه قد يكون معقدًا في كثير من الحالات الأخرى، وهو ما دفع المشرع إلى إعطاء القاضي سلطة تقديرية واسعة لتقييم أهمية اللجوء إلى هذا الإجراء عن حصول الكوارث من عدمه، وذلك يتضح من خلال الفقرة الثانية من نص المادة 174 المدني الليبي التي تنص على أنه: “يقدر القاضي التعويض بالنقد، على أنه يجوز للقاضي تبعًا للظروف وبناء على طلب المضرور- أن يأمر بإعادة الحالة كما كانت عليه أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع وذلك على سبيل التعويض”(الأزهري، 2010، ص52).
ويتبين لنا دور القاضي في تحديد التعويضات لضحايا درنة حيث أنَّ سلطة القاضي وفقًا لما جاء في النص السالف الذكر سلطة تقديرية، وتفسيرًا لذلك؛ إذا ما طلب المضرور التعويض العيني، فليس من الضرورة أن يُقرر القاضي تلبية طلبه، ومنحه التعويض العيني، وهذا يعني أن القاضي يملك سلطة التقدير في تقييم طلب التعويض(المرجع السابق، ص41)، والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا حول طبيعة هذا التعويض: هل يتصف بذات صفة التعويض المفروض عن الخطأ العقدي أم لا؟
لقد تعددت آراء الفقه حول طبيعة هذا النوع من التعويض،فذهب البعض إلى القول بأنه يخضع لذات القواعد المطبقة على التعويض الناتج عن الخطأ العقدي، بناء عليه فإنه يطبق في هذا الشأن أحكام المسؤولية العقدية(الحسبان، 2013، ص1942،الكعبي، مرجع سابق، ص128)، ويذهب رأي أخر إلى القول بأنه يخضع لأحكام التعويض المطبقة في المسؤولية التقصيرية، ومعنى ذلك أنه يجب أدائه تجاه المضرور لمجرد وجود خطأ من الدولة، دون اشتراط أن يكون هذا الخطأ ناتج عن علاقة عقدية(الحسبان، مرجع سابق، ص1943،عبد الصادق، 2011، ص802).
وهناك رأي ثالث وهو ما تؤيده الباحثة يرى بأن التعويض ذات طبيعة خاصة؛ لأنه يستحيل تطبيقه على جميع المتضررين من الكوارث الطبيعية بسبب اختلاف نوع وحجم الضرر الذي أصاب كل منهم، فبعضهم قد يكون الضرر الذي أصابهم ماديًا، وقد يكون حسيًا، وبناءً عليه يكون هذا التعويض ملائمًا لبعضهم وغير ملائم لغيرهم(عامر، مرجع سابق، ص50؛ عمار-صارة، مرجع سابق، ص90)، وهو ما يدفعنا إلى القول بأن هذا التعويض ذات طبيعة خاصة تحكمه أحيانًا قواعد المسؤولية العقدية، وأحيانًا أخرى قواعد المسؤولية التقصيرية، بحسب نوع الضرر الذي لحق بالمضرورين، وتقدير ذلك يظل متروكًا للقاضي، فهذا مفاد ما أكده المشرع الليبي ضمن القانون المدنيمن خلال المادة 174الفقرة الثانية منه أجازت لقاضي الموضوع أن يأمر بإعادة الحالة إلى قبل وقوع الضرر، وبناءً على طلب المضرور وفقًالما يراه من الظروف إذا كان ممكنًا.
وبعد الانتهاء من الحديث عن التعويض العيني حريًا بنا التطرق إلى التعويض النقدي في الفرع التالي.
الفرع الثاني
التعويض النقدي
الأصل في التعويض أن يكون نقديًا(قزمان،2002، ص89)، ويُعد هذا التعويض هو الأجدى طالما كان الفعل الضار يستدعي ذلك فإذا تخلف شرط من شروط التعويض العيني كأن يكون مستحيلاً وجب التعويض النقدي(الأزهري، 2022، مرجع سابق، ص52)، وكما يُلاحظ أنه في أغلب الأحوال يستحيل تعويض المضرور تعويضًاعينيًا،كما أسلفنا بيانه سابقًا، بحيث يرى القاضي عدم نجاعة هذا النوع من التعويض ذلك لاستحالته لجبر الضرر(صابرينة، مرجع سابق، ص63)، كما جاء في نص المادة السابقة(يُقدر القاضي التعويض بالنقد على أنه يجوز للقاضي تبعًا للظروف وبناءً على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو أن يحكم بأداء أمر معين)، إذًا يستدعي منا (أولاً) معرفة مدى أهمية التعويض النقدي وكفايته، و(ثانيًا) وما هي بدائل هذا التعويض في حال تعذره.
أولاً: مدى أهمية التعويض النقدي وكفايته.
يُبرز التعويض النقدي أهمية كبيرة في المسؤولية التقصيرية وهو النوع الغالب الحكم به(وليد، 2020/2021، ص17)، لما يتصف به من مرونة بحيث يُركز المسؤول بالتعويض على الضرر الذي أصاب المضرور جراء فعله الضار ويكون ذلك على هيئة مبلغ مالي(المرجع السابق، ص18)، فيكون الأسلوب الأكثر شيوعًا لجبر ضرر المضرور، ولعل من المفيد أن نُوكدعند استحالة التعويض العيني يلجأ القاضي للتعويض النقدي ذلك لإمكانية هذا التعويض من تغطية احتياجات المضرور، فلا يكون أمام القاضي سواء الزمه بهذا التعويض(الحسبان، مرجع سابق، ص1957).
وفي هذا الصدد تطرح الباحثة تساؤلاً مفاده: إلى أي مدى تبرز أهمية التعويض النقدي بالنسبة للكوارث الطبيعية؟
تبرز أهمية هذا التعويض عن الأضرار التي تُصيب الأشخاص وممتلكاتهم(سوالمية، 2021-2022، ص72)، حيث يُمكن إعمال هذه القواعد في صدد ذلك، ولكن للباحثة رأي أخر فيما يخص أضرار الكوارث الطبيعة حيث تجد أن التعويض النقدي لا يجبر تمامًا جميع هذه الأضرار؛ لأن الضرر يتعدى الممتلكات، ليصيب البيئة ويهدم أنظمتها، وإذا كان جبر الضرر ممكنًا في ذلك بدفع مبالغًا من المال، فإن الضرر الذي يلحق بالبيئة لا يُمكن جبره إلا بإعادة الحال إلى ما كان عليه.
ثانيًا: بدائل هذا التعويض في حال تعذره.
إن الأصل في التعويض أن يكون نقديًا وفي حالات أخرى كما رأينا سابقًا، يمكن أن يكون التعويض عينيًا(الحسناوي، 2012، ص 62)، وعلى الرغم من أن التعويض النقدي يُعد أحد أكثر الطرق شيوعًا للتعامل مع خسائر الكوارث الطبيعية، إلا أنه ليس الخيار الوحيد لجبر الضرر(سوالمية، مرجع سابق، ص78)، حيث نصت المادة 174 المشار إليها سابقًا على بدائل للتعويض العيني والنقدي على هذا النحو:”يجوز للقاضي تبعًا للظروف وبناءً على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو أن يحكم بأداء أمر معين…” وفقًا لهذا النص فقد يقر القاضي بدائل للتعويضذات نوع خاص يلجأ إليها لجبر ضرر المضرورين بسبب احتياجهم لها، ومن وجهة نظر الباحثة أن سكان درنة في أشد الحاجة إلى ذلك.
آثار المسؤولية بالنسبة للمتضررين
يترتب على ثبوت مسؤولية المتسبب في الضرر جملة من الآثار القانونية الهامة بالنسبة للمتضررين، والتي تهدف إلى جبر الضرر وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه(الطباخ، مرجع سابق، ص11)، حيث أن القرار رقم 449 لسنة 2022م بشأن إعادة تنظيم هيئة السلامة الوطنية في المادة الرابعة منه تنص على أن تتولى الهيئة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة؛ لمجابهة الأزمات والكوارث الناجمة عن الزلازل والسيول وكل ما من شأنه الإضرار بالأرواح والممتلكات، وحرصًا منها بواجب القيام بعملية الإنقاذ البري والبحري أثناء وقوع الحوادث، كالغرق وانهيار المباني، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، والهيئة في سبيل تحقيق أغراضها تملك المعدات والأجهزة(القرار رقم 449 لسنة 2022)، الأمر الذي يُرتب آثار بالنسبة للمتضررين، وهو حقهم في التعويض المادي الذي سنتطرق إليه ضمن (الفرع الأول)، ثم البحث في الأساس القانوني للتعويض اللازم للمتضررين(الفرع الثاني).
حق المتضررين في التعويض المادي عن الخسائر
يُعد حق المتضررين في التعويض المادي عن الخسائر مبدأ أساسيًا لحصولهم عليه جراء الضرر الذي أصابهم(الطباخ، مرجع سابق، ص11)، حيث أنأساس تعويض سكان مدينة درنة هو الخطأ الذي شكل إهمال نتج خسائر لا يمكن حصرها، فيكون للمتضررين حقًا في الحصول على التعويض لطالما لم تكن الكوارث الطبيعية وحدها المتسببة في الخسائر، ويبقى التساؤل المطروح: إلى أي مدى يحق للمتضررين في التعويض المادي عن الخسائر؟ لمعرفة ذلك يستدعي منا توضيح أنواع الخسائر التي يمكن للمتضررين المطالبة بالتعويض عنها (أولاً) والوثائق اللازمة للمطالبة بهذه التعويضات (ثانيًا).
أولاً: أنواع الأضرار التي يمكن للمتضررين المطالبة بالتعويض عنها.
تُصنف الأضرار التي يُمكن للمتضررين المُطالبة بالتعويض عنها إلى الآتي:
- الأضرار المادية: وفي هذا الإطار يُقصد بالضرر المادي بأنه الضرر الذي يمس بمصلحة مشروعة للمضرور في ماله فيشترط أن يكون محقق أي وقع بالفعل(الطباخ، مرجع سابق، ص175،الأزهري، مرجع سابق، ص222، الفقي، مرجع سابق، ص43)، والمشرع الليبي في القانون المدني أقر بأن من تسبب في خطأ تقصيري للإضرار بالغير لا يستحق الاعذار فهو يعلم بحجم تقصيره من أول ارتكابه بالفعل الضار(الأزهري، ج2، مرجع سابق، ص16)، وقياسًا على ما حدث في مدينة درنة فإن الخسائر التي تكبدتها المدينة لا يمكن حصرها(خسائر في الممتلكات والمباني والأرواح والمحال التجارية وغيرها مما جرفهم السيل) مع علم الجهات المعنية بحجم الكارثة، فمما لا يدع مجالاً للشك حق المتضررين بالتعويض المادي عن الخسائر التي لحقت بهم، “فكل من سبب ضررًا للغير يُلزم مرتكبه بالتعويض” المادة 166 مدني، فالضرر المادي الذي يلحق بالأشخاص في هذه الحالة يُعوضون عنه دون الحاجة للإعذار(الأزهري، ج2، مرجع سابق، ص16).
ومن زاوية أخرى فإن الأضرار المادية قد فسرها أيضًا القرار رقم 184 لسنة 2012 بشأن تعويض المواطنين حال الكوارث الطبيعية والنكبات في المادة الأولى منه القرار على أنها: “أي ضرر ينجم عنه خسائر بليغة في ممتلكات الفرد والأسرة ويتعذر تعويض تلك الخسائر بالاعتماد على النفس وبدون تقديم مساعدة من الآخرين”.
ولعله من المفيد أن نؤكد بأن الحصول على التعويض المادي يجب فيه تقديم إثبات الضرر الذي لحقه، فالمادة الرابعة من هذا القرار تُؤكد على أنه يتولى مركز الأمن الوطني المختص فور تبليغه، أو علمه بحصول الأضرار لإثبات وتقدير قيمتها في مدة لا تتجاوز عشرون يوم، ولكن في الفقرة الثانية من المادة الثانية المتعلقة بتنظيم تعويض المواطنين تُجيز لهم إذا ما تعرضوا للأضرار إذا نتج عن الكارثة حرمان المواطن من مصدر رزقه الرئيسي أو أي مصدر أخر يعتمد عليها في معيشته، شريط ألا يكون نشاطًا استثماريًا يزيد رأسماله عن ثلاثين ألف دينار، أو وقوع خسائر في ممتلكاته الأساسية أدت إلى تكبده أضرارًا بليغه بحالته المعنوية، أو المادية يتعذر عليه تعويض ما لحقه من خسائر بموارده الخاصة، يُلاحظ من خلال ذلك النص إمكانية تعويض المواطنين الذين تعرضوا للأضرار ناتجه عن كارثة طبيعية، ويُشترط فقدان مصدر رزقهم، وانهيار منازلهم؛ نتيجة السيول المصاحبة للإعصار مما أدى إلى تكبدهم لأضرار مادية بليغة.
- الأضرار الأدبية:يتميز الضرر الأدبي بأنه لا يُصيب المتضرر في ذمته المالية، فلا يترتب عليه خسارة مالية مباشرة، إنما خسارة أدبية نتاج المساس بمعنوياته المتعددة، فيصعب تقدير التعويض المقابل له إذا استعصى نتائجه وآثاره على التقدير المالي،فتعجز المسؤولية المدنية عن حمايتها على الرغم من أنها في الغالب الأعم هي الأكثر أهمية والأكثر حاجة للحماية لدى الإنسان(لفته، 2001، ص245)، ولكن الإجماع أصبح في الفقه والقضاء منعقدًا على مساواة الضرر الأدبي بالضرر المادي، على الأقل من حيث مبدأ إجاب التعويض، ومدى التعويض(الفقي، مرجع سابق، ص46)، مع المُلاحظ بأن التعويض المعنوي لا ينتقل إلا للأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية عما يُصيبهم من ألم جراء موت المُصاب، وإنْ قصر المشرع الليبي في المادة 225 الفقرة الثانية على أن هؤلاء الأشخاص حقهم في التعويض المعنوي فلم يكن ليحرمهم مما لهم من حق أصيل بالتعويض عن الضرر المادي متى توافرت شروطه(المرجع سابق، ص47).
وفي هذا الإطار نرى أن المادة الثانية من القرار رقم 184 لسنة 2012م بشأن تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات، تُعرج نحو المقصود بالضرر المعنوي على أنه الأذى الذي يقع على النفس ويحدث ضررًا بالغًا يؤدي إلى وفاة عائل الأسرة، أو أحد أفرادها، أو عجزه صحيًا، و تؤكد بأن هذه المادة تجيز تعويض المواطنين عما لحق بهم من أضرار جراء الكارثة الطبيعية والنكبات،مثل: الزلال، والسيول وغيرها، بما يجبر ضررهم، وفقًا للشروط المنصوص عليها فيها،فيكون للمواطن الحق في التعويض إذا ما تعرض لضرر معنوي بالغ يتمثل في وفاة عائل الأسرة، أو وفاة من له حق الولاية عليه، أو إصابة أي أحد منهم بضرر بليغ أدى إلى عجزه صحيًا.
ثانيًا: الوثائق اللازمة للمطالبة بالتعويض.
لتوضيح ذلك فإن الأمر يقتضي الرجوع إلى القرار رقم 184 لسنة 2012م بشأن تعويض المواطنين حال الكوارث الطبيعة والنكبات وفي هذا المقام نرى بأن المادة السابعة من القرار تقر مجموعة من المستندات المطلوبة ليتم احالة ملفات المتضررين إلى اللجنة المركزية بالنسبة للحالات التي تتجاوز قيمة الخسائر المقدرة التي لحقت بهم مبلغ 1000.د وفقًا لنص المادة التاسعة من ذات القرار، تمثل أهم هذه الوثائق ما يلي:
طلب كتابي من المواطن المتضرر، وتقرير الخبير المختص حسب نوع الكارثة وحالة الضرر وسند الملكية هذا العقار المتضرر، شهادة الوفاة، وكذلك التقرير الفني عن حالة العقار المتضرر وتقدير الخسائر.
الفرع الثاني
الأساس القانوني للتعويض اللازم للمتضررين
تنص المادة 224 من القانون المدني أنّ التعويض إذا لم يكن مقدرًا في العقد أو بنص القانون، فالقاضي هو الذي يُقدره ويشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، وبالرجوع إلى القرار رقم 184 لسنة 2012م بشأن تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات،نجد أنّ نص المادة الأولى منه يُبين المقصود بالتعويض على أنه: “ما يمنح للأفراد والأسر على هيئة مساعدات نقدية أو عينية مقابل ضرر مادي أو معنوي لحق بهم نتيجة تعرضهم لنكبة أو كارثة طبيعية بهدف جبر ضررهم”، ومن خلال استقراء هذا النص يتضح لنا أنه حدد مقدار التعويض اللازم لجبر الضرر الذي يقوم على أساس المسؤولية العقديةفيسأل عن الضرر المباشر المتوقع الحصول(الطباخ، ج4، مرجع سابق، ص15)، أما في نطاق المسؤولية التقصيرية فإنه على العكس من ذلك يُسأل على جميع الأضرار المتوقعة وغير متوقعةومن هذا المنطلق واستنادًا إلى ما سبق يبقى التساؤل حول مدى مقدار التعويض اللازم للمتضررين الأمر الذي يقتضي (أولاً) التعويض على أساس المسؤولية العقدية بموجب عقد التأمين، (ثانيًا) التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية.
أولاً:التعويض على أساس المسؤولية العقدية بموجب عقد التأمين.
لا آثر لدرجة الخطأ في قيام المسؤولية العقدية(الطباخ، ج3، مرجع سابق، ص521)، فالفقرة الثانية من المادة 224 من القانون المدني إذا كان الالتزام مصدره العقد، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشًا أو خطأ جسيمًا إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، فقد يكون الحصول على التعويض من شركة التأمين أسرع، ولكن ينبغي مراعاة بعض النقاط عند الرجوع إليها يجب التأكد من أن شروط العقد تغطي الضرر الذي لحق بالشخص المتضرر.
والجدير بالذكر أن المادة الثالثة من القرار رقم 184 لسنة 2012م بشأن تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات، تشترط ألا يكون المتضرر مؤمنًا ضد هذه المخاطر لذي جهة التأمين، وحيث أن الثابت كما تطرقنا إليه بأنها فئة مستثنية من التعويض باعتبار طبيعة عمله تستدعي التأمين.
فالعقد هو الذي يحدد مقدار التعويض والتغطية التأمينية له وفق شروط وضوابط مذكورة فيه.
مع الإشارة أنه في المسؤولية العقدية يُسأل المدين عن الضرر المتوقع المباشر فقط، ولا يسأل عن الضرر المباشر غير متوقع(قزمان، مرجع سابق، ص103)؛ إلا إذا صدر منه غشًا أو خطأ جسيمًا تطبيقًا لنص المادة السابق فيكون تقدير التعويض بموجب الاتفاق في العقد المُبرم بينهم.
ثانيًا:التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية.
الأصل في التعويض أن يكون بحجم الضرر المحدث بصرف النظر عن درجة الخطأ، تكون المسؤولية المدنية ما هي إلا جبرًا لضرر المضرور(الأزهري، ج2، مرجع سابق، ص51)، فنص المادة 173 يقر على أنه “يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقًا لأحكام المادتين 224 و 225 مراعيًا في ذلك الظروف الملابسة”، فيُشترط في الضرر الواجب التعويض عنه ألا يكون قد سبق تعويضه، على الرغم بأنه لم يجمع جميع الفقهاء على ذلك إلا هناك طائفة ذهبت إلى الجمع بين التعويضات، فيكون للمضرور طريقان يستطيع أن يسلكهم لتعويض ما أصابه من ضرر، كأن يكون مؤمنًا عن نفسه فيكون عندئذ للمتضرر حقان الأول منه من قبل المسؤول عن الضرر ومصدره الإهمال الذي يشكل صورة للخطأ، والحق الثاني هو منقبل شركة التأمين، ومصدر هذا الحق هو عقد التأمين، فيجمع في هذه الحالة بين الحقين استنادًا لمبدأ نسبية العقد(صابرينة، مرجع سابق، ص27)؛ ولكن القرار يرفض الجمع بين التعويضات استنادًا على المادة المشار إليها سابقًا وهي المادة الثالثة منه.
ومن ثم إذا ما كان الشخص مؤمنًا فشركة التأمين هي التي تقوم بدفع التعويضات المستحقة، فيكون الضرر الذي يدعيه المضرور قد زال تباعًا للتعويضات التي حصل عليها، فمن ثم تكون الدعوى المرفوعة ضد المسؤول غير مقبولة(المرجع السابق، ص27)، وغالبًا يتحدد مقدار التعويض وفقًا لقاعدتين وهما(قزمان، مرجع سابق، ص77- 78- 79):
القاعدة الأولى: أن يكون التعويض مساويًا للضرر الحاصل.
القاعدة الثانية: ألا يزيد مقدار التعويض عن الضرر الحاصل.
فالقاعدة الاولى نصت عليها المادة 173 من القانون المدني الليبي مفادها لا يُقدر التعويض على جسامة الخطأ، بل على أساس جسامة الضرر، وإن كان في الأصل لا يعتد القاضي بظروف المسؤول، ولكنه يعتد بظروف المضرور؛ وذلك لأن التعويض يُقاس بمقدار الضرر الذي أصاب به المضرور،وجاء فيها أيضًا مصطلح الظروف الملابسة(القانون المدني الليبي لسنة 1953، المادتين 224-225). حيث المقصود بها: الظروف التي تلابس المضرور لا الظروف التي تلابس المسؤول.
وأما بالنسبة للقاعدة الثانية تعني ألا يزيد مقدار التعويض المستحق للمضرور فوق الضرر الحاصل عليه،فيشترط التناسب في تقدير التعويض(قزمان، مرجع سابق، ص79)، مع المُلاحظة أن القاضي يُراعي عند تقديره للتعويض عنصرين وهما: ما لحق الدائن من خسارة، وما فاته من كسب، ويشترط أن يكون الضرر موجودًا ومحققًا ومباشرًا.
الخاتمة:
بعد أن زادت الأخطار والتهديدات الناتجة عن الكوارث الطبيعية، وفاقت الآثار السلبية لتلك الأخطار والتهديدات حدودها المألوفة، فإن النظام القانوني للمسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية اتضحت أهميتها البالغة جدًا من الناحية العلمية والعملية فحاولنا من خلال هذا البحث تسليط الضوء نحو مُعالجة مشكلة حقيقية من خلال خطة منهجية تناولناها على مبحثين رئيسيين، وسبقهم مبحث تمهيدي، عرجنا فيه نحو بيان الكوارث الطبيعية بشكل عام ثم خصصنا المبحث الأول لماهية الشيء محل الدراسة ليتسنى لنا بعد ذلك في المبحث الثاني معرفة آثار هذه المسؤولية بالنسبة للدولة والمتضررين، وبعد دراستنا لهذا الموضوع توصلناإلى مجموعة النتائج والتوصيات أهمها فيما يلي:
أولاً- النتائج.
- لا توجد قوانين محددة في ليبيا تنظم المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية.
- يُمكن تطبيق أحكام المسؤولية المدنية العامة على أضرار الكوارث الطبيعية والاستلال بالقرار المعالج لنطاق هذه المسؤولية.
- تُعد الجهة المسؤولة عن التعويض هي الجهة التي تقع تحت مسؤوليتها الوقاية من الكارثة أو التخفيف من حدتها فتكون الدولة بناء على مسؤولية المتبوع على أعمال التابع.
- يُواجه الأفراد صعوبات في إثبات المسؤولية المدنية في حالات الكوارث الطبيعية.
ثانيًا- التوصيات.
- يجب توفير إطار قانوني واضح ومناسب للمسؤولية المدنية عن الكوارث الطبيعية، ويجب أن يتضمن هذا الإطار تعريفًا دقيقًا للمسؤولية المدنية وتحديد الجهات المسؤولة عن إدارة واستجابة للكوارث. كما ينبغي تحديد آليات لتقييم الأضرار وتحديد التعويضات المناسبة للمتضررين.
- يجب سنّ قوانين واضحة ومحددة تنظم المسؤوليةالمدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية، وتحدد الجهات المسؤولة عن التعويض عن الأضرار التي تلحق بالمواطنين والممتلكات.
- ندعو المشرع الليبي إلى صياغة التأمين الإجباري من المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية لما له من أهمية في تغطية هذا الجانب.
- حظر البناء في الأماكن المعرضة للخطر بفعل الظروف الطبيعية والمناخية، ذلك بإعادة النظر في قانون التخطيط العمراني، وتحديد مسافة ملائمة مع الاهتمام بالبنية التحتية السليمة.
- نشر الوعي حول مخاطر الكوارث الطبيعية وكيفية الحد من حدتها، وتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم في حالة وقوع كارثة طبيعية.
أولاً:القرآن الكريم.
- سورة سبأ، الآية 24.
ثانيًا: الكتب.
- الكتب العامة.
- ابن فارس،أحمد ، معجم مقاييس اللغة، تحقيق وضبط: عبد السلام احميده هارون، ط3، ج2،ج5، (ب- ت).بيروت-لبنان، دار الجيل.
- ابن منظور، لسان العرب، (1414ﮬ)بيروت- لبنان، دار صادر.
- عبد الصادق، أحمد محمد، (2011)شرح احكام القانون المدني، (ب- م)،ط1، ج1، دار أبو مجد للطباعة.
- إبراهيم، خليل، (2010)مقدمة في هندسة البيولوجية، ط1،القاهرة- مصر، دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع.
- الكحيلي، عبد الله موسى،(2007) ط1، علاقة وسائل الإدارية، الرياض- السعودية، كلية الدراسات العليا.
- الأزهري، محمد عبد البدوي، (2022) النظرية العامة للالتزام، ط4، ج1، طرابلس- ليبيا، مكتبة الوحدة.
- الأزهري، محمد عبد البدوي، (2010) الاحكام العامة للالتزام، ، ج2، طرابلس- ليبيا، مكتبة الوحدة.
- شحادة، نعمان، (2013م) علم المناخ،ط1، عمان – الأردن، دار صفاء للنشر والتوزيع.
- الكتب المتخصصة.
- الدناصوري، عز الدين، (1988) المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء، ط1، (ب- م)، (ب- ن).
- الدليمي، خلف حسين على، (2009) الكوارث الطبيعية والحد من اثارها، ط1، عمان- الأردن، دار صفاء للنشر والتوزيع.
- الطباخ، شريف أحمد، (2009م،) المسؤولية “العقدية والتقصيرية”، ط1 ج1، المنصورة- مصر، دار الفكر والقانون.
- الفقي، عمرو عيسى، (2002م) الموسوعة القانونية في المسؤولية المدنية (دعوى التعويض)، ط1، القاهرة- مصر، شركة ناس للطباعة.
- الكعبي، عبد الصاحب، (2020) المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية “دراسة مقارنة”، ط1، ج1، الإسكندرية- مصر.
- حسين، عمر إبراهيم، (1991) جماعة المسؤولية المدنية دراسة في القانون الليبي، ط1، بنغازي- ليبيا، منشورات جامعة قاريونس.
- عامر، حسين، عبد الرحيم، (1979) المسؤولية المدنية (التقصيرية- العقدية)، ط2، القاهرة- مصر، دار المعارف.
- عوضي، عادل رفقي، (2005) حماية المدن من أخطار الفيضانات، ط1، ج1، الرياض- السعودية، مركز الدراسات والبحوث.
- مأمون، عبد الرشيد، (ب- ت)، علاقة السببية في المسؤولية المدينة، ط1، القاهرة- مصر، دار النهضة العربية.
10-قزمان، منير، (2002) التعويض المدني في ضوء الفقه والقضاء،ط1، ج1، الإسكندرية- مصر، دار الفكر الجامعي.
ثالثًا: الرسائل العلمية.
- بو شليف، نور الدين، (2012) جدوى الخطأ كأساس للمسؤولية المدنية المترتبة عن الضرر البيئي، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد الصديق بن يحي “لم تنشر”.
- سوالمية، صابرين يوسفي عبد الرؤوف، (2021-2022)آليات التعويض عن الأضرار البيئة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة العربي التبسي، “لم تنشر”.
- صابرينة، بيطار، (2015) التعويض في نطاق المسؤولية المدنية في القانون الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أحمد دراية. أدرار “لم تنشر”.
- عمار، صارة، عمارة، داني، (2022) المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة سعيدة “لم تنشر”.
- لفته، نصير صبار، (2001) التعويض العيني “دراسة مقارنة”، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين “لم تنشر”.
رابعًا:المجلات والدوريات.
- الحسبان، عوض عبد الكريم، (2013) طرق التعويض عن الضرر البيئي، مج2، ع27، مجلة كلية الشريعة والقانون.
- الحسناوي، حسن حنتوش رشيد عباس ، (2012) دعوى التعويض عن الضرر البيئي، ع13، مجلة أهل البيت عليهم السلام، جامعة أهل البيت عليهم السلام.
- العتيبي، نجاء بن طلق نجاء، (2021) مج1، ع43، الكوارث وآثرها على الصلاة “دارسة فقهية مقارنة”، مجلة الدراسات العربية.
- العنزي، عبد الكريم ربيع،(2021) مدى التزام الدولة بتعويض الأضرار الناجمة عن الكوارث العامة، ع2، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية.
- أمال، اعراب، فارس، بن حامه،(2021) قصور المسؤولية المدنية أمام خصوصية الضرر البيئي،مج7،ع1، مجلة عابر، جامعة الجزائر1.
- بن عمران، مشاع، أحمد يوسف، عادل سعد، (2021) النظام القانوني للمسؤولية المدنية عن أضرار جائحة كورونا، مج 34، ع1، مجلة الجامعة الأسمرية، العلوم الشرعية والإنسانية.
- عبد المجيد، دينا إبراهيم أمين، (2023) المسؤولية المدنية عن انبعاثات الاحتباس الحراري، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، عدد خاص، المؤتمر الدولي السنوي الثاني والعشرون للجوانب القانونية والاقتصادية للتغيرات المناخية.
- عاشور، عبد الونيس عبد العزيز، (2022)، تقدير عمق الجريان السطحي لحوض وادي درنة بالتكامل بين تقنيات نظم المعلومات الجغرافية ونموذج SCS-CN، مج21، ع2، مجلة سبها للعلوم البحثية والتطبيقية.
- عمر،أحمد مختار عبد الحميد، (1429 هـ -2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة، بمساعدة فريق عمل،ط1، عـالم الكتـب،ص (1918/3).
- قزمار، نادية محمد مصطفى، (2019) حدود المسؤولية العقدية في إطار الالتزام ببذل عناية وتحقيق نتيجة، مج7، ع48، مجلة بحوث الشرق الأوسط.
- محمد، عاشور عبد الرحمن أحمد، (2020) مدى إعمال قواعد المسؤولية المدنية في مجال التلوث “دراسة مقارنة”، مج35، ع1، كلية الشريعة والقانون بطنطا، جامعة الأزهر.
9–مصباح، موسى محمد، (2018) الأساس القانوني للمسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية، ع31، مجلة الشريعة والقانون.
10-مونه، مقلاني، (2020) الأساس الجديد للمسؤولية المدنية، محاضرات ألقيت وقدمت إلى طلبة السنة الأولى دكتوراه، جامعة ماي، كلية الحقوق والعلوم السياسية.
11-وليد، لعوامري، (2020/2021) محاضرات في مقياس أنظمة التعويض في القانون المدني والتشريعات الخاصة لطلبة السنة الثانية ماستر، كلية الحقوق، جامعة الأخوة منتوري قسنطينة.
خامسًا: القوانين والقرارات.
- القوانين.
- القانون رقم 1 لسنة 1953م، الجريدة الرسمية، عدد خاص1، س54.
- القانون رقم 3 لسنة 1977م بشأن تنظيم وزارة السدود والموارد المائية، الجريدة الرسمية، ع3.
- القانون رقم 3 لسنة 2001م بشأن التخطيط العمراني،س1، ع2.
- القانون رقم 11 لسنة م1971 في شأن الدفاع المدني، الجريدة الرسمية، ع20، 1971م.
- القانون رقم 13 لسنة 1991م بشأن الإرصاد الجوية، س29، ع21.
- القرارات.
- القرار رقم 121 لسنة 2021م بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي للمركز الوطني لإدارة الأزمات، مجلس الوزراء، 2022م.
- القرار رقم 184 لسنة 2012م بشأن تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات، الجريدة الرسمية، ع1، س2013م.
- القرار رقم 195 لسنة 2012م بشأن إعادة تنظيم المركز الوطني.
- القرار رقم 415 لسنة 2023م، تخصيص نسبة من الحج لصالح المتضررين من السيول والفيضانات بالبلديات المنكوبة، رئيس مجلس الوزراء، 2023م.
سادسًا: مواقع الإنترنت الأكاديمية.
- القرار رقم 449 لسنة 2022م بشأن إعادة تنظيم هيئة السلامة الوطنية، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع: 16/5/2024م، الساعة: 12:29، الرابط الالكتروني: https://2u.pw/fJimZt4z.
- اجتماع الشراكة العربية التاسع للحدّ من مخاطر الكوارث المنعقد في 21-23 نوفمبر 2023، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:16/3/2024، الساعة: 14:26، الرابط الإلكتروني: https://www.undrr.org/sites/default/files/2023-11/cn-agenda_-9th-arab-drr-partnership-meeting_ar.pdf
- إرشادات تقنية للرصد والإبلاغ عن التقدم المحرز في تحقيق الغايات العالمية لإطار سِنداي أي للحد من مخاطر الكوارث، مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، موقع مكتب الأمم المتحدة، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:16/3/2024، الساعة: 21:51، الرابط الإلكتروني: https://www.preventionweb.net/files/54970_techguidancenotesarabic.pdf
- المرشدي، أمل، المسؤولية العقدية، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:30/3/2024، الساعة: 04:26، الرابط الإلكتروني: https://www.mohamah.net/law
- تقرير التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الناتجة عن العاصفة والفيضانات في ليبيا عام 2023م، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:16/3/2024، الساعة: 14:26، الرابط الإلكتروني: https://documents1.worldbank.org/curated/en/099358101242437455/pdf/IDU14e0de0aa1e39214e621a1e9137aa69961610.pdf
- تقرير عن المؤتمر العالمي المعني بالحد من الكوارث، يناير عام 2005، ص29، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:16/3/2024، الساعة: 21:51، الرابط الإلكتروني: https://www.unisdr.org/files/45069_proceedingsthirdunwcdrrar.pdf
- السحاتي، خالد خميس،(يناير 2024)الإغاثة الإنسانية في ظل الانقسام درنة نموذجاً، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:30/3/2024، الساعة: 04:55، الرابط الإلكتروني: https://2u.pw/fq5NzcXD
10- الشاطري، فهد بن عطية،(1/12/1431ﮬ)، التعويض عن الكوارث الطبيعية المملكة العربية السعودية، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع: 6/4/2024، الساعة: 2:58، الرابط الإلكتروني: https://2u.pw/oQo0YpU3
11-قرار رقم 195 لسنة 2012 بشأن إعادة تنظيم المركز الليبي القطري للأزمات والكوارث، موقع DCAF، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:18/3/2024، الساعة: 24:35، الرابط الإلكتروني: https://2u.pw/DkjbXHH
12-مشروع دعم بناء القدرات الوطنية للتقليل من أثر الخطر الكوارث- 2009،الأردن، متاح على شبكة المعلومات الدولية، تاريخ الاطلاع:16/3/2024، الساعة: 21:51، الرابط الإلكتروني: https://www.preventionweb.net/files/31203_aqabadrmlegislationreview1.pdf
بالتوفيق