نوفمبر 26, 2024 12:14 م
الفكرية

م.م. محمد عبدالاله عبدالله الظاهر

Email Mohamed.Almousauy@gmail.com

009647509200434

الملخص

    إذا كان لرئيس المحكمة المختصة بأصل النزاع أن يصدر إجراء تحفيظًا أو يمتنع عن إصداره إلا أنه قد يرى أن إصدار هذا الإجراء قد يلحق ضررًا كبيرًا بمصلحة من يصدر ضده كالحجز التحفظي، خاصة إذا لجأ المحجوز عليه إلى القضاء الموضوعي أو إلى قضاء الطعن وألغي هذا أو ذاك القرار التحفظي وهو وقتي بطبيعة الحال، لذلك ومن أجل الموازنة بين مصلحة من سيصدر القرار التحفظي في مواجهته، رخص المشرع لرئيس المحكمة المختصة بأصل النزاع والمنوط به إصدار إجراء تحفظي أن يفرض على الطالب إيداع كفالة وقتية مناسبة, حيث نصت المادة 135/3 من قانون حقوق الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 على أن “ولرئيس المحكمة في جميع الأحوال أن يأمر…. …., وأن يفرض على الطالب إيداع كفالة مناسبة”, وتقابلها المادة 28/أ من القانون العراقي رقم 84 لسنة 2004(أمر سلطة الأتلاف المنحلة) بنفس المعنى حيث نصت على”……, وترفع تلك الدعوى إلى المحكمة المختصة مشفوعة بكفالة,…..”.

        حيث الزمت الاتفاقية الدولية التربس(trips) الدول الاعضاء بتوفير حماية فعالة  في حالة التعدي على أي حق من حقوق الملكية الفكرية سواء كانت الملكية  الصناعية او حقوق التأليف, وتنقسم هذه الحماية الى حماية إجرائية تتمثل بالإجراءات التحفظية الوقتية والتي يتم طلبها من قبل صاحب الشأن, بناً على طلب يقدمه الى محكمة الموضوع طالبا فيه اتخاذ اجراء تحفظي لوقف التعدي الواقع على حقه, حيث  أوجبت هذه في المواد 44/1, وكذلك المادة 50 على الدول الأعضاء أن تخول سلطاتها  القضائية صلاحية استصدار أوامر قضائية وقتية لمنع التعدي على حقوق الملكية الفكرية, وهذا ما ذهب إليه المشرع المصري في قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 في المواد 33/1، 35، 115، 135، 204، من ذات القانون على أن تكون هذه الإجراءات الوقتية مناسبة مع طبيعة واختلاف حقوق الملكية الفكرية, وتناول المشرع العراقي الحماية الإجرائية في قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية والمعلومات غير المفصح عنها رقم 81 لسنة 2004, في المادة 28, بالإضافة إلى الحماية الموضوعية التي أقرتها الاتفاقية الدولية (التربس) المتمثلة بالتعويضات في المادة 45, فهي تقر الحماية الوقتية لوقف التعدي على حقوق الملكية الفكرية، وهذا واضح في أغلب القوانين العربية.

الكلمات المفتاحية :  الكفالة- الحماية الاجرائية- التربس- الملكية الفكرية- الإجراءات التحفظية .

Temporary Warranty in the Light of Intellectual Property Rights Protection – A Comparative Study

Mohamed abdalalah abdalah

Abstract

If the head of the court concerned with the origin of the dispute has the authority to issue a precautionary measure or refrain from issuing it, but he may consider that issuing this measure may cause great harm to the interest of the person against whom it is issued, such as precautionary seizure, especially if the defendant resorted to the substantive judiciary or the appeal court and this or that was canceled The precautionary decision is, of course, temporary, so in order to balance the interests of the one against whom the precautionary decision will be issued, the legislator authorized the president of the competent court on the origin of the dispute, who is entrusted with issuing a precautionary measure to force the student to deposit an appropriate temporary guarantee, as Article 135/3 of the Rights Law stipulates Egyptian Intellectual Property No. 82 of 2002, provided that “in all cases, the president of the court may order……, and require the applicant to deposit an appropriate guarantee.” Article 28/A of Iraqi Law No. 84 of 2004 corresponds to it2004 (Dissolved Destruction Authority Order) and has the same meaning as it states: “……, and this case shall be submitted to the competent court, accompanied by a surety, …”.

        Where the international agreement on trips obligates the member states to provide effective protection in the event of any infringement of any intellectual property right, whether industrial property or copyright, and this protection is divided into procedural protection represented by temporary precautionary measures that are requested by the concerned person, according to On a request he submits to the trial court requesting that a precautionary measure be taken to stop the infringement of his right, As this required in Articles 1/44, as well as Article 50, member states must authorize their judicial authorities to issue temporary judicial orders to prevent infringement of intellectual property rights, and this is what the Egyptian legislator went to in the Intellectual Property Protection Law No. 82 of 2002 in Articles 33/ 1, 35, 115, 135, 204 of the same law, provided that these temporary procedures are appropriate with the nature and differences of intellectual property rights. The Iraqi legislator addressed procedural protection in the Law of Patents, Industrial Models and Undisclosed Information No. 81 of 2004, in Article 28, In addition to the substantive protection approved by the international agreement (TRIPS) represented in compensation in Article 45, it recognizes temporary protection to stop the infringement of intellectual property rights, and this is clear in most Arab laws.

key words guaranty- procedural -protection- trips-precautionary protection

 

المقدمة

جاءت الكفالة بالقرآن الكريم (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا)، كما جاء في الحديث الشريف: “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة”، إشارة إلى إصبعين, ويمكن تعريف لكفالة شرعاً _ هي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة مطلقًا، بنفس، أو دين أو عين وتعرف كذلك بالضم. وتعرف الكفالة الوقتية قانونًا بأنها “ضمانة تخضع في فرضها وتحديد قيمتها لسلطة القاضي الوقتي التقديرية، ويلتزم بتقديمها الصادر لصالحة الإجراء التحفظي، بما يسمح بإثبات جديته، وبتعويض الصادر ضده الإجراء، المدعي بتعديه على حقوق الملكية الفكرية، أو أي حق محل الحماية، مما قد يكون قد لحقه من أضرار إذا ما خسر الصادر لصالحه الإجراء، الدعوى الموضوعية.

حيث إذا ما توافرت الشروط التي يطلبها القانون لاستصدار الإجراءات التحفظية الوقتية المناسبة لحماية حقوق الملكية الفكرية، فإن لقاضي الأمور الوقتية، سلطة تقديرية، فلةُ أن يصدر هذا الإجراء أو قد لا يصدره وفقًا لما يرى من الظروف والملابسات التي تطرح عليه, وهذا الإجراء ما نصت عليه المادة( 53/1) من اتفاقية التربس، كذلك  يستفاد من قانون رقم 82 لسنة المصري2002, كذلك ما نصت علية المادة( 28 أ/ب), من قانون رقم 81لسنة2004العراقي .

منهجية الدراسة

اتبعنا في كتابة بحثنا المقارنة بين قانون الملكية الفكرية المصري والقانون العراقي, وكذلك الاتفاقيات الدولية  في هذا الشأن, كاتفاقية التربسtrips) ,) وهي التي وضعت حجر الاساس لهذه النوع من الحماية, مع الأخذ بالمنهج التحليلي لبعض مواضيع البحث.

مشكلة الدراسة:

1-      هل تعتبر الكفالة شرط من شروط استصدار الاجراءات التحفظية أم هي صورة من صور هذه الاجراءات؟ فهناك فرق بين الشروط  والتي تتمثل بوجود حق و وجود تعدي على هذا الحق وغير ذلك من الشروط _والتي سنبينها في هذا البحث_, الواجب توفرها لقاضي الامور المستعجلة حتى يصدر حكم وقتي,  أم صورة من صور الحماية والتي تتمثل في حالات التي تعتمد عليها القاضي في وقف التعدي؟

2-      ما مصير الكفالة بعد النظر في اصل الدعوى أي الدعوى الموضوعية, اذا تبين لم يكن أي تعدي على حق طالب الاجراء التحفظي؟

3-      ما هو موقف القانون العراقي من الكفالة في ضوء حقوق الملكية الفكرية, هل هو شرط اساسي لقبول طلب صاحب الشأن ام سلطة تقديرية تترك لقاضي الامور المستعجلة؟

اهمية الدراسة

للكفالة الوقتية أهمية بالغة في إطار حماية القضاء الوقتي للملكية الصناعية أو في مجال حق المؤلف أو الحقوق المجاورة.. إلخ من حقوق الملكية الفكرية، فهي تحقق التوازن بين مصلحة طالب الإجراء التحفظي، وتعويض الصادر ضده الإجراء إذا كسب الدعوى الموضوعية، وقضى له بالتعويض.

كما يمكن للشخص الذي صدر الإجراء التحفظي في مواجهته الرجوع إلى المحكمة وطلب الكفالة الوقتية في حالة عدم قيام من صدر الإجراء لصالحه برفع الدعوى خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور الإجراء، حيث يعتبر هذا التراضي عن أنه ما رغب في طلب الإجراء التحفظي إلا بقصد إلحاق الضرر بمصلحة من صدر هذا الإجراء في مواجهته, وفي ذلك تنص المادة 179/3 من نفس القانون: “يجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة المختصة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور الأمر وإلا زال كل آثر له“.

خطة الدراسة

سنقسم هذا البحث الى المحاور التالية:

المحور الاول: طبيعة الكفالة الوقتية

الغصن الاول: مضمون الكفالة الوقتية (الغاية من الكفالة).

الغصن الثاني: صور الكفالة الوقتية.

المحور الثاني: دور القاضي في تحديد الكفالة

الغصن الاول: السلطة التقديرية في فرض الكفالة.

الغصن الثاني:  السلطة التقديرية في تحديد قيمة الكفالة.

المحور الأول: طبيعة الكفالة الوقتية:

ينبغي علينا أن نبين قبل الغور في موضوع بحثنا  أن هناك من يرى الكفالة الوقتية في إطار حقوق الملكية الفكرية ما هي إلا صورة من صور الإجراءات التحفظية, والبعض الآخر ذهب إلى أن الكفالة هي أحد شروط استصدار الإجراءات التحفظية، فهي سلطة تقديرية لقاضي الموضوع يصدرها لمصلحة المدعى عليه أم لا، وهذا ما يؤيده الباحث. وجاءت الكفالة بالقرآن الكريم (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) (سورة آل عمران، آية37)( )، كما جاء في الحديث الشريف: “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة”، إشارة إلى إصبعين , (موطأ 948، الترغيب والترهيب 3/346) ( )، ويمكن تعريف لكفالة شرعاً _ هي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة مطلقًا، بنفس، أو دين أو عين وتعرف كذلك بالضم,( فضل المولى محمد الحسن موسى، الكفالة في الفقه الإسلامي؛ رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، السودان، لسنة 1997، ص80)( ). وتعرف الكفالة الوقتية قانونًا بأنها “ضمانة تخضع في فرضها وتحديد قيمتها لسلطة القاضي الوقتي التقديرية، ويلتزم بتقديمها الصادر لصالحة الإجراء التحفظي، بما يسمح بإثبات جديته، وبتعويض الصادر ضده الإجراء، المدعي بتعديه على المعلومات غير المفصح عنها، أو أي حق محل الحماية، مما قد يكون قد لحقه من أضرار إذا ما خسر الصادر لصالحه الإجراء، الدعوى الموضوعية (د. جمال الدين الأهواني، حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية (مقتضيات السرعة وإزالة العقبات)، مكتبة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، الطبعة الأولى، لسنة 2011م ، ص158)( ).

إذ لقاضي الأمور الوقتية، سلطة تقديرية، فلةُ أن يصدر هذا الإجراء أو قد لا يصدره وفقًا لما يرى من الظروف والملابسات التي تطرح عليه, (د. أحمد صدقي محمود، الحماية الوقتية لحقوق الملكية الفكرية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، لسنة 2004م.، ص115. ) ( ), وهذا الإجراء ما نصت عليه المادة( 53/1) من اتفاقية التربس( )، كذلك  يستفاد من قانون رقم 82 لسنة المصري2002( ), كذلك ما نصت علية المادة( 28 أ/ب), من قانون رقم 81لسنة2004العراقي.  وتنص المادة 179 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري سابق الذكر على أن: “رئيس المحكمة المختصة بحل النزاع بناء على طلب ذي الشأن وبمقتضى أمر على عريضة أن بأمر بإجراء أو أكثر من الإجراءات التالية أو غيرها من الإجراءات التحفظية المناسبة”, وهذا النص مشابه لنص المادة 194 من قانون المرافعات المصري بشأن الأوامر على العرائض. وقد حدد الفقه أربعة شروط ينبغي على قاضي الأمور الوقتية استظهارها حتى يصدر أمر على عريضة ، وهذه الشروط عامة بحيث ينبغي مراعاتها عند تقدير القضاء الوقتي لوقوع تعد من عدمه على حقوق الملكية الفكرية المختلفة،  ومن هذا الشروط الكفالة. ويرى الأستاذ الدكتور محمد جمال الدين الأهواني: “إن شرط الاستعجال مفترض بشأن التعدي على حقوق الملكية الفكرية المختلفة نظرًا لأن نصوص القانون قد أعطت لأصحاب الحقوق حق اللجوء للقضاء الوقتي لمنع أو وقف التعدي، وهو ما يدل على أن المشرع قدر وجود الاستعجال في حالات التعدي على هذه الحقوق(د. محمد جمال الدين الأهواني، حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية (مقتضيات السرعة وإزالة العقبات)، مكتبة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، الطبعة الأولى، لسنة 2011م، ص 42-44.).

وسنتناول في هذا الفرع: طبيعة ومضمون الكفالة, والسلطة التقديرية للكفالة الوقتية.

أولاً- طبيعة الكفالة الوقتية:

سأتناول في هذا الفرع مضمون الكفالة، وصورها، والآثار المترتبة على الكفالة الوقتية، وبشكل موجز وما يخص الكفالة في إطار حقوق الملكية الفكرية، أما الكفالة بمفهومها الواسع فتكون لأصحاب المجال.

1-      مضمون الكفالة الوقتية (الغاية من الكفالة):

إذا كان لرئيس المحكمة المختصة بأصل النزاع أن يصدر إجراء تحفيظًا أو يمتنع عن إصداره إلا أنه قد يرى أن إصدار هذا الإجراء قد يلحق ضررًا كبيرًا بمصلحة من يصدر ضده كالحجز التحفظي، خاصة إذا لجأ المحجوز عليه إلى القضاء الموضوعي أو إلى قضاء الطعن وألغي هذا أو ذاك القرار التحفظي وهو وقتي بطبيعة الحال، لذلك ومن أجل الموازنة بين مصلحة من سيصدر القرار التحفظي في مواجهته، رخص المشرع لرئيس المحكمة المختصة بأصل النزاع والمنوط به إصدار إجراء تحفظي أن يفرض على الطالب إيداع كفالة مناسبة( ),(د. أحمد صدقي محمود، الحماية الوقتية لحقوق الملكية الفكرية، مصدر سابق، ص116), حيث نصت المادة 135/3 من قانون حقوق الملكية الفكرية المصري على أن “ولرئيس المحكمة في جميع الأحوال أن يأمر…. …., وأن يفرض على الطالب إيداع كفالة مناسبة”( ) ( المادة 135/2 وكذلك المواد 115/ 2، 179/2، 204/2 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية والمصري، قانون رقم 82 لسنة 2002), وتقابلها المادة 28/أ من القانون العراقي سابق الإشارة الية بنفس المعنى حيث نصت على”……, وترفع تلك الدعوى إلى المحكمة المختصة مشفوعة بكفالة,…..”.

وعلى هذا للكفالة الوقتية أهمية بالغة في إطار حماية القضاء الوقتي للمعلومات غير المفصح عنها أو في مجال حق المؤلف أو الحقوق المجاورة.. إلخ من حقوق الملكية الفكرية، فهي تحقق التوازن بين مصلحة طالب الإجراء التحفظي، وتعويض الصادر ضده الإجراء إذا كسب الدعوى الموضوعية، وقضى له بالتعويض ( ) (د. منشاوي علي منشاوي، دور القاضي في الحماية المدنية لحقوق الملكية الفكرية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، لسنة 2018م.، ص197),كما يمكن للشخص الذي صدر الإجراء التحفظي في مواجهته الرجوع إلى المحكمة وطلب الكفالة الوقتية في حالة عدم قيام من صدر الإجراء لصالحه برفع الدعوى خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور الإجراء، حيث يعتبر هذا التراضي عن أنه ما رغب في طلب الإجراء التحفظي إلا بقصد إلحاق الضرر بمصلحة من صدر هذا الإجراء في مواجهته( )(د. أحمد صدقي محمود، مصدر سابق، ص116)، وفي ذلك تنص المادة 179/3 من نفس القانون: “يجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة المختصة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور الأمر وإلا زال كل آثر له“.

2-  صور الكفالة الوقتية:

تنص المادة 293 من قانون المرافعات أن: “في الأحوال التي لا يجوز فيها تنفيذ الحكم أو الأمر إلا بكفالة يكون للملزمين بها الخيار بين أن يقدم كفيلاً مقدرًا و أن يودع خزانة المحكمة من النقود أو الأوراق المالية ما فيه الكفاية وبين أن يقبل إيداع ما حصل من تنفيذ خزانة المحكمة أو تسليم الشيء المأمور تسليمه في الحكم أو الأمر إلى حارس مقتدر”. وهذه هي الصور المحددة قانونًا والتي نص عليها المشرع في قانون المرافعات والمتمثلة بالصور التالية( )(د. محمد جمال الدين الأهواني، حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية (مقتضيات السرعة وإزالة العقبات)، مكتبة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، الطبعة الأولى، لسنة 2011م.، ص200.(

أ‌.        تقديم كفيل مقتدر.

ب‌.      إيداع مبلغ مالي أو أوراق مالية خزانة المحكمة.

ت‌.      إيداع حصيلة التقيد خزانة المحكمة سواءَ كانت تقودًا أو منقولاً أو تسليم الشيء إلى الحارس وتتمثل صور الكفالة في الشريعة الإسلامية الكفالة بالنفس والكفالة بالمال( ) (أبو معوض صفاء ناجي محمد، الكفالة في الحدود والقصاص, رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، كلية الشريعة والقانون، لسنة 2016م، ص21-26).

ولكن التساؤل الذي تطرحه في هذا المقام مدى اتساق صور الكفالة المحددة قانونًا مع حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية؟

وقبل البحث عن الإجابة على التساؤل الذي طرحنا، نجد أن القاضي الوقتي هو الذي يحدد الكفالة وليس طالب الإجراء.

يرى الدكتور محمد جمال الدين الأهواني أن الصورة الثالثة في المادة 293 من قانون المرافعات لا تتماشى مع الطبيعة التحفظية للإجراءات الصادرة بها الأمر أو الحكم الوقتي( ) (د. جمال الدين الأهواني، حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية، مصدر سابق، ص161؛ د. منشاوي علي منشاوي، دور القاضي في الحماية المدنية لحقوق الملكية الفكرية، مرجع سابق، ص201.), أما بالنسبة للصورة الأولى والمتعلقة بتقديم كفيل مقتدر، وشريطه أن يكون مقيمًا في مصر عملاً. بحكم المادة 774 من القانون المدني المصري( )، كذلك لا يمكن تطبيقها في مجال حقوق الملكية الفكرية إلا إذا فطن طالب الإجراء إلى ذلك وقدم قبل صدور الأمر شخصًا قابلاً لأن يكون كفيلاً حتى نهاية الدعوى، فمن يكون متصدرًا اليوم قد لا يكون كذلك في الغد( )(د. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني؛ الجزء الثالث, في العقود المسماة، المجلد الثالث، عقد الكفالة، مكتبة الإسكندرية الطبعة الثالثة، لسنة 1994، ص25.).

ولم يبق إلا الصورة الثانية وهي إيداع مبلغ مالي أو أوراق مالية هي الصورة المثلى للكفالة في مجال الحماية الوقتية التي يوفرها القاضي الوقتي لحقوق الملكية الفكرية، ويرجع ذلك إلى  صياغة المواد 115، 135، 179، 204، من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، حيث استخدمت من عبارة كفالة مناسبة, وعرفت محكمة النقض الفرنسية الكفالة العينية: “تعهد يتضمن التزاما شخصياً حقيقياً بالضمان, بحدود قيمة المال أو الأموال المعنية, مقدرة بتاريخ طلب التنفيذ”,   ( )(نقض مدنية,15,1 أيار/مايو2002: نش مدنية l, رقم 127؛ طبعة الدالوز(DALLOZ)), ص2031.).

ثانيًا- دور القاضي في تحديد الكفالة:

قد يثار التساؤل حول مدى جواز تضمين الأمر الوقتي أو الإجراء التحفظي الوقتي كفالة بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية، فلم ينص قانون المرافعات المدنية والتجارية على تضمين الطلب الإجرائي الوقتي كفالة محددة بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية، ولكن بالرجوع إلى  قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري فقد نص صراحة على إمكانية الزام طالب الأجراء بتقديم كفالة, والحال نفسة بالنسبة للقانون العراقي رقم 31 لسنة 2004 المعُدل, وبالتالي يكون من سلطة القاضي الوقتي في إطار حماية المعلومات غير المفصح عنها أو أي حق من حقوق الملكية الفكرية المختلفة تضمين الإجراء الصادر منه بكفالة في كافة الأحوال. وأبين بشكل موجز وفي حدود حقوق الملكية الفكرية النقاط التالية:

السلطة التقديرية في فرض الكفالة:

يخضع فرض الكفالة من عدمه لسلطة القاضي الوقتي التقديرية, من خلال الأمر على العريضة الذي يقدمه المدعي علية ( )_طالب الكفالة في أطار المعلومات غير المفصح عنها_ ، ويقدر القاضي الوقتي أهمية فرضها من عدمه, فإذا وجد أن تقديمها سيدل على جدية مقدمها، أو من المحتمل يصيب الصادر ضده الإجراء التحفظي ضرر إذا ما خسر الصادر لمصلحته الإجراء الدعوى الموضوعية، فعلى سبيل المثال الإجراء التحفظي بوقف بث برنامج إذاعي يتصور معه حدوث ضرر بالصادر ضده الإجراء لحرمانه من الاستفادة المادية والأدبية المترتبة على سريان بث البرنامج( )(انظر: د. جمال الدين الأهواني، مصدر سابق، ص170؛ د. أحمد صدقي محمود، الحماية الوقتية لحقوق الملكية الفكرية، مصدر سابق، ص115 وما بعدها.). وعلى العكس من ذلك إذا قرر القاضي الوقتي أن الإجراء التحفظي المطلوب لا يتصور أن يرتب ضررًا بالصادر ضده الإجراء ففي هذا الفرض يمكن للقاضي الامتناع عن فرض كفالة إذا قرر توافر الجدية في الإجراء المطلوب( )(د. جمال الدين الأهواني، مصدر سابق، ص170.).

وعلى ذلك فإن فرض الكفالة من عدمها يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي الوقتي من دون أي إلزام عليه، فهو الذي يقدر جدية طالب الإجراء من عدمها وهو الذي يقدر كذلك الضرر الذي يصيب طالب الأجراء، وهذا يعتمد على المستندات التي تقدم إلى القاضي الوقتي، والظروف المحيطة, هذا بالنسبة لقانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري سابق الإشارة الية , وعلى النقيض من ذلك في القانون العراقي رقم 81, فهو لم يعطي هذه السلطة لقاضي الموضوع , بل انهُ أشترط على طالب الأجراء التحفظي أن يقدم الكفالة مع طلب أجراء وقف التعدي, وهذا ما نص علية المشرع بصريح العبارة, في المادة 28 في فقرتيها أ/ب, حيث جاء نص الفقرة (أ) ” وترفع تلك الدعوى إلى المحكمة المختصة مشفوعة بكفالة, وتقبل المحكمة الطلب الإجراءات المؤقتة أدناه,..” و بنفس المعني الفقرة (ب) “…, أن يطلب من المحكمة ويكون طلبه مشفوعا بكفالة,….”, على العكس من المشرع المصري الذي ترك الأمر سلطة تقديرية لقاضي الموضوع في فرض الكفالة من عدمه, في إجراءات  وقف التعدي الواقع على المعلومات غير المفصح عنها.

1-      السلطة التقديرية في تحديد قيمة الكفالة:

ينبغي على القاضي الوقتي عند إصدارة لتحديد قيمة الكفالة المناسبة على طالب الإجراء التحفظي أن يأخذ في اعتباره أمرين:

الأمر الأول: ينبغي على القاضي الوقتي أن يلم بالعوامل التي تسهم في تقدير قيمة الأضرار متوقعة الحدوث وقيمة الأرباح المتوقعة, وعلى سبيل المثال( )(د. جيلين مورني، محاضرة بشأن تقدير الكفالة في قضايا الملكية الفكرية، حلقة أقام بها السادة أعضاء الدوائر الاقتصادية بشأن الملكية الفكرية، مشروع الدعم الفني لإصلاح السياسات، وحدة تهيئة مناخ الأعمال, القاهرة, 2007, ص6 وما بعدها):

–        الأرباح التي تتحقق عادة من البضائع المراد الحجز عليها.

–        قيمة البضائع المراد صدور الأمر الوقتي بشأنها.

ولا شك أن تقدير القيم المادية بالنسبة لكل عامل من هذه العوامل يحتاج إلى خبرة فنية، لذلك ينبغي على القاضي أن يستجلي كافة البيانات المتعلقة بالعوامل السابقة وغيرها بحسب ظروف كل حالة( )(د. جمال الدين الأهواني، مصدر سابق، ص170 وما بعدها.).

الأمر الثاني: ينبغي على القاضي أن يضع في حسبانه تقدير قيمة الكفالة على نحو دقيق وفق قيمة الأضرار متوقعة الحدوث، يعد سلاحًا ذو حدين( )(د. منشاوي علي منشاوي، مرجع سابق، ص2002):

–        يضمن بدرجة عالية حق الصادر في التعويض، إذا كسب الدعوى الموضوعية.

–        يمثل التقدير الدقيق عقبة أمام الصادر لصالحة الإجراء إذا عجز عن تقديم الكفالة، وهذا ما أشارت إليه المادة (53/1) من اتفاقية التربس: “…. ولا يجوز أن تشكل هذه الضمانة أو الكفالة المعادلة ردعًا غير معقول بحول دون اللجوء إلى هذا الإجراء“.

خاتمة البحث

التوصيات المقترحة :

1 ـ نوصي المشرع العراقي بضرورة جعل الكفالة في قضايا حقوق الملكية الفكرية شرط اساسي لقبول الاجراء التحفظي المقدم من صاحب الشأن, حتى يتم ضمان حقوق المدعى علية, وعدم تركها سلطة تقديرية لمحكمة الموضوع.

2 ـ من الضروري السير على نهج المشرع المصري والاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية.

3 ـ أن النصوص الواردة في قانون المرافعات لا تتماشى مع الطبيعة التحفظية للإجراءات الوقتية أو الحكم الوقتي المتعلق بدعاوي الملكية الفكرية, فمن الضروري النص على الكفالة في ضوء حقوق الملكية الفكرية في القوانين الخاصة

 

المصادر :

  1. القران الكريم
  2. ورد في سلسلة الأحاديث الصحيحة:
  • فتح الباري:9/434، ورد في كتاب الطلاق، باب اللعان.

ب- موطأ 948، الترغيب والترهيب 3/346.

  1. فضل المولى محمد الحسن موسى، الكفالة في الفقه الإسلامي؛ رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، السودان، لسنة 1997.
  2. جمال الدين الأهواني، حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية (مقتضيات السرعة وإزالة العقبات)، مكتبة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، الطبعة الأولى، لسنة 2011م ، ص158؛
  3. منشاوي علي منشاوي، دور القاضي في الحماية المدنية لحقوق الملكية الفكرية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، لسنة 2018م ، ص197.
  4. د. أحمد صدقي محمود، الحماية الوقتية لحقوق الملكية الفكرية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، لسنة 2004م.، ص115.
  5. تنص المادة 53/1 من اتفاقية التربس القسم الرابع (المتطلبات الخاصة فيما يتصل بالتدابير الحدودية) على: “للسلطات المختصة
  6. انظر المواد 135، 115، 179، 204، من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، رقم 82 لسنة2002.
  7. المادة 135/2 وكذلك المواد 115/ 2، 179/2، 204/2 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية والمصري، قانون رقم 82 لسنة 2002م.
  8. د. منشاوي علي منشاوي، دور القاضي في الحماية المدنية لحقوق الملكية الفكرية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، لسنة 2018.
  9. د. محمد جمال الدين الأهواني، حماية القضاء الوقتي لحقوق الملكية الفكرية (مقتضيات السرعة وإزالة العقبات)، مكتبة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، الطبعة الأولى، لسنة 2011م.
  10. أبو معوض صفاء ناجي محمد، الكفالة في الحدود والقصاص, رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، كلية الشريعة والقانون، لسنة 2016م، ص21-26.
  11. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني؛ الجزء الثالث, في العقود المسماة، المجلد الثالث، عقد الكفالة، مكتبة الإسكندرية الطبعة الثالثة، لسنة 1994، ص25.

نقض مدنية,15,1 أيار/مايو2002: نش مدنية l, رقم 127؛ طبعة الدالوز(DALLOZ)), ص2031.

المادة 2291 من القانون المدني الفرنسي حيث نصت على أنه “تجوز الكفالة بدون طلب الشخص الذي يتم الالتزام الآجلة وحتى     دون علمة”  النص الأصلي:

Article 2291_ “On peut se rendre caution sans ordre de celui pour lequel on s’oblige, et même à son insu”.

  1. جمال الدين الأهواني، مصدر سابق، ص170؛ د. أحمد صدقي محمود، الحماية الوقتية لحقوق الملكية الفكرية، مصدر سابق، ص115 وما بعدها.
  2. جيلين مورني، محاضرة بشأن تقدير الكفالة في قضايا الملكية الفكرية، حلقة أقام بها السادة أعضاء الدوائر الاقتصادية بشأن الملكية الفكرية، مشروع الدعم الفني لإصلاح السياسات، وحدة تهيئة مناخ الأعمال, القاهرة, 2007.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *