أ.د.برزان مُيّسر حـــامد الحميـــــد
كلية التربية للعلوم الأنسانية/ جامعة الموصل/ العراق
dr.barzan_78@yahoo.com
009647701601393
أ.د.عبد الرحمن ابراهيم حمد الغنطوسي
كـــــلية التربية/ الجـــــامعة العراقية/ العـــــراق
الملخص
ساد التسامح الديني في الأندلس، حيث سمح المسلمون لأهل الذمة بإقامة شعائرهم الدينية واقامة كنائسهم ومعابدهم وان يُسيّروا امورهم على وفق اعرافهم وقوانينهم وشاركوهم اعيادهم واحتفالاتهم، فقد حرص العرب المسـلمون ان تكون علاقاتهم مع السكان الأصليين في الأندلس جيدة وقوية وذلك لأن موقف المسلمون عندما نزلوا بلاد الأندلس لم يقصدوا ان يعيشوا سادة مترفين وانما استقروا مع اهل البلاد وعاشوا في سلام دون ان يتدخلوا في حياتهم وطريقة معيشتهم او ان يغيروا في دينهم .
الكلمات المفتاحية : الأندلس ، التسامح الديني، التعايش السلمي ، المسلمين ، الاسبان .
The role of agile leadership in improving the competitive advantage from the viewpoint of workers in the municipal sector in light of the Kingdom’s Vision 2030
Case Study – Municipality of Asir Region
Prof. Dr.Abdurahman ibraheemHamd Algantossi |
College of EducationUniversity of Iraqi / Iraq |
Prof. Dr.Barzan moyasir
hamid alhameed
College of Education for Human
Sciences
University of Mosul / Iraq
Abstract:
Religious tolerance Prevailed in Andalusia where Muslims allowed Dhimis to do their religious rites, establish their churches and temples, and continue doing their affairs according to their Laws and traditions. they were also allowed to share their feasts and ceremonies because Muslims desired to keep a good and strong relationship with the indigenous people of Andalusia .when Muslims entered Andalusia they didn’t mean to be masters Living in Luxury but they settled with the People of the country and Lived Peace fully without interference in their Live ‚ way of Living or religion.
Keywords: Andalus, religious tolerance, peaceful coexistence, Muslims, Spaniards
مقدمة :
مما لا شك فيه ان التسامح الديني في الأندلس قد ساد وسمح لأهل الذمة ولا سيما من اليهود والنصارى بإقامة شعائرهم الدينية وإقامة كنائسهم ومعابدهم وان يسيروا أمورهم على وفق أعرافهم وقوانينهم وشاركوهم أعيادهم واحتفالاتهم، فقد حرص العرب المسلمون ان تكون علاقاتهم مع السكان الأصليين في الأندلس جيدة وقوية وذلك لأن موقف المسلمين عندما نزلوا بلاد الأندلس لم يقصدوا أن يعيشوا سادة مترفين وانما استقروا مع أهل البلاد وعاشوا في سلام دون أن يتدخلوا في حياتهم وطريقة معيشتهم أو أن يغيروا في دينهم.
وقد التزم المسلمون في الاقطار التي فتحوها بمبدأ حرية اختيار العقيدة، واحترام عقائد الآخرين، فلم يفرضوا الاسلام على شعوب هذه البلاد، ولعل الأندلس التي كانت من آخر الأقطار التي فتحها المسلمون تقوم شاهدة على سيرة الدولة الاسلامية في تعاملها مع تلك الأقطار التي لم تلبث حتى أصبحت جزءًا من العالم الاسلامي.
وقد شغل سكان البلاد الأصليين ولا سيما اليهود والنصارى الاسبان، مكانة كبيرة في التاريخ الاسلامي بصورة عامة حيث ارتبط وجودهم بقيام الدولة العربية الاسلامية في الأندلس، وتأثروا بها، إذ كانت لهم اسهاماتهم الخاصة في بناء الحضارة الاسلامية العريقة وعدوا جزءًا لا يتجزأ من كيان المجتمع الاسلامي. وعندما قام المسلمون بنشر الدين الاسلامي في بلاد الاندلس خلال الفتح الاسلامي في رحلة دينية كبرى كان الهدف منها هو العمل على تعاليم الدين الاسلامي وشرح وتوضيح عقيدته الاسلامية السمحاء من أجل ان تكون جلّية وواضحة لكل أهل البلاد الأصليين في الأندلس وبالتالي يُترك لهم الخيار في أن يدخلوا في هذا الدين ويتمتعوا بالحقوق التي يتمتع بها كل مسلم أو أن يبقوا على دينهم عملاً بقوله تعالى: ((لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة: 256] .
وقد ظلت الأندلس طيلة عصور الحكم الاسلامي لها (92-897هـ/711-1492م) تمثل أنموذجاً فريداً للمعاملة الحسنة التي طبقها المسلمون تجاه السكان الأصليين، من يهود ونصارى وغيرهم، باعتبارهم أهل الذمة، فالتسامح الكبير والمعاملة الحسنة التي أتى بها الفاتحين الجدد، جعلت جميع عناصر المجتمع من سكان أصليين، ووافدين جدد من (عرب وبربر وصقالبة) ينصهرون ضمن وحدة اجتماعية واحدة شكلت فسيفساء فريدة من نوعها، إذ ميزتها سمات وخصائص وقواسم حضارية مشتركة بين كل هذه الفئات، وتناغم وإنسجام اجتماعي واضح وملحوظ ، على الرغم من النعرات العصبية والقبلية التي كانت تظهر هنا وهناك والتي لم تكن سوى حالات استثنائية في تاريخ الاندلس الذي امتد على اكثر من ثمانية قرون ونيف .
من خلال ما تقدم نحاول في هذه الدراسة المتواضعة ان نعطي مظاهراً مختلفة من التسامح الديني والتعايش السلمي والمعاملة الحسنة التي كان يلقاها أهل الذمة في الأندلس ولا سيما من النصارى كونهم شكلوا الغالبية العظمى من سكان الاندلس الاصليين، من طرف المسلمين الذين طبقوا وسطية الاسلام واعتداله، وحاولوا تمثيلها أحسن تمثيل، الشيء الذي ترك العديد من أهل الذمة يدخلون في الدين الاسلامي طواعية دون إكراه.
مشكلة البحث: تكمن مشكلة البحث من خلال التساؤلات الآتية : كيف عامل المسلمون الفاتحون سكان الاندلس الأصليون ؟؟ وهل فعلاً ساد التسامح و المعاملة الحسنة بين الفاتحين وهؤلاء السكان بالشكل الذي أثـــــــّـــــــــــر ايجـــــابياً في
نفوسهم بحيث جعلتهم يتقبلون النظام الجديد، معترفين بصراحة أنهم يؤثرون حكم المسلمين على حكم الأفـــرنج أو القوط ؟؟؟
اهمية البحث: تكمن أهمية البحث في عرض صورة المجتمع الاندلسي وكيف كان مجتمعاً متسامحاً إلى درجة كبيرة عاش فيه المسلمون جنباً إلى جنب مع أهل البلاد الأصليين من (اليهود والنصارى وغيرهم) ، وقد تجلى هذا التسامح في مشاركتهم بعضهم البعض احتفالاتهم ومناسباتهم الدينية سواء أكانت هذه المناسبات خاصة بالمسلمين ام بغيرهم من العناصر السكانية المكونة للمجتمع الأندلسي.
أهداف البحث : يهدف البحث الى إظهار حجم التسامح الديني والتعايش السلمي الذي تحلّى به المسلمون الفاتحون في الأندلس تجاه أهل الذمة والذي تمثل بإقامة شعائرهم الدينية وبناء كنائسهم ومعابدهم وان يُسّيروا أمورهم على وفق اعرافهم وقوانينهم .
منهجية البحث : اعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي من خلال عرض المرويات والنصوص التاريخية وربطها ومناقشتها وتحليلها بغية الوصول الى الحقيقة التاريخية وذلك بالرجوع الى المصادر الأولية والمراجع الثانوية ذات العلاقـــــــة .
هيكلية البحث : اقتضت طبيعة البحث أن نقسّمه الى مبحثين تسبقهما مقدمة وتعقبهما خاتمة ، تنـــــــــــــــــــــــــــــاول المبحث الاول: مظــــــاهر معاملة المسلمين الحسنة للنصارى الأسبان في الأندلس، في حين كُرّس المبحث الثاني للحديث عــــــــــــــن : أثـــر معاملة المسلمين الحسنة لأهل الذمة بالأندلس في نشر الاسلام.أما الخاتمة فقد سطّرنا بها أهم ما توصلنا إليه من نتائج .
المبحث الأول
مظاهر معاملة المسلمين الحسنة للنصارى الأسبان في الأندلس
إنَّ روح التسامح التي دخل بها الفاتحون الأوّلون الأندلس ورغبتهم في نشر التعاليم الاسلامية ببسط روح المحبة والأخوة والتعايش بين أفراد المجتمع، جعلتهم يعزمون على فتح حوار حضاري بين مختلف الأديان، وخلق جو من التآلف والانسجام (جباري،2009، ص19؛ الغنطوسي،2018، ص213) .
فمنذ اللحظة الأولى التي فتح فيها المسلمون الأندلس، بدأت عقارب التسامح تتسارع (بوتشيش،2003، ص74؛عيساوة،2017، ص355) ، حيث عاملوا أهل البلاد معاملة حسنة لم يكونوا يعرفونها من قبل، فأزالوا عنهم الطبقية، وأطلقوا حرياتهم في الملكية، وكفلوا لهم الأمن والاستقرار، وأقاموا بينهم العدل، وجعلوهم أحراراً في ديانتهم وأحكامهم(محمد ،1414ه، ص345) .
كان لهذه المعاملة الحسنة أثرها الايجابي في نفوس السكان الأصليين حيث جعلتهم يتقبلون النظام الجديد، معترفين بصراحة أنهم يؤثرون حكم المسلمين على حكم الافرنج أو القوط(بول،2012، ص40) ، وقد برهنت السلطة الاسلامية في أغلب الأحيان على عقلها المتسامح في إزاء رعاياها المسيحيين(بروفنسال، د، ت،ص79) .
يقول بروفنسال:((ما من مكان في العالم الاسلامي، دون ريبة، كانت العلاقات فيه بين الاسلام والمسيحية ضرورة كما كانت في اسبانيا العربية))( بروفنسال، د، ت، ص79) ، وبلغ من تسامح المسلمين وعدلهم ووسطيتهم ان تعايش في بلاط الخليفة عبدالرحمن الناصر (300-350هـ) كبار الأطباء والعلماء من أهل الملل الثلاث، فضرب بذلك أعلى مثل في التسامح الديني الذي يعزّ نظيره( بنشريفة،1995، ص13) .
وبقيت هذه المعاملة الحسنة سارية المفعول مع مختلف العصور التي عاشتها بلاد الأندلس تحت ظلم الحكم الاسلامي حتى وإن اعترضتها في بعض الأحيان نداءات فقهية تميزت بنوع من التعصب والتشدد واستعمال الحزم تجاه بعض الطوائف الدينية.
وبالرجوع إلى الواقع التاريخي نجد أنّ المجتمع الاندلسي قد عبر أو تجاوز بعض الحدود أو الخطوط الحمراء التي وضعت من قبل بعض فقهاء الاندلس فيما يخص التعامل مع بقية الطوائف الاخرى من غير المسلمين، إذ نجد أن المسلمون قد تعاملوا مع بقية الطوائف الأخرى التي شكّلت بقية عناصر المجتمع الاندلسي، على أساس المصلحة وتحقيق مبدأ الانتفاع من الآخر، دون أي شكل من أشكال الاستعلاء أو التمييز العرقي أو المذهبي (بوتشيش،2003، ص74؛ عيساوة،2017، ص356) .
ولا تعوزنا الشواهد في تبرير ما نقول عن مظاهر هذه المعاملة الحسنة فهناك الكثير من المظاهر القائمة على تحقيق مبدأ المساواة إذ نجد التداخل والامتزاج بين المسلمين الفاتحين من عرب وبربر بالمستعربين وفي كل أنحاء الأندلس ، ولو نظرنا الى الخارطة التي توّزع عليها المستعربين لوجدناها تدّلُ دلالة كافية على المكانة الاجتماعية المتميزة التي حظوا بها، فقد أقاموا في المدن والحواضر الأندلسية الكبرى مثل: أشبيلية، وغرناطة، وبلنسية، ومالقة، وغيرها من مدن وقواعد الأندلس الأخرى المنتشرة في عدة أنحاء (بوتشيش، 2003 ، ص75) .
وما يقال عن المستعربين يقال عن اليهود إذ اندمجوا هم الآخرين بالمسلمين في شتى مجالات الحياة، فخالطوهم وابتاعوا منهم وجالسوهم(جباري، 2009 ، ص128) ، لا سيما في الحواضر التي حوت على أعداد كثيرة منهم مثل غرناطة واليسانة(بوتشيش،1997، ص95) .
وأصبح من المألوف اختلاط هؤلاء في الأزقة والأسواق، وفي المنتديات والمجالس، في القصور والمنيات(جباري،2009، ص128) ، هذا ما جعلهم في تواصل دائم مع بعضهم البعض، رغم ما تثبته المصادر من دأبهم على سكن أحياء خاصة بهم( قصي،2005، ص54) ، وهذا ليس من باب التحقير من شأنهم، بل لضرورة تفرضها عاداتهم وتقاليدهم، إذ توفرت لهم في هذه الأحياء كل متطلباتهم، من حانات وأسواق تباع فيها الخمور ولحم الخنزير(جباري،2009، ص107) .
والملاحظ أن تمييزهم بأحياء خاصة بهم، لم يمنعهم من مخالطة المسلمين بكل شرائحهم ، فعلى الرغم من التحذيرات التي اطلقها فقهاء الأندلس المسلمين من التعامل معهم إلاّ أنهم لم يجدوا من يُصغي إليهم (بوتشيش،2009، ص75) . اذ كان المشهد في كل مدينة من مدن الأندلس عبر دروبها المركزية الضيقة يعج باحتشاد الجموع من كل جنس ولون ولسان، وهي تروح وتغدو إلى السوق والحمامات أو إلى المسجد والكنيسة(غوميز،1998،ج1، ص270) .
كما نجد أن بعضاً من الفقهاء أنفسهم من كانت له صل وثيقة بهم ذلك ما جاء على لسان الأمام أبو بكر الطرطوشي، أنّ أحد فقهاء المسلمين يُدعى أبن الحصّار كان يقضي له حوائجه وينفعه جار نصراني يسكن بالقرب منه (الطرطوشي،1319ه، ص154) .
واحتفظ النصارى أيضاً بنظمهم الادارية الخاصة بهم من قوانين وتشريعات، فقد أشار المستشرق فرانسيسكو خافيير سايمونت: ((أن النصارى الأسبان كان لهم خلال حكم المسلمين نوع من الحكومة الخاصة[القوانين المدنية والسياسية] واحتفظَ الناسُ بأحوالهِم القديمة دون تغيير كبير، واحتفظوا من الناحية القانونية بمجموعة القوانين التي كانت سارية في ظل حكم القوط وكانوا يخضعون لكل ما له علاقة بحكومتهم))(Simont,1897,pp.156-157).
كما كان للنصارى في كل مدينة يسكنونها رئيس وكان لهم قاضي من ملتهم يفصل بينهم في النزاعات والخصومات التي تقع بينهم يعرف بقاضي العجم(ابن القوطية،1868 ، ص75)، واذا اختصم ذمي مع مسلم
فكان الاحتكام إلى قاضي الجند المسلم وهو الذي عرف بعد ذلك بقاضي الجماعة (الونشريسي،1983،ج1، ص56) .
ولم يقتصر موقف المسلمين في الأندلس على الجوانب الادارية والقضائية وانما سعت الدولة الاسلامية إلى الاهتمام بالجوانب الدينية للنصارى، فقد عامل المسلمون النصارى معامل حسنة، فقد ضمنت لهم التنظيمات الدينية المتعارف عليها فيما بينهم حيث كان للنصارى ثلاث مطرانيات(ابن القوطية،1868، ص74) ، (ابرشيات) رئيسة وعدد من الكنائس والاسقفيات والأدير الهامة(الضبي،1967، ص566) .
أما على صعيد الحياة اليومية فإنهم لم يمنعوا من تناول الخمر وأكل لحم الخنزير، ولم تفرض عليهم قيود معينة في لباسهم(كحيلة، 1993، ص184) ، ومن الشواهد أيضاً على المعاملة الحسنة، التي هي ثمرة من ثمرات عدالة الاسلام وسماحته، ما كان يجده النصارى واليهود لدى قضاة المسلمين حين ينصفوهم في مختلف أقضيتهم مع المسلمين فيحفظون عليهم مصالحهم، ويردّون إليهم حقوقهم مثلما يفعلون مع خصومهم من المسلمين مما احتفظت لنا به مجاميع النوازل ودواوين الأحكام وغيرها(الوراكلي، 2003، ص492) .
ففي عهد ملوك الطوائف (422-483هـ/1031-1091م) نجد أمثلة عديدة من الأحكام، في كتاب القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل الأسدي (ت: 486هـ)، تناولت أمور تتعلق بالرق أنصف فيها نصرانية، وبالردّة لم يوقع فيها الحد على صغير مرتد، وبالتنازع على الملكية إذ أعطى صاحب الحق حقه، وفي البيع والاحباس إذ طبق حكم الشريعة بغير محاباة لأحد بسبب الدين، ولم يتهاون في التطاول على الدين الاسلامي اعتزازاً بكرامته فأخذ بالعقاب من استهان به وأراد الحط من شأنه، وبخلاف على حضانة صغير مع وجود أب مسلم وجدة مسيحية لأم أسندت إليها الحضانة على الرغم من وجود الأب المسلم(ابوالأصبغ ، 1980، ص43) .
وبقدر ما حرص القضاة المسلمون على النصح لأهل الذمة في دنياهم كما رأينا سلفاً، حرصوا كذلك على النصح لهم في دينهم ويكفي أن نسوق، مثالاً على ذلك يكشف لنا عمّا كان قضاة المسلمين يحرصون عليه من اشعار أهل الذمة بوجوب إجلال أماكن عباداتهم وتقديرها.
ذلك حين كانوا إذا دعت الحاجة الى استحلاف أحدهم لفض تنازع بينهم وبين مسلم، يلزمونه الذهاب برفقة شاهدين من أعوان القاضي الى أعظم كنيسة في البلد ليؤدي اليمين في مكان له هيبة في نفسه (الوراكلي،2003، ص495). مثال ذلك ما ورد في كتاب المعيار على لسان ابن رشيق الذي كان يعمل لدى القاضي في كتب الوثائق والعقود((… فوجبت لمسلم على نصراني يمين في حق حكم عليه بها، وأمرت أنا وشاهد آخر بالحضور عليها ليتقاضاها المسلم منه على ما يجب، بحيث يعظم النصراني عن دينه، فتوجّهنا معهما الى مجتمع أولئك الرهبان، بدار كان لهم فيها كنسية يعظمونها…)) (الونشريسي،1981،ج11، ص155) .
كل هذه الأمثلة تؤكد لنا مبلغ المعاملة الحسنة التي كان أهل الذمة يلقونها لدى القضاة المسلمين دون أي اعتبار لاختلاف اديانهم، كما تكشف لنا حرص القضاة على إسدال النصح لهم، مما يُفضي الى فضاء رحب وشاسع للتعايش فيما بينهم في أمان واطمئنان.
ولم يقف الأمر في حسن معاملة أهل الذمة ولا سيما النصارى الاسبان عند حدود النصح لهم في دينهم ودنياهم، ودفع الظلم عليهم، وصيانة كافة حقوقهم في مجالس القضاة وحسب، بل إنه تخطى تلك المجالس الى مجال أوسع يحدده عقد الذمة، بما يضعه على عاتق المسلمين من مسؤولية حماية معاهديهم من أعدائهم وواجب هبوبهم للدفاع عنهم(الوراكلي،2003، ص495؛عيساوة،2017،ص385). وهذا ما عبر عنه فقيه قرطبة ابن حزم الظاهري حين قال:((من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب الى بلادنا يقصدونه وجب علينا ان نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله (r)، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة)) (ابن حزم، 1357ه، ص67) .
وفي العصر المرابطي (483-541هـ/1091-1146م) ورغم تحذير كتب الحسبة من التعامل مع أهل الذمة، نجد أن السلطة السياسية المرابطية لم تلتزم بذلك، وهذا مرده الى التسامح الذي انتهجه حكام الدولة مع اليهود والنصارى المعاهدين.
لذلك تشددت كتب الحسبة على القضاة والأمراء من أجل تطبيق أحكام الشريعة(بلغيث،2007، ص33) ، فعن ابن عبدون أنه قال:((يجب ألا يحك المسلم اليهودي ولا النصراني، ولا يرمي زبله، ولا ينقي كنيفه، فاليهودي والنصراني كانوا أولى بهذا الصنع، لأنها صنع الأرذلين، لا يخدم مسلم دابة يهودي ولا نصراني، ولا يستزمل له ولا يضبط بركابه، وإن عُرف هذا أُنكر على فاعله)) (ابن عبدون،1955، ص48). وفي موضع آخر يقول:((ويمنع أهل الذمة من الاشراف على المسلمين في منازلهم، والتكشيف عليهم، ومن إظهار الخمر والخنزير في أسواق المسلمين أو بما هو من أبّهة… ويمنع المسلمين أن يحاولوا لهم كل ما فيه خساسة او إذلال للمسلمين، تطرح الكناسة ونقل الآت الخمر، ورعاية الخنازير، وشبه ذلك لما فيه من علو الكفر على الاسلام، ويؤدب من فعل ذلك)) (ابن عبدون،1955، ص122) .
كل هذه الصيحات من طرف ابن عبدون ان دلت على شيء فإنما تدل على واقع حدث فعلاً برهن على مدى التسامح وتساهل السلطة المرابطية في معاملتها تجاه أهل الذمة، وان أطياف المجتمع الأندلسي كانت تتعايش مع بعضها البعض جنباً الى جنب دون اعتبار لأي حواجز.
التزم المرابطين باحترام كل الحقوق الاجتماعية لأهل الذمة ولا سيما النصارى وإنزال العقوبة بكل من يحاول المساس بها أو التقليل من شأنها ، فقد ورد في كتاب البيان المغرب لأبن عذاري المراكشي، أن مجموعة من المستعربين القاطنين في غرناطة عبرت الى مراكش حيث بلاط الامير علي بن يوسف بن تاشفين(500-537هـ/1106-1142م) وذلك من أجل تقديم شكواهم حول الظلم والتعسف الذي لأقوه على ايدي عامل غرناطة المدعو عمر بن نيالة، فما كان من الأمير إلاّ ان انصفهم من ظلامتهم ، عندما أثبتوا لهم حجتهم وأمر بسجن عامل المدينة (ابن عذاري، 1982،ج4، ص77) ، والحال نفسه مع القاضي ابن رشد (ت: 520هـ) الذي لم يجد أي حرج في انصاف نصراني، عندما أمر بتحويل الحكم لصالحه بعد أن كان لصالح المسلم، وذلك عندما اثبت النصراني ان حقه قد هُضم(ابن رشد،1987، ص619) .
كما ان الفتوى التي أصدرها الفقيه قاضي الجماعة بغرناطة أحمد بن محمد بن ورد، إجابة على سؤال ورد إليه من الأمير المرابطي علي بن يوسف نفسه حول النصارى المعاهدين الذين رحلوا عن اشبيلية تدل أيضاً عن حفظ المسلمين كافة الحقوق الاجتماعية لأهل الذمة، وفيها ينص على أنّ للرهبان والقساوسة ما لسائر أهل الذمة، من انهم إذا افتقر منهم مفتقر، وعجز لزمانة أيّ مرض، وهرم عن الاكتساب أن ينفق عليه من بيت المال على سبيل الانعاش أو على طريق الاحتساب(مكي، 2003، ص ص69-70) .
ولم يمنع المسلمين أهل الذمة من مشاركتهم في المرافق الاجتماعية واستغلالها، حيث سمح لهم المسلمين بإستقاء المياه من بئرٍ واحدةٍ(ابن رشد،1987، ص ص605-606) ، بل وصل الحد إلى السماح لهم بالخروج في اوقات القحوط وتأدية صلاة الأستسقاء (بوتشيش،1997، ص75) .
ومن مظاهر المعاملة الحسنة للنصارى في عصر المرابطين ، توفير المقابر الخاصة بهم والتي تتوافق وتتماشى مع عاداتهم وتقاليدهم المتعلقة بدفن موتاهم في المقابر التي كانت تُعرف بمقابر الذميين أو مقابر أهل الذمة(ابن قيم الجوزية،2002، ص ص158-159) .
أما اليهود فقد عوملوا هم الآخرين بنفس المعاملة، إذ نجد المرابطون العائدون من معركة الزلاقة (497هـ/1086م) قد أعادوا لهم أملاكهم التي سبق أن فقدوها أثناء الثورة على الوزير اليهودي يوسف بن اسماعيل (ت: 448هـ/1056م)، وقد فعلوا ذلك بالرغم من مشاركة يهود المناطق الاسلامية المحتلة مع النصارى في تلك المعركة(كواتي، 1991، ص216) .
وتمتع أهل الذمة من اليهود بإمتيازات في عصري الطوائف والمرابطين لم يحصلوا عليها منذ عهود طويلة ((judeo,1968,p.337. وبلغوا من الحرية في ممارسة نشاطهم الديني، من أن نصب ((اسحاق الفاسي اليهودي)) الذي خلف موسى بن عزرا في منصب ((حبر غرناطة)) في بداية القرن السادس الهجري وأدى دوراً أساسياً في التكوين الديني لليهود في الأندلس، كما ظهرت مجموعة من الاحبار في مدن اندلسية أخرى مثل غرناطة وقرطبة. وتعددت معابد اليهود في الأندلس إلى درجة انها أثارت انتباه العامة(اشباخ،1999، ص232) ، اذ بلغ عدد الأديرة في الأندلس أيم الحكم الاسلامي أكثر من خمسة عشر ديراً، وقد سمح المسلمون ببقائها باعتبارها أماكن العبادة للنصارى فلم يهدم منها ما كان في المناطق التي فتحوها بل سمحوا لهم ببناء كنائس جديدة وما يريدون من الأديرة التي كانوا يقرعون النواقيس فيها ( لوبون،2012، ص1277) .
كل هذه الشواهد كافية على ما اتسمت به دولة المرابطين من تسامح اجتماعي مع أهل الذمة، كما تعكس لنا مدى التعايش المشترك بين مختلف فئات المجتمع الأندلسي، بعيداً عمّا وصفها به الكثير من الباحثين الغربيين من تعصب(بوتشيش،1997، ص ص70-71؛ ابن الذيب،2009، ص64) .
بقيت هذه المعاملة الحسنة لأهل الذمة سائدة في عموم الأندلس على عهد الموحدين، ومن بعدهم بني الأحمر، ففي عهد الموحدين (541-620هـ/1146-1223م) لم تخرج معاملتهم لأهل الذمة من حيث الأساس عمّا هو مقرر في الشريعة الاسلامية .
أما ما ذكره عبدالواحد المراكشي (ت:669هـ/1270م)، وما ذهب إليه ريموند من إكراه اليهود على اعتناق الاسلام في زمن الموحدين، عند قوله: ((فقد أعلن الموحدون بكل وضوح ان أية ديانة غير الاسلام في بلادهم تعد خروجاً عن القانون وذلك انسجاماً مع أصوليتهم المتطرفة)) (شانيدلين،1998،ج1، ص310). فيوجد ما ينقصه فعند عبدالواحد المراكشي نجد تهافت السياق في كلامه إذ يقول في موضع: ((ولم تنعقد عندنا ذمة ليهودي ولا نصراني- منذ قيام أمر المصامدة- ولا من جميع بلاد المسلمين بالمغرب بيعة ولا كنسية، إنما اليهود عندنا يظهرون الاسلام ويصلون في المساجد ويقرؤون أولادهم القرآن جارين على ملّتنا وسنتنا، والله أعلم بما تكن صدورهم وتحويه بيوتهم)) (المراكشي،1993، ص383؛ عيساوة، 2017، ص360). وفي صدر خبر آخر له يذكر تمييز اليهود له في عهد المنصور بزي خاص وتغييره في عهد ولده الناصر(بنشريفة،1995، ص17) .
فعند التأمل في هذين الخبرين نجد أن هناك تناقض في الكلام فمرّة يقرّ بأنه لم تنعقد ذمة ليهودي ولا نصراني زمن الموحدين، ومرة أخرى يتكلم عن الزي الخاص باليهود، اذ لو انهم كانوا يكرهون على الاسلام، ويضطرون للتظاهر به لما فرض عليهم زياً خاصاً بهم كونهم أهل ذمة.
ويكفي أن نسوق شاهدين اثنين للرد على آراء ريموند ومن نحى منحاه، أما أولهما فهو رواية المؤرخ الأندلسي المعاصر للموحدين ابن صاحب الصلاة التي يقول فيها: ((وكان في بياس سنة (553هـ/1158م) عالم غرناطي يدعى عبدالله بن سهل، يحضر دروسه جمع كبير من المسلمين والنصارى واليهود)) (ابن صاحب الصلاة، 1987، ص400) ، ولو كانت الأندلس خالية من اليهود وأنهم كانوا مضطرين للتظاهر بالاسلام، كما تزعم مصادرهم ودراساتهم، لما وجد اليهود يحضرون الدروس في زمن حكم الموحدين للأندلس(الخالدي،2011، ص ص257-258) ، حسب تعبير ابن صاحب الصلاة، إذ لو كانوا مسلمين حتى ولو بالتظاهر لما سمّاهم بإسمهم .
وأما ثانيهما فهو اشتهار عدد من الكتاب اليهود في زمن الموحدين، أمثال يوسف زباد الأندلسي (ت: 597هـ/1200م)، وهو صاحب كتاب “البهجة والسرور”، ولو أنهم أكرهوا على الاسلام لما لمعت اسمائهم كيهود، ولما مارسوا نشاطهم الفكري فيها(الخالدي،2011، ص ص257) .
لقد مارس الأحبار اليهود تعليمهم الديني بكل أريحية في زمن الموحدين(الخالدي،2011، ص ص257) ، فهذا موسى بن ميمون (ت: 60هـ/1204م) نجده يتنقل بكل حرية هو وأسرته في أرجاء امبراطورية الموحدين مغرباً وأندلساً(بنشريفة،1995، ص20) ، فقد تتلمذ على يد يهوذا الكاهن في مدينة فاس عاصمة الموحدين(محمد بحر،1970،ص89)، فتنقله هذا في حد ذاته يحمل بين طياته أبرز دليل على حرية اليهود يومئذ في التنقل بأنفسهم وأموالهم والإقامة والرحيل حيث يشاؤون(بنشريفة،1995، ص20). أما رحلة موسى بن ميمون إلى بلاد المشرق، فتبدوا أمراً عادياً مثل رحلات الكثير من الأندلسيين والمغاربة المسلمين الذين رحلوا إلى المشرق، وأقاموا به في نفس التاريخ، وقد كانت هذه الرحلات والهجرات في أوقات الفتن منذ سقوط الخلافة في قرطبة، إلى ما تلاها من فتن في أواخر عصر الطوائف والمرابطين والموحدين، عكس ما يروّج له البعض ممن ترجموا لابن ميمون أنه هاجر إلى المشرق بسبب الاضطهاد المزعوم في عهد الموحدين(بنشريفة،1995، ص19-20) .
فمن بين الذين ترجموا لابن ميمون نجد الكاتب اسرائيل ولفنسون الذي سار في نفس الاتجاه القائل باضطهاد الموحدين لليهود، إذ نجده يشنّع بهذا الاضطهاد الذي حلّ بالنصارى واليهود على حد سواء على يد عبدالمؤمن بن علي الكومي (ت:558هـ/1164م)، ويقر بأن هذه المعاملة كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى هجرة مجموعة من اليهود إلى شمال الأندلس، ومجموعة أخرى إلى جنوب فرنسا، فيما ذهبت بعض الأسر إلى مدينة المرية، وكان من بين هؤلاء الأسر، أسرة ابن ميمون، التي حلّت بها سنة (538هـ/1143م) عندما كانت في حوزة المسيحيين، وذكر بأن ابن ميمون قد حلّ في هذه المدينة في نفس الوقت الذي حلّ ابن رشد الفيلسوف (ت: 595هـ/1198م) (ولفنسون،1936، ص60) .
ولعل الملاحظ فيما ذهب إليه ولفنسون أنّ التاريخ الذي ذكره غير صحيح، فالمرية لم تقع في يد المسيحيين إلا في 20 جمادى الأولى من عام 542هـ/ الموافق 17 اكتوبر 1147م، كما انه من غير المعقول ان يكون ابن رشد دخل المرية وهي تحت حكم النصارى، ولم يقل بهذا أحد ممن ترجموا لابن رشد(بنشريفة،1995، ص20).
ان المتغير الوحيد لابن رشد الذي حصل في معاملة اليهود عند الموحدين، ومن بعدهم بني الأحمر هو تمييز اليهود بزي خاص بهم، وحتى هذا التمييز لم يكن شيئاً مستهدفاً، إذ هو من الأمور المقرر في مدونات المذاهب الفقهية القديمة( بنشريفة،1995، ص20؛ الونشريسي، 1981،ج2، ص254) .
ما يُقال عن اليهود يقال عن النصارى اذ عوملوا هم الآخرين بنفس المعاملة، إلا إذا استثنينا الفقرة الانتقالية بين المرابطين والموحدين، المعروفة بفترة التمييز التي حصل فيها للمسلمين وغيرهم ما يحصل عادة في الفترات الانتقالية، ما عدا هذا فقد كانت علاقة الموحدين بهم علاقة عادية (بنشريفة،1995، ص20؛عيساوة،2017، ص362)، إذ مارسوا حياتهم بشكل طبيعي، وامتزجوا بمختلف شرائح المجتمع، وهناك أمثلة عديدة حول المصاهرات التي كانت بين الموحدين والنصارى، إذ ان الكثير من خلفاء الدولة الموحدية كانوا أبناء امهات روميات(شرقي،2008، ص78) .
أما على عصر بني الأحمر (635-797هـ/1234-1492م) فقد تم معاملة اليهود والنصارى معاملة أهل الذمة، اذ حافظ النصارى في محكمة بني الأحمر على حضورهم البارز في الأندلس خاصة في مجال التجارة، كما كانوا يقيمون شعائرهم الدينية دون أدنى حرج، وعليه حظي النصارى برعاية هذه المملكة، كما حمت الكثير من سكان الشمال الاسباني الذين لجأوا اليها، واعتنق قسم منهم الاسلام (فرحات،1993، ص92؛ السامرائي وآخرون،2000، ص436) .
وأما اليهود فقد عرفوا في ظل مملكة بني الأحمر حقبة طويلة من الهدوء، بفضل رعاية الحكام شؤونهم وتأمين مصالحهم، إذ عد حكام بني الأحمر اكثر الملوك تسامحاً وأفضلهم في الحفاظ على مصالح اليهود وتأمين الحرية لهم في ممارسة شعائرهم وتقاليدهم، ففي سنة (766هـ/1367م)، استقبل السلطان محمد الخامس (ت: 793هـ/1391م)، ثلاثمائة عائلة يهودية هربت من اضطهاد القشتاليين ولجأت إلى غرناطة، وفي سنة (792هـ/1391م) شهدت مناطق قشتالة وكتلونية وجزر البليار موجة اضطهاد حملت الناجين من اليهود على الفرار إلى مملك بني الأحمر(فرحات،1993، ص98؛ عيساوة، 2017، ص362) .
وقد أدت هذه السياسة المتوازية في تعامل سلاطين غرناطة مع اليهود إلى عدم قيامهم بأي تمرد على حكمهم، كما لم تقم أية انتفاضات شعبية ضدهم (فرحات،1993، ص97) ، كتلك التي حدثت في عهد باديس بن حبوس(الخالدي، 2011، ص261) .
كما أورد ابن الخطيب أخبار تفيد بالمعاملة الحسنة التي كان يلقاها السفراء اليهود الذين تم استخدامهم من طرف حكام المماليك النصرانية في سفاراتهم إلى مملكة غرناطة(لسان الدين بن الخطيب،1956، ق2، ص332)،ومن بين هؤلاء السفراء الحكم بن زرزار( لسان الدين بن الخطيب،1956، ق2، ص333) ، ويوسف بن وقّار الاسرائيلي الطليطلي(لسان الدين بن الخطيب،1956، ق2، ص332؛عيساوة،2017، ص363) ، إذ تحدث ابن الخطيب عن علاقته الحسنة مع هذين السفيرين(لسان الدين بن الخطيب،1956، ق2، ص ص332-333) ، وبين أنه استعان بيوسف بن وقار في الحصول على اخبار ملوك قشتالة، ويظهر في نص رواية ابن الخطيب الاحترام المتبادل بينهما، إذ يقول: ((وقد كنت طلبت شيئاً من ذلك- أخبار ملوك قشتالة- من مظنته، وهو الحكيم الشهير، طبيب دار قشتالة واستاذ علمائها، يوسف بن وقّار الاسرائيلي الطليطلي، ولما وصل إلينا في غرض الرياسة عن سلطانه)) (لسان الدين بن الخطيب،1956، ق2، ص332 ) ، ثم ينقل ابن الخطيب ما جاء في رسالة ابنت وقار إليه بقوله: ((قال الحكيم: سألت أعزك الله وأدام كرامتك ان اثبت لك ما تحقق عندي من التواريخ التي وقع فيها نسب ملك قشتالة وتفرع ملوكها، فأثبت لك ذلك مما استخرجته من الكتاب الذي أمر بعمله الملك الأعظم دون الفنش، قصدت ان يكون ذلك عندك بأصل(لسان الدين بن الخطيب،1956، ق2، ص332) .
وبالجملة يمكن القول بأن اليهود قد تمتعوا في ظل الحكم الاسلامي للأندلس بتسامح كبير لم تحظ به كافة الطوائف الدينية الأخرى وكان السبب في ذلك ربما يعود إلى مؤازرتهم للعرب الفاتحين أثناء عمليات الفتح، وقد انتشرت الجماعات اليهودية في معظم المدن الأندلسية كغرناطة وماردة حيث كانت أعدادهم كثيرة، وفي قرطبة وجد الحي اليهودي في المدينة بجوار قصر الحاكم والمسجد الجامع كما أطلق على الباب الشمالي اسم باب اليهود وبجوار هذا الباب الشمالي يوجد طريق يتجه ناحية الشمال الشرقي نحو حضيرة خاصة لليهود وهناك في مدينة اشبيلية أعداد منهم على ان اكبر تجمع لهم كان في مدينة اليسانة وأطلق رئيس الجالية اليهودية اللقب العبري (ناجد) الذي كان يعيّن من قبل الحاكم في قرطبة وكان كنيس العبادة الخاص لهم يسمى (شنوعة) له أموال كثيرة واحباس يحسبها ابناء الطائفة للإنفاق عليه، ولقد مارس اليهود في المجتمع الاندلسي مهناً كثيرة وبرعوا في ميادين مختلفة حتى انهم شغلوا مناصب هامة في الدولة (رجب ،1999، ص ص29-30) .
كَما كانتْ الموسيقى والغناءُ هي الأخرى مَظهراً مِنْ مظاهرِ التَسامحِ الديني والتعايشُ السلمي بينَ المسلمينَ وبقيةُ مكوناتُ المجتمع ولاسيما اليهود والنصارى إذ توّلع بها المجتمع الأندلسي كما لمْ يتوّلع بها مجتمعٌ آخر، فكانت ((اللغة)) المشتركة التي يفهمها كافة ((افراده))، ويعّبرون بواسطتها عَنْ مشاعِرهم وأحلامهم، لغةً يَسهم الجميعُ دون تفريق في الجنسِ أو العقيدة، في ابداعِ كلماتها والحانها، وفي ممارستها أوِ الإستماعِ لها، لغةٌ تقّربُ بينَ الجميع، فتضّمهم في مجالس واحدة، وتوّحد أصواتهَم في الغناءِ والآتهم في العزفِ، فجاءتْ ألحانها مِرآة تعكسُ الميولَ الموسيقيةِ لكلِ الأجناسُ المكونةِ لهذا المجتمعِ وتشهدُ على مدىَ ما كانَ بينها من ترابطٍ وتمازجٍ وتعايشٍ وتعاونٍ في ظلِ الحضارةِ العربيةِ الأسلامية .
ونظراً لمِا كانت عليهِ الموسيقى العربيةُ من رقيٍ وتفوقٍ فإن بلاطات الممالك النصرانية في الشمال كمملكة قشتالة وأراغون كانتا لا تخلوا مِن عازفينَ ومغنيين مُسلمين، وكذلك قصورُ الأمراءِ والنبلاءِ المسيحيين، وقد ظلَّ الأمرُ على هذه الحالِ حتى بعدَ سقوط سلطنةِ غرناطة. ويذكر ابن بسام في ذخيرته أن: ((ابن الكنان المتطبب قال واصفاً مجلس غناء في أحدْ قصورِ النصارى فقال: شهدتُ يوماً مجلسَ العلجةُ بنتُ شنجة ملك البشكوش زوجُ الطاغيةُ شنجة بن غارسية بن فردناند، وفي المجلس عدةُ فتيناتٍ مسلماتٍ من اللواتي وهبنَ له سليمان بن الحكم أيام إمارتهِ بقرطبة، فأوماتْ العلجةُ إلى جاريةٍ فيهنّ فأخذتُ العودَ وغنّت بهِ… فأحسنتْ وأجادتْ، وعلى رأسِ العلجةُ جارياتٍ من القوّامات اسيراتٍ كأنهنّ فلقاتُ قَمرْ…)) ( ابن بسام، 1979، ج3، ص ص 318-319 ) .
وتجدر الاشارة إلى ان عدداً هائلاً من هؤلاء السكان الذين كانوا على دين النصرانية، وغيره من الديانات الأخرى، قد أسلموا تدريجياً أو بتحول سريع ومتفاجئ نتيجة الاقتناع، أو بسبب ضعف بنيان هذه الديانات وما كان يرتبط بها من سلوك غير لائق. وكانوا ينعمون في جميع الأحوال بجو من التسامح من قبل المسلمين. وكان هذا التسامح يتجلى مع الذين لم يسلموا ما لم تصدر عنهم مواقف تزعج الدول الاسلامية أو تحاول خرق التشريعات الاسلامية السائدة، وما داموا محترمين للعهود والمواثيق وما تنص عليه من التزامات متبادلة. على ان هذا التواصل لم يكل يخلوا من بعض الاضطراب الذي يشوش على الاستقرار، أعني استقرار المجتمع، ولكن من غير ان ينعكس سلباً على الحياة عامة، سياسة واقتصادية وفكرية واجتماعية، مما انتج حضارة متميزة بعطائها الذي أغنى البلاد في العهد الاسلامي، وظل يغنيها حتى بعد.
فالشواهد التاريخية الآنفة الذكر كانت كافية لابراز مدى المعاملة الحسنة التي كان يلقاها أهل الذمة في الأندلس ولا سيما اليهود والنصارى الاسبان وخلال كل فترات العصور الاسلامية التي مر بها الحكم العربي الاسلامي هناك، من قبل او طرف المسلمين، سواء تعلقت هذه المعاملة بالحياة العامة المشتركة فيما بينهم وما شملها من خصومات ونزاعات في مجالات البيوع والاحباس والملكيات، والتي كان القضاة المسلمين قائمين فيها بالقسط، أو ما تعلقت بالحياة اليومية الخاصة بأهل الذمة حيث تركت لهم الحرية الكاملة في ذلك .
المبحث الثاني
أثر معاملة المسلمين الحسنة لأهل الذمة بالأندلس في نشر الاسلام
كان للمعاملة الحسنة التي انتهجها الفاتحون المسلمون تجاه أهل الذمة في الأندلس، من إقامتهم للعدل، وقمع الظلم، وكفلهم للحريات، الأثر الطيب في اعتناق الكثير منهم الدين الاسلامي، خاصة الطبقات التي كانت مضطهدة خلال الحكم القوطي(محمد ،1414ه، ص407؛ عيساوة،2017، ص363) .
ففي عهد الولاة دخلت في الاسلام مجموعات كبيرة، إذ يذكر عن الوالي عقبة بن الحجاج أنه أسلم علي يديه ألف رجل(ابن عذاري،1982،ج2، ص29). ولما دخل عبدالرحمن بن معاوية الأندلس وأقام الدولة الأموية هناك، تحول على عهده الكثير من النصارى إلى الاسلام، ولعل الأمير عبدالرحمن بذل جهوداً كبيرة في دعوة غير المسلمين للإسلام، مع التسامح والاعتدال والوسطية، وحسن المعاملة التي كانوا يلقونها(محمد ،1414ه، ص407) .
وفي عهد الأمير عبدالرحمن بن الحكم استمر دخول النصارى إلى الاسلام، حيث تحولت مجموعة كبيرة منهم إلى الاسلام عن قناعة كاملة ومعرفة تامة (عنان،1997، ص515) ، كما كان هناك أفراد ذكروا باسمائهم دخلوا في الاسلام، مثل الكاتب قومس بن انثنيان(كحيلة، 1993، ص192) ، وصمويل أسقف البيرة الذي أسلم في أواخر عصر الامارة(كحيلة، 1993، ص193), وابن همشك (بوتشيش،2009، ص86) ، ومن بين اليهود الذين أسلموا وذكرت أسماؤهم نذكر أبو الفضل حسداي بن يوسف أحد وزراء المقتدر بن هود في بلاد سرقسطة(جباري،2009، ص129) . فضلاً عن عدد هام ممن أسلموا، حتى إن ظاهر دخول اليهود للإسلام أصبحت شائعة، وأصبح العامة من الأندلسيون يطلقون مصطلح “اسلمي” على كل من أسلم من اليهود(بوتشيش،2009، ص87) .
واستمر دخول أهل الذمة ولا سيما النصارى الاسبان واليهود في الاسلام عبر مختلف عصور الاندلس، ففي عصر الخلافة الأموية (316-399هـ) تحول العديد من غير المسلمين إلى الاسلام(محمد،1414ه، ص409) ، وفي عصر المرابطين اعتنق مسيحي اشبيلية الاسلام بكيفية جماعية، اعتبرت أهم أنموذج لاعتناق المسيحيين للاسلام(بوتشيش،2009، ص87) ، أما عصر الموحدين فنجده هو الآخر قد شهد دخول العديد من أهل الذمة في الاسلام (غيشار،1998،ج2، ص986) .
والراجح أن التسامح الديني والمعاملة الحسنة التي كان يلقاها أهل الذمة في الأندلس من طرف المسلمين، والسلوكيات الحضارية الراقية هي التي جعلت هؤلاء يعتنقون الاسلام، ويقبلون عليه عن بيّنة واقتناع، استيعاباً منهم لحقيقته، وادراكاً منهم لأبعاده ومراميه.
على عكس ما ذهب اليه بعض المؤرخين الفرنج من أنّ انتشار الاسلام في الأندلس يعود لأسباب مادية، فيذهب المؤرخ سيمونت إلى أن النبلاء اسلموا من أجل الحفاظ على املاكهم، أو هروباً من الجزية التي ترمز إلى المهانة، أما عامة الشعب من فقراء ورقيق فأسلموا من أجل تحسين أحوالهم التي كانت متردية، كما أن عدداً من النصارى أسلم لاعتقاده أن انتصار المسلمين معناه صحة عقيدتهم ووهن عقيدة من سواهم(كحيلة،1993، ص ص183-184) .
وليس هناك ما يدل على صحة هذه الأسباب التي أوردها سيمونيت، حيث لم تكن ثمة ضرورة مادية ملحة، لأن يفارق أحد من النصارى دين آبائه، لأن المسلمين أبقوهم على أحوالهم التي كانوا عليها، بل إن هذه الأحوال تحسنت إلى حد كبير، فقد سمح لهم المسلمون بأن ينظموا أنفسهم، وفق ما تقضي به شرائعهم، بل سمحوا لهم أحياناً بقدر من الاستقلال في مناطق الثغور، وأجازوا لهم تملك الأرض، وشغل عدد منهم مناصب كبيرة في الدولة، ولم يتعسفوا معهم في جباية الأموال، ولم يفرضوا عليهم قيوداً معينة في لباسهم، ولم نسمع عن كنيسة تهدمت أو حولت إلى مسجد إلا في احوال نادرة(كحيلة،1993، ص ص183-184) .
هذه المعاملة الحسن من طرف المسلمين، كانت السبب المباشر في دخول هؤلاء النصارى وغيرهم من اليهود إلى الاسلام، وقد اعترف المؤرخ توماس ارنولد بتسامح المسلمين الكبير ومعاملتهم الحسنة لأهل الذمة في الأندلس فقال: ((أما عن حمل الناس على الدخول في الاسلام، أو في اضطهادهم بأي وسيلة من وسائل الاضطهاد، فإننا لا نسمع عن ذلك شيئاً، وفي الحق أن سياسة التسامح الديني التي أظهرها هؤلاء الفاتحون نحو الديانة المسيحية، كان لها أكبر الأثر في تسهيل استيلائهم على هذه البلاد)) (ارنولد،1947، ص120). ثم يقول: ((لا يَسعُنا إلاّ الاعترافَ بأنَّ تاريخُ إسبانيا فيْ ظلِ الحُكمِ الأسلامي، يمتازُ ببِعدهِ بعداً تاماً عَنْ الأضطهادِ الدينيْ)) (ارنولد،1947، ص120) .
هذا التسامح الكبير والمعاملة الحسنة التي تخلّق بها المسلمون، والتي كانت نابعة من وسطية الاسلام واعتداله، وعدم تطرفه حيال الديانات الأخرى، أدت إلى اقبال الكثير من أهل الذمة على اعتناقه، وفي ذلك يقول ارنولد أيضاً: ((وقد بلغ من تأثير الاسلام في نفوس معظم الذين تحولوا اليه، من مسيحيي اسبانيا مبلغاً عظيماً، حتى سحرهم بهذه المدينة الباهرة))(ارنولد،1947، ص125) .
خاتمة :
بعد الانتهاء من الاعداد النظري لهذه الدراسة يمكن تسجيل أهم ما توصلنا إليه من نتائج وعلى النحو التالي:-
- لقد حاول المسلمون الفاتحون لشبه الجزيرة الايبيرية (الأندلس) تطبيق تعاليم الاسلام فيما يخص أهل الذمة بكل أمانة وصدق فقد تمكن النصارى واليهود وغيرهم من المحافظة على أملاكهم وتمتعوا بحريتهم الدينية.
- ان المجتمع الاندلسي كان مجتمعاً متسامحاً إلى درجة كبيرة عاش فيها المسلمون جنباً إلى جنب مع أهل البلاد الأصليين من (اليهود والنصارى وغيرهم) وتزاوجوا فيما بينهم وانصهروا جميعاً ليشكلوا المجتمع الأندلسي بصفاته المميزة، وقد تجلى هذا التسامح في مشاركتهم بعضهم البعض احتفالاتهم ومناسباتهم الدينية سواء أكانت هذه المناسبات خاصة بالمسلمين ام بغيرهم من العناصر السكانية المكونة للمجتمع الأندلسي.
- ساد التسامح الديني في الأندلس حيث سمح المسلمون لأهل الذمة باقامة شعائرهم الدينية واقامة كنائسهم ومعابدهم وان يسيروا أمورهم على وفق اعرافهم وقوانينهم وشاركوهم أعيادهم واحتفالاتهم حتى ان الاعمال كانت تعطل فيها حيث كانت الأندلس البلد الوحيد في أوربا تمتع فيه اليهود بحماية الدولة ورعايتها وكانوا فيها اكثر اطمئناناً وأماناً.
- حرص العرب المسلمون أن تكون علاقاتهم مع السكان الأصليين في الأندلس جيدة وقوية وذلك لأن موقف المسلمون عندما نزلوا بلاد الأندلس لم يقصدوا ان يعيشوا سادة مترفين وانما استقروا مع أهل البلاد وعاشوا في سلام دون أن يتدخلوا في حياتهم وطريقة معيشتهم أو أن يغيروا في دينهم .
- لم تكن المعاملة الحسنة التي عومل بها اليهود اثناء الفتح الاسلامي لبلاد الاندلس يعد مكافأة لهم على ما قدموه للمسلمين كما يتصور البعض، كما انها ليست دليلاً على وجود اتفاق مسبق فيها يقضي بحسن معاملتهم مقابل الخدمات التي قدموها للمسلمين لأن المسلمين قدموا المعاملة نفسها للنصارى وأحسنوا إليهم وهذا الاحسان هو الذي جذبهم إلى الاسلام وجعلهم يدخلون في دين الله أفواجاً وقد انطلق المسلمون في معاملتهم لسكان البلاد الأصليين من مبادئ الشريعة الاسلامية السمحاء .
ثبت المصادر والمراجع
- ارنولد، السير توماس(1947)، الدعوة إلى الاسلام، ترجمة: حسن ابراهيم حسن وآخرون، ط1، مكتبة النهضة، مصر .
- أشباخ، يوسف(1999)، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة .
- أبو الأصبغ ، عيسى بن سهل(1980) ، وثائق في احكام قضاء أهل الذمة في الأندلس، تحقيق: محمد عبدالوهاب خلاف، المطبعة العربية الحديثة، القاهرة .
- ابن بسام الشنتريني، أبو الحسين علي( 1979) ، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق: احسان عباس، دار الثقافة، بيروت .
- بوتشيش، إبراهيم القادري(2003)، محطات في تاريخ التسامح بين الأديان والشعوب بالأندلس، ضمن كتاب الحضارة الاسلامية في الأندلس ومظاهر التسامح، ط1، مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، المغرب .
- بوتشيش، إبراهيم القادري(1997)، مباحث في التاريخ الاجتماعي للمغرب والأندلس في عصر المرابطين، دار الطليعة، بيروت .
- بروفنسال، ليفي(د،ت)، حضارة العرب في الأندلس، ترجمة: ذوقان قرقوط، د. ط، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت .
- بلغيث،محمد الأمين بلغيث(2007) ،نظرات في تاريخ الغرب الاسلامي، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر .
- بنشريفة، محمد (1995) ،حول التسامح الديني وابن ميمون والموحدين، مطبعة المغاربية للطباعة والنشر والاشهار، مجلة دراسات أندلسية، العدد الرابع عشر، تونس .
- بول، ستانلي (2012)، قصة العرب في اسبانيا، ترجمة: علي الجارم بك، د. ط، دار كلمات عربية للترجمة والنشر، القاهرة .
- جباري، سامية (2009)، الأدب والأخلاق في الأندلس في عصر الطوائف والمرابطين، ط1، ، دار قرطبة، الجزائر .
- ابن حزم،علي بن أحمد بن حزم(1357ه)، مراتب الاجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، مكتبة القدس، القاهرة .
- الخالدي، خالد يونس عبدالعزيز (1492ه)، اليهود في الدولة العربية الاسلامية في الأندلس(92-897هـ/711-1492م)، مطبعة ومكتبة دار القلم، فلسطين .
- ابن الذيب، عيسى (2009)، المغرب والأندلس في عصر المرابطين، دراسة اجتماعية اقتصادية، رسالة دكتوراه غير منشورة، قسم التاريخ، جامعة الجزائر، الجزائر .
- ابن رشد، أبو الوليد محمد(1987) ، فتاوى ابن رشد، السفر الثالث، تحقيق: المختار بن الطاهر التليلي، ط1، دار الغرب الاسلامي، بيروت .
- رجب، عبدالمطلب مصطفى (1999)، أهل الذمة في الأندلس خلال الحكم الأموي، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة اليرموك، الأردن .
- السامرائي وآخرون، خليل ابراهيم(2000) ، تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، ط2، دار الكتاب الجديد، بيروت .
- شانيدلين، ريموند(1998)، اليهود في اسبانيا المسلمة، ضمن كتاب الحضارة العربية الاسلامية في الأندلس، ترجمة: مريم عبدالباقي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت .
- شرقي، نوارة (2008)، الحياة الاجتماعية في المغرب الاسلامي في عهد الموحدين (524-667هـ/1126-1268م)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، قسم التاريخ، جامعة الجزائر، الجزائر .
- ابن صاحب الصلاة، عبدالملك (1987) ، المن بالامامة- تاريخ بلاد المغرب في الاندلس في عهد الموحدين، تحقيق: عبدالهادي التازي، ط3، دار الغرب الاسلامي، بيروت .
- الضبي،احمد بن يحيى بن عميرة(1967)، بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الاندلس، دار الكتاب العربي، القاهرة .
- الطرطوشي، أبو بكر (1319ه) ، سراج الملوك، المطبعة الأزهرية، القاهرة .
- عيساوة، محمد(2017)، معاملة المسلمين الحسنة لأهل الذمة في الأندلس سمة بارزة من سمات التسامح والوسطية، ضمن الملتقى الدولي: الوسطية في الغرب الاسلامي وأثرها في نشر الاسلام في افريقيا وأوربا، جامعة باجي مختار، (عنابة، الجزائر .
- ابن عبدون، محمد بن أحمد(1955)، ثلاث رسائل أندلسية في آداب الحسبة والمحتسب، تحقيق: ليفي بروفنسال، المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة .
- ابن عذاري المراكشي،ابو العباس أحمد بن محمد(1982) ، البيان المغرب في اخبار الأندلس والمغرب، تحقيق:ج. س كولان وليفي بروفنسال، ط2، دار الثقافة، بيروت .
- عبدالواحد المراكشي، محي الدين بن علي( 1963)، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تحقيق: محمد سعيد العريان، المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية، القاهرة .
- عنان، محمد عبدالله (1997)، دولة الاسلام في الأندلس، القسم الأول، العصر الاول(من الفتح الى بداية عهد الناصر)، ط4، ، مكتبة الخانجي، القاهرة .
- الغنطوسي، عبدالرحمن إبراهيم حمد (2018)، التعايش السلمي والأمن المجتمعي،ط1، دار أمجد للنشر والتوزيع، عمّان- الأردن .
- غوميز، مارغرينا لوييز (1998)، المستعربون نقلة الحضارة الاسلامية في الأندلس، ضمن كتاب الحضارة العربية الاسلامية في الأندلس، ترجمة: أكرم ذا النون، ط1،، ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت .
- غيشار،بيير (1998)، التاريخ الاجتماعي لاسبانيا المسلمة من الفتح إلى نهاية حكم الموحدين، ضمن كتاب الحضارة العربية الاسلامية في الأندلس، ترجمة: مصطفى الرقي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت .
- فرحات،يوسف شكري (1993)، غرناطة في ظل بني الأحمر، ط1، دار الجيل، بيروت .
- ابن قيّم الجوزية، ابو عبدالله شمس الدين(2002)، أحكام أهل الذمة، تحقيق: طه عبدالرؤوف سعد، ط2، بيروت .
- قصي، حسين (2005)، موسوعة الحضارة العربية، ط1، د، م ، بيروت.
- ابن القوطية، ابو بكر محمد بن عمر (1868م)، تاريخ افتتاح الأندلس، ترجمة: خوليان ريبيرا، مدريد .
- كحيلة، عبادة كحيلة(1993)، تاريخ النصارى في الأندلس، ط1، د. م .
- كوتاتي ،مسعود (1991)، اليهود في المغرب الاسلامي من الفتح إلى سقوط دول الموحدين، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الجزائر، معهد التاريخ، الجزائر .
- لسان الدين بن الخطيب، محمد بن عبدالله بن سعيد السلماني(1956)، أعمال الاعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الاسلام، ق2، تحقيق: ليفي بروفنسال، ط2، دار المكشوف، بيروت .
- لوبون، غوستاف(2012)، حضارة العرب، ترجمة: عادل زعيتر، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة .
- مكي، محمود علي مكي(2003) ، التسامح الديني الأندلس أنموذجاً، ضمن كتاب الحضارة العربية الاسلامية في الأندلس ومظاهر التسامح، ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء- المغرب .
- محمد بحر، عبدالمجيد(1970) ، اليهود في الأندلس، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة .
- محمد، صالح إدريس محمد(1414ه)، تاريخ الدعوة الاسلامية في الأندلس من بداية الفتح الاسلامي حتى نهاية القرن الرابع الهجري، جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية ، المملكة العربية السعودية .
- الونشريسي، أبوا الياس أحمد بن يحيى (1983)، المعيار المعرب والجامع المعرب عن فتاوى علماء أفريقيا والأندلس والمغرب، تحقيق: محمد محي، ط1، دار الغرب الاسلامي، بيروت .
- الونشريسي، أبوا الياس أحمد بن يحيى (د،ت)، المعيار المعرب والجامع المعرب عن فتاوى علماء أفريقيا والأندلس والمغرب،.: تحقيق: مجموعة من الفقهاء، اشراف محمد حجي، دار الغرب الاسلامي، بيروت .
- الوراكلي،حسن عبد الكريم (2003)، فضاء التواصل الحضاري بين المسلمين وأهل الذمة في آثار فقهاء الأندلس، ضمن كتاب الحضارة الاسلامية في الأندلس ومظاهر التسامح، ط1، مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، المغرب
- ولفنسون،اسرائيل(1936)،موسى بن ميمون،حياته ومصنفاته، ط1،مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر،د،م.
- J. Simont, Historia de Mozarabes de Espana, (Madrid, Ediciones Turner, 1897), Tom (1) .
- – Goitein, Judeo- Arabic Letters from Spain Early Twelfth Century, Arabic Islamic, Vol. 1. Paris Prior MCML XX IV .