نوفمبر 22, 2024 11:49 م

أ.د.حسين عبدعلي عيسى

كلية القانون/ جامعة السليمانية

husseinissa@hotmail.com

. 009647702100958

الملخص

يعدّ الاستغلال الجنسي للنساء في ضوء الصكوك الدولية من أبرز أنواع الإتجار بالبشر بصفة عامة، والإتجار بالنساء بصفة خاصة، كما يشكل إحدى صور العنف الممارس ضدهن. وغالباً ما يتم ارتكابه من خلال الإكراه المادي أو المعنوي أو الخداع أو استغلال المنصب أو النفوذ أو ما شابه، وذلك لإجبار النساء الضحايا على القيام بأعمال جنسية من دون رضاهن.

وقد تصدى المشرع في العراق لصور من الاستغلال الجنسي للنساء في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969، وقانون مكافحة البغاء رقم (88) لعام 1988، وقانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012، وغيرها. كما تصدى له المشرع في إقليم كردستان – العراق في قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011.

ويسلط البحث الضوء على مفهوم الاستغلال الجنسي للنساء، ومواجهته على أساس المواثيق الدولية والإقليمية، ويكرس لدراسة التشريعات النافذة في العراق عامة، واقليم كردستان خاصة، ذات الصلة بالتصدي لعدد من صور هذه الجريمة وردعها.

وتوصل البحث إلى أن الاستغلال الجنسي للنساء يعدّ من الانتهاكات الجسيمة لحقوق النساء. كما أنه يشكل أبرز صور العنف ضدهن. وقد تصدت له المواثيق الدولية وكذلك التشريعات العقابية. الا أن التشريعات الجنائية في العراق المتعلقة بذلك تتضمن عدداً من الثغرات التشريعية. ومن ثم يوصى بإجراء التعديلات الضرورية في ضوء الملاحظات الواردة فيه.

الكلمات المفتاحية:الاستغلال الجنسي للنساء، قانون العقوبات، مكافحة البغاء، الإتجار بالبشر، العنف ضد النساء.

 

Sexualexploitation of women

A study of Iraqi legislation

Prof. Dr Hussein A.Issa

Collage of law, University of Sulaimani

husseinissa@hotmail.com

Tel.: 00964 7702100958

 

Abstract

The sexual exploitation of women in light of international instruments is one of the most prominent types of human trafficking in general, and trafficking in women in particular, and is also one of the forms of violence practised against them. It is often mmittedthroughmaterial of moral coercion, deception, abuse of position, influence, or the like, to force female victims to perform sexual acts without their consent.

The legislator in Iraq has addressed types of sexual exploitation of women in Penal Code No. 111 of 1969, Anti-Prostitution Law No. 88 of 1988, and Anti-Human TraffickingLaw No. 28 of 2012, among others. The legislator in the Kurdistan region – of Iraq also addressed it in the Anti-Domestic ViolenceLaw No. (8) of 2011.

The research sheds light on the concept of sexual exploitation of women, and confronting based on international and regional conventions, and is devoted to studying legislation in force in Iraq in general, and the Kurdistan region in particular, related to addressing inganddeterringsomeforms of this crime.

The research concluded that sexual exploitation of women is a grave violation of women’s rights. It also constitutes the most prominent form of violence ceagainstthemand has been addressed edbyinternationalcovenantsandpunitivelegislation. However, the criminal legislation in Iraq is related tothisincludessomelegislative loopholes, which require necessary amendments. It recommended making the necessary adjustments in light of the otescontainedtherein.

key-words: sexual exploitation of women, the penal code, combating prostitution, human trafficking, violence against women

 

المقدمة

أولاً: مشكلة البحث:تتعرض النساء في دول العالم كافة إلى صور شتى من العنف ، مسببة لهن أضراراً بدنية ونفسية، إضافة إلى ما تخلفه من آثار اجتماعيةمتعددة. ويتجلى أبرز صور هذا العنف في الاستغلال الجنسي، الذي تعددت أشكالهووسائله، الا أنه ينحصر من حيث الأساس في الإكراه على تعاطي البغاء، وممارسة أشكال أخرى من الممارسات ذات الطبيعة الجنسية. وغالباً ما يكون النساءفي ظل ذلك ضحايا للإكراه المادي أو المعنوي، إلىجانب استخدام الجناة لوسائل أخرى، مثل الخداع أو استغلال الثقة أو السلطة أو رباط التبعية أو حالة الاستضعاف، أو ما شابه.

وقد تصدى المجتمع الدولي لظاهرة الإتجار بالنساء بصفة عامة، واستغلالهن الجنسي بصفة خاصة، وذلك بالنظر لآثارهما الجسيمة على النساء في المقام الأول. وألزمت المادة السادسة من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 الدول الأطراف فيها بإتخاذ التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعية منها، لمكافحة جميع أشكال الإتجار بالنساء، واستغلال بغاء المرأة (الإتفاقية).وصدر بهذا الخصوص عدد من المواثيق الدولية والإقليمية، هذا إضافة إلى التشريعات الداخلية على صعيد الدول لغرض مواجهته.

كما عمل المشرع العراقي على مواجهة ظاهرة البغاء وصور الاستغلال الجنسي الأخرى للنساء، في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969، وقانون مكافحة البغاء رقم (88) لعام 1988، وقانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012، وحذا حذوه المشرع الكردستاني في قانون مناهضة العنف الأسري لإقليم كُردستان- العراق رقم (8) لعام 2011.

ولكن هل حقق المشرعان العراقي والكُردستاني بذلك غاية التصدي للاستغلال الجنسي للنساء في العراق؟ وهل تنطوي القوانين الصادرة على ثغرات تعوق تحقيقها لأهدافها؟ وهل هناك تنازع بين هذه القوانين؟ وكيف يمكن تطويرها بما يفعّل عملية التصدي للاستغلال الجنسي للنساء في المجتمع؟

ثانياً: أهمية البحث:تكتسب دراسة موضوع البحث أهمية نظرية كبيرة على صعيد الدراسات القانونية، كونها تلقي الضوء على ظاهرة إجرامية خطيرة، الا وهي الاستغلال الجنسي للنساء، كما وتوضح الموقف من الاستغلال الجنسي للأشخاص عامة، وللنساء خاصة، في المواثيق الدولية والإقليمية ذاتالصلة، وتركز على بيانجهود المشرعين العراقي والكُردستاني في التصدي لهذه الظاهرة، وذلك من خلال دراسة التشريعات ذات الصلة بمواجهة الاستغلال الجنسي للنساء على صعيدي العراق وإقليم كردستان العراق، ولا سيما قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، وقانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988، وقانون مناهضة العنف الأسري لإقليم كُردستان رقم (8) لعام 2011، وقانون مكافحةالإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012. وتبرز أهمية هذا البحث على الصعيد التطبيقي في أن الاستنتاجات والتوصيات المستخلصة منه يمكن أن تعتمد في تطوير القوانين المذكورة، وبما يسهم في تعزيز الحماية الجزائية للنساء في المجتمع العراقي من الانتهاكات المرتكبة ضدهن، وخاصة الاستغلال الجنسي.

ثالثاً: أهداف البحث:من خلال بيانمشكلة البحث وأهميتها، تنحصر الأهداف الرئيسة للبحث فيما يأتي:

  • تسليط الضوء على مفهوم الاستغلال الجنسي للنساء ومواجهته في المواثيق والوثائق الدولية.
  • دراسة أحكام قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 بخصوص التصدي للاستغلال الجنسي للمرأة.
  • تحليل قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988 بهذا الخصوص.
  • دراسة أحكام قانون مناهضة العنف الأسري لإقليم كردستان- العراق رقم (8) لعام 2011.
  • دراسة قانون مكافحةالإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012.
  • طرح التوصيات اللازمة لتطوير التشريعات العراقية والكُردستانية فيما يتعلق بتعزيز دورها في التصدي للاستغلال الجنسي للنساء.

رابعاً: مناهج البحث:تعتمد الدراسةعلى عدد من مناهج البحث، إذ تستند إلى المنهج الوصفي في تسليطها الضوء على مفهوم الاستغلال الجنسي للنساء في المواثيق الدولية والإقليمية والفقه القانوني،كما تعتمد المنهج التحليلي في دراسة أحكام القوانين العراقية ذات الصلة بموضوع البحث، مع الاستناد إلى المنهج المقارن، من خلال الإشارة إلى قواعد المواثيق الدوليةوالتشريعات المقارنة، فيما يتعلق بمواجهة جريمة الاستغلال الجنسي للأشخاص بصفة عامة، وللنساء بصفة خاصة.

خامساً: خطة البحث:يقسم البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة. يبيّن المبحث الأول مفهوم الاستغلال الجنسي ومواجهته في القانون الدولي، ويكرس المبحث الثانيلمواجهة الاستغلال الجنسي التقليدي للنساءفي التشريعات العراقية، ويخصص المبحث الثالثلمواجهة الاستغلال الجنسي المستحدث للنساء في التشريعات العراقية. وتشتمل خاتمة البحث على أبرز الاستنتاجات والتوصيات المتوصل إليها.

المبحث الأول

مفهوم الاستغلال الجنسي ومواجهته في القانون الدولي

أولاً: مفهوم الاستغلال الجنسي:يعد الاستغلال الجنسي من الصور الحديثة والمعاصرة للعبودية والاسترقاق، التي تنتهك حقوق الانسان وحرياته الأساسية، ويشكل أكثر صورها انتشاراً على المستوى العالمي، وذلك بالنظر لما يحققه من أرباح، مما أدى إلى استبدال تجارة السلاح والمخدرات بممارسة الاستغلال الجنسي، كونه أقل خطورة وعقوبة مقارنة بهما، مع وجود ضمان استمرارية الأرباح الناتجة عنه(علوان، 2015، ص 39).

وعلى الصعيد التشريعي تعاقب القوانين العقابية لعدد من الدول على جريمة الاستغلال الجنسي، ومنها:الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والدنمارك وهولندا وبولندا والسويد واليابان،وقبرص، وغيرها. كما يتضمن عدد من هذه القوانين تعريفاً للاستغلال الجنسي، ومن ذلك نصت مجموعة قوانين الولايات المتحدة الأمريكية في الفصل (18) الخاص بـ (الجرائم والإجراءات الجنائية) في الباب (110) المعنون (الاستغلال الجنسي والإساءات الأخرى إزاء الأطفال)، وفي المادة (2251) على تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال بأنه أي إعتداء جنسي يرتكب بوساطة العنف أو الإكراه أو التهديد أو الخداع(مجموعة القوانين).

كما تضمن قانون العقوبات الهولندي لعام 1881 تعريفاً للاستغلال عموماً في نص المادة (273) الخاصة بالعقاب عن جريمة الإتجاربالأشخاص بأن “الاستغلال يتضمن، بحد أدنى، الاستغلال في الدعارة، وأي شكل آخر من الاستغلال الجنسي، والإجبار على العمل القسري أو الخدمة القسرية، ولاسيما التسول أو الرق، أو بأية صورة مماثلة للرق، والخدمة،والاستغلال في الأنشطة الإجرامية”(قانون العقوبات الهولندي، 1881).

ويعاقب على الاستغلال الجنسي قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي للأطفال القبرصي رقم 3 (1) لعام 2000، وبموجبه يحظرالاستغلال الجنسي للأشخاص البالغين من أجل الحصول على الربح في حالة ارتكابهبصورة قسرية باستخدام القوة أو التهديد أو الخداعأو بوساطة استغلال السلطة أو تحت الضغط بأية صورة أخرى. كما يحظر الإتجار بالأشخاص البالغين بنية الاستغلال الجنسي في ظل توافر الظروف المذكورة سابقاً من أجل الحصول على الربح. وبموجبه يحظر أيضاً الاستغلال الجنسي للأطفال أو التعامل القاسي معهم، والإتجار بهم بنية استغلالهم جنسياً أو التعامل القاسي معهم(القانون القبرصي، 2000).

وفي نطاق القواعد المنظمة لتطبيق أحكام المادة (127-1) من قانون العقوبات الروسي لعام 1996، المتعلقة بجريمة الإتجار بالأشخاص، تنص القاعدة الثانية منها على مفهوم الاستغلال بنصها:”الاستغلال في هذه المادة العقابية هو استغلال شخص آخر خلافاً لإرادته في البغاء أو أشكال الاستغلال الجنسي الأخرى، وكذلك في عبودية العمل (الخدمة)”(قانون العقوبات الروسي، 1996).

كما تنص المادة (3) من القانون الأنموذجي بشأن مواجهة الإتجار بالأشخاص الصادر عن رابطة الدول المستقلة في 3 أبريل 2008،على أن “الاستغلال الجنسي للإنسان هو الحصول على منفعة مالية او أية منفعة أخرى بوساطة إجبار شخص آخر، بما في ذلك عن طريق استغلال حالة الاستضعاف، لممارسة خدمات ذات طبيعة جنسية أو لارتكاب أية أفعال أخرى ذات طبيعة جنسية، ومنها استخدامه في ممارسة البغاء، أو تقديم العروض ذات الطبيعة الجنسية، أو صنع المواد والأشياء الإباحية أو استخدامه أو إبقاؤه في حالة العبودية الجنسية”(القانون الأنموذجي، 2008).

وتوجد على الصعيد الفقهي كثير من التعريفات للاستغلال الجنسي، إذ يُعرف بأنه “أي استغلال لموقف ضعف، أو لفروق السلطة أوالثقة، بغية تحقيق أغراض جنسية، بما يشمل الاستفادة المالية أو الاجتماعية أو السياسية المتحصل عليهانتيجة استغلال شخص آخر”(يوسف، 2014، ص 25).كما أن هناك من يعرفه بأنه “أي استغلال فعلي أو شروع في استغلال لحالة ضعف أو تفاوت في النفوذ أو ثقة من أجل تحقيق مآرب جنسية، بما في ذلك،على سبيل المثال لا الحصر، تحقيق مكسب مالي أو اجتماعي أو سياسي من الاستغلال الجنسي لطرف آخر”(مجيد، 2017، ص 240).

ويعرفه س.ب. شاماكوف بأنه “استغلال صفات الإنسان الفردية في تلبية حاجات ما بوساطة الإكراه المفضي إلى انتهاك حقوقه”(شاماكوف، 2003).وفي رأي الباحثين أ.ك. بكرياشوف، و إ.ب. بيلازوروف أنه “ممارسة في ظلها يحصل شخص محدد على إشباع رغبته الجنسية،وعلى منفعة مالية أو تحسناً مالياً عن طريق استخدام أو استغلال بغاء شخص آخر بانتهاك حقوق الإنسان، مثل الحق في الكرامة والمساواة والاستقلالية والصحة البدنية والنفسية(بكرياشوف، بيلازوروف). ويرى م. يو. بورياكوف، ول.د. إيبوخينا بأنه “العنف الجنسي الممارس ضد كرامة الإنسان والمساواة والسلامة العقلية والبدنية، وتطبيقاته، التي في مسارها يفرض بعض الأفراد (لاسيما الرجال) سلطتهم وأفضليتهم على الأفراد الآخرين (النساء خاصة)، بهدف إشباع الرغبات الجنسية والحصول على المنفعةالمالية أو أية منافع أخرى”(بورياك، إيبوخينا، 2003، ص 201). في حين تعرفه غ.ت. بوجوليا بأنه “إساءة استعمال أو محاولة إساءة استعمال حالة استضعافالضحية، أو السلطة أو الثقة لمآرب جنسية، وكذلك الحصول على المنافع بوساطة إكراه شخص آخر على تقديم خدمات ذات طبيعة جنسية أو لارتكاب أية أفعال جنسية، وبضمنها ممارسة الدعارة”(بوجوليا، 2016، ص 166). ويعرفه م.يو. بورياك بأنه “استخدام الصفات الجنسية للإنسان، الممارس من أجل تلبية الحاجات الجنسية والسايكولوجية والحصول على المنفعة المالية أو أية منفعة أخرى”(بورياك، 2005، ص 6).

ومما تقدم يتبيّن عدم الإتفاق بين الباحثين على تعريف موحد لمفهوم الاستغلال الجنسي، وكذلك عدم الاعتماد في تعريفاتهم على عناصر أومعايير موحدة، الا أن تعريفاتهم تتمحور عموماً حول عدد من الخصائص التي تميزه عن غيره من صور الإتجار بالأشخاص، وعلى رأسها: أن الاستغلال الجنسي يعد صورة من صور الإتجار بالأشخاص الذي يتصف بطبيعة جنسية، وذلك من خلال استخدام الصفات الجنسية للضحايا، وهو يتمثل في ارتكاب أنشطة ذات طبيعة جنسية،من قبيل البغاء أو الأنشطة الإباحية المختلفة، كما أنه من صور العنف الجنسي الذي يتحقق بوساطة الإكراه المادي أو المعنوي أو باستغلال حالة استضعاف الضحايا أو استغلال السلطة أو الثقة أو التبعية، وهو يرتكب بنية تلبية مآرب جنسية أو لتحقيق منفعة مالية أو أية منافع أخرى للجاني أو لغيره.

وفي ضوء ما تقدم يمكن تعريف الاستغلال الجنسي بأنه (إتجار بالأشخاص، يتصف بطبيعة جنسية، وينطوي على استغلالهم في البغاء أو أية أنشطة أخرى ذات طبيعة جنسية، بوساطة الإكراه المادي أو المعنوي أو باستغلال حالة استضعاف الضحايا أو استغلال السلطة أو الثقة أو التبعية، وذلك بنية تلبية مآرب جنسية أو لتحقيق منفعة مالية أو أية منافع أخرى للجاني أو لغيره).

إضافة إلى هذا، يتحقق الاستغلال الجنسي إذا إنطوى السلوك الإجرامي للجاني على استخدام المجنى عليه ذكراً كان أو أنثى في إشباع الشهوات الجنسية للغير مقابل مبالغ مالية يحصل عليها، ويستوي في ذلك تخصيص جزء منه للمجنى عليه أو عدم تخصيصه، ويتصور استخدام النساء فيالبغاء، واستخدام الأطفال ذكوراً وإناثاً جنسياً في أمور جنسية(القوراري، 2009، ص212-213).

ثانياً: مواجهة الاستغلال الجنسي في القانون الدولي :تصدت منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لجريمة الاستغلال الجنسي، وتكللت جهودها بوضع منظومة من الصكوك والوثائق، التي تحظر الاستغلال الجنسي للأشخاص عموماً، وتحدد الآليات المعتمدة في التصدي له، ومن أبرزها:

(أ)إتفاقية حظر الإتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لعام 1949:على وفق المادة الأولى من هذه الإتفاقية تتفق الدول الأطراف على عقاب أي شخص يقوم، إرضاءً لأهواء شخص آخر “بقوادة شخص آخر أو غوايته أو تضليله، على قصد الدعارة، حتى برضاء هذا الشخص، أو باستغلال دعارة شخص آخر، حتى برضاء هذا الشخص”. وبموجب المادتين (2) و(4/ه) من هذه الإتفاقية تلتزم الدول الأطراف بمكافحة الدعارة من خلال العمل على تجريم الدعارة والقوادة وتمويلهما، والعقاب عن إمتلاك أو إدارة أو تأجير أو استئجار مكان لاستغلال دعارة الغير، وتمويل ذلك أو المشاركة في التمويل عن علم، مع تحميل المسؤولية الجزائية عن الأعمال التحضيرية والمساهمة الجزائية عن ذلك (الإتفاقية، 1949).

كما تتعهد الدول الأطراف بموجب الإتفاقية “بإتخاذ التدابير اللازمة لممارسة الرقابة على مكاتب الاستخدام بغية تفادي تعرض الأشخاص الباحثين عن عمل، ولا سيما النساء والأطفال، لخطر الدعارة (المادة 20). وقضت الإتفاقية بأن تتخذ الدول الأطراف، من خلال أجهزتها المختلفة، التدابير لتفادي الدعارة وإعادة تأهيل ضحاياها وضحايا الجرائم التي تناولتها الإتفاقية وإعادتهم إلى مكانهم في المجتمع (المادة 16)، وكذلك أن تتخذ التدابير الكفيلة بمكافحة الإتجار بالأشخاص بين الجنسين لأغراض الدعارة في أوساط المهاجرين (المادتان 17، 18). كما تتعهد هذه الدول بموجبالمادة (19)بالتعامل المناسب مع ضحايا الإتجار الدولي بدعارة الغير، من خلال إعالتهم بشكل مؤقت وتسهيل إعادتهم إلى أوطانهم (الإتفاقية، 1949).

ويلاحظ أن مضمون هذه الإتفاقية لا يتفق تماماً مع عنوانها، فهي تتعلق، من حيث عنوانها، بمكافحة الإتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، في حين أن مضمونها يتركز على طرح عدد من التوصيات الخاصة بمكافحة استغلال الغير في الدعارة. وعلى الرغم من أن الإتفاقية في فاتحة ديباجتها تشير إلى أن الإتجار بالأشخاص لغرض الدعارة يعد (آفة)، الا أنها لا تتضمن أي أحكام بالعقاب علىالإتجار بالنساء لغرض الدعارة، كما أن الإتفاقية جعلت الدعارة من صور الإتجار بالأشخاص من دون التأكيد على الطبيعة القسرية لذلك، مما يتعارض مع المفهوم المعاصر للإتجار بالأشخاص.

إضافة إلى هذا، لا تتضمن الإتفاقية أية تعريفات للمصطلحات الواردة فيها، ومنها: الإتجار بالأشخاص أو الدعارة، أو بيان صور الإتجارالأخرى بالأشخاص ، كما أنها تعدّ السمسرة (القوادة) صورة مستقلة عن (استغلال دعارة الغير)، وتفتقر أحكامها إلى الدقة لدى استخدام مصطلحي (الإتجار بالأشخاص) و (الدعارة) كما تقدم ذكره، مما يستبعد النظر إلى هذه الإتفاقية بوصفها إستراتيجية عمل دولية لمواجهة الاستغلال الجنسي على وجه العموم.

(ب)إعلان وبرنامج عمل ستوكهولم (27-31 أغسطس 1996): تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، شهدت العاصمة السويدية(ستوكهولم) عام 1996، انعقاد المؤتمر الأول لمناهضة الاستغلال الجنسيالتجاري للأطفال، بوصفه إحدى صور العنف ضد الأطفال. وعلى وفق الإعلان الصادر عنه يعدّ الاستغلال الجنسي للأطفال انتهاكاً جسيماً لحقوق الطفل. ويتضمن الاستغلال الجنسي بموجبه العنف الجنسي واستغلال الأشخاص البالغين جنسياً للأطفال، لقاء مقابل نقدي أو عيني. كما وصفه بأنه صورة من صور الإكراه والعنف الممارس ضد الأطفال وهو يقارن بالإكراه على العمل والعبودية المعاصرة. كما حدد الإعلان صور الاستغلال الجنسي للأطفال بأنها: الدعارة، والمواد الإباحية، والتجارة لأغراض جنسية(إعلان وبرنامج عمل ستوكهولم، 1996).

(ت)البروتوكول الاختياري لإتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية لعام 2000: على وفق المادة الأولى من البروتوكول “تحظر الدول الأطراف بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية”. وقضت المادة الثالثة في فقرتها الرابعة منه بأن تكفل تجريمهما والعقاب عنهما في قوانينها العقابية، سواءً أكانت هذه الجرائم ترتكب محلياً أو دولياً، أمأكانت على أساس فردي أو منظم، مع إتخاذ “كل دولة طرف التدابير اللازمة التي تجعل هذه الجرائم موجبة للعقوبات المناسبة والتي تضع في الاعتبار خطورة طابعها” (البروتوكول الاختياري لإتفاقية حقوق الطفل، 2000).

وقد قسم هذا البروتوكول الاستغلال الجنسي إلى صورتين، إحداهما استغلال الأطفال في البغاء، وعرفه بأنه “استخدام طفل لغرض أنشطة جنسية لقاء مكافأة أو أي شكل من أشكال العوض” (المادة الثانية فقرة ب)، وثانيتهما استغلال الأطفال في المواد الإباحية، وعرفه بأنه: “تصوير أي طفل، بأي وسيلة كانت، يمارس ممارسة حقيقية أو بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للطفل لإشباع الرغبة الجنسية أساساً” (المادة الثانية فقرة ج).

ويلاحظ أن البروتوكول، جاء مماثلاًلإتفاقية حظر الإتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لعام 1949 في عدّه الاستغلال الجنسي إحدى صور الإتجار بالأشخاص، هذا على الرغم من أن الاستغلال الجنسي يعدّ اعتداءً جسيماً يتصف باستقلاليته وذاتيته، كما يتصف بشموليته وتعدد جوانبه،ويمكن أن ينطبق على (التحريض على البغاء، تنظيم ممارسة البغاء، الحصول على الخدمات الجنسية المختلفة للأطفال، وغيرها)، ولا يتوجب من ثم ربطه بالإتجار بالأشخاصبوصفه من صوره. الا أن الإتجاربالأشخاص بالمقابل قد يستهدف تحقيق أهداف متنوعة، ومنها الاستغلال الجنسي. وإلى ذلك أشار تقرير السيدة أوفيليا كالسيتاس-سانتوس المقررة الخاصة للجنة حقوق الإنسان بخصوص (بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي انتاج المواد الإباحية) بأنه “يجب التفريق بين البيع لأغراض البغاء من جهة، وفعل البغاء بحد ذاته، أو فعل الاستجلاب أو السمسرة، من جهة ثانية”، فكلاهما لا يندرجان ضمن مفهوم البيع (الفقرة 44).

(ث)البروتوكول الإضافي لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال لعام 2000:يعدّ هذا البروتوكول الوثيقة الدولية الأولى والأبرز التي أثارت الانتباه إلى مسألة التصدي لاستغلال النساء والأطفال لأغراض جنسية (المادة 9). وقد حددت المادة الثالثة فقرة (أ)منه مفهوم الإتجار بالأشخاص بأنه:”تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء” (البروتوكول الإضافي، 2000).

ويلاحظ أن الاستغلال الجنسي في هذا التعريف يعد غرضاً للإتجار بالأشخاص، كما أنه تضمن وصف استغلال دعارة الغير بأنه من صور الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال. وعلى وفق الفقرة (ب) من المادة الثالثة من البروتوكول لا يعتد بموافقة ضحايا الإتجار بالأشخاص على الاستغلال الوارد ذكره في الفقرة (أ) من المادة نفسها، ولا يكون محل اعتبار في الحالات المتضمنة استخدام أي من الوسائل المذكورة (التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك).

كما عدّت الفقرة (ج) من المادة نفسها “تجنيد طفل أو نقله أو تنقيله أو إيواؤه أو استقباله لغرض الاستغلال (إتجاراً بالأشخاص)، حتى إذا لم ينطوِ على استعمال أي من هذه الوسائل، وذلك لعدم الاعتداد برضا (الطفل)، الذي عرفته الفقرة (د) من المادة ذاتها بأنه “أي شخص دون الثامنة عشرة من العمر”.

وعلىالرغم من إحتواء البروتوكول على مصطلحات من قبيل (البغاء)، و(استغلال دعارة الغير)، و(الاستغلال الجنسي) الا أنه لا يتضمن تعريفات لها، وربما يعود السبب في ذلك إلى الاختلاف في النظرة إليها في النظم القانونية المختلفة، فما يعدّ في دولة بغاءً قد لا يعد ّكذلك في دولة أخرى.

إن البروتوكول في نطاق تحديده لصور الاستغلال يعتمد عبارة (كحد أدنى)، ثم يشير إلى “استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء”، مما يعني أن صور الاستغلال المذكورة أُدرجت فيه على سبيل المثال لا الحصر. وفي الوقت نفسه، لا يفهم منه ما المقصود بـ “سائر أشكال الاستغلال الجنسي” إلى جانب استغلال دعارة الغير؟ إذ أنه لا يحددها، وبخلاف ذلك، يلاحظ أن عدداً منالوثائق الدولية التي لا تمت بصلة مباشرة لموضوع الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال تضمنت توضيحاً لصوره (أشكاله)، ومن ذلك على سبيل المثال: النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية، إذ نصت المادة السابعة، فقرة (1- ز) منه على أشكال الاستغلال الجنسي بأنها:”الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة”(النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية)، كما ورد النص على صور الاستغلال الجنسي للأطفال في إتفاقية حقوق الطفل لعام 1989في المادة (34) منها. وعلى الرغم من أن هذه المادة لم تنص على صور الاستغلال الجنسي للأطفال كافة، الا أنها أشارت إلى عدد منها، وهي: أي نشاط جنسي غير مشروع، والاستخدام الاستغلالي للأطفال في الدعارة أو غيرها من الممارسات الجنسية غير المشروعة، والاستخدام الاستغلالي للأطفال في العروض والمواد الداعرة(إتفاقية حقوق الطفل، 1989). وحددت لجنة حقوق الطفل في تقريرها (حق الطفل في التحرر من جميع أشكال العنف) الصادر في 18 أبريل 2011 صور الاعتداء الجنسي والاستغلال الجنسي للأطفال بأنها :”كافـة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، والإهمال أو المعاملة المنطويـة علـى إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية” (التعليق العام، لجنة حقوق الطفل، 2011).

كما حدد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 18 ديسمبر 2019 في نطاق مكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال وانتهاكهم جنسياً على الأنترنيت، صور الاستغلال الجنسي، إذ أشار إلى عدد منها على سبيل المثال: الجرائم المرتكبة بالاتصال المباشر أو غير المباشر، الجرائم المرتكبة بالأنترنيت، والإتجار بالأطفال لغرض استغلالهم جنسياً، واستمالتهم لأغراض جنسية، واستخدام المواد التي تصور الاعتداءات الجنسية في الابتزاز أو سلب المال بالتهديد وإنتاج مواد تسجل اعتداءات جنسية على الأطفال واحتيازها وتوزيعها وإتاحتها وبيعها ونسخها وحيازتها والنفاذ إليها والبث الألكتروني المباشر لمثل هذه الاعتداءات(قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ،2019، ص 2)

وعلى الرغم من أن الأمثلة المضروبة في هذه الوثائق الدولية تتعلق في الغالب بالأطفال على وجه التحديد، الا أن مصطلح الأطفال من البديهي أن ينطبق كذلك على الإناث، اللواتي لم يبلغن سن الثامنة عشرة من العمر، كما أن أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال يمكن أن تنطبق على الرجال وعلى النساء أيضاً.

(ج)إتفاقية مجلس أوربا الخاصة بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والإساءة الجنسية الصادرة في 25 أكتوبر 2007: على الرغم من أن هذه الإتفاقية تختص بالاستغلال الجنسي، كما هو وارد في عنوانها، الا أنها لا تتضمن تعريفاً له، لكنها بيّنت عدداً من صوره، وهي: الإساءة الجنسية، الصور الإباحية، ومشاركة الأطفال في العروض الإباحية، وإغواء الأطفال، والتحرش بالأطفال لأغراض جنسية (المواد 18، 20-23). كما نصت المادة (19) منها على الجرائم المرتبطة ببغاء الأطفال، وهي تتمثل في تجنيد الأطفال للبغاء أو تحريضهم على ذلك، وإكراه الأطفال على ممارسة البغاء أو للحصول على فوائد من ذلك أو أي شكل من أشكال استغلال الأطفال لتحقيق ذلك، وكذلك الحصول على خدمات بغاء الأطفال. وعلى وفق هذه المادة يعرف بغاء الأطفال بأنه استخدام الأطفال في النشاط الجنسي مقابل مكافأة أو وعد بذلك او أي مقابل آخر، سواءً أكان للطفل نفسه أم لغيره (إتفاقية مجلس أوربا، 2007).

(ح)استراتيجية الأمم المتحدة لمساعدة ودعم ضحايا الاستغلال والانتهاك الجنسيين من جانب موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، التي أقرتها جمعيتها العامة في 21 ديسمبر 2007: على وفق هذه الوثيقة يعرف الانتهاك الجنسي بأنه “التعدي البدني ذو الطابع الجنسي، بالفعل أو التهديد، سواءً باستعمال القوة أو في ظل ظروف غير متكافئة أو قسرية”. ويعرف الاستغلال الجنسي بأنه:”كـل اسـتغلال فعلـي أو محاولـة اسـتغلال لحالـة ضـعف أو لتفاوت في النفوذ أو للثقة من أجل تحقيـق مـآرب جنـسية، بمـا في ذلـك، علـى سـبيل المثـال لا الحصر، تحقيق كسب مالي أو اجتماعي أو سياسي من الاستغلال الجنسي لطرف آخر”. كما تضمنت الوثيقة تعريفاً لضحايا الاستغلال الجنسي بأنهم “الأشخاص الذين تثبت ادعاءاتهم أنهم تعرضـوا للاسـتغلال الجنـسي أو الانتـهاك الجنـسي مـن جانـب مـوظفي الأمـم المتحـدة أو الأفـراد المـرتبطين بهـا، وذلـك عـن طريــق إجــراء إداري تتخــذه الأمــم المتحــدة أو إجــراءات تتخــذها الــدول الأعــضاء، حــسب الاقتضاء” (البند 5)(استراتيجية الأمم المتحدة، 2007).

وقد استند تعريفا الانتهاك الجنسي والاستغلال الجنسي في هذه الوثيقة إلى نشرة السكرتير العام للأمم المتحدة الصادرة في 9 أكتوبر 2003 تحت عنوان (تدابير خاصة للحماية من الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي)، وقد نقلا حرفيا من الفرع الأول منها. وقد قضت هذه النشرة بحظرهما كونهما يشكلان “انتهاكاً للقواعد والمعايير القانونية الدولية المعترف بها عالمياً”، كما أنهما يمثلان “أشكالاً خطيرة من سوء السلوك”، وعلى وفقها “تحظر ممارسة أي نشاط جنسي مع الأطفال بغض النظر عن سن الرشد أو سن الرضا المقررة محلياً، ولا يعتد بالتعلل بإساءة تقدير عمر الطفل”، وبموجبها “تحظر مبادلة الجنس بالمال أو العمل أو السلع أو الخدمات، بما في ذلك طلب خدمات جنسية أو غير ذلك من أشكال السلوك المهين أو المحط للكرامة أو المنطوي على الاستغلال، ويشمل ذلك أي مبادلة بمساعدات واجبة لمستحقيها” (الفرع الثالث، 3-2)(نشرة السكرتير العام للأمم المتحدة، 2003).

ويستخلص مما تقدم أن المجتمع الدولي أولى مواجهة الاستغلال الجنسي للنساء أهمية كبيرة من خلال إصدار عدد كبير من المواثيق الدولية والإقليمية التي تضمنت التعريف به، وبصوره، وإلزام الدول الأطراف فيها بإتخاذ التدابير الملاءمة للتصدي له، بما في ذلك تجريمه والعقاب عليه في التشريعات الوطنية.

المبحث الثاني

مواجهة الاستغلال الجنسي التقليدي للنساء في التشريعات العراقية

نظراً لخطورة الإتجار بالنساء والأطفال على وجه العموم ولأضراره الاجتماعية المتعددة، ولغرض التصدي له، فقد حظر الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (37) فقرة 3 منه:”…الإتجار بالنساء والأطفال وتجارة الجنس”(دستور جمهورية العراق، 2005).وقد تصدى المشرع في العراقلجريمة الاستغلال الجنسي التقليدي للنساء في عدد من القوانين، وعلى الوجه الآتي:

أولاً: قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969:يعاقب هذه القانون على جريمة (التحريض على الفسق والفجور) في نص المادة (399) منه، التي تنص على أن “يعاقب بالحبس كل من حرض ذكراً أو أنثى لم يبلغ عمر أحدهما ثماني عشرة سنة كاملة على الفجور أو إتخاذ الفسق حرفة أو سهل سبيل ذلك.

وإذا كان الجاني ممن نُص عليه في الفقرة (2) في المادة (393) أو قصد الربح من فعله أو تقاضى أجراً عليه فيعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات أو بالحبس”(قانون العقوبات العراقي، 1969).

فاستناداً إلى الشق الأول من هذه المادة العقابية يتحقق الركن المادي للجريمة بارتكاب أحد فعلين، أولهما التحريض على الفجور أو إتخاذ الفسق حرفة، وثانيهما تسهيل سبيل ذلك.

ويعني التحريض “خلق فكرة الجريمة لدى شخص ثم تدعيمها كي تتحول إلى تصميم على ارتكاب الجريمة”، بمعنى أن نشاط المحرض ذو طببيعة نفسية، فهو يتجه إلى نفسية الإنسان كي يؤثر فيه فيدفعه إلى الجريمة(حسني، 1962، ص 501). كما يعرف التحريض بأنه “خلق فكرة الجريمة لدى شخص والإلحاح عليها كي تتحول إلى تصميم على ارتكابها، ومن ثم ارتكابها فعلاً”(ثروت، 1999، ص 322).

أما التحريض على الفسق والفجور  فيعرف بأنه التأثير في نفس من يوجه إليه وإقناعه بارتكاب أفعال الفسق والفجور، بحيث لا يجد أمامه مفراً من ذلك، فيذعن لإرادة من حرضه، ويسير في ركابه(الذهبي، 2006، ص 256، البغال، 1973، ص 302).

ويمكن أن يقع التحريض على الفسق والفجور عن طريق الأقوال، مشافهة أو باستخدام وسائل الإتصال المعاصرة، مثل الهاتف، أو عن طريق الأفعال، بعرض صور إباحية على الضحية أو اصطحابها إلى أماكن الدعارة أو ما شابه، أو عن طريق الإشارات، التي تعني دعوة الضحية لارتكاب الفسق أو الفجور(سلمان، 2018، ص 273).

والتحريض في هذه الجريمة يعد استثناءً من القاعدة العامة المرتبطة بالمساهمة الجزائية المنصوص عليها في المادة (48) فقرة (1) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، التي تنص على أن يعد شريكاً في الجريمة “من حرض على ارتكابها فوقعت بناءً على هذا التحريض”، فالتحريض على وفق المادة (399) من القانون يخالف هذه القاعدة إذ لا يشترط لتحققه وقوع الجريمة، بمعنى أنه يعدّ كافياً لتحميل المسؤولية الجزائية، فهو يشكل جريمة تامة قائمة بذاتها حال ارتكابه.

أما بالنسبة لتسهيل سبيل الفسق أو الفجور، فعلى الرغم من أن هذه الجريمة وردت تحت عنوان (التحريض على الفسق والفجور)، فأن (تسهيل) سبيل الفسق أو الفجور لا يعد تحريضاً، بل هو من قبيل المساعدة، التي يقدمها الجاني قبل الشروع بالفسق أو الفجور، إذ أن المساعدة في ارتكاب الجريمة على وفق المادة (48) فقرة (3) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 يمكن أن تتحقق بإعطاء الفاعل سلاحاً أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو تقديم المساعدة له”عمداً بأية طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها”. ومن ثم فأن المساعدة في ارتكاب الفسق والفجور في المادة (399) من القانون، مثلها مثل التحريض عليهما، إذ تعدّ جريمة قائمة بحد ذاتها، كما تعدّتامة كذلك بصرف النظر عن سلوك الضحية اللاحق، فتسهيل الجاني سبيل الفسق أو الفجور من دون أن تمارسهما، تحقق الجريمة ويتوجب أن يساءل الجاني عنه على وفق هذه المادة العقابية.

وتطبق المادة (399) من القانون في حالة كون المجنى عليه، ذكراً كان أم أنثى، لم يبلغ بعد سن الثامنة عشرة من العمر، مما يعني عدم إمكانية تطبيقها على النساء اللواتي تجاوزن هذه السن. إذ أن هذه المادة العقابية خاصة بتحريض الأطفال (وهم الأشخاص غير البالغين لسن الثامنة عشرة سنة) على الفسق أو الفجور، أو تسهيل سبيل ذلك.

إضافة إلى هذا، اشترطت المادة (399) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 أن يكون التحريض أو المساعدة من أجل تحقيق غرض يتمثل في أن يمارس الذكر أو الأنثى الفسق او الفجور على سبيل الاعتياد، وذلك بإتخاذ الفسق أو الفجور حرفة يتكسبان منهما. ومن ثم فأن التحريض أو المساعدة اللذين يستهدفان الفسق أو الفجور لمرة واحدة على سبيل المثال أو تكرار هذا، لا يمكن أن يحققا الركن المادي لهذه الجريمة، إذ أن الاعتياد يعني (الاحتراف) الذي يقصد به التكسب من الفسق أو الفجور على سبيل الانتظام، أما بصورة كاملة أو جزئية، وبما يجعل الذكر أو الأنثى يعتمدان عليهما في معيشتهما(مالكوف، تارخانوف، 1985، ص 39-46).

واستناداً إلى الصياغة التشريعية للأنموذج القانوني لهذه الجريمة فهي تعدّ من الجرائم العمدية، إذ يفترض تحقق العلم والإرادة في كل من التحريض على ارتكاب الجريمة (إتخاذ البغاء حرفة) وكذلك في المساعدة في ذلك، ، ومن ثم لا يمكن تحققهما في ظل الخطأ غير العمدي (سلمان، 2018، ص 373-375).

ويشدد القانون العقوبة على هذه الجريمة في حالة توافر صفة خاصة لدى الجاني، وذلك إذا كان “من أقارب المجنى عليه إلى الدرجة الثالثة أو كان من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه أو كان خادماً عنده أو عند أحد ممن سبق ذكرهم (المادة 393 فقرة 2- ب).

كما يشدد القانون العقاب على هذه الجريمة إذا كان الجاني (قصد الربح من فعله أو تقاضى أجراً عليه)، ففي الحالة الأولى يستهدف الجاني تحقيق غرض التربح من فعله، وفي الحالة الثانية يتوفر الباعث على ارتكاب الجريمة كونه سبق أن تلقى مقابلاً عنه. وفي هاتين الحالتين يتحقق القصد الخاص، الذي يتطلب إتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق غرض أو باعث خاص يوجه لنتيجة معينة يريد الجاني تحقيقها دون غيرها(سرور، 1996، ص 285-286). ويعد القصد الخاص في الحالتين المذكورتين ضرورياً لتكييف هذه الجريمة، وله أهميته في تشديد العقاب عنها.

ثانياً: قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988:يُعرف البغاء بأنه “استخدام الجسم إرضاءً لشهوات الغير مباشرة، مقابل أجر أو بدون مقابل”(الجابري، 2011، ص 17-18). ويعد البغاء أبرز صور الاستغلال الجنسي، ومن أكثرها انتشاراً على صعيد دول العالم، وذلك بالنظر لما يحققه من أرباح كبيرة، وهو يشمل بضحاياه الإناث والذكور على حد سواء، ويعدّ بغاء الأطفال من أبشع صور الاستغلال الجنسي للأطفال(ناشد، 2008، ص 19-20).

ويعاقب المشرع في العراق على هذه الصورة من الاستغلال الجنسي على وفق قانون مكافحة البغاء رقم (8) لعام 1988.وبموجب المادة الأولى منهيُعرف البغاء بأنه “تعاطي الزنا أو اللواطة بأجر مع أكثر من شخص واحد”. واستناداً إلى المادة الثانية منه يعدّ البغاء والسمسرة محظورين(قانون مكافحة البغاء، 1988).

وتعاقب المادة الثالثة منه بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل سمسار أو من شاركه أو عاونه في فعل السمسرة، وكذلك كل مستغل أو مدير محل عام أو أي محل آخر يُسمحْ بدخول الجمهور فيه استخدم أشخاصاً يمارسون البغاء لغرض استغلالهم في التشويق لمحله. كما عاقبت المادة نفسها من يملك أو يدير منزلاً أو غرفاً أو فندقاً سمح للغير بتعاطي البغاء فيه أو سهل أو ساعد على ذلك.ومن ثم يعاقب على وفق هذه المادة على ثلاث صور للاستغلال الجنسي للأشخاص، وهي:

  • السمسرة التي حددتها المادة الأولى من القانون بأنها ” … الوساطة بين شخصين بقصد تسهيل فعل البغاء بأية طريقة كانت، ويشمل ذلك التحريض ولو بموافقة أحد الشخصين أو طلبه، كما يشمل استغلال بغاء شخص بالرضاء أو بالإكراه”. ومن ثم فأن القانون يعاقب السمسار نفسه، وكذلك من يشاركه أو يعاونه في ذلك، وهاتان الصورتان تنطبقان على مختلف صور الاستغلال الجنسي، سواءً أكان ذلك بالتنفيذ (الوساطة بين شخصين)، أم بالاشتراك بالتحريض أو المساعدة في ذلك.
  • استخدام الأشخاص الذين يمارسون البغاء في محل عام أو مفتوح للجمهور، ويشترط للعقاب على هذه الصورة من الاستغلال الجنسي أن يكون الغرض من ذلك هوالتشويق لهذا المحل، وهذا ينطبق على سبيل المثال، على صالات لعب القمار أو الفنادق أو الحمامات البخارية أو صالونات التجميل أوالمساج أو الملاهي الليلية.
  • امتلاك أو إدارة منزل أو غرف أو فندق لممارسة البغاء، من خلال السماح للغير بتعاطي البغاء في هذه الأماكن أو تسهيل ذلك أو المساعدة في ذلك، وهذا ينطبق أيضاً على المواخير، ودور الدعارة، التي حددتها المادة الأولى من القانون بأنها “… المحل المهيأ لفعل البغاء أو تسهيله أو الدعاية له أو التحريض عليه أو ما يحقق أي فعل آخر من الافعال التي تساعد على البغاء”، وكذلك الفنادق، والغرف المعدة للإيجار، ودور الراحة والاستجمام، وما شابه.

وتنص المادة الخامسة من القانون على العقاب على البغاء، بما في ذلك الاستغلال الجنسي للنساء، ويلاحظ أن فقرتها الأولى تتعلق بالنساء اللواتي بلغن سن ثماني عشرة سنة، فعلى وفقها:”من استبقى ذكراً أو أنثى للبغاء أو اللواطة في محل ما بالخداع أو بالاكراه والقوة والتهديد وكان عمر المجني عليه أو عليها أكثر من ثماني عشرة سنة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات”، في حين تتعلق فقرتها الثانية بالنساء اللواتي دون هذه السن، إذ تعاقببالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة إذا كان عمر المجنى عليه أو عليها دون ذلك.

واستناداً إلى تحليل أحكام هذا القانون يتبيّن أنها تستهدف العقاب عن (السمسرة) بصورها المختلفة، أي الاستغلال الجنسي للذكور والإناث على حد سواء، وتتضمن عقاب من يمارس السمسرة. أما بالنسبة لتعاطي البغاء نفسه، فأن القانون يعاقب البغي بإيداعها إحدى دور الإصلاح المعدة لتوجيه وتأهيل النساء مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين (المادة 4). وفي حالة استخدام الخداع أو الإكراه أو القوة والتهديد لإبقائها في محل للبغاء، وكذلك في حالة عدم بلوغها سن الثامنة عشرة من العمر، فأن على المحكمة أن تحكم لها بتعويض عادل (المادة 5 فقرة 3)(أحمد، سعيد، 2020). ويلاحظ بهذا الصدد، أن القانون لا يتطرق إلى عقاب الذكور، مما يجعل أحكام هذا القانون في غالبها تختص بالاستغلال الجنسي للنساء.

واستناداً إلى المادة الأولى من القانون يُستخلص أن البغاء هو تعاطي الزنا أو اللواطة بأجر مع أكثر من شخص، ومثل هذا التعريف يمكن أن يثير تساؤلاً بخصوص مضمون المادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، التي تنص على أن:”كل زوج حرض زوجته على الزنا فزنت بناءً على هذا التحريض يعاقب بالحبس”، فهل يعدّ هذا التحريض من صور الاستغلال الجنسي بصورة البغاء، المعاقب عليه على وفق أحكام قانون مكافحة البغاء رقم (8) لعام 1988إن كان تحريضاً على الزنا مع أكثر من شخص ومقابل أجر؟ ولاسيما أن هذا القانون لم يحدد صفة خاصة في الجاني. هذا علماً أن الفقرة الأولى من المادة الحادية عشرة منه تشير إلى (الزوج)، فيما يتعلق بتقديم تعهد إلى القاضي المختص لإنهاء حالة الحجز الإصلاحي المتخذ إزاء البغي المحتجزة، يلتزم فيه حسن تربيتها وسيرتها وسلوكها، ويدفع المبلغ الذي تحدده المحكمة في التعهد إذا وقع الإخلال به، وذلك إلى جانب الأصول ومن له الولاية عليها أو الأقارب.

وفي نظر عدد من الباحثين إن المشرع العراقي بذلك جعل للعلاقة الزوجية أثر بيّن في تشديد العقاب عن البغاء الذي يمارسه السمسار إزاء زوجته(موسى، مجيد، 2016، ص 663).

ونرى بهذا الخصوص، إن قيام الزوج بدور السمسار إزاء زوجته، ومن ثم تعاطيها البغاء بناءً على تحريضه يعرضه للمساءلة الجزائية عن جريمتين:الجريمة الأولى هي(السمسرة)، التي تتحقق من خلال ارتكاب (التحريض)، و (الوساطة بين شخصين بقصد تسهيل فعل البغاء)، وكذلك (استغلال بغاء شخص بالرضاء)، مما يجسد من الناحية العملية صور (السمسرة) كلها المحددة في المادة الأولى من قانون مكافحة البغاء رقم (8) لعام 1988، ومن ثميجب تطبيق أحكام المادة الثالثة من القانون التي تنص على عقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات على الزوج بوصفه سمساراً. أما الجريمة الثانية، فهي (تحريض الزوج زوجته على الزنا)، وهي الجريمةالسابقة على تعاطي البغاء، وهي تعدّ جريمة مستقلة بحد ذاتها، وتتطلب رضاء الزوجة بتعاطي الزنا، وتتحقق بتوفر صفة الزوجية. أي أن يكون من يحرضها على الزنا زوجاً لها.

وتأسيساً على ذلك، يتوجب أن يساءل الزوج عن تحريض زوجته على الزنا (البغاء)، وعن ممارستها إياه بناءً على ذلك، على وفق المادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، والمادة الثالثة من قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988. أما في حالة تكييف هذه الواقعة بالاقتصار على نص المادة الأولى منهما، فهذا يعني عدم العقاب على ممارسة البغاء على وفق المادة الثانية منهما، والعكس صحيح، مما يعني إفلات الزوج من العقاب على إحدى هاتين الجريمتين.

ثالثاً: قانون مناهضة العنف الأسري لإقليم كُردستان- العراق رقم (8) لعام 2011:تنص الفقرة (أولاً/ 6) من المادة الثانية من هذا القانون على صورة خاصة من العنف الأسري، الذي يمارسه الزوج إزاء زوجته، وتشكل استغلالاً جنسياً لها،وهي تنحصر في (إكراه الزوج للزوجة على البغاء وامتهان الدعارة)(قانون مناهضة العنف الأسري، 2011).

وكما يلاحظ أن الاستغلال الجنسي للنساء على وفق هذا النص يقتصر على (الإكراه على البغاء وامتهان الدعارة). بمعنى أن الوسيلة التي يلجأ إليها الزوج في ذلك هي (الإكراه)، الذي يمكن أن يكون مادياً (باستخدام القوة الجسمانية ضدها)، أو معنوياً، بتهديدها باستخدام القوة الجسمانية ضدها أو ضد شخص ثالث، مثل الأبناء أو الوالدين أو غيرهم من المقربين إليها. كما أن مفهوم (الإكراه) جاء مجرداً، بما يسمح بالقول بتعدد صور هذا الإكراه، مما قد ينطوي أيضاً على إمكانية تهديد الزوجة بارتكاب جرائم أخرى ضد الأشخاص أو الأموال.

ورجوعاً إلى أحكام المادة الخامسة من قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988 يتبيّن أن المشرع العراقي يعاقب على إكراه أنثى على البغاء في نص الفقرة الأولى منها، الا أنه لم يقتصر على (الإكراه) وحده وسيلة لذلك، إذ أورد عدة وسائل هي (الخداع والإكراه والقوة والتهديد)، كما أنه لم يحدد صفة المجنى عليها بوصفها زوجة للجاني (السمسار)، مما يعني أن النص ينطبق عليها وعلى أي أنثى غيرها. وهذا يوصل إلى استنتاج بأن الفقرة (أولاً/6) من المادة الثانية من قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011 يمكن أن تكيّف على أساسها جريمة (إكراه الزوج زوجته على البغاء وامتهانه)،وذلك عند توافر عنصري (الإكراه)، وصفة الجاني بوصفه (زوجاً للمجنى عليها)، ذلك انطلاقاً من أن النص العقابي في هذا القانون يعدّ في هذه الحالة نصاً عقابياً خاصاً، في حين يعدّ النص العقابي في قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988 نصاً عقابياً عاماً،وفي ضوء تنازع هذين النصين تطبق قاعدة (الخاص يقيد العام)(عيسى، 1993، ص 188-195).

أما بالنسبة للحالات الأخرى المتضمنة اللجوء إلى وسائل أخرى غير الإكراه، التي نص عليها المشرع العراقي،وهي(الخداع والقوة والتهديد)، فتطبق عليها أحكام المادة الخامسة من قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988، والمادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 كما تقدم ذكره.

وفي حالة مقارنة نص الفقرة (أولاً/6) من المادة الثانية من قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011 مع نص المادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، الخاصة بتحريض الزوج زوجته على الزنا، يلاحظ أن النص الأول يتضمن تكراراً للنص الثاني، ذلك لأن التحريض علىالجريمة يمكن أن يتحقق بعدة وسائل، وهي تتمثل في (الهدية والوعيد والمخادعة والدسيسة والإرشاد واستعمال ما للمحرض من الصولة على مرتكب الجريمة)(حسني، مصدر سابق، ص 501، الخلف، الشاوي،  ص 211).

وقد سارت على هذا المنحى أيضاً القوانين العقابية المقارنة، إذ يحددقانون العقوبات الفرنسي لعام 1992 في المادة (121-7) منه وسائل التحريض بالهدية والوعود والتهديد والمطالبة وسوء استعمال السلطة أو الصلاحيات أو الاستفزاز من أجل ارتكاب الجريمة أو إعطاء التوجيهات(قانون العقوبات الفرنسي، 1992).كما ينص على ذلك أيضاً قانون العقوبات الروسي لعام1996 في المادة (33) فقرة (4) منه التيتعرف المحرض بأنه من يدفع شخصاً آخر إلى ارتكاب الجريمة عن طريق الإقناع أو الهدية أو التهديد أو بأي أسلوب آخر(قانون العقوبات الروسي، 1996).

وهذا التكرار يؤدي من الناحية التشريعية إلى العقاب على جريمة تحريض الزوج زوجته على الزنا (البغاء) بناءً على نصين، أحدهما نص المادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، وثانيهما نص المادة الثانية فقرة (أولاً/6) من قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011، مما يطرح مسألة تنازع النصوص الجنائية مجدداً على بساط البحث. وفي الأحوال كافة يتوجب في ظل الحالة المعروضة تطبيق نص قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011، لأنه يعدّ نصاً عقابياً خاصاً، منجهة، ولكونه، من جهة ثانية، نافذاً في إقليم كُردستان العراق تحديداً. ولكن في حالة لجوء الزوج إلى وسائل أخرى (أي ما عدا الإكراه)، يتوجب بطبيعة الحال تطبيق أحكام المادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969.

والملاحظ بهذا الخصوص أيضاً، إن المادة السابعة من قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011 تعاقب كل من ارتكب عنفاً أسرياً بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهذا ينطبق على إكراه الزوج زوجته على البغاء وامتهانه، الا أن هذه العقوبة تعدّ مخففة مقارنة بعقوبة تحريض الزوج زوجته على الزنا في المادة (380) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، التي تنص على عقوبة واحدة، هي الحبس، التي على مقتضى المادة (88) من القانون نفسه يمكن أن يصل حدها الأقصى إلى خمس سنوات. كما أن العقوبة في قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011 تعدّ كذلك مخففة مقارنة بالعقوبة المحددة في قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 2008، التيتحددها في المادة الخامسة منه بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات!

واستناداً إلى ما تقدم ذكره، يتبيّن أن المشرعين، العراقي والكُردستاني، وعلى حد سواء اسبغا الحماية الجزائية للنساء من الاستغلال الجنسي من خلال تجريم البغاء والعقاب عليه، وهذا مما يحسب لكل منهما، الا أن مما لا يحسب لهما هو عدم التزام الدقة التشريعية في ذلك، مما يتطلب تدخلهما لاستبعاد الثغرات المشار إليها.

 

المبحث الثالث

مواجهة الاستغلال الجنسي المستحدث للنساء في التشريعات العراقية

يعدّالإتجار بالأشخاص شكلاً جديداً من أشكال العبودية، الذي يعاقب عليه في كثير من المواثيق الدولية، ولاسيما في البروتوكول الإختياري لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وخاصةالنساء والأطفال المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحةالجريمة المنظمة غير الوطنية لعام 2000 (بروتوكول باليرمو)، فعلى وفق المادة الخامسة منه تلتزم الدول الأطراف فيه بتجريم (الإتجار بالأشخاص) في قوانينها الداخلية وتعاقب عليه. كما تعرف المادة الثالثة، فقرة (أ) منه جريمة الإتجار بالأشخاص بأنها “تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال”(البروتوكول الإختياري، 2000).

وارتباطاً بإنضمام جمهورية العراق إلى هذا البروتوكول استناداً إلى القانون رقم (20) لعام 2007 (قانون الإنضمام، 2007)، وإيفاءً بالتزاماتها النابعة منه فقد أصدرت القانون رقم (28) لعام 2012 الخاص بمكافحة الإتجار بالبشر، الذي يُعرف هذه الجريمة في المادة الأولى، فقرة (أولاً) منه بنصها :”يقصد بالإتجار بالبشر لأغراض هذا القانون تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، بوساطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية”(قانون مكافحة الإتجار بالبشر، 2012).

وعلى الرغم من أن المشرع العراقي التزم، وإلى كبير، بنص المادة الثالثة فقرة (أ) من البروتوكول الإختياري فيما يتعلق بتعريف جريمة الإتجار بالأشخاص، الا أنه أجرى عدداً من التعديلات، التي جعلت منه إلى حد ما مختلفاً عن مضمونه الأصلي. ومن ذلك، أنه أغفل ذكر استغلال حالة استضعاف المجنى عليه ضمن الوسائل التي يلجأ إليها الجاني، ونص على غايات الاستغلال على سبيل الحصر، كما لم ينص على غايتي الاستعباد والممارسات الشبيهة بالرق والاسترقاق، واستبدل مصطلح (نزع الأعضاء) بالمتاجرة بالأعضاء البشرية أو لأغراض طبية(ميدان، 2013، ص 27-28، الحماوي، عبدالرحمن، 2020، ص 51-53، نشمي، 2020، ص 569).

إضافة إلى ذلك، يلاحظ أن المشرع العراقي لم يلتزم الدقة في تحديد الأفعال المكونة للسلوك الاجرامي في الركن المادي للجريمة(هجيج، ناصر، 2014، ص 28-35، عسكر، 2018، ص 229-236)، إذ ينص البروتوكول على خمسة أفعال، هي: تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إخفاؤهم أو استقبالهم، التيتقابلها في اللغة الإنجليزية (recruitment, transportation, transfer, harbouring or receipt of person)، في حين ينص القانون العراقي على أربعة أفعال لا غير، مع استبدال إخفاء الأشخاص بإيوائهم، على الرغم من اختلافهما في المعنى، إذ يقصد بالإيواء تقديم المأوى، ويتضمن المأوى مكان لإقامة المجني عليه، أما الإخفاء فهو بمعنى إخفاؤهم عن الأجهزة الأمنية، أو إخفاؤهم أثناء استغلالهم أو ما شابه.

كما أجرى المشرع العراقي تعديلاً جوهرياً على الهدف من هذه الأفعال، فعلى وفق البروتوكول ترتكب الأفعال الإجرامية المذكورة لغرض الاستغلال. وعلى وفق المادة الثالثة منه:”يشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء”، وقد وردت فيهاعلى سبيل المثال لا الحصر. في حين ينص القانون العراقي على أهدافمحددة للإتجار بالبشر، أي على سبيل الحصر، هي: (البيع)، و (الاستغلال في أعمال الدعارة)، و (الاستغلال الجنسي)، و (الاستغلال في السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول)،و (المتاجرة بالأعضاء البشرية)، و (لأغراض التجارب الطبية). وعلى الرغم من عدم التزام المشرع العراقي بحرفية النص في البروتوكول، فأن هذا لا يشكل خروجاً عنه، ذلك لأن صور الاستغلال فيه وردت على سبيل المثال، لا الحصر، وقد أباح المشرع الدولي للمشرع الداخلي إمكانية التوسع فيها(تحليل المفاهيم الأساسية، 2009). كما ويلاحظ أن المشرع العراقي توسع في تحديد صور الاستغلال، إذ أضاف (البيع) و (التسول) و(المتاجرة بالأعضاء البشرية)، و (التجارب الطبية).

الا أن مما لا يحسب للمشرع العراقي النص في القانون على (الاستغلال في أعمال الدعارة) بشكل منفصل عن (الاستغلال الجنسي)، وذلك بخلاف النص في البروتوكول، الذي جعل الدعارة من ضمن صور الاستغلال الجنسي بنصه على :” استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي”، وهو كما ورد باللغة الإنكليزية:theexploitation of theprostitution of others or otherforms of sexualexploitation(البروتوكول باللغة الإنكليزية).

واستناداً إلى نص المادة الأولى فقرة (أولاً) من قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012 يمكن أن يتحقق الاستغلال الجنسي للنساء عن طريق ارتكاب الأفعال الإجرامية المتمثلة في (التجنيد أو النقل أو الإيواء أو الاستقبال) وذلك باستخدام وسائل محددة تتمثل في (التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو باعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر)، ويكون ذلك بهدف الاستغلال في أعمال الدعارة أو أية صورة من الاستغلال الجنسي للنساء.

ويعاقب القانون على جريمة الإتجار بالبشر بهدف الاستغلال في أعمال الدعارة أو أية صورة من الاستغلال الجنسي للنساء في المادة الخامسة (أولاً) منه بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار، وتكون العقوبة على وفق الفقرة (ثانياً) من المادة نفسها السجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة ملايين دينار في حالة ارتكاب الجريمة بـاستخدام أي شكل من أشكال الإكراه كالابتزاز أو التهديد أو حجز وثائق السفر أو المستمسكات الرسمية، أوباستخدام أساليب احتيالية لخداع الضحايا أو التغرير بهم أو إعطاء أوبتلقي مبالغ مالية أو منافع للحصول على موافقة من له السلطة أو الولاية عليهم.

وتعاقب المادة السادسة من القانون بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسة عشر مليون دينار ولا تزيد عن خمسة وعشرين مليون دينار إذا كان المجني عليه لم يتم الثامنة عشرة من عمره، أو إذا كان المجني عليه أنثى أو من ذوي الاعاقة أو إذا كانت الجريمة مرتكبة من جماعة إجرامية منظمة أو كانت ذات طابع دولي، أو إذا ارتكبت الجريمة عن طريق الاختطاف أو التعذيبأو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو فروعه أوممن له الولاية عليه أو زوجاً لهأوإذا أصيب المجني عليه بمرض لايرجى شفاؤه أوعاهة مستديمة نتيجة الإتجار به أو إذا وقع الإتجار على عدة أشخاص أو لمرات متعددة أو إذا وقع الإتجار من موظف أو مكلف بخدمة عامة أو باستغلال النفوذ او استغلال ضعف الضحايا أو حاجاتهم.

ويلاحظ إن هذه المادة العقابية تختص بالعقاب على الاستغلال الجنسي للنساء على وجه التحديد، كونها تعاقب علىالإتجار بالبشر في حالة كون المجنى عليه أنثى (الفقرة ثانياً)، ومن ثم تكون العقوبةالأساس على الاستغلال الجنسي للنساء استناداً إلى هذه المادة هي (السجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسة عشر مليون دينار ولا تزيد عن خمسة وعشرين مليون دينار).

وتعاقب المادة السابعة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد على عشرين مليون دينار أو باحداهما في حالة إنشاء أو إدارة موقع على شبكة المعلومات بقصد الإتجار بالبشر أو التعاقد على صفقة تتعلق بالإتجار بالبشر أو تسهيل ذلك باستخدام شبكة المعلومات. ومن ثم يمكن أن تطبق هذه العقوبة على الإتجار الألكتروني بالبشر،الذي يمكن أن يكون بهدف الاستغلال الجنسي للنساء أيضاً.

وتعاقب المادة الثامنة من القانون بالإعدام أن أفضى الفعل إلى موت المجنى عليه. وتطبق هذه المادة في حالة إزهاق حياة المرأة الضحية بخطأ غير عمدي، ومن ثم يستبعد تطبيقها في حالة التسبب في موتها في ظل الخطأ العمدي، ومن ثم يتوجب تطبيق أحكام قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 بخصوص جرائم القتل العمدي، وذلك إلى جانب المواد العقابية ذات الصلة في قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012.

ونظراً لأن جريمة الإتجار بالبشر بنية الاستغلال الجنسي للنساء يمكن أن يقترفها الشخص الطبيعي والشخص المعنوي على حد سواء، لذلك يعاقب القانون في نص المادة التاسعة فقرة (أولاً) الشخص المعنويأيضاً، وذلك بغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة وعشرين مليون دينار إذا ثبت اشتراكه بالجريمة أو إذا أُرتكبت الجريمة باسمه أو لحسابه أو لمنفعته ،ولا يخل هذا بالعقوبة التي تقرر بحق المدير المفوض أو المسؤول عن إدارة الشخص المعنوي إذا ثبت اشتراكه في الجريمة، كما يجوز للمحكمة، على وفق الفقرة (ثانياً) من هذه المادة، حله أو إيقاف نشاطاته بصورة نهائية أو مؤقتة أو غلق مقره.

إن إصدار المشرع العراقي لقانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012هو مما يحسب له، الا أن تطبيقه على جريمة الاستغلال الجنسي للنساء من الممكن يثير عدداً من الإشكاليات، وذلك في ظل وجود التشريعات العقابية الأخرى التي تعاقب على صور مشابهة لهذه الجريمة، ومن ذلك على سبيل المثال: جريمة التحريض على الفسق والفجور في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، وجريمة البغاء واللواطة في قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988.

وفي رأينا، إن تطبيق هذا القانون على جريمة الاستغلال الجنسي للنساء، يتطلب، في المقام الأول، مراعاة طبيعتها القانونيةبوصفها إحدى صور الإتجار بالبشر، إذ إضافة إلى تميّز هذه الجريمة بكونها من الجرائم المستمرة والمركبة والعمدية ومن جرائم الخطر،(عباس، 2017، ص 39-43)فهي تعدّكذلك من الجرائم المنظمة، والعابرة للحدود،كما تتصف بوجود قصد خاص فيها، يتمثل فيما يتعلق بالإتجار الجنسي بالنساء في استغلالهن في (أعمال الدعارة)، أو (استغلالهن جنسياً).ونظراً لأهمية هذه الجوانب على الصعيد التطبيقي سنوضحهاعلى الوجه الآتي:

أولاً: الطبيعة المنظمة لجريمة الإتجار بالبشر: تعدّهذه الجريمة بحسب الفقه الجنائي الغالب من صور الجريمة المنظمة، (حامد، 2013، ص 19، دحيه، 2018، ص 40، الشناوي، 2014، ص 22)،ومن ثم فأن شبكات الجريمة المنظمة هي التي تمارسها، لاسيما وأن ارتكاب الأفعال المكونة للسلوك الإجرامي فيما يتعلق بتجنيد الأشخاص ونقلهم واخفائهم واستقبالهم، يتطلب تضافر جهود أعداد كبيرة من الأشخاص، ويمكن أن يتعلق ذلك بمئات الأشخاص، ويكون ذلك على سبيل الديمومة والاستمرارية، وهو يجري عادة عبر الحدود الدولية، وفي أكثر من دولة، ويتطلب إمكانات لوجستية وموارد بشرية ومالية كبيرة لا يمكن أن تتوافر لدى عصابات صغيرة تمارس نشاطها في نطاق منطقة معينة، أو في دولة واحدة.

وارتباطاً بهذا، يلاحظ أن بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال لعام 2000، كما ورد في عنوانه باللغة الإنكليزية ((Supplementary Protocol،جاء (مكملاً) لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000، كما أن الهدف الأساس من إصداره هو مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية،وإلى ذلك أشارت ديباجة البروتوكول بنصها على أن الدول الأطراف فيه أصدرته وذلك “اقتناعاً منها بأن استكمال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بصك دولي لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، سيفيد في منع ومكافحة تلك الجريمة”. كما نصت المادة الأولى منه على أن “هذا البروتوكول يكمّل إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ويكون تفسيره مقترناً بالإتفاقية”. وأوضحت المادة الرابعة منه في معرض تحديدها لنطاق إنطباق البروتوكول بأنه ينطبق علىالجرائم المعاقب عليها على وفقه عندما تكون تلك الجرائم “ضالعة فيها جماعة إجرامية منظمة”(البروتوكول، 2000).

وقد حددت المادة الثانية من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000 مفهوم (الجماعة الإجرامية المنظمة) بأنها:”جماعة ذات هيكل تنظيمي، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، موجودة لمدة من الزمن وتعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقاً لهذه الإتفاقية، من أجل الحصول، بشكل مباشر أو غير مباشر، على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى”(الإتفاقية، 2000).

والملاحظ بهذا الخصوص إن المشرع العراقي أخذ بدوره بإمكانية ارتكاب جريمة الإتجار بالبشر من جانب (جماعة إجرامية منظمة) إذ ينص قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012 على أن ارتكاب الجريمة من (جماعة إجرامية منظمة) يعدّ من الظروف المشددة في جريمة الإتجار بالبشر (الفقرة ثالثاً)، وهذا مما يحسب له، الا أن مما لا يحسب له هو عدم تعريفه لها، هذا علىالرغم منأهمية ذلك كما تقدم، كما أن قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969لا يتضمن بدوره تعريفاً لها (عيسى، 2021، ص 31-50). ومن ثم فأن هذا القانون يعاقب على الإتجار بالبشر المرتكب من جانب شخص واحد أو جماعة إجرامية، منظمة أو غير منظمة، وطنية أو عبر وطنية.

ثانياً: الطبيعة العابرة للحدود للجريمة: يحدد بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال لعام 2000بنص صريح ارتباط البروتوكول بإتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنيةلعام 2000على وجه التحديد، من خلال كونه، كما سبق ذكره، (مكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000)، وفي ذلك إشارة واضحة إلى تطبيقه على الجرائم المنظمة العابرة للحدود، كما أن المادة الثالثة منه تنص على تطبيق البروتوكول على “الجرائم ذات الطابع عبر الوطني” على وجه التحديد.

وقد بيّنت المادة الثالثة من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000 مفهوم (الطابع عبر الوطني) بالنسبة لطبيعة الجريمة المنظمة، ومن ثم بالنسبةللجرائم التي تقترفها، “إذ لم تعدّ جريمة الإتجار بالبشر ترتكب داخلياً فحسب، بل يمكن أن ترتكب خارج الحدود الوطنية، كما أن اضطلاع العصابات المنظمة بمباشرتها أضفى طابعاً دولياً عليها”،(هاشم، 2015، ص 79)فعلى وفق هذه المادة، يكون للجريمة طابع عبر وطني، في حالة ارتكابها في أكثر من دولة، أو أن ترتكب في دولة، ويجري الجانب الكبير من الإعداد أو التخطيط لها أو توجيهه أو الإشراف عليها في دولة أخرى، أو ارتكاب الجريمة في دولة واحدة، ولكن ضلعت في ارتكابها جماعة إجرامية منظمة تمارس نشاطها في أكثر من دولة واحدة، أو ارتكاب الجريمة في دولة وتكون له آثار شديدة في دولة أخرى.

وعلى الرغم من أن المواثيق الدولية تنصعلى الطابع العابر للحدود لجريمة الإتجار بالأشخاص، وكذلك إتفاق الباحثين على ذلك،(هجيج، ناصر، مصدر سابق، ص 16، الأسدي، 2013، ص 97، الحماوي، عبدالرحمن، مصدر سابق، ص 56)، كماوينص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 على تطبيق مبدأ الإختصاص الشامل على جريمة الإتجار بالنساء والأطفال في المادة (12) منه، وهذا المبدأ يطبق بالنسبة للجرائم التي تشكل خطورة بالغة بالنسبة لمصالح الدول كافة مما يستدعي التعاون فيما بينها لمواجهتها، ألا أن المشرع العراقي مع ذلك يستبعدالطابع العابر للحدود لجريمة الإتجار بالبشر في تعريفه للجريمةفي قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012، وفي الوقت نفسه يشدد العقاب عن جريمة الإتجار بالبشر “إذا كانت الجريمة ذات طابع دولي” (المادة 6 فقرة ثالثاً). كما أنه لم يدرج في القانون أية قواعد قانونية بخصوص التعاون الدولي لمكافحة جرائم الإتجار بالبشر. وهذا يعني أن هذه الجريمة من منظور المشرع العراقي تعد من الجرائم التقليدية التي ترتكب من حيث الأصل على إقليم جمهورية العراق، الا أن هذا لا يمنع من أن تكون ذات طابع دولي، أي عابر للحدود، وهذا النهج أخذ به أيضاً القانون الأنموذجي لمكافحة الإتجار بالأشخاص الذي أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة(القانون الأنموذجي، المادة 4).وفي رأينا، إنه كان يتوجب، في المرتبة الأولى، تجريم الإتجار المنظم بالبشر،والعابر للحدود، مع عدم استبعاد العقاب عن الإتجار التقليدي غير العابر للحدود.

ثالثاً: القصد الخاص في جريمة الإتجار بالبشر: يلعب القصد الخاص في هذه الجريمة دوراً بارزاً في عزلها عن غيرها من الجرائم، وكذلك في تطبيق أحكام المادة الأولى من القانون على حالات الاستغلال الجنسي للنساء. ويتمثل القصد الخاص لهذه الجريمة فيما يتعلق بالإتجار الجنسي بالنساء على وفق هذه المادة في استغلالهن في (أعمال الدعارة)، أو (استغلالهن جنسياً)(البدراني، 2019، ص 245-246، الفتلاوي، 212، ص 237، إبراهيم، 2011، ص 276-287).

ولكن بالرجوع إلى أحكام قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012 يلاحظ أنه لا يتضمن تعريفاً لهذين المصطلحين، أو لصورهما، وكان من الممكن الاستناد في تعريف (الاستغلال في الدعارة)، على سبيل المثال، إلى القانون الأنموذجي لمكافحة الإتجار بالأشخاص، الذي ينص على أن:” استغلال دعارة الغير يعني الحصول على نحو غير مشروع على منفعة مالية أو أي منفعة مادية أخرى من دعارة شخص آخر”، كما أن القانون الأنموذجي يحتوي على تعريف لمصطلح (الاستغلال الجنسي) أيضاً، فهو ينص على أن “الاستغلال الجنسي يعني الحصول على منافع مادية أو أي منافع أخرى من خلال توريط شخص في الدعارة أو البغاء أو في الاستعباد الجنسي أو في تقديم أي أنواع أخرى من الخدمات الجنسية، بما في ذلك المشاهد الإباحية أو إنتاج المواد الإباحية”(القانون الأنموذجي، ص 13، 19).وقد أكد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالإتجار بالأشخاص في تقريره الموسوم بـ (تحليل المفاهيم الأساسية الواردة في بروتوكول الإتجار بالأشخاص) على أنه في حال استخدام هذه المصطلحات، أي (الدعارة) و (الاستغلال الجنسي)، في سياق القانون المحلي، فمن المستوصب إيجاد تعريف لها(تحليل المفاهيم الأساسية، ص 5).

وتأسيساً على ما تقدم، فأن تطبيق قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012 على حالات الاستغلال الجنسي للنساء يتطلب، في رأينا،مراعاة الأنموذج القانوني لهذه الجريمة المحدد في نص المادة الأولى من القانون، وكذلك الاستناد إلى المواد الأخرى من القانون بخصوص وسائل ارتكابها، أو صفة الجاني فيها، مع أهمية مراعاة الطبيعة المنظمة لجريمة الإتجار بالبشر، وأنها من الجرائم غير التقليدية، بل المستحدثة، والعابرة للحدود الوطنية، إضافة إلى التحقق من توافرالقصد الخاص في هذه الجريمة، والمتمثل بهدف الاستغلال الجنسي للنساء.

 

الخاتمة

توصلنا في هذا البحث إلى الاستنتاجات والتوصيات الآتية:

أولاً: الاستنتاجات:

  • إن الاستغلال الجنسي للنساء هو منالصور الرئيسة للعنف الممارس ضدهن، كما ويعدّ من الصور الحديثة والمعاصرة للعبودية والاسترقاق، ويشكل انتهاكاً جسيماً لحقوقهن وحرياتهن الأساسية، التي كفلتها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.
  • تصدىالمجتمع الدولي للاستغلال الجنسي للنساء في عدد من المواثيق الدولية والإقليمية، من خلال التعريف به وبصوره، وإلزام الدول الأطراف فيها بإتخاذ التدابير المناسبة، وبضمنها التشريعية، لمواجهته والعقاب عليه.
  • تعددت التعريفات المطروحة للاستغلال الجنسي، وفي ضوئها يمكن تعريفه بأنه (إتجار بالأشخاص، يتصف بطبيعة جنسية، وينطوي على استغلالهم في البغاء أو أية أنشطة أخرى ذات طبيعة جنسية، بوساطة الإكراه المادي أو المعنوي أو باستغلال حالة استضعاف الضحايا أو استغلال السلطة أو الثقة أو التبعية، وذلك بنية تلبية مآرب جنسية أو لتحقيق منفعة مالية أو أية منافع أخرى للجاني أو لغيره).
  • يعدّ البروتوكول الإضافي لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال لعام 200 الوثيقة الأولى والأبرز في نطاق المواثيق الدولية التي تصدت للاستغلال الجنسي للنساء، وفي إلزامها الدول الأطراف بتجريم صوره المختلفة والعقاب عليها.
  • تصدى المشرع في العراق لصور من الاستغلال الجنسي للنساء في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969، وقانون مكافحة البغاء رقم (88) لعام 1988، وقانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012. كما تصدى لها المشرع في إقليم كردستان – العراق في قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011.
  • تشوب أحكام التشريعات العقابية الصادرة في العراق، وفي إقليم كردستان- العراق، المتعلقة بمكافحة الاستغلال الجنسي للنساء ثغرات تشريعية، سواءً من حيث عدم دقتها، أم تنازعها، أم تكرارها، مما يستدعي تعديلها، وبما يجسد الالتزامات الدولية النابعة من المواثيق الدولية ذاتالصلة على الوجه الأمثل بهذا الخصوص.

ثانياً: التوصيات:

  • يوصى المشرع العراقي بتوحيد التجريم واالعقاب فيما يتعلق بالإتجار بالأشخاص عامة، والاستغلال الجنسي للمرأة خاصة، في نطاق قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969 على وجه التحديد، وإلغاء التشريعات العقابية الخاصة والتكميلية بهذا الخصوص.
  • يوصى المشرع العراقي بالنص في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969، بوصفه التشريع العقابي الأساس والعام في العراق، على تعريف لمفهوم الاستغلال الجنسي بصفة عامة، والاستغلال الجنسي للنساء بصفة خاصة، مع بيان أبرز صوره.
  • يوصى المشرع العراقي بإدراج نص في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969 يتضمن التعريف بالجريمة المنظمة، ذلك ارتباطاً بالطبيعة المنظمة لجريمة الاستغلال الجنسي للنساء، وبوصف هذه الجريمة من أبرز صور الجريمة المنظمة على الصعيد التطبيقي.
  • يوصى المشرع العراقي بتعديل أحكام قانون الإتجار بالبشر رقم (28) لعام 2012، ولاسيما فيما يتعلق بتعريف الإتجار بالبشر في المادة الأولى منه، وذلك بما يتوافق مع تعريفه وطبيعته القانونية في المواثيق الدولية ذات الصلة، وبما يسهم في التصدي لجريمة الاستغلال الجنسي للنساء.
  • يوصى المشرع الكُردستاني بتعديل قانون مناهضة العنف الأسري رقم (8) لعام 2011 فيما يخص الاستغلال الجنسي للنساء في المادة الثانية، فقرة (أولاً/6) منه، المتعلقة بـ (اكراه الزوج للزوجة على البغاء وامتهان الدعارة)، ومعالجة تنازعها مع أحكام التشريعات العقابية العراقية ذات الصلة.

قائمة المصادر

أولاً: الكتب:

  • أحمد فتحي سرور، الوسيط في شرح قانون العقوبات، القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996.
  • أدوار غالي الذهبي، الجرائم الجنسية، دار غريب، القاهرة، 2006.
  • أكمل يوسف السعيد يوسف، الحماية الجنائية للأطفال من الاستغلال الجنسي، دار الجامعة الجديدة، القاهرة، 2014.
  • إيمان محمد الجابري، جرائم البغاء، دار الجامعة العربية، الإسكندرية، 2011.
  • جلال ثروت، نظم القسم العام في قانون العقوبات، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1999.
  • حامد سيد محمد حامد، جريمة الإتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2013.
  • حسين عبدعلي عيسى، تكييف الجرائم في القانون الجنائي اليمني والمقارن، عدن، ب.ت. 1993.
  • سوزي عدلي ناشد،الإتجار في البشر بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2008.
  • سيد حسن البغال، الجرائم المخلة بالآداب فقهاً وقضاءً، عالم الكتب، القاهرة، 1973.
  • عبداللطيف دحيه، التعاون الدولي لمكافحة الإتجار بالأشخاص، دار المعتز للنشر والتوزيع، عمان، 2018.
  • عبدالهادي هاشم، الإتجار بالبشر، دار الفكر الجامعية، الإسكندرية، 2015.
  • علي حسين الخلف، وسلطان عبدالقادر الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، المكتبة القانونية، بغداد، ب.ت.ـاريخ النشر.
  • ماجد حاوي علوان، حظر الإتجار بالبشر في القانون الدولي، مركز الدراسات العربية، القاهرة، 2015.
  • مالكوف ف.ب.تارخانوف أ.ع. تعدد الجرائم والمسؤولية الجنائية، ترجمة حسين عبدعلي، دار الهمداني، عدن، 1985.
  • محمد الشناوي، إستراتيجية مكافحة جرائم الإتجار بالبشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2014.
  • محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1962.

ثانياً: الرسائل العلمية:

  • آري طلعت عباس، مواجهة الإجرام المنظم في نطاق الإتجار بالبشر في القانون الدولي والجنائي، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة، جامعة السليمانية، 2017.

ثالثاً: البحوث:

  • آلاء محمد صاحب عسكر، مدى استجابة قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي لمتطلبات مكافحة جريمة الإتجار بالنساء، دراسة تحليلية مقارنة، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية، جامعة القادسية، العدد (1)، 2018.
  • حسون عبيد هجيج، مازن خلف ناصر، الحماية الجنائية الموضوعية لضحايا الإتجار بالبشر، دراسة مقارنة، مجلة آداب المستنصرية، جامعة المستنصرية، العدد (67)، 2014.
  • حسين عبدعلي عيسى، مواجهة جريمة الإتجار بالبشر المرتكبة من جماعة إجرامية منظمة، مجلة ميسان للدراسات القانونية المقارنة، كلية القانون، جامعة ميسان، العدد (4)، 2021.
  • رقيب محمد جاسم الحماوي، عبدالرحمن شامل عبدالرحمن، دور الأمم المتحدة في مكافحة الإتجار بالبشر، مجلة دراسات إقليمية، جامعة الموصل، العدد (46)، 2020.
  • سحر فؤاد مجيد، التحرش الجنسي بالأطفال عبر الأنترنيت، مجلة كلية القانون، جامعة النهرين، العدد (19)، 2017.
  • سعد جبار نشمي، مدى فاعلية قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي، دراسة في ضوء الالتزامات التي أوردها بروتوكول باليرمو، وثائق المؤتمر العلمي الخامس للقضايا القانونية، جامعة تشك، المجلد الثاني.
  • سلوى أحمد ميدان المفرجي، نحو استراتيجية دولية وطنية لمكافحة الإتجار بالنساء، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، العدد (2)، 2013.
  • صلاح هادي الفتلاوي، جريمة الإتجار بالبشر، مجلة العلوم القانونية، كلية القانون، جامعة بغداد، العدد (2)، 2012.
  • طلال عبد حسين البدراني، محمد ذياب سطام الجبوري، سياسة التجريم والعقاب في أحكام قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لسنة 2012، مجلة الرافدين للحقوق، كلية الحقوق، جامعة الموصل، العدد (67)، 2019.
  • عودة يوسف سلمان، جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال في ضوء المبادئ الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الطفل، مجلة العلوم القانونية، كلية القانون، جامعة بغداد، العدد (1)، 2018.
  • فتحية محمد القوراري، المواجهة الجنائية لجرائم الإتجار بالبشر، دراسة في القانون الإماراتي المقارن، مجلة الشريعة والقانون، كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، العدد (40)، 2009.
  • منى عبدالعالي موسى، ونافع تكليف مجيد، أثر العلاقة الزوجية في تطبيق القانون الجنائي في العراق، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، العدد (2)، 2016.
  • نوال طارق إبراهيم، جريمة الإتجار بالأشخاص، مجلة العلوم القانونية، كلية القانون، جامعة بغداد، العدد (1)، 2011.
  • هاشم محمد أحمد، عباس فاضل سعيد، السياسة الجنائية في جريمة البغاء، دراسة مقارنة، مجلة الرافدين للحقوق، كلية الحقوق، جامعة الموصل، العدد (70)، 2020.
  • هناء اسماعيل إبراهيم الأسدي، التنظيم القانوني للإتجار بالبشر، مجلة رسالة الحقوق، كلية القانون، جامعة كربلاء، العدد (3)، 2013.

رابعاً: المواثيق الدولية:

  • إتفاقية حظر الإتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لعام 1949، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arab/b033.html

  • إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.hrw.org/legacy/arabic/un-files/text/cedaw.html

  • إتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arab/b026.html

  • إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arab/CorgCRIME.html

  • البروتوكول الاختياري لإتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية لعام 2000، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arab/pro-chlid2.html

  • البروتوكول الإضافي لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال لعام 2000، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arab/P1orgCRIME.html

  • البروتوكول الإضافي لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال لعام 2000، (باللغة الإنكليزية)، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/ProtocolTraffickingInPersons.aspx

  • إتفاقية مجلس أوربا الخاصة بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والإساءة الجنسية الصادرة في 25 أكتوبر 2007، متاح على الرابط الألكتروني:

https://rm.coe.int/0900001680794e97

خامساً: القوانين :

  • القوانين العراقية:
  • دستور جمهورية العراق لعام 2005، متاح على الرابط الألكتروني:

دستور جمهورية العراق

  • قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، متاح على الرابط الألكتروني:

قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969

  • قانون مكافحة البغاء العراقي رقم (8) لعام 1988، متاح على الرابط الألكتروني:

http://iraqld.hjc.iq:8080/LoadLawBook.aspx?SC=131220055958622

  • قانون مناهضة العنف الأسري لإقليم كُردستان- العراق رقم (8) لعام 2011، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.dorar-aliraq.net/threads/137902

  • قانون إنضمام جمهورية العراق إلى بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة غير الوطنية لعام 2000 رقم (20) لعام 2007، الوقائع العراقية، العدد (4099)، في 1 كانون الأول (ديسمبر) 2008.
  • قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم (28) لعام 2012، متاح على الرابط الألكتروني:

https://arb.parliament.iq/archive/2012/02/23/

  • القوانين المقارنة:
  • مجموعة قوانين الولايات المتحدة الأمريكية، الفصل (18) الخاص بـ (الجرائم والإجراءات الجنائية)، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.law.cornell.edu/uscode/text/18/2251

  • قانون العقوباتالهولندي لعام 1881، متاح على الرابط الألكتروني:

https://wetten.overheid.nl/BWBR0001854/2020-07-25/

  • قانون العقوبات الفرنسي لعام 1992،متاح على الرابط الألكتروني:

https://yurist-online.org/laws/foreign/criminalcode_fr/_doc-5-.pdf

  • قانون العقوبات الروسي لعام 1996،متاح على الرابط الألكتروني:

https://rulaws.ru/uk/

  • قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي للأطفال القبرصي رقم 3 (1) لعام 2000، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.ilo.org/dyn/natlex/natlex4.detail?p_isn=65049

  • القانون الأنموذجي بشأن مواجهة الإتجار بالأشخاص الصادر عن رابطة الدول المستقلة في 3 أبريل 2008، متاح على الرابط الألكتروني:

http://docs.cntd.ru/document/902124613

سادساً: الوثائق الدولية:

  • التقرير المؤقت للسيدة أوفيليا كالسيتاس-سانتوس المقررة الخاصة للجنة حقوق الإنسان عن (بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي إنتاج المواد الإباحية)، الوثيقة رقم ((A/50?456، في 20 سبتمبر 1995، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arabic/Children&Sale/

  • إعلان وبرنامج عمل ستوكهولم (27-31 أغسطس 1996)، متاح على الرابط الألكتروني:

ecpat.org/wp-content/uploads/legacy/stockholm_declaration_1996.pdf

  • التعليق العام رقم (13) للجنة حقوق الطفل في 18 إبريل 2011 بشأن (حق الطفل في التحرر من جميع أشكال العنف)، متاح على الرابط الألكتروني:

http://hrlibrary.umn.edu/arabic/crc.html

  • قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 2019 بشأن مكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال وانتهاكهم جنسياً على الأنترنيت، متاح على الرابط الألكتروني:

https://undocs.org/ar/A/RES/74/174

  • استراتيجية الأمم المتحدة لمساعدة ودعم ضحايا الاستغلال والانتهاك الجنسيين من جانب موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، متاح على الرابط الألكتروني:

https://undocs.org/ar/A/RES/62/214

  • نشرة السكرتير العام للأمم المتحدة (تدابير خاصة للحماية من الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي)، متاح على الرابط الألكتروني:

https://undocs.org/ar/ST/SGB/2003/13

  • القانون الأنموذجي لمكافحة الإتجار بالأشخاص، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.unodc.org/documents/human-trafficking/UNODC_Model_Law_on_Trafficking_in_Persons.pdf

  • تحليل المفاهيم الأساسية الواردة في بروتوكول الإتجار بالأشخاص، فريق الأمم المتحدة المعني بالإتجار بالأشخاص، 9 ديسمبر 2009، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.unodc.org/documents/treaties/organized_crime/CTOC_COP_WG_4_2010_2_A_corrected.pdf

 

سابعاً: نظم المحاكم الدولية:

  • النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.icrc.org/ar/doc/resources/documents/misc/6e7ec5.htm

ثامناً: باللغة الروسية:

  • بكرياشوف، و إ.ك. بيلازوروف أ.ب. اقتصاد الظل والإجرام الاقتصادي، متاح على الرابط الألكتروني:

http://sbiblio.com/archive/bekrysche_belozerov_tenevaya_economica/1.aspx

  • بوجوليا غ.ت. إشكاليات تعريف مفهوم الاستغلال الجنسي للإنسان، وأهميته القانونية الجنائية، القضايا الملحة للقانون الروسي، موسكو، 2016، العدد (4).
  • بورياك م.يو. وإيبوخينا. ل.د. الإتجار بالنساء والأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي من المنظورين الاجتماعي والجنائي، موسكو، 2003.
  • بورياك م. يو. الإتجار بالأشخاص ومكافحته، دراسة في القانون الجنائي وعلم الإجرام، أطروحة كانديدات دكتوراه، فلاديفستوك، 2005.
  • شاماكوف س.ب. الاستغلال الجنسي المنظم في منطقة أومسك، مجلة الإجرام المنظم، الإرهاب، والنساء، موسكو، 2003، العدد (3).

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *