نوفمبر 23, 2024 12:09 ص
3

أ.د. طه حميد حسن العنبكي

كلية العلوم السياسية – الجامعة المستنصرية

taha_aun2004@yahoo.com

009647711239720

م.م. علي محسن دشر الماهين          

كلية العلوم السياسية – الجامعة المستنصرية

alimuhssen74@gmail.com

009647702812347

الملخص:

نتيجة لعملية التغيير التي حدثت بعد عام (2003) وما تمخضت عنها من تجاذبات سياسية وتدهور الاوضاع الامنية والاقتصادية انعكس ذلك بشكل أو بأخر على واقع مؤسسات الدولة بشكل عام والمؤسسة التشريعية (البرلمان) بشكل خاص الذي تعد في النظم البرلمانية المؤسسة الام التي تنبثق عنها سائر المؤسسات الاخرى.

وتضطلع هذه المؤسسة بمهام متعددة تقف في مقدمتها مهمة تشريع القوانين، وبمقتضى الدستور العراقي الصادر عام (2005) النافذ المؤسسة التشريعية تتكون من مجلسين هما (مجلس النواب ومجلس الاتحاد) وبما الثاني لم يتم تشكيله لغاية الان بسبب التجاذبات السياسية والصعوبات التي تعتريه من الناحية النظرية والواقعية سوف يقتصر البحث على مجلس النواب كونه هو الذي يضلع بمهمة التشريع.

ولكن ما يميز العملية التشريعية في النظم البرلمانية الاتحادية (الفيدرالية) بمراحلها المتعددة انها ليست حكراﹰ على المؤسسة التشريعية (مجلس النواب) بل تشترك معها المؤسسة التنفيذية بل تعتبر الاخيرة ذات الدور الرئيس والفعال في عملية التشريع، ولا شك ان تلك العملية تواجه إشكالات عدة، سواء كانت دستورية، أم سياسية، أم ثقافية، أم إجتماعية، تؤثر حتماﹰ في طبيعة وهيكلية وصياغة العمل التشريعي في إطاره العام ، ولا سيما إذا كان النظام السياسي قد اعتمد مسبقًا على مبدأ التوافق السياسي في عملية سن التشريعات وهذا ما يحصل في العراق التي اضحت فيه تلك العملية عرضة للمساومات بين اعضاء المؤسسة التشريعية (البرلمان) وأعضاء المؤسسة التنفيذية من جهة ، والاحزاب والكتل التي يمثلونها من جهة اخرى .

ولكن من الناحية العملية لم يكن الأداء التشريعي لمجلس النواب منذ عام 2006 – موعد تاريخ انعقاد أول مجلس تشريعي منتخب بعد دخول الدستور الدائم حيز النفاذ – ولغاية عام 2023- لم يرتقِ إلى أدنى مستويات الطموح في تشريع القوانين التي تخدم المواطنين، ويعود ذلك إلى سياسة المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية التي فرضها الواقع السياسي بعد التغيير ، وقد انعكس ذلك بصورة مباشرة على طبيعة تكوين مؤسسات الدولة على وجه العموم ، فضلاً عن عدم الانسجام بين القوى والأحزاب التي اشتركت في تشكيله يؤدي الى عدم الالتزام بالتوقيتات الدستورية وتأخير انعقاد المجلس وعدم الاتفاق على انتخاب الرئاسات فضلًا عن ذلك ترحيل القوانين المهمة والضرورية للوطن والمواطن في كل دورة، وذلك لأن كل طرف يسعى لتحقيق مصالحه على حساب المصلحة الوطنية، ومما عقد الأمور غياب التنسيق والتكامل بينها وبين مؤسسات الدولة الأخرى – مجلس النواب على وجه الخصوص.

وبغية تشخيص تلك الإشكالية – تدني الأداء التشريعي لمجلس النواب خلال الدورات النيابية المذكورة – لابد من تقسيم هذا البحث – فضلاً عن المقدمة والخاتمة – على المباحث الآتية :

المبحث الأول: الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي للمدة (2006 -2014)

المبحث الثاني: الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي للمدة (2014 -2023)

المبحث الثالث: سبل تقويم الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي

 

الكلمات المفتاحية: مجلس النواب، الأداء، التشريع، الدستور، العملية السياسية، التقويم

The decline in the legislative performance of the Iraqi Council of Representatives and ways to evaluate it during

the period (2006-2023)

Prof.Taha Hamid Al-Anbaki

assistant teacher :ali mohsin Desher Al-Mahin

College of Political Science / Al-Mustansiriya University

Abstract

As a result of the process of change that took place after the year (2003) the resulting political tensions and the deterioration of the security and economic conditions, this were reflected in one way or another in the reality of state institutions in general and the legislative institution (Parliament) in particular, which in parliamentary systems is considered the mother institution from which all other institutions emanate the other.

This institution carries out multiple tasks, foremost of which is the task of legislating laws, according to the Iraqi constitution promulgated in (2005) in force, the legislative institution consists of two chambers (the House of Representatives and the Council of the Union), and since the second has not been formed yet due to political tensions and difficulties that it faces in theory and reality. The search will be limited to the House of Representatives, as it is the one responsible for legislating. However, what distinguishes the legislative process in the federal (federal) parliamentary system with its multiple stages is that it is not monopolized by the legislative institution (the House of Representatives), but rather the executive institution participates in it. Rather, it is considered the latter with the main and effective role in the legislative process.

 There is no doubt that this process faces several problems, Whether it is constitutional, political, cultural, or social, it inevitably affects the nature, structure, and formulation of legislative work in its general framework, especially if the political system had previously relied on the principle of political consensus in the process of enacting legislation, and this is what is happening in Iraq, in which it has become The process is subject to bargaining between members of the legislative institution (Parliament) and members of the executive institution on the one hand, and the parties and blocs they represent on the other hand.

 However, in practice, the legislative performance of the House of Representatives since 2006 – the date of the first elected legislative council after the entry into force of the permanent constitution – until 2023 – has not risen to the lowest levels of ambition in enacting laws that serve citizens, and this is due to the quota policy.

 sectarian, ethnic and partisan imposed by the political reality after the change, and this was directly reflected like the formation of state institutions in general, in addition to the lack of harmony between the forces and parties that participated in its formation leads to non-compliance with the constitutional timings and the delay in convening the council and the lack of agreement on the election of the presidencies as well As a result, the important and necessary laws for the homeland and the citizen should be deported in each session, because each party seeks to achieve its interests at the expense of the national interest, and what complicated matters is the lack of coordination and integration between it and other state institutions – the parliament in particular.

To diagnose this problem – the poor legislative performance of the House of Representatives during the aforementioned parliamentary sessions – this research must be divided – in addition to the introduction and conclusion – into the following investigations:

The first topic: the legislative performance of the Iraqi Council of Representatives for the period (2006-2014)

The second topic: the legislative performance of the Iraqi Council of Representatives for the period (2014-2023)

The third topic: ways to evaluate the legislative performance of the Iraqi Council of Representatives

keywords : (House of Representatives, performance, legislation, constitution, political process, and evaluation)

 

المقدمــــــة

فرض عملية التغيير السياسي بعد عام (2003) واقعًا سياسيًا جديد الذي تمخضت عنه المحاصصة السياسية المشرعنة وفقًا للدستور العراقي والتي أفرزتها الديمقراطية التوافقية إذ تقوم الأخيرة علىتقسيم مؤسسات الدولة بين القوى الأحزاب السياسية (السنية، الشيعية، الكردية( ونتيجة لصراع الهوية بين هذه المكونات اخذ كل واحد منهم يبحث عن مصالحة الضيقة بل تعدى الامر اكثر من ذلك اضحى كل حزب يبحث عن مصالحه الخاص داخل المكون نفسه.

الامر الذي أدى الى تشظي عمل مؤسسات الدولة وفقدانها البوصلة الصحيحة لخدمة المجتمع والدولة، لان الأخيرة تم تأسيسها وفق أسس معينة قائمة على تقاسم المغانم في كافة مفاصلها وصولًا  الى بقية مؤسسات الدولة على وجه العموم ومجلس النواب على وجه الخصوص وحتى لم يشرعن لهاالدستور، شرعت لها الممارسة السياسية ابتداء من الدورة النيابية الأولى عام (2006-2010) الى الدورة النيابية (2018-2023)، والتي اثرت بشكل مباشر على أداء مجلس النواب بصورة عامة واداءه التشريعي بصورة خاصة إذ اضح الأخير تتحكم به الانتماءات المتعددة الحزبية والطائفية والعرقية وحتى الشخصية والمصالح الخاصة للأحزاب السياسية دون مراعاة المصلحة العامة لان الأحزاب والجماعات السياسية المكونة لمجلس النواب هي احزاب تعتمد على الجماعة أو الطائفة أو العرق أو المذهب بالدرجة الأساس ولا تعتمد برنامج وطني شامل الذي يخدم المصلحة العامة، وكل ما تقدم اثر بشكل مباشر على الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي وجعله لا يرتقي الى ادنى مستويات الطموح، لذا سنتطرق إلى أداء مجلس النواب التشريعي – كونه مازال هو المجلس التشريعي الوحيد في البرلمان (المؤسسة التشريعية) – خلال الدورات النيابية الاربعة الواقعة ضمن نطاق البحث، ونحاول وضع بعض الحلول التي من شأنها ان تساهم في معالجة هذا الخلل الذي شوه الدور التشريعي لمجلس النواب، وذلك من خلال ثلاثة مطالب فضلًا عن المقدمة والخاتمة، وكما يأتي:

المطلب الأول: الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي للمدة (2006 -2014)

المطلب الثاني: الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي للمدة (2014 -2021)

المطلب الثالث: سبل تقويم الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي.

الكلمات المفتاحية تتمثل بـ(مجلس النواب، الأداء، التشريع، الدستور، العملية السياسية، التقويم)

المبحث الاول: الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي للمدة (2006 -2014)

مما لا شك فيه إن أداء أية مؤسسة يرتكز بالدرجة الأساس على إطارها البنيوي، لذا لابد من التعرف على تشكيلة مجلس النواب وبشكل مختصر في تلك المرحلة.

المطلب الأول: أداء مجلس النواب العراقي للدورة النيابية (2006-2010)

اولًا: تشكيلة مجلس النواب العراقي على وفق انتخابات عام (2005):

إثر إجراء أول انتخابات نيابية -بموجب الدستور الدائم الصادر عام 2005 – يوم (15/12/2005)، انبثقت أول مؤسسة، وتلك هي المؤسسة التشريعية(البرلمان – مجلس النواب)، وهي بذلك تعد المؤسسة الأم – على وفق تقاليد النظم البرلمانية السائدة في العالم المعاصر- كما أنها تعد بمثابة تجسيد لإرادة الشعب العراقي، وقد مثل ذلك نقطة تحول تاريخية للعراق وللعراقيين (تغريد حنون، 2008، ص210) (تغريد حنون، 2010، ص291).

وقد تم انتخاب اعضاء مجلس النواب بالاقتراع السري المباشر من قبل الشعب بموجب قانون رقم (16) لعام (2005)، اذ نص هذا القانون على ان مجلس النواب يتألف من (275) مقعداً منها (230) مقعداً توزع على الدوائر الانتخابية، و(45) مقعداً توزع كمقاعد تعويضية (قانون الانتخابات رقم (16) لعام (2005))، وشارك في انتخابات هذه الدورة النيابية ما يقارب (19) ائتلافاً سياسياً و (307) كياناً سياسياً تضم ما مجموعه (7655) مرشحاً (تقييمالبعثة الدولية للانتخابات العراقية، بلا، ص10-18)، لكن لم يفز من هذه الائتلافات الا (12) ائتلافاً سياسياً وبعد ذلك تكونت خارطة الكتل النيابية داخل مجلس النواب من (16) كتلة نيابية (دفار:عادل حسن ، بلا، ص2).

وكانت تلك الانتخابات بمثابة نقطة تحول تاريخية في العراق، إذ تعد أول انتخابات نيابية جسدت احدى اهم صور الديمقراطية المعاصرة، ولكن في الوقت ذاته واجهت تلك العملية تحديات جمة منها، التحديات الأمنية، وتدني مستوى الوعي الثقافي لدى الناخب العراقي، وكذلك غياب التعداد السكاني الذي يضمن توزيع عادلاً للمقاعد النيابية، فضلاً عن الشكاوى والاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية حول نزاهة وعدم نزاهة تلك العملية، وكل ذلك انعكس سلباً على الإطار البنيوي للمؤسسة التشريعية (مجلس النواب)، الامر الذي أدى الى تلكؤ أدائه التشريعي وتخبطه.

كما إن عدم حصول أي من الائتلافات أو الكيانات السياسية على الأغلبية المطلقة (50%+1) في مجلس النواب والتي تمكنها من تشكيل الحكومة، دفع الكتل الى التحالف فيما بينها وتشكيل حكومة ائتلافية شملت كل تلك الكتل، الامر الذي أدى الى غياب المعارضة واعتماد نظام التوافقية (م.م. صديق: فلاح مصطفى؛ اسماعيل: كاروان اورحمان، 2017، ص117).

واعتمد هذا القانون طريقة القائمة المغلقة، على ان توزع المقاعد المخصصة لكل قائمة على المرشحين بالاستناد على ترتيب الأسماء الوارد فيها (المادة (9) و(12) من قانون الانتخابات رقم (16) لعام (2005))، الامر الذي ساهم في صعود الكثير من النواب الذي لا يملكون المؤهلات والخبرة اللازمة للاضطلاع بمهمة العمل النيابي والكيفية التي يتم فيها سن القوانين التي تخدم المصلحة العامة.

ووفقًا لذلك ان النائب الذي يحصل على مقعد نيابي سيكون مدين للحزب أو القائمة التي أوصلته الى هذا المكان، ومن ثم يكون ولائه للحزب أو القائمة على حساب ولائه للدائرة الانتخابية التي انتخبته (العاني: حسان شفيق، 2005، ص36)، مما ساعد ذلك على اللجوء الى التخندق الطائفي والمناطقي والحزبي في اختيار المرشحين وليس على اساس الكفاءة والولاء للوطن والعمل من اجل المصلحة العامة.

وبناءً على الأخير تم انتخاب رئاسة المجلس على أساس طائفي أو قومي أو حزبي، إذ انتخب (محمود المشهداني) رئيساً للمجلس عن جبهة التوافق العراقية الممثلة لأهل السنة، وانتخب (خالد العطية) نائباً اول له عن الائتلاف العراقي الموحد الذي يمثل الشيعة، وتم انتخاب (عارف الطيفور) نائباً ثاني لرئيس المجلس عن التحاف الكوردستاني الذي يمثل الاكراد (الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي16/3-22/4/2006)، وكذلك الحال بالنسبة للجان المجلس الذي تم توزيعها على هذا الاساس، فرئيس اللجنة من كتلة معينة ونائبه من كتلة أخرى (علي: امنة محمد، 2015، ص108).

وهذا بطبيعة الحال خلق حالة عدم انسجام داخل مجلس النواب والحكومة على حد سواء، مما أدى الى ضياع المسؤولية وضعف التنسيق، وغياب التكامل الذي تستدعيه عملية تشريع القوانين التي تقتضيها المصلحة العامة وينشدها المواطنين، فضلًا عن ذلك فقدان اللجان البرلمانية فاعليتها أدى الى عرقلة عمل التشريعي لمجلس النواب لأنها تمثل العصب الحيوي له وهذه العلة الاساسية التي تقف وراء تدني أداء المجلس لأنها أصبحت مجرد مناصب تعطى لأرضى الكتل السياسية.

ثانيًا: الأداء التشريعي:فقد نص الدستور العراقي الصادر عام (2005) على وجود نافذتين لإصدار القوانين واحدة منها مجلس النواب والمتمثلة بعشرة نواب أو إحدى لجانه وذلك من خلال تقديم مقترحات القوانين، وهذا ما نصت عليه فقرة اولاً من المادة (62) على ان ترسل تلك المقترحات الى الحكومة ومجلس الوزراء لصياغتها كمشروعات قوانين(*)، فضلاً عن مناقشة مشروعات القوانين التي تقترحها أو تقدمها المؤسسة التنفيذية بفرعيها (رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء)، وبعد ذلك تعرض تلك المشروعات على مجلس النواب لمناقشتها ومن ثم التصويت عليها(العنبكي: طه حميد، 2016، ص61)، ومن ثم تأخذ طريقها اذا ما تمت الموافقة عليها داخل مجلس النواب الى التصديق والنشر، لذا فأن مجلس النواب هو المؤسسة المسؤولة عن وضع القوانين والقواعد العامة الملزمة لجميع الافراد، وبذلك تُعد من اهم مؤسسات النظام السياسي بفعل الاختصاصات الممنوحة له.

وفيما يتعلق بالتصويت داخل مجلس النواب، فبفعل الطريقة والالية التي حاز فيها أعضاء مجلس النواب على مقاعدهم – كما أسلفنا القول – فأن تلك العملية كانت تجري على الاعم الاغلب على أساس الولاءات لكتل كرست ثقافة الخضوع، إذ إن أعضاء مجلس النواب لا يصوتون على أساس قناعاتهم وبمحض ارادتهم وعلى أساس تحقيق مصلحة المواطن والوطن، بل انهم يصوتون بناءً على ما تمليه عليهم الكتلة التي ينتمون إليها، بل على وفق رغبة وإرادة رئيس الكتلة أو الحزب الذي ينتمون اليه (البكري: ياسين سعد محمد، 2009، ص71).

ولابد من الإشارة ان من اهم الحالات التي اثرت على أداء مجلس النواب التشريعي هي استمرار حالات غياب للكثير من أعضاء مجلس النواب، ولم يتخذ المجلس أي اجراء بحقهم بالرغم من تأكيد النظام الداخلي له على ضرورة محاسبتهم، وهذا التغافل أدى ببعضهم الى عدم الحضور الا في جلسة ترديد القسم(السويراوي: عبد الله، نظرة مستقبلية للبرلمان الجديد 11/5/ 2010) (عصام حاكم، ظواهر غير قانونية في أداء مجلس النواب العراقي، 28/نيسان/2016)

فضلاً عن عدم تحقيق النصاب في مناسبات عديدة نتيجة انسحاب أو التهديد بالانسحاب من قبل بعض الكتل السياسية داخل مجلس النواب أثر بشكل كبير على عدم إقرار القوانين المهمة التي تنفع الوطن والمواطن، ففي عام (2007)، علقت جبهة التوافق عضويتها وفي العام نفسه هددت أيضاً بسحب وزرائها من الحكومة إذا لم تنفيذ المطالب المتفق عليها بين الكتل السياسية، وكانت قبل ذلك قاطعت جلسات اجتماعات مجلس النواب إثر الازمة التي اثيرت حول رئاسة (محمود المشهداني) لمجلس النواب، ورفض كتلة الائتلاف العراقي الموحد لرئاسته (جاسم: عماد مؤيد، 2014، ص105).

ويمكن رصد مجمل الأداء التشريعي لمجلس النواب خلال هذه الدورة من خلال الدخول في تفاصيل تلك الدورة من حيث عدد الجلسات كون عدم الالتزام بانعقاد الجلسة وتوقيتاتها تؤثر بشكل كبير على عمل المجلس واعداد القوانين التي تدخل اليه، فقد عقد مجلس النواب خلال الدورة النيابية الأولى (306) جلسة على مدى الفصول التشريعية الثمان، ولا بد من الإشارة ان هذه الجلسات الاعتيادية تخللتها (6) ستة جلسات استثنائية، و (34) أربعة وثلاثون جلسة مفتوحة، و (9) تسعة جلسات تداولية (منشورات مجلس النواب العراقي، انجازات (2008)).

وتأسيسًا على ذلك يمكن رصد والقوانين التي تم التصويت عليها، والقوانين التي تمت قراءتها قراءة أولى والقوانين التي تمت قراءتها قراءة ثانية ولم يصوت عليها، أما بالنسبة القوانين التي دخلت مجلس النواب فقد بلغ عددها (421)، والقوانين التي تمت قراءتها قراءة أولى فقد بلغ عددها ما يقارب (76)، في حين بلغ عدد القوانين التي تم قراءتها قراءة ثانية ولم يصوت عليها (33)، وبلغ عدد القوانين التي لم يتم قراءتها ابداً بالرغم من احلتها الى اللجان المختصة داخل مجلس النواب (86)، وهنالك (17) قانوناً تم اعادته الى الحكومة وإيقاف عمل سير التشريع بشأنها، اما القوانين التي تم التصويت عليها (219)، (الدائرة البرلمانية: حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب العراقي، (2006-2010)).

واضف الى ذلك ان اغلب القوانين التي تم اقراراها من قبل مجلس النواب لم تكن تصب في خدمة المواطن أو يركز على بناء مؤسسات الدولة وما يتصل بها، بالرغم من ان المشرع الدستوري العراقي قد ترك ما يقارب (67) مادة او فقرة من أصل (144) مادة توزعت على موضوعات عدة منها سياسية ومنها اقتصادية ومنها موضوعات تمس الحريات وتنظيمها، وموضوعات أخرى جميعها تصب في التكامل المؤسساتي وبناءها، الا ان في هذه الدورة لم يفلح مجلس النواب الا في اصدار (15) قانون من أصل (67) أي ما يقارب (21%) من القوانين المطلوب تشريعها، وبالرغم من ذلك ان هذه التشريعات انصبت في الأمور التي لا تحاكي التكامل المؤسسي للدولة، بل ركزت على القوانين التي تضمن الامتيازات لشرائح متضررة من النظام السابق أو تلك التي تحاكي المرحلة الانتقالية كقانون المسائلة والعدالة وقانون هيئة النزاعات الملكية (مجلس النواب العراقي، القوانين المطلوب تشريعها دستورياً، ص1) ، وهذا كما هو موضح في الجدول رقم (1) في ادناه، وكما يأتي

جدول (1) يوضح نوعية القوانين التي اقرها مجلس النواب

ت نوعية القوانين العدد
1         قوانين تتعلق بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل 35
2         قوانين معدلة 64
3         تصديق وانضمام العراق الى اتفاقيات 47
4         قوانين تتعلق بالجانب الأمني 6
5         قوانين تتعلق بالمواد الدستورية والانتخابية وتشكيل وزارات وهيئات (قوانين تنظيمية) 67
6         المجموع 219

الجدول من اعداد الباحثانان بالاعتماد على: دفار: عادل حسن، بلا، ص10-11

المطلب الثاني: تشكيل وأداء البرلمان العراقي للدورة النيابية (2010-2014)

اولًا: تشكيلة البرلمان (مجلس النواب العراقي) على وفق انتخابات عام (2009):

بما ان النظام الانتخابي يؤدي دوراً مهماً في التأثير على الأطر البنيوية والوظيفية للمؤسسات الدستورية والسياسية عندما شارفت الدورة النيابية الأولى على الانتهاء سعت الكتل الكبيرة الى تغيير قانون الانتخاب ، وبعد مخاض عسير وبسبب عدم امكانيتها في اصدار قانون جديد اكتفت بتعديل القانون السابق على اثر اصدار قانون رقم (26) لعام (2009) وهو بمثابة تعديل لقانون انتخابات رقم (16) لعام (2005) (احمد: لقمان عثمان؛ عباس: الفاروق عبد الرحمن، 2014، ص349)، اذ ركز هذا القانون على تبني القائمة المفتوحة وزيادة عدد مقاعد مجلس النواب الى (325) عضواً بعد ان كانت (275) عضواً في الدورة السابقة وهذه الزيادة جاءت بعد إضافة نسبة النمو السكاني البالغة (2,8%) لكل محافظة سنوياً (الفقرة اولاً من المادة (1) من قانون تعديل قانون انتخابات رقم (16) لعام (2005))، وكما قلل هذا القانون عدد المقاعد التعويضية من (45) مقعد الى (15) مقعد اذ توزع (8) من هذه المقاعد على المكونات (الاقليات)، و(7) منها توزع كمقاعد تعويضية وطنية على الكيانات الفائزة بنسبة ما حصلوا عليه من مقاعد، اذ توزع المقاعد التعويضية الوطنية بقسمة عدد المقاعد للكيان على المستوى الوطني على عدد المقاعد العامة البالغة (310) مقعد مضروبا في (7) (المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، 2010م، ص3)،

وتنافس في ظل هذه الانتخابات (6281) مرشحاً بينهم ما يقارب (1813) امرأة، توزعوا على (161) كياناً سياسياً، موزعين على (12) ائتلافاً سياسياً(المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الكيانات المشاركة في الانتخابات التشريعية (2010))، وانخفض عدد الكيانات السياسية بشكل ملحوظ بالمقارنة بالانتخابات السابقة، فضلاًعن انخفاض عدد المرشحين وعدد الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، وفازت في هذه الانتخابات (9) تسعة ائتلافات بهذه الانتخابات، وبعد ذلك تكونت خارطة الكتل النيابية داخل مجلس النواب من (11) كتلة (الدفار: عادل حسن، بلا، ص2).

وبفعل اعتماد هذا القانون الباقي الأقوى في احتساب الأصوات في هذه الانتخابات أدى الى اهدار الأصوات التي حصلت عليها القوائم الصغيرة ومن ثم عدم فوزها بأي مقعد داخل المجلس، بالرغم من إنها حصدت أصوات كثيرة على مستوى العراق، الامر الذي ساعد الكتل الكبيرة في الحصول على كل المقاعد التعويضية الوطنية، إذ اخذت هذه القوائم تمنحها لمن تشاء دون وجه حق، وهذه واحدة من المأخذ التي سجلت على قانون الانتخابات، وكما حصلت انقسامات في صفوف الكتل السياسية، إذ انقسمت بعض الكتل الى كتلتين أو أكثر، وانقسمت الأحزاب نفسها وبرزت قيادات وأحزاب وكتل سياسية جديدة الامر الذي زاد من حدة الاختلاف داخل المجلس ومن ثم انعكس ذلك على أداؤه في مختلف المجالات.

كما رافقت هذه الانتخابات إشكالية في الية احتساب المقاعد للفائزين، فهناك مرشحين فازوا بمقعد دون الحصول على القاسم الانتخابي، نتيجة حصول زعماء قوائمهم على نسبة عالية من الأصوات اذ اخذو يمنحوها الى من هو الأقرب لهم، فضلاً عن صعود نساء الى مجلس النواب وهنَ لم يحصلن الا على أصوات قليلة جداً، وكان ذلك بفعل نظام (الكوتا) النسائية، وكان ذلك على حساب رجال حصلوا على أصوات كثيرة(العنبكي: طه حميد، 2010، ص19-20) (الاسدي: ضياء عبد الله، 2010، توزيع المقاعد التعويضية الوطنية (نظرة قانونية)).

وبهذه الاحداث وبعد المصادقة على نتائج الانتخابات عقدت جلسة الافتتاحية لمجلس النواب برئاسة أكبر الأعضاء سناً يوم (13/6/ 2010)، التي كان من المفترض أن تجري خلالها عملية انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، لكن الاختلاف بين الكتل السياسية حول اختيار رئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء)، رفعت الجلسة وبقيت مفتوحة ولم ينتخب رئيس مجلس النواب ونائبيه، وذلك بسبب عدم الاتفاق حول الشخصيات المرشحة لتلك الرئاسات(مجلس النواب، محضر الجلسة الافتتاحية الاولى، 2010).

وتم استئناف الجلسة المفتوحة التي امتدت من (14/6/2010 – 24/10/2010) بعد ان حكمت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها ودعت رئيس السن (فؤاد معصوم) الى انهائها، بناءً على دعوى رفعتها عدد من منظمات المجتمع المدني على رئيس مجلس النواب وتم كسب الدعوى لصالحهم وصدر القرار في (24/10/ 2010) وتضمن إلزام مجلس النواب إنهاء واستئناف جلساته خلال أسبوعين من تأريخ صدور قرار المحكمة المذكور، لان ذلك يمثل خرقاً للدستوروصادر مفهوم (الجلسة الاولى) ومراميها التي قصدتها المادة (55) من الدستور النافذ (: المحكمة الاتحادية العليا، 2010، احكام وقرارات).

وهذا التأخير في عقد جلسات المجلس وعدم احترام المواقيت الدستورية من الأسباب الرئيسة التي تؤدي الى تلكؤ وعرقلة العمل البرلماني ومن ثم حرمان المواطنين من الكثير من القوانين التي تتطلب الإقرار والمصادقة لكي تدخل حيز النفاذ، فضلاً عن انها تتقف حجر عثرة في طريق الأداء التشريعي، لان الجلسة المفتوحة بمثابة تعطيل لعمل المجلس افي مختلف المجالات.

وبعد ان تم استئناف جلسات مجلس النواب نتيجة لقرار المحكمة الاتحادية العليا واتفاق الكتل السياسية لتسوية الخلافات التي أدت الى رفع الجلسة وابقاءها مفتوحة حسمت رئاسة مجلس النواب وعلى أساس المحاصصة الطائفية والقومية، اذ تم انتخاب عن المكون السني (اسامة النجيفي) رئيساً لمجلس النواب عن القائمة العراقية، وانتخب عن المكون الشيعي (قصي السهيل) نائباً اول له عن التحالف الوطني، وعن المكون الكردي (عارف طيفور) عن التحالف الكوردستاني.

أما بخصوص تشكيل اللجان البرلمانية، فقد اخذت المحاصصة الطائفية والحزبية مأخذها في ذلكفقد زاد عددها إذ تم تشكيل (26) لجنة دائمة، وهذه الزيادة جاءت نتيجة لتجذر مبدأ التوافق والمحاصصة فلم يتم الاتفاق على تشكيلها إلا في الجلسة الرابعة من جلسات مجلس النواب(مجلس النواب العراقي، 2010، محضر الجلسة الرابعة).

وبهذه الاحداث والسلوكيات التي تسلكها الكيانات والتحالفات السياسية ظلت الخارطة السياسية لمجلس النواب تعاني من الاصطفاف القومي والطائفي والحزبي، الامر الذي ادى الى استمرار حالة عدم الانسجام داخل المؤسسة الام (مجلس النواب)، فضلًا عن ذلك ان استمرار الخلافات والتجاذبات والصراعات في بعض الأحيان مما سينعكس سلباً على أداء تلك المؤسسة كما سنرى، ولكن بالمقابل امتازت انتخابات هذه الدورة النيابية ارتفاع نسب المشاركة للمناطق التي قاطعت الانتخابات في الدورة الأولى، فضلاً عن تحسن الوضع الأمني نوعاً ما في الكثير من المناطق، وزيادة الوعي السياسي والانتخابي للناخب، الأهم من هذا كله تشكلت قوائم انتخابية وكتل نيابية ليست طائفية أو انها على الأقل تدعي ذلك

 

ثانيًا: الأداء التشريعي:

نتيجة لبروز أحزاب كتل سياسية جديدة في هذه الدورة بفصل الانقسامات التي حدثت داخل الأحزاب والكتل السياسية تفاقمت حالة عدم الانسجام داخل مجلس النواب وادى الى تلكؤ عمله في جميع مفاصله والتي استمر طيلة تلك الدورة النيابية (جاسم: خيري عبد الرزاق، 2009، ص16-18)(الغزي: ناجي، ظاهرة الفساد مسبباتها وتحليلها واثارها على المجتمع)، وهذه التفاصيل والتكتلات أدت الى ضياع الرؤية الوطنية الموحدة التي تهدف الى بناء المجتمع لدى اعضاء مجلس النواب، فضلاً عن ان الكيانات السياسية الممثلة فيه أضحت تبحث وتتمسك بالمناصب التنفيذية أكثر من التشريعية(صحيفة الصباح الجديد، مجلس النواب ما زال يحصد ثمار ما زرعه من بذور طائفية)، ومن ثم أدى ذلك الى هيمنة الصراعات والخلافات على علاقات الأحزاب والكتل السياسية بفعل تباين وتعارض مصالحها وتوجهاتها السياسية فضلًا عن ذلك تفضيل مصالحهم الخاص على المصلحة العامة، مما انعكس بشكل سلبي على أداء البرلمان العراقي (مجلس النواب) وفسح المجال امام التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية.

وفي خضم تلك الاوضاع خيم شعور لدى اغلب الناخبون بصورة خاصة وسائر المجتمع العراقي بصورة عامة بأن الكتل والأحزاب السياسية لم تفي بما قدموا من وعود انتخابية لهم، كما انها لم تعمل على تبني الموضوعات والقضايا الحساسة والمصيرية والأساسية التي اوكل الدستور أو المشرع العراقي امر تنظيمها الى مجلس النواب، لذا فشل الأخير فشلًا ذريعًا في اصدار تلك القوانين التي تعد في غاية الأهمية مثل: قانون الأحزاب، وقانون مجلس الاتحاد، وقانون المحافظات المتنازع عليها…غيرها(الحلو: مشتاق، وقفة مع أداء البرلمان العراقي وكتله)، وبدل ان تسعى تلك الأحزاب الى اصدار قوانين تصب في خدمة المجتمع وتحقيق النهضة الشاملة في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية والصحية ، أخذت تنساق وراء مصالحها الضيقة على حساب المصلحة العامة.

وكانت من الأسباب الرئيسية التي أدت الى تعطيل وتلكؤ أداء مجلس النواب هو تعمد غياب النواب في اغلب الأحيان من اجل كسر النصاب القانوني للجلسة لمنع تمرير قانون معين يضر بمصالح الكتلة المخلة بالنصاب أو لصالح جمهورها مما أدى الى استمرار التلكؤ وضعف في الأداء في المجال التشريعي في هذه الدورة(حاكم: عصام ، ظاهرة إخلال النصاب القانوني لتعطيل تشريع القوانين، 2018)، وهذا ما حدث فعلاً عندما عمد نواب القائمة العراقية الى مقاطعة جلسات البرلمان في كانون الثاني (2012) نتيجة الاتهامات التي وجهت الى طارق الهاشمي وتم إصدار مذكرة قبض بحقه بتهمه إدارة مجاميع إرهابية، كما قاطع التحالف الكردستاني في حزيران (2013)، لمساومة المركز على حصة الإقليم من الموازنة اذ عمدوا الى كسر نصاب الجلسات التي خصصت لأقرارها لرفع سقف تخصيصات المالية للإقليم من الموازنة، وكذلك قاطعت ائتلاف دولة القانون جلسات مجلس النواب احتجاجاً على هيئة رئاسة المجلس لعدم ادراجها مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعام (2014) في جدول الاعمال (الركابي: هاتف محسن، 2016، ص349)، أو هناك من يغيب عن جلسات المجلس بشكل متكرر وربما مستمر،مما يؤدي الى عدم تمثيل شرائح كبيرة من المجتمع داخل المجلس لنقل وجهات نظرهم حول ما يقرر من سياسة عامة، اذ تشير بعض الاحصائيات بلغت عدد غيابات أعضاء مجلس النواب في هذه الدورة الواحدة ما يقارب (3433) غياب، والبعض من النواب شكلت نسبة غيابهم خمس جلسات متتالية أو اكثر رغم ان النظام الداخلي لمجلس النواب في مادة (18)، فقرة ثانياً على هيئة الرئاسة في حال تكرار عضو مجلس النواب الغياب لخمس مرات متتالية أو عشر مرات غير متتالية خلال الدورة السنوية ان توجه تنبيهاً خطياً الى العضو الغائب تدعوه الى الالتزام بالحضور وفي حالة عدم امتثاله يعرض الموضوع على المجلس بناءً على طلب الهيئة واستقطاع من مكافأة العضو في حالة غيابه نسبة معينة يحددها المجلس (النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، 2013) وكل هذه الاسباب وغيرها تؤدي حتمًا الى تعطيل عمل مجلس النواب التشريعي والرقابي على حداً سواء، وقد ينعكس ذلك ايضاً على نوعية وكمية القوانين التي من المفترض ان يصدرها.

وبالتوازي مع ما تقدم رحل مجلس النواب في الدورة النيابية الأولى بعض من مقترحات القوانين الى هذه الدورة، وهذه الظاهرة من اهم المؤشرات على تعثر وتدني الأداء التشريعي لمجلس النواب لأنه لم توجد اليه معين تعالج هذه الحالة، وبالمحصلة يمكن رصد حالات التلكؤ والتعثر في هذه الدورة من خلال تسليط الضوء على عدد جلسات مجلس النواب ومجموعة القوانين ونوعيتها التي دخلت اليه والمراحل التي مرت بها فقد عقد مجلس النواب خلال الدورة النيابية الثانية (216) جلسة، على مدى الفصول التشريعية الثمان، ولابد من الإشارة الى ان هذه الدورة تخللتها جلستين استثنائيتينبتاريخ (5/1/2012) و (28/11/2013)، وجلستين مفتوحتين بتاريخ (13/6/2010) و (11/11/2010) والجلسة رقم (32) في (2/3/11/2013)، وثلاث جلسات تشاورية بتاريخ (6/1/2013) و (28/4/2013) و (2/4/2014) (محاضر جلسات مجلس النواب العراقي، للدورة النيابية الثانية (2010-2014)).

ويمكن ان نشخص اهم المؤشرات أو المخالفات التي تُأثر بشكل كبير على أداء مجلس النواب على وجه العموم والأداء التشريعي على وجه الخصوص، هو عدم التزام مجلس النواب بالتوقيتات الدستورية لعقد جلساته الاعتيادية، لاسيما تزامن مع هذه الدورة تدهور الأوضاع الأمنية وزيادة حدة التوترات السياسية بين الكتل والقوى السياسية الممثلة داخل البرلمان على النحو التي اخذت بعض القوى السياسية تعارض إقرار قانون معين أو تعطيل إقرار الموازنة العامة للدولة في سبيل التأثير على أداء الحكومة ومن ثم تحريض الجماهير على الحزب الذي يملك هرم السلطة.

ونتيجة لهذا التلكؤ نلاحظ في هذه الدورة ان الأداء التشريعي قد انخفض بشكل ملحوظ وكما هو مبين فيما يأتي، إذ بلغ عدد القوانين التي دخلت مجلس النواب (531)، إذ تم قراءة (38) قانون قراءة أولى، اما القوانين التي تم قراءتها قراءة ثانية ولم يصوت عليها بلغ عددها (45)، في حين بلغ عدد القوانين التي لم تقرأ ابداً (112)، وبلغ عدد القوانين التي تم اعادتها الى الحكومة أو تم إيقاف سير إجراءات التشريع، أو لم يتم حصول الموافقة عليها لقراءتها قراءة أولى (110) اما القوانين التي تم التصويت عليها بلغ عددها (226) قانون (الدائرة البرلمانية: حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب العراقي، للدورة النيابية الثانية (2010-2014)) ومن تلك القوانين ما يأتي:

وعليه لم ينجح البرلمان العراقي في هذه الدورة في انجاز القوانين التي احالها الدستور له ليشرع قانون بشأنها، بأستثناء (12) قانون أي ما يقارب (18%) (مجلس النواب العراقي، القوانين المطلوب تشريعها دستورياً، ص1)، ونلحظ من ذلك ان نسبة انجاز هذه القوانين في هذه الدورة قد تراجع عن سابقتها، وهذا يعد دليلًا على استمرار ضعف عمل وتلكؤ أداء البرلمان العراقي ومؤشراً كبيراً على تعثر السياسة العامة، ويعود سبب هذا التلكؤ والتباطؤ والاخفاق في اصدار مثل هكذا تشريعات تهدف الى التكامل المؤسسي أو تمس حياة المواطنين الى الجانب السياسي الذي خيم عليه الصراعات والخلافات الطائفية والعرقية والمناطقية، اذ ان التصويت داخل مجلس النواب كان يجري على مبدأ التوافق بين الكتل السياسية وبحسب مصالحها في الدرجة الأساس وليس مصلحة الوطن والمواطن، والجدير بالذكر ان اغلب القضايا والموضوعات المهمة بالنسبة للعملية السياسية لا تناقش داخل قبة البرلمان وانما تناقش داخل بيوتات الزعماء السياسيين ويتم الاتفاق عليها خلف الكواليس بين الكتل النيابية، وهذايترتب عليه تقيد اعضاء مجلس النواب بالقرار التي يتخذ من قبل زعماء كتلهم النيابية سواء كان بالقبول أو الرفض (الدليمي: حافظ علوان، 2014، ص43)، إضافة الى ذلك هناك أسباب أخرى قد تتعلق بضعف الخبرة التي تتمتع بها اللجنة القانونية الخاصة بالعمل التشريعي والصياغة القانونية.

ونتيجة لما تقدم أضحت اغلب القوانين التي يقرها البرلمان العراقيضعيفة ومرتبكة الصياغة وتعاني من النقص في البناء التشريعي على النحو الذي تصبح به تلك القوانين غير قادرة على مسايرة الحياة، أو متعارضة مع قوانين أخرى وخير مثال على ذلك قانون مجالس المحافظات رقم (21) لعام (2008) المعدل مرتين (الحسيني: علاء إبراهيم محمود الفشل الوظيفي في عمل مجلس النواب)، أو يتم اقرار قوانين تتعارض مع الدستور صراحة الامر الذي يدفع بعض الجهات الى طعن بعدم دستوريتها امام المحكمة الاتحادية العليا مثلما حصل مع قانون فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والاشغال العامة رقم (20) لعام (2010)، وكذلك قانون فك ارتباط دوائر الشؤون الاجتماعية في وزارة العمل رقم (18) لعام (2010) الذي اقرت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتهما بقرار (43) و(44) اتحادية، كونهما تم اقرارهما دون الرجوع للمؤسسة التنفيذية، وهذا كما هو موضح في الجدول الاتي:

جدول رقم (2) يوضح نوعية مشروعات ومقترحات القوانين التي اقرها مجلس النواب

ت

نوعية القوانين العدد
1 قوانين تتعلق بتصديق المعاهدات والاتفاقيات الدولية

77

2

قوانين معدلة 49
3 قوانين تتعلق بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل

26

4

قوانين تتعلق بالمواد الدستورية والانتخابية وتشكيل وزارات وهيئات (قوانين تنظيمية) 74
5 المجموع

226

 

الجدول من أعداد الباحثانان بالاعتماد على: حركة مشروعات القوانين داخل مجلس النواب للدورة (2010-2014).

المبحث الثاني: الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي للمدة (2014 -2023)

سنتناول في هذا الإطار الخارطة السياسية التي تشكل بها البرلماني العراقي، والتعرف على عمله التشريعي خلال المدة المذكورة وكما يأتي:

المطلب الأول: أداء مجلس النواب العراقي للمدة (2014-2018)

اولًا: الخارطة السياسية للبرلمان العراقي على وفق انتخابات عام (2014):

عندما شارفت الدورة النيابية الثانية على الانتهاء، أضحت هناك دعوات الى تغيير قانون الانتخابات وبالفعل أقدم البرلمان العراقي على تغييره بعد مخاض عسير بين الكتل والتحالفات السياسية المكونة للبرلمان كاد ان يؤدي الى تأجيل الانتخابات بسبب الخلاف حول عدد المقاعد وطريقة توزيعها بين القوائم والائتلافات السياسية(احمد: لقمان عثمان؛ عباس: الفاروق عبد الرحمن، 2014، ص359)، وبعد ذلك الاحتدام بينهم بالفعل تم اصدار قانون انتخابات رقم (45) لعام (2013)، الذي حدد عدد أعضاء مجلس النواب بـ (328) مقعداً نيابياً، كما الغى المقاعد التعويضية الوطنية التي كانت تستحوذ عليها القوائم الكبيرة(قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45)، لعام (2013))، وجاء هذا القانون بالية ترشيح ذاتها المعتمدة في القانون السابق، الا انه اختلف في طريقة احتساب المقاعد وتوزيعها بين الكتل والقوائم الفائزة اذ اعتمد طريقة (سانت ليغو المعدل) (*)،كما جعل توزيع المقاعد بين المرشحين داخل القائمة ليست بالنسبة لتسلسلهم داخلها، وانما بنسبة عدد الأصوات التي حصلوا عليها يعاد ترتيب التسلسل(قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45) لعام (2013)).

وكان عدد الكيانات السياسية التي شاركت فيها (277) كياناً سياسياً ضمت(9045) مرشحاً من الذكور والاناث، بنسبة (27%) للإناث و(73%) للذكور، وتقلص عدد الكيانات المتنافسة بعد دخولها بقوائم انتخابية مع الكيانات الاخرى فأصبح عددهم بعد ذلك (107) كياناً توزعت على (36) ائتلافاً(المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أسماء وأرقام الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، 2014) (المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أسماء الائتلافات المصادق عليها لانتخابات، 2014)، وبهذا النحو تكونت الخارطة السياسية للبرلمان العراقي من (29) كتلة نيابية تقريباً، إذ انضمت بعض الكيانات الصغيرة الى كيانات أخرى أو تحالفت فيما بينها(التقرير النهائي للمرصد النيابي، بلا، ص13-15) (المرصد النيابي، 2014-2018، الائتلافات السياسية)، اذ أصبح عدد الكتل النيابية داخل مجلس النواب (6) وهي: التحالف الوطني (179) نائب، والتحالف الكردستاني (65) نائب، وتحالف القوى العراقية (54) نائب، وائتلاف الوطنية (19) نائب، والتحالف المدني الديمقراطي (5) نواب، والمكونات (6) نواب.

ونتيجة لذلك قد خيم على مجلس النواب اصطفاف الطائفي والمذهبي بالدرجة الأساس – كما هو عليه في الدورات النيابية السابقة -، فضلاً عن الخلافات التي حصلت بين قادة الكتل والاحزاب السياسية التي راحت تبحث عن مصالحها الحزبية والشخصية على حساب المصلحة العامة، الامر الذي أدى الى ذوبان مفهوم المواطنة وضعفه في اذهان الناس، وهو ضروري لبناء الدولة ومؤسساتها والتفاعل مع ما تقره مؤسسات الدولة من سياسة عامة.

مما أدى الى تأخير الجلسة الافتتاحية للبرلمان العراقيولم يعقد جلسته الأولى في موعدها المقرر بسبب تجاذبات والخلافات السياسية بين الأحزاب والكتل الفائزة بقيت الجلسة مفتوحة ولم يتوصلوا الى عقد جلسة أخرى الا في (13/7/2014)، وبقي الحال كما هو عليه ورفعت الجلسة وبقيت مفتوحة، وفي يوم (15/7/2014)، تمكن أعضاء مجلس النواب من انتخاب الرئيس ونائبيه ، وكما هو عليه الحال إذ تم انتخابهم على أساس طائفي وحزبي فانتخب من المكون السني (سليم الجبوري) رئيساً لمجلس النواب عن اتحاد القوى، وتم اختيار من المكون الشيعي (حيدر العبادي) نائبا أول له عن دولة القانون، واختير (آرام الشيخ محمد) وهو مرشح التحالف الكوردستاني ومثلاً عن المكون الكردي نائبا ثانياً لرئيس المجلس(محظر الجلسة (الاولى) المفتوحة لمجلس النواب، بتاريخ، 1/13/15/7/2014).

وخير دليل على تجذر المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب هو بعد ان كُلف (حيدر العبادي) بتشكيل الحكومة لاحقاً، انتخب النائب (همام حمودي) وهو من التحالف الوطني الشيعي نائباً ثانياً لرئيس مجلس النواب، وأصبحت هيئة الرئاسة –كما هو الحال عليه في الدورات النيابية السابقة -منتخبة على أساس التوافق الحزبي والطائفي.

ومما تقدم يمكن ان نعزوسبب هذا التأخير في انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه في كل دورة الى عدم الاتفاق على رئاسة المجلس بين الكتل السياسية وفشل الاخيرة في اختيار مرشح يرضي جميع الأطراف والقوى السياسية، مما انعكس ذلك على أداء مجلس النواب على وجه العموم والأداء التشريعي على وجه الخصوص.

أما بخصوص تشكيل اللجان البرلمانية الدائمة، فقد قرر مجلس النواب تشكيل (26) لجنة دائمة وتم توزيعها بين الكتل النيابية على اساس المحاصصة الطائفية والسياسية –كما اسلفنا -، وهذا ما اكده رئيس مجلس النواب (سليم الجبوري) بالقول (اجتمع رؤساء الكتل السياسية ولغرض تشكيل اللجان الدائمة وتم الاتفاق على تشكيل لجنة سباعية برئاسة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب (أرام محمد علي)  تمثل جميع الاحزابوالكتل السياسية والمكونات الاجتماعية، وباشرت أعمالها وفق السياق المتبع من خلال وضع اللجان في مستويات ثلاثة بحسب أهميتها وبحسب العرف البرلماني الذي تم إتباعه سابقا)، كما اكد على رؤساء الكتل السياسية بتسمية من يمثلهم وكذلك المكونات الاجتماعية الموجودة بتسمية من يمثلهم ضمن إطار هذه اللجنة (محضر الجلسة (السادسة) لمجلس النواب، 10/8/2014)، وذلك يعد مخالفاً للنظام الداخلي لمجلس النواب اذ اكدت المادة (72) منه (لكل عضو الحق بأن يرشح نفسه لعضوية اللجنة)، وتكوين اللجان بهذه الطريقة يوضح لنا ان موضوع تشكيلها مختصر على رؤوساء الكتل  والاحزاب السياسية يرشحوا لعضويتها من يشاءوا من النواب وبناءً على مدى ولاء ذلك النائب للكتل ورئيسها، الامر الذي أثر بشكل كبير على الغرض التي وجدت من اجله تلك اللجان فضلًا عن ذلك لكئت اداءها على المستوى التشريعي والرقابي.

ثانيًا: الأداء التشريعي:

ان تدهور الأوضاع السياسية زيادة على الأوضاع الأمنية اثرت بشكل مباشر على العمل والأداء التشريعي لمجلس النواب في هذه الدورة النيابية، اذ اجتاحت الجماعات الإرهابية داعش مدينة الموصل بعد اعلان نتائج الانتخابات التشريعية بشهر تقريباً وبعده سقطت معظم الأراضي العراقية بيدها ما يقارب ثلث مساحة العراق، الامر الذي انعكس سلباً على القوى السياسية المكونة للمجلس الى الحد الذي أدى الى تبادل الاتهامات بينهم بالتخوين والتعاون مع تنظيم داعش الإرهابي (العنبكي: طه حميد، 2016، ص67)، وادى ذلك الى عرقلة أداء مجلس النواب التشريعي وانعدام الثقة بين اغلب القوى السياسية المكونة له، اذ انعكس هذا على النظام السياسي بمجمله، لان مجلس النواب هو الضابط المحوري للعملية التشريعية والممارسة السياسية عن طريق التشريعات التي يصدرها لأنها تمثل الأساس الذي يبنى عليه كل علاقات ونشاطات المجتمع، وذلك بسبب تطور نشاط الدولة وزيادة تدخلها في تنظيم أمور الحياة في كافة مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية… الخ (الداوودي: غالب، 1992م، ص98).

كما ان اخفاق البرلمان العراقي في وضع الية معينة لاستبدال أعضاءه الذين يتولون مناصب تنفيذية يؤثر بشكل كبير على أدائه التشريعي، اذ نراه يتلكئ يتأخر في استبدالهم أو استبدال الأعضاء المقالين أو المستقيلين مما يبقى مقعدهم شاغراً لمدة معينة من الزمن الامر الذي يؤثر بشكل مباشر على تمثيل جمهور معين داخل المجلس (تقرير المرصد النيابي، بلا، ص62)، ويعزو النائب (عبد الرحمن اللويزي) ذلك الى رغبة قادة الكتل السياسية لكي يستحوذوا على اختيار الأعضاء الذين سوف يحلون محل النائب الذي شغل منصب تنفيذي أو المستقيل أو المقال، وحاول أعضاء مجلس النواب في أكثر من موضع اقتراح قانون يعالج هذا الامر الا انه فشل، للسبب ذاته(لقاء اجراه الباحثان مع السيد عبد الرحمن اللويزي، في منزله يوم (15/4/2019))، وهذا التأخير غير المبرر في عقد جلسات مجلس النواب من البديهي يؤدي الى التعطيل والتأخير في إقرار وتشريع القوانين الضرورية والمهمة التي تلامس حياة المواطنين ومؤسسات الدولة خصوصاً تلك القوانين التي تحاكي التكامل المؤسساتي للدولة وتلامس الحياة العامة للمواطنين.

وكل التراكمات السابقة انعكست بصورة غير مباشرة على أداء مؤسسات الدولة بصورة عامة وأداء مجلس النواب بصورة خاصة، الامر الذي أدى الى ارباك الحركة التشريعية للكثير من القوانين التي لم يتم إقرارها بسبب الخلافات السياسية وسوء الأوضاع الأمنية أو ان إقرارها يحتاج مزيد من التوافق بين الكتل السياسية، فضلاً عن الازمة المالية التي مرَ بها العراق في هذه الدورة وان كثير من هذه القوانين تحتاج تخصيصات مالية كثيرة كقانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس الاتحاد وغيرها.

ومن خلال المتابعة الحركة التشريعية داخل البرلمان العراقي يمكن رصد حجم التلكؤ والتعثر في إقرار القوانين المهمة والضروريةوذلك يكون من خلال عدد الجلسات وما تم قراءته وما تم التصويت عليه من قوانين، إذ عقد مجلس النواب في الدورة النيابية الثالثة (281) جلسة، وعلى مدى الفصول التشريعية ثمان، لكن لابد من الإشارة ان هذه الدورة تخللتها (6) ست جلسات استثنائية، و(3) ثلاث جلسات تداولية، وجلسة تشاورية، وجلسة للنواب المعتصمين(محاضر جلسات مجلس النواب العراقي، الدورة النيابية الثالثة (2014-2018))، إذ بلغ عدد القوانين التي دخلت مجلس النواب (413)، إذ تم قراءة (62) قانون قراءة أولى، اما القوانين التي تم قراءتها قراءة ثانية ولم يصوت عليها بلغ عددها (60)، في حين بلغ عدد القوانين التي لم تقرأ مطلقاً رغم احالتها الى اللجان المختصة ما يقارب (83)، وبلغ عدد القوانين التي تم اعادتها الى الحكومة، أو لم يتمحصول الموافقة عليها لقراءتها أو طلبت الحكومة سحبها (43)، اما القوانين التي تم التصويت عليها بلغ عددها (165) قانون(حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب العراقي، للدورة النيابية (2014-2018)).

جدول يوضع حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب (3)

ت

نوعية القوانين العدد

1

قوانين تتعلق بتصديق المعاهدات والاتفاقيات الدولية 39
2 قوانين معدلة

44

3

قوانين تتعلق بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل 18
4 قوانين تتعلق بالمواد الدستورية والانتخابية وتشكيل وزارات وهيئات وقوانين تنظيمية

66

5 المجموع

165

الجدول من اعداد الباحثانان بالاعتماد على: حركة مشروعات ومقترحات القوانين للدورة النيابية الثالثة (2014-2018).

ونلحظ من خلال المتابعة للحركة التشريعية داخل مجلس النواب، ان هناك الكثير من القوانين التي ترحل من دورة الى أخرى بغض النظر إذا كانت قد تم قراءتها قراءة أولى او ثانية، اذ لا يوجد ما يلزم مجلس النواب الجديد على اكمال قراءتها أو التصويت عليها، وانما يتم اعادتها الى مجلس الوزراء الجديد لغرض اعادتها الى مجلس النواب بحسب الأهمية (تقرير المرصد النيابي، للشهور(تموز واب وأيلول))، لان اي قرار في العراق لا يُتخذ في مجلس النواب أياً كان تشريعياً ام سياسياً بل في غرف اجتماعات زعماء الأحزاب والقوائم فأصبح المجلس مجرد قاعة لتمرير رغبات الأحزاب والقوى السياسية بشكل قوانين وقرارات لإضفاء الصبغة الشرعية والقانونية عليها، اذ اضحى بذلك النائب مجرد آلة لا حاجة لهم بها الا لإكمال النصاب القانوني لجلسة مجلس النواب والتصويت على ما تم الاتفاق عليه او تعطيل النصاب وإيقاف غير المتفق عليه(الطالقاني: علي، أداء مجلس النواب واليات تطويره).

وهذا يمثل مؤشر خطير يقف حاجزًا امام العجلة التشريعية، لاسيما القوانين محل الخلاف بين القوى والكتل السياسية، إذ تختلف هذه الكتل في توجهاتها من دورة الى أخرى، فالعملية التشريعية تحتاج الى بيئة تتوفر فيها اليات ومؤشرات علمية وقانونية، لكن حتى لو وجدت هذه المؤشرات لا يمكن تشريع أي قانون وذلك بسبب ارتباط رأي النواب بالكتلة السياسية أو لا يتخذ قرار الى بالرجوع اليها مما اثر ذلك بشكل كبير في تشريع تلك القوانين واقرارها، وهذا ما أكده النائب (عبد الرحمن اللويزي) بالقول ان الكتل النيابية داخل مجلس النواب تسعى الى تكريم العضو الملتزم بأوامرها أو توجهاتها عن طريق الايفادات أو رئاسة احدى اللجان التي تكون من حصة الكتلة(لقاء اجراه الباحثان مع السيد عبد الرحمن اللويزي، في منزله يوم (15/4/2019))، وهذه الالية أضحت بمثابة قيد قلصت من الحرية التي ينبغي ان يتمتع بها عضو مجلس النواب داخل البرلمان الامر الذي أدى الى تعزيز الصبغة السياسية في أي قانون يتم اقراره وعززت حساب الصبغة التشريعية والرقابية التي يجب ان يتمتع بها مجلس النواب (الركابي: هاتف محسن، 2016، ص352).

ورغم هذا التلكؤ والتعثر في أداء البرلماني العراقي في هذه الدورة لكنه استطاع حسم بعض القوانين محل الاختلاف كقانون الاحزاب السياسية مثلاً الذي طال مدة عسره في رحم مجلس النواب ما يقارب ثلاثة عشر سنة، وفي الوقت نفسه اعتبر هذا القانون من المأخذ التي اخذت على العمل التشريعي للمجلس، ففي الوقت تعلن فيه الحكومة التقشف في النفقات المالية نرى مجلس النواب يقر قانوناً يحمل ميزانية الدولة اموالاً طائلة، فمادة(44) من قانون الأحزاب تنص على تمويل الأحزاب السياسية بنسبة (20%) و(80%) للأحزاب الممثلة داخل مجلس النواب بنسبة عدد مقاعدها(قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لعام 2015م)، وهذا ان دل على شيء دل على عدم التنسيق والتخبط في عمل مجلس النواب التشريعي اذ انه في الوقت الذي يعلنون فيه التقشف يقرون قانوناً يحمل الدولة أعباء مالية كثيرة، فضلاً عن انه يسبب اثراءً للأحزاب السياسية خصوصاً تلك التي تمتلك مقاعد كثير داخل المجلس، كما نقضت المحكمة الاتحادية تقريباً (11) احدى عشر مادة منه مما يدل ذلك على ضعف الصياغة القانونية له (المحكمة الاتحادية العليا، احكام وقرارات).

 

المطلب الثاني: أداء مجلس النواب العراقي للمدة (2018-2021)

اولًا: تشكيلة مجلس النواب العراقي على وفق انتخابات عام (2018):

كانت البيئة التي أجريت بها الانتخابات البرلمانية العراقية لعام (2018) بيئة مغايرة تمامًا عن الدورات فعلى أثر انتهاء الدورة الثالثة وما رافقتها من احداث وتداعيات والتي كانت في مقدمتها سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على بعص المدن والمحافظات العراقية، وذلك نتيجة للتحول في خريطة القوى السياسية في الداخل، أو للأزمات السياسية أو الأمنية التي مر بها العراق بين عامَي (2014-2018)، أو نتيجة لانعكاسات او التدخلات الإقليمية والدولية على الداخل العراقي، وإن كان العنف ملمحًا رئيسيًّا يجمع بين هذه البيئات الانتخابية الأربع كجزء من ملامح المشهد العراقي العام منذ الغزو الأمريكي، وهو ما يلقي بظلاله على المعادلة العراقية الجديدة بعد انتخابات (2018) مع اقتراب موعد اجراءها تجددت المواقف المتباينة والنظرات المتعددة نحوها من قبل الأحزاب السياسية وشرائح المجتمع المختلفة، إذ طالبت القوى السياسية السنية بضرورة تأجيل موعد اجراءها بسبب عدم استقرار المحافظات المحررة من سطوة داعش الإرهابي وإبقاء اكثر من مليوني نازح خارج ديارهم، إذ أصدرت المحكمة الاتحادية بالاتفاق قراراً بضرورة اجراء الانتخابات في موعدها المقرر ردًا على الطلب الوارد من مجلس النواب بتاريخ (21/ 1/ 2018) الذي يقتضي تأجيل الانتخابات (المحكمة الاتحادية العليا، احكام وقرارات، 21/1/2018).

ووسط هذه الاحداث أجريت الانتخابات في موعدها المحدد الموافق يوم (12/5/2018) تنافس في ظلها ما يقرب من (320) حزبًا سياسيًا، وبلغ عدد المرشحين فيها ما يقارب (736) مرشح، وبهذا تشكلت خارطة الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات من (88) قائمة انتخابية و(205) كيانات سياسية و(27) تحالفًا انتخابيًا (المرصد النيابي، تقرير شهر أيلول/ 2018)، وبذلك تكونت الخارطة النيابية داخل مجلس النواب من تعسة كتل نيابية رئيسة (سائرون، الفتح، ائتلاف النصر، دولة القانون، الحزب الديمقراطي الكردستاني، القائمة الوطنية، تيار الحكمة، الاتحاد الوطني الكردستاني، القرار العراقي) وبالرغم من رغبة وادعاء الأحزاب والقوى السياسية على مدار الدورات السابقة في الخروج من الاحتشاد الطائفي والحزبي لا ان هذه الانتخابات جرت وسط جو داخلي مشحون ومتوتر، إذ انقسمت الكتلة الواحدة الى اثنان أو اكثر فقدتوزعت القوى السياسية الشيعية إلى خمس قوائم رئيسية والكرد الى سبعة قوائم،أما القوى السياسية السنية فقد شاركت بقائمتين رئيسيتين، وبين أطرافها العديد من الخلافات المتعددة (مكي: لقاء، 2018، ص3-4).

ونتيجة لذلك لم يعقد البرلمان العراقي جلسته الأولى الا في (3/9/2018) اي بعد ما يقارب (4) أشهر من اجراء الانتخابات البرلمانية برئاسة النائب الاكبر سنا محمد علي زيني، واجتمع المجلس واستمرت هذه الجلسة مفتوحة الى يوم (15/8/2018) الذي تم فيها اختيار محمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب ممثلًا عن القوس السياسية السنية، وفي يوم (16/8/2018) تم استكمال انتخاب هيئة رئاسة البرلمان تم استكمال انتخاب هيئة رئاسة البرلمان إذ تم انتخاب حسن كريم مطر الكعبي عن تحالفسائرون الشيعي نائبًا اول وانتخاب بشير الحداد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني نائبًا ثانيًا(محظر جلسة مجلس النواب (المفتوحة)، بتاريخ (3-16/9/2018)، وهذا التأخير الحاصل في انعقاد المجلس ان دل على شي دل على حجم الخلافات والمناكفات السياسية واختلاف المصالح الحزبية والطائفية بين الأحزاب والقوى السياسية يعكس بشكل أو باخر حجم القلق الذي يسود القوى السياسية، فكل طرف من الاطراف يرى في أنه يمثل الخير والاخر يمثل الشر، فالأزمة التي تعاني منها مؤسسات الدولة على وجه العموم ومجلس النواب على وجه الخصوص في هذه الدورة تعني في حقيقة الامر تكرار للازمات ومعوقات التي حدثت في الدورات السابقة، ومن ثم هذا التأخير في انعقاد المجلس وعدم الاتفاق بين الأطراف السياسية على الية معين في إدارة مؤسسات الدولة اثر بشكل مباشر على الأداء التشريعي لمجلس النواب وحرم المواطنين من إقرار الكثير من القوانين.

أما بخصوص تشكيل اللجان البرلمانية الدائمة، فقد قرر مجلس النواب تشكيل (24) لجنة برلمانية دائمة(المرصد النيابي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021))، وتم توزيعها بين الكتل النيابية على اساس المحاصصة السياسية والطائفية بين السنة والشيعية والكرد – كما اسلفنا – التي القت بظلالها على مؤسسات الدولة بصورة عامة ومجلس النواب بصورة خاصة التي كبلت وقيدت عجلته التشريعية التي امتازت بالتلكؤ والتعثر.

ثانيًا: الأداء التشريعي:

نتيجة لكل الإحداث والخلافات التي تراكمت منذ (2003-2021) على العملية السياسية اثرت بشكل مباشر على العمل والأداء التشريعي للبرلمان العراقي في هذه الدورة النيابية على النحو الذي أصبح فيه أي قانون أو قرار يقر أو يناقش داخل أروقة البرلمان يحتاج الكثير من التوافق لإقراره، لاسيما بعد ان اندلعت التظاهرات الشعبية التي تطالب بضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية العراقي والسياسية التي امتازت بنظام المحاصصة الطائفي التي أدى الى فقدان الثقة بالنخبة السياسية، فضلًا عن انتشار الفساد وغياب العدالة في توزيع الثروات وما تبعتها من تداعيات وتدخلات خارجية انطلاقًا من أهميتها وتأثير مخرجاتها على التوازنات السياسية، سواء في الداخل العراقي أو في توازنات القوى الإقليمية أو الدولية من واقع توجهات وسياسات الكتلة السياسية الجديدة ذات الأغلبية في البرلمان العراقي الجديد (مصطفى: عبدالرؤوف، آفاق الدور الإيراني في ضوء الانتخابات التشريعية العراقية 2018)، ونتيجة لانعدام الثقة بين اغلب الأحزاب والكتل السياسية الامر الذي ادى الى تلكؤ وتعثر أداء مجلس النواب التشريعي بشكل ملحوظ على اضحى فيه أي قانون يقر حتى لو كان يخدم المصلحة العامة نرى بعض الكتل تساوم الكتل الاخرى حتى تحث نوابهم للتصويت عليه كون جهة معين هي من اقترحته، وبطبيعة الحال انعكس هذا على مؤسسات الدولة برمتها، ولان مجلس النواب يمثل العملية المحورية في عملية التشريع عن طريق القوانين التي يشرعها إذ تعد الأخيرة الأساس الذي يبنى عليه كافة علاقات ونشاطات المجتمع، ومجلس النواب في هذا المجال كان دوره غير فعال إذ لم يشرع القوانين التي تخدم المواطنين والمصلحة العامة (محمد: لبيب شائف، 2012، ص12-13).

وكل التراكمات السابقة انعكست بصورة غير مباشرة على أداء مؤسسات الدولة على وجه العموم وأداء مجلس النواب على وجه الخصوص، إذ أصبحت المُحاصصة والتوافق الحزبي هو المُتحكّم في اغلب القوانين التي يتم إقرارها الامر الذي أدى الى ارباك الحركة التشريعية للكثير من القوانين التي لم يتم إقرارها بسبب الخلافات السياسية وسوء الأوضاع الأمنية أو ان إقرارها يحتاج مزيد من التوافق بين الكتل والاحزاب السياسية، وهذا الامر جعل الأحزاب والقوى السياسية تعمل على تكريس الطائفية والتخندق ورائها، حتى وصل الأمر ببعض الطوائف والاحزاب إلى الإستقواء بقوى خارجية في مواجهة الطوائف والاحزاب المنافسة لها تزامنا مع غياب مرجعية الدولة ومؤسساتها عن أذهان النخب السياسية، فصارت المرجعيات الدينية والعشائرية والقبلية والعائلية هي من تتحكّم في العملية السياسية(القدرات: ماهر، 9/12/2019، المظاهرات العراقية 2019….).

وبصورة عامة يمكن رصد الحركة التشريعية داخل مجلس النواب من خلال عدد الجلسات وما تم قراءته من قوانين وما تم التصويت عليه من قوانين، إذ عقد مجلس النواب في الدورة النيابية الرابعة (161) جلسة، وعلى مدى الفصول التشريعية ثمان، وجلسة تشاورية واحدة وجلسة استثنائية واحدة (محاضر جلسات مجلس النواب العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021)) (المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021))، وقد بلغ عدد القوانين التي دخلت مجلس النواب (174)، إذ تم قراءة (46) قانون قراءة أولى، اما القوانين التي تم قراءتها قراءة ثانية ولم يصوت عليها بلغ عددها (37)، اما القوانين التي تم التصويت عليها بلغ عددها (91) قانون((المرصد النيابي العراقي، (2018-2021))، ومن تلك القوانين ما يأتي:

جدول رقم (4) يوضح نوعية مشروعات ومقترحات القوانين التي اقرها مجلس النواب

ت

نوعية القوانين العدد

1

قوانين تتعلق بتصديق المعاهدات والاتفاقيات الدولية 41
2 قوانين معدلة

23

3

قوانين تتعلق بإلغاء قرارات وقوانين 3
4 قوانين تتعلق بالمواد الدستورية والانتخابية وتشكيل وزارات وهيئات (قوانين تنظيمية)

24

5 المجموع

91

الجدول من اعداد الباحثانان بالاعتماد على: المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021)

ونلحظ من خلال المتابعة للحركة التشريعية داخل مجلس النواب لهذه الدورة نجد ان هناك الكثير من القوانين التي قد تم قراءتها قراءة أولى او ثانية ولم يصوت عليها، ولا يوجد ما يلزم مجلس النواب الجديد على اكمالها والتصويت عليها وهذا يعد من اهم مؤشرات التعثر والفشل والاخفاق في عملية التشريع، والأكثر من ذلك اضحى اغلب أعضاء مجلس النواب يهتمون بمصالحهم الضيقة سواء كانت شخصية أو حزبية أو طائفية إذ تخلى الكثير من النواب عن عمله التشريعي ولعب الدور التنفيذي وذلك محاولة لمغازلة المواطنين خاصة مع الفترة الزمنية القريبة على موعد اجراء الانتخابات، وكما ان الكثير من النواب ساهموا في إرساء الفشل والتدخل في تعليمات وجداول مرسومة كتلك المتعلقة بالدراسات العليا او حتى بقرار قانون يساهم في تراجع التعليم وتخلفه مثل قانون معادلة الشهادات الخارجية والدرجات العلمية (رقم20 لسنة2020) حيث عد من أسوء التعليمات والقوانين التي أقرت التي نظمت حاملي الشهادات العليا وحملة الألقاب العلمية، حيث سيكون لهذا القانون تداعيات خطيرة على التعليم العالي بشكل عام والشهادات العليا بشكل خاص، ويجعل هناك تضخم في حملة الشهادات العليا على كل المستويات، لاسيما يعد هذا القانون منفذ لأغلب المسؤولين لاكتساب الشهادات العليا (اسعد كاظم شبيب، تقييم أداء مجلس النواب الدورة النيابية الرابعة (2018-2021))، ومن الإخفاقات التي سجلت على أداء مجلس النواب بصورة عامة فقد سجل المرصد العراقي النيابي من خلال تقسيم عدد ساعات عمل البرلمان كان المجموع النهائي هو (428.46) ساعة لمجموع الجلسات خلال الدورة النيابية، أي ما يعادل (2.8) ساعة لكل جلسة من الجلسات، أو ما يعادل (61) يوما عمل بمعدل سبع ساعات عمل يوميا، مشيرا الى ان المجلس اعلن في جداول أعماله عن (819) فقرة نفذ منها (515) فقرة فيما رحلت (304) (المرصد النيابي، التقرير النهائي للدورة النيابية (2018-2021)، ص27-29)، وهذا يعني ان مجلس النواب يضع في جدول اعماله ما لا يستطيع استيعابه من فقرات، أو يمكن ان نعزو ذلك الى حجم التخبط الذي يحدث اثناء عقد الجلسات والمناكفات التي تحدث بين أعضاء المجلس تؤدي الى هدر الوقت من دون فائدة وجدوى والتي الى عدم الاتفاق ومن ثم ضياع الوقت ورفع المجلس جلساته دون مناقشة القرات المدرجة في جدول اعماله.

المطلب الثالث:الأداء التشريعيلمجلس النواب العراقي للمدة (2021-2023)

أولاً: تشكيل مجلس النواب العراقي على وفق انتخابات عام (2021)

ان الاحتجاجات التي شهدها الشارع العراقي في (2019-2021) كان من بين اهم مطالبها تغيير النظام الانتخابي الذي يعتمد طريقة السانت ليغو في احتساب المقاعد وإقرار نظام انتخابي يعتمد طريقة الدوائر المتعددة والترشيح الفردي أو المستقل وبالفعل تم إقرار الأخير في عام (2021) والتي جرت على أساسه انتخابات الدورة النيابية الخامسة (2021-2024)، وقسم هذا القانون الانتخابي العراق الى (83) دائرة انتخابية شارك فيها (3225) مرشحًا من الرجال والنساء موزعين على (108) حزبًا سياسيًا و(21) تحالفًا انتخابيًا، شارك فيها ما يقارب (9629601) مليون من مجموع (22116368) مليون ناخب ونلحظ من ذلك وبشكل واضح عزوف اكثر من نصف الناخبين عن الانتخابات وهذا ان دل على شيء دل على انعدام الثقة بين المواطن والأحزاب والكتل السياسية (المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الخامسة للمدة (9/1/2022-10/12/2022) ، ص7-9).

وعلى أثر ذلك أعلنت المفوضية العليا للانتخابات نتائج الانتخابات وحصلت الأحزاب السياسية المنضوية ضمن التحالفات السياسية على (137) مقعدًا نيابيًا، اما الأحزاب المستقلة حصلت على (148) مقعدًا نيابيًا، بينما حصل المرشحون المستقلون على (44) مقعدًا نيابيًا وبذلك أصبح عدد المقاعد البرلمانية (329) مقعدًا نيابيًا، وكما هول الحال عليه في كل دورة بعد اعلان نتائج الانتخابات تنقسم الأحزاب السياسية بين مؤيد للنتائج وبين مشكك الامر الذي أدى الى تأخير اعلان النتائج النهائية بفعل التشكيك بالنتائج والتلاعب بها (المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، انتخابات مجلس النواب العراقي 2021، النتائج النهائية).

وبعد التجاذبات والمد والجزر بين الأحزاب والكتل السياسية صادقت المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات في (27/12/2021)، على أثرها تكونت الخارطة النيابية داخل البرلماني العراقي وهي كما يلي: (المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، انتخابات مجلس النواب العراقي 2021، النتائج النهائية)

ت

الكتلة أو الائتلاف السياسي عد المقاعد ت الكتلة أو الائتلاف السياسي عد المقاعد
1 الكتلة الصدرية 73 7 تحالف الكوردستاني

17

2

تحالف تقدم 37 8 الأحزاب الفائزة بمقعد واحد 17
3 تحلف ائتلاف دولة القانون 33 9 عزم

14

4

الحزب الديمقراطي 31 10 حركة الجيل الجديد 9
5 المرشحين المستقلين 43 11 حركة امتدد

9

6

تحالف فتح 17 12 باقي التحالفات الاخرى 29
المجموع

329

 

ثانيًا الأداء التشريعي:

وكل التراكمات السابقة انعكست بصورة غير مباشرة على العملية السياسية على وجه العموم وعلى أداء مؤسسات الدولة والتي تقف في مقدمتها المؤسسة التشريعية على وجه العموم، إذ انهى مجلس النواب سنته التشريعية الأولى في ظل احداث متسارعة مثلت منعطف كاد ان يذهب بالعملية السياسية من أساسها على اثر توقف الحوار وانعدام التوافق بين الكتلتين الأكبر أدى الى تعطيل جلساته، وهذه الاحداث كانت تنذر منذ الوهلة الأولى الى تخبط وتعثر أداء مجلس النواب العراقي لان هذا التأخير يؤدي حتمًا الى تعطيل عمل المجلس التشريعي الى يعود بالسلب على حياة المواطنين والحياة العامة في البلد.

وبصورة عامة يمكن رصد الحركة التشريعية داخل مجلس النواب من خلال عدد الجلسات وما تم قراءته من قوانين وما تم التصويت عليه من قوانين، إذ عقد مجلس النواب في الدورة النيابية الخامسة (69) جلسة لغاية (16\ 8 \ 2023)، وجلستان تشاورية (المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2021-2023))، وقد بلغ عدد القوانين التي دخلت مجلس النواب (96)، إذ تم قراءة (95) قانون قراءة أولى، اما القوانين التي تم قراءتها قراءة ثانية ولم يصوت عليها بلغ عددها (56)، اما القوانين التي تم التصويت عليها بلغ عددها (27) قانون (المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2021-2023)، القوانين)، ومن تلك القوانين ما يأتي:

 

جدول رقم (4) يوضح نوعية مشروعات ومقترحات القوانين التي اقرها مجلس النواب

ت

نوعية القوانين العدد
1 قوانين تتعلق بتصديق المعاهدات والاتفاقيات الدولية

13

2

قوانين معدلة 8
3 قوانين تتعلق بالمواد الدستورية والانتخابية وتشكيل وزارات وهيئات (قوانين تنظيمية)

6

4

المجموع

27

 

وبسبب تراكم الاحداث والخلافات بين الكتل والأحزاب السياسية التي وصلت ذروتها في هذه الدورة وكادت ان تنسف العملية السياسية برمتها على اثر تقدم الكتلة الصدرية استقالتها إذ لم يستطيع مجلس النواب العراقي عقد جلساته الاعتيادية بصورة طبيعية الا في (13 | 10 | 2022) وهذا التأخير في المواقت الدستورية كان كله على حساب الوطن والمواطن، الامر الذي فوت الفرصة على مجلس النواب اقرار الكثير من القوانين التي تخدم المصلحة العامة.

عمومًا كل ما تقدم ولد خلل كبير كبل عمل مجلس النواب، بعبارة اخرى قيد ادوات التي يعتمد عليها كل مجلس تشريعي في الانظمة البرلمانية، وهذا الخلل اصاب مؤسسات الدولة برمتها كونها تنبثق من المؤسسة الام، الا وهي المؤسسة التشريعية (مجلس النواب) والاخير قد خيمت عليه اعراف المحاصصة الطائفية والحزبية والسياسية والعرقية مما جعله خاضعًا لمزاجيات الكتل والاحزاب السياسية المكونة له وهذا الامر بطبيعة الحال يؤدي الى اعاقة العمل التشريعي ويجعله خاضعًا للمساومات بين الاحزاب والكتل السياسية إذ يجعلون اقرار أي قانون مرتبط بمقدار ما يحصلون عليه من فوائد للحزب أو الجهة التي يمثلونها وليس على مقدار ما يجبي من فوائد للمصلحة العامة.

المبحث الثالث: سبل تقويم الأداء التشريعي لمجلس النواب العراقي

من خلال ما تقدم يتضح لنا بأنه ما زالت المنظومة السياسية في العراق لم تكتمل بعد، وذلك بفعل الازمات والتحديات التي تواجه هذا البلد، بدءاً بأزمة بناء الدولة مروراً بأزمة التكامل والتوزيع وانتهاءً بأزمة المشاركة، وهذا الواقع يفرض وجود واستمرار عملية سياسية وهي عملية مخاض عسيرة لم يتمخض عنها بعد بناء أسس ومقومات النظام السياسي، وهذا الواقع هو الذي يلقي بظلاله على أداء مؤسسات الدولة على وجه العموم وأداء مجلس النواب على وجه الخصوص التي تفترض وجود الأخير (النظام السياسي)، بمعنى أدق، ان الأداء التشريعي لمجلس النواب لم يرتقي لمستوى الطموح ولا يلبي رغبات المجتمع والدولة، لذا لابد البحث عن حلول علمية وعملية لمعالجة ذلك الخلل، ومن تلك الحلول: التأهيل السياسي، والنظام الانتخابي، والتكامل المؤسساتي، وسيادة القانون وهذا ما سنتطرق له اتباعاً، وكما يأتي:

 

المطلب الاول: التأهيل السياسي

تستدعي مهمة تأهيل المجتمع السياسي (ناخبين ونخبة) تعزيز روح المواطنة، ومن ثم استبدال الثقافات الفرعية الضيقة بثقافة وطنية، وهذا ما سنتعرض له اتباعاً.

  1. تعزيز روح المواطنة: يمثل هذا المفصل مهمة من المهمات التي تقع على عاتق الانظمة السياسية، لان توفرها في أي بلد يعد مؤشراً على مدى الاستقرار والانسجام الاجتماعي بين أفراده، وينعكس ذلك حتمًا بشكل ايجابي على الحياة السياسية على وجه العموم.

لكن هناك مؤشرات في بلدنا العراق تؤكد وجود إنتماءات فرعية متعددة: دينياً ومذهبياً وقومياً، ولا تشكل تلك الانتماءات مشكلة بحد ذاتها، وذلك لان الله تعالى خلق الناس على الاختلاف، ولكن المشكلة حينما يتحول هذا الاختلاف الى خلاف وصراع، وهذا ما حصل حينما تم تغذية تلك الانتماءات الفرعية وطغت على الانتماء الأصل الا وهو الانتماء للوطن، وقد ساهمت قوى دولية وإقليمية في هذا الامر، والمشكلة الأكثر خطورة إن التحول الذي شهده بلدنا العراق بعد سقوط النظام عام (2003) فسح المجال امام تلك القوى لاستغلال الأوضاع، والمضي قدماً في مشروعها الرامي الى تمزيق الوحدة الوطنية وإضعاف العراق واستثمار ثرواته البشرية والمادية.

ولما كانت التعددية الحزبية هي إحدى اهم سمات التحول المذكور، لذا فقد تأسست أحزاب عديدة وصل عددها الى أكثر من (300) حزب، والاشكالية ايضاً لا تكمن في العدد، بل تكمن في هذا الانخراط الذي خلق حالة التشتت لدى المواطن العراقي، والامر الأكثر خطورة إن معظم تلك الأحزاب تأسست على الانتماءات الفرعية، ومن النادر جداً ان تجد فيها من يحمل إيديولوجية وطنية جامعة شاملة، مما زاد الأمور تعقيداً إن جل تلك الأحزاب التي كان من المفترض أنها تمثل شرائح وانتماءات اجتماعية تمثيلاً مشروعاً وضمن الأطر الدستورية والقانونية، لكنها كرست تلك الانتماءات ورسخت حالة التعصب والتخندق والاصطفافات الطائفية والعرقية والحزبية، وبالمحصلة ساهمت تلك الأحزاب في اضعاف روح المواطنة، إن لم نقل غيابها لدى أوساط واسعة في المجتمع العراقي.

وهذا واقع الحال أنعكس بشكل جلي على العملية السياسية وعلى مدى الدورات النيابية الاربع (موضوع البحث) – كما اسلفنا القول – واضحت ظاهرة الصراعات الحزبية والدينية والمذهبية والعرقية طاغية على الحياة السياسية، وكان ذلك هو السبب الأساس في عدم اكتمال بناء مؤسسات الدولة لتكون نواة لبناء النظام السياسي.

ولمعالج هذا الواقع لابد من اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز روح المواطنة وتغليبها لدى المواطن العراقي في كل المواضع والاحوال على حساب الانتماءات الفرعية، وهذا لا يعني الغاء الأخيرة بل استيعابها وإحتوائها في منظومة متكاملة، وقد جاء الباب الثاني من الدستور العراقي النافذ – باب الحقوق والحريات العامة – ليمثل الحل الأمثل لتلك الإشكالية، إذ ساوى نص المادة (14) بين العراقيين بمختلف مكوناتهم فنصت على ان (العراقيون متساوون امام القانون دون تميز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي والاجتماعي)، بينما أكدت المادة (16) على ان (تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك).

لذا بعد تطبيق هذه النصوص على الوجه الأمثل فأنها ستساعد عندئذ على خلق روح العمل الجماعي الذي يرتكز على مبدأ المواطنة وما يترتب عليها من حقوق وواجبات وينمي الشعور بالمسؤولية لدى جميع افراد المجتمع للعمل من اجل مستقبلهم المشترك، فضلاً عن انها تنمي وتوثق الارتباط الوطني والقدرة السياسية والعمل السياسي الذي يشترك فيه الجميع ومن ثم يؤدي ذلك الى مشاركة الجميع ومساهمتهم في بناء الدولة ومؤسساتها، وهذا الامر ينمي الشعور بالمسؤولية لدى كل فرد من افراد المجتمع ويجعله يدرك مكانته في المجتمع والدولة واهميته بالنسبة لها من خلال عمل مؤسسات الدولة على حفظ كرامة مواطنيها وصيانتها، لان كل هذا يؤدي الى تحويل الفرد من فرد مستهلك أو سلبي الى فرد منتج أو إيجابي يساهم في بناء مجتمعه، مما ينعكس ذلك بكل تأكيد على تقويم وبناء السياسة العامة في البلد بالشكل الصحيح ذلك من خلال خلق قوة داعمة أو مساندة لما يقر من سياسات عامة.

وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة ان ترسيخ مفهوم المواطنة وتحقيق الوحدة الوطنية يتوقف على توافر مجموعة أساسية من المقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لان البناء الدستوري والسياسي واليات عمل مؤسسات الدولة وحالة التوازن بينهما والعلاقة المتوازنة بين النظام السياسي والمجتمع والتزام النظام السياسي بقواعد الدستور وتوفير أجواء من الديمقراطية والحرية، فضلاً عن حالة التوازن بين الانتماءات والهوايات الفرعية وانضمامها تحت الهوية الوطنية كل هذا يعد محدد أساسي يمهد لبناء الوحدة الوطنية، والعكس صحيح لان ان انعدام هذه المقومات يؤدي الى تصدع الهوية الوطنية وتمزق وحدتها (الزبيدي: ليث عبد الحسن، 2014، ص74).

وعليه متى ما توفرت الحقوق والحريات والواجبات التي كفلها الدستور كحق المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والثقافية إضافة الى المساواة امام القانون تتوفر المواطنة وتتأصل في نفوس المواطنين(عجيل: عمار وكاع، بلا، ص114) (عبد الرضا: اسعد طارش، 2010م، ص409)، وهي بأبسط صورها تعني الانتماء الى الوطن والولاء له ولهذا التعبير دلالاته القانونية والسياسية تمتد لتشمل جميع افراد الشعب بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات بغض النظر عن انتماءاتهم، بذلك تكون الاطار الذي يضم الانتماءات الفرعية بكل أنواعها لان هدفها الأول والاساس هو عدم الانغلاق وقبول الاخر ومشاركة الجميع(السامرائي: محمود سالم، 2009م، ص5) (عجيل: عمار وكاع، بلا، ص119) (العنبكي: طه حميد، 2016، ص69)، وبالمقابل فان غيابها يفسح المجال امام القوى الإقليمية والدولية لتحقيق مصالحها والتي هي في كل الأحوال على حساب المصلحة الوطنية للشعب العراقي (عطوان: خضير عباس، 2006م، ص41)، والمتتبع للأمر يبدو له واضحاً من خلال الفجوة الحاصلة بين النخب والقوى السياسية والمواطنين أو بين المجتمع والدولة، اذ مثل ذلك احدى اهم معوقات التي تقف امام ترسيخ مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية، ومن ثم امام صنع السياسة العامة وتنفيذها، ولو عرضنا هذه الصورة على الوضع العراقي منذ التغيير الى الان نجد ان العراق بأمس الحاجة الى تفعيل وترسيخ مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية من اجل النهوض بواقع مؤسسات الدولة وإعادة بناء المجتمع كخطوة أولى واساسية نحو بناء مجتمع متجانس وقادر على تجاوز الصعاب، مما يهيئ ذلك امام صناع السياسة العامة الأجواء المناسبة لإقرار سياسات عامة يكون جل اهتمام المصلحة العامة ولا تكترث الى المصالح والولاءات الفرعية، وذلك يكون من خلال ايجاد مؤسسات جديدة تعمل على تطوير الوعي المجتمعي بما يتلائم مع آليات الديمقراطية ومع خصوصية المجتمع.

وذلك يكون من خلال وضع آليات تعمل على تعزيز روح المواطنة لدى جميع افراد المجتمع، مثلاً وضع خطط للتنشئة الاجتماعية السياسية ويكون ذلك من خلال تغيير المناهيج التعليمية فعن طريق الأخيرة يمكن للأفراد معرفة مكانة وطنهم وعلاقته بالعالم الخارجي، وكذلك عن طريق المؤسسات الدينية فالخطاب الديني له الأثر المباشر في نفوس الافراد، وكل ذلك سيفضي حتماً الى تحويل المواطنين من قوة سلبية الى قوة إيجابية داعمة للسياسة العامة.

  1. التغيير الثقافي: بسبب الموروث التاريخي المتخم بشراسة الطائفية، وشدة القمع والتي بلغت ذروتها في ظل الحكم السابق (قبل عام 2003) (الجنابي: ميثم، 2010، ص213-214)، كان تدني الوعي الثقافي للناخب العراقي ردة فعل واقعية وربما طبيعية نتيجة لهذا الواقع، ما أدى الى انتشار الثقافة التقليدية التي يغلب عليها طابع التسلط والشخصنة والاقصاء وعدم قبول الاخر بل واقصائه فضلاً عن سيادة حالة التعصب للانتماءات الفرعية (الدينية، والمذهبية، والقومية، والمناطقية، وما الى ذلك) على حساب الولاء للوطن.

لذا أضحت الثقافة السائدة في العراقي هي ثقافة الخضوع، ذات قيم موروثة يغلب عليها طابع التسلط والشخصنة والاقصاء والتهميش وعدم قبول الاخر فضلاً على سيادة حالة التعصب للانتماء الديني أو الطائفي أو القومي على حساب الانتماء للوطن، كما ان النخبة ما زالت غير مؤمنة بالتقاليد الديمقراطية وغير مؤمنة بثقافة المعارضة (العنبكي: طه حميد، 2016، ص68)، وهذه الثقافة أدت الى ركن العقل والمنطق والحوار والنقاش جانباً، فالثقافة السياسية ما هي الا مجموعة الاتجاهات والقيم التي تتصل بعمل نظام سياسي محدد وتعد بمثابة معرفة منتظمة ومهارات مكتسبة عن عمل هذا النظام، كما تتضمن اتجاهات إيجابية أو سلبية نحوه وايضاً احكاماً تقييمية بشأنه (محمد: محمد علي، 1990م، ص128).

وبما ان القوى السياسية في النظام السياسي العراقي اخذت تسعى للحصول على مواقع وزارية بدافع البحث عن الامتيازات والنفوذ، دفع كل مكون من مكونات الشعب العراقي السعي وراء ضمان حقوقه من خلال تأسيس الأحزاب وضمان النفوذ السياسي لهم والحصول على مراكز مرموقة في السلطة، حيث اخذ كل مكون يؤسس حزبه على أسس طائفية أو مذهبية أو قومية، فالصابئة المندائيين وكذلك الآيزيديون مثلا لم يفكروا في يوم من الأيام بتأسيس تنظيم سياسي إلا بعد أن وجدوا أنفسهم خارج الخريطة السياسية فظهر مشروع حزب ” التجمع المندائي الديمقراطي” وتنظيم ” الحركة الديمقراطية الآيزيدية ” وظهرت التنظيمات الكردية الفيلية، وسارع المسيحيون إلى تأسيس حزب تحت عنوان ” الحزب الديمقراطي المسيحي العراقي ” مع وجود أحزاب كلدو آشورية (الخيون: رشيد، 2011م، ص44).

وعليه اخذت تلك الاحزاب يثقفون الناخب الذي ينتمي لتلك المكونات بالتصويت على أساس الانتماءات الفرعية وليس على أساس النزاهة والكفاءة، وهذا ما حصل بالفعل في جميع الانتخابات التشريعية (للدورات النيابية محل البحث) خصوصاً انتخابات الدورة النيابية الأولى، مما انعكس ذلك على أداء مؤسسات الدولة والسلوك النيابي للكتل السياسية واعضائها وعلى ثقافتهم السياسية ايضاً، إذ اخذ تلك الأحزاب والقوى السياسية يتشبثون بالمناصب التنفيذية للحصول على المغانم والامتيازات الحزبية أو الشخصية، اكثر من تشبثهم بالمناصب التشريعية.

وهذه الأسباب وغيرها كفيلة بأن تجعل أداء مجلس النواب بشكل عام وأدائه التشريعي بشكل خاص لا يلبي الطموح فضلًا عن ذلك وتجريده من فحواه الذي وجد من اجله وهو خدمة المصلحة العامة.

وعليه تتوقف الثقافة السياسية للأفراد بشكل كبير على مقدار المعرفة السياسية التي يتمتعون بها اتجاه القضايا السياسية المختلفة سواء كانت متعلقة بالنظام السياسي أو الحياة السياسية بمجملها، فالمعرفة السياسية للأفراد تتكون نتيجة لما تطرحه الأحزاب أو القوى السياسية المنتمين اليها أو المتعاطفين معهم من أفكار حول الواقع السياسي وما يجري فيه من احداث، ولما كانت تلك القوى أو الأحزاب السياسية تفتقد الى الثقافة السياسية الصحيحة انعكست بصورة مباشرة على ثقافة الجماهير الذين يتبعونهم (لان فاقد الشيء لا يعطيه)، إذ اخذت تلك القوى تصدر ثقافة التهميش والاقصاء والتخوين وعدم الاطمئنان والثقة الى الأطراف الأخرى الامر الذي نتج عنه تصويت كل ناخب الى طائفته السياسية الذي جعلته يشعر لا امان له الا في ظلها، ومن ثم انعكس ذلك وبشكل مباشر على النظام السياسي بمختلف مكوناته وعلى أداء المؤسسة التشريعية.

وبناءً على ما تقدم فأن حل تلك الإشكالية يستدعي تحقيق ما يسميه (كَابريل الموند) بالتغيير الثقافي أي تغيير الثقافة التقليدية السائدة الى ثقافة الحوار وقبول الاخر بل والنقد البناء وتوزيع الأدوار خدمة للصالح العام وتطوير أداء مؤسسات النظام السياسي، ويكون ذلك عبر وضع الخطط الشاملة على كافة المستويات بدءاً بتغيير المناهج الدراسية وتسخير الاسرة والمؤسسات الاعلامية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية اذ تأخذ هذه الخطة على عاتقها تنشئة المجتمع تنشئة اجتماعية سياسية (حجازي: غادة عودة؛ شعبان: خالد رجب علي، 2013م، ص11)، التي تكسب الفرد روح النقد الموضوعي وقيم المبادرة وروح التعاون والتسامح الفكري والثقة بالأخرين لتجاوز الانا والاعتراف بالأخر (عبد الله: رؤى، 2017م، ص131).

مما يهيئ قوة داعمة للعملية التشريعية سواء كانت على مستوى المؤسسات الرسمية أو القوى والمؤسسات الشبه الرسمية عن طريق التعاون وتبادل الأفكار خدمة للصالح العام، وهذا كله يكون عندما توجد ثقافة وطنية تتجاوز الثقافات الفرعية وتنمي التواصل بين أبناء المجتمع الواحد، ويكون ذلك عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية السياسية والقضاء على البطالة وخلق رخاء اقتصادي على النحو الذي يقتنع فيه المواطن ضرورة تغيير ثقافته السياسية وتغيير توجهاته السلبية بالإيجابية، والاهم من هذا كله هو وجود قيادة سياسية تؤمن بمبادئ الديمقراطية وفكرة التداول السلمي للسلطة واحياء مبدأ المعارضة السياسية لان مثل هذه القيادات قادرة على انتشال البلد من المأساة الى بر الأمان، وعليه تُعد الثقافة السياسية من اهم العناصر الرئيسية والاساسية التي تمييز مراحل النمو التطور في النظم السياسية وانتقالها من نظم تقليدية الى نظم حديثة.

ومن هنا يتضح لنا دور الثقافة السياسية وخطورته في صناعة السياسة واتخاذه لاسيما في ظل وجود هكذا تحديات طائفية ومذهبية وقومية متجذرة في ذهنية اغلب أعضاء مجلس النواب والقادة السياسيين الذين يتولون مراكز القرار اذ تنعكس هذه الميولات بدون شك على ما يشرع من قوانين داخل مجلس النواب وعلى تنفيذها، الامر الذي يجعل اغلب القوانين التي يصدرها هشة خاضعة للمساومات والمصالح الحزبية ومراعاتها أكثر من المصلحة العام.

لان الثقافة السياسية هي إحدى الأدوات السياسية المهمة التي تساعد على بناء الدولة والمجتمع من خلال التزام النخبة الحاكمة بعدم تجاوزها لحدود السلطة السياسية الشرعية، مع التزام أفراد المجتمع بالمقابل بقرارات هذه السلطة لتحقيق أهداف عامة تتجاوز المصالح الفرعية، مما يؤدي ذلك الى توسيع مدارك القادة السياسيين والافراد على ضرورة العمل المشترك للنهوض بواقعهم الاجتماعي والسياسي عن طريق دعم ما يُقر من سياسات السياسة العامة سواء كان بتجاوز المصالح الحزبية والشخصية من قبل القادة السياسيين أو عن طريق دعمها والمحافظة عليها من قبل الافراد.

وبالمحصلة حينما نتمكن من اعداد ناخب يتمكن من إختيار من ينوب عنه بملئ ارادته وبوعيه الكامل وبمعرفته الاكيدة ومن دون ضغوط أو املاءات أو ترغيب أو ترهيب، وقتذاك ستكون مخرجات العملية الانتخابية بناء برلمان (مجلس النواب) يمثل الشعب بكافة انتماءاته تمثيلاً حقيقياً ويجسد إرادته ويكون اهلاً للمسؤولية وبذلك يضطلع بمهامه الدستورية على أكمل وجه، بدءاً باختيار رئيس الجمهورية، ومنح الثقة لمجلس الوزراء، والرقابة على أعمالهم وانتهاءً بالمهام الأخرى التي اناطها الدستور به، وحين ذلك تتوفر لنا مؤسسات وطنية وفاعلة وقادرة على صنع سياسة عامة راشدة، كونه المؤسسة الام التي تنبثق عنه سائر المؤسسات الأخرى.

المطلب الثاني: النظام الانتخابي

ان النظام الانتخابي يؤثر بشكل كبير على عدد الأحزاب الموجودة داخل النظام السياسي، فنظام الأغلبية ذو الدور الواحد يؤدي الى الثنائية الحزبية، ونظام الأغلبية ذو الدوريين يؤدي الى تعدد الأحزاب لكن بشكل معتدل أو مرن ومتقارب، بينما يؤدي نظام التمثيل النسبي الى التعددية الحزبية بشكل متطرف (دفرجية: موريس، 1980م، ص330-331)، كما يؤثر النظام الانتخابي بشكل مباشر على علاقة الاحزاب والقوى السياسية وكذلك على مخرجات النظام السياسي، فاذا تم اتباع نظام الانتخابي يقوي دور الاحزاب، يؤدي بالمقابل الى اضعاف مؤسسات الدولة على وجه العموم المؤسسة التشريعية والتنفيذية على وجه الخصوص (الشاوي: منذر، 2001م، ص107.).

لان طبيعة النظام الانتخابي المعتمد في أي دولة من الدول يؤثر بشكل مباشر على بناء مؤسسات النظام السياسي الدستورية، فمن الممكن ان تؤدي طبيعة النظام الى حصول حزب معين على الأغلبية المطلوبة التي تمكنه من تشكيل الحكومة مع إبقاء الأحزاب الأخرى الى جانب المعارضة، ويمكن ان تؤدي الى عدم قدرة أي حزب من الأحزاب الحصول على الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة مما يدفعها الى تشكيل حكومات ائتلافية مع الأحزاب الأخرى، وهذا يعد من اهم المؤشرات التي تؤثر في مخرجات النظام السياسي وبناء مؤسساته وتعثر أدائها، ومن ثم ينعكس ذلك بشكل مباشر على فحوى السياسة العامة والاهداف المرجوة منها.

وذلك يبدو وضحاً عند متابعة الانتخابات التشريعية – للدورات النيابية الاربع محل البحث – إذ أدى اعتماد –النظام المذكور – الى التعددية الحزبية المتطرفة وظهور (أحزاب موسمية)، اثرت بشكل مباشر على أداء مؤسسات النظام السياسي، فقوانين الانتخابات الذي تم اعتمادها خلال تلك الدورات قد جيرت لصالح الأحزاب والكتل السياسية الكبيرة – كما اسلفنا-.

لكن يمكن الإشارة بالرغم من ان تلك القوانين التي اعتمدت في الدورات النيابية المذكور تعطي حجماً وطنياً لكل القوى السياسية المشاركة في الانتخابات الا انه في الوقت نفسه يقوي سيطرة الأحزاب السياسية على المرشحين بفعل عدم وجود قائمة وطنية تضم جميع شرائح المجتمع، لان تكوين القوائم الانتخابية في ظل نظام التمثيل النسبي يمثل ضماناً للنجاح أو الفشل ومن ثم ينعكس ذلك في اليات التصويت داخل مجلس النواب بمدى التزام المرشحين بالتصويت وعدم التصويت (عبدو سعد واخرون،2005م، ص91)، ذلك لان كل حزب ينظر الى مصلحة المكون الذي ينتمي اليه وليس الى المصلحة العامة.

وعليه افضت تلك العمليات الانتخابية الى انتاج مؤسسات، (مجلس النواب) على وجه الخصوص لا يمثل إرادة الامة تمثيلاً حقيقياً مما انعكس سلباً على أداء مؤسسات النظام السياسي برمتها، وهذا ما تؤكده الأوضاع التي شهدها العراق على مدار الدورات النيابية الثلاث إذ لم يكن أداء تلك المؤسسات يرتقي الى مستوى الطموح، فضلاً عن انها تشكلت على أساس المحاصصة السياسية والطائفية التي افرزها النظام الانتخابي وثقافة الناخب.

وكان ذلك نتيجة مشاركة اغلب تلك الأحزاب في السلطة بسبب اعتماد مبدأ المشاركة الوطنية وتشكيل حكومة وطنية، وهذا ان دل على شيء انما يدل على تأثير نظام الانتخابي (نظام التمثيل النسبي) المعتمد في العراق على عدد الأحزاب وعلى بناء المؤسسات السياسية، اذ يقتضي هذا النظام بضرورة توزيع مقاعد مجلس النواب على سائر مكونات الشعب العراقي بشكل عادل نسبياً.

كما شجع ذلك كل ذي نفوذ ومكانة على الترشيح للانتخابات الامر الذي انعكس بطبيعة الحال على تعدد التوجهات داخل مجلس النواب، والأكثر من ذلك عدم حصول أي حزب على الأغلبية الذي تمكنه من تشكيل الحكومة الامر الذي أنتج لنا حكومات ائتلافية غير منسجمة مهددة بين الحين والأخر بسحب الثقة منها مما يجعلها ترضخ لمطالب الأحزاب المشاركة فيها ومراعاة مصالحهم على حساب المصالح العامة، وهذا يشكل مؤشراً خطيراً على العملية التشريعية وعدم اكتراثها للمشاكل التي يعاني منها المجتمع.

الى جانب ذلك ان طريقة احتساب المقاعد وتوزيعها التي افرزها النظام الانتخابي في العراق اثرت بشكل مباشر على أداء المؤسسات السياسية والدستورية بشكل عام ومجلس النواب بشكل خاص، حيث نجد في نهاية كل دورة نيابية تسعى الأحزاب السياسية الى تغيير النظام الانتخابي بما يتلائم مع مصالحها ويضمن هيمنتها على أكثر عدد ممكن من المقاعد، هذا فضلاً عن الية احتساب المقاعد الشاغرة والتعويضية حيث ظلت الية احتساب هذه المقاعد مرتبطة بأمزجة رؤساء الكتل النيابية ورغباتهم، بالرغم من تقديم مقترحات قوانين تعالج ذلك الا ان هذه المقترحات تولد ميتة (لقاء اجراه الباحثان مع السيد عبد الرحمن اللويزي، في منزله يوم (15/4/2019))، وسبب في رفض تلك المقترحات يعزى لاستمرار هيمنة رؤساء الكتل النيابية على أعضاء المجلس لانهم اخذو يعطون هذه المقاعد ليس على أساس الكفاءة والنزاهة أو نسبة الأصوات التي يحصلون عليها؛ بل على مدى ولائه للكتلة ورئيسها وانصياعه لأوامرها.

وبناءً على كل ما تقدم يمكن القول ان تأثير النظام الانتخابي في أداء مؤسسات النظام السياسي خصوصاً مجلس النواب يتضح من خلال عدد الأحزاب داخله الذي حال دون حصول أي من الأحزاب مهما بلغ حجمه على الأغلبية المطلوبة التي تمكنه من تشكيل الحكومة وتمرير القوانين التي تخدم المصلحة العامة الامر الذي أدى الى ضرورة اللجوء الى الائتلاف مع الأحزاب الأخرى ذات الاوزان الصغيرة التي اخذت تسمى (ببيضة القبان)؛ وذلك بسبب اقتران تمرير تشكيل الحكومة والقوانين المهمة التي تخدم المصلحة العامة مرتبط بموافقتها وهذه الحقيقة جعلت الأحزاب ذات الاوزان الكبيرة تضطر الى مراعاة مصالح الأحزاب السياسية لكسب ودها في تمرير الحكومة والقوانين التي تخدم مصالحها دون الاهتمام بالمصالح العامة، وهذا يعد من اخطر المؤشرات على تلكؤ السياسية العامة وتعثرها.

ومن جانبنا نرى ان تخلص من هذه الحالة كان لابد من اتباع نظام انتخابي اكثر ملائمة لطبيعة المجتمع العراقي بالرغم من ان لكل نظام مزاياه وعيوبه الا اننا نفضل ان يتبع نظام الانتخاب بالأغلبية من خلال تقسيم كل محافظة الى دوائر صغيرة يكون عددها مساوياً لعدد المقاعد المخصصة لها اذ يتنافس فيها المرشحين الذين يسكنون هذا الدائرة بشكل فردي ويكون الفائز فيها من يحصل على اغلبية الأصوات، وبهذه الطريقة يمكن ضمان صعود المرشحين الكفؤين الذين تم انتخابهم من قبل ناخبين مناطقهم الذين يكونون على معرفة واحتكاك مباشر بهم، مما ينعكس ذلك حتماً على أداء مؤسسات النظام السياسي برمته ومن ثم على بنية المؤسسة التنفيذية (الحكومة)، وبهذه الطريقة سوف يجسد مجلس النواب الإرادة الحقيقية للناخبين كونهم سيصوتون الى من يعرفونه معرفة مباشرة بالاستناد الى كفاءته وخبرته ونزاهته، بذلك سوف تضمن الطابع المؤسساتي لسائر المؤسسات كونها سوف تنبثق من خلال مجلس نواب ممثلاً لأرادة الامة الحقيقية.

المطلب الثالث: التكامل المؤسساتي

من المشاكل الحقيقية التي افرزتها حالة انهيار مؤسسات الدولة بعد عام (2003) وجود فجوة إدارية وقانونية وسياسية وهو ما يسمى بـ (الفراغ المؤسساتي) الذي خلق الحساسية الاثنية والطائفية وانتشار حالة الفوضى السياسية والاجتماعية وهذا امر طبيعي يكون نتيجة لغياب المأسسة، لان الأخيرة في ابسط معانيها تمثل إحدى اهم اليات النظام السياسي في أداء وظائفه المتنوعة كما انها تساهم في تطويره على النحو الذي يكون فيه قادراً على تلبية متطلبات البيئة والمجتمع (أدهم: كمال حسين، 2009م، ص150-106).

وما يجدر الانتباه اليه ان النظام السياسي العراقي رغم مرور ما يقارب (16) عام على التغيير الديمقراطي ولا يزال يعاني من هشاشة بناء مؤسسات الدولة وضعف أدائها، ويمكن ان يرد ذلك الى الطفرة أو القفزة في بناءها التي اثرت بصورة سلبية على طبيعة السياسة العامة ومجمل القوانين التي تقترحها المؤسسة التنفيذية أو الذي يقرها مجلس النواب، لان النمو والتطور التدريجي يجعل المؤسسات اكثر توازناً واكثر مقاومة للصعوبات والتحديات التي تواجهها على العكس من سرعة الانتقال التي تجعل مؤسسات النظام السياسي اكثر هشاشة وعاجزة على مواجهة التحديات.

وهذا ما عانى منه النظام السياسي العراقي بعد عام (2003) وما زال يتحمل نتائجه التي اثرت بشكل سلبي ومباشر على طبيعة وأداء مؤسسات الدولة التي لم تفلح في صيانة قدراتها التنظيمية لضبط سلوك الافراد بما يجعلهم ينصاعون للقانون، والأكثر من ذلك اخذت هذه المؤسسات تجير لصالح الأحزاب السياسية أو الشخوص واصبح كل حزب أو مسؤول مؤسسة ينظر اليها على انها ملكاً له ولحزبه بل اخذ ينظر الى ان منصبه ليس تكليفاً بل تشريفاً له الامر الذي نمى عندهم النظرة التسلطية في التعامل مع كافة شرائح المجتمع وكذلك في القرارات التي يتخذونها مما نعكس ذلك على تنفيذ السياسة العامة وجعلها وجردها من مضمونها.

ومثل هكذا ظاهرة تعد من أخطر العقبات التي تقف في طريق العملية التشريعية التي من شأنها ان تعالج مشاكل المجتمع لأنها تؤدي الى فقدان مؤسسات الدولة استقلاليتها اذ تصبح مجرد أداة في خدمة الزعيم أو الحاكم أو الحزب مما يؤدي الى تفريغ تلك المؤسسات من محتواها الدستوري والقانوني، فتصبح عندئذ مجرد هياكل بيد زعيم أو رئيس أو التيار الذي يسيطر عليها.

وعليه يمكن القول ان التكامل المؤسساتي يمثل مفاتيح التقدم والنجاح والتطور للنظام السياسي والدولة، وهذا يكون عن طريق وضع خطة شاملة ومتكاملة للاسترشاد بها على المدى القصير والمتوسط والبعيد، اذ تتضمن هذه الخطة اليات تكوين تلك المؤسسات وأليات عملها بشكل تدريجي من اجل تحقيق الانسجام وتعاضد بين مختلف اجزاءها مما ينعكس ذلك على أدائها بصورة إيجابية وكذلك على طبيعة وفحوى ما يتم اقراره من قوانين لان الانسجام وتنسيق في عمل مؤسسات الدولة يجعلها اكثر رشادة واكثر فائدة لعموم المجتمع، وكل ذلك يمكن ان يكون من خلال ما يلي:

  1. الغاء المحاصصة السياسية والطائفية في توزيع المناصب بشكل عام والمؤسسة التشريعية بشكل خاص.
  2. تشريع القوانين التي تهدف الى بناء المؤسسات وتكاملها مثل قانون مجلس الاتحاد ومحكمة الاتحادية.
  3. إعادة النظر في القوانين التنظيمية التي تنظم سلوك موظفي الدولة ومسؤوليها.

المطلب الرابع: التكامل المؤسساتي

ولابد من الإشارة هنا ان ظاهرة الشخصنة للمؤسسات متجذرة في الثقافة السياسية العراقية نتيجة الموروث السياسي والاجتماعي المتجذر في الشخصية العراقية، وبسبب ذلك كان من أبرز العقبات التي تقف امام سيادة القانون هو تقديس الرموز السياسية أو الدينية التي أسهمت بشكل أو بأخر في شخصنة السلطة السياسية اذ اخذت الأحزاب والقوى السياسية تتبنى اسم رمز معين لتصول وتجول بمؤسسات الدولة(الجبوري: علي، 2010م، ص232-233)، والأكثر من ذلك ان هذه الظاهرة تجعل ذلك الرئيس أو الزعيم فوق القانون واسمى من الدستور على النحو الذي تسخر فيه كافة الجهود لدعم الوضع القائم، فيتم تشريع القوانين بما يخدم مصلحة الحزب ومن يدور بفلكه فتصبح القوانين فارغة من محتواها، وهذا ما عليه واقع السياسة العامة في العراق منذ التغيير والى لحظة كتابة هذه السطور.

ولأهمية هذه الظاهرة اجمع الباحثانون في ظاهرة الدولة، على خطورتها وعلى ضرورة ازالتها من خلال، اذ اعتبروا شخصنة المؤسسات وعدم احترام القوانين اقصى درجات الديكتاتورية بل انها تعد من أخطر العقبات التي تقف امام التحول الديمقراطي وسيادة القانون (مجاهدي: جلال، شخصنة الحكم والسلطة ورم من اورام الدولة، 25/7/2017)، وللتخلص من هذه الظاهرة يستدعي إعادة النظر في الكثير من القوانين والأنظمة السائدة من اجل إعادة سيادة القانون ويقتضي ذلك الى ردع الكثير من الأحزاب السياسية والشخصيات الذين تجاوزوا تلك القوانين بحثاً وراء مصالحهم الخاصة، وذلك من خلال تطبيق مبدأ (اضرب المستهزء يتعظ الجاهل) اي بمعنى تفعيل مبدأ الثواب والعقاب الذي يجزى فيه من يعمل بكفاءة ويعاقب من يسيء الى القانون وتطبيقه، والمقصود بضرب المستهزء هنا هو محاسبة كل مسؤول يقف على هرم المؤسسة (السلطة) لكنة لا يلتزم بالقوانين التي تحكم تلك المؤسسات، وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى خلق الضغينة في نفوس افراد المجتمع بسبب شعورهم ان القوانين أضحت تطبق على من لا سند له، لكن بتفعيل هذا المبدأ سيساعد وبشكل كبير على بناء المؤسسات والتزام القائمين عليها بالقوانين التي تحكمها.

فضلاً عن ان تفعيل مبدأ الثواب والعقاب يمكن ان يؤدي الى خلق الأرضية المناسبة لظهور المعارضة السياسية التي تساعد على التخلص من ظاهرة شخصنة المؤسسات وتجبر كل ذي مسؤولية على الالتزام بالقوانين، ذلك لان المعارضة السياسية تعد الأداة الأهم والابرز وضرورة ملحة لتصحيح مسار مؤسسات الدولة بشكل عامو ومجلس النواب بشكل خاص وتخليصها من حالة التلكؤ والاعوجاج في أدائها.

وعليه يمكن القول ان هذا التغيير والتطور المفاجئ في مؤسسات الدولة قادة الى خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وعدم الالتزام بالقانون حيث غيب الأخير لصالح المحاصصة الحزبية والطائفية، إذ اخذت الأحزاب السياسية تفصل القوانين على مقاساتها وبما يخدم مصالحها ومصالح الجهات التي تدعمها، وهذا الجانب وحده كفيل في تلكؤ وتعثر العملية التشريعية على النحو الذي يجعل منها سياسات طالحة وليس صالحة لخلق مزيد من الفوضى، لان الأخيرة تساعد تلك الأحزاب على السيطرة اكثر واكثر على مؤسسات الدولة وجعلها أداة بيدهم خدمة لمصالحهم على حساب المصلحة العامة.

المطلب الخامس: تأسيس معهد لصنع السياسة العامة([1]):

تستدعي مهمة صنع السياسة العامة الاسترشاد بمنهجية علمية مدروسة وقابلة للتنفيذ بفاعلية على الأرض، وهذا هو معيار التمييز بين الدول المتطورة والدول المتأخرة (الفاشلة) فالأولى تمكنت من تذليل بل واجتياز كل التحديات والعقبات والأزمات التي واجهتها – بدءاً بأزمة بناء الدولة مروراً بأزمة بناء الأمة وأزمة التوزيع وإنتهاءً بأزمة المشاركة- مما مهد السبيل أمامها لتحقيق الرفاهية لشعوبها، أما الأخيرة (الدول المتأخرة) فإنها بقيت على حالها، وربما تراجعت بفعل عدم تبني القائمين على إدارة مؤسساتها الدستورية والسياسية الرسمية وشبه الرسمية سياسة عامة واضحة المعالم.

من هنا تبرز أهمية الدور الذي لابد أن تضطلع به مراكز الأبحاث في صنع السياسة العامة، وهو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، إذ لم تعد تلك المراكز مجرد مصدر للمعلومات التي يحتاجها صناع القرار، ولا يمكن أن يقتصر دورها على تقديم الاستشارات الفردية والشفوية وحينما يطلبها المعنيون، بل إنها تجري دراسات مستفيضة تعين صناع السياسة العامة على القيام بأدائهم لمهامهم التي رسمها الدستور لهم على الوجه الأمثل وبما يحقق العيش الكريم للمواطن ويعزز هيبة الدولة ومكانتها داخلياً وخارجياً، والأهم من كل ذلك تعمل تلك المراكز على تحديد الأُطر والأُسس الفكرية والفلسفية والاقتصادية والاجتماعية للنظام السياسي برمته.

وعلى ذلك تعد مهمة تأسيس معهد وطني معني بصنع السياسة العامة في العراق ضرورة حتمية، وذلك بحكم غياب الرؤية والقدرة لدى القائمين على إدارة مؤسسات الدولة في المرحلة الماضية – التي طالما عانت من خلل بنيوي صارخ – على صنع سياسة عامة واضحة المعالم، وقد تجلى ذلك في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدمية فضلاً عن تردي الأوضاع السياسية والأمنية مما أفضى إلى تعاظم خيبة الأمل وتفاقم حالة الإحباط في نفوس المواطنين العراقيين.

ويكون المعهد الوطني لصنع السياسة العامة مؤسسة رديفة لمؤسسات الدولة، تضع كل إمكاناتها في خدمة تلك المؤسسات والقائمين عليها، من خلال تقديم المشورة ورصد المشكلات والأزمات وتحليل أبعادها ومن ثم العمل على إيجاد حلول وخيارات متعددة بما يتناسب ومعطيات البيئتين الداخلية والخارجية التي يتفاعل معها النظام السياسي على وجه الجملة، ومن ثم وضع رؤية استشرافية لاستئصال أو منع قيام المشاكل والأزمات والتحديات المحتملة.

كما يتولى مهمة إعداد الأبحاث والدراسات العلمية التي تعرض التجارب الناجحة في النظم السياسية المعاصرة في إطار صنع السياسة العامة، مع إبراز مدى استفادة تلك النظم من الخبرات التي يمتلكها المتخصصون في هذا الإطار، فضلاً عن تنظيم دورات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل ينخرط فيها أعضاء مجلس النواب والوزراء وكافة المسؤولين رفيعي المستوى في الدولة.

 

الخاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

جرت الأعراف ان يحمل مجلس النواب على الحكومة مسؤولية عدم التغيير في تشكيلاتها الوزارية عندما تخفق في أدائها ويعتقدون أن ذلك أحد أسباب التي تؤثر بشكل مباشر على الأداء الحكومي متناسين بذلك ان عملية تغيير الأداء الحكومي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتبديل أعضاءها أي بعبارة أخرى متوقف بشكل مباشر على تحسين أداء مجلس النواب والقيام بالمهام المناطة به على الوجه الامثل، والأخير يتوقف بشكل مباشر على محدودية التغيير في تركيبة مجلس النواب، إذ نجد ان المحاصصة السياسية والحزبية والطائفية والعرقية والمذهبية هي التي حددت مسار عمل المجلس خلال الدورات الأربعة محل الدراسة للمدة (2006 -2021)، وهذا الجمود في الكيفية التي ينتخب بها رئيس المجلس ونائبيه والكيفية التي توزع بها اللجان البرلمانية يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبل المجتمع الدولة لاسيما أن المؤسسة التشريعية (مجلس النواب) هي التي تقوم بواجبات عدة تقف في مقدمتها التشريع والرقابة على أداء الحكومة.

وعليه أن أي خلل في أداء مجلس النواب يؤدي الى حالة من الفوضى التشريعية والأخيرة تنعكس بشكل مباشر على أداء سائر مؤسسات الدولة التي أخذت بعدًا واحدًا في التعثر وتلكؤ في أدائها، وعدم التنسيق فيما بينها من جهة وبينها وبين مجلس النواب من جهة أخرى وذلك بسبب انشغال كل قوى سياسية أو حزب سياسي بالقضايا الفرعية التي تخدم مصالحهم على حساب مصلحة الدولة والمجتمع، إذ أصبح ليس بمقدور أي طرف أن يفهم ماذا يريد الطرف الآخر أو إلى ماذا يرمي الامر الذي جعل مجلس النواب يعيش الازدواجية وتخبط في أداء على وجه العموم وأداء التشريع على وجه الخصوص فالمتتبع لأداء مجلس النواب العراقي ان معظم القوانين التي تم أصدرها تعاني من النقص في الصياغة القانونية مما يدفع الجهات المختصة الى الطعن بها امام المحكمة الاتحادية العليا حتى ان بعض القوانين تم طعنها قبل ان تدخل حيز التنفيذ.

وبناءً على ما تقدم ان عدم التنسيق والتخبط يساهم بشكل مباشر في إضعاف مؤسسات الدولة على وجه العموم ومجلس النواب على وجه الخصوص، لاسيما ان الأخير المسؤول المباشر عن عملية مراقبة المؤسسات الأخرى وتقويم أدائها وتشريع القوانين التي تنظم عملها وتخبط مجلس النواب وضعف أدائه بهذه المهمة سوف يضعف اداء مؤسسات الدولة برمتها، ومن ثم نصل الى مؤسسات ذات كيان ضعيف ومترهل، بسبب ضعف أداء مجلس النواب.

 

 

المصادر

  1. احمد: لقمان عثمان، عباس: الفاروق عبد الرحمن، تطور النظام الانتخابي في العراق (2005-2014)، مجلة جامعة تكريت، العدد (23)، 2014م، ص349
  2. أدهم: كمال حسين، مفهوم المواطنة واليات تعزيزها، مجلة دراسات إقليمية، جامعة الموصل، العدد (13)، 2009م، ص150-106
  3. الاسدي: د. ضياء عبد الله، توزيع المقاعد التعويضية الوطنية (نظرة قانونية)، صحيفة المثقف، العدد (1380)،20/4/2010.
  4. البكري: ياسين سعد محمد، إشكالية الديمقراطية التوافقية وانعكاساتها على التجربة العراقية، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، العدد (27)، 2009، ص71
  5. تقرير المرصد النيابي، تقرير الفصلي للشهور (تموز، اب، ايلول)، مؤسسة مدارك، لدراسة اليات الرقي الفكري، بغداد، بلا، ص62
  6. التقرير النهائي للمرصد النيابي، الدورة النيابية الثالثة (2014-2018)، مؤسسة مدارك لدراسة اليات الرقي الفكري، ص 13-15، على الرابط:

http://www.miqpm.com/new/OR_Details.php?ID=61

  1. تقييم البعثة الدولية للانتخابات العراقية، التقرير النهائي لانتخابات 15 كانون الأول 2005 لمجلس النواب، بغداد، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بلا، ص10-18.
  2. جاسم: د. خيري عبد الرزاق، العملية السياسية في العراق ومشكلات الوصول الى دولة القانون، مجلد (33)، سلسلة كتب مركز العراق للدراسات، 2009م، ص16-18.
  3. جاسم: عماد مؤيد، المواد الخلافية في الدستور العراقي والتنظيم السياسي للسلطة، مجلة دراسات اجتماعية، بيت الحكمة، العدد (33)، 2014م، ص105
  4. الجبوري: علي، ترسيخ ظاهرة شخصنة السلطة في العملية السياسية في العراق بعد عام (2003)، مجلة العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد (41)، 2010م، ص232-233
  5. الجنابي: ميثم، زمن الانحطاط وتاريخ البدائل، الامارات العربية المتحدة، دار الكتاب الجامعي، 2010م، ص213-214
  6. حاكم: عصام، ظواهر غير قانونية في أداء مجلس النواب العراقي، ملتقى النبأ للحوار، 28/نيسان/2016، على الرابط: https://annabaa.org/arabic/rights/6161. 20/7/2023
  7. حجازي: غادة عودة، خالد رجب علي شعبان، نحو تعزيز المشاركة السياسية للطالبات الجامعيات الفلسطينيات، مجلة العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد (46)، 2013م، ص11
  8. حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب العراقي، للدورة النيابية الأولى (2006-2010)، الدائرة البرلمانية، قسم المتابعة التشريعية.
  9. حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب العراقي، للدورة النيابية الثانية (2010-2014)، مجلس النواب العراقي، الدائرة البرلمانية، قسم المتابعة التشريعية.
  10. حركة مشروعات ومقترحات القوانين داخل مجلس النواب العراقي، للدورة النيابية الثالثة (2014-2018)، مجلس النواب العراقي، الدائرة البرلمانية، قسم المتابعة التشريعية.
  11. الحسيني: د. علاء إبراهيم محمود، الفشل الوظيفي في عمل مجلس النواب، 24/ كانون الثاني/ 2017، شبكة نبأ، على الرابط:https://annabaa.org/arabic/rights/9605
  12. الحلو: مشتاق، وقفة مع أداء البرلمان العراقي وكتله النيابية، صحيفة العالم الجديد، 16/نيسان/2014، على الرابط:

https://al-aalem.com/news/6019

  1. حنون: د. تغريد، فكرة الديمقراطية بين النشأة والتعزيز في العراق، مجلة العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد (36)، 2008م، ص210.
  2. حنون: د. تغريد، ماهية الكيانات السياسية المشاركة في العملية التشريعية في العراق للفترة (2003-2010)، مجلة العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد (41)، 2010م، ص291.
  3. الخيون: رشيد، ضد الطائفية (العراق جدل ما بعد نيسان 2003م)، بيروت، مدارك، الطبعة الثانية، 2011م، ص44.
  4. الداوودي: غالب، المدخل الى علم القانون، عمان، دار وائل للنشر، 1992م، ص98
  5. دفار: عادل حسن، ملخص تنفيذي للدورة النيابية الأولى (2006-2010)، دائرة البحوث والدراسات، مجلس النواب العراقي، ص2
  6. دفار: عادل حسن، ملخص تنفيذي للدورة النيابية الثانية (2010-2014)، مجلس النواب العراقي، دائرة البحوث والدراسات، ص2
  7. دفرجية: موريس، الأحزاب السياسية، ترجمة: علي مقلد وعبد الحسن سعد، بيروت، دار النهار للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة، 1980م، ص330-331
  8. الدليمي: د. حافظ علوان، مجلس النواب العراقي مقاربة بين الواقع والطموح (2005-2010)، مجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية، العدد (25)، 2014م، ص43
  9. الركابي: د. هاتف المحسن، التنظيم الدستوري والعملية التشريعية في النظام الفيدرالي في العراق وفق دستور جمهورية العراق لسنة (2005)، بغداد، دار الأساتذة للنشر، 2016م، 349.
  10. الركابي: هاتف المحسن، التنظيم الدستوري والعملية التشريعية في النظام الفيدرالي في العراق وفق دستور جمهورية العراق لسنة (2005)، بغداد، دار الأساتذة للنشر، 2016م.
  11. الزبيدي: ليث عبد الحسن، محسن: د. زيد عدنان، الثقافة السياسية وبناء الوحدة الوطنية بين مؤشرات الأداء وعملية التقييم، مجلة قضايا سياسية، جامعة النهرين، العددان (35-36)، 2014م، ص74
  12. السامرائي: محمود سالم، المواطنة والديمقراطية، مجلة دراسات إقليمية، مركز دراسات الإقليمية، جامعة الموصل، العدد (31)، 2009م، ص5
  13. السويراوي: عبد الله، نظرة مستقبلية للبرلمان الجديد، الحوار المتمدن، العدد (3001)، 11/5/2010، على الرابط:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=214962&r 2/8/2023

  1. الشاوي: د. منذر، الاقتراع السياسي، بغداد، منشورات دار العدالة، 2001م، ص107.
  2. صحيفة الصباح الجديد، عن صحيفة الصن تايمز البريطانية، مجلس النواب ما زال يحصد ثمار ما زرعه من بذور طائفية، ترجمة: سناء البديري، اب/ 2016، على الرابط:        https://newsabah.com/newspaper/94195
  3. صديق: م.م. فلاح مصطفى، إسماعيل: كاروان اورحمان، دور النظام الانتخابي في تحقيق مبدأ شرعية السلطة السياسية (العراق نموذجاً) دراسة تحليلية، مجلة التنمية البشرية، كلية القانون والسياسة، جامعة سليمانية، العدد (40)، 2017م،
  4. الطالقاني: علي، أداء مجلس النواب واليات تطويره، ملتقى النبأ للحوار، 31/أيار/2016، على الرابط:

https://annabaa.org/arabic/reports/6566

  1. العاني: د. حسان شفيق، الانتخابات التشريعية وما بعدها، مجلة منار المستقبل، مركز المستقبل للدراسات والبحوث، بغداد، 2005م، ص36
  2. عبد الرضا: اسعد طارش، المواطنة والمشاركة السياسية في العراق الجديد، مجلة العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد (41)، 2010م، ص409.
  3. عبد الرؤوف مصطفى، آفاق الدور الإيراني في ضوء الانتخابات التشريعية العراقية 2018، مركز الدراسات والبحوث، 23/5/2018، على الرابط:

https://rasanah-iiis.org/

  1. عبد الله: رؤى لؤي، الثقافة السياسية ودورها في تكوين الاتجاهات، المجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية، العددان (35-36)، 2017م، ص1131
  2. عبدو: سعد واخرون، النظم الانتخابية، بيروت، منشورات دار الحلبي الحقوقية، 2005م، ص91
  3. عجيل: عمار وكاع، المواطنة في العاق بعد عام 2003 دراسة في الأسباب والتحديات، مجلة تكريت للعلوم السياسية، جامعة تكريت، المجلد (3)، العدد (9)، السنة الثالثة، ص114.
  4. عصام حاكم، ظاهرة إخلال النصاب القانوني لتعطيل تشريع القوانين، مركز المستقبل، 18/ شباط/2018، شبكة نبأ المعلوماتية، على الرابط:

https://annabaa.org/arabic/reports/14273

  1. عطوان: خضير عباس، مستقبل ظاهرة العنف السياسي في العراق، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد (330)، بيروت، 2006م، ص41
  2. علي: أمنة محمد، اشكالية تجربة الديمقراطية التوافقية في العراق، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، العدد (51)، 2015، ص108
  3. العنبكي: د. طه حميد حسن، حق الانتخاب بين النصوص الدستورية والقانونية والممارسة الانتخابية، مجلة الحقوق، الجامعة المستنصرية، العدد (10)، 2010م، ص19-20.
  4. العنبكي: طه حميد، نحو سياسة عامة راشدة في العراق، مجلة جامعة التنمية البشرية، السليمانية، المجلد (2)، العدد (4)، 2016م، ص61
  5. الغزي: ناجي، ظاهرة الفساد مسبباتها وتحليلها واثارها على المجتمع، الحوار المتمدن، العدد (2515)، على الرابط:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=158307&r

  1. الفقرة اولاً من المادة (1)، قانون تعديل قانون انتخابات رقم (16) لعام (2005)، رقم (26) لعام (2009)، جريدة الوقائع العراقية، العدد (4140)، 28/12/2009.
  2. قانون انتخابات رقم (16) لعام (2005)، جريدة الوقائع العراقية، العدد (4010)، 23/11/2005، السنة السابعة والاربعون.
  3. القصاب: عبد الوهاب، انتخابات مجلس النواب العراقي لعام (2014) التوقعات والافاق، قطر، المركز العربي للأبحاث، 2014م، ص8
  4. لقاء اجراه الباحثان مع السيد عبد الرحمن اللويزي، نائب سابق في الدورة النيابية الثالثة (2014-2018)، في منزله يوم (15/4/2019)
  5. المادة (11)، فقرة اولاً، ثانياً، ثالثاً، قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45)، لعام (2013)
  6. المادة (18)، فقرة، ثانياً، ثالثاً، النظام الداخلي لمجلس النواب لعام، بغداد، الدائرة الإعلامية، الطبعة السادسة، 2013م
  7. المادة (44)، فقرة اولاً، ثانياً، قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لعام 2015م، جريدة الوقائع العراقية، العدد (4383)، 12/ تشرين الأول/2015، السنة السابعة والخمسون.
  8. ماهر القدرات، المظاهرات العراقية 2019 .. هل تكون بداية تحقّق المشروع الوطني وتجاوز نظام المُحاصصة الطائفي، مركز العربي للبحوث والدراسات، 9/12/2019، على الرابط: http://www.acrseg.org/41431?msclkid
  9. مجاهدي: جلال، شخصنة الحكم والسلطة ورم من اورام الدولة، الحوار المتمدن، مواضيع وابحاث سياسية، العدد (5443)، 25/7/2017، على الرابط:        http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=549617&r=0
  10. مجلس النواب العراقي، القوانين المطلوب تشريعها دستورياً، دائرة البحوث، قسم الدراسات القانونية والصياغة التشريعية، ص1، على الرابط:

http://ar.parliament.iq/2018/10/13

  1. مجلس النواب العراقي، محضر الجلسة الافتتاحية الاولى، الدورة النيابية الثانية (2010-2014)، الفصل التشريعي الاول، 13/6/2010.
  2. مجلس النواب العراقي، محضر جلسة (الرابعة)، الدورة النيابية الثانية (201-2014)، الفصل التشريعي الاول، 22/11/2010
  3. محاضر جلسات مجلس النواب العراقي، الدورة النيابية الثالثة (2014-2018)، موقع مجلس النواب العراقي، على الرابط: http://arb.parliament.iq/archive/category/
  4. محاضر جلسات مجلس النواب العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021)، موقع مجلس النواب العراقي، على الرابط:

https://archive4.parliament.iq/ar/category/

  1. محضر الجلسة (السادسة) لمجلس النواب، الدورة التشريعية الثالثة، السنة التشريعية الأولى، الفصل التشريعي الأول، 10/8/2014
  2. محظر الجلسة (الاولى) المفتوحة لمجلس النواب، الدورة النيابية الثالثة، السنة التشريعية الأولى، الفصل التشريعي الأول، 1/13/15/7/2014
  3. محظر الجلسة الأولى (المفتوحة)، لمجلس النواب العراقي، الدورة النيابية الأولى (2006-2010)، 16/3-22/4/2006
  4. المحكمة الاتحادية العليا، احكام وقرارات، العدد (55/ اتحادية)، 24/10/2010، على الرابط: https://www.iraqfsc.iq/krarat/1/2010/55_fed_2010.pdf
  5. المحكمة الاتحادية العليا، احكام وقرارات، رقم 8/ اتحادية/ 2018 بتاريخ 21/ 1/ 2018″. على الموقع الرسمي لها:

https://www.iraqfsc.iq/krarat//2018/_fed_2018.pdf

  1. المحكمة الاتحادية العليا، احكام وقرارات، على الموقع الرسمي لها:

https://www.iraqfsc.iq/krarat/1/2016/3_fed_2016.pdf

  1. محمد: لبيب شائف، دليل التدريبي للقادة الإداريين في السياسة العامة، صنعاء، مشروع استجابة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، 2012م، ص13-14.
  2. محمد: محمد علي، أصول الاجتماع السياسي (السياسة والمجتمع في العالم الثالث)، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1990م، ص128
  3. المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021)، القوانين، موقع مدارك لرصد أداء مجلس النواب، على الرابط:

http://miqpm.com/2018/Legislations.php

  1. المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021)، موقع مدارك لرصد أداء مجلس النواب، على الرابط:

http://www.miqpm.com/2018/Sessions.php

  1. المرصد النيابي العراقي، الدورة النيابية الرابعة (2018-2021)، موقع مدارك لرصد أداء مجلس النواب، على الرابط:

http://miqpm.com/2018/Documents.php

  1. المرصد النيابي، الائتلافات السياسية، الدورة النيابية الثالثة (2014-2018)، على الرابط:             http://www.miqpm.com/new/Coalitions.php
  2. المرصد النيابي، الدورة النيابية الرابعة، 2018-2022، على الرابط:                  http://www.miqpm.com/2018/Committees.php
  3. المرصد النيابي، تقرير شهر أيلول/ 2018، مؤسسة مدارك، على الرابط:http://www.miqpm.com/2018/OR_Details.php?ID

 

  1. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أسماء الائتلافات المصادق عليها لانتخابات 2014، على الرابط: http://www.ihec.iq/Attachment/ihecupload/2014/kayanat/etlaf20-4.pdf
  2. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أسماء وأرقام الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، الموقع الرسمي، على الرابط:

http://www.ihec.iq/Attachment/ihecupload/2014/kayanat/qoraa.jpg.pdf

  1. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الكيانات المشاركة في الانتخابات التشريعية (2010)، الموقع الرسمي للمفوضية، على الرابط: http://www.ihec.i/5/9/2020
  2. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، انتخابات مجلس النواب العراقي 2021، النتائج النهائية، على الرابط:https://ihec.iq/result2021
  3. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، نظام توزيع المقاعد لانتخابات مجلس النواب رقم (21) لعام (2010)، 2010م، ص3
  4. مكي: لقاء، الانتخابات العراقية تحديات الاستقرار ومخاطر التصعيد، الدوحة، مركز الجزيرة للدراسات، ۱۳/ مايو/2018، ص3-4.
  5. منشورات مجلس النواب العراقي، انجازات (2006)، بغداد، الدائرة الاعلامية لمجلس النواب.
  6. منشورات مجلس النواب العراقي، انجازات (2007)، بغداد، الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، 2008.
  7. منشورات مجلس النواب العراقي، انجازات (2008)، بغداد، الدائرة الاعلامية لمجلس النواب، 2009.
  8. منشورات مجلس النواب العراقي، انجازات (2009)، بغداد، الدائرة الاعلامية لمجلس النواب، 2010.

 

 

(*) أصدرت المحكمة الاتحادية قرارتها (43) و(44) اتحادية في 12/7/2010، وتم بموجبهما سلب مجلس النواب صلاحيته في اقتراح القوانين وأصبحت هذه الصلاحية عملياً بيد المؤسسة التنفيذية، فقد قضت المحكمة بعد جواز اصدار أي قانون بناءً على أساس مقترح، وان أي مقترح يتقدم بها أعضاء مجلس النواب لا بد الرجوع به الى المؤسسة التنفيذية لأنه فكرة والقانون لا يصدر الا بمشروع قانون الذي تعده المؤسسة التنفيذية وبموافقتها. ينظر: احكام وقرارات، المحكمة الاتحادية العليا، 2/7/2010، موقعها الرسمي على

الرابط:https://www.iraqfsc.iq/krarat/1/2010/44_fed_2010.pdf 20/7/2023.

(*)سمي المعدل لان في النظام الأصلي يتم تقسم الأصوات الصحية التي تحصل عليها كل قائمة على الاعداد التسلسلية (9.7.5.3.1.6…الخ)، وبعدد المقاعد للمخصصة للدائرة الواحدة، وبالحقيقة ان هذا النظام ييتم توزيع المقاعد فيه في الانظمة الانتخابية العالمية بدأً من (1.4) وليس (1.6) بل كانت بعض الكتل السياسية تسعى لتفصيل النظام الانتخابي على مقاسها وخدمة لمصالحها لدرجة انها اقترحت تعديل القانون المعدل اصلاً لتبدأ فيه القسمة من (1.9) لكنها فشلت. للمزيد ينظر: القصاب: عبد الوهاب،2014م، ص8.

([1])اذ يضم هذا المعهد سبعة اقسام وهي كالاتي: (1. قسم الأرشيف: يتولى أرشفة جميع أنشطة المعهد من الوثائق والمشاريع والمقترحات والإصدارات والقرارات والمخاطبات الرسمية والمؤتمرات والندوات والورش والدورات، وذلك بغية توفير قاعدة بيانات شاملة وعامة يمكن الرجوع إليها والاستفادة منها كونها تعد أحد أهم أدوات البحث والتحليل. 2. وحدة استطلاعات الرأي العام. 3. قسم الدراسات المستقبلية ومهمته رسم المشاهد المستقبلية للظواهر والمشاكل والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والخيارات الممكنة والمتاحة والحلول لكل مشهد. 4. قسم الدراسات الدولية ويتخصص بوضع الخطط والبرامج والسياسات للتعامل مع الدول العربية والإقليمية والدولية.  5. قسم التعليم المستمر ويتعهد بمهمة تنظيم الندوات والمحاضرات والورش والمؤتمرات والدورات. 6. قسم الإعلام والعلاقات العامة ويتولى مهمة متابعة إصدارات المركز ونشاطاته ونشرها إلكترونياً وورقياً،كما يتولى مهمة التنسيق والتواصل مع الجهات المعنية محلياً وخارجياً. 7. قسم صنع السياسة العامة والذي يضم الفروع المختلفة:الاجتماعية والنفسية والثقافية والسياحية والاقتصادية والقانونية والسياسية). للمزيد من الاطلاع حول أليات تشكيله ينظر: تأسيس معهد وطني اصنع السياسة العامة، مشروع تقدم به كل من: د. طه حميد العنبكي، وعلي عبود سوادي، الى مجلس الوزراء العراقي، 2018م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *