نوفمبر 23, 2024 12:52 ص
مفهوم_التربية_والتعليم

    الباحث / عمران طالبي

جامعة مولاي إسماعيل- كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مكناس – المغرب

Imranetalbi98@gmail.com

00212632196371

الملخص:

هدفت هذه الورقة البحثية إلى فهم وتتبع سبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما هدف التعليم الجيد الذي دعت إليه الأمم المتحدة من خلال هيئاتها المعنية بالتعليم، في سياقالمغرب في شمال إفريقيا ودولة قطر في الخليج العربي.بالنظر إلى الجوانب الإيجابية في الدولتين، وتحديد التحديات التي تواجه تحقيق التنمية المستدامة فيهما.

الكلمات المفتاحية: التربية، التعليم، التنمية المستدامة، التجربة المغربية والقطرية

Education is the locomotive of development and the key to achieving the goals of sustainable development: the Moroccan experience and the Qatari experience are two models

Researcher / Imran Talbi

Moulay Ismail University – Faculty of Letters and Human Sciences – Meknes – Morocco

 

Abstract:

This research paper aimed to understand and track ways to achieve the goals of sustainable development, especially the goal of quality education called for by the United Nations in the context of the State of Morocco in North Africa and the State of Qatar in the Persian Gulf. And the challenges facing sustainable development challenges in the two countries.

Keywords: education, sustainable development, the Moroccan and Qatari experience

مقدمة:

حظيت التربية والتعليم باهتمام بالغ من لدن عدد من الباحثين في العلوم الاجتماعية والإنسانية، ونخص بالذكر المهتمين بفلسفة التربية وعلومها ومنها علم الاجتماع التربوي، وذلك بحكم أهميتها في ازدهار الأمم والحضارات بصفة عامة. وقد زاد هذا الاهتمام بفعل العولمة والتطور التكنلوجي والمعلوماتي الهائل الذي شهده العالم، وأثر ذلك في الدينامية التربوية ككل بأبعادها المختلفة. الشيء الذي مكن عدد من الجهات الدولية والوطنية، من بلورة مخططات علمية من شأنها أن ترتقي بالتربية والتعليم في مختلف المجتمعات. من هذا المنطلق، يمكن الحديث عنأهمية التربية والتعليم في سياق التجربة المغربية بشمال إفريقيا، والتجربة القطرية في سياق دول الخليج العربي، في علاقتهما بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبخاصة التعليم الجيد.

  • أهمية البحث:

تكمن قيمة هذا البحث العلمي “التربية والتعليم قاطرة التنمية ومفتاح تحقيق أهداف التنمية المستدامة: التجربة المغربية والتجربة القطرية أنموذجين”، من خلال تسليط الضوء على تجربتين أساسيتين من واقع الممارسة والتجربة بالبلدين، ويهدف بشكل أكبر إلى الوقوف عن دور التربية والتعليم كمفتاحين لتحقيق التنمية بالدولتين مع الأخذ بعين الاعتبار سياق كل دولة وتطورها، وهو يمثل إضافة أكاديمية في مجال الدراسات التربوية.

  • مشكلة البحث:

يسعى هذا البحث، إلى تتبع وفهم طرق تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة هدف التعليم الجيد الذي دعت إليه منظمة الأمم المتحدة من خلال أجهزتها المهتمة بالتربية والتعليم، وذلك في السياق المغربي بشمال إفريقيا ودولة قطر في الخليج العربي بحكم دراستنا العلمية في هذا البلد محاولين في ذلك الوقوف على الجوانب الإيجابية لهذين الأنموذجين وتوضيح بعض التحديات التي من شأنها أن يكون لها أثرا سلبيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

  • فرضية البحث:

لهذه الورقة البحثية، فرضية مركزية تتجلى في:

  • قد تساهم التربية والتعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالمغرب وقطر.
  • أهداف البحث:
  • التربية والتعليم قاطرة التنمية بالمغرب ودولة قطر
  • التربية والتعليم مفتاح تحقيق أهداف التنمية بالمغرب وقطر
  • التربية والتعليم مدخل تحقيق التعليم الجيد بالدولة المغربية والقطرية
  • منهجية البحث:

اعتمدنا في هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي، فبالإضافة إلى الجانب النظري فيه، فقد قمنا بتحليل المعطيات الواردة في المادة العلمية والمصادر المعتمدة في ذلك بما فيها المعلومات الصادرة عن الجهات الوصية بالتربية والتعليم، في كل من دولة المغرب ودولة قطر.

  • إشكالية البحث:

يجوز القول، إن التربية والتعليم لهما أهمية كبيرة في بناء الإنسان، ويأتي ذلك انطلاقا من تدريسالمتعلمين والمتعلمات في مختلف المدارس، علوم ومعارف وإكسابهم كفايات، مرورا إلى الجامعات التي يدرس فيها الطلاب والباحثون من مختلف المشارب والتخصصات. وشيء طبيعي أن يتأثر الإنسان ويؤثر بالحلقات العلمية البناءة التي تهدف إلى بناء مجتمع واعي بمسؤولياته.وبدون شكفالتربية والتعليم ينعكسان بشكل أو بآخر على ازدهار الدول، لذلك فمكانة المعلم والأستاذ المدرس في العملية البنائية، ركيزة أساسية في بناء الدولة المعاصرة بأبعادها الاستراتيجية والتنموية، الهادفة إلى تحقيق مستويات من التقدم في العلوم الحقة والعلوم الإنسانية والاجتماعية. وفي الوقت نفسه رافعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد عبرت العديد من الجهات في المغرب وقطر على أن محرك التنمية بأبعادها هو التعليم، فالفرد داخل مجتمعه، يساهم في الدفع بعجلة الازدهار نحو الأمام بمقدار مساهماته الايجابية وخلق مجتمع يتضامن معرفيا وتعليميا في بقاع جغرافية متعددة.بناء على ذلك، فإشكالية هذا البحث هي:

إلى أي حد تساهم التربية والتعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالمغرب وقطر؟

  • خطة البحث:

للإجابة عن هذه الإشكالية وزعنا هذا البحث إلى ثلاثة محاور وفق ما يلي:

المحور الأول: مدخل مفاهيمي: التربية، التعليم، التنمية، التنمية المستدامة.

المحور الثاني: التربية والتعليم قاطرة التنميةمفتاح تحقيق أهداف التنمية بالمغرب ودولة قطر

المحور الثالث: التربية والتعليم مدخل تحقيق التعليم الجيد بالدولة المغربية والدولة القطرية

هاته المحاور بدورها تتضمن إشكاليات فرعية مرتبطة ومتداخلة مع الإشكالية الرئيسية.

المحور الأول: مدخل مفاهيمي: التربية، التعليم، التنمية، التنمية المستدامة.

غني عن البيان، أن لكل بحث علمي مفاهيمه الأساسية، فهي مفاتيح فهم الموضوع بأكمله بأبعاده ودلالاته المختلفة، ونشير في هذا الصدد إلى تعريف هاته المفاهيم والتي من ضمنها:

مفهوم التربية: اختلف الباحثين في تقديم تعريف للتربية فليس هناك تعريف موحد لها، حيث نجد تعاريف تختلف من باحث إلى آخر بحكم تعدد الحقول المعرفية. وقد كان هذا المفهوم في البداية محط اهتمام الفلاسفة وبخاصة في القرن الثامن عشر الميلادي، ومن هؤلاء إيمانويل كانط الفيلسوف الألماني حيث يعرف التربية بكونها الرعاية (التغذية، التعهد) والانضباط والتعليم المقترن بالتكوين. من هذه الزوايا الثلاث، يكون الإنسان رضيعا وتلميذا وطالبا.(كانط، 2005، ص11). فالتربية وفقا المفهوم الكانطي غايتها تعليم الإنسان القيم والأخلاق الإنسانية باعتباره المخلوق الوحيد الذي يجب تربيته. وبدون شك فالتربية مجموعة من القيم مستمدة أساسا من المجتمع بأبعاده وعادات وأعرافه، قد تتشكل على قواعد وأسس دينية أو جوانب متأصلة في ثقافة وبيئة كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية، تلعب فيها الأسرة باعتبارها النواة الأولى دورا مهما وتأتي بعدها المدرسة بصفها مكانا للتنشئة الاجتماعية.

أما التعليم، هو عملية منظمة ومخطط لها في برامج ومناهج معينة، تهدف إلى إكساب المتعلمين مجموعة من المعارف والكفايات، التي تؤهلهم إلى فهم المجتمع الذين يدرسون فيه، وبالتالي الانخراط في قضاياه والتفاعل معها، وامتلاك مهارات تساعدهم على معرفة مجتمعات أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن التعليم في زمن العولة، يتخذ أبعادا مختلفة مرتبطة بمعرفة توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الحياة اليومية وما يرتبط بها.

بالانتقال إلى مفهوم التنمية، فيمكن القول باختصار بأنها ذلك التغير والتطور الجذري الذي يطرأ على دولة معينة في شتى الميادين، السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل أفضل.

التنمية المستدامة: يمكن تعريفها بأنها تلك التنمية التي تستجيب لحاجيات الأجيال الحاضرة، باستثمار الموارد والإمكانات المتاحة، دون المساس بحاجيات الأجيال المستقبلية، وتجمع بين ثلاثة دعائم وهي النجاعة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية والجودة البيئية (المندوبية السامية للتخطيط، 2021، ص4). حيث نجد دمج الاقتصاد والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة (BROCHARD,2011, p7)، وبطبيعة الحال فهي مكونة لأجندة التنمية المستدامة التي دعت إليها أجهزة الأمم المتحدة، لهاته الأغراض تعقد سنويا مؤتمرات علمية دولية يحضرها قادة وأكاديميين هدفها دراسة وتتبع التنمية وطرق العمل من أجلها.

المحور الثاني: التربية والتعليم قاطرة التنمية بالمغرب ودولة قطر

إن الحديث عن التربية والتعليم في الدولة المغربية والدولة القطرية، يقتضي بالضرورة وضع كل تجربة في سياقها العام والخاص، مع ضرورة الانتباه إلى خصوصية كل تجربة على حدة، وذلك بغية رصدوتتبع التطورات التي شهدها هذين المجالين المرتبطين ببعضها البعض. ونشير في البداية إلى أننا سنبدأ بالتجربة المغربية كنموذج لدول شمال إفريقيا وبعدها التجربة القطرية كنموذج له مكانته في سياق دول الخليج العربي.فإلى أي حد تعتبر التربية والتعليم قاطرة التنمية بالمغرب ودولة قطر؟

للإجابة عن هذا التساؤل الإشكالي في السياق المغربي لابد من الإشارة إلى أهم المحطات والإصلاحات التي شهدها حقل التربية والتعليم. فمنذ استقلال المغرب من فرنسا عام1956 بلورت الدولة المغربية مخططات هدفت إلى بناء مدرسة وطنية، شملت النهوض بقطاع التربية والتعليم، وبتطبيقها لمبادئ أربعة: التعميم، والتوحيد، والتعريب، والمغربة، وتكوين جيل من الأطر المتميزة والمتفتحة والمساهمة في الاقتصاد الوطني المغربي. (حمداوي، 2020، ص 65).

وقد شهدت سنوات السبعينيات قفزة نوعية في مسار التعليم بالمغرب. لكن تراجع هذا القطاع في سنوات الثمانينيات بفعل تداخل مجموعة من الأسباب في مقدمتها الأزمة التي شهدها المغرب في هاته الفترة وأيضا الضغوط الخارجية، الشيء الذي أثر على جودة التعليم. وعليه، نهج المغرب إصلاحات في المجال التربوي كان هدفها الجودة وذلك منذ أواخر القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، حيث خرج إلى الوجود الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي هدفت من خلاله الدولة المغربية إلى إنقاذ النظام التربوي ليستجيب لمتطلبات المدرسة الدولية وما تنادي به الأمم المتحدة، مرورا بمجموعة من الإصلاحات الأخرى أهمها الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، والقانون الإطار 17-51، والنموذج التنموي الجديد إلى أن نصل إلى خارطة طريق 2022-2026.

إن الرهان الأساسي من خلال هذه الإصلاحات، هو جعل المدرسة ذات دينامية وجودة للجميع، مستفيدة من التطورات الحاصلة التي يعرفها المشهد الدولي من تطور علمي وتكنلوجي هائل، وقد دعا النموذج التنموي الجديد إلى في الخيار الأول إلى ضرورة خلق منظومة وطنية للتربية والتكوين محورها المتعلم، وقائمة على تعزيز وتوسيع مسؤولية الفاعلين وتقوية قدراتهم وتحفيزهم، إضافة إلى كونها هادفة إلى إعداد مواطن فاعل في دينامية التقدم الاقتصادي والاجتماعي. (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2019، ص 65). مع مراعاة خصوصيات الثقافة المغربية وبناء شخصية تمتلك مجموعة من الكفايات والعمل على تنميتها ومنها التواصلية والثقافية والاستراتيجية، إضافة إلى التكنولوجية، هذا إلى جانب المهارات الحياتية، التي يتطلبها واقعنا اليومي الحالي.

من هذه المنطلقات ككل، اقتضى الحال من الدولة المغربية، مواكبة التقدم الحاصل في هذا الميدان، والنظر أيضا إلى توصيات الأمم المتحدة من خلال أجهزتها وفي الأهداف التنموية 17 عشر والتي هي بمثابة أبواب تحقيق التنمية المستدامة. تماشيا مع هذا الطرح، عمل المغرب واندمج في مسيرة إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية، من أجل الوصول إلى الأهداف المرصودة، وذلك من خلال طرح برامج مهتمة بالنهوض بالتعليم ككل، ومحاربة الأمية والهدر المدرسي، هذا إلى جانب إعطاء أولية للتعليم الأولي باعتباره قضية وطنية تحظى بالأولوية.(المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،2917، ص 19)في مسيرة التعلم، دون إغفال إطلاق حملات وشعارات من بينها شعار الدخول المدرسي لسنة 2022-2023 “من أجل مدرسة ذات جودة للجميع”، يعكس إلى حد بعيد المسؤولية المنوطة بوازرة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومراعاة التدبير الجيد من أجل الوصول إلى الجودة في هذا القطاع على اعتبار أنه قاطرة التنمية بالبلاد. هنا يمكن الوقوف على خارطة طريق 2022-2026، والأهداف الاستراتيجية لبلوغ مدرسة عمومية ذات جودة للجميع وفق الآتي: خارطة طريق 2022-2026، ب ت، ص13)

ومن الملاحظ أن إنجاح هذه الخطة ينطلق من ثلاث مدخلات هي: التلميذة(ة) والأستاذ(ة) والمؤسسة التعليمية، مع الأخذ بعين الاعتبار المساهمين فيها، الفاعلين والحكامة والتمويل.وكلها لها أهميتها في بناء وإصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب.

استنادا إلى ما سبق، يبقى الحديث عن جودة التربية والتعليمفي المغرب رهين بالإصلاحات التي وجب تفعيلها في المنظومة التعليمية ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومنها يمكن القول إنها أساس للتنمية بمغرب اليوم والغد.

إذا انتقلنا إلى التجربة القطرية، فمن المعلوم؛ أن دولة قطر تعتبر من الدول الرائدة في المجال التعليمي، وتحتل مراتب متقدمة جدا إذ على المستوى الدولي أو على مستوى العالم العربي، وذلك بحكم الأهمية والإرادة السياسية التي تنهجها السلطات القطرية بمجال التربية والتعليم، بدء بالقيادة العليا القطرية مرورا إلى الجهات المسؤولة والمشرفة على القطاع التعليمي. وغني عن البيان، أن دولة قطر انخرطت في سياق جعل التربية والتعليم هدفين لتحقيق التنمية المستدامة بالبلاد. فكيف تم ذلك؟

إن المهتم بالتربية والتعليم في دولة قطر،من واقعنا اليومي والدولي، لابد وأن يستوقفه التطور والتقدم الهائل الذي شهدته البلاد في مختلف المجالات، -مع الأخذ بعين الاعتبار أنها دولة حديث العهد بالاستقلال منذ عام 1971 من بريطانيا- وهذا يبرهن مدى العمل المستمر على تعزيز النهوض بالأوضاع الاجتماعية وجعل قطر دولة متقدمة في ظرف قياسي. فالدستور القطري في المادتين رقم (25) و49، نص على أن التعليم دعامة أساسية من دعائم تقدم المجتمع تكفله الدولة وترعاه، وتسعى لنشره وتعميمه، وهو حق لكل مواطن. (وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، 2017، ص 29).فالمطلع على التجربة القطرية في قطاع التربية والتعليم، يسجل البرامج والخطط الاستراتيجية التي وضعتها دولة قطر والتي تخدم التنمية بشكل عام نجملها على الشكل الآتي:

وضعت الدولة القطرية هاته الخطط الاستراتيجية للنهوض بالدولة ككل، ركائزها الأساسية، التنمية البشرية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية البيئة. (الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008، ص 8). ونلاحظ من خلال هذا،إن هذه الاستراتيجية تشمل مختلف الأبعاد التنموية التي دعت إليها الأمم المتحدة من خلال أجهزتها المهتمة بهذا الشأن.

وتأسيسا على ذلك، فاستراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر 2018-2022،التي أصدرتها وزارة التخطيط التنموي والاحصاء، تهدف إلى:”تحويل قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل…، ويتجه الاستثمار فيه نحو الاقتصاد المعرفي، كما تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والبشرية وحماية البيئة”(وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، 2018).

بناء على ذلك، نستطيع القول؛ إن الأساس قائم على الاستثمار في الإنسان واعتباره العمود الفقري للتنمية بالدولة، ولا شك أن المدخل الأساسي لهذا الاستثمار يبدأ بالتربية والتعليم، ويهمنا في هذا الصدد الإشارة إلى أبعاد المجالين في هذه الاستراتيجية، باعتبارهما إحدى ركائز رؤية قطر الوطنية 2030، فالقطاع التعليمي يشمل المراحل الآتية: مرحلة التعليم قبل الابتدائي: وفيها مرحلة الطفولة المبكرة/ مرحلة ما قبل التعليم الإلزامي. ثم مرحلة التعليم من الابتدائي إلى الثانوي فيها التعليم الإلزامي الأساسي، ومرحلة التعليم بعد الثانوي بما فيها التعليم العالي. (وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، 2018) لكل مرحلة من هذه المراحل أهداف محددة، تتماشى مع المستوى والكفايات التي يجب أن يتعلمها الطلاب في القرن 21، مع مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة بشكل كبير، بتطوير شامل للمناهج الدراسية الحكومية (وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، 2018).

ولعله من المفيد أن نؤكد على أن كل ذلك، انعكست نتائجه بشكل فعال وإيجابي في التربية والتعليم والتدريب بدولة قطر، وجدير بالإشارة إلى أن هاته الأخيرة تهتم بالكفاءات التربوية والتعليمية، من خلال استقطابها وتوفير الظروف الملائمة المعنوية والمادية لها، الشيء الذي يجعل المدرسين في جاهزية واستعدادا للعطاء العلمي بشكل أفضل. يستفيد من خلاله الطلاب في المدارس الحكومية والجامعات وغيرها.

المحور الثالث: التربية والتعليم مدخل تحقيق التعليم الجيد بالدولة المغربية والدولة القطرية

في هذا المحور سلطنا الضوء على المؤسسات المهتمة بقطاعالتربية والتعليم، بالإشارة إليها،في كل من المغرب وقطر وأدوارها المنوطة بها، والتحديات التي تعيق مسار التنمية بالبلدين.

بالنسبة للمغرب فلا شك أن أول مؤسسة يمكن الإشارة إليها فهي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة،من مهامها السهر على تسير الشؤون الإدارية والتربوية، وفق رؤية واستراتيجية واضحة المعالم للنهوض بالتعليم…، إضافة إلى هذا نجد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، في شق الاهتمامبالدراسات العليا والتكوين في المعاهد والتعاون الدولي فيما يخص الأبحاث والتجارب وانتقال الطلاب للدراسة خارج المغرب. ولا شك أن للجامعات حاليا دور مهم في التكوين العلمي والبيداغوجي للطلبة، في هذا السياق نعطي أمثلة جامعة محمد الخامس بالرباط العاصمة، وجامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة. وطبعا هناك هيئات أخرى من قبيل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، المهتم بقضايا التربية والبحث العلمي والتكوين، ويصدر أبحاث لها علاقة وطيدة بالتربية…

وعموما، فمختلف الإصلاحات التي خطط لها المغرب، في مجال التربية والتعليم، تظل محدودة بحكم الإكراهات والتحديات الموجودة والمطروحة، التي من ضمنها، صعوبات التنزيل، والاكتظاظ الذي تشهده المؤسسات التعليمية في التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، هذا إلى جانب الجامعات في كثير من التخصصات العلمية. ناهيك عن المشاكل التي يعرفها القطاع التعليمي فيما يخص وضعية الأستاذ(ة) الاجتماعية والمادية وما إلى ذلك. هذه المشاكل وغيرها تجعل العديد من الكفاءات المغربية تهاجر إلى الخارج. (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2019، ص 33). وهو واقع يفرض نفسه على الدولة المغربية.

وبالتوجه إلى المؤسسات المهتمة بالتعليم في دولة قطر، نجد في المقدمة وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي باعتبارها الوصية الأولى على التعليم في البلاد، ومن الجامعات التي لها مكانتها ووزنها في العالم نجد جامعة حمد بن خليفة، وجامعة قطر، ونقف أيضا على معهد الدوحة للدراسات العليا.

ونشير إلى مؤسسات تهتم بالشأن التعليمي مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع التي تأسست سنة 1995، تسعى إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام، وتنمية المجتمع بالبحوث والتطوير والابتكار (مؤسسة قطر، ب ت، ص 1) ، وعدد من المؤسسات والجمعيات الأخرى التي تنخرط بدورها فالدفع بعجلة التعليم نحو الأمام.

وبالرغم من كل ما قلناه، وما تم الاشتغال عليه في هذا الميدان من طرف الهيئات القطرية، فهناك مجموعة من التحديات التي تواجه هذا القطاع منها: ضعف دافعية الطلاب نحو التعلم ومتابعتهم للدراسة الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض مستويات الإنتاجية لدى القوى العاملة. من جهة أخرى ضعف إعداد وتأهيل العديد من خريجي التعليم العالي لتلبية متطلبات القطاع الخاص، والذي يتعين عليه استيعاب المزيد من القطريين بهدف تسهيل عملية انتقال البلاد إلى اقتصاد المعرفة. (وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، 2017، ص 30) الذي يعتبر مدخلا للتنمية في دول العالم.

خاتمة وتوصيات

صفوة القول، إن العلاقة وطيدة بين التقدم والتطور في التربية والتعليم والسير نحو تحقيق التنمية المستدامة، ذلك أنه لا يمكننا الحديث عن التنمية بدون تربية وتعليم سواء في سياق التجربة المغربية أو التجربة القطرية، ويبقى من المؤكد أن هناك مجموعة من التحديات التي تعيق السير نحو التنمية في المغرب وتتفاوت بدرجة كبيرة إلى حد ما عن الدولة القطرية، لعدة اعتبارات. هذه الأخيرة (قطر) سايرت العصر التكنولوجي -وما فرضه الواقع من تحديات التعلم عن بعد- بتوفير الرأسمال البشري وجميع الأشياء اللازمة كالتكنولوجية الحديثة والمتطورة وجعلها وسيلة في البناء الحضاري الإنساني. ونشير أيضا إلى أن الاهتمام بالتعليم الجيد يعتبر مدخلا حقيقيا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى من خلال التوعية والتكوين واستثمار في الطاقات البشرية.

ومن التوصيات الأساسية التي خلصنا إليها:

  • ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري الأستاذ(ة) وتوفير الإمكانيات الضرورية له(ا) وتحسين وضعه(ا) في مختلف الجوانب وبخاصة في المغرب.
  • التطبيق الفعلي والواقعي للاستراتيجيات الموضوعة في المغرب وقطر التي لها علاقة بالتربية والتعليم.
  • التكوين الفعال للأطر الإدارية والتربوية وتفعيل التكوين المستمر لها في كل من الدولتين.
  • انخراط مختلف الفاعلين في العملية الإصلاحية التربوية بما يتماشى مع الخطط الموضوعة كل من موقعه.
  • الاختيار الجيد لقيادات التربية والتعليم بشكل يضمن التغيير والإصلاح الجيد.
  • الاهتمام بالطاقات والمتفوقين والمواهببالتحفيز وكل ما يجعلهم يعطون أكثر.
  • ضرورة الانتباه والعمل على إكساب المتعلمين والطلاب لكفايات ومهارات القرن 21.

 

المصادر والمراجع المعتمدة:

  • الأمانة العامة للتخطيط التنموي،(2008)رؤية قطر الوطنية 2030، قطر: الدوحة.
  • حمداوي،جميل، (2020)سوسيولوجيا النظام التربوي المغربي وتاريخه،الطبعة الأولىالمغرب: الناظور-تطوان، دار الريف للطبع والنشر الإلكتروني.
  • كانط، إمانويل، (2005)تأملات في التربية – ماهي الأنوار؟ما التوجه في التفكير، تعريب وتعليق محمود بن جماعة، الطبعة الأولى تونس: صفاقس، دار محمد علي للنشر.
  • المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،2017،رأي المجلس في موضوع التعليم الأولي أساس بناء المدرسة المغربية الجديدة، رأي رقم 3/2017.
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، (2019)النموذج التنموي الجديد للمغرب.
  • المغرب خارطة طريق 2022-2026

file:///C:/Users/97455/Downloads/FRoute20222026ar.pdf

  • المندوبية السامية للتخطيط،(2021) المديرية الجهوية لسوس ماسة، أهداف التنمية المستدامة قراءة في منهجية الإعداد والأجرأة،.
  • وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، (2018)،استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر 2018-2022، الطبعة الثانيةقطر: الدوحة.
  • وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، (2017)،الاستعراض الوطني الطوعي لدولة قطر المقدم إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة، نيويورك 10-19 يوليوز.
  • BROCHARD,LUKAS DIBLASIO,(2011)LE DÉVELOPPEMENT DURABLE: ENJEUX DE DÉFINITION ET DEMESURABILITÉ, UNIVERSITÉ DU QUÉBEC À MONTRÉAL.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *