نوفمبر 23, 2024 8:08 ص

م. علي محمد رشيد

جامعة بغداد /كلية اللغات / قسم اللغة العبرية

ali2016@colang.uobaghdad.edu.iq

009647702750208

الملخص

يعد المكان من العناصر الفنية الأكثر اهمية، والتي من خلالها يتشكل الأساس لبناء الروايات الأدبية ، ويلعب دوراً هاماً في تشكيل الهيكل العام للروايات؛ اذ يمزج الشخصيات والأحداث والسرد والحوارات والجوانب الأخرى مع بعضها البعض ، ويعد ايضا من اهم التقنيات الفنية التي يستخدمها الاديب المعاصر لإظهار رؤيته الأدبية في أحداث إجتماعية أو سياسية عاشها او  يعيشها ويتأثر بها .

وأرتأيت في بحثي هذا عرض محطات الأديب الأسرائيلي الفلسطيني الأصل سيد قشوع، وتسليط الضوء على فلسطين بوصفها المكان الام له ، والذي تكاد لا تخلو نتاجاته الادبية من ذكرها. وساستعرض ايضا تطور مفهوم “فلسطين ” بدء من البيت مرورا بالحي ثم الوطن المفقود.

الكلمات المفتاحية : سيد قشوع ، الادب الاسرائيلي ، فلسطين.

 

Palestine and its manifestations in the literary productions of Sayyid Qashou

Teacher: Ali Mohammed Rasheed

University of Baghdad / collage of languages

Hebrew department

Abstract :

The place is one of the most important technical elements through which the basis for building literary novels is formed, plays an important role in shaping the general structure of novels and is the backbone for connecting different parts of novels. It mixes characters, events, narratives, dialogues and other aspects with each other, and is also one of the most important techniques The art used by the contemporary writer to show his literary vision in social or political events that he lived or lived through and was influenced by.

In this research, I thought of presenting the stations of the Israeli-Palestinian writer Sayyid Qashua and highlighting Palestine as his mother place, whose literary productions are rarely without mentioning them. I will also review the development of the concept of “Palestine”, starting with the house, passing through the neighbourhood, and then the lost homeland.

Keyword: Sayed Kashua, Israeli literature, Palestine.

المقدمة :

يعيش البشر في عالم يتسم ببعدين أساسيين للزمان والمكان ، يعيش فيهما الإنسان وينمو ويتطور. هذا المكان أقدم من الناس في التاريخ ، ووجود الناس في هذا المكان يعيد تشكيله ويحوله إلى أشكال مختلفة حسب احتياجات حياته وثقافته.

تأرجحت سيرة حياة سيد قشوع ، الكاتب العربي الإسرائيلي الأكثر شعبية خلال العقدين الماضيين بين القرية التي ولد فيها وبين مناطق أخرى. في إسرائيل وفي الولايات المتحدة الأمريكية. ولد سيد عام 1975 في قرية الطيرة الواقعة في المثلث ، وفي سن الخامسة عشرة ترك المنزل والتحق بمدرسة داخلية وهي المدرسة الإسرائيلية العليا للعلوم والفنون في القدس. بقي قشوع في القدس لسنوات عديدة أثناء الدراسة في الجامعة العبرية وحتى في وقت لاحق ، عندما بدأ الكتابة في الصحافة. على الرغم من أنه قد عاد إلى القلعة لبضعة أشهر في عام 2003 ، لكنه بعد ذلك ابتعد عنها مرة أخرى وعاد إلى العاصمة ، أولاً إلى حي العرب في بيت صفافا ، ثم إلى حي رمات دانيا. في صيف 2014 انتقل مع عائلته إلى الولايات المتحدة للتدريس في جامعة أوربانا شامبين في إلينوي. ومن هنا نجدان سيد قشوع قد مر بمراحل انتقالية عديدة ما بين بيته في القرية ، ومسكنه في القدس واخيرا سفره الى امريكا. وهذا الامر قد لمسناه جلياً في مؤلفاته وكتاباته الصحفية والمسلسلات التلفزيونية ، التي كان فيها السؤال بلاغيا ً منطوياً على محاولة معرفة ماهية البيت ، بمعناه الخاص ومعناه القومي. لكني أود أن أجادل في ذلك تعقيد النظرة الى المكان ، بالإضافة إلى تعقيد الروابط بين مصطلحي “البيت الشخصي” و “البيت القومي” ليست فريدة في السياق اليهودي الصهيوني.

هدف البحث

سأركز في هذا البحث على قراءة الأعمال الأدبية لسيد قشوع وأسعى إلى مناقشة احتمالية ربط تصور المكان والموقف تجاهه وبين تبلور مصطلح “فلسطين” في اعماله الادبية. وكيف تطور هذا المصطلح والطريقة التي اندمج بها مع الفكرة القومية التي شكلت خطوة مهمة في الكتابة عن الهوية الفلسطينية الإسرائيلية ووجود قشوع في مفترق طرق بين النهج الادبي و النهج السياسي.

اهمية البحث

تكمن اهمية البحث في تسليط الضوء على تيار اسرائيلي مصبوغ بنكهة عربية يستعرض الام ومعاناة العرب داخل اسرائيل ، وهذا البحث يبحث الاشكالية التي يطرحها هذا التيار بوصفه منضويا تحت خيمة الادب الاسرائيلي ويتصدى لقضية تاريحية شائكة ، الا وهي الاحتلال الاسرائيلي.

اهداف البحث :

يهدف البحث الى :

1 – تسليط الضوء على الاديب سيد قشوع.

2 – التعريف بمكانة فلسطين برواياته.

الاسئلة التي يحاول البحث الاجابة عليها :

1 – هل كان حضور فلسطين فعالا في روايات سيد قشوع

2 – كيف تعامل قشوع مع موضوع فلسطين

3 – الى اي مدى وظف صورة فلسطين في رواياته.

منهج البحث :

أما عن منهج البحث فيتمثل في المنهجين الوصفي والتحليلي لأنهما يناسبان وصف الأمكنة الواردة في الروايات، وتصويرها تصويرا جماليا فنيا.

هيكلة البحث :

ويأتي هذا البحث في مقدمة، وفصلين، وخاتمة. وتتناول المقدمة طرح معلومات خلفية اهمية المكان وتاثيره على الانسان تمكن القارئ من معرفة مسبقة لحدود الثنائية، وتبين طبيعة الدراسة من خلال التعرف على أهميتها، وأهدافها، ومضامينها.

ويتناول الفصل الأول بالسرد المفصل حياة الكاتب، وظروفه القاسية، والبيئة والمؤثرات، ودراسته، المناصب التي تقلدها، وأثر ذلك في إبداعاته الروائية فيما بعد، وكذلك الإشارة إلى نوعية الدراسة والثقافة التي اكتسبها الكاتب، وسعى إليها والقى الضوء في رواياته. كما يتناول هذا الفصل، مكانته بين الادباء الاسرائيليين، حيث إنه من الأجيال الروائية الجديدة التي ظهرت بعد أصوات روائية ذات شهرة واسعة، كاميل حبيبي، وجبرا إبراهيم جبرا، وغسان كنفاني.

أما الفصل الثاني، فيتحدث عن أهمية فلسطين وحضورها في النص الروائي، بالوقوف على ما تحمله عناوين الروايات الاربعة من دلالات ذات أبعاد مكانية، ويتحدث عن أهمية دلالة المكان الذي يظهر عند الكاتب وكأنه شخصية مستقلة تفرض حضورا وضغطا وكثافة تدفع القاريء إلى التماهي و الإحساس به، من حيث تعاطيه مع المكان بمفارقاته المختلفة، وشحنه بدلالات وحمولات معرفية ووجدانية. كما يتناول هذا الفصل، علاقة المكان وارتباطه بنتاجات الاديب، وذلك بما يحمله من دلالات تاريخية تؤكد فلسطينيته وعروبته، وما يفرضه المكان من علاقات تأثير متبادلة مع الشخصية التي تعيش فيه

الفصل الاول – سيد قشوع ومسيرته الادبية

سيد قشوع (من مواليد 1975) كاتب وصحفي فلسطيني، من مواليد الطيرة، اشتهر بكتبه وأعمدته الصحفية الفكاهية باللغتين العبرية والإنجليزية.ولد سيد قشوع في الطيرة في منطقة المثلث، لأبوين فلسطينيين. في عام 1990، تم قبوله في مدرسة داخلية مرموقة في القدس وهي أكاديمية الفنون والعلوم الإسرائيلية. درس علم الاجتماع والفلسفة في الجامعة العبرية في القدس. كان قشوع من سكان حي بيت صفافا قبل أن ينتقل إلى حي يهودي في القدس مع زوجته وأولاده.(עדיאל,2009 : 13 )

الهجرة إلى الولايات المتحدة

قبل قشوع العمل كأستاذ في شامبين-أوربانا وإلينوي وشيكاغو، وانتقل هناك مع زوجته وأطفاله الثلاثة في العام الدراسي 2014/2015. لديه عمود في صحيفة هآرتس بتاريخ 4 يوليو سنة 2014، وكتب من خلاله مقالة بعنوان “لماذا سيغادر سيد قشوع القدس ولن يعود أبدًا: وضح فيه كل ما قاله الناس له منذ أن كان مراهقًا قد تحقق. لقد فشل التعايش اليهودي العربي”. كان قلق قشوع على عائلته ويأسه من استمرار رفض يهود إسرائيل لعرب 48 (بما في ذلك هو شخصيا على الرغم من كتاباته التي استمرت 25 عامًا) دافعًا لانتقاله إلى الولايات المتحدة.(עדיאל,2009 : 16 )

بدأ قشوع بالقاء المحاضرات في جامعة إلينوي من خلال “مشروع الدراسات الإسرائيلية”، وهو برنامج رعاية للكتاب والعلماء الإسرائيليين تديره إلينوي والاتحاد اليهودي لمدينة شيكاغو، وظل هناك أستاذًا زائرًا من 2014-2018. في صيف 2018، انتقل قشوع وأسرته إلى سانت لويس بولاية ميسوري، لكي يسجل قشوع في الدكتوراه في برنامج الأدب المقارن في جامعة واشنطن في سانت لويس. وقد عمل أيضًا هناك مدرساً اللغة العبرية في قسم اللغات والثقافات اليهودية والإسلامية والشرق الأدنى. .(מעוז,2019 : 141 )

مسيرته الأدبية

منذ بداية حياته المهنية ككاتب، كتب قشوع باللغة العبرية حصريًا على الرغم من أنه في نشأته تحدث العربية فقط. كان هذا اختيارًا مقصودًا من جانبه كرد فعل على التمثيل السيئ للشخصيات الفلسطينية في الكتب العبرية في مكتبة مدرسته. أراد قشوع على حد تعبيره “إخبار الإسرائيليين … القصة الفلسطينية”، وهو يفعل ذلك باستخدام “الفكاهة والسخرية والسخافة لمناشدة القراء واستخدام وسائل الإعلام الشعبية مثل التلفزيون والصحافة”. كانت وسيلته الأساسية للاتصال بالجمهور هي عمود شخصي أسبوعي باللغة العبرية لصحيفة “هآرتس” وأسبوعية محلية في القدس باسم “هاير”.

بأسلوب فكاهي، اعتاد قشوع أن يدرج في عموده تعليقات سياسية واجتماعية حول المشاكل التي يواجهها عرب إسرائيل في حكايات حول الأبوة والأمومة والحياة اليومية.

الأعمال المنشورة

عرب راقصون (2002) ، فكان صباحا (2006) ، ضمير المخاطب (2010) تغييرات المسار (2017)

الجوائز والتقدير

2004 – جائزة رئيس الوزراء للأدب العبري

2004 – جائزة Grinzane Cavour للرواية الأولى (إيطاليا) عن روايته عرب راقصون

2006- جائزة ليسينغ للنقاد (ألمانيا).

2010 – جائزة حرية التعبير من مهرجان سان فرانسيسكو للسينما اليهودية (الولايات المتحدة الأمريكية)

2011 – جائزة أفضل مسلسل تلفزيوني في مهرجان القدس السينمائي

2011 – جائزة برنشتاين لرواية ضمير المخاطب ( سيد قشوع https://ar.wikipedia.org/wiki/ )

ب – المكان وماهيته في نظر الادباء الاسرائيليين من ذوي الاصول الفلسطينية

ان البيت ، كما يصفه غاستون بيشلر ، هو اللبنة الاولى لنا في العالم ، مكانتنا الأولى. وهو المكون الاساس في عملية خلق الأفكار والذكريات والأحلام لدى البشر ((Bachelard, 1964، ان بيت الانسان هو “عالمه الصغير” يبقى مرسوماً في ذكرياته . بدءاً من الغرفة إلى المنزل ، إلى الحي ، إلى المدينة والريف. اما الوطن ، هو “العالم الكبير ” ، وهو العنصر المهم في البناء الاجتماعي والتاريخي للفرد ، ولا وجود لفوارق بين العالم الصغير والعالم الكبير، بل يتنقل بين واقع الحياة المحلي القريب والمعاصر الى الافكار والذكريات. وبذلك فان وقت “العالم الصغير” يختلف عن وقت “العالم الكبير” ؛اذ ان وقت العالم الصغير “ينمو من الحياة اليومية ، والحاضر يعطيه معنى ، بينما معنى” العالم الكبير ” يلامس الماضي والمستقبل ، وتقسّمه إلى فترات تربطها النقاط المحورية في الذاكرة . ان الوطن القومي هو طوباوي موجود على المستوى الإيديولوجي كمكان وهمي خلقته الذاكرة التاريخية ، ودائمًا ما يحتوي على عنصر اسمى – من “العالم الصغير” ، حيث يتغير من البيت الخاص الى تحقيق الهدف السياسي. وهنا نقول ان المسافة بين العالم الصغير والعالم الكبير لا يمكن الوصول اليها  مطلقا.

والعلاقة بين “المكان” و “المكان” ومسار انعكاس تغيير العاطفة تجاهه ، هو من اهم مميزات نتاجات سيد قشوع الأدبية. وهذا التغيير العاطفي ينبع من الافتراض الذي ينص على أن قشوع بوصفه اديبا فلسطينيا يكتب بالعبرية ومتأصل في الثقافة الإسرائيلية وهذا ما ذكره في احد اللقاءات التلفزيونية ، حيث قال : ” بسبب دراستي في الاعدادية والجامعة لا يمكنني الكتابة بالعربية كما اتحدث انا الان ، فانا اجهل الكتابة باللغة العربية الفصحى وحتى الكتب العربية اقراها فقط اذا كانت مترجمة للعبرية” (Brenner : 2001 : 54)

ان قشوع ليس الوحيد في هذا الشعور. فهناك العديد من الكتاب الفلسطينيون الذين يكتبون بالعبرية يجدون أنفسهم في صراع مستمر يتمحور حول سؤال الذاكرة والنسيان وإعادة تدقيق هويتهم الأخرى. اي ان الاتجاه المالوف في كتاباتهم هو فهم الظاهرة من خلال مفاهيم مأخوذة من خطاب ما بعد الاستعمار الذي يسعى إلى الفهم العلاقة المعقدة بين العالم الأول والعالم الثالث ، في مواجهة عصر الاستعمار وما تبعها. ويشير فرانز فانون: ان “كل الشعوب التي تم استعمارها] … [تناهض وتعارض لغة المستعمر ، أي تتمسك بلغة الثقافة الأم. وسيتمكن الشخص الذي يعيش تحت وطأة الاحتلال من “التخلص من القيود” ، فقط عندما يتبنى فيه القيم الثقافية له. حسب هذه الصورة ، امام فرد من الثقافة المُحتلة أمام المستعمر عدة خيارات – الكتابة بلغته الأم ، أو استخدام لغة الأغلبية أو البقاء صامتًا. وبخصوص الوضع الإسرائيلي الفلسطيني ، عندما يكون للغة صلة قومية صهيونية ، يكون الأمر أكثر تعقيدًا. اذ يمكن أن يؤدي استخدام الفرد للغة إلى إنشاء هوية هجينة أو حتى أجنبية وفقدان المصداقية. (פנון, 2004 : 15)

لم يكتب الادباء الفلسطينيون باللغة العبرية قبل قيام اسرائيل. في الواقع ، بدأت هذه الظاهرة تتبلور فقط منذ الستينيات من القرن الماضي. الكاتب الأول الذي كتب بالعبرية هو عطا الله منصور (مواليد 1934) ؛ وتلاه الادباء الذين ينتمون إلى جيل لاحق نعيم عرايري (1950 – 2015) وانطون شماس . وايضا ادباء الجيل الثالث الذين نشأوا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي يمكن ذكر سيد قشوع وأيمن سيكسك. جنبا إلى جنب مع كل هؤلاء نشط ادباء آخرين مثل إميل حبيبي وسميح القاسم الذين كتبوا الأدب باللغة العربية ولكنهم استخدموا العبرية لمختلف الاحتياجات العامة. حتى التسعينيات ، كان معظم الادباء العرب الذين كتبوا بالعبرية هم من المسيحيين أو الدروز. حيث اندمجوا بشكل جيد في التجربة الإسرائيلية ، سواء في إطار التعليم في المدارس الاسرائيلية ، او في الأماكن الرسمية مثل الجيش (حيث يخدم الدروز الخدمة الإجبارية) ،كذلك الجامعات ووسائل الإعلام . أي شخص سار في هذا الاتجاه وجد نفسه في وسط ممزق بين المجتمع الإسرائيلي والهوية الفلسطيني.انظر (رشيد، 2020 : 722)

من كتاب الأدب الفلسطيني العبري حالة نذكر حالة أنطون شماس الذي درس بمدرسة في حيفا ، حيث كانت لغة التدريس هي العبرية ونشر روايته الاولى ( عربسكوت )عام 1986 (بالعبرية ، كتب شماس بالعربية والعبرية معاً ، ونشط بالترجمة من العبرية إلى العربية وبالعكس. بعد عام على نشر روايته الاولى ، سافر شماس إلى الولايات المتحدة ويعمل حاليا استاذا في جامعة ميشيغان في آن أربور. (Rasheed، 2018 : 128)

وكما هو الحال في رواية عربسكوت ،ان قراءة أعمال قشوع في مواجهة العناصر المكانية الذي يميز الأدب العبري يفترض أن يمكن اعتبار جزء من أعماله الادبية ضمن الادب العبري الحديث ،التي تأثرت بلغتها وتاريخها ومحتوياتها ولكن هذه الحقيقة بالطبع لا تضع قشوع ضمن الادباء الصهاينة. على العكس من ذلك ، أريد أن أبين مدى دقة تبني هذه الخصائص في أعماله الادبية إلى التطور الفني والفكر الأيديولوجي ، وكذلك الانتقادات اللاذعة التي وجهت الى قشوع ، خاصة بعد كتابته بالعبرية وبسبب تورطه في مجال الثقافة الإسرائيلية. (Рашид, А. М, 2020 : 67)

وتمثل القضية الفلسطينية في أعمال قشوع اتجاهًا مختلفًا لمتجه العاطفة فيما يتعلق بمسألة المكان ، فإن بنية التوتر بين “العالم الكبير” و “العالم الصغير” موجودة بشكل واضح وجلي. بخلاف السياق الصهيوني الذي انتقل من المكان الأوروبي إلى فلسطين ، فان السياق العربي كان معاكسا. في الماضي قبل النكبة ، كان البيت – العالم الصغير – يقع في (فلسطين) ، وهو مكان الطفولة والنشأة ، وبعد النكبة تحول الى المنفى الفلسطيني الذي قلب فلسطين المحتلة إلى عالم كبير ، مكان خيالي للذاكرة التاريخية فقط ، أحلام وآمال لم يكتب لها التحقق ، وهنا بدأ مكان الطفولة في الظهور بمظهر محزن متجرد من أي احتمال لكونه مصدر تعريف فردي أو جماعي. للوهلة الأولى يبدو أنه في السياق الفلسطيني ، تختلف صورة المنفي  عن ذلك الذي بقي فيها تحت وطاة الاحتلال ، ومنذ أن أصبح الباقي مواطن إسرائيلي لا يشعر بانه بعيد عن الوطن.في الحقيقة، ليس هذا هو الحال، لان صدمة النكبة قد غيرت النظرة الى المكان. بالنسبة لأولئك الذين بقوا ، استمر المكان الإسرائيلي أن يكون لهم بيتا ، “ عالما صغيرًا ” ، ولكنه كالسجن. حيث  يتم سلبه ومصادرته كل يوم . ويصفه سلمان مصالحة على هذا النحو: “بخلاف الفلسطيني المنفي الذي يكتشف أنه رسم صورة خيالية لوطن غير مألوف ، ان الفلسطيني الباقي.يكتشف على مر السنين أن الوطن هو الذي لا يعرفه ، وهو الذي ينكر ويغترب له: فالوطن قد تغير وجهه ، كل شيء يتغير فيه ، طير السماء ، الأرض و شجرها ، ينابيعها ، ترفض كل من يناديها ، يصفعه على وجهه قائلا: “من أنت؟”. مصالحة يؤكد لأنه بالنسبة لأولئك الذين بقوا ، والذين نشأوا كفلسطينيين في إسرائيل ، فإن صراعهم مع الهوية هو الشقاق الحالي ، مما يخلق عملية الانهيار المستمر للعالم الكبير. لم يتم توقع هذه الصراع النفسي أو تجربتها من قبل فلسطينيي الخارج ، وبالتالي لا يمكن أن يفكر في صياغات حلم وأمل ، انما يقبع في اليأس الشديد.  (رشيد ، 2020 : 711)

كان المكان بصورة عامة ، وفلسطين بصورة خاصة  لسنوات خاضعًا لتسلسل هرمي مرتبط بالفكرة الصهيونية في الأدب العبري.لذلك كان المكان الذي تدور فيه احداث الروايات ، خصوصا في بداية القرن العشرين حتى منتصف اربعينيات القون الماضي ،هي مناطق عالية الريادة: الموشاف والكيبوتس ، منظر الجبال والأودية والبساتين. هذه الاماكن كانت مرتبطة بمفهوم السكان الأصليين ( الفلسطينيين) الذين وقفوا ضد فكرة الاستيطان في الوطن واحتلال أراضيه. في النهاية انضمت المدن الكبرى أيضًا إلى الصورة المكانية ،بينما تركت الضواحي ومخيمات النازحين  على الهامش. ولم تلقي في العقود الثلاثة أصبحت هذه الأخيرة هي الواجهة المكانية للعديد من النصوص الأدبية. اذ تم وصف القرية العربية في أدب القرن العشرين بمصطلحات هامشية فقط، حيث يراها البطل دائمًا من بعيد ، عندما يواجهه أو يتعلم منه مفهوم الأرض المفقودة. وفي حالات أخرى أيضًا ، كانت هناك إشارة حقيقية إلى الفضاء الريفي العربي على سبيل المثال الاديب الاسرائيلي موشيه سميلانسكي في روايته (العرب)حيث كان الوصف فيها وصفًا استشراقيا ورومانسيا يخلو من اثارة المواضيع القومية التي من الممكن أن تهدد المشروع الصهيوني. بمعنى أن القرية العربية مثلت حلم الطفولة الأصلي ، ومع ذلك فقد تم عرضها على أنها تفتقر إلى العنصر الأيديولوجي السياسي التي ستربطها بهوية وطنية. وعلى العكس من ذلك ، كانت نتاجات قشوع تميز القرية العربية بجذورها الريفية ويصفها بتفصيل دقيق ويعطي لها صورة مختلفة – يختلف عن الوصف الصهيوني الذي يكثر من الأوصاف الاستشراقية للعرب ، لذا فان القرية العربية تظهر في نتاجاته بين قطبين متوازيين: القطب الواقعي البائس والقطب المثالي الوطني. (,Рашид, А. М,2020: 69 )

وتشدد الناقدة كرومبيرغ ان مكانة الارض في نتاجات قشوع تشبه الى حد كبير وتنطلق من المنطلق ذاته لادباء فلسطينيين مختلفين مثل محمود درويش وغسان كنفاني وإدوارد سعيد وإيليا سليمان وهاني أبو عسا ، مكانة الارض في نتاجات قشوع تعطي تعبيرا فريدا للوجود الفعلي بين الإسرائيليون الفلسطينيون. وان المفهوم الأساسي للمفتاح هو الحاجز ، الذي يؤكد وجود خط فاصل مخصص للفلسطينيين فقط: يمكن لليهود الإسرائيليين التحرك على كلا الجانبين ، بينما يقيد الفلسطينيون من التجوال. رغم أنه من الشائع أن الحاجز مرتبط بالفلسطينيين فقط من هم ليسوا مواطنين في إسرائيل ، فإن الحاجز بالمعنى الرمزي هو عنصر موجود أيضًا في الصورة المكانية لفلسطيني إسرائيل ، كما في ذلك في نتاجات قشوع. (Grumberg،  :1432011)

الفصل الثاني : فلسطين في روايات سيد قشوع

هناك الكثير من الروائيين يمتلك من القدرات التمويهية الكبيرة ، اي الفنية التي تؤهله لتحويل المكان القابع في الابنية اللغوية والكتابية ، الى ما يشبه المكان الواقعي بحيث يجعل القارئ ، يعيش فيه ويتنفس هواءه ، وقد ينفر منه ويشعر بالاختناق او الخوف او الرهبة ، او يعشق اجواءه وينتمي اليه ، ويتولاه (الاعتقاد) انه يشارك الابطال مسرحهم المكاني ، ونتلمسه كما لو كان كيانا مًاديا مًاثلا لًلعيان.( خضر ، 1999 : 115 ) وهذا ما وجدناه لدى الاديب قشوع، حيث أصدر عدة روايات باللغة العبرية . وروايته الاولى هي “عرب راقصون” صدرت عام 2002 . وتتكون من خمسة فصول رئيسية تنتظم في كل منها عدة قصص قصيرة يقدم الراوي من خلالها سيرة ذاتية لعائلة فلسطينية تقيم في داخل إسرائيل. يبدأ بالتطرق في الفصلين الأولين عن طفولته في قرية الطيرة شمال فلسطين وأفراد عائلته، ويلقى في هذين الفصلين الضوء على دور والده في مقاومة سلطات الاحتلال، وتجربته في المعتقلات الإسرائيلية. ويتحدث الراوي أيضاً عن نجاح بطل الرواية في أحد الاختبارات التي أجرتها وزارة التعليم الإسرائيلية مما أهله للالتحاق بإحدى المدارس الداخلية في إسرائيل. اما في الفصلين الثالث والرابع يسلط قشوع الضوء على تجربة بطل روايته في المدرسة الداخلية الإسرائيلية التي التحق بها، وجهوده التي بذلها للتكيف مع المجتمع الإسرائيلي والتي جعلته يغترب عن واقعة الفلسطيني، فضلا عن ذلك يكشف تفاصيل قصة العشق الممنوع التي نشأت بينه وبين الفتاة الاسرائيلية “نعمي” والتي باءت بالفشل بعد أن رفضت والدتها تشكل هذه العلاقة بقولها “إنها تفضل أن تمارس بنتها السحاق عن أن تصادق عربياً”. أما الفصل الخامس والأخير من هذه المجموعة والذي كان بعنوان الطريق إلى الطيرة فيتناول عودة بطل لمجموعة مرة أخرى إلى القرية التي نشأ فيها، ويرصد هذا الفصل طبيعة التحولات التي شملت كل أفراد العائلة.ويتجلى هذا الراوي في شخصية الجدة التي تبدأ بسرد حديثها وقصة طفولتها قائلة : האדמות של הכפר הגיעו עד לחוף،  והייתהרוכבת על חמורים עם הדודים שלה וילדיהם‘. הם מכרו אבטיחים, ועם הכסף מהאבטיחים הם היו רוכבים לקלקיליה וקונים בגדים (קשוע , 2002: 39)

” كانت الاراضي تمتد الى الساحل ، وكنت امتطي الحمار مع اعمامي وابنائهم ، حيث يكانوا يبيعون البطيخ ، ومن ثمنه يذهبون الى قلقيلية ويشترون الملابس “.

ان قصة الجدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأحداث النكبة ، ويتم تصويرها في هذه الرواية.كأحداث صامتة محاطة بحقيبة مجهولة مقفلة بمفتاح. اذ ان قشوع  قد تبنى فكرة المفتاح الذي يمثل الفلسطيني المنفي من أرضه ويستخدمه كرمز لماض مكبوت ، وذلك لرفضه معرفة ما حدث وعن الهزيمة الكبيرة. من اللحظة التي أعطته الجدة المفتاح بالنسبة للحقيبة ، صمم الراوي على فهم السر. فعندما كان طفلاً ، ارتشف العبرية ، حاول عبثًا أن يقرأ قصاصات الصحيفة بالعبرية التي يجدها في الحقيبة القديمة. العبرية هنا قناة لفهم التاريخ الوطني وحتى الشخصي. وبذلك ، قصاصات الصحيفة العبرية تؤكد فكرة أن التاريخ يكتبه المنتصرون دائمًا من المؤكد أن اختيار قشوع الشعري للكتابة بالعبرية هو أيضًا جزء من هذه الصورة ؛ و إذا كانت كذلك فعلا فان كتابة روايته الاخيرة باللغة العربية تعد بمثابة عودة مثيرة للاهتمام . (קשוע, בן הארץ, 2015: 45).

بعد هزيمة 1948 ، أصبح المنزل والقرية جزيرة داخل بحر الكيان الصهيوني ، على الرغم من الحدود غير مرسومة وليست ملموسة ،الا إنها موجودة فعليا ، تحت السيطرة الأجنبية. في ظل هذه الظروف لا يمكن للمنزل أن يكون مكانا امنا ومحيطه مصدر خطر. اذ من المحتمل  أن يأتي رجال الشرطة الصهيونية في أي لحظة إلى القرية وأيضًا اقتحام المنازل ؛ في الواقع ، هذا ما يوصف عندما بحثت الشرطة عن والد الراوي الذي اعتقل بعد نشاطه في يوم الأرض: ”

מאה חיילים ושוטרים הגיעו הביתה ]…[ הם עברו על כל הניירות של אבא. אחר כך הם התחילו לחרוש את הגינה לחפור כל סנטימטר” (קשוע، 2002 : 44)

” وصل مائة جندي وشرطي الى البيت  [قاموا بمراجعة جميع أوراق أبي. ثم بدأوا في حرث الحديقة ، حفر كل شبر”.

وتكشف شخصية الأب تدريجيًا عن مقارعة الاحتلال ورفضه القاطع له و يشارك والدته فكرة الصمود امام المحتل، التي فضلت الأرض على النفس والجاه. على أساس هذه الفكرة – أن البقاء على الأرض استراتيجية مقاومة – يفترض أن هناك علاقة بينهما المكان الخرساني “المكان الصغير”و”المكان الكبير”.  (المساحة الوطنية والرمزية) ان البقاء على الأرض ، كعمل خاص وعائلي ، يكتسب أهمية وطنية.فبعد عام 1948 ، تحولت المساحة الشخصية الى مساحة محدودة وضيقة ، فقط الخطورة المحيطة بالبقاء يمكنها أن تعطي المعنى المتخيل.لذلك في جيل الأب الموقف من النضال والأرض مختلف. من ناحية ، الأب يجسد حياة نضال وطني يشمل الاعتقال أيضا. האדמה כמו הכבוד. מי שמוכר את אדמתומוכר את כבודו(קשוע، 2002 : 55).

” الأرض مثل الكرامة. من يبيع أرضه – يبيع كرامته ” ان رواية ” عرب راقصون ” ترسم مسافة للراوي من مكان طفولته وقربه منه ، حيث تتشكل طوال الرواية تصور للمنزل من جهة باعتباره “مكانًا صغيرًا” – هذا هو المنزل المادي الذي يتضاءل ، ويصبح مهددًا ، وفارغًا ؛ ومن ناحية أخرى ، يبدأ شعور الرغبة والعودة والحنين في التبلور ، اذ اخذت صورة المنزل الايدلوجي في التزايد، وبدأ يُنظر إليه على أنه “مكان كبير” ، كمكان وطني يجب الحفاظ عليه ،  وهنا يحذر الاب اولاده من الهاربين قائلا :

אם הם באמת היו אוהבים את הכפר שלהם, הם לא היו בורחים ממנו מלכתחילה. הפחדנים הם אלה שעשו את כל הבעיות. עדיף למות על האדמה שלך… “אתם בטח תברחו. אף אחד מכם לא יעמוד להגן על האדמה ]…[ מה אתם מבינים בערכה של אדמה (קשוע، 2002 : 42)

“لو كانت يحبون قريتهم حقا، لن يهربوا منها ابدا ، ان الجبناء هم من صنعوا جميع المشاكل . خير لك ان تموت على ارضك بدلا من الهرب ” ” انكم ستهربون حقا ، ولن يدافع احد منكم على الارض ….انكم لا تعرفون قيمة الارض ”

واستمرارا لروايته الاولى ، في روايته الثانية ” ليكن صباحا ” الصادرة عام 2006 ، يرسم المؤلف شعور وادراك العودة الى البيت بألوانها القاتمة ، فالعودة إلى منزل الطفولة في نتاجات قشوع الادبية دائمًا ما تكون متناقضة ، لأنها تجمع الحلم – مفهوم “المكان الكبير” ، البعيد ، الأسطوري – مع الواقع الحقيقي الغامض ، بطريقة تُظهر أنه على الرغم من أن القرية تُركت منذ عام 1948 الا انها قد  تمت مصادرتها من كونها منزلًا وتحولت إلى نوع من الغيتو (سجن جماعي ). حيث تسلط هذه الرواية الضوء على عودة البطل (نعيم) – وهو صحفي معروف اصبح منبوذا بسبب مواقفه السياسية المناهضة للانتهاكات الاسرائيلية- الى القرية التي ولد فيها قرية ” الطيرة ” لتربية ابنائه في كنف عائلته وثقافته الفلسطينية التي تربى عليها . ولكن بعد مرور الوقت اكتشف بان هذا الامر اغدى غير ممكنا بسبب التحولات السياسية في الواقع .

في بداية الرواية ، يعود البطل وزوجته وأطفاله ليعيشوا في قرية الطفولة. مع عودة الابن الجملة الأولى التي تقول له الام “هل ترى؟ لم يتغير شيء “،  وبعد ذلك مباشرة تقدم له الطعام كما في صغره. في الحقيقة على غرار هذه الجملة يكتشف بطل الرواية ان هناك بعض الأشياء التي تغيرت. اولا، الغرفة التي غادرها منذ سنوات تُركت مهجورة. على الرغم من أنه في الغرفة نفسها لم يتغير شيء ، إلا أن لم يسكنها احد لا تسكن فيها وهذه الغرفة المليئة بالحياة والمشاجرات والصراخ والألعاب والضرب بلا توقف مليئة اما الآن فهي في صمت تام ، كل شيء جامد في مكانه. على جانب هذا الركود تم ذكر عنصر جديد – الرائحة الغريبة ، رائحة الغربة. هاتان العلامتان – الركود والرائحة – تنذر بالسوء ، لكن البطل مرتاح في منزله الجديد الذي وقف كهيكل عظمي وانتظره خمسة عشر عاما وسيكون جاهزا خلال أسبوع أو أسبوعين بعد إقامة الأسرة فيه. هذا المنزل أكبر بكثير من الشقق المستأجرة في القدس وافضل منها أيضا ، اذ منها تنبعث روائح الذكريات وعبق الماضي الذي لن يعود. (Keren, 2014: 34)

“אמא שלי מזיזה את הדלת בחריקה איומה. חדר הילדים מעלה ריח גס, ריח של חנות ספרים יד שנייה שמעטים נכנסים אליה.היא ממהרת ופותחת חלון, מנקה קצת אבק מהמכתבה במטלית שבידה ואומרת, “אתה רואה? שום דבר לא השתנה.” ואני מסתכל בה, כל–כך שונה, כל–כך עייפה וזקנה. היא מביטה בי במבט הקבוע שלה, שאמר תמיד, הכול יהיה בסדר” ( קשוע , 2006 : 5 )

” حركت والدتي الباب بصرير مروع. وابعثت رائحة كريهة من غرفة الاطفال ، رائحة مكتبة الذي يدخلها القليلون.وهرعت وفتحت النافذة واخذت تنظف بعض الغبار من على المكتب بقطعة قماش في يدها وتقول: “هل ترى؟ لم يتغير شيء”. وأنا أنظر إليها ، فهي قد بدت مختلفة جدًا ، متعبة جدًا وكبيرة في السن. نظرت إلي بنظرتها المعروفة ، التي كانت تقول دائمًا ، كل شيء سيكون على ما يرام ”

و ينشغل بطل الرواية بإخفاء حقيقة أنه لم يعد يعمل في الصحيفة وفي محاولة لإعادة اكتشاف نفسه في مسقط رأسه. زوجته تقوم بالتدريس في المدرسة ، والإقناع إن الذات التي تتجه نحو الأفضل تتيح له غض الطرف عن العنف والإهمال والجريمة الموجودة في الشوارع. يبدو أن كل هذا نجح فقط ، حتى لحظة فرض الحظر على المدينة ، حيث يضطر الأخ الأصغر الرجوع إليها كرهاً ، بعد ان اغلقت سلطات الاحتلال جميع المخارج اضافة الى ذلك ، قامت بقطع الاتصالات والتيار الكهربائي والماء ايضا ، ليصبح جميع السكان رهائن لقوة غير مرئية وغير مفهومة. وجهاء المدينة يحاولون معرفة ما يريده الجيش الاسرائيلي ومحاولة فهم سبب تمركز الدبابات عند بوابات المدينة. عندها قرر الوجهاء التضحية بالعمال الفلسطينيون الذين يتواجدون بشكل متكرر في القرية ويعملون فيها ظاهريا في تبليط الشوارع. وهنا قام الجيش بتجريدهم من ملابسهم وارسلهم نحو السياج الذي أقامه الجيش وقتلوهم على الفور. (אלקד-להמן,2008 : 34)

في الواقع ان هذه الرواية ليست قصة عالمية بعيدة ، مليئة بالضحك والدموع ، لكنها قصة ذات صبغة واقعية وسياسية قاتمة ، تتناول مباشرة حياة المواطنين العرب في إسرائيل.حيث  يتم وصف هذه الحقائق على أنها بيانات مهمة البقاء ، أي بين ولاء معقد يقبل ضمنيًا بالعنصرية والعزلة المدنية وكونه “ورقة مساومة” ، والقلق بشأن نظام عربي بديل يمكن أن يعرض نسيج الحياة المجتمعية للخطر. تم بناء الجنسية الإسرائيلية. وهكذا فإن الاعتقاد بأن حدث الحصار خطأ مؤسف ، سيتم شرحه وتصحيحه على الفور ، يتعارض بقوة مع الظهور الروتيني لـ “مسؤول أمني كبير” على شاشة التلفزيون ، يحكي في مشهد واحد “عن تورط عرب إسرائيل في اعتداءات. على المدنيين الإسرائيليين “.” نحن نعرف المدن اليهودية بشكل أفضل ويمكن أن تلحق المزيد من الضرر “. (Keren, 2014: 165)

ونتيجة لقتل العمال الفلسطينيين امام انظار الناس تبدا اعمال العنف بالتصاعدة في المدينة ، حيث انتشرت السرقة والنهب والسرقة واخذت الشكوك تدمر النسيج الحساس للعلاقات الأسرية. واخذ الأطفال يتجولون في الشوارع بعد ان تم اغلاق المدارس ، وهنا بعد فشل السلطة المحلية في ايجاد حل لاعمال العنف والتهدئة ، ظهر هناك العديد من المسلحين الذين يجوبون شوارع القرية على مستوى الأبطال حيث اخذ المزيد من الناس ينضمون إليهم] …

אין ספק שתושבי הכפר החליטו על הנהגה חדשה, הנהגה שבראשה עומדים עבריינים שאת הנשק שלהם רכשו בעבר לביצוע פשע, בשום אופן לא למטרות לאומיות (קשוע, 2006 : 180)

“ليس هناك شك في أن القرويين قرروا اختيار قيادة جديدة ، قيادة يقودها مجرمون سبق لهم شراء أسلحتهم لارتكاب جريمة بأي حال من الأحوال طريقة ليست للأغراض وطنية “.

ان جميع الاعمال المرافقة لفرض الحصار الاسرائيلي من أعمال شغب وسرقة المياه والطعام ، واقتحام أحد البنوك وحرق البنى التحتية كانت  بدافع الإحباط والكراهية دون أي هدف مستقبلي ؛ هذه هي الطريقة التي يدمرون بها ما قد يكون في المستقبل ليس فقط منزلًا شخصيًا ولكن أيضًا رؤية وطن قومي. وهنا ترسم الأوصاف القاسية في الرواية واقعًا مرعبًا على غرار “حالة الطوارئ” للفيلسوف الايطالي (جورجيو اجامبين)الذي يصف كيفية استخدام الحكومات الديموقراطية لأحكام حالة الطوارئ لخلق حالة من الفوضى يُستثنى فيه القانون ويعلق ، حالة تقوم الدولة من خلالها بقمع العنف بالعنف ، وهناك تسقط الإنسانية بكل مفاهيمها في نظر ضحاياها. (Agamben،  2000 : 176)

وفي روايته الثالثة ( ضمير المخاطب) الصادرة عام 2010   يستمر قشوع في رسم شعور الغربة عن المنزل والتعود على حالة الاغتراب المكاني. في حي عربي بُني على طراز ريفي يقع في أطراف القدس ، والذي كان المحامي بطل الرواية ، يعيش فيه ، ويصف حال العرب القاطنين فيه :

]הם[ אינם ילידי העיר אלא הגיעו אליה תחילה בגלל האוניברסיטה והשתקעו בה מסיבות כלכליות. בדרך כלל אלה בעלי המקצועות החופשיים מבין ערביי ישראל שנוטים להישאר בירושלים ולא לעשות את דרכם בחזרה לכפרים שבגליל ובמשולש רק הם יכולים להרשות לעצמם להישאר בעיר שיוקר המחיה בה, גם בשכונות הערביות, גבוה פי כמה מבכל ישוב אחר בגליל ובמשולש. ]…[ הם לעולם ייתפסו כזרים, מעט חשודים, אך חיוניים מאין כמותם. אחרת, מי ייצג את תושבי העיר המזרחית והכפר שמסביב בבתי המשפט, מול רשויות המס, חברות הביטוח ובתי החולים דוברי העברית?  (קשוע, 2010 : 16)

[هم] ليسوا من مواطني المدينة ولكنهم جاءوا إليها أولاً بسبب الجامعة واستقروا فيها لأسباب اقتصادية. عادة ما تكون هذه هي المهن الليبرالية بين عرب إسرائيل يميلون إلى البقاء في القدس وعدم العودة إلى قراهم في الجليل والمثلث] … [هم فقط من يستطيعون البقاء في مدينة العيش فيها مكلف، حتى في الأحياء العربية فان الثمن فيها أعلى بعدة مرات من أي قرية أخرى في الجليل والمثلث. ] … [لن يتم القبض عليهم كغرباء أبدا؛ انما اناس مثيروا الريبة، مريبون بعض الشيء ، لكنهم حيويون. وإلا فمن يمثل سكان شرق القدس والقرية المجاورة في المحاكم ، أمام المصالح الضريبية وشركات التأمين والمنازل هل المرضى الناطقون بالعبرية؟”.

يقول بلاشر في كتابه ” جماليات المكان” ان المكان في الفن ليس كونه مكانا هندسيا يخضع للقياس ؛ بل هو مكان قد عاشه الاديب بوصفه تجربة حقيقية ، ولا يعاش كصور فقط ؛ انما يبقى خالدأ في جهازنا العصبي ، ولو عدنا اليه حتى في الظلام فسوف نعرف طريقنا جيدا “(شبيل ، 1987 : 49 ) . ان للمكان ابعادا نفسية عميقة تؤثر بذات الانسان سلبا وايجابا ، وهنا يصف يصف المؤلف الضمني مرتبطا بعاطفة السارد مصبوغا بحالته النفسية وصراعاته الداخلية والوجدانية ما بين الم وغربة . وهنا وظف قشوع في هذه الرواية الدلالات النفسية للمكان مشحونا بالعواطف والانفعالات المحامي الذي يعيش موقف اغتراب لأن لكل فرد بيت طفولته مختلف خارج حدود القدس وفي كل لحظة أزمة يعود به الحنين الى بيت الطفولة المنزل حيث يتضح ذلك في المحامي :

עורך הדין פקח את עיניו והתמלא צער על שכבר אינו מצליח לבכות. כמה רצה לחזור הביתה לכפר, לבית הוריו שתמיד היה מבחינתו הבית, בניגוד לכל הדירות שבהן התגורר בירושלים ואפילו לבית המפואר שבנה שמעולם לא זכה לכינוי הזה.” (קשוע, 2010 : 35)

” فتح المحامي عينيه وكان حزينًا لعدم قدرته على البكاء. كم مرة أراد العودة إلى منزله في القرية ، إلى منزل والديه ، الذي كان دائمًا الوطن في نظره ، على عكس جميع الشقق التي سكن فيها في القدس وحتى في المنزل الفاخر الذي بناه والذي لم يسبق له أن حصل على هذا اللقب”

الا ان طبيعة هذه الذكريات لا تتحقق.كما يتوافق اختيار المحامي وأصدقائه بمغادرة قرى المثلث والوصول إلى القدس مفاهيم الغربة والحنين من جهة والحرية من جهة اخرى. على ما يبدو يتم وصف حالة الحرية هنا بامكانية التجوال والانتقال في المدن داخل اسرائيل، ولكن عليهم العودة أو العيش في مناطق طفولتهم ، اذ ان مسار هجرته علامة مميزة تسمح له بالاستقرار في منطقة فلسطينية في ضواحي القدس ، وليس في أي مكان آخر. هذه الميزة تميز أيضًا طريق تجوال أمير ، البطل الثاني في الرواية.حيث يشعر أيضًا بأنه مهاجر ، لكن وضعه يختلف عن وضع المحامي المستقر. يعمل أمير ورفاقه في السكن أيضًا في وظائف مختلفة ويكسبون عيشًا ضئيلًا.  أنهم يعيشون فيها بالحد الأدنى – هذه شقة بسيطة وباردة ، وغالبًا ما تكون فارغة. طوال الرواية تظهر شخصية امير على أنه متشرد دائم لديه حقيبة واحدة بها القليل من الملابس ، معظمها متسخ.  كانت غربة أمير عنصرًا أساسيًا في هوية قشوع منذ الطفولة. اذ انه يسكن مع والدته في جلجولية بعد إجباره على مغادرة قريته (الطيرة – قرية المؤلف ) بسبب خلاف عائلي: توفي والده في طفولته وطلب من والدته من الزواج بعمه وفقا للتقاليد ؛ بعد رفض الأم تم طردها  من القرية مع ابنها (امير) الذي يصف شعوره في المدرسة الجديدة :

הייתי זר בכיתה‘, מספר אמיר, ‘זר בכפר, עם שם משפחה מוזר כמו כל הזרים האחרים בגלגוליה. כולם ידעו שהזרים מגיעים מפני שהמשטרה מרחיקה אותם מכפר מוצאם בגלל נקמת דם“, ]…[ לחלק קראו משתפי פעולה, ואותם שנאו יותר מכולם(קשוע،2010 : 97)

” كنت غريبا في المدرسة ، يتحدث امير , غريبا في القرية ، مع اسم عائلة غريب كجميع الاغراب الاخرين في جلجوليا. فالجميع يعرف بان الغرباء قد قدموا بسن طردهم من قبل الشرطة من القرية على خلفية الانتقام …. يطلقون على البعض منهم باسم المتعاونين ، وهؤلاء يكرهونهم اكثر من الجميع”.

وفي روايته الرابعة ( تغييرات المسار ) الصادرة عام 2017 يسلط قشوع الضوء على وصف شعور الاغتراب الذي يعيشه الراوي في امريكا. حيث عاش في شقة طلابية فقيرة ، ولكنه يذهب صبيحة كل يوم إلى المنزل الذي تعيش فيه زوجته وأولاده. يعتني بالأطفال ويأخذهم إلى المدرسة ويعيدهم المنزل في نهاية اليوم الدراسي ، وفي المساء يعود إلى شقته البائسة. هناك يواصل التفكير فيما حدث في قرية طفولته ، المكان الذي هجره قبل 14 عامًا بعد فضيحة تفاصيلها تتعرض تدريجيا في الرواية. يبحث في المواقع الإخبارية ويتصفح الخرائط والمواقع الفضائية. ويسير في الشوارع باستخدام الكمبيوترويصاب بحالة من الهيستيريا بمجرد رؤية منزله في القرية على الخريطة:

ניסיתי להיכנס הביתה, הזזתי את האצבעות על משטח המגע של המחשב, אבל לא יכולתי להתקדם לעבר המרפסת ודלת הכנסיה. כמעט צעקתיאבא“, “אמא“, אבל שום דלת לא נפתחה (קשוע, 2017 : 17)

“حاولت الدخول إلى المنزل ، حركت أصابعي على سطح شاشة الكمبيوتر لكنني لم أستطع التحرك نحو الشرفة وباب الدخول. كدت أصرخ “أبي” ، “أمي” ، لكن لم يفتح باب. ”

وهو  يتذكر جميع الطلبة الذين درسوا معه في الصف ، ويعرف أنهم لم يتركوا لا قرية (الطيرا) ولا أولادهم مثله ، وهذا ما زاده اغترابا. وهنا دفعه شعور الغربة في الولايات المتحدة والشوق اللانهائي للوطن إلى قرار مؤقت – العودة الى الوطن بعد تلقي رسالة من والده تفيد بانه يرقد في المستشفى.

מקום הולדתי, בית הורי ואחי שלא ראיתי זה שנים ] …[ לשוב הביתה להתקלח, להוריד מעלי את עול הזרות(קשוע،2017 : 18)

“مكان ولادتي ، منزل والديّ وبيت أخي لم أره منذ سنوات] … [العودة إلى المنزل للاستحمام ، وإزالة عبء الغربة عني “.

وتؤكد سفيتلانا بويم في دراستها حول الحنين إلى الماضي أن الحنين إلى الماضي هو “ الشوق لمنزل لم يعد كذلك او لم يكن موجود أصلا. الحنين هو شعور بالخسارة وفك الارتباط ولكنه قصة أيضًا من خيال الفرد.  (باشلار،1984 : 56) وهناك سمة أخرى من سمات الحنين إلى الماضي هي: للوهلة الأولى ، الحنين هو شوق لمكان ، في الواقع هو شوق لزمن آخر – زمن من طفولتنا – إلى الإيقاع بطيء للأحلام. بمعنى واسع ، الحنين هو تمرد ضد فكرة الزمان والوقت والتاريخ والتقدم في العمر.  (رحيم، 2014 : 67) و الشوق في عرف علماء النفس هو الميل الوجداني للمحبوب و الاحساس بالارتباط الشديد به اب في حالة و الحنين إليه ، و الشعور بالعذاب و الضياع و البعد عنه ، فالشوق و الحنين من أعمق المعاني الانسانية و أشدها لصوقا و علوقا بالنفس. (الشيخ،2021 : 34) وهذا الشعور يطغى على البطل الذي يصبر نفسه قائلا :

כשאגיע לטירה ודאי יתקוף אותי הריח המוכר של הבית, ריח ילדות וסרפדים אחרי הגשם. כשאכנס לבית הורי ודאי אמרר בבכי, כשהניחוח של אבישהוא לעולם שילוב של אולד ספייס וסיגריותיאפוף אותי(קשוע،2017 : 68)

” عندما أصل إلى قرية (الطيرا) بالتأكيد ستهاجمني رائحة المنزل المألوفة ورائحة الطفولة ورائحة نبات القراص بعد المطر. عندما ادخل منزل والديّ ، لا بد أني سانفجر باكياً ، عندها عطر والدي – الذي دائمًا ما يكون مزيجًا من رائحة اولد سفيس مع السجائر – سوف يحضنني “.

محاولة البحث عن تكوين الذات في المنفى المتأثرة بالحنين إلى الوطن ، يصبح في زمانها المتراكم عذابًا لتحطيم النفس ، في هوسه ومعاناته ، لنترك الحلم بالعودة إلى الوطن ، والدخول فيه. الصعوبات والتقلبات والانعطافات. للتحقق ، لا توجد طريقة أخرى غير السقوط في الانكسار العاطفي ، الذي يسمح لأنين الاغتراب ، بقوته ، يسحق بقوته مشاعر الوجدان.هذه فلسطين الحبيبة. في نهاية الرواية ، تظهر جليا في الحوار المهم مع الأب الذي يعلم أن نهايته قريبة. يصف الأب في هذا المقطع الصدمة التي اصيب منها ومن هولها في اغتصاب الوطن ، بذريعة لا صحة لها، هي في حقيقتها اعلان ألغاء فلسطين، وتحويلها الى مسالخ لذبح، وفتح السجون والمعتقلات، وممارسة التعذيب الوحشي، بأسم ارجاع الارض الى اصحابها اليهود. وعن سؤال ابنه عن ماذا يتذكر يقول :

הזיכרון הראשון שלי הוא שאני לא זוכר. אני מתעורר, ולא משינה אלא מבהייה, ואני יודע שדבר נורא קרה(קשוע،2017 : 70)

” ان الذكرى الاولى هي انني لا اتذكر . انا استفيق ، ليس من النوم انما من الصدمة ، وانا اعرف ان امرا مفزعا قد حدث “.

بين الذكريات – النكبة والحدث على السطح – بُني الفضاء المتخيل لفلسطين ، الذي من أجله يستمر الراوي في الاشتياق ، ، يتحقق هذه الفضاء في رؤيته أثناء اختيار الهجرة ، والرضوخ للمنفى. في أعمال قشوع السابقة رأينا ازدواجية المنزل بالمعنى الملموس والمعنى الأيديولوجي لـ “المكان الكبير” ، بينما هنا هو أخيرًا تخلى عن منزل طفولته ، “المكان الصغير” ؛اذ يرفض التواصل معه ويرفض ممارسته كبيت خرساني ، ويختار تحته حكاية وفكرة البيت الكبير. وهنا يطرح السؤال هل يمكن أن تكون فلسطين في القلب فقط؟ هل من الممكن رسمها فقط في الفضاء التخيلي ،أن تلاحقها لكنك تعلم أنها لن تتحقق؟ هذا هو الخيار الذي يختاره الراوي ، وهو كذلك احتمالية نقله إلى ابنته ، التي تعيش في الولايات المتحدة ، وتتحدث الإنجليزية ، وربما لم تسمع عن قرية الطيرة. يقول لها

בערבית שהיא הבינה אף שלא אמרה בה מילה, סיפרתי לה שהיא פלסטינית, וכי פלסטין חרבה, ושהיא לא תמצא אותה על המפה העדכנית שבה היא לומדת על הגיאוגרפיה של ארצה, שהיא תצטרך לדמין את פלסטין, כמו שאני עושה, מסיפורים ששמעתי ומסיפורים שאני מספר לה ולעצמי. (קשוע،2017 : 134)

” قلت لها بالعربية التي تفهمها رغم أنها لم تقل كلمة واحدة فيها ، قلت لها إنها فلسطينية ، وأنها قد دمرت ولن تجدها في الخريطة التي تدرسها في مادة الجغرافيا، لذلك يجب أن تتخيل فلسطين ،كما أفعل انا من القصص التي سمعتها والقصص التي أخبرها لها ولنفسي”.

الخاتمة

وقد خلُص البحث إلى أن

  1. يعد سيد قشوع من ابرز الكتاب الاسرائيليين ذوي الاصول العربية في العصر الحديث وهذا باعتراف النقاد والادباء الاسرائيليين انفسهم.
  2. ابدع قشوع في وصف فلسطين بصورة واضحة وشعور الاغتراب والحنين الى فلسطين والقرية كانت المواضيع الاساسية في جميع نتاجاته الادبية. اذ حمل على عاتقه معالجة الواقع المستحيل للعرب في إسرائيل ، لكنه أفسح المجال تدريجياً لعنصر جديد في الكتابة وأصبح مسيطرا. بدأت بالتركيز على تجاربه كمهاجر لا يفقه الثقافة الأمريكية وكذلك إحساسه بالاغتراب فيها.
  3. الشخصيات في نتاجات قشوع ، تم طردهم من المنزل واضطروا الى العيش خارجه ، وكان عليهم العودة إليه لمرات عدة ثم يذهبون بعيدا مرة اخرى. إنهم ينفصلون عنه وعن ذلك الاستقرار النفسي والقيم والعادات الذي يوفرها المنزل ، وكل محطة توقف في حياتهم تؤكد على البعد عن الوطن وعدم واقعيته.
  4. حرص قشوع على نقل إلى القارئ العربي طبيعة المأساة التي يعيشها الفلسطينيون المقيمون داخل إسرائيل التي تعمل بدأب على اقتلاع كل ما يمكنه أن يذكرهم بجذورهم وعروبتهم. ورواياته تسرد عبر طياتها طبيعة المأساة التي ألمت بالعائلة الفلسطينية في إسرائيل، بهدف التعرف على معاناة الفلسطينيين في إسرائيل.
  5. عرض قشوع حنيناً دافقاً للوطن، ولأشيائه الصغيرة، جباله وأغانيه، وسمائه ولغته وعاداته، والعاملين البسطاء، حيث مثلت الجدة في رواية عرب راقصون جيل الاجداد مع ذكرياتهم وذكراهم ، بينما مثل الاب في رواية تغييرات المسار جيل الاباء .

 

المصادر والمراجع

  1. خضر، خالدة حسن ( 1999) ، المكان في رواية الشماعية للروائي عبد الستار ناصر ، مجلة الاداب ، 120 .
  2. شبيل ، عبد العزيز (1987). الفن الروائي عند غادة السمان ، تونس ، دار المعارف ، ط1 .
  3. سعد محمد رحيم. (2014). سحر السرد دراسة في الفنون السردية. سوريا: دار نينوى للنشر.
  4. علي محمد رشيد. (2020). بين المراة الشرقية والمراة الغربية. لارك, 4(39), 720-720.
  5. غاستون باشلار. (1984). جماليات المكان. (غالب هلسا، المترجمون) بيروت: المدرسة الجامعية.
  6. كبير الشيخ. (2021). فلسفة المكان و علاقتها بالاغتراب في نفسية الشاعر الجاهلي. مجلة النص ، 8 (10)، 126 – 147.

المصادر الانكليزية

  1. Gaston Bachelard. (1964). The Poetics of Space. boston: beacon press.
  2. Giorgio Agamben. (2000). Means without End. Minneapolis: University of Minnesota Press.
  3. Karen Grumberg. (2011). Place and Ideology in Contemporary Hebrew Literature. Syracuse,: Syracuse University Press.
  4. Keren. (2014). The quest for identity in Sayed Kashua’s Let it be morning. Israel studies ، 1 (spring).
  5. Rachel Feldhay Brenner. (2001). The Search for Identity in Israeli Arab Fiction: Israel Studies.
  1. Rashed, A. M. (2020). The homeland in the product of Sami Michael. Journal Of Babylon Center for Humanities Studies, 10(3).
  1. Rasheed ,Ali Mohammed. (2018). I Loved You To Break”, A Reading In The Novel “Living Wall” By Dorit Rabinyan. Арабистика Евразии ، 3 (3)، 44.
  1. Рашид, А. М. (2020). Between language and homeland: reading the story of”” Khawaja Nazar” by Moshe Smilansky. Арабистика Евразии, (9).‏

المصادر العبرية‏

  1. אילנה אלקד-להמן. (2008). קריאה ביצירות מאת חמישה יוצרים בספרות ההווה. ירושלים: כרמל.
  1. מעוז , עדיה מנדלסון, (2019), ‘פלסטין אהובתי: המקום והבית ביצירותיו הספרותיות של סייד קשוע’, עיונים, כרך 32.
  1. סייד קשוע. (2015). בן הארץ. ירושלים: כתר.
  2. סייד קשוע. (2010). גוף אחד יחיד. ירושלים: כתר.
  3. סייד קשוע. (2010). גוף שני יחיד. ירושלים: כתר.
  4. סייד קשוע. (2004). ויהי בוקר. ירושלים: כתר.
  5. סייד קשוע. (2017). עקוב אחר שינויים. ירושלים: כתר ספרים.
  6. סייד קשוע. (2002). ערבים רוקדים. ירושלים: הוצאת מדן.
  1. עדיאל , יאיר(2009), ‏על פואטיקה ופוליטיקה של גישות ללשון: קריאה בטורים מאת סייד קשוע, תיאוריה וביקורת 34.
  1. פרנץ פנון. (2004). עור שחור מסכות לבנות,. תל אביב: ספרית מעריב,.

مصادر الانترنيت

سيد قشوع https://ar.wikipedia.org/wiki/

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *