عبدالهادي الخياطي دكتور في القانون العام
جامعة الحسن الأول بسطات –المغرب
elkhayat.81yma@gmail.com
00212674480507
الملخص
يحاول هذا البحث دراسة أسباب تبني المشرع المغربي لخيار الديمقراطية التشاركية، التي تم التأكيد على مبادئها وقواعدها في دستور 2011، ودراسة الإطار القانوني المنظم لكيفية ممارستها على مستوى المحلي من خلال القيام بدراسة تحليلية نقدية للمقتضيات القانونية التي أتت بها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية الصادرة سنة 2015، التي نصت على مجموعة من الآليات العملية لإشراك المواطنين والجمعيات في صناعة القرار المحلي، مثل إحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور، وإمكانية تقديم العرائض من طرف المواطنات والمواطنين والجمعيات.
لكن آليات الديمقراطية التشاركية التي نصت عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية قيدت بضرورة توفر عدة شروط مجحفة وضعت أمام المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني من أجل المشاركة في إعداد برامج التنمية وتتبعها وتقديم العرائض للمجالس المنتخبة، الشيء الذي أفرغ مبادئ وروح دستور 2011 التي تدعم الديمقراطية التشاركية الترابية من محتواها، مما يفرض اعتماد بدائل أخرى أكثر تجسيدا للديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي.
الكلمات المفاتحية: الديمقراطية التشاركية – الديمقراطية التمثيلية – الجماعات الترابية – القوانين التنظيمية- دستور 2011- التشاور والحوار- العرائض.
« Participatory Democracy in management of territorials Communities in Morocco: mechanisms, limitations
and alternatives »
Abdelhadi El khayaty, Doctor in public law
University Hassan first. settat- morocco
Abstract:
This research attempts to examine the reasons for the Moroccan legislature’s adoption of the option of participatory democracy, whose principles and rules were affirmed in the 2011 Constitution, and to examine the legal framework governing how it is exercised at the local level, by conducting a critical analytical study of the legal requirements of the 2015 regulatory laws of the territorial groups which provided for a range of practical mechanisms to involve citizens and associations in local decision-making, such as establishing participatory mechanisms for dialogue and consultation and submitting petitions by citizens, citizens and associations.
However, the participatory democracy mechanisms provided for by the regulatory laws of the territorial groups have restricted the need for several unfair conditions set out for citizens, citizens and civil society associations to participate in the preparation and tracking of development programmes and to submit petitions to elected councils, which have emptied the principles and spirit of the 2011 Constitution that support participatory, territorial democracy from its content, forcing the adoption of other alternatives that are more reflective of participatory democracy at the local level.
Keywords : Participatory Democracy – Representative Democracy – territorials Communities – Regulatory Laws – Constitution 2011 – Consultation and Dialogue – Petitions.
مقدمة:
في خضم التحولات الكبرى التي تشهدها بنيات الدولة وتجديد أدوارها، تعالت الدعوة إلى تطوير النظام اللامركزي والذي يستند على الشرعية الإدارية والعقلانية والقانونية، وذلك بتبني منظور جديد ومقاربة مغايرة تتوخى تطوير البعد التدبيري، وذلك من خلال توسيع مفهوم ” إدارة القرب ” ومنهجية ” المقاربة التشاركية”.
وانطلاقا من مبدإ الديمقراطية التشاركية التي تقوم على إشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام، أكد الخطاب الملكي في 9 مارس 2011 على ضرورة اعتماد منهجية الإصغاء والتشاور مع جميع الهيئات والفعاليات المؤهلة، والفاعلة على الخصوص في مجالات حقوق الإنسان وحقوق المرأة وإصلاح القضاء والإدارة وتخليق الحياة العامة.
وهي ذات المنهجية التي كرسها دستور 2011 حين أكد على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على مجموعة من المرتكزات من بينها الديمقراطية المواطنة التشاركية، مانحا دورا أكبر لجمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المهتمة بقضايا الشأن العام، التي أعطاها الحق في المساهمة في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا تفعيلها وتقييمها.
كما نص على أن السلطات العمومية تعمل على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. وأن من حق المواطنات والمواطنين تقديم ملتمسات في مجال التشريع وتقديم عرائض إلى السلطات العمومية.
أما فيما يتعلق بتعزيز آليات الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات الترابية، التي سنعالجها في هذا البحث، فقد أكد أيضا دستور 2011 في الفصل 136 على أن التنظيم الترابي للمملكة يؤمن مشاركة السكان في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة.
وقد أشار في الفصل 139 على أن مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى تضع آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها. وأنه يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله.
ومن هذا المنطلق، فإن الديمقراطية التشاركية كآلية محلية، عليها أن تقوم بالدور المنوط بها في تحقيق الآمال المشروعة للسكان، وأن تكون في مستوى التحدي الذي يواجه التدبير المحلي، حيث لا يمكن إنجاح اللامركزية إلا في حالة التحسين الفعلي للممارسات المرتبطة بالتدبير التشاركي داخل الجماعات الترابية من أجل الدعم الجيد لقدرات الفاعلين المحليين، ومن خلال تدابير متعددة تهدف كلها إلى الدفع بجودة ممارسات تدبير الشأن المحلي وإعطاء الاهتمام اللازم لحاجيات وانتظارات المواطنين. (زين الدين،2009، ص.29)
أهمية البحث:
تكمن أهمية هذا البحث في أنه يسلط الضوء على أحد أبرز آليات التدبير الحديث للشأن المحلي، وهي آليات الديمقراطية التشاركية التي أصبحت لها أهمية بالغة في إشراك الأفراد وجمعيات المجتمع المدني في تدبير شؤونهم على مستوى المجالس الترابية المنتخبة على الصعيد المحلي ومعالجة القضايا التي تهمهم والاستجابة لحاجياتهم.
مشكلة البحث:
سنحاول في هذا البحث معالجة الإشكال الرئيسي التالي: إلى أي حد تم تنزيل آليات الديمقراطية التشاركية على النحو المطلوب على مستوى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بالمغرب تجسيدا لمبادئ وقواعد دستور 2011؟.
وما هي آليات الديمقراطية التشاركية التي تم التنصيص عليها في هذه القوانين؟؛
وما مدى جدوى هذه الآليات في تنزيل الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات الترابية؟؛
وما هي البدائل الممكنة لتجويد هذه الآليات؟.
منهج البحث:
للإجابة عن أسئلة المطروحة سنعتمد على المنهج القانوني التحليلي من أجل القيام بدراسة تحليلية للمقتضيات القانونية المؤطرة لآليات إعمال الديمقراطية التشاركية في الجماعات الترابية والكشف عن الحدود التي تقيدها، مع الإشارة إلى بعض التجارب الدولية الرائدة التي يمكن الاقتداء بها في هذا المجال.
خطة البحث:
قمنا بتقسيم هذا البحث إلى مبحثين، المبحث الأول عالجنا فيه أسباب تبني الديمقراطية التشاركية ووسائل أجرأتها في الجماعات التربية، وقسمناه إلى مطلبين، المطلب الأول تناولنا فيه دواعي تبني خيار الديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي، والمطلب الثاني تناولنا فيه آليات الديمقراطية التشاركية في الجماعات التربية، أما المبحث الثاني فعالجنا فيه حدود وآفاق الديمقراطية التشاركية في الجماعات الترابية وقسمناه إلى مطلبين، المطلب الأول تناولنا فيه معيقات الديمقراطية التشاركية في الجماعات الترابية، والمطلب الثاني تناولنا في تطوير الديمقراطية التشاركية الترابية على ضوء النماذج الرائدة في هذا المجال.
المبحث الأول: أسباب تبني الديمقراطية التشاركية ووسائل أجرأتها في الجماعات التربية
ساهمت مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية في حشد مزيد من التأييد والدعم لتبني خيار الديمقراطية التشاركية من أجل إشراك المواطنين والمجتمع المدني في التأثير في صناعة القرار العمومي والمحلي، بعدما أصبح يعبر عن آرائه ومطالبه عبر الفضاء الرقمي وفي الشارع العام(المطلب الأول)، لذا وتنزيلا لمقتضيات دستور 2011 التي أكدت على ضرورة إعمال مجموعة من المبادئ والقواعد المؤسسة للديمقراطية التشاركية أمام المجالس المنتخبة للجماعات الترابية، نصت القوانين التنظيمية لهذه الأخيرة على مجموعة من الآليات العملية لإشراك المواطنين والجمعيات في صناعة القرار المحلي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: دواعي تبني خيار الديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي
تتعدد أسباب ودواعي توجه المشرع الدستوري المغربي نحو تبني خيار الديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي في إطار الجماعات الترابية، والتي يبقى من أبرزها ضعف الديمقراطية التمثيلية في القيام بالأدوار التنموية المنوطة بها(أولا) بالإضافة إلى ضعف التأطير القانوني لآليات الديمقرطية التشاركية ضمن قوانين اللامركزية الترابية(ثانيا).
أولا: ضعف الديمقراطية التمثيلية
أصبحت الديمقراطية التمثيلية في العصر الراهن عاجزة عن تلبية مقومات المواطنة الحقة، وتحقيق التنمية المحلية في كافة أبعادها، بفعل التناقضات والظواهر السلبية التي أفرزها منطق “حكم الأغلبية” فيما أصبح يصطلح عليه ب”أزمة الديمقراطية التمثيلية”، المرتبطة ب”أزمة التمثيل السياسي” الذي أخفق في تحقيق مطالب السكان واحتياجاتهم، مما أدى إلى الحد من دور الديمقراطية التمثيلية التي تشكل نظاما للحكم يتم تبنيه في معظم دول العالم لينظم نظريا وحقوقيا مسألة العلاقة بين الحاكمين والمحكومين.(فوريه،2003، ص.37)
ومن تم فإن الديمقراطية التمثيلية اليوم تشهد قطيعة متزايدة بين أجهزة السلطة والمجتمع، حيث لم يعد هذا الأخير يعتقد أنه ممثل “بشكل صحيح”، ولا مصاعبه ستجد لها حلا في الإجابة السياسية (لامي، 2006، ص.55)، ومن تجليات هذا الموقف ظاهرة العزوف عن المشاركة في الحياة السياسية التي تعد من أبرز القضايا التي شغلت وتشغل المهتمين بمستقبل الديمقراطية بصفة عامة، والانتخابات بصفة خاصة.(فهمي، 1991، ص.247 )
وذلك بسبب إشكالية التمثيل السياسي المحلي الذي تتحدد دلالاته في طبيعة النسق السياسي الذي تتقاطبه عدة خيارات وتصورات متنافرة، أثرت بشكل كبير في البناء الديمقراطي المحلي، وجعلته يميل نحو المركزية، بفعل أدوات التحكم السياسي في العملية الانتخابية (التقسيم الجماعي والانتخابي، نظام الاقتراع)، بالإضافة إلى ما أفرزه مسلسل اللامركزية الإدارية من ظواهر سلبية، يمكن إجمالها في ظاهرة “الفساد السياسي”، مما دفع بالمواطن إلى الانسحاب أو النفور من الحياة السياسية العامة، وهو ما يفسر تدني نسبة المشاركة الانتخابية.(سدقاوي، 2009، ص.14)
بحيث أن المواطن لم تعد له الثقة الكاملة في المجالس المنتخبة محليا بعد عدة تجارب انتخابية لم تحقق النتائج التي يأملها في النهوض بأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الخدمات الضرورية التي يجب أن تقوم بها المرافق العمومية المحلية بالجودة المطلوبة، مما دفعه إلى التعبير عن مطالبه وآرائه عبر السلوك الاحتجاجي الذي أصبح يميز علاقة الأفراد بالسلطات العمومية والمؤسسات التمثيلية سواء وطنيا أو محليا.
ونشير في هذا الإطار إلى أن المقتضيات الدستورية التي أطرت وعززت من آليات الديمقراطية التشاركية كما نص عليها دستور 2011 لم تكن سوى جواب على بعض مطالب الحركات الاجتماعية التي عرفتها المملكة إبان ما سمي بالربيع العربي، حيث لاحظنا كيف عمت موجة الاحتجاجات مختلف المدن المغربية رافعة شعار “إسقاط الفساد والاستبداد” وشعار “لا للحكرة ” ومجموعة من المطالب السياسية والاجتماعية، وهي مفاهيم تحمل دلالات قوية تحيل على رفض المواطنين لأشكال التدبير المركزي الذي عرف عدة اختلالات في مجال التنمية، والذي لم يستجيب لتطلعاتهم وكان يقصي أي مشاركة حقيقية وفعلية للأفراد في اتخاذ القرارات التنموية التي تهمهم بشكل مباشر، وإلى فقدانهم الثقة في المؤسسات التمثيلية.
ثانيا: ضعف التأطير القانوني لآليات الديمقرطية التشاركية قبل دستور2011
بالرجوع لتجربة الجهوية المغربية سواء من خلال الظهير المحدث للجهات الاقتصادية (ظهير 16 يونيو 1971) أو القانون رقم 47-96 المنظم للجهوية الإدارية يلاحظ غياب أية إحالة إلى ما يمكن اعتباره بمثابة مشاركة للمواطنين والجمعيات كأطراف معنية بالتنمية، حيث انتظر المغرب حتى سنة 2003 لتصدر دورية عن الوزير الأول عبرت عن إرادة السلطات العمومية “…بجعل الشراكة مع الجمعيات إحدى أهم الأدوات التي تتوخى محاربة الفقر” مركزة في ذلك على التمويل وعلى ضرورة تحسين الإطار القانوني بغرض تعضيد جهود الشركاء خدمة للصالح العام، مدرجة النهوض بالبعد الترابي للشراكات ضمن الأهداف المتوخاة في سياق تعزيز اللاتمركز واللامركزية، وهو ما استجاب له في سنة 2009 القانون رقم 08-17 المغير والمتمم للقانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي بالإشارة في مادته 36 لإنجاز المخطط الجماعي وفق منهج تشاركي يأخذ بعين الاعتبار على الخصوص مقاربة النوع وأن الحاجيات ذات الأولوية تحدد بتشاور مع الساكنة والإدارات والفاعلين المعنيين، وكون المجلس يشجع ويدعم المنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والرياضي…”. (الخلادي، 2019، ص.259)
رغم ذلك كان القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي كما تم تغييره وتتميمه يمركز صناعة القرار التنموي المحلي في يد المجالس المنتخبة ولا ينص على مقتضيات توضح بشكل عملي وواضح كيفية تعزيز ديمقراطية القرب التي تفرض فتح المجال أمام المواطنين للمشاركة في صناعة القرارات التنموية التي تمسهم بشكل مباشر، ولم يكن يشير إلا بشكل محتشم لبعض المقتضيات التي تتحدث عن تنزيل الديمقراطية التشاركية على أرض الواقع، حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة 41 منه على أن المجلس:”…يقوم بكل عمل محلي من شأنه تعبئة المواطن قصد تنمية الوعي الجماعي من أجل المصلحة العامة، وتنظيم مشاركته في تحسين ظروف العيش…”، في حين نصت الفقرة الخامسة من المادة 38 من نفس القانون أن المجلس: “… يشجع إحداث التعاونيات السكنية وجمعيات الأحياء؛”
ومن ثمة، فإذا كان الميثاق الجماعي يحيل على المشاركة، فإنه لم يحدد الإطار القانوني الذي قد يمكن ضمنه للجماعات أن تجرب وتعتمد -عن طريق مداولات المجلس- أشكالا ممأسسة من المشاركة الشعبية الموسعة.(العبادي، 2004، ص.134) إذ أن التنصيص على إحداث “جمعيات للأحياء” هي في حد ذاتها عبارة تحمل تناقضات على المستوى المفاهيمي باعتبار أن التشجيع على إحداث الجمعيات – التي تعد مكون من مكونات المجتمع المدني- تستلزم مبدأ الاستقلالية عن المجالس الجماعية، حيث تغدو الوظيفة التنموية للحركة الجمعوية عنصرا من وظائف متعددة ذات طبيعة سياسية وثقافية.(سدقاوي، 2009، ص.67)
ويمكن القول أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية حملت مجموعة من المستجدات التي ستساهم في تقوية الإطار القانوني للديمقراطية التشاركية في هذا الباب، لأن دور الديمقراطية التشاركية هو دعم الديمقراطية التمثيلية، وليس الحلول محلها، لأن لكل منهما اختصاصاته وأدواره التي يجب أن يؤديها على أكمل وجه.
المطلب الثاني: آليات الديمقراطية التشاركية في الجماعات التربية
إن ترسيخ الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات الترابية كتوجه حديث في التدبير الترابي استلزم توفير الوسائل والأدوات القانونية اللازمة لربط المجالس المنتخبة بالساكنة المحلية، عبر التنصيص على مجموعة من الآليات التشاركية التي أبانت التجارب الدولية عن نجاحها في إشراك المواطنين في تدبير شؤونهم المحلية من جهة وكمخرج “لأزمة الديمقراطية التمثيلية” التي أصبحت عاجزة لوحدها عن تلبية حاجيات السكان السياسية في صناعة القرار التنموي المحلي من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار نصت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية الصادرة سنة 2015 على نوعين من آليات تنزيل الديمقراطية التشاركية تتمثل الأولى في إحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور، والثانية في تقديم العرائض من طرف المواطنات والمواطنين والجمعيات.
أولا: الآليات التشاركية للحوار والتشاور
تعتبر الآليات التشاورية والتشاركية للمجتمع المدني من الآليات الفعالة لتمكين المواطنات والمواطنين من المشاركة في صناعة القرار المحلي، وتعد بعدا من أبعاد الديمقراطية التشاركية من خلال عمليات التواصل المنظم والحوار المؤسساتي بين المجالس الترابية من جهة والمواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني من جهة أخرى، من أجل التعبير عن آرائهم وتطلعاتهم وتنزيلها في إطار برامج التنمية الترابية.
وتطبيقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 139 من دستور2011 نصت المادة 116 من القانون التنظيمي رقم 14-111 المتعلق بالجهات، والمادة 110 من القانون التنظيمي رقم 14-112 المتعلق بالعمالات والأقاليم، والمادة 119 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات، على إحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها طبقا للكيفيات المحددة في النظام الداخلي لكل جماعة ترابية على حدة.
وإلى جانب هذه الآليات تحدث لدى مجالس الجهات ثلاث هيئات استشارية يحدد النظام الداخلي لهذه المجالس تسميتها وكيفيات تأليفها وتسييرها وتتوزع حسب تركيبتها ومجالات تدخلها على النحو التالي:
– هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع؛
– هيئة استشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب؛
– هيئة استشارية بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالجهة تهتم بدراسة القضايا الجهوية ذات الطابع الاقتصادي.(المادة 117 من القانون التنظيمي للجهات)
كما تحدث أيضا لدى مجالس العمالات والأقاليم حسب المادة 111 من القانون التنظيمي مجالس العمالات والأقاليم هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الإقليمية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، يحدد النظام الداخلي لهذه المجالس تسميتها وكيفيات تأليفها وتسييرها.
وتحدث أيضا لدى مجالس الجماعات حسب مقتضيات المادة 120 من القانون التنظيمي للجماعات هيئة تسمى هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع مهمتها دراسة هذا النوع من القضايا، تحدد الأنظمة الداخلية لتلك الجماعات كيفية تأليفها وتسييرها.
وعلى العموم تبقى مسؤولية إنجاح عمل هيئات التشاور والحوار التي ذكرنا ملقاة على عاتق مجالس الجماعات الترابية في تفعيل آليتي التشاور والحوار مع فعاليات المجتمع المدني، من خلال القوانين الداخلية للمجالس الترابية التي يجب أن تكون في مستوى التطلعات وتستجيب مضامينها لمبادئ المقاربة التشاركية في تدبير شؤون الساكنة المحلية.
ثانيا: آلية تقديم العرائض
لا يستقيم الحديث عن آليات الديمقراطية التشاركية دونما الحديث عن إحدى الآليات الفاعلة والمؤثرة في مسارات المشاركة، الحديث هنا عن آلية العرائض باعتبارها من الآليات الأكثر استعمالا في التجارب المقارنة لفاعليها ولتأثيرها القوي في مسار إعداد السياسات العمومية، وكذا لكونها من الآليات التي عبرها تتجسد واقعيا هوامش المشاركة أمام المواطنين وكذا فعاليات المجتمع المدني. (التجاني، 2019، ص.120)
ومن المستجدات التي أتى بها دستور 2011 في مجال الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات الترابية إعطاء المواطنات والمواطنين والجمعيات الحق في تقديم عرائض إلى المجالس المنتخبة، يكون الهدف منها مطالبتها بإدراج نقطة تدخل في اختصاصها ضمن جداول أعمالها وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 139 من الدستور.
وقد عملت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على تنزيل هذا المقتضى شريطة أن لا يمس موضوع العريضة بالثوابت المنصوص عليها في الفصل الأول من الدستور، وهي الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي.
وتعرف العريضة حسب القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بأنها: ” كل محرر يطالب بموجبه المواطنات والمواطنين والجمعيات مجلس الجهة بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله”، ونفس هذا التعريف تضمنه القانونيين التنظيميين للعمالات والأقاليم والجماعات.
وقد حددت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية مسطرة وشروط تقديم العرائض وميزت بين العرائض التي تقدم من قبل المواطنات والمواطنين والعرائض التي تقدم من قبل الجمعيات.
وبخصوص مسطرة تقديم العريضة إلى المجالس المنتخبة للجماعات الترابية، فإنها موحدة فيما بينها، حيث تقدم إلى رئيس المجلس المعني مرفقة بالوثائق المثبتة للشروط القانونية مقابل وصل يسلم فورا، وهذا الأخير الذي يقوم بإحالتها على مكتب المجلس، وفي حال قبولها، تسجل في جدول أعمال المجلس في الدورة العادية الموالية وتحال إلى اللجنة الدائمة المختصة لدراستها قبل عرضها على المجلس للتداول فيها، ويخبر رئيس المجلس الوكيل أو الممثل القانوني للعريضة، حسب الحالة، بقبول العريضة.
وفي حالة عدم قبول العريضة من قبل مكتب المجلس المعني، يتعين على الرئيس تبليغ الوكيل أو الممثل القانوني لها حسب الحالة بقرار الرفض معللا داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ توصله بها بالنسبة للجماعات، وشهرين بالنسبة للجهات والعمالات والأقاليم.
أما بالنسبة لشروط ممارسة الحق في تقديم العريضة إلى الجماعات الترابية، فإنها تختلف بحسب إذا ما قدمت من قبل المواطنات والمواطنين أو من قبل الجمعيات، فإذا قدمت من قبل الطرف الأول، فإنه يتعين توافر الشروط التالية:
أن يكون الموطنات والمواطنون من ساكنة الجهة أو العمالة أو الإقليم أو الجماعة بحسب الجماعة الترابية المقدمة لها، وأن يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا أو تجاريا أو مهنيا؛
أن تكون لهم مصلحة مشتركة في تقديم العريضة؛
أن لا يقل عدد الموقعين على العريضة عن 300 مواطنة أومواطن بالنسبة للعمالات والأقاليم، و100 مواطنة أومواطن بالنسبة للجماعات التي يقل عدد سكانها عن 35000 نسمة و200 مواطنة أومواطن بالنسبة لغيرها من الجماعات، و400 مواطنة أومواطن بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات، وأن لا يقل عن 300 توقيع بالنسبة للجهات التي يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة، و400 توقيع إذا كان عدد سكانها مليون وثلاثة ملايين نسمة، و500 توقيع بالنسبة للجهات التي يتجاوز عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.
أما إذا قدمت العرائض من قبل الجمعيات، فإنه يجب أن تتوفر فيها الشروط التالية:
أن تكون الجمعية معترفا بها ومؤسسة بالمغرب، طبقا للتشريع الجاري به العمل لمدة تزيد على ثلاث سنوات، وتعمل طبقا للمبادئ الديمقراطية ولأنظمتها الأساسية؛
أن تكون في وضعية سليمة إزاء القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛
أن يكون مقرها أو أحد فروعها واقعا بتراب الجهة المعنية بالعريضة؛
أن يكون نشاطها مرتبطا بموضوع العريضة.
المبحث الثاني: حدود وآفاق الديمقراطية التشاركية في الجماعات الترابية
تواجه الممارسة العملية لآليات الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات الترابية من أجل إشراك الساكنة المحلية في صناعة القرارات التنموية التي تهمها، مجموعة من القيود التي تحد من إمكانية إعمالها، وبالتالي إفراغ الفعل التشاركي من محتواه (المطلب الأول)، وهو ما يستلزم إعادة النظر في آليات الديمقراطية التشاركية التي أتت بها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية والتنصيص على آليات أخرى أكثر انفتاحا على المواطنين والجمعيات في إطار حلقات تواصلية مباشرة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: معيقات الديمقراطية التشاركية في الجماعات الترابية
على الرغم من تنصيص دستور 2011 على مجموعة من المبادئ والقواعد التي تؤسس للديمقراطية التشاركية على مستوى الترابي، إلا أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لم تعمل على تنزيل تلك المبادئ والقواعد على النحو المطلوب كما هو معمول به في التجارب الرائدة دوليا في هذا المجال، وأن ما أتت به من مقتضيات في هذا الباب كما تطرقنا لها سابقا يعتريه ما يعتريه من نقائص وقصور سواء فيما يتعلق بالآليات التشاركية للحوار والتشاور(أولا)، أو آلية تقديم العرائض(ثانيا).
أولا: محدودية الآليات التشاركية للحوار والتشاور
صحيح أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، وتحديدا المادة 116 من القانون التنظيمي للجهات، والمادة 110 من القانون التنظيمي لمجالس العمالات والأقاليم، والمادة 119 من القانون لتنظيمي لمجالس الجماعات، قد ألزمتها بإحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها طبقا للكيفيات المحددة في أنظمتها الداخلية، كما أكدت على أنه ستصدر نصوص تنظيمية تحدد مسطرة إعداد برامج التنمية الجهوية وبرامج تنمية العمالات والأقاليم وبرامج عمل الجماعات وكيفية تتبعها وتحيينها وتقييمها وآليات الحوار والتشاور لإعدادها، إلا أن صدور هذه النصوص التنظيمية لم يأت بأي جديد بخصوص كيفية تحديد الآليات التشاركية للحوار والتشاور حول إعداد برامج التنمية الترابية، لتبقى السلطة التقديرية المطلقة للمجالس الترابية في تحديدها ضمن أنظمتها الداخلية، واكتفت بالتأكيد على أن تلك البرامج يجب أن تتم وفق منهج تشاركي وأن على رؤساء مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات أن يقوموا بإجراء مشاورات مع:
– المواطنات والمواطنين والجمعيات وفق الآليات التشاركية للحوار والتشاور المحدثة لدى مجالس الجماعات الترابية؛
– الهيئة أو الهيئات الاستشارية التي ألزمت القوانين التنظيمية مجالس الجماعات الترابية بإحداثها.
لكن رغم ذلك ما زال تنزيل هذه المقتضيات يتسم بالمحدودية فيما يتعلق بمشاركة المواطنين وفعاليات المجتمع المدني في المشاركة في صياغة برامج العمل أو برامج التنمية للجماعات الترابية أو التشاور البناء معهم حولها، بسبب مركزة القرار السياسي في يد المنتخبين الذين يسيرون شؤون الساكنة المحلية بأسلوب انفرادي لا يصغي لآراء المواطنين و آراء المجتمع المدني، فلا نسجل ممارسات جيدة في تجارب الجماعات الترابية في هذا لاتجاه، فحتى تتحقق مشاركة المواطن في صنع القرار واختيار البرامج ومخططات التنمية، كان لابد من توفر شروط، منها وضع المعلومات الصادقة رهن إشارته لما لها من أهمية في مساعدته على المشاركة الفعلية والمؤثرة أثناء عمليات التشاور والحوار في القضايا والبرامج المحلية.
أضف إلى هذا أن دور الهيئات الاستشارية في عملية الإشراك والتشاور يبقى ضعيفا لأن تشكيلها وآرائها ونشاطها في الغالب تتحكم فيه المجالس المنتخبة، بحيث تبقى تابعة لها، “نظرا لإمكانية تعيين فاعلين جمعويين مقربين على حساب آخرين استنادا إلى منطق الانتماءات السياسية والحزبية الضيقة”. (قريش، 2019، ص.59)
ثانيا: تقييد الحق في تقديم العرائض
تثير آلية تقديم العرائض من خلال شروط قبولها المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية مجموعة من الإشكاليات تتعلق بمدى مرونة تطبيقها من الناحية العملية، حيث يختلف الأمر بين تقديمها من قبل المواطنات والمواطنين وتقديمها من طرف جمعيات المجتمع المدني.
ويمكن القول أن منح المواطنات والمواطنين والجمعيات الحق في تقديم عرائض يكون الهدف منها مطالبة المجالس الترابية المنتخبة بإدراج نقطة تدخل في صلاحياتها ضمن جداول أعمالها، تعتبر آلية محدودة لإعمال الديمقراطية التشاركية أمام تلك المجالس، أولا لأنها تتحدث عن نقطة واحدة وليس عدة نقط، ومعنى هذا أن تقديم عريضة تتضمن أكثر من نقطة مرفوض من الناحية الشكلية، وهو أمر مخالف لمبادئ العمل التشاركي الذي يتطلب توسيع مجال القوة الاقتراحية للمواطنين، ثانيا لأنها مؤطرة بمقتضيات وشروط مقيدة سواء بالنسبة لكيفية تقديمها أو بالنسبة لمآلها.
كما أن المراسيم التنظيمية الصادرة في 4 محرم 1438 (6 أكتوبر 2016) المتعلقة بتحديد شكل العرائض المودعة لدى رؤساء مجالس الجماعات الترابية والوثائق المثبتة التي يتعين إرفاقها بها، لم توضح هذه المسألة (أي عدد نقط العريضة)بشكل أكبر وتحدثت في الملحق المحدد لشكل العريضة المرفق بكل مرسوم، عن تاريخ تقديم العريضة وموضوعها وليس مواضيعها، ثم الأهداف المتوخاة منها والبيانات الشخصية وتوقيعات مقدميها أو الممثل القانوني للجمعية.
وبالنسبة لشروط تقديم العريضة من قبل المواطنات والمواطنين المتعلقة بضرورة توفر عدد معين من توقيعات المواطنين، ما بين 100 و400 توقيع بالنسبة للجماعات و300 توقيع بالمنسبة للعمالات والأقاليم. وما بين 300 و500 توقيع بالنسبة للجهات وأن يكون الموقعون موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على عمالات وأقاليم الجهة، شرط أن لا يقل عددهم في كل عمالة أو إقليم تابع للجهة عن 5 في المائة من العدد المطلوب، فإنها تطرح صعوبة جمع العدد المطلوب من التوقيعات، وكذا توحيد رؤية المواطنين حولها حسب أهميتها بالنسبة لكل واحد منهم بالنظر للمجال المكاني لموضوع العريضة، الذي قد لايهم بالضرورة جميع الأحياء أو الدواوير داخل نفس الجماعة أو العمالة أو الإقليم، أو قد لا يعني بالضرورة جميع أقاليم وعمالات الجهة، وقد يهم إقليما واحد ولا يهم المواطنين القاطنين بالعمالات الأخرى، وقد كان من الأفضل عدم تقييد تقديم هذه العرائض بأي عدد معين، لأن المطلوب هو إنجاح هذه الآلية التشاركية وليس تقييدها بضرورة توفر عدد معين من التوقيعات.
أما بخصوص شروط تقديم العرائض من قبل الجمعيات، فإنها تتضمن بعض القيود التي تحد من الحق في ممارسة هذه الآلية بكل أريحية، خاصة فيما يتعلق بضرورة أن تكون الجمعية معترفا بها ومؤسسة بالمغرب طبقا للتشريع الجاري به العمل لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، وهو ما يؤدي إلى حرمان الجمعيات التي يقل عمر تأسيسها عن ثلاث سنوات من حق تقديم العرائض، ونفس هذا الحرمان سيسري أيضا على الجمعيات التي لا يتوفر فيها شرط ضرورة ارتباط نشاطها بموضوع العريضة، وهذا الشرط يعتبر أكثر تقييدا من الشرط الأول، أضف إلى هذا أن شرط توفر الجمعيات على عدد منخرطين يفوق 100 منخرط بالنسبة للعرائض التي تقدم لمجالس العمالات والأقاليم دون العرائض المقدمة لمجالس الجهات والجماعات، يبقى أيضا شرطا لا يناسب عددا كبيرا من الجمعيات.
وبالنسبة لمآل العرائض نجد أن القوانين التنظيمية نصت في حالة رفضها على آجال طويلة لا مبرر لها بالنسبة لرؤساء مجالس الجماعات الترابية لإخبار وكيل العريضة أو الممثل القانوني للجمعية بقرار رفضها معللا، حيث نجد ثلاث أشهر بالنسبة لرؤساء الجماعات وشهرين بالنسبة لرؤساء الجهات والعمالات والأقاليم من تاريخ توصلهم بها، والرفض منطقيا لا يتطلب كل هذه المدد، كما أنه نجد أن المشرع لم ينص على حق حضور المداولات في شأن العرائض من طرف مقدميها، حيث نجد استفراد المجالس المنتخبة في تقرير مصير العريضة وغياب آليات لإلزامها بأن تأخذ بعين الاعتبار آراء ومقترحات المواطنين والنسيج الجمعوي، مما يمكن أن يؤدي بالعريضة إلى الإهمال لتصبح ذات طابع استشاري لا غير، ينزل بها منزلة الطلب البسيط الذي يستجدي الإحسان من قبل هذه المجالس. (العزيز،2020 ، ص.168)
المطلب الثاني: تطوير الديمقراطية التشاركية الترابية على ضوء النماذج الرائدة
لا تعتبر آليات اليمقراطية التنشاركية التي أتت بها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية كافية لتجسيد فعل تشاركي قوي وناجع بين المواطنين والمجالس الترابية المنتخبة نظرا للأسباب التي ذكرنا سابقا، مما يستلزم إعادة النظر في المقتضيات القانونية المنظمة لتلك الآليات، والتنصيص على آليات تشاركية أخرى أكثر دعما للمقاربة التشاركية مع الساكنة المحلية وجمعيات المجتمع المدني ولما لا الاستئناس ببعض التجارب الرائدة في هذا الباب والتي نذكر منها على سبيل المثال:
أولا: تجربة الميزانية التشاركية
تعد الميزانية التشاركية أداة لدمقرطة التدبير الترابي، وتعزيز لامركزية اتخاذ القرارات التنموية، حيث بدأ العمل بها سنة 1989 بمدينة بورثو اليغرى البرازيلية، من أجل تجاوز إكراهات المدينة، عن طريق إشراك السكان في بلورة السياسة المحلية.(Marion, Sintomer et Alègre, 2002,p.23) لتكون بذلك نموذجا تأسيسيا للديمقراطية التشاركية التي كانت عبارة عن فلسفة نظرية لتصبح ممارسة عملية عبر إحداث بنيات تشاركية للميزانية، تتم من خلالها المشاركة المواطنة طيلة السنة بواسطة دورات الميزانية التشاركية، مما يجعلها تجربة فريدة وراقية في تدبير الشأن العام المحلي، عبر إشراك جميع مكونات المجتمع المحلي في وضع الميزانية، من خلال وضع ثلاث آليات تشاركية تتدخل في صناعتها تتمثل في الجهازين التنفيذي والتشريعي للمجلس البلدي والمجتمع المدني، ثم الهرم التشاركي الذي يضم وسيط بين الجهاز التنفيذي والمجتمع المدني يعمل وفقا لدينامية مزدوجة مجالية وموضوعاتية.
وقد كان لها أثر إيجابي في التخفيف من مركزة القرار على مستوى الجهاز التنفيذي، إلا درجة أن مكتب التخطيط الذي يشتغل تحت رئاسة العمدة، هو المكلف بوضع مشروع الميزانية بعد تلقي المقترحات سواء من قبل منتدبي الأحياء، أو المنتديات القطاعية واللجان الموضوعاتية ومجلس الميزانية التشاركية، وتمريرها إلى المجلس التشريعي للبلدية للمصادقة.
وذلك بعد عقد اجتماعات عديدة بالأحياء التي تعد القاعدة الأساسية في تحديد الأولويات الحقيقية للسكان الذين يشاركون في المنتديات الحوارية داخل المناطق، وعند نهاية التداول بالأحياء يقدمون مقترحاتهم إلى العمدة ومجلس الميزانية التشاركية.
ويبقى المجتمع المدني اللبنة الأساسية في تدبير الميزانية التشاركية سواء من خلال مشاركة الجمعيات كأجهزة مؤسساتية أو من خلال المشاركة المباشرة للسكان، فكل الراغبين في المشاركة يمكنهم المشاركة مباشرة أو من خلال تشكيلهم لتجمعات غير مرتبطة بإحدى الجمعيات وذلك للدفاع عن قضايا تهم أحياءهم.(دومي،2008، ص.169)
وهي تجربة متميزة يتجسد من خلالها مبدأ الإشراك الفعلي للسكان في الواقع العملي عبر الآليات الحوارية، مما يحقق مجموعة من الأهداف أبرزها الشفافية في تدبير المال العام المحلي، من خلال تمكين المواطنين والتنظيمات الجمعوية وغيرها، من المعلومات حول المال العام أثناء المناقشات الأمر الذي يؤدي ليس فقط إلى المراقبة الشعبية بمعناها التصويت السلبي ضد الفاسدين خلال الاستحقاقات الانتخابية، بل أيضا المراقبة الاجتماعية اليومية للبرامج والمشاريع.
ثانيا: تجربة مؤسسات مجالس الأحياء
تعتبر تجربة مجالس الأحياء الشعبية إحدى الآليات الإجرائية المتميزة للديمقراطية التشاركية المحلية، التي تمكن من ربط علاقة مباشرة بين المجالس الجماعية والساكنة المحلية عبر إحداث تمثيليات موازية للمجالس الجماعية تتشكل من ممثلين عن قاطني الأحياء، من أجل المساهمة في بلورة سياسة تنموية نابعة من المشاكل الحقيقية للسكان، وفي هذا الإطار، فقد تعددت التجارب الدولية التي اهتمت بالمشاركة الشعبية عن طريق مجالس الأحياء، حيث نميز بين شكلين منها، مختلفين في كيفية تنظيمها وهيكلتها، من خلال نموذج مجالس الأحياء الفرنسية (أ)، ومجالس الحكماء في كل من اسبانيا وألمانيا (ب).
أ- مجالس الأحياء بفرنسا
تعد تجربة مجالس الأحياء بفرنسا نموذجا رائدا في تدبير الشأن المحلي، الذي يتجه نحو الأحياء لملامسة الاحتياجات الأساسية للساكنة، إذ تبنى المشرع الفرنسي هذه الآلية التشاركية بموجب قانون 18 يوليوز 1985 إلى جانب هياكل أخرى للتداول والاستشارة، والتي ستتقوى أكثر من خلال القانون رقم 2002.76 الصادر بتاريخ 27 فبراير 2002 المتعلق بديمقراطية القرب كهدف أساسي للسياسة الجماعية، وقد تم نسخ هذا القانون وإدماج مقتضياته ضمن المدونة العامة للجماعات الترابية في الفصول من L2141-1 إلى L2144-3
وفي هذا الإطار، ينص الفصل L2143-1 من المدونة العامة للجماعات الترابية، أن مجالس الأحياء تشكل في الجماعات التي يساوي أو يفوق عدد سكانها (80.000) نسمة، ويمكن للجماعات التي يتراوح عدد سكانها بين (20.000) و(79.999) نسمة أن تطبق نفس هذا المقتضى، وتجتمع مجالس الأحياء على الأقل مرتين في السنة، وتعرض على العمدة كل المقترحات المتعلقة بالحي، وتتكون من مستشارين يعينهم العمدة على أساس “قاعدة” التمثيل النسبي، ومن أشخاص لا ينتمون للمجلس، حيث يتم استشارتها من طرف عمدة المدينة، الذي يتلقى اقتراحاتها في الشؤون المتعلقة بالحي أو المدينة، ويمكنه إشراكها في مختلف مراحل مسلسل إعداد القرار الذي يهم الحي وكذا اعتماده، تنفيذه وتقيمه، في إطار منظور وتصور شموليين لسياسة المدينة.(الغالي، 2006، ص.27-53)
وتجدر الإشارة، إلى أن تحديد هيكلة واختصاصات مجالس الأحياء يتم تقنينها بواسطة قانون داخلي صادر عن المجلس الجماعي، وفي هذا الإطار يتشكل مجلس الحي لمدينة ” ليل ” وفقا للقانون الداخلي من فئتين من الأعضاء، النصف الأول معين من طرف المجموعات السياسية المكونة للمجلس الجماعي، بالنظر إلى أهمية تواجدها داخل المجلس، والنصف الثاني يتحدد وفق مبدأ الثلثين، الأول يتشكل من الأعضاء الذين يمثلون وظيفة اجتماعية داخل الحي، أي يمارسون بشكل مباشر أو غير مباشر نشاطا اقتصاديا أو اجتماعيا، أو نقابيا، والثلث الثاني يتكون من الأعضاء الذين يقطنون في الحي وسبق لهم الترشح للانتخابات الجماعية.
حيث يصل العدد الإجمالي لأعضاء مجلس مدينة ” ليل ” (280 عضو)، بمعنى ما بين 32 و34 عضو لكل حي، ومدة الانتداب محددة في ثلاث سنوات، ويجتمع بشكل دوري قبل كل دورة عادية للمجلس الجماعي، ويحدد الرئيس جدول الأعمال، كما يتم إحداث لجن وفرق عمل بداخله، وتثبت مداولاته في محضر كتابي يقدم ويصادق عليه المجلس الجماعي. (Maccio, 2004, p. 109)
ويترأس مجلس الحي عضو منتخب معين من طرف العمدة، يمثل هذا الأخير داخل الحي ويحل مشاكل كل الحياة اليومية، كما يحضى بتفويض الإمضاء من قبل العمدة من أجل تسليم الوثائق الإدارية الخاصة بالحي، كما يساعده في القيام بمهامه المصالح الجماعية اللامركزية، وأيضا كاتب العمدة في الحي الذي يعتبر قانونيا كاتبا لمجلس الحي،(Maccio, 2004, p. 114) حيث تبرز أهمية القرب التمثيلي من خلال تفويض مهام إدارية لرئيس مجلس الحي.
ب- مجالس الحكماء باسبانيا
المقصود بمجالس الحكماء باسبانيا : “مجموعة محدودة من المواطنين يتم اختيارهم بالصدفة عن طريق القرعة، انطلاقا من اللوائح الإدارية المسجلة بالجماعة، للإطلاع على المعلومات، والنقاش الجماعي حول إحدى القضايا المطروحة التي تهم الشأن العام المحلي”،(I fillola, 2005, p.164) حيث تمر المنهجية التي يتبعها مجلس الحكماء عبر ثلاث مراحل: اختيار المشاركين، والإعلام والنقاش، ثم تقرير المواطنين.
- اختيار المشاركين عن طريق القرعة: انطلاقاً من اللوائح النهائية للقاطنين بالجماعة، وبعد ذلك يتعين إخبار المواطنين برسالة أو عبر الهاتف، ويتم استدعائهم بالهاتف بشكل إنفرادي من أجل لقاء شخصي لتوضيح جميع حيثيات مشاركتهم، وفي بعض الجماعات تعمل الجماعات على تحفيز المشاركين ماديا كتعويض على الحضور، لأن بعضهم قد يرفض الحضور، مما يبين حرص الجماعات على إشراك السكان في تحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي.
2 ـ الإعلام والنقاش: حيث يجتمع الأعضاء المشاركون في مجلس الحكماء خلال يومين إلى ثلاثة، ليتم مناقشة البرنامج الذي تم تحديده مع تزويدهم بكافة المعلومات المتعلقة به، من أجل أن يكون نقاشا مبنيا على أسس علمية. (I fillola, 2005, p.165)
3 ـ تقرير المواطنين: تتم في الأخير صياغة تقرير شامل يتضمن نتائج الاستطلاع ودينامية النقاشات داخل مجالس الحكماء والخلاصات التي يجب تفعيلها، وتجدر الإشارة إلى أن أغلب المواضيع التي تناولتها مجالس الحكماء تدور حول المشاكل المرتبطة بالتخطيط العمراني والحضري واستعمال المجال العمراني. (I fillola, 2005, p.169)
وهكذا فإن مجالس الأحياء بفرنسا ومجالس الحكماء بإسبانيا تشكل نماذج متطورة لإشراك المواطن العادي داخل الأحياء، في تسيير الشأن العام المحلي، فضلا عن تجربة الميزانية التشاركية المحلية لمدينة بورتو أليغري البرازيلية التي تُعد نموذجاً تأسيسيا للديمقراطية التشاركية المحلية، بحيث يمكن لبلادنا الاحتذاء بها مستقبلا.
خــاتــمـــة: تعتبر الديمقراطية التشاركية ديمقراطية فاعلة لحل المشاكل عن قرب، وضمان انخراط الجميع، وتطوير التدبير المحلي والوطني عن طريق التكامل بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، ولقد أتى دستور 2011 بمجموعة من المقتضيات التي تؤسس للديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي، من أجل إشراك المواطنين وجمعيات المجتمع المدني في اتخاذ القرار التنموي الترابي عبر آليات تشاركية للحوار والتشاور وعبر آلية تقديم العرائض، لكن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية التي فصلت في كيفية تطبيق هذه الآليات، وضعت عدة قيود جعلت من الديمقراطية التشاركية ديمقراطية تنتصر للإجراءات والشكليات مما يؤدي إلى تقييد مشاركة المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني أثناء عملية إعداد برامج التنمية وتتبعها.
بالإضافة إلى أن آلية تقديم العرائض المطلبية من قبل المواطنات والمواطنين أو من قبل جمعيات المجتمع المدني إلى المجالس المنتخبة، قد قيدت أيضا بشروط مجحفة يجب توفرها في تلك الجمعيات وأن تكون العرائض مصحوبة بضرورة توفر عدد كبير من توقيعات المواطنين عليها . الشيء الذي أفرغ المقتضيات الدستورية التي تدعم الديمقراطية التشاركية الترابية من محتواها.
فضلا عن أن الانتقال نحو آليات الديمقراطية التشاركية الترابية، لا يتم بالمرونة اللازمة وبدون عراقيل، لأن هناك جيوب ممانعة على مستوى المجالس المنتخبة التي تفضل مركزة اتخاذ القرارات التنموية المحلية وعدم فسح المجال أمام المبادرات والاقتراحات التي يمكن أن يقدمها المواطنون أو المجتمع المدني، دون أن ننسى أن هذا الأخير يتحمل مسؤوليته في تطوير ممارسة الديمقراطية التشاركية والانخراط بشكل بشكل أوسع في تنزيلها على أرض الواقع.
المراجع باللغة العربية
القوانين والمراسيم:
– دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليوز 2011).
– القانون التنظيمي رقم 14-111 المتعلق بالجهات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 10 رمضان 1436 ( 7 يوليوز 2015).
– القانون التنظيمي رقم14-112 المتعلق بالعمالات والأقاليم الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 10 رمضان1436 ( 7 يوليوز 2015) .
– القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.85 ادر في 10 رمضان 1436 ( 7 يوليوز 2015) .
– المرسوم رقم 2.16.299 الصادر في 29 يونيو 2016 بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده تطبيقا لأحكام المادة 86 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.
– المرسوم رقم 2.16.300 الصادر في 29 يونيو 2016 بتحديد مسطرة إعداد برنامج تنمية العمالة أو الإقليم وتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده تطبيقا لأحكام المادة 82 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.
– المرسوم رقم 2.16.301 الصادر في 29 يونيو 2016 بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة وتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده تطبيقا لأحكام المادة 81 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات.
– المرسوم رقم 2.16.401 الصادر في 4 محرم 1438 (6 أكتوبر 2016) المتعلق بتحديد شكل العريضة المودعة لدى رئيس مجلس الجهة والوثائق المثبتة التي يتعين إرفاقها بها .
– المرسوم رقم 2.16.402 الصادر في 4 محرم 1438 (6 أكتوبر 2016) المتعلق بتحديد شكل العريضة المودعة لدى رئيس مجلس العمالة أو الإقليم والوثائق المثبتة التي يتعين إرفاقها بها .
– المرسوم رقم 2.16.403 الصادر في 4 محرم 1438 (6 أكتوبر 2016) المتعلق بتحديد شكل العريضة المودعة لدى رئيس مجلس الجماعة والوثائق المثبتة التي يتعين إرفاقها بها .
الــكـتــب:
– الخلادي، راشيد.(2019). الجهوية المتقدمة ورهان تحقيق التنمية دراسة مقارنة مع تجربة المجموعات المستقلة الإسبانية. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسة مؤلفات وأعمال جامعية، (127)، 259.
– باسكال، لامي.(2006).الديمقراطية العالمية –من أجل شكل جديد ومختلف للحكم. (حسونة المصباحي وحشادة الزموري، مترجم)، (ط2006). منشورات اللجنة الشعبية العامة للشفافية الجماهيرية الليبية العظمى.
– عبادي،إدريس.(2004).دور الجمعيات في التسيير المحلي. منشورات الفضاء الجمعوي، تحت عنوان أية مساهمة جمعوية لتخفيف من عجز الديمقراطية المحلية؟. دار القلم.
– فوريه،كاترين.(2003). إدارة المدن بمشاركة سكانها -من كركاس إلى دكار 10 سنوات من التجارب لتشجيع الحوار الديمقراطي في المدينة. (حاتم سليمان، مترجم)، (ط1). دار الفرابي.
– فهمي، حلمي عمر.(1991).الانتخاب وتأثيره في الحياة السياسية والحزبية (ط2).بدون دار الطبع.
المقالات:
– العزيز، صفية.(2020).دور المجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية التشاركية. المجلة المغاربية للرصد القانوني والقضائي، (1)،168.
– قريش، بهية(2019). آليات المقاربة التشاركية في تدبير الجهات الأسس ورهانات الممارسة العملية. ضمن مؤلف جماعي بعنوان الجهوية المتقدمة واللاتمركز الأداري: قراءات متقاطعة. المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية. مطبعة الأمنية، (1)،59.
– التجاني، مصعب.(2019). العرائض كآلية لتنزيل ممارسة الديمقراطية التشاركية: التجربة المغربية بين الإقرار الدستوري والاعتماد القانوني. مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية. المركز الديمقراطي العربي، (2)، 120.
الغالي، محمد.(2006).سياسة القرب مؤشر على أزمة الديمقراطية التمثيلية؟. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية –سلسلة مواضيع الساعة- (53)، 27.
الأطروحات والرسائل:
– سدقاوي، محمد.(2009).الديمقراطية التشاركية- برديغم جديد لتدبير الشأن العام المحلي. ] رسالة لنيل دبلوم الماستر غير منشورة [.جامعة الحسن الأول سطات، المغرب.
– دومي،علي.(2008).التدبير التشاركي للمدن الكبرى بالمغرب مقارنة سوسيوقانونية.] رسالة لنيل دبلوم الماستر غير منشورة[.جامعة الحسن الأول سطات، المغرب.
المراجع باللغة الأجنبية:
– I fillola ,I.(2005). Les jurys citoyens en Espagne –vers un nouveau modèle de démocratie locale ? , in, gestion de proximité et démocratie participative. La Découverte.
– Maccio,C .(2004).Penser le devenir de la démocratie- construire une démocratie participative. Chronique sociale.
– Gret, M , Sintomer,Y et Alègre ,P.(2002). L’espoir d’une autre démocratie. édition 2002. la découverte.