د.شيرين أكرم سعيد
قسم الدراسات الإسلامية/ كلية الحكمة الجامعة/ بغداد – العراق
shereenalrawi89@gmail.com
009647702604217
الملخص يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على قاعدة من القواعد الفقهية المهمة وهي قاعدة الكفارات إذا اجتمعت تداخلت، من خلال بيان معناها، وأقوال العلماء فيها، وربطها مع تطبيقاتها الفقهية المبثوثة في مواضع مختلفة من أبواب الفقه، مع ذكر الصور التي تندرج تحت مفهوم القاعدة والتي لا تندرج فيها، وذلك لحاجة الناس الماسة والمستمرة الى معرفة حكم من وقع في محظور يستوجب عليه كفارة ثم وقع في محظور آخر ولم يكفر عن الأول، فهل يلزمه كفارة واحدة، أم عليه لكل محظور كفارة؟، كما واعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي المقارن، وذلك من خلال عرض مفردات القاعدة، وتصويرها وبيان معناها وصيغها بأسلوب علمي واضح مستخدما تنظيما معينا للوصول إلى الحقائق والنتائج، والتي من أهمها أن الفقهاء متفقون على أنه في حال كون المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول: يكون على الشخص كفارتان؛ كفارة للمحظور الأول، وكفارة ثانية للمحظور الثاني، أما أن كان المحظور الثاني من جنس المحظور الأول؛ فهذا الذي عليه مدار القاعدة وفيها اختلف الفقهاء في تحديد الصور التي تتداخل فيها الكفارات. الكلمات المفتاحية: القواعد الفقهية، مفهوم الكفارة، تداخل الكفارات، تكرار الوقوع في المحظور، العقوبات.Base the Expiations, if They Meet, Overlap and its Legal Applications
Ph. D. Shereen Akram Saeed
Department of Islamic Studies/ Al-Hikma University College/ Baghdad – Iraq
shereenalrawi89@gmail.com
009647702604217
Abstract:
This research aims to shed light on one of the important jurisprudential rules, which is the rule of atonements if they meet and overlap, by clarifying its meaning, and the sayings of scholars in it, and linking it with its jurisprudential applications transmitted in different places in the fields of jurisprudence, with mentioning the images that fall under the concept of the rule and which is included in it, and that is due to the people’s urgent and continuous need to know the ruling on someone who falls into a prohibited act that requires penance, then falls into another prohibited and did not atone for the first?. This research also relied on the comparative analytical descriptive approach, by presenting the vocabulary of the rule, depicting it and clarifying its meaning and formulas in a clear scientific manner using a specific organization to reach the facts and results, the most important of which is that the jurists agree that if the second prohibition is not of the type of the first prohibited; the person must have two expiations. Expiation for the first prohibited, and a second penance for the second prohibited. If the second prohibited is of the same type as the first prohibited; this is the one that has the orbit of the rule and in it, the jurists differed in determining the forms in which the expiations overlap
Keywords
jurisprudence rules, the concept of atonement, the overlap of atonements, the repetition of falling into prohibited matters, and penalties
المقدمة أن قاعدة الكفارات اذا إجتمعت تداخلت هي من ضمن منظومة كبيرة من القواعد الفقهية، ولا شك أن دراسة القواعد الفقهية يسهل حفظ الفروع ويغني عن حفظ أكثر الجزئيات كما قال القرافي (د.ت): ” ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لإندراجها في الكليات” (ص.3). والفقهاء مختلفون في هذه القاعدة ويستدل القائلون بها كثيرا لا سيما في مجال الجنايات والعقوبات إلا أنها لم تبرز كغيرها من قواعد الفقه؛ فلم ينص على أدلتها، ولم يركز على مسائلها كما ركز على أدلة ومسائل بعض القواعد الفقهية التي هي مثلها في الأهمية، وعادة ما يُمثل لها بمثالين أو ثلاثة – في الغالب – دون بيان معناها، أو تأصيلها الشرعي والأدلَّة التي تدلُّ عليها، ومع أنَّ هذه القاعدة من أكثر قواعد الفقه التي يسأل عنها الناس لكثرة الوقوع في المحظورات التي تستوجب كفارة عليها لاسيما إن تكرر منهم فعل المحظور ولم يكفروا عنه. وفي هذا البحث ربط بين القاعدة وبين تطبيقاتها الفقهية المبثوثة في مواضع مختلفة من أبواب الفقه. من خلال الاجابة عن الأسئلة الآتية:- ما معنى القاعدة، وهل لها صيغ أخرى عند الفقهاء؟
- هل القاعدة متفق عليها بين الفقهاء أم مختلف فيها؟
- ما أقوال العلماء فيمن ارتكب محظوراً ما يستوجب كفارة، وقبل أن يكفر عنه، تكرر منه فعل محظور آخر، فهل تكفيه كفارة واحدة عن الفعلين أم لا بد من كفارة لكل فعل؟
- أهمية البحث:
- أهداف البحث:
- تسليط الضوء على هذه القاعدة وبيان أهميتها، وجمع أشتاتها عن طريق الربط بين هذه القاعدة وبين تطبيقاتها الفقهية المبثوثة في مواضع مختلفة من أبواب الفقه.
- حاجة الناس الماسة والمستمرة الى معرفة حكم من وقع في محظور يستوجب عليه كفارة ثم وقع في آخر ولم يكفر عن الأول.
- منهج البحث:
- المنهج الوصفي: وذلك بعرض القاعدة، وتصويرها وبيان معناها وصيغها من المصادر والمراجع ذات العلاقة بالقواعد الفقهية والأحكام الشرعية.
- المنهج التحليلي: وذلك بدراسة مفردات القاعدة بأسلوب علمي واضح مستخدما تنظيما معينا للوصول إلى الحقائق والنتائج.
- المنهج المقارن: وذلك بالمقارنة بين أقوال الفقهاء وتأصيلهم، لاسيما وأن هذه القاعدة من القواعد المختلف فيها عند أهل العلم.
- هيكلية البحث:
- القتل الخطأ: قال الله تعالى:} وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا { (القرآن الكريم،النساء: 92).
- الوطء في نهار رمضان: فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول ُالله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟” (مسلم، د.ت.، ص.781).
- الظهار: قال الله تعالى: }وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا{ (القرآن الكريم،المجادلة: 3).
- الحنث في الأيمان: قال الله تعالى: }لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ{ (القرآن الكريم، المائدة:89).
- فيكون الإطعام لعشرة مساكين في كفارة اليمين، قال الله تعالى: }لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ { (القرآن الكريم،المائدة:89).
- أو يكون لستين مسكيناً في حالة العجز عن الكفارات الأخرى -كفارة عتق الرقبة وصيام شهرين متتابعين- في حالتين هما: إفساد الصوم والظهار، فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟”(مسلم، د.ت.، ص.781)، وفي الظهار قال تعالى:} وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا { (القرآن الكريم،المجادلة: 3-4).
- أو يكون الإطعام لستة مساكين حال ارتكاب المحرم أحد هذه المحظورات؛حلق الشعر، وقص الأظافر، وتغطية الرجل رأسه بملاصق، ولبس الرجل ما خيط على هيئة البدن، واستعمال الطيب، وانتقاب المرأة ولبسها القفازين، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: “أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟” قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:” فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً” (مسلم، د.ت.، ص.859)
- أو يكون بحسب قيمة الصيد تعطى لإطعام المساكين في قتل الصيد حال الإحرام، قال تعالى: }يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ{ (القرآن الكريم، المائدة: 95). وقد اختلف الفقهاء في مقدار الطعام الذي يعطى لكل مسكين من المساكين بين المد والمدان، يقول ابن رشد (1975):
- ثلاثة أيام كما في كفارة اليمين، وحال ارتكاب المحرم أحد محظورات الحج عدا قتل الصيد، كحلق الشعر، وقص الأظافر، وغيرها، قال تعالى }فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ{ (القرآن الكريم، المائدة: 89)، وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة رضي الله عنه ، قَالَ:” فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً” (مسلم، د.ت.، ص.859).
- صيام شهرين في حالتين: القتل الخطأ، والظهار، والجماع في نهار رمضان، قال تعالى }فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ{(القرآن الكريم، النساء: 92)، وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ “(مسلم، د.ت.، ص.781)
- الصيام بعدد المساكين الذين يمكن إطعامهم وذلك في حال قتل الصيد حال الإحرام، قال تعالى }مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ{(القرآن الكريم، المائدة: 95).
- القيد الأول: اتحاد الجنس: يشترط لصحة التداخل أن يكون ذلك مع اتحاد الجنس؛ أي الفعل، كان يجامع زوجته اكثر من مرة في نهار رمضان، أما مع اختلاف الجنس فلا تداخل كما لو ارتكب المحرم محظورات مختلفة الأجناس كأن يلبس مخيطًا ويغطي رأسه ويتطيب؛ فالطيب وتغطية الرأس ولبس المخيط أجناس، فيلزمه ثلاث كفارات.
- القيد الثاني: أن يكون ذلك قبل الأداء لا بعده: فإذا تعددت أسبابٌ الكفارة فإن من المشترط حتى يصح التداخل ويكفيَ الإتيانُ بموجَب السبب مرة واحدة أن لا يكون المكلف قد أتى بالكفارة قبل حدوث سبب آخر بعدها، فإذا حدث سبب آخر بعد اداء الكفارة وجب تكرار الأثر الذي أوجبه ذلك السبب مرة أخرى ولم يجز الحكم بالتداخل، وقد عبر عن هذا القيد قول الفقهاء: التداخل قبل الأداء لا بعده (السرخسي، 1993، ص.75).
- الكفارات تتداخل (ابن عثيمين، 1428ه، ص.253).
- الكفارات زواجر فتتداخل (شمس الدين الزركشي، 1993، ص.598).
- من كرر محظورا من جنس ولم يكفر عن الأول فكفارة واحدة (ابن مفلح، 2003، ص.535).
- قاعدة “العقوبات إذا اجتمعت تداخلت”(ابن مازة،2004، ص.357).
- قاعدة “الأسباب إذا تساوت موجباتها اكتفي بأحدها “(ابن شاس،2003، ص.14).
- قاعدة ” إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالباً” (ابن نجيم،1999،ص.112).
- قاعدة “الكفارات لا تتداخل” (السرخسي، 1993، ص.74).
- قاعدة “لا تداخل في الكفارات” (ابن عبد السلام، 1991، ص.252).
- فإن كان المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول: بأن فعل المحظور الثاني يوجب شيئًا جديدًا وهو أثره من الكفارة، فيكون على الشخص كفارتان؛ كفارة للمحظور الأول، وكفارة ثانية للمحظور الثاني، وذلك كمن جامع في نهار رمضان وحلق شعره وهو محرم وجب عليه كفارة الجماع، وكفارة الحلق، أو كمن يحلف بالله تعالى على شيء، ويظاهر من امرأته، فإن حنث في يمينه فعليه كفارة يمين وكفارة ظهار؛ لأن التداخل يكون مع اتحاد الجنس وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء (عبدالرحمن المقدسي، د.ت).
- وأما أن يكون المحظور الثاني من جنس المحظور الأول فلا يخلو هذا من حالتين كذلك: إما أن يكون قد أخرج موجب الأول قبل فعل الثاني أو لا:
- فإن كان قد أخرج موجب الأول قبل فعل المحظور الثاني: فإن فعل الآخر يوجب كفارة أخرى كذلك باتفاق الفقهاء (السرخسي، 1993؛ السعيدان، د.ت).
- وأما إذا لم يخرج موجب الأول حتى فعل الثاني فإنه في هذه الحالة ذهب الفقهاء s فيها الى قولين كما يلي.
- الفرع الأول: التداخل في كفارة المجامع في نهار رمضان
- القول الأول: ذهب الحنفية ووجه للحنابلة إلى أن عليه كفارة واحدة، فالكفارة تتداخل (ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993).
- القول الثاني: ذهب المالكية والشافعية والوجه الآخر للحنابلة وأهل الظاهر إلى أن عليه كفارتان، ولا تداخل في الكفارة (ابن رشد،1975؛ النووي،1991).
- القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ووجه للحنابلة إلى أن عليه كفارة واحدة؛ وحكمه كحكم من جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في نفس اليوم فكلاهما عليه كفارة واحدة؛ لأن الجماع الثاني فلم يتضمن هتكاً للصوم، فهو في الحقيقة غير صائم، والكفارة تلزم في حال كونه أفسد صوماً صحيحاً (ابن رشد،1975؛ ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993؛ النووي،1991).
- القول الثاني: ذهب الحنابلة في قول لهم إلى أنه عليه كفارتان؛ لأن الجماع محرم لحرمة رمضان، فيتكرر الحكم بتكرره وهو وجوب كفارتين (ابن قدامة،1997).
- الفرع الثاني: التداخل في الظهار
- القول الأول: ذهب المالكية، والشافعي في القديم، والحنابلة في المذهب إلى أن على أن عليه كفارة واحدة عن الجميع (مالك المدني، 1994؛ المرداوي، د.ت؛ النووي، د.ت).
- القول الثاني: ذهب الحنفية، والشافعي في الجديد، والحنابلة في رواية إلى أن عليه كفارة لكل امرأة شملها الظهار (الزيلعي، 1313ه؛ المرداوي، د.ت؛ النووي، د.ت).
- الفرع الثالث: التداخل في كفارة القتل
- الفرع الرابع: التداخل في كفارة ارتكاب محظور في الحج.
- القسم الأول: كفارة قتل الصيد
- القسم الثاني: كفارة سائر المحظورات عدا الصيد
- الفرع الخامس: التداخل في الأيمان
- القول الأول: يلزمه كفارة واحدة عن كل الأيمان التي حنث فيها؛ لتداخل كفارة اليمين بعد الحنث، وهو قول أحمد، ومحمد بن الحسن من الحنفية، (ابن عابدين، 1992؛ ابن قدامة، 1997). ” لأنها كفارات من جنس، فتداخلت، كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها، بأن يسرق من جماعة، أو يزني بنساء” (ابن قدامة، 1997، ص474).
- القول الثاني: يلزمه كفارة لكل يمين حنث به، لعدم تداخل الكفارات، وهذا مذهب الجمهور (ابن رشد، 1975؛ ابن عابدين، 1992؛ ابن قدامة، 1997؛ النووي، د.ت)؛ لأنها أيمان مختلفة لأفعال متغايرة، ولكل منها سبب، فيتكرر الحكم بتكرره؛ لأن كل يمين مستقل بنفسه، فيتطب كفارة خاصة به، فالحنث في أحدها لايعتبر حنثاً في الآخر، فيكون لكل يمين كفارة (ابن عابدين، 1992؛ ابن قدامة، 1997).
- القول الأول: ليس عليه إلا كفارة واحدة، وهو الصحيح في مذهب الشافعية، وقول للإمام مالك، والمذهب عند الحنابلة، وهو مروي عن ابن عمر، والأوزاعي، وعكرمة، والنخعي وغيرهم (ابن قدامة،1997؛ مالك المدني،1994؛ النووي،1991)
- القول الثاني:عليه بكل يمين كفارة، سواء أكان ذلك في مجلس واحد، أو في مجالس متفرقة، وهو قول الحنفية، ووجه عند الشافعية ( الكاساني،1986؛ النووي،1991).
- القول الثالث: ينظر الى المجلس؛ فإن كانت الأيمان في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة، وإن كانت في مجالس فعليه بكل يمين كفارة، وهذا قول عمرو بن دينار (ابن قدامة، 1997).
- القول الرابع: ينظر إلى نية الحالف ؛ فإن كان قصدته في التكرار هو التأكيد فعليه كفارة واحدة، أما إن كان قصده الإستئناف فعليه بكل يمين كفارة، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، ورواية عند المالكية، ووجه للشافعية (ابن رشد، 1975؛ ابن عابدين، 1992؛ النووي، 1991).
- القول الأول: يلزمه كفارة واحدة؛ لتداخل كفارة اليمين بعد الحنث، وهو قول المالكية الحنابلة، (ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة، 1997).
- القول الثاني: يلزمه كفارة لكل يمين حنث به، لعدم تداخل الكفارات، وهذا مذهب الحنفية والمالكية(ابن رشد، 1975؛ ابن عابدين)
- إذا كانت اليمين واحدة، والمحلوف عليه أشياء متعددة ] والله لا شربت، ولا أكلت[.
- إذا تكرر اليمين مع اتحاد المحلوف به، والمحلوف عليه ] والله لا شربت، والله لا شربت .[
- إذا تكرر اليمين مع اتحاد المحلوف عليه، واختلاف المحلوف به] والله لا شربت، ورب العالمين لا شربت .[
- النتائج:
- حرصت الشريعة الإسلامية على ايجاد ما يمحو عن العباد خطاياهم وسيئاتهم، فشرعت الكفارات، وبينت أهميتها وفضلها، وجعلتها واجبة ومأمور بأدائها عند ارتكاب ذنوب معينة، كمن جامع في نهار رمضان، أو ظاهر من زوجته، أو حلف على أمر وحنث به، أو قتل نفساً خطأ، أو ارتكب محظور من محظورات الإحرام.
- إن مفهوم التداخل له صلة وثيقة بمقاصد الشريعة، بما يساهم في تحقيقها وتنميتها والمحافظة عليها، ومحله عند الجمهور هو الأسباب، أما عند الحنفية؛ فمحله في العبادات؛ الأسباب، وفي العقوبات؛ الأحكام، وأما أسبابه فكثيرة منها النصوص الشرعية، واتحاد المجلس، واتحاد السبب، واتحاد الجنس، والعذر الذي يلحق بتركه مشقة بالغة بالمكلف، والضرورة.
- إن قاعدة الكفارات إذا اجتمعت تداخلت من القواعد المختلف فيها بين الفقهاءs، ومن قال بها هم الحنفية ووجه للحنابلة، وقد ذكرها الفقهاء بصيغ متعددة منها؛ الكفارات تتداخل، الكفارات زواجر فتتداخل، ومن كرر محظورا من جنس ولم يكفر عن الأول فكفارة واحدة، وهي لاتفهم على عمومها، بل التداخل الذي يقصده الفقهاء هو حال اتحاد الجنس بين المحظور الأول والثاني، ويكون قبل الاداء لا بعده، مع توافر الأسباب الأخرى الداعية للتداخل.
- يقع التداخل في كفارة المجامع في نهار رمضان ويلزم المجامع كفارة واحدة في صورتين:
- يقع التداخل في كفارة الظهار ويلزم المظاهر كفارة واحدة في صورتين:
- يقع التداخل في فدية الحج بحيث يلزم المخالف كفارة واحدة في صورتين:
- يقع التداخل في الأيمان ويلزم الحانث كفارة واحدة في ثلاث صور:
- التوصيات: