دكتور/ عمر عبد الحفيظ أحمد عمر
دكتوراه في الحقوق- جامعة الإسكندرية – جمهورية مصر العربية
محاضر في كلية الحقوق – جامعة الإسكندرية
omar_13_6@yahoo.com
0021211259762
الملخص
يهدف هذا البحث إلى بيان النظام القانوني لعقدB.O.T ؛ وذلك من خلال بيان تعريفه وأطرافه الممثلين في الدولة وشركة المشروع، وأبرزت الدراسة المزايا التي يحققها عقدB.O.T لكلاً من الدولة وشركة المشروع؛ والتي أهمها إقامة المشروعات التنموية بدون تحميل ميزانية الدولة أي أعباء مالية، وتناولت الدراسة الطبيعة القانونية لعقدB.O.T والأثار القانونية المترتبة عليه.
ثم تناول البحث أثر عقد B.O.T في تحقيق التنمية المستدامة؛ وذلك من خلال بيان مفهوم التنمية المستدامة وتطوره التاريخي، وكذلك بيان أهداف ومبادئ التنمية المستدامة، ثم إبراز تجارب تطبيق التعاقد بنظامB.O.T في بعض دول العالم.
ثم خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات؛ أهمها أن الأخذ بالتعاقد بنظام B.O.T يساهم بشكل كبير وفعال في إحداث التنمية المستدامة؛ وذلك عن طريق تخفيف الأعباء المالية على ميزانية الدولة من خلال إقامة مشروعات البنية التحتية.
الكلمات المفتاحية :
عقد B.O.T – الدولة- شركة المشروع- التنمية المستدامة- أهداف- تجارب
The B.O.T decade and its role in achieving sustainable development
Dr Omar Abdel Hafeez Ahmed Omar
PhD in Law – Alexandria University – Arab Republic of Egypt
This paper aims to clarify the legal system for the B.O.T contract, And that is through a statement of its definition and the parties represented in the state and the project company, and the study highlighted the advantages that the B.O.T contract brings to both the state and the project company; The most important of which is the establishment of development projects without burdening the state budget with any financial burdens. The study dealt with the legal nature of the B.O.T contract and its legal implications.
Then the research dealt with the impact of the B.O.T Decade in achieving sustainable development; This is done by explaining the concept of sustainable development and its historical development, as well as stating the goals and principles of sustainable development, then highlighting the experiences of applying the contracting with the B.O.T system in some countries of the world.
Then the study concluded with a set of findings and recommendations; The most important of which is that the introduction of contracting with the B.O.T system contributes significantly and effectively to sustainable development. And that is by reducing the financial burden on the state budget by establishing infrastructure projects.
B.O.T contract – the state – the project company – sustainable development – goals – experiences
مقدمة
تسعى معظم الدول وخاصة الدول النامية منها إلى استخدام أسلوب جديد في إدارة مشاريعها لاسيما المشاريع الضخمة وذلك في سبيل توفير بنية أساسية قوية من مطارات وموانئ بحرية وشبكات للطرق وكهرباء وغيرها من المرافق التي ترتبط بحاجات الجمهور وذلك عن طريق إبرام عقود لإقامة هذه المشاريع مع أشخاص أو شركات من القطاع الخاص لإنشاء وتشغيل هذه المشاريع وتمويلها من قبلهم بأسلوب حديث التطبيق يعرف بنظام البوت (B.O.T) البناء والتشغيل ونقل الملكية.
ويعد لجوء الدولة إلى إبرام مثل هذه العقود التمويلية ضرورة، من أجل التخفيف من الأعباء المالية التي تتحملها ميزانيتها على أساس أن إنشاء بنية تحتية أساسية بالنسبة للدولة النامية، يتطلب منها رؤوس أموال ضخمة يجعلها تلجأ إلى الاقتراض من الخارج، مما يزيد من مديونيتها، ويؤدي إلى عرقلة عملية التنمية، والعجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية المجتمع.
ويرتب التعاقد بنظام B.O.T جملة من الآثار الايجابية على اقتصاد الدول؛ حيث تُحدث أثر إيجابي على كل من العمالة والحد من البطالة، وسوق المال.
وتكمن أهمية دراسة نظام B.O.T في الدور المهم الذي يلعبه في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة؛ فيرسخ أسس متينة للتنمية الاقتصادية المستدامة وخدمة الأجيال القادمة، وما تعود به من عموم الرخاء الاقتصادي المنشود لأن النظام الاقتصادي العالمي يتجه برمته نحو إشراك القطاع الخاص في القيام بدور اقتصادي في إنجاز مشروعات التنمية المستدامة.
وقد بينت قمة الأمم المتحدة المنعقدة في أيلول/ سبتمبر2015 أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر لعام2030 والتي من بينها إقامة بنية تحتية قادرة على الصمود….
وقد استخدمت العديد من الدول نظام B.O.T في إقامة مشاريع عملاقة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، مثل مصر، الكويت، السعودية، الجزائر.
أولاً: مشكلة البحث:
1- ماذا يعنى التعاقد بنظام B.O.T.
2- ما مدى فاعلية عقودB.O.T في تحقيق التنمية المستدامة.
ثانياً: أهمية البحث:
- B.O.T في إحداث الأثر الاقتصادي والتنموي للدول النامية؛ مما دفع معظم هذه الدول لتبنى هذا النوع من العقود وذلك نظرا لدورها في تطوير وتحديث مرافقها العامة وتحقيق التنمية المستدامة بها.
ثالثاً: أهداف البحث:
- B.O.T وبيان أطرافه، ومجالاته ومراحله.
- B.O.T وخصائص هذا النظام.
- B.O.T.
- B.O.T في تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية.
رابعاً: حدود البحث:
- B.O.T وبيان أهم مزاياه، والطبيعة القانونية له.
- B.O.T.
خامساً: فروض البحث:
- B.O.T يساهم في رفع العبء عن ميزانية الدول عن طريق تمويل وإقامة مشروعات البنية التحتية.
- B.O.T له دوراً كبيراً في تحقيق التنمية المستدامة للدول.
سادساً: الدراسات السابقة:
- د/ احمد رشاد محمود سلام، عقد الانشاء والادارة وتحويل الملكية (B.O.T) في مجال العلاقات الدولية الخاصة.
- B.O.T وفقا للتشريع الكويتي.
سابعاً: أدوات جمع البيانات في البحث:
كتب- رسائل علمية- مقالات- أبحاث- المواقع الالكترونية
ثامناً: منهج البحث:
سوف نقوم باتباع المنهج التحليلي الوصفي في إعداد بحثنا هذا، وذلك بهدف تسليط مزيد من الضوء على الأفكار المطروحة ضمن هذا البحث بهدف استنتاج الآثار الايجابية التي ينتجها نظام B.O.T على المحور التنموي للدول؛ من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
تاسعاً: خطة البحث:
المبحث الأول: النظام القانوني لعقد B.O.T
المطلب الأول: مفهوم عقد B.O.T وتطوره التاريخي
المطلب الثاني: أطراف عقد B.O.T ومجالاته ومراحله
المطلب الثالث: مزايا عقد B.O.T وخصائصه
المطلب الرابع: الطبيعة القانونية لعقد B.O.T
المبحث الثاني: أثر عقد B.O.T في تحقيق التنمية المستدامة
المطلب الأول: مفهوم مصطلح التنمية المستدامة وتطوره التاريخي
المطلب الثاني: أهداف ومبادئ التنمية المستدامة
المطلب الثالث: تجارب عملية لنجاح عقد B.O.T في تحقيق التنمية المستدامة
المبحث الأول: النظام القانوني لعقد B.O.T
دراسة النظام القانوني لعقدB.O.T تقتضي منا أن نتعرض لمفهوم وتعريف هذا النظام وتطوره التاريخي، وبيان أطرافه ومجالاته ومراحله، وكذلك بيان مزايا التعاقد بهذا النظام والخصائص التي يتميز بها، كما تقتضي دراسة النظام القانوني لعقدB.O.T بيان الطبيعة القانونية له. وعلى ذلك سوف نقوم ببيان تلك المسائل من خلال تقسيم هذا المبحث إلى أربعة مطالب على النحو التالي:
المطلب الأول: مفهوم عقد B.O.T وتطوره التاريخي
نتناول من خلال هذا المطلب مفهوم عقدB.O.T فى الفرع الأول، ثم بيان التطور التاريخي لهذا العقد في الفرع الثاني، وذلك على النحو التالي:
الفرع الأول: مفهوم عقد B.O.T
لقد حظي نظام B.O.T (البوت) بأهمية كبيرة منذ اوائل القرن الحالي، نظراً لاتجاه معظم دول العالم خاصة النامية منها، إلى إعادة هيكلة اقتصاداتها القومية، والسعي وراء تحديث بنيتها الأساسية ، والإسراع في تطبيق برامج الخصخصة بمختلف أشكالها، ومحاولة تخفيف العبء المثقل به كاهل الموازنات الحكومية، بالإضافة إلى الرغبة الجادة في توسيع مشاركة القطاع الخاص في دعم الاقتصاد القومي بصورة جديدة والاستفادة من قدراته في مشروعات البنية الأساسية، حيث ساهم الكثير من المتغيرات في ذلك، فلقد أحدثت الثورة التكنولوجية الكثير من الضغوط على الحكومات للإسراع بتطبيق الجديد منها في مشروعات البنية الأساسية الجديدة، وهو الأمر الذى لا طاقة للكثير من الدول به، بسبب محدودية قدرتها لمقابلة الاحتياجات المتدفقة المستقبلية، بالإضافة إلى ضآلة التمويل الحكومي أمام تلك المشروعات التي تستغرق الكثير من رؤوس الأموال، ونظراً لما تتكبده الدول النامية من الديون الخارجية والفوائد المتراكمة عليها، نجدها تتجنب اللجوء إلى الاقتراض أو الاستدانة من العالم الخارجي حتى لا تزيد من عبء الدين العام عليها، ومن ثم تفضل اللجوء إلى الأساليب الحديثة في تمويل مشروعات البنية الأساسية، والتي تعد مسئولية إنشائها، وتشغيلها وصيانتها مسئولية أساسية يجب أن تضطلع بها الحكومات (على الغزاوي، سهير الخطيب، عبد السلام النعيمات، 1996) ، ومن تلك الاساليب نظام البوت. فلقد وجدت هذه الصيغة المناخ الموات لتطورها في الدول الغربية، فكان مولدها وتطبيقها المعاصر هناك، فلا غرو أن يكون اسمها الذي تتناقله الأدبيات المعاصرة، مستلهماً من لغة أهل البلاد، حيث سُمِّى بالـ B.O.T وهو اختصار لثلاث كلمات باللغة الإنجليزية هي: البناء (Building)، والتشغيل (Operating)، ونقل الملكية (Transferring).
وهناك عدة تعريفات لنظام B.O.T سواء فى الفقه الاجنبي أو العربي؛ ففي الفقه الأجنبي ، تم تعريفه على أنه”تنظيم تقوم به الدولة بمقتضاه الدولة بمنح مستثمر من القطاع الخاص ترخيصا لبناء او تطوير أو تحديث أحد المرافق العامة الاقتصادية وتموبله على نفقته الخاصة، وتملك أو استئجار أصول هذا المرفق وتشغيله بنفسه أو عن طريق الغير- ويكون عائد تشغيل المشروع – فى معظم الاحيان-خالصا له طوال مدة الترخيص ويلتزم المستثمر بإعادة كافة اصول المشروع إلى الدولة أو أحد أجهزتها المعنية عند نهاية الترخيص بالشروط والأوضاع المبينة فى إتفاق الترخيص” (delmon, 2000).
وتم تعريفه في الفقه العربي عدة تعريفات؛ فعرفه البعض بأنه ” هو العقد أو النظام الذي ينشئ فيه أحد أشخاص القانون الخاص- وهو عادة شركة- المرفق العام، ويقوم بتشغيله وإدارته دون أن يمتلكه، وعند نهاية مدة العقد يعيده إلى الدولة” (الحلو، 2009)
وهناك من عرفه بأنه”منح الحكومة لمن يرغب فى الاستثمار فى أحد مشروعات البنية الأساسية او المرافق العامة من الأفراد أو الشركات الخاصة إقامة المشروع على الأرض التي تحدده له الدولة وتحمله أعباء شراء وتزويد المشروع بالمعدات والتكنولوجيا اللازمة وتحمله كافة نفقات التشغيل، وذلك بغرض حصول المستثمر على إيردات المشروع خلال الفترة التى تحددها له الحكومة والتى تعرف بفترة الامتياز، وبعد انتهاء هذه الفترة يتم تحويل المشروع إلى الحكومة التى يحق لها التصرف فى مصيره وفقا لما تراه من اعتبارات قومية او اقتصادية”. (عبد العظيم، 2001)
وعرّفت من جهتها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (O.N.I.D.O) عقد B.O.T بأنه” اتفاق تعاقدي يتولى بمقتضاه أحد الأشخاص من القطاع الخاص إنشاء أحد المرافق الأساسية في الدولة، بما في ذلك عملية التقييم والتمويل والتشغيل والصيانة لهذا المرفق. حيث يقوم هذا الشخص الخاص بإدارة المرفق العام واستغلاله لمدة معينة. ويسمح له خلال هذه المدة بفرض رسوم مناسبة على المنتفعين من هذا المرفق. شريطة ألا يزيد عما هو مقترح في العطاء، وعما هو منصوص عليه في صلب العقد أو في اتفاق المشروع. وذلك لتمكين الشخص من استرجاع الأموال التي استثمرها ومصاريف التشغيل والصيانة، بالإضافة إلى عائد الاستثمار. وفي نهاية المدة الزمنية المحددة يلتزم الشخص المذكور بإعادة المرفق إلى الحكومة أو إلى شخص جديد يتم اختياره عن طريق الممارسة العامة”. (نصيف، 2011)
وتم تعريفه في تقرير لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (I.C.D.U.N.C) بأنه عبارة عن: “أشكال لتمويل مشاريع تمنحها حكومة ما إلى مجموعة من المستثمرين أو إلى أحد الكيانات الخاصة يشار إليها بعبارة (الاتحاد المالي للمشروع). وذلك في شكل امتياز لصوغ مشروع معين وتشغيله وإدارته واستغلاله تجاريا لعدد من السنين، تكون كافية لاسترداد تكاليف البناء إلى جانب تحقيق أرباح مناسبة من العائدات المتأتية من تشغيل المشروع. وفي نهاية المدة المتفق عليها، تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة دون تكلفة. أو مقابل تكلفة مناسب، يكون قد تم الاتفاق عليه مسبقا”. (الدولي، 1996)
ويمكن من خلال التعريفات السابقة استخلاص الركائز التي يقوم عليها نظام B.O.T وهي:
(1) امكانية استخدام نظام BOT في المشروعات العامة أو الخاصة على حد سواء.
(2) قصر عملية الإنشاء والتشغيل والإدارة والصيانة على شركة المشروع.
(3) اختلاف أشكال الشركة المنفذة للمشروع فقد تكون شركة خاصة واحدة أو عدة شركات خاصة، وقد تكون شركة محلية أو شركة عالمية وساعتها يعد نظام B.O.T أحد نماذج إدارة الأعمال الدولية ويدخل ضمن نشاط الاستثمار الأجنبي المباشر. (النجار، 2006)
(4) تعمل شركة المشروع داخل الدولة المضيفة من خلال استخدام حق الامتياز الممنوح لها، ولمدة تسمح باسترداد الشركة لكافة تكاليف الاستثمار مع تحقيق عائد مجزي لها.
(5) عند انتهاء فترة الامتياز يتعين على شركة المشروع نقل ملكيته إلى الدولة على أن تكون الحالة التشغيلية للمشروع جيدة وينطبق عليها معايير الجودة والسلامة والتشغيل والصيانة المحددة مسبقاً من قبل الأطراف المعنية بالمشروع.
الفرع الثاني: التطور التاريخي لعقد B.O.T
إن مصطلح B.O.T وإن كان حديث نسبيا إلا أن أول من استخدم هذا المصطلح هو رئيس الوزراء التركي تورجورت أوزال في أوائل الثمانينات من القرن العشرين وذلك كجزء من برنامج الخصخصة الضخم لتنمية البنية الاساسية الجديدة. إلا أن الفلسفة الاقتصادية والقانونية القائمة عليه هذه النوعية من العقود قديمة وقد عرفتها العديد من الدول منذ زمن بعيد، وذهب البعض فى هذا الصدد إلى أنها ربما تعود لعصر الرومان. (قايد، 2000)
ومع ذلك يكاد يجمع معظم الفقه على أن أول وأشهر مشروعات B.O.T في العالم هو مشروع قناة السويس الذي تم بموجب عقد أبرم سنة 1854 بين الحكومة المصرية من جهة والشركة العالمية لقناة السويس البحرية التي يرأسها الفرنسي «فرديناند ديليسبس» من جهة أخرى، ثم تبعه بعد ذلك إنشاء العديد من مشروعات البوت. (Levy.s, 1996)
ويذهب البعض إلى أنها ظهرت مع بداية الثورة الصناعية فى بداية القرن التاسع عشر فى دول أوربا وامريكا. (Marcus Jefferies, 2002)
وقد شهد منتصف القرن التاسع عشر العديد من المشروعات فى مختلف دول اوربا وكانت فرنسا من أوائل الدول التى سارعت إلي الأخذ بنظام B.O.T وهناك أمثلة كثيرة على ذلك منها مشروع “إخوان بيريه” حيث منحت الحكومة الفرنسية امتياز توزيع المياه في مدينة باريس إلى شركة خاصة هي شركة « إخوان بيرييه » التي توسعت أعمالها إلا أن الأحداث السياسية في حينه قد سيطرت على الاتفاقية فعملت مدينة باريس على إلغاء الامتياز بعد الثورة الفرنسية ثم أخذ نظام الامتيازات ينتشر بشكل ملحوظ في فرنسا، كما امتد ليشمل اسبانيا وإيطاليا وألمانيا. (Walker, 1995)
المطلب الثاني: أطراف عقد B.O.T ومجالاته ومراحله
نتناول في هذا المطلب أطراف عقدB.O.T ، والمجالات التي يتم فيها تطبيق نظام B.O.T، وكذلك المراحل التي يمر بها نظام B.O.T، وذلك فى فرعين على النحو التالي:
الفرع الأول: أطراف عقد B.O.T
يتميز نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية بكثرة وتعدد الجهات والمؤسسات المشتركة في إتمامه، وتنفيذ المشروعات المنفذة بواسطته، والتي قد يصل عددها إلى عشرات الجهات والمؤسسات، تبدأ بالدولة المضيفة وشركات المقاولة والتوريد والتمويل وغيرهم الكثير. لذلك ربما يكون من المناسب تمثيل هذه الجهات العديدة بطرفين فقط. الطرف الأول الدولة المضيفة، الطرف الثاني الشركة المنفذة للمشروع.
الطرف الأول: الدولة المضيفة :
تعتبر الدولة في نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية طرف رئيسي في العقد، حيث تُمثل الطرف المضيف للمشروع، وذلك لأنها صاحبة المشروع المزمع إنشائه وتشغيله ويحتوي مضمون الدولة على العديد من الأطراف المحلية المشتركة والمعنية بتنفيذ المشروع بدءاً من الوزارة المختصة بالمشروع أو المرفق العام الذي سينشأ، والوزارات ذات العلاقة بالمشروع وانتهاء بمجلس الوزراء الذي يتعين أخذ موافقته على إنشاء المشروع بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية. بالإضافة إلى كافة الجهات الإدارية والتشريعية والاستثمارية والاقتصادية بالدولة التي يتعين عليها تذليل أي عقبات قد تواجه شركة المشروع أثناء إنشائه وتشغيله وإدارته، والجهات التي يتعين عليها مراقبة ومتابعة شركة المشروع، والجهات المختصة بتدريب العمالة المحلية وتأهيلها لإدارة المشروع بعد انتهاء الممنوحة للشركة.
تتعامل الدولة المضيفة مع المستثمر بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية مباشرةً، ودون إقامة علاقات مع أطراف أخرى، كالشركات الخاصة بتمويل المشروع، أو توريد مستلزماته أو الشركات التكنولوجية، أو شركات النقل والصيانة والإدارة. فجميع هذه الأطراف تعد أطرافاً ثانوية بالنسبة للدولة المضيفة، وبالرغم من كونها ذات علاقة وثيقة به، ورغم أهميتها ودورها في تنفيذه وتشغيله، ولكن يخرج نطاق التعامل معها عن الدولة المضيفة، وينحصر التعامل مع هذه الأطراف مع المستثمر بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية أو ما يطلق عليه اسم شركة المشروع. وتظل العلاقة التعاقدية في مشروعات البناء والتشغيل ونقل الملكية منحصرة بين الدولة ومستثمر B.O.T أو شركة المشروع.
ووفقاً لهذه العلاقة يترتب على الدولة المضيفة تقديم التالي:
- .
- (السامرائي، 2006)
الطرف الثاني: الشركة المنفذة للمشروع :
هي الشركة التي تقوم بتمويل وبناء وتشييد وتشغيل وإدارة المشروع، حسب الاتفاق المبرم مع الدولة صاحبة المشروع. وتُعنى الشركة المنفذة للمشروع بجوانب كثيرة عند اتخاذها قرار الاستثمار بنظام B.O.T وتمويل مشروعات البنية الأساسية التي تتكلف نفقات مالية باهظة. وحتى تقبل تنفيذ المشروع، فإنها تطالب الدولة المضيفة بضمانات فعلية، تكفل لها تحقيق عائد كبير من المشروع، يغطي النفقات التي أنفقها، ويتبقى لها نصيبا ًكافياً من الأرباح. وأخيراً تتدخل أطراف عديدة في تنفيذ اتفاقات B.O.T الأمر الذي يجعل هذه الاتفاقات أكثر تعقيداً. (الدين ه.)
وبشكل عام يُمكن القول إن الشركة المنفذة للمشروع هي الشركة التي تتولى مسؤولية تمويل وبناء وتشغيل وإدارة المشروع العام محدداً حسب الاتفاق المبرم مع الدولة صاحبة المشروع ، وقد تكون الشركة المنفذة محلية (قطاع خاص) أو عالمية، وقد تكون تضافراً لمجموعة من الشركات المحلية والعالمية ومتعددة الجنسية وقد تكون شركة واحدة أو عدة شركات، ويمكن أن تنفصل الشركة المنفذة للمشروع عن المؤسسة التي تمول المشروع وهنا يكون لدينا طرفان:
أ- المؤسسة التمويلية للمشروع:
هي مجموعة الشركات الخاصة، أو الشركات متعددة الجنسيات، أو هو ما يطلق عليه ائتمان المساهمين – وتعنى مساهمة القطاع الخاص في التمويل بالإضافة إلى مساهمة الحكومة – وتسعى المؤسسة التمويلية للمشروع إلى: (عبد اللطيف، 1999)
• القيام بعمل دراسة جدوى فنية، ومالية قبل الشروع بالاتفاق على المشروع لبيان مدى الجدوى الاقتصادية والفنية.
• ضمان حقوقها في المشروع في حالة الإخفاق أو حدوث ظروف طارئة.
• التركيز على العوائد المتدفقة من المشروع بعد تشغيله حتى يتم تغطية التكاليف التي تكبدتها المؤسسة التمويلية وتحقيق ما تصبو إليه من عوائد جراء الاستثمار في تلك المشروعات.
ب- شركة المشروع:
هي شركة تتكون من أجل المشروع فقط ويكون تعامل المؤسسة التمويلية معها مباشرةً، ذلك لأن التركيز يكون على أصول المشروع وليس صاحب المشروع، ويتم سداد ما تم إنفاقه في المشروع والأرباح المطلوبة من التدفقات النقدية التي سيدرها تشغيل أصول شركة المشروع، لذلك نجد أن هدف شركة المشروع يتبلور في تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح بأقل تكلفة ممكنة، مع الاحتفاظ بأكبر قدر من السيطرة على القرارات الفعالة في تشغيل المشروع، كما تسعى شركة المشروع للسيطرة والاحتفاظ بأصول المشروع لأطول فترة ممكنة. هذه الفترة هي فترة حق الامتياز المعطى لها من قبل الدولة، تلك الفترة يتم حسابها بدقة بالغة حتى تتمكن الشركة من سداد ما عليها من التزامات مالية. بعدها يتم نقل ملكية الشركة إلى الدولة وتستحق الأخيرة عوائد المشروع دون سواها.
الفرع الثاني: مجالات عقد B.O.Tومراحله
أولاً: مجالات استخدام عقد B.O.T
تقوم الحكومة باللجوء إلى نظام B.O.T لما يحققه لها من مزايا في تخفيف العبء التمويلي والإداري عن الحكومة طيلة فترة الامتياز، وأهم المجالات التي تقوم الحكومة باستخدام عقود B.O.T فيها هي: (محمد و فيجل، 2018)
(1) مشروعات البنية الأساسية: المتعلقة بالمرافق العامة الأساسية التي تحقق عائداً اقتصادياً والتي يتعين عليها الاضطلاع بها، ولكن نظراً لعدم قدرة الحكومة على تمويل تلك المشروعات من إيراداتها العامة فإنها تعهد بها إلى القطاع الخاص، نظير تحقيق عائد معقول، ومن أمثلة ذلك مشروعات الطرق، الكباري، المطارات، محطات القوى الكهربائية، السكك الحديدية وشبكات الاتصالات.
(2) المجمعات الصناعية: حيث تعهد الحكومة إلى القطاع الخاص بتمويل وإنشاء وإدارة هذه المجمعات عن طريق عقد امتياز يحصل القطاع الخاص بموجبه على عائد المشروع خلال فترة زمنية معينة، وتنتقل بعدها ملكية هذه المجمعات إلى الحكومة بدون مقابل، ومن أمثلة ذلك مصانع الكيماويات والورق والالمنيوم.
(3) تنمية واستغلال الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة (الدومين الخاص): بحيث يشبع إنشاء هذه المشروعات بطريق B.O.T حاجة عامة للمواطنين، ويساعد في تنظيم العائد من استغلال أملاك الدولة الخاصة. ومن أمثلة ذلك مشروعات التخطيط ومشروعات استصلاح الأراضي البور أو الأراضي الصحراوية.
ثانياً: مراحل تنفيذ مشروعات B.O.T
يمر تنفيذ مشروعات البنية الأساسية الممولة بنظام B.O.T بثلاثة مراحل زمنية أساسية، ويقتضي إتمام وتنفيذ كل مرحلة من المراحل السابقة القيام بمجموعة من الأعمال والتصرفات القانونية التي تتضمن عدداً مختلفاً من الأطراف، وهذا المراحل هي: المرحلة التحضيرية للمشروع، مرحلة تنفيذ المشروع، مرحلة انتهاء فترة الامتياز ونقل المشروع للدولة. (نايف)
المطلب الثالث: مزايا عقدB.O.T وخصائصه
نتناول في هذا المطلب المزايا والعوائد التي يحققها التعاقد بنظامB.O.T لكلاً من الدولة والشركات الخاصة المتعاقدة معها (وهما أطراف العقد) عند إقامة المشروعات الاستثمارية، وكذلك نتناول الخصائص التي يتميز عقدB.O.T ، وذلك من خلال الفرعين التاليين، على النحو التالي:
الفرع الأول: مزايا عقدB.O.T
أولاً: مزايا عقود B.O.T بالنسبة للدولة:
تظهر أهمية عقود B.O.T، عدة مزايا بالنسبة للحكومات. وتتمثل هذه المزايا فيما يلي:
- (اسماعيل، 2011)
- .
3- استفادة الدولة-النامية خاصة- من التحول التكنولوجي والتحكم في التقنيات الحديثة للإنجاز والإنتاج والاستغلال (مصانع، موانئ، طرقات سريعة، مطارات، مركبات رياضية، شبكات توزيع المياه والكهرباء والغاز والاتصالات السلكية واللاسلكية …)، حيث تساعد تلك المشروعات الدول النامية للاستفادة من التكنولوجيا ونقلها اليها ما يساعد فى عملية التنمية. (عطية، 1996)
- . (البهجي، 2014)
- (اسماعيل، 2011)
ثانياَ- مزايا عقود B.O.T بالنسبة لشركة المشروع:
يترتب عن انجاز مشاريع عقود B.O.T المختلفة فوائد جمة على الشركات الخاصة (الأجنبية والوطنية). وهي فوائد أو مزايا منها:
- …)
- (اسماعيل، 2011)
الفرع الثاني: خصائص عقد B.O.T
يتميز التعاقد وإقامة المشروعات بنظام B.O.T بعدة خصائص تميزه عن غيره من نظم التعاقد والشراكة، مما تجعله نظاماً مميزاً في إنشاء وإدارة المرافق العامة، وسوف نتناول في هذا الفرع أهم الخصائص التي يتميز بها عقد B.O.T وذلك على النحو التالي.
- B.O.T هو علاقة تعاقدية بين الدولة أو أحد أشخاص القانون العام من جهة، وإحدى جهات القطاع الخاص من جهة أخرى:
فنظام B.O.T هو نظام تعاقدي وهو في صورته الأساسية اتفاق إرادتين أو أكثر على إنشاء مشروع معين من مشاريع البنية الأساسية، وتتولى الشركة المتعاقدة إدارته بتشغيله واستغلاله خلال المدة المتفق عليها بما يحقق استرداد ما أنفق من رأس المال وتحقيق أرباح مناسبة، ثم تقوم الشركة بتسليمه إلى الإدارة المتعاقدة المالكة له أصلاً.
وتعد الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الطرف الأساسي في عقد B.O.T فهي المالكة الحقيقية للمشروع، وهي التي تحدد أصلاً المشروعات التي يمكن تنفيذها بنظام B.O.T وهي التي تقوم بمنح الالتزام لإقامة المشروع. (العدساني، 2016)
- B.O.T إنشاء مرفق عام وتقديم خدمة عامة للجمهور:
إن المدقق في عقود B.O.T يرى أن المجال الرئيسي الذي طبقت فيه هذه العقود هو إنشاء مرافق عامة اقتصادية هامة وتقديم خدمات عامة تتسم بالأهمية يحتاجها الجمهور.
فهذه العقود تؤدي إلى إقامة مشروعات ومرافق جديدة. مما يؤد إلى إتاحة مزيد من فرص العمل، وضخ أموال جديدة إلى السوق مما يقلل من نسبة التضخم ويحد من البطالة، فضلا عن كونها تؤدي إلى خلق قاعدة صناعية وخدمية جديدة مثل إنشاء الطرق أو محطات الكهرباء أو المياه أو الأنفاق أو غير ذلك من المشروعات التي تتم عبر هذه العقود. (نصار، عقود البوت والتطور الحديث لعقد الالتزام، 2002)
- B.O.T
يشكل التمويل العنصر المهم في عقود B.O.T فهو السبب الرئيسي والدافع في لجوء الدولة إلى التعاقد بنظام B.O.T ، حيث يقوم هذا النظام أصلاً على استخدام التمويل من القطاع الخاص لإنشاء المشروعات الكبرى ومشروعات البنية الأساسية، وبذلك فإن نظام B.O.T يحقق ميزة كبرى تتلخص في عدم تحمل ميزانية الدولة لأية تكاليف لتمويل المشروع ولسداد القروض . (العدساني، 2016)
- :
من المؤكد أن ملكية المرفق العام والمشروع موضوع عقد B.O.T تبقى ثابتة للجهة الإدارية المتعاقدة خلال جميع مراحل العقد؛ وعلى ذلك فالملكية في عقد B.O.T تكون ثابتة للدولة أو الجهة الإدارية المتعاقدة باعتبار أن المشروع يبنى لحسابها وإن كان تمويله يتم من القطاع الخاص، وإن ما يتم نقله للدولة أو الجهة الإدارية المتعاقدة عند انتهاء مدة العقد هو حيازة المشروع وليس ملكيته لذلك فإنه من الخطأ القول بأن عقد B.O.T يشكِّل خصخصة مؤقتة. (اسماعيل، 2011)
المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لعقد B.O.T
يرى اغلب الفقهاء أن عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية B.O.T خرجت من رحم عقد التزام المرافق العامة، إلا أن بعض الفقهاء لهم آراء مختلفة، وسوف نتناول هذه الآراء كما يلي :
الرأي الأول: عقد B.O.T هو تنظيم:
ويعني ذلك ان عقد البوتB.O.T ليس اتفاقا أو عقدا وانما هو تنظيم اقتصادي يلزم لتنفيذه إبرام العديد من الاتفاقات المتشابكة والمتعددة بين أطراف مختلفة. بل ان هذه الأطراف قد تتعارض مصالحها (الدين ه.، 1999). إلا ان هذا الرأي محل نقد بسبب انكاره الصفة التعاقدية لعقود البوت بدعوى انه يتضمن العديد من الاتفاقات التي قد تتعارض فيها مصالح أطرافها، وهذا غير صحيح، إذ ان الاتفاقات الفرعية إنما ترتبط في وجودها بالعقد الرئيس بين جهة الإدارة وشركة المشروع فان كانت هناك عقود فرعية فهي لا تؤثر على طبيعة العقد الرئيسي .
الرأي الثاني: الطبيعة الخاصة لعقد B.O.T:
ذهب البعض إلى ان عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية B.O.T من عقود الإدارة العادية التي تخضع منازعاتها للقانون الخاص. ذلك لان هذه العقود مثل عقود الاستثمار لا تقبل بحسب طبيعتها ان تضمنها الإدارة شروطا استثنائية، فمتطلبات التجارة الدولية تلزم ان يكون شأن الدولة شأن الأفراد العاديين في التعاقد معهم فوجود طرف أجنبي في العلاقة التعاقدية يمنع الإدارة من تضمين عقودها مع هذا الطرف الاجنبي شروطا استثنائية على اعتبار ان سيادة الدولة محددة داخل إطار إقليمها الجغرافي، ومن ثم يجب ان تقف الإدارة موقف المساواة مع المتعاقد معها إذا كان أجنبيا. (الغندور، 1998)؛ في الحقيقة ان هذا الرأي كان محل انتقاد من بعض الفقه لإنكاره الطبيعة الإدارية للعقد.
الرأي الثالث: عقد B.O.T عقد إداري تقليدي:
ينتقد أصحاب هذا الرأي التوجه السابق ويذهبون إلى القول بان عقود البوتB.O.T وإن كانت من عقود الاستثمار التي تبرمها الدولة تعد من العقود الإدارية من حيث تدخل السلطة العامة طرفا فيها ويلتزم الشخص الخاص بتسيير المرفق العام، وتشتمل جميعها على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص. (نصار ، 2002) ، ويضيف أصحاب هذا الرأي ان البوت هو عقد إداري بطبيعته بمجرد ان تكون الإدارة طرفا فيه وان يتصل بنشاط مرفق عام، لأنه حين تعهد جهة الإدارة لفرد أو شركة بإدارة وتشغيل مرفق عام، ومن باب أولى إنشائه يعتبر أمرا استثنائيا يثبت به للعقد صفته الإدارية. (الشيخ، 2000)
الرأي الرابع: عقد B.O.T عقد إداري ذا طابع دولي:
إن العقد الإداري ذا الطابع الدولي هو ذلك العقد الذي يبرمه شخص معنوي بقصد تنظيم مرفق عام أو تسييره مستخدما وسائل القانون العام وذلك بتضمين العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص، ويخضع لنظام قانوني واحد بالرغم من اتصال عناصره بأكثر من دولة، حيث يخضع لقانون الدولة التي يتبعه الشخص المعنوي العام المتعاقد مع ما يتضمنه من تحديد ما هو المقصود بهذا العقد. (صادق، 1995)، ومعيار التفرقة بين العقد الإداري الوطني والعقد الإداري ذا الطابع الدولي هو الذي يقوم على تعلق العقد بمصالح التجارة الدولية، ويترتب على العقد انتقالا للأموال والخدمات عبر الحدود وهو ما يسميه الفقه بالمعيار الاقتصادي. (فهمي، 2001)
الرأي الخامس: عقد B.O.T هو عقد التزام مرافق عامة:
يذهب هذا الرأي إلى اعتبار عقد البناء والتشغيل ونقل الملكية B.O.T هو عقد التزام مرافق عامة. (سعيد، 2002)، وما من شك ان عقد الالتزام يعتبر أهم العقود الإدارية، وهو عقد إداري بطبيعته أي انه يكون اداريا في كل الأحوال متى كانت الإدارة طرفا فيه واتصل بنشاط مرفق عام. وإذا كانت الصورة التقليدية لعقد الالتزام هي اعتباره اسلوبا لإدارة المرافق العامة، إذ ترى الدولة لأسباب كثيرة ان تتخلى عن إدارة مرفق وتعهد به إلى الملتزم. فان هذا لا يمنع ان يقوم الملتزم ـ بداءة ـ بإنشاء المرفق وتشغيله مدة العقد ثم رده مرة أخرى إلى الجهة الإدارية، وهو الأمر الذي كان عليه عقد التزام قناة السويس ولم ينازع أحد في طبيعته ومن ذلك أيضا عقود النفط. وقد عرفت محكمة القضاء الإداري عقد الالتزام في حكمها بتاريخ25/3/1956 بأنه ” … التزام المرافق العامة ليس إلا عقدا إداريا يتعهد أحد الأفراد أو الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته وتحت مسئوليته المالية بتكليف من الدولة أو إحدى وحداتها الإدارية وطبقا للشروط التي توضع لها بأداء خدمة عامة للجمهور وذلك مقابل التصريح له باستغلال المشروع لمدة محددة من الزمن واستيلائه على الأرباح، فالالتزام عقد إداري ذو طبيعة خاصة وموضوعه إدارة مرفق عام لا يكون إلا لمدة محدودة ويتحمل الملتزم بنفقات المشروع واخطاره المالية ويتقاضى عوضا في شكل رسوم يحصلها من المنتفعين” . (حكم محكمة القضاء الاداري المصرية، 1956)
والباحث يؤيد الرأي الأخير فيما انتهى إليه من اعتبار عقدB.O.T من عقود امتياز المرافق العامة، ويرى الباحث أن عقدB.O.T هو التطور الحديث لعقد الامتياز، فكان ظهور هذا العقد نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة وعدم كفاية موارد الدولة لتسيير وإدارة المرافق العامة، مما دفع لتطوير عقد الامتياز ليتماشى مع ضرورة إشراك القطاع الخاص لإنشاء وتطوير المرافق العامة، فكان عقدB.O.T هو الحل لمشكلة تطوير وتحديث وتسيير مرافق الدولة اللازمة لخدمة الجمهور، ولإقامة المشروعات الاقتصادية الضخمة.
وقد أخذ المشرع المصري بنظام عقد B.O.T باعتباره عقد امتياز متطور (الصورة الحديثة لعقد الامتياز)؛ فقام تعديل قانون التزامات المرافق العامة المرقم 129 لسنة 1947 بمقتضى قوانين خاصة في قطاعات معينة مثل قطاع الكهرباء (القانون رقم 100 لسنة1996)، وقطاع المطـارات (القانون رقم 3 لسنة1997)، وقطـاع الطـرق والجسور (القانون رقم 299 لسنة1996). وكذلك قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية (بمقتضى القانون رقم 19 لسنة1998)، وأيضا القانون رقم 22 لسنة1996 في شأن الموانئ التخصصية، وأيضا القانون رقم 149 لسنة 2006بشأن قطاع السكك الحديدية. (الحلو، 2009)
وكل هذه القوانين قد شرعت لتخفف من قيود بعض احكام القانون رقم 129 لسنة 1947 فأجازت جميعها منح التزامات المرافق العامة لمدة تزيد على ثلاثين عاماً على خلاف احكام المادة (1) من القانون سالف الذكر وبموجب هذا التعديل يسمح بتجديد منح الترخيص لذات المستثمر، وتطوير ومد خدمات المرافق في حالة انتهاء المدة الأصلية للترخيص والتي لا تتجاوز عادة خمسة وعشرون عاما إلى ثلاثين عاما. كما حذفت جميع القوانين المشار إليها وكذلك مشروع القانون أية قيود على أرباح شركة المشروع. وذلك على خلاف المادة الثالثة من القانون 129 لسنة 1947 التي تنص على انه ” لا يجوز ان تتجاوز حصة الملتزم السنوية في صافي أرباح استغلال المرفق عشرة في المائة من راس المال الموظف والمرخص له، وذلك بعد خصم مقابل استهلاك راس المال. (سلام، 2004)، وكذلك فان هذه القوانين المشار إليها على خلاف القانون 129لسنة 1947وتعديلاته اكتفت بموافقة مجلس الوزراء على منح الترخيص دون حاجة لاستصدار قانون بمنح الالتزام، وذلك تحقيقا لقدر أكبر من المرونة ودون إخلال بخطة الهيئة التشريعية في الرقابة.
المبحث الثاني: أثر عقد B.O.T في تحقيق التنمية المستدامة
لتطبيق التعاقد بنظام B.O.T في تمويل وإقامة مشروعات البنية التحتية والتنموية الكبرى، أثر كبير في تحقيق التنمية المستدامة، ونحن في هذا المبحث سنحاول إلقاء الضوء على ذلك من خلال عرض مفهوم مصطلح التنمية المستدامة وعرض تطوره التاريخي؛ ثم بيان أهداف ومبادئ التنمية المستدامة؛ ثم أخيرا عرض لتجارب بعض دول العالم لتطبيق هذا النظام والتي أبرزت نجاح ذلك النظام في إقامة المشروعات الكبرى وبالتالي المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك على النحو التالي:
المطلب الأول: مفهوم مصطلح التنمية المستدامة وتطوره التاريخي
نعرض فى هذا المطلب لمفهوم مصطلح التنمية المستدامة، ثم نبرز التطور التاريخي له، وذلك فى فرعين على النحو التالي:
الفرع الأول: مفهوم مصطلح التنمية المستدامة
تجدر الإشارة هنا إلى أن التنمية المستدامة تعاني من التزاحم الشديد في التعريف والمعاني؛ فأصبحت المشكلة ليست غياب التعريف وإنما في تعدد وتنوع التعريفات نذكر أهمها:
فعرفها (جيمس سبيث ) مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية المستدامة بأنها: “تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزيع عائداته بشكل عادي أيضا، وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم، وتوسع خياراتهم وفرصهم، وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، إنها تنمية لصالح الفقراء والطبيعة والمرأة وتستند على النحو الذي يحافظ على البيئة، وهي تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقيق العدالة فيما بينهم”. (رومانو، 2003)
وعرفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة التنمية المستدامة بأنها:” إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية، والتغيير المؤسسي لتحقيق واستمرار وإرضاء الحاجات الإنسانية للأجيال الحالية والمستقبلية، بطريقة ملائمة من الناحية البيئية ومناسبة من الناحية الاقتصادية، ومقبولة من الناحية الاجتماعية”. (الرحمن، 2007)
وعلى ذلك فإن التنمية المستدامة تعنى على الصعيد الاقتصادي؛ أنه على الدول المتقدمة إجراء خفض في استهلاك الطاقة والموارد، أما بالنسبة للدول المتخلفة فتعني توظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة والحد من الفقر، وعلى الصعيد الاجتماعي والإنساني فإنها تعني السعي من أجل استقرار النمو السكاني، ورفع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية خاصة في الأرياف.
وعلى الصعيد البيئي؛ فهي تعني حماية الموارد الطبيعية والاستخدام العقلاني والأمثل للأراضي الزراعية وخاصة الموارد المائية. وأيضا على الصعيد التكنولوجي هي نقل المجتمع إلى عصر الصناعات النظيفة غير الملوثة للبيئة، والتي تستخدم تكنولوجيا منظفة للبيئة، والتي تنتج الحد الأدنى من الغازات الملوثة والحابسة للحرارة والضارة لطبقة الأوزون.
وأن القاسم المشترك لهذه التعريفات، أنه لكي تكون هناك تنمية مستدامة يجب ألا نتجاهل المحيط البيئي، وألا تؤدي إلى دمار واستنزاف الموارد الطبيعية، وإعطاء تحول تقني للقاعدة الصناعية والتكنولوجية السائدة. (عارف، 1989)، وكذلك التركيز على ضرورة الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، والحد من التدهور البيئي الناجم عن الطفرة الصناعية والعمرانية والسكانية، التي شهدها العالم مؤخرا، وذلك من أجل ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الفرع الثاني: التطور التاريخي لمصطلح التنمية المستدامة
يرجع ظهور مصطلح التنمية المستدامة إلى ظهور تقرير لجنة (برونتلاند) والذي صاغ أول تعريف للتنمية المستدامة، على أنها التنمية التي تلبي الاحتياجات الحالية الراهنة دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية احتياجاتهم. (عارف، 1989)؛ حيث شهد مفهوم التنمية المستدامة تطورا كبيرا منذ بداية الستينات من القرن الماضي إلى اليوم. ففي عقد التنمية الأول الذي تبنته الأمم المتحدة (1960-1970)، اقترن مفهوم التنمية المستدامة بالنمو الاقتصادي، مثل الدخل القومي والدخل الفردي (عيسى، 2008)، وفي العقد الثاني للتنمية (1970- 1980)، اكتسب مفهوم التنمية أبعاداً اجتماعية وسياسية وثقافية، بجانب البعد الاقتصادي، وخلال عقد التنمية الثالث (1980- 1990) اكتسب مفهوم التنمية بعدا حقوقيا وديمقراطيا يتمثل في المشاركة العامة في اتخاذ القرارات التنموية الخاصة بالحكم الراشد، أما عقد التنمية الرابع 1990 فقد شهد نقلة نوعية في مفهوم التنمية، حيث تأكد مفهوم التنمية المستدامة بشكل واضح في إعلان (ريو) لعام 1992 الذي تضمن مبادئ تدعو إلى ضرورة تحقيق العدالة بين الأجيال في توزيع الموارد الطبيعية. وعلى ذلك سنتناول التطور التاريخي للتنمية المستدامة على النحو التالي:
أولا: مؤتمر ستوكهولم لعام 1972:
ساد الاعتقاد عند الدول النامية والصناعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بأن الموارد موجودة بشكل غير محدود في الطبيعة، وتعاملوا معها على أساس أنها بضائع حرة وليس لها قيمة، الأمر الذي شجّع على استغلال هذه الموارد وإهدارها أكثر فأكثر. (زنط، 2005) وفي الفترة ما بين5- 16يوليو/ تموز1972، انعقدت قمة الأمم المتحدة حول البيئة البشرية بمدينة ستوكهولم، حيث ناقش هذا المؤتمر القضايا البيئية وعلاقتها بواقع الفقر وغياب التنمية في العالم، وتم الإعلان عن أن الفقر وغياب التنمية، هما أشد أعداء للبيئة.
وقد صدر عن هذا المؤتمر أول وثيقة دولية تضمنت مبادئ العلاقات بين الدول، وكما أكد هذا المبدأ الأول من إعلان ستوكهولم، على حق الإنسان في الحرية والمساواة في ظل ظروف معيشية مناسبة في بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وتحقيق الرفاهية، إلا أن هذا الإعلان لم يحدد معايير البيئة اللائقة أو مؤشرات العلاقة المتوازنة بين الإنسان والبيئة. (طلبة، 1995)
ثانيا: لجنة برونتلاند:
أدرج تقرير لجنة (برونتلاند ) الذي عنوانه (مستقبلنا المشترك)، الذي قدمته هذه اللجنة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1987 فصلا كاملا عن التنمية المستدامة، بإعطاء تعريف دقيق لها، والذي عرف التنمية المستدامة على أنها “التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون التضحية أو الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها”. (الغامدى، 2007)
وعليه فقد قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989 بعقد مؤتمر التنمية المستدامة بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، وقد خرج هذا المؤتمر بمجموعة من الوثائق القانونية، تمثلت في إعلان قمة الأرض (إعلان ريو)، وجدول أعمال القرن الـ 21، ومبادئ حماية الغابات، وكذلك اتفاقية التغيرات المناخية واتفاقية التنوع البيولوجي.
ثالثا: إعلان ريو:
تضمن 28 مبدأ ركز فيها على التنمية المستدامة، حيث نجد في المبدأ الأول منه ” أن البشر يقعون في صميم الاهتمامات المتعلقة بالتنمية المستدامة “، وينص المبدأ الثالث “على أنه يتوجب إعمال الحق في التنمية حتى يفي بشكل منصف الاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة” .
كما نجد في المبدأ الرابع” أنه من أجل تحقيق تنمية مستدامة تكون حماية البيئة جزء لا يتجزأ من عملية التنمية، ولا يمكن النظر إليها بمعزل عنها “، بينما ينص المبدأ التاسع “على أنه ينبغي أن تتعاون الدول في تعزيز بناء القدرة الذاتية على التنمية المستدامة، بتحسين التفاهم العلمي عن طريق تبادل المعارف العلمية والتكنولوجية، وينص المبدأ العشرين ” على أن للمرأة دور حيوي في إدارة التنمية البيئية، ولذلك فإن مشاركتها أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة”. (والتنمية، 1992)
رابعا: جدول أعمال القرن 21:
هذا الجدول تبنته 182 دولة، ويعبر عن الخطة التفصيلية لتحقيق المستقبل المتواصل لكوكب الأرض خلال القرن الـ 21. وتضم أجندة جدول أعمال القرن 21، سلسلة من الموضوعات نظمت في أربعين فصلا، ومائة وخمسة عشرة مجالا من مجالات العمل، يمثل كل منها بعدا هاما من أبعاد إستراتيجية شاملة للأعمال التي يلزم القيام بها لحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة بشكل متكامل (المتحدة ا.، 2010).
خامسا: اتفاقية التغيرات المناخية:
نصت الفقرة 4من المادة 3 من هذه الاتفاقية على الحق في التنمية المستدامة، حيث تضمنت: “أنه للدول الحق في التنمية المستدامة، وعليهم إتباع السياسات والإجراءات التي تكفل حماية نظام المناخ من تأثيرات النشاطات الإنسانية، وعليها اتخاذ ما يناسبها من الإجراءات وفقا للظروف الخاصة لكل منها، والتي يجب أن تتكامل مع برنامج التنمية الوطنية فيها، مع الأخذ بعين الاعتبار، بأن التنمية الاقتصادية ركنٌ أساسي في تبني تدابير للحد من التغير المناخي. (المتحدة ا.، 1992)
سادسا: اتفاقية التنوع البيولوجي:
تضمنت هذه الاتفاقية العديد من الأحكام التي تتطلب الأعمال التنظيمية، والتي تعزز الصلة بالتنمية المستدامة في مجال حماية التنوع البيولوجي، وذلك في المواد،12،11،10،8 من هذه الاتفاقية.
المطلب الثاني: أهداف ومبادئ التنمية المستدامة
نتناول في هذا المطلب كلاً من أهداف التنمية المستدامة فى الفرع الأول، ثم مبادئ التنمية المستدامة فى الفرع الثاني، على النحو التالي:
الفرع الأول: أهداف التنمية المستدامة
في اليوم الأول من يناير/ كانون الثاني 2016، بدأ رسميا سريان أهداف التنمية المستدامة الـ 17لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر/ أيلول 2015 في قمة أممية تاريخية.
وقد بُنيت أهداف التنمية المستدامة على نجاح أهداف التنمية المستدامة للألفية (MDGs)، وهي تهدف إلى المضي قُدماً لإنهاء كافة أشكال الفقر. والأهداف الجديدة متفردة من ناحية أنها تدعو جميع الدول الفقيرة، والغنية ومتوسطة الدخل إلى العمل لتعزيز الرفاهية في ذات الوقت الذي تحمي فيه الكون. كما أنها تقر بأن إنهاء الفقر يجب أن يمضي يد بيد مع الاستراتيجيات التي تبني النمو الاقتصادي وتعالج سلسلة من الحاجات الاجتماعية بما فيها التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتوفير فرص العمل، في ذات الوقت الذي يتم فيه معالجة التغييرات المناخية والحماية البيئية.
وتتمثل أهداف التنمية المستدامة في: (العالم، 2020)
الهدف 1: القضاء على الفقر
الهدف 2: القضاء التام على الجوع.
الهدف 3: الصحة الجيدة والرفاهية
الهدف 4: التعليم الجيد
الهدف 5: المساواة بين الجنسين
الهدف 6: المياه النظيفة والنظافة الصحية
الهدف 7: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة
الهدف 8: العمل اللائق ونمو الاقتصاد
الهدف 9: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية
الهدف 10: الحد من أوجه عدم المساواة
الهدف 11: مدن ومجتمعات محلية مستدامة
الهدف 12: الاستهلاك والإنتاج
الهدف 13: العمل المناخي
الهدف 14: الحياة تحت المياه.
الهدف 15: الحياة في البر.
الهدف 16: السلام والعدل والمؤسسات القوية.
الهدف 17: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.
الفرع الثاني: مبادئ التنمية المستدامة
تقوم التنمية المستدامة على مجموعة مبادئ، تشكل الركائز التي تستند إليها في تحقيق استراتيجياتها الهادفة إلى تحقيق تنمية ورفاهية الأجيال الحالية، دون المساس بقدرة وحقوق الأجيال القادمة في تلبية حاجياتهم نذكر أهمها:
أولا: مبدأ الكفاءة في استخدام الموارد:
وذلك برفع مستويات المعيشة، عن طريق التزام صانعي السياسات باستخدام مجموعة من آليات التوزيع والمراقبة المالية، كالأسعار والضرائب لتنظيم استخدام الموارد الطبيعية المتاحة، مع تعديل تركيبة هيكل الاقتصاد القومي لمصلحة قطاع الصناعة والتجارة؛ هذا بالإضافة إلى توفير البنية التحتية من مواصلات واتصالات وطرق ومنح الإعفاءات الضريبية والجمركية بالقدر الذي لا يؤثر سلباً في الصناعات الوطنية القائمة. (Krueger, 1997)
ثانيا: مبدأ المرونة:
معناه قدرة النظام على التكيف والمحافظة على بنيته ونماذج سلوكه في مواجهة الاضطرابات الخارجية، لأنه إذا ما خسرت هذه النظم مرونتها تصبح أكثر عرضة للتهديدات الأخرى.
ثالثا: مبدأ العدالة :
في هذا المبدأ تشير العدالة إلى انخفاض وتدهور قاعدة الموارد البيئية التي ينجم عنها عدم إرضاء احتياجات الشرائح الأكثر فقرا. لذا؛ فإن التنمية المستدامة تتطلب مساعدة هذه الفئات، لأنه ليس لديهم خيار بديل عن تدمير بيئتهم، وهذا من شأنه توسيع دائرة الاختيارات بين استخدام الموارد وكذلك بين التكنولوجيا التي تحكم العلاقة بين المدخلات والمخرجات في عملية الانتاج. (عبد المجيد)
رابعا: مبدأ الاحتياط:
هذا المبدأ منصوص عليه ضمن المبدأ الخامس عشر من إعلان (ريو) حول البيئة والتنمية، وهذا المبدأ يوجب على الدول اتخاذ التدابير اللازمة لاستدراك تدهور البيئة؛ فالضرر الذي يسعى -مبدأ الاحتياط إلى منع وقوعه- هو ضرر يُستعصى على المعرفة العلمية المتاحة أن تؤكد وقوعه أو تحدد آثاره ونتائجه على البيئة إذا ما وقع، والفكرة العامة لهذا المبدأ، هو أنه:( يجب اتخاذ تدابير عندما يكون هناك سبب كاف للاعتقاد بأن أي نشاط أو منتج قد يسبب أضرار جسيمة، والتي لا رجعة فيها على الصحة أو البيئة، قد تكون هذه التدابير لخفض أو وقف النشاط أو لمنع المنتج، من دون الحاجة إلى البحث عن دليل قاطع ورسمي إلى وجود علاقة سببية بين النشاط أو المنتج، والعواقب الوخيمة). (يوسف م.، 2007)
خامسا: مبدأ الملوث الدافع:
تم النص على هذا المبدأ لأول مرة سنة 1972 كتوصية من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وذلك بموجب الاتفاق الذي حدث بين أعضاء هذه المنظمة حول وضع سياسة تنموية قائمة على أساس هذا المبدأ، ويقصد به حسب توصية هذه المنظمة، جعل التكاليف الخاصة بالوقاية ومكافحة التلوث تحملها السلطة العامة على عاتق الملوث. وما يُعاب على هذه المبدأ هو أنه مقبول في المسائل القابلة للترميم والإصلاح وإعادة الأمور إلى الحالة التي كانت عليه، ومرفوض تماما، حيث لا يمكن ذلك إذا كان الدمار المنتظر أكثر من منفعته لشخص أو مجموعة أشخاص. ومن جهة أخرى فقد وُجد هذا المبدأ طريقه إلى التطبيقات القضائية، ففي حكمه الصادر بتاريخ 23 سبتمبر، أمر القاضي الهولندي تمسكه بمبدأ الملوث الدافع في قضية بين فرنسا وهولندا، حيث تتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة فرنسية((MDPAتدير بعض المناجم في مقاطعة ألساس (ALSACE) بفرنسا، وتقوم بإفراغ نفاياتها من الأملاح السامة في نهر الراين، مما أدى إلى تلوث النهر عبر الحدود بين فرنسا وهولندا، وتأثر مستخدمي النهر في هولندا، ومن أهم ما جاء في الحكم: (أنه على الرغم من أن الشركة الفرنسية لها الحق من حيث المبدأ في استخدام نهر الراين، إلا إنها وفي ضوء حجم النفايات المفرغة، ملزمة بتقديم العناية الواجبة لمنع التلوث أو تقليل مخاطره على البيئة، وأقرت بدفع تعويض عن الأضرار الناتجة وفقا لمبدأ (الملوث الدافع). (الحاق، 1978)
سادسا: مبدأ المشاركة:
هذا المبدأ يقر بمشاركة جميع الجهات ذات العلامة في اتخاذ قرارات جماعية من خلال الحوار خصوصا في مجال التخطيط ووضع السياسات وتنفيذها، فالتنمية المستدامة تبدأ في المستوى المحلي، ويعني أنها تنمية من أسفل التي تمكن الهيئات الرسمية والشعبية بوجه عام من المشاركة في خطوات إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية. (زنط، 2005)
سابعا: مبدأ الإدماج:
ظهر هذا المبدأ ضمن الفصل الثالث من جدول أعمال القرن الـ 21 في المتطلبات الرئيسية اللازمة لدمج الأبعاد البيئية عند وضع القرار، بما في ذلك المسائل المتعلقة بدمج البيئة والتنمية على مستويات السياسة والتخطيط والإدارة، والإطار القانوني والتنظيمي ذي الصلة والاستخدام الكفؤ للأدوات الاقتصادية وحوافز السوق، وكذلك التوصية بإنشاء نظام محاسبي جديد يتضمن تلك الاعتبارات. حيث أصبح من الواضح بأن وضع الاعتبارات البيئية في حسابات المخططات الإنمائية بما في ذلك تقييم الآثار البيئية للمشروع قبل البدء في تنفيذه، يعطي أبعاداً جديدة لقيمة الموارد واستخدامها على أساس تحليل التكلفة والفائدة، وكيف يمكن المحافظة عليها، فضلا عما سيعود عن ذلك من فوائد اقتصادية، بالإضافة طبعا لتحقيق هدف المحافظة.
المطلب الثالث: تجارب عملية لنجاح عقد B.O.T في تحقيق التنمية المستدامة
قامت العديد من الدول سواء دول العالم المتقدم أو دول العالم الثالث، باللجوء إلى التعاقد بنظام B.O.T في إنشاء وإدارة المرافق العامة بها؛ وذلك من أجل إقامة مشروعات البنية التحتية والمشروعات العملاقة، وفي هذا المطلب سنتناول بعض من تجارب عقد B.O.T في مجموعة من الدول المتقدمة ودول العالم الثالث، وعلى ذلك نقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعيين ، على النحو التالي:
الفرع الأول: تجارب بعض دول العالم المتقدم
أولاً: تجربة الولايات المتحدة:
لقد عرفت الولايات المتحدة الأمريكية نظام الـB.O.T منذ قيام الثورة الصناعية حيث كان يتم بناء الطرق وتشغيله من قبل القطاع الخاص مقابل الرسوم التي يدفعها مستخدمو هذه الطرق، كما عملت الحكومة على تشجيع الاستثمار عن طريق القطاع الخاص في مجال تشييد الطرق والجسور. وذلك بموجب القانون الفيدرالي الخاص بالنقل الصادر في 18/12/1991. وقد تأكد هذا الاتجاه في ظل حكم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون من خلال إصداره للقرار رقم 12893 في 28 ديسمبر/ كانون الأول لسنة1994 لتشجيع الاستثمار بنظامB.O.T. (الحسيني)
ثانيا: تجربة فرنسا
يرى بعض الفقه أن فرنسا كانت رائدة في هذا المجال حيث ابتكرت نظام امتياز المرافق العامة ، الذي هو في مفهومه وفي طبيعته القانونية ليس إلا تطبيقاً من تطبيقات الــــــ B.O.T، ففي عام 1782منحت الحكومة الفرنسية امتياز توزيع المياه في مدينة باريس إلى شركة «الإخوة بيريه» الخاصة، التي توسعت أعمالها بشكل سريع، إلا أن الأحداث السياسية في حينها قد سيطرت على الاتفاقية، فعملت مدينة باريس على إلغاء الامتياز بعد الثورة الفرنسية، ثم أخذ نظام الامتيازات ينتشر بشكل ملحوظ بعد عام 1830 في فرنسا. (الحسيني)
ثالثاً: تجربة انجلترا وفرنسا المشتركة (نفق المانش)
يتمثل نفق المانش في النفق الذي يقع تحت بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا ويعتبر هذا المشروع من أقدم المشروعات التي تم إقامتها وفق أسلوب البناء والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) الممولة من طرف القطاع الخاص من الناحيتين المالية والفنية، قامت بإنشائه شركة ” ويرونا تال- Eurotunnel” ؛ وهي شركة مكونة من عشر شركات وقدرت تكاليف المشروع ب19مليار دولار أمريكي، وقد كانت مدة الامتياز 55سنة تنتهي في2042م، ساهمت شركة المشروع بـ 19% وحصلت على 81% كقروض من 208 بنك، وقد بدأ بناء النفق في ديسمبر/ كانون الأول عام 1987وانتهى في 10 ديسمبر/كانون الأول 1993، حيث دام 6 سنوات وبحلول عام 1994بدأ استعمال النفق خدمات نقل الركاب بالسكك الحديدية التي تربط بين لندن وباريس وبروكسل وخدمات الشحن. (الدستور، 2018)
رابعاً: تجربة استراليا
لقد اعتمدت أستراليا على نظام التعاقد بصيغة B.O.T في العديد من المشروعات في مختلف المجالات؛ مثل مجال معالجة المياه وذلك منذ عام 1993م، وكذلك في مجال إنشاء الطرق؛ مثل مشروع الطريق السريع “سيدني” عام 1994 الذي بلغت تكاليفه 500مليون دولار. (تخنوني، 2019)
الفرع الثاني: تجارب بعض دول العالم الثالث
أولاً: تجربة الفلبين:
طبقت الفلبين نظام B.O.T في إقامة مشروعات البنية التحتية، حيث تـم وضع القانون رقـم 7718 لعام 1994، وهو قانون الاستثمار الأجنبي في الفلبين، والذي عدل بعض أقسام القانون السابق رقم 6957 لعام 1990 واسمه «قانون يسمح بتمويل وبناء وتشغيل وصيانة مشاريع البنية التحتية عن طريق القطاع الخاص». وقد أنشأت الحكومة الفليبينية في عام 1994 محطة غاز توربينية لتوليد الطاقة وفق نظام B.O.T. (تخنوني، 2019)
ثانيا: تجربة مصر:
تعد مصر من أول وأقدم دول العالم التي عرفت نظام التعاقد بصيغة B.O.T وذلك من خلال مشروع حفر وإدارة قناة السويس الذي تم بموجب عقد أبرم سنة 1854بين الحكومة المصرية من جهة والشركة العالمية لقناة السويس البحرية التي يرأسها الفرنسي «فرديناند ديليسبس» من جهة أخرى، وقد تم افتتاح القناة في 17نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1869، وكانت مدة الامتياز99سنة إلا أنه تم إنهاء امتياز شركة قناة السويس قبل انتهاء مدة الامتياز بنحو ثلاثة عشر سنة وذلك في عام 1956وهو ما أطلق عليه تأميم قناة السويس. (الحسيني)، وقد جرى تطبيق نظام التعاقد بصيفة B.O.T على نطاق واسع في العديد من المجالات في العصر الحديث.
ولقد كانت وزارة الكهرباء من أوائل الوزارات بمصر التي اتجهت إلى تمويل بناء محطات كهرباء في مناطق التعمير الجديدة معتمدة على نظام B.O.T أو التعاقد للبناء والتملك لفترة أو الاستغلال ثم إعادة المشروع بعد فترة محددة، ولقد تم طرح مشروعين لإسناد عقدين الأول محطتين لشركات أمريكية وفرنسية والملاحظ أن عدد المتقدمين للوزارة للتعاقد كان كبيرا وكذلك لوحظ أن المجموعتين اللتان فازتا بالمشروع كانتا بأسعار أقل من المتوقع. (يوسف م.)
ولقد تضافرت عوامل عدة دفعت الحكومة المصرية إلى تنفيذ مشروعات الكهرباء بنظام B.O.T. ومن ذلك زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية من مختلف قطاعات الدولة وبخاصة منها الصناعية والعمرانية والحاجة إلى إضافة محطات توليد جديدة قدرتها 3و9 مليون كيلووات حتى عام 2010بكلفة تقدر بحوالي 7,2مليار دولار أمريكي، إضافة إلى ارتفاع مديونية الدولة من الجهات الخارجية حيث بلغت ديون هيئة كهرباء مصر وشركاتها 14,2 مليار جنيه مصري، إلى جانب إحجام بعض جهات الإقراض الأجنبية عن منح قروض للدولة لتمويل تنفيذ مشروعات الكهرباء وطلب هذه الجهات إشراك القطاع الخاص في تنفيذ هذه المشروعات، إضافة إلى توفر سيولة في العملات الأجنبية بالبنوك المصرية التي أبدت رغبتها في المساهمة في تمويل مشاريع الكهرباء المنفذة عن طريق القطاع الخاص. (الحسيني)
وكانت الدولة وبغية خلق المناخ القانوني المناسب قد لجأت إلى التدخل وتعديل بعض القوانين وصدر القانون رقم /100/ لعام 1996 بتعديل القانون رقم /12/ لعام 1976 والذي أنشأت بموجبه هيئة كهرباء مصر ثم أصدر مجلس الوزراء القرار رقم /4/ لسنة 1998 بشأن محطة كهرباء سيدي كرير البخارية. (الحلو، 2009)
كما نهجت وزارات أخرى في مصر النهج ذاته بتنفيذ مشروعاتها بنظام B.O.T، ومنها وزارة النقل، وكان قد صدر القانون رقم 229لعام 1996 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لعام 1968 بشأن الطرق العامة، والقانون رقم 3 لعام 1997بشأن امتياز المرافق العامة لإنشاء واستغلال المطارات، كما صدر القانون رقم 22لعام 1998 بإضافة مادة جديدة إلى القانون رقم1لعام 1996 بشأن الموانئ المتخصصة. (الحلو، 2009)
وقد طرحت وزارة النقل مشروعات أخرى مثل مشروع محطة حاويات في ميناء السويس ومرسى اليخوت في شرم الشيخ، كما قامت الوزارة بطرح عدد من المشروعات لإنشاء مطارات بنظام B.O.T مثل مطار مرسى عام الذي أسند إلى شركة كويتية. كذلك قامت وزارة الإسكان والمرافق بطرح مشروعين لتوفير مياه للشرب بمنطقتين من مناطق التنمية الجديدة هما منطقة شرقي بور سعيد وجنوبي السويس. (يوسف م.)،كما كان لقطاع النقل البحري في مصر تجارب مهمة في الاستثمار بنظام B.O.T، وكذلك اتجهت كل من الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري والهيئة القومية للأنفاق في مصر.
ثالثاً: تجربة الكويت:
عرفت دولة الكويت التعاقد بنظام B.O.T في العديد من المشاريع، ولعلّ أبرزها عقد تطوير المطار الدولي في الكويت، وكذا عقود بناء وتشغيل محطة معالجة الصرف الصحي في منطقة الصليبية المبرم عام 2001، وقد طرحت الشبكة الوطنية الكويتية في موقعها على الإنترنت جملة من مشاريع الــ B.O.T تابعة لبلدية الكويت، كمشروع الواجهة البحرية، ومشاريع العديد من الأسواق البحرية، ومشروع تطوير استراحات على طريق “النويصيب”، ومشروع المنطقة الحرة (مدينة المستقبل، يناء الشويخ)، ومشروع B.O.T لتوسعة مطار حمد صباح الأحمد الدولي، والعديد من مشاريع المنتجات المنتزهات والجزر … غير أن ديوان المحاسبة عن مشاريع الــ B.O.T في الكويت كشف عن مخالفات بالجملة، ووجود تجاوزات وتعديات على أملاك الدولة، نتيجة ضعف الإجراءات الحكومية حيال هذه التجاوزات. (الكويت، 2006)
إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت أن مشاريع B.O.T قد أسهمت في إحداث نقلة نوعية استفادت منها دولة الكويت بشكل واضح. (الأنباء، 2014)
رابعاً: تجربة السعودية:
على الرغم من أن السعودية قد وضعت الخصخصة في أوليات برامجها الاقتصادية في العشر سنوات الأخيرة له إلا أن نظامB.O.T لا توجد تطبيقات كثيرة له في السعودية على الرغم من توفر مقومات تطبيق هذا النظام، وقد عهد مؤخرا إلى كونسورتيوم مكون من عدة شركات من القطاع الخاص الوطني إعادة تأهيل محطة معالجة مياه الصرف الصحي للمنطقة الصناعية بجدة وفقا لنظام البوت ((B.O.T ، كما أن البنك ً الإسلامي للتنمية قام مؤخرا بالتعاقد مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف لإنشاء مبنى وقفي بنظام البوت(B.O.T) . وهنالك توجها يجرى في السعودية لتنفيذ مشروعات ضخمة وطموحة تشمل مجالات السكك الحديدية وتوليد الطاقة وصيانة الطرق وغيرها، وينبغي أن تقوم المملكة باستباق الزمن ووضع أنظمة خاصة بتنفيذ المشروعات عن طريق نظام البوت(B.O.T ) حتى تتفادى المشكلات التي واجهتها الدول العربية التي سبقتها في تطبيق هذا النظام. (الذيابى، 2014)
خامساً: تجربة لبنان:
هذا وسار لبنــان على طريق اعتماد نظــام B.O.T في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الكبرى. كعقد B.O.T بين الدولة اللبنانية والشركة الفرنسية (France Telecom International)، لتنفيذ وتشغيل مشروع الهاتف النقال لمدة 10 سنوات، وعقد B.O.T بين المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان وشركة محمد عبد المحسن الخرافي وأولاده الكويتية لتمويل إنشاء مواقف للسيارات في مطار بيروت الدولي وتشغيله لمدة 15 سنة، ثم إعادته بحالة جيدة إلى الدولة اللبنانية، وغيرها الكثير. (تخنوني، 2019)
سادساً: تجربة سوريا:
في سوريا بدأ العمل بنظام التعاقد وفقا لصيغة B.O.T سنة 2001 لتنفيذ بعض المشاريع الكبرى. فقد تم ج توقيع عقد بين المؤسسة العامة للاتصالات في السورية وشركة Investcom Global LTD. لإنشاء نظام هاتف خلوي GSM بصيغة B.O.T، كما قامت وزارة النقل السورية بطرح عدد كبير من المشاريع بصيغة B.O.T ومنها مرفأ المنطقة الحرة على الساحل، وإنشاء أرصفة جديدة في مرفأ طرطوس ومرفأ اللاذقية واستثمار أرصفته وساحاته، كما قامت محافظة دمشق سنة 2008 بإبرام عقد BOT مع شركة سوريا القابضة لإنشاء مشروع متكامل في مركز المدينة يضم مركزا للمؤتمرات وأبنية مكتبية إدارية مجهزة بأحدث التقنيات، وفندق خمس نجوم، ومراكز تسوق، ودور سينما، ومواقف سيارات … وغيرها من مشاريع العقود بصيغة B.O.T التي اعتمدتها الحكومة السورية منذ سنة 2000 نظرا للضغط الاقتصادي الذي تعرضت له خلال تلك الفترة، وتسبب في تناقض استثماراتها في مشاريع البنى التحتية، والتي استعادت نشاطها بعدد من تجارب بصيغة B.O.T بين قطاعات الاتصال، والنقل والبيئة. (العربيد، 2008)
سابعاً: تجربة الجزائر:
استخدمت الجزائر التعاقد بصيغة B.O.T في مجال تحلية مياه البحر أو نزع الأملاح والمعادن من المياه المالحة، وتتميز أغلب مشاريع انشاء وتشغيل محطات تحلية مياه البحر بالجزائر، بالاعتماد على الشركات الاسبانية منذ سنة 2004، ومن أهم مشاريعها إنشاء محطة تحلية المياه بمستغانم وتشغيلها وصيانتها بتكلفة 100 مليون دولار، لمدة 25 عاما بإسهام الوكالة الجزائرية للطاقة (AEC)، كما وقعت شركة مياه تيبازة عقدا مع الشركة الكندية «SNC Lavalin » وهي من الشركات البارزة في مجال إعداد مشاريع البنية التحتية وتشغيلها، وكذا الإسبانية « ACCIONA AGUA » بقيمة 150 مليون دولار من أجل تصميم وإنشاء ثم تشغيل محطة تحلية مياه البحر، وذلك لمدة 25عاما. (قماز، 2014/2013)
الخاتمة
أولاً: النتائج:
- B.O.T في العديد من المجالات المهمة؛ مثل مشروعات البنية الأساسية، المجمعات الصناعية، تنمية واستغلال الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة.
- B.O.T التطور الحديث لعقد امتياز المرافق العامة.
- B.O.T يحقق العديد من المزايا لأطرافه المتمثلة فيالدولة وشركة المشروع، مثل خلق فرص عمل جديدة، واستخدام تكنولوجيا حديثة.
- B.O.T عديد الالتزامات بين أطرافه؛ والتي يبغى عليهما تنفيذ ها لتحقيق الفوائد المرجوة من هذا النظام.
- B.O.T بأن أصول المشروعات المنفذة به تؤول لملكية الدولة، وهو ما يثمن من قيمة هذا النظام.
- B.O.T يساهم بشكل كبير وفعال في إحداث التنمية المستدامة؛ وذلك عن طريق تخفيف الأعباء المالية على ميزانية الدولة من خلال إقامة مشروعات البنية التحتية.
- B.O.T أثبتت نجاحها في تطوير وتحسين الحالة الاقتصادية لهذه البلدان من خلال تنفيذ المشروعات الضخمة، بهذا النظام.
التوصيات والمقترحات:
- B.O.T في إقامة مشروعات البنية التحتية والتنموية الضخمة في مختلف الدول العربية من أجل معالجة العجز في الميزانية العامة.
- B.O.T الذي يمكن من الاستفادة من الخبرات والتجارب التي يمتلكها هذا القطاع.
قائمة المراجع
حكم محكمة القضاء الاداري المصرية، 146اسنة8ق (محمكة القضاء الاداري 25 مارس, 1956).
Delmon, J. (2000). BOOT Bot, Project commercial and contractual guide. sweet maxwell.
Krueger, A. O. (1997, آذار/مارس). Trade Policy and Economic Development: How We Learn. American Economic Review, National Bureau of Economic Research, Massachusetts, Vol 87, pp. 18-14.
Levy.s. (1996). Build, Operate, Transfer: Paving the Way for Tomorrow’s Infrastructure.
Rod Gameson and Stevie Rowlinson Marcus Jefferies. (2002). Critical success factors of the BOOT procurement system: reflections from the Stadium Australia case study.
Walker, s. (1995). Privatized Infrastructure: The BOT approach Reprint. Thomas Telford Publishing; Reprint edition (January 1, 1995).
احمد حسان الغندور. (1998). التحكيم في العقود الدولية للانشاءات . القاهرة: دار النهضة العربية.
احمد رشاد محمود سلام. (2004). عقد الإنشاء والادارة وتحويل الملكية (B.O.T) في مجال العلاقات الدولية الخاصة ،. القاهرة: دار النهضة العربية.
أسماء تخنوني. (8 أيار/ مايو, 2019). تقييم تجربة الجزائر في اشراك القطاع الخاص بواسطة النماذج التمويلية الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة (عقد البناء، والتشغيل ونقل الملكية نموذجًا). تاريخ الاسترداد 26 كانون الأول/ ديسمبر, 2020، من مركز جيل البحث العلمي: https://jilrc.com
إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية. (3إلى14 حزيران/ يونيو, 1992). Rio_1992_A_CONF.151_26_(Vol. I)-AR.pdf. تاريخ الاسترداد 25 12, 2020، من www.hlrn.org: https://www.hlrn.org/img/documents/Rio_1992_A_CONF.151_26_(Vol.%20I)-AR.pdf
الأمم المتحدة. (1992). اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. تاريخ الاسترداد 25 كانون الأول/ ديسمبر, 2020، من unfccc.int: https://unfccc.int/sites/default/files/convarabic.pdf
الجمعية العامة للأمم المتحدة. (31 آذار/ مارس, 2010). United Nation. تاريخ الاسترداد 31 كانون الأول/ ديسمبر,2020، من undocs.org: https://undocs.org/ar/A/RES/64/236
الدستور. (6 أيار/ مايو, 2018). «تكلفته 20 مليار دولار».. أبرز الحقائق عن «نفق المانش». تاريخ الاسترداد 26 كانون الأول/ ديسمبر, 2020، من akhbarak.net: https://akhbarak.net/news/2018/05/06/15606352/articles/30953953
الياس نصيف. (2011). العقود الدولية( عقود البوت). بيروت: منشورات الحلبي الحقةقية.
أنس السيد عطية. (1996). ضمانات نقل التكنولوجيا من الوجهة القانونية. الفاهرة: دكتوارة جامعة عين شمس.
براق محمد، و عبد الحميد فيجل. (2018). عقد البوت(BOT)كألية شراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشروعات البنية التحتية-إشارة إلى تجار غربية وعربية. مجلة الدراسات الاقتصادية المعاصرة، صفحة 5.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول العالم. (2020). برنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى الدول العربية. تاريخ الاسترداد 25 كانون الأول/ ديسمبر, 2020، من www.arabstates.undp.org: https://www.arabstates.undp.org/content/rbas/ar/home/sustainable-development-goals.html
جابر جاد نصار. (2002). المناقصات العامة في القانونين المصري والفرنسي والقانون النموذجي للامم المتحدة اليونسترال ، دراسة مقارنة . القاهرة: دار النهضة العربية .
جابر جاد نصار. (2002). عقود البوت والتطور الحديث لعقد الالتزام. القاهرة: دار النهضة العربية.
جريدة الأنباء. (22 حزيران/يونيو, 2014). هل يرفع قانون الـــ B.O.T الجديد الضررعن القطاع الخاص. جريدة الأنباء الكويتية.
حمدى عبد العظيم. (2001). عقود البناء والتشغيل والتحويل بين النظرية والتطبيق. مركز البحوث بأكاديمية البحوث الإدارية، صفحة 12.
دريد محمود السامرائي. (2006). الاستثمار الأجنبي المعوقات، والضمانات القانونية. مركز دراسات الوحدة العربية .
دونانو رومانو. (2003). الاقتصاد البيئي والتنمية المستدامة. المركز الوطني للسياسات الزراعية، وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. دمشق، سوريا.
رضوان أحمد الحاق. (1978). حق الإنسان في بيئة سليمة في القانون الدولي. القاهرة: رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة.
سعد بن سعيد الذيابى. (28-26 أب/ أغسطس, 2014). التحكيم فى عقودالإنشاءات الدولية البوت BOTطبقا للأنظمة السعودية. تاريخ الاسترداد 26 كانون الأول/ ديسمبر, 2020، من www.scribd.com: https://www.scribd.com/document/402231098/
سهيل قماز. (2014/2013). تفعيل التأمين الهندسي للإنشاءات المرتبطة بصيغة تمويل المشروعات الكبرى” Project finance“. الجزائر: ماجسيتر/ جامعة سطيف.
طارق عبد الرازق العدساني. (2016). النظام القانون لعقدB.O.T وفقا للتشريع الكويتي بالمقارنة بالقانون المصري والقانون المقارن. الاسكندرية: دكتوارة جامعة الاسكندرية.
عبد الرحمن محمد عبد الرحمن. (2007). التنمية البشرية ومعوقات تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، التنمية البشرية وأثرها على التنمية المستدامة. القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية.
عبد الرحيم محمد سعيد. (2002). النظام القانوني لعقود البترول . دكنوارة، حقوق القاهرة .
عبد اللطيف محمد نايف. (بلا تاريخ). دراسة فى عقود التزام المرافق العامة البوت(B.O.T) البناء والتشغيل والتحويل( نقل الملكية). العراق.
عبد الله بن جمعان الغامدى. (أغسطس, 2007). التنمية المستدامة بين الحق فى استغلال الموارد الطبيعية والمسؤلية فى حماية البيئة. مجلة جامعة الملك عبد العزيز مركز النشر العلمي، صفحة 10،9.
عثمان محمد غنيم وماجدة أبو زنط. (2005). التنمية المستدامة، فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها. عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع.
عصام أجمد البهجي. (2014). الطبيعة القانونية لعقودBOT. القاهرة: دار الفكر الجامعي.
عصمت عبد الله الشيخ. (2000). التحكيم في العقود الادارية ذات الطابع الدولي . القاهرة: دار النهضة العربية.
على الغزاوي، سهير الخطيب، عبد السلام النعيمات. (1996). البناء والتشغيل ونقل الملكية. الأردن: مركز تكنولوجيا الحاسوب والتدريب والدراسات الصناعية.
فريد النجار. (2006). إدارة الأعمال الدولية والعالمية استيراتيجيات الشركات عابرة القارات الدولية ومتعددة الجنسية والعالمية. الاسكندرية: الدار الجامعية.
لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي. (1996). الأعمال المقبلة المتعلقة بمشاريع البناء والتشغيل ونقل الملكية. نيويورك: لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي-الدورة29.
ماجد راغب الحلو. (2009). العقود الإدارية. الاسكندرية: دار الجامعة الجديدة.
محمد أديب الحسيني. (بلا تاريخ). عقودB.O.T المفهوم والخصائص وبعض مشكلات التطبيق. تاريخ الاسترداد 2020 كانون الأول/ديسمبر, 26، من www.mohamah.net: https://www.mohamah.net/law
محمد بهجت قايد. (2000). اقامة المشروعات الاستثمارية وفقا لنظام ال B.O.T. القاهرة: دار النهضة العربية.
محمد صافي يوسف. (2007). مبدأ الاحتياط لوقوع الأضرار البيئية، دراسة في إطار القانون الدولي. القاهرة: دار النهضة العربية.
محمد عبد الشفيع عيسى. (2008). مفهوم ومضمون التنمية المحلية ودورها العام في التنمية الإجمالية. مجلة بحوث اقتصادية عربية، العددان44،43 ، صفحة 156.
محمد كامل عارف. (1989). اللجنة العالمية للبيئة و التنمية، مستقبلنا المشترك. الكويت: سلسة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
محمد محمد عبد اللطيف. (1999). التطورات المعاصرة للمرافق العامة الاقتصادية. مجلس النشر العلمي، لجنة التأليف والتعريب والنشر.
محمد محمود عبد الله يوسف. (بلا تاريخ). لمخاطر الاقتصادية والمالية لمشروعات الـB.O.T مع التعرض لتجارب عربية. تاريخ الاسترداد 26 كانون الأول/ ديسمبر, 2020، من Cairo University Scholars: https://scholar.cu.edu.eg
محمود محمد فهمي. (يناير،ابريل, 2001). بحث في عقود الـB.O.T وتكييفها القانوني ، مجلة مصر المعاصرة . مجلة مصر المعاصرة ، صفحة 8.
مصطفى كمال طلبة. (1995). برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنقاذ كوكبنا. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
ملف مشاريع ( B.o.t ) في الكويت. (9 تموز/ يوليو, 2006). ملف مشاريع ( B.o.t ) في الكويت. تاريخ الاسترداد 26 كانون الألو/ ديسمبر, 2020، من الشبكة الوطنية الكويتية : https://www.nationalkuwait.com/forum/index.php?threads/69/
هاشم عوض عبد المجيد. (بلا تاريخ). الصيغ القانونية ودورها فى جذب التمويل للخدمات والمرافق البلدية. الرياض: دار البسام.
هاني صلاح سرى الدين. (بلا تاريخ). الفلسفة التمويلية والتعاقدية لمشروعات البنية الأساسية عن طريق القطاع الخاص. ورقة مقدمة فى الدورة التدريبية حول إنشاء المشروعات بنظام BOT، دورة القاهرة. جدة، السعودية.
هاني صلاح سري الدين. (1999). الاطار القانوني لمشروعات البنية الأساسية التي يتم تمويلها عن طريق القطاع الخاص بنظام البناء والتملك والتشغيل والتمويل . مجلة القانون والاقتصاد، العدد69، صفحة 174.
هشام صادق. (1995). القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية ، منشاة المعارف بالاسكندرية . الاسكندرية: منشاة المعارف.
وائل محمد اسماعيل. (2011). المشكلات التى تثيرها عقودBOT وما يماثلها. الاسكندرية: دار الجامعة الجديدة.
يوسف محمود وعدنان العربيد. (2008). نظام البناء والتشغيل والتحويل BOT. مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية ، الصفحات 194-193.