أ.د. براء منذر كمال عبداللطيف – كلية الحقوق –جامعة تكريت
braa_munther@yahoo.com
009647701768884
د. نورس رشيد طه
كلية الحقوق –جامعة النهرين
nawras.rasheed@gmail.com
009647906702569
المستخلص:-
يشكل العنف ضد المرأة ظاهرة خطيرة تنال من من أمن وأستقرار الاسرة من جهة وأمن و استقرار المجتمعى من جهة أخرى , كون أن دور المرأة يشغل حيزاً كبيراً في المجتمع فهي المربية وهي المعلمة وهي المنظمة لشؤون الحياة , إذ قد يقوق دورها في بعض الاحيان دور الرجل في تنظيم و إدارة الشؤون المنزلية , فضلاً عن دورها القيادي في تسيير الأمور الإدارية أو الشؤون السياسية في البلاد , فالمرأة نصف المجتمع أن صلحت صلح المجتمع و أن فسدت فسد , إذ يعد العنف أهم صور أفساد الدور القيادي والتنظيمي والتوجيهي والتعليمي والريادي للمرأة , وعليه يجب القضاء على العنف وبكافة صوره وأشكالية حتى لا تنعكس آثاره سلبياً على الدور العظيم الذي تؤديه المرأة , فعلى الرجل مراعاة واحترام دورها الاساسي في بناء المجتمع ليحيا المجتمع في أمن وسلام بعيداً عن التوترات والخلافات التي ستؤثر وبلا شك سلباً على تنشئة الأفراد بأن يكونوا أعضاء صالحين في المجتمع الصالح .
الكلمات المفتاحية
المرأة ، عنف ، اسرة ، قانون ، عقوبات
The role of criminal law in protecting women from
domestic violence
Prof. Dr Braa Munther Kamal Abdul Latif
Faculty of Law – Tikrit University
Dr. Nawras Rashid Taha
Faculty of Law – Al-Nahrain University
Abstract
Violence against women is a serious phenomenon that undermines the security and stability of the family and the security and stability of society. Since the role of women occupies a great deal of space in society, she is the educator and she is the educator and the organizer of life. In some cases, the role of men in the management and management of domestic affairs may be enhanced. as well as its leading role in the management of administrative or political affairs in the country, women are half of society if they reform society and if they are corrupted. Violence is the most important form of corruption of women’s leadership, organization, orientation, education and leadership; Violence must therefore be eliminated in all its forms so that its effects do not negatively affect the great role played by women. Men must respect and respect their fundamental role in building society so that society can live in peace and security, free from tensions and differences that will undoubtedly hurt the upbringing of individuals by being good members of a good society.
key words
Women, Violence, Family, Law, Penalties
1-مـــــــــقدمــــــــــــة
1-1-:أهمية البحث ومسوغات اختياره :-
يعد العنف الاسري بشكل عام ، والعنف ضد المرأة بشكل خاص من الموضوعات التي شغلت فكر المختصين في الآونة الاخيرة نتيجة زيادة التطرف في المجتمع الدولي بشكل عام واتساع نطاقه بشكل غير ملحوظ سابقاً .
والعنف الاسري ضد المرأة موجود في الكثير من المجتمعات بنسب متفاوتة ولكنه ينتشر في المجتمعات المنغلقة وذات الثقافة الشمولية، ويتجسد في ممارسة الضغط أو العنف بصورتيه المادية أو المعنوية ضد فرد من افراد الاسرة بشكل خاص وعلى الأناث بشكل خاص .
وبالرغم من أن الشرائع السماوية و المواثيق الدولية وفي مقدمتها اتفاقية سيداو قد اكدت على حماية حقوق المرأة ،غير أن العنف ضدها لا يزال مستمراً.
ومن هنا تنبع أهمية البحث فحماية حقوق المرأة , ضماناً لحماية كيان الأسرة , وهو ركيزة أساسية في تحقيق الاستقرار والأمن في المجتمع .
1-2 : مشكلة البحث :-
وتكمن مشكلة الموضوع محل البحث في بيان مدى كفاية التشريعات العراقية بتوفير الآليات لمجابهة الأفكار المتطرفة الدافعة التي تهميش دور المرأة واضطهادها و أستخدام وسائل العنف ضدها . و لكي يتحقق العنف الاسري ،فيشترط ابتداءً أن يقع اعتداء من الجاني على المجنى عليه ، وان يكون كلاهما من أسرة واحدة .فإذا كان السلوك مباحاً قانوناً كتأديب الأطفال والزوجة في حدود ما هو مقرر قانوناً وشرعاً وعرفاً فلا يعد من جرائم العنف الاسري.لأن استعمال الحق هو أحد أسباب الإباحة التي وردت في نص المـادة (٤١ ) من قانون العقوبـات رقم( 111 ) لسنة 1969 ( المعدل ) . وأن هذه المادة تتسبب باعتماد أسلوب المصالحة بين الطرفين لإنهاء النزاعات الاسرية بسبب توافر الاباحة وهذه المصالحة تؤدي إلى إعادة الأطفال إلى وسط عنيف ومضطرب بدون ضمانات حقيقية بعدم تكرار حالة العنف.
كما أن مشكلة الموضوع محل البحث تأتي من أتساع نطاق ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمع العراقي , والتي باتت متغلغلة في نفوس الإفراد بإعتبارها عادة صحيحة , لا إشكال في اتباعها , و أن استخدام العنف ضد و الفتيات و النساء وغيرهم ( الأطفال والمسنين والخدم ) , أمرٌ طبيعي , وبهذا الخصوص تُثار الأسئلة الآتية :-
- هل أن الفتيات والنساء على قدر كافي من الوعي الذي يمكنهن من الدفاع عن أنفسهن ضد العنف الموجه إليهم من قبل أخوتهن أو أباءهن أو أزواجهن .
- هل كان المشرع العراقي موفقاً في تنظيم مسألة الحد من العنف ضد المرأة .
- هل أن هناك نصوص قانونية مباشرة تعالج ظاهرة العنف ضد المرأة .
- هل أن العادات والتقاليد المتوارثة بخصوص تعنيف المرأة صحيحة , وأن من حق الرجل ممارسة العنف ضد نصفه الآخر في المجتمع .
- هل تعتبر دعاوى العنف ضد المرآة من الدعاوى الخاصة أم العامة.
1-3 منهجية البحث : –
سنتبع في مضامين بحثنا وخلال البحث المنهج التحليلي لنصوص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 ( المعدل) , وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 ( المعدل ) . و بهاذين الجانبين يتحدد نطاق بحثنا , وبغية الربط بين الجانبين النظري والعملي سنعزز بحثنا بمجموعة من القرارات القضائية الحديثة فضلاً عن الاحصائيات الخاصة بجرائم العنف الأسري .
1-4 : حدود البحث:-
يتحدد نطاق بحثنا بالجانبين الموضوعي والشكلي , أذ ستكون دراستنا وفق نصوص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل .
1-5: أهداف البحث :-
- نهدف من خلال بحثنا إلقاء الضوء على ظاهرة إجتماعية خطيرة , لدراسة أسبابها و آثارها وما يترتب عليها ضد المجتمع والأفراد .
- بغية إيجاد الحلول القانونية والتدابير المناسبة للحد من الظاهرة محل البحث .
- إلقاء الضوء على الحماية القانونية للمرأة التي تضمنها قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 ( المعدل) .
1-6 : فرضية البحث :-
فرضية الموضوع محل البحث تتحدد بكونها ظاهرة لها أساسها في كل من قانون العقوبات العراقي وقانون أصول المحاكمات الجزائية , لذا سنبحث على وفق ذلك الاساس لإبراز النصوص والتدابير القانونية المناسبة , بغية الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة , وفقاً لما ورد بنصوص القوانين المذكورة .
1-7 : هيكلية البحث :-
وعلى هدي ما تقدم فإن بحثنا سينقسم على قسمين ، نخصص الأول للبحث في مفهوم العنف الاسري ضد المرأة , أما الثاني فسنخصصه للبحث في الاطار القانوني لمناهضة العنف ضد المرأة ، ثم نختم بحثنا بخاتمة تتضمن أهم الاستناتجات والتوصيات.
2- مـــــاهية الــــــــــعنف
ماهية الشيء تعني الاستفسار عن الشيء موضوع البحث , أي بمعنى ما هو وما المقصود منه , وما هي الأشياء المؤدية إليه , أي أن الماهية تتسع لكل تفصيلات الموضوع والتي سنبينها تباعاً.
2-1 -تعريف العنف و شروط تحققه
سنخصص هذه الفقرة الفرعية للبحث في مدلول العنف ومسبباته من خلال تقسمه على نقطتين وكالآتي :-
2-1-1-مدلول العنف
يتمثل العنف ضد المرأة باستعمال القسوة معها سواء كان الاستعمال بصورة قولية من خلال إطلاق العبارات أو الالفاظ الساخرة أو اصدار القذف أو السب بحقها, أي من خلال استخدام القوة المعنوية وتوجيهها ضد المجني عليه أو قد يكون الاستعمال بصورة فعلية من خلال استخدام القوة المادية ضد المجني عليها عن طريق الضرب .
عرف العنف بعدة تعريفات منها هو ” استخدام القوة الجسدية بقصد الإيذاء أو الإضرار “(الغالبي رامي ، 2019) .
كما عرف العنف بأنه ” استغلال الجاني لأسباب الإباحة في التأديب استغلالاً من شأنه أن يلحق بالمُعنف ضرراً جسيماً تعكس آثاره مدى العدوانية والاضطهاد الذي يصيب المعنف لعدم تكافئ القوة و ضعف موقفه البنيوي و الاجتماعي “”(الغالبي رامي ، 2019).
وفقاً لما تقدم يمكننا أن نضع تعريفاً بهذا الخصوص فيقصد بالعنف ” أستخدام القوة المادية أو المعنوية ضد المستضعفين لغرض الحط من كرامتهم و حرمانهم من حقوقهم التي حرص الدستور على كفالتها والقانون على حمايتها من أي إعتداء ينال منها ” .
تعد المفرزات النفسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية و السياسية من الأسباب الداعية إلى زيادة الترقم العددي لقضايا العنف الأسري(جواد ليث ، 2021) .
2-1-2-شروط تحقق العنف
سنبين شروط تحقق العنف وكالآتي :-
2-1-2-1-وقوع الاعتداء :
لكي يتحقق العنف الاسري ،فيشترط ابتداءً أن يقع اعتداء من الجاني على المجنى عليه و أن يكون كلاهما من أسرة واحدة .فإذا كان السلوك مباحاً قانوناً كتأديب الأطفال والزوجة في حدود ما هو مقرر قانوناً وشرعاً وعرفاً فلا يعد من جرائم العنف الأسري لأن استعمال الحق هو احد أسباب الإباحة حيث ورد النص عليه في المـادة ٤١ من قانون العقوبـات رقم 111 لسنة 1969 ( المعدل )،حيث ان القانون اقر لأشخاص معينين حقوقاً معينة واجاز لهم القيام ببعض الأفعال من اجل ممارسة حقوقهم تلك وقد خصهم بالذكر،و رتب نتيجة على ذلك تتمثل برفع الـصفة غيـر المشروعة عن الفعل إذا وقع الفعل استعمالاً لتلك الحقوق وبالتالي فان الفعل لا يشكل فعـل غير مشروع ،وان كان الفعل في الاصل جريمة إذا وقع من غيرهم كما هو الحال بالنـسبة لتأديب الرجل لزوجته وأولاده..كما لا يعد السلوك جريمة عنف أسري وإنما جريمة عادية , إذا وقع بين شخصين لا تربطهما علاقة أسرية.
2-1-2-2- توافر قصد الايذاء :-
أن العنف الاسري لا يقتصر على الشروط المادية، و إنما يمتد ليشمل شروطاً معنوية متمثلة بضرورة توافر قصد الايذاء ، فتجتمع بذلك العناصر المادية والمعنوية لتتحقق جريمة العنف الأسري. لذا لابد من توافر قصد الإيذاء في جميع أنواع العنف سواء كان جسدياً أو معنوياً أو جنسياً , لتكون مسؤولية المٌعنِف متحققة , أما إذا كان قصد الإيذاء منتفياً وكان الغرض من التعنيف هو التأديب حصراً , فلا مسؤولية على مرتكب التعنيف وهذا بحسب وجهة نظر المشرع العراقي التي بينها في المادة (41) من قانن العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 (المعدل) والتي نصت على ” لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالاً للحق : 1- تأديب الزوج زوجته …… في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً .
2-2-أنواع العنف
تتعرض المرآة لثلاثة أنواع من العنف فقدي يكون جسدياً أو معنوياً أو جنسياً , والتي في النقاط الآتية :-
2-2-1 العنف الجسدي
أول صور الاعتداء في جرائم العنف الاسري ،وأكثرها شيوعاً هو الاعتداء الجسدي أو العنف البدني .فالعنف الجسدي :هو السلوكيات التي تتصف بإساءة المعاملة الجسدية مثل اللكم ، أو العض ، أو الحرق ، أو أية طريقة أخرى تؤذي الطفل ، وقد لا يقصد الأب أو ولي الأمر إلحاق الأذى بالطفل ، وقد تكون الإصابة من خلال المبالغة في التأديب ، أو العقاب البدئي غير المناسب لعمر الطفل ، وتشمل إساءة المعاملة الجسدية أستخدام القوة غير المناسب والمؤذي للنمو ، إن كمية الإصابة الجسدية ليست مهمة بقدر ما يرافقها من معنى ، وقد يشفي الأذى الجسدي ، إلا أن الأذى الانفعالي الناجم عن سوء المعاملة يبقى لفترة أطول، إن استخدام القوة من الأهل ضد الأطفال يعكس مزيجاً من معتقد ملكية القوة كأداة للتربية ، وقلة البدائل الفعالة ، وزيادة التوتر الانفعالي في الأسرة ، وغالباً ما يرتبط العنف الجسدي بمستوى الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الطفل ، وكذلك نمط شخصية الوالدين ، ومستواهم الثقافي(كاتبي محمد ، 2012).
2-2-2-العنف النفسي
لا يشترط في العنف الاسري ان يكون عنفاً جسدياً يمس جسد الضحية المعنفة ، و إنما يمتد إلى جرائم ذات أثر نفسي ،إذ يتجسد العنف النفسي بكل الضغوط النفسية التي تمارس ضد المعنف بغية اجباره علـى القيام بعمل او الامتناع عنه. ومن صوره الإيذاء اللفظي والذي هو عبارة عـن كـل مـا يؤذي مشاعر الضحية من شتم وسب أو أي كلام يحمل التجـريح ، أو وصـف الـضحية بصفات مزرية مما يشعره بالامتهان أو الانتقاص من قدره ( تكليف نافع ، 2015).
2-2-3-العنف الجنسي
إن العلاقات الأسرية يجب أن يسودها الاحترام ، و أن تقوم على أساس الحماية من مختلف أنواع العنف ، غير أن ظاهرة العنف الجنسي أصبحت تزداد في السنوات الأخيرة بين أفراد الأسرة الواحدة . والعنف الجنسي هو تصرف جنسي بين طرفين ( من أفراد أو مجموعة ) إذ يكون واحد منهم مستغلاً لتحقيق وتلبية المآرب الجنسية لدى الآخر . الحديث هنا عن تصرف العنف الأسري غير القانوني ، الذي يتم بعكس رغبة الضحية وبدون الحصول على موافقته أو موافقتها بطريقة الخداع ، أو الإقناع بالحصول على مردود معين ، أو بطريقة عدوانية ، أو مستغلة ، أو مبتزة ومهددة ، إذ تسبب هذه العملية حرمان الفتاة من العلاقة العاطفية والجنسية السوية في المستقبل ، وتعرضها لأخطار جسمية جسيمة .
تعد جرائم الاغتصاب من أكثر أشكال العنف التي يتم التكتيم عليها من المرأة ومن أسرتها ولا تلقى ترحيباً من المجتمع ، وموضوع الجنس من الموضوعات التي لا يحبذ مناقشتها في المجتمع العربي ، وأن الخوض في هذا الموضوع يعتبر خروجاً على الأخلاق العامة ومساساً بالأعراف التي تحكم هذا الموضوع وتديره(حنتوش عاتكة، 2018).
3-موقف المشرع من العنف ضد المرأة
لبيان موقف المشرع العراقي من العنف الأسري سنبين موقف قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 ( المعدل) , ثم قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل , وكالآتي :-
3-1-موقف المشرع وفق نصوص قانون العقوبات النافذ
لم ينظم المشرع في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 (المعدل) الجرائم المتعلقة بالعنف ضد المرآة بشكلٍ مباشر , و أنما نظمها بشكلٍ غير مباشر .إلا أن المشرع قد خصص بعض النصوص في جزء منها للأنثى وخصص الجزء الآخر للذكر بشكل واضح وصريح , في نصوص متفرقة وهي :-
- أولاً : ما يتعلق بالجرائم المخلة بالأخلاق و الآداب العامة كما أسماها المشرع العراقي والتي ضمنها في النصوص القانونية من (393- 397) ,
- ثانياً : الجرائم المتعلقة بالفعل الفاضح :التي عالجها المشرع في المواد (400- 403) , إذ تمثل هذه الجرائم نموذجاً للعنف الجنسي .
- ثالثاً :الجرائم المتعلقة بالإجهاض و حق الأمومة: التي نظمتها المواد (417- 419) و جريمة أبعاد الطفل عن أمه التي نظمها القانون في المادة (381) و جريمة الحرمان من حق الحضانة أو الحفظ للطفل المقرر بموجب قرار أو حكم قضائي .الذي نظمته المادة (382) و التي تمثل صورة العنف ضد حق المرآة في الأمومة أو حرمانها من الأمومة.
رابعاً : الجرائم الماسة بحرية المرآة : إذ جرم المشرع سلوك الخطف في المواد (422 و 423) .
خامساً :جرائم الزنا والتحريض عليه : تشكل جريمة الزنا صورة من صور العنف المادي الذي يمارسه الزوج بحق زوجته فقد أعتبر المشرع العراقي الزنا في منزل الزوجية جريمة بحسب ما ورد في المادة (377/ 2) . كما أن التحريض على الزنا يشكل صورة من صور العنف المادي والمعنوي على حدٍ سواء نتيجة ما يترتب عليه من آثار سلبية من شأنها المساس باخلاقيات الزوجة وتحريضها على الفجور بالإضافة للعنف المادي الجنسي الواقع عليها بسبب ذلك التحريض فقد تنحدر الزوجة إلى ذلك الطريق غير الأخلاقي كونها تخاف من تعنيف الزوج الموجه ضدها فترتكب الرذيلة للخلاص من العذاب الجسماني و المعنوي أو أحدهما وقد نصت على جريمة التحريض المادة (380) من قانون العقوبات النافذ .
سابعاً :جريمة الزواج من امرأة بعقد باطل : ويشترط لذلك أن لا تعلم المرآة بأن عقد الزواج باطل, أذ تشكل هذه الجريمة صورة من صور العنف المادي والمعنوي أيضاّ لأن ذلك الأمر والمتمثل بصورة الخداع سيدخلها بحلقة من الألم أو الضرر النفسي والذي قد يكون أشد بطبيعته من الضرر المادي والمتمثل بالزواج منها بصورة غير شرعية بحسب ما ورد في المادة (376) .
ثامناً: الجرائم المتعلقة بالسلامة الجسدية : كجرائم القتل و الضرب و الايذاء . تاسعاً : الجرائم الماسة بالسمعة : كجرائم السب والقذف .
عاشراً : الجرائم المتعلقة بالملكية أو جرائم الأموال : كجريمة السرقة وخيانة الامانة والاحتيال , إذ تعد هذه الجرائم من صور العنف المادية الموجهة ضد المرآة .
وقد أثارت المادة (41/ 1) جدلاً كبيراً حول اباحة المشرع لحق التأديب , فهنا يعتقد البعض بأن المشرع قد سمح للآباء والمعلمين بتعنيف الأولاد و للزوج بتعنيف زوجته مخالفاً بذلك لقوله تعالى في سورة النساء الآية (34) «وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} ، أي بحسب وجهة نظرهم يرون بأن المشرع العراقي قد جعل الضرب فعلاً مباحاً يستخدمه الرجل سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً أو معلماً ضد الانثى وقتما شاء وكيفما شاء , إلا أن المشرع قد آخذ بما أقرته الشريعة السمحاء , إذ أنها آباحت الضرب بشروط , كم إنها جعلته المسلك الآخير , و أن يتم اللجوء إليه في حالة ما إذا كانت الزوجة ناشز أي بحالة من التكبر والارتفاع على زوجها فقد بين الحكم الشرعي الخطوات الوقائية للحفاظ على كيان الأسرة من الانهيار , و الإبقاء على ديمومتها وصيانتها من التفكك والإنحلال من خلال قيام الزوج بوعظ المرأة فأن لم تتعظ , فيعمل على هجرها في المنزل من دون أن يتكلم معها فأن لم ترضخ له , فله اللجوء إلى الضرب بشرط أن يكون ضرباً صورياً أو رمزي غير مبرحاً، و أن يكون بقصد التأديب لا بقصد الانتقام للحفاظ على كيان الأسرة وهو بثباتٍ و استقرار .
3-2-موقف المشرع وفق نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية
بين المشرع العراقي في نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 ( المعدل) الإجراءات الخاصة بتحريك الدعوى , عن طريق الشكوى والإخبار والتي يتم توكيدها عن طريق الاعتراف أو الشهادة أو الخبرة وغيرها من القرائن المتعلقة بإثبات الحق المدعى به أو نفيه , فضلاً عن إجراءات التحقيق المتخذة من قبل القاضي أو من يمنحه القانون الحق بذلك و إجراءات التفتيش التي يقوم أعضاء الضبط القضائي كلُّ بحسب وظيفته وصفته .
إذ تعد دعوى العنف ضد المرأة من الدعاوى الخاصة التي لا يجوز تحريكها إلا من قبل المجني عليه أو من يقوم مقامه , وهذا ما بينته المادة (3) من القانون المذكور آنفاً والتي نصت على ” أ- لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية إلا بناءً على شكوى من المجنى عليه أو من يقوم مقامه قانوناً في الجرائم الآتية :- 1- زنا الزوجية أو تعدد الزوجات …… . 2- القذف أو السب أو إفشاء الأسرار أو التهديد أو الإيذاء ….. 3- السرقة أو الاغتصاب أو خيانة الأمانة أو الاحتيال أو حيازة الأشياء المتحصلة منها إذا كان المجني عليه زوجاً للجاني أو أحد أصوله أو فروعه …. 7- الجرائم الأخرى التي ينص القانون على عدم تحريكها إلا بناءً على شكوى من المتضرر منها “.
واستناداً لنص الفقرة (7) من المادة الثالثة المذكورة أنفاً لا يجوز تحريك دعوى الزنا ضد أي من الزوجين أو أتخاذ أي إجراء فيها إلا بناءً على شكوى الزوج الآخر استناداً لاحكام المادة (377) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 (المعدل) . أي أن الشكوى لا تجوز إلا من المتضرر حصراً وهو الزوج بالنسبة لجريمة زنا الزوجية كما أن الشكوى بخصوص جريمة الزنا لا تقبل في ثلاثة حالات وهي :-
- إذا قدمت الشكوى بعد ثلاثة أشهر من العلم بها , أو زوال العذر القهري الذي حال دون تقديمه .
- إذا رضي الشاكي باستثناء الحياة الزوجية على الرغم من علمه بجريمة الزنا.
- إذا ثبت أن الزنا تم برضاء الشاكي .
ومن الجدير بالذكر فإن الاعتداء والعنف الاسري يخضع لذات النصوص المقررة في قانون العقوبات لعدم وجود قانون للعنف الاسري لحد الآن وعدم إقرار مشروع قانون العنف الاسري ، غير أنه و من الناحية الاجرائية فإن مجلس القضاء الأعلى العراقي قد بادر إلى استحداث محاكم للعنف الاسري ، غير أن هذه المحكمة لا تختلف اجراءاتها عن ما هو مقرر في قانون أصول المحاكمات الجزائية(عبداللطيف سرى ، 2020) .
وقد أكدت محكمة التمييز الاتحادية في أحد قراراتها (القرار رقم 495/ الهيئة الموسعة الجزائية / 2021 , بتاريخ 30/6/2021 ) بأن الدعوى الخاصة بجرائم العنف الأسري يجب أن تكون داخل نطاق الأسرة , وقد عرفت الأسرة بأنها هي ” الرابطة الاجتماعية الصغيرة المكونة من الزوج والزوجة وأولادهم أو الأفراد الذين تجمع بينهم صلة القرابة والرحم ضمن مكان واحد , وعليه وبما أن الدعوى المرفوعة من المشتكي قد وقعت خارج نطاق الأسرة لذا فأن المحكمة المختصة بنظر القضية هي من اختصاص محكمة تحقيق الكرخ الثالثة , وليس من اختصاص محكمة تحقيق الكرخ المختصة بنظر قضايا العنف الأسري .
علماً أن النظر في قضايا العنف الاسري يعود الى المحاكم المختصة (مكانياً او وظيفياً) وذلك استناداً الى البيان رقم (69) لسنة 2017 الصادر عن مجلس القضاء الاعلى .كما قامت وزارة الداخلية وبناءً على توصية اللجنة العليا لحماية الاسرة المشكلة بموجب الأمر الديواني (80) لســنة 2009 باستحداث مديرية حماية الاسرة والطفل من العنف الاسري , أذ أصبحت هذه الدائرة أحدى مؤسسات وزارة الداخلية , وتضم حالياً مقر المديرية و (16) قسم , أثنان في بغداد الكرخ والرصافة وقسم في كل محافظة وتختص هذه المديرية بقضايا العنف الاسري وهو الاعتداء الجسدي او الجنسي او النفسي او الفكري او الاقتصادي الذي يرتكب او يهدد بأرتكابه مــن أي فرد مـــن أفراد الاسرة ضـــــد الآخــــــر ويكون أمــــا (جنحة أو جناية أو مخالفة ) وفقاً للقانون ، كما ان واجبات مديرية حماية الاسرة والطفل من العنف الاسري هي :-
1- استقبال الشكاوي والاخبارات على مدار 24 ساعة وتكون بالطرق التالية :-
أ. تسجيل الشكاوي عند حضور المعنف أو المعنفة إلى القسم .
ب. استلام القضايا المحالة إلى أقسام حماية الأسرة من المراكز والجهات التحقيقية الأخرى.
ج. تلقي الإخبار من المستشفيات والمدارس والجهات الحكومية الأخرى عند علمهم بحصول عنف اسري
2- إجراء المقابلة مع المعنفات والمعنفين من قبل ضباط متخصصين مع مراعاة جنس الضحية حيث يتم مقابلة النساء من ضباط من العنصر النسوي في غرفة معدة لهذا الغرض ومقابلة الرجال من ضباط من العنصر الرجالي.
3- القيام بإرسال الضحايا إلى الفحص الطبي ومعالجتهم وربط التقارير الطبية التي تؤيد حصول أعتداء عليهم في القضايا التحقيقية.
4- إجراء الدراسات والبحوث العلمية في مجال العنف الأسري وتحليل البيانات الإحصائية لإعطاء مؤشرات في هذا الخصوص .
5- التدريب والتأهيل من خلال اعتماد الدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات المحلية والدولية التي يشارك فيها عدد من ضباط ومنتسبي المديرية من كلا الجنسين بالتعاون مع الدول والمنظمات الدولية والاستفادة من خبراتهم في هذا المجال. النسب المئوية التي تخص أنواع القضايا التحقيقية مصنفة حسب نوع الاعتداء داخل الأسرة والتي سجلت في أقسام حماية الأسرة والطفل مــــن العنف الأســري فـــــــي بغداد والمحافظات لعام 2014 .
نوع الاعتداء والنسب المئوية لعام2014 ولكل الأقسام
– اعتداء الزوج على الزوجة 54%
– اعتداء الزوجة على الزوج 7%
– الاعتداء مابين الإخوان والأخوات 5%
– اعتداء الأبناء على الأب والام 6%
– اعتداء الأب وإلام على الأبناء 12%
– أخرى تذكر 16%
– المجموع الكلي 100%
كما قرر مجلس الوزراء الموافقة على مشروع قانون مناهضة العنف الأسري لسنة 2019 , المدقق من قبل مجلس شورى الدولة , وأحالته الى مجلس النواب وهو الآن قيد الدراسة في مجلس النواب . وعرفت الفقرة ثالثا من المادة الأولى من مشروع القانون العنف الأسري بأنه (العنف الاسري: كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد باي منهما، يرتكب داخل الاسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي.) ووضع مشروع القانون الية مناسبة لحماية الضحية وانشاء دور الايواء كما وضع القانون اليه خاصة بالأخبار عن جرائم العنف الاسري واقامة الدعاوى استثناءً من الاختصاص المكاني , وبشان العقوبات فقد أحال القانون بذلك الى قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وغيره من القوانين ذات الصلة ( وزارة الخارجية العراقية ، 2016).
4-الخاتمة :
بعدما أنتهينا من البحث في موضوع ” دور القانون الجنائي في حماية المرآة من العنف الأسري, فقد توصلنا إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات والتي سنبينها على وفق فقرتين وكالآتي :-
4-1- الاستنتاجات :-
- أن العنف ضد المرأة جريمة نظمها المشرع العراقي بأكثر من صورة في متن قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 ( المعدل) .
- أن جريمة العنف ضد المرآة هو من الجرائم الشخصية التي لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية بشأنها إلا بشكوى من قبل المجني عليه أو من يقوم مقامه قانوناً.
- لم ينظم المشرع العراقي جريمة العنف ضد المرأة بشكلٍ مباشر وصريح .
- أن جرائم العنف الاسري قد أزدادت في المجتمع العراقي اسوة بمختلف دول العالم نتيجة لمآسي الحروب ، والأنفتاح على شبكات التواصل الإجتماعي بجانبيها الشيء والمفيد من دون رقابة أو تقييد.
- يشترط لتحقق العنف الأسري ، شرطين أساسيين هما وقوع الإعتداء من أحد أفراد الأسرة على شخص من ذات الأسرة ، وأن يكون هناك قصد جنائي لإيذاء الضحية (المجنى عليه).
- تتعدد صور الإعتداء في جرائم العنف الأسري ، فقد يكون العنف جسدياً أو نفسياً أو حتى جنسياً ، ويختلف التكييف الجرمي للسلوك بحسب موضوع الجريمة والنتيجة المتحققة والقصد الجنائي لدى مرتكبها.
- لم يشرع العراق قانوناً للعنف الاسري ، و إنما اكتفى المشرع بالنصوص الواردة في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ( المعدل ) ،غير أن المشرع في اقليم كوردستان سبق المشرع الاتحادي فاصدر قانوناً للعنف الأسري .
- من الناحية الاجرائية فإن مجلس القضاء الأعلى العراقي قد بادر إلى استحداث محاكم للعنف الاسري ، غير أن هذه المحكمة لا تختلف اجراءاتها عن ما هو مقرر في قانون اصول المحاكمات الجزائية .
4-2- التوصيات :-
- نوصي المشرع العراقي بأن يتولى تنظيم جريمة العنف ضد المرأة بشكلٍ مباشر وصريح .
- نوصي الجهات المسؤولة عن النشر والاعلان في القنوات الفضائية الرسمية بنشر فيدوات تعليمية تثقيفة تتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة .
- دعم المنظمات المجتمعية على عمل دورات تثقيفية توعوية من شأنها مناهضة العنف ضد المرأة من جهة و توعية المرأة المعنفة بحقوقها للوقف بوجه كل من يقوم بتعنيفها .
- نقترح على المشرع العراقي بتنظيم مسألة التعهد أي يكون الزوج الجاني ملزماً بكتابة تعهد بعدم التعرض لزوجته مرة ثانية و إلا سيكون ملزماً بدفع غرامة مالية عن عدم الالتزام بتعهده فضلاً عن التعويض المدني الذي يحق للزوجة المطالبة في المحاكم المدنية أو أمام المحاكم الجزائية عند تشكيها على الجاني المعنف لها سواء كان زوجها أو أحد أقربائها , أو غيرهم .
- بما أن مشروع قانون مناهضة العنف الأسري معروض على مجلس النواب منذ عدة سنوات ، فإننا ندعو أعضاء المجلس الذين تم انتخابهم إلى الإسراع في قراءة مشروع القانون مجدداً ، ومعالجة الثغرات الموجودة فيه ، ومن ثم إقراره للحد من أنتشار هذه الجرائم.
5-قائمة المصادر والمراجع
القرآن الكريم .
5-1 الرسائل و الاطاريح :-
- عبداللطيف سرى حاتم مجيد (2020) ،مجلس القضاء الاعلى ودوره في الدعوى الجزائية ،اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق بجامعة تكريت.
- الدوري عدي طلفاح محمد (2012), العلاقة الاسرية من منظور القانون الجنائي ،رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون بجامعة تكريت .
5-2: البحوث :-
- الغالبي رامي أحمد(2019) جريمة العنف الأسري و آلية الحد منها في جمهورية العراق بحث مقدم إلى وزارة الداخلية , دائرة العلاقات والاعلام , للمشاركة فيه ضمن سلسلة أبحاث الثقافة الأمنية الصادرة عن مكتب وزير الداخلية والخاصة بجرائم العنف الأسري في جمهورية العراق .
- حنتوش ،عاتكة عبدالله (2018) العنف الاسري، مجلة الجامعة العراقية،العدد35/2.
- كاتبي ،محمد عزت عريبي (2012) العنف الاسري الموجه نحو الابناء وعلاقته بالوحدة النفسية، مجلة دمشق،مجلد28،العدد الأول.
- تكليف نافع (2015) المواجهة الجنائية لجرائم العنف الاسري في التشريع العراقي ،مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الرابع، السنة السابعة2015 .
- وزارة الخارجية العراقية ،معلومات مقدمة من العراق في إطار متابعة الملاحظات الختامية بشأن التقرير الجامع للتقارير الدورية من الرابع إلى السادس للعراق للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بغداد، 2016.
5-3- المواقع الإلكترونية :-
- جواد , ليث ،العنف ضد الاطفال آفة تتفاقم برغم العقوبات الرادعة , مقال منشور على موقع جمهورية العراق مجلس القضاء الـأعلى , على الرابط https://www.hjc.iq/view.67347/ تمت الزيارة بتاريخ 10/12/2021.
5-4- القوانين :-
- القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 ( المعدل).
- قانون العقوبـات رقم 111 لسنة 1969 ( المعدل ).
- قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 ( المعدل) .