نوفمبر 22, 2024 7:07 م
ارهاب

م. د نور حسين جواد كاظم

جامعة الامام جعفر الصادق

Ecyj8593@gmail.com

009647811343381

الملخص   

اشارت جميع قرارات مجلس الامن والاتفاقيات الدولية الى الجرائم الاهاربية دون ايجاد الطريق الامثل او على الاقل  جدوى يصار لها لمعالجة تلك الجرائم اذ جميع القرارات والتصريحات باتت خالية من المعالجة والمسؤولية , اذ من الطبيعي والبديهي ان مرتكبي الارهاب اشخاص طبيعيين وبالتالي يحملون جنسيات دول معينة , اذ لكل دولة قاعدة بيانات عن مواطنيها والدولة تحدد افراد الشعب عن طريق الجنسية , فالجنسية رابطة روحية تحدد النسب السياسي للافراد , لذلك يجب تقرير المسؤولية الدولية لدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج, فالدولة كما توفر الحقوق لرعاياها عن طريق الجنسية يجب ان تتحمل المسؤولية عنهم من باب التقابل بين الحقوق والالتزامات .

اذ انطلاقا من سيادة الدول على مواطنيها في الخارج والداخل اعتمادا على معيار الجنسية , وحيث توجد السلطة توجد المسؤولية, فالدولة يجب ان تتحمل الجانب السلبي للسلطة وليس التعويل والاكتفاء فقط بالجانب الايجابي .

وبناء على اهمية دور الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية تناولنا هذا الموضوع بالبحث والتحليل والدراسة , وذلك عن طريق التعمق في السوابق التاريخية وقرارات مجلس الامن في استخدام الجنسية .

الكلمات المفتاحية:

الجنسية ، الدول ، الحقوق ، الالتزامات،  الارهاب .

 

“The role of nationality in determining the responsibility of states for the terrorist acts of their nationals”

A comparative study

Dr. Nour Hussein Jawad Kazem

Imam Jaafar Al-Sadiq University

Abstract

All Security Council resolutions and international conventions referred to terrorist crimes without finding the best or at least feasible way to deal with these crimes, as all decisions and statements have become devoid of treatment and responsibility. A state is a database of its citizens, and the state identifies the people by nationality. Nationality is a spiritual link that determines the political lineage of individuals. Therefore, the international responsibility of a state must be established for the terrorist acts of its nationals abroad. between rights and obligations.

Based on the sovereignty of states over their citizens abroad and at home, depending on the nationality criterion, and where there is authority, there is a responsibility, the state must bear the negative side of authority and not dependence and contentment only with the positive side

Based on the importance of the role of nationality in determining international responsibility, we dealt with this issue through research, analysis and study, by delving into historical precedents and Security Council resolutions on the use of nationality.

keywords:

Nationality, states, rights, obligations, terrorism

اهمية البحث:

لا يمكن التسوية من حيث الوصف او الاثر بين جرائم الارهاب  وبقية جرائم ذات البعد الدولي , اذ جرائم الارهاب ذات انعكاس اجرامي واسع مضمونه اعمال غير مشروعة تستهدف الانسان بصورة عامة مطلقة ، وان المجُتًمًعَ الدُوُلِي يمًرَ بمِرَحَلًة خَطُيرة آمَام تحَدَياتَ الارَهَاب وَحَيَث ان لكل دَوٍلة اقَليَم وسَلًطة وَشَعَب فَيَكوًن بِذَلًك عًلًى كُلَ مًنًها مَسًؤولُيِة قَانوُنيٌة تتَحَدَدَ ضَمَن مَنَطَقَة جًغَرافَيِة مُعَينِة.

مشكلة البحث:

انتشر الارهاب عمودياً في جميع دول العالم وتركزت اثاره افقياً في العراق, وقد تطرق مجلس الامن في قراراته للتصدي للإرهاب والارهابين, الا انه لم يضع العالج الشامل لهذه المشكلة, فلم يشير بأي قرار الى مسؤولية الدول التي ينتمي اليها الارهابين, اذ لا بد من تحديد مسؤولية الدول التي يتبعها هؤلاء الارهابيين بجنسياتهم, اذ قد يكون لهذه الدول دور مهم في زجهم بهذه العمليات الارهابية, أذ مشكلة البحث تكمن في ان العراق اصبح يتحمل معاناة الارهاب الذي اصبح في تزايد, دون وجود الدواء الفعال او وسيلة يصار الى اللجوء اليها للحد من هذه االافة , فالدُوُلً الذين لديها المئات من رعاياها يرتكبون ابشع الجرائم الارهابية , فأين مبدأ المقابلة في الحقوق والالتزامات, اليس الدول مسؤولة عن ومن رعاياها ؟ فهل هذا فراغ تشريعي وقانوني ترك عمدا تحمل نتيجته العراق .

اهداف البحث:

تقرير مسؤولية دولة الجنسية عن اعمال رعاياها, ولما كانت الدولة وعلى اساس الجنسية مسؤوله عن رعاياها في الخارج وتوفر لهم الحقوق والحماية, فعلى اساس الجنسية ايضاً يجب ان تكون مسؤولة عن اعمالهم الضارة, وان فكرة التقابل بين الحقوق والالتزامات تجعل من الدولة مدين بواسطة الجنسية فتكون مسؤولة من افراد شعبها وعنهم, فيقع على عاتقها توفير الحماية في الداخل والخارج والاعتراف بالحقوق السياسية والمدنية وحق القرار على اقليمها والدخول والخروج منه.

منهجية البحث:

ولدراسة الموضوع دراسة شاملة وموضوعيةٌ  سوف نتبع المنهج الاستقرائي  وذلك من خلال بيان نصوص القوانين وقرارات مجلس الامن التي اشارات الى الارهاب،  وسوف نستعرض وقائع وسوابق تاريخية تؤكد الدور الاساس للجنسيةٌ في تحريك  المسؤولية الدوليةٌ للدولة عن اعمال رعاياها الارهابيةٌ في الخارج، متمثلة في قرارات وممارسات دوليةٌ في هذا السياٌق.

هيكلية البحث:

سوف نحاول تقسيم هذه الدراسة الى  ثلاث مطالب , المطلب الاول بعنوان وضائف الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج , والمطلب الاول سوف نقسمه الى ثلاث فروع , الفرع الاول نبحث فيه الطبيعة القانونية للجنسية في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج , والفرع الثاني يصار فيه الى دراسة الوظيفة الداخلية للجنسية , اما في الفرع الثالث سندرس الوظيفية الدولية للجنسية, و المطلب الثاني سيكون بعنوان اساس الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج وهذا المطلب سوف يقسم الى اربعة فروع يصار في الفرع الاول لدراسة المبادئ الدولية العامة, اما الفرع الثاني نبحث فيه في قرارات مجلس الامن و الفرع الثالث لدراسة السوابق القضائية والممارسات الدولية وصولا الى الفرع الرابع الذي ندرس فيه قانون جاستا الامريكي, انتهاءً بالمطلب الثالث بعنوان تقرير المسؤولية الدولية  للدولة عن اعمال رعاياها في الخارج ، والذي يتضمن فرعين الاول بعنوان اركان المسؤولية الدولية, اما الفرع الثاني نبحث فيه اليات جبر الضرر , وانتهاءَ بالخاتمة .

 

research importance:

The practical reality shows that terrorism is a global phenomenon, and it is an international transnational crime that targets people regardless of national, religious, sectarian or regional considerations. within a specific geographic area.

Research problem:

Terrorism has spread vertically in all countries of the world and its effects are concentrated horizontally in Iraq, and the Security Council has addressed this in its resolutions to confront terrorism and terrorists, but it did not put a comprehensive treatment for this problem. The countries that these terrorists follow by their nationalities, as these countries may have an important role in engaging them in these terrorist operations.,

research aims

Determining the responsibility of the state of nationality for the actions of its nationals, and since the state, based on nationality, is responsible for its nationals abroad and provides them with rights and protection, based nationality also it must be responsible for their harmful actions, and the idea of congruence between rights and obligations makes the state indebted by nationality, so it is responsible From the members of its people and for them, it falls upon it to provide protection at home and abroad and to recognize political and civil rights and the right to decide on its territory and to enter and leave it.

Research Methodology:

We discuss in this study a set of organized steps through which the topic of the role of nationality is studied in determining international responsibility and reaching valuable results through a set of proposals and recommendations through the comparative analytical approach.

search structure:

We will try to divide this study into two sections. The first topic includes two requirements in which the study and definition of nationality are carried out. Then, we turn to the second topic to study international applications as the legal basis for proving the responsibility of states through nationality and ending with the conclusion.

المطلب الاول

وضائف الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن عمال رعاياها الارهابية في الخارج

لدراسة وضائف الجنسية في نطاق المسؤولية الدولية , لابد من تقسيم هذا المطلب الى ثلاث محاور , ندرس في المحور الاول, الطبيعية القانونية للجنسية, ثم نخصص المحور الثاني لدراسة الوظيفة الدولية للجنسية, واخيرا نبحث في هذا المطلب الوظيفية الداخلية للجنسية,

 

الفرع الاول

الطبيعية القانونية للجنسية في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها في الخارج

يختلف الفقه في اتجاهين رئيسيين حول الطبيعة القانونية للجنسية لتحديد تلك الطبيعة, الاتجاه الأول هو وصف الجنسية بأنها عقد وعلاقة تعاقدية بين الفرد والدولة. تمتد جذور هذا الاتجاه إلى الفقيه الفرنسي جان جاك روسو ، مؤسس نظرية العقد الاجتماعي. بدعوة الإرادتين للعرض والقبول ، تظهران في مظاهر مختلفة حسب نوع الجنسية في الجنسية الأصلية ، يكون عرض الدولة عامًا ويستهدف جميع الأشخاص ، بينما في حالة اكتساب الجنسية ، تكون إرادة العرض خاصة بمجموعة معينة ، وفي معظم الحالات فئة الأجانب .

من ناحية أخرى ، في حالة اكتساب الجنسية ، يكون الاستعداد للقبول صريحًا في بعض الأحيان ، كما في حالة التجنس ، وأحيانًا ضمنيًا ، كما في حالة إضافة الزوجة إلى جنسية زوجها الأجنبية في الزواج المختلط. ، وهذه الوصية مفترضة في حالة الجنسية الأصلية ، حيث أنها مصادق عليها للمولود الجديد ، لذا فإن هذا المولود الجديد ليس لديه إرادة فور ولادته ، يرى صاحب هذا الميل استعداده للقبول بخلاف ذلك بالإضافة إلى العقد التعاقدي تتضمن العلاقة أيضًا الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الفرد والدولة. حقوق الفرد واجبات على الدولة ، ويجب على الدولة تمكين المواطن من الاستفادة من الحقوق الخاصة والعامة وحمايته داخليا وخارجيا ، مقابل التزام الفرد بالقوانين والأنظمة التي تصدرها الدولة ، لذلك تتفق إرادة الدولة وإرادة الفرد بالقبول ، وبالتالي يتم منح هذه الحقوق والالتزامات ( الجميلي, 2015, ص128).

 

وقد وجه النقد لاصحاب هذا الاتجاه حيث ان تشبيه الجنسية بالعقد حيلة قانونية كما انه لا يستند الى اساس قانوني سليم. حيث ان الجنسية تعوزها متطلبات العقد اهمها الاهلية في اطار الجنسية الاصلية بل ان هذه الاهلية ليست ذات اهمية حتى في اطار الجنسية المكتسبة كما في حالة الحاق الزوجة بجنسية زوجها تلقائيا بسبب الزواج كما ان من متطلبات العقد التوازن ودرجة تكافؤ مقبولة بين ارادة الطرفين وهذا ما تفتقر له الجنسية حيث تطغي وتغلب فيها ارادة الدولة على ارادة الفرد, وقد ذهب قلة من الفقهاء الى تشبيه الجنسية بالشركة فالوطنين عبارة عن اعضاء في تلك الشركة وهذا الاتجاه لا يقوم على اساس قانوني سليم ذلك لان علاقة الجنسية تخضع لقواعد القانون العام في حين علًاقة الشركّة تخضعّ في الغالبُ لقواعد القانٌون الخاصً  ( الاسكواني, 2009, ص90).

وقد وجه النقد لاصحاب هذا الاتجاه حيث ان تشبيه الجنسية بالعقد حيلة قانونية كما انه لا يستند الى اساس قانوني سليم. حيث ان الجنسية تعوزها متطلبات العقد اهمها الاهلية في اطار الجنسية الاصلية بل ان هذه الاهلية ليست ذات اهمية حتى في اطار الجنسية المكتسبة كما في حالة الحاق الزوجة بجنسية زوجها تلقائيا بسبب الزواج كما ان من متطلبات العقد التوازن ودرجة تكافؤ مقبولة بين ارادة الطرفين وهذا ما تفتقر له الجنسية حيث تطغي وتغلب فيها ارادة الدولة على ارادة الفرد, وقد ذهب قلة من الفقهاء الى تشبيه الجنسية بالشركة فالوطنين عبارة عن اعضاء في تلك الشركة وهذا الاتجاه لا يقوم على اساس قانوني سليم ذلك لان علاقة الجنسية تخضع لقواعد القانون العام في حين علاقة الشركة تخضع في الغالب لقواعد القانون الخاص ( العوضي, 2006, ص6) .

 

الفرع الثاني

الوظيفية الداخلية للجنسية

هناك وضائف مختلفة تؤديها الجنَسية تنعكس بما يأتي :

1/ الحقوق والواجبات في حين أن المواطنة تميز المواطنين عن الأجانب والمواطنين الأصليين عن الحقوق والواجبات المؤقتة ، فإن الدولة توفر للمواطنين حقوقًا والتزامات أكبر من خلال المواطنة مما توفره للأجانب. في بعض الولايات ، للوطنيين في حالات الطوارئ. في هذا الصدد ، فإن الجنسية ، بينما تلعب دورًا جوهريًا ، شائعة الاستخدام في البلدان حول العالم .

2/ في معظم البلدان ، يحدد النظام القانوني الوضع القانوني في مسائل الأحوال الشخصية. هذا بُعد دولي وداخلي لحالة الأشخاص ، ويؤثر على كيفية محاكمة الفرد بموجب قوانين معينة. الموطن والجنسية هما المعياران الرئيسيان المستخدمان في هذا المجال ، حيث تستخدم بريطانيا والولايات المتحدة محل الإقامة كمعيار ، وتستخدم معظم الدول الأخرى الجنسية. إذا تم منح الشخص جنسية الدولة التي يوجد بها المكتب الرئيسي ، فيمكن الموافقة على جنسيته في إطار النظام القانوني للشركة. يمكن استخدام الجنسية لتحديد القوانين المطبقة داخل النظام الداخلي للشركة . (العلي, 2006, ص94) .

الفرع الثالث

الوَظًيفيًة الدُوُلًيُة للجنسية

وتَتَمثَل بما يًاتًي :-

1/ الدولة مسؤولة عن الترحيب بسكانها إذا طُردوا من بلد آخر ، أو إذا عادوا إلى ديارهم بعد السفر إلى الخارج. يجب على كل دولة أن تعتني برعاياها على أراضيها. للدولة الحق في تقرير ما يحدث على أرضهم.

2/ إذا تعرض مواطنو أي بلد للأذى ، فإن الدولة ملزمة بحمايتهم دبلوماسياً إذا لم يتم دعم حقوقهم من خلال أنظمة العدالة الداخلية ، وإذا لم تكن إرادتهم متورطة في الضرر.

وتأسيسيا على ما تقدم وكما تقوم الدولة عن طريق الجنسية بتوفير الوظائف والحقوق والواجبات وحق القرار لرعاياها وتكون مسؤولة عن حماية حقوقهم الدبلوماسية اذا تعرضوا للضرر في الخارج فمن  باب العدل والمساواة الدولية ان تكون بموجب الرابطة الروحية التي لا تنقطع بالزمان والمكان ان تكون مسؤولة عن الاعمال الارهابية الصادرة من رعاياها والتي تلحق اضرار بالغه الجسامة بالدول والافرار , خاصة وان هذه الجرائم شديدة الخطورة كونها جرائم زاحفة عبر الحدود تتحمل الدول الاخرى مسؤولية هولاء العناصر السالبة رعايا الدول الاخرى ( الحكيم, 1980, ص226).

المطلب الثاني

اساس الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج

لإمكانية الاعتماد على دور الجنسية لتحديد مسؤولية الدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج لابد من تأسيس هذا الدور قانونا وقضاءا, بمعنى ايجاد الارضية القانونية لاقامة هذه المسؤولية على معيار او ضابط الجنسية, ويمكننا تلمس هذا الاساس في عدة مواطن , فقد نجده بين ثنايا المبادئ العامة التي نصت عليها القواعد العامة في المسؤولية , وقد نجد هذا الاساس بشكل ضمني في قرارات مجلس الامن , كما يمكننا ان نلتمس اساس الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية في السوابق القضائية .

لذا واتساقا مع هذه المقدمة سنتناول في هذا المبحث اساس الجنسية كمعيار لتحديد المسؤولية الدولية عن الاعمال الارهابية لرعاياها , في ثلاث فروع, نخصص المبحث الاول لاستجلاء دور الجنسية , وهذا الاساس من خلال المبادئ العامة , ونوضح في الثاني موقف مجلس الامن في قراراته, اما الفرع الثالث فسنكرسه للسوابق القضائية  واخيرا نبين دور قانون جاستا في هذا السياق ( العطية, 2012, ص269).

الفرع الاول

المبادى العامة

تشكل المبادى العامة في موضوع الجنسية النظرية العامة لها والتي يمكن الرجوع اليها في حالة النقص التشريعي, وفي اطار الفراغ التشريعي الحاصل في تحديد المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها في الخارج, لابد من الرجوع الى المبادى العامة في القانون الدولي .

وما يهمنا في هذا الصدد المبادى العامة التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد دور الجنسية كأساس لإقامة المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها في الخارج, ومن هذه المبادى, المعاملة بالمثل او التقابل بين الحقوق والالتزامات, ومبدأ السيادة, وكذلك مبدأ الحماية الدبلوماسية, لذا سنحاول تأسيس المسؤولية على اساس الجنسية على وفق المبادى وبحسب الفقرات التالية:

أولا: المعاملة بالمثل

ان الجنسية رابطة سياسية و روحية بين الفرد والدولة, فالجنسيه هي التي تحدد النسب السياسي للفرد, والدولة عن طريق الجنسية تحدد افراد شعبها دون غيرهم.

والدولة هي المانحة للجنسية , فالجنسية على اساس ذلك يكون اطرافها كل من الفرد والدولة, فالدولة والفرد عن طريق الجنسية يكون بينهم مجموعه من الحقوق والالتزامات, وتلك الحقوق والالتزامات بين الفرد والدولة لا تقتصر على نطاق القانون الخاص بل تمتد حتى في القانون العام وتبدو الفكرة واضحة المعالم في موضوعات القانون الدولي العام, ان فكرة التقابل بين الحقوق والالتزامات تجعل من الدولة كمدين بواسطة الجنسية ان تكون مسؤولة من افراد شعبها وعنهم, فيقع على عاتقها توفير الحماية في الداخل والخارج والاعتراف بالحقوق السياسية والمدنية وحق القرار على اقليمها والدخول والخروج منه, ومعنى ما تقدم ان الدولة صاحبة الجنسية مسؤولة وجبوبا عن الاضرار التي يلحقها رعاياها في الخارج بدول اخرى ما داموا يتبعونها في جنسيتهم وهي مسؤولة منهم وعنهم ( الاسدي, 2015, ص22) .

ثانيا: مبدأ السيادة

ان السيادة في نطاق بحثنا تعني الاستقلال, فالدولة ذات السيادة هي الدولة المستقلة, فالدولة تمارس سلطانها على جميع رعاياها في الداخل والخارج استنادا لمبدأ السيادة, والمعيار الذي تحدد بموجبه الدولة رعاياها حتى تتمكن من فرض سلطانها عليهم لا يعدو ان يكون رابطة الجنسية, فالجنسية بوصفها رابطة روحية وسياسية تستطيع الدولة بوساطتها ان تفرض السيطرة على افرادها, فالدولة عن طريق الجنسية تمارس السيادة على رعاياها سواء كانوا قانطين على اقليم الدولة او خارجه, وهذا يعني ان الدولة عن طريق الجنسية تحقق الامتداد القانوني الشخصي على رعاياها وان عبروا الحدود, واذا كانت السيادة تعني السلطة , وحيث توجد السلطة توجد المسؤولية, ذلك لان من يمارس السلطة لابد من يخضع للمسؤولية, ولهذا يمكننا القول ان لسيادة الدولة جانبين ايجابي وسلبي, ولا يمكن للدولة التمسك بالجانب الايجابي فارضة اختصاصها التشريعي والقضائي على رعاياها خارج اقليمها وتغض النظر عن الجانب السلبي لهذه السيادة والمتمثل بالمسؤولية الدولية عن افعال رعاياها (زمزم, 2011, ص22).

ثالثا: مبدأ الحماية الدبلوماسية

الحماية الدبلومُاسية هيِ وسيلُة تخُول الدٌول الحٌلول محَل مواطًنيها فيُ مطُالبٌة الدٌول المتسٌببة في الضٍرر بالتعَويض بشًروًط معينة، هي الاكاتي

1- الدولة لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين ، ويمكن أن تشمل أيضًا حماية مواطني الدول المحمية أو المصرح بها أو المتفق عليها بشكل خاص بين البلدين ، ويجب أن تكون الجنسية موجودة في وقت الإصابة حتى يتم رفع دعوى قضائية. في حالة تعدد الجنسيات ، إذا كان الفرد يحمل جنسية الطرف الآخر ، فلا يجوز للدولة توفير الحماية الدبلوماسية. بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات ، من المثير للجدل ، يمكن حماية بلد جنسية المساهمين ، وقد تنطبق على البلد الذي يقع فيه المقر الرئيسي.

2-  انهاء السُلًم الداخلي :  لا يصار دوليا التعويل على الحماية الدولية الا بعد اتباع او الرجوع الواقع عليه الضرر الى قضاء دولته .

3-    التصرف الغير مخالف لأحكام القانون : بمعنى ان الواقع عليه الضرر يجب ان يكون ذات سلوك او تصرف سليم قانونا داخليا او خارجيا او كان الضرر الواقع عليه نتاج فعله الشخصي بسبب الامتناع عن اجرارات الحيطة والحذًر

وتبعا لما تقدم وكما يكون للدولة الحق بالتدخل لحماية رعاياها ممن يحملون جنسيتها, فيجب وانطلاقا من مبدأ المقابلة في الحقوق والالتزامات بين الدول, ان يلقى على عاتق الدولة تحمل المسؤولية الدولية عن الافعال التي تصدر عن رعاياها وتسبب اضرارا بالغير , فقواعد العدل والانصاف والتي تعد من مصادر القانون الدولي توحي بهذا الحكم فليس من العدل ان تطالب الدولة بتعويض عن الاضرار التي لحقت رعاياها في الخارج عن طريق الحماية الدبلوماسية وبالمقابل تتنصل عن مسؤوليتها عما ارتكبوه رعاياها من افعال ارهابية والتي تترك في الغالب اثارا واضرارا جسيمة تحل بالدولة المتضررة وشعبها( العبد الله, 2005, ص81  ).

الفرع الثاني

قرارات مجلس الامن

اصدر مجلس الامن الدولي قرارات عدة بخصوص تجريم الارهاب, وجاءت بعض هذه القرارات بمناسبة وقوع هجمات ارهابية في مختلف دول العالم, ابتداء بالقرار 1269 بتاريخ 19 تشرين الاول من عام 1999, وكذلك قراره المرقم 1368 المؤرخ في 12 ايلول لعام 2001, وكذلك قراره المرقم 1373 في ايلول 2001, والذي يعد من اهم قرارته لكونه متعلق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر / ايلول(24).

ويظهر دور الجنسية واضحا في قرار 1373 لسنة 2001, والذي جاء النص فيه واضحا على تجميد الاموال العائدة للارهابين والحظر على رعايا هذه الدول او على اي اشخاص او كيانات تقدم الدعم المالي.

بل نجد بعض قرارات مجلس الامن ذكرت اسماء الارهابيين وجهات ارتباطهم, وهذا ما يعكس ان للجنسية دور فعال في تحديد مسؤوليتهم, اذ لولا جنسياتهم لما تمكن معرفة اسمائهم.

لكن جميع قرارات مجلس الامن تضمنت اشارات سلبية واضحة بخصوص ضابط الجنسية من حيث كونه معيارا لاقامة المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها في خارج .

الفرع الثالث

السوابق القضائية والممارسات الدولية

ان الجنسية هي رابطة قانونية وسياسية بين الفرد والدولة, ترتب حقوق والتزامات متبادلة بينهم, فهي كما تتدخل لحمايتهم على اساس جنسيتهم, يفترض وعلى اساس نفس المبدأ ان تسأل دوليا عن الاعمال الارهابية الصادرة من رعاياها اذ الجنسية هي الاساس التي تبنى علية المسؤولية الدولية لدولة,  وهذا يتمثل بحادثة ((باسيفيكو)), كذلك الحكم الصدر من محكمة العدل الدولية في 11 ابريل 1949, بخصوص النزاع بين استونيا و ليتونيا , ان الجنسية هي الرابطة القانونية بين الفرد والدولة وهي التي تخول الدولة التدخل في شؤون رعاياها.

وحادثة ((لوكربي)), حادثة تفجير الطائرة الامريكية بأسكتلندا 1988, والتي اتهمت اميركا ليبيا بالمسؤولية, ففرض الحصار تعويضات على ليبيا.

وكان لمجلس الامن سابقة دولية في تفعيل دور معيار الجنسية لمسؤولية الدولية لدولة, وذلك في قراره المرقم 692 في 20 ايار 1991, الذي تضمن عدة فقرات لها صلة بموضوع التعويضات بين العراق والكويت.

ومن السوابق الدولية التي لا تصب في اتجاه ما جاء به مجلس الامن من انشاء الجنة, اذ ان المجلس في قراره (290) الذي اصدره عام 1970, عقب غزو البرتغال لجمهورية غينا طلب من حكومة البرتغال تقديم تعويضات كاملة لجمهورية غينا, اذ حصر التعويضات بين البرتغال وغينا فقط, دون ان يقوم بتشكيل لجنه مثلما فعل مع العراق .

ومن تلك الشواهد المتقدمة نلاحظ, اعتماد معيار الجنسية في تقرير المسؤولية الدولية لدولة عن رعاياها, كونها تمثل الدليل  القانوني لإقامة المسُؤُوليُةٌ عَلىَ اساس افعال الرعايا ذات الطابع الارهابي خارج الحدود .

اما في اطار الممارسات الدولية, فقد صرح وزير الخارجية البريطاني (( بان البلاد وضعت قائمة تتضمن اسماء حوالي 200 ارهابي من بين المواطنين البريطانيين ينشطون حاليا في العراق اغلبهم في صفوف تنظيم داعش, واشار الى ان البريطانيين الوجودين حاليا في العراق يمثلون تحديا ملموسا يواجه البلاد, مشددا على ان هنالك  تعاونا دوليا كثيفا لأنه يعتبر مشكلة عالمية, لان كل منا قد يجد اسمه مفاجأه في قوائم التحقيقات وهذا قد يحدث اشهر او حتى بعد سنوات كثيره’ وهذا القلق يدفع وحدات القوات الخاصة البريطانية الى تدقيق الاوامر من القيادة والعمل على جميع التفاصيل.

وفي بيان مشترك ضد الارهاب ذهب رئيس الوزراء الفرنسي فالس الى مهاجمة  التنظيمات الارهابية الفرنسية .

كما كشف نائب الرئيس الامريكي بايدن, ان الارهابيين حصلوا على دعم وتمويل من حلفاء واشنطن في المنطقة, مشيرا الى ان هؤلاء الحلفاء خاضوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة, واكد في تصريحه على اجبار الدول الداعمة للارهاب على دفع تكاليف الحرب لأنها مسؤولة دوليا عن تفشيه وانتشاره.

وفي اطار الحوادث والافعال الدولية, قضية المغنية البريطانية جونيز, الذي تزوجت من ارهابي سوري, وانتقلت الى سوريا ومارست افعال غير مشروعة, ثم عادت الى برطانيا دون ان تتخذ الاخيرة موقف منها, كذلك الخلاف حول جنسية الارهابي زيكا بين ايران ولبنان, وحادث النيس في فرنسا الذي ارتكبه شخص يحمل جنسيتين, الجنسية الفرنسية والجنسية التونسية.

وما يلاحظ على تلك التصريحات انها تتضمن اشارات خفيه وخجولة عن  نسب الارهابيين الى دولهم وبالتالي تنهض مسؤولية الدولة عن اعمال رعاياها الارهابية(37), لكن دون الاعتراف بشكل صريح ومباشر عن مسؤولية كل دوله عن الاعمال الغير مشروعة الصادرة من رعاياها مثلما يكون عليها واجب حمايتهم على اساس جنسيتهم, لان في عصرنا هذا ليس هناك انسان الا ويكون احد رعايا دولة من الدول, ويكون نشاطه وافعاله خاضعا لقانون تلك الدولة متكفلة ومتكلفة بحقوقه وواجباته ( الزقود, 2009, ص149  ) .

الفرع الرابع

قانون جاستا الامريكي ( العدالة ضد رعاة الارهاب)

كان قانون جاستا نتيجة لأحداث 11 سبتمبر, ما هو الا انعكاس عن مسؤولية الدولة عن اعمال رعاياها الارهابية(44), اذ حملت الولايات المتحدة السعودية المسؤولية فقط لان العدد الاكثر من منفذي العمل الارهابي حاملي جنسيتها بالرغم من عدم وجود ادلة تدين السعودية او تثبت تورط حكومتها او اي من المسئولين بها في تمويل هذا الارهاب, ويسمح القانون اعلاه بمقاضاة الحكومة السعودية ويعطي الحق لأسر الضحايا ان تحصل على جميع التعويضات المالية, مؤسسي المسؤولية فقط على معيار الجنسية .

 

المطلب الثالث

تقرير المسؤولية الدولية للدولة عن اعمال رعاياها الارهابية في الخارج

ويمكن تعريف المًسُؤوٌليًة الدًوًليًة بانها (( نظام قانوني تلتزم بمقتضاه الدولة التي تأتي عملا غير مشروع, طبقا للقانون الدولي العام بتعويض الدولة التي لحقها ضرر من جراء هذا العمل)).

ولبيان هذه المسُؤوُلِية لابد من بيان اركانها المتمثلة وطبقا للقواعد العامة بالخطأ والضرر, وبيان اليات جبر الضرر المتمثل بالاعمال الارهابية الصادرة من رعاياها في الخارج( الاسدي, 2015, ص98).

 

الفرع الاول

اركان المسؤولية الدولية

تندرج اركان او محددات المسؤولية بالاتي:

أولاً: الفعل غير المشروع أو الخطأ الصادر عن دولة أخرى

من الثابت قانونًا وفقهًا أن المسؤولية الدولية لا تقوم من دون عمل غير مشروع يمثل إخلالاً بالتزام دولي مفروض على الدولة، وثابت ونافذ في حقها، وذلك سواء كان مصدره قاعدة عرفية أو اتفاقية أم قاعدة تمثل مبدأً من المبادئ العامة للقانون الدولي العام، والتي أقرتها الأمم المتحدة في ميثاقها، أو كان التزامًا نص عليه قرار من القرارات التي تشكل قواعد عامة صادرة عن المنظمات الدولية وأهمها على الإطلاق قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويستوي أن يكون الإخلال بالالتزام عملاً غير مشروع، أي إخلالاً إيجابيًا أو مباشراً بالالتزام الدولي المفروض على الدولة (الخطأ) أم سلبيًا كالامتناع عن القيام بعمل يترتب عليه تطبيق التزام دولي.

تقوم هذه النظرية على أنه لا يكفي لنشوء المسؤولية الدولية وجود إخلال بالتزام دولي، بل لا بد من أن يكون أساس هذا الإخلال الخطأ أو الفعل الخاطئ، ويستوي في ذلك أن يكون الخطأ متعمدًا (أي توافرت فيه إرادة ارتكاب الفعل) أو أن يكون غير متعمد (ناتج عن إهمال أو تقصير).

الا ان اشتراط ركن الخطأ لأنعقاد المسؤولية الدولية لدولة عن الاعمال الارهابية لرعاياها في الخارج يتعارض مع قواعد العدالة والانصاف التي هي من مصادر القانون الدولي, حيث ان تحقق مسؤولية الدولة دون خطأ هو الذي يجب الاخذ به خاصة في نطاق بحثنا نظرا للصعوبات والظروف الخارجية الامر الذي يجعل ثبوت الخطأ في حالة وقوع العمل الارهابي امر صعبا ان لم يكن مستحيلا , حيث يتم الاعداد للعمل الارهابي في الخفاء وفي ظروف يصعب توقعها, مما يجعل التجاء المضرور الى مسؤولية الدولة القائمة على اساس الخطأ في النهاية بلا جدوى.

ثانيا: عنصر الضرر

يتمثل هذا العنصر بأنه يجب لانعقاد المسؤولية الدولية أن يترتب على العمل غير المشروع، والذي يمثل إخلالاً بالتزام دولي، ضرر لشخص من أشخاص القانون الدولي، بحيث يقال أن حقًا من حقوق الدولة قد تم المس به أو أن مصلحة مشروعة لها تعرضت للانتهاك.

ثالثًا: نسبة الفعل غير المشروع إلى شخص القانون الدولي (رابطة السببية)

يشترط هذا العنصر لقيام المسؤولية الدولية عدم وقوع الفعل غير المشروع المسبب للضرر فحسب بل أن ينسب هذا الفعل إلى دولة ما. ويلاحظ أن هذا العنصر مرتبط بمبدأ سيادة الدولة داخليًا وخارجيًا. ويشار إلى مسؤولية الدولة ضمن حدود معقولة عن الأضرار اللاحقة بالأجانب المقيمين على إقليمها.

وباختصار المسؤولية الدولية هي التزام الدولة مرتكبة الفعل الضار غير المشروع بإصلاح ما ترتب على فعلها من أضرار, تنعقد المسؤولية تجاه الشخص الدولي القانوني (دولة أو منظمة) متى ارتكب عملاً غير مشروع ترتب عليه ضرر لشخص دولي قانوني آخر أو لأحد رعاياه، وكانت القوانين والأدلة كلها مجتمعة على نسبة هذا العمل المسبب للضرر .

فما هي آثار المسؤولية الدولية وما هي أنواعها؟

إذا حملت المسؤولية الدولية لأحد أشخاص القانون الدولي، ينشأ عنها التزام يقع على عاتقه بإصلاح كل ما يترتب على فعله من أضرار( المرسي, 2012, ص588 ).

وقد أكد العرف والفقه والقضاء الدولي وقرارات المحافل الدولية وما نصت عليه اتفاقيات دولية عديدة تتعلق بالمسؤولية الدولية والعرف الدولي، التزام الدولة المسؤولة إصلاح الضرر بطريقة كافية, وهذا ما سوف نبحثه في المحور القادم.

 

المطلب الثاني

اليات جبر الضرر

ان من اهم الاثار المترتبة على تأسيس المسؤولية الدولية عن اعمال رعاياها الارهابية هو التزامها بالتعويض عن الاضرار التي تصيب الارواح البشرية والممتلكات المادية سواء العامة او الخاصة وانتهاك حقوق الانسان( الاسدي
, 2015, ص81) .

ان تعويض الاضرار الناتجة عن الاعمال الارهابية , يكون في الغالب تعويض بموجب القواعد العامة في القانون المدني, اذ ان الاعمال الارهابية التي تقوم بها رعايا الدولة انما تنشىء عن الاهمال في واجب الاشراف والرقابة عن رعاياها (الحكيم, 1977, ص486).

كذلك نجد مشروع لجنة القانون الدولي بشأن المسؤولية الدولية عن الافعال غير المشروعة لعام 2001, اذا تذهب المادة 3 منه, (ان على الدولة المسؤولة عن الاعمال غير المشروعة التزام كامل بجبر الضرر والخسارة عن الفعل غير المشروع دوليا, عن طريق التعويض والترضية ورد الاعتبار, او الجمع بينهما) كذلك بينت المادة 35 من المشروع اعلاه , على اليات جبر الضرر الذي يلحق مصالح الدول او الاشخاص, كالتعويض العيني  الذي هو الاعتراف العلني بارتكاب فعل غير المشروع واتخاذ الاجراءات التأديبية ضد الاشخاص مصدر الضرر كذلك تضمنت المادة 37 التعويض عن الاضرار المادية والمعنوية.

ونجد ان مسألة التعويض عن الجرائم الارهابية ذات صدى في القانون الفرنسي الصادر في 9/12/1986, والذي يتضمن في مادته 9/5 على الزام جميع شركات التأمين بتعميم التعويض دون قصره على نوعية معينة من الضحايا, وهو ما يحقق فائدة كبيره بشأن التعويض الذي يمكن ان ينتج من ارتكاب الاعمال الارهابية.

ومما تقدم نلاحظ ان الاضرار التي تسببها الاعمال الارهابية, هي متعددة, ومن ثم تختلف اليات التعويض حسب نوع كل ضرر:.

اولا / التعويض عن الاضرار البشرية:. ان ما ترتبه الاعمال الارهابية من جرائم انسانية, هي جزء او اساس من مسؤولية الدول عن اعمال رعاياها.

فمتى كانت الدولة بموجب الحماية الدبلوماسية مسؤوله عن حمايه رعاياها في الخارج بالنسبة للاضرار الذي قد يتعرضون لها, فهي مسؤوله من الاعمال التي يرتكبوها وتلحق اضرار برعايا الدول الاخرى .

وبموجب ذلك لابد من تقدير التعويض عن الاضرار البشرية  من قبل لجان مشكلة مختصه بتقدير الاضرار البشرية, ويتم التعويض وفقا للقانون المدني العراقي عن الضرر المادي الذي يمس مصلحة للمضرور ذات قيمة مالية تشمل الكسب الفائت والخسارة اللاحقة, و لابد ان يكون التعويض كامل لكافة الاضرار, كذلك يتم التعويض عن الضرر الادبي الذي هو ما لا يمس مالا للمضرور ولكنه يخل  بمصلحة غير مالية له, وان التعويض في هذه الحالة  لا يكون  الا من خلال التعويض النقدي وفقا لجسامة وتقدير الاضرار, وهنا لا يمكن ان يلجأ الى الترضية او اعادة الحال الى ما كان علية لانها لا تتلائم مع نوع الضرر (حداد , 2008, ص17).

ثانيا/ الممتلكات المادية :. ان الاعمال الارهابية ترتب اضرار على الممتلكات العامة والخاصة, وان الية جبر الاضرار في هذه الحالة يكون وفقا للقواعد العامة, اما ان يكون عن طريق التعويض النقدي بعد حصر هذه الاضرار, او من خلال التعويض العيني من خلال اعادة الحال الى ما كانت علية عن طريق اصلاح تلك الاضرار من قبل الدولة الذي ينتمي اليها الارهابيون.

ثالثا/ انتهاك حقوق الانسان :. ان ما يصاحب الاعمال الارهابية من العنف والرعب  انتهاكا لحقوق الانسان, وتتمثل الية جبر الضرر في هذا الجانب, اما من خلال التعويض المعنوي من خلال تقديم الاسف والاعتذار او من خلال العودة الى ما قبل ارتكاب الفعٌلَ , فهو التزام الدَوَلًة بأن توقف استمرار انتهاك رعاياها لحقوق وحريات رعايا الدول الاخرى.

ويبدو ان انتهاك حقوق الانسان من قبل رعايا دولة الارهابين وما يكون له من تأثير رعب وتهجير تصيب افراد الدول ولذلك فأن التعويض وفقا للقواعد العامة , يجب ان يشمل التعويض عن الاضرار المادية والادبية وفقا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية , وان كانت الطرق المتقدمة غير مجديه عما تسببه الاعمال الارهابية من اثار سلبية على المجتمع الداخلي والدولي.

 

الخاتمة

بعد ان انتهينا من بحثنا الموسوم ” دور الجنسية في تحديد المسؤولية الدولية ” سنحاول تضمين خاتمته ابرز ما توصلنا الية من نتائج وما نضعه من مقترحات وكما سيأتي :.

النتائج:

  • ان الامتيازات العثمانية, حادثة لوكربي, حادثة الممرضات البلغاريات, قرارات مجلس الامن المتعلقة بلجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة،, قانون جاستا, الذي حمل السعودية المسؤولية فقط على معيار الجنسية رغم اثبات عدم تورط الحكومة السعودية, فالشواهد المتقدمة اثبتت دور الجنسية وان السيدة غير قابلة للتقسيم او التًجًزئة .
  • اذ مما يلاحظ اليوم ان في دول العالم الثالث بصورة عامة والعراق بصورة خاصة يتم التعامل مع الارهابيون كًوُنهًم مًعُزٌوٌلين عًنّ بُلُدًانهم, لكن كون الجنسية معيار متحرك داخل الحدود وخارج الحدود ومن خلال الشواهد المتقدمة في البحث, اضحت الجنسية السند القانوني لاثبات المسؤولية لدولة عن افعال رعاياها الارهابية العابرة للحدود.
  • ان في اثبات قوة معيار الجنسية كونه معيار المسؤولية هو قيام بعض الدول الى تجريد مواطنيها الجنسية عند ارتكاب اعمال مخالفة قانونا .
  • ان تطبيق اليات جبر الاضرار عن الاعمال الارهابية يفتقر الى الاقرار, ان تعويضات الاعمال الارهابية لا يمكن اطلاقا التعويل فيها الى القواعد العامة في اليات جبر الاضرار, اذ مضمون التعويضات الاولى يختلف تنفيذا ومضموناً ونطاقاً, لان الضرر هنا لا يقتصر على افراد او دوله وانما يتسم بالعمومية والشمولية على نطاق دولي .

المقترحات

  • نقترح من مجلس الامن اصدار قرار لتشكيل لجان لتعويض ضحايا العمليات الارهابية والنظر في طلبات المتضررين من الافراد والدول على حد سواء , وتكون لهذه اللجنة وظيفة قضائية مؤقته تنتهي عند اتمام المهام الموكلة لها.
  • ومن الوسائل المتاحة الممكنة لتقليل من اثار الاعمال الارهابية هي انشاء صندوق خاص لتعويض ضحايا الارهاب تسهم فيه جميع دول العالم, كنوع من التعاون الدولي والمساهمة لدعم الدول التي وقعت ضحية الارهاب الاعمى.

 

المصادر

أولا: الكتب

1-الجميلي, عبد الجبار رشيد, 2015, جرائم الارهاب الدولي – في ضوء اختصاص المحكمة الجنائية الدولية, ط1, دمشق, منشورات الحلبي الحقوقية .ب

2- الحكيم, عبد المجيد, 1980, الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي, بغداد .

3-الحكيم, عبد المجيد, 1977,  الموجز في شرح القانون المدني, ج1, مصادر الالتزام, مطبعة النديم.

4-زمزم, عبد المنعم, 2011, احكام الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن, القاهرة ,دار النهضة العربية.

5-العطية, عصام, 2012, القانون الدولي العام, ط2, بغداد, المكتبة القانونية .

6-العمر, حسين حنفي, 2005, دعوى الحماية الدبلوماسية لرعايا الدولة في الخارج, القاهرة, دار النهضة العربية.

7-الشيوي, عبد السلام منصور, 2009, القانون الدولي العام .

8- الاسكواني, عامر , 2010, الجنسية والموطن ومركز الاجانب, عمان- الاردن, دار الثقافة للنشر.

9-الاسدي, عبد الرسول عبد الرضا, 2015, القانون الدولي الخاص, بغداد,  مطبعة السنهوري.

10-المرسي, خالد السيد محمود, 2021, الحماية الدبلوماسية في الخارج, ط1,  الاسكندرية, مكتبة الوفاء القانونية .

ثانيا: البحوث

1-الدين, احمد سيف, 2018, المسؤولية الدولية- ماهيتها واثارها واحكامها, بحث منشورة على موقع الالكتروني: www.lebarmy.gov تاريخ الزيارة 3/1/2018 .

2-الزقرد, احمد سعيد, 2009, تعويض الاضرار عن جرائم الارهاب, بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية .

3-العوضي, محمد, 2006, جبر الضرر والتعويض في المسؤولية الدولية, بحث منشور على الانترنيت .

ثالثا: الرسائل

1-العلي, محمد هشام, 2006, الزام الدولة بالتعويض لضحايا الجرائم الارهابية, رسالة ماجستير, كلية الدراسات العليا, جامعة نايف العربية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *