الباحثة / فاطمة الزهراء الرصاعي
جامعة محمد الخامس-كلية علوم التربية-الرباط – المغرب
raffia.fati@gmail.com
00212655090578
الملخص :
ان الحديث عن الابداع في علاقته بالعملية التعلمية يقودنا بالضرورة الى الحديث عن المدرسة باعتبارها مؤسسة تربوية٬ لها أهمية بالغة في التشجيع على الابداع وتنميته ،حيث يتوجب على المدرسة ان تقوم بمجموعة من الأدوار من خلال المعلم والإدارة والمناهج والمناخ العام للمدرسة وأساليب التعليم والأنشطة التربوية، الرسم، الصباغة، المعامل اليدوية وأنشطة أدب الطفل وتعويده على حصة الحكاية التي تعمل على إعمال الخيال…وتيسير كل الأدوات والاليات التي من شأنها أن تزكي القدرات والملكات الإبداعية لدى المتعلمين، فهي مصنع الابداع والمبدعين وهي النموذج المصغر للمجتمع الإبداعي الأكبر.
وضمن سياق تنمية المهارات الإبداعية لدى المتعلمين والمتعلمات٬ تلعب النوادي التربوية دورا مهما وبارزا باعتبارها فضاءات تربوية توفر هامش من الحرية للمتعلمين لا يوفره الفصل وأنشطته التعليمية التعلمية نتيجة اعتبارات مختلفة تأتي في مقدمتها التوزيعية التي تفرضها البرامج الدراسية واكراهات الامتحانات المدرسية٬ فالنوادي التربوية هي مساحة للتفاعل وفضاء ملائم لتنمية القدرات وصقل المهارات الإبداعية لدى المتعلمين والمتعلمات.
ولهذه الاعتبارات تكمن أهمية هذا البحث في كونه يتناول موضوع الابداع باعتباره من الموضوعات المهمة نظرا لدوره في تقدم المجتمع٬ خاصة وان هذا الموضوع بات أساسيا ومهما ضمن موضوعات البحث العلمي في المجالات التربوية والنفسية والاجتماعية.
الكلمات المفتاحية: المدرسة النادي التربوي، التلاميذ، الابداع، المهارة،..
The role of educational clubs in developing the creative skills of male and female learners
The Creativity Club at Al-Jahez Preparatory High School is a model
Researcher / Fatima Zohra Rassai
Mohammed V University – Faculty of Education Sciences – Rabat – Morocco
Abstract
Discussing creativity in its relation to the learning process will necessarily lead us to talk about the school as an educational institution and its pivotal role in promoting it. Such promotions are vitally linked to several variables ranging from the administrative level to the pedagogical one. Activities such as drawing, painting, handicrafts and book clubs are of utmost importance in the process of developing the creative abilities of learners. It is a microcosm of the larger creative world.
In this context, pedagogical clubs play an important and prominent role as educational spaces that provide a margin of freedom for learners that are not provided in the classroom due to various considerations. Among others, is time constraint and the rigid planning of the school year. Therefore, educational clubs constitute a space for interaction and a suitable space for developing capabilities and refining learners’ creative skills.
The importance of this research stems from its dealing with the topic of creativity as an important component and its role in the progress of society. Its relevance also is bolstered by the fact that the topic has become an essential subject of scientific research in the educational, psychological and social fields.
Keywords: School pedagogical club, pupils, creativity, skill,
تقديم
يعد الابداع من المحاور الأساسية التي تناولها البحث العلمي بالدراسة في عدد من الدول، فالتقدم السريع الذي يعيشه العالم اليوم يتطلب تفجير القدرات الإبداعية للإنسان، وبالتالي أصبح الابداع أحد أشكال النشاط الإنساني والتي لا يمكن تحقيق التقدم من دون تطوير الفكر الإبداعي، هذا الأخير الذي يحظى بأهمية كبيرة في العملية التعلمية حيث أنه يوفر جوا نفسيا ملائما للتعليم الفعال، ويزيد فرص تفاعل المتعلم مع المادة التي يتعلمها ويساعد على نقل المتعلم الى مواقف جديدة ومتجددة٬ ويصل به الى أقصى ما يمكن من استثمار القدرات الذهنية لديه وتطوير وتقدير ذاته ومساعدته على معالجة القضايا والنظر اليها من زوايا مختلفة.
واعتبارا لهذه الأهمية فقد قامت وزارة التربية والتعليم بالمغرب بإصدار مجموعة من الدلائل والمذكرات التنظيمية القاضية بإحداث النوادي التربوية بالمؤسسات التعليمية وذلك باعتبارها الفضاء الأنسب لتنمية المهارات الإبداعية لدى المتعلمين من أجل تنميتها وصقلها وبالتالي بناء مجتمع ابداعي مصغر للمجتمع الإبداعي الأكبر.
الفصل الأول: الاطار المنهجي للبحث
مشكلة البحث:
انطلقنا في هذه الدراسة مشكلة رئيسية تتلخص في السؤال التالي:
أي دور للأندية التربوية في تنمية المهارات الإبداعية لدى المتعلمين والمتعلمات؟
وينبثق من هذا السؤال الرئيسي الأسئلة الفرعية التالية:
ما المفاهيم المهيكلة للابداع؟ وفي أي بيداغوجيا تربوية ينضوي هذا المفهوم؟ وهاهو النادي التربوي ومجالاته وأنواعه؟ وهاهي أدواره وأهميته في تنمية القدرات والمهارات الإبداعية لدى المتعلمين بالمؤسسات التعليمية؟
أهمية البحث:
ان مستجدات التربية والتكوين في المغرب، خصوصا في العشرية الأخيرة تنادي وتسعى لخلق مدرسة وطنية جديدة مفعمة بالحياة، تتجاوز التلقي والعمل الفردي الى اعتماد التعلم الذاتي والقدرة على الحوار والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء والفكر المبدع، ولعل هذا ما جعل الوزارة الوصية تهتم بالأندية التربوية باعتبارها “فضاءا تربويا ملائما لتنمية مؤهلات التلاميذ في مختلف المجالات واكتشاف ميولاتهم وصقل مواهبهم واذكاء روح العمل الجماعي فيما بينهم…” (وزارة التربية الوطنية، 2001)، ومنه جاءت هذه الدراسة لبيان الدور الجوهري الذي تلعبه هذه النوادي التربوية في خلق مدرسة جديدة ونشيطة ومبدعة في شتى المجالات العلمية والثقافية الاجتماعية…
أهداف البحث:
- يهدف هذا البحث بشكل أساسي الى:
- توضيح الاطار المفاهيمي للابداع.
- التعرف على ماهية النادي التربوي وأهدافه وأهميته.
- الوقوف حول دور النادي التربوي في تنمية المهارات الإبداعية من خلال دراسة حالة.
فرضيات البحث:
يتمحور البحث حول فرضيتين أساسيتين وهما:
- تساهم أنشطة النوادي التربوية في تنمية الكفايات العقلية والمهارية للمتعلمين واكتشاف ميولاتهم وصقل مواهبهم واذكاء روح العمل والمبادرة بينهم.
- المدرسة هي الفضاء الخصب لتنمية التفكير الإبداعي ودعم المشاركة والتفاعل البناء واكتساب المهارات عبر مختلف أنشطة الحياة المدرسية.
حدود البحث:
- حدود موضوعية: يتناول البحث دور الأندية التربوية في تنمية المهارات الإبداعية لدى المتعلمين والمتعلمات ،وأهمية الابداع في العملية التربوية.
- حدود زمنية: يتناول البحث كل ما يتعلق بالمفاهيم المرتبطة بالابداع منذ ظهور المفهوم، كما يتناول أساسيات النوادي التربوية كما جاءت في النصوص التنظيمية منذ سنة 2001 مع صدور المذكرة 42 في شأن تفعيل الأندية التربوية في المؤسسات التعليمية.
- حدود مكانية: يتناول البحث بالتحليل والدراسة نموذج المدرسة المغربية من خلال دراسة حالة “نادي الابداع” بثانوية الجاحظ الإعدادية” بإقليم القنيطرة.
منهج البحث:
استخدمنا في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على التسلسل المنطقي للأفكار، وذلك من خلال عرض الاطار المفاهيمي للبحث كمدخل للتعمق في موضوع البحث قصد التأكد من الفرضيات.
أدوات البحث:
تم اعتماد أداتين أساسيتين وهما: الملاحظة بالمشاركة وهي طريقة يشارك من خلالها الباحث في الحياة اليومية داخل المؤسسة المحددة، حيث قمنا باحداث ناد تربوي داخل مؤسسة تربوية وسطرنا مجموعة من الأنشطة، وللاسثمار مدى تجاوب عينة البحث مع هذه التجربة استخدمنا أداة الاستبانة للتعرف على اراء المدرسين في تطور الفكر الإبداعي لدى عينة البحث.
الدراسات السابقة:
تتعدد الدراسات بين العربية منها والأجنبية التي تناولت الابداع في علاقته بمجال التربية ونذكر منها:
كتاب “التربية وصناعة الابداع” للدكتور حسن إبراهيم عبد العال:
ويتضمن هذا الكتاب 5 فصول, وقد تم التركيز في التحليل على الفصل الثاني المعنون ب “الابداع …نظرياته ومقوماته” حيث يتناول الكاتب مفهوم الابداع وسمات المبدعين وكذا بعض النظريات المفسرة له.
والفصل الخامس والأخير والمعنون ب : “المدرسة…وتربية الابداع” والذي يناقش المسؤولية الريادية للمدرسة ودورها المتمثل في اعداد المبدعين وتنمية الطاقات الإبداعية لدى التلاميذ من خلال الوقوف على دور المعلم ودور الإدارة ودور المناهج في هذه العملية.
كتاب “التربية الإبداعية” للدكتورة منى يونس البحري/ صاحب عبد مرزوك:
ويتضمن في فصله الرابع المفاهيم المتعلقة بالعملية الإبداعية, ويتعلق الامر بمفهوم الابداع ومستوياته ومراحله ومكوناته.
كتاب ” الابداع العام والخاص” لألكسندرو روشكا, ترجمة د.غسان عبد الحي أبو فخر:
ويتطرق لمفهوم الابداع باعتباره ظاهرة متعددة الابعاد ومفهومه يختلف باختلاف زاوية الرؤية والمجال، كما يناقش المناخ الإبداعي والعوامل الخارجية المتدخلة في العملية الإبداعية.
مقال تحت عنوان “دور المدرسة في تنمية الابداع لتلاميذ الحلقة الاولى من التعليم الأساسي في مصر للباحثة رشا خلف عبد الحليم.
ويتناول هو الاخر المفاهيم المرتبطة بالابداع وأهميته وشروطه ثم دور المدرسة بأنشطتها الصفية واللاصفية في تنميته.
ولعل مضامين هذه الدراسات تصب بشكل عام حول المفاهيم المرتبطة بالعملية الإبداعية في شتى المجالات ولا تنحصر فقط فيما هو تربوي، ولعل هذا هو الهدف من هذا البحث أي دراسة هذا المفهوم في الحلقة التربوية على اعتبار أن المدرسة مجتمع مصغر عن المجتمع الأكبر.
الفصل الثاني: دور الأندية التربوية في تنمية المهارات الإبداعية: المفاهيم والاليات
المحور الأول: التأطير النظري لمفهوم الابداع وبيداغوجيا الابداع
1-تعريف الابداع في اللغة والاصطلاح
الابداع في اللغة: يعني الانشاء والاختراع يقال ابدع الشيء واخترعه والبديع المبتدع وابدع الشاعر جاء بالبديع والله سبحانه وتعالى بديع السموات والأرض (منظور، لسان العرب، 1993، ص 6).
الابداع في الاصطلاح: الاتيان بكل جديد سواء أكان هذا الجديد أفكارا أم اختراعات أو تطوير ما هو قائم من أدوات أو قوالب فكرية نمطية سائدة من خلال اصدارأفكار جديدة غير مألوفة (غانم، 2010، ص 91).
2-تعريف الابداع في الأدبيات التربوية:
تختلف المفاهيم وتتعدد الآراء حول مفهوم الابداع وذلك حسب وجهة نظر كل باحث وزاوية معالجته حيث يعرف الابداع في معجم المصطحات التربوية على انه قدرة التلاميذ على الاتيان بحلول جديدة للمشاكل و المواقف التي تواجههم وان كانت عناصرها موجودة في الموقف التعليمي لدى المعلمين ولكنها غير معروفة لدى التلاميذ انفسهم (أحمد، 2013، ص 19) وبالتالي فمفهوم الابداع كما جاء في التعريف يعني قدرة المتعلم على ايجاد الطرق والوسائل لعلاج مشاكل جديدة بأساليب أصلية وبهذا يكتسب الفرد القدرة على تقبل الأشياء الجديدة وينمي حس المرونة لديه كما ينمي قدرته على مواجهة المشاكل والتحديات من مختلف الزوايا.
وهوأيضا كفاية وطاقة واستعداد يكتسبه المتعلم من خلال تركيز منظم لقدراته العقلية وارادته وخياله وتجاربه ومعلوماته (الحليم، 2021، ص 13) .
وتجدر الإشارة الى أن الابداع لاينحصر في مجال أو فن محدد بل هو شامل لكل مجالات الحياة وفي أعمال الفكر التي ينتج فيها الفرد ويتعامل معها ذهنيا كان ذلك أو تطبيقا عمليا.
وانطلاقا من هذه التعريفات يمكن القول أن مفاهيم الابداع تختلف باختلاف زوايا معالجته ومجاله لكن معظمها تتمحول حول ثلاثة أبعاد أساسية وهي:
- تعريفات منطلقها البيئة الاجتماعية التي يقع فيها الفعل الإبداعي،ويتبنى هذه الرؤية علماء الاجتماع على اعتبار أن الظروف والبيئة والمواقف التي يعيشها الفرد هي التي تطور مفهوم الابداع لديه أو تعيقه، والمناخ المدرسي والتربوي يساهم بشكل كبير في التأثير على الفرد في علاقته بالابداع (منى يونس، 2007، ص 59).
- تعريفات منطلقها الفرد بخصائصه الشخصية والمعرفية ويتبنى هذا الطرح علماء النفس المعرفي الذين يدرسون متغيرات الشخصية والفروق الفردية على أنها هي المحددات الرئيسية للفعل الإبداعي لديهم (منى يونس، 2007، ص 60).
- تعريفات منطلقها ما ينتجه الفرد بعيدا عن كل العوامل الخارجية والداخلية، وذلك بالوقوف حول المنتوج الإبداعي ومدى خضوعه لشرط الابداع من أصالة وابتكار وتجديد.
2-بيدغوجيا الابداع :
البيداغوجيا Pedogogy :تتكون كلمة بيداغوجيا من حيث الاشتقاق اللغوي من شقين Pedaوتعني طفل وAgoge وتعني القيادة او التوجيه وقد كانت تشير في التقافة اليونانية الى الشخص المكلف بمراقبة الأطفال ومرافقتهم في خروجهم للنزهة (جميل و حمداوي، 2020، ص 45).
ومن حيث الاصطلاح فالبيداغوجيا هي علم التربية الذي يعنى بايصال المعارف والمهارات الى المتعلم ويعنى بتوجيهه الى استخدام الأساليب المناسبة للوصول الى أدق النتائج (جميل و حمداوي، 2020، ص 45).
الإبداعية: جاء في لسان العرب تعبير ابدع التي بمعنى انشا وخترع على غير مثال (منظور، لسان العرب، 1993، ص 200)
والابداعية كلمة تدل على القدرة على الابداع والاختراع والخلق، وبالتالي فمعناها يختلف حسب كل حقل من الحقول المعرفية.
وبيداغوجيا الابداع هي نظرية تربوية تسعى الى تربية المتعلمين تربية إبداعية قائمة على تعلم المهارات وتنمية الملكات والتدريب على الخلق والإنتاج والابداع والاختراع وكذلك التعود على التجديد والتطوير و التكييف مع الوضعيات كيفما كان نوعها. وذلك من خلال اكتساب الخبرات المعرفية والمنهجية من مختلف الأنشطة والعمليات التي يقوم بها المتعلمون لصقل هذه المهارات .
وهي مجموع الأنشطة والعمليات المنظمة التي يقوم بها المتعلمون من أجل ابتكار أفكار أو اكتشاف أشياء تتميز بتفردها، وبالتالي تقوم بيداغوجيا الابداع على امتلاك المتعلم للكفاءة المهارية والقدرات الذاتية التعلمية في علاقتها بالواقع الموضوعي وذلك عبر ما يكتسبه المتعلم في الفصل الدراسي أو في الأنشطة اللاصفية للمدرسة من أجل التكيف مع الواقع والتاقلم معه وايجاد الحلول المناسبة التي تعترضه، وهي تهدف بالأساس الى بناء مستقبل تربوي حداثي قائم على الخلق والتطوير والاكشاف وقادر على مواجهة التحديات على جميع المستويات وفي شتى المجالات (صابر، 2021، ص 7).
أسس بيداغوجيا الابداع
ترتكز بيداغوجيا الابداع على مجموعة من الأسس أهمها :
- السعي الى التجديد والتحديد باعتبارها شرطان اساسيان لتحقيق الابداع .
- تفادي التكرار والابتعاد عن ماهو موجود سلفا.
- اعتماد حداثة حقيقية وضيفية وبناءة.
- الاعتماد عل التعلم الذاتي عبر تطبيق البيداغوجيا اللا توجيهية. .
- جعل الاتفان شرط أساسي لكل ماهو ابداعي.
- الانفتاح على المحيط الخارجي قصد الاستفادة من التجارب والخبرات.
- خدمة التنمية المحلية والهوية والوطنية ولانسانية .
- تنمية القدرات الداتية والمادية من اجل مواجهة التحديات الموضوعية والواقعية.
- انتاج الافكار عن طريق التفكير في الماضي والحاضر والمستقبل.
وبالتالي فبيداغوجيا الابداع تهدف بالأساس الى تكوين فرد قادر على تجاوز التحديات وحل المشاكل ليساهم في تغيير مجتمعه وتطويره نحو الأفضل وذلك عبر تكوين المتعلمين وتطوير قدراتهم وملكاتهم في جميع المجالات باعتماد الأساليب والطرق والأنشطة المناسبة لذلك، حيث تبقى المدرسة هي الفضاء الأنسب لهذه العملية ولترجمة أهدافها وغاياتها.
المحور الثاني: دور المدرسة في تنمية الابداع لدى المتعلمين
تلعب المدرسة دورا مهما في اعداد المبدعين وفي تنمية الطاعات الابداعية لديهم، وتظهر مقومات هذه المدرسة من خلال مكوناتها المختلفة من مجالس تدبيرية وأندية تربوبة وأطر ادارية وهيئة تدريس، حيث تتجلى هذه الادوار كما يذهب لذلك “بول تورانس”:
- تساهم المدرسة في تنمية وتحسين قدرات المتعلمين الابداعية عبر توفير الامكانات التي تسمح باظهار هذه القدرات(منى يونس، 2007، صفحة 79).
- يقوم المدرس بدور الراعي لقدرات ومواهب المتعلمين.
- يساعد المدرس المتعلم على ادراك ذاته وشعوره بفردنيته.
- تسمح المدرسة للمتعلم بالتعبير عن أفكاره وذاته بطلاقة وحرية.
يقوم المدرس بدور هام في تنمية ورعاية الطاقات الابداعية للمتعلمين وتشكيل عقولهم ونفوسهم على نحو مبدع، وصياغة العقول لتصبح قابلة للتفتح الى أقصى ما يمكن وذلك من خلال تفجير طاقاتهم وقدراتهم وتغيير مواقفهم من الطبيعة والحياة والسكون الى موقف التجريب والسعي لتوليد المبتكر واستكشاف علاقات ودلالات معرفية ووجدانية أو ذوقية جمالية جديدة (منى يونس، 2007، صفحة 101).
وفي سياق التربية الابداعية بات أيضا من الضروري تجاوز المناهج من ملئ العقول وحشدها بالمعلومات الى تمكين هؤلاء المتعلمين من مهارات الحصول عليها وتعليمهم البحث الذاتي وتطوير المعارف واكتشافها.
المحور الثالث:الأندية التربوية: المفهوم، الأهداف و اليات التفعيل
1-مفهوم الأندية التربوية:
النادي التربوي آلية لتفعيل أنشطة الحياة المدرسية، وهو مجموعة متجانسة من المتعلمين، من مختلف المستويات الدراسية تجمعهم صفة الميل المشترك للأنشطة محور اشتغال النادي، بحيث يقبلون على الانخراط التلقائي والفعلي في انجازها، تحت اشراف تربوي بما يتيح لهم تكوين مجموعة من الخبرات والكفايات التربوية في جو يسوده الشعور بالانتماء، وقبول الاختلاف والتطوع والمبادرة والعمل الجماعي والتعاون والتضامن.. (وزارة التربية الوطنية، 2008،ص 23)
وبالتالي فالنادي التربوي هو فضاء فعلي لتبادل الخبرات وتعميق التعلمات بما يتيح للمتعلم ربطها بالواقع المحلي من أجل بناء متعلم مشارك ومبادر ومبدع.
2-أهداف النادي التربوي:
يهدف النادي التربوي الى تحقيق مجموعة من الغايات الايجابية التي تساهم في بناء فرد متكامل ومبدع ومنتج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ويمكن ذكر بعض الأهداف التي جاءت في دليل الأندية التربوية وهي كالتالي:
- تقوية الشعور والانتماء الجماعي.
- المبادرة الفردية والتربية على العمل الجماعي.
- دعم التتقيف بالنظير والتعلم الجماعي المتبادل.
- التربية على ابداء الرأي و احترام رأي الاخر وقبول الاختلاف.
- تنمية الشخصية والاتجاهات والقيم والكفايات.
- استثمار التعلمات وتوظيفها في وضعيات اندماجية.
- التمرن على الممارسات الديمقراطية وعلى تحمل المسؤولية.
- اغناء مهارات التوتصل والاستماع والاخذ والعطاء.
- تطوير وامتلاك أدوات تسييرية.
- تعزيز الانفتاح على المحيط الخارجي.
3-مجالات أنشطة النادي التربوي وأنواعها:
تتوزع أنشطة النادي التربوي عامة بين مجالين أساسين وهما:
مجال التفتح العلمي والتكنولوجي والمهني | مجال التفتح الثقافي والاجتماعي والرياضي |
-التفتح العلمي في : الصحة والبيئة والتنمية المستدامة والعلوم…
-التفتح التكنولوجي في تطبيقات العلوم والتكنولوجيا والاعلاميات… -التفتح المهني في الانفتاح على المهن والقطاعات الاقتصادية والمشاريع الشخصية… |
-التفتح الثقافي واللغوي والفني والإعلامي في الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والرسم..
-التفتح الاجتماعي في مجال المواطنة والسلوك المدني وحقوق المرأة والأعمال الاجتماعية… -التفتح الرياضي في الألعاب الرياضية والبدنية… |
(جدول 1) (وزارة التربية الوطنية، 2008)
تتنوع أنشطة النادي التربوي بتنوع هذه المجالات وتفرعاتها وبتنوع اجتهادات المؤسسة واختلاف شركاءها الداخليين والخارجيين وتميز كفايات الأطر العاملة بها، وكذا تنوع ميول المتعلمين وتطلعاتهم، كما وتنفتح هذه الأنشطة على المواد الدراسية المقررة وعلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفنية والثقافية والعلمية وغيرها، وذلك قصد اكتشاف قدراتهم وتنمية مواهبهم وتعهدها بالرعاية والتطوير والتهذيب.
4-صيغ إحداث وهيكلة النادي التربوي:
تتعدد صيغ إحداث النادي التربوي بالمؤسسات التعليمية وذلك حسب طبيعة هذه الأخيرة وأطرها وشركاءها، لكن عامة ما يتم اعتماد إحدى الصيغ التالية:
1-إحداث النادي التربوي تحت الاشراف المباشر للمجلس التربوي حيث ينضوي تحته مجموع الأندية الفرعية على شكل لجان وظيفية.
2-إحداث نادين في المجالين المحددين سلفا وهما مجال التفتح العلمي والتكنولوجي والمهني، ومجال التفتح الثقافي والاجتماعي والرياضي.
ولنا في الدراسة التطبيقية مثال على نوع صيغة الاحداث وشكل الهيكلة ومراحل احداث النادي.
وانطلاقا مما سبق ولتحقيق الغاية من النادي التربوي، على هذا الأخير أن يعتمد على أنشطة ووضعيات تمكن المتعلمين من الاستكشاف والتجريب والاستنتاج والممارسات العلمية، حيث تتيح له المجال الواسع للبحث والمبادرة والتربية على الاختيار.
الفصل الثالث: دراسة تطبيقية
المحور الأول: تأسيس نادي الابداع الفني والثقافي
أولا:خطوات تأسيس نادي الابداع الفني والثقافي
1-عقد اجتماع المجلس التربوي بالمؤسسة وفتح المبادرة للأساتذة والتلاميذ من أجل تأسيس نادي أو نوادي لتغطية حاجات وطاقات التلاميذ.
2-تشكيل لجنة للتتبع وتقييم عمل الأندية، تتكون من مدير المؤسسة وبعض الأطر المهتمة بمجال تنشيط الحياة المدرسية.
3-اقتراح احداث نادي الابداع الفني والثقافي ودراسة مشروعه.
4-وضع الخطوط العريضة لمشروع النادي وهي كالتالي:
- اسم النادي: نادي الابداع الفني والثقافي
- دواعي تأسيس النادي: من أجل خلق مدرسة جديدة ومبدعة ومفعمة بالحياة ارتأت ثانوية الحاحظ الاعدادي تأسيس نادي الابداع الفني والثقافي ليكون بمثابة فضاء حقيقي لتنمية قدرات المتعلمين والمتعلمين لاكسابهم المهارات اللازمة وتشجيعهم على الابداع والابتكار والتطوير، وقد وقع الاختيار على مكون الفن والثقافة كمساحة يستمتع ويكتسب في دات الان المتعلم من أنشطتها.
- الأنشطة المقترحة: ورشات، مسرحيات، عروض، تفعيل الاذاعة المدرسية…
5-تم وضع اعلان داخل فضاء المؤسسة لاستقبال رغبات التلاميذ للانخراط في النادي كما قام منسق النادي باعلام التلاميذ وشرح فكرة النادي وأهدافه للمتعلمين داخل الفصول الدراسة.
6-عقد الجمع العام لتأسيس النادي وتحديد برنامج دقيق للأنشطة المزعم انجازها وخطة العمل.
ثانيا: مجتمع وعينة البحث:
اختارت الباحثة مجتمع البحث من الثانوية الاعدادية الجاحظ التابعة لمديرية القنيطرة، وهي مؤسسة تعليمية عمومية للسلك الاعدادي، وتمثلت عينة البحث في 50 متعلم ومتعلمة (اختيار عشوائي) موزعة على الشكل التالي:
العدد حسب الجنس | الأولى اعدادي | الثانية اعدادي | الثالثة اعدادي | |
الذكور | 24 | 8 | 8 | 10 |
الاناث | 26 | 8 | 8 | 8 |
المجموع | 50 | 16 | 16 | 18 |
(جدول رقم 2)
ثانيا: أدوات البحث:
اعتمدت الباحثة أداتين أساسيتين من أدوات البحث العلمي، أداة الملاحظة بالمشاركة وأداة الاستبانة.
1-بطاقة الملاحظة بالمشاركة
على اعتبار أن الباحثة تشتغل بالمؤسسة التعليمية سالفة الذكر ومهتمة بالشأن التربوي والثقافي والفني، اختارت مشاركة المتعلمين والمتعلمات خلال الأنشطة المنظمة بالنادي، وذلك في الفترة الممتدة بين شهر شتنبر ودجنبر وفق برنامج الأنشطة التالي:
ر.ت | نوع النشاط | موضوع النشاط | أهداف النشاط | الفئات المستهدفة |
1
2
3
4 |
مائدة مستديرة
عرض سينمائي
الاذاعة المدرسية
ورشة |
مهارات الالقاء والتواصل
مشاهدة فيلم سينمائي في موضوع القيم والتربية تفعيل الاذاعة المدرسية عبر مجموعة من البرامج المدرسية التصوير الفوتوغرافي |
اكتساب مهارات الحوار والتواصل والاقناع
اكتساب مهارات النقد وتحليل المضمون اكتساب مهارات الالقاء والتواصل تنمية مهارة الابداع البصري لدى المتعلمين |
عينة البحث |
(جدول رقم 3)
لقد تم انجاز أربعة أنشطة من الأنشطة المسطرة في برنامج عمل النادي السنوي، وذلك من الفترة الممتدة من شهر شتنبر الى شهر دجنبر، ولبيان أهمية هذه الأنشطة في تنمية قدرات التلاميذ الابداعية تم اعتماد أداة الاستبانة في ثلاث مراحل، موزعة على ثلاث مراحل: نهاية شهر أكتوبر- نهاية شهرنونبر-نهاية شهر دجنبر، حيث تتضمن نفس الفقرات وتتكرر مع كل مرحلة من أجل بيان أثر أنشطة النادي على شخصية المتعلمين عينة البحث.
وتتوزع فقرات الاستبانة على الشكل التالي:
الفقرة 1: معلومات عامة حول المتعلم(ة)
الفقرة2-:أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارات التواصل والحوار والنقد البناء
الفقرة 3: أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارة التعلم التعاوني والتثقيف بالنظير والاتيان بالافكار الجديدة وحل المشكلات .
ثالثا: تحليل النتائج
في كل فترة من الفترات المحددة يتم تفريغ الاستبانة الموزعة بين 50 استبانة لشهر أكتوبر و 50 استبانة لشهر نونبر و50 استبانة لشهر دجنبر، حيث وزعت بالتساوي بين ثلاثة مدرسين المتتبعين لعينة البحث خلال الفترة المحددة، وفي التالي نتائج التفريغ:
نتائج استبانة شهر أكتوبر
الفقرة | أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارات التواصل والحوار والنقد البناء…. | أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارة التعلم التعاوني…. |
النسبة | نسبة الاجوبة ب “نعم” 9 بالمئة
نسبة الأجوبة ب “لا” 91 بالمئة |
نسبة الاجوبة ب “نعم” 11.5 بالمئة
نسبة الأجوبة ب “لا” 88.5 بالمئة |
(جدول رقم 4)
نتائج استبانة شهر نونبر
الفقرة | أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارات التواصل والحوار والنقد البناء…. | أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارة التعلم التعاوني…. |
النسبة | نسبة الاجوبة ب “نعم” 23بالمئة
نسبة الأجوبة ب “لا” 77 بالمئة |
نسبة الاجوبة ب “نعم” 27بالمئة
نسبة الأجوبة ب “لا” 73 بالمئة |
(جدول رقم 5)
نتائج استبانة شهر دحنبر
الفقرة | أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارات التواصل والحوار والنقد البناء…. | أسئلة تتعلق بمدى اكتساب المتعلم لمهارة التعلم التعاوني…. |
النسبة | نسبة الاجوبة ب “نعم” 44.9 بالمئة
نسبة الأجوبة ب “لا” 55.1 بالمئة |
نسبة الاجوبة ب “نعم” 53.5 بالمئة
نسبة الأجوبة ب “لا” 46.5 بالمئة |
رابعا: تحليل واختبار فرضيات البحث
تساهم أنشطة النوادي التربوية في تنمية الكفايات العقلية والمهارية للمتعلمين واكتشاف ميولاتهم وصقل مواهبهم واذكاء روح العمل والمبادرة بينهم.
من خلال ملاحظة الباحثة وتعبئة بطاقة الملاحظة بالمشاركة تبين أن المتعلمين والمتعلمات تطور مستوى مهاراتهم الفردية مع توالي الأنشطة وتكرارها، خصوصا مع تفعيل الاذاعة المدرسية حيث شكلت بالنسبة لهم فضاءا لتبادل الخبرات وتنمية مهارات التواصل والتفاعل والابداع.
كما أن نتائج تفريغ الاستمارات تعكس التطور الملاحظ في مهارات المتعلمين حيث ارتفعت النسبة مع نهاية شهر أكتوبر من 9 بالمئة الى 44.9 بالمئة مع نهاية شهر دجنبر، ولعل هذا ما يشير لأهمية هذه الاندية في اكتساب المتعلمين المهارات الابداعية وتطويل القدرات الفردية، اذ بتوالي الانشطة والممارسة المتكررة سترتفع النسبة ، ومنه سنساهم في خلق مدرسة جديدة مبدعة ونشيطة.
خلاصة وتوصيات:
تساهم المدرسة في تغطية الجوانب التربوية التعليمية ،كما تساهم في تنمية الكفايات العقلية والمهارية وغرس القيم والاتجاهات الحميدة لدى المتعلم، مما يجعله فردا ملتزما يساهم بإيجابية في تطوير مجتمعه نحو الأفضل، ولا يتأتى ذلك الا عبر تسطير البرامج والأنشطة داخل الفضاء المدرسي، في اطار قانوني ومنظم وهو النادي التربوي،هذا الأخير الذي يلعب دورا محوريا في اكتشاف الميول وصقلها واشباع حاجات المتعلمين التثقيفية والمهارية، وبالتالي خلق مدرسة أساسها الفكر المبدع والاكتشاف، والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء.
ومن جملة التوصيات التي توصل اليها البحث:
- تفعيل مجالس المؤسسة والادارة التربوية لمهامها، لتساهم في الاشراف على ارساء الاندية التربوية وتفعيل أدوارها.
- الحرص على الانخراط الفاعل والفعال للمتعلمين في إحداث الاندية وتخطيط أعمالها وتأطير أنشطتها .
- تنويع أنشطة الأندية وانتظام العمل بها، مع توفير الشروط الضرورية لانجازها.
- اعتماد انشطة الأندية على وضعيات تمكن المتعلم من الاستكشاف والتجريب والممارسة العملية، وتتيح له مجالا واسعا للمبادرة والاختيار والابداع.
- نشر ثقافة الابداع في المجتمع وتفعيل الشراكة بين المدرسة والمجتمع بكافة مؤسساته..
المراجع:
- ابن منظور (1993): “لسان العرب”،ط1،بيروت،دار الكتب العالمية.
- أحمد حسن اللقاني (2013):”معجم المصطلحات التربوية،ط2، القاهرة،عالم الكتاب.
- أسماء بنت علي بن محمد (2017):”التربية الإبداعية وأثرها في المجتمع”،مجلة جيل العلوم الاجتماعية والإنسانية،عدد 34، سبتمبر 2017.
- جميل حمداوي (2020)،”النظريات التربوية الجديدة،ط 1، تطوان،دار الريف للطبع والنشر
- غانم محمد حسن (2010):”مقدمة في سيكولوجية التفكير،ط1،القاهرة
- صابر نهلة (2021):”بيداغوجيا الابداع كمدخل لتدريس طلاب التربية الفنية في القرن الحادي والعشرون”، العدد 27، المجلة العلمية أمسا التربية عن طريق الفن أبريل 2021.
- رشا خلف عبد الحليم (2021): “دور المدرسة في تنمية الابداع لتلاميذ الحلقة الاولى من التعليم الاساسي في مصر “، العدد 4، مجلة بحوث.
- علا أحمد عمر(2016):”التربية الإبداعية وصعوبات التعلم”، ط1،دار أمجد للنشر والتوزيع،عمان.
- محمد الدريج(2020):”تأسيس الأندية التربوية وتسييرها”،دليل، منتديات دفاتر
- منى يونس بحري،صاحب مروزك الجنابي (2008): “التربية الإبداعية”، ط1، الأردن، جهينة للنشر والتوزيع.
- وزارة التربية الوطنية، (2008):”دليل الأندية التربوية”، مديرية المناهج والبرامج
- المذكرة رقم 44 في شأن تأسيس الأندية التربوية (2001)، وزارة التربية الوطنية