د. فاديا فيصل بله
دكتوراه في التربية قسم علم النفس–كلية التربية- جامعة دمشق-سوريا
dr.fadiaballeh@gmail.com
0956516997
د. أماني أحمد اسكندراني
دكتوراه في التربية قسم علم النفس–كلية التربية- جامعة دمشق-سوريا
amaniahmad1948@gmail.com
0930096859
ملخص البحث
يمثل التعليم قاعدة الانطلاق الحقيقية لتحقيق التنمية المستدامة,والمعلم محور العملية التعليمية التعلمية, فشخصيته واسلوبه المعرفي والاتصالي يسهم في تشكيل اتجاهات وقيم التلاميذ,وتشكل حالات الأنا وفقاً لنظرية بيرن أساساً للتعامل مع الآخرين فتزود الفرد بقدر من الاستبصار بمكونات شخصيته الثلاثة “والد/ راشد/ طفل “وتساعده على تحرير مستوى “الراشد” من كل من المستويين “الآخرين ليحقق مستوى أفضل من الصحة النفسية, ووفقاً لذلك فإنَّ الشخص السوي يتخذ القرار انطلاقاً من حالة الأنا التي يعتقد أنها مناسبة بشكلٍ أكبر للموقف الذي هو فيه، بينما لدى غير السوي اضطراب في حالات الأنا ناجم عن نمط العلاقة مع الوالدين وأساليبهما في الاستجابة لاحتياجاته في المراحل المبكرة, والذي ربما ينعكس بدوره على اختيار الفرد لأسلوب معرفي خاص به وفق ما أوضحه روكيش في نظريته أنساق المعتقدات، إذ بيّن أنَّ الانغلاق المعرفي هو أسلوب للعقل يتسم بالتفكير المنغلق, ويمتد في الشخصية على متصل بين قطبي (الانغلاق والانفتاح) ووعليه فإن حالات الأنا تشكل نواة أساسية للتعامل مع الآخرين، ولاستجابة الفرد المعرفية لكل ما يحيط به, لذلك هدفت الدراسة الحالية الى تعرف العلاقة بين حالات الأنا والانغلاق المعرفي لدى عينة من المعلمين والمعلمات في مدينة دمشق، والكشف عن حالة الأنا المسيطرة, وتعرف الفروق في كل من حالات الانا والانغلاق المعرفي وفق بعض المتغيرات الديموغرافية, ولتحقيق هذه الأهداف استخدم مقياس حالات الأنا المصورة (David McCarley) ومقياس الانغلاق المعرفي (علي جابر 2012)، على عينة من( 370 ) معلما ومعلمة من معلمي الحلقة الأولى من التعليم الأساسي في مدينة دمشق، وأسفرت النتائج عن وجود علاقة موجبة بين الانغلاق المعرفي وحالتي الناقد والمتمرد، وسلبية بين الانغلاق المعرفي وحالتي الراشد والحنون، ولم توجد علاقة بين حالة الخاضع والانغلاق المعرفي، وكانت حالة المتمرد الأكثر شيوعا لدى العينة, يليها الناقد ثم الحنون ثم الراشد وأخيرا الخاضع, كما أسفرت عن عدم وجود فروق وفقاً للجنس في الانغلاق المعرفي، بينما وجدت فروق وفقاً للجنس في حالة الخاضع باتجاه الإناث, والناقد باتجاه الذكور ,وفروق وفقاً لنوع المدرسة عامة/خاصة في الانغلاق المعرفي باتجاه العامة، وفروق وفقاً لنوع المدرسة في حالة الراشد لصالح الخاصة، و فروق لصالح العمر أكثر من 50 في الانغلاق المعرفي، وفروق وفقا للعمر في حالة الخاضع باتجاه العمر 31 -40، وفي حالتي الناقد والمتمرد لصالح العمر باتجاه أكثر من 50, ووفق هذه النتائج فإن الدراسة توصي بـاعداد برامج ارشادية للمعلمين والمعلمات والعاملين في قطاعات الدولة,لتنمية حالة الأنا الراشدة لديهم لخفض مستوى الانغلاق المعرفي المتبنى لديهم, بما يحقق التنمية المستدامة, والعمل على انشاء منصة حوارية خاصة برفد المعلمين والمعلمات ببرامج علمية ثقافية مما يعزز الانفتاح والمرونة الفكرية لديهم ويكون له دور ايجابي على المستوى الشخصي والمهني والاجتماعي (زملاء, ادراة, تلاميذ, أهالي).
الكلمات المفتاحية: حالات الأنا، الانغلاق المعرفي ,بيرن
Berne’s ego states and their relationship to cognitive closure
A field study of a sample of male and female teachers
in the city of Damascus
Dr. Fadia Faisal Bellah
Dr.. Amani Ahmed Iskandarani
Abstract:
Education is the fundamental basis to achieve sustainable development. Teachers are the pivot of the educational learning process; their personality, cognitive and communicative styles contribute to forming pupils’ attitudes and values.
According to Byrne’s theory, the ego state forms the foundation to deal with others; it provides the individual with a measure of clairvoyance in his three characters (parent/ adult /child). It also helps him to realize the adult character of the other two characters to achieve a better mental health level.
Accordingly, the normal person makes the decision depending on the ego states that he believes are most suitable for the situation. In contrast, the abnormal person has disturbances in ego states caused by the relationship type with his parents and their methods of responding to his early needs. This may reflect in the individual’s choice of cognitive style as explained by the theory of Rakesh (The Belief Systems).
Rakesh explained that cognitive lockdown is the method of mind characterized by closed thinking and extends into the personality by the connection between the poles of closedness and openness.
Thus the ego states form a fundamental nucleus for dealing with others and for the individual’s cognitive response to all that surrounds him.
This research aimed to identifying the nature of the relationship between Ego States and the Cognitive Closure, and determine differences according to the (the gender, age,) in Ego States and the Cognitive Closure, The sample consisted of (370) teachers (male &female) from (the first cycle of basic education in Damascus), It has been used in this research the Ego States Inventory (David McCarley) and the Cognitive Closure (Ali Jaber 2012) , the results showed that There were positive significant relationships between Cognitive Closure and each of critical parent and rebellious child Ego States ,and There were negative significant relationships between Cognitive Closure and each of Adult and Adapted child Ego States, and there were not differences to gender in Cognitive Closure, while there were differences in Ego States according to gender in the Adapted Child to female, and in the critical parent to male, and there were differences to the type of school (public / private) in Cognitive Closure to public school, and there were differences to the type of school in the Adult Ego State to private school, and there were differences to age (20-30/31-40/41-50/more than 50) to more than 50 in Cognitive Closure, and to 31-40 in the Adapted Child, and more than 50 in the critical parent and rebellious child Ego States.
According to these results, the study recommends the preparation of guidance programs for teachers and the employees in the governments’ sectors to develop their adult ego state to lower the lockout level to achieve sustainable development and also to prepare a dialogue platform to provide teachers with scientific and cultural programs to enhance their openness and flexibility
Keywords:
Ego States of Berne, Cognitive Lockdown
مقدمة البحث:
وجود الانسان واستمرارية وجوده لا تتحقق الا من خلال الآخرين والتفاعل معهم في أنشطة الحياة اليومية المختلفة, هذا التفاعل يعطي الفرد الفرصة لإشباع حاجاته وتنظيم وقته والحصول على حب الآخرين, ومع تفاعل وتواصل الافراد معا تظهر تغيرات في جوانب عديدة في المشاعر والأفكار والسلوكيات, هذه التغيرات أسماها بيرن حالات الأنا وقسمها الى حالة الوالد والراشد والطفل والتي تشكل جوهر نظرية التحليل التفاعلي لديه, وقد جاءت هذه النظرية كمحاولة لفهم عميق للتفاعل الاجتماعي الذي يحصل عندما يلتقي شخصان كل منهما في حالة نفسية معينة, وعادة ما يستخدم الفرد في كل مرحلة من مراحل عملية الاتصال احدى هذه الحالات, ويتوقف نجاحه في عمليات الاتصال على استخدام الحالة المناسبة للموقف مع الموازنة في استخدام الحالات الأخرى بما يتناسب مع كامل عملية الاتصال , بما فيها الموقف والسياق الموقفي, فلكل إنسان شخصية كلية تحوي بداخلها ثلاث حالات تُمثّل كل حالة واقعاً نفسياً مختلفاً عن الأخرى ولكنها في مجموعها تعطي للشخصية الإنسانية طابعاً فريداً ومتميزاً. (Rosenthal,2001) ويمكن أن نستدل على الكثير من معتقدات الفرد من خلال حالة الأنا المسيطرة عليه، حيث لا يكون تقييم الفرد على أساس إيمانه بمجموعة معينة من المعتقدات و إنما على أساس أسلوبه في التعامل مع هذه المعتقدات، وربما تلعب حالة الأنا المسيطرة لديه دورا في تناول المعتقدات فإما بذهن متفتح أو بذهن منغلق, والأفكار المنغلقة معرفياً لا تسمح لصاحبها بأي مساحة من التفكير المرن وهي إحدى المعوقات الأساسية أمام عجلة التقدـم الاجتماعي والحضاري وأمام التنمية المستدامة، والتنمية المستدامة وليدة المجتمع وجزء مهم منه، فهي تلبي حاجات المجتمع المتزايدة و تساعد في تطوره بشكل مستمر من خلال تطوير مؤسساته التربوية والاجتماعية والثقافية، والتي تسهم بدورها في عملية التنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، وترفد المجتمع بالكفاءات والمهارات والخبرات اللازمة للمساهمة في حركة التنمية والتحديث، بما يحقق النهضة المجتمعية بكافة المجالات, و في زمن التطور والتكنولوجيا والتقدم الهائل أضحت التنمية المستدامة ضرورة وخاصةً في مجال العمل، لذا كان لابدَّ من تركيز الاهتمام على النقاط التي من شأنها أن ترفع من مستوى أداء الموظف او المعلم وتسهم في تأهيله ونهوضه, بهدف تطوير المجتمع, وتنميته بما يدخل ضمن اطار التنمية المستدامة.
لذا تُعدُّ الدراسة الحالية مدخلاً لدراسة العوامل التي من شأنها أن تساعد على تحسين أداء الفرد وزيادة عطائه، وتعد شخصية الفرد وتحديداً شخصية المعلم من أهم هذه العوامل, لما لها من دور محوري في العملية التعليمية التعلمية, فالمعلم الذي يتصف باستبداد بالرأي وعدـم السماح للتلاميذ بالتعبير عن آرائهم والتعالي عليهم والاعتماد على الأوامر كشكل وحيد للاتصال مع تلاميذه ، فإنَّه في هذه الحالة يعاني من اضطراب في حالات الأنا بحيث لا يستطيع استخدام حالة الأنا المناسبة للموقف وإنَّما يحتفظ بحالة واحدة فقط في كل المواقف ويتبناها بشدة وتصبح عادة لديه، مما يُؤثر بشدة على التلاميذ ولا يسمح بتطورهم ورقيهم.
مشكلة البحث:
يمثل التعليم قاعدة الانطلاق الحقيقية للتنمية نظراً لدوره في تحقيق التنمية المستدامة ويعتبر المعلم محور العملية التعليمية التعلمية للنهوض والارتقاء بقدرات ومعارف ومهارات التلاميذ والمساهمة في تشكيل اتجاهاتهم وقيهم, وتنعكس شخصية المعلم واسلوبه المعرفي والاتصالي على التلاميذ, ووفقاً لنظرية التحليل التفاعلي فإنَّ حالات الأنا تشكل أساساً للتعامل مع الآخرين حيث تُدرس من خلالها البنية الوظيفية للفرد (تصرفاته، وطريقة كلامه وإيماءاته، وردود أفعاله الحسية والجسدية، ومواقفه). (Car.et al,2011,p4) وتزوده بقدر من الاستبصار بمكونات شخصيته الثلاثة “والد/ راشد/ طفل” وتساعده على تحرير مستوى “الراشد” من كل من المستويين “والد /طفل” حتى يمتلك حقاً إرادة التغيير، طبقاً للواقع الخارجي والحقائق الخارجية. (إبراهيم،2016،ص1), حيث يتمحور الهدف الاساسي للنظرية نحو الوصول بالفرد إلى أقصى نمو وتوافق نفسي واجتماعي، والاستقلال بشخصيته, الامر الذي يحمل في طياته التفاعل والإنتاج المبدع والخلاق، بما يحقق للفرد مستوى من الصحة النفسية ويجعله خالياً من أي اضطرابات نفسية.(أبو زعيزع، 2011، ص55-57), فالأنا الوالدية تتشكل لدى الطفل بناءً على خبرات تراكمية اكتسبها من أحد والديه (الأب، الأم) وهذه الأنا تقوم على إصدار التعليمات والأوامر والتحذيرات، أمَا الأنا الطفلية فينظر لها كمستودع لذكرياته العاطفية السعيدة أو الحزينة وهي تقوم على تفسيرات طفلية غير ناضجة لما يشاهده الفرد أو يسمعه أو يشعر به أو يفهمه، بينما الأنا الراشدة تتطور تدريجياً لتكتمل في بداية السنة الثانية عشرة تقريباً حين يستطيع الفرد التفكير بشكل منطقي، وينظر إلى الأنا الراشدة كجهاز حاسوب يعمل على استقبال المعلومات الواردة من الأنا الوالدية والأنا الطفلية ويقوم بمعالجتها بما يتلاءم مع متطلبات العالم الخارجي. (الوقفي 2003،ص30)
وانطاقاً ممّا سبق فإنَّ الشخص السوي وفقاً لنظرية التحليل التفاعلي هو الذي يتخذ القرار الحر والمريح له انطلاقاً من حالة الأنا التي يعتقد أنها مناسبة بشكلٍ أكبر للموقف الذي هو فيه، وفي نفس الوقت تكون كل حالة من حالات الانا الثلاث لديه متميزة عن الأخرى (بمعنى أنَّ الحدود تكون واضحة بين الحالات الثلاث)، إضافة إلى امتلاكه الإرادة لشحن كل حالة منها في الوقت المناسب، وبالتالي فإنَّ الشخص غير السوي والذي لا يتمتع بمعايير الصحة النفسية، لديه اضطراب في حالات الأنا، ويعود ذلك لنمط العلاقة بين الصغير ووالديه وأساليبهما في الاستجابة لاحتياجاته.
هذا الاضطراب في حالات الأنا يُعدُّ عاملاً هاماً في اختيار الفرد لأسلوب حياتي يتسم بالتفكير المنغلق نحو كل ما هو جديد أو مخالف لمعتقداته الخاصة التي تّعدُّ نوعاً من الثوابت التي لا تتغير أو تتبدل. (مهدي،2002،ص35) وقد أوضح ذلك روكيش في نظريته أنساق المعتقدات، إذ بيّن أنَّ الانغلاق المعرفي هو أسلوب للعقل يتسم بالتفكير المنغلق، وتمتد في الشخصية على متصل بين قطبين أحدهما الانغلاق في أعلى درجاته والآخر الانفتاح وقد بيّنت الدراسات السابقة أنَّ الظروف النفسية التي يمر بها الفرد تأثير كبير على اختيار الفرد لأسلوب معرفي حياتي خاص به كدراسة جابر 2012, وبناءً على هذا فإنَّ حالات الأنا تُشكّل نواة أساسية للتعامل مع الآخرين، ولاستجابة الفرد المعرفية لكل ما يحيط به، فإمّا أنَّه يبقى قادراً على العمل والانفتاح عل كل التغييرات والتطورات أو أنَّه يقف عاجزاً ويستسلم لظروفه وينعزل عن كل ما يحيط به من أحداث. .(المرجع السابق)
وعليه تتحدد مشكلة البحث بالسؤال الرئيسي الآتي:
هل يوجد علاقة بين حالات الأنا لدى بيرن والانغلاق المعرفي لدى عينة من المعلمين والمعلمات في مدينة دمشق؟
ويتفرع عن السؤال الرئيسي الاسئلة الفرعية الآتية:
- ما حالة الأنا السائدة لدى أفراد العينة.
- ما مستوى الانغلاق المعرفي لدى أفراد العينة.
- هل توجد فروق في حالات الأنا وفقاً لكل من متغير الجنس والعمر ونوع المدرسة .
- هل توجد فروق في الانغلاق المعرفي وفقاً لكل من متغير الجنس والعمر ونوع المدرسة.
أهمية البحث:
– تبرز أهمية البحث الحالي من الناحية النظرية في إلقاء الضوء على مفهومين على جانب كبير من الأهمية، وهما حالات الأنا والانغلاق المعرفي، فحالات الأنا والتي ذكرها بيرن في نظريته التحليل التفاعلي (التبادلي)تُعدُّ من أحدث النظريات في علم النفس المعاصر والتي استخدمت معطياتها استخداماً واسعاً في العلاج النفسي، والانغلاق المعرفي الذي يؤدي لسلوكيات نمطية لدى الأفراد، وخاصةً لدى شريحة هامة في المجتمع وهي شريحة المعلمين وانعكاس ذلك على فئة تعد أساس بناء المجتمع وتطوره وهي فئة الأطفال في مرحلتي الطفولة المتوسطة والمتأخرة.
– كما يوفر البحث أدوات مقننة على البيئة المحلية لقياس كل من حالات الأنا والانغلاق الفكري، ممّا يسهم في المزيد من الإضافة إلى المكتبة النفسية السورية.
– أما من الناحية التطبيقية فتكمن أهمية البحث في الاستفادة بما تسفر عنه نتائج هذا البحث في المجال النفسي، وذلك من خلال توجيه الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين على إعداد برامج ارشادية خاصة بالمعلمين والمعلمات لمساعدتهم على تنمية حالة الأنا الراشدة لديهم، ممّا يمكنهم من تحقيق أعلى درجة من التوافق النفسي والاجتماعي وممّا يرفع من مستوى قدراتهم على معالجة المشكلات والتعامل معها مهما كان نوعها أو شدتها، والذي يسهم بدوره في التخفيف من الانغلاق المعرفي لديهم على اعتبار أن العنصر البشري اهم عناصر التنمية المستدامة.
أهداف البحث:
يهدف البحث الحالي إلى التعرف على:
– العلاقة بين حالات الأنا والانغلاق المعرفي لدى أفراد العينة.
– حالة الأنا السائدة لدى أفراد العينة، ومستوى الانغلاق المعرفي لديهم.
– الفروق في كل من حالات الأنا والانغلاق المعرفي وفقاً لكل من متغير الجنس والعمر ونوع المدرسة.
مصطلحات البحث والتعريفات الاجرائية:
الانغلاق المعرفي: “تنظيم معرفي خاص بمعتقدات ولا معتقدات الشخص عن الحقائق والوقائع والسلطة المطلقة، وعن النماذج غير المتسامحة في مقابل النماذج المتسامحة مع الآخرين، وهذا النظام يبدأ بالتفتح الذهني وينتهي بانغلاقه” (Rokeach, 1960,p 195). أبعاده وفقاً للمقياس المستخدم في الدراسة الحالية:
1- المعتقدات واللامعتقدات: يقع هذا البعد على خط متصل من القبول والرفض وتختلف درجة قبول الفرد أو رفضه لبعض المعتقدات, ( بن مبارك, 2009,64) حيث يمثل نسق المعتقدات كل الاتجاهات والتوقعات الشعورية واللاشعورية التي يقبلها الشخص في وقت معين كحقيقة العالم الذي يعيش فيه، على عكس نسق اللامعتقدات الذي يتكون من سلسلة انساق فرعية لكل الاتجاهات والتوقعات الشعورية واللاشعورية التي يرفضها الشخص في زمن معين بوصفها زائفة. (البدري ،2010،ص56)
2- البعد المركزي- المحيطي:تختلف المعتقدات في مركزيتها, فالمعتقدات الأكثر أهمية تتصل ببعضها وتكون أقرب إلى المركز، وتعني عادة بوجودية الفرد وهويته الذاتية و هي معتقدات يشترك فيها الفرد مع الآخرين, وتعتمد على خبرته المباشرة, بينما المعتقدات الاقل أهمية فهي معتقدات محيطية أو بعيدة عن المركز.
3- منظور الزمن: يشير إلى معتقدات الشخص عن الماضي والحاضر والمستقبل ، والطريقة التي ترتبط بها هذه المعتقدات كل منها مع الأخرى، (بن مبارك,2009, 67-68)
ويقاس إجرائياً بالدرجة التي يحصل عليها الفرد على المقياس المستخدم في الدراسة الحالية.
حالات الأنا : هي منظومات متماسكة للفكر والعاطفة أوضحتها نماذج مقابلة من السلوك، هذه الحالات هي: الوالد، الراشد، الطفل، (بيرن، 2010،ص16)
فحالة الوالد هي صورة طبق الأصل عن أسلوب تفكير وشعور وأنماط سلوك الوالدين الفعليين كما أدركها الفرد في طفولته أو صورة لما كان يريد الوالدان أن يستجيب عليه الفرد وذلك أيضاً كما أدركها هو في طفولته (وهنا يتجلّى التأثير غير المباشر للوالدين/ تصرف كما أقول لك)، وحالة الراشد هي الجزء المنطقي الوحيد في الشخصية، في حين حالة الطفل تتجلّى في استجابة الفرد الصغير (الطفل) لكل ما يراه أو يسمعه من أحداث داخلية (داخله). (Hertford,2013,p6)
وتقاس إجرائياً بالدرجة التي يحصل عليها الفرد على المقياس المستخدم في الدراسة الحالية.
حدود البحث:
تقتصر الدراسة الحالية على عينة من معلمي ومعلمات الحلقة الأولى من التعليم الاساسي في مدينة دمشق في القطاعين العام والخاص للعام الدراسي (2020-2021)، لقياس حالات الأنا والانغلاق المعرفي لديهم.
فروض البحث:
– لا توجد علاقة ارتباطيه ذات دلالة إحصائية بين درجات أفراد العينة في حالات الأنا والانغلاق المعرفي.
-لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة في حالات الأنا وفقاً لمتغير الجنس.
– لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة في حالات الأنا وفقاً لمتغير العمر.
– لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة في حالات الأنا وفقاً لمتغير نوع المدرسة.
– لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة في الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير الجنس.
– لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة في الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير العمر.
– لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة في الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير نوع المدرسة.
الدراسات السابقة: تناولت مجموعة من الدراسات المرتبطة بكل من متغيرات الدراسة وتم اتباع الترتيب الزمني في عرضها من الأحدث إلى الأقدم
– يرى جابر وأحميد (2018): من خلال الدراسة التي أجراها على عينة مكونة من (400) معلماً ومعلمة من معلمي المرحلة الابتدائية في محافظة القادسية في العراق وباستخدام مقياس الانغلاق المعرفي الذي قاما ببنائه أن معلمي المرحلة الابتدائية ليس لديهم انغلاق معرفي، وأن الفروق في الانغلاق المعرفي كانت باتجاه الإناث.
– وتوصلت نتائج دراسة أندريافنا(Andreyvna,2016) التي أجريت على عينة مكونة من(60) فرداً بمعدل (30) من الذكور و(30) من الإناث تتراوح أعمارهم ما بين (20-35)عاماً، وجميعهم من طلاب مؤسسات التعليم العالي للبحوث النفسية في روسيا، وباستخدم مقياس حالات الأنا وبرنامج تدريبي على كيفية استخدام حالات الأنا (إعداد الباحث)، وجود فروق في حالة الطفل قبل وبعد عمليات التدريب، حيث انخفض ظهور حالة الطفل بعد التدريب، علما انها كانت الحالة الأكثر استخداماً لدى الأفراد قبل خضوعهم للتدريب, وارتفع استخدام حالة الأنا الوالد بعد التدريب حيث ازدادت السلوكيات والأفعال الخاصة بالكبار, كما توصلت إلى وجود فروق في حالة الانا السائدة بين المجموعات العمرية حيث كانت حالة الطفل الأكثر ظهوراً واستخداماً لدى الأفراد في عمر (20-25)، في حين كانت حالة الوالد هي الأكثر ظهوراً في عمر (30-35).
– أما دراسة تيرسافي وآخرون (Tarsafi.et al,2016) التي أجريت على عينة مكونة من(20) طالبة من طالبات السنة الثالثة في طهران تمّ تقسيمهن لمجموعتين تجريبية وضابطة بعد تطبيق مقياس الصمود النفسي (إعداد كونروديفيدسون 2003)، وتم تعريض المشاركات في المجموعة التجريبية لمواقف خطرة وخضغوا لبرنامج تدريبي (إعداد الباحثين)، يستند لنظرية تحليل المعاملات لزيادة الصمود النفسي لديهن, في حين لم تتلقى التدريب المجموعة الضابطة, وتوصلت الدراسة الى وجود فروق دالة بين المجموعتين في الصمود النفسي، كما ساهم التدريب على مساعدة الطالبات على تحديد الرسائل السلبية الصادرة من حالة الأنا الطفل وحالة الوالد، وتوصلت أيضا إلى أنَّ حالة الراشد تساعد على اتخاذ قرارات جديدة وإيجابية تعدل من منظور التعامل مع الضغوط والمشكلات بطريقة أكثر مرونة ممّا يرفع الصمود النفسي بشكل كبير، كما أكدّت هذه الدراسة تأثير حالات الأنا وخاصة حالة الراشد وحالة الوالد الحنون على تشكّل الصمود لدى الأفراد.
– في حين توصلت نتائج دراسة جيزوال وسريفاستافا(Jaiswal&Srivastava,2013)، التي أجريت على عينة مكونة من(300) موظفاً من الذكور العاملين في المصارف والبنوك العامة أعمارهم ما بين (20-60) عاماً في مدينة حيدر آباد في الهند، باستخدم مقياس حالات الأنا (باريك، 2002)، ومقياس أنماط إدارة الصراع (توماس ورالف)، الى أن (88) موظفاً من أفراد العينة ظهرت لديهم حالة الطفل، وقد غلب على هؤلاء الأفراد نمط (الفوز- الخسارة) لحل الصراعات فيما بينهم، وتشابهوا مع الأفراد الذين ظهرت لديهم حالة الوالد الناقد وكانوا (141) موظفاً وغلب عليهم ايضا نفس النمط وهذا يشير الى أن كلا الحالتين يهتمون بتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب الأفراد الآخرين بحل مشكلاتهم وفي إدارة الصراعات التي تنشأ بينهم, كما ظهرت حالة الراشد لدى (71) موظفاً وغلب عليهم نمط (الخسارة قبل الفوز) في حل صراعاتهم بمعنى أنهم يرون أنّ كل شخص ممكن أن يفوز وأن يخسر وأنّ الخسارة هي طريق الفوز، حيث يتعاملون مع الأمور بطريقة عقلانية.
-كما توصلت دراسة ساندهو(Sandhu,2013) التي أجريت على عينة مكونة من(200) موظف إداري من وظائف مختلفة في بنغالور ودويدا والهند ودلهي، باستخدم كل من مقياس فاعلية الدور (باريك Pareek 2002)، والرضا عن الحياة (جوزيف وسينهSingh and Joseph ,1996)، والأنماط التفاعلية (باريك Pareek, 2002)،) الى وجود علاقة موجبة بين الرضا عن الحياة وأنماط المعاملات، حيث كان النمط الداعم الحنون الأكثر رضا عن الحياة,يليه النمط الصلب القاسي ثم العقلاني ثم المرح العفوي فالعدواني، وأخيرا الخاضع, كما دلت على وجود علاقة موجبة بين فاعلية الدور وكل من النمط الداعم الحنون فالنمط العقلاني و المبتكر العفوي في حين وجدت علاقة سلبية بين النمط العدواني والنمط الصلب وفاعلية الدور.
-أما دراسة محمود (2010) التي أجريت على عينة مكونة من (200) طالب وطالبة اختيروا عشوائياً من طلبة كلية التربية في جامعة تكريت,باستخدام مقياس لتشخيص حالات الأنا(اعداد الباحثة ) للكشف عن حالات الأنا الثلاث، وبعد تحليل إجاباتهم تمَّ اختيار (30) طالب وطالبة ممن سادت لديهم الأنا الطفلية والوالدية ليكونوا عينة تجريبية،و(30) طالب وطالبة سادت لديهم حالة الأنا الراشدة ليكونوا عينة ضابطة، وطبق على المجموعة التجريبية برنامج إرشادي لتنظيم حالات الأنا(إعداد الباحثة)، فقد أظهرت نتائجها فاعلية البرنامج الإرشادي في إعادة تنظيم حالات الأنا لدى أفراد العينة,وإعادة سيطرة حالة الأنا الراشدة على شخصياتهم، كما كشفت تفوق الإناث على الذكور في تنمية حالة الأنا الراشدة, وخفض حالتي الأنا الوالدية والطفلية.
– وتوصلت دراسة الشهري (2006) التي أجريت على عينة مكونة من (1644) معلماً ومعلمة في المدينة المنورة، باستخدام مقياس الانغلاق المعرفي، الى أن معلمي المرحلة الثانوية والمتوسطة لديهم درجة عالية من الانغلاق المعرفي مقارنةً بمعلمي المرحلة الابتدائية، كما تبيّن وجود فروق وفقاً للجنس باتجاه الذكور في الانغلاق المعرفي.
– وتوصلت دراسة دينيزوأكباج(Deniz & Akbag,2003) التي أجريت على عينة مكونة من(312) طالب-أستاذ(اي طلاب سيصبحون أساتذة في المستقبل), و(33) أستاذ جامعي في جامعة مارمارا في اسطنبول، باستخدام مقياس حالات الأنا (آري 1989) إلى أن الأساتذة الجامعيين كانوا يعاملون طلابهم المتدربين لديهم من منطلق حالة الطفل مقارنةً بالطلاب –الأساتذة الذين كانوا يعاملون طلابهم من منطلق حالة الوالد، كما توصلت إلى أنَّه لا تأثير للعمر على حالات الأنا، سيادة حالة من الحالات على باقي الحالات لدى الفرد نفسه ترتبط بمدى قدرته على التمييز بين هذه الحالات ومدى تدربه على إظهارها بما يتناسب مع الموقف.
– و توصلت دراسة ليكانينLikanen,2001، التي أجريت على عينة مكونة من(92) طالباً من فئة المعلمين المستجدين من عمر (21) عاماً في فنلندا، وباستخدام كل من مقياس حالات الأنا، خبرات الطفولة، إلى أنه وفقاً لنظرية التحليل التفاعلي هناك ما يسمى السكريبت أو سيناريو الحياة التي تُعدُّ أساساً لعلاقات الفرد منذ طفولته، ودلّت الدراسة على أنَّ مواقف الحياة الأربعة التي ذكرها بيرن كان أكثرها شيوعاً هي (أنا بخير وهم بخير)، وأنَّ خبرات الطفولة التي عاشوها الأفراد وتجاربهم (خاصةً مقدار تجاربهم الخاصة مع الوالدين) كانت سبباً في الوصول لهذا الموقف، حيثُ تبيّن أنَّ (85% ) من هذه الذكريات كانت إيجابية ودعمت المواقف الإيجابية في حين (15% ) كانت سلبية ولم تؤثر على الأفراد ومواقفهم في الحياة، كما دلّت الدراسة على أنَّ مقدار الحنان والعطف الذي تلقاه الأفراد في طفولتهم كان سبباً هاماً في تبنيهم لهذا الموقف الصحي الذي أشار إليه بيرن، كما أشارت الدراسة إلى أنَّ جنس الفرد لا يؤثر على موقف ونمط الحياة.
-في حين توصلت دراسة ليكانينLikanen,1999، التي أجريت على عينة مكونة من(681) شخصاً من أربعة أجيال متعاقبة (الأبناء / الآباء / الأجداد / أجداد الأجداد) و(87) معلماً من جامعة يوفاسكولا في فنلندا، وتمَّ إجراء مقابلة معهم وجمع المعلومات من خلالهم عن أنفسهم وآبائهم وأجدادهم، استخدام مقياس حالات الأنا(إعداد الباحث)، ومقابلة تضمنت معلومات عن هيكل الأسرة والقيم والتعليم والمهنة والعلاقات الإنسانية والممارسات الوالدية والأنشطة والهوايات، الى أن حالة الوالد هي الأكثر سيادة عبر الأجيال المتعاقبة مقارنةً بحالة الراشد، وأنَّ حالات الأنا تُوّرث عبر الأجيال المتعاقبة، ودلّت الدراسة على أنَّ البيئة والتنشئة الاجتماعية والعادات الثقافية تلعب دوراً هاماً في سيادة حالة من حالات الأنا.
أدوات البحث:
1- قائمة حالات الأنا لدى بيرن (ESI)The Ego State Inventoryدايفيد ميك كارلي(David McCarley)
1971، لتشخيص حالات الأنا لدى الأفراد من مختلف الأعمار ومن مختلف المهن،ترجمه واعده للعربية (اسكندراني,2016) ويتألف من (52) موقف مشتق من الحياة، كل موقف يتضمن محادثة بين شخصين أحدهما يبدأ المحادثة، والآخر عليه الرد باختيار واحدة من خمس إجابات تُمثّل خمس حالات وهي: – حالة الوالد الناقد PP : Punitive Parent
(حالة الوالد الحنون NP: Nurturing Parent) (حالة الراشد A: Adult) (حالة الطفل المتمرد RC: Rebellious Child) (حالة الطفل الخاضعAC: Adaptive Child )
و اجريت الدراسة السيكومترية للمقياس في البيئة السورية من قبل (اسكندراني2016) وتمت يعض التعديلات بناء على راي المحكمين, كم طبق المقياس على عينة حجمها (51) فرداً ذكراً وأنثى، وذلك لحساب الصدق البنيوي (صدق التكوين الفرضي) والمحكي المحكي, و الصدق التمييزي والثبات في صورته العربية، ليصبح صالح للاستخدام في البيئة المحلية,
وكانت قيم الثبات بالإعادة لقائمة حالات الأنا, جميعها مرتفعة ودالة عند مستوى دلالة (0.01) وكانت على التوالي حالة الوالد الناقد 0.92, حالة الوالد الحنون,0.69 حالة الراشد 0.89, حالة الطفل المتمرد0.58حالة الطفل الخاضع0.76.
وقيم معامل الاتساق الداخلي باستخدام معادلة ألفا كرونباخ، كانت جيدة بالنسبة لمعظم أبعاد القائمة، وتدل على وجود اتساق داخلي جيد لقائمة حالات الأنا, وقيم الثبات على التوالي حالة الوالد الناقد 0.79, حالة الوالد الحنون, 0.81 حالة الراشد 0.81حالة الطفل المتمرد0.81, حالة الطفل الخاضع0.62.
واستناداً إلى معاملات الصدق والثبات السابقة فإن المقياس له صلاحية التطبيق في البيئة المحلية.
2. مقياس الانغلاق المعرفي: من إعداد جابر 2018، ويتألف من (36) عبارة، بعضها موجب والآخر سالب ,موزعة على ثلاثة أبعاد: بعد المعتقدات واللامعتقدات، بعد المنظور الزمني، البعد المركزي-المحيطي، بحيث توزع الدرجات على أربعة بدائل: موافق تماماً / موافق / غير موافق / غير موافق تماماً, و تبلغ أعلى درجة للمقياس (144) وأقل درجة (36), وللتحقق من صلاحيته للتطبيق في البيئة المحلية, قامت الباحثتان بعرضه على مجموعة من المحكمين، كما تم حساب معامل ثبات المقياس بطريقة ألفا كرونباخ، وقد بلغ معامل الثبات بطريقة سبيرمان براون (0.85) وبطريقة جوتمان (0.81) وهو معامل ثبات مرتفع.
منهج البحث: تمَّ اتباع المنهج الوصفي التحليلي.
مجتمع البحث وعينته: يتكون المجتمع الاصلي للبحث من جميع معلمي ومعلمات الحلقة الأولى من التعليم الأساسي في مدينة دمشق في القطاعين العام والخاص للعام (2020-2021) والبالغ عددهم (8846) منهم (1005) من معلمي ومعلمات المدرسة الخاصة و(7831) من معلمي ومعلمات المدرسة العامة,وبلغ حجم عينة البحث (370) معلما ومعلمة سحبت بطريقة عشوائية من المجتمع الأصلي للبحث وهو أكبر من العدد المطلوب وفق القوانين الإحصائية الممثلة للمجتمع.
متن البحث:
مفهوم حالات الأنا:
إنَّ مفهوم حالات الأنا ليس مفهوماً رمزياً أو تجريدياً، وإنَّما يُقصد به وجوداً وتنظيماً سلوكياً لنشاط تركيبي محدد في المخ البشري، وحالات الأنا ليست مجرد أدوار، ولكنّها حقائق نفسية نتجتْ عن أحداث ماضية متعلقة بأشخاص حقيقيين، وأزمنة حقيقية، وأماكن حقيقية، وقرارات حقيقية، ومشاعر حقيقية، فهي نظام متسق من المشاعر والأفكار، يتمُّ تقديمه والتعبير عنه من خلال نماذج سلوكية محددة. (رزق،2009،ص275)هذه الحالات تتشكّل لدى الفرد في الخمس سنوات الأولى من عمره، ويتحدّد من خلالها طبيعة التعامل أو التفاعل الشخصي مع الآخرين، وتتكّون من أنماط الخبرات والمشاعر التي يطوّرها الشخص في أثناء نموه، وتنعكس على سلوكه الظاهر. (Palmer,2002,p318)
صفات وخصائص حالات الأنا:كل حالة من حالات الأنا تتسم بصفات محددة تميزها عن غيرها من الحالات الأخرى وتجعلها مغايرة عنها، وهي:
– حالة الوالد: يرى بيرن أنَّ حالة الوالد لدى كل فرد تتأثر بحالات الأنا الوالدية لأبويه اللذين تأثرا بحالات الأنا الوالدية لأبويهما وهكذا…، وهذا ما يؤكد عليه يونج من أننا أحياناً نرث أسلافنا الذين سبقونا منذ آلاف السنين، نرث عاداتهم وطبائعهم وسلوكهم وطريقتهم في التفكير. (صادق،2009،ص41)فحالة الوالد تُمثّل تسجيلاً دقيقاً للقيم والمواصفات والنصائح الوالدية، كما أنَّها تُمثّل تسجيلاً للأحداث والخبرات الخارجية المعاشة أو المدركة; والتي وعاها الفرد في سنواته المبكرة، وهناك مصادر لمعلومات الوالد بالإضافة للتنظيمات والقناعات الفكرية والسلوكية المكتسبة من الأبويين الفعليين أو من يقوم مقامهما، وهي البرامج التي شاهدها الصغير والتي تُشكّل مبدأً تعليمياً للحياة. (قنديل،2009،ص176)وتظهر حالة الوالد في شكلين هما:
الوالد الحنون والراعي والمحب, والوالد الناقد القاسي والمسيطر والفارض للقوانين والقواعد. (مصطفى،2012،ص220)
– حالة الطفل:بينما يتمُّ تسجيل الأحداث الخارجية في شكل مجموعة المعلومات التي تُسمى الوالد، فإنَّ هناك تسجيلاً آخر يتمُّ في نفس الوقت، إنَّه تسجيل للمشاعر الداخلية التي اعتدناها ونحنُ أطفال تجاه الأحداث الخارجية، إنَّه استجابة الصغير لما يرى ويسمع، نظراً لافتقار الصغير للمفردات اللغوية خلال أشد تجاربه المبكرة حرجاً، وهذا ما يجعل معظم ردود أفعاله مجرد مشاعر. (Berne,1964,p15)وكما في حالة الوالد فإنَّ حالة الطفل يمكن أن تظهر في أي وقت أثناء معاملات الفرد الحاضرة وتواصله مع الآخرين، وتولّد في نفس الوقت نفس المشاعر التي أحسَّ بها في ذلك الوقت حينما كان طفلاً صغيراً، فقد يواجه الفرد موقفاً تكون الخيارات فيه غير ممكنة ويكون مجبراً على الانصياع لأمرٍ ما، فهنا تظهر مشاعر الإحباط والرفض أو التجاهل، فيعيش الفرد من جديد تجربة مماثلة لهذا الإحباط المبكر للصغير، وهنا عندما يكون الشخص رهين مشاعره، يُقال عنه:” أنَّ طفله قد بدأ عمله”، وعندما يطغى غضبه على منطقه، يقال عنه: ” أنَّ طفله يتولَى زمام الأمور”. (هاريس،1992،ص43-44), وتظهر حالة الأنا الطفل في شكلين:- الطفل الطبيعي الحر العفوي المبدع المحب للمغامرة والمرح والمتعة, والطفل المتكيف إمّا المتمرد الرافض الثائر والذي يقاوم التعليمات، أو المطيع المؤدب الذي يسعى لرضا الآخرين. (أبو أسعد،2009،ص356)
– حالة الراشد: تتراكم معلومات الراشد نتيجة لقدرة الصغير على أنْ يكتشف لنفسه ما الذي يختلف من أمور الحياة عن مفهوم التعلّم للحياة في حالة الوالد، ومفهوم الشعور بالحياة في الطفل; بمعنى أنَّ حالة الراشد تنمو من قدرة الطفل على التمييز بين ما يلاحظه (حالة الوالد) وما يشعر به (حالة الطفل)، فالراشد يطّور مفهوم التفكير في الحياة اعتماداً على جمع المعلومات وتصنيفها، حيثُ يسمح للفرد أن يتثبتْ من صحة البيانات المخزنة في كل من الأنا الوالدية والطفلية، كما أنَّ حالة الراشد تهتم بشكلٍ رئيسي في تحويل المثيرات إلى معلومات تخضع للمعالجات المنطقية على أساس من الخبرات السابقة. (Berne,1964,p15), كما تتصف بأنَّها منطقية وواقعية وموضوعية، وهي أشبه ما تكون بالحاسوب، فتعمل على التحليل المنطقي والموضوعي للمعطيات والاستدلال العقلي المنظم للمعلومات المجتمعة من ثلاثة مصادر هي: الأنا الوالدية، الأنا الطفلية، والمعلومات التي جمعتها ولا تزال تجمعها الأنا الراشدة. (موريس،2014،ص4)وتحتّلُ حالة الراشد وفقاً للشكل الهيكلي الذي وضعه بيرن مكاناً وسطياً بين حالة الوالد وحالة الطفل، وذلك ليُؤكدَّ على مدى الحاجة إليها لإحداث التناغم بين الأنا الوالدية والأنا الطفلية داخل الفرد، (Steiner,1990,p29).
الانغلاق معرفي
الانغلاق المعرفي أو مايعرف بالدوجماتية من المفاهيم النفسية الحديثة نسبيا, التي نالت اهتماما من قبل علماء النفس وتبلور على يد عالم النفس الامريكي روكيتش (1960) , وذلك بعد أن تم تناوله في ميدان الفلسفة , كأسلوب معرفي وطريقة تفكير تتسم بها أي فرقة أو مذهب أو فلسفة تزعم امتلاك الحقيقة المطلقة على نحو شامل، وتقطع بأن ما تمتلكه من معارف لا يقبل النقاش والتغير، حتى وإن تغيرت الظروف التاريخية أو السياقات المكانية والاجتماعية ، وعدم إخضاع هذه المعتقدات لفحص نقدي أو تحليلي يراجع الأسس التي تقوم عليها من دون بحث في حدود وقدرات العقل المعرفية (البدري،2010، ص46) كما يشار له على أنه نشاط فكري قائم على الرفض والفوضى والاضطراب وتدني العمليات الذهنية وتغير في عادات الإدراك الحسي وعادات التفكير يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس والعلاقات الاجتماعية والتمركز حول الذات”((غانم،2009،ص24),وعرفه أوتاتي (2015, Ottati) على أنه احد الاساليب المعرفية يقع فيها الافراد على خط متصل بين قطبين متناقضين هما الانفتاح والانغلاق, حيث يشير الانغلاق المعرفي الى معالجة المعلومات بطريقة تعزز رأي الفرد أو توقعاته السابقة ,بينما يشير الانفتاح المعرفي الى معالجة المعلومات بطريقة غير متحيزة لوجهة معينة, وميل الى اختيار المعلومات وتفسيرها واسترجاعها ووزنها وتفصيلها بطريقة غير منحازة لرأي الفرد او توقعاته السابقة. (2015,131, Ottati) ومن الجدير بالذكر أن هناك اتفاق بين الباحثين والمختصين على أنَّ هذه الأساليب المعرفية تعتبر بمثابة تكوينات نفسية لا تتحدد بجانب واحد من جوانب الشخصية، كما أنها تسهم في تفسير الفروق الفردية بين الأفراد للكثير من المتغيرات المعرفية والوجدانية. (الشرقاوي،1992) فالانغلاق المعرفي يعني أننا أمام عقل منغلق على نفسه, أفكاره ومعتقداته ثابتة لا تقبل المناقشة ومؤكدة بشكل نهائي, وينعكس ذلك على سلوكه وتعامله مع الآخرين, ويقف عائقاً في تحقيق أي تطور أو تنمية.
أبعاد الانغلاق المعرفي: تعد نظرية انساق المعتقدات لروكيتش ابرز النظريات التي تناولت هذا المفهوم حيث أشارت الى نوعين من التفكير هما التفكير المنفتح والتفكير المنغلق, ويتحدد التنظيم المعرفي للشخصية وفقا لهذا المنظور في ثلاثة ابعاد :
1- المعتقدات واللامعتقدات: يقع هذا البعد على خط متصل من القبول والرفض وتختلف درجة قبول الفرد أو رفضه لبعض المعتقدات, ( بن مبارك, 2009,64) حيث يمثل نسق المعتقدات كل الاتجاهات والتوقعات الشعورية واللاشعورية التي يقبلها الشخص في وقت معين كحقيقة العالم الذي يعيش فيه، على عكس نسق اللامعتقدات الذي يتكون من سلسلة انساق فرعية لكل الاتجاهات والتوقعات الشعورية واللاشعورية التي يرفضها الشخص في زمن معين بوصفها زائفة. (البدري ،2010،ص56)
2- البعد المركزي- المحيطي:تختلف المعتقدات في مركزيتها, فالمعنقدات الأكثر أهمية تتصل ببعضها وتكون أقرب إلى المركز، وتعني عادة بوجودية الفرد وهويته الذاتية و هي معتقدات يشترك فيها الفرد مع الآخرين, وتعتمد على خبرته المباشرة, بينما المعتقدات الاقل أهمية فهي معتقدات محيطية أو بعيدة عن المركز. (البحيري،1989،ص25)
3- منظور الزمن: يشير إلى معتقدات الشخص عن الماضي والحاضر والمستقبل ، والطريقة التي ترتبط بها هذه المعتقدات كل منها مع الأخرى، (بن مبارك,2009, 67-68) فأبعاد معتقد الزمن تتفاوت من الضيق إلى الاتساع ، حيث يتميز بالاتساع النسبي في حالة الانفتاح العرفي،والضيق النسبي في حالة الانغلاق المعرفي, فإذا تمثل الماضي والحاضر والمستقبل للفرد داخل نسق المعتقد–اللامعتقد ،وأدرك الاتصال أوالاستمرار بينهم حينها يكون البعد الزمني لهذا الفرد متسع،أما إذا كان الفرد يفرط في التأكيد على أحد الأزمنة (سواء كان الماضي أم الحاضر ،أم المستقبل )فيمكن القول أن هذا المنظور ضيق (الدردير ، 2004،ص47)
خصائص الأفراد المنغلقين معرفياً: : إن وجود نوعين من التفكير المنغلق والمنفتح يقودنا الى صنفين من الأفراد المنفتحو التفكير (وهؤلاء يتخلون عن بعض معتقداتهم إن ثبت خطؤها ويقبلون الافكار الجديدة المسندة لأدلة قوية), والمنغلقو التفكير ( وهؤلاء معتقداتهم ثابتة رغم الأدلة على خطئها, مع رفض لكل ما هو جديد من أفكار رغم قوة حجتها)ويتسم الافراد منغلقو التفكير بـالتقليدية,والنمطية, ومقاومة التغيير والرفض لكل من يخرج عن ما هو تقليدي,أفكارهم جامدة وإن بدت خاطئة(سلامة 92,1984) و(الخالدي،2001، ص315) (كما انهم غير متأملين لذاتهم مما ينعكس على انسجامهم الذاتي بشكل سلبي, ويجعلهم عاجزين عن ادراك مدى منطقية أعمالهم وعدم اتساق المقدمات مع النتائج فهناك ارتباك وتناقض يجعله متورطا للعمل لمصلحة خصومه(خفاجي,1990, 51-54) وفيما يتعلق بالجانب الانفعالي, والاجتماعي فإنهم ضعيفوا الحساسية لمشاعر الآخرين,وثقتهم بأنفسهم منخفضة وكذلك علاقتهم مع الآخرين(الخالدي،2001، ص315) و(سلامة,92,1984) وعادة ما ينشدون الكمال في الوسط الذي يعيشون فيه, وتميل لغتهم الى المغلاة والقطعية واضفاء انطباع لدى الآخر بأنه لا جدوى من اي حوار معهم (سلامة,92,1984)
معايير تحديد الانغلاق المعرفي:تتحدد درجة انغلاق التفكير وفق روكيش بناء على مجموعة من المعايير منها: الحدة والشدة في فصل الفرد بين المعتقدات التي يقبلها والتي يرفضها, وعدم تمييزه بين العقائد والأفكار التي يرفضها, فلا يبحث عن نقاط التقاء وتقارب مع الأفكار المخالفة, إنما يضعها في فئة واحدة من الخطأ والضلال, كذلك التوالد االمستمر للمسلمات في المنظومة الفكرية بحيث يغلق كل فرصة للاجتهاد والتفكير, وخير مثال على ذلك التفاسير والشروحات والفتاوى التي تتحول من اجتهادات بشر تقبل الصواب والخطأ إلى مسلمات وثوابت, والمساس بها يعرّض الفرد لأصناف الهجوم من تكفير وتضليل وغيرها.كما أن التوقف عند لحظة زمنية محددة وغالبا ما تكون في الماضي لحظة نشوء الفكر أو لحظة وقوع أحداث مهمة وجذرية في تاريخه والتشبث بها والعيش فكريا وروحيا فيها فلا يعيش واقعه ولا يفكر من خلاله مما يتسبب في غربته فهو لا يفكر بمنطق تاريخي ولا يعترف بتغير الأزمان وتغير الظروف لأن من صفاته الثبات والاستقرار وتجاهل منطق الحياة والواقع الحركة والتغير والتحول. (سلامة,92,1984)
العوامل المسببة للانغلاق المعرفي:
هناك العديد من العوامل أهمها: ما يرتبط بعوامل التنشئة وخبرات الطفولة ، الخوف من الجديد، قلة الخبرة بواقع الحياة، الترف الفكري وهو يحدث عندما يعجز الإنسان عن حل المشكلات التي يواجهها عن طريق العقل(الفكر)أو يخاف لظروف سياسية او اجتماعية أو اقتصادية أن يواجهها، لذلك نراه يلجأ إلى الترف الفكري الذي يحوي الكثير من الضبابية والهروب من الواقع إلى عالم لا مسؤوليات فيه، اضافة الى العادات والتقاليد الموروثة, والافتقاد للوعي اللازم لمعايشة الحياة ومواكبتها, وعدم تحمل المسؤولية واللامبالاة.
تعقيب: للانغلاق المعرفي أسبابه العديدة والمتنوعة، إلاّ أنَّ خبرات الطفولة تُعدُّ العامل الأساسي والهام في الانغلاق المعرفي، انطلاقاً من أنَّ السنوات الأولى من حياة الطفل لها آثارها الباقية في شخصيته وتكوين نظرته للحياة وتكوين أهدافه وصياغة وجدانه وتحديد علاقاته الداخلية والخارجية، وبالتالي هي التي تحدد أسلوبه المعرفي فيما إذا كان منفتحاً على الحياة ومتقبلاً لأي تغير أو تجديد وفيما إذا كان منغلقاً على نفسه وعلى أفكاره ولا يقبل أي تغيير أو تجديد، وبما أنَّ الوالدين وظروف التنشئة ونمط المعاملة بين الوالدين والطفل وطريقة التواصل كلها تدخل ضمن خبرات الطفولة المبكرة وبنفس الوقت تلعب دوراً هاماً في تشكيل حالات الأنا لدى الطفل ونموها وفي سيطرة حالة على الأخرى، فإنَّه بالتالي لابدَّ لحالات الأنا أن تلعب دوراً في الانغلاق المعرفي لدى الفرد.
خاتمة البحث: النتائج:
أولاً. التأكد من التوزيع الطبيعي للمتغيرات: للتعرّف على طبيعة توزع درجات أفراد العينة على متغيرات البحث، استخدم اختبار كولموجرف- سميرنوف (Kolmogorov- Smirnov)، والجدول الآتي يوضح ذلك:
جدول (1) نتائج اختبار اعتدالية التوزيع الاحتمالي باستخدام اختبار سميرنوف:
حالات الأنا | الانغلاق المعرفي | |||||
و.ص | و.ح | ر | ط.م | ط.خ | ||
الاختبار الإحصائي Statistics | 108 | 0.149 | 0.436 | 0.215 | 0.241 | 0.092 |
درجة الحرية | 46 | 6 | 6 | 7 | 6 | 370 |
القيمة الاحتمالية | 0.200 | 0.200 | 0.200 | 0.200 | 0.200 | 0.200 |
يتضح من الجدول السابق أنَّ القيمة الاحتمالية لجميع المتغيرات هي (0.200) وهذه القيمة أكبر من قيمة الدلالة الإحصائية (0.05)، وهذا يعني أنَّ البيانات تتبع التوزيع الطبيعي والاعتدالي.
ثانياً. عرض نتائج أسئلة البحث ومناقشتها:
السؤال الأول: ما حالات الأنا الأكثر شيوعاً لدى أفراد العينة (ما الحالة التنفيذية الأكثر شيوعاً لدى أفراد العينة)؟
للإجابة على هذا السؤال تمَّ حساب المتوسط الحسابي والانحراف المعياري والنسبة المئوية لدرجات الأفراد على كل حالة من حالات الأنا، ثمَّ تمَّ استنتاج السُلَّم التراتبي لحالات الأنا، وذلك لمعرفة ترتيب الحالات لدى أفراد العينة من الحالة الأكثر انتشاراً إلى الحالة الأقل انتشاراً، كما يوضح الجدول رقم (2).
جدول (2) المتوسطات الحسابية والسُلّم التراتبي لتوزع أفراد العينة على حالات الأنا:
حالات الأنا | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | النسبة المئوية | السُلَّم التراتبي |
حالة الوالد الناقد | 5.88 | 5.13 | %25 | 2 |
حالة الوالد الحنون | 15.26 | 5.11 | %20 | 3 |
حالة الراشد | 15.36 | 5.05 | %16 | 4 |
حالة الطفل المتمرد | 3.39 | 4.04 | %30 | 1 |
حالة الطفل الخاضع | 11.89 | 4.53 | %9 | 5 |
يتضح من الجدول السابق واستناداً للمتوسط الحسابي والنسبة المئوية الخاصة بكل حالة من حالات الأنا أنَّ ترتيب حالات الأنا من الأعلى إلى الأدنى هو كالآتي: المتمرد / الناقد / الحنون/ الراشد/ الخاضع
- يتضح من النتيجة السابقة أنَّ حالة المتمرد هي الأكثر ظهوراً واستخداماّ لدى أفراد العينة، وربما يُعود هذا للازمة السورية وما رافقها من أحداث ضاغطة عاشها الأفراد منذ ما يفوق التسع سنوات وإلى الآن، والتي ربما أدت الى تغيير في استجابات الأفراد واضطرابها، وفرضت على الأفراد التعامل معها بتوتر وقلق واضطراب نفسي مصحوب بالتسرع والتهور في اتخاذ أي قرار, فالخصائص البنيوية للبيئة تؤثر في تحديد حالة الأنا التي تُشحن انفعالياً، وقد تفرض مواقف الحياة المختلفة استخدام أكثر لأحد الحالات مقارنةً بالحالات الأخرى، وفقاً لطبيعة الموقف، ونوعه والظروف التي تُحيط به، فتأتي حالة المتمرد في الصدارة كاستجابة للتحديات والضغوط الهائلة التي فاقت قدرة الفرد على التحمل (سواء كانت تحديات على الصعيد الاجتماعي كالزواج والاستقرار بالنسبة للفرد نفسه وبالنسبة لمن حوله إنْ كان معيلاً لهم، أو على الصعيد الاقتصادي كتأمين عمل ذو دخل جيد والسعي لتأمين ظروف أمنية ومعيشية جيدة،….. وغيرها)، وعلى اعتبار أن أفراد العينة من مستوى تعليمي جيد, وبعضهم من مستوى مرتفع وممتهنون مهنة جليلة فإنهم على الاغلب قد سيطروا على حالة الطفل المتمرد بصورتها السلبية المتمثلة في (سرعة الغضب والتسرع في الإساءة اللفظية للآخرين ومعاندتهم ) وقوموها او لجمونها، واستخدموا الجانب الإيجابي منها المتمثل في (رفض الظلم والشر والاعتراض على الأوامر والقوانين الروتينية الخانقة والقدرة على التعبير عن الرأي علناً وبلباقة ودون خوف). (حافظ وسليمان،2000،ص33)
- · أتت حالة الوالد الناقد في المرتبة الثانية من حيثُ الاستخدام ، ووظيفتها التنظيم، والتدخل لإنقاذ حقوق الفرد، والدفاع عن قناعات ومعايير ومبادئ ومثل عليا، والاهتمام بالدين والعادات والتقاليد والحفاظ عليها. (مطرف،2004،ص1-2) ونظراً لأنَّ أفراد العينة من المعلمين، فإنَّ طبيعة مهنتهم تسمح لهم بظهور حالة الوالد الناقد، كونهم يمارسون مهنة تتطلب فرض السيطرة والقيادة والتحكم والتوجيه والارشاد، وهذا بالطبع ما يُفسر سيطرة حالة الوالد الناقد على شخصياتهم، وفيها يمكن أن يتصرف الفرد كأبويه تماماً، فهو ينقد ويُعلّم ويحافظ على المبادئ والقيم والمُثل العليا، وأحياناً قد يصبح متعصباً لعقائده بشكلِ سلبي يمنعه من رؤية الحقيقة, وقد أكدَّ ايرتم وكيسيسي (Ertem&Kecec,2016) أنَّ طبيعة المهنة التي يمارسها الفرد تلعب دوراً هاماً في ظهور حالة الوالد الناقد وسيطرتها، فالممرضات أظهرنَ حالة الوالد الناقد مقارنةً بالحالات الأخرى، ثمَّ الوالد الحنون، ومن ثمَّ الراشد، تليها حالة الطفل الخاضع، ومن ثمَّ الطفل العفوي، ويتماشى مع ما ذكر اهتمام الممرضات بمبدأ المساواة والعدالة بين المرضى على اختلاف مكانتهم وجنسهم وعمرهم، بالإضافة إلى التزامهم الشديد بالواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، وكذلك استخدام الشدّة مع بعض المرضى الذين يرفضون تعاطي الدواء.
أما حالة الوالد الحنون فقد أتت في المرتبة الثالثة ووظيفتها تقديم المساعدة، والرعاية، ومساندة الآخرين والاهتمام بهم وتقديم العون لهم حينما يحتاجونه أو يطلبونه (Chapman,2005,p25)، وتظهر هذه الحالة في العديد من المواقف اليومية، فالتعاطف مع الآخرين وإنْ كانوا غرباء، وتفضيلهم على النفس في بعض الأحيان، والدعم المعنوي والمادي والمشاركة في أنشطة تطوعية تخدم المجتمع دون أي تعب لمّا يُبذل من جهد، كلها صور تُؤكد استخدام الأفراد لحالة الوالد الحنون، ودور أفراد العينة من المعلمين في المجتمع يؤكد ظهور حالة الوالد الحنون المرتبطة بطبيعة مهنتهم وخاصة وأنهم من معلمي حلقة التعليم الأساسي الأولى والتي تقابل مرحلتي الطفولة المتوسطة والمتأخرة ولا شك أن مرحلة الطفولة بشكل عام والمتوسطة بشكل خاص تتطلب من المعلمين والمعلمات جانب أمومي من الحب والحنان يوازي بل يفوق الجانب التعليمي والتربوي.
- أما حالة الراشد التي تتميز بالاتزان فقد أتت في المرتبة الرابعة، ويمكن تفسير ذلك بناء على الأزمة السورية والمخلفات السلبية لها، والضغوطات التي عاشها أفراد المجتمع السوري بكل فئاته.
- أما عن حالة الطفل الخاضع فقد احتلت المرتبة الأخيرة ، وربما يعود هذا إلى رغبة الأفراد في تعديل سلوكياتهم والاستجابة لآراء الآخرين كنوع من التكيف والابتعاد عن المشاكل والهموم، وفي نفس الوقت قد يرتبط ظهور حالة الطفل الخاضع بعدم الاستقرار الانفعالي والذبذبة في المشاعر وسيطرة حالة من القلق بسبب ما يمرون به من ضغوطات، سبق أن تم الإشارة اليها أعلاه, حيث يشير كيوسير (Ciucur.2012)، من أنَّه عندما يعجز الفرد عن إيجاد حل لمشكلته تزامناً مع تضخم المشكلة وتصعيدها، ينتابه شعور الخوف والقلق إزاء ما ستؤول إليه الأمور لدرجة يفقد معها اتزانه وهدوءه وثباته، وشعوره بالاستقرار والأمان، لذا تسيطر عليه حالة الطفل الخاضع.
ومن الجدير بالذكر أن حالة الطفل الخاضع تسيطر على الفرد حين يتمُّ استرجاع مشاعر مرَّ بها الفرد في مرحلة الطفولة، ويحدث ذلك عندما يجد نفسه في وضع مشابه لوضع طفل صغير، (كما يحدث مثلاً عندما يجد الفرد نفسه محاصراً أو في وضع اُتهم فيه ظلماً، أو حينما يواجه الفرد موقفاً تكون الخيارات فيه غير ممكنة ويكون مجبراً على الانصياع لأمرٍ ما)، هنا تظهر مشاعر الإحباط والرفض أو التجاهل، ويعيش الفرد من جديد تجربة مماثلة لهذا الإحباط الذي عاشه في مرحلة مبكرة من عمره ، وحين يكون الفرد رهين مشاعره آنفة الذكر، يُقال:” أنَّ طفله قد بدأ عمله”. (هاريس،1992،ص43-44)
ووفقا لما ذكر فإنَّ حالة الطفل الخاضع تسيطر على الفرد فتدفعه إما للتكيف والتأقلم مع ظروفه الحالية فيغير في نفسه ليتوافق مع ما حوله، أو تكون رد فعل لمشاعر خوف وقلق وشعور بالإحباط فيستجيب للآخرين كارهاً ومرغماً, إضافة الى أنَّ طبيعة الأزمة التي مر بها المجتمع السوري وحركة النزوح ساهمت في وجود اسر منغلقة وتلك الاسر تتبع أساليب تنشئة الاجتماعية تُعزّز حالة الطفل الخاضع بشكلٍ كبير لدى أبنائها.
السؤال الثاني: ما مستوى الانغلاق المعرفي لدى أفراد عينة البحث؟
تمَّت الإجابة عن هذا السؤال بحساب مدى الإجابات لأفراد العينة على مقياس الانغلاق المعرفي، وذلك كما يوضح الجدول الآتي:
جدول (3) فئات قيم المتوسط الحسابي ومعيار التصحيح لمقياس الانغلاق المعرفي
فئات قيم المتوسط الحسابي | التقدير في الأداة | معيار التصحيح | مستوى الانغلاق المعرفي |
1-1.75. | غير موافق تماماً | 36-63 | منخفض |
1.76- 2.51 | غير موافق | 63.36-90.36 | متوسط |
2.52-3.27. | موافق | 90.72-117.72 | مرتفع |
3.28-4 | موافق تماماً | 118.08-144 | مرتفع جداً |
كما تم استخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية والوزن النسبي لدرجات أفراد العينة، كما هو موضح في الجدول التالي:
جدول (4) عدد الأفراد والوزن النسبي على مقياس الانغلاق المعرفي
مستوى الانغلاق المعرفي | عدد الأفراد في كل مستوى | الوزن النسبي |
منخفض | 66 | 17.84 |
متوسط | 211 | 57.03 |
مرتفع | 78 | 21.08 |
مرتفع جداً | 15 | 4.05 |
يتضح من الجدول السابق ما يأتي:
– عدد الأفراد الذين حصلوا على درجة منخفضة على مقياس الانغلاق المعرفي بلغ (66) بنسبة مقدارها (17.84%).
– عدد الأفراد الذين حصلوا على درجة متوسطة على مقياس الانغلاق المعرفي بلغ (211) وبنسبة مقدارها (57.03%).
– عدد الأفراد الذين حصلوا على درجة مرتفعة على مقياس الانغلاق المعرفي بلغ (78) وبنسبة مقدارها (21.08%).
– عدد الأفراد الذين حصلوا على درجة مرتفعة جداً على مقياس الانغلاق المعرفي بلغ (15) وبنسبة مقدارها (4.05%).
- وتُظهر النسب المعروضة أنَّ أغلبية أفراد العينة قد حصلوا على مستوى متوسط من الانغلاق المعرفي، وتمركز بعضهم الآخر حول المستوى المرتفع في حين قلّة فقط ظهر لديهم مستوى مرتفع جداً من الانغلاق المعرفي.
مناقشة السؤال: ربما يمكن تفسير ذلك بأن الأزمة السورية التي استمرت ما يقارب العشر سنوات, خلفت أثار متنوعة, انعكست بشكل سلبي على المجتمع السوري بكل فئاته, وطالت المعلم كأحد أهم محاور العملية التعليمية التعلمية, وكممثل لشريحة تربوية مهمة, الامر الذي أحدث حالة من التغيير السلبي في الفكر والسلوك تجلت في صورة انغلاق معرفي, حيث انغلق المجتمع السوري والاسرة السورية وكل فرد من أفرادها على نفسه وسعى جاهدا لتأمين احتياجاته البيولوجية الأساسية للمحافظة على بقائه, ومن ثم الحاجة للأمان, للمحافظة على سلامته وأمنه وأمانه, وزاد من انغلاقه حركة النزوح التي شهدتها معظم المناطق فعكف أفراد الاسرة السورية على أنفسهم لاعتبارات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية, ولم يعد هناك انفتاح ومرونة في التفكير بل تكرست معايير الانغلاق المعرفي وفق منظور روكيش من خلال الحدة والشدة في فصل الفرد بين المعتقدات التي يقبلها والتي يرفضها, وعدم تمييزه بين العقائد والأفكار التي يرفضها, فلم يعد يبحث عن نقاط التقاء وتقارب مع الأفكار المخالفة, إنما وضعها في فئة واحدة من الخطأ والضلال, وأغلقت كل فرصة للاجتهاد والتفكير فجل الاهتمام تحقيق اول حاجتين من هرم ماسلو,كما ساهم في ذلك التوالد المستمر للمسلمات في المنظومة الفكرية, والتوقف عند لحظة وقوع أحداث الأزمة فلم يعد يعيش واقعه ولا يفكر من خلاله مما تسبب في غربته فهو لا يفكر بمنطق تاريخي ولا يعترف بتغير الأزمان وتغير الظروف لأن من صفاته الثبات والاستقرار وتجاهل منطق الحياة والواقع والحركة والتغير والتحول. (بنافي،2014،ص2) وترى الباحثتان أن خصوصية أفراد العينة وخصوصية الرسالة التي يؤدونها نحو تلاميذهم واحتكاكهم المستمر معهم ومع ذويهم سواء كانوا من المنطقة نفسها أم من النازحين عدل من اسلوبهم المعرفي وخفض الانغلاق المعرفي لدى الغالبية منهم, فالأزمة السورية وحركة النزوح ربما زادت الانغلاق المعرفي في البداية إلا أنه مع الوقت ونتيجة التفاعل والاحتكاك والطبيعة المتعاونة لأفراد المجتمع السوري والمدى الزمني الطويل للأزمة اعطى فرصة للاندماج بين الأفراد والمعايشة المشتركة لمخلفات الأزمة والضغوط الحياتية اليومية وهذا بدوره عدل من درجة الانغلاق فحصل أكثر من نصف افراد العينة على درجة متوسطة منه, وأقل من خمس أفراد العينة على درجة منخفضة منه وربما يعود ذلك لتفاعل الظروف البيئية مع سمات الشخصية وحالة الانا المسيطرة.
ثالثاً. عرض نتائج فرضيات البحث ومناقشتها:
اختبار صحة الفرضية الأولى:
تنص الفرضية الأولى للبحث على أنَّه:
لا توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين حالات الأنا والانغلاق المعرفي لدى أفراد عينة البحث.
ولاختبار صحة هذه الفرضية تمَّ استخدام معامل الارتباط (بيرسون) كما هو موضح في الجدول رقم (5).
جدول (5) نتائج معامل الارتباط بين حالات الأنا والانغلاق المعرفي
حالات الأنا | الانغلاق المعرفي (معامل الارتباط) | العينة | القيمة الاحتمالية | مستوى الدلالة | القرار |
حالة الطفل الخاضع | 0.056 | 370 | 0.280 | 0.01 | غير دال |
حالة الطفل المتمرد | 0.231** | 370 | 0.000 | 0.01 | دال |
حالة الراشد | -0.480 ** | 370 | 0.003 | 0.01 | دال |
حالة الوالد الحنون | -0.152** | 370 | 0.000 | 0.01 | دال |
حالة الوالد الناقد | 0.373 ** | 370 | 0.000 | 0.01 | دال |
يتضح من الجدول السابق ما يلي: توجد علاقة بين الانغلاق المعرفي وكل من حالة الوالد الناقد والحنون وحالة الطفل المتمرد وحالة الراشد، وبهذا نرفض الفرضية الصفرية ونقبل الفرضية البديلة التي تقول: توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين حالات الأنا والانغلاق المعرفي لدى أفراد عينة البحث.
وهذه العلاقة موجبة بين الانغلاق المعرفي وحالة الوالد الناقد والطفل المتمرد، وسلبية بين الانغلاق المعرفي وحالة الوالد الحنون وحالة الراشد، في حين لم توجد علاقة بين الانغلاق المعرفي وحالة الطفل الخاضع.
مناقشة الفرضية الأولى: يمكن تفسير العلاقة الموجية بين حالة الوالد الناقد والانغلاق المعرفي، استنادا الى الخصائص والصفات التي تتصف بها حالة الوالد الناقد فالصرامة والقسوة والانتقاد الدائم وتوجيه النصائح للآخرين والتشكيك المستمر، ومصادرة الأفكار ومحاولة استلام زمام الأمور في أغلب الأوقات، والسيطرة على الآخرين والتحكم بهم، واللوم والمعاتبة، وعدم تقبل رأي الطرف الآخر، ماهي الا مؤشرات للانغلاق المعرفي والتعصب.
إضافة الى أن ردود الفعل الآلية لحالة الوالد الناقد ((هكذا يجب أن تتم))، تمنع الفرد من التفكير في اتخاذ قرارات خاصة وفقاً لكل موقف (الشناوي،1994،ص348)، ممّا يجعله منغلقاً على نفسه.
وقد أكدَّت بعض الأدبيات العلمية أنَّ اتصاف الفرد بالانغلاق والجمود المعرفي يعني اعتقاده بصحة ما يقوله وخطأ ما يقوله الطرف الآخر بالمطلق، بحيثُ يأخذ موقف (أنا بخير-أنتم “الآخرون” لستم بخير)، فيرى نفسه داعياً ومصلحاً اجتماعياً، شاعراً بمرارة إزاء سلوكيات الآخرين وتصرفاتهم، وهذا بالضبط ما يمثله التزمت والتشدد في حالة الوالد الناقد. (كامل،2002،ص321)
كما يمكن تفسير العلاقة الموجبة بين الانغلاق المعرفي وحالة الطفل المتمرد بناء على ما أشار إليه بيرن من أنَّ حالة الطفل تتشكّل نتيجةً لنوع التأثير (المباشر وغير المباشر)، الصادر عن كلا الوالدين الفعليين أو من يقوم مقامهما، فحالتي الوالد (الحنون والناقد)، تفرز إنا حالة طفل متكيف (خاضع يتقبّل ما يريده الوالدين / متمرد يعترض على قوانينهما) أو طفل عفوي. (بيرن،2010،ص29) وتشير دراسة إينغ (1999) إلى أهمية الرسائل التي يتلقاها الأفراد من الآخرين ذوي السلطة في استخدامهم وإظهارهم لحالة أكثر من الأخرى, حيث كشفت عن أنَّ الطلبة الذين تلقوا رسائل من حالة الوالد الناقد لدى معلميهم ظهرت لديهم حالة الطفل المتمرد.
ووفقا لذلك فإن حالة الطفل المتمرد تتشكل من حالة الوالد الناقد كرد فعل تجاه تعليماته وقوانينه وقواعده ونتيجة للمطالب القاسية والتعليمات والأوامر الصادرة عنه والتي تُقيّد حريته بحيثُ لم يعدْ يحتملها، ممّا يؤدي به إلى نوع من المشاعر السلبية تتمثُل في الرفض المستمر والاعتراض لمجرد الاعتراض والتهور وسرعة الغضب، وهو يعيد رسائل الوالد الناقد ويكررها مع الآخرين، ولكن بأسلوب غير منضبط وغير ملتزم بأي تعليمات أو قواعد أو أي إطار من القيم والقوانين، فلا ضوابط تحكم السلوك، مما يدلُّ على اختلال منظومة القيم التي تضبط سلوكياته, ويصبح عدم اهتمامه بهذه المُثّل والقيم الدافع الأساسي والمحرك لتصرفاته مع من حوله. (رزق،2009،ص288)
هذا الاختلال في النظام القيمي يجعل الفرد في حالة الطفل المتمرد متذبذباً ومتوتراً وغير هادئ، قلقاً، يفقد معها السيطرة على نفسه وعلى مشاعره، فتراهُ يثور لأتفه الأسباب، وهذا ما يجعله أقلُ ثباتاً انفعالياً من غيره.
وعلى هذا فإنَّ نظرته لذاته تنطلق من مجموعة من المشاعر السلبية (الحقد، القلق، الغضب…) محاولاً من خلالها إثبات ذاته وفرديته بطريقة غير صحيحة (يخفي من خلالها نظرته الدونية لنفسه) (المرجع السابق)، وهذا ما يخفض دافعيته لإنجاز أي مهام أو أعمال أو أنشطة مفيدة، فتنخفض لديه درجة الكفاءة الذاتية.
وكلما كانت حالة الطفل المتمرد هي الأكثر استخداماً، كلما فشل في إيجاد معنى لحياته نتيجةً لفشله في إدراك حقيقة وجوده ولرفضه وعدم تقبله القيود التي تحدُّ وجوده كإنسان (فهو لا يتقبّل وجود أشياء يمكنه تغييرها وأشياء لا يمكنه تغييرها). (يوسف،2008،ص137-139)
وانطلاقاً ممّا سبق، فإنَّ شعوره بالفراغ الوجودي واختلال منظومة القيم لديه ونظرته السلبية لنفسه وتذبذب مشاعره وعدم استقرارها وجدانياً وانفعالياً، جعل نظرته للحياة سوداوية يملؤها التشكيك بالآخرين وعدم الثقة مع ترقب الغدر ممّن حوله، وهذا يجعل توجهه نحو الحياة سلبياً، فيتبنى اعتقاداً قائماً على رفض ومواجهة أي تغيير قد يطرأ على حياته نظراً لأنَّه يُعدُّ بمثابة تهديد لكيانه من وجهة نظره (المرجع السابق)، وهذا بدوره يُشكّل عائقا أمام فهمه لنفسه وفهم الآخرين ومن التواصل معهم بشكلٍ سليم، ويقف حجرة عثرة أمام تقبله لأفكار الآخرين وآرائهم المخالفة لآرائه، وبالتالي يكون على درجة عالية من الانغلاق المعرفي.
- أما عن وجود علاقة سلبية بين حالة الوالد الحنون والانغلاق المعرفي فيعود إلى أنَّه كلما زاد استخدام حالة الوالد الحنون كلما كان الفرد أكثر كفاءة ذاتية وأعلى قيماً وأكثر ثباتاً انفعالياً وأكثر استبصاراً بالنفس وبالآخرين وبالبيئة من حوله، حيثُ تزداد رغبته في التحدي ويسعى جاهداً نحو الجدّة والتغيير، ويكون أكثر مرحاً وأكثر تفاؤلاً، مع سعيه للوصول إلى معنى وقيمة للحياة، وهذا كله يخالف ويعاكس مضمون ومحتوى الانغلاق المعرفي،, فحالة الوالد الحنون تُحافظ على القيم والعادات، ولكن من باب الحب والرقة في التعامل دون تعصب أو انحراف، أو سيطرة على الآخرين.
كما يمكن تفسير وجود علاقة سلبية بين الانغلاق المعرفي وحالة الراشد إلى ما تتصف به حالة الراشد من سمات (فهي موضوعية وواقعية ومحلّلة للمواقف والمواضيع على اختلافها ومتزنة وهادئة، وهي الجزء المنطقي الوحيد في الشخصية، كما أنَّها تضع القواعد وتجمع المعلومات)، وهذا ما يجعلها أكثر قدرة على مقاومة الضغط النفسي وتجاوزه والارتقاء بالشخصية، وبالتالي أكثر انفتاح معرفي، وتعتبر وظيفة حالة الراشد بمثابة مؤشرات لا تتماشى مع الانغلاق المعرق, وتتمثل هذه المؤشرات في:
- اتخاذ القرارات الملائمة وإيجاد حلول للمشكلات باعتماد حقائق وأفكار مثبتة.
- العمل كحاسوب یستثمر كل المعطيات والمعلومات الواردة إليه من حالتي الأنا الوالد والطفل، ويحللها ويمحصها، ليرى فيما إذا كانت التوجيهات الوالدية مبنية على أساس الواقع وللوقوف على ما هو صالح أو غير صالح فيها، وليتأكد فيما إذا كانت المشاعر المتأتية من حالة الطفل يُمكن التعبير عنها بشكل آمن . (رزق،2009).
– نقل القيم والمعتقدات التي وضعتها حالة الوالد (التي بدورها قد تبنتها من الأبوين أو من يقوم مقامهما) وتحتفظ بالصحيح منها عن قناعة ورضا (فمثلاً هي تعامل الناس بالخير لا لأنَّها قد تعلمت هذا من الأنا الوالدية لديها وإنَّما لأنَّها على قناعة تامة بذلك)، وبذلك فهي تضع منهجاً جديداً من الأخلاق والقيم وتسير عليه (كالتعاون مع الآخرين، واحترام الضعفاء وكبار السن …إلخ)، ونظراً لذلك فإنَّه كلما كانت حالة الراشد هي الفاعلة والمشحونة انفعالياً، كلما كانت الشخصية أسمى وأرقى أخلاقياً. (جبر،2015،ص14) – العمل كمحامي دفاع عن حالة الطفل، حينما تكون رغباتها متعارضة مع الخطوط الحمراء التي وضعتها حالة الوالد (مثلاً الجنس قد يكون رغبة ملحة لدى حالة الطفل ولا تلائم القيم التي تبنتها حالة الوالد)، حيث تعيد صياغة احتياجات حالة الطفل، لتصبح أكثر ملاءمة لأوامر حالة الوالد (وفقاً للمثال السابق توجه حالة الراشد حالة الطفل للتفكير في الجنس ضمن إطار الزواج الذي يلائم قواعد حالة الوالد)، كما أنَّها كما سبق ذكره تسمح لحالة الطفل بالتعبير عن مشاعرها في الموقف المناسب كنوع من التنفيس الانفعالي، بحيثُ تسمح بالدعابة والمرح (مثلاً في حفل راقص تترك حالة الراشد للطفل زمام الأمور)، وهذا ما يمدُّ الفرد بالطاقة والنشاط ويجعله أكثر حيوية، ممّا يجعل نظرته أكثر إيجابية نحو الحياة. (المرجع السابق،ص10)
وما ذكر أعلاه من وظائف لحالة الانا الراشد ما هي الا مؤشرات لشخصية أكثر مرونة وأكثر انفتاح على الآخرين وأكثر تقبلاً لأفكارهم وأكثر قدرة على التغيير والتجديد والتنويع وبالتالي فهي تناقض تماماً الانغلاق المعرفي.
أمّا عن عدم وجود علاقة بين حالة الطفل الخاضع والانغلاق المعرفي فربما تعود إلى ما ذُكر سابقاً عن تشكّل حالة الطفل المتكيف، والتي تُعدُّ حالة الطفل الخاضع أحد وجهيه، حيثُ تشابه حالة الطفل الخاضع حالة الطفل المتمرد في النشوء، من أنّها نتيجةً للتأثير المباشر للوالدين الفعليين أو من يقوم مقامهما ونتيجةً لحالة الوالد الناقد، فتتشكّل كرد فعل للتعليمات والأوامر والقوانين في قالب من الخضوع والتقبّل والانصياع، ممّا يولّد لديه مشاعر الحياء والخجل الزائد، وبهذا يجد الفرد ذو حالة الطفل الخاضع صعوبةً في مواجهة الناس (بيرن،2010،ص29)، أو في التحدث أمام مجموعة، أو في مصاحبة الغرباء، فتتفاقم لديه مشاعر العجز والخوف الشديد، وعلى هذا فإنَّ الفرد الذي تُسيطر عليه حالة الطفل الخاضع، يكون مركز الضبط لديه خارجي، كما أنَّه يتصف بشدة التأديب والتهذيب لدرجة عدم القدرة على رفض أي طلب يطلب منه ولو على حساب نفسه، فهو موجه بحيثُ لا يتمكن من قول “لا” أبداً، لدرجة لا يعرف فيها نفسه إذا كان سعيداً أم لا، وسلوكياته آلية وموجهة، وهذا يُؤكدُّ عدم ارتباط حالة الطفل الخاضع مع الانغلاق المعرفي، لأنه ليس لديه أي قدرة على تقبل أو عدم تقبل رأي الطرف الآخر المخالف له.
اختبار صحة الفرضية الثانية:
تنص الفرضية الثانية للبحث على أنَّه:
لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس حالات الأنا وفقاً لمتغير الجنس (الذكور/ الإناث). ولاختبار صحة هذه الفرضية تم حساب الفروق باستخدام اختبار (t-Test) كما هو موضح في الجدول رقم (6).
جدول (6) نتائج اختبار (t-test) لدلالة الفروق بين الذكور والإناث في حالات الأنا
حالات الأنا | متغير الجنس | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | درجة الحرية df | قيمة “ت” ستودينت | القيمة الاحتمالية | القرار |
حالة الطفل الخاضع | ذكور | 79 | 10.9494 | 5.19343 | 368 | 2.106- | 0.036 | دال لصالح الإناث |
إناث | 291 | 12.1546 | 4.30879 | |||||
حالة الراشد | ذكور | 79 | 14.4304 | 5.43182 | 368 | 1.861- | 0.064 | غير دال |
إناث | 291 | 15.6186 | 4.91888 | |||||
حالة الوالد الحنون | ذكور | 79 | 14.5823 | 4.89795 | 368 | 1.340- | 0.181 | غير دال |
إناث | 291 | 15.4502 | 5.15820 | |||||
حالة الوالد الناقد | ذكور | 79 | 7.5316 | 5.28383 | 368 | 3.254 | 0.001 | دال لصالح الذكور |
إناث | 291 | 5.4399 | 5.00748 | |||||
حالة الوالد المتمرد | ذكور | 79 | 3.9873 | 4.16485 | 368 | 1.464 | 0.144 | غير دال |
إناث | 291 | 3.2371 | 4.00372 |
يتضح من الجدول السابق ما يلي:
توجد فروق ذات دلالة على مقياس حالات الأنا (في كل من حالة الطفل الخاضع وحالة الوالد الناقد) وفقاً لمتغير الجنس، وعلى هذا نرفض الفرضية الصفرية ونقبل الفرضية البديلة التي تقول: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد
العينة على مقياس حالات الأنا وفقاً لمتغير الجنس (الذكور/ الإناث).
تُشير نتائج الفرضية الثانية إلى وجود فروق بين الجنسين في حالات الأنا، لصالح الذكور في حالة الوالد الناقد ، ولصالح الإناث في حالة الطفل الخاضع، في حين لم توجد فروق بين الجنسين في حالة الوالد الحنون وحالة الراشد وحالة الطفل المتمرد، وهذا يعني أنَّ الذكور كانوا أكثر استخداماً وإظهاراً لحالة الوالد الناقد ، مقارنةً بالإناث اللواتي كنَّ أكثر إظهاراً لحالة الطفل الخاضع، ورُبما يعود هذا وفقاً لبيرن إلى أنَّ شخصية كل فرد (مهما كان جنسه ذكراً أم أنثى) تنقسم إلى ثلاث حالات: (حالة والد، حالة راشد، حالة طفل)، إلاّ أنَّ البيئة الاجتماعية التي ينمو فيها الفرد، ومقدار ما يتلقاه من دعم معنوي من قبل الآخرين (وخاصةً الأفراد المهمين في حياته) ومقدار استجابتهم وتلبيتهم لحاجاته، بالإضافة إلى الخبرة والتجربة جميعها تسهم في الفروق الفردية بين أفراد عينة البحث في استخدام حالة من حالات الأنا أكثر من الأخرى. (رزق،2009،ص308) كما تلعب أساليب التنشئة الاجتماعية واختلاف نشأة الآباء والأمهات واختلاف ثقافتهم ومستوى تعليمهم دورا في ذلك, وتُؤكد دراسة ليكانين (Likanen,1999) أنَّ التنشئة الاجتماعية والعادات الثقافية تلعب دوراً في سيادة حالة من حالات الأنا لدى مجموعة من الأفراد مقابل آخرين، وهذا بالطبع ما تُشير إليه هورني من وجود فروقات بين الجنسين تعود لطبيعة المجتمع وثقافته ونظرته لكل من الجنسين ودورهما فيه، وترى أنَّ شعور المرأة المكتسب بالنقص يجعلها أكثر خضوعاً من الرجل. (رزق،2009)
فأساليب المعاملة الوالدية (أو الأساليب التي يتبعها الأفراد المهمين في حياة الفرد بخلاف الوالدين الفعليين كالأقرباء أو الأجداد أو أي شخص هام بالنسبة للفرد، أو أي صاحب سلطة من وجهة نظر الفرد نفسه)، تُحدد نمط استجابات الافراد وتصرفاتهم تبعاً لحالة من حالات الأنا، وهذا ما تُؤكده دراسة سايزي و سيليغو (Caizzi&Scilligo,1999)، مشيرةً إلى اختلاف حالات الأنا السائدة لدى الأمهات في طريقة تعاملهن مع أطفالهن وذلك باختلاف الجنس واختلاف طبيعة العلاقة بين الأم والأطفال إن كانوا متبنيين أو طبيعيين، فقد وجدت الدراسة أنَّ الأمهات في أثناء تعاملهن مع أطفالهن المتبنيين وخاصةً الإناث تظهر عليهن حالة الوالد الناقد، في حين تظهر عليهن حالة الوالد الحنون وحالة الطفل الخاضع مع أطفالهن الطبيعيين من الإناث، بينما تظهر عليهنَّ حالة الراشد مع أطفالهنَّ الطبيعيين من الذكور، ومن الجدير بالذكر أنَّه حتى قبل ولادة الفرد نفسه، يُعدُّ الخطاب الوالدي حول الطفل وجنسه وما سيتمُّ تسميته أمراً هاماً في إكسابه فرديته ووضعه ضمن إطار وقالب خاص، وبعد ولادته يستمر الحديث الأبوي في دعم هذا التمييز بين الجنسين، وفي تشكيل هويته الخاصة، حيثُ يبدأ الطفل بعد فترة من نموه بالتماهي بشكل زائد مع أحد الأبوين من الجنس ذاته. (ألبيرن وبوربالان،2010،ص42-44)
ويأتي دور الوالدان في الإصرار على تشكيل نموذج الذكورة والأنوثة لدى أبنائهما من الجنسين، وهذا يقودهما لمعاملة متباينة وفقاً لجنس الفرد. (المرجع السابق) من جهة أخرى يتوقف تأثير الأساليب التي يتبعها الوالدين الفعليين (بمعنى الرسائل التي تصدر عنهما ويتلقاها الفرد) على الطريقة التي يستقبل بها هذه الرسائل، فإنْ كان يرى أنَّها الأنجع والأكثر فائدة، فإنَّه يميل لجعلها الحالة المشحونة في أثناء تعامله مع الآخرين ومع مختلف المواقف (بالطبع إنْ كان الفرد يستطيع التمييز بين حالات الأنا لديه، وإنْ لم يستطيع فإنَّه يجعل هذه الحالة هي الأكثر وضوحاً لديه وإنْ لم تكن مشحونة في بعض المواقف). (كامل،2002،ص27-28)
- في حين تكون حالة الراشد هي الفاعلة التي تختبر جميع الرسائل في كلا الحالتين، وتختبر المشاعر والتعليمات والمتطلبات، وتحللها وتُبقي ما هو صالح منها وتُغير ما هو غير صالح على أساس الخبرة السابقة (هاريس،1992،ص47)، وحالة الراشد تنمو متأخرة عن حالتي الوالد والطفل، ويعتمد تطويرها وتنميتها لدى الفرد على مقدار الحافز المقدّم له من قبل الوالدين الفعليين، ومقدار ما منح من الحب والاهتمام والثقة والرضا، ومدى فاعلية نموذج الراشد في الوالدين، ومقدار مساعدتهما للفرد في تنمية الراشد الذي في داخله وبالتالي لا علاقة لجنس الفرد بسيطرة حالة الراشد عليه. (المرجع السابق، ص110-178)
فالحوار من منطلق (راشد- راشد) الذي يقوم به الوالدين مع الأبناء يساعدهم على تنمية حالة الراشد.
كذلك لم توجد فروق في حالتي الوالد الحنون والطفل المتمرد بين الجنسين، وربما هذا يعود إلى أنَّ الأب يرسل لابنه الذكر رسائله الخاصة حول دوره في المستقبل بالتحكم والسيطرة والسلطة مع رسائله الخاصة بدوره الأبوي كراعي لأبنائه، والأم ترسل لابنتها رسائلها الخاصة بدورها في المستقبل كأم لأبنائها، وبالتالي تعزز هذه الرسائل حالة الوالد الناقد لدى الذكور وحالة الطفل الخاضع لدى الإناث، في حين كلا الجنسين يتلقيان رسائل خاصة بالتعامل مع الآخرين والعطف والحب والاهتمام أو البغض والقسوة والرفض وفقاً لمقدار ما لدى الأبوين نفسيهما من هذه المشاعر والصفات، ولا علاقة لذلك بجنس الطفل إن كان ذكر أم أنثى، وإنّما يتعلق بشكل كبير بخطة الحياة لدى الأبوين نفسيهما إن كانت خطة غضب أو خطة ضياع أو خطة حب ” بمعنى خطة ناجحة أو فاشلة” . (المرجع السابق،ص294)
اختبار صحة الفرضية الثالثة:
تنص الفرضية الثالثة للبحث على أنَّه: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس
الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير الجنس.
ولاختبار صحة هذه الفرضية تم حساب الفروق باستخدام اختبار( (t-Test كما هو موضح في الجدول رقم (7).
جدول (7) نتائج اختبار (t-test) لدلالة الفروق بين الذكور والإناث في الانغلاق المعرفي
متغير الجنس | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | درجة الحرية df | قيمة “ت” ستودينت | القيمة الاحتمالية | القرار | |
الانغلاق المعرفي | ذكور | 79 | 78.9873 | 22.13275 | 368 | -0.557 | 0.564 | غير دال |
إناث | 291 | 80.3814 | 18.12986 |
مناقشة الفرضية الثالثة: يتضح من الجدول السابق أنَّه لا توجد فروق وفقاً لمتغير الجنس في الانغلاق المعرفي، وعلى هذا نقبل الفرضية الصفرية التي تقول: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير الجنس. يمكن تفسير ذلك استنادا الى ما ذكر أعلاه في مناقشة مستوى الانغلاق المعرفي والذي بينا فيه اشتراك افراد المجتمع السوري من ذكور واناث على حد سواء لظروف سياسية اقتصادية اجتماعية كمخلفات لازمة طالته على مدى عشر سنوات انعكست على الأسلوب المعرفي لديه, وعليه فإن الانغلاق المعرفي لا يعود لجنس الفرد.
اختبار صحة الفرضية الرابعة:
تنص الفرضية الرابعة للبحث على أنَّه: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس حالات الأنا وفقاً لمتغير العمر (أقل من 20، من 20ل30، من 41-50، أكثر من 50)
ولاختبار صحة هذه الفرضية تمَّ حساب الفروق بين متوسطات أربعة مجموعات باستخدام تحليل التباين الأحادي (One Way Anova) وذلك للكشف عن الفروق بين أفراد العينة من عمر أقل من 20 ، ومن 20 ل30، ومن 41-50، وأكثر من 50 في حالات الأنا، وللكشف عن الدلالة الإحصائية لهذه الفروق كما هو موضح في الجدول رقم (8).
جدول (8) نتائج تحليل التباين الأحادي(Anova) لتحديد دلالة الفرق في حالات الأنا وفقاً لمتغير العمر
حالة الطفل الخاضع | مصدر التباين | مجموع المربعات | درجة الحرية df | متوسط المربعات | قيمة (ف) | القيمة الاحتمالية | القرار |
بين المجموعات | 273.219 | 4 | 68.305 | 3.413 | .009 | دال | |
ضمن المجموعات | 7304.878 | 365 | 20.013 | ||||
الكلي | 7578.097 | 369 | |||||
حالة الراشد | بين المجموعات | 276.772 | 4 | 69.193 | 2.767 | .027 | دال |
ضمن المجموعات | 9128.971 | 365 | 25.011 | ||||
الكلي | 9405.743 | 369 | |||||
حالة الوالد الحنون | بين المجموعات | 180.150 | 4 | 45.037 | 1.739 | .141 | غير دال |
ضمن المجموعات | 9453.894 | 365 | 25.901 | ||||
الكلي | 9634.043 | 369 | |||||
حالة الوالد الناقد | بين المجموعات | 581.513 | 4 | 145.378 | 5.806 | .000 | دال |
ضمن المجموعات | 9139.719 | 365 | 25.040 | ||||
الكلي | 9721.232 | 369 | |||||
حالة الطفل المتمرد | بين المجموعات | 310.424 | 4 | 77.606 | 4.947 | .001 | دال |
ضمن المجموعات | 5726.174 | 365 | 15.688 | ||||
الكلي | 6036.597 | 369 | 68.305 |
جدول (9) اختبار ليفين لتجانس العينات
اختبار ليفين لتجانس العينات | درجة الحرية(1) df1 | درجة الحرية(2) df2 | القيمة الاحتمالية | القرار | |
الطفل الخاضع | 4.225 | 4 | 365 | .002 | لا يوجد تجانس |
الراشد | 3.217 | 4 | 365 | .013 | لا يوجد تجانس |
الوالد الحنون | .716 | 4 | 365 | .582 | يوجد تجانس |
الوالد الناقد | 9.422 | 4 | 365 | .000 | لا يوجد تجانس |
الطفل المتمرد | 12.106 | 4 | 365 | .000 | لا يوجد تجانس |
يتضح من الجدول رقم (8) ما يلي: توجد فروق ذات دلالة إحصائية وفق متغير العمر في حالات الأنا (الخاضع، الراشد، الناقد، المتمرد) في حين لا توجد فروق وفقاً للعمر في حالة الوالد الحنون، وبهذا نرفض الفرضية الصفرية ونقبل الفرضية البديلة التي تقول:
توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس حالات الأنا وفقاً لمتغير العمر (أقل من 20، من 20ل30، من 41-50، أكثر من 50)
يتضح من الجدول رقم (9) ما يلي: – بلغت القيمة الاحتمالية في اختبار ليفين لتجانس العينات (فيما يخص حالة الخاضع والراشد والناقد والمتمرد(، أصغر من قيمة الدلالة الإحصائية (0.05)، وهذا يعني عدم توزع العينات بشكل اعتدالي.
ولتحديد جهة الفروقات تمَّ استخراج نتائج المقارنات البعدية المتعددة، ونظراً لعدم تجانس العينات كما يظهر اختبار ليفين، تمَّ استخدام اختبار (دونيت) للمقارنات البعدية للعينات غير المتجانسة كما هو موضح في الجدول رقم (10).
جدول (10) نتائج اختبار دونيت “Dunnett t3” للمقارنات البعدية في حالات الأنا وفقاً لمتغير العمر
نتائج اختبار دونيت (Dunnett t3) الخاص بالفروقات البعدية | |||||||
الطفل الخاضع | متغير العمر | الفرق بين المتوسطات | الخطأ المعياري | القيمة الاحتمالية | مستوى الدلالة | القرار | |
من 31-40 | أكثر من 50 | 2.66905* | .83123 | .037 | 0.05 | دال لصالح من31-40 | |
الراشد | من 41-50 | من20-30 | .74719 | .84980 | 0.04 | 0.05 | دال لصالح من 41-50 |
31-40 | .30476 | .90545 | .003 | 0.05 | دال لصالح من41-50 | ||
الوالد الناقد | من 31-40 | أكثر من 50 | -3.80595-* | .92978 | .002 | 0.05 | دال لصالح أكثر من 50 |
من 20-30 | أكثر من 50 | -3.96657-* | .87561 | .000 | 0.05 | دال لصالح أكثر من 50 | |
الطفل المتمرد | من 31-40 | أكثر من 50 | -2.74242-* | .69307 | .004 | 0.05 | دال لصالح أكثر من 50 |
من20-30 | أكثر من 50 | -2.60833-* | .73594 | .015 | 0.05 | دال لصالح أكثر من 50 |
جدول (11)نتائج المتوسطات والانحرافات المعيارية لدرجات أفراد العينة من الأعمار الزمنية أقل من 20، من 20ل30، من 41-50، أكثر من 50
المتوسطات والانحرافات المعيارية لدرجات أفراد عينة الدراسة من الأعمار الزمنية أقل من 20، من 20ل30، من 41-50، أكثر من 50 | ||||
حالة الطفل الخاضع | متغير العمر | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري |
أقل من 20 | 4 | 10.0000 | 5.77350 | |
من20ل30 | 178 | 12.0337 | 3.88812 | |
من31ل40 | 105 | 12.8190 | 4.60096 | |
من41ل50 | 43 | 10.8837 | 4.56805 | |
أكثر من50 | 40 | 10.1500 | 6.09981 | |
كلي | 370 | 11.8973 | 4.53176 | |
حالة الراشد | أقل من 20 | 4 | 21.0000 | 8.08290 |
من20ل30 | 178 | 15.0000 | 4.79148 | |
من31ل40 | 105 | 15.3048 | 4.78404 | |
من41ل50 | 43 | 15.7472 | 4.45614 | |
أكثر من50 | 40 | 13.6500 | 6.51448 | |
كلي | 370 | 15.3649 | 5.04874 | |
حالة الوالد الناقد | أقل من 20 | 4 | 4.0000 | 1.15470 |
من20ل30 | 178 | 5.2584 | 4.64935 | |
من31ل40 | 105 | 5.4190 | 4.55264 | |
من41ل50 | 43 | 6.6977 | 4.80345 | |
أكثر من50 | 40 | 9.2250 | 7.48498 | |
كلي | 370 | 5.8865 | 5.13272 | |
حالة الطفل المتمرد | أقل من 20 | 4 | 1.0000 | .00000 |
من20ل30 | 178 | 2.9326 | 3.40089 | |
من31ل40 | 105 | 3.0667 | 3.48145 | |
من41ل50 | 43 | 4.2326 | 4.31408 | |
أكثر من50 | 40 | 5.6750 | 6.47832 | |
كلي | 370 | 3.3973 | 4.04467 |
مناقشة الفرضية الرابعة: تُشير نتائج الفرضية إلى وجود فروق وفقاً للعمر بين المجموعات العمرية في حالات الأنا، لصالح فئة العمر (أكثر من 50) في حالة الوالد الناقد والطفل المتمرد، ولصالح فئة العمر (41-50) في حالة الراشد، ولصالح (31-40) في حالة الطفل الخاضع.
ويُمكن تفسير هذه الفروق وفقاً لخصائص كل مرحلة عمرية، ووفقاً للحاجات الأساسية في الشخصية (تبعاً لما أشار إليه بيرن)، حيثُ لا يقصد بوجود فروق عمرية في حالات الأنا، أنَّ هناك أفراد في عمر معين تنتفي لديهم حالة معينة، وإنَّما يُقصد بها أنَّ كل مدى عمري يستخدم حالة معينة أكثر من الحالات الأخرى، فكل فرد وفقاً لما أوضحه بيرن يمتلك ثلاث حالات في شخصيته (الوالد/الراشد/الطفل). والمدى العمري (31-40)، يُمثل مرحلة الرشد المبكر، والتي تتميز وفقاً لما أشار إليه أريكسون بأنَّها مرحلة اكتساب الألفة وتحقيق الحب والتفاعل الاجتماعي مع الأصدقاء وشريك الحياة. (زهران،2005،ص9)
وعليه فهي مرحلة تتميز بشدّة الحاجة إلى الاعتبار والاهتمام والاعتراف والتقدير من الآخرين The Recognition Hunger، بمعنى حاجة الفرد إلى الآخرين تكون في أشدها في هذه المرحلة (وهنا يُشابه الطفل في حاجته الشديدة للحب والاهتمام ممّن حوله)، وتكون سلوكيات الفرد مدفوعة في أغلبها من دوافع عاطفية انفعالية. (قنديل،2009،ص179)
ووفقاً لذلك تكون حالة الطفل الخاضع هي الأكثر استخداماً في هذه المرحلة العمرية (مرحلة الرشد المبكر)، وذلك لأنَّ الفرد في هذه المرحلة يكون متعدد الأدوار والمسؤوليات كدور الوالدية والدور المهني والدور الاجتماعي، فيضطر لمسايرة الكثير من الأمور من أجل تحقيق التوازن في العمل والأسرة وغيرها…
في حين يُمثّل المدى العمري (41-50) أوائل مرحلة الرشد الأوسط التي تتميز بمعرفة الفرد لوجهته في الحياة، فيعود إليه الاتزان الانفعالي مرة أخرى، ويشعر في أعماق نفسه أنَّه أصبح يوجه حياته كيفما يشاء ، فهي مرحلة العطاء والإنتاجية والشعور بالحاجة لإعالة الأجيال التالية ورعايتهم، حيث يعمل الأفراد من أجل غيرهم وينقلون خبراتهم ونتاجهم للأجيال الأخرى. (قطامي وآخرون،2010،ص117) هذا وتتسع نظرة الفرد للحياة ويصبح معنى الحياة أكثر شمولية، حيثُ يبحث الفرد في هذه المرحلة عن شيء يستطيع أن ينجزه على مستوى أعلى من تغطية احتياجاته الأسرية ويعطي لحياته معنىً أوسع وأعمق، يتجاوز به الامتداد البيولوجي الخاص كالتكاثر وحضانة الأطفال إلى الامتداد بمعناه النفسي والاجتماعي والذي يتمثل في الالتزام بقضية إنسانية عامة تتجاوز الاحتياجات المباشرة للحاضر.(المرجع السابق)، ولذا تكون حالة الراشد هي البارزة في هذه المرحلة، فمن خلال استخدام حالة الراشد يتمكن الأفراد من التعامل مع مختلف الأفراد والمواقف بطريقة مرنة، ممّا يساعدهم على نقل معارفهم وخبراتهم للآخرين، والعمل على تنظيم أمورهم بشكلٍ صحيح، كل هذا يجعل من حالة الراشد، الحالة الأكثر استخدماً في هذه المرحلة.
أمّا فيما يتعلق بالمدى العمري (أكثر من 50) عاماً فإنَّ الأفراد ما زالوا في مرحلة الرشد الأوسط، ولكنها تمثل أواخر هذه المرحلة وتمهد لدخول مرحلة الشيخوخة، وهذا ما يجعل الفرد في هذه المرحلة أكثر اضطراباً وقلقاً نظراً لكونه يتقدم في العمر، ويبدأ بالشعور أكثر بالضعف الجسدي مقارنة مع السابق, واختلاف جوهر الحياة لديه فأبناؤه يغادرون منزله ويبدؤون بتأسيس حياة جديدة بعيدة عنه مما عن يجعله يشعر بالعجز وفقدان المكانة التي كان يشعر بها سابقاً، الامر الذي يدفعه إمَّا لمحاولة إعادة السيطرة على الأمور ومجريات حياته بكل ما تحتويه مستخدماً حالة الوالد الناقد، أو أنَّه يرفض ما وصل إليه ويرفض فكرة تقدمه في العمر وينكر ذلك متمرداً على كل الظروف الجديدة التي قد أثرت في حياته ومستخدماً بذلك حالة الطفل المتمرد بشكلها السلبي من إنكار للآخرين ورفضهم والرغبة في إزعاجهم ومضايقتهم فقط لتأكيد وجودهم، أو أنَّه يستخدم حالة الطفل المتمرد بشكلها الإيجابي فتظهر بصورة نقمة على الأحداث والظروف الراهنة الحالية.
اختبار صحة الفرضية الخامسة:
تنص الفرضية الخامسة للبحث على أنَّه:
لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير العمر (أقل من 20، من 20ل30، من 41-50، أكثر من 50)
ولاختبار صحة هذه الفرضية تمَّ حساب الفروق بين متوسطات أربعة مجموعات باستخدام تحليل التباين الأحادي (One Way Anova) وذلك للكشف عن الفروق بين أفراد العينة من عمر أقل من 20 ، ومن 20 ل30، ومن 41-50، وأكثر من 50 في الانغلاق المعرفي، وللكشف عن الدلالة الإحصائية لهذه الفروق كما هو موضح في الجدول رقم (12).
جدول(12) نتائج تحليل التباين الأحادي (Anova) لتحديد دلالة الفرق في الانغلاق المعرفي
الانغلاق المعرفي | مصدر التباين | مجموع المربعات | درجة الحرية df | متوسط المربعات | قيمة (ف) | القيمة الاحتمالية | القرار |
بين المجموعات | 6012.687 | 4 | 1503.172 | 4.299 | .002 | دال | |
ضمن المجموعات | 127637.716 | 365 | 349.692 | ||||
الكلي | 133650.403 | 369 |
جدول (13) اختبار ليفين لتجانس العينات
اختبار ليفين لتجانس العينات (الانغلاق المعرفي)1.973 | درجة الحرية df1 | درجة الحرية df2 | القيمة الاحتمالية | القرار |
4 | 365 | 0.098 | يوجد تجانس |
يتضح من الجدول رقم (12) ما يلي:
توجد فروق ذات دلالة إحصائية في الانغلاق المعرفي وفقاً للعمر بين المجموعات العمرية، وبهذا نرفض الفرضية الصفرية ونقبل الفرضية البديلة التي تقول: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير العمر (أقل من 20، من 20ل30، من 41-50، أكثر من 50)
- ولتحديد جهة الفروقات تمَّ استخراج نتائج المقارنات البعدية المتعددة، ونظراً لتجانس العينات كما يظهر اختبار ليفين، تمَّ استخدام اختبار شيفيه (Scheffe) للمقارنات البعدية للعينات المتجانسة كما هو موضح في الجدول رقم (14).
- جدول (14) نتائج اختبار شيفيه للمقارنات البعدية في الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير العمر
نتائج اختبار شيفيه”Scheffe” الخاص بالفروقات البعدية | |||||||
الانغلاق المعرفي | متغير العمر | الفرق بين المتوسطات | الخطأ المعياري | القيمة الاحتمالية | مستوى الدلالة | القرار | |
من 20-30 | أكثر من 50 | -13.03118-* | 4.04584 | .022 | 0.05 | دال لصالح أكثر من 50 | |
دول (15) نتائج المتوسطات والانحرافات المعيارية لدرجات أفراد العينة من الأعمار الزمنية أقل من 20،20-30، من 41-50، أكثر من 50
المتوسطات والانحرافات المعيارية لدرجات أفراد عينة الدراسة من الأعمار الزمنية | ||||
الانغلاق المعرفي | متغير العمر | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري |
أقل من 20 | 4 | 87.5000 | 9.81495 | |
من 20-30 | 178 | 76.9438 | 17.35724 | |
من 41-50 | 105 | 80.8857 | 19.03909 | |
أكثر من 50 | 43 | 81.2326 | 17.88167 |
مناقشة الفرضية الخامسة: توجد فروق في الانغلاق المعرفي لصالح العمر أكثر من 50، ويمكن تفسير ذلك استنادا الى نتائج كل من الفرضية السابقة والفرضية الأولى حيث كشفت عن أن الأفراد في هذا العمر أكثر استخداماً لحالة الوالد الناقد والطفل المتمرد, وفي نفس السياق كشفت نتائج الفرضية الأولى عن علاقة موجبة بين حالة الوالد الناقد والطفل المتمرد والانغلاق المعرفيحيث زاد الانغلاق المعرفي في كل من حالتي الوالد الناقد والطفل المتمردوبالاستناد الى التفسيرات أعلاه يمكن القول ان حالة الوالد الناقد والطفل المتمرد تلعب دورا هاما في اختيار الفرد لأسلوب حياتي يتسم بالتفكير المنغلق نحو كل ما هو جديد أو مخالف لمعتقداته الخاصة التي تّعدُّ نوعاً من الثوابت التي لا تتغير أو تتبدل, ويضاف لذلك ما ذكر سابقا من خصائص هذه المرحلة العمرية ورغبتها بالعزلة والابتعاد عن الآخرين والعيش بهدوء والابتعاد عن كل المضايقات الامر الذي يجعلهم أقل مرونة وأكثر انغلاقاً لضيق عالمهم الاجتماعي والفكري والمعرفي الذي تم تصغيره من قبلهم.
اختبار صحة الفرضية السادسة:
تنص الفرضية السادسة للبحث على أنَّه: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس حالات الأنا وفقاً لمتغير نوع المدرسة (عامة/ خاصة). ولاختبار صحة هذه الفرضية تم حساب الفروق باستخدام اختبار (t-Test) كما هو موضح في الجدول رقم (16).
جدول (16) نتائج اختبار (t-test) لدلالة الفروق وفقاً لنوع المدرسة في حالات الأنا
حالات الأنا | متغير الجنس | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | درجة الحرية df | قيمة “ت” ستودينت | القيمة الاحتمالية | القرار |
حالة الطفل الخاضع | عامة | 257 | 12.0973 | 4.50805 | 368 | 1.281 | 0.201 | غير دال |
خاصة | 113 | 11.4425 | 4.57270 | |||||
حالة الراشد | عامة | 257 | 14.9261 | 5.16811 | 368 | 2.540- | 0.012 | دال لصالح الخاصة |
خاصة | 113 | 16.3628 | 4.63500 | |||||
حالة الوالد الحنون | عامة | 257 | 15.2101 | 5.06082 | 368 | -.310- | 0.756 | غير دال |
خاصة | 113 | 15.3894 | 5.23967 | |||||
حالة الوالد الناقد | عامة | 257 | 6.0778 | 5.56371 | 368 | 1.082 | 0.280 | غير دال |
خاصة | 113 | 5.4513 | 3.97086 | |||||
حالة الوالد المتمرد | عامة | 257 | 3.5486 | 4.40243 | 368 | 1.086 | 0.278 | غير دال |
خاصة | 113 | 3.0531 | 3.07013 |
يتضح من الجدول السابق ما يلي: توجد فروق ذات دلالة على مقياس حالات الأنا (في حالة الراشد فقط) وفقاً لمتغير نوع المدرسة، وعلى هذا نرفض الفرضية الصفرية ونقبل الفرضية البديلة التي تقول: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس حالات الأنا وفقاً لمتغير نوع المدرسة (عامة/ خاصة).
- ويُمكن تفسير ذلك من وجهة نظر بيرن للعمل وتعريفه له، بالإضافة إلى مفهوم هام في نظرية بيرن وهو بنية الوقت كما يلي:
حيثُ يرى بيرن أنَّ الدور (أو العمل) الذي يقوم به الفرد كنوع من فئات الألعاب، هدفه تنظيم الوقت، وإشباع الحاجة للتحديد البنيوي لدى الإنسان ( وهي حاجة لملء الوقت بشيء مفيد وممتع بالنسبة للفرد يُشعره بقيمة الذات ويُبعده عن مشاعر السأم والملل)، وهو طريقة مناسبة لتخطيط الزمن بمشروع مصمم للتعامل مع الواقع المادي، وكلما تضمنت هذه الطريقة نظرة إيجابية من قبل الفرد نحوها بأنَّها منتجة وخلاّقة كلما تضمنت درجة عالية من الرضا. (مليكة،1996،ص312)
كما يُشير بيرن أيضاً أنَّ العمل ليس ضرورياً فقط للحياة، ولكنّه مكافأة في حد ذاته، لأنَّه يسمح للفرد بالسيطرة والامتياز والمهارة، والتعبير عن تشكيلة كبيرة من المهارات (هاريس،1992،ص142)، ويمتاز بالتأثير على الأشياء والمواد ضمن إطاره بحيثُ يُعطي الفرد قيمة للاستمرار في الحياة. (بيرن،2010،ص17-19)
ولا شك أن بيئة العمل والقوانين الخاصة به تلعب دور في رغبة الفرد في المحافظة عليه والاستمرار به ناهيك عن المسؤولية تجاهه.
فمهما كان نوع العمل أو طبيعته، ودرجة بساطته أو صعوبته أو خطورته، فإنَّه يفرض المسؤولية على الفرد الذي اختاره، كما يفرض تبعات ونتائج هذا الاختيار.
ومن الجدير بالذكر أن العمل في المدارس الخاصة يفرض على المعلم متطلبات والتزامات أكثر صرامة للمحافظة عليه بالمقارنة مع المدارس العامة, إضافة الى الامتيازات والمكانة التي يحظى بها ممّا يجعله أكثر سعادة واستمتاع في عمله سواء في الأجر أو المكافآت أو الحوافز أو التشجيع المادي أو المعنوي, أو الفرص التي تفتح له كمصدر رزق إضافي , الامر الذي يزيد من شعوره بالمسؤولية تجاه عمله ويجعله أكثر استخداماً لحالة الراشد سواء في اتصاله مع تلاميذه أو أهاليهم او مع الكادر الإداري بهدف المحافظة على عمله ولينمو مهنيا.
- في حين لم توجد فروق وفقاً لتوع المدرسة في كل حالة من حالات الأنا الأخرى، وربما هذا يعود إلى عوامل أخرى أكثر تأثيراً في استخدام هذه الحالات إنْ كانت سيكولوجية أو اجتماعية.
فمن هذه العوامل الاجتماعية: 1) قوانين المجتمع والأخلاق وأصول السلوك وغيرها من التعاليم والعادات والتقاليد التي تُسهم في برمجة محتوى حالة الأنا الوالد، وتدفعها لتُقرر ما يصح عمله في أي موقف معين، مثلاً كيف يتعامل الفرد مع أصدقائه، في أي جانب من الطريق يقود سيارته، كما تُسهم هذه التعاليم المحددة في محتوى الأنا الوالد في تحديد العضوية الاجتماعية للفرد، وذلك لأنَّ الفرد يكشف عن طبقته الاجتماعية والثقافية عن طريق معرفته والتزامه بالطقوس الاجتماعية المتأصلة والمميزة لذلك القطاع من المجتمع الذي نشأ فيه.
2) تحديد حالة الأنا التي تُشحن انفعالياً، ويُسمى ذلك في لغة التحليل التفاعلي بمبدأ “التتميم”، ويقرر هذا المبدأ أنَّه إذا تساوت جميع الظروف، فإنَّ الشخص ينزع إلى شحن تلك الحالة التي تتممُّ حالة الأنا لدى الشخص الذي يتفاعل معه. (مليكة،1996،ص290-293) وعن العوامل السيكولوجية، فإنَّ تجمع المشاعر منذ الطفولة المبكرة وحتى عمر الفرد الحالي، إمّا يساهم في تكوين خطة ناجحة أو خطة فاشلة وهمية تُشكل مسار حياة الفرد، فبعض الأفراد يمكن أن يُقال عنهم أنهم منخرطون في “خطة غضب” أو ” خطة ضياع” وغيرها، ويتوقف ذلك على نوع المشاعر التي يكونون أكثر اهتماماً بخبرتها واختزانها واستدعائها، وهذا بالتالي ما يدفعهم لاستخدام حالة أنا محدّدة بشكل أكبر من الحالات الأخرى. (المرجع السابق،ص294)
اختبار صحة الفرضية السابعة:
تنص الفرضية السادسة للبحث على أنَّه: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس الانغلاق المعرفي وفقاً لمتغير نوع المدرسة (عامة/ خاصة).
ولاختبار صحة هذه الفرضية تم حساب الفروق باستخدام اختبار (t-Test) كما هو موضح في الجدول رقم (17).
جدول (17) نتائج اختبار (t-test) لدلالة الفروق وفقاً لنوع المدرسة في الانغلاق المعرفي
متغير الجنس | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | درجة الحرية df | قيمة “ت” ستودينت | القيمة الاحتمالية | القرار | |
الانغلاق المعرفي | عامة | 257 | 81.9144 | 18.51605 | 368 | 2.816 | .005 | دال لصالح العامة |
خاصة | 113 | 75.9204 | 19.60828 |
مناقشة الفرضية السابعة: يمكن تفسير هذه الفرضية بناءً على الفرضية السابقة من أنَّ المعلمين في المدارس الخاصة أكثر استخداماً لحالة الراشد من المعلمين في المدرسة العامة، لذلك هم أكثر انفتاحاً وأكثر مرونة وأكثر تقبلاً لآراء الآخرين وأكثر رغبة في مشاركة الآخرين آرائهم وأفكارهم، بخلاف المعلمين في المدارس العامة.
و يُمكن القول أنَّ الدور الذي يقوم به المعلم في المدرسة العامة يتخذ صورة آلية تتمثل في اتخاذ الأسلوب التقليدي في التدريس حيث لا يوجد تحفيز أو تشجيع للجهود المبذولة, أو للمبادرات او للأساليب الحديثة, إضافة الى ان البيئة الصفية المادية وازدحام الصف بالطلاب لا يشجع ولا يسهل ذلك ,كما ان قسم كبير من ذوي التلاميذ من مستويات ثقافية متوسطة او منخفضة, وغالبا ما يرتاحون للأسلوب التقليدي الذي اعتادوا عليه حين كانوا تلاميذ وطلاب. وكل ما ذكر يجعل المعلم يمارس نفس اساليبه فلا يغير ولا يجدد بل مع الوقت يحارب كل ما هو جديد ومخالف لأسلوبه ويشكل ذلك صورة من صور الانغلاق المعرفي.
التوصيات والمقترحات: في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة الحالية من نتائج نوصي بـ:
1 ـ إعداد برامج ارشادية وقائية للمعلمين والمعلمات ولمختلف العاملين في قطاعات الدولة , لتنمية حالة الأنا الراشدة لدى الأفراد وتدريبهم على استخدامها وتطويرها لخفض مستوى الانغلاق المعرفي المتبنى لديهم, بما يحقق التنمية المستدامة
2-إعداد برامج ارشادية وفق نظرية بيرن لمساعدة المعلمين الذين يمكن أن يكون لديهم اضطراب او جمود في حالات الأنا لمساعدتهم على تمييز مختلف حالات الانا لديهم وتعزيز استخدام حالة الانا الراشدة لديهم.
3- إعداد منصة حوارية خاصة برفد المعلمين والمعلمات ببرامج علمية ثقافية مما يعزز الانفتاح والمرونة الفكرية لديهم ويكون له دور ايجابي على المستوى الشخصي والمهني والاجتماعي (زملاء, إدارة, طلاب, أهالي)
4- إجراء دراسات تتناول حالات الأنا لدى عينات من أعمار ومهن مختلفة .
5- إجراء دراسات حول الانغلاق المعرفي لدى فئات أخرى (كالأطباء والممرضين والمرشدين) نظراً لخطورة المهنة التي يؤدونها.
6- الاهتمام بدراسة الانغلاق المعرفي مع متغيرات أخرى (كالتفكك الأسري، الانطواء، خبرات الطفولة، سمات الشخصية، السيادة الدماغية، أساليب المعاملة الوالدية).
المراجع:
العربية:
– إبراهيم، منى. (2016). التحليل التفاعلي، ص1، متوفر على الموقع: http://faculty.mu.edu.sa/mebrahim
– أبو أسعد، أحمد. (2009). نظريات التوجيه والإرشاد، عمّان: دار المسيرة.
– أبو زعيزع، عبد الله. (2011). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي (مدخل تحليلي)، الأردن: مركز ديبونو لتعليم التفكير.
– البدري، خميس. (2010). الشعور بالوحدة النفسية والتفكير الجامد، ماجستير غير منشورة،كلية التربية،بغداد.
– آلبيرن، كاترين وبوربالان، جان كلود. (2010). الهوية والهويات، دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب.
– بن مبارك، سمية.(2009). أسلوب الدوجماتية لدى الطلبة الجامعيين، ماجستير ، كلية الآداب، جامعة الحاج لخضر، الجزائر.
– بيرن، إيريك. (2010). لعبة المشاعر والعواطف، ت. اسكندر أكوبيان، سوريا: دار شعاع.
– جابر، علي و أحميد، أسماء .(2018).الانغلاق المعرفي ، مجلة القادسية، 11(1)، ص160-187.
– جبر، عصام. (2015). نظرية التحليل التفاعلي، ص1-18، متوفر على:http://essamjabr.blogspot.com
– الخالدي، أديب.(2001). الصحة النفسية، الدار العربية، مدينة النصر.
– حافظ، نبيل وسليمان، عبد الرحمن. (2000). علم النفس الاجتماعي، القاهرة: مكتبة زهراء الشرق.
– الخفاجي، فاطمة.(1990). الصحة النفسية والتصلب للعاملات وغير العاملات، ماجستير ،دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية.
– الدردير، عبد المنعم. (2004). دراسات معاصرة في علم النفس التربوي، ط1، ج2، عالم الكتب،مصر.
– رزق، أمينة. (2009). نظريات الشخصية، دمشق: منشورات جامعة دمشق.
– زهران، حامد عبد السلام. (2005). الصحة النفسية والعلاج النفسي، ط4، القاهرة: عالم الكتب.
– سلامة، محمد. (1984). علاقة الدوجماتية بمستوى التعليم والتحصيل، حولية كلية الشريعة، 3، جامعة قطر.
– الشرقاوي,أنور.(1992). علم النفس المعرفي المعاصر، القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية.
– الشناوي، محمد محروس. (1994). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، القاهرة: دار غريب للطباعة.
– الشهري، حاسن. (2006). مستوى الانغلاق الفكري، الجمعية السعودية للعلوم النفسية، .www.gesten.org.sq
– صادق، عادل. (2009). مباريات سيكولوجية، القاهرة: دار الصحوة.
– غانم، محمد . (2009). المساندة الاجتماعية والوحدة النفسية والاكتئاب، مجلة دراسات عربية، 1(3)، مصر.
– قطامي، يوسف . قطامي، نايفة وغرايبة، عايش . مطر، جيهان. (2010). علم النفس التربوي، عمّان، الأردن: دار وائل.
– قنديل، ريهام. (2009). الدمج بين فنيات التحليل التفاعلي ونموذج Tote (Test-Operate–Test-Exit) كمنحى إرشادي فعّال لتنمية مهارات التواصل، بحث منشور، مجلة كلية التربية، مصر، 22(89)، ص75-99.
– كامل، عبد الوهاب. (2002). اتجاهات معاصرة في علم النفس، القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية.
– محمود، كميلة.(2010).فاعلية برنامج إرشادي في تنظيم حالات الأنا،ماجستير، كلية التربية للبنات، جامعة تكريت،العراق.
– مصطفى، علي. (2012). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، الرياض: دار الزهراء.
– مهدي، محمد.(2002). القياس والتقويم، دار المصير،ط2،عمان.
– مليكة، لويس كامل. (1996). التحليل النفسي والمنهج الإنساني في العلاج النفسي، ط2، القاهرة: دار فيكتور كيرلسي.
– موريس، منال. (2014). محاضرة عن نظرية التحليل التفاعلي، مصر: معهد المشورة الأرثوذكسي.
– هاريس، توماس . (1992). التوافق النفسي- تحليل المعاملات الإنسانية، ت. إبراهيم سلامة إبراهيم، القاهرة: الهيئة المصرية.
– الوقفي، راضي. (2003). مقدمة في علم النفس، ط3،عمّان: دار الشروق.
-يوسف، داليا. (2008). معنى الحياة وعلاقته بدافعية الإنجاز الأكاديمي ، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة الزقازيق، مصر.
الأجنبية:
– Andreeva, R. (2016). The Dynamic Of Ego-States During Coerces Sessions, Sociology, Psychology, Pedagogics, Issue 4, p1-4.
– Berne, E. (1964). Games people play The psychology of human relationships, New York: Grove Press.
– Car, K . Pasic, M & Nedeljkovic, J . (2011). The development of a psych diagnostic instrument based on ego state, impasse and drama triangle concepts, the rocess of psychotherapy work, P 1-50.
– Chapman, A . (2005). Transactional Analysis, Business balls, 45(45), P1-32.
– Deniz, L & Akbar, M. (2003). The Perception of Students- Teachers and Their Instructors toward Each Other: A Transactional Analysis Evaluation, Kuram ve Uyglamada Egitim Bilimleri / Educational Sciences: Theory and Practice, 3(2), University Ataturk Faculty of Education, Istanbul, Turkey, p287-293.
-Hertford, W. (2013). TAPDA: Transactional Analysis Personal Development Award, International Center for Development Transactional Analysis, P2-11, available on: www.icdta.net.
– Jaiswal, B & Srivastava, P. (2013). The Effect of Transactional Analysis Ego States on Conflict Management Styles, Hyderabad, Andhra Pradesh, India, P1-8.
– LikLiken. (1999). From student to teacher: the ego states and Finnish culture described by four successive generations, university of Jyvaskyla-Teacher Education, University of Jyvaskyla, Department of Teacher Education Research, ISSN0357-7562:44, ISBN, P215.
– Likanen, P. (2001). Early childhood experiences in human relations as a predictor of personality and Finnish culture, University of Jyvaskyla, department of teacher education, P161.
– Palmer, S. (2002). Introduction to Counselling and Psychotherapy, SAGE Publications, London: Thousand Oaks.
-Rosenthal, W. (2001). Ego-State Change and Objective Fluency Measures in Stuttering Therapy, Hearing Association, New Orleans, LA.
– Rokeach, M (1960).The open and closed mind, Newyork, Basic Book, Inc.
– Sandhu, K. (2013). Life Satisfaction and Role Efficacy as Predictors of Transactional Styles, Dayalbagh Educational Institute, Agra, India, P326-338.
– Steiner, Claude. (1990). Scripts People Live Transactional Analysis of Life Scripts, (2nd ed), Grove Press.
– Tarsafi, M . Aryan, S & Saadipour, E. (2016). The Effectiveness of Training the Transactional analysis Therapy on the Increase of Resilience Among Female Tehran Students, School Health, 3(2), P 1-4.