نوفمبر 22, 2024 8:42 م
5

أ.أحمد محمد العامري

التربية والتعليم والتربية الخاصة وزارة التربية والتعليم

سلطنة عمان

ahmedalamry82@gmail.com

96897779204+

 

الملخص:

جون ديوي فيلسوف إمريكي ولد في مدينة برنجلتون في عام 1859 وهو ابن لأسرة ميسورة الحال، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدينة نفسها، وأكمل تعليمه الجامعي في جامعة فرمونت ودرس ديوي العديد من اللغات منها اليونانية واللاتينية ودرس أيضا الفلسفة الإغريقية والهندسة التحليلية، بعدها عمل في التدريس فترة من الزمن، ثم واصل دراسته العليا في الفلسفة والتربية وحصل على الدكتوراه من جامعة جون هوبكنز وذلك عام 1884م، وبعدها درس في جامعتي مينسوتا وميتشجن.

ديوي من رواد الفلسفة البراجماتية ومن مؤسسيها وله اسهامات كبير في استمرار الفلسفة البراجماتية إلى هذا الوقت، وكان لا يحب الخضوع للنظام الواقع والتقاليد الموروثة حتى ولو كانت عريقة فليست هي الأساس، وأفاض بالحديث عن ربط النظريات بالواقع الذي نعيشة؛ لأن بهذا الحال تتم الفايدة للمتلقي. ألف ديوي كتب عديدة في الفلسفة وكتب الكثير من المقالات في هذا المجال.  وديوي هو الحامل للواء الفلسفة الإمريكية والناطق بلسانها.

أنشأ ديوي في عام 1896 المدرسة النموذجية في مدينة شيكاغو في إمريكا وتسمى هذه المدرسة عدة أسماء، منها: مدرسة المخبر والمعمل ومدرسة التطبيقات، واتخدها حقلا يتم فيه تجربة نظرياته وآرائه التقدمية في المجال التربوي، وأقام مبادئ هذه المدرسة وإدارتها وفق الفلسفة البراجماتية.

في نظر ديوي أن التربية هي الحياة وليست مجرد الإعداد لها، واهتم ديوي كثيرا بعامل الخبرة وآمن أن التربية السليمة والصحيحة تتحقق عن طريق الخبرة، والخبرة لها شروط خاصة حيث يجب أن تتصف بالاستمرار وأن تكون مرتبطة بالخبرات السابقة وممهدة للخبرات اللاحقة. وتحدث بإسهاب عن طريقة المشروع، والمنهج التربوي الذي يجب أن يتبع عند وقوع أي مشكلة.

استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي وأداة التحليل الوثائقي لمناسبتها لهذا البحث.

تتلخص مشكلة البحث بأن لجون ديوي جهود كبيرة في المجال الفلسفي والتربوي ولكن قل من سلط الضوء عليها فسعى الباحث لتقصيها؛ لأنه رأى لها أفكار نيّرة ويجب أن توظف في السلك التربوي.

الكلمات المفتاحية: جون ديوي، الفلسفة، التربية.

John Dewey’s philosophical and educational efforts

Mr. Ahmed Mohammed Al-Amiri

Education and Special Education – Ministry of Education

The Republic of Iraq

 

Abstract:

John Dewey, an American philosopher, was born in the city of Burlington in 1859. He came from a modest background and received his primary and secondary education in the same city. Dewey pursued his higher education at Fremont University, where he studied various languages including Greek and Latin. He also delved into Greek philosophy and analytical engineering. After a period of teaching, he continued his studies in philosophy and education, earning his doctorate from Johns Hopkins University in 1884. He later taught at the University of Minnesota and the University of Michigan.

Dewey is a pioneer of pragmatist philosophy and one of its founders. He made significant contributions to the continuation of pragmatist philosophy up to the present time. He was averse to conforming to existing systems and inherited traditions, emphasizing the importance of linking theories to the reality we live in for the benefit of the recipient. Dewey authored numerous books and articles in the field of philosophy.

In 1896, Dewey established the Laboratory School in Chicago, which has been referred to by various names, including the Experimental School and the Application School. He used this school as a platform to experiment with his progressive theories and educational ideas, establishing its principles and administration based on pragmatist philosophy.

According to Dewey, education is life itself, not just preparation for it. He placed a strong emphasis on experiential learning, believing that proper and effective education is achieved through experience. Experience, in Dewey’s view, must meet specific conditions, including continuity, connection with previous experiences, and paving the way for future experiences. He elaborated on the method of the project and the educational approach that should be followed when addressing any issue.

The researcher utilized the descriptive-analytical method and documentary analysis tool that suited this research.

The research problem boils down to the fact that John Dewey made significant contributions to the philosophical and educational fields, but these have been insufficiently highlighted. The researcher sought to uncover these contributions, as they contain valuable ideas that should be applied in the educational sphere.

Keywords: John Dewey, philosophy, education

 

المقدمة:

كتابات ديوي جاءت ضربة قوية حطمت الأسلوب التقليدي الذي كان له السيادة التامة في التربية على مدار قرون طويلة، جاء المذهب البراغماتي حتى يؤكد على دور الأسرة في البدء ثم المدرسة والمجتمع في تنمية النشء حتى يعيش فردا منتجا حرا له رأي وفكر يؤمن به ويسعى في رفعة مجتمعه ، ويعد ديوي التربية هي حياة الفرد الحاضرة الممتدة إلى المستقبل بمعنى تهتم بمتطلبات الفرد حاليا في البدء وأيضا بمستقبله.

ذهب بيرس أن البرغماتية ليست فكرة إمريكية كما يرى البعض فمصطلح براغماتيك يعود إلى كانط ويعرف بأنه قواعد الفن والصنعة التي تعتمد التجربة وتقبل بها.(الأهواني،1998).

يذهب ديوي إلى أن أسلوب المحاضرة أسلوب قاصر ومنافعه محدود جدا؛ لأسباب عديدة ومنها تحرم المتعلم فرصة اكتشاف الواقع، وجمع البيانات أو المعلومات وتحرمه أيضا أن يقيس الأمور وفرصة البحث عن الحلول لتلك القضية. ولهذه الأسباب فإن طريقة حل المشكلات طريقة عصرية؛ لأنها غير قائمة على الدروس التقليدية ويكون فيها المتعلم إيجابي يبحث ويستكشف وفي المنتهى يقيم ويختار، ويحارب ديوي الطرق التقليدية ومنها طريقة هربرت في عرض الدرس لأنه الطالب تأتي إليه المعلومة ولا ينجذب لها، لهذا كان ديوي يثور على الطرق المبنية على التلقين.

(بن سلامة،2016) قضى جون ديوي حياته يبني سقفا تربويا عظيما-ما زال قائما إلى يومنا هذا- وهذا الأمر أتى من إيمانه بالذكاء البشري الذي يستطيع أن يصلح المجتمع وتعظيمه للعمل وعامل الخبرة الذي يعد كمصدر أساس للمعرفة ، وعنده اليقين التام أن التربية الأداة التي تضمن إعداد مجتمع عصري متطور، لأنها لا تقوم على الـتأمل والتخيل، بل لأنها قائمة على فهم هذا العالم وتعمل على إعداد المبادئ التي تحكمه.

فرق ديوي بين العادة والمعرفة فالعادة دون المعرفة لا تسمح لصاحبها بالتغير ولا التجدد بل تجبره على أن يسير في عملة على خطأ سير الماضي.

الفلسفة والتربية وجهين لعملة واحدة لا يمكن الفصل بينهما فالفلسفة تقدم لنا التصورات والمنهج النظري وتعمل التربية على تطبيق ذاك المنهج النظري، فيرى ديوي أن التعليم الناجح هو الذي يغرس المهارات التي تفيد الفرد في التعامل مع واقعه المعيش دون التشبث بالماضي، وأن التعليم الناجح ليس ذاك التعليم الذي يكدس معلومات لا طائل منها.

 

المشكلة:

تتلخص مشكلة البحث في الأسئلة الآتية:

1)ما الفلسفة التي نادى بها جون ديوي؟

2)ما المدرسة النموذجية التي أسسها ديوي؟

3)ما مدى أهمية عامل الخبرة في التدريس؟

4)ما المنهج التربوي الذي اتبعه جون ديوي؟

5)هل طريقة المشروع لها دور فاعل في التدريس؟

أهداف البحث:

1)التعرف على فلسفة جون ديوي.

2)التعرف على المدرسة النموذجية التي أسسها جون ديوي وعامل الخبرة.

3) معرفة المنهج التربوي لدى ديوي.

4) أهمية طريقة المشروع في التدريس عند ديوي.

 

أهمية البحث:

1)  تكمن أهمية هذا البحث في توضيح منهجية وفلسفة جون ديوي للاستفادة منها في التدريس.

2)تبرز الأهمية البحثية في التعرف على نظام وأسس المدرسة النموذجية عند ديوي وعامل الخبرة.

3)يسهم البحث في عرض أهمية مهارة حل المشكلات.

4)توضيح مدى إسهام طريقة المشروع في التدريس.

هيكل البحث:

*عرض ومناقشة مبادئ الفلسفة البرجماتية.

*التعرف على المدرسة النموذجية وعامل الخبرة.

*عرض تفاصيل مهارة حل المشكلات،وطريقة المشروع.

 

تحديد المصطلحات:

الفلسفة:الفلسفة في اللُّغة: كلمة فلسفة في اللغة اليونانية تتكون من كلمتين الأولى فيلو وتعني حب والكلمة الثانية صوفيا والتي تحمل معنى الحكمة، وهنا نرى أن الفلسفة تحمل معنى حب الحكمة.(دبوس، تبسيط الفلسفة).

الفلسفة في الاصطلاح بمعناها المُبسَّط كما عرفها ولسون: عبارة عن المشكلات والمحاولات التي تمت لحلها، وهذه المشكلات تدور حول العلم والإدراك وما إلى ذلك.(ولسون، الفلسفة ببساطة).

التربية:عرفها جون ديوي بالحياة، وعرفها الباحث إجرائيا: هي مجموعة من الأخلاق والقيم والعادات التي تم استخلاصها من الدين الحنيف والعرف السائد في المجتمع وتعمل على تنظيم حياة الفرد داخل المجتمع ومعرفة حقوقه وواجباته.

جون ديوي: جون ديوي تربوي وهو من أحد رواد الفلسفة البراجماتية ومؤسسيها وصاحب فضل في استمرار الفلسفة البراجماتية إلى وقتنا الحاضر.

منهجية البحث:

عمد الباحث في بحثه لاستخدام المنهج الوصفي التحليلي وهو ذاك المنهج الذي يتبع الطريقة العلمية لدراسة المشكلات أو الظواهر العلمية زمن وقوعها ثم الوصول إلى أدلة واضحة بينة تساعد الباحث في وضع الإطار العام للمشكلة.

أداة البحث:

استخدم الباحث أداة التحليل الوثائقي لمناسبتها لهذا البحث وتعرف بأنها:” الفحص والتفكيك والتعرف والدراسة التي يتم تطبيقها على الوثائق مع مراعاة عناصرها الموضوعية”.(مجلة العلوم الإنسانية،2020،م7،ع2).

الدراسات السابقة:

( الحسن،2022)تحدث الباحث عن موضوع البراغماتية عند ديوي ويعد ديوي من أعلام هذا المنهج مع جيمس بيرس، ويقول أن اعتنق ديوي الفلسفة البراجماتية ولكن ما زالت أفكار هيكل تظهر أمامه من الحين إلى الآخر ولكن سعى ديوي في بلورة مبادئ البراجماتية وهو سبب في وصولها لنا. وذكر أن البراجماتية لا ترفع قدر العمل لذاته وليس تسعى لتحقيق مصالح شخصية بحته والعمل فيها دور وسيط وليس غاية كما ذكر الباحث ذلك. ويقول الباحث أن البراغماتية عند جيمس هي امتداد للمنهج الذي مع بيرس ولكن جيمس ضيق هذا المنهج من جانب ولكن سعى في توسيعه من جانب آخر فضيقه من حيث تحديد المبدأ العام للبراغماتية، ووسعه عندما نادى بإمكانية تطبيقه على النتائج التي تخص المستقبل. واطلقعلى الفلسفة البراغماتية مصطلح الأداتية.

ومن أحد محاور الباحث هو المدرسة والمجتمع وذكر العلاقة القائمة بينهما وذكر ديوي ذلك في كتابه “عقيدتي التربوية” والقارئ المتمعن يجد ديوي فلسفته ترجمه في أرض الواقع لتجاربه في الحياة، وذكر الباحث أن ديوي سعى لوضع فكر تربوي متطور للحياة وبعد ذهب إلى الفلسفة في الخبرة وانتهى بفلسفة القيم.

سعى الباحث للإجابة على عدة أسئلة منها هل يبدأ الإصلاح الأخلاقي بالفرد أم بالمؤسسات الاجتماعية وناقش هذا السؤال من جوانب عدة وقولنا بأن عندما يبدأ الاصلاح بالفرد فهنا نفترض أن النفس البشرية كاملة وهذا القول يجب الوقوف معه ومناقشته للوصول إلى حقيقة لا تحتمل الشك. وهنا الفرد لا يعيش بمفرده حرا بل تحكمه قوانين ثقافية واجتماعية واقتصادية معينة.

ومن المحاور التي ذكرها الباحث مفهوم المدرسة في فكر ديوي وأسهب في ذكر المدرسة وكيف تكون وهل هي بين المعلم والطالب أو تكون بين المعلم والوالدين.وأن من أهداف المدرسة أن تحقق النمو الجسدي والمعرفي للنشء. وذكر مفردات التربية ومنها المادة الدراسية وطرائق التدريس.وأن يجب هدم أسوار المدرسة وتنفتح المدرسة على المجتمع ولا تكون بمعزل عنه وهنا يشير إلى أهمية إعطاء الطالب خبرات تمكنه من التعايش مع متطلبات المجتمع وأن المدرسة تعد الطالب للظروف التي سوف يعيشها وتملكه الخبرات والأدوات ليوفر لنفسه سبل العيش الكريم ولا تكن معلومات تلقينيه لا فائدة منها.وذكر الباحث في المحور الأخير الطفل بين المدرسة والحياة وناقش هذا الموضوع.

(عبد الحفيظ،2009)قدم الباحث رسالة ماجستير في الفلسفة وكان عنوان المذكرة فلسفة التربية عند جون ديوي، وقسم الباحث بحثه إلى ثلاثة فصول في الفصل الأول تناول عدة مواضيع منها الفلسفة والتربية بين المفهوم والعلاقة  وذكر فلسفة ديوي وهي الفلسفة البراجماتية  وذكر أهم سمات هذه الفلسفة ومنها عامل الخبرة الذي كان يصر وينادي به ديوي وذكر الباحث موقف ديوي من مجالات الفلسفة وموقف من سبقه في هذه الفلسفة وهما بيرس وجيمس، وذكر نظرة ديوي للعالم والمعرفة، وللقيم. ويقول ديوي أن إذا كان للمعرفة النظرية أهمية في التربية والتدريس فإن الحاجة للقيم الخلقية أساس الممارسات التربوية. ونظرة ديوي الخلقية نجدها بوضوح في كتابه الذي يحمل عنوان “كيف نفكر” . وذكر الباحث تطور مفهوم التربية عبر التاريخ من العصر اليوناني مرورا بالعصر الوسيط إلى العصر الحديث . وذكر فلسفة التربية عند ديوي.وفي الفصل الأول أيضا ذكر مبحث أسس التجديد التربوي ومنها القواعد الفلسفية والأسس المنطقية التي تهتم بالخبرة وللخبرة معيارين الاستمرار أي تواصل الخبرة والمعيار الآخر التفاعل  أي المحاولة والتجربة.وذكر الباحث في نفس المبحث المنهج الأداتي ودوره في بناء فلسفة التربية التقدمية.وذكر الباحث موقف ديوي من النظريات التربوية.

وفي الفصل الثاني ذكر الباحث المنظور البراغماتي لفلسفة التربية وتناول في المبحث الأول النزعة التقدمية والتربية وذكر التربية التقدمية والطبيعة الإنسانية وهنا بحث الباحث في عدة أسئلة:

* كيف نظر ديوي للإنسان؟

* وما التصور البراغماتي الذي وضعه وفق نظرته للإنسان؟

* وبما يتميز هذا التصور عن غيره؟

وناقش الباحث فكرة الطبيعة الإنسانية بين الوراثة والبيئة.وأن الإنسان كائن بيولوجي يتميز بخصائص وراثية تتفاعل مع المحيط الذي يعيش فيه. وأيضا ناقش فكرة الفردية والاجتماعية في الطبيعة الإنسانية.ومن الأمور التي ذكرها الباحث فلسفة الأهداف في التربية الجديدة . ومن المباحث واقع المدرسة وآفاقها، والمنهج التربوي في المدرسة التقدمية.

وفي الفصل الثالث ذكر الباحث إستراتيجيات فلسفة التربية الديوية وآثارها ، وذكر هنا مفهوم طريقة المشروع وكيفية تطبيق هذه الطريقة في التدريس والخطوات التي يجب اتباعها ومميزات هذه الطريقة.

بحث الباحث في امتدادات فلسفة التربية عند جون ديوي وذكر امتداداتها في العالم الغربي وأثر التربية التقدمية في العالم العربي .

(حسين،2020)تحدث الباحث في موضوع القيم التربوية عند ديوي وفي البدء عرف بجون ديوي على الصعيد الفلسفي والتربوي وأنه من مؤسسي المنهج البراجماتي الذي أتى ردا على الفلسفة المثالية الأوروبية.

قسم الباحث بحثه إلى ثلاثة مباحث تحدث في المبحث الأول عن أهم آراء ديوي التربوية وموقفه من القيم واهتم ديوي كثيرا بمجال التربية حتى أنه عرف الفلسفة بأنها النظرية العامة للتربية ويقول كما ذكرنا فيما سبق أن التربية الحياة نفسها. ورأى أن التربية يجب أن تنقل الطفل من تجربة ناضجة إلى تجربة انضج. ويرى أن النمو العقلي السليم لطفل يعتمد على استخدام العضلات والحواس استخداما صحيحا.وناقش الباحث خمس آراء في هذا البحث.

بعدها ذكر الباحث موقف ديوي من القيم ورأى أن القيم في الفلسفة البراجماتية أمر نسبي تتوقف على عدة أمور منها منها الظروف والأفراد والخبرة التي يمرون بها. وعارض ديوي فكرة أن القيم أزلية ويرى أن القيم خاضعة للتعديل باستمرار. وذكر الباحث أهمية البحث العلمي عند ديوي وهنا نذكر المنهج التربوي المتبع عند ديوي في حل المشكلات وهي خطوات عدة توصلك إلى الرأي القريب من الصواب .

وفي المبحث الثاني ذكر الباحث دور الفكرة والعمل في تكوين القيم التربوية وهذا الأساس الذي كان يبني عليه ديوي فلسفته وهو الربط بين الفكرة والعمل أي النظرية والتطبيق ومن هنا جاءت فكرة المعمل في المدرسة وأن القيم التربوية هي من صنع المجتمع وحاجات الأفراد.

وفي المبحث الأخير تحدث الباحث عن القيم بوصفها منفعة خبرة وهنا يقصد ديوي بالخبرة هو تفاعل الفرد مع مجتمعه حتى تتكون تلك الخبرة. ووضع ديوي علاقة قوية بين الخبرة والتربية ويصعب الفصل بينهما في العملية التربوية

 

(بن سلامة،2016)تحدث الباحث في هذا البحث عن الخبرة والتجربة وأكد أنهما مصدران للمعرفة ورجح أن التربية أداة لخلق مجتمع متطور؛ لأن التربية لا تقوم على التخيلات والأوهام بل قائمة على مبدأ الفهم. وسعى الباحث في الإجابة على الأسئلة الآتية:

1)ما هي أصول التربية عند جون ديوي؟

2)ماهي نظرته للفلسفة ومفهومه للتربية ؟

3)ما هو المنهج القويم لهذه التربية؟

4)وكيف طبقت هذه الأفكار وما السبيل لتقييمها؟

قسم الباحث بحثه للعديد من الفصول فكان الفصل الأول تحت عنوان جون ديوي العوامل المؤثرة في نشأته، والفصل الثاني بعنوان أسس فلسفة التربية عند جون ديوي والفصل الأخير تطبيقات التربية عند ديوي وتقييم لفلسفته التربوية.واستخدم الباحث المنهج التحليلي، حيث كان المنهج المناسب لبحثه.

أولا:جون ديوي والفلسفة البراجماتية:

تأثر جون ديوي بأفكار بيرس وجيمس اللذان كان لهما فضل السبق في بلورة المنهج البراجماتي أو الفلسفة البراجماتية في الولاية المتحدة الإمريكية.(الرشدان،2002).وكان جون ديوي في البدء مثاليا وانتهى به المطاف إلى البرغماتية ولكن لم يستطع الإفلات من شبح هيجل الذي ظل يرخي بظلاله عليه، وقد شاعت فلسفة ديوي البرجماتية باسم الفلسفة الأداتية.(الحسن،2022).

المذهب البراجماتي أغلب فلاسفته من الأمريكيين وبعدها انتشر هذا المذهب وأفكاره إلى خارج إمريكا إلى بقية أنحاء العالم، وأصبح له امتداد وناس كثر في خارج إمريكا، والذي قام بتأسيس هذا المذهب في البدء بيرس وهو الذي وضع الأفكار الأولى لهذا المذهب وأكد على أمرين هما العمل والمنفعة على أنهما مقياس صحة الفكرة، وبيرس هو من قال بكلمة البراجماتية في الفلسة الحديثة وكان ذلك في عام 1878م عندما كتب مقال موسوم ب “كيف نوضح تفكيرنا” وهنا وضع حجر الأساس في الفلسفة البرجماتية بوضعه المبادئ والأفكار الأولى لهذه الفلسفة. وأكد عن أن كل فكرة تكون تمهيدا لعمل ما، وبعده جاء جميس الذي أقام المذهب وأكد أن العمل والمنفعة وهذا انتهج بنفس نهج بيرس لأنه رأى المنفعة والفكرة أساس هذه الفلسفة. وبعدها جاء جون ديوي الذي ذكر الفكرة والمنفعة التي تتمثل في النظرية الأداتية وزعم أن العقل أداة للتطوير وليس أداة للمعرفة فحسب.(الخطيب وآخرون،2009).

ونرى أفضل مفهوم قدم للبرجماتية والذي أتى به جون ديوي وقال أنها النظرية التي تهتم بالجانب العملي والهدف من المادة العملية هو العمل والتطبيق على أرض الواقع للاستفادة وليس مقصورا على النظر والاعتبارات الفكرية المجردة فقط”. والبناء الأساس هو أن الفكرة لا قيمة لها إلا في حالة لها نتائج عملية مرضية في حل المشكلات؛ لأن ذاك الأمر الأساس. (العاني 2003 م ، ص: 50 – 51 ).

ويعد ديوي من بين المؤسسين الأوائل مع بيرس وجيمس في تشكيل المذهب البراجماتي وهو من أكثر البراجماتيين نشاطا وإنتاجا حتى وصل إلينا هذا المنهج. وتشكل فكر جون ديوي عندما اعتنق فلسفة هيكل في البدء ولكن بعد ذلك رأى أنها مجرد تجريبية لا تسمو للكشف عن دور الفكر البشري.(مصطفى،1999،ص127).

وإذا اشتهر ديوي بكتبه وأعماله التربوية كمدرب فقد كان علم في رأسه نار في عالم الفلسفة فقد انبرى للكاتبة عنها وقضى جل حياته في تدريسها وكان يدَعي أنه حامل لواء الفلسفة الإمريكية والناطق بلسانها.

ذهب ديوي إلى أن هناك اتهامان ينسبان خطأ إلى بيرس، الأول أن شاع عن البرغماتية تجعل العمل غاية للحياة، والخطأ الثاني هو القول بأن البرغماتية تخضع الفكر والنشاط العقلي لغايات ومصالح(الحسن،2022)، وندحض القول الأول بأن دور العمل هو دور متوسط وليس غاية لأن نظرية بيرس تفترض في أساسها علاقة معينة بالعمل والسلوك الإنساني. أما القول الثاني فالبرغماتية على الضد من فكرة إخضاع الفكر لخدمة أي منفعة مادية أو مصلحة محددة.

وعند ديوي مبدأ عام وضعه للفلسفة البراجماتية ويقول أن الفلسفة ليس لها قيمة إلا من خلال النتائج العملية التي نجدها في حل المشكلات.(الأهواني،1998).

ذهب ديوي أن البراغماتية عند جيمس تشكل امتدادا للبراغماتية عند بيرس لكن جيمس ضيق المنهج البراغماتي من جهة تحديد المبدأ العام للبرغماتية، ووسعه من حيث إمكانية تطبيقه على النتائج الخاصة في المستقبل.(زكريا، 1968).

يرى ديوي أن التفكير لا يتم في انعزال عن شئون الحياة ولكنه يتم في بيئة اجتماعية وثقافية ملئية بمثيراتها ودوافعها التي تحمل الفرد على التفكير ليتغلب على مشاكل الحياة التي يواجهها.

*مبادئ الفلسفة البراجماتية. (ناصر، 2004، ص337):

نجد كل فلسفة تمتاز عن غيرها بمجموعة من الأمور أو المميزات التي تجعل للمذهب الفلسفي كيانه الخاص، ونجد للبراجماتية عدة مبادئ، منها:

1)     يصعب على الإنسان أن يصل إلى حقائق ثابتة في العالم الذي نعيش فيه فالعالم متغير باستمرار.

2)     العمل أو الطريقة العملية هي من الطرق الناجحة في اختبار الأفكار التي ينتجها الإنسان.

3)     الخبرة مبدأ أساس بين الفكر والعمل وهي وسيلة في معرفة العامل الخارجي الذي نعيش فيه وبعدها ندرك كيف نتعامل معه.

4)     أن الديمقراطية هي أسلوب حياة وهي طريقة عمل، وفي الوقت نفسه تخضع للعقل.

5)     الذات تعد رمز سلوكي تنتج تلك الذات من موقف اجتماعي.

6)     من أسس البرجماتية المنفعة أي أنها قائمة على المنفعة.

 

ثانيا:المدرسة النموذجية وعامل الخبرة لدى ديوي:

أنشأ ديوي في سنة 1896 في شيكاغو المدرسة النموذجية ولها عدة أسماء منها مدرسة التطبيقات والمعمل والمختبر، وأنشأ هذه المدرسة حتى تكون حقلا لتجربة نظرياته التربوية وآرائه التقدمية في التربية وطبق فيها المبادئ المنهج البراجماتي الذي ينتمي إليه.

يعد ديوي الخبرة الصحيحية هي التي تجمع بين النزاعات الداخلية والظروف الخارجية،وتأتي النزاعات الداخلية حتى تكون متناسقة مع الظروف الخارجية.(الأهواني،1998). ويولي ديوي أهمية قصوى لعامل الخبرة ويؤمن أن التربية السليمة هي عندما تتحقق عن طريق الخبرة.

المدرسة النموذجية هي أحد أعمال الفيلسوف الإمريكي جون ديوي وأهمها؛ لأن في تلك الفينة صعبت على المدارس مواكبة التطور الذي أحدثته الثورة الصناعية. وبعدها تم ضم هذه المدرسة إلى الجامعة شيكاغو -كلية التربية- لتكون مدرسة تطبيقية تجريبية تابعة لهذه الجامعة.أقام ديوي برامج المدرسة حسب ما تنص به الفلسفة البراجماتية، ومن أهم الأسس.(الشيباني,1987م,ص:334-335):

*يجب مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة.

*التركيز على مبدأ التعاون وليس التنافس.

*ويجب أن تكون هناك علاقة وثيقة بين المدرسة والبيت.

*ويجب أن يوظف المتعلم الخبرات التي يكتسبها داخل المدرسة في مجتمعه والاستفادة منها.

*احترام ميول الطلبة وحريتهم في التعبير عن أنفسهم.

*من الأهمية بمكان أن يتعلم الطالب عن طريق خبرتهم ونشاطهم الذاتي.

كانت هذه المدرسة ممهدة للتربية التقدمية التي عمت إمريكا في النصف الأول من القرن العشرين. وكان لهادور فاعل في إقناع الأباء بأهمية المبادئ التربوية التقدمية، وإمكانية تطبيقها.

لم يتجاهل ديوي الفلسفة الكلاسيكية بل تعلمها ثم رسم مدرسته على أسس اجتماعية ونفسية مختلفة، فأخذ من سقراط الجلادة والصبر، وأخذ من أفلاطون التأمل، ومن أرسطو الواقعية وبعدها قدم لنا الفلسفة البراجماتية التي ارتبطت بالتربية وربط بعدها التربية بالحياة العملية التي نعيشها بسكونها وحركتها وبكافة تحدياتها.

حارب ديوي الفكرة السائدة في القرن التاسع عشر التي تقول أن الطفل كائن سلبي ومهمة التربية فرض المعارف في ذهنه.

أيضا أكد ديوي على أن وظيفة المدرسة هي غرس القيم داخل الطفل، ويقول في هذا الصدد:” يلزم أن نجعل في كل مدرسة من مدارسنا حياة اجتماعية مصغرة بأنواع مهنها تعكس حياة مجتمع أكبر”.(حسين، 2020).

*ونذكر هنا المراحل التعليمية وفق الفلسفة التي آمن بها ديوي:

تنقسم المراحل التعليمية إلى ثلاث مراحل، هي:

1)4_8سنوات:فترة المرح أو اللعب.

2)8-12سنة:فترة اهتمام.

3)12 سنة فأعلى فترة انعكاس الاهتمام.

*أيضا نذكر هنا الطرق التي ذكرها ديوي في التدريس والتي تتمحور حول ثلاث عمليات، هي:

  1. المتابعة وهنا نخص المتابعة النفسية حسب المناهج المدرسية.
  2. اتباع الطريقة التي اهتم بها ديوي كثيرا وهي طريقة المشروع.
  3. والطريقة الأخيرة تنص على زيادة الفرص الاجتماعية.

ويرى ديوي كما ذكرنا سابقا أن الفلسفة والتربية وجهين لعملة واحدة لا يمكن الفصل بينهما. فالفلسفة تقدم لنا التصورات والمنهج النظري وتعمل التربية على تطبيق ذاك المنهج النظري، فيرى ديوي أن التعليم الناجح هو الذي يغرس المهارات التي تفيد الفرد في التعامل مع واقعه المعيش دون التشبث بالماضي، وأن التعليم الناجح ليس ذاك التعليم الذي يكدس معلومات فقط.

يميل الطفل لاستخدام القلم والورق فالأطفال جميعا يرغبون في التعبير عن أنفسهم باللون والشكل.(المدرسة والمجتمع،ص:51).

نريد الطفل أن يأتي إلى المدرسة بجسمه وعقلة ويغادر تلك المدرسة بعقل أغنى وجسم أصح.

وحتى تكون الخبرة تتصف بالاستمرار يجب أن تكون متصلة بالخبرات التي سبقتها وممهدة للخبرات التي سوف يتلقاها في المستقبل.

ذكر جون ديوي في كتابه الديمقراطية والتربية ثلاثة موازين للأهداف التربوية الحسنة:

1)الهدف يكون نابع من ذات التلميذ.

2)تترجم الأهداف إلى أعمال وخبرات تعتمد على نشاط التلميذ.

3)ويجب أن تكون الأهداف أمور تقريبية وليست نهائية والربط بين الأهداف ووسائلها.

ونرى أن هذه الموازين مهمة؛ لأن عندما يكون الهدف نابع من التلميذ ذاته يبذل فيه جهد أكثر. وأيضا كلما مارس التلميذ الأعمال في تحقيق الهداف كان لهذا دور بارز في ثبات المعلومة.

يقول ديوي يجب أن تكون هناك علاقة بين خبرات التلميذ داخل المدرسة وخارجها والربط بين المعرفة النظرية والعمل.(المدرسة والمجتمع،1978).مما لا شك فيه أن يجب أن يكون هناك علاقة بين خبرات التلميذ داخل المدرسة وخارجها ويجب أن تكون المدرسة متصلة بالمجتمع ونادى بأن لا تكون للمدرسة أسوار حتى يكون اتصالها تام بالمجتمع.(الحسن،2022). والمبدأ الثاني الربط بين المعرفة النظرية والعمل فالنظر دون عمل في رأي ديوي لا تصلح؛ فالمعرفة عند ديوي قوة فأين تكمن القوة إذا كانت المعارف لا تفيدنا في الواقع ولا نسد بها حوائجنا بل تكون مجرد معارف ومعلومات متراكمة ليس لها خانة ولا نستفيد منها في حياتنا اليومية.وحتى لا يكون التلميذ في معزل عن متطلبات الحياة اليومية. ويعد ديوي مثالا لصحة النظرية التي ترى بأن الإنسان ثمرة البيئة التي يعيش فيها.

ذكر ديوي صفات الخبرة التي يجب أن تزود بها المدرسة الطلبة، وهي:(حسين،2020):

*يجب أن تسهم في زيادة قدرة الفرد التنفيذية.

*تزود الفرد بما تجعله اجتماعيا أي راغبا في صحبة الآخرين.

*تهيئة الذوق الفني أي قابلية تذوق الفنون الجميلة.

*يدرب على أسلوب التفكير.

*تذكي فيه الحساسية لحقوق الآخرين ومطالبهم.

ثالثا: المنهج التربوي لدى ديوي:

ذكر جون ديوي في كتابه خمس طرق في حل المشكلات.

1)الشعور بالمشكلة، إذا وقع أي شخص في مأزق يجب أو الخطوات أن يدرك الامر الذي وقع فيه.

2)معرفة موضوع المشكلة وتحديدها، يجب على صاحب المشكلة بعد الشعور بها أن يحدد نطاق هذه المشكلة.

3)فرض الفروض أو الحلول لهذه المشكلة، وكلما كانت الحلول أكثر كان الأمر مفيد ويمكن أن يوصلك إلى الحل السليم.

4)اختبار الفروض والحلول المناسبة لحل هذه المشكلة ويجب أن تختبر بعناية على نهج الطريقة العلمية .

5)وفي المنتهى يتم تطبيق الحلول .

كان ديوي يؤمن بأهمية البحث والاستقصاء وأن الأسلوب العلمي هو الأنجع في عملية البحث. وكان يردد أن الأسلوب الذي يقوم على الاستقصاء والبحث لحل المشكلات هو أكثر إيجابية إن كان قائما على الحرية الذاتية للتلميذ وهو خير من الدروس التقليدية التي تقوم على المعلم وأساسها التلقين. وتختلف طريقة هربارت في حل المشكلات مع طريقة ديوي؛ لأن طريقة هربارت تركز على المُدرس أما طريقة ديوي تركز على التلميذ.

 

يرى ديوي أن التفكير لا يحدث نتيجة التأمل البحت كما كان يعتقد أفلاطون وغيره من الفلاسفة المثاليين، ولكنه يحدث نتيجة نشاط الفرد وتفاعله من بيئته ونتيجة لوجود مشكلة يواجهها يريد إيجاد حل مرضي لها ليحقق لنفسه التكيف والسرور.

رابعا: طريقة المشروع عند ديوي:

الطريقة التي يوصي بها ديوي في التدريس هي طريقة المشروع وكان يرى أن لها أثر بالغ في التدريس. وفي نظره الذي أشاطره الرأي فيه أن الطريقة التي تدرس بها المادة أهم من محتويات المادة ذاتها. والطريقة كما يعرفها ديوي أسلوب نافذ لاستعمال المادة في سبيل الوصول إلى غرض من الأغراض.(جون ديوي، 1946،ص174).

يمكن لأي تلميذ من خلال المشروع المدرسي أن يكسب الكثير من الحقائق والمهارات والخبرات أيضا والتي نجدها تنتمي لمواد دراسية عدة.(الشيباني، 2011،355). وكان ديوي رافض فكرة تقسيم المواد التي تقوم على تقسيم المنهج إلى مواد منفصله وكان يرأها طريقة تقليدية.وأكد ديوي على أن طريقة المشروع تجمع بين النشاط العقلي والحركي أي الجسمي والاجتماعي وتساعدة على التعلم بيسر.

ومن أفكار جون ديوي التي ينادي بها هي أن التربية هي الحياة وليس مجرد تهيئة للحياة بل الحياة نفسها.

والفهم عند ديوي يعني أنه إدراك العلاقات بين الأشياء، والتفكير عملية بحث وتحقيق وفحص الأشياء لا مجرد حفظ معلومات عن طريق التلقين، والتلقين يعد من الطرق التقليدية التي يرفضها ديوي.

والعقل عند ديوي ليس أداة المعرفة فحسب وإنما هو أداة لتطوير الحياة .

وكان يركز كثيرا على مرعاة الفروق الفردية بين الطلبة والاهتمام بميولهم ودوافعهم الطبيعية.(الشيباني،36،2011) وكان يرى أن من الأهمية بمكان التركيز على الثقافة العامة والتخصص يكون في الجامعة وليس المدرسة.

والكبت والاستعباد يؤديان إلى الفساد والانحراف والعلة في ذلك أن القوة الباطنة حين تكبت تعمل في غير رقابة أو ضبط.(الأهواني،1998). نعم يجب أن يكون التلميذ فعال والمعلم موجه فالتلميذ يعمل ويطبق ويبدي رأيه ويشعر بمكانته وأهميته داخل الفصل حتى لا يمل ويكره التعليم وينحرف عن درب الرشاد.

وأكد جون ديوي على الخبرة والتجربة كمصادر للمعرفة. وأكد أن المعرفة أداة للعمل ووسيلة للتجربة. والأفكار لا أهمية لها إذا لم تسخر لحل مشاكلنا اليومية. بمعنى أنه يجب أن تكون هناك علاقة بين التعليم النظري والتعليم العملي.

والمعايير التي تحدد الأهداف الصالحة هي وجوب أن يكون الهدف وليد الظروف الحالية ومبنيا على الأمور التي نعيشها بالفعل،  ويجب أن يكون الهدف مرنا قابل للتغير حسب الظروف التي نعيشها، وأن يكون الهدف نابع من ذات المتعلم، وليس من الخارج.(أمينة،2021).

ويتضح هنا للمتلقي أن طريقة المشروع جل اعتمادها على نشاط حر يقوم به التلميذ وينطلق هذا النشاط من مشكلة شدة انتباه المتعلم وبعدها يقومون بتوظيف قواهم العقلية لإجاد الحلول المناسبة لها.(عبد الحفيظ،2009).

 

 

الخاتمة

سعى الباحث مع عدد من سبقه بالاهتمام بفلسفة ديوي وإخراجها إلى النور بعدما مكثت سنينا في سراديب الظلمات، وعرف الباحث في البدء بالفيلسوف الإمريكي جون ديوي الذي يعد الناطق بلسان الفلسفة الإمريكية والحامل للوائها. والذي تحدث عن أهمية ربط المواد النظرية بالتطبيق في أرض الواقع دون الخضوع لأي نظام تقليدي موروث مهما كان عريق.

بعدها تطرق الباحث إلى الحديث عن الفلسفة البراجماتية عند ديوي وتفاصيلها والمبادئ الستة التي تقوم عليها فلسفة ديوي:

1)            يصعب على الإنسان أن يصل إلى حقائق ثابتة في العالم الذي نعيش فيه فالعالم متغير باستمرار.

2)            العمل أو الطريقة العملية هي من الطرق الناجحة في اختبار الأفكار التي ينتجها الإنسان.

3)            الخبرة مبدأ أساس بين الفكر والعمل وهي وسيلة في معرفة العامل الخارجي الذي نعيش فيه وبعدها ندرك كيف نتعامل معه.

4)            أن الديمقراطية هي أسلوب حياة وهي طريقة عمل، وفي الوقت نفسه تخضع للعقل.

5)            الذات تعد رمز سلوكي تنتج تلك الذات من موقف اجتماعي.

6)            من أسس البرجماتية المنفعة أي أنها قائمة على المنفعة.

بعدها ذكر الباحث المدرسة النموذجية أو المعمل عند ديوي والتي جعلها حقلا لتطبيق نظرياته التي تبناها في الفلسفة البراجماتية آنفة الذكر والتي اختار مكانها في شيكاغو. وأولى الفيلسوف ديوي أهمية كبيرة إلى الخبرة في العملية التربوية ويؤكد على أن الخبرة هي الجسر المؤدي إلى التربية السليمة الصحيحة.

وفي المحور الثالث تناول ديوي المنهج التربوي في حل المشكلات وجاءت كالآتي:

1)الشعور بالمشكلة.

2)معرفة موضوع المشكلة وتحديدها

3)فرض الفروض أو الحلول لهذه المشكلة.

4)اختبار الفروض والحلول المناسبة لحل هذه المشكلة.

وفي المنتهى يتم تطبيق الحلول .

وفي المحور الأخير ذكر ديوي طريقة المشروع وأكد أن طريقة المشروع من الطرق الناجحة في التدريس ويجب أن تتبناها المدارس حتى تحقق أهدافها.وكان يرى أن لها أثر بالغ في رفع المستوى التحصيلي للطلبة.

 

التوصيات والاقتراحات:

التوصيات

1 ـ تعزيز الفلسفة البراجماتية(الأداتية) وينصح بتشجيع المعلمين على تبني نموذج تعليمي يسهم في تفاعل الطلبة.

2 ـ الحرص على تطبيق المنهج التربوي في التدريس بطريقة منهجية لما له من منافع عائدة لمصلحة الطلبة.

3 ـ التنبيه على أهمية طريقة المشروع ومدى فاعليتها في التدريس،والحرص على تعلم النشء من خبراتهم ونشاطهم الذاتي، والحرص على مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.

الاقتراحات:

1-إعداد بحث حول الدول التي تتبنى الفلسفة البراجماتية في التدريس.

2-عمل بحوث تجريبية على المدراس التي تتبنى الفلسفة البراجماتية ومعرفة مدى فاعلية هذه الفلسفة في التدريس.

 

المراجع:

 

*الأهواني ، أحمد فؤاد (1968). جون ديوي.القاهرة: دار المعارف.

*إبراهيم، مصطفى ابراهيم. (1999م). نقد المذاهب المعاصرة. الاسكندرية، دار الوفاء.

*الحسن، علي موسى. (2022). إعادة بناء العلاقة بين المدرسة والمجتمع في فلسفة جونديوي. مجلة جامعة دمشق للآداب و العلوم الإنسانية. 38(1),

*الخطيب، إبراهيم، والكسواني، مصطفى خليل، وابو حويج، مروان. (2009م). مدخل الى التربية. عمّان: دار قنديل.

*الرشدان،عبدالله زاهي.(2002م).تاريخ التربية.عمان.دار وائل للنشر والتوزيع.

*الشيباني، عمر محمد التومي.(1987م). تطور النظريات والأفكار التربوية. ليبيا: الدار العربية للكتاب.

*العاني، وجيهة. (2003م). الفكر التربوي المقارن. عمّان: دار عمّار للنشر والتوزيع.

*برندان، ولسون.ترجمة: آصف ناصر (2010)، الفلسفة ببساطة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الساقي، صفحة: 9.

*بن سلامة، أحلام.(2016). أصول فلسفة التربية عند جون ديوي[رسالة ماجستير غير منشورة].جامعة محمد بوضياف المسيلة.

*جون، يوي.(1987).المدرسة والمجتمع(أحمد حسن). دار مكتبة الحياة.

*حسين،نسرين خليل.(2021،حزيران). القيم التربوية عند جون ديوي. مجلة الأستاذ للعلوم الإنسانية والاجتماعية،(60)،401-418.

*رجب بو دبوس (1425هـ)، تبسيط الفلسفة (الطبعة الأولى)، ليبيا- بنغازي: الدّار الجماهيريّة للنشر والتوزيع والإعلان، صفحة: 13-14.

*عبد الحفيظ، البار. (2009). فلسفة التربية عند جون ديوي[رسالة ماجستير غير منشورة].جامعة منتوري قسنطينة.

*ناصر، إبراهيم،(2004)، فلسفات التربية، ط2، عمّان: دار وائل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *