أ.د. لطيفة عمر عبدالسلام البرق
أستاذ مساعد بكلية الآداب جامعة سرت
L_o_b_2003@hotmail.com
00218927402536
الملخص:
هدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أهم الأسباب والدوافع المنتجة للهجرة غير الشرعية ، وتم استخدام منهج المســـح الاجتماعي بطريقة العينة . واستخدمت الباحثة استمارة استبان لجمع المعلومات والبيانات لأهم الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة غير الشرعية وركوب قوارب الموت. تم تطبيقها على عينة عرضـــــــية قوامـها (120) طالباً، وتوصلت الدراسة إلى جملة من النتائج منها: أن نسبة (68.3%) يرون أن الهجرة ستوفر لهم الأمن والاستقرار الذي يفتقدونه في ليبيا ويرجع ذلك إلى تدهور الوضع الأمني في ليبيا، وشيوع الجريمة بكافة أشكالها بسبب انتشار السلاح عند المواطنين خارج المؤسسات الأمنية الرسمية، مما سبب في تعطيل القانون وغياب القضاء، وكما هو معروف حسب نظرية الحاجات أن الأمن لدى الفرد في أي مجتمع هو من الحاجات الأساسية التي تمنح الإنسان الاستقرار النفسي وتزيد من ارتباطه ببيئته الاجتماعية، وما يتيحه ذلك من زيادة قدرته على الإنتاجية والعطاء وعلى ضوء هذه النتائج فإننا نوصي بالعمل توعية الشباب بمخاطر الهجرة وسلبياتها من خلال مساهمة وسائل الإعلام المختلفة في تسليط الضوء على أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في الخارج وما يتعرضون له من مشكلات مختلفة. و توفير الدعم و الإمكانيات اللازمة للجهات الأمنية المختصة بمراقبة الحدود البرية والبحرية، وتشديد الرقابة اتجاه عصابات التهريب والتنظيمات الإجرامية المسئولة عن تسيير الهجرات غير المشروعة، واتخاذ أقسى العقوبات حيالها.
الكلمات المفتاحية: هجرة ، أسباب الهجرة ، دوافع ، هجرة غير شرعية، الشباب.
Illegal immigration of young people – causes – motives – repercussions.
A field study on a sample of university youth
(University of Sirte, Libya)
Prof. Dr. Latifa Omar Abdul Salam Al-Barq
Assistant Professor. Faculty of Arts- University of Sirte
Abstract: :
This study aimed to shed light on the most important causes and motives for illegal immigration, and the social survey method was used in a sampling manner. The researcher used a questionnaire to collect information and data on the most important reasons that push young people to illegally emigrate and ride death boats. It was applied to a random sample of 120 students, and the study reached several results, including A percentage of 68.3% who believe that immigration will provide them with the security and stability that they lack in Libya due to the deterioration of the security situation, and the prevalence of crime in all its forms due to The spread of weapons among citizens outside the official security institutions, which caused the disruption of the law and the absence of the judiciary, and as it is known according to the needs theory that the security of the individual in any society is one of The basic needs that give a person psychological stability and increase his connection with his social environment, and what this allows to increase his ability to be productive and giving. In light of these results, we recommend working to educate young people about the dangers and negatives of migration through the contribution of various media to highlight the conditions of illegal immigrants abroad And the different problems they face. Providing the necessary support and capabilities to the security authorities concerned with monitoring the land and sea borders, tightening control against smuggling gangs and criminal organizations responsible for conducting illegal migrations, and taking the harshest penalties against them.
Keywords: emigration, reasons for emigration, motives, illegal immigration, youth.
المقدمة:
الهجرة من الظواهر المتلازمة والمتوارثة مع الإنسان في كل المجتمعات البشرية لأسباب متعددة منها دينية، اقتصادية، سياسية، وعلمية، نظراً لتوسع دائرة المعارف والعلوم المختلفة ولمواكبة التطور في العالم ووسائل الاتصال المختلفة، مما شجع الإنسان على الهجرة والبحث عن مناطق أكثر أماناً للعيش وممارسة نشاطه لخدمة الإنسانية، وكانت الصراعات السياسية والعرقية لها الدور الأكبر في هجرة أبناء الوطن، وترك أوطانهم الأصلية والبحث عن أوطان بديلة للحفاظ على حياة ومستقبل أبنائها، بعد أن وجدوا هناك مخاطر على سلامة ومستقبل أبنائها، بانعدام القانون والنظام وانعدام الوسط الاجتماعي لحمايتهم، وعليه ظهرت فكرة الهجرة القسرية للحفاظ على سلامتهم وأبنائهم. (عباس، 2010م، صفحة 28)
و لقد شهدت ليبيا منذ عام 2011م، غياب المؤسسات الأمنية فتحولت إلى بلد لعبور المهاجرين غير الشرعيين وتحولت شواطئها إلى مواني لتهريب آلاف المهاجرين من الجنسيات المختلفة، وطالت المشكلة أيضا الليبيين أنفسهم، وصاحب ذلك تهديد الأمن العام في ليبيا، ارتفاع معدلات البطالة عند الأجانب، ارتفاع معدل الجريمة، إنهاك موارد البلاد، انتشار العمالة العشوائية، وظهور أنواع جديدة من الجرائم، انتشار ظاهرة التسول وانتشار المشكلات الصحية وتحمل أعباء وتكاليف إعادة المهاجرين إلى بلدانهم وقدرت المنظمة الدولية للهجرة أعداد المهاجرين المتواجدين في ليبيا بحوالي (669) ألف مهاجر ينحدرون من (42) جنسية مختلفة، ولاشك أن الهجرة غير الشرعية تمثل تحديا كبيرا للساسة وصناع القرار في ليبيا التي كانت في السابق بلد مقصد للمهاجرين غير الشرعيين من جنوب الصحراء الأفريقية إلى أوروبا، ولكن نتيجة لما تشهده بلادنا من اضطرابات سياسية، و أوضاع امنية متردية وصراعات مسلحة أثرت على جودة الحياة وتوفير الخدمات الضرورية لكل الليبيين، مما خلق واقعا جديدا جعل عددا منهم يتخذون قرار الهجرة و خاصة من فئات الشباب أملا في إيجاد فرص أفضل لتحقيق طموحاتهم وتحسين ظروف حياتهم. وقد يواجه هؤلاء المهاجرون مخاطر متعددة عند اجتيازهم حدود البلاد بطريقة غير مشروعة، وهم يحملون معهم أحلامهم وأمانيهم بحياة كريمة. (البوسيفي، 2019م، صفحة 232)
مشكلة الدراسة:
أثارت هجرة الشباب الغير شرعية الكثير من الحوارات والنقاشات من العديد من المنظمات المهتمة بهذه الظاهرة, وخاصة بعد تزايد أعداد المهاجرين لاسيما من فئة الشباب؛ لأن هذه الشريحة تعتبر أهم ثروات المجتمع, ولأن العديد من الدول وخاصة المتقدمة أصبحت تتنافس اليوم في تقديم الإغراءات للشباب عالية التأهيل لجذبها , وكانت منظمة الهجرة العالمية قد أثارت المخاطر الناجمة عن هجرة أصحاب الكفاءات من الدول النامية إلى الدول الصناعية المتقدمة.
ويمثل الشباب في ليبيا الطاقات المتجددة، والعنصر الأساسي في بناء المستقبل ولذلك تعقد عليهم الآمال في دفع عجلة التنمية والتغيير في المجتمع من خلال استثمار هذه الطاقات وحسن توظيفها، لذلك فان أي تقصير في احتواء هذه الطاقات والأخذ بأياديها إلي بر الأمان هو تفريط في قوى الإبداع والابتكار في المجتمع، ولأن الشباب يمثلون أغلب فئات المجتمع الليبي فإننا سنحاول رصد أسباب هجرة الشباب الغير شرعية واثارها لما لها من أهمية كبيرة في تشكيل شخصياتهم والتنبؤ بسلوكياتهم في المستقبل، فهم عماد الأمة وسواعدها الفتية التي يعول عليها المجتمع في نهضته وتقدمه. ومن هذا المنطلق فقد حددت الباحثة مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس : ما هي أسباب ودوافع الهجرة للشباب في مدينة سرت وما هي انطباعاتهم نحو الهجرة غير الشرعية ؟
أهمية الدراسة :
تستمد هذه الدراسة أهميتها من كونها تركز على أحد أهم القضايا المعاصرة، وهي الهجرة غير الشرعية التي تعد من أهم التحديات التي تواجه الدولة الليبية، وتؤثر على استقرارها بطريقة سلبية، لأنها تمثل جزءا جوهريا في منظومة الأمن القومي الليبي، ولذلك تعد الحاجة ضرورية وملحة أكثر من أي وقت مضى إلى رصــــــــد أسباب ودوافع الشباب نحو الهجرة غير الشرعية للكشف عن ملامح الثقافة السائدة بين الشباب الليبي نحو هذا النمط من الهجرة، ومضامين وأساليب التعبير عنها، نظرا لما يمثله الشباب من أهمية كبيرة في المجتمع كونهم في مرحلة العطاء والإبداع ، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم في القضايا التي تهم مجتمعاتهم، ومن هنا تكمن أهمية الدراسة في بعض النقاط التالية:-
- تعالج هذه الدراسة موضوع اً حيوي اً وواقعي اً وعلى جانب كبير من الأهمية وهو ظاهرة الهجرة, سواء يتعلق ذلك بمعرفة الأسباب أو نتائجها على المجتمع.
- تسلط نتائج الدراسة الفرصة للتعرف على واقع الظاهرة وكيفية مواجهتها والحد من نتائجها السلبية.
- تضع أمام صناع القرار تصوراً تطبيقياً بما تقدمه من نتائج وتوصيات ومقترحات حول أسباب هذه الظاهرة وكيفية الحد من الاثار السلبية لها.
- تكمن أهمية هذه الدراسة في محاولة توعية المجتمع وكذلك الفئة المستهدفة بهذه الظاهرة ومخاطرها على الشباب أنفسهم أو المجتمع الذي ينتمون اليه.
كما يمكن الاستفادة من نتائج هذه الدراسة من قبل عدد من المؤسسات المختلفة في المجتمع، وخاصة تلك المؤسسات التي تعنى ببرامج الشباب ومشكلاتهم عند وضع الخــــــــــطط والبرامج التي تهدف إلى تنمية مـــــــــــهاراتهم و تعزيز قدراتهم الذهنية والفكرية، وإشراكهم في عملية التنمية في مختلف القطاعات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات .
أهداف الدراسة:
من خلال الدراسة الحالية تسعى الباحثة إلى تحقيق الأهداف الاتية:-
– التعرف على حجم ظاهرة الهجرة غير الشريعة للشباب الليبي.
– التعرف على الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة غير الشرعية.
– معرفة نتائج هذه الظاهرة على الشباب الجامعي وعلي المجتمع الليبي.
– تقديم توصيات ومقترحات من الممكن أن تسهم في الحد أو التقليل من آثار ظاهرة هجرة الشباب الليبي على المجتمع.
تساؤلات الدراسة:
يضم البحث تساؤلاً رئيسياً وهو ماهي المبررات الرئيسية وراء ظاهرة هجرة الشباب الليبي وماهي آثاره على الشباب والمجتمع الليبي , ويتفرع من هذا التساؤل عدة أسئلة فرعية أهمها:-
1) ما مدى وجود هذه الظاهرة في المجتمع الليبي في الوقت الحالي؟
2) ماهي الأسباب الحقيقية لهجرة الشباب غير الشرعية؟
3) ما نتائج هذه الظاهرة على الشباب الليبي بصفة خاصة وعلى المجتمع الليبي عامة؟
مفاهيم الدراسة:
الهجرة في اللغة : اشتق اللفظ من الفعل “هجر”، أي تباعد ، وكلمة هاجر تعني ترك وطنه وانتقل من مكان إلى غيره، أي أن الهجرة ضد الوصل (هجرت الشيء هجرا أي تركته واغفلته)، واصل المهاجرة عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن. (الأصفر، 2010م، صفحة 9)
وتعرف الهجرة : بأن يترك شخص أو جــــــــــماعة من الناس مكان إقامتهم لينتقلوا للــــــــــــــــعيش في مكـــــــــــــان آخر وذلك مع نية البقاء في المكان الجديد، لفترة طويلة أكثر من كونها زيارة أو سفر “. (غضبان، 2014م، صفحة 106)
وتعرف الهجرة غير الشرعية: بأنها مغادرة البلاد بدون وثائق سفر رسمية وبطريقة سرية وملتوية باستعمال وسائل وطرق مختلفة سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، نذكر منها: المرور عبر الطرق البرية والنقاط غير المحروسة، اللجوء إلى بعض البحارة لمساعدتهم في عمليات الركوب إلى الباخرة والتخبي بها، أو العبور عبر الحدود الجوية وهي قليلة جدا نظرا للمراقبة والحراسة الشديدة. (عزيز، 2018م)
كما تعرف بأنها “دخول المهاجرين إلى دولة ما دون وجود أوراق ثبوتية أو تأشيرات وتصاريح دخول مسبقة أو لاحقة ” ، وتعرف المفوضية الأوروبية الهجرة غير الشرعية “بأنها ظاهرة متنوعة تشمل أفراد من جنسيات مختلفة يدخلون إقليم الدولة بطريقة غير مشروعة عن طريق البر والبحر والجو بما في ذلك مناطق العبور والمطارات، ويتم ذلك عادة بوثائق مزورة، أو بمساعدة شبكات الجريمة المنظمة من المهربين والتجار “. (عزيز، 2018م)
التعريف الإجرائي للهجرة غير الشرعية: بأنها انتقال الأفراد من بلد وإليه بطريقة غير قانونية من الحصول على الموافقات الرسمية، ودون اللجوء إلى الطرق الرسمية .”
المهاجر غير الشرعي: المهاجر الذي لا تتوفر لديه الوثائق اللازمة والمنصوص عليها بموجب لوائح الهجرة من أجل الدخول، أو الإقامة أو العمل في بلد ما “. (سلمان، 2014م، صفحة 137)
ويعرف كذلك: ” هو الشخص الذي يخرج من بلد إلى آخر ويهاجر ليعيش في أرض أخرى بفعل الظلم أو طلبا للأمان والعدل والعيش الأفضل والرغيد”. (موساوي، 2019م، صفحة 37)
تعريف الشباب: لا يشير مفهوم الشباب إلى فئة عمرية محددة بعينها ، وليس هناك اتفاق واضح حول بداية ونهاية مرحلة الشباب، غير أن المفهوم العام يشير إلى انتقال الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد، وهي محددة بعدد من الفئات العمرية تتراوح في مجملها ما بين (15-40) سنة تقريبا. (الهنشيري، 2020م، صفحة 5)
التعريف الإجرائي للشباب: يتحدد مفهوم الشباب في الفئة العمرية الممتدة ما بين (15-39) عاماً من الذكور.
النظريات المفسرة للهجرة :
نتيجة لانتشار الهجرة غير الشرعية ظهرت العديد من النماذج والأطر النظرية التي حاولت تفسير هذه الظاهرة والعوامل التي تدفع الناس إلى الهجرة وترك أوطانهم وسنحاول التطرق إليها بشيء من الإيجاز من خلال عدد من المداخل النظرية المختلفة منها الاقتصادي السياسي ،والاجتماعي والنفسي.
نظرية التبعية:
تعتبر هذه النظرية من النظريات الاقتصادية التي يمكن من خلالها تفسير الهجرة إلى المكاسب المادية كالحصول على فرصة عمل للمهاجر وتحسين مستوى دخله وهي عوامل جاذبة يقابلها تدني مستوى المعيشة والبطالة للبلد المهاجر منه وهي ما يعرف بالعوامل الطاردة. (كريب،، د.ت)
إن تطور الرأسمالية أدى إلى نظام عالمي مكون من دول مركزية مصنعة متطورة، ودول محيطية متخلفة تربطها علاقة غير متكافئة تؤدي إلى تبعية المحيط للمركز، وتعتبر هذه النظرية أن الهجرة هي شكل من أشكال استغلال دول المركز للمحيط تكون نتيجة تعميق عدم المساواة في الأجور ومستويات المعيشة الموجودة بين الأفراد في دول المحيط والمركز. أي أن الهجرة عامل أساسي في تحويل فائض القيمة من دول المحيط إلى دول المركز، وأن التطور الصناعي في الدول المتقدمة أسهم في إحداث مشكلات هيكلية في اقتصاديات الدول النامية مما يشجع على الهجرة . ويركز هذا الاتجاه على فرص النجاح في الهجرة و زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة للمهاجرين بما يعرف بعوامل الجذب التي يقابلها عوامل الطرد في البلد الأصلي للمهاجر كانتشار البطالة وتدني المستوي المعيشي والحياتي. وغالبا ما يقبل المهاجرون على الوظائف الدنيا وغير المرغوبة التي لا يقبل عليها العمال في تلك الدول المستهدفة للهجرة غير الشرعية. (الحسن،وآخر، 2018، صفحة 80)
نظرية الحاجات الإنسانية:
تعتبر الحاجات الإنسانية من أهم العوامل التي تؤدي إلى تكوين بناء الإنسان، فهو كائن يشعر بالاحتياج لأشياء معينة وهذا الاحتياج يؤثر على سلوكه فالحاجات غير المشبعة تسبب توترا لدى الفرد، مما يدفع به إلى بذل مجهود للبحث عن إشباع لهذه الحاجات لإنهاء حالة التوتر، وتتدرج الحاجات الإنسانية في هرم يبدأ بالحاجات الأساسية (الفسيولوجية) ثم يصعد سلالم الإشباع بالانتقال إلى الحاجة إلى الأمان، ثم الحاجات الاجتماعية، ثم حاجات التقدير، وأخيرا تحقيق الذات، وأن الحاجات غير المشبعة لمدة طويلة، أو التي يعاني الفرد من صعوبات في إشباعها قد تؤدي إلى توتر وإحباط قد يسبب له آلاما نفسية حادة . مما يؤدي إلى عدد من ردود الأفعال التي يحاول الفرد أن يحمي بها نفسه من هذا الإحباط، وهكذا يلجأ إلى التمرد على المعايير الاجتماعية والقوانين الدولية فيفكر في الهجرة بغية تحقيق وإشباع حاجاته المختلفة فإن لم ينجح بالطرق الشرعية القانونية فقد يكون له دافع لمحاولة الهجرة بطريقة غير شرعية. (الهنشيري، 2020م، صفحة 12)
الدراسات السابقة :
نظرا للأهمية الكبيرة التي تحظى بها ظاهرة الهجرة غير الشرعية على المستوى المحلي والإقليمي لما تمثله من أهمية كبيرة للأمن القومي لكافة دول العالم. ولذلك فقد أجريت العديد من الدراسات التي تناولت هذه الظاهرة من زوايا مختلفة. وسيتم تقسيم الدراسات التي تمت مراجعتها وفق التسلسل الزمني وتقســيمها كالتالي :
1) دراسة أيت حكيمة (2012م). (حكمت، 2012م، صفحة 76)
بعنوان “التوافق الأسري والاجتماعي لدى فئة من الشباب محاولي الهجرة غير الشرعية “.
تهدف الدراسة الى التعرف على مشكلات التوافق الاسري والاجتماعي لدى فئة من الشباب محاولي الهجرة غير الشرعية, وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي الارتباطي, وتم استخدام مقاييس لاختبار التوافق النفسي وكذلك التوافق الاجتماعي, وطبقت على عينة تكونت من 19 شاب حاولوا الهجرة السرية من الجنسين، وتوصلت الدراسة الى العديد من النتائج منها : –
– صحة الفرضية الاولى للدراسة وهي أن الشباب يعانون من سوء التوافق الاسري, حيث ان الاسرة هي الدعامة الاساسية التي تقدم المساندة الاجتماعية للفرد للوصول الى التوافق النفسي والاجتماعي, وعليه فان انعدام أو الفقر في هذا الدعم والعطف يؤدي بدوره لسوء التوافق الاسري للشباب خاصة اذا كان عاطلاً عن العمل مما قد يدفع به للتفكير أو محاولة الهجرة غير الشرعية.
– من خلال نتائج الدراسة تم التأكد من صحة الفرضية الثانية بشكل جزئي وهي أن الشباب يعانون من سوء التوافق الاجتماعي, فواقع الشباب في وطنهم يتميز بفقدان الوسائل الاساسية للحياة لذلك يجدون انفسهم مدفوعين ومرغمين على النزوح بما أنهم يرون أن وضعهم المزري مرتبط بواقع لا يشجع على التحسن وغير قابل لذلك في المستقبل.
دراسة نسرين عبد الحسن، وآخر 2018م: (الحسن،وآخر، 2018)
بعنوان ” الاتجاه نحو الهجرة لدى طلبة الجامعة لدى طلبة جامعة بغداد”
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على اتجاهات طلبة الجامعة نحو الهجرة ، و تحديد الفروق في هذه الاتجاهات وفقا للمتغيرات “الجنس، التخصص، نوع الجامعة، نوع الدراسة، استخدم المنهج الوصفي وتكونت عينة البحث العشوائية الطبقية من (300) طالبا وطالبة من طلبة (7) كليات من جامعة بغداد، ومثلها كلية دجلة بالجامعة الأهلية للعام الدراسي (2015-2016). وتم بناء مقياس لقياس الاتجاهات نحو الهجرة.
وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية :
- وجود اتجاهات سلبية نحو الهجرة إلى خارج العراق، وعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في الاتجاه نحو الهجرة لدى عينة البحث وفقا لمتغير “التخصص، نوع الجامعة، نوع الدراسة، باستثناء متغير الجنس الذي كانت فيه الفروق لصالح الذكور .
2) دراسة محمد أبو زيد 2019م: (أبوزيد، 2019م)
بعنوان “الهجرة غير الشرعية وأثرها على الأمن القومي الليبي2011-2017”
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على دوافع الهجرة غير الشرعية وموقف القانون الدولي والإنساني منها، والكشف عن أهم تحديات الهجرة غير الشرعية التي تواجه المبادئ الحاكمة لمكونات الأمن القومي الليبي، ودراسة وتحليل تأثير هذه الهجرة على واقع ومستقبل الأمن القومي الليبي، واستخدم الباحث المنهج التاريخي في تتبع هذه الظاهرة على المستوى الليبي من حيث التطورات والأزمات التي شهدتها المنطقة خلال هذه السنوات والمنهج القانوني في رصد تشريعات و قوانين الهجرة غير الشرعية وخاصة المحددة في القضية الليبية.
وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية :
- أن أهم دوافع الهجرة غير الشرعية هي دوافع اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية، وأن هذه الهجرة قد أثرت بشكل سلبي على الأمن القومي الليبي لما شكلته من حالة الفوضى والارتباك، بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية والصراعات السياسية بحيث أصبحت ليبيا ممرا ومنطقة عبور واستقطاب لعشرات الألوف من طالبي الهجرة، وما صاحب ذلك من انتشار جرائم الإرهاب والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي الليبي .
3) دراسة مريم اطبيقة،2020م: (اطبيقة، 2020م)
بعنوان ” التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي (فيس بوك نموذجا) واتخاذ قرار الهجرة غير الشرعية في المجتمع الليبي .
هدفت الدراسة إلى التعرف على أهم دوافع الشباب في المجتمع الليبي لاتخاذ قرار الهجرة غير الشرعية، ومدى مساهمة الفيس بوك في تشجيعهم على اتخاذ هذا القرار، وتم استخدم منهج المسح الاجتماعي عن طريق العينة، وتم تطبيق استمارة استبيان الكترونية تم وضعها على أكثر الصفحات التي يرتادها الشباب بمدينة سرت على عينة عشوائية من شباب مدينة سرت البالغة أعمارهم بين (15-أقل من 35) قوامها (126) من الجنسين.
وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
- للفيس بوك تأثير على تشكيل الرأي العام عند الشباب من حيث جعل فكرة الهجرة هي الحل الأمثل للخروج من الظروف الاقتصادية الأمنية الصعبة في البلاد، واتضح أن غالبية الأفراد الراغبين في الهجرة ليس لديهم نية العودة لأرض الوطن رغم وعيهم بالصعوبات والمشكلات التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء رحلتهم أو ما بعد الاستقرار في بلد التوطين.
أنواع الهجرة غير الشرعية:
حددت الهجرة على أساس نوعين داخلية وخارجية: والهجرة الداخلية: هي التحركات السكانية التي تحدث داخل حدود الدولة، في حين أن الهجرة الخارجية هي التحركات السكانية عبر الحدود الإقليمية، وما زال موضوع الهجرة الخارجية يثير مناقشات بين الباحثين من مختلف التخصصات للاتفاق على الشروط التي ينبغي أن تتوفر لكي يعتبر شخص ما مهاجرا، فقد قررت هيئة الأمم المتحدة أن كل المسافرين الذين يبحثون عن عمل بصفة مستديمة ومستمرة أو مؤقتة ومن يعولونهم مهاجرين وتعد تحركاتهم هجرة. وتعتبر الهجرة غير الشرعية من الداخل إلى الخارج بالنسبة للكثيرين وسيلة للهروب إلى الأمام لوضع حد للمتابعات القضائية أو الأمنية وحتى الإدارية، وفئة أخرى اعتبرت هذه المغامرة الحل الوحيد للتخلص من جملة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يتخبطون فيها.
طرق العبور غير الشرعي:
رغم المجهودات الجبارة المبذولة للتصدي للهجرة غير الشرعية التي تفشت بكثرة خلال السنوات الأخيرة لم تتمكن مصالح الأمن من القضاء النهائي على هذه الآفة لأن المهاجرين غير الشرعيين يستعملون طرقا مختلفة (جوية وبرية وبحرية). وفي هذا السياق، اعتبر مارتن وودغرنر ( 1999 م) أن مدبري فرص العمل المحترمين والناقلين للمهاجرين الدوليين يشكل عاملاً هاما في شبكات الهجرة الدولية اليوم. و يلعب هؤلاء الوسطاء دورا هاماً في مجال الهجرة السرية بحيث يقومون بتحصيل رسم من العمالة المهاجرة أو أصحاب الأعمال مساوياً لرقم يتراوح ما بين 25 و 100 % مما سيحصل عليه المهاجر في سنته الأولى في الخارج. (لدمية، 2010م، صفحة 60)
– الطرق الجوية: على حسب الطاقات المادية والمعنوية في ميدان الأمن المتخذة على مستوى المطارات، تبقى هذه الظاهرة شبه منعدمة، وإن تم وقوع أي محاولة من هذا القبيل فيمكن أن تكون بمشاركة بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى المؤسسات المتواجدة بالمطارات أو عن طريق تزوير وثائق السفر أو التأشيرة.
– الطرق البحرية: إن طول الساحل الليبي وتوفره على عدد كبير من الموانئ جعله قبلة للشباب المهاجر غير الشرعي، حيث يمثل طول الساحل وقلة وجود أجهزة متطورة كوسائل الإنذار، الكاميرات، سهلت للمهاجرين غير الشرعيين التسلل إلى الميناء خاصة منهم القاطنون في السواحل لمعرفتهم الجيدة للموقع بما في ذلك منافذ التسلل والإفلات من الرقابة.
– الطرق البرية: أهم طريقة يستعملها المهاجرون للوصول إلى الضفة الأخرى هي الهجرة عن طريق البر، وتكون عبر المرور إلى المغرب نظرا لقربها من إسبانيا التي لا يفصلها عنها سوى 17 كم. (الصرابي، 2009م، صفحة 246)
أسباب ودوافع الهجرة غير الشرعية:
تتعدد الأسباب والعوامل التي تدفع الإنسان إلى الهجرة وتحمل معاناتها، تاركا موطنه الذي ترعرع فيه حاملا معه ذكرياته إلى وجهة غير معلومة، ومن أهم هذه الأسباب ،انعدام الاستقرار السياسي والأمني وغياب الديمقراطية وتزايد القمع وانتهاكات حقوق الإنسان المدنية، وانخفاض الدخل والمستوى المعيشي، وفقدان الارتباط بين أنظمة التعليم ومشاريع التنمية الوطنية في كل مجالات الحياة، مما أسهم في فشل عملية التنمية وانتشار الفساد الإداري والمالي وارتفاع معدلات البطالة. كما أن هناك في المقابل الكثير من الخدمات والامتيازات التي تهيؤها الدول الرأسمالية وخاصة لهجرة العقول والكفاءات. (بشير، 2010م، صفحة 60)
وتتضمن الهجرة في بعض آثارها مظاهر صحية ومصدر ثراء اقتصادي واجتماعي وثقافي لمختلف أطرافها لما تجسده من تبادل للخبرات ونقل للمهارات، وإسهام في تعزيز مبادئ الحوار والتفاعل الايجابي بين الثقافات والحضارات والشعوب، ولما تؤدي إليه من ناحية أخرى من التخفيف من حدة البطالة ورفع مستوى المعيشة وتنشيط الدورة الاقتصادية. (رشاد، 2010م، صفحة 4)
كما أن لظــــــاهرة الهجرة غير الشرعية تأثيرا سلبياً على مستوى الــــــفرد والجماعة رغم اختلاف هذه الآثار من بلد لأخر إذ أن المهاجر يحاول انتزاع نفسه من بيئته الاجتماعية والثقافية التي نشا فيها ليزرع نفسه في بيئة جديدة غير مألوفة فينشأ صراع في داخله ويكون حل هذا الصراع في تخلي المهاجر عن تـــــراثه الثــــــــقافي الأصـــــــلي جزئيا أو كليا واندماجه في المجتمع الجديد، ويتوقف ذلك على مدى استعداد المــــــــــــــهاجر وتهيؤه للاندماج وفق ما تســــــــمح به الظروف والقوانين الجديدة ليحافظ على استقراره النفسي.
أما بالنسبة للآثار الاجتماعية للهجرة فتتمثل في التأثير على التكوين الديموغرافي والتركيب الاجتماعي لكلا المنطقتين المصدرة والمستقبلة، وتبدو الآثار السلبية غالبا على الدول المرسلة، ففي الغالب ينتمي المهاجرون إلى الفئات العمرية الشابة ومن صغار السن الذين تعول عليهم بلدانهم لقيادة عملية التنمية والتطوير خاصة فيما يتعلق باستنزاف العقول والكفاءات المميزة. وتؤدي الهجرة عموما إلى استنزاف القوى الشبابية النشيطة والماهرة وما لذلك من تأثير سلبي على البلد المصدر. (الحنايا، 2013م، صفحة 8)
ويشكل المهاجرون غير الشرعيين عبئاً على اقتصاد دولة المقصد من خلال انخفاض مستوى كفاءة اليد العاملة ومنافسة اليد العاملة النظامية، وارتفاع تحويلات النقد، وتزايد جرائم غسيل الأموال، ونتيجة لتواجد المهاجرين غير الشرعيين في دولة المقصد تنشأ الأحياء العشوائية وما يصاحبها من تدني صحة البيئة وانتشار الأمراض الاجتماعية كالسرقة والمخدرات والتسول وغيرها لتظهر قيم وثقافات جديدة موازية مما يسبب في ظهور المشكلات الاجتماعية والنفسية، كما أن الأعداد المتزايدة من المهاجرين غير الشرعيين يمثلون خطرا سياسيا من حيث قابليتهم لخلق تكتلات ضغط ومساومة للنظام السياسي القائم، وإمكانية استغلالهم كأقليات في إحداث الفتن والنزاعات، كما أن الهجرة غير المشروعة تزيد من معدلات الجريمة بسبب تدني مستوى تعليم المهاجرين ورغبتهم في الحصول على المال مما يضطرهم إلى ارتكاب الجرائم المختلفة والانضمام إلى عصابات الجريمة المنظمة والتهريب. (الحنايا، 2013م، الصفحات 9-10)
دواعي الهجرة غير الشرعية:
من أهم مسببات ظاهرة الهجرة غير الشرعية أن عصابات المافيا المختصة في المتاجرة بالمخدرات والأسلحة، غالبا ما تتجه إلى مجال تهريب الأشخاص والاتجار بالبشر نظرا للأموال الطائلة التي تجنيها من التهريب، هذا ما شجع هذه العصابات على ممارسة هذا النوع من النشاط الإجرامي العابر للحدود والمتمثل في تهريب الأشخاص أو الهجرة غير الشرعية، ولا يخفى على أحد أن حالة عدم الاستقرار السياسي للبلاد كان له تأثير لا يستهان به في خلق حالة من الاضطراب وفقدان المعالم والاضطراب وعدم الاستقرار ، حيث عرفت ليبيا تعاقب العديدة من الحكومات في مدة زمنية قصيرة، وبناءً على كل هذه المعطيات، يمكن القول أن الهجرة غير الشرعية بالنسبة للبعض يكمن الهدف منها في الحصول على الأحسن، أما بالنسبة للبعض الآخر فهو الهروب من الأسوأ، مما مكن شبكات الهجرة غير الشرعية من استغلال بؤس وفقر ولاوعي هؤلاء المجازفين، ومن أهم البواعث التي تشحن هؤلاء الشباب بمعنويات الحماس والإصرار هي تلك القصص التي تردد من حين لآخر حول نجاح أحد أو بعض أبناء الحي في هجرته إلي الضفة الأخرى، كذلك وجود أحد أفراد العائلة أو الأقارب أو أحد الأصدقاء في الخارج يدفع إلى الهجرة السرية. (ميلاد، 2019م، صفحة 132)
كما أن من بين أهم العوامل التي تشجع على الهجرة غير الشرعية هو ذلك الصراع الداخلي الذي يعيشه الشباب خاصة بعدما يلاحظ التناقض بين طموحاته وإشباع حاجاته من جهة والظروف البيئية وما تفتضيه من جهة أخرى تجعله يبحث عن ذاته في
مجتمعات أخرى، ويمكننا أن نجمل تلك المسببات في النقاط التالية:
– صورة النجاح الاجتماعي: الذي يظهره المهاجر عند عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى في إبراز مظاهر الغنى (سيارة، هدايا، استثمار في العقار.. الخ) وكلها مظاهر تغذيها وسائل الإعلام المرئية.
– وسائل الإعلام المرئية: فالثورة الإعلامية التي يعرفها العالم جعلت السكان حتى الفقراء منهم يستطيعون اقتناء الهوائيات التي تمكنهم من العيش عبر مئات القنوات في عالم سحري يزرع فيهم الرغبة في الهجرة. (عباس، 2010م)
تداعيات الهجرة غير الشرعية والتدابير المتخذة:
أولا: على المستوى الاجتماعي
نجم عن الهجرة غير الشرعية الكثير من المشاكل الاجتماعية في ليبيا والدول المستقبلة للمهاجرين، وأبرزها ظاهرة الزواج من الاجنبيات، وهذا الأسلوب أتبعه البعض من أجل تبرير وجودهم داخل الدولة المستقبلة لهم، وفي كثير من الاحيان ينتج عنها مشاكل داخل الأسرة ومنها الطلاق ومشكلة نسب الأولاد، وكذلك ظهرت مشكلة القيم الجديدة وثقافات دخيلة كالتسول والبطالة أثرت بشكل كبير على واقع البلد المستضيف، وهذا ما خلق بعض المشاكل ومنها السكن الذي يضم الذكور ونتج عنه العنف والانحراف والسلوك الإجرامي.
ثانيا: على المستويات السياسية والأمنية والوطنية.
أحدثت الهجرة غير النظامية انعكاسات سلبية على واقع بلاد المهجر حيث كانت سبباً أساسياً في توتر وتأزم العلاقات مع بعض الدول الأجنبية، والدليل على ذلك ما قاله جاك بارو المكلف بالعدالة والحريات في اللجنة الأوروبية، بأن العلاقات مع بعض دول المغرب العربي أصبحت معقدة وخصوصًا بعد أن رفضت توقيع اتفاقات استقبال المهاجرين غير الشرعيين بعد ترحيلهم من الأراضي الأوروبية إلى مواطنهم الأساسية. (العمر، 2020م، صفحة 25)
الهجرة غير الشرعية في المواثيق الدولية:
تعتبر هجرة البشر من منطقة إلى أخرى ظاهرة إنسانية قديمة، قدم الإنسان، حيث كانت الظروف الحياتية والمناخية تفرض علية الانتقال المستمر من مكان لآخر، فالمجاعة، والفقر، والزلازل والفيضانات، وانتشار الأمراض، والحروب، وبالأخص الحروب الأهلية، كلها عوامل فرضت على الإنسان الهجرة من الموطن الرئيسي إلى دول ومناطق وأخرى.
وهناك جملة من الاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية والتي تجعل من أهدافها حماية حقوق العمال المهاجرين منها:
1) الاتفاقية الدولية رقم (97) لسنة 1949 بشأن الهجرة للعمل، وتعتبر من أهم الاتفاقيات التي عالجت موضوع الهجرة، حيث دخلت حيز التنفيذ في مايو 1952م وبلغ عدد الدول التي صادقت عليها (43) دولة من بينها دولة عربية واحد فقط هي الجزائر.
2) الاتفاقية الدولية رقم (143) لسنة 1975 بشان العمال المهاجرين والتي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 1978 ولم تصدق أي من الدول العربية عليها، وتركز هذه الاتفاقية على الهجرة غير المشروعة والجهود الدولية المطلوبة لمقاومة هذا النوع من الهجرة كما تركز أيضا على تحقيق المساواة في الفرص والمعاملة بين العمال الموطنين وغيرهم .
3) الاتفاقية الدولية رقم (111) لسنة 1958 بشان التمييز في الاستخدام والمهنة التي دخلت حيز التنفيذ في يونيو 1960 وهي من الاتفاقيات العامة التي تدعو إلى تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في الاستخدام والمهنة والقضاء على أي تمييز. كما تعتبر من الاتفاقيات الأساسية التي تتابع وفقا للمتابعة الدولية لمنظمة العمل الدولية لإعلان المبادئ و الحقوق الأساسية في العمل الذي اقر عام 1998. ولغاية يوليو 2005م. (إلياس، 2011م، صفحة 67)
الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسراهم:
وهي الاتفاقية التي أقرتها الأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1990، وتم التصديق عليها في يوليو 2003.
– اتفاقية شاملة تغطي حقوق العمل والحقوق الثقافية والتعليم والصحة والسكن وغيرها.
– تشمل العمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين.
– الاتفاقية تسري على جميع العمال المهاجرين دون أي اعتبار لمدة العمل والإقامة، لذلك فهي تسري على العمال المؤقتين العاملين لمدة محددة.
– تؤكد الفقرة (3) من المادة (25) إلى أن ضمان حقوق العمال المهاجرين يجب أن تصان حتى وان خالف العامل المهاجر شروط الإقامة أو الاستخدام ( إقامة غير شرعية).
– الحق في الضمان والتأمين الاجتماعي (المادة 27) حيث نصت على تمتع العمال المهاجرون وأفراد أسرهم بنفس المعاملة لرعايا الدولة في هذا الشأن، ( يتطلب بالتالي إدخال العمال المهاجرين وأسرهم في الاستفادة من مزايا المعاش التقاعدي – الحقوق التأمينية الأخرى بما فيهم العمال المهاجرون بشكل غير قانوني).
– الحق في التنظيم (المادة (26) وجوب أن يكون لهؤلاء الحق في الانضمام إلى أية نقابة عمالية، والى أي جمعية منشاة وفقا للقانون بقصد حماية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والنقابية ومصالحهم الأخرى.
– المادة (40) من الاتفاقية تنص على أن للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحق في تكوين جمعيات ونقابات عمال لتعزيز وحماية حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المصالح.
– المادة (50) تطرح بأن تنظر دولة العمل بعين العطف على أن تراعي طول الفترة التي أقاموا خلالها أفراد اسر العامل المهاجر المتوقي.
– أما المادة (44) تلزم اتخاذ التدابير المناسبة لضمان وحدة أسر العمال المهاجرين. (محمود، 2009م، صفحة 9)
– الحق في التعليم: حيث تنص المادة (30) حق أطفال العامل المهاجر في الحصول على التعليم بغض النظر عن مدى مشروعية إقامته هو أو أي من والديه في دولة العمل وتنص الاتفاقية على أن تقوم الدولة بإدماج أولاد العمال المهاجرين في النظام المدرسي المحلي وخاصة تعليمهم اللغة المحلية المادة (45)، كما تسعى الدولة في تيسير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين لأولاد العمال المهاجرين، وجواز ان توفر الدولة برامج تعليمية خاصة باللغة الأصلية لأولاد العمال المهاجرين. (المتحدة)
– أما الحقوق الثقافية: تلزم المادة (31) بأن تضمن احترام الهوية الثقافية للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم وعدم منعهم من الاحتفاظ بعقائدهم الثقافية مع دولة المهجر.
إن كافة هذه الحقوق المشروعة للإنسان وأفراد أسرته أينما حل واستقر هى بلا أدنى شك متاحة لكل الأفراد على السواء وفق المواثيق والعهود الدولية، غير أن الوضع في دول مجلس التعاون الخليجي يختلف حيث هيمنة كبيرة وغلبة واضحة للسكان المواطنين على المهاجرين والعاملين، وبالتالي فان تطبيق الحقوق الواردة في هذه الاتفاقية تعني تحديات كبيرة مما يتطلب ويفرض على دول المنطقة البدء في إعادة التوازن في أسواق العمل لتصل إلى النسب المعقولة دوليا، حتى تتمكن من تنفيذ التشريعات والالتزام بالمواثيق الدولية وبالتالي عدم المساس بالحقوق الأصيلة للإنسان المستقر في هذه المنطقة أو المهاجر من أجل العمل. (محمود، 2009م، صفحة 11)
الإجراءات المنهجية: نتناول في هذا الجانب الإجراءات المنهجية لهذه الدراسة
أولا: نوع الدراسة والمنهج المسـتخدم:
تعد هذه الدراسة من الدراسات الوصفية التحليلية، وقد اعتمـــــــــدت عــــــــــــــــــــلى منهج المسح الاجتماعي بطريقة العينة لغرض دراسة آراء الشباب حول أسباب والدوافع نحو الهــــــــــــــــجرة غير الشرعية.
مجالات الدراسة:
المجال المكاني: اقتصرت الدراسة في مجالها المكاني على طلاب كلية الآداب بجامعة سرت والبالغ عددهم خلال عام (2022م) حوالي (998) طالبا وطالبة.
المجال الزماني : تم إجراء الدراسة خلال العام الدراسي (2022م).
المجال البشري: تكونت من عينة من طلاب كلية الآداب جامعة سرت الطلة الذكور فقط ممن تبغ أعمارهم ما بين ( 16- 30 ).
حجم العينة ونوعها : تم اختيار عينة عرضية بلغ قوامها (120) طالباً.
أدوات جمع البيانات:
اعتمدت الباحثة في هذه الدراسة على “استمارة استبيان ” لجمع البيانات، وتضمنت مجموعة من الأسئلة تم تقسيمها إلى محورين رئيسين، وهما : البيانات الأولية والأساسية للمبحوثين، و تمثلت في وصف خصائص العينة من حيث العمر، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي. وتمثل المحور الثاني: في البيانات الخاصة بآراء الطلاب نحو الهجرة غير الشرعية ممثلة في ( 13) عبارة يستجيب لها المبحوثين. وقد تم عرض أداة الدراسة على عدد من الأساتذة المتخصصين للتحقق من صدق المحتوى وترابط العبارات وملائمتها لقياس ما وضعت لأجله. ثم قامت الباحثة بتطبيقها على عين استطلاعية قوامها (10) طلاب، وتم التأكد من ثبات أداة الدراسة بتطبيق معادلة ألفا كورنباخ، وبلغ معدل الثبات (92%) وهي نسبة ممتازة.
أساليب التحليل الإحصائي:
اعتمدت هذه الدراسة في تحليل بيانات الدراسة على الحقيبة الاجتماعية ( البرنامج الإحصائي (SPSS) للعلوم الاجتماعية)، وتم وضع البيانات في شكل توزيعات تكرارية ونسب مئوية، وسيتم تحليل البيانات من خلال محورين هما: خصائص العينة، آراء طلاب جامعة سرت الليبي نحو الهجرة غير الشرعية.
تحليل البيانات ( الدراسة الميدانية ):
أولاً: خصائص العينة
جدول رقم (1) يبين توزيع العينة حسب العمر
العمر |
التكرار | النسبة |
16- 20 | 75 |
62.5% |
20– 24 |
32 | 26.7% |
24- 30 | 13 |
10.8% |
30فاكثر |
0 | 0% |
المجموع | 120 |
100% |
يتبين لنا من الجدول والشكل رقم (1) أن أكثر فئات المبحوثين قد تركزت ضمن الفئة العمرية (16-25) حيث بلغت نسبتهم (62.5%)، تليها على التوالي ما نسبته (26.7%) للذين تقع أعمارهم في الفئة العمرية (20-24)، وبلغت نسبة (10.8%) للذين تبلغ أعمارهم (24-30)، بينما لم تسجل أي نسبة للذين تقع أعمارهم ما بين ( 30 فما فوق) ويفسر ذلك إلى أن السن المناسبة للطالب الجامعي هي ما سجلته نسبة 62.5% للذين أعمارهم من ( 16-20)، بينما قد يتأخر بعض الطلاب عن ذلك لظروف مختلفة وهناك من يواصل دراسته بعد انقطاع لعدة سنوات.
جدول رقم (2) يوضح توزيع العينة حسب المستوى الدراسي
السنة الدراسية |
التكرار | النسبة |
الأولى | 16 |
13.3% |
الثانية |
10 | 8.4% |
الثالثة | 29 |
24.2% |
الرابعة |
65 | 54.1% |
المجموع | 120 |
100% |
يتبين لنا من الجدول والمخطط رقم (2) أن النسبة الأعلى للمبحوثين كانت للذين يدرسون بالمراحل المتقدمة بحسب اختيار الباحثة وذلك لأنهم يعتبرون السن المناسبة للهجرة وترك البلاد، حيث سجلت نسبة (54.1%)، وهي النسبة الأعلى من المبحوثين، تليها ما نسبته (24.2%) وهي أيضا في مراحل متقدمة من الدراسة، في حين سجلت بنسب متقاربة للمراحل الأولى من الدراسة بسنبتي (13.3%)، و ( 8.4%).
جدول رقم (3) يوضح توزيع العينة حسب الحالة الاجتماعية
الحالة الاجتماعية |
التكرار | النسبة |
أعزب | 93 |
77.5% |
متزوج |
25 | 20.8% |
مطلق | 2 |
1.7% |
أرمل |
0 | 0 |
المجموع | 120 |
100% |
يتضح لنا من الجدول والشكل رقم (3) أن أغلب المبحوثين هم غير المتزوجين، وبنسبة بلغت (77.5%) في حين كانت نسبة المتزوجين (20.8%)، وجاءت النسبة الأدنى لذوي الحالة الاجتماعية (مطلق) بنسبة (1.7%)، ويعزى ذلك إلى أن أغلب الطلاب في سن صغير غير مناسب للزواج وتحمل المسؤولية وهذا لم يمنع أن نسبة لأبأس بها سجلت للطلبة المتزوجين.
جدول رقم (4) يبين اراء الطلاب نحو الهجرة غير الشرعية
م |
الفقرات | موافق | موافق إلى حد ما | غير موافق | |||
ك | % | ك | % | ك |
% |
||
1 |
أرى أن الهجرة ستحقق طموحاتي |
72 | 60% | 21 | 17.5% | 27 | 22.5% |
2 | الهجرة تمنحني جنسية أخرى وامتيازات | 72 | 60% | 27 | 22.5% | 21 |
17.5% |
3 |
أستطيع التعبير عن رأيي بحرية في الخارج | 29 | 24.2% | 55 | 45.8% | 36 | 30% |
4 | الهجرة تعمل على تنمية وزيادة الخبرات | 78 | 65% | 33 | 27.5% | 9 |
7.5% |
5 |
تزيد الهجرة من قدرتي على تحمل المسئولية | 55 | 45.8% | 36 | 30% | 29 | 24.2% |
6 | الهجرة هي الوسيلة للخروج من حالة اليأس والإحباط التي يعاني منها الشباب في بلدي | 77 | 64.2% | 27 | 22.5% | 16 |
13.3% |
7 |
ستوفر الهجرة لي الأمن والاستقرار الذي أفتقده في بلدي | 82 | 68.3% | 21 | 17.5% | 17 | 14.2% |
8 | الهجرة ستمكنني من العيش بحرية ودون قيود | 72 | 60% | 44 | 36.7% | 4 |
3.3% |
9 |
الهجرة تعني المجازفة بالحياة والتعرض للموت المحقق | 17 | 14.2% | 82 | 68.3% | 21 | 17.5% |
10 | الهجرة تعني الانفتاح على مجتمعات أكثر تقدما | 69 | 57.5% | 42 | 35% | 9 |
7.5% |
11 |
ستجعلني الهجرة فريسة سهلة لعصابات التهريب والجريمة المنظمة | 55 | 45.8% | 36 | 30% | 29 | 24.2% |
12 | ستمكنني الهجرة من تأمين المستقبل وزيادة المدخرات المالية | 60 | 40% | 57 | 38% | 33 |
22% |
13 |
يعجبني الاحترام الذي يحظى به المهاجرون العلماء في المهجر | 69 | 57.5% | 42 | 35% | 9 |
7.5% |
يوضح الجدول والشكل رقم (4) آراء الطلاب الليبي نحو الهجرة غير الشرعية ونظرتهم لها، و جاءت أغلب إجابات المبحوثين بالموافقة على الفقرة ” أن الهجرة ستوفر لهم الأمن والاستقرار الذي يفتقدونه في ليبيا ” وبنسبة (68.3%)، ويرجع ذلك إلى تدهور الوضع الأمني في ليبيا، وشيوع الجريمة بكافة أشكالها بسبب انتشار السلاح عند المواطنين خارج المؤسسات الأمنية الرسمية، مما سبب في تعطيل القانون وغياب القضاء، وكما هو معروف حسب نظرية الحاجات أن الأمن لدى الفرد في أي مجتمع هو من الحاجات الأساسية التي تمنح الإنسان الاستقرار النفسي وتزيد من ارتباطه ببيئته الاجتماعية، وما يتيحه ذلك من زيادة قدرته على الإنتاجية والعطاء.
وفيما سجلت إجابات بموافق جداً المبحوثين ما نسبته (60%) عن الفقرة ” أن الهجرة تمنحني جنسية أخرى وامتيازات ” وأن “الهجرة ستحقق طموحاتي ” وذلك لأن الطلاب غالباً ما تتركز طموحاتهم في هذه الفترة من العمر على إكمال دراستهم أو تحسين وضعهم المعيشي و تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي عن طريق الزواج، وكل هذه الطموحات يرى العديد من الشباب في المجتمع الليبي صعوبة تحقيقها في ظل الوضع الحالي مع انتشار معدلات البطالة، وانهيار قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية الذي أدى إلى غلاء المعيشة وتدهور الوضع الأمني. لذلك فهم يرون أن الظروف الحالية غير ملائمة، مما يدفع بهم إلى الهجرة غير الشرعية لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم في مجتمعات أخرى أكثر استقرارا.
وجاءت إجابات المبحوثين بنسبة (57%) أيضا على الفقرة ” الهجرة ستمكنني من العيش بحرية ودون قيود ” لأن أغلب الطلاب يميلون إلى نسق ثقافي خاص بهم يتمثل في رغبتهم بالتجديد ورفض كل ما هو تقليدي، ومن هنا فإن البعض منهم يعتبر منظومة القيم الاجتماعية التي تكونت لديهم بفعل التنشئة الاجتماعية بما تحويه من ضوابط مختلفة يمثل عائقا أمامهم في التعبير عما يجول في نفوسهم، كما أن انتشار العنف بكافة أشكاله بسبب التوترات الأمنية والصراعات السياسية التي يشهدها المجتمع الليبي أسهم في دفع الشباب نحو الهجرة خارج الوطن، لأنهم يرون فيها ملاذا آمنا يستطيعون فيه التعبير عن أرائهم بحرية في كل ما يخصهم ويراودهم .
وجاءت إجابات المبحوثين عن الفقرة “يعجبني الاحترام الذي يحظى به المهاجرون العلماء في المهجر” بنسبة (57.5%)، ويمكن تفسير ذلك بأن المكاسب المادية والمعنوية التي يحصل عليها المهاجرون هي عوامل جاذبة في دول المهجر، ويقابلها تدني مستوى المعيشة والبطالة للبلد المهاجر منه وهو ما يعرف بالعوامل الطاردة.
مناقشة النتائج :
تشير النتائج إلى وجود استعدادات إيجابية لدى الطلاب نحو الهجرة غير الشرعية، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة (أيت حكيمة 2012م) من حيث وجود اتجاه إيجابي لدى طلبة الجامعة نحو الهجرة خارج الوطن بسبب عدم التوافق النفسي والاجتماعي، في حين تختلف هذه النتيجة مع دراسة (نسرين عبد الحسن، وآخر 2018م) التي أفادت بوجود اتجاهات سلبية لدى طلبة الجامعة نحو الهجرة خارج الوطن. كما بينت النتائج أن الشباب في ليبيا ينظرون إلى الهجرة على أنها ذلك الملاذ الآمن الذي سيمنحهم الراحة والأمان الذي طالما افتقدوه في بلادهم بسب التوترات الأمنية والصراعات السياسية، وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه دراسة (مريم طبيقة،2020) من أن الشباب يرون في الهجرة الحل الأمثل للخروج من الظروف الأمنية الصعبة في البلاد، وربما يرجع ذلك إلى أن الشباب في الفئات العمرية الأصغر ومن غير المتزوجين غالبا ما يرون في الهــــــــــجرة فرصة ثمينة لتحقيق طمــــــوحاتهم الاقتصـــــادية وتحقيق رغبتهم في الزواج والاستقرار، وهذا ما أشارت إليه نظرية التبعية إلى أن الشباب في هذه المرحلة ليس لديهم التزامات عائلية أو اجتماعية تحول بينهم وبين التفكير في الهجرة، كما أن انتشار العنف بكافة أشكاله بسبب التوترات الأمنية والصراعات السياسية التي يشهدها المجتمع الليبي أسهم في دفع الشباب نحو الهجرة خارج الوطن، لأنهم يرون فيها ملاذا آمناً يستطيعون فيه التعبير عن آراءهم بحرية في كل ما يخصهم ويراودهم، وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الشباب في ليبيا يعيشون حالة من الحرمان الاقتصادي، ويعانون نوع من التهميش والإقصاء الاجتماعي والسياسي الذي طالما عاشوا فيه لعقود طويلة، وحتى بعد أحداث عام (2011م)، أو ما يعرف بالربيع العربي أزداد الوضع تعقيداً في ليبيا، وذهبت أحلام الشباب وطموحاتهم في مستقبل أفضل، وأضحت أقصى أمانيهم الوصول إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط آملين أن تجود عليهم تلك الدول بحقهم في الحياة الكريمة الآمنة.
التوصيات :
وفقاً لما توصلت إليه الدارسة الحالية من نتائج تقترح الباحثة بعض التوصيات أملاً في التخفيف من حدة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، أو التخفيف من حدة الاتجاه نحوها مستقبلاً
1) يجب أن تتم مكافحة الهجرة غير الشرعية في إطار الاحترام الصارم لحقوق الانسان وكرامته إلى جانب التعاون الدولي والمحلي، والمسؤولية المتبادلة بين دول المنشأ والعبور والجهة المقصودة.
2) العمل على تحسين أوضاع الشباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من خلال المساواة في خلق فرص عمل تتناسب مع كفاءتهم ومؤهلاتهم العلمية بعيدا عن الوساطة والمحسوبية، وتهيئة الظروف الملائمة لإدماجهم في مشاريع التنمية الوطنية .
3) أن تقوم الجهات المعنية بمنح قروض ميسرة بتخصيص نسبة أكبر من تلك القروض، بحيث أن توجه للشباب لعمل مشروعات تنموية صغيرة.
4) زديا ة الوعي لدى الشباب ومختلف الفئات الأخرى بمخاطر الهجرة غير الشرعية من خلال توجيه وسائل الإعلام الرسمية وخاصة الإعلام المرئي وذلك بإعداد برامج إعلامية قصيرة مخصصة لهذا الغرض، حتى تكون هي المصدر الأساسي للمعلومات حول هذه الظاهرة.
5) تكوين قاعدة بيانات خاصة بإحصاءات الهجرة غير الشرعية من خلال المؤسسات المعنية، ومراعاة تحديثها سنوياً، لمراقبة تلك الظاهرة حتى يتسنى للمشرع وصانع القرار معالجتها في ضوء بيانات حقيقية.
6) ضرورة أن يراعي متخذي القرار عملية إ دماج عنصر الشباب في الخطط التنموية الموجهة لقطاع الشباب بشكل أكثر فاعلية ومراعاة أن تتم مراقبة تنفيد ذلك على أرض الواقع.
7) العمل على تعزيز وترسيخ قيم الولاء والمواطنة وحب الوطن والانتماء له وعدم التفريط فيه، وكذلك المحافظة على الهوية الوطنية لدى أفراد المجتمع من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة.
8) توعية الشباب بمخاطر الهجرة وسلبياتها من خلال مساهمة وسائل الإعلام المختلفة في تسليط الضوء على أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في الخارج وما يتعرضون له من مشكلات مختلفة.
9) توفير الدعم و الإمكانيات اللازمة للجهات الأمنية المختصة بمراقبة الحدود البرية والبحرية، وتشديد الرقابة اتجاه عصابات التهريب والتنظيمات الإجرامية المسئولة عن تسيير الهجرات غير المشروعة، واتخاذ أقسى العقوبات حيالها.
10) إجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية في كافة التخصصات بهدف دراسة أسباب الهجرة غير الشرعية وآثارها المختلفة على المجتمع الليبي، والعمل على إيجاد الآليات المناسبة للحد من تفشي هذه الظاهرة.
قائمة المراجع
1) أبوزيد، محمد: الهجرة غير الشرعية وأثرها على الأمن القومي الليبي خلال فترة 2011-2017م، طرابلس، 2019 م
2) الأصفر، أحمد عبد العزيز: الهجرة غير المشروعة الانتشار والأشكال والأساليب المتبعة، جامعة نايف للعلوم الأمنية، ط1،الرياض، 2010م.
3) اطبيقة، مريم: التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي (فيس بوك نموذجا) واتخاذ قرار الهجرة غير الشرعية في المجتمع الليبي، جامعة سرت، كلية الآداب، قسم علم الاجتماع، 2020م.
4) البوسيفي، حميدة: الهجرة غير الشرعية في ليبيا “الاشكاليات-الآثار-الخيارات”، أعمال المؤتمر الدولي الأول ظاهرة الهجرة كأزمة عالمية بين الواقع والتداعيات، المركز الديمقراطي العربي، ط1، ألمانيا، 2019م.
5) الحسن، نسرين وآخر: الاتجاه نحو الهجرة لدى طلبة الجامعة، مجلة كلية التربية، بغداد، العراق، 2016م.
6) الحنايا، ناصر: الهجرة غير المشروعة ، ورقة عمل مقدمة في الدورة التدريبية “تنمية المهارات الإدارية في إدارات الأحوال المدنية في الدول العربية”، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2013م.
7) الصرابي، يحي: المشروعية القانونية والأبعاد الأمنية للهجرة الوافدة، جامعة عين شمس، القاهرة، 2009م.
8) العمر، رمضان: الهجرة غير الشرعية في الجزائر- تاريخها ومراحل تطورها، مؤتمر الهجرة واللجوء في الوطن العربي، مؤسسة كن خقيقي،2020م.
9) الهنشيري، نجية: اتجاهات الشباب نحو الهجرة غير الشرعية، مجلة أبحاث، كلية الآداب، جامعة سرت،2020م
10) إلياس، يوسف: دراسة تحليلية لأحكام الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، مركز شعاع، مصر، 2011م
11) بشير، هشام: الهجرة العربية غير الشرعية إلى أوروبا – أسبابها- تداعياتها- سبل مواجهتها، مجلة العلوم السياسية ادولية، مركز الأهرام، مصر 2010م.
12) بن غضبان، فؤاد: علم الاجتماع الحضري، دار الرضوان للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 2014م.
13) تقرير الأمم المتحدة: الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
14) تقرير المنظمة الدولية للهجرة غير الشرعية،2018م.
15) حكمت، آيت: التوافق الأسري لدى فئة من الشباب محاولي الهجرة غير الشرعية، دفاتر مجلة علم الاجتماع، الجزائر، 2012م.
16) رشاد، أحمد: المخاطر الظاهرة والكامنة على الأمن الوطني للهجرة غير الشرعية، ندوة الهجرة غير الشرعية، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، 2010م.
17) سلمان، هيثم: الآثار الاقتصادية للهجرة الدولية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وتقييم سياساتها، مجلة الكويت الاقتصادية، العدد(24) السنة (18)، 2014م
18) عبد الحسن نسرين، وآخر: الاتجاه نحو الهجرة لدى طلبة الجامعة، مجلة كلية التربية للبنات، جامعة بغداد، كلية التربية للبنات، قسم العلوم النفسية والتربوية، المجلد (29)،العدد الثاني، 2018م.
19) كريب، أيان: النظرية الاجتماعية، من بارسونز إلى هابرمس، ترجمة: محمد حسين غلوم، مطابع الوطن، الكويت،2018م
20) لديمة فريجة: استراتيجيات الاتحاد الأوروبي لمواجهة التهديدات الأمنية الجديدة، الهجرة غير الشرعية أنموذجا، رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة، قسم العلوم السياسية، 2010م.
21) محمود، سامي: أوروبا والهجرة غير المنظمة في مصر بين المسؤولية والواجب، مركز الأرض لحقوق الإنسان، القاهرة، 2009م.
22) منظمة العمل الدولية: الموقع الالكتروني www.ilo.org
23) موساوي أحمد: أثر الهجرة غير الشرعية على الجزائر، رسالة ماجستير، جامعة أحمد دراية إدرار، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، الجزائر، 2019م.
24) ميلاد، حسن وآخر: اتجاهات الشباب نحو الهجرة غير الشرعية، المؤتمر الدولي للدراسات السياسية والاقتصادية، جامعة سرت، كلية الاقتصاد، 2019م.