الدكتورة فضيل نادية
أستاذة مكونة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال
nadia.psy@hotmail.com
00212674793465
الملخص :
حظي موضوع التريية على القيم بأهمية بالغة في جل الإصلاحات التي عرفها النظام التربوي المغربي منذ صدورالميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى اليوم، مما يبرز وعي السياسة التربوية بجدية موضوع القيم من جهة، وبدور المدرسة الأساسي في بنائها من جهة ثانية، خاصة أن المدرسـة حاميـة للقـيم المثلـى، من خلال تعزيزها لـدى المتعلمــين والمتعلمــات معرفــة وثقافــة وســلوكا . بالنظر لوظيفتها الجوهرية المتمثلة في بناء الكفايات والتربية على القيم عــبر المناهج والــبرامج والكتب المدرسية، والوسائل الديداكتيكية والبيداغوجية الفعالة، تأتي دراستنا لمقاربة موضوع الممارسة الصفية والتربية على القيم في الكتاب المدرسي لمادة: “اللغة العربية” لمستوى السنة الثانية بكالوريا كدعامة أساسية للتنمية المستدامة بالمملكة المغربية، في ظل التحولات العالمية والتغيرات الإقليمية التي يشهدها الواقع المعاصر، وما صاحبها من آثار نفسية واجتماعية على مستوى الأفراد والمجتمعات، تداعت أصوات المهتمين بالشأن التربوي منادية بضرورة التريية على القيم في المناهج والكتب المدرسية، باعتبارها الأداة الرئيسة والفعالة التي تمكِّن المتعلم من الحصول على المعارف والخبرات والمهارات التي تساعده في مواجهة مشكلات عصره، ومتطلبات حياتِه على المدى القريب والبعيد كدعامة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، ولم يخرج النظام التربوي المغربي عن هذا التوجه العام، فخلال العقدين الفارطين اتجهت السياسة التربوية المغربية للعمل على الرقي بنموذجها التربوي، لتحقيق التنمية المستدامة. من خلال إصدار العديد
من الوثائق التربوية التي تدعو إلى تبني مقاربات بيداغوجية جديدة تتناسب والمتغيرات العالمية، وتسعى إلى تفعيل دور المدرسة في المجتمع وربطها بالواقع العملي، وتهدف إلى جعل المتعلم محورا للعملية التعليمية التعلمية ممتلكا للقدرات والمهارات الحياتية التي تؤهله للاندماج بكفاءة وفعالية في الحياة بمختلف مجالاتها. والانتقال بالتربية والتكوين والبحث العلمي من منطق التلقين والشحن والإلقاء السلبي أحادي الجانب إلى منطق التعليم والتعلم الذاتي، والتفاعل الخلاق بين المتعلم والمدرس في إطار عملية تربوية قوامها التشبع بقيم المواطنة الفعالة واكتساب اللغات والمعارف والكفايات والقيم فردية وجماعية وكونية وتنمية الحس النقدي وروح المبادرة ورفع تحدي الفجوة الرقمية.
الكلمات المفتاحية: الممارسة الصفية، التربية على القيم، الكتاب المدرسي، التنمية المستدامة ـ
Classroom practice and value education in textbooks are a pillar of sustainable development, Kingdom of Morocco
Dr Fadil Nadia
Professor at the Regional Centre for Education and Training
Abstract
The issue of education on values has been of great importance in most of the reforms that the educational system has known since the issuance of the National Charter for Education and Training until today, which highlights the educational policy’s awareness of the seriousness of the issue of values on the one hand, and the primary role of the school in building it on the other hand, especially that the school is a protector of ideal values, By enhancing the learners with knowledge, culture and behaviour.
Given its essential function of building competencies and education on values through curricula, programs, textbooks, and effective didactic and pedagogical means, our study comes to approach the subject of classroom practice and education on values in textbooks for the subject: “Arabic language” for the second-yearbaccalaureatelevel as a basic pillar of sustainable development.
In light of the global transformations and regional changes taking place in contemporary reality, and the accompanying psychological and social effects on the level of individuals and societies, the voices of those interested in educational affairs have been heard calling for the necessity of education on values in curricula and textbooks, as it is the main and effective tool that enables the learner to obtain knowledge, experience and skills. Whichhelpshim in facing the problems of his time, and the requirements of his life in the short and long term as a basic pillar for achieving sustainable development.
The Moroccan educational system did not deviatefromthisgeneral trend. During the past two decades, the Moroccaneducationalpolicytended to work to improve its educational model to achieve sustainable development. By issuing many
Among the educational documents that call for the adoption of new pedagogical approaches commensurate with global changes, seek to activate the role of the school in society and link it to practical reality, and aim to make the learner the centre of the process.
Keywords: classroom practice, education on values, textbooks, sustainable development
مقدمة:
تواجه المجتمعات الإنسانية في هذا العصر تحديات عظمى فرضتها مجموعة من المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، ويأتي في مقدمتها هيمنة قوى الانفتاح والعولمة، والتطور التقني المذهل، وما نتج عن ذلك من تأثيرات واضحة على منظومة القيم، فقد بدأت تغيب قيم، وترد إلينا قيم لا تتناسب مع مجتمعاتنا العربية والإسلامية وإيديولوجياتها الفكرية والعقائدية، والتقليد غير العقلاني للغرب وقيمه، وعلى ذلك أضيفت إلى رصيد هذه المجتمعات من الإشكاليات أزمة جديدة تُعرف بأزمة القيم، مما أصبح حتميا على التربية على القيم في الكتب المدرسية القيام بدورها في بناء وترسيخ القيم، للتعايش مع الحاضر وتحدياته والمستقبل ومتطلباته، يتطلع التربويون إلى المناهج الدراسية كي تقوم بهذه الوقاية. ويتم هذا بأن يحدد القائمون على أمر المناهج في المجتمع الأسس التي ينبغي أن يبنوا المناهج عليها بحيث تجمع خاصيتين لابد من الوفاء يهما لوقاية المجتمع من التفكك أو التخلخل :الأولى المحافظة على قيم المجتمع، فهذه القيم هي الهيكل الخرساني الذي يحمي بناء المجتمع من أن ينفرط عقده والثانية، هي مواكبة التقدم الحضاري المعاصر والأولى تضع الثانية في إطارها الصحيح وكلتاهما تعملان على إيجاد الطاقات اللازمة لتقدم المجتمع، واستثمارها وفق مقتضيات العصر بمعنى أنه لاتعارض بين التمسك بالقيم ومواكبة التقدم المعاصر، بل إن التقدم الذي يأخذ قيم المجتمع في الاعتبار هو الأكثر تأثيرا والأكثر إسهاما في دفع المجتمع إلى منصة الانطلاق الحضاري(شوقي،2001، ص.165)، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المناهج و الكتب المدرسية في آن واحد مرآة لمشروع المجتمع المغربي، ومحاولة لاستقراء الحاجات الآنية والمستقبلية لهذا المجتمع من الزوايا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبعلاقة مع الأبعاد المحلية والجهوية والوطنية والدولية لهوية مواطن اليوم والغد، المطالب بالتفاعل والتكيف المستمر مع مختلف المتغيرات المجتمعية، ورفع التحديات التي تفرضها، داخلية كانت أم خارجية، على الأفراد وعلى مكونات المجتمع المغربي، وجعلها دعامة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في جل المجالات والقطاعات الاجتماعية، ومواكبة التحولات المجتمعية المرتبطة بالعولمة والتحولات المناخية في تحقيق قاطرة التقدم والاستدامة الدائمة. بهذا المعنى، يتضح أن المناهج و الكتب التربوية ليست مجرد تشكيلة من المواد الدراسية، بل هي مكون أساسي لاستراتيجية تربوية وجعلها رافعة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة بالمملكة المغربية. لذا تم الحرص على أن ترتكز هذه الاستراتيجية التربوية على أكبر قدر ممكن من المعطيات حول المجتمع المغربي في كل المجالات، على الأقل خلال العشرية الحالية، وأن تعتمد على تعدد المتدخلين وتنوع مجالات تخصصهم واهتماماتهم لبلورتها، وعلى الاستشارة الواسعة لاختبار نتائج أشغال هؤلاء المتدخلين، وتقاريرهم الصادرة عن اللجان المختصة لتوفير ضمانات النجاح والتنمية المستدامة، رغم ما يحيط عادة استقراء الحاجات المستقبلية لمجتمع مثل المجتمع المغربي من اختلاف في الرؤى وفي المرجعيات والمقاربات العلمية، وبالصعوبات التي يسببها عادة تعدد المتدخلين وتنوع مجالات تخصصهم واهتماماتهم، ورغم ما يمكن أن يحيط بمفهوم الاستشارة من لبس وسوء فهم، من هنا انكبت الوزارة المعنية على تطوير قطاع التربية والتكوين باعتماد سياسة تعدد الكتب المدرسية، ودمقرطة المنتوج التربوي قصد خلق مبدأ التنافس والاجتهاد والابتكار بين المدرسين والأطر المشرفة على المدرسة المغربية رغبة في الرفع من مستوى الكتاب المدرسي والتسلح بقيم حديثة وأخلاقيات جديدة فرضتها الساحة السياسية الدولية والسياقات الوطنية(وزارة التربية الوطنية،2002، ص.45).
من هذا المنطلق كان موضوع دراستنا الموسوم ‘الممارسة الصفية والتربية على القيم في الكتاب المدرسي دعامة أساسية للتنمية المستدامة بالمملكة المغربية ‘، من خلال مكون النصوص للسنة الثانية بكالوريا مسلك الآداب والعلوم الانسانية لمادة اللغة العربية بجهة بني ملال خنيفرة، للتعرف على القيم المتضمنة في الكتاب المدرسي ، في ترسيخ وبناء القيم واكتساب المهارات الوجدانية والحسية والحركية والمهارات الأدائية المرتبطة بالقيم الكفائية سواء المنهجية والمعرفية والتواصلية والاستراتيجية.
و لمقاربة موضوعنا اعتمدنا على المنهج الوصفي التحليلي و على مقاربة تحليلية كمية وكيفية، هادفين من وراء ذلك دراسة وتحليل الكتاب المدرسي في ‘رحاب اللغة العربية’، لمستوى السنة الثانية بكالوريا من التعليم الثانوي التأهيلي؛ فالكتاب المدرسي يشكل الركيــزة الأساس التي تبنى عليها أهداف المستقبل والدعامة الأساسية في تحقيق التنمية والتطور المجتمعي، من هذا المنطلق وجهـت العنايـة لملاءمـة المنـاهج والـبرامج والكتب المدرسية مـع متطلبـات التربيـة علـى القـيم من خــلال إدراجهــا في مختلــف المــواد والتخصصــات، علاوة على وضــع طرائــق بيداغوجيــة فعالة لتيســير نقلهــا للمتعلمــين.
- اشكالية الدراسة
مشكلة الدراسة تتمثل في التربية على القيم في الكتابالمدرسي: مادة اللغة العربية مكون النصوص السنة الثانية بكالوريا من التعليم الثانوي التأهيلي مسلك الآداب والعلوم الإنسانية، والممارسة الصفية، عندما يتعلق الأمر بثنائية الثابت والمتغير في القيم التي ينبغي أن تؤطر الكتب المدرسية وتجعلها رافعة للتنمية المستدامة، غالبا ما تختلط بعض المرجعيات، التي فرضتها ظروف معينة في زمن معين من طرف مكونات مجتمعية أو هيآت معينة، مع القيم المرجعية الوطنية الثابتة للمجتمع المغربي التي تسمح بتحديد الأولويات وترتيبها، وتؤطر بالتالي استقراءات حاجات المجتمع المستقبلية التي يلزم أن تنبني عليها المناهج التربوية.باعتبارها من التوصيات التي أوصى بها المجلس الأعلى للتربية والتكوين بضرورة ايلاء التربية على القيم العناية المستحقة في بناء المناهج والبرامج،منذ المراحل الأولى للتعليم وحتى المراحل العليا منه، وتوضيح مختلف الخيارات المتبناة في إدماج مواد وأنشطة التربية على القيم ضمن المنهاج الدراسي العام ،وكذا نوع المقاربات المعتمدة ،وتضمينها الإطار المرجعي للمقاربات البيداغوجية الذي نصت عليها الرؤية الاستراتيجية ضمن الرافعة الثانية عشرة،والثامنة عشرة(المجلس الأعلى للتربية والتكوين،2017، تقرير ص.1/17). يعد بناء القيم أحد الأركان الأساسية في بناء الجانب المعرفي لأي منهاج تربوي، وبناء عليه تمت صياغة تساؤلانا الاتي:
- ما طبيعة القيم المتضمنة في الكتاب المدرسي لمادة ‘اللغة العربية’ بالسنة الثانية بكالوريا من التعليم الثانوي التأهيلي؟ وما علاقتها بالممارسة الصفية لتحقيق تنمية مستدامة؟
- فرضيات الدراسة
انطلاقا من الإشكالية صيغت الفرضية الرئيسة والتي تنطلق من احتمال كون ” التربية على القيم في الكتاب المدرسي رهينة بمستوى الممارسة الصفية في مادة اللغة العربية مكون: النصوص بالسنة الثانية بكالوريا من التعليم الثانوي التأهيلي.
- أهمية الدراسة
تستمد دراستنا أهميتها في مدى قوة العلاقة بين الممارسة الصفية والتربية على القيم في الكتاب المدرسي ، لمادة ‘اللغة العربية’: مستوى الثانية بكالوريا بمسلك الآداب والعلوم الانسانيةبالمرحلة الاشهادية من التعليم الثانوي التأهيلي، باعتبارها موجهات للسلوك العلمي ومجالا خصبا لتفعيل وتعزيز الاختيارات والتوجيهات التربوية. وتفعيلها من المستوى التنظيري إلى ممارسة صفية، باعتبارها ضرورة أساسية لتنمية قدرات ومهارات كل من المدرس(ة)، والمتعلم(ة)، تمكنهم من التحكم في اتجاه التغيير والتكيف مع التغيرات المجتمعية وتحقيق التنمية المستدامة.
- أهداف الدراسة
إن كل من المنهاج الدراسي والكتاب المدرسي يراهن على تفعيل مدخل التربية على القيم في مادة: اللغة العربية: في مكون ‘النصوص’ واستخلاص الأبعاد القيمية التي تحملها والأنشطة التعلمية لتحقيقها، بناء على ممارسة صفية تراعي التمفصل والانسجام بين كل أبعادها بالسنة الثانية بكالوريا من التعليم الثانوي التأهيلي.
- دوافع الدراسة
دواعي اختيارنا لموضوع الممارسة الصفية والتربية على القيم في الكتاب المدرسي لمادة: ‘اللغة العربية’ بالسنة الثانية بكالوريا، ترجع لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية وسنجملها في النقاط الآتية:
اشتغالنا كأستاذة مكونة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة بني ملال خنيفرة، والمصاحبة الميدانية لهيئة التدريس بالمؤسسات التطبيقية، والصعوبات التي كانت تواجه الطلبة الأساتذة في مكون: ‘النصوص’ بالسنة الثانية بكالوريا من الثانوي التأهيلي، في تحقيق التكامل والترابط بين البعد الديداكتيكي والبعد العلائقي في تدبير حصة مكون ‘النصوص ، خلال الحصص التطبيقية تواجه أغلب الطلبة الأساتذة صعوبات بيداغوجية وعلائقية في التعامل مع المتعلمين نظرا لخصوصية المرحلة العمرية والمراحل النمائية التي يعرفها المتعلم في مرحلة المراهقة ، نظرا للحمولة المعرفية التي تحملها النصوص سواء كانت شعرية أم نثرية، والتي تتطلب ممارسة ديداكتيكية وبيداغوجية وعلائقية فعالة تراعي النمو الحسي والوجداني والادراكي للمتعلم.
- الدراسات السابقة
ولمقاربة اشكالية دراستنا، كان لابد أن نتطرق لبعض الدراسات ذات الصلة بموضوعنا، منها دراسة الدكتور والخبير المغربي ‘لحسن مادي’في علوم التربية وفي قضايا التربية والتكوين، الموسومة ب:’التربية على القيم الإنسانية وسبل بنائها’، باعتبارها اختيارا تفرضه التغيرات السريعة، وغير المتحكم فيها أحيانا، التي يتميز بها عالم اليوم، ومختلف التغيرات والتحولات بإيجابياتها وسلبياتها، والتي لها تأثير إيجابي أو سلبي على الحياة بصفة عامة، وعن أي نوع من القيم التي يمكن أن تسود في المستقبل وما السبل الممكن اعتمادها في بنائها وترسيخها، ذلك أن المؤسسة التعليمية بما تقوم به من تربية تسهم بشكل كبير في التنشئة الاجتماعية، وقد اعتمدت الدراسة على تقديم معطيات عامة عن القيم في الجانب النظري، أما في الجانب الميداني تم التطرق إلى اقتراح مجموعة من الطرق والأنشطة الملائمة لبناء الوضعيات الديداكتيكية وتخطيط الجذاذات تمكن المدرس من بناء القيم، وقد تم توظيف الاستمارة تم توزيعها على 500 عينة من المبحوثين، تم التوصل بما مجموعه 320 استمارة بالاعتماد على تصنيف ألبورتAllport للقيم ذات الفئات الستة، وتم معالجة المعطيات ببرنامج التحليل الإحصائية SPSS ، واعتماد مقاربة منهجية في تقديم وضعيات ديداكتيكية تمكن المدرس من بناء القيم، كما قدم الدكتور مادي نماذج وتجارب دولية في بناء القيم، وخلصت الدراسة إلى أن القيم لا تلقن في العملية التعليمية وإنما تبنى من خلال ممارسة صفية تراعي التمفصل بين أبعادها وتستثمر على شكل مواقف وسلوكات في الحياة العامة(مادي،2020، ص.190)ـ
وكذلكدراسة الدكتور ‘محمد الشهب‘ الموسومة ب: “المدرسة وإشكالية تحديث المجتمع المغربي، في الخطاب القيمي المدرسي”، حول إشكالية المضامين القيمية الصريحة والضمنية لمكوني: “القراءة” و”النصوص”، والنمط الثقافي الذي تكرسه من حيث كونه ذي مرجعية ثقافية تقليدية أوحداثية أومركبة، إضافة إلى الخلفيات والمرجعيات التي تؤطرها، ناهيك عن طبيعة النموذج الثقافي التنشئوي الذي تتبناه و تمرره للمتعلمين ـ اعتمدت الدراسة على أداة تحليل المضمون مطبقة على عينة تتكون من خمس كتب مدرسية من المستوى الخامس إلى المستوى التاسع من التعليم الأساسي، وخلصت إلى النتائج الآتية:
- تقوم الثقافة المدرسية الرسمية كما يقدمها مكونا: “القراءة” و”النصوص” وفق منطق فكري وتنشئوي على عرض قيم حداثية ومعارضتها في نفس الآن بقيم تقليدية مناقضة، بغية تأطيرها وإفراغها من محتواها الحداثي ـ
- تشتغل عملية التنشئة الاجتماعية المدرسية الرسمية وفق منطق توفيقي، يستعمل ككوابح مضادة لأي تغيير، ويراهن على تحجيم وتقييد أي توجه حداثي للثقافة المدرسية الرسمية، وعلى قولبة المتعلم(ة) في نموذج ثقافي وتنشئوي تقليدي ذي نزعة محافظة(الشهب،2017)ـ
- المفاهيم الأساسية للدراسة
- الممارسة الصفية
تمثل الممارسة حسب Altet التصرف الفردي لشخص في مجموعة ما، وفق معايير معترف بها من طرف هيئة مهنية (هيئة التدريس). يقصد بالتصرف الفردي لشخص ما، طريقته الخاصة عند القيام بنشاط تعليمي، يتجلى ذلك عبر ممارسة في شكل أفعال وسلوكات وطرق معترف بها، وكذا الخيارات والاستراتيجيات والقرارات، والغايات، والسيرورات المتبناة(Altet,1994.p86).
7.1 أبعاد الممارسة الصفية
تتداخل أبعاد الممارسة الصفية، حيث تشكل مجموعة من العناصر المتداخلة والمركبة، الشيء الذي يقتضي من المدرس(ة) استحضار المعارف النظرية والإجرائية ذات الصلة بالحقول المعرفية التربوية.
يتجلى في اختيار وتنظيم الطرق الديداكتيكية والاستراتيجيات والأساليب من قبل كل مدرس(ة)، فضلا عن كيفية التعامل مع محتويات الدرس في أثناء التدبير؛ فالمدرس(ة) يخطط للتعلمات بتصنيف وترتيب المحتويات وآليات تمريرها واستثمارها من أجل تحقيق الأهداف من التعلم، مرتكزا على القواعد الديداكتيكية ( التحليل والمعالجة الديداكتيكية، التعاقد الديداكتيكي، القواعد الديداكتيكية…).
ب. البعد البيداغوجي
يرتبط البعد البيداغوجي للممارسة الصفية، بالمهارات والحركات المهنية للمدرس(ة) في أثناء فعل التدريس، حيث يتم تنظيم الأنشطة والتفاعلات الصفية لحث كل متعلم(ة) على اكتساب التعلمات وتطوير قدراته، ومهارته من خلال ضبط مستمر للمهمة داخل الفصل الدراسي وتنظيمه وتدبيره الجيد ليتحقق التلاؤم بين أهداف التعلم ودينامية الفصل الدراسي. إن الممارسة الصفية في بعدها البيداغوجي، مجموع السلوكات التي يعتمدها المدرس(ة) والمستعملة في أثناء ممارسة الفعل التدريسي، والتي تضع بالحسبان كافة المتغيرات الممكن حصولها لتدبير السيرورة التفاعلية تعليم – تعلم تحت تأثير وضعية وسياق معينين، حيث يتجلى هذا البعد في أشكال تنظيم الأنشطة والتفاعلات الأفقية والعمودية(الأنصاري،2017 ، ص. 32).
البعد العلائقي
تتمثل الممارسة الصفية للمدرس(ة) في بعدها العلائقي، في كيفية التواصل والتفاعل وتدبير التفاعلات وبلورة العلاقات وتهييء مناخ سليم للتعلمات، بين المدرس(ة) والمتعلمين من جهة، والمتعلمين فيما بينهم من جهة أخرى، إذ تربطهم علاقات ذات طابع إنساني وسيكونفسي واجتماعي… يكتسي دور المدرس(ة) طابع الأهمية في إرساء السلوكات الإيجابية في هاته العلاقة. كل توتر في بناء هاته العلاقات سيكون له انعكاسات سلبية تتمظهر في نزاعات ومجابهات داخل الفصل الدراسي.
إن سياق الممارسة الصفية في بعدها الشخصي تتمثل في متغيرات متصلة بشخصية المدرس(ة)، وبمواقفه البيداغوجية التي تؤثر على تمثلانه وعلاقته بالمعرفة، وتصوراته بخصوص تمثلات المتعلمين وإدراكهم واتجاهاتهم في سياق ممارسة ديداكتيكية لفعل التدريس، ودرجة تفاعل المدرس(ة) مع المتعلمين وفيما بينهم.
7.2 التربية على القيم
إن مفهوم “التربية على القيم” الذي يمكن تجزيئه إلى مفهومين أساسيين: التربية والقيم. يبدو للوهلة الأولى أن هذين المفهومين متباعدان ومستقلان، إلا أنهما في حقيقة الأمر مترابطان ومتداخلان(ربيع، 2005، ص. 241)، لا يمكن فصلهما إطلاقا بسبب العلاقة الجدلية بينهما؛ فلا تربية دون قيم، والعكس صحيح أيضا، إنهما ــــ انطلاقا من هذا الفهم ــــ وجهان لعملة واحدة لا يتواجد أحدهما بمعزل عن الآخر، بل هما مكملان لبعضهما؛ فلا يمكن الاستغناء أو الاقتصار على مفهوم دون الآخر، كما أكد Olivier Reboul‘ أنه لا وجود للتربية بغير قيم. يشكل هذا الارتباط والتكامل بين المفهومين علاقة ديناميكية متداخلة، عبر عنها Jean Piaget بقوله أن التربية هي العامل الحاسم ليس فقط من أجل إعادة البناء، بل من أجل بناء العقل والوظائف الفكرية، أو بناء وعي أخلاقي … وتنمية الشخصية الإنسانية وترسيخ حقوق الإنسان والحريات الأساسية… وإعطاء الأولوية لقيم التفاهم والتسامح والصداقة بين الأمم وكل الجماعات العرقية والدينية من أجل حفظ السلام (Reboul, 1992, p 12).
يتبين لنا أن العلاقة بين القيم والتربية علاقة عضوية، تُنْسَج في تكامل وانسجام تامين. لتحديد هذه العلاقة، سنبين المبادئ الأساسية التي تقوم عليها التربية بصفتها عملية قيمية، يقصد منها تقويم سلوك الإنسان(خياط،1996، ص.403).
لقد تعددت تعريفات مفهوم ” القيم” تبعا للحقول المعرفية التي تشتغل عليها، وجذورها وامتداداتها الفلسفية والاجتماعية والنفسية. عرف معجم علوم التربية القيم بكونها” مجموع معتقدات واختيارات وأفكار تمثل أسلوب تصرف الشخص ومواقفه وآراءه، وتحدد مدى ارتباطه بجماعته”. ويعرفها البعض بكونها” مجموعة من القوانين و والمثل العليا التي توجه الإنسان سواء في علاقته بالعالم المادي أو الاجتماعي أو السماوي(عفيفي ،1985، ص.286).
وتعرف القيمة بكونها خاصية إن وجدت في الشيء جعلته مرغوبا فيه، أوغير مرغوب فيه، كالخير والشر،والفضيلة والرذيلة، والعدل والجور، والجمال والقبح، والصدق والكذب، وهذه الثنائيات تندرج ضمن أنواع كبرى من القيم:
- القيم السياسية: المواطنة والديمقراطية.
- القيم المنطقية: الصحيح والخطأ.
- القيم الاقتصادية: السعر وفائض القيمة.
- القيم الجمالية: الجميل والعظيم.
- القيم الأخلاقية: الواجب والإيثار.
تتداخل في مفهومالقيم مفاهيم كثيرة
وعلوم ومعارف يصعب صرها كالدين والفلسفة والتربية والسيكولوجية والسوسيولوجية والاقتصاد والإدارة واللغة … أشار لذلك الباحث محمد بلهادي بالقول:
“يتسم هذ االمفهوم بتعدد الدلالات والاستعمالات وباختلاف الأهداف المرجعية، وذلك بحسب تعدد زوايا النظر إليه وبحسب اختلاف المذاهب الفكرية والتيارات الثقافية والتوجهات الدينية مم يجعله موضوع تعارض وصراع دائمين (الهادي ،2012، ص.53-60).
7.3 الكتاب المدرسي
الكتاب المدرسي أداة تعليمية ديداكتيكية تتخذ شكل كتاب مطبوع يشمل أنشطة تعليمية محددة، تبرمج بكيفية مضبوطة وفق شروط بيداغوجية لتسهيل عملية التعلم، تنتقيها وتصوغها السلطة التربوية الرسمية، ويعتبر إلى جانب ذلك مرجعا رئيسيا للعملية التعليمية لكل من المدرس والمتعلم على السواء، ولتحقيق ذلك تتم صياغته وتقديم مكوناته وعناصره ومضامينه في شكل نظام ممنهج ومبسط للتعلم، مكون من موضوعات وأنشطة تربوية مترابطة فيما بينها ذات صلة وثيقة ببرنامج-أو ببرنامج دراسي معين متصل بتحقيق أهداف محددة يأتي على رأسها تسهيل عملية التعلم وتعزيز وتقوية حظوظ المتعلمين في الارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم المعرفية واللغوية والوجدانية والجمالية والفكرية إلى جانب توسيع مداركهم وإغناء معلوماتهم وتعديل اتجاهاتهم وقيمهم(الشهب ،2019، ص.19-20).
7.4 التنمية المستدامة
استخدام مصطلح التنمية المستدامة كثيرا في الأدب التنموي المعاصر وتعتبر الاستدامة نمط تنموي يمتاز بالعقلانية والرشد، وتتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترمي للنمو من جهة، وإجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى، وقد أصبح العالم اليوم على قناعة بأن التنمية المستدامة هي السبيل الوحيد لضمان الحصول على مقومات الحياة في الحاضر والمستقبل، وطريق التقدم للمجتمعات، وتأمين حاجات الأفراد.
استخدمنا في دراستنا المنهج الوصفي التحليلي والمسحي لتحقيق أهدافنا ، وهذا
المنهج يعبر عن الظاهرة المراد دراستها كما توج دفي الواقع، ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ويعبر عنها تعبيرا كميا وكيفيا،أما مجتمع الدراسة الكتاب المدرسي لمادة:. ‘اللغة العربية’ لمستوى السنة الثانية بكالوريا مسلك الآداب والعلوم الإنسانية بجهة بني ملال خنيفرة بالمديرية الفقيه بن صالح ، وتم اختيار مكون: ‘النصوص’ كعينة لتحليل مضمون القيم في الكتاب المدرسي: في(‘رحاب’ اللغة العربية).
في سبيلِ تحقيق أهداف الدراسة، تكونت الأداة من شبكة تحليل المضمون (تحليل القيم)وتم إعداد شبكة تحليل المضمون إعداد أداة شبكة تحليل المضمون وصياغتها، بعد القراءة التجريبية للنصوص، والاستئناس بالدراسات السابقة، وبناء على الفئات السبعة للقيم كما تم تحديدها باستلهام مقياس سبرانجرSpranger، أما بروتوكول الجرد من خلالالقراءة المتأنية و الدقيقة للكتاب المدرسي للسنة الثانية بكالوريا من التعليم الثانوي التأهيلي، مكون النصوص لتحديد الفقرات، والمقاطع، والأبيات الشعرية، والصور، التي تتضمن القيم، والمرجعيات القيمية التي تحيل عليها، انطلاقا من العنوان، وحدة المعنى أو الفكرة أو الجملة التي تحيل عليها، لتحديد نوع القيمة بناء على مضمونها وسياقها ومرجعياتها الثقافية والاجتماعية والسياسية القيمية ـ لتحديد ترتيب القيم والمؤشرات الدالة على القيم في الكتاب مدرسي، وبحسب نوع القيم التي تشير لها لمعرفة القيم المبثوثة سواء كانت بشكل صريح أم ضمني حسب التصنيف الذي اعتمدناه ، وتحديد آلية جمع المعطيات، وإحصاء التكرارات والنسب المئوية، للتوصل إلى نتائج ومعالجتها إحصائيا،
- عرض نتائج تحليل مضمون كتاب: في ‘رحاب’ اللغة العربية
عند تحليل مضمون الكتاب المدرسي: في ‘رحاب’ اللغة العربية، ارتأينا تحليل المجزوءات المختارة لمعرفة القيم في مضامينها، وتم البدء بتحليل المجزوءة الأولى – فصل سؤال الذات، وكانت النتيجة المحصل عليها كما في الجدول الآتي:
يتضمن مكون النصوص الأدبية من خلال المجزوءة الأولى فصل إحياء النموذج نسبة أكبر من القيم الاجتماعية بـنسبة 36.96%، والقيم الدينية بنسبة مئوية تشكل 28.26%، والقيم الجمالية بنسبة 17.39%، تليها القيم السياسية بـنسبة 10.87%، ثم القيم البيئية بنسبة 6.52%، أما القيم الاقتصادية منعدمة في المجزوءة، هذه النسب المئوية المتباينة تعكس غياب التناسق والانسجام في طبيعة القيم في مكون: ‘النصوص’ بالمجزوءة. وتمثلت طبيعة تلك القيم في أن القيم الاجتماعية كانت تعبر: عن (الحب، الحلم، الإخاء، الاعتزاز بالنفس، المواساة، العلم، الصداقة)، والقيم الدينية: (التسامح، الإخلاص، التبصر، الإخاء، الوفاء، الشكر)، والقيم السياسية: (حب الوطن، المسؤولية، التحمل)، والقيم الجمالية: (التذوق، التقبل، التذوق)، والقيم البيئية: (دمع جرى، بالأفق لمعة برق، تصفو الليالي).
وعند تحليل مضمون المجزوءة الأولى – فصل سؤال الذات من كتاب في’ رحاب’ اللغة العربية كانت النتيجة المحصل عليها كما في الجدول الآتي:
في مكون: ‘النصوص’ المجزوءة الأولى، فصل سؤال الذات نجد القيم البيئية تمثل أعلى نسبة 53.85%، ثم القيم الجمالية بنسبة 46.15%، بينما لم تتضمن أي من القيم الاجتماعية، و القيم الدينية و القيم السياسية، والقيم الاقتصادية، ويمكن توضيح القيم الجمالية: (التعبير، التفاؤل، التشاؤم، قيم مرتبطة بالذات والوجدان، التأمل للتخلص من الرتابة، الإحساس، نبد التوتر)، والقيم البيئية: (مضى الليل ومازلت غارقا في شجونك، قاصف الرعد بالليل، بقايا النيران في الموقد، يعلو الدجى، والتمس في الفراش دفئا، على الساحل، هناك على الساحل الأخضر/ وقفت خشوعا أناجي الرمال، على الشاطئ المقفر، موج كثيف الظلال، حملقت في البحر، هدأة الليل والليل داج، أهذا من الأمس ذكرى الربيع، كأن على الصخر حصن حصين، نسيت من الشاطئ المرفأ / ولم يذكر الموج حمر الدموع).
أما بالنسبة لتحليل مضمون المجزوءة الثانية – تكسير البنية من كتاب: في ‘رحاب’ اللغة العربية فكانت النتيجة المحصل عليها كما في الجدول الآتي:
يتضمن مكون: ‘النصوص’ فصل تكسير البنية النسبة الأكبر للقيم البيئية بنسبة (46.15%)، تليها القيم الجمالية بنسبة (28.21%)، ثم القيم الدينية بنسبة (10.26%)، فيما تتساوى فيها القيم السياسية والاجتماعية بنسبة (7.69%) لكل واحدة منهما، بينما لا تتناول في مكون: ‘النصوص’ أي من القيم الاقتصادية، مما يعكس طبيعة النصوص الواردة في المجزوءة، وهي قضايا الشعر من خلال نص حركة الشعر الحر تم نص في الليل، وكلك النص الإبداعي طيف، وتمثلت القيم الاجتماعية: (العطف والود، مساعدة الآخرين في حل المشاكل، الصبر)، والقيم الدينية: (الوفاء، القدرة على تحمل الصعاب، قيم التكافل، الرحمة)، والقيم السياسية: (عصر يبحث عن الحرية، مشكلات العصر، يحطم القيود)، والقيم الجمالية: (الإبداع، التذوق الشعري أو الدفقة الشعورية، التعبير عن المواقف لدى الشاعر، بنية موسيقية إيقاعية دلالية، حركة داخلية لانفعالات الشاعر، يجنح للنفور، الإدراك والإحساس بالمشاعر، التدفق الوجداني للشاعر، التوازن بين التوتر والهدوء، نسمة العطر، يا طيف سعد عابر)، و تمثلت القيم البيئية: (ينزع الفرد إلى البناء والإنشاء، طبيعة هندسية، تنتصب شامخة و تبني جدارا مثينا، في الليل، رب طريق، كمفزع بستان سود، في الليل الكآبي، الماء ستنهله نهلا، صدر الأرض، الفضاء الواسع، بيضاء في ثوب السلام، صورا جميلة، اللحن المغرد في الفضاء، فالصباح أطل، والزهر انتشى، بركة فضية الشطآن، يا نغمة غجرية حنت لعودتها الهضاب، يا نسمة عطرية متوثبة، حتى اختفيت وراء دنيا من ضباب).
أما بالنسبة لتحليل مضمون المجزوءة الثانية – تجديد الرؤيا من كتاب: في ‘رحاب’ اللغة العربية فكانت النتيجة المحصل عليها كما في الجدول الآتي:
تبرز في كل من مكون: ‘النصوص’ فصل تجديد الرؤيا القيم البيئية بنسبة (52.78%)، والقيم الجمالية بنسبة مئوية بلغت (47.22%)، فيما لا يتحدث عن أي من القيم الدينية، الاجتماعية السياسية، والاقتصادية بنسبة منعدمة ب (% 0)، مما يوضح بشكل جلي أن القضايا التي تطرحها المجزوءة الثانية، تكسير البنية وتجديد الرؤية ذات أبعاد جمالية إبداعية وبيئية في النصوص الشعرية. وقد تمثلت تلك القيم الجمالية في:(الرؤيا الشعرية، سمات الشاعر الأصيل والمبدع، الإحساس والتذوق الشعري، مجموعة من المشاعر والتداعيات الملائمة، مشكلات كيانية يعانيها الشاعر، هيكل القصيدة واقعية جمالية، التعبير والإحساس، الصور الشعرية، الخيال، العاطفة، الإبداع، التأثير في المتلقي، الصورة الشعرية التي رسمها الشاعر، إيحاء، أحاسيس، الإبداع، أبعاد فنية جمالية)،القيم البيئية في: (يتغير لون الشجر، في بحر هدأته، متسع لمرور الرياح، تتقاطع في خضرة السهل، ينفذ الضوء في ورق الشجرات، ويتصل البحر بالليل، ينقص وجه القمر، لفحة من بياض الطلاء، مرتجفا في مياه النهر، أفي الليل أم النهار، مثل نافورة سكتت، الريح والضباب، مات البحر بانت عورة الأشياء، اختلف الناس وإن الأرض مثل الأرض، تحمل من ترابها رمادا، حامية أشعة الشمس علي، فوق رأسي، شعاب الرمل، هذي تلال الملح تنمو، لا جديد تحت الشمس).
وعند تحليل مضمون المجزوءة الثالثة – أشكال نثرية حديثة – القصة من كتاب: في ‘رحاب’ اللغة العربية فكانت النتيجة المحصل عليها كما في الجدول الآتي:
يتضمن مكون: ‘النصوص’ من خلال المجزوءة الثالثة، فصل القصة نسبة أكبر من القيم البيئية بنسبة (38.10%)، تليها القيم الجمالية بنسبة (26.19%)، ثم القيم الدينية بنسبة (19.05%)، ثم القيم الاجتماعية بنسبة (16.67%)، بينما لا يتحدث عن أي من القيم السياسية والاقتصادية (0%)، من خلال النسب المئوية للقيم الواردة في النص تعكس طبيعة القيم، ومن خلال دلالة العنوان المتجلية في الفن القصصي والبحار المتقاعد والحديقة.
وتمثلت القيم الاجتماعية التي تضمنتها تلك القصص في القيم الاجتماعية :(اللعب والمرح (لعبة الطفل والطفلة)، التعلم، الصداقة، الحب والوفاء (بين الرجل والمرأة)، الإخلاص في العمل، إن البحر لا يؤتمن، الاحتضان، القساوة)، والقيم الدينية: (الحب وصلة الرحم (علاقة الحفيد بالجد)، الاهتمام (علاقة الحفيد بالجد)، الاحترام (علاقة الأب بالجد)، العطف، الذكاء العاطفي، السماحة)، والقيم الجمالية: (تقدم رسالة اجتماعية، ضبط الخطوات السردية للقصة، إبراز أبعاد الشخصيات ورمزية الأحداث، تمرير مجموعة من القيم ذات الحس المشترك، مميزات الأجناس الأدبية، أثر وانطباع فن القصة، القصة تعبر عن تجربة إنسانية، رسم الشخصية واستبطانها، وصف الجو أو الموقف التعبيري، التطلع إلى الأفق البعيد، الحاجة إلى راحة البال)، والقيم البيئية (شاطئ البحر، مياه الأمواج تنعشهما، يأخذ حفيده كل مساء إلى شاطئ البحر، تغيب الشمس، ليتأخرا عن موعدهما مع البحر، غابت آخر أشعة الشمس، ألا يعجبك البحر..؟، يعجبني لو أني اقتربت من مياهه، أخذت ألعب بجوارها في الرمل، منشغل بالبحر، ينتظر شيئا ما من البحر، نراقبها حتى بعد أن تغرب الشمس، ينتظر وصول سفينة إلى شاطئنا، لكن السفن لا ترسو بشاطئنا،التنزه والتخفيف عن النفس بالحديقة، التجول أمام البحيرة وبين الأزهار).
كما تم تحليل مضمون المجزوءة الثالثة – أشكال نثرية حديثة – فن المسرح من كتاب: في ‘رحاب’ اللغة العربية كانت النتيجة في الجدول الاتي:
يتناول مكون: ‘النصوص’ في المجزوءة الثالثة فصل فن المسرح القيم الجمالية بنسبة مئوية كبيرة ب(46.15%)، ثم القيم الاجتماعية بنسبة (30.77%)، ثم القيم الدينية بنسبة (23.08%)، بينما لا يتضمن أي من القيم السياسية والاقتصادية والبيئية، مما يوضح بناء النصوص المسرحية بقيم متباينة ذات حمولة قيمية جمالية، لخلق التشويق والإثارة وقيم اجتماعية ودينية تعكس الواقع المعيشي بشكل صريح وواضح.وقد تمثلت القيم الاجتماعية في: (قيمة الاعتراف بالآخر، قيمة رد الاعتبار والجميل، قيمة التعاون، قيمة الحوار)، والقيم الدينية في: (إنزال الإنسان مكانته، الحب، الإيثار)، القيم الجمالية (الإبداع الفني، تفاعل الأحداث والشخصيات، الحوار والتواصل بين الشخصيات، القيمة الأدبية للمسرح، سرد وتسلسل الأحداث، التعبير عن المعاناة والمواقف الخاصة بالأحداث).
وعند تحليل مضمون المجزوءة الرابعة – مناهج نقدية من كتاب: في ‘رحاب’ اللغة العربية فكانت النتيجة المحصل عليها كما في الجدول الآتي:
المجزوءة الرابعة مناهج نقدية تتضمن النصوص الأدبية المدرجة نسبة أكبر من القيم الجمالية بـ (62.86%)، فيما تتحدث فيها عن القيم الاجتماعية بنسبة مئوية تمثلت في (22.86%)، ثم القيم البيئية بنسبة (8.57%)، وأخيرا القيم الاقتصادية بنسبة (5.71%)، بينما لم تدرج فيها أي من القيم الدينية والسياسية (% 0)، مما يبين طبيعة النصوص المدرجة في ثنايا الكتاب المدرسي التي تختزلها النصوص عبر الدلالات والمواقف المختلفة، التي تقدمها النصوص والتي غالبا ما تستحضر القيم بشكل ضمني، وتمثلت القيم الاجتماعية في: (التأثير في الاتجاهات، التماسك، الإصلاح الضبط الاجتماعي، التعبير عن الظاهرة المجتمعية بالأدب، التأثير والتأثر، التوتر، التماسك، إصدار الأحكام)، والقيم الجمالية في: (الوصف والإبداع، ميزة وخاصية المنهج الاجتماعي في رصد الظواهر المجتمعية، الإحساس بالجمال، النقد والتحليل، تحليل شبكة القيم والممارسات في بعدها الاجتماعي، التأثير والتأثر بين الواقع الاجتماعي والأديب، أثر الأدب في القيم الاجتماعية، أهمية الأدب في ترسيخ منظومة قيمية متعددة، بنية الشكل الأدبي، المقارنة، التمييز في الشكل والمضمون، التذكر ورصد الهفوات، الانسجام، الإيحاءات التعبيرية، التركيب في المعاني، التنظيم والإبداع، البنية الحجاجية والإيقاعية، التماسك والانسجام في نسق النص، التصورات الثنائية لنسق النص، بنية النسق في التقابل والثنائية ضدية، التوتر في الثنائية الضدية، الإحساس والانفعال، تأثير وتأثر المتلقي بنسق النص)، والقيم الاقتصادية في: (التجارة مضمار الغنى، الصناعة وجه عنانه)، والقيم البيئية: (الزراعة في جنان تحتكم، خمائل الفردوس، غرسا داني الثمرات، وظيفة هندسية تنظيمية).
مما سبق تم استخلاص التكرارات والنسب المئوية للقيم المتضمنة في المجزوءات الأربع من الكتاب المدرسي: في ‘رحاب’ اللغة العربية، وكانت النتيجة كما في الشكل الآتي:
إن محتويات النصوص المدرجة بالكتاب المدرسي في: ‘رحاب اللغة العربية’، يأتي تتويجا للمرحلة الثانوية التأهيلية واستكمالا لما رسمه الميثاق الوطني للتربية التكوين، من كفايات وأهداف وتوجيهات لتحسين جودة التعليم، من خلال مكون: ‘النصوص’ الذي يتضمن أربعة مجزوءات. يقدم نصوصا نظرية توضح منطلقات النصوص الإبداعية والنقدية في مرجعياتها الفكرية والمنهجية، وتكشف عن نسقها المعرفي والجمالي،منسجمة مع التوجيهات التربوية والقيم الواردة، هي قيم كفائية ذات أبعاد قيمية لتعزيز قيم الثقة بالنفس، وقيم احترام رأي الآخر، وتعزيز الانتماء الوطني والتشبث بالهوية الثقافية والحضارية والانفتاح على القيم الإنسانية، وتكوين الحس النقدي، وترسيخ القيم الإنسانية والروحية والمثل العليا التي تعبر عنها محتويات النصوص الأدبية.من خلال عرض وتفسير نتائج دراستناللإجابة عن السؤال الاشكالي والذي انبثقت عنه فرضيتنا، وجدنا، بأن القيم المتضمنة في المنهاج الدراسي والكتب المدرسية بشكل عام كانت متنوعة،بالنظر للدور الذي يحتله الكتاب المدرسي في العملية التعليمية التعلمية، علاوة على الوظائف التي يضطلع بها سواء بالنسبة للمتعلم(ة) أو المدرس(ة) أو الأسرة، وفي ظل علاقته التفاعلية الممتدة ومتعددةالأبعاد في خضم ما يعكسه من قيم وتوجهات وأهداف وغايات النظام التعليمي، فإنه يشكل في الأدبيات التربوية وبالنسبة للباحثين والمتخصصين موضوعا أساسيا للبحث والدراسة من جوانب وزوايا متعددة، ذلك أن “دراسته وتحليل مضامينه يشكل دراسة وتحليل وتقويم للمنظومة التربوية بنظامنا التعليمي المغربي بشكل عام، إن الكتاب المدرسي في نهاية المطاف أداة لتنزيل البرامج والتوجيهات الرسمية بالمملكة المغربية، ومن ورائها الأهداف العامة والمقاصد الكبرى للنظام التربوي.المغربي غالبا ما ترد معالجة المنهاج الدراسي والكتب المدرسية لموضوع القيم غير مقصودة أو بشكل ضمني، يفهم من خلال سياق النص، قلما تذكر صريحة وواضحة؛ مما يتطلب من المدرس(ة) الوعي بها سواء في أبعادها النظرية أو التطبيقية، وكيفية استخلاصها من المحتوى التعليمي واستحضارها خلال تخطيطه لمكون: “النصوص” التي تتخذ طابعا قيميا مستلهِما الأبعاد الاجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي المحافِظة على وحدته الوطنية وتماسكه الاجتماعي، مما ينعكس على شعور المتعلم(ة) بالولاء والإخلاص والتمسك بالحرية والمثل العليا وترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان وترسيخ قيمة الانتماء، مقابل الشعور بالاغتراب وغيرها من القيم السياسية الوطنية المنعكسة ضمن محتويات النصوص الشعرية أو النثرية.بما في ذلك التربية على القيم، وعلى ممارستها في الأنشطة الصفية والموازية بالمؤسسة التعليمية، إضافة إلى جعلها دعامة لبناء المشروع المجتمعي.
نستخلص مما سبق أن المدرسة المغربية، تعمل من خلال المقررات والبرامج الدراسية على تدعيم القيم وترسيخها بشكل يكفل استيعابه من طرف المتعلم(ة)، فضلا عن تذوقه جمالية النصوص الشعرية والنثرية الإبداعية الهادفة التي تنمي حسه الإبداعي وتهذب ذوقه من جهة، وتبني تمثله لثقافة المجتمع وبيئته الجغرافية وقيمها وعاداتها والموروث الثقافي من جهة أخرى.ولا يمكن أن يتحقق هذا المبتغى دون التركيز على مهنية الأطر التربوية للرفع من أدائهم الوظيفي داخل وخارج الفصول الدراسية من خلال ممارسة مهنية تراعي التكامل والانسجام بين كل من البعد الديداكتيكي والبيداغوجي والعلائقي، ونهج مقاربة تكاملية تشاركية وجعلها رافعة ودعامة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة.
وكتوصيات ومقترحات علمية ضرورة معالجة إشكالية القيم في النظام التربوي المغربي في ظل التحولات الطارئة على المستوى الوطني والعالمي، لاسيما التعليم عن بعد الذي فرضه سياق جائحة فيروس كورونا المستجد وأثرها على المنظومة التربوية، من نمط تعلمي عن بعد وآخر حضوري أو بالتناوب، لتعميق الرؤية في مختلف أبعادها قصد تكييف وملائمة المناهج والبرامج الدراسية الرقمية مع المستجدات الوبائية ، وكدا التحولات المناخية الي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة وأثرها على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وامتداداتها على شتى المجالات، مما يستدعيبناء اقتصاد عالمي أكثر استدامة على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس…لرفاهية البشرية وازدهارها في الحاضر والمستقبل.
المراجع
- الأنصاري، خالد (2017) الديداكتيك والمقاربة بالكفايات المفاهيم والمرجعيات، ط1، مطبعة آنفو برانت، الرباط.
- بالهادي، محمد (2012) إشكاليةالقيمفيالمنظومةالتربوية، مجلةعلومالتربية،ع5،ص 53 -60.
- ربيع، مبارك (2005) التربية والتحديث، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط.
- الشهب، محمد (2019) المدرسة وإشكالية تحديث المجتمع المغربي، دراسة في الخطاب القيمي المدرسي، منشورات فكر، ط1، الرباطـ
- عفيفي، الهادي محمد (1985) في اصول التربية الاصول الفلسفية للتربية، مكتبة الأنجلو مصرية.
- مادي، لحسن (2020) التربية على القيم الإنسانية وسبل بنائها، ط1، دار السلام للنشر، الرباط.
- المملكة المغربية (2000) الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مكتب الإعلام المغربي، الرباط، المغرب، المادة 71.
- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي (2007) كتاب التلميذ طبعة 2007، في رحاب اللغة العربية مسلك الآداب والعلوم الإنسانية. المملكة المغربية.
- المملكة المغربية (2015) الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية (2015-2030)، المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
- Altet, M. (1994). La formation professionnelle des enseignants: analyse des pratiques et situations pédagogiques. Presses Universitaires de France-PUF.
- Piaget,J. (1988), ou’ va l’éducation? Gallimard, Paris, P.104-105.
- Reboul, O. (1992). Les valeurs de l’éducation, Presses Universitaires de France, Paris.
ملاحق دراستنا لشبكة تحليل مضمون الكتاب المدرسي
المنطقة | الكتاب | القيمة | وحدة التحليل | فئات التحليل | قواعد الترميز مع الأمثلة | مثال للقيم المستخرجة |
المديرية الإقليمية بني ملال-الفقيه بن صالح | في رحاب اللغة العربية – الرائد في اللغة العربية
واحة اللغة العربية – منار اللغة العربية |
سياسية | المجزوءة -النص | العنوان- الكلمة- الجملة- البيت الشعري- الصورة-لوحة فنية | عندما تكون القيمة متضمنة في المنهاج الدراسي أو الكتاب المدرسي ولها مدلول صريح أو ضمني يتعلق بالشأن السياسي: تعتبر قيمة سياسية، تعبر عن القوة والسيطرة والتحكم في الأشياء و الأفراد وسلبهم الإرادة والحرية ـ | 1. الديموقراطية
2. المواطنة 3. حقوق الإنسان |
اجتماعية | المجزوءة -النص | العنوان- الكلمة – الجملة-البيت الشعري- الصورة | عندما تكون القيمة متضمنة في المنهاج الدراسي أو الكتاب المدرسي ولها مدلول صريح أو ضمني يتعلق بالشأن الاجتماعي: تعتبر قيمة اجتماعية تعبر عن العلاقات الاجتماعية تتميز بالعطف والحنان ومساعدة الآخرين ـ | 1. الترابط
2. الصداقة 3. الإخاء |
||
دينية | المجزوءة -النص | العنوان- الكلمة – الجملة-البيت الشعري- الصورة | عندما تكون القيمة متضمنة في المنهاج الدراسي أو الكتاب المدرسي ولها مدلول صريح أو ضمني يتعلق بالشأن الديني: تعتبر قيمة دينية تعبر عن الجوانبالروحية، والمعاملات التي يدعو لها ديننا الحنيف من شعائر دينية وعبادات ومعاملات ـ | 1. التسامح
2. الإخاء 3. الموعظة |
||
جمالية | المجزوءة -النص | العنوان- الكلمة- الجملة- البيت الشعري- الصورة-لوحة فنية | عندما تكون القيمة متضمنة في المنهاج الدراسي أو الكتاب المدرسي ولها مدلول صريح أو ضمني يتعلق بالشأن الجمالي: تعتبر قيمة جمالية، تعبر عن الشكل والانسجام والإبداع و الإحساس الفني والجمالي ـ | 1. الإحساس
2. ما يجول بالخاطر 3. التذوق |