الدكتور: محمد براز
كلية: الآداب والعلوم الإنسانية فاس ـ سايس ـ المغرب
مكان العمل / وزارة التربية الوطنية ـ المغرب ـ
: berrazmohammed@gmail.com
00212681799160
الملخص
من المعلوم أن علم الفقه لم ينشأ دفعة واحدة، بل مرّ بفترات ومراحل كانت مليئة بالأحداث والوقائع الاجتماعية، جعلته ينمو ويتطور حتى اكتملت معالمه وكثرت مسائله، وتفرعت إلى فروع كثيرة أضحى من الصعب حصرها وضبط عددها، وهذا ما دفع بفقهاء الشريعة الإسلامية إلى وضع “قواعد فقهية كلية”، تجمع كل واحدة منها مجموعة متجانسة ومتشابهة من فروع ومسائل تستوعبها وتندرج فيها، وتلم شتاتها، وتربطها بالكليات والأصول، وكان من نتائج هذا العمل الجليل ظهور علم القواعد الفقهية، حيث ساهم هذا العلم في تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية على المكلفين بكل سهولة وفي وقت وجيز، كقاعدة “المشقة تجلب التيسير” وقاعدة “الضرر يُزال” وقاعدة : “الأمر كلما ضاق اتسع” وغيرها من القواعد التي تدل على أنه لا تكليف بما لا يطاق، وأن التيسير ورفع الحرج عن المكلفين مقصد أساسي من مقاصد الشريعة الإسلامية، فالقواعد الفقهية من أهم الإبداعات العلمية التي أنتجها الفقهاء، وهي كلمات معبرة عن الفكر الفقهي، صيغت بعبارات موجزة، وجرت مجرى الأمثال في شهرتها ودلالاتها في عالم الفقه والقانون، فكثير منها يعبر عن مبادئ حقوقية معتبرة ومقررة لدى القضاة في أحكامهم، وما دامت هناك وقائعُ وأحداث وتصرفات إنسانية متجددة، فإن القواعد الفقهية تبقى قائمة مستمرة لا تنقطع، إذ يحتاج القضاة والمفتون إلى معرفة أحكام الشريعة فيها، وقد تكون الحاجة إلى هذه القواعد في عصرنا أكثر ضرورة، لأن عجلة الحياة تسير بسرعة كبيرة، الأمر الذي أنتج كثيرًا من صور المعاملات والنظم الاجتماعية الجديدة التي يراد معرفة حكم الشارع فيها، ولا يمكن معرفة الحكم الشرعي في الوقائع المستحدثة إلا باستعمال الأصول والمرتكزات التي منها القواعد الفقهية.
الكلمات المفاتيح : القاعدة الفقهية – المقاصد:– المصالح: – المفاسد – (التنزيل – (التيسير: – الأحكام الفقهية.
Jurisprudence rules and their importance in facilitating the actioning of Islamic Sharia provisions
Dr: Mohammed Berraz
Faculty of Letters and Human Sciences – Fez-Sais-Morocco
Abstract:
It is known that jurisprudence science has not come to land at once, but it passed through periods and stages that were full of events and social facts which made it develop until its features were completed and its issues were inter-sectioned into unlimited particularities. The matter put Islamic jurisprudents to the task of developing “comprehensive jurisprudential rules” that Each jurisprudence base brings together a homogeneous and similar group of branches and issues that it absorbs and falls into, gathers its diaspora, and links them to roots and fundamentals. This seminal work was at the root of the coming of the science of jurisprudential rules, this science has yet contributed to facilitating the provisions of Islamic Sharia in a short time. Then, The rule of “hardship brings prosperity”, “harm is removed”, and the rule saying: “ the harder the crisis is the faster it fades ” and other rules that indicate that there is no obligation to what is intolerable and that releasing the hardship for adults is one of the principal purposes of Islamic Sharia. Fiqh acts are among the most important scientific innovations made by jurists. They are words translating jurisprudential thinking, concisely written, and they were taken connotatively as an example in the fish stream and law. Many jurisprudential acts express legal principles that are considered and confirmed by judges in their verdicts, and as long as there are up-to-minute facts, events and human behaviour; The acts of jurisprudence continue uninterruptedly then judges and Muftis need to know the provisions of Sharia in those happenings. So, the need for these rules may be more necessary in our time because the wheel of life is moving so fast. This matter has resulted in many forms of actions and new social systems in which it is intended to know the rule of the legislator, and it is not possible to know the legal ruling in the newly created facts except by using the principles and foundations that include the jurisprudential rules.
Keywords: jurisprudence rule – Aims and goals – interests -spoilers) – to action – facilitation – jurisprudence actions.
مقدمة البحث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، الذي جعل شرعه الحكيم منوطا بعلل ومقاصد تدرك بها أسرار الأحكام، وعن طريقها تحل مغاليق الأفهام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة وهدى للعالمين.
وبعـد، فإن الأحكام الشرعية في الغالب الأعم مرتبطة بعلل ومقاصد وأهداف معلومة، تحتاج إلى من يبحث عنها، لكشفها وتمثلها وفهم أسرارها، ومعرفة شرع الله في نوازل عصرها، ولا يتيسر ذلك إلا بتنزيلها على أدلتها الإجمالية، وقواعدها الفقهية، من خلال جمع الجزئيات في قواعد كلية تمكننا من الإحاطة بها، والانتقال من مستوى الفهم النظري، إلى مستوى التمثل والتنزيل العملي، ذلك أن مدار الأحكام الشرعية على ما تحققه من مصالح وما تدفعه من مفاسد، سواء في العاجل أو الآجل.
والناظر في النوازل والوقائع المستجدة يلاحظ أن أغلبها لم يرد نص شرعي سواء من القرآن أو السنة في بيان حكمها، فلذا كان من الواجب على العلماء والفقهاء والياحثين في العلوم الشرعية، أن يبينوا الحُكم الشرعي لتلك المسائل المستحدثة بما يحقّق مصلحة الناس وفق ما يقتضيه الشرع الحكيم، وذلك بالنظر في القواعد الفقهية التي تنطبق عليها من خلال تركيزها على التيسير في تنزيل أحكامها الشرعية، فيرجع الفرع إلى أصله والجزئي إلى كليه.
1 ـ التعريف بموضوع البحث:
فإن من أهم العلوم التي ينبغي لطالب العلم الشرعي عامة ولطالب الفقه خاصة أن يعتني بها علم القواعد الفقهية، إذ يُعدّ هذا العلم من أسس الفقه الإسلامي، ولنا أن نقول: إن الفقيه لا يكون فقيها إلا إذا ألمّ بالقواعد الفقهية، لأنها تجمع شتات المسائل المتفرقة وتفرّق بين المتشابه منها، وتيسّر الطريق للمجتهدين في استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وتنزيلها على ما يندرج تحتها من المسائل الفقهية المعاصرة، وقد أشاد كثير من العلماء بأهميتها وعظيم فائدتها، حتى قال الإمام شهاب الدين القرافي: “وهذه القواعد مهمة في الفقه عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف (…) ومن جعل تخريج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات، لاندراجها في الكليات”. (القرافي، 1421هـ ـ 2001م، ج1 ص: 3)
فقد تطورت العلوم في العصر الحديث تطورا هائلا وكثرت الاكتشافات الحديثة، مما نتج عنه اختلاف في حياة البشرية وسلوكياتها، ونشأ عن ذلك مسائل ونوازل جديدة، وأصبح الإنسان الحريص على اتباع دين الله يريد أن يعرف أحكام الشرع في كل قضية أو نازلة ليكون على بصيرة من أمره، ومن هنا تأتي الحاجة ملحّة إلى علم القواعد الفقهية، إذ هو المعين الذي لا ينضب، والتعمق فيه يفتح المجال أمام الفقهاء لمعرفة حكم الشرع فيما يُستحدث من قضايا العصر بكل يسر وسهولة.
2 ـ مشكلة البحث:
فإن الناظر في أحوال المجتمعات الإسلامية المعاصرة، يلاحظ أن التطورات التي تحدث فيها كل يوم، والأقضية التي تستجد فيها باستمرار في حاجة إلى اجتهاد المجتهدين لتحقيق ما فيه منفعة ومصلحة وفق ما تقتضيه مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يكون ذلك بالوقوف على الفروع والجزئيات، وإنما يكون بالتوجه إلى كليات الشريعة وأصولها وقواعدها الفقهية، وهذا ليس بالأمر السهل والهيّن، بل يحتاج فيه الباحث إلى ملكة فقهية ورؤية مقاصدية تمكنه من إدراك أسرار التشريع وحكمه، وتشخيص واقع الناس ومعرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم، ليسهل عليه تنزيل أحكام الشرع على المستجدات والنوازل.
فموضوع القواعد الفقهية رغم أهميته وأصالته، فإن الوصول إلى أدق تفاصيله شاق والإحاطة به أشق، وذلك راجع لعدة أسباب منها: ندرة الدراسات التي اهتمت بالجانب التطبيقي الفقهي المقاصدي المتعلق بالقواعد الفقهية وعلاقتها بتيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية على وقائع الناس المتجددة والغير المتناهية، الأمر الذي دفعني لطرح عدة إشكالات:
فما المقصود بعلم القواعد الفقهية؟ وما حجيته؟ وما علاقته بمقاصد الشريعة الإسلامية المتمثلة في جلب المصالح ودرء المفاسد والمضار؟ وكيف يمكن الاستعانة بالقواعد الفقهية في تيسير تنزيل أحكام الشارع على وقائع العصر المتنوعة؟
3 ـ أهمية البحث:
إن علم القواعد الفقهية من أهم الاجتهادات الفكرية والعلمية التي وصل إليها أهل الاجتهاد والتقعيد، بحيث تتجلى أهمية هذا العلم في تنزيل أحكام الشرع على النوازل والوقائع المستجدة بكل يسر وسهولة، وبيان مقاصد الشريعة العظمى ومرونتها ومراعاتها لأحوال المكلفين، وهذا يتطلب فهما دقيقا لأحكامها وإدراكاً لمقاصدها بما يحقق مصالح العباد في الدنيا والآخرة.
4 ـ أهداف البحث:
من أهداف هذا البحث، إبراز أهمية القواعد الفقهية في تيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية، وكذا رغبتي الشخصية في الاستفادة أكثر من هذا العلم، واكتشاف أسرار الشريعة الغراء المتمثلة في رفع الحرج والمشقة عن العباد، ناهيك عن الرغبة الأكيدة للمشاركة في هذا الصرح العلمي الدولي، الموسوم: دراسات وقضايا معاصرة في العلوم الانسانية والاجتماعية.
وحاولت في هذا البحث أن أستحضر أهم تطبيقات القواعد الفقهية وأحكامها الشرعية، وبيان خاصية التيسير باعتبارها أهم خاصية من خصائص الشريعة الإسلامية، وكل ذلك وفقا لأصول شرعية وقواعد فقهية وضعها الفقهاء والعلماء، من هنا كان الاشتغال بالقواعد الفقهية جديرا بالاهتمام لغزارة فوائدها ولضرورتها في فهم الأحكام الشرعية.
5 ـ حدود البحث:
الاقتصار على خمسة نماذج للقواعد الفقهية وهي: قاعدة “يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام” وقاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” وقاعدة “المشقة تجلب التيسير” وقاعدة “الضرر يزال” وقاعدة “ارتكاب أخف الضررين“، وإبراز تطبيقاتها وبيان أهميتها في تيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية.
6 ـ الدراسات السابقة:
تعرّض الفقهاء في مصنفاتهم في القواعد الفقهية إلى تصنيف هذه القواعد في مصنفات الأشباه والنظائر، ككتاب الأشباه والنظائر لتاج الدين السبكي، وكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي، وكتاب الأشباه والنظائر في الفروع للسيوطي، والبعض الآخر اهتم بشرح هذه القواعد والتطبيق عليها، ككتاب شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب للمنجور، وكتاب غمز عيون البصائر للحموي، وكتاب شرح القواعد الفقهية للزرقا من المعاصرين …
هذا وقد تنوعت مسالك أغلب المصنفين في علم القواعد الفقهية، فمنهم من اهتم بهذا العلم من الناحية الفرعية فعمل على بسط فروعه وأبوابه ومسائله، والبعض الآخر عمل على تأصيل هذه المسائل بإرجاعها إلى قواعدها الفقهية وأدلتها العامة، وآخرون استقرؤوا المسائل الفقهية وقارنوا بينها واستخرجوا منها القواعد الفقهية.
7 ـ منهج وخطة البحث:
اعتمدت دراستي على المنهج التحليلي الاستقرائي الذي هو أساس القواعد في مختلف العلوم، وأساس استنباط مناهج وأصول وقواعد العلماء من تفريعاتهم، وذلك بتتبع القواعد الفقهية التي لها علاقة بالتيسير ورفع الحرج، والوقوف على مسائلها التطبيقية، واستخراج أحكامها الشرعية، مع محاولة معرفة مقاصدها، إلا أن البحث في هذا الموضوع يقتضي في بادئ الأمر الخوض في بيان حجية القواعد الفقهية لأنه الأصل الذي ينبني عليه العمل في هذا البحث، ثم بيّنت أن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير ورفع الحرج، واهتم المبحث الأخير بـالقواعد الفقهية وأهميتها في تيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية، واخترت في هذا البحث أن أتناول مجموعة من القواعد الفقهية كنموذج تطبيقي لتوضيح أهميتها في تيسير تنزيل الأحكام الشرعية، مبيّنا ذلك بأمثلة تطبيقية تندرج تحت حكم هذه القواعد الفقهية.
وفي الأخير أعقبت هذا البحث بمراجع وملاحق تيسّر الاطلاع عليه، وتعطي نظرة عامة عن أهم موضوعاته.
ولا يسعني في الختام إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل، وفائق التقدير، ووافر الامتنان، وصادق العرفان، للدكتور حاتم جاسم الحسون، والدكتورة الجليلة الفاضلة نزهة الصبري، ولكل القائمين على هذا الصرح العلمي الذي تنظمه الأكاديمية الأمريكية الدولية للتعليم العالي والتدريب.
المبحث الأول: حجية القواعد الفقهية
اتفق الفقهاء على استثمار القواعد الفقهية كأداة متينة لربط المسائل المتشابهة بعضها ببعض، ولمِّ شتات الجزئيات المتناثرة، كما أنهم لم يختلفوا في الاستئناس والتعليل بها بجانب الدّليل الشّرعي، وكذلك فإنهم متفقون على الاستدلال بالقاعدة الفقهية الواردة بلفظ نصّ شرعي، وهذا شأن القواعد الفقهية الكبرى كقاعدة: “لا ضرر ولا ضرار” و “الخراج بالضمان” و “البينة على المدّعي واليمين على من أنكر” و “العادة محكمة”، فأمثال هذه القواعد الكبرى تشبه الأدلة وقوّتها بقوّة الأدلة المعتمدة عليها، ولهذا وجب الاحتكام إليها، فهي بمثابة الأدلة الشرعية وعليها تُبْنى الكثير من الأحكام، لأنها تتعلق بمصادر الشرع الذي يفترض أن يكون دستور حياتنا، وحينئذ يمكن الاستناد إليها في استنباط الأحكام الشرعية، وإصدار الفتاوى وإلزام القضاء بناءً عليها.
فالقاعدة الفقهية إذا وردت بلفظ نص شرعي سواء من الكتاب أو السنة، فهي حجةٌ يستدلُّ بها وتبنى عليها الأحكام الفقهية، ووجه ذلك أنّها مستمدة من أصول يُحتجُّ بها، واتفقوا على الاحتجاج بالقاعدة الفقهية كذلك إذا كانت مستمدّة من إجماع صحيح أو مبنيّة على قياس صحيح مستوف لشرائطه، ولا شكّ أنّ ما بُنيَّ على هذه الأصول فهو حجة، لأن الاحتجاج بها في الواقع هو احتجاج بأصلها.
ولكن حصل الخلاف في القاعدة الفقهية التي استنبطها الفقهاء من استقرائهم للفروع الفقهية، أو المستنبطة من نصّ شرعي استنباطاً بعيدا يحتاج إلى تأمُّلٍ ونظرٍ، فهي التي جرى فيها الخلاف بين الفقهاء، تبعا لاختلافهم في صحة هذا الطريق الذي اتَّبعه المجتهد في الاستنباط والتخريج.
والحاصل أن هذه القواعد الفقهية لم توضع في الفقه الإسلامي هكذا اعتباطا بدون دليل، بل لها أدلتها الشرعية النقلية والعقلية، ومكانتها الفقهية، وأهميتها العالية، وقيمتها العلمية، ومننزلتها الراسخة في الفقه الإسلامي، ولذلك لا غرابة في أن نجد الفقهاء والأصوليين يعلون من شأنها، ويشيدون بمكانتها وقيمتها في جمع شتات المسائل الفقهية، وربط بين المتناثر من فروع الفقه.
المبحث الثاني: من مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير ورفع الحرج
لهذا المبحث أهمية كبرى ومكانة خاصة في هذا البحث، فالتيسير ورفع الحرج خاصية من خصائص الشريعة الإسلامية ومقصد من مقاصدها، فالحرج والضيق مرفوع عن ديننا بنص القرآن والسنة والإجماع، قال تعالى: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” (القرآن الكريم، الحج: 78)، وقال تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” (القرآن الكريم، البقرة: 185). وقال تعالى “يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ” (القرآن الكريم، النساء: 28). وقال تعالى: “لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا” (القرآن الكريم، البقرة: 286). فنصوص التشريع كلها تنبني على جلب المنافع والمصالح ودفع المفاسد والمضار عن المكلفين.
أما في السنة، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتخذون من رسول الله ﷺ قدوة ومرجعا لهم في كل أمورهم الدينية والدنيوية، فهو مرشدهم إلى الوسطية والاعتدال، وموجههم إلى تحقيق الفضائل في الأخلاق والتيسير في المعاملات والإحسان في العبادات، وبهذا يتحقق مقصد الأخذ بالمصالح في رفع الضرر والمشقة، وإبعاد الحرج عن المسلمين في عاجل أمرهم وآجله، وفي ذلك يقول النبي ﷺ: “..إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم” (مسلم، 1427ه – 2006م، رقم: 1337). وقوله ﷺ: “يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا” (متفق عليه: البخاري، 1414هـ/1994م، رقم: 69)، فهذه الأحاديث وغيرها تظهر حرص النبي ﷺ على التخفيف والتيسير عن المسلمين، فما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما وأخفّهما ما لم يكن حراما، فاليسر ورفع الحرج من خصائص الإسلام الأصيلة ومقاصده الكلية.
إن مراعاة مبدأ التيسير ورفع الحرج كمقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، ومراعاة المصالح العامة للعباد في العاجل والآجل، يفرضه كون النصوص الشرعية متناهية، والوقائع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها متجددة باستمرار وغير متناهية، والناس في حاجة إلى معرفة وبيان أحكام الشرع فيما جدّ من وقائع وأقضية لكي يعيشوا الحياة التي يرضاها الله لهم، ولأجل ذلك أخذ العلماء المجتهدين بمبدإ تحقيق مقاصد الشرع المتمثل في جلب المصالح ودفع المضار والمفاسد، لهذا فإن الأخذ بهذا المبدإ هو أخذ بأوامر الشارع وأحكامه، وإهماله أو الإعراض عنه هو إعراض عن الشرع نفسه، وبهذا الاعتبار تكون مقاصد الشريعة هي الموجهة لتصرفات العباد بما فيه الصلاح لهم في دنياهم وآخرتهم بدل أن تكون خاضعة لنزواتهم وأهوائهم.
فقد اقتضت حكمته تعالى أن سكت عن بعض الفروع ولم يشرع فيها حكم، ولم ينزل بصددها نص شرعي من الكتاب والسنة توسعة على الناس ورحمة بهم، وأناط أمر الاجتهاد فيها لأهل العلم والتقوى الذين لديهم القدرة على استنباط أسرار التشريع وحكمه ومقاصده، واستخراج قواعده الكلية العامة بالشكل الذي يُحقّق مصالح العباد في الدنيا والآخرة.
المبحث الثالث: القواعد الفقهية وأهميتها في تيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية
أبين في هذا المبحث أهمية القواعد الفقهية في تيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية، وعلاقتها بجلب المصالح ودرء المفاسد عن العباد، فمن هذه القواعد نعلم أن أحكام الشريعة الإسلامية مبنية على الرحمة والتيسير ورفع الحرج عن المكلفين.
المطلب الأول: قاعدة “يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام” (الزرقا، 1983م، ص: 197).
هذه القاعدة تتضمّن فيها أحكاما متعددة، منها أن مصلحة الجماعة تقدّم على مصلحة الخاصة أو الفرد، فهذا الأخير عليه أن يضحي بمصالحه في سبيل النفع العائد على المجتمع كله، وهذه القاعدة لها أهميتها في تسهيل تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية، لأنها شريعة اجتماعية هدفها مقاومة الفردية والأنانية المتطرفة، فالشريعة لا تبيح للشخص أن يحقق ازدهاره الفردي على حساب المجتمع، وللدولة الحق في التوجيه الاقتصادي إذا دعت إليه المصلحة، وسلطتها في ذلك بإصدار الأوامر والقرارات الآتية:
1ـ تأميم جميع المشروعات الكبرى: لأن المشروعات الكبرى التي تملكها فئة معينة في المجتمع تؤدي إلى تزاحم وتراكم رأس المال في يد قلة من الناس، وهذا العمل يتعارض مع المقاصد العامة للشريعة الإسلامية التي تأمر بالعدل في كل شيء، قال تعالى: “كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ” (القرآن الكريم، الحشر: 7).
2ـ تسعير أثمان البضائع الضرورية، إذا كان يترتب على ترك تسعيرها الإضرار بالمجتمع.
3ـ حكمة التعامل مع أزمات المجتمع الاقتصادية، كما وقع في زمن كورونا أو ما يقع الآن بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فالدولة لها السلطة والحق على إجبار المحتكرين بيع طعامهم عند الحاجة، وعدم احتكاره قصد الزيادة في ثمنه.
4ـ للعائلة الحق في الحجر على السفيه الذي لا يُحسن التصرّف في ماله، بناء على أن ماله ليس له بصفة ذاتية، وإنما هو لورثته، ولمن له حق النفقة عليه، وحق الأسرة أن تعرف طرق مصارفه، والاستفادة من توزيعه واستثماره، قال تعالى: “وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا” (القرآن الكريم، النساء: 5).
فالشريعة أمرتنا بالحجر على السفهاء وعدم تمكينهم من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما، فتارة يكون الحجر على الصغير، وتارة يكون على المجنون، وتارة لسوء التصرف كالمبذر الذي يبيع أصوله العقارية لإحياء السهرات الماجنة.
المطلب الثاني: قاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” (السيوطي، 2006م، ص: 87).
وهذه القاعدة الجليلة تتضمن عدد من المسائل الفقهية التي تبين مقاصد الشريعة الإسلامية في التعامل مع المصالح والمفاسد، فإذا تعارضت المصلحة مع المفسدة، فإن دفع المفسدة مقدم غالبا على جلب المصلحة، لأن هذه القاعدة لها علاقة مع قوله تعالى: “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا” (القرآن الكريم، البقرة: 219).
وهل توجد المصلحة في الخمر؟ والآية الكريمة قد دلّت على ذلك، ولا نشك في وجود المصلحة في الخمر، وهي الاتجار بها والانتفاع بثمنها، ولكن لو نظرنا إلى إثمها في إفساد العقل والإضرار بالصحة وإحداث الخصومات والشقاق بين الناس المؤدي إلى انقطاع روابط الزوجية والأخوة وتفريق كلمة المسلمين، كان أكبر وأشد من منافعه، لهذا كان من الواجب علينا دفع مفسدة الإثم على جلب مصلحة النفع.
وكذلك يمكن أن تكون في القمار ـ الذي انتشر في عصرنا ـ فوائد ومضرات، فمن فوائد القمار ما يستفيده المقامر أو المشرف على محلات القمار المتنوعة، وما يمكن أن تذرّه من مداخيل مالية كبيرة بسبب جلب السياح وحجز الفنادق وإنفاق المشروبات والمطعومات، إلا أنه من مضارّه أكل أموال الناس بالباطل، ودفع المقامرين إلى تبذير أموالهم والإضرار بأسرهم وبالمجتمع عامة، فوجب علينا درء المفسدة المذكورة بمنع القمار، وتقديمه على جلب مصلحة الرابحين بذلك.
المطلب الثالث: قاعدة “المشقة تجلب التيسير ” (السيوطي، 2006م، ص: 76).
والأصل في هذه القاعدة قوله تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” (القرآن الكريم، البقرة: 185)، وقوله تعالى: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” (القرآن الكريم، الحج: 78). وقوله ﷺ: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا) (البخاري، 1414هـ/1994م، رقم: 39). وقوله ﷺ: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا) (البخاري، 1414هـ/1994م، رقم: 2873).
وبناء على هذه القاعدة الأساسية الجليلة التي أجمعت عليها كتب القواعد الفقهية، والتي لها علاقة مباشرة برخص الشرع وتخفيفاته وتيسيره على الناس ومراعاة أحوالهم، ومن هذه الرخص الشرعية التي وُضعت لمصالح العباد ما يلي:
1ـ رُخّص للمسافرين قصر الرباعية بقوله تعالى: “وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ” (القرآن الكريم، النساء: 101)، بشرط أن يكون السفر طويلا ومباحا، بحيث لا تقل المسافة عن ثمانين كيلو ومائة وأربعين مترا، (الجزيري، 1972م، ج 1، ص: 472)، وكذلك رخص الإفطار في رمضان للمسافرين.
2ـ رُخّص للمريض الإفطار في رمضان، والصلاة قاعدا أو مستلقيا إذا لم يستطع القيام، فيصلي كيفما أراد حسب استطاعته لأنه لا تكليف بما لا يُطاق.
3ـ يباح للمكره الذي خاف على نفسه القتل، التلفظ بكلمة الكفر حفاظا على حياته، بدليل قوله تعالى: “مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ” (القرآن الكريم، النحل: 106).
4ـ يباح شرب الخمر للمصلحة وهي استبقاء المهجة، وإزالة الغصة حتى لا تزهق روحه، فالمسلم إذا وُجد في بلاد الكفر ولم يجد ما يزيل غصته إلا الخمر أبيح له ذلك حفاظا على نفسه التي هي من الضروريات الخمس، ويقاس على ذلك أكل الميتة والنجس إذا خاف عن نفسه الهلاك، قال الإمام السيوطي: “يتخرّج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته” (السيوطي، 2006م، ص: 77).
فقاعدة المشقة تجلب التيسير ترتبط بالمصلحة ارتباطا وطيدا، لأنها توضح لنا أنه كلما وُجدت المشقة وُجد التيسير، وهذا يؤكد أن جلب المصالح ودرء المفاسد عن الناس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية.
المطلب الرابع: قاعدة “الضرر يزال” (السيوطي، 2006م، ص: 83).
والأصل في هذه القاعدة قوله ﷺ “لا ضرر ولا ضرار” (ابن ماجة، 1972م، رقم: 2340)، ويعتبر هذا الحديث النبوي مرجعا أساسا للنهي عن إيقاع الضرر، وشعارا إسلاميا للعدل ومنع الظلم وتحقيق الأمن والسلام، كما أنه سند قوي لتحقيق أهداف الشريعة ومقاصدها في جلب المنفعة ودفع المضرة، وهو أيضا عُدّة أهل التقعيد وعمدتهم في تقرير وتنزيل الأحكام الشرعية للحوادث المستجدة بكل يسر.
وينبني على هذه القاعدة كثير من المسائل الفقهية المرتبطة بمصلحة الأمة الإسلامية والناس أجمعين، فمن ذلك:
1ـ الرد بالعيب لإزالة الضرر عن المشتري.
2ـ الحجر بجميع أنواعه، لأنه شُرع للمحافظة على مال غير القادر على التصرف السليم.
3ـ حق الشُّفعة، لأنها شُرعت للشريك لدفع ما لحق به من ضرر القسمة، كدفع ضرر جار السوء.
4ـ إباحة قتل الحيوان المملوك إذا هجم على الإنسان، ولم يندفع إلا بالقتل.
5ـ إباحة أكل الميتة وقت المجاعة.
6ـ شُرعت الحدود والقصاص لدفع الضرر عن المجتمع.
والحاصل أن قاعدة الضرر يزال ارتبطت بخاصية التيسير، فهي تجسيد عملي لإزالة الضرر الذي يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية وسماحة الدين الحنيف، وأن غاية الشريعة هي رعاية مصالح الإنسان كخليفة في الأرض والمجتمع الذي هو منه، وكمسؤول أمام الله تعالى الذي استخلفه على إقامة العدل وضمان السعادة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والطمأنينة والراحة النفسية لكل أفراد الأمة في حياتهم ومعيشتهم.
المطلب الخامس: قاعدة “ارتكاب أخف الضررين” (السيوطي، 2006م، ص: 87).
ومعنى هذه القاعدة أنه إذا تعارضت مفسدتان يرتكب أخفهما ضررا، لأن المفاسد تراعى نفيا، والمصالح تراعى إثباتا، ومباشرة المفسدة لا تجوز إلا للضرورة، ومن تطبيقات هذه القاعدة الفقهية المقاصدية ما يلي:
1ـ مشروعية سجن المجنون الذي يُؤذي الناس ويقطع طريقهم، ولم ينفع معه علاج، فالشريعة الإسلامية أباحت ارتكاب أخف الضررين، وفي هذه الحالة ضرر سجنه أخف من ضرر إلحاق الأذى بالمارة.
2ـ القصاص مفسدة، ولكن ضرر قتل القاتل أخف من ضرر نشر الجريمة في المجتمع، لأن في ترك الجاني تشجيع للناس على سفك الدماء وهتك الأعراض.
3ـ فرض الحجر على الناس عند انتشار الأمراض المعدية، لأن منع الناس من الخروج والتنقل بين المدن والدول أخف من انتشار العدوى بينهم والتي قد تؤدي إلى القضاء عليهم.
4ـ جواز سرقة الطعام للمضطر الذي أشرف على الهلاك، شريطة ألا يأخد طعام مضطر آخر، لأن الضرر لا يزال بمثله أو أكثر منه، نظرا لكون ضرر أخذ الطعام من دون رضاء صاحبه أهون من ضرر إتلاف النفس.
5ـ جواز الطبيب شقّ بطن المرأة الحامل والقيام بعملية قيصرية، إذا تعذر عليه توليدها بطريقة طبيعية، فضرر شق بطنها أخف من مفسدة موتها وموت جنينها.
6ـ جواز الطلاق بين الزوجين لاستحالة العشرة، لأن تطليق الزوجة أخف ضررا من استمرار زواج لا يحقق مقاصده التي بيّنها الله تعالى في كتابه.
7ـ جواز السكوت عن المنكر الظاهر إذا كان يترتب على إنكاره ضرر أكبر منه، كطاعة الحاكم الجائر إذا كان يترتب على الخروج عليه دمار العباد والبلاد.
خاتمة:
بعد الانتهاء من عرض محاور هذا البحث، وبتوفيق من العلي الكريم أضع في هذه الخاتمة أهم النتائج والتوصيات.
ـ النتائج التي توصلت إليها:
ـ إن علم القواعد الفقهية من أهم الاجتهادات الفكرية والعلمية التي تفتح المجال أمام أهل الاجتهاد والتقعيد لمعرفة حكم الشرع فيما يُستحدث من نوازل بكل يسر وسهولة.
ـ إنّ القواعد الفقهيّة ضابط ومرجع ثابت للمفتي والقاضي ليرجع إليها، فيستنبط الحكم الشرعيّ منها، فتنضبط فتوى الفقيه ويتقوى حكم القاضي.
ـ إن الأخذ بمبدإ التيسير ورفع الحرج هو أخذ بأوامر الشارع وأحكامه، والإعراض عنه هو إعراض عن الشرع نفسه.
ـ إن مراعاة مبدأ التيسير في تشريع الأحكام، كمقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، يفرضه كون النصوص الشرعية متناهية، والوقائع والأحداث متجددة باستمرار وغير متناهية.
ـ أما فيما يخص التوصيات المقترحة:
ـ إصدار مدونة تتضمن حصرا للقواعد الفقهية التي لها علاقة بالتيسير ورفع المشقة عن المكلفين، يشترك في إصدارها نخبة من الباحثين.
ـ حث المختصين في العلوم الشرعية على الاهتمام بالقواعد الفقهية والاستفادة من تطبيقاتها على النوازل والوقائع المستجدة، نظرا لما تكتسيه من أهمية بالغة في تيسير تنزيل أحكام الشريعة الإسلامية.
ـ عقد ورشات وتنسيق دورات تكوينية للتعريف بأهمية القواعد الفقهية، ومساهمتها في الاطلاع على حكم الشرع في العديد من الحوادث والنوازل بكل يسر وسهولة.
ـ لائحة المصادر والمراجع:
- القرأن الكريم.
- البخاري أبو عبد الله محمد بن اسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار الفكر، الطبعة الأولى: 1414هـ / 1994م.
- مسلم، بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابورى، أبو الحسين، تحقيق: نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة، دار طيبة، طبعة: 1427ه / 2006م.
- ابن ماجة، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار عيسى البابلي الحلبي، طبعة: 1972م.
- الزرقا مصطفى أحمد، المدخل الفقهي العام لمصطفى، مطبعة طربين، دمشق، الطبعة العاشرة: 1387هـ / 1986م.
- السيوطي جلال الدين، الأشباه والنظائر في الفروع، تحقيق: محمد تامر وحافظ عاشور حافظ، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة- مصر، الطبعة الثالثة: 1427هـ / 2006م.
- الجزيري، عبد الرحمن، الفقه على المذاهب الأربعة، دار الفكر، الطبعة الأولى: 1972م.