أ.م.د. بلسم صالح مهدي
جامعة بغداد/كلية اللغات/قسم اللغة العبرية
Balsam.mohda@colang.uobaghdad.edu.iq
009647736610310
ملخص
يتناول البحث نشأة الصحافة الاسرائيلية ودورها البارز في تشويه للحقائق وتحويلها الى اشاعات وإبراز المجتمع الاسرائيلي على انه مجتمع مثالي من خلال كفاحه وإبداعه وانجازاته على كافة المستويات المحلية والاقليمية والدولية مع تعميق الانتماء اليهودي والصهيوني معًا وكذلك التعبير والدعاية للحياة الثقافية اليهودية في العالم أجمع
مشكلة البحث:
فقد واجهت صعوبات كبيرة بسبب عدم وجود مصادر كافية وحقيقية لعرض ما يدور داخل المؤسسة الإعلامية الاسرائيلية ،وعدم القدرة على الوصول الى مجتمع البحث ،عدم امتلاك الإمكانيات الإحصائية اللازمة.
اهميته وأهدافه :
كان لا بد من الولوج الى خفايا المجتمع الاسرائيلي ودراسة ماهية هذا المجتمع من خلال الإعلام بشكلٍ عام والصحافة بشكلٍ خاص وكيفية تداول الأحداث والأخبار ومدى تاثيرها و مصداقيتها على الشارع الاسرائيلي اولا ومن ثم العربي والاقليمي ثانيًا وتأثير الاحزاب السياسية الحاكمة لتأويل الأحداث حسب ما ترتئيه من وجهات نظر لخدمة مصالحها السياسية في المنطقة و ابساط نفوذها.
ينقسم البحث الى اربعة محاور رئيسية:
المحور الاول:مراكز القوة في الاعلام الاسرائيلي ،الملكية والتمويل
المحور الثاني:مراكز الصحافة وتعدد اللغات
المحور الثالث:مصادر الاخبار وتحويل الإشاعات الى حقائق
المحور الرابع:الصحافة الحزبية وابرز الصحف الاسرائيلية
كلمات مفتاحية: الصحافة الإسرائيلية, تشويه وتزييف الحقائق, صورة العربي في الصحافة الإسرائيلية, تطور الصحافة الإسرائيلية, تعدد اللغات
Israeli press;
development of the Israeli press
A research paper prepared by
Assistant.Prof.Dr Balsam Salih Mahdi
Abstract :
the research deal with the emergence of the Israeli press and its prominent role in distorting facts and turning them into rumours and highlighting the Israeli society as an ideal society through its struggle, creativity and achievements at all local, regional and international levels with the deepening of Jewish and Zionist affiliation together as well as expression and propaganda for Jewish cultural life in the whole world.
Research problems
it faced great difficulties due to the lack of sufficient and real sources to present what is going on in the Israeli media establishment, the inability to reach the research community, and the lack of the necessary statistical capabilities.
Objective and goals:
It was necessary to delve into the mysteries of Israeli society and study the nature of this society through the media in general and the press in particular, how events and news are circulated and the extent of their impact and credibility on the Israeli street first, and then the Arab and regional parties secondly, and the influence of the ruling political parties to interpret the events according to their viewpoints. To serve its political interests in the region and extend its influence.
The research is divided into four main axes:
The first axis: centres of power in the Israeli media, ownership and financing
The second axis: press centres and multilingualism
The third axis: news sources and transforming rumours into facts
The fourth axis: the partisan press and the most prominent Israeli newspapers
Conclusions :
After studying and researching, we conclude that the Israeli press is a fake press that does not have enough credibility to convey the facts and gives itself all the justifications needed to distort the image of the Arab within Israeli society, despite all that is said about democracy, most of which is empty talk when the issue is related to the Arab person.
In the eyes of most of them, he is a saboteur, a criminal and a murderer, but the general image of the newspapers is a reflection of the general image of Israeli society. The common factor between these newspapers is the interest in the real interests of Israel and the negative view of the Arab person, the belittling of Arab achievements at all levels, and the depiction of Palestinian fighters in the worst forms.
Keywords: Israeli press, distorting and falsifying facts, Arabian picture in Israeli press, development of Israeli press, multilingualism
المقدمة :
نشأة الصحافة الإسرائيلية وتطورها:
شهد الشارع الاسرائيلي في السنوات الاخيرة حدثين مهمين هما تراجع الصحف المحلية و تزعزعها في جميع المدن، وظهور صحيفة (هحدشوت) الاخبارية في سنة ١٩٨٤. وقد أدى ظهور الصحيفة الى نشأة جيل جديد من الصحفيين من جهة وبالتركيز على المشكلات المحلية والعلاقة بين المواطن والسلطة من جهة اخرى.ويأتي إهتمام هذه الصحيفة بالأمور والقضايا المحلية بعد ان جاء (عاموس شوكن) مدير الصحيفة بهذه الفكرة من الولايات المتحدة عندما كان يتدرب في بوسطن على الفن الصحافي وعلى إدارة الأعمال هناك. وخير خبر يمكن الإشارة له لهذه الصحيفة هي كشفها النقاب عن ان العميد (إسحاق موردخاي) قائد سلاح المظليين اشترك في قتل الشباب الفلسطينين الذين اختطفوا سيارة باص في تل ابيب الى عسقلان رغم انهما استسلما لقوات الجيش.
وقد اغلق (موشيه ارنس) وزير الدفاع السابق الصحيفة لثلاثة ايام في نيسان عام١٩٨٤. كذلك كشفت الصحيفة المذكورة عن ان قبطان احدى السفن الاسرائيلية امر احد الأشخاص السود الذي تسلل الى السفينة اثناء مغادرتها وهي في عرض البحر. (1)
وقد ادى ظهور هذه الصحيفة (حدشوت)الى ان تحدث الصحف الاخرى تغييرًا جذريا في نمطها الكلاسيكي ومنها صحيفة يديعوت احرونوت و معاريف ودافار وعل همشمار وهآرتس. وتمركزت هذه التغييرات في المجالين السياسي والثقافي، فالتغيير السياسي يعني اتجاه بعض الصحف ضد انخفاض مستوى المعيشة. وبعض أشكال العنصرية والبيروقراطية والاختلاس والسرقة ولاسيما في الشركات الكبرى.
أما الثقافي فتركز عن حدوث تغيير في الاسلوب، اذ بدأ تسليط الاضواء على الاشخاص لا الاحداث.(2) والأمر الذي ينطبق على الصحافة الاسرائيلية بشكل عام انها دون ايديولوجية محددة فهي صحافة الوان وعناوين كبيرة دون توجيه او ارشاد. لكن بهذه تكتل الليكود الى السلطة عام ١٩٧٧ شهد تحول العديد من الصحف ضد الحكومة الجديدة التي رأت الصحف انها لا تفهم او تقدر حاجاتها الاعلامية وكان هذا من أهم العوامل التي أدت الى ظهور اتجاه جديد في الصحافة الاسرائيلية .
فالصحف المحلية لا تتخذ اي مواقف محددة وإنما تهتم في الدرجة الاولى بإعطاء معلومات عما يجري من احداث إلا طبعًا في حالات الحرب او محادثات السلام او قضايا الاستيطان او الاحتلال والقضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومن امثلة ذلك صحيفة هآرتس المستقلة .اما صحيفة معاريف فهي تمتاز بمواقفها اليمينية بينما تنتهج صحيفة يديعوت احرونوت بانتهاج طريق الوسط. ودافار مقربة من الهستدروت (أتحاد نقابات العمال) بينما صحيفة همشمار فهي مقربة من حزب مابام اليساري وجاءت صحيفة حدشوت لتنتهج اسلوب النقد اللاذع.(3)
الا ان الصحافة الاسرائيلية بشكل عام تلجأ الى تعرية السياسيين وتكشف عن أخطائهم بكل جرأة على عكس ما كان يحصل في عهد غولدا مائير مثلا.ففي عهدها اشتكت غولدا مائير عام ١٩٧١ الى مجلس الصحافة المركزي من خبر قالت فيه احدى الصحف ان رئيسة الوزراء تعامل وزراءها وكأنها مربية في حضانة للأطفال ، وقرر المجلس تأنيب الصحيفة وطلب اليها الاعتذار من غولدا مائير، وهكذا كان.ولا بد من الاشارة في هذا الصدد الى ان صحيفة هعولام هازيه هي التي بدأت التنقيب والكشف عن الفضائح منذ الخمسينات والستينات في الوقت الذي استمرت فيه الصحف الأخرى في طمس الامور وتعميتها.(4)
ومع ذلك فأنه يمكن القول ان الصحافة العبرية رغم كل مساوئها وانجرارها وراء السلطة والايديولوجية الصهيونية تعكس وتصور المجتمع الاسرائيلي بشكل جيد ألا انها صحف تحتاج الى المزيد من العمق فهي تفتقر الى التحليل الكافي الى اية ابحاث او مسلسلات كما هي العادة في الصحفة العالمية الاخرى .ومن اهم اسباب انعدام المسلسلات او التحقيقات الاصلية المطولة في الصحف الاسرائيلية هو عدم وجود اي اقسام للأبحاث في هذه الصحف.
وتستعيض الصحف عن هذا النقص بإصدار الملاصق الاسبوعية ونصف الاسبوعية، لكن عيب هذه الملاصق هو التركيز على الشخصيات لا الاحداث، مع انها تهتم بأحداث الساعة.(5)
ومع ان الكثير من الصحفيين الناجحين والتقليديين يرون ان واجب الصحافة هو واجب تربوي فأن الصحافة الاسرائيلية التقليدية تنجر وراء الصحف الجديدة التي ترعرعت بسرعة لاسيما في الآونة الاخيرة.
ومهما يكن الأمر فأن الأمر لم يحسم بعد في عملية السباق والمنافسة بين الصحافة التقليدية والحديثة في اسرائيل، ورغم كل محاولات الصحافة التقليدية لمحاربة الصحف الجديدة مثل (حدشوت) فأن الأخيرة تبيع نسخا متزايدة كما ان محاولات استثناء العاملين فيها من رابطة الصحفيين فشلت. الأ انه رغم نجاح الصحف الجديدة في كسب القارئ وفي الموضوعات المثيرة التي تتناولها فأن الصحف القديمة والتقليدية لا جذور راسخة يصعب اقتلاعها مما يعني ان الصحافة الجديدة هي التي ستضطر الى تقديم التنازلات لتلك الصحف الراسخة لاسيما لقلة الإعلانات في الصحف الجديدة.(6)
الصحافة الاسرائيلية:
هي الجهاز الإعلامي لدولة اسرائيل (الكيان الصهيونى)كما يسميه العرب ،تهتم الصحافة الاسرائيلية بحرية الصحافة و التكنلوجيا.لكن وعلى الرغم من ذلك نجد أنتقادات واضحة للطريقة السلبية التي يتعامل بها الإعلام الاسرائيلي مع العنف الغير مبرر تجاه الفلسطينيين العزل.وبالرغم من هذا نجد ان الأعلام الاسرائيلي يتمتع بدرجة عالية من الحرية والديموقراطية مقارنة بدول اخرى كثيرة.
وسائل الاعلام الاسرائيلي:
اهتمت المنظمة الصهيونية العالمية منذ تأسيسها بالاعلام من اجل الترويج للصهيونية والهجرة الى فلسطين.لقد كان للإعلام الاسرائيلي أثرٍ كبير لإظهار الطابع الصهيوني لاسرائيل وكفاح اليهود وابداعاتهم واهم إنجازاتهم على كافة المستويات مع تعميق الانتماء اليهودي والصهيوني معًا والتعبير والدعاية للحياة الثقافية اليهودية في العالم أجمع.
خضعت الصحافة الاسرائيلية لعملية تغيير كبير حيث أصبحت وسائل الاعلام تتحكم تدريجيًا في عدد من المنظمات ،في حين إن الصحف التي نشرتها الأحزاب السياسية بدأت تختفي.(7)
الفصل الأول :
المحور الأول :
أ-مراكز القوة في الاعلام الإسرائيلي:
ان ادراك الاسرائيليين لأهمية السيطرة على وسائل الاعلام في تنفيذ مخططاتهم ليست وليدة ألامس القريب ،فقد وعو ذلك منذ البداية ،ففي عام ١٨٦٩ اي قبل انعقاد المؤتمر الصهيونى الأول رسميًا بنحو عشرين سنة قال الحاخام رايشورون في براغ (إذا كان الذهب هو القوة الأولى في العالم فالصحافة هي القوة الثانية) ولكن الثانية لا تعمل من غير الأولى.ولاحاجة الى القول إن الصهاينة أصبحوا اليوم يمتلكون الأولى والثانية معًا (8)
يصدر في إسرائيل عدد كبير من الصحف والمجلات والنشرات العامة والمتخصصة اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية متعددة الاتجاهات ومتعددة اللغات لأنها تخاطب جميع فئات المهاجرين القادمين من مختلف أنحاء العالم ،وتتمتع الصحافة الاسرائيلية الصادرة في الأرض المحتلة بحرية نسبية وهي تحرص على ممارستها بأستثناء كل ما يتعلق بشؤون الأمن ،ففي هذا المجال تفرض على الصحافة رقابة صارمة ذاتية ورسمية.وعلى الرغم من ان الجيش هو الذي يمارس الرقابة على الصحافة منذ اغتصاب فلسطين عام ١٩٤٨ ويفترض بالتالي ان تقتصر على الجيش والأمن العسكري الا ان الشؤون الاقتصادية والسياسية المتعلقة بأمن الكيان الصهيوني تخضع أيضًا للرقابة (9)
يعمل في مكتب الرقابة في القدس وتل ابيب وحيفا ضباط من الجيش في الخدمة الفعلية أو الاحتياط ويعين وزير الدفاع المراقب الرئيسي ويكون برتبة عميد من شعبة الاستخبارات.
المحور الثاني
ب- الملكية والتمويل:
تعود ملكية اغلب الصحف الاسرائيلية الى هيئات وجمعيات وشركات وأحزاب.أما اوسع الصحف انتشارًا ،وأكثرها تأثيرًا في الرأي العام فهي مستقلة اما من حيث التمويل ،فأن كل جهة تمول صحيفتها ،وكثير منها يحظى بمعونة حكومية ،بينما تعتمد الصحف المستقلة على مبيعاتها وعلى الإعلانات التي تنشرها في تغطية نفقاتها.
ويذكر لونستن ان جريدتي معاريف ويديعوت احرونوت وحدهما تحصلان على ٤٤٪ من قيمة الإعلانات المنشورة في إسرائيل.( 10 )
وتوضح نعومي شيفرد ،مراسلة احدى الصحف البريطانية في تل ابيب ،انه حتى الصحف المستقلة تعتمد بعض الشئ على الضمانات الحكومية التي تقدم للصحافة وعلى ما يقدمه القطاع الصناعي الذي تديره الحكومة من الاعلانات غير ان المحرر المسؤول في جريدة معاريف ينفي ذلك ويبين ان الحكومة لا تدفع عن إعلاناتها القليلة بالنسبة لمجموع الإعلانات الا ٥٠٪ من قيمتها.
ومع ذلك يمكن القول بإيجاز:ان مصادر تمويل الصحف الاسرائيلية هي المبيعات والإعلانات والإعانات.وبما ان المبيعات قليلة بالنسبة لأغلب الصحف ،فأن الإعلانات والإعانات هما المصدران الأساسيان لتمويل الصحف الاسرائيلية.( 11 )
الفصل الثاني:
المحور الأول :
أ- مراكز الصحافة:
تعتبر تل ابيب مركز الصحافة في إسرائيل ،ففيها يتركز المراسلون ومنها تصدر وتوزع جميع الصحف اليومية تقريبًا ،ووفقًا لذلك فليس ثمة ما يعرف بالصحافة المحلية في إسرائيل.
ان ثلاثا فقط من الصحف اليومية تصدر في القدس أبرزها جيروزاليم بوست ويمكن اعتبار القدس على هذا الإساس المركز الثاني للصحافة الاسرائيلية بعد تل ابيب.ولعل هذا يعود الى اهميتها الدينية والسياسية وإلى وجود طباعة متطورة فيها.
وأما حيفا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ٣٠٠ الف نسمة فلا يوجد فيها سوى بعض الصحف الأسبوعية والشهرية.
ان سبب تمركز الصحافة في تل ابيب هو على ما يبدو مركزية النظام وتوجه السكان نحوها بأعتبارها العاصمة و المركز الثقافي الأول وقد ساعد هذا التمركز صغر مساحة الارض المحتلة وتوفر الموصلات السريعة بين المدن ووجود مراكز الأحزاب والمنظمات في تل ابيب نفسها.( 12 )
المحور الثاني :
ب-تعدد اللغات :
إن من ابرز خصائص الصحافة الاسرائيلية تعددها وتعدد لغاتها ،فمن مجموعة (٣٠٦) صحف تصدر (١٩٩) صحيفة بالعبرية و الباقي بلغات اخرى.وفي احصائية خاصة ان احدى عشرة صحيفة من مجموع الصحف اليومية تصدر بغير العبرية.وهي الجيروزاليم بوست (بالانكليزية) و لانغورماسيون داسراييل (بالفرنسية) وفياتانواسترا (بالروسية) ولوميا نواسترا (بالرومانية) ولتيزنايسي (باليديش) ويديعوت هايوم (بالألمانية) وفار (بالبلغارية) ويوج كيليت (بالهنغارية) والأنباء والقدس (بالعربية).
ويعود سبب هذه الظاهرة التي لا وجود لها في اي مكان آخر من العالم ،الى تنوع لغات اليهود المهاجرين الى فلسطين المحتلة والمقيمين فيها. ذلك إن هؤلاء بحاجة الى صحف تصدر بلغاتهم لتسد رغبتهم في الإطلاع ،كما إن السلطات والأحزاب والهيئات والمؤسسات بحاجة من جهة اخرى الى إيصال أضوائها إليها ( 13 )
إن تنوع لغات الصحف الاسرائيلية قد أعطاها نوعًا من التخصص. ذلك ان كل صحيفة وجدت نفسها ملزمة بتوجه خاص نحو الناطقين بلغتها.
فهي توليهم إهتمامهم وتعنى بقضاياهم ومشاكلهم ،بل هي تتعقب على نحو خاص حتى أخبار الأقطار التي هاجروا منها وذلك لكي لا تقطع صلتهم بأقاربهم الذين ظلوا في تلك الأقطار.
الفصل الثالث :
المحور الاول :
أ- تحويل الإشاعات الى حقائق :
قالت غولدا مائير ذات مرة ( لن أسامح الفلسطينيين لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم) هذه صورة لتشويه الحقيقة وصناعة أخبار من وحي الأهداف العدوانية لتصبح كما الأحداث الحقيقية حين تتناقلها وسائل الاعلام بدون تعليق او نقد، فقد أعتمدت وسائل الاعلام الاسرائيلية منهجية لصناعة الأكاذيب والإشاعات وترويجها بحرفية عالية ولعل أهمها:
استخدام صيغة المبني للمجهول أطلقت النار على ( بضم الإلف) ، أو قتل أيضًا بضم القاف لتخفيف اثر الحدث والتمويه على مسؤولية الجيش الاحتلالي.
تعمد وسائل الاعلام الاسرائيلي الى اعتماد عدد من الروايات المختلفة وربما المتناقضة لحادث واحد وذلك لأرباك القارئ أو المستمع كما حدث لمحمد الدرة بتاريخ ٢٠٠٠/٩/٣٠ وبالرغم من ان الحادث كان موثقًا بالتصوير الا ان إسرائيل حاولت تبرير الحادث الإجرامي بأكثر من رواية.( 14 )
وبعد ان شرعت المحكمة العليا الاسرائيلية بأكثر من مرة،سياسة اغتيال نشطاء فلسطينيين انبرى الإعلام الاسرائيلي للدفاع عن هذه السياسة ، من خلال إستخدام ملصقات ملطفة للتمويه على بشاعة الحدث مثل: القتل المستهدف ،الدفاع الإيجابي ،التصفية الموضوعية ،ضربات مختارة ، حيث هاجمت وسائل الاعلام الاسرائيلية والخارجية الاسرائيلية الإعلام الغربي لاستخدامه مصطلح (اغتيال الفلسطينيين) وطالبت إسرائيل بشدة الإعلام الغربي مثل (بي بي سي) بعدم إستخدام هذا المصطلح ،كما عمدت الى الدفاع عن الاغتيالات بإلصاق التهم للفلسطينيين الذين تم إغتيالهم بالإدعاء بأن تلك الاغتيالات كانت الغاية منها حماية أرواح مئات الاسرائيليين ! ( 15 )
المحور الثاني:
ب-مصادر الاخبار:
توجد في إسرائيل ثلاث وكالات للأنباء هي وكالة اسوشيتدبرس الاسرائيلية (عتيم) ووكالة الأنباء الاسرائيلية (انا)والوكالة اليهودية هذه فضلًا عن مكاتب وكالات الانباء الأجنبية.
غير ان الثقة في هذه الوكالات قليلة ،لاتعتمد عليها الصحف الاسرائيلية إلا في القليل النادر.
إن المصدر الرئيسي لما تنشره الصحف الاسرائيلية هو مراسلوها ،فلهذه الصحف وبخاصة المنتشرة منها عشرات المراسلين الذين تعتمد عليهم اعتمادًا كليًا وتوليهم القسط الأكبر من ثقتها. فهم ينتشرون في المراكز الرئيسية في العالم ويغطون كل الأراضي المحتلة بنشاطاتهم ( 16 )
وللتدليل على مدى أعتماد الصحف الاسرائيلية على مراسليها فإنها تتخذ من جريدة معاريف ( أوسع الصحف انتشارًا مثالًا لذلك.فبعد متابعة خاصة لأعداد الأسبوع الاول من شهر مايس ١٩٨٨ فقد تم التعرف على أسماء واختصاصات ٨٦ مراسلًا داخل الأراضي المحتلة وخارجها.هذا عدا اولئك الذين لم تذكر اسماؤهم والذين لم ينشروا شيئًا خلال الاسبوع المعتمد.
ان مراسلي الصحف الاسرائيلية متنوعو الاختصاصات فهناك مراسلون سياسيون وحزبيون وثقافيون وادبيون وفنيون وعسكريون وعماليون وزراعيون واقتصاديون وطلاب ورياضيون ومختصون بشؤون الهجرة والأقليات و شؤون المقاومة العربية وغيرهم في مختلف الاختصاصات.(17)
الفصل الرابع :
المحور الاول:
أ-الصحافة الحزبية:
ومن خصائص الصحافة الاسرائيلية تعدد اتجاهاتها ،وذلك ناتج من تعدد الأحزاب فثمة أكثر من عشرة أحزاب معترف بها في إسرائيل ولها ممثلون في الكنيست.
وكل حزب من هذه الاحزاب بإلإضافة الى الكتل المستقلة ويحرص بطبيعة الحال على أمتلاك صحيفة تنطق بلسانه.على ان كثيرأ من الأحزاب يمتلك اكثر من صحيفة.
حيث يمتلك حزب العمل على أكثر من صحيفة بعضها بالعبرية وبعضها بلغات اخرى. ولا يوازي العمل في عدد صحفه الا منظمة الهستدروت ( 18 ).
إن صحافة الأحزاب محدودة الانتشار والنفوذ ،وهي فضلًا عن ذلك غير مستقرة ومعرضة للغلق او الدمج كما حدث لجريدة لامرحاف التي دمجت بجريدة دافار في حزيران عام ١٩٧١ . وتتعرض صحافة الأحزاب الى منافسة شديدة من قبل الصحف المستقلة ولهذا وذاك اصبحت أوضاعها الماليه متردية جدًا ،ولو لا إعانات احزابها لما كان بأمكان أي منها أن تعيش طويلًا.( 19 )
الصحف التي تصدر في إسرائيل :
اللغة يومية أسبوعية
الانكليزية. ١ ٢
الفرنسية ١ —
الألمانية ١ ١
العبرية ١٦ ٢٥
الأسبانية — ١
اليديش ١ ٧
لغات أخرى ٥ ١٢
المجموع ٢٥ ٤٨
المحور الثاني:
ب-ابرز الصحف الإسرائيلية:
نعرض فيما يلي معلومات موجزة عن أبرز الصحف الاسرائيلية ،واوسعها انتشارًا واكثرها تأثيرا.وقد أعتمدنا في جمع هذه المعلومات وتنسيقها عدة مصادر ( 20 )
( صحيفة هأرتس /البلاد): وتعتبر من أقدم الصحف الاسرائيلية التي صدرت في فلسطين المحتلة فقد صدرت لأول مرة عام ١٩١٨ وحملت أسم حدشوت هارتس وهي صحيفة يومية ،سياسية مستقلة ذات ميول ليبرالية تميل الى تأييد أحزاب الوسط الاسرائيلية خصوصًا حزب الأحرار المستقلين ،وعلى الرغم من تضاؤل أهمية هذا الحزب ،الا ان صحيفة هارتس بقيت مع ذلك أكثر الصحف الصباحية إنتشارا اذ توزع ما يتراوح بين ٦٠–٧٠ الف نسخة يوميًا تنشر آراء مختلفة لمعلقين ومراسلين متعددي الاتجاهات وتتخذ مواقف مستقلة ،مؤيدة او معارضة من الحكومة والفئات السياسية الأخرى حيث أنها تصور نهار الجمعة وعشية الأعياد اليهودية ملحقًا بحجم العدد اليومي ،يحتوي على مقالات سياسية وثقافية واجتماعية مهمة ،كما تصدر صحفًا محلية في تل ابيب (هعير) والقدس (كول هعير ).
طاقم التحرير الحالي في الصحيفة:
—رئيس التحرير غرشوم شوكن ويحتفظ بهذا المنصب منذ عام ١٩٥١
—محرر الشؤون العسكرية زئيف شيف
—محرر الشؤون السياسية يوئيل ماركوس
(صحيفة يديعوت احرونوت/اخر الإخبار) :صحيفة يومية سياسية صدرت عام ١٩٤٨ وعلى الرغم من انها صحيفة ذات صبغة تجارية ومستقلة الا إنها ذات ميول يمينية متطرفة بل ان رئيس تحريرها السابق هرتسل روز يعتبر من أكثر الصحفيين الاسرائيليين عداءا للعرب ويتبين هذا الموقف في افتتاحيات الصحيفة على الدوام ،وطبيعة الصحيفة التجارية جعلها تعتمد في دخلها أساسًا على الإعلانات ،كما جعل منها صحيفة واسعة الانتشار ،حيث أظهرت احصائية نشرتها الصحيفة بتاريخ ١٩٨٢/١١/٢٨ أنها توزع في ايام الأسبوع العادية ما يقارب من ٩٠٠ الف نسخة ويصل هذا العدد الى المليون في أيام الجمع والأعياد.
—رئيس التحرير: دوف بودكوبسكي
(صحيفة دافار/ شئ او رسالة) :صحيفة سياسية صباحية يملكها الإتحاد العام لنقابات العمال-الهستدروت-ويسيطر عليها عمليًا حزب العمل وتعتبر الصحيفة الناطقة بلسان حزب العمل ،لكنها تفسح المجال للمعارضين داخل الفئات الحاكمة بالتعبير عن آرائهم على صفحاتها ،صدرت لأول مرة عام ١٩٢٥ .
رئيس التحرير —حنه زيمر.
(صحيفة عل همشمار/الراصد-الحارس) : صحيفة يومية صباحية سياسية صدرت عام ١٩٢٠ تنطق بأسم حزب العمال الموحد (مابام) وهي واسعة الانتشار لاسيما في المستوطنات وتوزع بحدود ٢٠-٣٠ الف نسخة.تهتم الصحيفة بحركات السلام الاسرائيلية أمثال حركة السلام الان كما ترفع قضايا المواطن العربي وخاصة سكان المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ وتكشف عن ممارسات الاحتلال في المناطق المحتلة عام ١٩٦٧ .
رئيس تحريرها —سبار بلونسكر.
( صحيفة حدشوت/الاخبار) :وهي أحدث الصحف تأسست في آذار عام ١٩٨٤ أدخلت أسلوبًا جديدا الى عالم الصحافة في إسرائيل.وهي الصحيفة التي كشفت النقاب للرأي العام الاسرائيلي لأول مرة عن مذبحة الدوايمة بفلسطين عام ١٩٤٨ ويصل توزيعها الى حوالي ٧٠ الف نسخة يوميًا.كما يعمل فيها عددًا من المراسلين العرب الذين يتعرضون للضغط باستمرار من اجل تغطية أخبار مثيرة في الأراضي المحتلة.
رئيس تحريرها —غئيولا هارتسفي.
(صحيفة جيروزاليم بوست) : وهي صحيفة صباحية تصدر بالانكليزية منذ عام ١٩٤٨ وكانت تسمى منذ عام ١٩٣٢ وهو تاريخ تأسيسها بإسم بالستاين ( فلسطين) بوست وهي قليلة الإعتماد على وكالات الانباء.ولكنها تصدر ملحقًا يوميًا ترفق به يوم الاثنين صحيفة نيويورك تايمز ،وهي تعتمد إعطاء صورة ممتازة عن اسرائيل كما انها موجهة الى الاجانب والى اليهود في الخارج لا سيما في الولايات المتحدة وجنوب افريقيا.
( صحيفة هاتسوفيه) : وهي صحيفة يومية يصدرها الحزب القومي الديني وتنطق بأسمه وهي تهتم بتطبيق الشرع اليهودي الديني وزيادة نسبة المتدينين في إسرائيل .إلا ان توزيعها قليل.
( صحيفة هموديع) : وهي صحيفة يومية تنطق بإسم حزب اغودات إسرائيل ،وهي منافسة لصحيفة هاتسوفيه ولكنها أكثر تشددًا وتطرفًا دينيًا ،وتوزيعها ضئيل أيضا.
(صحيفة نيو اوت لوك) : وهي مجلة شهرية تصدر باللغة الانجليزية في تل ابيب ،تأسست عام ١٩٥٧ . وتعنى بقضايا الشرق الاوسط وتتبنى اتجاهًا يساريًا وتدعو الى السلام في المنطقة.
رئيس تحريرها —حاييم دارين.
( كلمة الفهود السود) : صحيفة شهرية تصدر على شكل نشرة.صدر العدد الاول منها في القدس في حزيران عام ١٩٧١ .
( صحيفة زوها ديريخ) : وهي الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي اسبوعية باللغة العبرية.وقد كانت سابقًا المجلة النظرية للحزب لكنها تحولت الى سياسة اسبوعية بعد ان أستولى المنشقون عن الحزب على مجلة كول هعام ،وهي قليلة التوزيع ولاتختلف عن صحيفة الاتحاد اليومية الناطقة بالعربية ولسان حال الحزب الشيوعي وخطها واضح فهي تنادي بأقامة دولة ماركيسية شيوعية كما تطالب بالانسحاب من الاراضي المحتلة. رئيس تحريرها مائير فلنر الأمين العام للحزب الشيوعي الاسرائيلي.اما الإتحاد العربية فخطها مثل زوها ديرخ.وتصدر الاتحاد منذ عام ١٩٤٤ . وهي تؤمن بوجوب حل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا والانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة وأجراء مفاوضات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية وبمشاركة كل الاطراف المعنية.
( صحيفة هاعولام هازيه) : مجلة اسبوعية يصدرها اوري افتيري وهي اخبارية بالدرجة الاولى. وقد امتازت بالكشف عن عدد من القضايا المثيرة.الا ان اهتمامها في الدرجة الاولى تتركز على الجيش والسياسة بإلإضافة الى الفضائح الماليه والاجتماعية في إسرائيل. وتمتاز بالسبق الصحفي وبموقفها الإيجابي عن العرب والقضية الفلسطينية ويبلغ توزيعها حوالي عشرين الف نسخة. وهي تطالب بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاوض معها.
الاستنتاجات :
كان لا بد من كلمة عامة واخيرة عن نظرة الصحف الاسرائيلية الى الأنسان العربي. اذ أن كل ما يقال عن الديمقراطية فمعظمها كلام فارغ عندما تتعلق المسألة بالإنسان العربي. فهو في نظر معظمها مخرب ،مجرم وقاتل الا ان الصورة العامة للصحف هي أنعكاس لصورة المجتمع الاسرائيلي العامة.فهناك معسكر الصحافة الليبرالية مثل هارتس وعل همشمار واخر يميني مثل معاريف وآخر يمثل الوسط مثل حدشوت الا ان القاسم المشترك بينهما جميعًا هو الاهتمام بالمصالح الحقيقية لاسرائيل واتجاهها العام نحو العالم العربي والانسان العربي إتجاه سلبي بحت. كما تحاول التقليل من المنجزات العربية على كافة الاصعدة ،كما تصور المقاتلين الفلسطينيين بأبشع الصور…
المصادر:
1- عنبتاوي, م. (1968). أضواء على الاعلام الاسرائيلي. ص9
2- محمود, ح. (1973). الإعلام العربى والإعلام الصهيونى. ص 18
3- دار الجليل. (1984). الصحافة العربية والاسرائيلية في فلسطين المحتلة. ص 70-75
4- كنفاني م. (1973). وسائل الاعلام الصهيوني واساليبه. مجلة شؤون فلسطين. ص91
5- مهدي س. (1971). الصحافة الاسرائيلية. ص 6-10
6- الجابر ز. (1968). نظرة في تطبيقات الاعلام الاسرائيلي. ص 69-70
7- email:https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=8788
8- Patai, R. (1971). Encyclopedia of Zionism and Israel. p 476
9- عيسى ج. (1968). الاسبوع العربي اللبنانية.
10- السعدي غ. (1987). الاعلام الإسرائيلي ص 111-115
11- السعدي غ. (1987). الاعلام الإسرائيلي ص 117
12-ا السعدي غ. (1987). الاعلام الإسرائيلي ص118
13- نيوستيتمان- عدد31 اذار 1967
14-mailto:https://ar.wikipedia.org/wiki
15- mailto:https://www.aljazeera.net/midan/reality/politics
16- السعدي غ. (1987). الاعلام الإسرائيلي ص169-174
17- السعدي غ. (1987). الاعلام الإسرائيلي ص180
18- الصحف الإسرائيلية.سلسلة حقائق وأرقام.(1972).حبيبي.س. ص 18-19
19- مهدي س. (1971). الصحافة الاسرائيلية. ص 16-19
- encyclopedia habnalca, 27, p277-279