الدكتورة :خديجة البوطاهري
أستاذة التعليم العالي مساعدة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط،
جامعة محمد الخامس ، المغرب
العنوان الاليكتروني: elboutahiri.khadija@gmail.com
00212673729791
الملخص:
من بين الشخصيات المغربية التي أبلت بلاء حسنا في مختلف المجالات العلمية والأدبية والدينية، شخصية العالم المغربي الموسوعي، الشيخ أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي الفيلالي، الذي يعد مفخرة المغرب والعهد العلوي الشريف الزاهر، ومسند العلم في القرن الثاني عشر الهجري، إنه المحدث الملم بالرواية والدراية، والذي سنتناول سيرته العلمية في هذه الورقة من خلال المحاور التالية:
– انتماؤه،
– ولادته ونشأته؛
– مكانته العلمية؛
– شيوخه؛
– تلامذته؛
– مكانته العلمية؛
– حلقاته التعليمية؛
– مؤلفاته؛
– شعره؛
– وفاته.
ينتمي أحمد ابن عبد العزيز الهلالي، إلى مدينة سجلماسة المغربية وهي بلدة مشهورة بمنطقة تافيلالت تأسست سنة (140ه- 757م) على يد بني مدرار الذين اتخذوها موطنا لهم بعد قدومهم من المشرق، فالمنطقة عرفت بكونها محطة عبور تجاري تربط بين آسيا وافريقيا جنوب الصحراء، كما كانت هذه المدينة معقل علم ومهبط العلماء والفقهاء الذين ازدانت بهم منابر الدين والعلم .
لقد حظي الهلالي بمكانة متميزة من قبل العديد من الباحثين والمؤرخين والمهتمين بالشأن الثقافي، فاسمه لا يكاد يخلو من كتب التراجم سواء منها القديمة أو الحديثة، فمنها ما هو مخطوط ومنها ما هو مطبوع.
عاش الهلالي طفولته الأولى بين المد والجز، نظرا للظروف الصعبة والقاسية التي عرفتها البلاد والمتمثلة في الاقتتال و الفتن والاضطرابات، والتي دامت قرابة أربعة عشر عاما، وذلك في عهد السلطان المولى إسماعيل وبالرغم من القلاقل والحروب إلا أن السلطان كان يعمل على تشجيع الفقهاء وعلماء الدين مما كان له انعكاس كبير على توجيه الطلبة العلمي، إذ كانوا يتخصصون في العلوم الفقهية والدينية وكان لهذا التوجه الديني أثر واضح على المسار الدراسي للهلالي منذ طفولته.
لم تمنع الظروف الصعبة والقاسية التي مر منها المغرب إحباط عزيمة الهلالي التعليمية، بل استكمل مسيرته الدراسية بيسرها وعسرها حتى أصبح عالما تعلم على يده عباقرة العلوم والفنون في مختلف المجالات الدينية والدنيوية إذ كان له القدح المعلى في هذا الميدان.
حظي الهلالي بإشادة وإعجاب وتقدير معاصريه من العلماء والفقهاء، حيث كان شخصية موسوعية ملمة بكل أنواع الآداب والعلوم والفنون، فهو عالم مشارك لساني، فقيه أصولي، نحوي لغوي بياني، أديب فيلسوف منطقي، صوفي زاهد ورع متدين، شاعر عاطفي، جواد كريم، حسن الشيم مهذب الطباع كريم الأخلاق، عذب الحديث والكلام، الجليس المصغ المستمع الحكيم الرزين، المفسر المقرئ الحافظ، المحقق والمؤلف، المدرس المربي البارع، العارف بالتاريخ والهندسة والجغرافية، بديع الأسلوب فصيح اللسان، نير الفكر واسع الرؤية، عالم بالكتاب والسنة، اجتمع له من العلم ما تفرق في غيره، ولا غرابة في ذلك فهو سليل أسرة علمية، ورث العلم عن أبائه وأجداده عشق العلم وتحصيله.
لذلك التف حوله العديد من المهتمين بالعلم والمعرفة وهاجر إليه مريديه من كل حدب وصوب.
لقد كان الهلالي سراجا منيرا يقتدى به وهديا للسراة بعلمه وأخلاقه وسلوكه وكراماته، وقد خلف لنا ثروة علمية فائضة وضخمة تزخر بها الخزانات والمكتبات والمتاحف العربية والغربية.
الكلمات المفتاح:
الشيخ – الهلالي – السجلماسي – سيرة- علمية.
Sheikh Ahmed bin Abdulaziz Al-Hilali Al-Sijlmassi
His scientific biography
Dr.El boutahiri khadija
Assistant Professor of Higher Education at the Faculty of Arts and Human Sciences in Rabat,
Mohammed V University, Morocco
Abstract:
Among the Moroccan figures who have excelled in various fields of scholarship, literature, and religion, the Moroccan encyclopedic scholar, Sheikh Ahmed bin Abdul Aziz Al-Hilali Al-Sijilmassi Al-Filali, stands out. He is considered a source of pride for Morocco and an emblem of the illustrious Alawite dynasty. Sheikh Al-Hilali, well-versed in narration and erudition, played a pivotal role in the twelfth century of the Hijri calendar. This paper aims to explore his academic journey through the following topics:
His Heritage
Early Life and Upbringing
Scholarly Eminence
Influential Mentors
His Students
Scholarly Impact
Educational Environments
Literary Works
Poetic Artistry
Demise
Ahmed ibn Abdul Aziz Al-Hilali hails from the Moroccan city of Sijilmassa, known for its historical significance in the Tafilalt region. Founded in 140 AH (757 CE) by the Banu Midrar tribe, the city served as a crucial hub for trade between Asia and sub-Saharan Africa and evolved into a centre of knowledge and a home for erudite scholars.
Al-Hilali’s legacy has received substantial recognition from scholars, historians, and cultural enthusiasts, with his name appearing in historical records, both ancient manuscripts and modern publications, underscoring his lasting impact.
His early life was marked by adversity due to the turmoil in the country, lasting approximately fourteen years under the rule of Sultan Moulay Isma’il. The Sultan’s efforts to foster religious scholars and intellectuals influenced Al-Hilali’s formative years.
Despite the challenging circumstances, Al-Hilali tenaciously pursued his scholarly endeavours, becoming a beacon of knowledge for brilliant minds in various religious and secular domains.
He earned admiration and respect from his contemporaries as an encyclopedic luminary proficient in multiple disciplines, including linguistics, jurisprudence, grammar, philosophy, and religious devotion. His multifaceted persona extended to encompass poetic sensibility, virtuous conduct, and a deep commitment to spirituality.
The story of Sheikh Ahmed bin Abdul Aziz Al-Hilali Al-Sijilmassi epitomizes an illuminating journey—a beacon of wisdom and a paragon of virtue—whose profound influence transcends cultural boundaries, enriching the intellectual tapestry of civilizations.
Keywords: Sheikh – Al-Hilali – Al-Sijilmassi – Biography – Scholarship.
مقدمة:
إن الحديث عن رجالات المغرب البارزين والإشادة بهم وبأعمالهم ومخلفاتهم الأدبية وإبداعاتهم وإنتاجاتهم العلمية الدينية والدنيوية، والذين كانوا سراجا منيرا يقتدى به وهديا للسراة بعلمهم وأخلاقهم وسلوكهم وكراماتهم، لما تركوا من ثروة فائضة وضخمة تزخر بها الخزانات والمكتبات والمتاحف العربية وكذا الغربية بعضه نفض عليه الغبار وبعضه الآخر لازال حبيس الرفوف.
ولعل من بين هؤلاء الرجال العظماء الذين بصموا التاريخ بمداد من ذهب، نذكر الشخصية المغربية التي أبلت بلاء حسنا في مختلف المجالات العلمية والأدبية والدينية، ألا وهي شخصية العالم المغربي الموسوعي أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، الذي يعد مفخرة المغرب والعهد العلوي الشريف الزاهر، ومسند العلم في القرن الثاني عشر الهجري، والمحدث الملم بالرواية والدراية
- انتماؤه:
ينتمي أحمد ابن عبد العزيز الهلالي إلى مدينة سجلماسة المغربية وهي بلدة مشهورة بمنطقة تافيلالت تأسست سنة (140ه- 757م) (الصغير،2015، 11) على يد بني مدرار الذين اتخذوها موطنا لهم بعد قدومهم من المشرق، فالمنطقة عرفت بكونها محط عبور تجاري تربط بين آسيا وافريقيا جنوب الصحراء، كما كانت هذه المدينة معقل علم ومهبط العلماء والفقهاء الذين ازدانت بهم منابر الدين والعلم .
لقد حظي الهلالي بمكانة متميزة من قبل العديد من الباحثين والمؤرخين والمهتمين بالشأن الثقافي، فاسمه لا يكاد يخلو من كتب التراجم سواء منها القديمة أو الحديثة، فمنها ما هو مخطوط ومنها ما هو مطبوع.
تجمع معظم المصادر على أن اسم أديبنا هو” أبو العباس أحمد بن عبد العزيز بن الرشيد بن محمد بن عبد العزيز بن علي بن محمد ابن الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن هلال السجلماسي، أما نسبه فيعود إلى الإمام أبي سالم بن هلال.( لعوينة،2021، 34)
- ولادته ونشأته:
ولد أحمد بن عبد العزيز عام (1113ه/1701م)، (أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،21 ) بمنطقة تافيلالت يعتبر حفيد الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن هلال السجلماسي (ت 903)، نشأ وترعرع في وسط مشهود بالتقوى والصلاح والفلاح والورع والدين ومقيد بالعادات والتقاليد، مما ترك أثرا بالغا في تشكيل وتكوين شخصيته الثقافية والعلمية.
أما أسرته فلم نعرف عنها شيئا إذ ظلت أخبارها غامضة خاصة في ما يتعلق بظروف استقرارها في منطقة تافيلالت.
يمكن تقسيم عصر أبوهلال السجلماسي إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى:
تميزت هذه الفترة بحكم السلطان المولى إسماعيل بن محمد ابن علي، استمر ملكه من (1082 إلى 1139)، قضى على جميع الفتن والاضطرابات، والتي دامت قرابة أربعة عشر عاما، وقد تمكن السلطان من الحفاظ على أمن الشعب وصيانة أموالهم وممتلكاتهم، وخلال ولايته حظي الفقهاء بمكانة متميزة في البلاد واحتلوا مناصب عليا في البلاط، كما لعبت زوجة المولى إسماعيل (خناثة بنت الشيخ بكار) العالمة الأديبة دورا مهما في الدولة إذ كان يعتمد عليها في الرأي والمشورة.
وكان لتشجيع الفقهاء وعلماء الدين من طرف الملوك والسلاطين انعكاس كبير على توجيه الطلبة العلمي، إذ كانوا يتخصصون في العلوم الفقهية والدينية وكان لهذا التوجه الديني أثر واضح على المسار الدراسي للهلالي منذ طفولته حيث اختار المجال الديني في دراسته، والذي تشرب ونهل منه مبادئ العلوم الدينية بادئا بحفظ القرآن الكريم كتعليم أولي، والذي يعتبر الجسر الموصل لباقي العلوم ، بعد ذلك استكمل مسيرته التعليمية.
المرحلة الثانية:
تبتدئ هذه المرحلة بوفاة السلطان المولى إسماعيل من ( 1139ه إلى 1171م)،حيث شهدت هذه المرحلة اضطرابات وفتن متعددة، نتج عنها تعاقب سبعة ملوك على كرسي العرش مما أدخل البلاد في نفق مغلق تسوده أزمات متنوعة، سياسية واقتصادية واجتماعية تمزقت خلالها الروابط وتفككت البلاد وتشتت العباد وعمت الفوضى والقلاقل وانتشر الفساد والإجرام وكثر قطاع الطرق وساد الخوف والهلع بين الناس، وكثر النهب والسرقة واشتد الغلاء ونقصت المؤونة ” حتى وصفت هذه المرحلة لدى المؤرخين بالهول الذي يشيب من أجله الولدان”(أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،29 ).
المرحلة الثالثة:
تميزت الفترة ما بين سنة (1171ه) إلى (1175 ه)،”بحكم المولى سيدي محمد بن عبد الله الشريف الحسني السجلماسي رحمه الله وهي مرحلة البعث والمجد، مرحلة جمعت شتات الناس بعد ان سئموا الهرج والفتن واعياهم التفاقم والاضطراب، وملوا الحرب وملتهم كما يقول الناصري في الاستقصاء(أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،22 ).
لقد أثرت هذه الأحداث التي شهدتها البلاد على نفسية الهلالي الذي اكتوى بنار هذه الفتن التي أوجعت فؤاده من شدة ما عانه المغرب من مشاكل وفتن أهلكت البلاد والعباد ما دفع بالهلالي لنظم قصيدة يشكو فيها بثه وحزنه إلى الله حيث قال فيها:
لك أشكو يا قاهر المسرفينا من بغاة بغوا على المسلمينا
بدلوا الدين ضلـة وادعـــــاء وعن الحق أصبحوا ناكبينــا
بدلـوا سنــة النبــي جهــارا وأضــاعوا كتابــه المستبينــا (أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،21 ، 22)
لم تمنع الظروف الصعبة والقاسية التي مر منها المغرب إحباط عزيمة الهلالي التعليمية بل استكمل مسيرته الدراسية بعد اجتيازه بنجاح التعليم الأولي، حيث ازداد شغفا وعشقا للعلم والتحصيل واستطاع إشباع نهمه العلمي والمعرفي بعد أن سنحت له الفرصة بذلك وأصبح مؤهلا لحضور مجالس علماء عصره في سجلماسة وفاس بجامعة القرويين التي كانت قبلة لطلاب العلم والمعرفة حيث اغترف من معينها حتى ارتوى وجالس الفقهاء وتتلمذ عليهم وأخذ عنهم الشيء الكثير.
علاوة على تشجيع السلطان سيدي محمد بن عبد الله للعلم والمعرفة، إذ كان “محبا للعلماء واهل الخير ، مقربا لهم لا يغيبون عن مجلسه في اكثر الأوقات …” (أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،23 ) و كان من بين المقربين إليه من اهل العلم والفلاح والصلاح الشيخ عبد العزيز الهلالي علامة المنقول والمعقول.
- مكانته العلمية:
كغيره من طلاب العلم رحل أحمد بن عبد العزيز الهلالي إلى الحجاز مرتين لأداء فريضة الحج، وهذه كانت سنة متبعة عند معظم الطلاب الذين شدوا رحالهم إلى البقاع المقدسة والتي تكون الغاية منها إضافة إلى أداء الفريضة الدينية، البحث عن العلماء والفقهاء والأخذ عنهم والاحتكاك بهم والتعلم منهم. فمن خلال رحلتيه سجل فقيهنا كل ما شاهدت عينيه وسمعت أذنيه ولمست يديه وقرأت مقلتيه إذ عمل على المزج بين وصف العالم الخارجي الذي يشاهده وبين ارتساماته الذاتية التي تتمخض عن حالة الاغتراب التي يعيشها وقت الكتابة.
أثناء هاتين الرحلتين التقى الهلالي بمشايخ مصر والحرمين، فنجده تتلمذ على يد علماء الأزهر الشريف من مختلف المذاهب الفقهية، كما دون الهلالي في فهرسته العديد من أسماء الشيوخ ممن حضر مجالسهم وسمع عنهم واستفاد من حلقاتهم التعليمية أمثال الشيخ” محمد بن الحسن العجمي” والشيخ عبد الوهاب الطنثي” وغيرهم.
بالنظر إلى كثرة شيوخه وتنوع مشاربهم وعلومهم وثقافتهم ندلل على مكانة الهلالي العلمية وثقافته المختلفة المتنوعة بتنوع شيوخه، حتى أن السلطان محمد بن عبد الله العلوي حين اعتلائه عرش البلاد، سأل الشيخ العالم أبا حفص الفاسي “عن أعلم الناس وأعلمهم فقال له: الأحمدون ، يعني أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، وأحمد بن عبد الله الغربي الرباطي ، وأحمد بن محمد الورزازي…وكان بالمجلس أعيان علماء الحضرة الفاسية كالشيخ التاودي وغيره. (أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،36 ).
وقال الحضيكي في “طبقاته “كان أعلم أهل زمانه وأتقاهم، وأزهدهم في الدنيا وأرغبهم في الآخرة وأحبهم لله ولأهل حزبه، وأروعهم وأحرصهم على إقامة الدين وأشدهم تمسكا بالسنة المطهرة واتباعها”.(بومزكو،2006،1/116).
- شيــــوخـــــــه:
مما لا شك فيه، أن شيوخ الهلالي تركوا اثرا كبيرا في نبوغه وعبقريته، وسعة تلقيه وقدرة استيعابه لشتى العلوم والفنون، إذ نجده تتلمذ على يد علماء أجلاء الذين أجازوه وأجازهم وهو القائل في فهرسته “… وقد أجازني كثير من أهل المشرق والمغرب وغيرهم…” (المصلوت،1981،5).
كما سبق الذكر، أن الهلالي أخذ رحمه الله عن الشيوخ المغاربة والمشارقة، فمن بين شيوخه المغاربة نذكر
لإمام أحمد بن أبي القاسم الغنجاوي السجلماسي،(ت 1146ه 1733م).
أخذ الهلالي عن هذا الشيخ سند صحيح البخاري، وعندما وافته المنية رثاه الهلالي بقصيدة طويلة اقتبسنا منها هذه الأبيات.
يقولون لي صبرا وليس لهم خبر بأن مصابي لا يطـاق لـــه صبـــر
فكيف يطيق الصبر من بفـــؤاده من الشجو لذع فوق ما يلذع الجمـر
إمام أبو العبــاس أحمــد من بــه فكاك الذي عنـاه من جهلـــه الأســر(الصغير،2015،63)
الشيخ العلامة سيدي محمد بن الحسن الكندوز (ت 1148ه 1735م).
أخذ عن هذا الشيخ علم العربية التي اشتهر بها والتي تقوم على ألفية ابن مالك بشرحها وحواشيها وكان من العلماء الذين ينكبون على تعلم العلم ويحرسون على تعليمه وكان ملما بجميع العلوم ويحفظ كثيرا من الأدب واللغة والحكم وأيام العرب وغير ذلك من العلوم.
بعد وفاته رثاه الزبادي بقوله:
قضى في سبيل الله جم الفواضل محمد الكنـــدوز بحــر الفضائـــل
حقيق لأهل النحو سكب دموعهم على فقده والدمــع ليــس بطائـــل
فمــن لتآليــف النحـــاة يبينهــــا ويعــرب ما فيهـــا لكـــل مسائـــل(بومزكو،2006،1/79).
الشيخ أبو العباس أحمد بن أبي القاسم الصبيحي (ت 1156ه).
عالم زاهد، ،فقيه مفتي النوازل أخذ عنه الهلالي في سجلماسة علوما كثيرة وقد وافته المنية إثر صراعه مع مرض الطاعون، وقد أشار إلى ذلك تلميذه الحضيكي في طبقاته(بومزكو،2006،1/79).
الشيخ أبو العباس أحمد بن مبارك السجلماسي اللمطي(1090-1156ه).
ينتمي هذا الشيخ إلى لمطة وهو حي من أحياء سجلماسة كانت له دراية بالمنطق والبيان والأصول والحديث والقراءات والتفسير والتصوف وتولى اللمطي مهام التدريس بفاس.( لعوينة، 2021،10)، من بين مخلفاته ” كشف اللبس عن مسائل الخمس” و “مبلغ الآمال لطالبي التصريف في الأفعال” وغيرهما
الشيخ محمد بن عبد السلام بناني الفاسي (1083م-1163ه).
اشتهر بالفقه والإفتاء تصدر في زمانه مراتب التدريس بالقرويين “أخذ عنه الهلالي صحيح البخاري وجامع الأصول وكتب اللغة والعقيدة الأشعرية وغيرها”.(أبو الوقار، أيت المكي، 2014 ،22 ).
أبو عبد الله أبو الرخاء محمد بن أحمد اللمطي (1163ه 1749م)
يعتبر من شيوخ الهلال الأجلاء وكانت بينهما مودة وصداقة ويقول فيه تلميذه الهلالي:
ليت شعري أبا الرخاء الودودا أتنــــاسيت أم نسيت العهــــودا
كيف أوليتنا الصدود وعهـدي بك من قبل مقبــلا لا صـــدودا(حجي، توفيق،1986، 3/377).
الشيخ أحمد بن أحمد الشدادي (ت 1146ه).
عالم الحديث والتفسير والفقه وأصوله، أخذ عنه الهلالي العلوم الدينية.
الشيخ سيدي الحاج المدعو الكبير بن محمد السرغيني العنبري(1164م 1090ه) والذي اشتهر بالتحصيل والاتقان والزهد،” كان من أهل المجاهدة في العلم والدين والمحافظة على اتباع السنة وطريق المجتهدين لا نراه إلا مذاكرا أو مصليا أو مدرسا أو مفردا خاليا…” (الكتاني،2004 ،2/341)
– الشيخ أحمد بن محمد الفاسي أبو العباس (1093م 1164ه).
– هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي الفقيه الوجيه الفاضل له دراية كبيرة بتاريخ فاس وعلمائها وصلحائها وأنساب أهلها وأخبارهم خلف مؤلفات عدة منها ما طبع على الحجر بفاس “كالأحكام المختصرات في أسرار الديانات” و”مطالع البدور في جوامع الأخبار البرور” (حجي، توفيق،1986،4/90).
– الشيخ سيدي محمد بن الطيب الشرقي الصميلي الفاسي ( 1110ه 1170م)
– يعتبر من كبار اللغويين والمحدثين ليس في المغرب فحسب بل ذاع صيته في العالم العربي وترك مؤلفات عدة ظلت خالدة شاهدة على نبوغه في المشرق والمغرب
– الشيخ العلامة أبو حفص عمر بن الكوش المكناسي:
– أحد شيوخ الهلالي ورد ذكره في ديوانه حيث نظم مرثية (ميمية) تحتوي على مائة وثلاثين بيتا منها:
– وبعد أفول نجم الدين يبــدو لذي دين على الفرح ابتسـام
– إمام للورى كهف وعضب لنصر الدين إصليـت حســـام
– وطود للوقــار وبــدر تــــم إذا مـــا الجــو جللـــه الـــدلام
– أبو حفــص مفيد العلم دأبـا وناشره الرضى القـرم العظـام ( مخ رقم 2893 الخزانة الحسنية،295 )
العصب: السيف القاطع
الإصليت: الصقيل
الطود: الجبل الشامخ
الدلام : السواد والمراد هنا الظلام
القرم: السيد العظيم
كما هو متعارف عليه، تهافت الطلاب المغاربة على مشايخ الإسلام والتي أصبحت سنة متبعة من لدن العديد من طلاب العلم قاصدين بذلك بلدان المشرق للأخذ عن هؤلاء المشايخ وطلب استجازتهم، وذلك من خلال رحلاتهم إلى الديار المقدسة ، حيث يتوقفون بمصر والشام وفلسطين للالتقاء بجهابذة علمائها وأكابر قضاتها ومشاهير القراء والمحدثين ورجالات التصوف وقد سار الهلالي على هذا النهج فشد رحاله للبحث عن العلماء المشارقة ومجالستهم والأخذ عنهم المنقول والمعقول والارتواء بعلمهم. والذين تركوا بصمة طبعت مسار عالمنا النحرير سليل أسرة توارثت أجيالها رسالة خدمة السنة النبوية الشريفة رواية ودراية وتفعيل المنهج الصوفي سلوكا واستقامة وتمثيل القدوة الصالحة. ولعل من بين هؤلاء نذكر على سبيل المثال:
-محمد بن غلبون الطرابلسي(ت 1150ه) يعود نسبه إلى مصراتة بليبيا.
– الشيخ أحمد بن أحمد العماوي المالكي الأزهري (ت 1155ه)، أخذ عنه الهلالي الصحيح إذ يقول” وأجزناه الشيخ الجليل العلامة الأصيل شهاب الدين أحمد العماوي المالكي رحمه الله”(لعوينة، 2021،12)
– الشيخ الإمام مصطفى البكري(لعوينة، 2021،14،13، 15)
– الشيخ محمد البليدي التونسي المالكي عالم بالعربية والتفسير والقراءات (ت 1096م – 1176ه).(الجبرتي،1/324)
الشيخ أبو عبد الله محمد بن سالم الحفناوي شمس الدين (1101 -1181ه) ، فقيه شافعي من علماء العربية ، أخذ عنه الهلالي الكتب الستة بأسانيدها.
الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الفتاح الملوي شهاب الدين الشافعي الأزهري (1088-1181ه).
الشيخ إبراهيم الحلبي فقيه حنفي له اشتغال في الأدب.
الشيخ العلامة عبد الوهاب بن محمد الطنثي المصري الأزهري الشافعي المذهب، أخذ عنه الهلالي سند الصحيح.
العلامة أبو حامد العربي التلمساني أخذ عنه الهلالي الدلائل بمصر.
محمد بن العربي الطرابلسي أخذ عنه الهلالي أسانيد الكتب الستة. (لعوينة، 2021،18)
- تلاميذته:
من الواضح أن براعة الهلالي في مجال التعليم والتدريس، وسعة اطلاعه وتنوع ثقافته وعلمه، وقوة عارضته، قد أبهرت مريديه ومتتبعي أخباره فوصفوه بصفات العلماء والفقهاء الأجلاء.
لقد استطاع الهلالي حشد عدد كبير من الطلبة الذين تتلمذوا على يده، ولكثرتهم لا يمكن الإحاطة بكل من تعلموا وأخذوا عنه إذ إنه اينما حل وارتحل يعقد جلسات علمية متعددة ومتنوعة يحضرها العديد من المهتمين بالعلوم الدينية والدنيوية. ولعل من بين التلاميذ الذين سجلهم التاريخ وذكرتهم المصادر منها:
نور البصر في شرح المختصر، نشر المثاني، وفهرسة التاودي وفهرس الفهارس والمعسول والإتحاف. ونذكر من بين طلبته:
محمد بن الطيب القادري (1124- 1187ه)؛
أبو عبد الله محمد بن أحمد الحضيكي السوسي (1118م-1189ه)؛
محمد عبد القادر بن العربي بوخريص الفيلالي( ت1188ه-1774م)؛
أبو عبد الله البناني الفاسي(ت1780م 1194ه)؛
السلطان سيدي محمد بن عبد الله بن إسماعيل(ت1204ه-1789م)؛
أبوعبد الله محمد التاودي بن سودة المري (ت 1209ه- 1794م)؛
أبوعبد الله محمد بن أبي قاسم السجلماسي؛
عبد الوهاب بن أحمد؛
عبد العزيز الرحماني؛
السيد محمد بن السيد؛
مولاي أحمد بن عبد المالك العلوي
أبو القاسم العميري؛
علي بن عبود.
- مكانة الهلالي العلمية:
حظي الهلالي بإشادة وإعجاب وتقدير معاصريه من العلماء والفقهاء، إذ كان شخصية موسوعية ملمة بكل أنواع الآداب والعلوم والفنون ، فهو عالم مشارك لساني، فقيه أصولي، نحوي لغوي بياني، أديب فيلسوف منطقي، صوفي زاهد ورع متدين، شاعر عاطفي، جواد كريم، حسن الشيم مهذب الطباع كريم الأخلاق، عذب الحديث والكلام، الجليس المصغ المستمع الحكيم الرزين، المفسر المقرئ الحافظ، المحقق والمؤلف، المدرس المربي البارع، العارف بالتاريخ والهندسة والجغرافية، بديع الأسلوب فصيح اللسان، نير الفكر واسع الرؤية، عالم بالكتاب والسنة، اجتمع له من العلم ما تفرق في غيره، ولا غرابة في ذلك فهو سليل أسرة علمية، ورث العلم عن أبائه وأجداده عشق العلم وتحصيله، لذلك نجده يشد رحاله طلبا للمزيد وطمعا في التزود بالمعارف والعلوم الدينية والدنيوية لا يهاب الفيافي ولا يخشى القر والحر أينما استقر يأتيه الطلاب من كل فج عميق وتسابق إليه المريدون ليقتاتوا من معينه الفياض ويظفروا منه بذخر نفيس كريم. وهذا تلميذه “الحضيكي” يصفه قائلا: ” كان – رضي الله عنه- فريد عصره وأعلم أهل زمانه وأتقاهم وأزهدهم في الدنيا وأرغبهم في الآخرة…”( بومزكو، 2006، 1/95).
حاز الهلالي شهرة عظيمة ذاع فيها صيته في المشرق والمغرب ، ما جعل العلماء يتهافتون عليه وينقلون أخباره ويتداولونها في مجالسهم العلمية مثلما فعل “العلامة أبي عبد الله سيدي محمد بن الحسن البناني المدعو الفاسي” حيث قال: “سبحانه الله ما رأينا ولا سمعنا بعصرنا هذا أحفظ ولا أتقن للعلوم وعللها من أبي العباس الهلالي وقد بلغ مرتبة جده ابن هلال بل أعلى منها”(لعوينة،2021، 4).
كما حلاه جامع ديوانه الشيخ سليمان الحوات (ت 1231ه- 1816م) بقوله: “سار بذكره كل مشرق مغرب، وبلغ الشاهد الغائب… فانحشرت الخلائق إليه من أقاصي المغارب بل كادت أن تنقض عليه من الكواكب”(الصغير،2015، 151).
وقوله أيضا : ” بحر العلوم المتلاطمة أمواجه، وفلك الفهم المتلألئة أبراجه، عين الأعيان، وصدر أرباب التفسير والبيان(الصغير،2015، 151).
- حلقاته التعليمية:
اشتهر الهلالي أيضا بتواضعه مع طلبته وغيرته على العلم فكما سبق الذكر أن أبا هلال أينما حل ببلد إلا وتوافد عليه الطلبة من كل حدب وصوب للنهل مما حباه الله به من علم وفهم عميق وتبصر ونظر ثاقب، ” فقد كان الشيخ –رضي الله عنه- في هذه الآفاق المغربية قطب رحاه، بل شمس ضحاها، عليه تدور مشكلات مسائلها وفتاويها، فيزيح غياهب الإشكال عن سائلها وراويها، وذلك في جميع ما بين تلمسان وفاس ومراكش وسوس وما يواليها، إلى الساقية الحمراء وبواديها، ومن بالأرض الجنوبية من الزوايا المشتغلين بتدريس العلوم في مساجدها ونواديها، كان أهل تلك البلاد كلها يريدون عذب بحار علومه، ويستضيئون بمصابيح ثواقب فهومه…”(السوسي،1963،6/32-33).
لقد اعتمد الهلالي في دروسه منهجا خاصا في تدريسه للعلوم، فنجد تلميذه محمد بن محمد بن صالح الفيلالي يطلعنا على طريقته في التدريس والكتب التي استند عليها في التدريس حيث قال:
” كنا نقرأ عليه في اليوم والليلة خمسة عشرة كتابا فيملي علينا تفسيرها كلها من حفظه، وبفصيح بيانه وبليغ لفظه… كنا نبدأ في القراءة بعد حزب الصبح بنصاب من التفسير من البيضاوي أو ذي الجلالين أو غيرهما نسرد منه ربع حزب أو أكثر بحسب الوسع والتيسير…،ثم يتبع القرآن بالحديث فنقرأ نصابا من الموطأ أو صحيح مسلم أو غيرها ثم نتبعه بنصاب من كتب اصطلاحه من ألفية العراقي أو الطرفة أم غيرهما… ثم نتبعه بنصاب من جمع الجوامع للسبكي في أصول الفقه فهذه الستة قبل الزوال.
ثم يقوم الشيخ قرب الزوال ليستريح بنومة قليلة في الدار… فنقرأ بين الظهرين نصابا من التوحيد من كبرى السنوسي غالبا أو صغراه أو مقدمته…فنصلي العصر ونقرأ نصابا من الخلاصة أو الفريدة أو التسهيل… ثم بعد حزب المغرب نقرأ العشاءين نصابا من الرسالة أو المرشد المعين وآخر من صغرى السنوسي… وكان رضي الله عنه لا يفتر عن التدريس ولا يتركه إلا لعذر مانع كمرض أو سفر…”(الصغير،2015،101 ،102،103).
لقد كان الشيخ الهلالي يوزع المواد التي يدرسها لطلبته على أيام الأسبوع من طلوع الفجر إلى ما بعد العشاء وما يشمله هذا البرنامج الدراسي من تدبير محكم للوقت وتوزيع جيد للدروس وتنويع المواضيع حتى لا يمل الطالب أو يفتر، ساعيا من وراء ذلك تلقين الراغبين في العلم والمعرفة ما جادت به قريحته وما فاض منه معينه لتثقيف عقول الطارقين على باب علمه ومعرفته، فلم يترك علما ولا فنا من المعقول والمنقول إلا ودرسه بكل جدية وحزم لطلابه المجدين.
- مؤلفاته:
يعتبر الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، من الشخصيات البارزة في مجال الفكر والمعرفة، شخصية موسوعية، وهرم من أهرام التقوى والصلاح وقمة عالية من قمم الفضل والشرف كثر الحديث عنها وعن فضائلها ومناقبها وعلمها الواسع ومخلفاتها الأدبية الثرية الشاملة لمضان الأدب والفقه والفنون وشتى العلوم. لقد حملت هذه الشخصية في أعطافها علما غزيرا تنوعت به خزانته العلمية من خلال المؤلفات التي خلفها والتي ساهمت في تطوير الحركة العلمية بالمغرب خلال القرن الثاني عشر الهجري.
إن المتأمل في تركة الهلالي الأدبية والعلمية والدينية، يجدها تنم عن جهاد مؤلف تحمل الصعاب وتجشم الأهوال وقطع المسالك الوعرة للنهل والتحصيل، لقد كرس الهلالي حياته لخدمة العلم والدين رغم أنه لم يعمر طويلا حيث وافته المنية عن سن يناهز اثنتي وستين عاما، إلا أنه تمكن خلال هذه السنوات من ملء المكتبة المغربية خاصة والعربية عامة بمؤلفات كثيرة في مختلف المجالات المعرفية، ” تداولها طلبة العلم بين يديه، بل درس بعضها لتلامذته، وبعد وفاته ظلت تتداول بين أهل العلم شرقا ومغربا…” (الصغير،2015-121).
ألف الهلالي في مناحي معرفية متعددة ومتنوعة كالفقه واللغة والمنطق والتفسير وغير ذلك فضلا عن نشاطه المتميز في مجال الشعر. وهذا بعض ما كتب حسب الفنون. (الصغير،2015-121 ،122، 123، 128، 129).
*في علوم القرآن :
- -تفسير القرآن الكريم سفر يحتوي على 706 صفحة.
- عرف الند في حكم حذف حرف المد؛
- رسالة في البسملة؛
*في الفقه:
- نور البصر في شرح المختصر؛
* في التراجم:
- الترجمة الأولى في التوحيد؛
- الترجمة الثانية في النكاح والطلاق؛
- الترجمة الثالثة في البيع والإجارة؛
- الترجمة الرابعة في الحبس والوصية والعطيات؛
- الترجمة الخامسة في القضاء والشهادات؛
- الترجمة السادسة في الضرر و إحياء الموات؛
- الترجمة السابعة في أمور متفرقات نثرا ونظما؛
*قصيدة في الجواب على مسألتين، سئل عنهما من احد طلبة العلم بفاس؛
- المسألة الأولى في حكم سكنى بيت المدرسة، ومما قال فيها: :(أبو الوقار،أيت المكي،2014، 22،23..)
مستوجب السكنى ببيت المدرسة من خصه قصد الذي قد حبسه
وقـصــده يــدرى بلفــــظ نــص أو ظــاهر عميـــم أو مختـــص
أو عادة في زمن التحبـــــيــس معـــــروفة نافيـــــة التلبيـــــس
وقد لخص جواب العبدوسي مفتي فاس حيث قال:
وقد أجاب السيد العبدوسي عليه رحمى الملك القدوس
أن الذي يسكن في المدارس من هو دأبـا للعـــلوم دارس
وبلغ العشرين عاما وحضر الحزب والمجلس إلا لضرر
- المسألة الثانية: لخص فيها المسألة الفقهية المعروفة ب ” زبية الأسد” قال فيها:(أبو الوقار، أيت المكي،2014، 22،23 ..)
أما الذين أشرفوا في البير لينظـــروا للأسد المبيـــــــر
فسقط الواحد منهم وعلق بالثاني والثاني بالثالث لصق
وثالث ورابـــع فسقطـــوا جميعهم لقعـــرها وهبطـــــوا
إلى أن قال:
فهذه قد نكلت عن وجهها أفهام قـوم بحثـــوا عن كنههــــا
* مجموعة من الفتاوي في النكاح والمعاملات؛
* فتوى في حكم أحباس المسجد؛
* أجوبة عن عدة أسئلة؛
* أجوبة أخرى في عدة قضايا ونوازل في البيع والعقود وغيرها؛
إضافة إلى مخلفات أدبية ازدانت بها الخزانات والمكتبات المغربية والمشرقية شملت:
قصائد في التصوف، في اللغة من خلال بعض المخطوطات كفتح القدوس في شرح خطبة القاموس وأيضا مخطوط إضاءة الأدموس ورياضة الشموس من اصطلاح صاحب القاموس، كذلك ألف في النحو والصرف والأدب والسلوك وفي المنطق من خلال شرح منظومة القادري المسماة ب ” الزواهر الأفقية في شرح الجواهر المنطقية”.
- أبو العباس أحمد ابن عبد العزيز الهلالي شاعرا:
كشأن العديد من العلماء والمشايخ الذين استهواهم الشعر، نجد الهلالي انساق في هذا الاتجاه، إذ كان يجمع بين البراعة في النثر والجودة في النظم، وذلك لما حباه الله بهذه الملكة لما يتسم به من إحساس وصفاء روح ودقة الوصف والتصوير وسلاسة التعبير و اللغة.
ولعل هذا ما ميز فقيهنا عن غيره أنه كان شاعرا بارعا ينطق بالشعر سليقة بما يقتضيه المقام و الزمان والمكان فاق به نظراءه من المشايخ والعلماء، لامتلاكه لمهارات شعرية، وثقافة دينية وأدبية واسعة تمكنه من ممارسة نظم الشعر وقوله، يستجيب لتطلعات مريديه ومتلقيه.
فشعره يتقاطر روعة وعذوبة ليلائم مضامينه المتشبعة بالروح الصوفية والإحساس المرهف الصادق وفق ما تفرضه ثقافته الموسوعية التي يتحكم فيها من خلالها اقتناءه لمعجم مناسب يجعله يتكيف مع مضامين شعره الذي سلك فيه تنوع الأغراض والمواضيع، وهذا راجع إلى ما يمتلكه شيخنا من قدرة على وصف الأشياء بدقة وشفافية، فقد أحسن وأجاد ومدح وأثنى ورثى فأبكى، خاصة لما رثى شيوخه.
من خلال اطلاعنا على ديوانه وجدناه مقسما إلى تسعة أبواب وهي كالآتي:( الصغير، 2015، 130، 131، 132 ، 133..)
الباب الأول: في التوسلات
الباب الثاني: في المدح والثناء
الباب الثالث: في غرر من الأدب
الباب الرابع: في الأدعية والوعظ
الباب الخامس: في التهاني والمخاطبات
الباب السادس: في التشوق والحنين
الباب السابع: في التشبيهات
الباب الثامن في المراثي
لقد برع الهلالي في نظم الشعر وقوله، لكنه لم يتخذه وسيلة للتكسب والاسترزاق ولكنه وظفه في أغراض نبيلة وغايات شريفة عبر عنها من خلال قوله: ” ومنه أي من نعم الله عليه- تيسير نظم الشعر علينا، وجعله في أدعية وتوسلات، واستغاثة بعباد الله الصالحين، وجمع فوائد علمية للحفظ ونحو ذلك، ولم يجعله تعالى بفضله مصروفا فيما لا يليق من هجو أو مدح
مذمومين شرعا، ولا في تملق لاستجلاب حطام الدنيا الفانية، وللهدر القائل:
لا أطلب الرزق بشعر لو كنــت على جيــده أقــــدر
فقد علمــت أن لي سيـــدا يرزقني من حيث لا أشـــعر (الهلالي، 2/115 ،116)
- وفاة أبي العباس أحمد ابن عبد العزيز الهلالي:
هكذا أفل نجم أبو العباس وخفت نوره وانطفأت شمعته، وهو في أوج عطائه ، حيث غيبته المنون وتوارى عن طلابه ومريديه، وهو في الستين من عمره إلا أن نبراسه ظل متقدا بفضل الثروة الفائضة في شتى العلوم والفنون والتي ازدانت بها ردهات المكتبات المغربية والعربية ما جعلها قبلة لكل باحث وطالب علم،
لقد سخر أبو العباس أحمد ابن عبد العزيز الهلالي، حياته لخدمة العلم والمعرفة بكل جد وأمانة دون كلل أو ملل، حتى بلغ مبلغ العلماء ومنتهى الفقهاء، وجمع له من العلم ما لم يجتمع لغيره، كما أسدى خدمات جليلة للأدب، خدم اللغة العربية والعلوم الإسلامية من فقه وأصول تفسير وحديث وغيرها من علوم المنقول والمعقول، كان فاضلا صالحا ناشرا للقراءات، تقيا نزيها سيرا على نهج شيوخه السالفين، وبلغ مقاما لا يبلغه إلا أكابر العباد، وأفراد النساك.
بذل جهدا كبيرا في ترقية العقول فلم يتوان عن النصح والإرشاد والإجابة عن الأسئلة العالقة لدى مريديه وتلامذته فإذا استشكل مستشكل أجاب عنه بما يقنع ويوضح لبسه، كما أطلق العنان لقريحته لتصدح شعرا عذبا سلسا جمله بجمال البساطة وتدفق المعاني في سلامة المعنى وقوة الألفاظ.
توفي رحمه الله “قبل الفجر بساعتين من ليلة الثلاثاء، الحادي والعشرين من ربيع الأول، عام خمسة وسبعين ومائة وألف(1175 ه)، ودفن بزاوية جده لأمه: الولي الصالح أبي الحسن سيدي الحاج علي بن أبي زينة، بضواحي مدينة الريصاني، إقليم الرشيدية، وقبره مازال إلى اليوم معروفا بجوار جده، رحمهما الله وإيانا.”( الصغير،2015، 96).
توفي الشيخ رحمه الله فبكاه الصغير والكبير، ولما نعي الخبر إلى تلامذته و الذين يعرفون قدرته وتأسفوا على فقدانه من الساحة العلمية ورثوه بقصائد حزينة، منهم محمد بن الحسن الوكيلي في قصيدة اخترنا منها ما يلي:
مات الهلالي واختل النظام وعــ م الخطب منه الورى حتى الجمادات
مات الإمام الذي عمت فضائله طـــود العـــلوم وقـــــدوة لقــادات (ابن زيدان، 1932، 4/146).
كما رثاه بعض تلامذته مبرزين أسفهم وحزنهم الشديد لفقدانهم لهذا الشيخ العلامة، الذي دمعت له العيون ودملت له القلوب وانكسرت له الخواطر وتأججت له العواطف والمشاعر، والذي قل نظيره شيما وأخلاقا وتواضعا وعلما ومعاملة وتعاملا وكفافا وعفافا وجودا وكرما وعبادة وتزهدا.
ويقول فيه سيدي محمد بن الطيب القادري حين بلغه نبأ وفاته
لك الله من قلب تقلب بالجمر على فقد شمس العلم من مغرب القبر
ولا سيما يوم أحال طلوعها غداة نعوا شمس الائمة في العصر (أبوقار، أيت المكي،2014،22)
المصادر والمراجع
أبو العباس أحمد ابن عبد العزيز الهلالي العالم الزاهد، محمد صغيري الفلالي: ، الطبعة الأولى 2015،دار الأمان للنشر والتوزيع- الرباط.
أبي العباس الهلالي فهرسة تح وتقديم ، رشيد المصلوت الروداني، طبعت (1401ه/ 1981م)؛
أبي عبد الله الحسني الفيلالي، المقتبس الأسنى في بيان طرق من معاني نظم الأسماء الحسنى، تأليف، تح، محجوبة لعوينة، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 2021
أبي عبد الله محمد التاودي بن سودة، الفهرسة الصغرى والكبرى، دراسة وتحقيق: عبد المجيد خيالي، طبع: دار الكتب العلمية- لبنان، الطبعة الأولى2002م
أحمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس ، الموسوعة الكتانية لتاريخ فاس، تح: محمد حمزة بن علي الكتاني، الطبعة الأولى ، 2004.
أحمد فاضل، الحسين أبو الوقار، عبد لعزيز أيت المكي، نور البصر في شرح المختصر لأبي العباس أحمد ابن عبد العزيز الهلالي ، دراسة وتحقيق، الطبعة الأولى،2014، دار الأمان ، الرباط.
ديوان أبي العباس أحمد بن عبد الله العزيز الهلالي السجلماسي، جمع وتحقيق سليمان الحوات ، الطبعة الأولى ، 1988.
الشيخ محمد بن أحمد الحضيكي، طبقات الحضيكي، تقديم وتحقيق: أحمد بومزكو، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2006م
عبد الرحمان الجبرتي، عجائب الآثار في التراجم والأخبار، 1998 ،الهيئة العامة لقصور الثقافة .
عبد الرحمان بن محمد ابن زيدان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة، مكناس ج4، الطبعة الأولى 1932 المطبعة لصاحبها عباس التناني بدرب فاس العدد 3 بالرباط)؛
فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، لعبد الحي الكتاني، طبع، دار الغرب الإسلامي 1982؛
محمد المختار السوسي المعسول، مطبعة النجاح الجديدة1963م
محمد بن الطيب بن عبد السلام القادري الحسني، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ضمن موسوعة أعلام المغرب، طبع: دار الغرب الإسلامي،، تح محمد حجي، أحمد التوفيق الطبعة الأولى،1996م .
مخطوط تحت رقم 2893 الخزانة الحسنية،295.