نوفمبر 23, 2024 3:29 ص

أستاذ مساعد علاء عبد الدائم زوبع

جامعة بابل / مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية

Alaadaem.2018@gmail.com

009647706017728

الخلاصة :

السامية و(الساميون) تسمية اصطلاحية اطلقت على مجموعة من الأقوام الذين تقاربت لغاتهم، وقامت لهم حضارات تعاصرت حيناً ، وتعاقبت حيناً آخر ، استقروا منذ غابر الأزمنة في اجزاء من غرب آسيا وشرق افريقيا. وهي كل من الجزيرة العربية، وهؤلاء الأقوام هم : العرب والعبرانيون والآراميون والفينيقيون والبابليون والآشوريون والأحباش، وكان أول من أطلق هذا المصطلح واستعمل هذه التسمية هو المستشرق الألماني شلوتزر  في دراساته وتحقيقاته في تاريخ الأمم الغابرة عام 1781م ، وبحثه عن تسمية مشتركة للعبرانيين والعرب والأحباش الذين ظهر في لغاتهم تشابه وصلات قرابة. وقد اقتبس شلوتزر هذه التسمية من الجدول الخاص بانساب النبي نوح الوارد في التوراة. فقد ورد في سفر التكوين أول تقسيم للاجناس البشرية، إذ ارجعت التوراة النوع الإنساني على تعدد قبائله وشعوبه وأممه إلى اولاد النبي نوح وهم (سام وحام ويافث) فجعلت الأجناس البشرية لذلك ثلاث فقط يرجع كل واحد منها إلى جد أعلى من أبناء نوح الثلاثة. فالساميون هم أبناء سام بحسب ما ورد في النص التوراتي الذي أتى على ذكر شعوبهم. وعلى ضوء هذا التقسيم المستند لرواية التوراة اطلق شلوتزر على تلك الأقوام أسم الشعوب السامية  وعلى لغاتهم أسم اللغات السامية.

وقد أثارت هذه التسمية جدلاً كبيراً بين المستشرقين الغربيين وبين الباحثين العرب وواجهت انتقادات كثيرة فقد انتقدها عدد من المستشرقين امثال نولدكه  وأوليري  وبروكلمان   وهنري فلش
( وآخرون، كما انتقدها واعترض عليها عدد كبير من الباحثين العرب وقدموا الادلة والبراهين في عدم أهلية هذه التسمية، أمثال الدكتور عامر سليمان والدكتور سامي سعيد الأحمد والدكتور نجيب البهبيتي وطه باقر والعقاد وآخرون. وفي هذا البحث سنتناول بالدراسة والتحليل تلك الانتقادات والاعتراضات التي وجهت لهذه التسمية سواء من جانب المستشرقين أو من جانب الباحثين العرب والتسميات التي اقترحها الباحثون العرب بدلاً عنها ومدى قبول تلك التسميات وانتشار استعمالها في الأوساط العلمية والبحثية .

الكلمات المفتاحية: اللغات السامية ، المستشرقين ، الباحثين العرب .

 

 

Semites and the dialectic of naming between orientalists and Arab researchers

Assist Prof. Alaa Abdel-Daem

Babylon University /  Babylon Center for Cultural and Historical Studies

 

ABSTRACT

Semites and (Semites) is an idiomatic name given to a group of peoples whose languages ​​have converged, and for whom civilizations have contemporaneous at one time, and successive ones at other times, have been established for them since ancient times in parts of West Asia and East Africa. It is exclusively the Arabian Peninsula, the Levant, Iraq, Sinai, and Abyssinia, and these peoples are Arabs, Hebrews, Arameans, Phoenicians, Babylonians, Assyrians and Abyssinians. And his search for a common designation for the Hebrews, the Arabs, and the Abyssinians, in whose languages ​​there appeared similarities and kinship ties. Schlützer took this name from the genealogy table of the Prophet Noah in the Torah. In the Book of Genesis, the first division of human races was mentioned, as the Torah attributed the human species to the multiplicity of its tribes, peoples and nations to the three sons of the Prophet Noah (Shem, Ham and Japheth), so it made the human races only three, each of which belongs to a grandfather higher than the three sons of Noah. The Semites are the sons of Shem, according to the biblical text that mentions their peoples. In light of this division based on the narration of the Torah, Schlützer called these The peoples are the names of the Semitic peoples (Semites), and their languages ​​have the name the Semitic languages. This term has sparked great controversy among Western Orientalists and Arab researchers and has faced many criticisms, as several Orientalists, such as Noldeke, Oleray, Brockelmann, and Henry Flesh have criticized it.

)Fleisch P.H) and others, as were criticized and objected to by a large number of Arab researchers who presented evidence and proof that this appellation was not qualified, such as Dr Amer Suleiman, Dr Sami Saeed Al-Ahmad, Dr Najeeb Al-Bahiti, Taha Baqer, Al-Akkad and others. In this research, we will study and analyze the criticisms and objections that were directed at this label, the labels suggested by Arab researchers instead, and the extent to which these labels are accepted and used in scientific and research circles.

Keywords: Semitic languages, – Orientalists – Arab researchers .

التمهيد:

تطلق كلمة الساميين على مجموعة من الأمم سكنت منذ غابر الأزمنة أجزاء من غرب آسيا وشرق أفريقيا ، الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق وسيناء والحبشة. ( الانطاكي ، د.ت: 66 ؛اسماعيل، 2002 : 2)

وأول من أطلق هذه التسمية هو المستشرق الألماني اوغست لودويك شلوتزر، في ابحاثه وتحقيقاته في تاريخ الأمم الغابرة عام 1871م وشاعت هذه التسمية منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى الآن ( ولفنسون ،1980 : 9 ؛ ظاظا ، 1990 : 9 ؛ كمال ، 1980 : 6). وقد أقتبس هذه التسمية من الجدول الخاص بأنساب نوح (ع) الوارد في التوراة ، فقد ورد في سفر التكوين من التوراة أول تقسيم للأجناس البشرية ، إذ أرجعت التوراة النوع الانساني على تعدد قبائله وشعوبه وأممه إلى أبناء نوح الثلاثة وهم (سام، وحام ، ويافث) ، فجعلت الأجناس البشرية لذلك ثلاثة فقط يرجع كل واحد منها إلى جد أعلى من ابناء نوح الثلاثة ( العناني واخرون ، 1935 : 17 ؛ عبد الرؤوف ، 2006 : 11 )، حيث يرد (في الإصحاح التاسع) من سفر التكوين ، أن ابناء نوح الذين خرجوا من الفلك هم (سام، وحام ، ويافث) (تكوين: 9/18) وحام هو ابو كنعان فهؤلاء أولاد نوح الثلاثة ونسلهم هو الذي أنتشر في جميع أنحاء الأرض.

ثم يرد في نفس السفر أن نوح قد لعن كعنان، بقوله: (ملعون كنعان فيكون أحقر عبيد أخوته) (تكوين:9/25)  ، ثم بارك سام بقوله: (ليبارك الرب سام ويجعل كنعان عبداً له) (تكوين:9/26) ، ثم يرد في (الإصحاح العاشر) من سفر التكوين أيضاً، أن أولاد نوح (سام، وحام ، ويافث) قد أنجبوا أولاداً ومنهم تفرقت الشعوب في الأرض بعد الطوفان. فبنو سام هم (عيلام ، وآشور ، وأرفشكاد ، ولود ، وآرام) (تكوين:10/22) ، وبنو حام هم (كوش ، ومصرايم ، وفوط ، وكنعان) (تكوين:10/6) وبنو يافث هم (جومر ، وماجوج ، وماداي ، وياوان ، وتوبال ، وماشك ، وتيراس) (تكوين:10/2) .

وفي (الأصحاح الحادي عشر) من سفر التكوين يرد (أن العالم كله كان يتكلم لغة واحدة ، وأنهم أتجهوا شرقاً وسكنوا أرض شنعار … حيث قال الرب الشعب واحد واللغة واحدة … ففرقهم على وجه الأرض لكي لا يفهم بعضهم لغة بعض).

وعلى ضوء هذا التقسيم المستند لرواية التوراة ، وبحسب جدول الأنساب الوارد في الإصحاح العاشر من سفر التكوين، أطلق شلوتزر على الأمم والشعوب التي تكلمت بهذه اللغات أسم (الشعوب السامية ( ( موسكاتي ، 1993 : 13 ؛ باقر، 2009 : ص83 ، حجازي ، 1987 : 133 ) ، وعلى اللغات (العبرية والعربية والآرامية والحبشية) أسم (اللغات السامية  (،بعد أن لاحظ أن هناك علاقة قرابة بين هذه اللغات وأوجه شبه عديدة تشترك بها في مجالات الأصوات والصيغ الصرفية والنحوية والدلالية، وبالتالي فأنها تستحق أن تصنف كمجموعة واحدة ، وأن يكون لها أسم واحد( البركاوي ، 1994 : 33 – 34؛ عبد الجلي ، د.ت : 7 ) ، وأن جميع الأمم والشعوب التي تكلمت أو تتكلم هذه اللغات ينحدرون من نسل سام بن نوح ( الضامن ، 2007 : 9 ؛ مايو ، 1998 : 29 ) .

 

المبحث الأول

الموطن الأول للأقوام التي عرفت باسم (الأمم السامية)

اختلف العلماء والباحثون من المستشرقين في تعيين الموطن الأول والمهد الذي انبثقت منه سائر الأمم السامية ، وذهبوا فيه مذاهب شتى جاءت متباينة غير متفقة لعدم اهتدائهم حتى الآن إلى دليل مادي يشير لذلك الوطن، أو يؤيد وجود مثل هذا الوطن ، ولم يصلوا بشأنه إلى رأي يقيني، فتبلورت نتيجة ذلك آراء وفرضيات ونظريات عدة من أهمها :

  1. يرى بعض المستشرقين أن المهد الأصلي للأمم السامية هو جنوب العراق (أقليم بابل) وقد نظرّ لهذا الرأي كلاً من (فون كريمر) و (جويدي) و (هومل) (البركاوي 1994 : 34 ؛ عبد الرؤوف ، 2006 : 16 ؛ زيدان ،1969 : 40 ).

فقد ذهب فون كريمر وهو عالم ألماني  إلى أن أقليم بابل هو موطن الساميين الأول، وذلك لوجود ألفاظ عديدة لمسميات زراعية وحياتية تشترك فيها أكثر اللغات السامية المعروفية وهي مسميات لأمور هي من صميم حياة هذا الأقليم، إلا أنه عاد فذكر أنه وجد أن لفظة (الجمل) لهذا الحيوان المعروف وهي لفظة واردة في جميع اللغات السامية وفي ورود هذه التسمية في جميع هذه اللغات دلالة على أنها من بقايا اللغة السامية الأولى. ولكن الجمل حيوان اصله وموطنه الأول الهضبة المركزية التي في آسيا على مقربة من نهر سيحون ونهر جيحون، ولما كان قد لازم الساميين من فجر تأريخهم واقترن أسمه بأسمهم ، وجب أن يكون موطن الساميين الأقدم أذن هو تلك الهضبة إلا أن أجداد الساميين غادروها في الدهر الأول وارتحلوا عنها فانحازوا إلى الغرب مجتازين إيران والأراضي المأهولة بالشعوب (الهندواوربية) حتى وصلوا إلى إقليم بابل فنزلوا فيه فصار هذا الأقليم الوطن الأقدم أو الأول للساميين. وطريقة فون كريمر في هذه النظرية ، دراسة أسماء النبات والحيوان في اللغات السامية وتصنيفها وتبويبها للتمكن بذلك من معرفة المسميات المشتركة والمسميات التي ترد بكثرة في أغلب تلك اللغات والتوصل بهذه الطريقة إلى الوقوف على أقدم الحيوانات والنباتات عند تلك الشعوب فإذا أهتدينا إليها صار من السهل على رأيه التوصل إلى معرفة الوطن الأصلي الذي جمع في يوم ما شمل أجداد الساميين ( علي ، 1993 : 229 – 230 ).

أما جويدي، وهو من القائلين أيضاً أن أقليم بابل هو الموطن الأول للساميين، فقد درس العبارات المألوفة في جميع اللغات السامية عن العمران والحيوان والنبات ونواحي الحياة الأخرى، وقارن بينها وتتبع أصولها حتى تبين له من طبيعة هذه الكلمات وأصواتها ومدلولاتها ومن شواهد أخرى كثيرة أنها نشأة بجنوب العراق، ويتخذ من اشتراكها في جميع اللغات السامية دليلاً على أن هذه المنطقة كانت المهد الأول للساميين( وافي، 2007 : 9).

وأما هومل ، وهو من العلماء الألمان الحاذقين في الدراسات اللغوية فقد ذهب أولاً إلى أن موطن الساميين هو شمال العراق، ثم عاد فقرر أن أقليم بابل هو الوطن الاصلي وذهب أيضاً إلى أن قدماء المصريين هم فرع من فروع الشجرة التي اثمرت الثمرة السامية وهم الذين نقلوا على رأيه الحضارة إلى مصر من البابليين ( علي ، 1993 : 230 – 231 ).

وقد ناقش (نولدكه) آراء هؤلاء العلماء المذكورين القائمة على المقابلات والموازنات اللغوية، وعارضها معارضة شديدة بقوله : أن من العبث أن نعتمد بأثبات حقيقة كهذه على جملة كلمات ليس ما يثبت لنا أن جميع الساميين أخذوها عن العراق. ثم يذهب في تأييد معارضته إلى سرد كلمات عن الحيوان والعمران كانت ولاشك عند جميع الأمم السامية من أقدم الأزمنة مثل :

جبل ، شيخ ، صبي ، أسود. فهذه الكلمات تختلف تسميتها وكل لغة سامية تسميها بأسم يغاير الأسم الذي تطلقه عليها اللغة الأخرى ، مع أنها جديرة بأن يكون لها لفظ مشترك في جميع اللغات السامية لأنها كانت موجودة عند الجميع حين كانوا أمة واحدة وحين تفرقوا أمم شتى( نولدكة ، 1963 : 9).

  1. يرى البعض الآخر من المستشرقين أن المهد الأصلي للأمة السامية هو شمال أفريقيا ،وقد ذهب إلى هذا كل من (جيرلند) و (نولدكه) إذ يرى جيرلند أن شمال أفريقيا هو الموطن الأصلي مستنداً إلى الدراسات الفيزيولوجية مثل تكوين الجماجم ، بالإضافة إلى البحوث اللغوية وأدعى أن الساميين والحاميين من سلالة واحدة تفرعت منها جملة فروع ، منها هذا الفرع السامي الذي أختار الشرق الأدنى موطناً له(عبد التواب ،د.ت : 38 ،علي ، 1999 : 235 ، زيدان ، 1969 : 40).

أما نولدكه فقد ذهب إلى هذا الرأي من خلال اعتماده على التشابه الكبير بين اللغة السامية واللغة الحامية وإلى التشابه الخلقي بين الحاميين والساميين إذا يقول : (والقرابة الكائنة بين اللغتين السامية والحامية تدعو إلى الاعتقاد بأن الموطن الأصلي للساميين كان في أفريقيا لأنه من النادر أن يظن أن الحاميين كان لهم موطن أصلي  غير القارة السوداء. وقال : أن عضلة الساق في الأقوام السامية هزيلة تماماً كما هو الحال في سكان أفريقيا الأصليين، كما يشترك الشعبان في مشابهة شعر الرأس للصوف وكذلك في بروز الفكين) . غير أنه يعود فيذكر أن نظريته تلك ليست إلا فرضاً قابلاً للنقض إذ يقول: (ويجب مع ذلك أن يؤخذ في الاعتبار أن كلاً من الساميين والحاميين قد اختلطا بشعوب أجنبية اختلاطاً كبيراً قلل من أوجه الشبه بينهما. وبالطبع لم أذكر كل هذا على أنه نظرية ثابتة ولكن على أنه فرض محتمل)(نولدكة ،1963 : 21 ). ولم يسلم هذا الرأي من النقد إذ كيف اختفت من أفريقيا إذن جميع اللغات السامية بحيث لا تعود إلى الظهور إلا في المستعمرات الفينيقية على الساحل ، لاسيما المستعمرة البونية في قرطاجنة بتونس (ظاظا،1990 :14 ).

ثالثاً: يرى عدد من كبار المستشرقين وعلى رأسهم رينان الفرنسي وبروكلمان  الألماني ودي جوج الهولندي ووليم رايت  الأنكليزي أن المهد الأول للساميين كان القسم الجنوبي الغربي من الجزيرة العربية ويعضد سايس في كتابه الإجرومية الآشورية هذه النظرية قائلاً : (أن جميع التقاليد السامية تدل على أن بلاد العرب هي الموطن الأصلي للساميين فهي الأرض التي ظلت منذ زمان متوغل في القدم خاصة بهم(طليمات ،2000 : 68 ، عبد الرؤوف، 2006 : 17 ؛ كمال ،1980 :11 – 12 ؛ علي،1993 :230).

ويستند هؤلاء العلماء في أثبات نظريتهم هذه على الحجج والبيانات التالية :

  1. لا يعقل أن ينتقل سكان الجبال والمزارعون من حياة الحضارة والاستقرار إلى البداوة، بل يحدث العكس. ولما كانت الشعوب السامية قد قضت في أطوارها الأولى حياة بدوية، فلا بد أن يكون وطنها الأول وطناً صحراوياً وجزيرة العرب تصلح أن تكون ذلك الوطن أكثر من أي مكان آخر.
  2. ثبت أن معظم المدن والقرى التي تكونت في العراق أو الشام إنما كونتها عناصر بدوية استقرت في مواضعها، واشتغلت بإصلاح أراضيها وعمرانها، واشتغلت في التجارة فنشأت من ذلك تلك المدن والقرى. ولما كانت أكثر هذه العناصر البدوية قد جاءت من جزيرة العرب، فتكون الجزيرة قياساً على ذلك الموطن الذي غذى العراق وبادية الشام وبلاد الشام وأرسل عليها موجات متوالية منها .
  3. هناك أدلة دينية ولغوية وتاريخية وجغرافية تشير بوضوح إلى أن جزيرة العرب هي مهد السامية ووطن الساميين .
  4. ويرى هؤلاء العلماء أن جزيرة العرب قد أمدت العراق وبلاد الشام بالسكان وأن القبيلة الضاربة في الهلال الخصيب قد جاءت من جزيرة العرب، فليس بمستبعد إذن أن يكون الساميون قد هاجروا منها إلى الهلال الخصيب( برو،1996 :45 ؛ علي،1993: 234 ؛وافي ،2007 :10 ).

أما فيلبي ، فيرى أن أقسام المنطقة الجنوبية من جزيرة العرب ومن ضمنها اليمن هي الوطن الأصلي للشعوب السامية، فهي مهد العرب ومهد السامية، ومنها نزحت الموجات البشرية بعد اضطرارها إلى ترك أوطانها القديمة بسبب الجفاف الذي حل بها. وقال: (إني أعتبر بلاد العرب الجنوبية هي الوطن الأم لهذا الجنس من البشر المعروف الآن بأسم الساميين وهو يمتاز عن سائر الشعوب بلغته المعروفة الآن بأسم اللغة العربية وكان هؤلاء الساميون بالتأكيد عرباً يتكلمون العربية وقد هاجروا من أوطانهم الأصلية في جنوب الجزيرة العربية بعد اضطرارهم لترك منازلهم القديمة بسبب الجفاف الذي ظهرت بوادره بعد العصر (الباليويتيك) وهو العصر الحجري القديم الذي يبدـ حسب تقدير العلماء قبل حوالي 35000 سنة والتوجه نحو الشمال إلى أطارف الهلال الخصيب في موجات متعاقبة ، وقد سلموا الطريق البري والبحري حتى وصلوا إلى العراق وسوريا وفلسطين، وهاجروا وقد حملوا معهم كل ما يملكون من أشياء ثمينة ، حملوا معهم آلهتهم وأهمها إله القمر (سين) وحملوا معهم لغتهم ثم مدوناتهم الثقافية في الأحقاب التالية ، وقد استمرت هذه الإجراءات عبر آلاف السنين تارة بطيئة وتارة أخرى سريعة الحركة حتى تمكنت إحدى هذه الزمر السامية أن تثبّت أقدامها في الهلال الخصيب من أوساط بلاد ما بين النهرين(phully, 1949 :9)

أما المستشرق الألماني نولدكه فيقول : (والجزيرة العربية والجهات الواقعة شمالها هي الموطن الأصلي للبدو ، هذا إلى أنه توجد في العرب المميزات الخالصة للساميين، كما أن لغتهم أقرب دائماً من اللغات الأخرى إلى السامية الأولى إلا أنه لا يمكن التسليم مطلقاً دون قيد أو شرط بأن العرب يحتفظون بمميزات الشماليين خالصة أكثر من غيرهم، ولكن الأصح أن يقال أن سكان الصحراء العربية قد انطبعت فيهم بعض الخصائص السامية المهمة واصبحوا اكثر تعصباً لها، تحت تأثير الطبيعة ذات الشكل الواحد، وأيضاً تحت تأثير الحياة الباقية على توالي الأجيال) (نولدكة،1963: 25- 26)  ويذكر أيضاً: ( أن بعض كبار العلماء يرى أن جزيرة العرب الموطن الأول للجنس السامي وهناك كثير من الأدلة تؤيد هذه النظرية، ويحفل التاريخ بأخبار القبائل التي خرجت من جزيرة العرب منذ فجر التاريخ واستقرت بالأراضي الزراعية التي تتاخم صحراء بلاد العرب، وقد احترفوا الزراعة واتخذوها نظاماً لحياتهم ، وهناك كثير من الأدلة اللغوية تشير إلى أن العبرانيين والآراميين من أصل بدوي، والحق أن جزيرة العرب وامتدادها الشمالي في بادية الشام هي الوطن الحقيق الملائم لشعب بدوي والمفروض أن العرب يمثلون الصفات السامية أصدق تمثيل وأن لغتهم أقرب إلى الأصل السامي من لغات الأجناس التي تشبههم ونحن نؤيد تأييداً تاماً هذه النظرية التي ترى أن جزيرة العرب هي الوطن الأول لكل الشعوب السامية لأنها نظرية جديرة بالتعضيد والتأييد)(سوسة،1986: 304).

  1. ويرى آخرون ومنهم (جون بيترس) : أن المهد الأول للساميين كان بلاد أرمينيا بالقرب من حدود كردستان حيث يرى هؤلاء أن هذا الموطن كان المهد الأول للشعبين السامي والآري معاً. وهذا الرأي مستمد من سفر التكوين (10/22 – 24 ، 11/12) إذ يعزى كثيراً من هذه الشعوب إلى ارفشكاد وهي مدينة تقع على حدود أرمينيا وكردستان(برو،1996:41 ؛عبد التواب،1999: 39).

ويرفض المستشرق نولدكه هذا الرأي بقوله : إذا كان هناك من يظن أن تلك الجهات كان يسكنها الشعب الأول الذي أنحدر منه الساميون والهندو- أوربيون فأن هذا الإدراك في هذه القرابة يعد أمراً صعباً والسبب في ذلك يرجع إلى أنها ليست حديثة السن حتى يمكن للساميين أن يحتفظوا بأية رواية تاريخية تؤيدها وأن من الخطأ الفاحش أن يعتقد أن شعوباً كبيرة قادرة أن تحتفظ مدة طويلة جداً بذكرياتها عن وطنها الأصلي الذي نشأ فيه آباؤه الأولون، وقد تعود المرء قديما على الرأي الخيالي القائل بثبات الذاكرة التاريخية للشعوب البدائية، غير أن مثل هذا الرأي يجب أن ينبذ كلياً فأن الوقت الذي كان فيه العبريون والعرب وغيرهما يكونون شعباً واحداً بعيداً جداً بحيث لا يمكن لشعب من هذه الشعوب أن يحتفظ برواية تاريخية منه(نولدكة،1963: 22)

  1. وذهب (كيلي) إلى أن الموطن الأصلي للساميين هو أرض (Amuru) الأموريين وتشمل هذه الأرض في رأيه بلاد الشام ومنطقة الفرات ومن هذه المنطقة هاجر الساميون. وقد توصل إلى نظريته من الدراسات اللغوية وهي لا تستند في الواقع إلى أدلة قوية (علي،1993 :238) .

 

المبحث الثاني

الساميون وجدلية التسمية بين المستشرقين والباحثين العرب

لقد واجهت هذه التسمية اعتراضات عدة سواء من المستشرقين أو من الباحثين العرب، فقد أعترض عليها عدد من المستشرقين كان في مقدمتهم المستشرق الالماني نولدكه إذ يعترض على هذه التسمية معللاً اعتراضه في أن سفر التكوين قد رتب الأمم على اعتبارات سياسية وثقافية وجغرافية لا على ظواهر لغوية أو تاريخية، لهذا أدخل العيلاميين ، والليديين ، في ابناء (سام) مع أنهما ليسا من الساميين ولا يوجد تشابه بين لغتهما ولغة العبرانيين ، ومن جانب آخر فأن سفر التكوين لم يعد الكنعانيين من الساميين بالرغم من صلة القرابة بين لغتهم ولغة الإسرائيليين ، بالإضافة إلى ذلك فأن سفر التكوين لم يقدم صورة واضحة عن العلاقة بين الشعوب جنوب الجزيرة العربية وشعوب الحبشة(نولدكة،1963: 9) . ويرى المستشرق بروكلمان أن بني إسرائيل هم الذين أقصوا الكنعانيين من جدول أنساب سام  brockelman,1910 : 6)) ، في حين يبرر المستشرق إسرائيل ولفنسون الدافع إلى إقصاء الكنعانيين عن الشعوب السامية بقوله: (أن الرابطة التاريخية التي كانت تربط العبرانيين بالكنعانيين كانت قد تفككت عراها وأضحت آثارها منذ عهد بعيد قبل خروج بني اسرائيل من الجزيرة العربية التي كانت وطناً مشتركاً لجميع الأمم العبرية والكنعانية وهذا السبب في عد الكنعانيين من بني حام(ولنسون،1980 : 10).

ويرى الباحث أن هذا التبرير لا يستند إلى أسس تاريخية أو منطقية وأن الدافع وراء هذا التبرير هو العقيدة اليهودية التي يعتنقها هذا المستشرق.

ويقول المستشرق اوليري في رده على هذه التسمية: (أن نظرية شلوتزر تقوم على اساس من التعاقب الدوري كما هو منصوص عنه في جدول الأمم الذي يجعل من آرام وارفكشاد ولدين لسام ومن ثم يجعل أرفكشاد جداً لإبراهيم بحيث يصبح الإسرائيليون ساميين باعتبارهم انحدروا من صلب إبراهيم ومثلهم العرب الذين يدعون أنهم أولاد إسماعيل وإذا تفحصنا هذه الأنساب بدقة تبين لنا ربط هذه الجماعات بأروما واحدة جاء طبقاً لعلائق سياسية، وعلى هذا الأساس أعتبر جدول الأمم عيلام ولود أخوين لآشور من أبناء سام. ومما لاشك فيه أن تعريف تلك الجماعات بالرموز (كالأحرف والأرقام) هو الأفضل وذلك لتجنب بعض التسميات كالسامية والهندو-أوربية وغيرها.

ونحن وأن كنا لا نستطيع تبرير أطلاق السامية على تلك الجماعات بصورة مطلقة إلا أن هذه التسمية تبقى مصطلحاً شائعاً ومقبولاً  O’leary, D. L,1923:2 – 3 ),).

ويقول العالم الفرنسي الأب هنري فليش : (أنه ينبغي أن لا نفهم من استعمال كلمة “السامية” أي شيء أكثر من أصطلاح المقصود به تيسير الأمور على الباحثين دون أن نعتقد أنه له دلالة عنصرية.( H. Fleisch,1947 :18).

وليس المستشرقون هم وحدهم من عارض هذه التسمية فقد عارضها الباحثون العرب ، وقدموا الأدلة والبراهين القاطعة في عدم أهلية هذه التسمية ، وكانت اعتراضاتهم عليها تستند إلى حقائق علمية وتاريخية لا على مجرد فرضيات واهية تنقصها الأدلة.

فقد أعترض عالم الآثار واللغات القديمة الدكتور عامر سليمان على هذه التسمية مفصلاً القول فيها أدق تفصيل إذ يقول : (فلو افترضنا جدلاً وأن كانت الأدلة التاريخية والدراسات الانثروبولوجية لا تؤيد مثل هذا الأفتراض أساساً، أن أولاد سام بن نوح قد انتشروا فعلاً كما يذكر سفر التكوين ، في منطقة الشرق الأدنى القديم فأنه يتبع هذا الأفتراض أن تكون لغات جميع الأقوام التي ذكر بأنها من نسل سام مثلاً متقاربة ومتشابهة وتنتمي بأصولها إلى أصل مشترك واحد، وهذا ما لا ينطبق على ما ورد في سفر التكوين حيث يذكر الإصحاح العاشر من السفر المذكور ما نصه : (بنو سام عيلام وآشور وأرفكشاد ولود وآرام) أي أنه عدّ العيلاميين والليديين من جملة الأقوام السامية حسب تسمية شلوتزر، في حين أثبتت الدراسات الحديثة أن كلاً من العيلاميين، وهم الذين استقروا في القسم الجنوبي الغربي من إيران، والليديين الذين استقروا في القسم الشمالي الغربي من إيران وبعض أجزاء آسيا الصغرى هم من الأقوام التي عرفت بالأقوام الهندية – الأوربية  المختلفة عرقياً ولغويا ًعن الأقوام التي سماها شلوتزر بالأقوام السامية ، وفضلاً عن ذلك فأن سفر التكوين أقصى الأقوام الكنعانية عن هذه المجموعة من الأقوام في حين يمثل الكنعانيون أول هجرة من هجرات الأقوام التي سميت بالسامية والتي جاءت أصلاً من جزيرة العرب واستقرت في بلاد الشام في أرض كنعان وهي المنطقة التي عرفت فيما بعد بفلسطين ، وبذلك فأنهم أي الكنعانيين يمثلون أقدم سكان أرض فلسطين المعروفين حتى الآن، يؤيد ذلك الأسماء الكنعانية الأصل التي تحملها أهم المدن التي قامت في هذه المنطقة مثل أريحا وبيت شان ومجدو واورشليم وجازر وغيرها( سليمان ،1991 :65 – 66 ) كما أن سفر التكوين لم يذكر العرب من بين أولاد نوح أو سام وكأنه لم يكن لهم وجود في المنطقة في حين اثبتت الدراسات الحديثة بأن أسم العرب كان معروفاً منذ فترة طويلة جداً سبقت تأريخ تدوين أسفار العهد القديم بعدة قرون وكان يدل على بعض القبائل البدوية من سكان البادية وشبه الجزيرة العربية. ولا يقتصر هذا الأرتباك على أولاد سام فحسب بل نجده واضحاً أيضاً في أنساب حام حيث ذكر الحثيون على أنهم من نسل كنعان بن حام ، الحثيون هم كما هو ثابت الآن من الأقوام الهندية – الأوربية التي جاءت من أوساط آسيا واستقرت في آسيا الصغرى وشمالي سوريا في الألف الثاني قبل الميلاد( سليمان ،1991 :65 – 66 ).

ويقول الدكتور سامي سعيد الأحمد أن تسمية الساميين لا تستند على اساس رصين من الواقع التاريخي ولا تدعمها المصادر المعتمدة والأدلة المستندة على التمحيص الموضوعي والدقة العلمية(الاحمد، 1981 : 3). وهو يتفق مع الأستاذ طه باقر في تسميتها باللغات الجزرية بدلاً من اللغات السامية وهي تسمية دعى إليها الأخير مستمداً إياها من الرأي القائل: (أن جزيرة العرب كانت مهداً للتلك الشعوب الذين شملتهم تسمية الساميين(باقر،2001 :65) ، والذين هاجروا من الجزيرة العربية بموجات مختلفة منذ أبعد العصور التاريخية إلى أجزاء مختلفة من الوطن العربي إذ يصح القول أن الأصول العربية فيها تطغى على تركيب سكانها وعلى لغتها. وقد أقترح الأستاذ طه باقر تسميات أخرى بدلاً من تسمية اللغات السامية وهي (الأقوام العربية القديمة) و (أقوام الجزيرة) إلى جانب مقترحه تسمية (الجزريين) أو (الجزيريين) (باقر،2001 :17). وأقترح الدكتور خالد أسماعيل تسميتها بـ (لغات العاربة) مستنداً في إطلاقه هذه التسمية إلى اصولها التاريخية وموطنها الأول ، الذي يجمع الباحثون على أنها جميعا كانت تشترك فيه ، ومازال بعضها يعيش فيه وهو جزيرة العرب ومآثر من تسميات متعارف عليه لشعوبها الأولى التي كانت تسكن جزيرة العرب وفي مقدمتهاٌوأق العربية الشمالية والعربية الجنوبية القديمة بلهجاتها المختلفة ، وبناءاً على هذا فهو يقترح أسم الشعوب العاربة واللغات العاربة ، والعاربة هم الذين يشير إليهم العلماء العرب في صدر الإسلام بأنهم سكان الجزيرة الأوائل مثل : طسم وعاد وجديس وثمود وآرام وهم العرب البائدة(اسماعيل،2002: 9).

ويؤيد الدكتور نجيب البهيبيتي هذا الرأي في كتابه عن ملحمة جلجامش الذي يحمل عنوان (المعلقة العربية الأولى) فهو يذكر في اكثر من موضع أن جميع الشعوب التي هاجرت من الجزيرة العربية صدرت من اليمن ، لأن اليمن أصل المعدن الذي تدافعت منه الموجات العربية الأولى نحو العراق ومصر والشام حاملة اللغة العربية التي يتحدث عنها التاريخ العربي حديث عارف، إذ يصفهم بالعرب البائدة العاربة. أما من دخل عليهم بعد ذلك من مثل اسماعيل وابنائه فهم العرب المستعربة (البهيبيتي ، د.ت : 58 – 62 ).

وكان الاستاذ عباس العقاد قد اشار في كتابه إبراهيم أبو الانبياء إلى أن اليمن هي مصدر العربية الأول ، ويرى أن الصحيح هو تسمية الشعوب السامية بالعربية وتسمية لغاتها بالعربية القديمة(العقاد،د.ت: 114 )

أما الأستاذ محمد خليفة التونسي فيقترح مصطلحاً آخر هو (العروبية) نسبة إلى العروبة ، فيقال: اللغات العروبية والشعوب العروبية للدلالة على اللغات اللاتي هنَّ شقيقات أختنا من أمنا الوحيدة العروبة وللدلالة على اشقائنا في الموطن الأول وهو الجزيرة العربية(التونسي،1982 :169)

ونجد الدكتور علي فهمي خشيم يتقبل هذا المصطلح بقبول حسن ، فهو يرى فيه بديلاً موفقاً وصحيحاً لما يعرف بأسم (اللغات السامية) فالعروبية هي اللغة الأم أو اللغة الأولى التي انبثقت منها لغات الوطن العربي. حيث ينطلق الدكتور خشيم من هذا المصطلح ليبين سبق العربية الأم لجميع اللغات متخذاً من المقارنات اللغوية سبيلاً له ( خشيم ،2001 :25).

والحق أن مصطلح (العروبية) مصطلح موفق في صحة دلالته اللغوية والتاريخية، فالعروبية هي التي تربط بين جميع الشعوب المهاجرة من الجزيرة العربية لأنها جزيرة العرب ولأن العروبة صفة لتلك الخصائص اللغوية المشتركة بين لغات المهاجرين من أقوام الجزيرة والمقيمين فيها على حد سواء، وليس أدل على ذلك من أن العربية الفصحى لغة القرآن الباقية هي أقرب اللغات إلى الاصل العريق الذي دعي باللغة السامية الأم، مع أن صفة (سامية) مجرد تسمية افتراضية. ولكي يستقر مصطلح العروبية في ذهن الباحثين ويستقر في الدراسات اللغوية والاكاديمية لابد من الشيوع والانتشار(الشناوي ،2013 :52 – 53 )

وفيما يخص العلاقة اللغوية بين هذه اللغات فأن شولتزر لم يكن هو أول من أشار إليها بل لقد سبقه إليها العلماء العرب في ذلك بعدة قرون. فالخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 175) يذكر عند إيراده مادة (كنع) في معجمه (العين) الذي أبتدء به تأليف المعجم العربي أن الكنعانيين كانوا (يتكلمون بلغة تضارع اللغة العربية)(الفراهيدي ، 1967 :232 ) .

الاستنتاجات:

اتفق الباحثون على أن للأمم السامية وطناً أصلياً واحداً لكنهم اختلفوا اختلافاَ شديداً في تعيين هذا الوطن. ففريق منهم يرى أن الوطن الاصلي للأمم السامية هو جنوب العراق (إقليم بابل) وقد نظر لهذا الرأي كل من (فون كريمر) و (جويدي) و (هومل) .

وفريق آخر يذهب إلى أن المهد الأصلي للأمم السامية هو شمال أفريقيا وقد نظر لهذا الرأي كل من (جيرلند) و (نولدكه). في حين يرى فريق آخر أن المهد الأول للساميين كان القسم الجنوبي الغري من الجزيرة العربية وقد نظر لهذا الرأي كل من رينان  الفرنسي وبروكلمان  الألماني ودي جوج الهولندي ووليم رايت الأنكليزي.

أما المستشرق فيلبي  فيرى أن أقسام المنطقة الجنوبية من جزيرة العرب ومن ضمنها اليمن هي الوطن الأصلي للشعوب السامية فهي مهد العرب ومهد السامية.

ويرى آخرون ومنهم جون بيترس أن المهد الأول للساميين كان بلاد أرمينيا ، أما كيلي فيذهب إلى أن الموطن الأاصلي للساميين هو أرض الآموريين وتشمل هذه الأرض في رأيه بلاد الشام ومنطقة الفرات ومن هذه المنطقة هاجر الساميون.

وفيما يتعلق بتسمية (السامية) و (الساميون) هذه التسمية الاصطلاحية التي وضعها المستشرق الألماني شلوتزر فقد بقيت هذه التسمية هي السائدة والمستعملة لدى المستشرقين والباحثين الآخرين من العرب. ذلك أنها تسمية مختصرة ومناسبة كما هو الواجب في الاسماء الاصطلاحية ، كما أنها تسمية ليست وليدة الحاضر بل هي تعود إلى القرن الثامن عشر الميلادي ومن الصعب الاستغناء عنها أو تغييرها بتسمية حديثة أخرى لذا فأن جميع التسميات التي اقترحها الباحثون العرب مثل تسمية (الأقوام العربية القديمة) و (أقوام الجزيرة) و تسمية (الجزريين) و (اللغات الجزرية) ، وتسمية (الشعوب العاربة) و (اللغات العاربة) ، وتسمية (الشعوب العربية) و (الشعوب العروبية) و (اللغات العروبية) فهي تسميات لم تجد لها أي صدى أو رواجاً لدى الباحثين من حيث استعمالها في البحث الاكاديمي والعلمي. ذلك أنها تسميات افتراضية ولم يتم الاتفاق على أي واحدة منها وأن كان الدكتور سامي سعيد الأحمد قد حاول اقرار تسمية الشعوب الجزرية واللغات الجزرية في مؤلفه (المدخل إلى دراسة اللغات الجزرية) فأن هذه التسمية كانت قد جوبهت بمعارضة عالم اللغات القديمة استاذنا الدكتور يوسف متي آل قوزي حيث ذكر (أن هذه التسمية غير صحيحة وهي تسمية بعيدة عن الواقع التاريخي واللغوي) .

 

المصادر :

          العهد القديم

سوسة ،أحمد (1986) ، تاريخ حضارة بلاد وادي الرافدين في ضوء مشاريع الري الزراعية والمكتشفات الآثارية ، والمصادر التاريخية، دار الحرية للطباعة ، بغداد .

ولفنسون ،أسرائيل (1980) ، تاريخ اللغات السامية ، دار القلم ، ط1، بيروت ، لبنان .

برو ،توفيق (1996) ، تاريخ العرب قبل الإسلام ، دار الفكر ، ط2، دمشق ، 1996م.

نولدكه ثيودور (د.ت) ، اللغات السامية، ترجمة: د. رمضان عبد التواب، مكتبة دار النهضة العربية ، القاهرة.

زيدان ، جرجي(1969) ، الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية ، مراجعة وتعليق : د.مراد كامل ، دار اهلال القاهرة.

الضامن ،حاتم صالح (2007) ، فقه اللغة، دار الآفاق العربية ، ط2، القاهرة.

ظاظا ، حسن(1990) ، الساميون ولغاتهم ، دار القلم ، الدار الشامية ، بيروت ، ط2.

اسماعيل ، خالد (2002) ، فقه لغات العاربة المقارن (مسائل وآراء) ، مكتبة البروج، أربد .

الشناوي ، خالد نعيم (2013) ، فقه اللغات العروبية وخصائص العربية، دار ومكتبة البصائر ، بيروت ، ط1.

الفراهيدي ، الخليل بن أحمد (  1967) ، كتاب العين ، تحقيق : عبد الله درويش ، بغداد .

علي ،جواد(1993) ، المفصل في تاريخ العرب والإسلام ، ساعدت جامعة بغداد على نشره ، ط2.

كمال ،ربحي (1980)  ، دروس اللغة العبرية ، دار العلم للملايين ، بيروت .

عبد التواب، رمضان (1999) ، فصول في فقه اللغة العربية ، مكتبة الخانجي ، ط6، القاهرة.

الأحمد،   سامي سعيد (1981) ، المدخل إلى دراسة تاريخ اللغات الجزرية ، منشورات أتحاد المؤرخين العرب ، بغداد.

موسكاتي ، سباكينو(1993) ، مدخل إلى نحو اللغات السامية المقارن ، ترجمة: د. مهدي المخزومي ود. عبد الجبار المطلبي ، عالم الكتب ، بيروت، ط1.

العلي ،صالح أحمد (2000) ، تاريخ العرب القديم والبعثة النبوية ، شركة المطبوعات ، ط1، بيروت .

باقر،طه (2009)ر ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، دار الوراق، ط1، بيروت.

باقر،طه (2001) ، من تراثنا اللغوي القديم ما يسمى بالعربية بالدخيل ، مكتبة لبنان .

سليمان،عامر (1991) ، اللغة الأكدية (البابلية – الآشورية) ، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل .

العقاد،عباس محمود (2007) ، ابراهيم ابو الانبياء، دار نهضة مصر ، ط7، مصر .

البركاوي ،عبد الفتاح عبد العليم (1994)  ، مقدمة في فقه اللغة العربية واللغات السامية ، جامعة الأزهر ، ط2، القاهرة.

مايو ،عبد القادر محمد (1998)، الوجيز في فقه اللغة ، دار القلم العربي ، ط1، سوريا.

العناني ، علي واخرون (1935) ، كتاب الأساس في الأمم السامية ولغاتها وقواعد اللغة العبرية وآدابها، المطبعة الأميرية ، ط1،القاهرة .

وافي ،علي عبد الواحد (2007) ، فقه اللغة ، نهضة مصر ، ط5، القاهرة.

خشيم،علي فهمي (1985) ، بحثاً عن فرعون العربي، الدار العربية للكتاب ، تونس .

عبد الجليل ،عمر صابر (2006) ، المدخل إلى عبرية العهد القديم، دار الثقافة العربية، ط2، القاهرة.

عبد الرؤوف،عوني عبد الرؤوف (2006) ، قواعد اللغة العبرية ، مكتبة الآداب ، القاهرة.

طليمات،غازي مختار (2000) ، في علم اللغة ، دار طلاس ، ط2، دمشق .

الانطاكي،محمد ، دراسات في فقه اللغة ، دار الشرق العربي ، ط4، بيروت ، (د.ت).

التونسي،محمد خليفة(1982) ، أسرة اللغة العروبية السامية ، مجلة العربي، العدد 278.

حجازي،محمود فهمي (1978)  ، علم اللغة العربية ، مدخل تاريخي مقارن في ضوء التراث واللغات السامية ، دار غريب القاهرة.

 

المصادر الاجنبية :

–      Brockelmann, (1906) Semitische sprachwissenschaft, Leipzig..

–      H. Fleisch,(1947) Introduction a I’etude des langues Semitiques, Paris..

–      O’leary, D. L.(1923) Comparative grammar of the Semitic languages. Kegan Paul Trench Company Limited. London..

–      Phullby.(1949) The background of the Islam. Alexandria,.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *