م.د. حوراء عبد صبر الشريفي
جامعة الإمام جعفر الصادق / فرع ذي قار
huwra.abd-sabar@sadiq.edu.iq
009647805816116
الملخص
في محيط تتقاطع فيه الثقافات وتختلف الوسائل الإعلامية وتتقابل القيم والمبادئ الأخلاقية تقابل الخير وجنوده في احتدام مع الشر وأنصاره ؛ لتتشكل الخطابات الاجتماعية بين جمهور يعارض وجمهور يوافق. تنطلق الدعايات والترويج والإشهار في تواصل اجتماعي وتعايش ثقافي متضاد لتتصارع تلك الخطابات من أجل تحقيق غاياتها المنشودة ، وبما أن المجتمع تحكمه ظروف معينة ويخضع لقوانين الزمان والمكان والمستوى الثقافي والطبقي فلابد من أن تحكمه ثنائية التأثير والتأثر عبر الخطابات والسلوك .
ومن الضرورة بمكان أن تتشكل قناعات معينة محكومة بمعطيات الدعاية وقوة الحجة ويقينية البرهان ووضوح البداهة عبر تضافر أفكارها وتلاقحها بشحنة العاطفة والرغبة والدفاع عن النفس أو متبايناتها ؛ وإذ تتأكد ضرورة الخطابات الاجتماعية التي توصل رسالة الذات إلى الآخرين لتحقق غايتها بالتأثير وتصيب هدفها عبر الوسائل المتاحة في زمان الظاهرة ومكانها وكل ذلك يحمله الخطاب الإشهاري في طيات دلالاته وغاياته حتى غدا وسيلة من وسائل التأثير النفسي والاجتماعي والسياسي .
الكلمات المفتاحية : الخطاب ، الإشهار ، الأيقونة ، العلامة . الاغماتيات
The publicity discourse in Al-Mu’tamid bin Abbad’s Angstities, a semiotic approach
Dr Hawraa Abed sabur al-Shraefi
Imam Ja’afar Al-Sadiq University / Thi Qar Branche
Abstract
In an environment where cultures intersect, media differ, and moral values and principles converge, goodness and its soldiers are raging with evil and its supporters; To form social discourses between an audience that opposes and an audience that agrees. Advertisements, promotion and publicity are launched in social communication and antagonistic cultural coexistence for these discourses to struggle to achieve their desired goals, and since society is governed by certain conditions and is subject to the laws of time, place and the cultural and class level, it must be governed by the duality of influence and vulnerability through discourses and behaviour.
It is necessary to form certain convictions governed by the data of propaganda, the strength of the argument, the certainty of the evidence and the clarity of intuition through the combination of their ideas and their cross-fertilization with a charge of passion, desire, self-defence, or their contrasts; Confirming the necessity of social discourses that convey the message of the self to others to achieve its goal by influencing and hitting its goal through the means available in the time and place of the phenomenon.
Keywords: speech, publicity, icon, sign. Almaty
المقدمة …
وإذا كان الخطاب مجموعة متجانسة متناسقة من الجمل والعبارات فلابد أن يكون مشحونا بقوة الإقناع الممكن في كل مستوى من مستوياته المختلفة لذلك لابد من الإشارة إلى أن القناعة تكون محكومة في المجال الذي يريد ان يعالجه الخطاب ومن هنا كانت مجالات التأثير في الخطاب مختلفة فمنها ما يكون نابعا من المتكلم وكيفية اسلوبه وقدرته و سماته و منها ما يكون محكوما بتهيئة السامع ومدركاته واستدراجه نحو الأمر ومنها ما يكون متعلقا بالكلام نفسه . ومن هنا تولدت أهمية دراسة الخطابات دراسة استكشافية للاستراتيجيات التي تشكل أبعادها و معرفة كيفية استعمالها و توظيفها ، فضلا عن ذلك الحاجة إلى معرفة تطوير ذوات الناس التخاطبية بما يواكب متطلبات السياقات الثقافية والاجتماعية و غيرها والتكييف معها والانسجام مع تقلباتها.
اهداف البحث
يهدف البحث إلى سبر أغوار نصوص اغماتيات ( قصائد شعرية انشدها عندما كان في الأسر ) المعتمد بن عباد وكشف خطابه الإشهاري المتضمن للعلامات والأيقونات التي يبثها عبر أشعاره واستكشاف الوظائف التي تؤديها تلك الإشارات في سعي منا للوقوف على الحالة النفسية التي عاشها المعتمد بن عباد في أسره .
منهجية البحث
وسنتناول ذلك بتعريف الخطاب ثم الانتقال إلى الخطاب الإشهاري والوقوف على تعريفه لغة واصطلاحا وصولا إلى اهم مكوناته والوظائف التي تؤديها هذه المكونات ومن ثم استخراج الصور الإشهارية في اغماتيات المعتمد بن عباد والوصول إلى نتائج البحث
الخطاب :
الخطاب بوصفه لفظا متواضعا عليه بقصد افهام من يكون متهيئا لذلك فقد تناولت الدراسات اللغوية فيه جهة المرسل والمرسل اليه والرسالة ، فقامت التعريفات المتنوعة عند من يرى ان الخطاب له تعريف محرك نحو فهمه بينما اغفل البعض تعريف الخطاب مشيرا الى انه مفهوم بديهي يفهم بمجرد تصوره وبذلك قد اشارت الدراسات الغربية الى ان الخطاب ينحصر بوصفه اكبر من الجملة او بوصفه استعمال وحدة لغوية أو بوصفه خطابا ملفوظا .(1) ينظر : الشهري . عبد الهادي بن ظافر: استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية ، دار الكتاب الجديدة المتحدة ، ط 2004، بيروت 36-37 .
واذا كان الخطاب مجموعة متجانسة متناسقة من الجمل والعبارات فلابد أن يكون مشحونا بقوة الاقناع الممكن في كل مستوى من مستوياته المختلفة لذلك لابد من الاشارة الى ان القناعة تكون محكومة في المجال الذي يريد أن يعالجه الخطاب ومن هنا كانت مجالات التأثير في الخطاب مختلفة فمنها ما يكون نابعا من المتكلم وكيفية اسلوبه وقدرته وسماته ومنها ما يكون محكوما بتهيئة السامع ومدركاته واستدراجه نحو الأمر ومنها ما يكون متعلقا بالكلام نفسه (2) ينظر : محفوظ : الشيخ علي ، فن الخطابة واعداد الخطيب ، ، دار الاعتصام :14
إن ضرورة دراسة استراتيجيات الخطاب نابعة من صميم الواقع والبيئة والمجتمع ؛ إذ إن الخطابات المختلفة جاءت تلبية لحاجات اجتماعية أفرزتها متطلبات الحياة الإنسانية فقامت لترضي أهداف الناس المتباينة ورغباتهم المتقابلة في ضوء سياقات كثيرة تتطلب وتقتضي ذلك التنوع في الخطاب (3) ينظر : الشهري :مرجع سابق – المقدمة
ومن هنا تولدت أهمية دراسة الخطابات دراسة استكشافية للاستراتيجيات التي تشكل أبعادها و معرفة كيفية استعمالها وتوظيفها , فضلا عن ذلك الحاجة إلى معرفة تطوير ذوات الناس التخاطبية بما يواكب متطلبات السياقات الثقافية والاجتماعية وغيرها والتكيف معها و الانسجام مع تقلباتها (4) ينظر : الشهري : مرجع سابق: 22
ولان الخطاب له الدور الكبير والأثر الفاعل في تقريب وجهات النظر وتوضيح الحقائق والتعبير عما في خلجات النفوس , فالمجتمعات كلها بحاجة ماسة لمعرفة استراتيجيات الخطاب من اجل الحياة الثقافية والتداخل المعرفي والتواصل الفكري والاجتماعي. وان معرفة استخدامها وتوظيفها ضرورية للدعوة وتبادل الأفكار بين الناس والتواصل مع الآخرين عبر الحوارات والخطابات (5) ينظر: العمري : د. محمد ، في بلاغة الخطاب الاقناعي مدخل نظري وتطبيقي لدراسة الخطابة العربية الخطابة في القرن الاول انموذجا افريقا الشرق _ المغرب ط2 2002 :25
أن تعدد السياقات ينتج عنه تعدد الخطابات البشرية, وهذا التنوع يؤدي بالضرورة إلى اختلاف الآليات الإقناعية والأدوات الحجاجية والفنون التخطيطية للعملية الخطابية بوجه عام , فضلا عن ذلك إن الإنسان تختلف خطاباته باختلاف السياق والموضوع المعالج فيها وتتفاضل التقنيات الخطابية وتتمايز فيما بينها حسب الضرورة والحاجة وما يتطلبه المقام ولا يمكن إغفال التفاضل الذي تسببه الآليات اللغوية والأدوات التي تتجسد من خلالها ، عن عدم التناسب بين السياق والخطاب يجعل اللسان اقرب ما يكون إلى الزلل والإخفاق مما يؤدي في غياب الوظيفة الأساسية للخطابات إلا وهي الإقناع و التأثير (6) ينظر : الشهري : مرجع سابق : 9
إن تلافي الإخفاق والزلل في الخطابات وتحقيق الأهداف الإنسانية مرهون بمدى معرفة وسائل الخطاب وأدواته المعرفية ومطابقته للسياقات والمقام ومعرفة تقنياته اللغوية , ووظائف اللغة المركزية كالوظيفة التعاملية التي تؤدي إلى نقل المعلومات بشكل ناجح وتبني الخطاب بشكل يتمكن معه المتلقي من الوصول إلى المراد و الوظيفة التفاعلية التي تحقق العلاقات الاجتماعية والغايات الإنسانية المختلفة وغير ذلك من وظائف المنظور التداولی وغیره (7) ينظر : الشهري : مرجع سابق : المقدمة
. إن الدور الرئيس للغة – في الخطاب – يكمن في التعبير عن المقاصد التي ينويها المتكلم فهي تؤدي – فضلا عن الوظيفية المرجعية – التي تحيل إلى المدلول , إلى الوظيفية التداولية التي تتفاوت بحسب القصد والهدف الذي من اجله يساق الخطاب , فلا يمكن حصر دور اللغة في العلاقات وتثبيتها وتوظيفها , وإنما يتجاوز ذلك الحد إلى التأثير وغيره بحسب السياقات و الأهداف (8) ينظر : الشهري : مرجع سابق : المقدمة
ولعل متابعة الظواهر البلاغية المتنوعة والاستراتيجيات الخطابية المختلفة التي تبرز وتتشكل في لغة الخطابات الإنسانية العامة , صارت – من الأهمية بمكان – لأن خطب الدعاة الجدد و المسؤولين السياسيين والمناظرات السياسية والملصقات الدعائية في الشوارع و إعلانات الصحف والإذاعة والتلفزيون ونداءات الباعة الجوالين والمناورات اللفظية والمناوشات الكلامية والحوارات النيابية ومواقع الشبكات الالكترونية وغير ذلك , كلها خطابات بلاغية – لغوية كانت أم غير لغوية – فهي تمارس التأثير العظيم والهائل في المجتمعات الإنسانية المعاصرة .فلابد – إذن – من دراسة الخطاب بوصفه الأفكار والآراء المنتقلة عبر الوسيلة اللغوية و الوسط اللفظي الناقل للقناعات والاعتقادات , دراسة تعنى بالكيفية التي يتم بها استخدام اللغة لتحقيق الأغراض والأهداف ولمعرفة العوالم المنمقة التي تأسست داخل اللغة , الأداة المهمة للتعايش وتحقيق المنفعة العامة (9) ينظر : عبد اللطيف: د عماد ، بلاغة المخاطب – الجمهور -: نحو بلاغة جديدة ) جامعة القاهرة 2005 – – المقدمة
و لأن الإنسان كائن اجتماعي بالطبع , فمن البداهة أن يكون خاضعا – بسبب التفاعل الاجتماعي – إلى ضرورة التأثير والتأثر , فهو عرضة للكثير من المحاولات الإقناعية والتأثيرات الخارجية .و عرضة للكثير ممن يحاولون تغيير رأيه أو موقفه حول شيء معين متعلق بكل نواحي الحياة اليومية (10) ينظر : رزق: د. علي: نظريات في اساليب الاقناع دراسة مقارنة دار الصفوة بيروت لبنان ط1 1994 : 17
ومن ذلك ما تحاوله وسائل الإعلام والصحافة والمواقع الالكترونية والمنتديات الثقافية وبرامج البث التلفازي والإرسال الإذاعي وما يرنو إليه أفراد المجتمع ويطمح فيه أبناء البيئة المنزلية والمدرسية والعملية والمواقع الاجتماعية الأخرى التي تحيط بالحياة اليومية من الشارع والسوق وأماكن الترفيه والرياضة والأماكن الأخرى (11) ينظر : بنكراد :سعيد ، الصورة الاشهارية المرجعية والجمالية . والمدلول الاجتماعي : مجلة الفكر العربي ، العدد 112 سنة 2000
إن كل ما يتعرض له الفرد من محاولات جديدة للتأثير به واقناعه بعكس ما كان يرى أو يعتقد , فينجذب – سلبا أو إيجابا – إلى هذه المؤثرات الخارجية المحيطة به , إنما هو حقل اشتغال علم النفس الاجتماعي و ومیدانه النظري الذي يدرس من خلاله سلوك الأفراد والجماعات في المواقف الاجتماعية المختلفة فهو يحاول تغطية المساحة الواسعة التي تضم الصور المختلفة التفاعل الاجتماعي – إي التأثير المتبادل – بين الأفراد بعضهم ببعض , كالتعاون والتنافس والحب والكره والارتياب والانقياد والمحاكاة والتشجيع والتعصب والإيحاء وغيرها من التفاعلات التي تشترك في تغيير الآراء وخلق العواطف وتبديل المواقف والمعتقدات وشخصيات الأفراد ، فالموقف الذي هو ردة فعل واجراء مغایر مختلف لسابقه , يولد من تغيير المعتقد والقناعة والرؤية بفعل التأثير والتأثر وتولید قناعات واعتقادات جديدة بحكم هذا التفاعل والاشتراك الاجتماعي , مما يؤدي إلى تحقق الموقف وتشكله إزاء شخص أو حدث أو شيء آخر مما يؤدي بالضرورة إلى تغيير السلوك الاجتماعي (12) ينظر : راجح : د. احمد عزت ،اصول علم النفس ط7 دار الكاتب العربي 1968 القاهرة 20 _ 21
إن تضافر مجموعة من المعتقدات وفتل جهودها معا لتحقيق رؤية معينة اعتقاد جديد وقناعة مغايرة – على صعيد فردي أو جماعي – يولد سلوكا مغايرا ونهجا جديدا يقوم على تغيير : الإجراءات , تجديد الخطوات وتنظيم السلوكيات الجديدة , وهذه الرؤية الناتجة والعقيدة الجديدة والقناعة هي الموقف الذي يمكن أن يعرف بأنه ” تلخيص لمجموعة واسعة من المعتقدات كما انه هو المدبر والموجه للسلوك ” (13) رزق: د. علي ، مرجع سابق: 11
ولذلك يعد الموقف الركيزة الأساسية من ركائز الإقناع والركن المهم من أركان العملية التأثيرية الإقناعية , وهو يتوسط المعتقد والسلوك فهو ينتج عن معتقد جديد ويحقق سلوكا مغاير لما كان عليه صاحبه ، ومن هنا كانت دراسة الموقف تتمتع بغاية من الأهمية لما له من مكانة عظيمة في صلب النظرية التفاعلية , علاقة وطيدة بين الفكر والسلوك , فهو منطقة تغيير وانعطافة فكر ومعتقد وقناعة , تتوجه إليها الآليات الإقناعية الخطابية والمحاولات التأثيرية المختلفة بغية التغيير وتحقيق الأهداف المنشودة والغايات الإنسانية المختلفة التي ترنو إليها جماعة أو فرد معين (14) ينظر رزق: د. علي ، مرجع سابق: 12
من خلال ذلك صار واضحا أن العاملين في الحقول الإعلامية والاتجاهات والمجالات السياسية والمراكز الثقافية و الدينية والتعليمية والاجتماعية المختلفة , لابد لهم من الإحاطة بالأساليب والطرق التي تؤدي الى الاقناع وتحقق المعرفة التامة والتصور الكامل لعملية التأثر والتفاعل الاجتماعي ، لما للاقناع من حضور اساسي في كل خطوة اجتماعية نحو الاخر ووجود مميز في عالم الخطاب والتواصل مع المجتمع ، من اجل تكوين الرأي العام والشرعية الواضحة والتغيير المبتغى للمعتقد والموقف والسلوك بما يتأتى مع ما ينتمي اليه المتكلم (13) ينظر : الطائي: د. حميد و العسكري : د. احمد ، الاتصالات التسويقية المتكاملة مدخل استراتيجي دار اليازوري العلمية 2011 : 20
إن ذلك المعلول الفعلي والواقعي المعتقدات والعلة الحقيقية للسلوكيات هو الموقف الذي يحقق الاقناع و التأثر والوصول السليم إلى الاخر دون فرض وإكراه واجبار وممارسات سلطوية وقمعية بغيضة جائزة , في استمالة الجماهير واستقطابهم .
الخطاب الإشهاري
ياتي الخطاب بأنواع عديدة منها الخطاب الحجاجي والسردي والوصفي والاشهاري ويكون خطابا لسانيا شفويا او مكتوبا أو غير ذلك من الانماط .
ان الاشهار بوصفه خطابا فعالا في ثقافة العولمة كونه ينماز بخصوصية البناء فهو يجمع بين مكونين (اللغة – الصورة) يختلفان من حيث التمفضل كما انه بعد آلية حجاجية فعاله تستثمر طاقات تداولية مهمة في التواصل (14) ينظر: المتوكل احمد ، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية الخطاب من الجملة الى النص : دار الامان , الرباط , د.ط، د.ت, 20-21.
يعرف الاشهار لغة : الشهرة وضوح الامر .. والشهرة ظهور الشي في شنعة من يشهره الناس ، او قد شهره يشهر شهرا وشهرة (15) ابن منظور لسان العرب : مادة شهر
تقول شهرنه الامر من باب قطع …. واشتهره ايضا فاشتهر (16) الرازي :محمد بن ابي بكر، مختار الصحاح ، مكتبة لبنان 2017مادة : (ش هر) بمعنى انه صار معلوما بين الناس فاعلن عنه وافصح .
والاشهار اصطلاحا : يعرف الاشهار تعريفات متعددة منها ما ذكره عبد السلام اوقحف : انه شكل من الاتصال غير الشخصي لارسال فكرة او معلومة بواسطة شخص محدد اوانظمة محددة (17) ينظر : اوقحف :عبد السلام ، هندسة الاعلان: ، دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكندريه د.ط. 2003 ,20
ویری حامد عبد السلام أن الاشهار نشر للمعلومات والبيانات عن الافكار او الخدمات بقصد خلق حالة من القبول والرضا النفسي لدى الجماهير اتجاهها (18) ينظر : عبد السلام : حامد علم النفس الاجتماعي، عالم الكتب للنشر , القاهره ,د. طر1984 ، 396 .
ويعده محمد الصافي “عملية تواصلية تتحرك ضمن محيط انساني ,إذ يشير بدوره الى استراتيجية ابلاغية على الاقناع , وتستعمل لذلك كل وسائل الاتصال الانساني من كلمة و صورة ورمز في أفق التاثير على المتلقي (19) الصافي :محمد ،الخطاب الاشهاري والدعاية السياسيه مجلة الخبر ص 523
لكن اليكس ميتشيالي قدم طرحا مهما يختص بالجانب التواصلي للرسالة الاشهارية بقوله : ” الاشهار هو مجموع من الأساليب الاتصالية التي تختص باعلام الجمهور عبر وسيلة عامة من منتوج أو خدمة ما , ودفع الجمهور إلى اقتناء السلعة المعلن عنها “(20) شيخ : هامل ، في مفهوم الاشهار : ، مجلة رؤى فكرية، العدد الأول 2015،، .27 ،
يشير في تعريفية إلى عناصر التواصل اللغوي وغير اللغوي و هي :
1- المرسل : وهو المنشئ للرسالة بأساليب متعددة بقصد اقناع و توجه و تأثير المتلقي .
2- الرسالة : وتحمل في طياتها افکار اور اعلان او صور , وتكون بصرية غالبا مع حضور اللغة البارز.
3- المرسل اليه : الطرف الثالث في المعادلة الذي يستقبل الرسالة.
أن الهدف الرئيس للخطاب الشهاري هو الاقناع والتأثير في المتلقي اذ يعمد المرسل إلى بث افكاره عبر آليات و عناصر مساعدة لتحقيق مبتغاه ، وقد تكون هذه العناصر لغوية وغير لغوية ؛ إذ أن “المجالات المعرفية ذات العمق السيوسيولوجي الحقيقي تفرض علينا مواجهة اللغة , ذلك أن الاشياء تحمل دلالات غير انه ما كان لها أن تكون انساقا سيميولوجية لا أنساقا دالة لولا تدخل اللغة ولولا امتزاجها باللغة , فهي اذن تكتسب صفة النسق السيميولوجي من اللغة ” (21) السراج : عزيز اشكالية التواصل والدلالة ضمن التواصل نظريات وتطبيقات :, الشبكة العربية للابحات والنشر، بيروت , ط1، 2010، 49 .
يعد الاشهار رسالة موجهة إلى المتلقي , تتبنى الرسالة مادة صوتية او خطية مركبة تسمى (دالا ) ومعنى حرفي للكلمات والعلاقات نفسها وهذا يسمى (مدلولا ) وفي علاقة الدال و المدلول ) يحصل على رسالة تقريرية (22) ينظر : بارت : رولان المفاهيم السيميولوجية : ، ت : عبد الرحيم حزل ، دار تنيمل ، مراکش ، ط1 ، 1993 ، 96.
أن أهم مكونات الخطاب الاشهاري هما : النسق اللساني والنسق الايقوني
فاللساني يوجه القارى نحو قراءة محددة ويربط بين مختلف مقاطعه اما النسق الايقوني يكتسب أهميته نظرا لوظائفه المتعددة التي يقوم بها و يمكن اجمالها
1_ الوظيفة الجمالية 2_ الوظيفة التوجيهية 3_ الوظيفة الايحائية 4_ الوظيفة التأثيرية5- الوظيفة التعبيرية (23) ينظر : بنكراد : سعيد ، الصورة الاشهارية المرجعية والجمالية والمدلول الاجتماعي ،مجلة الفكر العربي المعاصر ع 112-2000 ، و عبد الحميد : شاكر ، التفضيل الجمالي دراسة في سيكولوجية التذوق الفني : ، دار الوطن للنشر ، الكويت، 2001 ، 60 .
آن اهم المقاربات المنهجية في تحليل الخطاب الاشهاري هي المقاربة السيميائية ؛ لأنها تجمع بين الصورة والصوت واللون والإشارة والأيقونة والرمز واللغة (24) ينظر : مبروك : مراد عبد الرحمن ، اثر التقنيات المعلوماتية في لسانيات النص الادبي : ،المجلة العربية للعلوم الإنسانية، العدد : 6 ،62 .
تعتمد الصورة الإشهارية على مجموعة من العلامات بينها العلامات اللغوية فيوظف المرسل ارساليه لفظيه تقوم بترسيخ مختلف الافكار التي يروج لها . أن العلامه هي نمط خاص للتركيب ” يتم انطلاقا منه تنظيم الواقع وفق وجود اقسام من التمثيلات العلامية , هذا النمط الذي يعطي مناطق من المعين والمحسوس والمتخيل » (25) بنكراد: سعيد, السيميائيات والتاويل مدخل لسيميائيات شارل سندرس بورس، مركزالثقافي العربي، المغرب ،ط1, 2005 ، 133-134.
ان العلامات السيميائية ترمي الى اعادة صياغة الدلالة اللسانية عبر البنية العميقة واضفاء الحيوية عليها فتصح مزوده بحركة مشهديه متنامية (26) ينظر : بنكراد: سعيد, السيميائيات والتاويل مدخل لسيميائيات شارل سندرس بورس. 134
ان السيميائية تعني بالعلامات والرموز والايقونات والمؤشرات اللغوية والبصرية الموظفة في الصورة الاشهارية والتي يجنح اليها المرسل لغرض اقناع المتلقي والتأثير عليه ذهنيا ووجدانيا وحركيا , فضلا عن استعانته باللسانيات الخطابية من الفاظ ودلالات وتداول لتحصيل المنافع وتحقيق التواصل .
يعد رولان بارت من اهم الدارسين للصورة الاشهارية سيمائيا , اذ اهتم ببلاغه الصورة الاشهارية وتوصل إلى أن دراسة الصورة تستوجب التركيز على دراسة الرسالة اللغوية والصورة التقريرية وبلاغة الصورة (27) ينظر : بارت : رولان ، المغامرة السيميولوجة :,ت : عبد الرحيم حزل . دار تنيمل للطباعة والنشر , مراکش ط1 ,1993 , ص 29 .
تضمن الصورة الاشهارية ثنائية : الدال والمدلول , كما تتضمن الرسالة الإشهارية ثنائية التعيين والتضمين او ثنائية التقرير والايحاء , بمعنى ان هنالك رسالة سطحية ورسالة مقصدية مبطنة ومما يلاحظ على الصورة الاشهارية انها صورة خادعة ، عبر تشغيلها خطاب التضمين و الايحاء ، كما أن الصورة الاشهارية تحمل نوايا المرسل وتفدم رؤيته للعالم ، وتسعى للتأثير على القارئ و اقناعه ، فالاشهار بمثابة قناة اعلانية واعلامية واخبارية .(28) ينظر : لحمداني : حميد ، مدخل لدراسة الاشهار : ، مجلة علامات ، 75 _76.
الصورة الاشهارية في اغماتيات المعتمد بن عباد :
نعني بالصورة الاشهارية تلك الصور الاعلامية . والاخبارية التي تستعمل لاثارة المتلقي ذهنيا ووجدانيا , والتاثير عليه حسيا وحركيا (29) ينظر : بنكراد: سعيد واخرون ، استراتيجيات التواصل الاشهاري ، دار الحوار للنشر والتوزيع ,سوريا, ط1, 2010 ، 64 . و نوسي ، د عبد المجيد الاقناع والصورة الاشهارية :, مجلة المناهل ، المغرب , العدد :62-63 ماي ، 106.
اعتمد المعتمد بن عباد بث رسائل اشهارية لاستثارة المتلقي والتاثير عليه واستمالة عواطفه عبر الأساليب المتنوعة من تشبيه واستعارة وايقون ومجاز وسجع وتكرار وتوازي فضلا عن تقطيع الجمل نبرا وتصويتا وايقاعا ، ومن ذلك محاولته في بث رسائل اشهارية ليوسف بن تاشفين , تتضمن استعطافه واستمالة قلبه للخروج من السجن , لكنه لم يعلن عنها بشكل مباشر واعتمد التلميح في اكثر من موضع من مثل قوله :
وقلبي نزوع إلى يوسف فلولا الضلوع عليه لطارا
ويوم العروبة ذدت العدا نصرت الهدی وأبيت الفرار
راينا السيوف ضحى كالنجوم وكالليل ذاك الغبار المثارا
فلله درك في هوله فقد زاد باسك فيه اشتهارا (30) المعتمد بن عباد : ديوان المعتمد بن عباد 98-97:
فقد مدح المعتمد يوسف بن تا شفين , والمديح هنا لا يتناسب والموضع الذي وضعه فيه الممدوح ؛ إذ زجه في غياهب السجن بعد أن خلعه من عرشه , فالدال هو (المديح) والمدلول هو (الاستعطاف) واستمالة قلب ابن تاشفين فوظيفة الرسالة هنا تأثيرية ؛ إذ جاء مدحه ملازما للاستعطاف ، والذي اصبح غرضا ملازما في المديح , وهذا ما أشار اليه النويري بقوله : ” أن اهل الأدب قد الحقوا الاستعطاف بالمديح” (31) النويري : احمد بن عبد الوهاب ، نهاية الارب في فنون الأدب ، ، دار الكتب والوثائق القومية ، القاهرة ، ط1 258/3
فعبر عن الشجاعة التي تمتع بها ابن تاشفين ضد الاسبان فحاول المعتمد استمالة قلبه عبر هذه الإشادة .
كما سعى الى استمالة قلب الجمهور وتحريك مشاعرهم للتأثير على يوسف ليقوم بإخراجه من السجن من مثل قوله لصديقه الشاعر ابن اللبانه :
ولاتعجب لخطب غص منه اليس الخسف ملتزم البدور ؟
ورج بحبره عقبی نداه فكم حبرت يداه من کسیر
وكم اعلت علاه من حضيض و كم حطت ظباه من امير
وكم احظى رضاه من حظى وكم شهرت علاه من شهير
وكم من منبر حنت اليه اعالي مرتقاه من سرير
زمان تنامت في الحظ منه ملوك قد تجور على الدهور
نحوس كنَّ في عقبی سعود كذاك تدور اقدار القدير (32) المعتمد بن عباد ، مرجع سابق (103- 102)
في اشارة رمزية الي يوسف الذي قام بفعل (الخسف) فأفل نجم ابن عباد وخسوف البدر يأتي عندما تدور الأرض حول الشمس , ويأتي عليها ضوء الشمس و فيعكس ظلها عليه , و لا يحدث ذلك الا عندما يكون البدر کاملا وهذه هي اشارة المتعد , اذ ان البدر في ذلك الوقت يكون معاكسا للشمس وهنا يمكن اعتبار یوسف بن تاشفين مجازا هو المعني الحقيقي بفعل (الخسف) الذي اصاب البدر التمام (المعتمد ) (33) ينظر : حمادي : د عبد الله ، الكواكب في شعر المعتمد بن عباد الأندلسي :: كلية الاداب جامعة منتوري ، الجزائر مج جامعة الآداب واللغات : العدد : 6
كما أن كنايته له ب (الشمس) دلالة على تصرفه غير المسؤول تجاه المعتمد , بعد أن سمع الوشاة وخلعه من منصبه , وهذا فعل العاطفة لا العقل ولذا وصفه بالشمس التي ترمز للنساء على الرغم من شعاع نوره ودفئ حضوره .
كما نلاحظ في المقطوعة استعماله للالفاظ (حضيض، احظى ، حظي ، الحظ ) دلالات رمزية على أن هذا الأمر من تقلبات الدهر تارة يعلو نجم احدهم , وتارة اخرى يأفل , فجميعه بفعل الحظ , وهذا ما جعل (الملوك – تجور ) لكن دوام الحال محال و(كذا تدور اقتدار القير ) في رسالة واضحة منه إلى ابن تاشفين بأن الدهر سينال منه يوما .
وحاول ارسال رسالة اخرى الى يوسف لعله يستميل قلبه , اذ ان الاشهار يترك اثرا اجتماعيا ونفسيا ” يطرح عددا كبيرا من العلاقات العاطفية والثقافية المرغوبة أو المكبوتة” (34) عاقيل :جعفر ،غواية الفوتوغرافيا الاشهارية : ، مجلة علامات 45، عدد: 33 2010 ، 105
فعبر المعتمد عن ما يكبته بعد ان رثی نفسه بقوله :
قبر الغريب سقاك الرائح الغادي حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد
بالحلم ، بالعلم، بالنعمى اذا اتصلت بالخطب ، ان اجدبوا، بالري للصادي
بالطاعن، الضارب، الرامي اذا اقتتلوا بالموت احمر، بالضرغامة العادي
بالدهر في نقم ، بالبحر في نعم بالبدر في ظلم ، بالصدر في النادي
إلى أن يقول
كفاك فارفق بما استودعت من کرم رواك كل قطوب البرق رعاد (35) المعتمد بن عباد ، مرجع سابق: 96.
اراد المعتمد عبر قصيدته الرثائية ارسال رسائل عميقه تتغلغل النص لتفضي إلى مدلولاتها عبر استخدام الأساليب البيانية والصور البديعة باعتماده اسلوب السجع ونظام الفواصل بين الكلمات ف(بالحلم ، وبالعلم ،بالخطب ، ان اجدبوا ، بالطاعن ، الضارب ، بالموت الأحمر ) هنا لم يعد الذهن ينصرف إلى التفكير بالسجع بوصفه زينة لغوية , بل تعدى هذا الحاجز , اذا اعطي طاقة ايحائية مكثفة فيها نمو وتحرك وتراجع وتسارع باتجاهات مختلفة …..فقد جعل المتلقي في عملية تواصل مستمر مع النص فاعطى طاقة تعبيرية اقوى مما لو كانت خالية في اللازمة الصوتية ، فقد اعطى للذهن فرصة اقوى للمتلقي والاستجابة المناسبة عن طريق التكرار الصوتي، ثم وضع الفراغ للاستراحة التي تملؤها بخفاء النغمة المتكررة فالسجع هو ” نمط تعبيري يعتمد التوازي الصوتي الذي يتلائم غالبا مع التوازي الدلالي من حيث كان منوطا بنهاية الفواصل التي تمثل السكتة الدلالية الطبيعية في الأداء اللغوي عموما “(36) عبد المطلب : محمد ،بناء الأسلوب في شعر الحداثة (التكوين البديعي ) ، دار المعارف ، القاهرة ط2 1995 : 374.
ويمكن القول انه وقفة صوتية يقابلها وقفة دلالية في اغلب الاحيان . وهذه الألفاظ (نقم ,نعم ظلم) تدل على الم الشاعر وحسرته باعتماده على حرف الميم ) الذي يوحي بالالم والتوجع . .
وقد استخدم بحر (البسيط) . في هذه القصيدة فكانت وليدة الانفعال النفسي الذي تعرض له فاستعماله لهذا الوزن جاء لتحقيق النواحي الايقاعية الدالة على استمالة قلب المتلقي ليبث في اخر بیت رسالته المبطنة والموحية بطلب العفو والخروج من السجن في قوله :
كفاك فارفق بما استودعت من کرم رواك كل قطوب البرق رعاد
كما عمد الى اسلوب التكرار في بث رسائله الى سامعيه في قصيدته التي يقول فيها:
بكى المبارك في اثر ابن عباد بكى اعلى اثر غزلان واساد
بكت ثرياه لاغمت كواكبها بمثل نوء الثريا الرائع الغادي
بكى الوحيد بكى الزاهي وقبته والنهر والتاج كل ذله بادي (37) المعتمد بن عباد : مرجع سابق : 95. فكرر لفظة (بكي ) خمس مرات صورة شعرية أضفت الحركة والحيوية في قصره ومحتوياته ،حتى لكأنها تبكي على حال المعتمد ؛ اذ الجمادات تفطر قلبها وحنت لحالته فما بال قلبك يا يوسف اذ ترى النهر والتاج _المعتمد _ذليل في غياهب سجونك ، صورة معبرة موحية بدلالتها والتي تحمل ابعاد اخرى غير بكاء القصر فالباكي هنا هو المعتمد ذاته ؛ لأن حياة السجن تختلف تماما عما كان يتمتع به من سلطان فهو الآن وحيد ذليل ف”الرسالة الاشهارية الجيدة هي تلك التي توجز في ذاتها بلاغة غنية جيدة … وتكون معايير اللغة الاشهارية هي نفس معايير الشعر : صور بلاغية ، واستعارات وتلاعب بالكلمات ، كل هذه الادلة المذكورة توسع من مجال اللغة ليشمل مدلولات مستترة بل انها لتمنح الانسان الذي يتلقاها القدرة على خوض تجربة كلية وبكلمة واحدة ، بقدر ما تكون العبارة الاشهارية مزدوجة بقدر ماتكون متعددة ، فانها تنجز وظيفتها بصورة افضل كرسالة ايحائية ” (38) بارت : رولان ، المغامرة السيميائة ، 30-31
كما عمد الى سيميائية اللون للدلالة على حالته المتناقضة من الملك والسلطان والسجن والقيود . يقول :
اما سمعت بسلطان شبيهك قد بذله سود خطوب الدهر سلطانا (39) المعتمد بن عباد : مرجع سابق : 115
وقوله :
تأمل للنفس الشجية فرجة وتأبي الخطوب السواد لا تماديا (40) المعتمد بن عباد : مرجع سابق : 117
فالوظيفة في هذه الابيات قد تغيرت فبعد أن كانت وظيفة تأثيرية في الشواهد السابقة تحولت الى وظيفة تعبيرية ووظيفة وصفية ؛ اذ يصور مأساته بإمعان فالسواد رفيقا ملازما له، والالم مضاعف ولفظة ( خطوب ) تدل على كثر المصائب ، كيف لا وقد خسر ملكه وسلطانه وفقد اولاده واحدا تلو الاخر . حتى بناته اصبحن عاملاتبعد أن كن في خدر مكرمات يقول:
فيما مضى كنت بالاعياد مسرورا فساءك العيد في اغمات مأسورا
ترى بناتك في الاطمار جائعة يغزلن للناس لايملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة ابصارهن حسيرات مكاسيرا
يطئن في الطين والاقدام حافية كانها لم تطأ مسكا وكافرا
افطرت في العيد لا عادت اسائته فكان فطرك للاكباد تفطيرا (41)المعتمد بن عباد : مرجع سابق : 100_101.
فباستعماله للجناس في بيته الاول ( سرورا _ مأسورا) اعطى قيمة وظيفية تخدم المضمون ، إذ بعد السرور الذي تمتعت به بناته في ملكه اصبحن غازلات ، ويطأن الطين بأقدامهن بعد الأسر، وهذه الأقدام في أيام ملكه لم تطأ الا المسك والكافور ، جعل من بناته وسيلة أدت وظيفة تأثيرية ليبث عبرها الرسالة الأخرى ذات المدلول الخفي في قوله :
افطرت في العيد لا اعادة إساءته فكان فطرك للأكباد تفطيرا
الي يوسف بن تاشفين ، فيبدو لنا ان الرسالة الأولى للصورة الإشهارية بأكملها ” تكون دال الرسالة الثانية ، لذلك يقال : ان الرسالة الثانية توحي بالأولى تكون في هذه الحالة اذا بصدد بنية رسائل ان الرسالة الأولى والمكونة من اجتماع دوال ومدلولات ، تغدو مجرد دال الرسالة الثانية وفق عملية تقليص بما ان عنصرا واحدا في الرسالة الثانية ( دالها ) يسع الرسالة الأولى باكملها” (42) :حمداوي د. جميل ، من البلاغة الكلاسيكية إلى البلاغة الجديدة
فقد تفطرت الأقدام كما تفطرت الأكباد , فالرسالة الأولى صريحة والثانية إيحائية فقد ركز المعتمد على المقصدية الاقناعية والتأثيرية ، والتشديد المضاعف على الرسالة .
.. الخاتمة
استعمل المعتمد في صوره الإشهارية مجموعة من الأليات البلاغية والبصرية وذلك بقصد التأثير والتعبير والإقناع كالتكرار, والكناية والمجاز والجناس والاستعارة والسجع وغيرها , فضلا عن تقطيعه للجمل نبرة وتصويتا وإيقاعا وتنغيما ، لتكون دلالاتها اعمق وتأثيراتها ادق . وبالتالي لا يمكن للصورة الإشهارية أن تحقق النجاح إلا بتجويد الصورة والتوفيق بين الدلالة التقريرية الصريحة والدلالة المقصدية الإيحائية.
المصادر
- الاتصالات التسويقية المتكاملة مدخل استراتيجي ، د. حميد الطائي و د. احمد العسكري دار اليازوري العلمية 2011
- اثر التقنيات المعلوماتية في لسانيات النص الادبي : مراد عبد الرحمن مبروك ،المجلة العربية للعلوم الإنسانية، 1997 م العدد : 6
- استراتيجيات التواصل الاشهاري : سعيد بنكراد واخرون ، دار الحوار للنشر والتوزيع ,سوريا, ط1, 2010 .
- استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية عبد الهادي بن ظافر الشهري دار الكتاب الجديدة المتحدة ط 2004 بيروت
- اشكالية التواصل والدلالة ضمن التواصل نظريات وتطبيقات : عزيز السراج , الشبكة العربية للابحات والنشر، بيروت , ط1، 2010
- اصول علم النفس د. اجمد عزت راجح ط7 دار الكاتب العربي 1968 القاهرة
- الكليات في الخطاب الاشهاري : الصورة الاشهارية نموذجا : د نوسي عبد المجيد , مجلة المناهل ، المغرب , 2001 م العدد :62-63 ماي ،
- بلاغة المخاطب – الجمهور -: نحو بلاغة جديدة د عماد عبد اللطيف – جامعة القاهرة 2005 –
- الخطاب الاشهاري والدعاية السياسيه :محمد الصافي مجلة علامات 1997 م العدد السابع
- ديوان المعتمد بن عباد : المعتمد بن عباد ، ت:حامد عبد المجيد و احمد احمد بدوي ، دار الكتب المصرية ، 2000 ط3
- السيميائيات والتاويل مدخل لسيميائيات شارل سندرس بورس، سعيد بنكراد ، مركزالثقافي العربي، المغرب ،ط1, 2005 ،
- الصورة الاشهارية المرجعية والجمالية . والمدلول الاجتماعي : سعيد بنكراد ، مجلة الفكر العربي ، العدد 112 سنة 2000
- علم النفس الاجتماعي : حامد عبد السلام , عالم الكتب للنشر , القاهره ,د. طر1984 ،
- فن الخطابة واعداد الخطيب ، الشيخ علي محفوظ، دار الاعتصام 2009م
- في بلاغة الخطاب الاقناعي مدخل نظري وتطبيقي لدراسة الخطابة العربية الخطابة في القرن الأول انموذجا د. محمد العمري افريقا الشرق _ المغرب ط2 2002
- في مفهوم الاشهار : هامل شيخ ، مجلة رؤى فكرية، العدد الأول ، 2015
- قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية الخطاب من الجملة الى النص : احمد المتوكل دار الامان , الرباط , د.ط، د.ت,
- لسان العرب : ابن منظور ، دار صادر 2007
- مختار الصحاح الرازي محمد بن ابي بكر ، مكتبة لبنان 2017م
- مدخل لدراسة الاشهار : حميد لحمداني ، مجلة علامات ،2002م العدد 18
- المغامرة السيميولوجة : رولان بارت ,تر : عبد الرحيم حزل . دار تنيمل للطباعة والنشر , مراکش ط1 ,1993
- نظريات في اساليب الاقناع دراسة مقارنة د. علي رزق دار الصفوة بيروت لبنان ط1 1994 :.
- نهاية الارب في فنون الأدب ،النويري احمد بن عبد الوهاب ، دار الكتب والوثائق القومية ، القاهرة ، ط1
- هندسة الاعلان: عبد السلام اوقحف، دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكندريه د.ط. 2003 .