د.محمد عبد الحق بكراوي
1- قسم العلوم الإسلامية ، كلية العلوم الإنسانية و الإجتماعية والإسلامية،
الجامعة الإفريقية العقيد أحمد دراية – الجزائر.
Bekraoui55@gmail.com
0021363363974
د. لعيدي خيرة
2- قسم الحقوق، كلية الحقوق والعلوم السياسية،جامعة عبد الحميد ابن باديس مستغانم- الجزائر.
ص ب:الطريق الوطني رقم 06 -01000 أدرار
الملخص:
تشكل فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الركيزة الأساسية في المجتمعات المتحضرة في وقتنا الراهن نظراً للقدرات التي تتوفر عليها والوظائف التي تقوم بها والخدمات التي يمكن أن تقدمها للمجتمع من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولقد حضية هذه الفئة بالعناية التامة من الشارع الشارع الحكيم سبحانه في القرءان الكريم وفي أحاديث سيد المرسلين، وعلى خطاهما سارت المواثيق الدولية من خلال كفالتها لحقوق هذه الفئة كغيرها من فئات المجتمع ، ومن هذا المنطلق تبرز أهمية هذا المقال والذي يحاول بيان مدى الحماية للمقررة لهذه الفئة من خلال التشريع الجزائري من ناحية الحماية والرعاية ويتجلى ذلك من خلال إصداره للعديد من النصوص القانونية الرامية لحماية حقوق الطفل المعاق، وتعزيزه لدور الجمعيات الفاعلة بهدف كفالة ورعاية فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
الكلمات المفتاحية: الحماية القانونية، الطفل المعاق، الاحتياجات الخاصة.
Legal protection for children with special needs
Abstract:
Children with special needs are the mainstay of modern civilized societies because of the capabilities, functions, and services they can provide to society socially, culturally, and economically. This category was given great interest both by the Nobel Quran and the sayings of our prophets PBUH. The international Agreements also did not ignore them by guaranteeing them equal rights as other categories in society.
from this point, the significance of this article appears to highlight the importance of this category illustrated by the Algerian legislation through several legal texts that aim to protect the rights of a disabled child and increase the role of active associations to ensure protection and care for children with special needs.
Keywords: Legal protection, Disabled child, Special needs.
مقدمة:
تشكل فئة الأطفال الركيزة الأساسية في جميع الحضارات على مر العصور، وفي مختلف الأزمنة، إلا أن مكانة الطفل عرفت تدهورا وانحطاطا كبيرين خاصة لدى الشعوب الغربية، ولم تسترجع هذه المكانة إلا بداية من القرن الثامن عشر أين ظهرت بعض التيارات الفكرية التي نادت بضرورة التربية الصحيحة والسليمة للطفل، وفي القرن العشرين بدأت هناك اهتمامات دولية لوضع تشريعات خاصة بحماية حقوق الطفل وأهمها اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989. ( بولحية شهيرة:2011، ص09.)
ولما كان الطفل بشكل عام يحتاج للرعاية الجيدة لضمان التنشئة الجيدة له، فإن الطفل المعاق يعد من أولويات المجتمع بالرعاية والحماية، نظرا لمركزه في المجتمع، ونظرا للصعوبات التي يتعرض لها منذ ولادته والتي ترافقه في جميع مراحل نموه.
إن عظمة فئة الأطفال وحجم معاناتها من ألم الإعاقة يدفعني اليوم لأن أسلط الضوء على بعض الآليات التي استحدثها المشرع الجزائري، وعلى الوسائل التي يمكن من خلالها توفير الرعاية اللازمة لهذه الفئة من خلال هذه المداخلة والمعنونة بـ: الحماية القانونية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة .
لبحث الموضوع ارتأيت وضع الإشكالية التالية:
ماهو المركز القانوني للطفل المعاق؟ ، وماهي الوسائل والضوابط التي وضعها المشرع الجزائري لحماية حقوقه؟ .
للإجابة عن هذا التساؤل تم اعتماد المنهج التحليلي بغية التطرق إلى المفاهيم الخاصة بالطفل والإعاقة وماهي أسبابها وكيف تتم الوقاية منها، كما تم اعتماد المنهج الوصفي لوصف مظاهر التكفل ووسائله واستخلاص النتائج التي يمكن للدارسين والفاعلين الجمعويين في هذا المجال إمكانية تجسيدها في الميدان للرقي بالعمل الجمعوي من جهة وترقية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من جهة أخرى .
ولتحليل فحوى الموضوع تم تقسيمه إلى مبحثين الأول بمثابة بوابة للموضوع يعطي مفاهيم عامة حول الأطفال ذوي الإعاقة ، إذ يحتوي على مطلبين ، ومبحث ثان يدرس الآليات المتخذة لحماية فئة الأطفال ذوي الإعاقة .وفق الخطة التالية:
مقدمـة
المبحث الأول : مفاهيم عامة حول الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
المطلب الأول : ماهية حقوق الطفول وأهمية حمايتها
الفرع الأول: تعريف الطفل
الفرع الثاني: حقوق الطفل
الفرع الثالث: أهمية الحماية والرعاية للطفل
المطلب الثاني : الإعاقة عند الأطفال أسبابها وطرق الوقاية منها
الفرع الأول : مفهوم الطفل المعاق في القانون الجزائري
الفرع الثاني: تعريف الإعاقة ودرجاتها
الفرع الثالث: أسباب الإعاقة عند الطفل
الفرع الرابع: طرق الوقاية من الإعاقة
المبحث الثاني: آليات التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
المطلب الأول: الحماية القانونية لحقوق الطفل المعاق
الفرع الأول : الحماية في القوانين العامة
الفرع الثاني: الحماية في القوانين الخاصة
المطلب الثاني : دور الجمعيات في رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
الفرع الأول : مفهوم الجمعيات الخيرية للأطفال ذوي لإعاقة
الفرع الثاني : طرق التكفل بالأطفال ذوي الإعاقة
خاتمة
المبحث الأول : مفاهيم عامة حول الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
تعتبر الطفولة اللبنة الأولى في بناء المجتمع ، ولعل بعض الأمراض التي تصيب الطفل قد تسبب له نوع خاص من أنواع الإعاقة ، وسنبين في هذا المبحث معنى الطفل وبيان حقوقه ، ونبين ماهية الإعاقة وأسبابها، ثم نعرج إلى مفهوم الطفل المعاق عند المشرع الجزائري.
المطلب الأول : ماهية حقوق الطفل وأهمية حمايتها
الفرع الأول: تعريف الطفل
الطفل في اللغة هو الصغير من كل شيء (ابن منظور:1414ه ، ص2681)، ومؤنثه طفلة وجمعها أطفال ، أما في الشريعة الإسلامية فنجد ما يشير إلى الأطفال في القرآن الكريم سواء الذكور منهم أو الإناث، وذلك في قوله تعالى: ( لله ملك السموات والارض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير) ( سورة الشورى ، الآية 46-47)
وقال تعالى في إشارة صريحة إلى مرحلـــة الطفولة: ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلّقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا وترى الارض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج )( سورة الحج ، الآية 05)
ومن هاتين الآياتين يمكن استخلاص المراحل التي يمر بها الطفل حتى سن الرشد كونه جنين ثم وليد، وبعدها رضيع ، ففطيم ، ثم مميز، فراشد.
أما الطفل في القانون فنلاحظ أن معظم الإتفاقيات الدولية لم تعط تعريفا دقيقا له غير أن اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 في مادتها الأولى عرفت الطفل بأنه : “كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه” ( العبادي: 2013،ص18).
أما المشرع الجزائري في المادة الثانية من قانون حماية الطفل 15-12 عرف الطفل بأنه: ” كل شخص لم يبلغ الثامنة عشرة (18) سنة كاملة …” ( المادة 02 من قانون حماية الطفل رقم 15-12).
الفرع الثاني: حقوق الطفل
إن مركز الطفل في المجتمع وما له من أهمية بالغة يستوجب إقرار حقوقه وتكريسها له إذ لم تكن هاته الحقوق حديثة النشأة بل أقرها القرآن والسنة النبوية بالحث على التربية الحسنة والتعليم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أدبوا أولادكم على سبع خصال حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن ” وقال صلى الله عليه وسلم: ” علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل” ، وغيرها من الأحاديث الدالة على أهمية التربية والرعاية، وتتعدد حقوق الطفل وتختلف باختلاف مراحل نموه،
فالاهتمام بالطفل وحقوقه لا يقع على كاهل الأسرة فحسب بل وعلى كاهل المجتمع عبر مؤسساته كافة وخاصة الحقوقية منها، فالطفل الجائع يجب أن يُطعم والمريض يجب أن يعالج والمتخلف يجب أن يُشجع والمنحرف يجب أن يُقوم واليتيم والمهجور يجب إيواؤهما وإنقاذهما.. ( المادة 02 من إعلان جنيف لعام 1924)، ولم تبدأ المواثيق الدولية الاهتمام بالطفل إلا سنة 1924 في إعلان جنيف الخاص بحقوق الطفل في حين أن الشرائع السماوية والقوانين الوضعة للشعوب كان لها الدور الكبير في إقرار حقوق الطفل وتكريسها، ومن أهم ما جاء في ذلك : قانون حمو رابي في المادة 14 : (إذا اختطف رجل طفل (ابن) رجل فسوف يقتل)، كما جاءت معظم الإتفاقيات الدولية والمواثيق بالنص على هذه الحقوق ومن أهمها إعلان جنيف السالف الذكر، وإعلان حقوق الإنسان لعام 1948 وكذلك إعلان حقوق الطفل لسنة 1959 واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 والبروتوكلان الملحقان بها الأول المتعلق ببيع الأطفال واستغلالهم في البغاء، والثاني يتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة .
وعلى غرار التشريعات السالفة الذكر فإن المشرع الجزائري جاء لتكريس حقوق الطفل في المادة الثالثة من القانون رقم 15/12 والذي اعتبر أن كل طفل دون تمييز يجب أن يتمتع بجيع الحقوق التي تنص عليها اتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات الدولية المصادق عليها في التشريع الوطني.
ومن أهم الحقوق الأساسية التي جاءت مختلف الاتفاقيات والمواثيق وأيضا التشريعات الوطنية لكفالتها وحمايتها للطفل ما يلي: الحق في الحياة، الحق في الإسم واللقب والنسب، الحق في الجنسية، وفي الأسرة و الحق في الصحة، الحق في الحضانة، الحق في التربية والتعليم والثقافة والترفيه وفي احترام حياته الخاصة .
كما خصت الفقرة الثانية من المادة الثالثة السالفة المعاق بإضافة بعض الحقوق كالحق في الرعاية الاجتماعية والعلاج والتعليم والتأهيل الذي يمكنه من الاستقلالية والاندماج في الحياة الإقتصادية والاجتماعية والثقافية. ( المادة 03 من قانون حماية الطفل رقم: 15-12)
الفرع الثالث: أهمية الحماية والرعاية للطفل
تقع على الأطراف كافة مسؤولية التنشئة الصحيحة للطفل ورعايته سواء فيما يتعلق بالرعاية الصحية المقررة للطفل منذ ولادته وتطعيمه وتغذيته أو ما تعلق بالرعاية الاجتماعية في ظل الأسرة، ودور الحضانة أو المراكز المتخصصة أو ما يمكن أن يقدم للطفل من خدمات في مجال الرعاية التعليمية، أوما يخص مجال رعاية الطفل العامل والطفل المعاق وتاهيله والعمل على حمايته من كل ما من شأنه التأثير سلبا على اندماجه في المجتمع. ( النبشة: 2010، ص 09) .
إن لرعاية وحماية الأطفال أهمية بالغة، وتبرز هاته الأخيرة من خلال ما يلي:
- إيجاد أطفال متساوين في المجتمعات وتوفير الظروف المناسبة لجعل مصالح الأطفال فوق كل اعتبار من حيث الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها الدولة من خلال مؤسساتها أو تقوم بها منظمات الأمم المتحدة.
- كفالة حق البقاء للطفل، والنماء والوصول إلى مجتمع متحضر .
- الحفاظ على هوية الطفل والعمل على تعزيز حرية التعبير والحوار وتلقي الأفكار وصونه من مختلف أشكال الاستخدامات غير المشروعة.
- وقاية الطفل من الاستغلال الاقتصادي وتوفير العيش الكريم والرفاهية والأمن في مجتمعه .
- العمل على تحقيق الأهداف الإنمائية من خلال تعميم التعليم الإبتدائي الشامل، واستصال الجوع والفقر، وكذا تقليل نسبة وفيات الأطفال وتحسين صحة الأمهات…إلخ
فعلى المجتمعات الدولية والمحلية وضع آلية لتفعيل وتنفيذ القواعد والاتفاقات المقننة واستخدام مختلف الوسائل التي من شأنها تحقيق أهداف الحماية والرعاية والحد من الحروب لضمان مستقبل أفضل للطفل. ( العبادي: 2013، ص34)
المطلب الثاني : الإعاقة عند الأطفال، أسبابها وطرق الوقاية منها
الفرع الأول : مفهوم الطفل المعاق في القانون الجزائري
إن تعريف الطفل المعاق يتركز على ماهية الإعاقة عند الأفراد عموما، ومطابقتها بعد ذلك على فئة الأطفال .
حيث يعرف أغلب الفقهاء ومنهم الأستاذ عبد الرحمان عيسوي الذي عرف الطفل المعاق بأنه: ” الطفل الذي يتدنى مستوى أدائه عن أقران بشكل ملحوظ في مجال من مجالات الأداء وبشكل يجعله غير قادر على متابعة الآخرين إلا بتدخل خارجي أو بإجراء تعديل كلي في الظروف المحيطة به.”
إن المشرع الجزائري عزز الحماية والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة ، لا سيما إذا تعلق الأمر بالطفل نظرا لعامل السن وبالنظر أيضا لمختلف العوامل المحيطة بهذا الطفل ومدى إمكانية تأثيرها على مردوده الاجتماعي والفكري، وبهذا سنحاول بان التعريفات التي جاء بها المشرع لتعريف الطفل المعاق، لتسهيل بيان الأحكام الخاصة بالحماية.
أولاً: تعريف الطفل المعاق حسب قانون 85/05 المتعلق بالصحة وترقيتها الملغى بموجب القانون 18/11 .
إن قانون 85/05 اهتم بتنظيم المجال الصحي عموما، إلا أنه تطرق إلى تدابير حماية الأشخاص المعاقين وذلك في الفصل التاسع من الباب الثاني منه، حيث عرفت المادة 89 منه المعاق بأنه:
” يعد شخصاً معوقاً كل طفل أو مراهق أو شخص بالغ أو مسن مصاب بما يلي:
- إما نقص نفسي أو فيزيولجي .
- وإما عجز ناتج عن القيام بنشاط تكون حدوده عادية للكائن البشري .
وإما عاهة تحول دون حياة اجتماعية أو تمنعها.”(المادة 89 من القانون المتعلق بالصحة وترقيتها رقم :85-05) .
ثانياً: تعريف الطفل المعاق حسب قانون 02/09 المتعلق بحماية الأشخاص المعاقين وترقيتهم
يعتبر قانون02-09 من التشريعات المتخصصة في مجال الإعاقة وحماية حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث عرفت المادة الثانية منه بأن المعاق هو كل شخص ” مهما كان سنه وجنسه يعاني من إعاقة أو أكثر، وراثية أو خلقية أو مكتسبة تحد من قدراته على ممارسة نشاط أو عدة نشاطات أولية في حياته اليومية الشخصية والاجتماعية نتيجة إصابة وظائفه الذهنة أو الحركية أو العضوية الحسية.” (المادة 02 من القانون المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم رقم: 02/09)
من التعريف السابق يتضح أن المشرع ركز عنايته بهذه الفئة من خلال شمولية النص لمختلف الأشخاص ذوي الإعاقة سواء التي تعرض لها الشخص منذ ولادته أو تلك الإعاقة الوراثية أو التي اكتسبها نتيجة حادث خلال المراحل العمرية ، وكذلك مختلف الإعاقات التي قد تحول دون ممارسته لنشاط واحد على الأقل أو عدة أنشطة في حياته العلمية أو الدراسية وأيضا حياته المهنية .
الفرع الثاني : تعريف الإعاقة ودرجاتها
ليس هناك تعريف محدد ومتفق عليه بين الباحثين حول تحديد المقصود بالمعوقين والإعاقة، إذ يوجد اتجاهين يعطي كل منهما مفهوما خاصا بالإعاقة:
الإتجاه الأول: يقصر لفظ المعاق على الشخص الذي يصاب بعجز معين في أحدى أعضاء جسمه، مما يجعله غير قادر على التكيف مع المجتمع، وبهذا فالإعاقة عندهم هي عدم القدرة على تلبية الفرد لحاجاتها الطبيعية المرتبطة بعمره وجسمه وخصائصه الاجتماعية والثقافية والناتجة عن العجز في أداء الوظائف الفيسيولوجية ، ويدخل في نطاق هذا المعنى أنواع الإعاقة المختلفة ، العقلية، السمعية، البصرية، الجسمية وصعوبات التعلم .
الإتجاه الثاني: يرى أن لفظ الإعاقة لا يقتصر على مجرد إصابة الفرد بعجز معين في إحدى أعضاء جسمه بل يتعداه إلى كل حالة تعوق الشخص عن أداء وظائفه الطبيعية في المجتمع بغض النظر عن إصابته بعجز جسماني، ومن ثم فالمعاق هو الذي انخفضت لديه درجة التلقي لقصور بدني أو عقلي مترف به قانونا، فقد يصاب الشخص بحالة انطواء أو اضطراب نفسي تجعله غير قادر على التكيف مع أفراد المجتمع رغم سلامة أعضائه.
والواقع أن الإعاقة ليست نتيجة لسبب واحد بل هي حصيلة لمجموعة عوامل وأسباب، صحية، وراثية، ثقافية، واجتماعية، وهو ما سنفصله في الفرع الموالي.( موقع الحماية القانونية للمعاق في الدول العربية، 2020).
تختلف درجات الإعاقة باختلاف طبيعة هاته الأخيرة، وهنا جاءت المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم: 82/180 المؤرخ في 15 ماي 1982 والمتعلق بتشغيل المعوقين وإعادة تأهيلهم المهني تبين أصناف المعاقين:
- القاصرون حركيا، القصور الجراحي، التقويمي، والعصبي، وإصابات داء المفاصل
- القاصرون حسيا المكفوفون، والصم البكم، والأشخاص المصابون باضطرابات النطق
- القاصرون المزمنون العاجزون عن التنفس وأصحاب المزاج النزيفي، أو مرض السكر أو القلب.
- مختلف القاصرين بدنيا، ولاسيما ضحايا المخلفات الناتجة عن حادث عمل أو مرض مهني.
كما ينص المرسوم التنفيذي 14-204 المحدد لدرجات الإعاقة على أن الإعاقة حسب طبيعتها تنقسم إلى :
- إعاقة حركية.
- إعاقة بصرية.
- إعاقة سمعية.
- إعاقة ذهنية . (المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 14-204 ) .
كما تحدد درجة الإعاقة بدرجة الضرر الناجم عن العجز المرتبط بإصابة أو بعدة إصابات تسبب قصورا في القيام بأعمال الحياة اليومية بالتفاعل مع المحيط .
تقدر نسبة العجز المعتمد في تحديد درجة الإعاقات المنصوص عليه في المواد 04 إلى 07 أعلاه من طرف طبيب مختص .( المادة 08 من المرسوم التنفيذي رقم 14-204).
الفرع الثالث: أسباب الإعاقة عند الطفل
إن أسباب الإعاقة كثيرة ومتعددة بشكل عام نظرا لخطر الحوادث التي يتعرض له الشخص في حياته المهنية، إلا أن الإعاقة تختلف أسبابها عند الأطفال، ويمكن إجمال هاته الأسباب في الآتي:
- 1- أثناء مرحلة الحمل:
وتكون معظمها أسباب خلقية أو وراثية ناتجة عن التأثر بالأم أثناء تناولها لبعض الدوية أو غير ذلك
- 2- بعد الولادة:
وغالبا ما تكون نتيجة للأعمال الطبيية المرافقة لعملية توليد الأم ، أو حدوث إصابة للوليد مباشرة بعد الولادة، وقد تكون نتيجة لحمى تصيبه في فترة رضاعه.
- 3- مرحلة النمو:
وهي مرتبطة بالطفل كسوء التغذية أو الإصابة بأمراض معدية أو أمراض نفسية، أو نتيجة لتناول المخدرات…إلخ.
كما قد تكون الأسباب خارجة عن إرادة الطفل كإصابته بحادث مرور مثلاً.( بن عيسى :2012،(1)، ص07)
الفرع الرابع: طرق الوقاية من الإعاقة
إن لمعرفة سبب الإعاقة دور كبير في تطوير وتحسين طرق وبرامج الوقاية من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي تأثير ذلك السبب، وغالبا ما يكون سببها قبل الولادة أو أثنائها أو بعدها .
وعليه تكون الوقاية إما :
أ- مبكرة: من خلال إعداد أزواج المستقبل للحياة الأسرية، في النواحي النفسية والاجتماعية والصحية خاصة من خلال برامج التثقيف الصحي.
ب- أثناء الحمل: من خلال الإرشاد الجيني والتلقيح والفحوصات الضرورية، التغذية،تجنب الصدمات النفسية،التشخيص والعلاج المبكر للأمراض المتعلقة بالحمل…
ت- أثناء الولادة: توفير الظروف اللازمة لولادة آمنة، تفادي انتقال الأمراض من الأم للوليد…
ث- بعد الولادة: الرضاعة الطبيعية، تطعيم الأطفال… ( بوسكرة :2020)
كما تنص المادة 02 من المرسوم التنفيذي 17-187 المؤرخ في 03 يونيو 2017 المحدد لكيفيات الوقاية من الإعاقة على أنه : ” تتم الوقاية من الإعاقة من خلال ما يأتي :
- تنفيذ برامج للوقاية الطبية والطبية الاجتماعية من الإعاقة بالانسجام مع البرامج القطاعية ذات الصلة بالوقاية من الإعاقة .
- ترقية الكشف المبكر للإعاقة والنشاطات الطبية الاجتماعية لفائدة الأشخاص المعنيين وعائلاتهم قصد تجنب الإعاقة أو تشديدها .
- ترقية حملات الإعلام والتحسيس والاتصال الموجهة للمواطنين حول الوقاية من الإعاقة .
- تصميم وتنفيذ استراتيجية وطنية متعددة القطاعات للوقاية من الإعاقة تسمح بمقاربة عملية حسب مختلف مراحل وأوساط الحياة بإشراك القطاعات المعنية .
- وضع لجنة استشارية وشبكة متعددة القطاعات طبية اجتماعية محلية للوقاية من الإعاقة .(المادة 02 من المرسوم التنفيذي 17-187)
المبحث الثاني: آليات التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
لقد أدرك المجتمع الدولي أن لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة حاجات لابد من توفيرها وحقوقاً لابد من حمايتها وكفالتها، لذلك فقد حرصت مختلف دول العالم والعديد من المنظمات الدولية على تأكيد حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة . ( موقع النظم الدولية وحقوق المعاق ،2020)
إن التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يستوجب عمل مختلف الأطراف الفاعلة كالدولة وأيضا أفراد المجتمع المدني سويا للرقي بهذه الفئة من الأطفال ومحاولة ذمجهم في الوسط الاجتماعي والثقافي والتعليمي الذي ينتمون إليه، وهو ما يتجلى من خلال توفير الحماية للحقوق من جهة وتوفير الرعاية اللازمة من جهة أخرى .
المطلب الأول: الحماية القانونية لحقوق الطفل المعاق
الفرع الأول : الحماية في القوانين العامة
أولاً : الدستور:
يعتبر الدستور الدعامة الأساسية والركيزة التي تستمد منها القوانين قوتها، إذ يعد من أهم التشريعات المنظمة لمجال حقوق الإنسان ، ولما كان مركز الأشخاص المعاقين لا سيما فئة الأطفال ذوي الإعاقة لا يقل أهمية عن مركز الأشخاص العاديين فإن الدستور الجزائري كفل لهم عدة ضمانات ، ويبرز ذلك من خلال نص المادة 29 من دستور 1996، والتي اعتبرت أن كل المواطنين سواسية أمام القانون.
كما نصت المادة 59 حيث أكدت على أن الظروف معيشية للمواطنين الذين لم يبلغوا سن العمل، والذين لا يستطيعون القيام به، والذين عجزوا عنه نهائيا مضمونة.
إلى جانب هذه الضمانات فإن الدستور كفل مختلف الحقوق الإنسانية الأخرى وجعل كفالتها مضمونة بين جميع المواطنين بالمساواة ودون تمييز كحق الجنسية والسلامة البدنية ، حق الرعاية الصحية، حق حرمة الحياة الشخصية، وحق تكوين الجمعيات والأحزاب السياسية … إلخ.
ثانيا: قانون 85/05 المتعلق بالصحة وترقيتها الملغى بالقانون رقم 18–11:
يعتبر قانون 85/05 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها من أهم القوانين التي ركزت على حماية حقوق المعاقين وهذا ما يتجلى من خلال المواد من 89 إلى 96 منه في الفصل السابع بعنوان تدابير حماية الأشخاص المعوقين؛ حيث ضمن لهذه الفئة الحق في التمتع بالرعاية الصحية والاجتماعية واحترام شخصيتهم ومراعاة كرامتهم وحساسيتهم والانتفاع من العلاج الملائم، وإعادة تأهيلهم.
كما تضمن القانون جملة من الإجراءات الخاصة بالهياكل الصحية الخاصة بذوي الإعاقة العقلية وغيرها من الإجراءات التي جاءت لحماية حقوق المعاق. ( بن عيسى :2012،(1)، ص10)
ثالثاً : القانون التوجيهي رقم 08/04 المتعلق بالتربية :
إن المادة 85 من القانون التوجيهي تنص صراحة على إمكانية ذمج الأشخاص المعاقين في الحياة المدرسية حيث خصت هذه الفئة بأقسام تأهيلية خاصة هدفها إذماج الأطفال المعاقين في المسار الدراسي العادي مثل بقية الأطفال وهو ما عرفه المشرع الجزائري بالتعليم المكيف إذ ينقسم إلى درجتين :
- التعليم المكيف من الدرجة الأولى يخص فئة التلاميذ الذين لم يزاولوا دراستهم بصفة اعتيادية (لغياب المؤطر أو تعرض الهيكل لكوارث طبيعية )
التعليم المكيف من الدرجة الثانية يخص فئة التلاميذ المصابين بعاهة صم بكم إعاقة حركية صعوبة النطق” (المادة 85 من القانون التوجيهي للتربية الوطنية رقم 04 -08 : 2008 )
الفرع الثاني : الحماية في القوانين الخاصة
أولاً: الحماية في القانون رقم 02/09 المتعلق
إن هذا القانون جاء لحماية الحقوق الخاصة بالمعاقين عامة بما فيهم الأطفال، حيث تضمن جملة من الإجراءات والتدابير الخاصة الغاية منها الرقي بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إحصاء هذه الفئة والكشف المبكر عن الإعاقة ودرجتها والبحث عن آليات الوقاية منها، وضمان العلاج الصحي والنفسي وإعادة التأهيل، وضمان الإذماج الاجتماعي والمهني، كذلك ضمان الحصول على الأجهزة الاصطناعية. ( بن عيسى :2012،(1)، ص11)
ثانياً الحماية المقررة في القانون رقم 15/12 الخاص بحماية الطفل
يعتبر قانون 15/12 من أهم القوانين الخاصة التي تهتم بفئة الأطفال، ولى الرغم من أنه جاء لحماية هذه الفئة إلا أنه راعى جانب الإعاقة ولم يغفلها، باعتبار أن الطفل هو الأكثر عرضة لها، إذ تنص المادة الثالثة الفقرة الثانية منها على أن الطفل المعاق، وبالإضافة إلى الحقوق المذكورة في الفقرة السابقة من الحق في الحياة والجنسية وغيرها…فإنه يتمتع بالحق في الرعاية الصحية والعلاج والتعليم والتأهيل الذي يعزز استقلاليته وييسر مشاركته الفعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
(المادة 03 من القانون رقم 15/12 المتعلق بحماية الطفل)
المطلب الثاني : الجمعيات الخيرية ودورها في رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
تعتبر الجمعيات من أهم الركائز التي تعتمدها الأنظمة الحديثة في تسيير مجتمعاتها نظرا لما تقدمه من خدمات في مختلف المجالات، ولعل أهمها الجمعيات الناشطة في المجال الخيري لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، فهي وعلى رغم قلتها إلا أن لها دور كبير في المساعي التي تقوم بها لذمج فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة الاجتماعية ، باعتبار أن لهم طاقات خلاقة يمكن من خلالها إعادتهم إلى عجلة الإنتاج مما يسهم إيجابا في التنمية الاقتصادية .
الفرع الأول : عموميات حول الجمعيات الخيرية للأطفال ذوي لإعاقة
والجمعية حسب ما جاء في قانون الجمعيات هي عبارة عن تجمع أشخاص طبيعيين و/أو معنويين على أساس تعاقدي لمدة محددة.
يشتركون في تسخير معارفهم ووسائلهم تطوعا ولغرض غير مربح من أجل ترقية الأنشطة وتشجيعها، لا سيما في المجال المهني والاجتماعي والعلمي والديني والتربوي والرياضي والبيئي والخيري والإنساني. (المادة 02 من القانون المتعلق بالجمعيات رقم : 12/06 : 2012)
من هذا المنطلق فإن العناية بالمعاقين كفئة أصابتها درجة من درجات العجز واجب أخلاقي إنساني تفرضه القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية وتفرضه أيضا طبيعة التكافل الاجتماعي (النبشة: 2010، ص125 ).
إن رعاية وحماية الأطفال المعاقين ليس بالأمر الهين ، إذ يقتضي تظافر جهود كل من الدولة ومؤسساتها الإدارية وكذا أفراد المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات للتكفل بهذه الفئة .
ويعد العمل الجمعوي الخيري المتخصص في مجال حماية الأطفال ذوي الإعاقة من أهم الضمانات التي كفلها المشرع الجزائري بموجب المادة 03 من القانون 02-09 والتي نصت على (…تشجيع الحركة الجمعوية ذات الطابع الإنساني والاجتماعي في مجال حماية المعوقين وترقيتهم…)
كم يعد العمل الجمعوي في مجال الإعاقة وخاصة الأطفال من الأهمية بمكان باعتبار أن هذه الفئة ليس لهم القدرة على التواصل مع الإدارة من أجل متابعة ملفاتهم الصحية وغيرها هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن فئة الطفولة هي الفئة التي تحتاج العناية والرعاية أكثر من أي فئة أخرى في المجتمع فطفل اليوم هو رجل الغد وبالتالي فلابد من إعداد قادة .
ومن الأهداف التي تسعى الجمعيات الخيرية لتحقيقها للطفل المعاق ما يلي:
- تنشئة طفل معتمد على نفسه ومحاولة ذمجه في المجتمع.
- بعث نفسية الأسرة من جديد لتقبل إعاقة الطفل ومسايرة واقعه، ودعم هاته الأسرة باعتبارها الأداة الأساسية لتربية الطفل المعاق .
- توفير الخدمات التعليمية، التربوية، الاجتماعية، التأهيلية والصحية للطفل .
- توظيف الإمكانات المحلية والموارد المتاحة لصالح الطفل المعاق .
- تعتبر الجمعيات من بين آليات الوقاية من الإعاقة التي نص عليها المرسوم التنفيذي رقم 17-187 الذي يحدد كيفية الوقاية من الإعاقة .
الفرع الثاني : طرق ووسائل التكفل بالطفل المعاق
إن عناية المجتمع بتأهيل معاقيه يجنبه أعباء كبيرة مستقبلا، أعباء يمكن تجنبها منذ البداية، إذ أن المثل يقول: درهم وقاية خير من قنطار علاج وهو ما أكدته المادة 16 من ميثاق حقوق الطفل العربي: (إن رعاية الطفولة من الإعاقة أفضل من علاجها منها بعد حدوثها). (النبشة: 2010، ص125 ).
من هذا المنطلق فإن الوسائل والآليات التي تعتمدها الجمعيات للتكفل بفئة الأطفال المعاقين كثيرة ومتعددة نوجزها في ما يلي:
أولاً : الرعاية الاجتماعية:
ترتكز الحماية الاجتماعية على أهم عنصر يقوم عليه المجتمع وهو التربية الخاصة، حيث يضمن المشرع الجزائري لهذه الفئة مجانية التعليم وإجبارية التعليم الأساسي وهو ما جاء في المادة 53 من الدستور، كما أن قانون حماية الأشخاص المعاقين بفرض التعليم الإجباري في مادته 15 فرض إلزامية خضوع الأطفال المعاقين إلى التمدرس الإجباري في مؤسسات التعليم والتكوين المهني التي تهيأ عند الحاجة .
ثانياً: الرعاية النفسية :
إن الإعاقة بشكل عام ومهما كانت درجتها تترك أثرها على التوازن الإنفعالي للطفل المعاق، مما ينعكس على إمكانية تكيفه مع البيئة التي ينتمي إليها، من خلال إكتشاف إمكانياته وتقبل وضعه في المجتمع أو يقوم باللجوء للعزلة هربا من الواقع .
لهذا فإن المعاق بحاجة ماسة دائمة ومستمرة للتكفل النفسي لمساعدته أكثر على تجاوز العراقيل النفسية وجعله أكثر ثقة بنفسه وبمواهبه وقدراته، والمشرع الجزائري راعى هذا الجانب من خلال نص المادة 91 من قانون حماية الصحة على أنه: ” يجب أن تتسم الأعمال التي تكون في فائدة الشخاص المعوقين باحترام شخصيتهم الإنسانية ومراعاة كرامتهم وحساسيتهم الخاصة.” ( بوسكرة :2020)
ثالثاً: الرعاية الصحية :
إن التكفل بالأطفال المعاقين من الناحية الصحية أمر لابد منه وعليه فإن هذه الرعاية تشمل تشخيص الحالة وتقييم مستوى الأداء الوظيفي للأعضاء والنظم الجسمية، ووصف خطوات العلاج والنشاطات التأهيلية، وتقديم الرعاية الجسمية العامة ووقاية العميل من المضاعفات …
ولقد جاء المشرع الجزائري من خلال المادة 54 من الدستور ينص على أن الرعاية الصحية حق للمواطنين وهم جميعا سواسية أمام القانون، ونص في المادة 90 من قانون حماية الصحة على أنه: “يتمتع الأشخاص المعوقون بالحق في الحماية الصحية والاجتماعية …”
خاتمة
في الأخير فإن ما يمكن قوله أن فئة الأطفال ذوي الإعاقة هي جزء لا يتجزأ من الوحدة المتماسكة لمجتمعنا الجزائري، وعليه فإنه بات من الضروري الآن وأكثر من أي وقت مضى أن ننهض بهذه الفئة ونعنيها بالرعاية والأهمية، بالنظر إلى الأعداد الخطيرة التي تحصيها الجمعيات المتخصصة في مجال الإعاقة و كذا المراكز الطبية الخاصة.
ومن النتائج التي تم الوصول إليها من الدراسة، أن لرعاية وحماية الطفل أهمية بالغة، وتبرز من خلال الحفاظ على هويته الدينية والوطنية ومن خلال أيضا العمل على تعزيز ثقته بنفسه وصونه من جميع أشكال التمييز والاستخدامات غير المشروعة.
أيضا نستنتج أن الإعاقة عبارة عن عجز أحد الأعضاء عن الأداء الوظيفي الطبيعي وبالتالي فإنها تتدرج إلى عدة درجات تمكننا من معرفة مدى إمكانية العلاج الصحي، التأهيلي والنفسي للطفل المعاق .
كما نخلص إلى أن المشرع الجزائري وعلى غرار التشريعات العربية والدولية فقد اهتم بالأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام ، واهتم أيضا بحماية حقوق الطفل المعاق على وجه الخصوص من خلال النصوص التشريعية التي جاءت مقررة لحقوق الطفل المعاق.
ومما تقدم فإن ما يمكن الخروج به من التوصيات هو:
- ضرورة إعادة النظر في قانون الصحة رقم 18-11 المؤرخ في 02 يوليو 2018 والذي ألغى قانون 85-05 بإدراج نصوص قانونية الخاصة بحماية حقوق الطفل المعاق أو الأشخاص المعاقين بصفة عامة مثل ما هو منصوص عليه في القانون الأخير .
- يجب إعادة النظر في قانون 02/09 خاصة المادة 03 منه والتي تشجع الحركة الجمعوية في مجال الإعاقة بحيث يجب الدعم المادي والمعنوي لهاته الجمعيات وتخصيص اعتمادات مالية لتسهيل نشاطها ، كما يجب تعديل المراسيم التنفيذية التابعة له خاصة المرسوم 03-45 والمرسوم 07-340 المعدلان لمنحة الإعاقة والمحددة بــ 4000 دج والتي لم تعد كافية خاصة مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة .
- وأيضاً تعديل القانون رقم 15/12 المتعلق بحماية الطفل كونه جاء جزائي ردعي أكثر منه إنساني حقوقي وبالتالي أصبح من الضروري إعادة النظر في محتوى النصوص التي يتضمنها لبسط حماية أكثر وأفضل للطفل عموما وللطفل المعاق على وجه الخصوص.
- ضرورة وضع تقنين خاص بحماية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المنظومة التشريعية الجزائرية، فعلى الرغم من أن المشرع الجزائري كفل الحماية لهذه الفئة إلا أن الواقع المعاش لا يزال يعكس مدى معانات هذه الفئة من الأطفال .
- القيام بالمساعدة والدعم المادي للجمعيات الناشطة في مجال الحماية والرعاية والتكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة وأن العمل التي تقدمه لهذه الفئة من الأهمية بمكان من خلال مساعدة المراكز الطبية المتخصصة في بعض جوانب الإعاقة في تكوين ورعاية وتأهيل هؤلاء الأطفال .
- أخيراً القيام بأيام دراسية وندوات علمية في هذا المجال-مجال الإعاقة- للتعريف بالأسباب ومحاولة تجنبها عن طريق سبل الوقاية.
قائمة المراجع:
أولا- القرآن الكريم برواية حفص عن نافع.
ثانيا- الكتب والمراجع:
- غاليةرياضالنبشة2010،حقوقالطفلبينالقوانينالداخليةوالاتفاقياتالدولية،ط1،منشوراتالحلبيالحقوقية،لبنان.
- محمدحميدالرصيفانالعبادي 2013،حقوقالطفلفيالتشريعاتالوضعيةوالمواثيقالدوليةدراسةمقارنة،ط1،داروائلللنشر،الأردن.
- محمد ابن منظور 1414ه، لسان العرب ، دار المعارف للنشر، القاهرة مصر .
ثالثا- المجلات المحكمة :
- بنعيسىأحمد 2012،الآلياتالقانونيةلحمايةالأطفالذويالإعاقةفيالتشريعالجزائري،مجلةالفقهوالقانون،العدد1-الجزائر.
رابعا- النصوص والمواد القانونية :
- إعلان جنيف لعام 1924 المعتمد من المجلس العام للإتحاد الدولي لإغاثة الأطفال في جلسته بتاريخ 22 فبراير 1922 الذي تم التصويت عليه من اللجنة التنفيذية في جلستها بتاريخ 17 مايو 1922 والموقع عليه من أعضاء المجلس العام في 28 فبراير 1924 .
- القانون رقم 85-05 المؤرخ في 16 فبراير 1985 والمتعلق بالصحة وترقيتها .
- القانون رقم : 02/09 المؤرخ في 08 ماي 2002، والمتعلق بحماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم .
- القانونرقم08 – 04 مؤرّخفي15 محرّمعام1429 الموافقلـ23 ينايرسنة2008 يتضمّنالقانونالتوجيهيللتربيةالوطنية.
- القانون رقم : 12/06 المؤرخ في 12 يناير سنة 2012 والمتعلق بالجمعيات .
- القانونرقم15-12 المؤرخفي28 رمضان1436 الموافقلـ15 يوليو2015 المتعلقبحمايةالطفل،الجريدةالرسميةالعدد39 للسنة52 الصادرةفيل03 شوال1436هالموافق19 يوليو2015.
خامسا- المراسيم التنفيذية:
- المرسوم التنفيذي 14-204 المؤرخ في 15 يوليو 2014 يحدد الإعاقات حسب طبيعتها ودرجتها.
- المرسوم التنفيذي 17-187 المؤرخ في 03 يونيو 2017 المحدد لكيفيات الوقاية من الإعاقة.
سادسا-المواقع الإلكترونية:
- الحماية القانونية للمعاق في الدول العربية، http://www.mouwazaf-dz.com/t1713-
- النظم الدولية وحقوق المعاق ، http://www.assakina.com/rights/rights-people-special-needs/23206.html#ixzz3rZHGOuvi
بوسكرة أحمد، الرعاية الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة في التشريع الجزائري، http://www.mouwazaf-dz.com/t1713-