أكتوبر 28, 2024 4:27 م
12

ايناس خلف محمد

بكالوريوس إحصاء / الجامعة المستنصرية / العراق

iraqalqeam2@gmail.com

009647902885921

الملخص

تسعى مقدمة هذا البحث إلى تسليط الضوء على أهمية الإبداع في النهوض بالفرد والمجتمع، حيث يُعتبر الإبداع عنصرًا حيويًا يدفع نحو التقدم والابتكار. تشير المقدمة إلى أن حركة التربية العربية شهدت تحولًا جذريًا بعد قرون من القيود، مما أدى إلى تفكيك الأساليب التقليدية والنمطية التي كانت تعيق التطور. يبرز البحث دور الإبداع في دفع عجلة الحضارة وتجاوز النظرات المحدودة التي تقيد النهوض للأمم.

تفرق المقدمة بين العلم والفن، حيث يتعامل العلم مع الأفكار المجردة والقوانين من خلال التفكير المنطقي، بينما يركز الفن على تجسيد الصور الواقعية وتقديمها عبر الأحاسيس والرؤى الملموسة. يُستشهد بالفلاسفة مثل أفلاطون وأرسطو وتولوستوي وهيجل لتأكيد أن العلم والفن يتناولان جوانب مختلفة من المعرفة.

تتمحور مشكلة البحث حول نقص إدماج مفاهيم الفنون الجميلة في طرائق التدريس في الدول العربية، وهو ما يتطلب التجديد في الفكر التربوي وابتكار مناهج وطرق تدريس جديدة تعزز من الإبداع.

تؤكد أهمية البحث على أن التعليم الجيد للفنون يعزز التفكير المبدع والتحليل النقدي، ويتيح للطلاب اكتساب مهارات البحث والفهم. يُستشهد بأفكار ألبرت أينشتاين وهيرمان هيس لدعم مفهوم أن تعليم الفنون ينمي مهارات الخيال والتفكير الإبداعي لدى الأطفال، مما يساعدهم على التحكم في حياتهم وتعزيز تطلعاتهم بالخيال والأمل.

 

Learning with Arts

Enas Khalaf Mohammed

Bachelor of Statistics / Al-Mustansiriya University / Iraq

Abstract:

The introduction of this research aims to highlight the significance of creativity in advancing both individuals and society, considering creativity as a vital element driving progress and innovation. The introduction points out that the Arab educational movement has undergone a radical transformation after centuries of constraints, leading to the dismantling of traditional and conventional methods that hindered development. The research emphasizes the role of creativity in propelling civilization forward and overcoming the limited perspectives that restrict national advancement.

The introduction distinguishes between science and art, noting that science deals with abstract ideas and laws through logical thinking, while art focuses on embodying and presenting realistic images through tangible sensations and visions. Philosophers such as Plato, Aristotle, Tolstoy, and Hegel are cited to affirm that science and art address different aspects of knowledge.

The research problem centers on the lack of integration of fine arts concepts into teaching methods in Arab countries, which necessitates a renewal in educational thinking and the development of new curricula and teaching methods to foster creativity.

The importance of the research is underscored by the fact that effective art education enhances creative thinking and critical analysis, allowing students to acquire research and understanding skills. Albert Einstein and Hermann Hesse’s ideas are cited to support the concept that teaching art develops children’s imaginative and creative thinking skills, helping them control their lives and enrich their aspirations with hope and imagination.

الباب الأول

مقدمة البحث:

عندما يصبح الابداع هو السمة المميزة للأفراد ويصبح الفكر الوقاد والحرية هو المنهج المسلكي لكل من يغني للحرية والانطلاق عالياً ليحلق في عنان السماء وعندما تثور الحركة التربوية العربية، وتكسر أغلال قيدتها على مدى مئات الأعوام، حينها تتغير القوى الجامدة في عالم اليوم، وتتحطم الأسلحة التقليدية والنمطية امام التقدم والابتكار والابداع الذي ظل يحلم به الانسان في الشرق والغرب ليدفع من خلاله عجلة التقدم والحضارة الى الامام ويسمو بهذا الابداع الى عنان السماء بعيداً عن النظرة الضيقة نحو افق محدود بحدود تلك النظرة المتواضعة التي تمثل القيود القوية في سبيل النهوض والرفعة للأمم.

وفي حين يحاول العلم الحقيقي كشف المفاهيم الملموسة والمقولات والقوانين بالاعتماد على التفكير المنطقي يسعى الفن الى تجسيد وتصوير الأشياء بأحاسيس ورؤى واقعية ملموسة ويقدمها لنا جاهزة، ويتفق كل من افلاطون، أرسطو، تولوستوي، شلر، هيجل وتشيرنيشفسكي على ان العلم يتعامل مع الأفكار المجردة أما الفن فانه يتعامل مع الصور الواقعية المجسمة والمحسوسة.

مشكلة البحث

ان طرائق التدريس المعتمدة في بلادنا العربية تكاد تخلو من مفاهيم الفنون الجميلة، وإذا كان الابداع التربوي والتعليمي هو أساس تقدم الأمم واحد أسباب حضارتها ونبراس النهضة فيها، فحري بنا ان نتلمس أسباب التقدم عبر أفكار جديدة وجريئة في الفكر التربوي والابداع ومنها التجديد المستمر في مناهج وطرائق التدريس.

أهمية البحث

ان التدريس الجيد للفنون يدخل العقول المبدعة في عمليات أساسية ومهمة لعملية التعلم مدى الحياة، ويضفي عادات عمل منتجة تتسم بالتفكير المبدع والتحليل النقدي، ويمكّن هذه العقول من الملاحظة الدقيقة والتقصي والاستفسار وإجراء المقارنات التحليلية والقيام باختبارات واعية، والتقييم وبناء وسائل الإسناد وتحليل الافاق وتجريد المفاهيم.

حيث يذكر (إأنيشتاين) انه بتعليم الفنون لأطفالنا كمواضيع اكاديمية مهمة فانهم يحصلون على مهارات في التخيل والتحصيل وما يبحثون عنه في حياتهم حيث أن الفنون توقظ قدرة البحث والفهم، وفي هذا السياق يؤكد على هذا المفهوم (هيرمان هيس) بقوله ان المهارات التي يمتلكها أطفالنا من خلال الفنون تجعلهم يضبطون حياتهم ويسيطرون عليها مع الامل والخيال.

 

الباب الثاني

آراء كتاب وفلاسفة في الفن المعاصر

  • الفن إدراك حسي خالص / هنري برجسون
  • الفن حدس وتعبير / كروتشه
  • الفن جمال ولذة / سنتايانا
  • الفن حياة وخبرة / جون ديو
  • الفن عمل وصناعة / الان
  • الفن حرية وابداع / اندريه مالرو
  • الفن لغة وأسلوب / ميرلو بونتي
  • الفن تقبل وتمرد / البير كامي
  • الفن إما تخيل ولا واقعية وإما التزام ولا حرية / جان بول سارتر
  • الفن حقيقة وشعر / مارتن هيدجر
  • الفن شكل ورمز / كاستير
  • الفن رمز ومعنى / سوزان لانجر
  • الفن شكل ومعرفة / هربرت ريد

المفهوم الشامل للفن

ان المفهوم الشامل لمعنى (الفن) يتمدد الى زوايا عدة من المنظورات كالمسرح والعمارة والصور والرسم، الى المسموعات من الغناء وآلات اللهو، الى الابداعات من قصة ورواية، بل الى ما يمكن أن يتألق من فن كتابةِ أو إلقاء.

إن كلمة (الفن) في مدلولها اللفظي تعني الابداع والتجدد، واستخدمها العلماء فسمّوا بعض كتبهم (الفنون) للدلالة على صور الإبداع في الجمع، والإبداع في المضمون، والتجديد في الصناعة.

والمعنى الدال على (الفن) في القديم هو مصطلح (الصناعة)، فقد كانوا يقولون قديماً (صناعة الادب) و (صناعة الشعر)، ومن كتب المتقدمين الدالة على هذا المعنى كتاب (الصناعتين: النظم والنثر) لأبي هلال العسكري وغيره.

الفن حسب التصور الإسلامي

هو نقل أو إيصال أسمى وأفضل القيم والأفكار والمشاعر الى الآخرين، بأسلوب جميل ومؤثر، بحيث يوفر المتعة إضافة الى التأثير في سلوكهم وإرشادهم الى الصراط المستقيم.

او هو إبداع انساني رفيع ورسالة حياة وهو محاكاة الابداع الجمالي في مسيرة الحياة وميدان الوجود الأرحب على يد مفكرين قادرين ذواقين لجوانب الجمال المحسن والمدرك.

الفن حسب التصور الغربي

إن (الفن) كأداة في تعريف الإسلاميين لا يختلف عن تعبير الغربيين، يقول (تولستوي) الروائي الروسي المشهور عن الفن: انه ضرب من النشاط البشري الذي يتمثل في قيام الانسان بتوصيل عواطفه الى الآخرين بطريقة شعورية إرادية.

ويقول (رودان) الفرنسي: هو أسمى رسالة للإنسان لأنه مظهر لنشاط الفكر الذي يحاول ان يتفهم العالم وان يعيننا بدورنا على ان نفهمه.

تاريخ الفنون الجميلة

قال بعض المؤرخين ان تاريخ الفنون الجميلة قديم كالخليقة بدليل العثور على بعض الأحجار المنحوتة وعظام بعض الحيوانات القديمة منقوشة في اطلال المدن القديمة المجهول تاريخها ولكن بعض المتأخرين عارضوا هؤلاء المؤرخين وقالوا ان تاريخها يرجع الى تاريخ الحضارة والتمدن فقط بدليل ان الفنون الجميلة لا توجد الا مع التمدن وهؤلاء هم الذين قالوا ان الحضارة والمدنية صنوان او توأمان واينما نجد احداهما نجد الأخرى ملازمة لها.

وقال بعضهم خلاف ذلك وهو ان تاريخ الفنون الجميلة يأتي بعد تاريخ التمدن بدليل ان الفنون المذكورة من بنات أفكار المتمدنين ومن هؤلاء القائل (الفنون الجميلة هي أثمن درة في تاج الحضارة المدنية).

وسواء كان الصحيح هذا او ذاك فان الذي نستنتجه مما قيل هو ان الفنون الجميلة قديمة وليست من مستحدثات العصور الأخيرة.

فمنذ فجر التاريخ عرف الانسان الفن، يترنم به غناءً فيخفف عنه عناء الجهد في العمل، ويرسله قوياً عنيفاً فيهز به كيان العدو في حلبة النضال، ويهرع اليه فيبثه لوعة الحب وأسوة المحبوب، ويسكن اليه وثناً أو صورة يناجي من خلالها مبدع الأكوان.

ليس الفن اذاً لهواً عابثاً كما توهم بعض المفكرين، ولكنه مفجر الطاقة الحيوية الخلاقة، والباعث على العمل والتقدم، بل هو مبدأ الحياة.

الغرض من الفنون الجميلة

عرف بعض العلماء الفنون الجميلة (بلغة الروح) والبعض (بلسان الطبيعة) والبعض (بترجمان الجمال) اما الغرض منها:

اولاً: تهذيب الاخلاق وتربية النفوس واستمالتها الى تلك الصفة المعنوية التي نسميها (الجمال) تلك الصفة الروحية التي يشترك معنا في الميل لها الخالق عزّ وجلّ بدليل ان الله جميل يحب الجمال.

ولله درّ القائل الذي قال:

خلقت الجمــــــــال لنا فتـــــــــــــنة               وقلت أيا عبـــــــادي اتقــــــــــــــــون

وانت جميل تحب الجمال                          فكيف عبادك لا يعشقون

ثانياً: تقليد الطبيعة وهي التي تعدّ للصانع الماهر الفاظاً لقصائده ان كان شاعراً واصواتاً لألحانه ان كان موسيقياً وهلم جراً.

وقد أنكر بعض العلماء هذه الحقيقة الساطعة وقالوا ان اعمال الصنّاع المشتغلين بالفنون الجميلة أجمل واكمل من الطبيعة نفسها وان ما يرونه خطأ فيها يصلحونه هم في أعمالهم وهذا خطأ محض ولذلك انصح لكل مشتغل بالفنون الجميلة ان يطرح هذه الدعوى الكاذبة وان يجعل إمامه الوحيد ونبراسه الفرد في كل اعماله (الطبيعة).

 

أر النقد على الفنون الجميلة

النقد هو محاولة ذهنية ومجهود فكري يبذله الناقد في تقدير الأسلوب الذي سلكه الفنان في عمله، والغاية التي يرمي اليها من وراء هذا العمل ومقدار ما أصابه من نجاح، وللنقد أثر واضح في توجيه الفنون الجميلة وجهة صحيحة. والناقد لا غنى له عن معرفة تاريخ الفنون معرفة صحيحة ويعتبر من دعائم نهضة الفنون لما له من سيطرة تامة على العقول بواسع اطلاعه وثاقب فكره عندما يدعم رأيه بالبرهان والحجة.

بأختصار وببساطة يمكن القول ان الناقد هو من ينظر الى العمل الفني في حد ذاته يطبق عليه قوانين ونظريات الفن ليوضح جوانبه المختلفة الموفقة وغير الموفقة.

اما مؤرخ الفن فهو الذي يتحدث عن العمل الفني مرتبطاً بالفنان وبظروفه الشخصية والعامة ومجتمعه والاحداث المؤثرة في الفن في إطاره الزمني وتطوره.

 

آراء لغير المتخصصين في الفنون الجميلة

ان عدداً من كبار الكتاب والشعراء غير المتخصصين شاركوا بآرائهم في الحديث عن الفنون الجميلة من زوايا شتى، وندهش بإعجاب لمواقف رجال عظام على رأسهم الامام الشيخ محمد عبده في دفاعه الشديد عن الفنون الجميلة، والشيخ مصطفى عبدالرزاق جنباً الى جنب طه حسين والعقاد والدكاترة زكي مبارك وغيرهم.

المدهش ان عباس محمود العقاد كانت له أكثر من مداخلة توضح آراءه في الفنون الجميلة. فلم تقتصر كتابات العقاد على الابداع الادبي شعراً او قصة، ولا النقد الادبي، ولا كتابة السير، ولم تقتصر كذلك على كتاباته السياسية او حتى على بعض مقالاته في الاقتصاد والمجتمع. لكنه كتب ايضاً في الفنون الجميلة، وان كانت بالطبع كتابات قليلة وغير معروفة.

ولعل من اهم كتابات العقاد في الفنون الجميلة مقالاته في مجلة الرسالة عدد 203 بتاريخ 24 مايو 1937 بعنوان (بل ضرورية جداً) وهي تأخذ شكل الرد على رسالة قارئ، كما اعتاد العقاد ان يوضح عدد من آرائه من خلال ردوده على رسائل القراء.

فالقارئ صالح شحاته من الإسكندرية أرسل للعقاد يسأل:

(تعودنا ان نسمع ان الفنون الجميلة من الكماليات التي يأتي دورها بعد العلم والصناعة في الأهمية، وفي مقالكم المشار اليه تقولون ان علينا أن نبدأ بالفنون الجميلة والرياضة لنتعلم الإدارة والعمل، فهل لكم ان تنيروا الطريق لنا بالتوفيق بين القولين ….).

الخاتمة

وفي نهاية بحثي هذا فإنني قد تمكنت من تسليط الضوء على بعض الجوانب المتعلقة به ورغبتي في ترسيخ مبدأ التعلم بالفنون والعمل على تدعيمه من خلال الابداع والابتكار في تصميم الدروس والعناية بتطويع اساليبه، ذلك ان للطلبة أنماط مختلفة في التعليم. فبعضهم يتعلم بالعمل وغيرهم بالاستماع او بالنظر. ولان الفنون تمنح الطلبة طرائق مختلفة للتعبير فإنها وسيلة رائعة لمساعدة الطلبة بفضل الأفكار والمفاهيم التي تتضمنها موادنا الدراسية، ويمكن دراسة الفنون كأختصاص قائم بذاته أمر في غاية الأهمية في تربية الطالب تربية كاملة حيث ان الدراسة في الفنون تفتح آفاق وعقول الطلبة إزاء الإدراك والذكاء الإنساني.

وبعد كل ما ورد من أفكار وما تطرقت اليه من شروحات، أتمنى ان أكون قد وفقت في تقديم الموضوع، فإن أخطأت فمن نفسي وإن اصبت فمن فضل الله.

 

المصادر

  • فلسفة الفن في الفكر المعاصر / الدكتور زكريا إبراهيم / الناشر مكتبة مصر/ الطبعة الأولى 1966.
  • الفن المعاصر صوره وآثاره وفلسفته / دكتور علي بن حمزة العمري/ دار الامة للنشر والتوزيع/ الطبعة الأولى 2010.
  • استراتيجيات التعليم من خلال الفنون / علي عبدالهادي علي عبدالعال / العلم والايمان للنشر والتوزيع/ الطبعة الأولى 2010.
  • في تاريخ الفنون الجميلة / سمير غريب / دار الشروق/ الطبعة الأولى 1998.
  • فلسفة الجمال ونشأة الفنون الجميلة / الدكتور محمد علي أبو ريان/ دار المعارف بمصر/ الطبعة الرابعة 1974.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *