د. محمد سعيد محمد سالم
أستاذ مساعد جامعة تشكوروفا – تركيا
alwosabi1978@gmail.com
msalem@cu.edu.tr
00905319291744
https://orcid.org/0000-0001-7104-6880
الملخص تعدُّ الدراسات اللسانية الإدراكية المبنية على الانزياح من الدراسات الحديثة التي تهتم بدراسة علاقة اللغة بالذهن البشري عند الاصطدام بأكداس المفردات والألفاظ، فلا يكون إنجاز هذه المهمة إلا على يد سمات تنظيمية هي المقولة الفعلية والتعددات الدلالية. من هذا المنطلق توّزع هذا البحث، وصولاً لغايته، على محاور تبّين كيفيات الرؤية الإدراكية بما فيها من مؤشرات؛ التعددات الدلالية والانزياحات. ثم جنح نحو تطبيق هذه المؤشرات على مقولة الصيغة الفعلية للفعل «أتى»، حيث اقتضت خطة البحث أن تشتمل على مقدمة ثم مبحثين وخاتمة خصص المبحث الأول للدراسة النظرية، والمبحث الثاني لدراسة صور الانزياح الدلالي لصيغة الفعل (أتى). وقد هدف البحث إلى الوقوف على أبرز الانزياحات الدلالية للفعل (أتى) في النص القرآني، وتبيان دورها الدلالي من وجهة النظرة اللسانية الإدراكية. وتوصل البحث إلى نتيجة مفادها أَنَّ الفضاءات الدلالية للمؤشر الفعلي «أتى» تتعدى حدود المعاني المعجمية إلى معان دلالية أخرى يحددها السياق الذي ترد فيه. هذه المعاني المستجدة تعمل على خلق شبكة دلاليّة مترابطة سميكة لتكون خير عون على رصد الانسجام في القرآن الكريم. كلمات مفتاحية: الانزياح، التعددات الدلالية، المقولة، اللسانيات الإدراكية، الفعل أتي في القرآن.Dr. MOHAMMED SAEED MOHAMMED SALEM
Çukurova Üniversitesi – İlahiyat Fakültesi
Abstract
Cognitive linguistics is one of the modern studies that emerged in the seventies as a result of the active interactions that took place between sciences at the time. It is concerned with studying the relationship of language to the human mind when it collides with the heaps of vocabulary and words. This task can only be accomplished by organizational features that are the actual saying and semantic pluralities. From this point of view, this research was divided, to reach its end, on axes showing the modalities of perceptual vision, including its indicators; Semantic pluralities and shifts, then he tended to apply these indicators to the saying of the actual form of the verb “came”. This research has been divided into two sections and an introduction. The first topic is devoted to the theoretical study, while the second topic is to study the semantic displacements of the verb form (came), where the research aims to identify the most prominent semantic shifts of the verb (came) in the Qur’anic text and to show its semantic role from the point of view of The perceptual linguistic view, and the most prominent result of this is that the semantic spaces of the actual indicator “came” transcend the limits of lexical meanings to other semantic meanings.
Keywords: Displacement, Semantic Plurals, The Saying, The Cognitive Linguistics, The Verb (Came) in the Qur’an.
المقدمة هنالك قضايا جوهرية في التحليل الإدراكي للنص ودونها يبقى النص عقيماً مغلقاً لا تفتّح فيه ولا اتساع؛ ومن هذه الأسس يمكن الإشارة إلى «المقولة الفعلية» و«التعددية الدلالية» ولكل من هذه الأسس دورها الخاص في نفخ المعنى في قالب الألفاظ والتراكيب. والملاحظ أنّ هذه المباني لم تكن مفككة العرى إذ هنالك خطوط عريضة قاتمة تلحق بعضها ببعض ويكون منها مفاتيح لحل الشيفرات الدلالية الغامضة للكثير من البنى الدلالية والتراكيب. ولا يخفى على أحد أن للأفعال دوراً حاسماً في البنيات النصية ولا يوجد نص من النصوص إلا وترى فيه رزنامة من الأفعال تتكدس؛ هذا والقرآن الكريم، قد نظر فيه كثير من الدارسين ليكشفوا عن أسراره ومدى إعجازه إلَّا أنَّ هذا المحيط الذي لا نهاية لأمده ولا حدود لإعجازه يستعد بأن يكون محطة الكثير من الأبحاث الحديثة وكل بحث لا يزيده إلا الكشف عن أبعاد وزوايا بقيت خفية عن الأنظار طيلة قرون. أهداف البحث: يهدف البحث إلى:- دراسة نموذج من الأفعال ذات الدّلالات المتعددة «أتى» في القرآن الكريم. من منظور إدراكي.
- استكشاف المعاني الغائرة وإزاحة الستار عن مدى فاعلية اللسانيات الإدراكية في القرآن الكريم.
- إبراز دور الدراسات اللسانية في تحليل دلالات النص القرآني.
- ما مدى فاعلية اللسانيات الإدراكية في الكشف عن المعاني الغائبة لأفعال الحركة في القرآن الكريم “أتى” نموذجاً؟
- ما هي الآثار التي تتركها التعددية الدلالية في بسط معاني “أتى” في لقرآن الكريم؟
- الانزياح
- الدلالة الصوتية: وهي المعاني المستمدة من نطق ألفاظ بأصوات معينة (أنيس، 1984، ص 35).
- الدلالة الصرفية: وهي المعاني التي تُعرِب عنها الأوزان والصيغ المجردة لبنية الكلمة (فريد، 2005، ص 35).
- الدلالة النحوية: وهي المعاني المتحصَلة من استعمال التراكيب المكتوبة، أو المنطوقة على مستوى التحليل أو التركيب، فالدلالة التي تتحصل من العلاقات النحوية بين كلمات التركيب لا بد من أن تكون لها وظيفة نحوية بما تتخذه من موقع لها.
- الدلالة المعجمية: هي ما نصّت عليها المعجمات في معنى الكلمة. على أنَّ المقصود بالمعنى المعجمي هو ما يدلُّ عليه اللفظ بحسب أصل وضعه في اللغة، ويمتاز بثلاث خصائص هي كونهُ عامًّا ومتعددا وغير ثابت (فريد، 2005، ص 51).
- الدلالة السياقية: ويقصَدُ بها المعاني المستفادة من السياق اللغوي، وهو البيئة اللغوية التي تحيط ً بالكلمة، أو العبارة، أو الجملة، وتستمد أيضا من السياق الاجتماعي، وسياق الموقف، وهو المقام الذي ينتظم الكلام بعناصره كلها، من متكلم ومستمع، وظروف محيطة، فضلا عن مناسبة القول (فريد، 2005، ص 56).
- المقولة: من أهّم القضايا التي تلفت الأنظار في واجهة اللسانيات الإدراكية؛ وحدوثها في الغالب حدوث إدراكي، ذهني. فالمقولة معنى كليّ يمكن أن تكون محمولاً في قضية ما (عمر، 2008، ص.187). والمقولات: هي، كما جاء في المعجم الفلسفي، المحمولات الأساسية التي يمكن إسنادها إلى كل موضوع، كالمقولات العشر لأرسطو. والمحمولات هي معارف كلية، كقولنا: الحيوان، حيث يشمل عدة أجناس كالإنسان والفرس والجمل وغيرها، مع أنّ الإنسان ليس ذاتياً بالنسبة للحيوان، لأنه ليس تمام حقيقته ولا جزءها ولا عرضاً خارجا عنها (المظفر، 2006، ص.81)، فالمقولة تتناول جزءاً من حقيقة ما وتُبقي سائر الأجزاء مفتوحة. فخلق المقولات أو كيفية وضع بعض الألفاظ في إطار مقولة ما عملية تتوقف أكثر ما تتوقف على الإجابة عن هذا السؤال أهي لفظة تستأهل بأن تدخل ضمن هذه الفئة اللغوية أو تلك؟ فعملية خلق المقولات نشاط ذهني فاعل لا تتدخل فيه إرادة الإنسان في الغالب، ثمّ مشاكلة التجارب الشخصية وتماهيها تؤدي إلى ردود أفعال مماثلة في الظروف المشابهة فتوظيف التجربة السابقة للتصرفات الراهنة تعد الحجر الأساس لخلق المقولات في الذهن لغوية كانت أم غير لغوية. وتتفرع المقولات إلى أقسام أهمها المقولات الدلالية والمقولات الصرفية، المقولات الدلالية تبحث عن الدّلالات المتجانسة والمتقاربة في المعنى التي يمكن أمن نطلق عليها تسمية المعاني الأسرية وتدرس الوجوه العلاقاتية بينهما. أما المقولات الصرفية فتفتش عن البنى الصرفية المتجزرة في المفردات وتسحب عن وجهها الأغطية الدلالية التي توارت في الحجاب عند سيطرة البنية الصرفية عليها. فهذه الرؤى التي تدرس المقولات مهما كانت، تؤدي في النهاية إلى إمكان وجود درجات من العلاقات النمطية النموذجية بين مختلف المعاني، وتمييز بعض المعاني المركزية من أخرى مشتقة أو غير مركزية، فالمقولات تقدم لوحة من العلاقات التي تتواجد في البنى الدلالية أو الصرفية.
- التعدد الدلالي
- “أتى” يدل على “الصنع”
- “أتى” يأتي بمعنى (مارس وفعل وزاول ونكح وطِئ)
- انزياح الفعل (أتى) إلى معنى “باشر وجامع”
- ثم يأتي بمعنى “الحشر”
- بمعنى “الحلف”
- ثم يأتي بمعنى “الدخول”
- المداهمة أو الإصابة والتعذيب
- الاستحضار والتواجد
- كما تنزاح دلالة هذا الفعل إلى “مُضِيِّ الزَّمَنِ ومُرُورِهِ”
- أما الإتيان بمعنى “المجيء”
- “المرور والوصول”
- ويأتي بمعنى “أشْرَفَ”
- ومن المعاني الانزياحيّة للفعل “أتى” (قَرُبَ ودَنَا)
- انزياح الفعل بمعنى “يظهر أو يخرج”
- كما يأتي بمعنى “صار وأصبح”
- انزياح الفعل (أتى) إلى معنى “اتَّبع وحضر”
- القرآن الكريم
- ابن الفراء، أبو محمد الحسين بن مسعود، معالم التّنزيل في تفسير القرآن، تح: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1420هـ.
- ابن القطاع، علي بن جعفر بن علي السعدي، كتاب الأفعال، عالم الكتب، ط3، 1983م.
- ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تح: محمد علي النجار، دار الشؤون الثقافيّة العامة، مصر، ط4، 1990م.
- ابن عاشور، محمد الطاهر التونسي، التّحرير والتّنوير، الدار التونسيّة للنشر، تونس، 1984م.
- الأصبهاني، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي، إعراب القرآن، تح: فائزة بنت عمر المؤيد، ط1، 1995م.
- الألوسي، أبو الفضل شهاب الدّين السيد، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تح: السيد محمود السيد- سيد إبراهيم عمران، دار الحديث، القاهرة، 2005م.
- آل عصفور، ميرزا محسن، القاموس الوجيز لمعاني كلمات القرآن الكريم، مأخوذ من المكتبة الشاملة، د.ت.
- آل غازي، عبد القادر بن ملا حويش، بيان المعاني، مطبعة الترقي، دمشق، 1382هـ.
- البيضاوي، ناصر الدين عبد الله بن عمر محمد بن علي الشيرازي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تح: محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1418هـ.
- الجرجاني، علي بن محمد بن علي الزين الشرف، التّعريفات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1983م.
- الدامغاني، الحسين بن محمد، قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، دار العلم للملايين، بيروت، ط4، 1983م.
- الزجاج، أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، معاني القرآن وإعرابه، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1988م.
- الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد جار الله، أساس البلاغة، تح: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 1998م.
- الزمخشري، أبو القاسم جار الله، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1407هـ.
- الشمري، غسان إبراهيم، عن أسس اللسانيات المعرفية ومبادئها العامة، بحث مقدم للمؤتمر الدولي الثالث للغة العربية، الرباط، المغرب، 2014م، ص 1- 14، الموقع.
- الطبري، محمد بن جرير أبو جعفر، جامع البيان في تأويل القرآن، تح: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط1، 2000م.
- العبيدي، رشيد عبد الرحمن، الألسنيّة بين عبد القاهر الجرجاني والمحدَثين (بحث)، مجلة المورد، العدد3، دار الشؤون الثّقافيّة العامة، بغداد، 1989م.
- العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران، الوجوه والنّظائر، تح: محمد عثمان، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط1، 2007م.
- الفراء، الحسين بن مسعود أبو محمد، لباب التّأويل في معاني التّنزيل، تح: عبد السلام محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1995م.
- الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد، تح: مهدي المخزومي – إبراهيم السامرائي، العين، دار ومكتبة الهلال، القاهرة، ط1، 1984م.
- الفيروز أبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب، بصائر ذوي التّمييز في لطائف الكتاب العزيز، تح: محمد علي النجار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة- لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1996م.
- القرطبي، أبو محمد مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، تح: حاتم صالح الضامن، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط2، 1405هـ.
- القنوجي، صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، تح: عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، 1992.
- المحلي، جلال الدين محمد بن أحمد، والسيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بکر، تفسير الْجلالين، مؤسسة النور، بيروت، لبنان، 1416هـ.
- المظفر، محمد رضا، المنطق، دار التعارف، بيروت، لبنان، ط1، 2006م.
- النيسابوري، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، الوسيط في تفسير القرآن المجيد، تح: عادل أحمد عبد الموجود- علي محمد معوض- أحمد محمد صبرة- أحمد عبد الغني الجمل- عبد الرحمن عويس، تقديم: عبد الحي الفرماوي، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، ط1، 1994م
- أنيس، إبراهيم، دلالة الألفاظ، مكتبة الأنجلو المصريّة، مصر، ط5، 1984م.
- بلاغي نجفي، محمد جواد، آلاء الرحمن في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، د.ت.
- بنت الشاطئ، عائشة محمد علي عبد الرحمن، التفسير البياني للقرآن الكريم، دار المعارف، القاهرة، ط7، 1990م.
- حيدر، فريد عوض، علم الدّلالة دراسة نظريّة وتطبيقيّة، مكتبة الآداب، القاهرة، ط1، 2005م.
- دزه يي، دلخوش جارالله حسين، علم الدلالة الإدراكي: المبادئ والتطبيقات، مجلة الآداب، جامعة صلاح الدين أربيل، العدد، 110، 2014م، ص 51 – 70.
- عباينة، يحيى، مقدمة في اللسانيات الإدراكية، دار ركاز للنشر والتوزيع، إربد، الأردن، 2021م.
- عبد الباقي، محمد فؤاد ، المعجم المفهرس للقرآن الكريم، دار الكتب المصرية، القاهرة، مصر، 1998م.
- عضيمة، محمد عبد الخالق، دراسات لأسلوب القرآن الكريم، دار الحديث، القاهرة، 2004م.
- عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2008م.
- فاضل، محمد نديم، التّضمين النّحوي في القرآن الكريم، دار الزمان، المدينة المنورة، ط1، 2005م.
- كوهن، جان، بنية اللغة الشعرية، تر: محـمد الولي ومحـمد العمري، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط1، ١٩٨٦م.
- مرادي، محمد هادي، وسليمي، سيدة فاطمة، الدلالات الهامشية بين الدراسات التراثية وعلم اللغة الحديث، مجلة العلوم الإنسانية الدولية، العدد 20، 1983م، ص 89-106.
- مصطفى، إبراهيم وآخرون، المعجم الوسيط، مؤسسة الصادق، طهران، إيران، ط5، 1426هـ.
- ويس، أحمد محمد، الانزياح في التراث النقدي والبلاغي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، ط1، 2002م.