نوفمبر 23, 2024 6:38 ص

 الباحث: فراس مكي عبد جنابي

جامعة سلجوق/ معهد العلوم الاجتماعية /تركيا

firasjanabi7775@gmail.com

 009647806183864

الملخص

يتفق فقهاء الدستور على أن الحصانة البرلمانية في اي من الدساتير التي تضمنتها ليست امتياز للعضو, ولكنها ضمان للهيأة التشريعية بأعتبارها ممثلا للشعب لتحقيق استقلالها, وفي الوقت نفسه تعد ضمانا لحرية النائب في القيام بواجباته داخل مجلس النواب الذي يتمتع بعضويته, وهو في مأمن من خصومه السياسيين او تعنت السلطة التنفيذية معه, الا ان مشكلة البحث تكمن في عندما نريد تطبيق مبدأ الحصانة النيابية او البرلمانية على اعضاء مجلس النواب العراقي , نجد ان دستور العراق لعام 2005 والنظام الداخلي لمجلس النواب لعام 2006 وان تضمنا نصوصا تكفل لأعضاء المجلس الطمأنينة التامة والثقة الكاملة عند مباشرتهم لأعماهم في مجلس النواب,الأ انها بحاجة الى مزيد من الدراسة والبحث .

الكلمات المفتاحية : دستورجمهورية العراق لعام 2005, الحصانة البرلمانية, مجلس النواب, الحصانة الموضوعية(عدم المسؤولية التشريعية) , النظام الداخلي لمجلس النواب.

The lack of legislative responsibility for a member of the House of Representatives in the Constitution of the Republic of Iraq

Firas Makki Abed Janabi

Selcuk University/ Institute of Social Sciences/Turkey

ABSTRACT

Constitutional jurists agree that parliamentary immunity in any of the constitutions included in it is not a privilege for a member, but rather a guarantee for the legislative body as the representative of the people to achieve its independence, and at the same time it is a guarantee of the deputy’s freedom to carry out his duties within the House of Representatives that enjoys his membership, and he is safe from his political opponents Or the intransigence of the executive authority with him, but the problem of research lies in when we want to apply the principle of parliamentary or parliamentary immunity to members of the Iraqi Council of Representatives, we find that the 2005 constitution of Iraq and the internal system of the House of Representatives for the year 2006 include texts that guarantee the members of the Council full confidence and full confidence when they start To blind them in the House of Representatives, but it needs more study and research.

Key words: the Constitution of the Republic of Iraq for the year 2005, parliamentary immunity, the House of Representatives, immunity ratione materiae, the internal system of the parliament.

المقدمة

تعد المجالس البرلمانية  اهم مؤسسات النظام النيابي الديمقراطي بوصفها المعبرة عن ارادة الأمة والحفاظ لحقوق الافراد وحرياتهم. وأصبح من النادر أن نجد دولة بلا برلمان, يمثل شرائح المجتمع ويحمي مصالحة السياسية والاقتصادية وبنائة الاجتماعي, ويظل البرلمان في النظام النيابي قاعدة الديمقراطية, والحاضن الطبيعي للطالب للمطالب والاختلافات, وحلقة الصلة بين المؤسسات السياسية, ويحتل في الدولة موقع صانع السياسات, ومحل تداول السلطة وساحة السجال السياسي بين الحكومات وممثلي المواطنين وبين الاغلبية والاقلية, والمنصة العامة للتعبير عن المطالب الكبرى للمجتمع, وهو اولا واخير المشرع لتنظيم وضبط الحياة العامة والعلاقات الاجتماعية, والرقيب اليقظ على اداء الحكومات ,للأستيثاق من اتفاق هذا الاداء مع المصلحة العامة .

ويجمع الفقه الدستوري على ان النظام النيايبي الديمقراطي الذي يباشر فيه الشعب السيادة عن طريق نواب يختارهم لهذا الغرض لايتحقق الا اذا توافرت اركانه واهمها الركن الخاص باستقلال البرلمان باعتباره الدعامة الاساسية التي ترتكز عليها بقية الاركان الاخرى. ذلك انه بدون استقلال البرلمان لايمكنه ان يباشر اختصاصت حقيقة وفعلية وانما قد يتحول على الرغم من انتخابه الى مجرد هيئة استشارية. كما ان عضو البرلمان لن يتمكن من اداء واجبات العضوية باسم ولصالح الامة باكملها الا اذا تحقق له الاستقلال.

ولكي يتحقق استقلال البرلمان ويستطيع ممارسة اختصاصته بالفاعلية المطلوبة تحرص معظم الدساتير على توفير الضمانات لاعضاء البرلمان وبالخصوص تكفل لهم الحرية والطأنينة عند مزاولتهم لوظائفهم البرلمانية دون وصاية من طرف الافراد او السلطات الاخرى.

ولعل من اهم الضمانات الدستورية التي تجسد الاستقرار والاستقلالية هي نظام الحصانات البرلمانية التي نصت عليها معظم الدساتير, وهي مقرره لاعضاء السلطة التشريعية تتيح لهم ممارسة عملهم بكل حرية لتحقيق الغرض الذي ولدت من اجله, من خلال حجب المسؤولية عن الافعال الصادرة عنهم بسبب ادائهم لمهامهم البرلمانية.

ان موضوع الحصانة البرلمنية من الموضوعات الهامة في العراق, خصوصا في ظل التحول الديمقراطي الذي شهده العراق بعد عام 2003.

مشكلة البحث

يتفق فقهاء الدستور على أن الحصانة البرلمانية في متنن الدساتير التيي تضمنتها ليست امتياز للعضو, ولكنها ضمان للهيأة التشريعية بأعتبارها ممثلا للشعب لتحقيق استقلالها, وفي الوقت نفسه تعد ضمانا لحريةالنائب في القيام بواجباته داخل مجلس النواب الذي يتمتع بعضويته, وهو في مأمن من خصومه السياسيين اوتعنت السلطة التنفيذية معه, الا ان مشكلة البحث تكمن في عندما نريد تطبيق مبدأ الحصانة النيابية او البرلمانية على اعضاء مجلس النواب العراقي , نجد ان دستور العراق لعام 2005 والنظام الداخلي لمجلس النواب لعام 2006 وان تضمنا نصوصا تكف لأعضاءالمجلس الطمأنينة التامة والثقة الكاملة عند مباشرتهم لأعمالهم في مجلس النواب ,الأ انها بحاجة الىمزيد من الدراسة والبحث .

أهميةالبحث

تنبع أهمية الحصانة البرلمانية من كونها وسيلة شرعت أساسالحماية استقلال للبرلمان من تأثير وتدخل السلطةالتنفيذية , إذ لايمكن للبرلمان أن يمارس وظيفته التمثيلية على أكمل  وجه الاأذا كان استقلاله واستقلال أعضائه مكفولا كضمانة أساسية لعدم تأثير السلطة التنفيذية عليهم بالترغيب أو الترهيب.

وانطلاقا مما يشكله العمل البرلماني من أهمية بالغة في الحياة الديمقراطية والسياسية ومايجب أن تقوم عليه من فصل للسلطات وتوازنها, فمن البديهي أن يتركز الاهتمام بالحصانة البرلمانية كضمانة رئيسية لهذا العمل على طرح ومعالجة الموضوع من جوانبه الدستوريه, حيث تكون الحصانة البرلمانية مادة أساسية في القانون الدستوري بصفة عامة والقانون البرلماني بصفةخاصة.

أهداف البحث

الهدف من هذاالبحث هومعرفة الوضع الحالي للنظام القانوني للحصانةالبرلمانية في النظام الدستوري , مقارنة مع ماانتهى اليها التطور في النظم المقارنة . والسؤال الذي يطرح نفسه ماهي الحالة التي يوجد عليها هذ االموضوع في العراق؟ وكيف تتم معالجته في منظومتنا القانونية؟ وهل هذا التنظيم ملائم  ومناسب لأوضاعنا المختلفة ام لا؟ وان كانت هناك نقائص ؟ينبغي تداركها في فمتتمثل؟ .

حدود البحث

تتمثل حدود البحث من خلال البحث في عنوانه المتمثل عدم المسؤولية التشريعية  لعضو مجلس النواب في دستور العراق حيث تم التطرق الى الحصانة في الاسلام وكذلك في الدول الغربية مثل فرنسا وانكلترا وكذلك دساتير جمهورية العراق.

منهج البحث

منهج البحث اعتمد منهجا تحليليلا, حيث اعتمد على تحليل نصوص دستور جمهورية العراق لعام 2005 وكذلك اخذ بنظر الاعتبار بعض الدساتير العربية والاجنبية التي تناولت موضوع الحصانة البرلمانية الموضوعية .

المبحث الأول

نشأة الحصانة البرلمانية

ارتبطت الحصانة البرلمانية بالنظام النيابي وتطورت بتطوره ورسخت بقواعدها استقلالية المجالس النيابية, وضمان قيامها بمهامها ووظائفها التمثيلية بكل حرية واقتدار بعيدا عن اي تهديد أو تدخل خارجي(مقدام، الحصانة البرلمانية، 2012) .

إن غالبية فقهاء القانون الدستوري يرجعون تاريخ ظهور الحصانة البرلمانية إلى إنكلترا ، ولكن رغم ذلك فإن بعض الفقهاء يرى أن الحصانة البرلمانية على النحو المتعارف عليه الآن في الدساتير الحديثة هو من ابتكار النظريات السياسية الفرنسية ، وبغض النظر عن الأسبقية في تاريخ ظهور هذا النظام وإذ أن الأمر غير محسوم،لذا  فإننا  في هذا المبحث سنتناول بالدراسة التطور التاريخي للحصانة البرلمانية في مطلبين الاول في انكلنرا والثاني في فرنسا.

المطلب الأول 

انكلترا

يرجع الأصل التاريخي لنشأة الحصانة إلى المواثيق الدستورية في إنكلترا التي منحت أعضاء المجالس النيابية الحصانة البرلمانية  .

لقد كان الملك هو رأس الدولة والمتصرف الوحيد في أمورها، ونظراً لازدياد مهام الدولة بدأ الملك يستأنس برأي بعض الأشخاص في الأمور الهامة، وكان ذلك في عهد الملك (وليم الأول) وقد أطلق على مستشاري الملك رجال الحكمة وأطلق على مجلسهم اسم مجلس الحكماء، ثم أطلق عليه فيما بعد (المجلس العظيم) (شلبي، 1992).

وفي القرن الثالث عشر بدأ المجلس العظيم يعقد اجتماعات دورية وأطلق عليه بعد ذلك اسم البرلمان المثالي  في عهد الملك (إدوارد الأول) وكان يتكون من الأشراف وكبار رجال الدين، الذي أطلق عليهم فيما بعد لقب (اللوردات)(كامل، 1971)  .

وفي عهد الملك (هنري الثالث) في عام 1254 بدأ يدعى إلى جلسات البرلمان المثالي  فارسان من كل مقاطعة للاشتراك مع الأشراف ورجال الدين، وانتظمت هذه الدعوات بعد ذلك حتى تكوّن من هؤلاء الفرسان مجلس العموم بعد ذلك(الدين، 2008) .

وتقسم الحصانة في النظام البرلماني في إنكلترا إلى نوعين، الأولى حرية الكلام، والثانية حصانة من القبض(حلمي، 1980).

  ظهرت الحصانة البرلمانية بمعنى اللامسؤولية  خلال عهد ملك إنكلترا (ريتشارد الثاني) في الفترة مابين عامي 1189-1190، وإذا كان كبار رجال الدين والأشراف أعضاء البرلمان يتمتعون بالعديد من الامتيازات، فإن السبب في ذلك ليس لعضويتهم في البرلمان، وإنما باعتبارهم نبلاء أو كهنة .

وأما الحصانة التشريعية ، أو كما يطلق عليها في إنكلترا (الحصانة من القبض) فقد وجدت منذ تاريخ قديم جداً، يرجع إلى تاريخ ظهور المجالس الوطنية في نهاية القرن السادس الميلادي وهناك من يرى أنها ترجع إلى بداية القرن الحادي عشر إذ صدر قانون عُرف باسم Cnut law ينص صراحةً على هذه الحصانة والتي كان يطلق عليها حينئذ Immunity from molestation فقد تضمن هذا القانون حظر القبض على أعضاء المجالس البرلمانية إلاّ بالنسبة لبعض الجرائم الخطيرة كالخيانة العظمى(كوزلر، 2019) .

وقد شهد عام 1290م تأكيد هذه الضمانة للأعضاء في إحدى الوقائع المشهورة، فقد اسُتأذِن الملك (إدوارد الأول) في تقييد حرية أسقف كنيسة Saint David وتوقيع الحجز على أمواله لسداد إيجار مستحق عليه، وكان العقاب في ذلك الوقت الإكراه البدني، فأجاب الملك بأنه لا يجوز ذلك في وقت انعقاد المجلس(الشربيني، 2004) .

وفي عام 1397م تم إدانة أحد أعضاء البرلمان ويدعى (تومس هاكسي) لما أبداه من رأي بالمجلس، وعلى إثر ذلك تم اتهامه بجريمة الخيانة وأصبح مداناً في القضية، التي تتلخص وقائعها في تقديم التماس من المدعى عليه الذي لم يكن عضواً في البرلمان، يتضمن التماس تخفيضات نفقات عائلة الملك، لذلك اتهم بجريمة الخيانة، إلاّ أنه ألغى الحكم بعد مرور عامين من تاريخ حدوث الواقعة(محمد، 1995) .

وفي عام 1512م أُدين (ريتشارد سترود) في قضية وحُكِم عليه بالغرامة والسجن في قلعة (لورد فورد)، إلاّ أنه أطلق سراحه من قبل مجلس العموم كونه يتمتع بالحصانة البرلمانية، وعلى إثر ذلك أصدر هذا المجلس قانوناً يحمل اسم هذا العضو (سترود)، يتضمن منح أعضاء البرلمان بعض الحقوق كالحق في حرية الكلام، وعدم خضوعهم للقضاء تطبيقاً لامتياز برلماني قديم، ونصَّ قانون (سترود) على (إنَّ أي إجراءات قانونية تتخذ ضد أي عضو من جراء مناقشته في المجلس تعد باطلة) (باشا، 1935) .

ولم تخضع الحصانة خلال تلك الحقبة من الزمن لأي نظام قانوني أو عرفي ينظمها، بل كانت الحصانة مجرد منحة ملكية، وفي عهد الملك (هنري الثامن) طلب بعض أعضاء مجلس العموم بعض الضمانات التي يجب أن تمنح لهم، كحقهم في حرية الكلام وعدم المضايقات، وذلك على الرغم من وجود هذه الضمانات من قبل، إلاّ أنها لم تكن قد وصلت إلى حيز التنفيذ، ومن التطبيقات التي تظهر تطوراً هاماً في مجال الحصانة البرلمانية في إنكلترا ما حدث في عام 1543م، حينما قُبض على (Georges Ferress) أحد أعضاء مجلس النواب في دعوى رُفعت عليه لضمان سداد دين مستحق عليه، إذ كانت الوسيلة القانونية التي يتبعها الدائن لضمان سداد ما هو مستحق له هي تقييد حرية المدين، وهو ما يقال له الإكراه البدني La contrainte par corps لكن مجلس النواب أمر بالإفراج عنه فوراً.

وابتداءً من تاريخ تلك الواقعة أصبح من حق أي من المجلسين طلب الإفراج عن العضو المحبوس أو المقبوض عليه elarg issement des members بعد أن كان ذلك غير جائز، وقد توسع مجلس اللوردات في تطبيق هذا التقليد الجديد، إذ أمر في أول ديسمبر (كانون الأول) 1585م بالإفراج عن James Digs تابع (أسقف كانتري)، كذلك عن تابع (لورد ليستر) تنفيذاً لأحكام الحصانة البرلمانية التي كانت تمتد آنذاك لتشمل الأتباع بالتبعية لأسيادهم (صبري، 1944).

وفي عهد الملك جيمس الأول تدخل مجلس العموم عام 1621م في المسألة الخاصة بالزواج الملكي، إذ أبدى الملك استياءه من هذا التدخل وردَّ على المجلس بأن الحصانة ليست موروثة، بل هي منحة ملكية مقابل واجبات الأعضاء، وأجاب مجلس العموم بأن الحصانة البرلمانية ما هي إلاّ حق مكتسب للأعضاء وليست منحة ملكية .

وفي عهد الملك شارل الأول عام 1629م وُجه اتهام لثلاثة من أعضاء مجلس الملك الخاص، لإلقائهم بعض العبارات والكلمات التي تتضمن إثارة الفتنة وإحداث شغب، وتم إلغاء هذه الإدانة من مجلس اللوردات باعتبار أن هذه العبارات تعتبر مساءلة فقط، ولعضو المجلس أن يتحدث بأي من العبارات داخل البرلمان، وهذا نوع من تنظيم الأمور التي تتعلق بالشؤون الداخلية الخاصة به .

وفي 13 شباط 1688م صدرت وثيقة الحقوق Bill of rights على إثر قيام الثورة الإنكليزية، وقد نصت المادة الأولى منها (عضو البرلمان معفى من كل مسؤولية عما يبديه في المجلس من الأفكار والآراء والأعمال، ولايجوز معاقبته ولا استجوابه في أي محكمة أو أي مكان خارج البرلمان)، وسميت هذه الحصانة Freedom of Speech ، وهي ليست مقررة للأعضاء ضد أفراد الشعب الإنكليزي، وإنما هي مقررة للأعضاء من نفوذ الملك وسلطانه، لأنهم معرضون للاتهام من قبل الملك في أي أمر من الأمور التي تخص الملك (القيسي، الحصانة البرلمانية في العراق، 2009).

وأما نطاق هذه الحصانة، فإنها لاتسري على الجرائم التي ترتكب من أعضاء البرلمان في مواجهة إحدى المحاكم، وقد أطلق على هذه الجرائم «جرائم إهانة المحكمة»، الأمر الذي كان يعني جواز القبض على عضو البرلمان في أي من هذه الجرائم دون رفع الحصانة عنه، إلاّ أنه حدث تطور هام خلال القرن الثالث عشر في مجال الحصانة البرلمانية، فقد صدر قانون ينظم أحكامها ويضع بعض القيود والضوابط لكيفية مباشرتها .

إن الحصانة البرلمانية في إنكلترا قبل عام 1770م لم تكن في الواقع تقتصر على أعضاء البرلمان وحدهم وإنما كانت تشمل كذلك أتباعهم من الخدم والعمال، وهو تقليد غريب في مجال الحصانات البرلمانية، وفي هذا العام صدر قانون الامتيازات البرلمانية الذي يقصر الحصانة البرلمانية على أعضاء البرلمان فقط دون الخدم والعمال وأتباع هؤلاء الأعضاء، وأكد هذا القانون على عدم القبض على أعضاء البرلمان في الأمور أو المسائل المدنية والجنائية البسيطة، وقصر ذلك على الجرائم والقضايا الكبيرة التي تتضمن الإخلال بالأمن والخيانة العظمى .

ففي سنة 1815م تم القبض على أحد أعضاء البرلمان ويدعى اللورد Cochrane Lord  بسبب اتهامه بالتآمر على الحكومة، فحُكِم عليه بالحبس، ورفض المجلس التدخل في تلك القضية لأنها تمثل جريمة خيانة عظمى .

لقد جرت التقاليد الدستورية في إنكلترا على أن عضو البرلمان يتمتع بالحصانة من القبض عليه أثناء دور الانعقاد ولمدة أربعين يوماً سابقة على بدايته ولمدة أربعين يوماً لاحقة على انتهائه، بل إن من التقاليد الدستورية أيضاً أن أصبح طلب الإفراج عن العضو المحبوس حقاً قانونياً أكثر منه امتيازاً برلمانياً، ففي الحالات التي يريد فيها أحد المجلسين الإفراج عن أحد أعضائه الموقوفين تنفيذاً لحكم وقع عليه يصدر أمراً صريحاً بذلك ولايكتفى بإبداء الرغبة، وقد استعمل مجلس العموم هذا الحق الجديد مراراً خاصةً منذ القرن الثامن عشر، ففي سنة 1807م فاز مستر ميلز في الانتخابات وكان مقبوضاً عليه، فقرر المجلس بأن له الحق في التمتع بالامتياز البرلماني وأمر بإطلاق سراحه، وقد تكرر الأمر نفسه بالنسبة إلى مستر برتون عام 1819م وكان محبوساً بحكم صادر عليه(بطيخ، الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر، 1994).

ومن الجدير بالذكر أنه لايوجد نص قانوني صريح يشير إلى مبدأ حصانة النائب في إنكلترا، وإنما يعدّ العرف أن هذا المبدأ من ضروريات حرية التعبير، وعليه فإن الآثار الناجمة عن حصانة النائب هي نفسها في جميع الدول، ويرون أن كل شكوى تتعلق بإهانة أو إدعاء ضد النائب بسبب ما بدر منه في اجتماعات المجلس أو ما عبَّر عنه في اللجان الخاصة هي باطلة وغير قانونية (بروين، 2009).

المطلب الثاني

فرنسا

على الرغم من أن كثيراً من المبادئ الدستورية التي نشأت في إنكلترا قد انتقلت إلى البلاد الأخرى، إلاّ أنها أخذت نطاقاً ومفهوماً وشكلاً ظل يختلف مع الوقت عن نطاق ومفهوم وشكل تلك المبادئ في إنكلترا، ومن ذلك أن كثيراً من المبادئ الدستورية الإنكليزية التي تأثر بها واضعو دساتير الثورة الفرنسية اختلفت في نطاقها ومضمونها عن نظيرتها في إنكلترا، ويرى الكتّاب الفرنسيون أن القانون الإنكليزي لايمكن اعتباره نموذجاً للحصانة البرلمانية المقررة في الدساتير الفرنسية لاتجاهه في مضمون الحصانة اتجاهاً مختلفاً عن الاتجاه المقرر في الدساتير الفرنسية .

لقد كان عضو البرلمان في فرنسا  قبل الثورة  يرتبط بالمقاطعة وبأفراد الطائفة بقاعدة الوكالة الإلزامية وأدى ذلك إلى أن يكون للقاضي حق إصدار تعليمات ملزمة للنواب لا يجوز لهم الخروج عليها، لأن على النائب مراعاة مصالح الناخبين أولاً وأخيراً، وكان للناخبين حق عزل النائب واستبدال غيره به متى أرادوا ذلك ، وهذا يعني عدم تمتع عضو البرلمان بأية حصانة سواء إزاء الملك أو الناخبين إذ كانوا يسيطرون عليه سيطرة كاملة (الشاعر، الايدلوجية التحريرية وأثرها في الأنظمة السياسية، 1975).

ومن استقراء مراحل تطور الحصانة البرلمانية، نجد أن عدم المسؤولية التشريعية  أسبق في التنظيم من الحصانة التشريعية ، فالمصطلح (I’rresponsibilite) ويعني عدم المسؤولية يستخدم للدلالة على عدم المسؤولية التشريعية وهو مصطلح شائع الاستعمال لدى شرّاح القانون الدستوري والجنائي في فرنسا، فقد جاء التأكيد عليه في قرار الجمعية التأسيسية الفرنسية الصادر في 23 حزيران 1789م، الذي نصَّ على أن (ذات النائب مصونة، فلا يجوز اتخاذ إجراءات جنائية نحوه أو القبض عليه أو حبسه بسبب مشروع قدمه للبرلمان أو خطاب أو رأي أبداه فيه)  .

والملاحظ أن الجمعية لم توضح العناصر الأساسية المكونة لهذا النوع من الحصانة حسب، وإنما نصت كذلك على ما يترتب على خرق هذه الحصانة من تبعات .

وبعد سنة تقريباً من هذا القرار، وردت أول إشارة للحصانة التشريعية ، وهو  ما يعرف بـ (مبدأ الحصانة ضد الإجراءات الجزائية) (Linviolabilite) وذلك في قرار الجمعية الوطنية في 26 حزيران 1790م، بعد إعلان قيام الجمهورية على إثر انهيار الإمبراطورية، وجاء في هذا القرار: (مع احتفاظها بصلاحية البت بالوسائل الدستورية الكفيلة بضمان استقلال أعضاء الهيأة التشريعية وحريتهم، تعلن الجمعية الوطنية بأنه من الممكن … في حالة الجرم المشهود توقيف نواب الجمعية الوطنية ، وفقاً للقوانين النافذة، وأنه من الممكن، باستثناء الحالات المبينة في القرار المتخذ في 23 حزيران 1789م قبول الشكاوى بحقهم وفتح التحقيق معهم، على أنه لايجوز إصدار القرار باتهامهم من قبل أي من القضاة قبل أن يتخذ الجسم التشريعي على أساس نظره إلى معلومات التحقيق وأدلته الثبوتية، قراراً يجوّز اتهامهم)  ، فقد أجاز هذا القرار القبض على أي عضو من أعضاء الجمعية الوطنية في حالة التلبس بالجريمة وإن كان قد اشترط لمحاكمته أن تقرر الجمعية أن هناك محلاً للاتهام وعليه يمكن محاكمة عضو البرلمان، لذا يمكن القول بأن هذا القرار قد أوضح الخطوط الرئيسة للحصانة التشريعية (الجبوري ع.، 1995).

وأشارت المادة (7) من دستور1 أيلول 1791م لعدم المسؤولية التشريعية بنفس المعنى الذي ورد في قرار الجمعية التأسيسية سابق الذكر، كما نصّ أيضاً على الحصانة التشريعية ، إذ حظر القبض على عضو البرلمان باستثناء حالة التلبس إلاّ أنه أضاف إليه بأن تخطر الجمعية الوطنية  بذلك فوراً، ولا يمكن الاستمرار بالمحاكمة إلاّ بعد صدور قرار من الجمعية يوضح أن هناك محلاً للاتهام، كما أنه أجاز أيضاً حبس العضو احتياطاً في كل الأحوال وفقاً لهذا الدستور، سواء أكان في حالة التلبس أم غيرها، إلاّ أنه يشترط لذلك أن يصدر أمر بالقبض، ولكن ما يخضع منها لقرار من المجلس بالإذن للسير فيها هي الإجراءات اللاحقة للقبض، ويلاحظ على هذا النوع من الحصانة أنه لايوفر للنائب الحماية اللازمة من الإجراءات الجنائية وخاصة في غير حالة التلبس، كما يلاحظ أن هذا النص يمنح الجمعية الوطنية اختصاصاً قضائياً عند تقريرها أن هناك محلاً للاتهام (عيد، 1944).

وأشار دستور عام 1793م لنوعي الحصانة (عدم المسؤولية التشريعية والحصانة التشريعية ) ، إذ خصّص المادة (43) منه لعدم المسؤولية التشريعية إذ لم يكن عضو البرلمان محصناً إلاّ عن الآراء التي يبديها داخل المجلس فقط، وأما المادة (44) منه فقد نظمّت الحصانة التشريعية  وذلك بأن يقتصر دور الجمعية الوطنية في إعطاء الإذن دون الخوض فيما إذا كان هناك محل للاتهام من عدمه باستثناء حالة التلبس، ولذا فلم يكن لها أي دور قضائي بهذا الصدد، وهي بذلك تلافت الانتقادات التي وجهت لدستور (1791م) .

وأما دستور السنة الثالثة (1795م) فقد تضمنت المادة (110) منه النص نفسه الذي تضمنه دستور (1791م) الخاص بالحصانة البرلمانية بنوعيها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الدستور الصادر في 13 ديسمبر 1799م، وإن كان قد أتى بتجديد تمثل في:

– أنه أجاز للجمعية الوطنية قبل أن تتخذ قراراً برفع الحصانة البرلمانية إجراء مناقشة أو مداولة للوقوف على ما إذا كان الاتهام جدياً أو كيدياً.

– أنه وسّع من نطاق تلك الحماية إذ جعلها تمتد إلى قضاة المحاكم العادية وأعضاء مجلس الدولة.

– أنه لم يشر إلى حصانة الأعضاء من القبض عليهم، على أساس أن القبض في غير حالة التلبس ليس إلا نتيجة طبيعية للإجراءات الجنائية.

وهذا يمثل في الواقع لأول مرةخروجاً صريحاً على مفهوم الحصانة التشريعية  كما هو مقرر في القانون الإنكليزي والذي يقتصر على حماية العضو من القبض عليه، مع امتداد هذه الحصانة على ماعدا ذلك من الإجراءات الجنائية الأخرى (بطيخ، الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر ، 1944).

ولذلك عندما وضع دستور 4 حزيران 1814م فإن المادة (51) منه لم تجز تنفيذ الإكراه البدني على عضو البرلمان أثناء انعقاد البرلمان وخلال الستة أسابيع التي تسبق الانعقاد والتي تليه، ومن هنا يتضح أن المشرع الفرنسي قد تأثر بالنظام الإنكليزي، وأما المادة (52) من الدستور نفسه فقد تضمنت حالة القبض إلى جانب الإجراءات الجنائية الأخرى دون التحري عما إذا كان هذا الوضع منسجماً أم لا .

ونصَّ دستور (1875م) في المادة (13) منه على أنه (لايجوز إجراء تحقيق أو ملاحقة لأي عضو من أعضاء البرلمان بسبب ما يبديه من آراء أو مايدلي به من صوت بمناسبة مباشرته لأعمال وظيفته النيابية)، وأشارت المادة (14) منه إلى وقف اعتقال العضو أو السير في الإجراءات الجنائية ضده إذا طلب المجلس التابع له ذلك .

وظل هذا الدستور ساري المفعول حتى عام (1946م)، ففي دستور 27 تشرين الأول 1946م نصت المادة (21) منه على عدم المسؤولية التشريعية (لايجوز إجراء التحقيق أو الملاحقة أو القبض أو الحبس أو الحكم على أي عضو من أعضاء البرلمان بسبب مايبديه من آراء أو ما يدلي به من صوت بمناسبة مباشرته لأعمال وظيفته النيابية)، وأشارت المادة (22) منه على الحصانة التشريعية  إذ أجازت للمجلس الذي يتبعه العضو المعني حق طلب إرجاء حبس العضو أو محاكمته (رأفت، 1937)، وبذلك اتفق هذا الدستور مع دستور 1875م حول حصانة أعضاء المجلس إلاّ أن الدستور السابق كان قد نص على وجود مجلسين (نواب وشيوخ) بينما يتألف البرلمان الفرنسي في ظل هذا الدستور من مجلس واحد (الوسواسي، 1951).

وأخيراً نصَّ دستور الجمهورية الخامسة لعام (1958م) وهو الدستور الساري المفعول حتى الآن في المادة (26/1) منه على ما يأتي: (لايجوز التحقيق مع أي عضو من أعضاء البرلمان أو البحث عنه أو القبض عليه أو اعتقاله أو محاكمته بسبب ما يبديه من الآراء أو التصويت في أداء أعماله البرلمانية) (ابوالعينين، 1981)، ولهذا فإن عدم المسؤولية التشريعية تشمل جميع أعضاء البرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية، مجلس الشيوخ)، كما جاءت هذه المادة في فقراتها (2و3) بحكم جديد يتمثل بعدم جواز القبض على أي عضو من أعضاء البرلمان فيما بين أدوار انعقاد البرلمان إلاّ بموافقة مكتب المجلس التابع له، إذ نصت (لايجوز القبض على أي عضو من أعضاء البرلمان في غير أوقات الانعقاد إلاّ بموافقة مكتب المجلس التابع له، وذلك فيما عدا حالة التلبس بالجريمة أو التحقيق المأذون به أو إدانة العضو نهائياً)  .

ومن الجدير بالذكر أنه يحق للجمعية الوطنية حتى في حالة الجرم المشهود أثناء أدوار الانعقاد، تعليق الملاحقة بحق النائب المتهم، أما خارج أدوار انعقاد البرلمان فإن الترخيص بتوقيف أو ملاحقة النائب يصدر عن مكتب المجلس . وبذلك استقرت أحكام الحصانة البرلمانية في النظام الدستوري الفرنسي(شكر، 1994).

المبحث الثاني

الأساس القانوني للحصانة البرلمانية

إن الحصانة البرلمانية مبدأ دستوري اجمعت عليها مختلف دساتير العالم , على الرغم من اختلاف نظمها السياسية والقانونية , وطبيعة العلاقات الوظيفية بين مختلف السلطات القائمة فيها. وتعتبر في نفس الوقت اكثر الضمانات الدستورية لأعضاء البرلمان عراقة والمستخلصة من النظام النيابي نفسة, والتي شكلت في نفس الوقت استثناء من القانون العام, ولايمكن الابقاء عليها الا اذا كانت الخبرة الدستورية قد بينت ضرورتها, وان هناك مبررات قوية تستمر في الشهادة لصالح بقائها. وهذا مايدفع الى بحث أساسها القانوني(بومدين، الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة، 2015) .

وتعد الحصانة البرلمانية نظام حماية  مقرر لاعضاء البرلمان بصفاتهم لا باشخاصهم تتيح هم العمل بكل حرية لتحقيق الغرض الذي وجدت من اجله, وتتضمن اعفاء كليا او جزئيا من قواعد القانون الجنائي الموضوعية والاجرائية , لتظهر طبيعتها باعتبارها حصانة وظيفية وقضائية, مما يقتضي دراسة الطبيعة القانونية لها. في هذا المبحث سنبحث في المطلب الاول الخاصية القانونية  للحصانة البرلمانية وفي المطلب الثاني الاساس العملي للحصانة البرلمانية وفي المطلب الثالث الاساس النظرس للحصانة البرلمانية .

المطلب الأول

الخاصية القانوني للحصانة البرلمانية

لقد كان للحصانة البرلمانية  في مرحلة اولى اساس واحد هو الاساس الديني الذي كانت تنبع منه جميع الحصانات, فالملك والرئيس كان يتمتع بالحصانة لما له من قداسة تصل الى درجة الاله, واعضاء البرلمان كانت لهم قدسية مستمدة من قدسية الملك باعتبارهم مستشارين له, وبالتالي يتمتعون بالحصانة باتجاه افراد الشعب(طامح، النظام القانوني للحصانة، 2011).

ان لكل نظام قانوني له غاية تتمثل في ضمان امن العلالقات الاجتماعية, ويتجه الى حماية منظمة للافراد الذين يوءطرهم, وهي حماية عامة يستفيد منها كل مواطن في الحدود المجردة المعترف بها من طرف الدستور. وبخلاف ذلك, فالحصانة القانونية حماية خاصة متميزة معترف بها ليس كحق شخصي فردي وانما بالنظر الى الوظائف الممارسة(MARCHAND P. , lES Immunites Parlementaires et la 4 republique, 1955).

ويتمتع عضو البرلمان في النظام الداخلي للدولة بمكانة سامية, باعتباره الممارس للسلطة السيادية ومدرك بان وضعة الشخصي متميز بمناعة. وتعتبر الحصانة التي يتمتع بها عضو البرلمان دوما مطلقة, حيث يطغى الشخص على الوظيفة(عرفة، 2008).

وعلية التسؤال الذي يطرح: لماذا هذه الحماية الاستثنائية, كيف تقررت ؟ ان الاجابة على هذين السؤوالين سيسمحان بالكشف عن علامة صنع الحصانة البرلمانية وتحديد البناء الذي تنطوي علية.

يكاد يحكم موضوع اساس الحصانة البرلمانية اجماع كبير, بحيث  انه مربك بالنظر الى جانب من التشريع , فاذا كان الجميع متفقا على اساس الحصانة البرلمانية, حيث  ان وجهات النظر متباعدة و متشعبة حول نطاقها. ومن جهة اخرى, فانه من الواجب غالبا  ازالة الغبار عن التقاليد العريقة لمؤسسة الحصانة البرلمانية والسبب التاريخي المبرر لوجودها, مادام مقتضايتها مازالت قائمة(بومدين، الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة، 2015).

المطلب الثاني

الأساس العملي للحصانة البرلمانية

إن الحصانة البرلمانية كمؤسسة عريقة والمستخلصه من النظام النيابي نفسه, والتي تشكل في نفس الوقت استثناء من القانون العام , لايمكن الحفاظ عليها الا اذا كانت الخبرة الدستورية قد بينت ضرورتها, وهناك مبررات قوية تستمر في الشهادة لصالح بقائها(MARCHAND P. , 1950).

ويتعلق الأمر في الواقع, في الحفاظ على الاستقلال التام للوظيفة البرلمانية, ذلك ان النائب يحتاج اكثر من اي مواطن ان يتمتع في ممارسته لمهامه بالحرية الكاملة لأن رأيه يساهم في الارادة العامة للامة, وشخصيته تشكل جزء لاتمام واكمال التمثيل النيابي الوطني. وتظفي عليه الوظيفة النيابية تعددا لشخصيته. ومن ثم يصبح هدفا للاعتداءات المستمرة, وعليه ليس فقط عدم تحميله اية مسؤولية عن الاستعمال العادي لحرية الكلام والتصويت. وانما يجب ان يحمى كذلك من اي متابعة تعسفية, والتي تتخذ من الاعمال الخارجة عن وظيفته مبررا لمنعه من ممارسة مهامه وابعاده عن المناقشات النيابية. وبذلك, تهدف كل من عدم المسؤولية التشريعية والحصانة التشريعية الى تجنب هذا الخطر المزدوج.

وقبل أن تنظم الحصانة البرلمانية كحماية دائمة لاعضاء البرلمان, كانت الحصانة في المقام الاول رد فعل دفاعي ضد تهديدات محددة جدا, حيث يندمج اساسها العملي بأصولها التاريخية, ويمكن ان تأتي هذه التهديدات من ثلاث جهات الجهة الاولى من السلطة التنفيذية والجهة الثانية من البرلمان نفسه واخيرا من الافراد ويتضح من خلال هذا التحليل ان الحصانة البرلمانية قد اتخذت شكل الضمانة الثلاثية(MARCHAND P. , 1950).

المطلب الثالث

الاساس النظري للحصانة البرلمانية

لقد كان للحصانة في مرحلة اولى اساس واحد هو الاساس الديني الذي كانت تنبع منه جميع الحصانات , فالملك والرئيس كان  يتمتع بالحصانه لما له من قداسة تصل الى درجة الاله, واعضاء البرلمان كانت لهم قدسية الملك باعتبارهم مستشارين له, وبالتالي يتمتعون بالحصانة باتجاه افراد الشعب (طامح، النظام القانوني للحصانة، 2011).

حيث ان انتقال السيادة الى الامة ومايترتب عنها من انتقال للحصانة الى ممثلي الامة, ادى الى بحث اساس عقلاني لاقرار نظام استثنائي لصالح اعضاء البرلمان , وهذا الاساس يجد مصدره في النظرية المصاغة لحساب السيادة الوطنية , ومن ثم تظهر  الحصانة كنتيجة منطقية وعنصر ضروري في النظام النيابي واكثر تاسيسا فان الحصانة تتضمن علامة سيادة الامة(اوزبودون، 2019) .

ان نظرية النظام النيابي مثلما صاغها التشريع الدستوري خصص جزء كبير منها لاستقلال وذاتية ممثلي الامة ,هذه النظرية دفعت الى صنع  فكرة تمثيل الارادة العامة ودعوتها لان تكون بكل حرية وتقدير من اجل الامة. وعليه تظهر الحصانة كضرورة ذات طبيعة وظيفية ومن ثم فهي تشكل ضمانة لذاتية واستقلال ممثلي الامة.

أنالحصانة البرلمانية تمثل ذاتية واستقلال النواب قدر تعلق الامر بالنظرية التقليدية للنظام النيابي او تلك التي صاغها الكاتب الفرنسي M. Hauriou لحساب السيادة الوطنية (سيادة الامة ) وشكل متطلب وذاتية النواب مبدأ ذو مضمون بديهي, هذا المتطلب اوجب اقرار الحصانة لصالح النواب, والتي تهدف لضمان عدم اعاقتهم بمتابعات قضائية فاقدة للاساس, والتي تشكل بالاساس مناورات سياسية. وعلية تظهر الحصانة الدستورية بهذا المعنى ضمانة وشرط في نفس الوقت لذاتية واستقلال النواب.الحصانة البرلمانية  تمثل ذاتية واستقلال النواب في التشريع التقليدي لنظرية التمثيل النيابي .تظهر فكرة استقلال النواب, الاستقلال الدستوري الذي يقوم عليه مفهوم الحصانة البرلمانية في قلب نظرية الحكومة النيابية او التمثيل النيابي, وبالنسبة للفقه الدستوري التقليدي, تظهر هذه الاخيرة في الواقع, من خلال الاستقلال الذي يتمتع به النواب في ممارستهم لاختصاصاتهم الدستورية, لان الوكالة النيابية  تتميز عن الوكالة الالزامية من خلال حرية القرار الممنوح للنواب. وبهذا المعنى حسب رأي الكاتب الفرنسي Esmein تتجلى حرية اتخاذ القرار كسمة مميزة لممثلي صاحب السيادة  الذي في اطار الاختصاصات الممنوحة لهم من خلال الارادة والتصرف بكل حرية وبكل تقدير باسمة ولحسابة . وعلية وكما يقول الكاتب Esmein ان نائب صاحب السيادة الذي لا يملك سلطة القرار الخاصة بارادته بالنسبة لكافة الاعمال الي تكون محددة مسبقا عن طريق قواعد قانونية او عن طريق تعليمات ملزمة, والذي لايستطيع اتخاذ قرار الا بموافقة صاحب السيادة لن يكون ممثلا حقيقيا. وفي نفس المعنى يرى الكاتب الفرنسي I. Duguit ان ممثلي الامة او هيئات التمثيل هم من يكونون بمحل ومكان الامة  , هؤلاء النواب يعبرون عن اردتهم في الواقع, ولكن قانونيا وتبعا لظاهرة التمثيل تصبح وكأنها صادرة مباشرة عن الامة. وتعتبر صفة الممثل بالنسبة لاعضاء المجالس التشريعية اكثر تمثيلية, مادام ان دورهم الوحيد هو الارادة والاقرار بكل تقدير باستثناء الحالات التي يحضرها الدستور(بونت، 2002).

وتظهر فكرة التفويض لدى التشريع الدستوري باعتبارها محور نظرية السيادة الوطنية , وهي التي في الواقع تقوم عليها سلطة الهيئات الدستورية. ذلك ان فكرة التفويض هي التي انتجت التمثيل النيابي. وفي الواقع, ان طابع وخاصية عدم قابلية انقسام وتجزئة السيادة اقتضى عدم امكانية ممارسة السيادة كحق شخصي, وانما فقط على اساس التفويض الوطني. وعلية فالأرادات المعبر عنها من قبل الممارسين للسلطة العامة لا تعتبر ارادات خاصة بالافراد, وانما هي تعبير عن الارادة الوطنية, وتوصف هذه الوضعية بأنها تمثيل نيابي(بي، 2013).

أن النواب , وبعيدا عن الحاجة للامتثال الى رغبات الامة , فانهم مطالبون بدلا من ذلك الى يكونوا بشكل مستقل عن طريق مفهومهم الخاص للارادة العامة, فهم يمارسون بالمعنى الكامل للكلمة وظيفة حكومية بكل استقلالية في مواجهة منتخبيهم. ويكمن جوهر التمثيل النيابي في ان نائب السيد يحوز نفس السلطات المملوكة لصاحب السيادة, وكأنه صاحب السيادة الشخصي, ان ممثل الامة معناه ان الامة  قد اعارت سلطتها في اتخاذ القررات السيادية ولذلك معنى مزدوج, بالنسبة لممثل الامة  يتمتع فيما يخص القضايا الداخلة في نطاق اختصاصاته بسلطة مبادرة حرة وتقدير شخصي وبقرار مجرد ومن جهة اخرى, فالمفترض ان تتكلم الامة  بواسطة ممثليها, ومن ثم فكل الارادات المعبر عنها والقرارات التي يتخذها النائب باسم الامة  تكتسب قوتها القانونية, وكأنها صادرة عن الامة نفسها(فيدان، 2011).

  وقد لقي مفهوم التمثيل في نظرية الحكومة النيابية تفسيرا خاصا كرس التفرقة التقليدية بين الممثل (النائب) والموظف, فالاثنان في مركز واحد من جهة مصدر السلطة. كلاهما يتكلم ويتصرف باسم الامة التي يستمدون منها اختصاصاهم من خلال الدستور, ولكن يختلف الممثل عن الموظف في طبيعة وصفه ونطاق سلطاتهم.

ويستفاد مما سبق ان مفهوم التمثيل مثلما صاغه التشريع الدستوري يرتكز كليا على فكرة الاستقلال وغياب التبعية في مواجهة بقية سلطات الدولة الاخرى. وكذلك في مواجهة الهيئة الناخبة . والاستقلالية تعني المقدرة الحرة في تكوين الارادة العامة بناء على الحرية الكاملة والتامة في التعبير عن الاراء.

وبهذا المعنى , تقتضي فكرة النيابة وتستلزم وجود مفهوم الحصانة البرلمانية, والتي يدرك منها انها نظام استثنائي يستهدف ضمان عدم اعاقة النواب في ممارسة اختصاصاتهم الدستورية.

أن استقلالية وذاتية النواب في تشريع موريس هوريو . تحتوي السلطة التشريعية على خاصيتين, غير شخصية وتمثيلية, ولايعتبر مفهوم النظام النيابي نظرية محددة عند هوريو, ولكنه بالمقابل استطاع صياغته لصالح السيادة الوطنية ( سيادة الامة ) مقابل النظرية التقليدية في النظام النيابي. واذا كانت النظريتان تختلفان, فانهما تتفقان على نقطة واحدة وهي الاعتراف بالاستقلال الضروري للنواب .

ان السيادة الوطنية عند M. Hauriou  هي ارادة مسلحة بسلطة تنفيذية. يعني سيادة الامة تتشكل من عنصرين هما عنصر الارادة وعنصر التنفيذ. ويرتكز الكاتب على الدستور الفرنسي 1791 المستوحى من الكاتب  Siyeyes الذي يميز بين نوعين من المواطنين, البعض منهم الفئة السلبية والبعض الاخر الفئة الايجابية (النشطة). ويقترح الكاتب هوريو نطاق المواطنين بالتناوب بين الفئة السلبية والايجابية الى الامة. لتصبح هذه الامة بالتعاقب حاكمة ومحكومة في نفس الوقت. ان هاتين الوضعين للامة تتناوبان بطورين او مرحلتين. وبالتالي يصبح للامة بالتناوب ارادة ايجابية حاكمة وقائدة وارادة سلبية محكومة . تتصل الارادة السلبية للامة بالارادة العامة لهذه الاخيرة, ذلك ان الارادة الوطنية الفاعلة او الامرة ليست سوى مجموع السلطات الحكومية التي تنشأ على قاعدة النظام الانتخابي لتمثيل الارادة العامة.

وترتكز ارادة الامة الامرة في نظرية السيادة الوطنية عند موريس على فكرة الذاتية. وبهذا الشرط الوحيد يكتسب الاعضاء  وضع الهيئات الحكومية. ويمكنها التعبير بكل حرية في تمثيل الارادة العامة. ويظهر استقلال النواب كشرط اساسي لسلطة الدولة. ان الارادة الوطنية بالنسبة لموريس هي تنظيم لسلطات الحكم والتي تسعى جاهدة كل واحدة لتحقيق بتلقائية تمثيلها الخالص والحقيقي للارادة العامة. وفي نفس الوقت العمل على تقارب التمثيل الذي حازت عليه هذه السلطات. ويدعو موريس سلطة الحكم كل من هو مختص في كل الامة بتنظيم السيطرة السياسية الممارسة على جميع الامة عن طريق الارادة العامة, وكل مايمثل في نفس الوقت عنصر عضوي للأرادة الوطنية الامرة المتصفة بالوحدة. هذه العناصر العضوية للاردة الوطنية الامرة تتمثل في ثلاث العنصر الإرادي الضمني التمثل في السلطة الانتخابية, العنصر الارادي الصريح المتصل بالمداولة الخاصة بالسلطة التشريعية والعنصر الارادي التنفيذي الذي يتعلق بالسلطة التنفيذية. ويرى موريس ان الحكومة تكون نيابية تمثيلية حينما تقوم السلطات المكونهللارادة الوطنية الامرة بتمثيل الارادة العامة والقيام بتمثيل عقلاني لهذه الارادة. وتعتبر الحكومة النيابية في نظام السيادة الوطنية ضرورية, لان الارادة العامة لايمكن ان تتصرف الا اذا انتظمت من اجل التصرف, وتصرفت هيئاتها(اعضاؤها) نيابة عنها.

وقد اعترض موريس على نظرية التفويض كأساس اختصاص ممثلي الامة لممارسة السيادة الوطنية التي تبناها التشريع التقليدي, واحل محلها نظرية التنصيب, واعتبر التفويض وكالة تتضمن نقل السلطات, وعلية فأن السلطة التشريعية والتنفيذية لن تكون مستقلة انهم مجرد كتاب ومندوبون فقط, فنظرية التفويض حسب الكاتب الفرنسي موريس  تؤدي الى احراج النظام النيابي. ويترتب حسب نظرية التفويض اعتبار الوكالة الانتخابية وكالة الزامية بمقتضى برنامج محدد. وبالنتيجة نق للسلطة. هذه الوكالة الالزامية تصطدم بالضرورة مع استقلال هيئات الامة, خصوصا مع استقلال البرلمان. واذا كنا نرغب في الاخذ بعين الاعتبار استقلال السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية يجب توسيع مفهوم الوكالة الانتخابية الى معنى يؤدي الى اعتبارها لا شيء. ان الأمر يتعلق بوكالة مادام انها واسعة وبدون مسؤولية وبدون نقل للسلطات فان هذه الوكالة ليست سوى شكل فارغ ويبقى التحديد القانوني للتفويض غير ممكن.

وعلية فأن نظرية التنصيب التي جاء به موريس تحترم استقلال الهيئات النيابية. بمعنى لاتتطلب نقل سلطت الامة, سلطات الهيئات الحكومية ذاتية وخاصة وتمارس باسم ولحساب الامة. وكذلك, فالبنسبة للكاتب الفرنسي فالهيئات التمثيلية هي مؤسسسات اجتماعية ترتكز على الوقائع, وعلى طبيعة الاشياء, وليس على تفويض السلطات. انها مستقلة بالنظر الى الارادة العامة.

وقد شكل استقلال ممثلي الامة عند موريس متطلب ضروري للتنظيم الدستوري في الدولة, وفي الواقع فان الصحة الدستورية للدولة لا تتحقق إلا عند ما يتم الاعتراف باستقلال الحكومة النيابية, وان تكون حرة في العمل تحت رقابة الامة صاحبةالسيادة. ويرتكز مبرر الحكومة التمثيلية بالخصوص وبالتحديد على الفصل بين الامة والحكومة التي هي وحدها يمكن ان تؤسس السلطة الحكومية والادارية. ومن جهة اخرى بالشرط الوحيد لاستقلالهم حتى يتمكنوا من اكتساب صفة هيئات واعضاء الحكومة. ويساهم عنصر بالاستقلال في تكوين الارادة العامة. وكذلك فان اعضاء وهيئات الامة المستقلة يشكلون بأنفسهم وبتلقائية تمثيل الارادة العامة الضرورة لتصرفهم, انهم يملكون سلطة اتخاذ القرار , وهم يريدون من اجل الامة بواسطة انفسهم(ايبار، 1937).

ان استقلالية ممثلي الامة تشكل ضمانة في تشريع السيادة الوطنية عن موريس من خلال نظرية التنصيب, نظرية التنصيب تتوافق ومبادىء الحكومة التمثيلية وتحترم استقلال الممثلين, وبالنتيجة استقلال اعضاء الحكومة النيابية. ان التولية والتنصيب يحترم كذلك استقلال سلطة العضو المنصب, وتفرض علية ببساطة ممارسة سلطة في حدود معينة. بالنسبة للكاتب الفرنسي فالمنصب يتمتع بثلاث خصائص: العضو العامل لايتصرف لحسابة الخاص وانما لحساب سيد اخر, وكذلك فانه يتصرف في وضع معين وبثقة ممنوحة له, وعلى الاقل فهو مستقل بخصوص سلطتة ويمتع بالمبادرة في ممارسة اعماله. ان ضرورة الاستقلال معترف بها لكل وظيفة عامة, هذه الاخيرة تمنح العامل سلطة ومقدرة خاصة التي لا تأتي من تفويض السلطة العامة(كراتلي، 1961).

ويستفاد مما سبق, ان النظريات المصاغة لصالح السيادة الوطنية والتي تتعلق بتلك التي جاء بها التشريع التقليدي في القانون الدستوري استنادا لمفاهيم المؤسس الدستوري, او تلك التي صاغها الكاتب الفرنسي موريس من اجل القيام بقطع فكرة التفويض. ترتكز اذن على فكرة الاستقلال في تكوين تمثيل الارادة العامة, واستقلال في مواجهة السلطات الاخرى, وحتى بالنسبة للهيئة الناخبة. وعلى هذا الاساس تتجلى الحصانات الدستورية باعتبارها حجر الزاوية في النظام النيابي, لتشكل ضمانة تحقيق ذاتية واستقلال ممثلي الامة(اكتاش، 2009).

المبحث الثالث

مجال تطبيق الحصانة البرلمانية الموضوعية (عدم المسؤولية التشريعية ) في ظل دستور جمهورية العراق لعام 2005

نص دستور العراق لعام 2005 على الحصانة البرلمانية الموضوعية في ( المادة 63/ثانيا/ أ) ومن المعلوم ان للحصانة البرلمانية الموضوعية نطاقا من حيث الاشخاص يحدد الافراد الذين الذين يحق لهم التمتع بها , كما لها نطاقا زمنيا يحدد الوقت للتمتع بها, ولها ايضا نطاقا مكانيا يبين المساحة التي يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يتمتع بها, وأخيرا فأن لهذه الحصانة نطاقا موضوعيا يحدد الموضوعات والافعال التي تنطوي عليها الحصانة.

وفي هذا المبحث سنقسم الحصانة البرلمانية الموضوعية او عدم المسؤولية التشريعية الى اربعة مطالب سنتناول في المطلب الاول تطبيق الحصانة البرلمانية الموضوعية من حيث الاشخاص وفي المطلب الثاني سنتناولها من حيث الزمان وفي المطلب الثالث سنتناولها من حيث المكان وفي المطلب الرابع سيتم تناولها من حيث الموضوع.

المطلب الأول

الحصانة الموضوعية ( عدم المسؤولية التشريعية ) من النظر للأشخاص

نص  الدستور العراقي لعام 2005 على هذه الحصانة في المادة (63/ثانياً/أ)  (يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في أثناء دورة الانعقاد، ولايتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك)(الخفاجي، الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية في ظل دستور العراق لعام 2005، 2010).

ويتضح من ذلك أن الحصانة الموضوعية  التي جاءت في المادة (63/ثانياً/أ) لاتشمل غير أعضاء مجلس النواب، إلاّ أن روح هذا النص لايتعارض إطلاقاً مع بسط هذه الحصانة على أشخاص آخرين من غير أعضاء مجلس النواب، إذ إن الاجتهاد يتوسع في تطبيقه فيجعله شاملاً رجال الصحافة الذين ينقلون عن حسن نية وقائع جلسات المجلس العلنية وأقوال النواب وارائهم(الخطيب، 1961).

المطلب الثاني

الحصانة الموضوعية (عدم المسؤولية التشريعية ) من النظر للزمان

إنَّ عضو مجلس النواب  في العراق يتمتع بهذه الحصانة بمجرد بدء دورة الانعقاد، ويستمر تمتعه بها خلال دورة الانعقاد، وعندئذ تنتهي بمجرد فض الدورة، إذ يمكن أن نستفيد هذا المعنى من نص المادة (63/ثانياً/أ) حيث نصت على (يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في أثناء دورة الانعقاد ولايتعرض للمقاضاة امام المحاكم بشأن ذلك )(حسن، 2017).

وقد أسبغ المشرع الدستوري العراقي على المرشح الفائز في الانتخَابات صفة العضوية في المجلس وأجاز له أن يتمتع بجميع حقوقها ابتداءً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات، وعلى الرغم من أن المشرع قد تلافى مسألة الاعتراض على صحة هذه النتائج لما لها من أثـر فيما يتعلق بمدى ثبوت صفة العضوية، إلاّ أنه أغفل عن الفترة الممتدة بين إعلان انتخاب النائب في البرلمان وتاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات(مطيع، 1998).

وهنا يمكن أن تثار مسألة الطعن بصحة انتخـاب عضـو مجلس النواب، فهذا الطعن لا يتمتع بمفعول موقف، ولـذا فالعضو المطعون بصحة انتخـابه تشمله الحصانة إذ تبقى صفة العضوية قائمة حتى يبت مجلس النواب في الموضوع.

إن عضو مجلس النواب يتمتع بهذه الحصانة من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات، وقبل أن يؤدي اليمين الدستورية وإن كان لا يستطيع أن يباشر عمله إلاّ بعد تأديته اليمين، والحكمة من ذلك هي حماية العضو من الكيد له من جانب السلطة التنفيذية أو الأفراد بما يعوقه عن مباشرة مهامه ومسؤولياته البرلمانية(الخفاجي، المجلة الاكاديمية العراقية).

المطلب الثالث

عدم المسؤولية التشريعية من النظر الى المكان

نص الدستور العراقي  في المادة (63/ثانياً/أ) المذكورة سابقاً على تمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء أثناء دورة الانعقاد مطلقاً، إذ يُفهَم منها أن الحصانة الموضوعية تغطي ما يصدر عن عضو مجلس النواب من آراء في جلسات المجلس أو في ممرات المجلس أو الاستراحات المخصصة للأعضاء داخله، أو ماشابه ذلك من أماكن لايباشر فيها عضو مجلس النواب مهام العضوية، كما لو تمَّ ذلك في مؤتمر صحفي أو في الأماكن العامة، والهدف من ذلك هو تمكين أعضاء مجلس النواب من أداء وظائفهم على أكمل وجه(العاقل، 1997).

وبذلك يتضح أنه لا فرق فيما إذا أبدى عضو مجلس النواب رأيه داخل المجلس أو في إحدى اللجان أو بعيداً عنها أو أبداه خارج المجلس، إذ يتمتع في جميع هذه الأحوال بعدم مسؤوليته عن هذا الرأي، ولا اجتهاد مع صراحة النص، وإن القول بغير ذلك يتعارض مع المبادئ العامة في التفسير من أن العام يحمل على عمومه وأنه لا تخصيص بغير مخصص.

والملاحظ أن النائب في العراق يتمتع بحصانة مطلقة لايجوز تقييدها وعامة غير قابلة للتخصيص وشاملة غير مجزأة عن الآراء التي يبديها سواء أكانت هذه الآراء سياسية أم قانونية أم اجتماعية حتى ولو كانت هذه الآراء تحمل معنى القذف أو السباب والشتم في طياتها، فهو حر في إبداء آرائه وأقواله، ويلاحظ على أندستور جمهوريةالعراقلعام 2005م لم يشترط قيد على المكان، فآراء النائب لها الحصانة في المجلس وخارجه(القيسي، الحصانة البرلمانية في العراق، 2009).

وعلى الرغم من تقرير عدم مسؤولية عضو مجلس النواب فيما يدلي به من آراء داخل المجلس أو في إحدى لجانه أو أبداها خارج المجلس، ولكن هنا يثار التساؤل الآتي:

هل يمكن للمجلس أن يوقع الجزاءات الانضباطية المنصوص عليها في النظام الداخلي ضد عضو مجلس النواب حينما يدلي بآرائه المشتملة على قذفٍ أو سبٍ(النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي ، 2006)؟

نعم يمكن للمجلس ذلك، لأن إيقاع مثل هذه الجزاءاتلايتعارضولايتنافى مع تمتع عضو مجلس النواب بهذه الحصانة، وهذا مااستقرت عليه التقاليد البرلمانية(الجبوري ع.، الحصانة البرلمانية ، 1995، صفحة 158).

ومعنى ذلك أن عضو مجلس النواب وإن لم يكن مسؤولاً جنائياً أو مدنياً عما يدلي به من آراء بمناسبة أداء وظيقته البرلمانية، إلاّ أنه مسؤول تأديبياً عن ذلك، إذ يستطيع المجلس أن يؤاخذ أي من أعضائه إذا وجد أنه قد انحرف أو أساء التصرف، فطبقاً للمادة (139) من النظام الداخلي للمجلس التي تقرر لرئيس الجلسة أن يتخذ بحق العضو الذي أخلَّ بالنظام، إحدى الإجراءات الآتية:

  • تذكير العضو بنظام الجلسة.
  •  إذا تمادى العضو فللرئيس تنبيهه، ويترتب على هذا التنبيه شطب أقواله من المحضر.
  • المنع من الكلام بقية الجلسة.

كما تقضي المادة (140) منه أن لرئيس الجلسة أن يتخذ الوسائل الكفيلة لتنفيذ هذا القرار بعد إنذار العضو إذا لم يمتثل العضو لقراره، ولرئيس الجلسة أن يوقف الجلسة أو يرفعها، وفي هذه الحالة يتم الحرمان إلى ضعف المدة التي يقررها المجلس، وتنص المادة (141) منه (للعضو الذي حُرِم من الاشتراك في أعمال المجلس أن يطلب وقف أحكام هذا القرار بأن يقر كتابةً لرئيس المجلس أنه (يأسف لعدم احترامه نظام المجلس) ويُتلى ذلك في الجلسة ويصدر قرار المجلس في هذه الحالة دون مناقشة.

وكما هو واضح فإنه يصعب القول إن الإجراءات الانضباطية المقررة في النصوص المذكورة آنفاً تنطوي على جزاءات رادعة، بل على العكس، فإن الجزاءات التي تشتمل عليها هذه الإجراءات هي في الحقيقة كلها جزاءات بسيطة أو ضعيفة الأثر، ولهذا يُخشى ألاّ تحقق الهدف منها، ومن ثم تشجع أعضاء مجلس النواب على التمادي في الخروج على نظام العمل البرلماني وقدسيته، لهذا نأمل أن يُعاد النظر في مثل هذه الإجراءات حتى تكون أكثر جديّة وفعاليّة.

ولكن يجب أن لا يغيب عن البال أن الحصانة الموضوعية لا تغطي بشكل تلقائي كل ما يدلي به العضو من رأي، وإنما يشترط أن يكون ذلك الرأي صادراً عن العضو بمناسبة مباشرته العمل النيابي، وإلاّ كان مسؤولاً عنه جنائياً ومدنياً حسب الأحوال، وبعبارة أخرى لاتغطي الحصانة الموضوعية كل ما يصدر عن أعضاء البرلمان من آراء، إذ قد يحاسب هؤلاء الأعضاء عن تلك الآراء حتى إذا صدرت داخل المجلس وذلك عندما تكون عديمة الصلة بالعمل النيابي وكانت تشكل جريمة جنائية في نفس الوقت(الشاعر، القانون الدستوري النظرية العامة والنظام الدستوري المصري، 1997).

وحسناً فعل المشرع الدستوري العراقي إذ لم يقيد نطاق هذه الحصانة على ما يدلي به عضو مجلس النواب من آراء داخل المجلس أو في لجانه أو في الخارج، والسبب في ذلك يعود إلى أن عضو مجلس النواب يعد ممثلاً للأمة سواء أكان موجوداً داخل المجلس أو في لجانه أم في خارجه، ومن ثم يجب أن تكون له حرية الكلمة للتعبير عن ممثليه بما يخدم المصلحة العامة، وبهذا يتضح أن المشرع العراقي قد ساير بإطلاقه هذا بعض التشريعات التي وسعت من النطاق المكاني لهذه الحصانة.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن تشريعات أخرى جعلت من الحصانة الموضوعية تنصرف فقط إلى ما قد يرتكبه العضو من سبٍ أو قذفٍ داخل المجلس أو لجانه، ولقد قيل تبريراً لذلك أن هذه الحصانة ليست مقررة للأعضاء كامتياز شخصي لهم، وإنما مقررة أساساً للصالح العام حتى يمكن للسلطة التشريعية أداء وظيفتها، ولـذا فهي محددة بالعمل في المجلس أو لجانه(داير، 1959).

وقد ذهب بعض مشرعي القانون إلى أن قصر الحصانة الموضوعية او عدم المسؤولية التشريعية  على إبداء الرأي والأفكار داخل المجلس ولجانه، أمر يحتاج إلى تعديل بحيث تسري خارج المجلس ما دام أن العضو يبدي أفكاره وآراءه بصفته عضواً في المجلس، فالأفكار والآراء التي يبديها الأعضاء في جلسات المجلس ولجانه لا يجوز أن تظل حبيسة في المجلس، أو يغلق عليها داخل ذلك المجلس، وإنما يتعين أن يسمح لها بالخروج إلى الرأي العام.

المطلب الرابع

الحصانة الموضوعية (عدم المسؤولية التشريعية) من النظر للأفعال

 حسب المادة (63/ ثانياً/أ) من دستورالعراق لعام  2005 نصت على ” يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء …” فما هو المقصود بالآراء التي لا يؤاخذ عضو مجلس النواب عنها؟

أن الرأي الصادر عن البرلماني هوالتعبير الموضوعي والعفيف عن التحبيذ أو الرفض لقرار، أو لإجراء، أو لتصرف معين وذلك بناءً على أسباب واقعية وموضوعية، تبرر النتيجة التي يعرضها(فكري، 2007) .

إن الحصانة الموضوعية او عدم المسؤولية التشريعية التي جاءت في دستور جمهورية العراق لعام  2005 تشمل الآراء التي يدلى بها  النواب في الجلسات العلنية كما تشمل ما يدلى به في الجلسات السرية وجلسات اللجان، لأنه إذا كانت الآراء التي يدلى بها في الجلسات العلنية لايُؤاخذ عليها، فمن باب أولى الآراء في الجلسات السرية وجلسات اللجان، كما أنها تشمل التصويت التي يشارك به عضو مجلس النواب، وهو ما نصت عليه بعض التشريعات(الدستور السوري لعام 1973 والدستور الاردني لعام 1952).

الخاتمة

النتائج

عند مراجعة دستور جمهورية العراق لعام 2005 اقر هذا الدستور لعضو مجلس النواب سواء أكان من  الأعضاء الحاليين أم السابقين أن يتمتع بالحصانة الموضوعية او عدم المسؤولية التشريعية، وبناءً على ذلك فإنها تغطي كل رأي أدلى بها العضو، أي إنه يتمتع بهذه الحصانة حتى بعد انتهاء مدة عضويته في المجلس، وأيّاً كان سبب هذا الانتهاء مادام أنه عند إبداءه لهذا الرأي كان عضواً في مجلس النواب، وبسبب مباشرة وظيفته البرلمانية، لذلك تسمى بالحصانة الدائمة باعتبار أن عضو مجلس النواب لايسأل عن آرائه الىتي ادلى بها حتى انتهاء ولاية المجلس أو انتهاء صفة العضوية.

إن الحصانة الموضوعية تغطي كلما يصدر عنه قولاً كان أو كتابةً، إذ لايُراد من  الآراء مجرد الأقوال التي يبديها عضومجلس النواب، وإنما تشتمل كذلك على كلما يرتبط بأنشطة هؤلاء الأعضاء في مختلف أجهزة البرلمان مما يكون له صلةب العمل النيابي، ذلك أنه من طبيعة عمل البرلماني أن يقترح بعض المشروعات بقوانين،وكتابة التقارير المختلفة، وتوجيه الأسئلة.

إن دستور جمهورية العراق لعام  2005وسّع من النطاق المكاني للحصانة الموضوعية، إذقرر عدم مؤاخذة أعضاء مجلس النواب عنما يبدونه من أقوال وآراء بمناسبة أداء أعمالهم النيابية سواءأكان داخل البرلمان أم خارجه.

التوصيات

نأمل أُعادة النظر في الإجراءات الانضباطية التي ينص عليها النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2006 حتى تكون أكثر جديّة وفعاليّة، وكما هو واضح فإنه يصعب القول إن الإجراءات الانضباطية المقررة في المواد (139-141) من النظام الداخلي تنطوي على جزاءات رادعة، بالعكس، فإن الجزاءات التي تشتمل عليها هذه الإجراءات  هي في الحقيقة كلها جزاءات بسيطة أو ضعيفة الأثر، ولهذا يُخشى ألاّ تحقق الهدف منها، ومن ثم تشجع أعضاء مجلس النواب على التمادي في الخروج على نظام العمل البرلماني وقدسيته.

نقترح على المشرع الدستوري أن يضع أحكام تفصيلية تتعلق بتحديد الجهة التي يحق لها تقدم طلب رفع الحصانة، بالإضافة إلى تفاصيل إجراءات رفع الحصانة كونها يشوبها الغموض.

نقترح على المشرع الدستوري أن يضع نصاً قانونياً  بإيقاف أو تجميد النشاط البرلماني للعضو الذي ترفع عنه الحصانة، إذ قد يتعرض النائب للحبس بعد رفع الحصانة عنه، فكيف يُقبَل أن يكون محبوساً لفترةما، والفرض أنه يمثل الشعب ويدافع عن مصالحهاخلال تلك الفترة.

المراجع

 

Pierre MARCHAND. (1955). lES Immunites Parlementaires et la 4 republique. paris، fransa: universite de paris.

احمد الخفاجي. (2010). الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية في ظل دستور العراق لعام 2005. الكوفة: جامعة الكوفة.

احمد الخفاجي. (بلا تاريخ). المجلة الاكاديمية العراقية. تاريخ الاسترداد 21 1, 2021، من https://www.iasj.net/iasj/article/11777.

احمد بومدين. (2015). الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة. تلمسان، جزائر: جامعة ابو بكر بلقايد كلية الحقوق والعلوم السياسية .

احمد بومدين. (2015). الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة.

ادمون رباط. (بلا تاريخ).

اركون اوزبودون. (2019). القانون الدستوري التركي . انقره: يتكن ياين افي.

الدستور السوري لعام 1973 والدستور الاردني لعام 1952. (بلا تاريخ).

السيد صبري. (1944). الحصانة البرلمانية.

المختار مطيع. (1998). وظعية النائب البرلماني في المغرب. مجلة دراسات ووقائع دستورية وسياسية، الصفحات 20-21.

النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي . (2006). العراق: مجلس النواب العراقي.

الهام العاقل. (1997). الحصانة في الاجراءات الجنائية. القاهره، مصر: جامعة القاهره.

انور الخطيب. (1961). الاصول البرلمانية في لبنان وسائر البلاد العربية . بيروت : دار العلم للملايين .

حافظ باشا. (1935). الانكليز في بلادهم. القاهرة: دار الكتب المصرية.

حسام الدين محمد. (1995). الحصانة البرلمانية الموضوعية والاجرائية. القاهرة: دار النهضة.

حسن شلبي. (1992). الضمانات الدستورية للحرية الشخصية. القاهرة: دار النهضة العربية.

حنان القيسي. (2009). الحصانة البرلمانية في العراق. مجلة الملتقى.

حنان القيسي. (2009). الحصانة البرلمانية في العراق. مجلة الملتقى، صفحة 96.

خير بروين. (2009). الوسيط في القانون الدستوري الايراني. بيروت: منشورات الحلبي.

دون بي. (2013). الحصانة الموضوعية والحصانة الاجرائية . اسطنبول: مطبوعات الحادي عشر لوحه.

رمزي الشاعر. (1975). الايدلوجية التحريرية وأثرها في الأنظمة السياسية. (جاعمة عين شمس، المحرر) مجلة العلوم القانونية والاقتصادية.

رمزي الشاعر. (1997). القانون الدستوري النظرية العامة والنظام الدستوري المصري. القاهره: مطبعة جامعة عين شمس.

رمضان بطيخ. (1944). الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر . القاهرة : دار النهضة العربية .

رمضان بطيخ. (1994). الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر. القاهره: دار النهضة.

زهير شكر. (1994). الوسيط في القانون الدستوري. دمشق: المؤسسة الجامعية للدراسات للنشر والتوزيع .

سعيد مقدام. (2012). الحصانة البرلمانية. جزائر : مجلة الوسيط.

سعيد مقدام. (2012). الحصانة البرلمانية. الجزائر: مجلة الوسيط.

شذى حسن. (2017). الحصانة البرلمانية في ظل دستور العراق 2005. الحقوق .

عادل طامح. (2011). النظام القانوني للحصانة. الجزائر: جامعة الجزائر كلية الحقوق.

عادل طامح. (2011). النظام القانوني للحصانة. الجزائر: كلية الحقوق جامعة الجزائر.

عامر الجبوري. (1995). الحصانة البرلمانية . بغداد، العراق: كلية القانون جامعة بغداد.

عامر الجبوري. (بلا تاريخ). الحصانة البرلمانية ومدى امكانية تطبيقها على اعضاء مجلس الشورى السعودي. الرياض، السعودية : كلية الدراسات العليا جامعة نايف.

عامر عياش الجبوري. (1995). الحصانة البرلمانية. بغداد: جامعة بغداد.

عبدالفتاح داير. (1959). القانون الدستوري. القاهره: مطابع دار الكتاب العربي.

علاء الوسواسي. (1951). الحصانة البرلمانية. مجلة القضاء، صفحة 8.

علي ايبار. (1937). اشكال تطبيق واساس الحصانة البرلمانية. اسطنبول.

عمر حلمي. (1980). الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في النظامين الرئاسي والبرلماني. القاهره.

فتحي فكري. (2007). القانون الدستوري. القاهره: شركة ناس للطباعه.

فراس. (2019). الحصانة البرلمانية. بغداد.

قادر اكتاش. (2009). الحصانة الاجرائية (المجلد الاولى). انقره: مطبوعات دار العداله.

كريستوفا بونت. (2002). الحصانة البرلمانية في القانون الدستوري الفرنسي . باريس.

كمال كوزلر. (2019). دروس القانون الدستوري التركي . بورصا: اكن ياين افي .

كول فيدان. (2011). الحصانة الاجرائية (المجلد الاولى ). اسطنبول: مطبوعات الحادي عشر لوحة.

متين كراتلي. (1961). الحصانة البرلمانية عندنا وفي الدول الاجنبية. اسطنبول، تركيا: مطبعة سفنج.

محمد ابوالعينين. (1981). الحصانة البرلمانية . مجلة القضاء، صفحة 121.

محمد الشربيني. (2004). اثر الحصانات على عمل الشرطة.

محمد كامل. (1971). النظم السياسية . القاهرة: دار الفكر العربي.

محمود عيد. (1944). الحصانة البرلمانية. مجلة مصر المعاصرة ، صفحة 144.

هشام جمال الدين. (2008). ضمانات اعضاء المجالس النيابية. بدون اسم.

هشام عرفة. (2008). ضمانات اعضاء المجالس التشريعية دراسة مقارنة. القاهره: دار النهضة العربية .

وحيد رأفت. (1937). القانون الدستوري . القاهرة : المطبعة المصرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *