نوفمبر 23, 2024 5:13 ص
111

أ .م .د ليلى حنتوش ناجي الخالدي

كلية القانون /جامعة بابل

Dr.laylaalkhalidi@gmail. com

009647808292703

الملخص

لا يمكن للمجتمع ان يحقق التنمية الشاملة وبناء مجتمع  متقدم في كل المجالات دون ان يكون للمرأة دور فعال فيالحياة السياسية وذلك من خلال مشاركتها في الانتخاب والترشيح وتولي الوظائف العامة  في مؤسسات الدولة  وعلى كافة المستويات ،اذ اصبح من الضروري ان  لا يقتصر دور المرأة على مستوى المجتمع المدني  بل لابد ان يكون لها نشاط سياسي سواء بالمشاركة في الانتخابات او البناء التكويني للسلطة التنفيذية او الاحزاب السياسية  .

ولاجل تفعيل دور المرأة فيالحياة السياسية يتطلب الامر تسهيل عملية وصول المرأة الى مناصب سياسية وايضا المشاركة الفعالة في عملية صنع القرار سواء من خلال وجودها ضمن السلطات الثلاث في الدولةاو وجودها ضمن قيادات الاحزاب السياسية.

ولكن بالمقابل توجد بعض المعوقات التي تقف في طريق وصول المرأة الى مرحلة المساهمة الفعالة في الحياة السياسية من هذه القيود ما يتعلق بالمرأة ذاتها ووضعها الاقتصادي والاجتماعي ومنها ما يتعلق بالمؤسسة السياسية واخرى تتعلق بالمجتمع والثقافة السائدة فيه.

ومن اجل اتاحة الفرصة امام المرأة لتساهم في صنع القرار السياسي لابد من توافر مجموعة من الاليات والوسائل التشريعية منها والتنفيذية مما يؤدي الى عملية تحول ديمقراطي مصحوب بأحترام حقوق الانسان اضافة الى وجود قوانين انتخابية تتسم بالعدالة ، ومن بين هذه الوسائل تعديل كل التشريعات  الوطنية بما يكفل اسقاط كل اشكال التميز ضد المرأة  ويسمح لها بالمشاركة  الفعالة في الحياة السياسية ،ولعل اهم  وسيلة لتحقيق  هذه الغاية هو نظام الكوتا الذي يعد نوع من التميز الايجابي لكونه يهدف الى تعويض شريحة النساء عن التميز والاضطهاد الذي لحق بهن خلال الفترات السابقة  الامر الذي يؤدي الى زيادة نسبة مشاركة المرأة في المؤسسات الدستورية  ولاسيما التشريعية  ، اضافة الى ضرورة وجود الكوتا النسائية على مستوى الاحزاب السياسية من اجل تحقيق نسبة عالية لمشاركة المرأة في البرلمانات , كما ان هذا النظام قد طبق  في العديد من الدول  منها المانيا والدول الاسكندنافية والعراق في ظل دستور 2005 ، وايضا يعد من الوسائل الفعالة في تفعيل دور المرأة في صنع القرار هو دمج الاتفاقيات الدولية المناهضة للتميز ضد المرأة في التشريع الوطني وجعلها جزء منه خاصة وان اغلب الدول كانت قد وقعت  على هذه الاتفاقيات واضمت اليها  هذا اضافة الى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني  في التدريب السياسي للمرأة و نشر ثقافة ضرورة مشاركة المرأة السياسية وخاصة في صنع القرار السياسي .

 

اولا : اهمية موضوع البحث

تكمن اهمية الموضوع في محاولة مناقشة مسألة في غاية الاهمية وهي زيادة فعالية الدور الذي تؤديه المرأة في المجتمع وبالاخص دورها في المجال السياسي من خلال الكشف عن ما يمكن ان تقوم به المرأة في مجال صنع السياسية والقرار والمساهمة في تشكيل الراي العام  الذي يعد معبر حقيقي على مدى الثقافة السياسية السائدة في المجتمع كذلك التعبير عن مدى حرية التعبير عن الراي التي يكفلها النظام الدستوري في الدولة،كذاك توضيح مدى مساهمة المرأة في الحياة السياسية ومشاركتها الفعالة في صنع القرار السياسي.

ثانيا: منهجية البحث:

لقد تم اعتماد المنهج التحليلي النقدي في عرض موضوع البحث من خلال تحليل ونقد النصوص والممارسات السياسية وايضا اتبعنا المنهج الفلسفي  بأستخدامالتحليل التأملي المقارن والذي يعد من اهم ادوات البحث القانوني وبهذه المناهج مع بعضها تمت دراسة موضوع البحث بطريقة وافية وشاملة  .

ثالثا: خطة البحث :

اتبعنا التقسيم الثنائي في تقسيم محاور هذه الدراسة من خلال تقسيمها الى مبحثين الاول لدراسة وتحديد اهم المعوقات التي تعترض سبيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية  والاليات والحلول التي تساهم في زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية , اما المبحث الثاني سيكون مكرسا لدراسة مجالات مشاركة  المراءة في الحياة السياسية .

الكلمات المفتاحية : حقوق المرأة السياسية ,مشاركة المرأة ,الدور السياسي ، القرار السياسي .

 

The role of women in political life

                                           (critical analytical study)

Prof. Dr Laila HantoushNaji Al-Khalidi

College of Law / University of Babylon

Abstract

Society cannot achieve comprehensive development and build an advanced civilisation in all fields without women having an effective role in political life through their participation in elections, nominations, and holding public positions in state institutions and at all levels.  Rather, civil society must have a political activity, whether by participating in the elections or the formative building of the executive authority or political parties.

Activating the role of women in political life, requires facilitating the process of women’s access to political positions, as well as their effective participation in the decision-making process, whether through their presence within the three authorities in the state or their presence among the leaders of political parties.

On the other hand, some obstacles stand in the way of women reaching the stage of effective participation in political life. Among these restrictions are those related to women and their economic and social status, including those related to the political institution and others related to society and its prevailing culture.

To allow women the opportunity to participate in political decision-making, a set of legislative and executive mechanisms and means must be available, which leads to a process of democratic transformation accompanied by respect for human rights, in addition to the existence of fair electoral laws. Among these means is the amendment of all national legislation to ensure the overthrow of  All forms of discrimination against women allow them to actively participate in political life, and perhaps the most important means to achieve this goal is the quota system, which is a kind of positive discrimination because it aims to compensate women for the discrimination and persecution they suffered during the previous periods, which leads to an increase in the participation rate  Women in constitutional institutions, especially legislative ones, in addition to the need for a women’s quota at the level of political parties to achieve a high percentage of women’s participation in parliaments. This system has also been applied in many countries, including Germany, Scandinavian countries and Iraq under the 2005 constitution, and it is also considered one of  The effective means of activating the role of women in decision-making to integrate international conventions against discrimination against women into national legislation and make them part of it, especially since most countries had signed these conventions and joined them. This is in addition to activating the role of civil society organizations in political training for women and spreading culture  The need for women’s political participation, especially in political decision-making.

Third: Research Methodology:

The analytical-critical approach was adopted in presenting the subject of the research by analyzing and criticizing the texts and political practices. We also followed the philosophical approach using comparative reflective analysis, which is one of the most essential tools of legal research. With these approaches together, the subject of the research was studied adequately and comprehensively.

Fourth: Research plan:

We followed the binary division in dividing the axes of this study by dividing it into two sections. The first is to study and identify the most important obstacles that impede the participation of women in political life, and the mechanisms and solutions that contribute to increasing women’s participation in political life. The second section will be devoted to studying the areas of women’s participation in political life.

Keywords: women’s political rights, women’s participation, political role, political decision

المبحث الاول: معوقات مشاركة المراءة في الحياة السياسية واليات معالجتها

من دلائل تقدم ورقي المجتمعات الحديثة هو مدى مساهمة المراءة في الحياة السياسية ولايقف الامر عند هذا الحد  بل يتعداه الى ان يكون دليل على التطور الثقافة السياسية لافراد المجتمع والتي بدورها تنعكس على مدى المشاركة  الديمقراطية في الحياة السياسية لكل افراد المجتمع  بشكل عام والنساء بشكل خاص, كما انه من الدلائل  على مدى المجتمع وتقدمه هو انساع مدى مشاركة المراءة  السياسية ةتبؤها للمناصب السياسية العليا في الدولة سواء نائبة على مستوى السلطة التشريعة ام وزيرة على مستوى السلطة التنفيذية او قاضية على مستوى السلطة القضائية اضافة الى كل الوظائف التنفيذية  العليا الاخرى التي تشغلها المراءة بعد التطور الذي طراء على مشاركة المراءة السياسية , ولن هذه المشاركة لاتكون دائما بالامر السهل اليسير بل انها اصطدمت بالعقبات والمعوقات التي حالت دون المشاركة الفعالة للمراءة في صنع القرار السياسي بالرغم من كونها تشكل نصف المجتمع ان لم تكن اكثر ولكن كان للمراءة دور مهم في السعي لايجاد الحلول والاليات المناسبة لتفعيل دورها السياسي لاسيما من خلال نشاطها على المستوين الدولي والوطني والذي اثمر بدوره عن ابرام المعاهدات الدولية التي تعني بحقوق المراءة السياسية وكذلك سن التشريعات الكفيلة بذلك على المستوى الوطني ,ولاجل معالجة المعوقات التي تعترض وتحول دون مشاركة المراءة في الحياة السياسيةالا انه توجد بالمقابل حلول واليات كفيلة بان توسع من نطاق مشاركة المراءة السياسية بما يعزز دورها في عملية صنع القرار  السياسي بوصفهامكون اساسي في المجتمع وهذه الحلول والاليات هي في الحقيقة تنوع بين ماهو حل تشريعي وحل دستوري واللذان يندرجان تحت عنوان تدخل كل من المشرع الدستوري تارة والمشرع العادي تارة اخرى من خلال تشرع القوانين العادية او تعديل القائم منها بما ينصب في تكريس المشاركة السياسية للمراءة وتعزيز مكانتها في العملية السياسية ولعل اهم هذه الحلول والاليات هو نظام التميز الايجابي او ما يعرف بنظام الكوتا التي قد تكون نسائية وهي موضوع دراستنا او قد تكون كوتا للاقليات , لذلك سوف نركز في هذا المبحث على ضرورة تحديد المعوقات التي تحول دون مشاركة المراءة في الحياة السياسية والتي ستكون ضمن نطاق البحث في المطلب الاول من هذا المبحث بينما سيكون المطلب الثاني لتوضيح الحلول والاليات التي تعزز مشاركة المراءة السياسية والذي سوف نركز فيه على موضوع التميز الايجابي.

المطلب الاول :المعوقات التي تحول دون مشاركة المراءة في الحياة السياسية

هناك العديد من المعوقات الحقيقة والمتنوعة التي تقف في طريق وصول المراءة الى ما ترنو اليه من مكانة في المجتمع لاسيما الحياة السياسية وقد تنوعت هذه المعوقات التي بين ماهو اجتماعي ويتصل بالموروث الاجتماعي واقتصادي  وبين ماهو ديني وسياسي وقانوني لذلك سوف نقسم هذا المطلب الى فرعين سنجعل الاول مخصص لتوضيح المعوقات الاجتماعية والدينية والاقتصادية اما الفرع الثاني سيكون مخصصا ومكرسا للمعوقات السياسية والقانونية

الفرع الاول : المعوقات الاجتماعية والاقتصادية

وتتجلى هذه المعوقات بذلك الارث التاريخي والثقافي الذي يتميز به المجتمع العربي بشكل خاص والذي نجد اساسه في السلطة الابوية داخل الاسرة وتقسيم العمل وتوزيع الادوار داخلها وايضا تلك العادات والتقاليد الاجتماعية التي تقوم على فكرة ان السلطة والدور الحقيقي للرجل دون المراءة الامر الذي ادى الى تفشي العنف ضد المراءة بكل اشكاله الامر الذي انعكس سلبا على وضعها في المجتمع ومكانتها مع غياب الدعم العائلي للمراءة وتشجيعها على الانضمام الى المنظمات والجمعيات التي تعنى بالمراءة ونشاطها , اضافة الى ان المراءة ذاتها لاتدرك  اهمية دورها السياسي نتيجة هذا الموروث الثقافي والاجتماعي  اضافة الى كونها دائمة الانشغال بامور الاسرة  والتزاماتها الامر الذي لم يترك لها من الوقت الكافي لتطوير نفسها في المجال السياسي, كذلك نجد غياب دور المؤسسات والمنظمات الحكومية و وغير الحكومية التي تعني بحقوق المراءة وخاصة المساواة وعدم التميز وممارسة  حقوقها السياسية  لاسيما ما نراه من غياب لدور هذه المؤسسات لاسيما في التثقيف والتنشئة السياسية للمراءة (فهمي ,2004,ص71)

ومن الجدير بالذكر ان المؤسسات  الجامعية وان كانت قد ساهمت في زيادة عدد الخريجات والمتعلمات لكن هذه الزيادة ماهي الا زيادة كمية لم ترتقي الى التغير الثقافي في وعي وادراك المراءة لاهمية دورها في المشاركة سواء في الحياة الاجتماعية او السياسية اي بمعنى ان هنا كان تغيير في الشكل وليس في المضمون لكون ماتم  تعلمه شي والسلوك في ارض الواقع شي اخر الامر الذي يعكس مدى عدم الملاءمة  بين الواقع  والثقافة  اي بمعنى انقطاع الصلة بينهم تماما (الغزالي,1990,ص31)

في الحقيقة المعوقات الاجتماعية ما هي الا تلك النابعة من الواقع الاجتماعي القائم على العادات والتقاليد الراسخة في ضمير الجماعة  والتي بدورها لا تستوعب القيم الجديدة الامر الذي يؤدي الى انعدام التطور والتقدم في اغلب جوانب الحياة  ان لم يكن كلها ومنها الجانب السياسي وتحديدا دور المراءة  في المشاركة السياسية اذ انه يضعف لدى المراءة روح العمل والابداع والتطوير وبالتالي تقل مشاركتها في العمل السياسي.

كذلك كان للوضع الاقتصادي  والذي يغلب عليه انتشار الفقر  واعتماد المراءة وبشكل اساسي وفي اغلب الاحيان على الرجل اقتصاديا, وكما المراءة في اغلب الاحيان لايمكنها الانفاق على حملتها الانتخابية مما يولد عزوف عن المشاركة في العمل السياسي  ايضا يعد من هذا القبيل من المعوقات هو التميز بين المراءة والرجل من حيث الاجور  المدفوعة لكل منهم وبهذا لايمكن  تجاهل تاثير العوامل الاقتصادية على التنشئة السياسية لجميع افراد الشعب السياسي وليس المراءة فقط لكونه لايعي معنى المشاركة السياسية واهميتها (العزاوي ,2011,ص163).

الفرع الثاني :المعوقات السياسية والقانونية

من بين المعوقات التي تقف حائل دون مشاركة المراءة السياسية تلك التي توصف بكونها سياسية والتي من ابرزها الظروف التي تجري فيها الانتخابات مثلا والتي تكون مشوبة بالعنف وشراء الاصوات والذمم  والمنافسة الانتخابية غير المشروعة  المبنية على  التسقيطالسياسي  للمرشحين وخصوصا  لبعض المرشحات  من النساء   من قبل الخصوم , اضافة الى غياب التشريعات القانونية  التي تنصف المراءة بحيث يشكل هذا الغياب عائق امام  مشاركة المراءة الفعالة في الحياة السياسية فهي  لاتحصل على حقوقها ليس فقط السياسية بل حتى المدنية نتيجة غياب قوانين الجنسية  وقانون العمل والاحوال الشخصية  لاسيما الزواج والطلاق والميراث كلها غير عادلة بالنسبة لحقوق المراءة المدنية , الا ان الامر لايقل سوء بالنسبة  لقانون الانتخاب  الذي يعني بتنظيم حق الانتخاب بوصفه الحق السياسي الاول ياتي في اغلب الاحيان غير منصف للمراءة في ممارسة حقوقها السياسية ,ومن ابرز ما تعاني منه مجتمعاتنا العربية هو الامية القانونية  اضافة الى غياب المناقشات القانونية  والحوارات والمنشورات التي تعمل على التثقيف القانوني والسياسي في مجتمعنا العربي ,(عبد الله ,2015,ص231).

وايضا من قبيل الموانع والمعوقات السياسية ما يتعلق ويدخل في نطاق سياسية الاحزاب السياسية خاصة وان اغلب الاحزاب السياسية تنتهج سياسة  مناهضة للمراءة  وحقوقها السياسية في الحقيقة وان كانت تنادي باهمية مشاركة المراءة السياسية  وضرورة تمتعها بحقوقها السياسية لكن هذا لايعد من اولويات الاحزاب  السياسية بل انها تستخدمه كدعاية او واجهة  خلال الانتخابات من خلال تضمين برامجها السياسية فقرات تصب في ضرورة تمتع المراءة بحقوقها السياسية وتعمل لاجل ذلك بتشكيل لجان حزبية  وخوضها انتخابات تشريعية مهمة .

كذلك يمكن اعتبار قلة الوعي السياسي لدى المراءة  ايضا من المعوقات  التي تحول دون المشاركة الفعالة فالمراءة في المجتمع لاتكون لها ثقة بنفسها غالبا في الدخول للمجال السياسي وكذلك عدم الثقة في ان تختار امراءة  تمثلها  لذلك لا تعطي صوتها ولا تنتخب امراءة وهذا بطبيعة الحال ناتج عن قلة الوعي وعدم القدرة على التعامل مع موضوع المشاركة السياسية للمراءة على انها قضية مهمة وذات اولوية بالنسبة لها وتهم المجتمع باسره وليس فرد واحد بل انها تنظر لها على انها موضوع فردي وقد يكون المراءة لاتملك رؤية محددة تساعدها في ان تصوغ قضايا النساء على انها قضايا المجتمع بشكل كامل وذلك يعزى الى ضعف العامل الثقافي والمعرفي لدى المراءة على الصعدين المدني والسياسي وهذا يعود الى العوامل الاجتماعية والاسرية والذاتية والدنية التي بدورها ساهمت في بناء شخصية المراءة العربية (عبد الخالق ,2013,ص186)

المطلب الثاني :المعالجات التي تساهم في زيادة مشاركة المراءة السياسية

لاتقتصر الاليات والمعالجات التي تساهم في تعزيز  مشاركة المراءة السياسية عند حد تشريع القوانين  المنظمة لحق الانتخاب فحسب او تلك  التشريعات  والقوانين الكفلية بوضع المعاهدات والاتفاقيات الدولية الداعمة لحقوق المراءة المدنية والسياسية  والناهضة للتميز ضد المراءة  في موضع التطبيق , او ما يصدر من الجمعية العامة للامم المتحدة من تقارير دورية بشان التمكين السياسي للمراءة , لكن يبقى نظام التميز الايجابي هو الاسلوب الاكثر اتباعا من قبل التشريعات الدستورية على تحقيق مشاركة فعلية للمراءة في الحياة السياسية كما انه يتسم بانه الاوسع انتشارا على مستوى العالم والاكثر فعالية في النهوض  بالمراءة سياسيا ومساعدتها في الوصول الى مراكز القرار  وان يكون لها دور مهم وفعال وهذا ما سنحاول بيانه في هذا المطلب من خلال فرعين  الاول سوف نحدد من خلاله مفهوم نظام التميز الايجابي في حين الفرع الثاني سيكون لتوضيح انواع التميز الايجابي ودوره في الحياة السياسية  للمراءة

الفرع الاول : مفهوم نظام التميز الايجابي

يراد بهذا النظام هو تخصيص حصة من المقاعد النيابية في المجالس التشريعية او المحلية  او على مستوى السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء لفئة معينة من فئات المجتمع لاجل ضمان حد ادنى من التمثيل لهم وهذا الاسلوب عادة ما يستخدم  من اجل ضمان تمثيل نيابي لفئات معينة التي تكون اقل مشاركة في الحياة السياسية بوجه عام والنيابية بوجه خاص مثل فئة النساء  او الاقليات او الاثنين  من  اجل تمكينهم  من المشاركة السياسية من خلال اتاحة الفرصة  لهم بضمان تمثيلهم ضمن المجالس التشريعية (عبد الرحمن ,2010,ص400).

ان جذور هذا النظام تعود الى الولايات المتحدة الامريكية عندما تم استخدامه من اجل رفع الحيف عن بعض الاقليات التي عانت من التميز العنصري بما يكفل تحقيق المساواة الحقيقية او الفعلية بعد ان باتت المساواة القانونية غير كافية  حيث كان التميز الايجابي كنظام ضمن البرنامج الانتخابي لروؤساء الولايات المتحدة الامريكية بدا من الرئيس جون كندي الذي اطلق هذا النظام عام 1961 ثم الرئيس جونسون ضمن برنامجه الذي كان يتضمن مجموعة من الاجراءات التي تهدف الى معالجة مشاكل اجتماعية جمة منها الفقر والبطالة حتى اخذ بنظام الكوتا المخصصة للاقليات والمتضمنة تخصيص مقاعد للطلاب المقبولين  والمنتمين لتلك الاقليات المضطهدة ثم بعدها اخذت الكوتا تدخل في نطاقات اخرى اكثر لاسيما ضمان مقاعد نيابية للنساء في المجالس التشريعية ليطلق عليها بالكوتا النسائية  التي تشجع المراءة على الخوض في غمار العمل السياسي(شكري,2002,ص106)

ولاجل تفعيل مشاركة المراءة السياسية من خلال نظام الكوتا او مايعرف بالتميز الايجابي او التشريع الايجابي  يتطلب الامر ان يكون النظام الحزبي في الدولة قائم على اساس تخصيص عدد من المقاعد ضمن مستويات التنظيم داخل كل حزب سياسي وصولا الى مواقع القرار داخل الحزب مما يسمح بخلق وضع مؤثر للمراءة في الحياة السياسية هذا من جانب اما من الجانب الاخر فهو بمثابة تعزيز للثقة المجتمعية بأمكانية المراءة  لتؤدي دورها في الحياة السياسية لاسيما من خلال الاشتراك الفعال في عضوية المجالس التشريعية والمحلية وكذلك الوصول الى مواقع قيادية ضمن السلطة التنفيذية اضافة الى مواقع صنع القرار السياسي ضمن التنظيم السياسي للدولة كذلك ضرورة ان يكون تناسب واضح بين دور المراءة المؤثر في الحياة السياسية وبين ماتمثله من كثافة سكانية بما يحقق المساواة الحقيقة الواقعية وليس مجرد مساواة قانونية (الباز,2002،ص15)

وبهذا نجد ان الكوتا او التميز الايجابي ماهو الا الالية التي تزيل كافة العوائق التي تفرض المشاركة الفعالة للمراءة في الحياة السياسية وهي عبارة عن عملية مركبة قانونية و مؤسساتية تهدف الى حل مشكلة عدم المساواة التي تعاني منها المراءة وضمان الفرصة المناسبة لها والمتكافئة مع الرجل  في مجال المشاركة السياسية .

الفرع الثاني :انواع التميز الايجابي ودوره في الحياة السياسية للمراءة

لعل مرد التميز الايجابي يكمن في الاساس الدولي والدستوري فالاول يتمثل بالمواثيق الدولية والمعاهدات الدولية منها والاقليمية  والتي تعني بهذا الموضوع  وخاصة تلك التي دخلت حيز النفاذ وباتت جزء من النظام القانوني للدولة , لذا جاء  في الاعلان العالمي لخقوق الانسان لعام 1948  في المادة (20) منه على ضرورة ضمان المساواة في مباشرة  الحقوق السياسية لكل من الرجل والمراءة  ايا كان النظام الديمقراطي  المطبق في الدولة مباشر ام شبه مباشر او ديمقراطي تمثيلي , وسواء كان ذلك على مستوى البرلمان ام على مستوى تقلد الوظائف العليا في الدولة او قد يتعلق الامر بحقي الاقتراع او الترشيح, ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تعداه الى صدور اتفاقية الحقوق السياسية للمراءة والتي اكدت على حق النساء بان يتقلدن المناصب  السيادية  العليا في الدولة كذلك جميع المناصب  والوظائف  العامة في الدولة بموجب التشريعات الوطنية  على قدم المساواة مع الرجل دون اي تميز بينهم , ولقد صدرت العديد من الاتفاقيات الدولية بهذا الصدد لاسيما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة1966 والذي نص في المادة (3) منه على ضرورة حظر كل انواع التميز بينهم ولاي سبب كان ,(ابو هيف, 1986,ص254) .

بلحاظ هذه المواثيق والمعاهدات  الدولية رغم صدورها الا انها لم تحقق الهدف المنشود  من ذلك  الاوهو تحقيق  المساواة المنشودة بين الرجل والمراءة في المجال السياسي  الامر الذي دعى الامم المتحدة الى عقد العديد من المؤتمرات الدولية  حول الموضوع والذي ادى الى تبني فكرة  التميز الايجابي او نظام الكوتا  ولعل من ابرز هذه المؤتمرات  مؤتمر مكسيكو ستي 1975 والذي ادى الى ابرام اتفاقية  القضاء على جميع اشكال التميز ضد المراءة  وقد اشارت هذه الاتفاقية الى نظام الكوتا  بشكل ضمني تحت تسمية تدابير خاصة مؤقته لتفعل المشاركة السياسية للمراءة , ثم جاء مؤتمر كوبنهاكن في دولة الدنمارك  والذي دعا الى ضرورة  الغاء كل اشكال التميز ضد المراءة  مع ضرورة ان تتبنى الدساتير الوطنية المساواة بين الرجل والمراءة , ثم توالت المؤتمرات الدولية بهذا الصدد نيروبي 1985 وبكين 1995 والذي كان من اهم مقرراته ان من اهم دواعي تحقيق السلم والمساواة والتنمية هو ان يكون للمراءة مشاركة سياسية على كل المستويات  التشريعية والتنفيذية  في الدولة  ولعل اهم مقرر هو ماتضمن حث الدول على تضمين قوانينها  ودساتيرها نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن 30% في العملية السياسية وعملية صنع القرار السياسي ( ابو فارس,2000,ص123)

اما انواع التميز الايجابي او الكوتا فانهال اتخرج عن كونها اما

-نظام التميز الايجابي الدستوري : والذي يراد به ان ينص المشرع الدستوري ضمن نصوص الدستور على تحديد نسبة تمثيل النساء ضمن مقاعد البرلمان و قد اخذت العديد من الدول  بهذا النظام منها العراق في دساتير 2004 و2005 وايضا فرنسا في دستورها  لسنة 1958 ودستور الفلبين لسنة1987.

– نظام التميز الايجابي  القانوني : وهو الذي ينص عليه في  القانون من قبل المشرع  العادي  اذ ينص على تخصيص نسبة او عدد من المقاعد في البرلمان للنساء , ضمن قوانين الانتخابات  او قوانين الاحزاب السياسية  وقد اخذت  بهذا النوع من العديد من الدول تقريبا بلغ عددها 32 دولة  اغلبها تقع في امريكا اللاتينية

– نظام التميز الايجابي الحزبي : وهو الذي يتم تبنيه من قبل الاحزاب السياسية وبشكل  اختياري اذ يتم  ترشيح نسبة  او عددمن النساء ضمن القائمة  الخاصة بالحزب او يتم الترشيح وفقا لنص دستوري او قانوني  وهنا تاتي  الدول الاسكندنافية  في مقدمة  الدول التي تاخذ بهذا النظام حيث تلتزم الاحزاب السياسية بترشيح نسبة النصف من النساء ضمن قوائمها وهو التزام اختياري من الحزب كما هو في دولة  النرويج وقد يكون  الترشيح للنساء من الحزب السياسي وفقا والتزاما بنص قانوني  كما في السويد وبريطانيا واسبانيا وبلجيكا وسويسرا (النداوي, 2010,ص12).

المبحث الثاني :مجالات مشاركة المراءة في الحياة السياسية

قنوات مشاركة المراءة السياسية من المواضيع المهمة التي تحظى بدرجة  عالية من الاهتمام لكل من الراي العام والجهات السياسية كونه دليل على مدى تمكين المراءة سياسيا من خلال جعلها تمتلك القوة والامكانيات حتى تكون لها وجود فعال في الحياة السياسية من خلال خضورها ومشاركتها الفعالة على جميع الاصعدة والانشطة السياسية  الامر الذي يساعدها في ان تصل الى مراكز صنع القرار السياسي مما يجعلها اكثر قوة وقدرة في الدفاع عن قضايا المراءة لاسيما من خلال المساهمة في العملية التشريعية بتشريع التشريعات التي تهم قضايا المراءة بشكل خاص او على مستوى السلطة التنفيذية او حتى على مستوى السلطة القضائية بكل تشكيلاته, وهذا ما سنحاول بيانه والتطرق اليه في مطلبين اثنين الاول سنجعله لبيان مساهمة المراءة في تكوين السلطة التشريعية في حين المطلب الثاني سنوضح من خلاله مساهمة المراءة في تكوين السلطة التنفيذية:

المطلب الاول :مساهمة المراءة في تكوين السلطة التشريعية

تتأثر المشاركة السياسية للمراءة بعدة عوامل مهمة لعل اهمها النظام الانتخابي والذي بدوره يتباين بين التمثيل النسبي او نظام الاغلبية , اذ يحقق نظام التمثيل النسبي مشاركة سياسية مرتفعة قياسا بنظام الاغلبية او النظام المختلط , كما ان نظام الاقتراع العام يحقق مشاركة سياسية للمراءة اكثر من نظام الاقتراع المقيد الذي يتضمن جملة شروط وقيود التي تؤدي الى تقيد مشاركة المراءة السياسية  بكل مجالاته وهذا ما سنحاول بيانه في هذا المطلب من خلال تقسيمة الى فرعين الاول سنبين فيه مساهمة المراءة في تكوين البرلمان العراقي وفقا للدستور العراقي لسنة 2005 في حين الفرع الثاني سنوضح من خلاله مساهمة المراءة في تكوين السلطة التشريعية في دول المقارنة:

الفرع الاول: مساهمة المراءة في تكوين البرلمان العراقي

تعود جذور المشاركة السياسية للمراءة العراقية لاسيما في تكوين السلطة التشريعية الى الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 1980 من اجل انتخاب اعضاء المجلس الوطني العراقي والذي كان يمثل السلطة التشريعية في ظل دستور 1970 وذلك من خلال منح المراءة حق الانتخاب والترشيح , ولكن من الملاحظ على هذه المشاركة انها كانت ضعيفة ولا ترتقي الى مستوى الطموح اذ كانت نسبة تمثيل النساء في السلطة التشريعية  في ظل هذه الانتخابات هو تسعة مقاعد كانت قد شغلتها المراءة , ثم بعد ذلك حصلت على ثلاث وثلاثين مقعد في انتخابات 1984 وكانت هي اعلى نسبة من المقاعد التي حصلت عليها المراءة ,اما عن انتخابات 2000 حيث حصلت المراءة على عشرون مقعد اما على مستوى المشاركة السياسية في قيادات الاحزاب السياسية فقد كانت محددة جدا بسبب اتباع نظام الحزب الواحد اذ بلغت 5.4% فقط(الحسن,2004,ص25).

اما حجم المشاركة السياسية للمراءة ومدى تمثيلها في السلطة التشريعية  للفترة مابعد احداث عام 2003 والتي شهدت صدور وثيقتين دستوريتين هما قانون ادارة الدولة العام 2004 ودستور عام 2005 وكلا الدستورين كانا قد اقرا بالحقوق السياسية للمراءة وحقها بالمشاركة السياسية , وكانت قد شهدت تقدما كبير  وملحوظ في نسبة  تمثيل النساء على مستوى البرلمان وعدد المقاعد البرلمانية التي حصلت عليها والتي تقدر بنسبة 33% من عدد مقاعد البرلمان وهي تشكل اكثر نسبة مشاركة للمراءة على مستوى تاريخ العراق وكذلك على مستوى المنطقة العربية, حيث كانت عدد مقاعد المراءة في الجمعية الوطنية 78 مقعد من اصل 275 مقعد , اما في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ظل نفاذ دستور 2005 كانت نسبة مشاركة المراءة العراقية متقدمة نوعا ما اكثر من باقي الدساتير التي تعاقبت على العراق  فقد سجلت المراءة نسبة مشاركة عالية ومتقدمة حيث حصلت المراءة على عدد مقاعد اعلى بكثير من الانتخابات السابقة  ففي انتخابات 2010 حصلت على نسبة 75% من مقاعد البرلمان وفي انتخابات عام 2014 ايض كانت النسبة 75% واخر انتخابات تشريعية التي حصلت في عام 2020 كان عدد المقاعد التي حصلت عليها المراءة تقدر 82 مقعد من اصل 329 مقعد  وهذا بحد ذاته يعد تقدم ملحوظ ومهم على مستوى مشاركة المراءة على المستوى التشريعي والعمل البرلماني ولعل مرد ذلك كله يعود الى نظام التميز الايجابي  الكوتا الذي نص عليه الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة (49/رابعا:يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من عدد اعضاء مجلس النواب).

 

ولقد جاء في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي   رقم 9لسنة 2020 في (المادة 14:يشترط عند تقديم القائمة المفتوحة  ان يراعى تسلسل النساء بنسبة امراءة بعد كل ثلاثة رجال) وكذلك المادة 16 والتي جاء فيها (تكون نسبة تمثيل النساء بما لايقل  عن 25% من عدد اعضاء مجلس النواب ).

وبهذا كان كل من المشرع الدستوري والعادي قد اخذ بنظام التميز الايجابي  الكوتا لاجل ضمان المشاركة  الفعالة للمراءة  العراقية على المستوى السلطة التشريعية  ومن الجدير بالذكر  هو ملاحظة ان نظام التميز الايجابي كان له اهمية كبيرة في ان تحصل المراءة العراقية على هذا التمثيل في السلطة التشريعية.

الفرع الثاني :مساهمة المراءة في تكوين السلطة التشريعية في دول المقارنة

تكمن اهمية مشاركة المراءة السياسية بكونها حق من حقوق المراءة السياسية  وان توسيع قاعدة التمثيل السياسي لجميع افراد الشعب السياسي وخاصة النساء  سوف تساعد على توسيع قاعدة الشرعية  بحيث يكون للمراءة فرصة متكافئة  مع الرجل  في تحديد شكل النظام السياسي للدولة (الباز:2006,ص15)

ولكن  هذا التكافئ  في الفرص بين الرجل والمراءة لم يكن على درجة واحدة في  في جميع الدول  لذلك نجد ان نسبة مساهمة المراءة  في مقاعد السلطة التشريعية  متباينة من دولة الى اخرى  ومن فترة الى اخرى ,فمثلا  الجزائر كانت قد اخذت  بنظام التميز الايجابي  الدستوري  وذلك في التعديل الدستوري لسنة 2008 والذي اكد بدوره على ضمان توسيع مشاركة المراءة  في الحياة السياسية  من خلال مضاعفة حظوظها في المجالس المنتخبة بما يعكس مكانتها الحقيقية  في المجتمع ,  وايضا تم تضمين هذا المبدا والنظام في القانون العضوي  رقم 12-3 لسنة 2012 والمعدل لسنة 2016 وقد تم تطبيقه في الانتخابات  التشريعية   والمحلية , والذي اشترط على الاحزاب السياسية ان تخصص نسبة 30%من القوائم  الانتخابية للنساء  والذي ادى الى نتائج انتخابية لاسيما في انتخابات 2017 حيث كانت عدد المقاعد التي حصلت عليها النساء 46 مقعد في المجلس الشعب الوطني من اصل 406 مقعد(رزيق,2017,ص358).

اما الوضع في الاردن نجد ان الدستور الاردني يضمن للمراءة حقوقها السياسية على قدم المساواة مع الرجل حيث يضمن للمراءة  حقها بالتصويت  والترشيح سواء على مستوى الانتخابات التشريعية او المجالس المحلية ,وايضا بذات الاتجاه نجد ان المشرع العادي كان قد اخذ بنظام التميز الايجابي  وذلك من خلال تخصيص  عدد محدد من المقاعد في البرلمان للنساء ضمن العدد الكلي لمقاعد السلطة التشريعية  وذلك بتخصيص ستة مقاعد من اصل 110 مقاعد البرلمان الاردني , ولكن من الجدير بالملاحظة انه رغم وجود نظام التميز الايجابي الا ان المراءة الاردنية لم تحقق مشاركة سياسية فعالة على مستوى السلطة التشريعية  وهذا يعود الى جملة معوقات التي تعترض ذلك ولعل ابرزها الموروث الاجتماعي الذي يسيطر على المجتمع حيث كانت عدد المقاعد التي حصلت عليها المراءة في الانتخابات التشريعية لايتجاوز المقعد الواحد  في احسن الاحوال كونها لا تحصل على الاصوات اللازمة للحصول على المقعد النيابي وبهذا يقف دورها عند مرحلة الترشيح فحسب  .(الغزالي ,1990,ص25).

المطلب الثاني :مساهمة المراءة في تكوين السلطة التنفيذية

ان تحقيق مشاركة اكبر للنساء في كافة مفاصل السلطة التنفيذية سواء على مستوى الوزرات لاسيما الخارجية او الدفاع وقيادة القوات المسلحة  او التعليم او الصحة  ولعل مرد ذلك الى زيادة الحركات والمنظمات التي نشأت على مستوى عالمي  والتي بدورها ساهمت في نمو الوعي للمراءة وامكانياتها السياسية  وتطوير القضايا التي من شأ نها ان تدفع المراءة الى خوض غمارها ايضا تنامي الوعي السياسي داخل الاحزاب السياسية لاجل التخفيف من تلك القيود المفروضة  على دخول المراءة الى عالم السياسية  لاسيما من خلال افساح المجال امامها لتولي  الوظائف العامة  وتعديل القوانين والانظمة واللوائح الانتخابية  والاخذ بنظام التميز الايجابي حتى في نطاق تولي الوظائف التنفيذية لذلك سوف نحاول في هذا المطلب  ان نوضح مدى مساهمة المراءة في تكوين السلطة التنفيذية في كل من العراق ودول المقارنة في فرعين لكل منهم فرع منفصل الاول سيكون لبحث دور المراءة في تكوين السلطة التنفيذية في العراق ,اما الفرع الثاني سيكون لبحث دور المراءة في تكوين السلطة التنفيذية في دول المقارنة :

الفرع الاول :المشاركة السياسية للمراءة في تكوين السلطة التنفيذية في العراق

لقد جاءت نصوص الدساتير العراقية  المتعاقبة على النص على المساواة بين الرجل والمراءة وعلى تكافؤ الفرص ولكنها لم تشهد مشاركة فعلية في تولي  الوظائف التنفيذية العليا على مستوى عالي ,بعد الاحداث السياسية في عام 2003  وتشكيل مجلس الحكم كان يدمن بين اعضائه  البالغين خمس وعشرون ثلاث نساء  وايضا كان للمراءة نصيب في التشكيلة الوزارية للحكومة الانتقالية  في حينها  اربع وزيرات من اصل التشكيلة التي تضم 31 وزير ,اما في ظل قانون ادارة الدولة لسنة2004 فقد حصلت المراءة على اربع حقائب وزارية اضافة الى مساهمتها في عضوية لجان  الفرعية لكتابة الدستور العراقي لسنة 2005 اذ بلغ عدد النساء المساهمات في كتابة الدستور تسع نساء من اصل خمس وخمسون  عضوا توزعوا على ستة لجان فرعية , اما مشاركة المراءة في التشكيلة الوزارية للحكومة الانتقالية الثانية فقد بلغت ستة حقائب وزارية من اصل 36 خقيبةدون ان يكون من بينها اي منصب سيادي عالي اما الحكومة التي تشكلت في عام 2006 فقد كان عدد الحقائب المخصصة للنساء قد بلغ خمس حقائب وزارية في حين الحكومة التي تشكلت عام 2010 كانت تضم ثلاث نساء ضمن التشكيلة اما الحكومة التي تشكلت عام2014ضمت وزيرتين فقط ,في حين  التشكيلة الوزارية  لعام 2018 فقد ضمت وزيرتين ايضا فقط اما الحكومة التي تشكلت عام 2019 فقد ضمت بين وزراها  وزيرة واحدة فقط بينما الحكومة الحالية فهي تضم ثلاث وزيرات فقط , من الجدير بالذكر ان دور المراءة في مجال السلطة التنفيذية لم يقف عند  هذا الحد  بل تعداه الى ترشيح الى منصب رئاسة الجمهورية وهذا ما حدث خلال الدورات البرلمانية السابقة  واخرها انتخاب رئيس الجمهورية في عام 2022اذ شهدت مرحلة الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ترشح نساء لهذا المنصب  ولكن دون ان تحصل اي منهم على الاغلبية المطلوبة للفوز بالمنصب .

الفرع الثاني : مشاركة المراءة في تكوين السلطة التنفيذية في دول المقارنة

ان وجود المراءة في التشكيلات الوزارية امر في غاية الاهمية  لما يعطي  دليل على اهمية مشاركة المراءة في الحياة السياسية  اضافة الى ضرورة  استيعاب فكرة وجود المراءة  ضمن المناصب العليا في الدولة  وتغيير الافكار الراسخة في المجتمع عن محدودية دور النساء في مجال السياسية العامة للدولة , ولقد تزايد الاهتمام بمشاركة المراءة في السلطة التنفيذية من خلال المشاركة بالحكومة  او شغل المناصب العليا في الدولة وغيرها من المناصب صنع القرار السياسي ولكن هناك تباين في نسبة شغل النساء للمناصب التنفيذية بين الدول فمثلا نجد مصر قد شهدتالحكومات المتتالية نسبة تمثيل للنساء  على ما يبدو انه في تطور وتزايد اذ بعض الحكومات تضمنت اربع حقائب وزارية في حين اخرى تضمنت ستة حقائب واخرى ثمان حقائب وزارية (بيبرس,2014,ص22).

اما الوضع في دول المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب نجد ان نسبة مشاركة المراءة  في السلطة التنفيذية  وشغل المناصب  التنفيذية العليا قليل جدا لايتجاوز حقيبة وزارية واحدة  في احسن الاخوال , في حين الوضع مختلف تماما في موريتانيا التي توصف بكونها الدولة الاكثر مشاركة للمراءة  في التشكيلات الوزارية  من خلال توليها الحقائب الوزارية  لوزارات التعليم والبيئة والصحة والتضامن الاجتماعي , ومن الجدير بالملاحظة ان   شغل النساء للحقائب الوزارية لايكون على اساس من الكفاءة  والمؤهلات  بقدر ما يكون على اساس  الانتماء السياسي للمراءة اي بمعنى يكونوا من قوى واحزاب سياسية موالية للحكومة ( ابو رغدة ,2012،ص12)

 

الخاتمة :

بعد الانتهاء من دراستنا كنا قد توصلنا الى جملة من الاستنتاجات و التوصيات على النحو التالي :

 

اولا : الاستنتاجات

1-هناك جملة من المعوقات المتنوعة التي تحول دون مشاركة المراءة الفعالة في الحياة السياسية ولعل مردها اولا الى البيئة الاجتماعية العربية والى الموروث الثقافي والاجتماعي والعادات والتقاليد الاجتماعية  التي  تنائ بالمراءة عن ممارسة دورها السياسي الفعال .

2-ضعف دور المؤسسات الحكومية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني  في التوعية باهمية دور المراءة في المجتمع بشكل عام والحياة السياسية بشكل خاص الامر الذي ادى الى نتائج سلبية  اضافة الى محدودية دور الاحزاب السياسية في التثقيف لاهمية دور المراءة السياسي .

3- اهمية مشاركة المراءة  في العمل السياسي  حيث يؤدي الى مشاركة فعالة في الراي العام وكذلك ايضا تكون في حالة تفهم لمطالب الافراد لاسيما من النساء .

4-وجدنا ان مشاركة المراءة في الحياة السياسية اصبح اكثر اهمية وجدوى واتساع بع اقرار نظام التميز الايجابي  سواء من قبل المشرع العادي او الدستوري .

 

ثانيا : الاستنتاجات :

1-الاهتمام بالتثقيف السياسي باهمية دور المراءة في مجال الحياة السياسية وصنع القرار السياسي  من خلال الندوات والحلقات النقاشية والمؤتمرات التي تهتم بقضايا المراءة  مما يؤدي الى خلق جيل واعي باهمية المشاركة السياسية للمراءة خصوصا للنساء انفسهن .

2-ضرورة دمج الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي تتعلق بحقوق المراءة وجعلها ضمن النظام القانوني للدولة  من قبل المشرع الغادي .

3-نشر ثقافة المساواة وعدم التميز بين الرجل والمراءة  وتقبل  الطرف الاخر رغم الاختلاف في الراي والتوجهات  وقبول التعددية والتنوع الاجتماعي الذي بات من الامور المهمة والموجودة في اغلب المجتمعات .

4-تفعيل نظام التميز الايجابي بشكل يجعل منه اداة فعالة لتطوير مشاركة المراءة السياسية  في كل مجالات الحياة .

المصادر :

  1. فهمي ,محمد سيد .2004.المشاركة الاجتماعية السياسية للمراءة في العالم الثالث , الاسكندرية,المكتب الجامعي.
  2. الغزالي .محمد ,1990 قضايا المراءة بين التقاليد الراكدة والوافدة ,ط1,دار الشروق.
  3. العزاوي .وصال نجيب ,2011 ,المراءة العربية والتغير السياسي , الاردن ,دار اسامة .
  4. عبد الله ,بدرية صالح.2015, الدور السياسي للمراءة في العراق  بعد عام 2003, بغداد , مركز الدراسات الاستراتيجية  والدولية .
  5. عبد الخالق,طيف مكي ,2013,السلوك السياسي للمراءة العراقية بعد عام 2003 ,بغداد.
  6. عبد الرحمن ,عاطف سلمان ,ن 2010,ظام التميز الايجابي في الميزان , القاهرة , دار النهضة العربية .
  7. شكري ,شيرين ,2002 ,المراءة والجندر والتميز الثقافي والاجتماعي , بيروت , دار الفكر العربي .
  8. الباز , داود ,2002,حق المشاركة في الحياة السياسية , القاهرة , دار النهضة العربية .
  9. ابو هيف ,علي صادق ,1986,القانون الدولي العام ,القاهرة دار النهضة .
  10. ابو فارس ,محمد عبد القادر , 2000 حقوق المراءة المدنية والسياسية , الاردن , دار الفرقان للنشر والتوزيع .
  11. الندواي , نهلة ,2010 ,الاداء البرلماني للمراءة العراقية , بغداد .
  12. الحسن ,سندس عباس ,2004,المشاركة السياسية للنساء في العراق الفرص والتحديات , بغداد , العراق .
  13. بيبرس ,ايمان ,2014, المشاركة السياسية للمراءة في الوطن العربي , القاهرة .
  14. ابو رغدة , وحيدة , 2012, المشاركة السياسية والتمكين السياسي للمراءة العربية ,الجزائر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *