نوفمبر 23, 2024 4:14 ص
المعاهدت

صالحة عبد الله المقرحي

عضو هيئة تدريس بدرجة محاضر

كلية القانون/ قسم القانون الدولي

جامعة الزاوية

Ahmedkhiri12@gmail/.com

00212603077385

الملخص:

تهتم هذه الدراسة بموضوع مهم وهو نفاذ المعاهدات في الأنظمة الداخلية كونها تعد المصدر الأول والأهم للقانون الدولي، فهي تحتل مكانة مهمة تتميز بها، ولذا وجب البحث في العلاقة بينها وبين التشريعات والقوانين الداخلية وفي الكيفية التي تنفذ بها، كل ذلك كان من خلال التركيز على إشكالية مهمة تتمثل في معرفة الكيفية التي تنفذ بها المعاهدة في النظام القانوني الداخلي، ومعرفة قيمتها القانونية، وذلك من خلال اتباع المنهج الوصفي التحليلي لبيان مكانة المعاهدات في الهرم القانوني الداخلي، وقد توصلت الدراسة لعدد من النتائج أهمها اختلاف مواقف الدول حول نفاذ المعاهدات الدولية في أنظمتها الداخلية، كذلك اتجاه القضاء والعمل الدولي الحديث إلى منح الأولوية للمعاهدات الدولية على حساب تطبيق القواعد القانونية الداخلية، وتوصلت هذه الدراسة إلى عدد من التوصيات أهمها ضرورة إيجاد صيغة تكون في منتهى الفاعلية تتعلق بالمعاهدات الدولية تُدْرج ضمن مواد الدستور الوطني لأي دولة، وذلك بالنص صراحة على القيمة القانونية والإجراءات اللازمة لجعلها نافذة في أنظمة الدول الداخلية.

الكلمات المفتاحية: القانون الدولي- القانون الداخلي- المعاهدات – التصديق – النفاذ

Implementation of treaties in internal regulations

Salha Abduallah Almaqrahi

Lecturer

Faculty of Law/Department of International Law

Al-Zawiya University

 

Abstract:-         

This study is concerned with an important topic, which is the enforcement of treaties in the internal system, as they are the first and most important source of international law. And it has a very important position, therefore, it is necessary to investigate the relationship between it and the legal legislation and internal laws, and how it will be implemented, all this was by focusing on an important problem and knowing its legal value, by following the descriptive analytical approach to show the status of treaties in the internal legal hierarchy, and the study reached several results, the most important of which are the different positions of countries on the enforcement of international treaties in their internal systems And the tendency of the judiciary and modern international action to give priority to international treaties at the expense of internal legal rules, and this study reached several recommendations, the necessity of finding a formula that is most effective related to international treaties to be included in the articles of the national constitution of any country, by expressly stating the legal value and the procedures necessary to make them enforceable in the internal systems of countries.

Keywords: international law, domestic law, treaties, ratification, enforcement

المقدمة

تشعبت العلاقات الدولية بين الدول تطورت بصورة كبيرة، ونتج عن ذلك أن كثيرا من الموضوعات التي كانت تعد من صميم موضوعات القانون الداخلي أصبحت تعالج عن طريق المعاهدات الدولية وهذا أدى الى زيادة التقارب والتداخل بين القانونين الدولي والداخلي وصعوبة تحديد العلاقة بينهما بين الوحدة والازدواج ويعد موضوع نفاذ المعاهدات في المجال الداخلي من أكثر المسائل صلة بواقع الحياة الدولية والحياة الداخلية على حد السواء ويتنازعه اعتبارات عملية متباينة.

فإذا كان من المسلم به أن المعاهدات تدخل مرحلة النفاذ في مجال العلاقات الدولية بمجرد تمام مراحل ابرامها لتصبح بذلك مصدراً للالتزامات الدولية المترتبة على عاتق كلٍ من أطرافها، فثمة خلاف حول وضع المعاهدة داخل إطار النظم الداخلية للدول الأطراف، ومدى تمتعها بذاتها ودون ما حاجة الى أي إجراء آخر داخلي يتم بمقتضاه إدماجها في النظام القانوني الداخلي بوصف المصدر لقواعد القانون الداخلي للدولة المتعاقدة، وحل هذا الخلاف مرجع الفصل فيه الى دستورها وما يمنحه من قيمة قانونية للمعاهدة وما إذا كانت بذاتها نافذة في نظامها الداخلي أم هي بحاجة الى إجراء آخر.

الأهمية العلمية: يعد موضوع نفاذ المعاهدات في الأنظمة الداخلية من المواضيع المهمة وتكمن أهمية الدراسة في المكانة التي تتميز بها المعاهدات كونها المصدر الأول والأهم للقانون الدولي ولكونها أيضا أصبحت تنظم العديد من الموضوعات التي تمس مسائل داخلية في الدول كانت تعد من ضمن النطاق المحفوظ لها، ولذا وجب البحث في العلاقة بينها وبين التشريعات والقوانين الداخلية وفي الكيفية التي تنفذ بها الى مجال التطبيق في النظام القانون الداخلي للدول.

نطاق البحث: تنطلق حدود هذا البحث من نقطة أساسية ألا وهي تحديد العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي وأيهما يسمو على الآخر فيكون الأولى بالتطبيق وصولا الي الكيفية التي تعاملت بها دساتير الدول في تنفيذ التزاماتها الدولية ممثلة في إنفاذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية ضمن نظامها القانوني الداخلي وصولا الى بحث الإشكاليات التي يثيرها تطبيق المعاهدات داخل الدول.

إشكالية البحث: تتمثل الإشكالية في الإجابة عن التساؤلات التالية: ماهي الكيفية التي تنفذ بها المعاهدة في النظام القانوني الداخلي وماهي القيمة القانونية لهذه المعاهدة ضمن تشريعات الدول الداخلية وماهي الإشكاليات التي يثيرها هذا النفاذ؟

منهج البحث: أتبعنا في دراسة إشكالية البحث المنهج الوصفي التحليلي لتحديد العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي ولبيان مكانة المعاهدات في الهرم القانوني الداخلي.

خطة البحث: ونظرا للأهمية التي يتسم بها هذا الموضوع سنحاول إلقاء الضوء عليه وسوف نتناوله بالدراسة في مبحثين، نناقش في المبحث الأول العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، في مطلبين، ونناقش في المبحث الثاني نفاذ المعاهدات في إطار النظام الداخلي للدولة في مطلبين لبيان حالات النص وعدم النص وما يثيره من إشكاليات. ونختمه بخلاصة ما توصلنا له نتائج.

المبحث الأول

 العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي.

إن تحديد طبيعة العلاقة بين القانونين الدولي والداخلي كان ومازال محل جدل بين الفقهاء، إذ لايزال الانقسام بينهم واضحا حول العلاقة بين القانونين، ولا يقف الامر عند حد الخلاف الفقهي بل إن الواقع يؤكد أن الحكومات والمحاكم تتأثر كثيراً في مواقفها العملية بالفلسفات الرئيسية السائدة بخصوص هذا الموضوع (الجدار،سعيد، 1999، صفحة 7)والحقيقة أن هذه المسألة يتنازعها حلين، الأول يقضي بأن القانونين يمثلان نظامان مستقلين، ومنفصلين يتميز إحداهما عن الاخر وهو مذهب الثنائية، والثاني يقضي بأن أحدهما مرتبط بالآخر بحيث يكونان كتلة قانونية واحدة وهو ما يعرف بمذهب الوحدة، وسوف نتناول بالدراسة مذهب الثنائية في المطلب الأول ومذهب الوحدة في المطلب الثاني.

المطلب الأول: مذهب ثنائية القانون.

أن مذهب الثنائية يقوم على أساس اعتبار أن القانون الدولي قانون تنسيق لا يقوم إلا على رضاء الدول، ويتزعم هذا المذهب الألماني تريبيل، والفقيه الايطالي أنزيلوتي وهما يذهبان الى أن القانونيين ينظمان علاقات اجتماعية مختلفة (شرون،حسينة، 2007، صفحة 159)ويرى أنصار هذا المذهب أن فكرته تتمحور في آن واحد حول مفهوم إرادي صرف للقانون الدولي وحول رؤية شبه متزمتة للسيادة وهي خاصة بحقبة مطبوعة بالإنجاز التاريخي للدولة الأمة، في الإطار الغربي ولاسيما الأوروبي وهي تتلاءم مع صورة القانون الدولي الخاص بالتعايش بين سيادات متساوية وهي تحيل أيضا الي فلسفة التحديد الذاتي الكاملة للدولة التي لا ترضى بالرضوخ الى قانون إلا في حدود قبولها الحر وحسب (دوبوي،بيار، 2008، صفحة 440).

ويرون كذلك أن القانون الدولي والقانون الداخلي يمثل كلٍ منهما نظاماً قانونياً منفصلاً عن الآخر، ويترتب على ذلك أن صلاحية ونفاذ قواعد كل قانون غير مرتبطة بمدى المطابقة مع قواعد الاخر (الجدار،سعيد، 1999، صفحة 8)ويرجعون هذه الاستقلالية والانفصال إلى:

  1. اختلاف المصادر في كلٍ منهما، فالقانون الداخلي ينتج عن الإرادة المنفردة للدولة المتمثلة في سلطتها التشريعية، بينما ينتج القانون الدولي عن الرضا المشترك للدول ولا توجد سلطة عليا تفرضه على الأشخاص المخاطبين به؛ أي أن مصدر القانون الدولي يتمثل في الإرادة المشتركة لمجموعة من الدول(البالي،نعيمة، 2019، صفحة 20)
  2. ان المخاطبين بأحكام القانون الداخلي هم الافراد في علاقاتهم الخاصة فيما بينهم وعلاقتهم بالدولة، بينما تخاطب قواعد القانون الدولي الدول وغيرها من الأشخاص الدولية في علاقاتهم المتبادلة.
  3. اختلاف البناء القانوني في كلٍ منهما ذلك أنه في النظام القانوني الداخلي توجد سلطة تشريعية تَسُنّ القوانين، وسلطة تنفيذية تتولى تطبيق القانون وتنفيذ احكام القضاء بالقوة عند لاقتضاء ويشمل سلطة قضائية تطبق القانون وتفسره وتوقع الجزاء على مخالفيه، وهذه السلطة التنفيذية مفقودة في دائرة القانون الدولي(صباريني،غازي، 2005، صفحة 40).
  4. بالإضافة الى اختلاف صفة الجزاء التي تحمي قواعد كل منهما وإلى غير ذلك من الاعتبارات التي تحول دون الجمع بينهما في نطاق واحد.

ويترتب على ذلك أن لكلٍ من القانونين دائرة سلطانه الخاصة به، وأنه إذا تعارضت قاعدة داخلية مع قاعدة دولية تقيّد القاضي بقاعدة قانونه الداخلي لأن منه يستمد سلطته واختصاصه، وإنما تكون الدولة مسؤولة آخر الأمر عن نتيجة ذلك، لأن التزامها بالقانون الدولي يفرض عليها أن تراعي ما تقضي به هذه القواعد عند وضع تشريعها الداخلي (أبوهيف،علي، 1995، صفحة 90)

ومعنى ذلك أن القاعدة القانونية لا تلغي بحكم وجودها قاعدة داخلية وإنما تنشئ التزاماً على الدولة بتحويلها الى قاعدة داخلية بنفس الإجراءات المتبعة عند إصدار القوانين الداخلية، ويترتب على الانفصال بين القانونين أيضا عدم إمكانية أي دولة أن تعدل أو تلغي قاعدة دولية – كما هو الحال في القانون الداخلي – إلا برضا وإقرار الدول التي اتفقت عليها، وبذا لا يمكن تصور وجود تنازع بين أحكام القانونين لاختلاف دائرة تطبيق كل منهما.

ومع ذلك يقرر أنصار مذهب الثنائية إمكان نفاذ قواعد القانون الدولي في الأنظمة الداخلية في أحوال معينة، وذلك بالإحالة فقد يحيل القانون الداخلي على القانون الدولي للحصول على القواعد التي تنظم مسألة معينة، مثل أن يقرر تمتع المبعوثين الدبلوماسيين، ويترك للقانون الدولي تحديد من يصدق عليهم وصف المبعوثين الدبلوماسيين أو تحديد مضمون الحصانات، أو أن ينظم القانون الدولي حقوق والتزامات الدول إزاء الأجانب ويترك تحديد من المقصود بالأجنبي، أو بالاستقبال وذلك بأن تستقبل قواعد القانون الداخلي قواعد القانون الدولي وتدمجها بينها بنص صريح (المزوغي،وآخرون، 1998، صفحة 60)أو عن طريق التحويل حيث يتم إنفاذ أحكام القانون الدولي في النظام القانوني الداخلي عن طريق تحويل قاعدة من قواعد القانون الدولي إلى قاعدة داخلية وذلك بإصدارها في شكل تشريع داخلي ويعتبر أنصار مذهب الثنائية أن التحويل شرط ضروري لتطبيق أحكام المعاهدات من قبل الأجهزة الداخلية (بوعرفة،عبدالقادر, 2019, p. 44)

المطلب الثاني: مذهب وحدة القانون.

يجعل هذا المذهب من قواعد القانون الدولي وقواعد القانون الداخلي كتلة قانونية واحدة فالقانون الدولي ما هو إلا جزء من قانون الدولة يختص بتنسيق علاقاتها مع الدول الأخرى وسلطانه بالنسبة لهيئات الدولة الداخلية كسلطان القانون الداخلي، فهو يقيدها في المسائل التي تتناولها أحكامه (أبوهيف،علي، 1995، صفحة 88)، حتى إن بعضا من أنصار مذهب الوحدة قد جعله الجزء الاسمى من قانون الدولة أي أنه يعلو القانون الدولي ويفضله؛ ذلك أنه لو تعارضت قاعدة دولية التزم القاضي بتطبيق القاعدة الدولية لأن مبادئ القانون الدولي تنسخ تلقائيا كل مبدأ داخلي يتعارض معها فتعدله وتلغيه بحكم وجودها وحده (أبوهيف،علي، 1995، صفحة 89)، وهذا يضع على عاتق الدولة التزاماً بأن تسعى دائما للتوفيق بين نصوص قانونها الداخلي، والقواعد القانونية الدولية حتى تكفل تنفيذ التزاماتها على أكمل وجه، وإن التسليم بمنطلق مذهب الوحدة يستتبع بالضرورة قيام التعارض والتنازع بين القانونين، ومن هنا تظهر أهمية تحديد الأعلى والأسمى حتى يتسنى حل التنازع المحتمل بينها بتغليب قواعد الأعلى ولقد انقسم أنصار مذهب الوحدة في شأن هذه المسألة إلى اتجاهين: –

الفرع الأول: اتجاه الوحدة مع سمو القانون الداخلي: وهو اتجاه يضع القانون الداخلي في مرتبة أسمى من القانون الدولي ويمثل هذا الاتجاه قلة من الفقهاء، ويؤمن أنصار هذا الاتجاه بالوحدة بين القانونين ولكنهم يعطون الأولوية لقواعد القانون الداخلي، ويقولون إن الدولة هي صاحبة السيادة ولا وجود لسلطة فوقها تملك وحدها القدرة على إنشاء قواعد قانونية ولها كامل الحرية في تحديد التزاماتها الدولية وهي تستمد هذه السلطة من دستورها باعتباره أساس الالتزام بأي قاعدة قانونية داخلية كانت أم دولية، وبالتالي تكون الأولوية للقانون الداخلي.

ولكن الأخذ بهذا الاتجاه يعطي للدولة كامل الاختيار في خضوعها أو عدم خضوعها لقواعد القانون الدولي، فالقاعدة القانونية يجب أن تكون ملزمة لا اختيارية بحيث أن الدولة لا تستطيع أن تتحلل من التزاماتها بتعديلها لقواعد قانونها الداخلي وهي تملك ذلك في أي وقت بحيث يصبح متعارضا مع التزاماتها الدولية، ثم تحتج بعد ذلك بقانونها الداخلي الذي له الأولوية.

كما ان هذا الاتجاه لا يتفق إلا مع المعاهدات دون غيرها من القواعد الدولية وبصفة خاصة القواعد العرفية، بالإضافة إلى أن إلغاء الدستور، أو تعديله لا يستتبع إلغاء المعاهدات التي أبرمت في ظله، بالإضافة الى أنه لا يتفق مع القاعدة المستقرة في التعامل الدولي والتي تقضي بتحمل الدولة المسؤولية الناتجة عن أعمالها الداخلية المخالفة للقانون الدولي سواء صدرت هذه الأعمال عن سلطاتها التشريعية أو سلطاتها التنفيذية (الجدار،سعيد، 1999، صفحة 23)، كما إن الأخذ بهذا الاتجاه إجمالاً يؤدي الى إنكار كل صفة ملزمة لقواعد القانون الدولي.

الفرع الثاني: اتجاه الوحدة مع سمو القانون الدولي: وهو اتجاه يضع القانون الدولي في مرتبة أسمى من القانون الداخلي، وهو الغالب في الفقه الدولي حيث أنه يتفق مع الطموحات الداعية لتقوية دور القانون الدولي[1]) نشير في هذا الصدد أن مندوب باكستان هو من أقترح على لجنة مؤتمر فيينا للمعاهدات إدراج مشروع مادة عند اعداد مشروع الاتفاقية يحرم على أي طرف في معاهدة دولية إثارة أحكام قوانينه الداخلية بقصد التهرب من تنفيذ المعاهدة وقد تم التصويت على الاقتراح وقبوله بعد إجراءات كثيرة (علي،جميلة، 2014)،  وأنصاره يؤمنون بالوحدة لكنهم يرون أن القانون الداخلي متفرع عن القانون الدولي، ويعتبر بمثابة نظام قانوني يعلو تسلسليا النظام الداخلي، إلا ان هذه النظرية لا تتفق مع الواقع، وحيث يتضح أن الممارسة الدولية لأغلب الدول تحركها المصالح الوطنية والحرص على حماية السيادة الوطنية (ضوي،علي، 2013، صفحة 60).

ولقد أكدت ذلك لجنة القانون الدولي في المادة (14) من مشروع التصريح الخاص بحقوق وواجبات الدولي المعد سنة 1949م بأن العلاقة التي تنشأ بين القانونين تشبه العلاقة التي تنشأ في إطار الدولة الاتحادية بين قوانين الولايات المتحدة والقانون الاتحادي (المزوغي،وآخرون، 1998، صفحة 60). وبهذا يعد القانون الدولي الجزء الأسمى؛ أي له أفضلية التطبيق على القانون الداخلي وقواعده تنسخ أي قاعدة داخلية تعارضه ويترتب على ذلك التزام المحاكم الوطنية باحترامه وتطبيق قواعده، كما تلزم به السلطات والأفراد، وفي حالة التعارض تكون الغلبة دائما للقانون الدولي وهذا ما أكدت عليه محكمة العدل الدولية في العديد من أحكامها ومثال ذلك حكمها الصادر في14/ ابريل /2002م في القضية المتعلقة بمذكرة اعتقال السيد Abdulaya yerrodia Ndombasi  الصادرة في 11/ابريا /2000 وذلك تنفيذا للقانون البلجيكي الصادر 16/يونيو/1993م والمتعلق بالمعاقبة على الانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الأول والثاني لعام1977 والمعدل بالقانون الصادر في 10/فبراير/1999م حيث أن المادة (7) من القانون المشار اليه نصت على اختصاص المحاكم البلجيكية بالنسبة للجرائم المنصوص عليها فيه بغض النظر عن مكان ارتكابها، كما ان الفقرة (3) من المادة (5) من ذلك القانون أكدت على أن الحصانة التي يتمتع بها الشخص بحكم منصبه لن تحول دون تطبيق القانون البلجيكي المشار اليه ..عليه توصلت المحكمة الى أنه من الراسخ والثابت في القانون الدولي تمتع مسؤولين معينين في الدولة ممن يحملون رتبا رفيعة المستوى كرئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية بحصانات من ولاية الدول الأخرى، وإن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات واتفاقية نيويورك المتعلقة بالبعثات لعام 1969م، لا يحتويان أي نص معين يحدد الحصانات التي يتمتع بها وزراء الخارجية ومن حين يتوجب تحديد تلك الحصانات وفقا للقانون الدولي العرفي، وقد رأت المحكمة أن مجرد بلجيكا للمذكرة ينتهك الحصانة التي يتمتع بها السيد يروديا بوصفه وزيرا لخارجية الكونغو قائما على رأس عمله وإن إصدارها للمذكرة يشكل انتهاكا لالتزام على بلجيكا تجاه الكونغو لأنها لم تحترم حصانة ذلك الوزير وعلى وجه أخص اعتدت على الحصانة من الاختصاص الجنائي والحرمة اللذين كان يتمتع بهما آنذاك بموجب القانون الدولي (سعدين،مقداد، 2016، صفحة 317،316)،

ويرجع الفضل في تبرير مبدأ سمو القانون الدولي على القانون الوطني الى الفقيه “كلسن “والذي حاول ان يجد مسوغا عملياً لسمو المعاهدات على القانون الوطني وحتى الدستور ومما ذكره كلسن أنه “إذا انطلقنا من فكرة سمو القانون الدولي على مختلف أنظمة الدول..، فإن المعاهدة ستظهر كنظام قانوني عالٍ يتفوق ويعلو على جميع الدول المتعاقدة. ومن وجهة النظر هذه، فإن المعاهدة مقارنة بالقانون الوطني، وحتى الدستور، تمتلك أسبقية بما يسمح لها بمعارضة أي قانون عادي أو حتى الدستور، ولكن العكس مستحيل.

وبحسب قواعد القانون الدولي فإن المعاهدة لا يمكنها أن تفقد قوتها الإلزامية ألا بموجب معاهدة أخرى أو بموجب بعض الوقائع والإجراءات التي تشتمل عليها المعاهدة نفسها ولكن لا يمكن إنهائها بموجب عمل فردي، فإذا صدر قانون، وحتى ولو كان الدستور نفسه متعارض مع معاهدة ما، فإنهما ينعتان بغير النظاميين وهما ولا شك سيتعارضان مع المبدأ الدولي “العقد شريعة المتعاقدين” (زازة،لخضر، 2016، صفحة 49)لكن هذا الاتجاه رغم ترجيحه يؤخذ عليه أنه جعل من القانون الدولي مصدرا للقانون الداخلي وسابق له في الظهور وهذا ما يتعارض مع معطيات التاريخ ذلك أن القانون الداخلي قد ظهر أولا (المنان،مأمون، 2010، صفحة 33).

وهذا ينافي ما يجري عليه العمل فعلا داخل الدول حيث أن السلطات تستمد سلطانها من القانون الداخلي الذي يحدد اختصاصاتها ويقيدها، كما أن القاضي الوطني لا يحكم إلا وفقا للقانون الداخلي ولا يطبق قواعد القانون الدولي إلا في النطاق الذي يسمح به قانونه الوطني (الجدار،سعيد، 1999، صفحة 25).

كما أن قواعد القانون الدولي لا يمكن أن تلغي قاعدة داخلية ذلك أن تعديل أو إلغاء هذه الأخيرة لا يتم إلا بإتباع نفس الإجراءات التي أنشئت بمقتضاها وبغير ذلك تطل سارية رغم تعارضها مع القانون الدولي.

المبحث الثاني

 نفاذ المعاهدات في إطار النظام الداخلي للدولة.

تعتبر المعاهدات، المصدر الأهم لقواعد القانون الدولي وهي تنشأ بين الدول بالتراضي، ويحدد القانون الدولي الآثار المترتبة على إبرامها دوليا دون أن يحدد التي تترتب داخل الدولة، لأن ذلك من شأن القانون الداخلي فقواعده هي التي تحدد ما يكون للمعاهدة من أثر في الداخل وحدود إلزامها للأفراد والسلطات المختلفة.

ومن المسلم به أن بمجرد التصديق عليها تدخل حيز النفاذ في محيط العلاقات الدولية وتصبح مصدراً للالتزامات الدولية المترتبة على عاتق الدول الأطراف فيها ولا يهم القانون الدولي إلا ان تكون محترمة، وألا يحصل إخلال بنصوصها.

ولكن الخلاف يقوم حول القيمة القانونية للمعاهدات داخل إطار النظم الداخلية لكل من الدول الأطراف، ويثور البحث حول ما إذا كان يشترط لكي تصبح المعاهدة نافذة في داخل الدولة وملزمة للسلطات الداخلية والافراد أن يصدر بها قانون داخلي، أم أن إبرام المعاهدة إبراما صحيحا كاملا، روعيت فيه جميع الأوضاع الدستورية كاف ٍفي حد ذاته لكي يصبح لها حكم القانون؟

حقيقة الأمر ان مرجعية الفصل في هذا يعود الى القوانين الداخلية للدول، وقد انقسمت الدول بخصوص حكم هذه المسألة إلى قسمين، قسم نص في قوانينه الداخلية على القيمة القانونية للمعاهدات التي تبرمها ومكانتها بين تشريعاتها الداخلية، والقسم الآخر سكت فلا نجد في قوانينه نص صريح يحكم المسألة وسنتناول بالدراسة حالة النص على القيمة القانونية للمعاهدات في مطلب أول، ونناقش حالة عدم النص والإشكاليات التي تثيرها في مطلب ثان.

المطلب الأول: النص على القيمة القانونية للمعاهدات.

تعمل الدول في الغالب على إدخال المعاهدات في نطاقها الداخلي، بحيث تصبح قانونا ملزما لجميع أجهزتها ويتقيد بها الأفراد وذلك بأن تُضمن تشريعاتها نصوصًا تحدد كيفية وشروط تطبيقها، وتتباين أحكام القوانين الداخلية للدول من حيث إعطاء قيمة للمعاهدات فمنهم من اعتبرها جزءً من تشريع الدولة الداخلي ومنهم من نص على وجوب صياغتها في قالب تشريعي حتى يلتزم بها الافراد والسلطات القضائية، ومن الدول أيضا من ينص دستورها على اعتبار المعاهدة في حكم القانون بتمام التصديق عليها دون الحاجة إصدار تشريع بها.

ومن الأمثلة على ذلك دستور الولايات المتحدة الامريكية الصادر في سبتمبر 1787م، حيث نص في المادة السادسة منه في فقرتها الثانية “إن هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة التي ستسن وفقا له، وكل المعاهدات التي عقدت أو عقدت أو التي ستبرم بواسطة سلطة الولايات المتحدة ستكون القانون الأعلى للبلاد وهي ملزمة لجميع القضاة في جميع الولايات المتحدة بغض النظر عن النصوص المخالفة في دستور أو قوانين الولايات” (أبوهادي،نبيل، 2019، صفحة 34،35)

ومن ظاهر النص يتضح أن المعاهدات التي يقرها مجلس الشيوخ تندمج تلقائيا في القانون الداخلي للولايات المتحدة الأمريكية، وتعد جزءً من قانونها الاسمى ويجب أن تكون له أولوية التطبيق على القوانين الاتحادية أي أنه أعطاها قيمة مساوية للقانون الاتحادي وهو أسمى من دستور وقوانين أية ولاية، والبعض الآخر من الدول جعل لها مكانة أسمى من القانون العادي، ومن ذلك الدستور الفرنسي الصادر في 4 أكتوبر 1958م، في مادته (55) ويقرر أن “المعاهدات والاتفاقيات الصحيحة المصادق عليها والموافق عليها بصفة قانونية والمنشورة تكون لها قوة أعلى من القانون. معنى ذلك أن المعاهدات التي تبرمها فرنسا والتي يتم التصديق عليها تصبح جزءً من النظام القانوني الداخلي بمجرد نشرها دون حاجة لإصدارها بقانون وتكون لها سلطة أعلى من تلك السلطة التي تمون للقوانين

ومن الدول من اعطي للمعاهدات مكانة هي أقل من الدستور واعلي من القوانين العادية ومنها ليبيا التي يظهر جليا تبنيها لهذا الاتجاه حيث جعلت في مراحلها السياسية المختلفة حق التصديق على المعاهدات من اختصاص السلطة التشريعية التي لها سلطة مراقبة مدى توافق المعاهدات الدولية التي تلتزم بها مع مبادئها الدستورية وقد جاء النص صريحا في مسودة مشروع الدستور الليبي لعام 2017م، في المادة (13) بنصها” تكون المعاهدات والاتفاقيات المصادق عليها في مرتبة أعلى من القانون وأدنى من الدستور، وتتخذ الدولة التدابير اللازمة لإنفاذها بما لا يتعارض مع أحكام الدستور”.

وهذا كان رأي جانب من الفقه الليبي أن الحل في نظرهم هو حسم المسألة من خلال النص صراحة في الدستور على أن يكون للمعاهدات المصدق عليها قيمة قانونية أعلى من التشريع العادي حتى يتم تحقيق التناسق بين موقف الدولة القانوني على المستوى الدولي وموقفها في القانون الداخلي. ذلك أن امتناع القضاء الليبي عن تنفيذ حكم معاهدة نافذة في ليبيا لتعارضه مع القانون الوطني لا يعفي الدولة -دولياً- من التزامها باحترام تعهداتها الدولية (ضوي،علي، 2013، صفحة 67).

ومن الدول من يعطيها قيمة قانونية معادلة للتشريع العادي ومن ذلك دستور النمسا والذي ينص على أن المعاهدات السياسية وغير السياسية التي تؤدي إلى تغيير قوانين الدولة لا تكون نافذة إلا إذا صدق عليها المجلس ورعيت فيها الإجراءات اللازمة لإصدار تشريع صحيح (أبوهيف،علي، 1995، صفحة 569)، بمعنى أن المعاهدات لا يكون لها أثر داخل النظام القانوني النمساوي إلا بعد إصدارها بقانون روعيت فيه كافة الإجراءات.

أما في مصر فيتم التمييز بين المعاهدات، حيث نصت المادة 151 من دستورها الصادر في 1971م على أن “رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات، ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان وتكون لها قوة القانون بعد ابرامها والتصديق عليها ونشرها، وفقا للأوضاع المقررة على أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة، وجميع المعاهدات التي ويترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو تتعلق بحقوق السيادة أو تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات غير الواردة في الميزانية تجب موافقة مجلس الشعب عليها”، أي الدستور أعطاها مرتبة مساوية للقانون إذا ما أبرمت إبراماً صحيحاً وروعيت فيه كل الأوضاع الدستورية ومنها موافقة المجلس على بعضها ومن تم نشرها وفقا للأوضاع المقررة دونما حاجة الى إجراء آخر.

ومع ذلك أن المعاهدات في حالة النص على قيمتها القانونية تلزم سلطات الدولة والافراد للتقيد بها، فهي تلزم السلطة التنفيذية طبقا لأحكام قانونها الداخلي بالإصدار والنشر أو النشر فقط أو الإعلان ، كما أنها تلزم السلطة التشريعية لإقرار الاعتمادات المالية التي يترتب عليها تطبيق المعاهدات أو تعديل التشريعات بما يتوافق مع أحكامها في بعض الأحيان، وتلزم السلطة القضائية واعتبارها جزء من التشريع الداخلي بحسب مكانتها في دستور الدولة، وتكون ملزمة بالتالي للأفراد داخل الدولة ويتقيدون بما جاء فيها خاصة إذا كانت ترتب لهم حقوقاً أو تنشئ عليهم التزامات.

المطلب الثاني: عدم النص على القيمة القانونية للمعاهدات.

وهي حالة عدم تعرض دستور الدولة أو قانونها النظامي لمسألة القيمة القانونية للمعاهدات التي تبرمها ولم تعالجها بنصوص صريحة، ومن أجل إيجاد حل لهذه الإشكالية تعددت آراء الفقهاء وانقسموا إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول: وهو يمثل جانب كبير من الفقه ذهب الى القول بأن المعاهدة وإن كانت تقيد الدولة بتمام التصديق عليها فإنها لا تلزم الافراد ولا تمس حقوقهم أو تعدل في واجباتهم إلا إذا صدر بها قانون (الجدار،سعيد، 1999، صفحة 49)أي أن على الدولة الملتزمة بمعاهدة أن تتخذ في دائرة قانونها الداخلي الإجراءات الكفيلة بتنفيذها حيث أن تطبيقها على الافراد والتزام السلطات بها يحتاج تصرف قانوني من جانبها تدمج به المعاهدة في قانونها الداخلي وبغير هذا التصرف لا تكسب المعاهدة وصف القوة الملزمة في المجال الداخلي وتظل القواعد التي تنظمها مجرد قواعد دولية لا شأن لها بالقانون الداخلي وللقاضي أن يتجاهل وجودها ويلتزم بتطبيق قواعد قانونه الداخلي.

    ذلك أن المعاهدة لا تعد بذاتها مصدراً من مصادر القانون الداخلي وإن كانت مصدراً اساسياً من مصادر القانون الدولي، فالمعاهدة توجد التزامات بين الدول وهي بذلك جزء من القانون الدولي لا من القانون الداخلي لكل دولة، ومعنى ذلك أنه لابد من تحويل المعاهدة إلى قواعد داخلية عن طريق الإصدار، ونشرها حتى تنتج آثارها، ويؤكد هذا الاتجاه الدكتور علي صادق أبو هيف في مؤلفه القانون الدولي العام بقوله: “إن هناك حكمة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويل المعاهدة التي تبرمها الدولة الى قواعد داخلية قابلة للتطبيق عن طريق إجراء الإصدار والنشر وبأنه ليس إجراء صوري أو جزافي ذلك أن القاعدة الوضعية سواء كانت من صنع المشرع الداخلي أو كانت واردة في معاهدة دولية لا يمكن أن تراعي أو تحترم وأن يفرض تطبيقها دون أن توضع في نص يكون في متناول الأفراد والسلطات الاطلاع عليها  والالمام بها، ويرى بأن فرض قاعدة جديدة لازالت مجهولة مع عدم إيجاد وسيلة تسمح للعلم بها في الواقع عمل تعسفي يتنافى مع أبسط قواعد العدالة (أبوهيف،علي، 1995، صفحة 122).

فالقواعد التي تحتويها المعاهدات هي قواعد جديدة لا علم للعموم بها فإذا أريد تطبيقها عليهم فلا أقل من تيسير علمهم بها وهذا لا يتأتى إلا عن طريق إصدارها ونشرها لذلك كان لزاماً على الدولة بعد التصديق على أية معاهدة تبرمها وصيرورتها نافذة دولياً أن تبادر إلى إصدارها ونشرها في داخليتها حتى تعطيها بذلك طابع القانون الملزم للأفراد والسلطات الداخلية، فإن توانت في ذلك أو تغاضت عنه وكانت المعاهدة نرتب حقوقاَ أو تقرر واجبات لا وجود لها في تشريع الدولة الأصلي أو يتنافى معه، كان للقضاء أن يتجاهلها وكان الأفراد في حلٍ من التقيد بها ولم تتخذ من جانبها ما يسمح بتنفيذها تنفيذاً صحيحا كاملاً، وهذا الاتجاه يتفق مع مذهب ثنائية القانون.

  • الاتجاه الثاني: ويرى أنصاره أن إبرام المعاهدة وفقاً للأوضاع الدستورية يكسبها قوة القانون داخل البلاد أي أن سريانها على النطاق الداخلي لا يحتاج إلى إجراء خاص تتحول بموجبه الى قانون داخلي(الدوري،وآخر، 1994، صفحة 249). وبذلك تكون المعاهدة ملزمة للسلطات الداخلية وتحدث أثرها بالنسبة للأفراد، إن هذا الاتجاه الذي يساند طموحات المجتمع الدولي في تقوية وتفعيل دور القواعد القانونية الدولية والذي يوافق مذهب وحدة القانون حيث ذهب جانب من الفقه إلى أن أي دولة عندما تعلن عن التزامها بمعاهدة دولية فإن إعلانها يتم عادة بعمل تشريعي داخلي (هو قانون التصديق)، ويبني على ذلك قوله بأن القاضي الوطني لو تجاهل أحكام المعاهدة في دولته فإنه بذلك قد تجاهل القانون الذي عبرت به الدولة عن تصديقها على المعاهدة،  بالتالي ففي حالة عدم النص على منزلة المعاهدات على القاضي أن يطبق قواعدها باعتبارها قواعد داخلية بحسب درجة أداة الموافقة، أو التصديق، فإذا صدق عليها بقانون عادي مثلاً كانت لها نفس المنزلة ولكنه أضاف شرطاً وهو إمكانية انطباقها مباشرة في إطار العلاقات الداخلية، بمعنى أن تكون ذات أحكام موضوعية (ضوي،علي، 2013، صفحة 66) وحتى في حالة الاتفاقيات المبسطة وهي التي لا تحتاج للتصديق وتعبر الدولة عن ارتضائها بها بمجرد التوقيع عليها الذي يقوم به موظف مفوض، فإن قبول الدولة به يتم بعمل قانوني حسب القانون الداخلي، وليس للقاضي أن يتجاهل الأثر القانوني الداخلي.  ونجد أن هذا الاتجاه لو افترضنا تطبيقه فإنه يثير أمامنا عدة إشكاليات تتمثل في:
  • إشكالية التصديق الناقص: وتتعلق هذه الإشكالية بالتصديق الذي على أساسه اعتبرنا المعاهدة مصدراَ لقواعد القانون الداخلي وقابلة للانطباق مباشرة في دائرته دونما حاجة لأي إجراء آخر تصديقا ناقصا، وهو ذلك التصديق الصادر من رئيس دون الرجوع الى السلطة التشريعية في الحالات التي يشترط فيها دستور الدولة الحصول على موافقة أو إذن منها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هي قيمة المعاهدة المصادق عليها تصديقا ناقصا داخل الدولة؟، لقد ثار خلاف كبير حول تحديد القيمة القانونية الحقيقية لمثل هذا التصديق، وانقسم الفقه الدولي الى عدة اتجاهات مختلفة، بعضهم قال بأن التصديق تصديق منتج لآثاره في المجال الداخلي، وبالتالي يترتب عليه اكتساب المعاهدة وصف الإلزام.

والبعض الاخر يرى بأنه تصديق باطل مؤسسين وجهة نظرهم على فكرة الاختصاص معتبرين أن رئيس الدولة متى تجاوز اختصاصه تصبح تصرفاته باطلة ومن ثم لا تنتج آثارها التي كان من شأنها إنتاجها لو تمت صحيحة بإتباع أحكام الدستور الداخلي

  • الاتجاه الثالث: يرى أن التصديق الناقص وإن كان باطلا من وجهة نظر القانون الداخلي إلا أن الدولة تبقى مسؤولة دولياً على تصرفات رئيسها وحماية الدولة المتعاقدة حسنة النية(أبوهيف،علي، 1995، صفحة 570)في حين تعرضت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969م، لهذه المسألة في المادة (46) منها بنصها: “لا يجوز لدولة أن تتمسك بأن التعبير عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم قانونها الداخلي يتعلق بالاختصاص بإبرام المعاهدات كسب لإبطال رضاها إلا إذا كان إخلالا واضحا بقاعدة ذات أهمية جوهرية من قواعد قانونها الداخلي”.

ومعنى ذلك أن هذا التصديق الناقص قد يكون سببا في إبطال المعاهدة لمخالفته حكم أساسي من أحكام الدستور، وعلى الرغم من أن العمل الدولي مستقر على عدم إبطال المعاهدات الناقصة التصديق ، نجد أنه حتى في الدول التي نصت على قيمة المعاهدات التي تبرمها ومكانتها في قانونها الداخلي قد اشترطت قانونية إجراءاتها، فمثلا فرنسا نصت في دستورها في المادة 55 على “يكون للمعاهدات أو الاتفاقيات التي يتم التصديق أو الموافقة عليها حسب الأصول وعند نشرها قوة تفوق قوانين البرلمان شريطة أن يطبقها الطرف الاخر فيما يتعلق بهذا الاتفاق أو هذه المعاهدة

وكذلك نص الدستور المصري وتعديلاته لعام (2019) في مادته (151) على “يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية ويصدق عليها بعد موافقة مجلس الشعب وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها وفقا لأحكام الدستور ….”. ومعنى ذلك أنه ولكي تكون للمعاهدة قيمتها في نظامها الداخلي واعتبارها مصدرا لقواعده لابد من صحة قانونية إجراءات الإبرام والتصديق، وتكون بذلك قد استبعدت المعاهدات الناقصة التصديق والتي قد يكون تصديقها الناقص سببا في إبطالها، وعليه فالأسلم للدول التي لم تتعرض قوانينها لقيمة المعاهدات في قانونها الداخلي ألا تكتفي بإبرام المعاهدات والتصديق عليه لاعتبارها نافذة فيه.

  • إشكالية الإصدار: وتثور هذه الإشكالية فيما لو كانت المعاهدة غير قابلة للانطباق مباشرة في المجال الداخلي أي أنها تحتاج إلى إصدارها بقانون.

والاصدار هو إجراء داخلي تقوم به الدولة تحيل به المعاهدة من مجموعة قواعد دولية الي مجموعة قواعد داخلية (عبدالحميد،محمدوآخرون، 1999، صفحة 89)، ذلك ان هناك أنواعا من المعاهدات لا يمكن للدولة أن تفي بتعهداتها فيها إلا إذا قامت بسن تشريع خاص يمكنها من تنفيذها، وفي أحيان كثيرة تأتي المعاهدة ثمرة لمحاولة التوفيق بين سياسات متضاربة وعندما لا يتمكن أطرافها من توحيد وجهة نظرهم بخصوص مسائل معينة يكتفون بوضعها في عبارات عامة أو صيغ واسعة تاركين تفصيلها للتطبيق اللاحق ونكون هنا أمام حالة شبيهة في القانون الداخلي حينما يتوقف تطبيق نص دستوري على صدور التشريع المنفذ أو نص تشريعي أو اللائحة التنفيذية، أي أن المعاهدة تلقي على عاتق الدولة التزاما بعمل وهو إصدارها في تشريع حتى يمكن تطبيقها.

وهذه الاشكالية تطرح حتى أمام قضاء الدول التي نصت على قيمة المعاهدات بنص صريح، فيكون أمام القاضي مهمة تحديد احكام المعاهدة القابلة للنفاذ الفوري اعتماداً على مضمونها في ذاته وبين تلك التي مازالت في حاجة الى نصوص تجعلها قابلة للتطبيق بواسطة قانون أو لائحة فيرفض تطبيقها لأنه ليس من اختصاصه تكملة المعاهدات لأنه لو فعل ذلك يكون قد تعدى على اختصاص السلطة التشريعية (الشيشكلي،محسن، 1973، صفحة 129)، فكيف يكون العمل والحالة هذه أمام قضاء الدول التي لم تنص أصلا على قيمة المعاهدات هل سيكون ملزما بتطبيقها أم يرفض ذلك؟

  • إشكالية النشر: فلو سلمنا أن المعاهدة بمجرد دخولها مرحلة النفاذ الدولي تصير بذاتها مصدراً لقواعد القانون الداخلي دون حاجة الى أي إجراء يتم بمقتضاه تبنيها وإدماجها نقف امام إشكالية أخرى تتعلق بالمبدأ العام في القانون وهو مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون وهو مبدأ قائم على افتراض علم الكافة بأي تشريع يصدر ويكون ذلك بإجراء النشر.

فكيف يتسنى لعموم الناس العمل بما حوته المعاهدة من قوانين إذا لم يتيسر لهم العلم بها وكيف يكون لسلطات الدولة أخذها بعين الاعتبار إذا لم يكن بوسعهم الإحاطة بما جاء فيها، والنشر إجراء رسمي يقصد به تمكين الناس من الاطلاع على التشريع الجديد وعلمهم بموعد العمل به وصيرورته نافذا فليس من العدل تطبيق القانون على الناس إلا بعد أن يعلموا بصدوره وتتاح لهم فرصة التعرف على مضمونه، وما يحتويه من أوامر وأحكام (الحكيم،يونس، 2021، صفحة 97).

والوسيلة الوحيدة المعول عليها في نشر أي قانون واعتباره واجب النفاذ هو نشره في الجريدة الرسمية، خاصة إذا ما تعلقت المعاهدة بحقوق لرعايا الدولة أو مسّت مراكزهم القانونية، كأن تكون معاهدة متعلقة بمنع الازدواج الضريبي بين دولتين، أو بتشجيع الاستعمار وكفالة حقوق المستثمرين، او كـاتفاقيات التعاون القضائي في المواد المدنية او التجارية او الأحوال الشخصية. وكذلك بالنسبة للقاضي الذي يكون ملزما بتطبيقها من تلقاء نفسه ولا يكلف الخصوم بإثباتها أمامه على افتراض علمه بها إسوة بسائر القوانين ولأن من واجبه الإلمام بالقانون وعدم معرفته بنصوصه سبب من أسباب الطعن بالنقض في أحكامه.

وكذلك يمكن أن يكون شرط النشر في الجريدة الرسمية عائقا أمام تطبيق المعاهدات من طرف القاضي الوطني إذا ما تأخرت أو ماطلت السلطات المختصة في القيام بهذا الاجراء هنا يمنع القاضي من تبني نصوص المعاهدة عند تأدية مهامه وبالتالي يؤخر تنفيذها داخليا رغم دخولها حيز التنفيذ رسميا تجاه الدول أو الدول التي أبرمت معها هذه المعاهدات (شيتور،جلال، 2012، صفحة 136)

فكيف يتيسر له العمل بها إذا لم تنشر؟ والمعاهدات غير المنشورة في الدول التي نصت على قيمة المعاهدات لا تسري في حق الافراد، حيث أن بعضها اشترط صراحة نشر المعاهدات كأساس لاعتبارها نافذة في القانون الداخلي كما هو الحال في الدستور الفرنسي والدستور المصري.

  • إشكالية التعارض بين احكام المعاهدة والقانون الداخلي: إن اعتبار المعاهدة مصدرا للقانون الداخلي يقتضي حتماً إمكانية قيام التعارض بين أحكامها وأحكام القانون الداخلي وفي حالة غياب نص يحدد لنا قيمة قانونية للمعاهدات وأين هي من تدرج الهرم القانوني حتى يقوم القاضي بتغليب القانون الأعلى، ويبقى أمامه أم أن يطبق المعاهدة الدولية باعتبارها تلغي ما يعارضها من احكام سابقة ولاحقة لإبرامها وإما أن يستبعدها لتعارضها مع القانون الداخلي

وإشكالية قيام التعارض تظهر حتى أمام قضاء الدول التي نصت على قيمة المعاهدات خاصة عند تلك التي جعلها مساوية للقانون العادي فهل تغلب المعاهدة أم تطبق قاعدة أن اللاحق يلغي السابق أي أنه يمكن لقانون داخلي لاحق على المعاهدة ومخالف لأحكامها صادر بإرادة دولة واحدة أن يلغيها وهي المعبرة عن إرادات عدة دول (الجدار،سعيد، 1999، صفحة 41،40).

ومثال على ذلك المشرع الأردني الذي سكت عن تحديد مكانة المعاهدات الدولية بين التشريعات الداخلية النافذة مما ولّد خلافا وجدلا فقهيا وقضائيا حول قيمة المعاهدات الدولية ضمن المنظومة التشريعية الأردنية ويظهر ذلك من جانبين الأول: إذا وقع تعارض بين ماورد في معاهدة دولية نافذة، مع نصوص الدستور الأردني فإيهما يقدم على الآخر، المعاهدة أم الدستور؟ وهل يقدم الدستور تطبيقا (لمبدأ سمو الدستور)؟

والثاني: التعارض بين معاهدة نافذة وتشريع عادي، ففي حالة التعارض التناقض بين نصوص القانون الداخلي مع نصوص المعاهدة الدولية، فإيهما هو الواجب الأخذ به وتطبيقه؟ (نصرالله،إبراهيم، 2019، صفحة 225،224)، في واقع الامر ذهبت المحاكم الأردنية الى تأكيد سمو المعاهدات الدولية على القوانين والأنظمة الداخلية استنادا الى ما يتمتع به القانون الدولي من سمو وعلو على القانون الداخلي حيث  جاء في القرار التفسيري لمحكمة التمييز الاردنية(رقم 1955-2، الصادر بتاريخ 28-3-1955المنشور في الجريدة الرسمية عدد 1224، سنة 1955، ص:369) ما يأتي: “اجمع الفقه والقضاء لدى جميع الدول ومنها الأردن، على سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية، وأنه لا يجوز تطبيق قانون داخلي يتعارض مع هذه المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وهذا ما جرى عليه قضاؤنا بلا خلاف”، (نصرالله،إبراهيم، 2019، صفحة 223)

اما المحكمة العليا الليبية فقد أرست مبدأ يقول:” إن الاتفاقيات التي ترتبط بها الدولة الليبية تكون نافذة مباشرة بمجرد إتمام إجراءات المصادقة عليها من السلطة التشريعية في الدولة، وتكون لها أسبقية التطبيق على التشريعات الداخلية بحيث إذا حدث تعارض بين أحكامها وأحكام التشريعات الداخلية فإن أحكام الاتفاقية هي الأولى بالتطبيق” (الدغباجي،علي، 2021، صفحة 99).

ذلك أن المشرع الليبي ممثلا في (السلطات التشريعية المتعاقبة من عهد الملك إلى مجلس قيادة الثورة مروراً بالمؤتمرات الشعبية وانتهاءً بمجلس النواب) قد دأب على إتباع وسائل تؤدي الى التوفيق بين نصوص المعاهدات والمبادئ الدستورية حتى لا يقع التضارب بينها، وهذه الوسائل ارستها قواعد القانون الدولي بإعطاء مبادئ وصلاحيات رقابية محددة تشترك فيها أغلب برلمانات العالم ؛ حيث أن للسلطة التشريعية بموجب قواعد القانون الدولي والقانون الدستوري أن تصادق على المعاهدات المعروضة عليها، أو أن تمتنع على ذلك دون أن يكون ذلك عملاً غير مشروع يرتب مسؤوليتها (سليمان،حمزة، 2021، صفحة 35).

وهذا يعني أن المشرع الليبي قد أقر بمبدأ الرقابة السابقة على المعاهدات بحيث تجري السلطة التشريعية رقابتها على المعاهدات الدولية التي توافق عليها السلطة التنفيذية من خلال مراجعة مدى توافقها مع احكام الدستور وقوانينها الداخلية قبل التصديق عليها ويعد هذا النوع من الرقابة من أنجع أنواع الرقابة على تنفيذ المعاهدات الدولية بحيث يتسنى للدولة من خلال سلطتها التشريعية التوفيق بين قوانينها الداخلية والتزاماتها الدولية وتتجنب بذلك أي نوعٍ من التعارض الذي يمكن أن يثير مسؤوليتها الدولية

كما يحسب للمشرع الليبي أنه في مسودة مشروع الدستور لعام 2017م قد قام في الباب الخامس منه في المادة (137) استحداث محكمة دستورية لها شخصية اعتبارية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي مهمتها الرقابة على دستورية القوانين ونص في المادة (139) على اختصاصات المحكمة والتي من بينها مراجعة المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل التصديق عليها.

  • إشكالية تفسير القضاء الداخلي للمعاهدات: إن التزام القاضي بتطبيق القانون يخول له سلطة تفسيره وهنا تثار إشكالية هل للقاضي الوطني أن يفسر معاهدة دولية طالما أنه ملزم بتطبيقها؟، لقد أثارت هذه الإشكالية جدلاً كبيرًا بين الفقهاء بين مؤيد ومعارض لحق القاضي في التفسير، بعضهم يرى أن القاضي يملك تطبيق المعاهدة فله أيضا الحق في تفسيرها لحل المنازعات أمامه، وبعضهم عارض ذلك معتمدا على أن الجهة التي أبرمتها لها وحدها الحق في تفسيرها كما أن القاضي عند تفسيره قد يذهب الى غير ما قصده المتعاقدين مما يستتبع قيام إشكال دولي واحتجاج من قبل الدول المتعاقدة

ومن الناحية العملية لم تستقر الدول التي نصت على قيمة المعاهدات على قاعدة واحدة بعضهم مثل مصر أعطت للقضاء سلطة تفسير المعاهدة وبعضهم الاخر كفرنسا لم تسمح للقضاء بتفسير المعاهدات، فكيف الحال إذن في دول لم توضح أصلا مكانة للمعاهدات التي تبرمها في قانونها الداخلي (الصدة،عبدالمنعم، 1978، صفحة 105).

الخاتمة:

في ختام دراستنا لموضوع تطبيق المعاهدات الدولية في النظام الداخلي للدول نؤكد على العلاقة الوثيقة بين القانونين الدولي والداخلي- رغم اختلاف المذاهب الفقهية بين الوحدة والازدواجية – من حيث الترابط بينهما خاصة بعد التطور الحاصل في حقل العلاقات الدولية وزيادة التقارب بين الدول بفضل تكنولوجيا التواصل والاتصال ،فالدول يجب عليها احترام قواعد القانون الدولي وهي ملزمة بذلك كونها جزءً من النظام الدولي وفي نفس الوقت لا يمكن إنفاذ قواعد القانون الدولي داخل النظام الداخلي للدول إلا بإتباع إجراءات تنظمها دساتيرها على اختلاف القيمة القانونية التي تمنحها لها في تدرج الهرم القانوني داخلها، وتوصلنا الى النتائج والتوصيات التالية.

النتائج:

  • اختلاف مواقف الدول حول نفاذ المعاهدات الدولية في أنظمتها الداخلية فالبعض منح المعاهدة الدولية مرتبة أعلى من الدستور والبعض الاخر وضعها في مرتبة القوانين العادية، والبعض الاخر سكت عن بيان موقفه من القيمة القانونية للمعاهدات الدولية ضمن نظامه القانوني.
  • إن التعامل الدولي يؤكد لنا بوضوح سمو القانون الدولي على القانون الداخلي واحترام الدول جميعها للمعاهدات التي تبرمها وتنظم تشريعاتها بما يكفل تنفيذها لالتزاماتها الدولية.
  • أنه في غياب النص عن القيمة القانونية للمعاهدات الدولية في دساتير بعض الدول قد طرح العديد من الإشكاليات التي أثارت ولازالت تثير جدلا فقهيا وقضائيًا واسعًا.
  • اتجاه القضاء والعمل الدولي الحديث إلى منح الأولوية للمعاهدات الدولية على حساب تطبيق القواعد القانونية الداخلية حيث أن تأثر الدول بمفهوم القانون الدولي وكونها جزء من النظام الدولي فرض عليها التزاما بإبطال وإلغاء أي تشريعات تتعارض مع التزاماتها الدولية.

التوصيات:

  • يجب على كل دولة القيام بإجراء دراسات ومراجعات شاملة للمعاهدات التي تبرمها قبل التصديق عليها لمعرفة مدى موائمتها مع أنظمتها الداخلية بحيث لا يحصل أي تعارض يعرضها للمسألة الدولية.
  • إيجاد صيغة تكون في منتهى الفاعلية تتعلق بالمعاهدات الدولية تُدْرج ضمن مواد الدستور الوطني لأي دولة وذلك بالنص صراحة على القيمة القانونية والإجراءات اللازمة لجعلها نافذة في أنظمة الدول الداخلية.
  • ضرورة إصدار المعاهدات التي تحوي نصوصا غير قابلة للانطباق بقانون ونشر جميع المعاهدات التي تبرمها في الجريدة الرسمية لضمان علم الناس بها وتحديد الجهة التي لها حق تفسيرها، حتى يكون بإمكان الدول التوفيق بين أحكام القانون الدولي والقانون الداخلي على وجه يكفل استقرار حياتها الدولية والداخلية.

المراجع

أولاً: الكــتــب:

  1. بيار- ماري دوبوي، القانون الدولي العام، ترجمة محمد عرب صاصيلا وسليم حداد، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2008م.
  2. زازة لخضر، أسبقية القانون الدولي على القانون الوطني، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2016.
  3. سعيد الجدار، تطبيق القانون الدولي العام أمام المحاكم المصرية، دار المطبوعات الجامعية، مصر،1999.
  4. عبد المنعم فرج الصدة، أصول القانون، دار النهضة العربية ،1978
  5. عدنان طه الدوري وعبد الامير العكيلي، القانون الدولي العام، منشورات الجامعة المفتوحة.
  6. عبد السلام المزوغي وآخرون، القانون الدولي من منظور جديد، المركز القومي للدراسات القانونية وبحوث حقوق الانسان، طرابلس، الطبعة الأولى، 1998م
  7. علي صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة 12.
  8. علي عبد الرحمن ضوي، القانون الدولي العام، الجزء الأول (المصادر والأشخاص)، دار الكتب الوطنية، بنغازي، الطبعة الخامسة
  9. غازي حسن صباريني، الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ،2005.
  10. مأمون المنان، مبادئ القانون الدولي العام، دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، مصر،2010م.
  11. محمد سامي عبد الحميد ومحمد سعيد الدقاق ومصطفى سلامة حسين، القانون الدولي العام، الطبعة الأولى، 1999، منشأة المعارف بالإسكندرية.
  12. نعيمة البالي، القانون الدولي العام، مطبعة الجسور وجدة، المغرب، 2019.
  13. يونس الحكيم، المدخل للعلوم القانونية، مكتبة الجزيرة -الرشيدية، المغرب، الطبعة الأولى، 2021.

ثـانـياً: البحوث والمجلات والمقالات:

  1. جلول شيتور، تطبيق وتفسير المعاهدات في القضاء الوطني، مجلة البحوث والدراسات، الجزائر، العدد14، السنة9/2012.
  2. على محمد عبد الله الدغباجي، مذكرة التفاهم الليبية التركية بين التصديق الناقص والموافقة التامة، مجلة العلوم القانونية والشرعية، تصدر عن كلية القانون، جامعة الزاوية، العدد الثامن عشر ،2021.
  3. حمزة سالم سليمان، آليات الرقابة على المعاهدات الدولية في إطار علاقة النظام الداخلي الليبي بالنظام الدولي، مجلة الجامعي، تصدر عن النقابة العامة أعضاء هيئة التدريس تحت إشراف الهيئة الليبية للبحث العلمي، العدد33 ربيع 2021

ثالثاً: المواقع على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).

  1. إبراهيم نصر الله، مكانة المعاهدات الدولية في النظام القانوني الأردني قراءة نقدية، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، الجزائر العدد:5، السنة 2019، ص224، 225، على الموقع الالكتروني، httnp://www.alijthed univ-tam.dz تاريخ الاطلاع 1/7/2022
  2. حسينة شرون، العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، مجلة الباحث، العدد5/2007، الموقع الالكتروني https://elbahithreview.edu.dz ،تاريخ الإطلاع 15/7/2022،الساعة 10:13مساء
  3. جميلة بن علي، تكريس مبدأ سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية بين القوانين الداخلية في الدساتير الدولية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، 1/3/2014م، منشور على الموقع الالكتروني، https://www.asjp.cerist.az  تاريخ الاطلاع 2/5/2022
  4. عبد القادر بوعرفة، سلطة القاضي الجزائي في تطبيق الاتفاقية الدولية، رسالة دكتوراه، كلية القانون، جامعة جيلالي ليابس، سيدي بلعباس، الجزائر، ص:45، منشورة على الموقع الالكتروني http://raoc.univ-sba.dz تاريخ الاطلاع 23/6/2022
  5. نبيل محمد سعد الله أبو هادي، نفاذ المعاهدات وتنفيذها في النظام القانوني الداخلي، دراسة تطبيقية على التشريعات الوطنية لدولتي اليمن والجزائر، مجلة العلوم القانونية والاجتماعية، 2019، على الموقع الالكتروني https://ojs.sabauni.net تاريخ الاطلاع 26/7/2022
  6. مقداد أيوب سعدي، المعاهدات الدولية في الدساتير الوطنية وقيمتها القانونية -دراسة مقارنة- مجلة كلية القانون/ جامعة النهرين، المجلد 18،2016، على الموقع الالكتروني https://iasj.not ،تاريخ الاطلاع 21/6/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *