نوفمبر 23, 2024 12:06 ص
بالصور ...مرقد  الامام علي (ع) في النجف الأشرف

بالصور ...مرقد الامام علي (ع) في النجف الأشرف

سرى سلام عطيه

جامعة الفرات الأوسط التقنية

09647748137499

sir.attiackm@atu.edu.iq

الملخص

لقد تجلت أهمية مدينة النجف في وجود قبر الإمام علي (عليه السلام)،لأنه أمير المؤمنين ومصدر التقدير والاحترام لجميع المسلمين لكونه وصي النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وابن عمه وزوج ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وباب علمه وخازن وحيه وكاتب سنته الشريفة وأمينه وقائد جيشه .

 وقد كان للمرقد العلوي الشريف منذ بداية وجوده وحتى إظهاره بمرور الزمن من الأثر الروحي والديني الكبير لمرقده (عليه السلام) في نشأة وتمصير النجف من خلال هجرة الناس من جميع أصقاع وبقاع الأرض إلى مجاورة القبر المطهر والسكن حوله لفضله ، كذلك فضل ما ورد عن الدفن بالقرب من قبره الشريف حسب الأخبار والروايات المروية عن آل بيت الرسول (عليهم السلام ) كان له أيضا أثر عظيم في تطور المرقد والمدينة من الناحية التاريخية بقدسيته الإسلامية والناحية الحضارية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية ذلك الوقت حيث كان طلبة العلوم يشكلون الحلقات الدراسية فيه، وبمرور الوقت تطور الأمر إلى تشكل المدارس في النجف فلقد أصبح المرقد الشريف مركز جذب بشري ولزيادة سكان المدينة بوجود المرقد العلوي الشريف وأهميته حاول بعض أصحاب السياسة والسلطة العمل على تطور عمارة المرقد العلوي والمدينة ،لأنها أصبحت احد مراكز العلم المهمة في ذلك الوقت إذا كان الناس يقصدونها ليس فقط لزيارة المرقد العلوي الشريف والسكن حوله بل للدراسة والتعلم .

الكلمات المفتاحية : الإمام علي،التراث المادي،التراث الفكري،النجف،العصر العباسي

The Noble Alawite Shrine in historical narratives and the development of its architecture until the end of the Abbasid era (656 AH/1258 AD)

Sura Salam Attia

Al-Furat Al-Awsat University

Abstract

The importance of the city of Najaf was evident in the presence of the tomb of Imam Ali (peace be upon him), because he is the Commander of the Faithful and the source of appreciation and respect for all Muslims because he is the guardian of the Prophet (may God’s prayers and peace be upon him and his family), his cousin and the husband of his daughter Fatima Al-Zahra (peace be upon her), the gateway to his knowledge, the treasurer of his revelation, and the writer of his noble Sunnah. And his secretary and commander of his army.

The noble Alawite shrine, from the beginning of its existence until its appearance over time, had the great spiritual and religious impact of its shrine (peace be upon him) in the development and development of Najaf through the migration of people from all corners and corners of the earth to the vicinity of the purified grave and living around it due to its virtue, as well as the virtue of what was reported about burial near it. From his honorable grave, according to the news and narrations narrated from the family of the Messenger (peace be upon them), he also had a great impact on the development of the shrine and the city from the historical point of view, with its Islamic sanctity and the cultural, social, economic and intellectual aspect at that time, as science students formed study circles there, and with the passage of time the matter developed into Schools were formed in Najaf. The Holy Shrine had become a center of human attraction, and due to the increase in the city’s population with the presence of the Holy Shrine of Alawite and its importance, some politicians and authorities tried to work on the development of the architecture of the Holy Shrine and the city, because it had become one of the important centers of learning at that time, if people were going to it not only to visit the Holy Shrine. Honorable and living around it, but rather to study and learn.

المقدمة

    تسعى هذه الدراسة إلى تتبع نشأة المرقد العلوي الشريف وتطوره بالمنهج التاريخي واثبات وجوده من خلال الروايات التاريخية وبيان أثره الروحي والديني في المدينة من خلال الروايات التاريخية في فضل الزيارة وفضل الدفن حول المرقد الشريف وتطور عمارته حتى نهاية العصر العباسي.

أهمية البحث

لقد أتت أهمية هذه الدراسة من أهمية صاحب هذا المرقد الشريف في مدينة النجف وهو الامام علي بن ابي طالب أمير المؤمنين ووصي النبي محمد وابن عمه وزوج ابنته فاطمة الزهراء ،إضافة الى أهميته كمعلم تاريخي وإسلامي تجاوز عمره ال1400 سنة  ونظراً لهذه الأهمية بدأت مساعي حثيثه لدخوله ضمن لائحة التراث العالمي اليونسكو منذ عام 2017م.

أهداف البحث

  إن الهدف من البحث هو إثبات مكان القبر العلوي الشريف في الروايات التاريخية لأهل البيت (عليهم السلام) والمؤرخين ومناقشة أرائهم ، والاستدلال على أهميته من ناحية انعكاس أثره الروحي والديني في الروايات التاريخية في فضل زيارته وفضل الدفن إلى جواره وتطور عمارته حسب التسلسل الزمني منذ مرحلة إخفائه في العصر الأموي وحتى إظهاره وتطور عمارته حتى نهاية العصر العباسي .

حدود البحث

    تبين لنا الروايات التاريخية مدينة النجف واصل تسمياتها عبر التاريخ وموقعها الجغرافي والتسميات التي اطلقت على المرقد العلوي الشريف ومعانيها ،والروايات التاريخية حول القبر الشريف بمرور الزمن منذ مرحلة دفنه مروراً بالعصر الأموي والتطور الذي طرأ عليه خلال تعاقب خلفاء بني العباس .

فرضية البحث

    الإجابة على إشكالية مكان وجود القبر الشريف للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مدينة النجف وتحديد مكانه في منطقة الغري (النجف حالياً) ، كذلك إثبات فضل زيارة القبر الطاهر والدفن جوار المرقد العلوي الشريف ، وكشف تطور عمارة المرقد حسب التسلسل الزمني من خلال الروايات التاريخية.

الدراسات السابقة

    هناك العديد من الدراسات التي تناولت ذكر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومدينة النجف بصورة عامة مثال على ذلك بعضاً منها :رسالة ماجستير للباحثة نجاة العباسي من جامعة واسط كلية التربية ،سنة 2015 بعنوان (الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في المصنفات التأريخية الشامية) ،رسالة ماجستير للباحث احمد الميالي ،من جامعة بغداد سنة 2007 بعنوان (العدالة الاجتماعية عند الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ورسالة للباحث سعد عبد الرزاق محسن ، (محافظة النجف دراسة في جغرافية السكان) “رسالة ماجستير غير منشورة” ، كلية الآداب جامعة البصرة 1988 .

منهج البحث

    تم إتباع المنهج التاريخي التحليلي في تناول ودراسة الروايات التاريخية حول دور أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في إثبات وجود مكان القبر الشريف ،وزيارته من قبل الخلفاء والأمراء والقادة ، وفضله في الروايات وتطور عمارته منذ نشأته وحتى نهاية العصر العباسي .

هيكلية البحث

    تم تقسيم الدراسة إلى مبحثين ، تناول المبحث الأول الموقع الجغرافي لمدينة النجف وتسمياتها إضافة إلى تسميات المرقد العلوي الشريف ،ومرحلة إخفاء وإظهار قبر الإمام علي بن أبي طالب ،والروايات التاريخية التي أثبتت وجود القبر الشريف ، أما المبحث الثاني فتناول ذكر زيارات القبر الشريف خلال العصر الأموي والعباسي ، و فضل القبر الشريف والدفن جواره من خلال الروايات التاريخية ،و الخلافة العباسية وعمارة القبر الشريف حتى نهايته ،وجانباً من الأثر الفكري للمرقد في النجف .

المبحث الأول

النجف في اللغة وموقعها الجغرافي

النجف في اللغة : تعني المنجوف وجمعها “نجاف” وتعني المكان المرتفع من الأرض (ابن دريد، 1958م ،ص349) ، وهي شبه التل (ابن الأثير، (د.ت)، ص 128)، وتعني بطون الأرض و يوجد في أسفلها سهولة تنقاد في الأرض لها(الجوهري، 1956م،ص 1429؛ ابن فارس ،1946م ، ص395).

 و ذكر في وصف النجف ” كأنه حد بينها وبين الصحراء وهو صلب من الأرض منفسح متسع للعين فيه مراد واستحسان وانشراح ” (ابن جبير، 1964م، ص187)، وورد الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) إن النجف هي الجبل الذي التجأ إليه ابن نبي الله نوح (عليه السلام) الذي ورد ذكره في القران الكريم ” قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ” (القران الكريم، سورة هود، اية43) .

وقيل في المنطقة التي تقع ما بين ظهر الكوفة وظهر الحيرة وهي النجف بأنها تمثل الجزء الغربي الذي يطل على البحيرة المالحة(ماسينيون، 1979م،ص130) .

أما موقعها الجغرافي فهي تقع على حافة الهضبة الغربية وتكون حداً فاصلاً ما بين العراق والمملكة العربية السعودية، ومن الجهة الشمالية تحدها هضبة النجف، و مدينة الحيرة في جهتها الجنوبية ، ومدينة الكوفة في الجهة الشرقية ، والهضبة الغربية وبحر النجف من جهتها الغربية ، إما مناخ المدينة فترتفع فيه درجات الحرارة في فصل الصيف وتصل إلى فوق الـ(24درجة مئوية) لعدة أيام، وامتازت بقلة غطاءها النباتي(ياسر، 1988م،ص19)، وبعد المسطحات المائية والتي تكون خارج مركز المدينة، التي تعمل بدورها على تقليل درجات الحرارة(محسن، 1988م،ص44)،و بقلة سقوط الأمطار في فصل الربيع والشتاء وهي متباينة بين سنة وأخرى (الشلش، 1988م،ص16)،لذلك فقد كانت مدينة النجف تعاني من شحة المياه وانعدامها (سركيس، 1937م، ص101)،فكان أهل المدينة يعتمدون على الآبار وجلب الماء من نهر الفرات .

وللمدينة تسميات عدة ومختلفة وردت في كتب اللغة والتاريخ والجغرافية ومن هذه التسميات :

1- بانيقيا

    أحد تسميات مدينة النجف حيث ذكر أنها “أرض بالنجف دون الكوفة” ، ويرجع سبب تسميتها ببانقيا إلى رواية نبيا الله إبراهيم ولوط (عليهما السلام) قد مرا بالمدينة مهاجرين متوجهان نحو بيت المقدس فنزلا بها وكانت أرضا ضخمة جداً تزلزل في كل ليلة ، وعندما باتا فيها لم تزلزل فتعجبا من ذلك ،فقال صاحب منزل إبراهيم أن الذي دفع عنكم شيخاً بات عندي كان يصلي في الليل ويبكي ، كما ذكر أن نبي الله إبراهيم  قد سألهم بيعها فقالوا له هي لك  فقال (عليه السلام) لا أحب إلا أن تكون شراء ،فدفع  لهم غنيمات كانت معه والغنم باللغة النبطية تسمى (نقيا)، وذكر أن في هذه  المنطقة يحشر من ولد نبي الله إبراهيم (عليه السلام) سبعون ألف شهيد ،إذ كانت اليهود تنقل وتدفن موتاها في بانقيا لمكانة هذا الحديث (البكري،1945م،ص222).

وورد أيضاً أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد اشترى هذه الأرض بالقول “اشترى أمير المؤمنين عليه السلام مابين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين بأربعين ألف درهم واشهد على شرائه فقيل له يا أمير المؤمنين أتشتري هذا بهذا المال وليس تنبت حطباً قال الإمام عليه السلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول كوفان يرد من أولها على آخرها يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب واشتهيت أن يحشروا في ملكي” (ابن طاووس، 1963م، ص20)،كما عرفت بأنها احد نواحي الكوفة (ياقوت الحموي، 1977م، ص331).

  1. 2. الطُور

الطور في اللغة : هو (الجبل) ،وذكر في القران الكريم (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)(القران الكريم، سورة التين،اية 1-3)، وفسرت هذه الآية على أن المقصود بالطور هو مدينة الكوفة ،وفسرت أيضاً على أنها ظهر الكوفة (البحراني، (د.ت) ،ج4،ص477)، كما توجد رواية ورد فيها  أن علي بن أبي طالب حدد مكان دفنه لولديه الحسن والحسين (عليهم السلام) بقوله  ” ان أخرجوني إلى الظهر فإذا تصوبت أقدامكم فاستقبلتكم ريح فادفنوني وهو أول طور سيناء ففعلوا ذلك”(ابن طاووس، 1963م، ص39).

  1. الجودي

وتعني الموضع أو الجبل وورد ذكرها في كتاب الله عز وجل بقوله تعالى “وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”(القران الكريم، سورة هود،اية 4) ،وقد ذكر بعض المفسرين أن بداية الطوفان كان من  مسجد الكوفة و بأمر الله تعالى عز وجل كانت نهاية الماء فيه فابتلعت ارض المسجد الماء (البحراني، (د.ت)،ج2،ص 218) .

4. الربوة

وتعني المكان المرتفع عما حوله(الفيومي،1893م ،ص110) ،وذكرت في كتاب الله عز وجل بقوله تعالى “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ”(القران الكريم، سورة المؤمنون،آية 50 )، كما ذكر أن الإمام الصادق (عليه السلام) عندما سال عن معناها أشار إلى إن (الربوة) هي نجف الكوفة (الطوسي، 1962م،ج6،ص38؛ ابن عساكر، 1995م،ج1،ص202) .

  1. الغري

في اللغة تعني : الشيء الحسنى (الزبيدي،(د.ت)،ج10،ص164)،وذكر إن الغري هما قبران طويلان  في البناء لمالك وعقيل وهما نديمي (جذيمة الابرش بن مالك بن فهم الازدي وهو احد ملوك العرب) (ابن خلكان،1948م ،ج6،ص18).

وعندما تم سؤال الإمام الحسين (عليه السلام) عن مكان قبر أبيه أجاب “انه لما مات احتمله الحسن فأتى بظهر الكوفة قريباً من النجف يسره عن الغري يمنه عن الحيرة بين ذكوات بيض”(الكليني، 1964م،ج1،ص456) .

  1. ظهر الحيرة أو ظهر الكوفة

في اللغة : هو (ما غلظ وارتفع من الأرض)، وهي خلاف البطون (ابن منظور، (د.ت)،ج4،ص521؛ البستاني،1930م،ج1،ص1501)، سميت النجف (ظهر الحيرة) وهذه تسمية قديمة ترجع لمملكة الحيرة وما فيها من قصور وأديرة إذ تعود إلى عصر ما قبل الإسلام ،وعند ظهور مدينة الكوفة في عصر الإسلام أطلق على النجف تسمية (ظهر الكوفة) .

  1. المشهد

في اللغة : تأتي بمعنى (مجمع الناس) (ابن منظور، (د.ت)،ج3،ص 241) ،ظهرت تسميتها بعد إظهار قبر أمير المؤمنين من قبل الأمام جعفر الصادق (عليه السلام) ،وأصبح يطلق على السكان المقيمين حول مرقد الأمام علي اسم (المشاهدة).

  1. وادي السلام

تعتبر مدينة النجف من اكبر مدن العالم التي تضم أرضها قبور الناس ومن جميع أرجاء العالم ، حيث كانت في عهد ما قبل الإسلام  يدفن فيها فئات دينية مختلفة ، وعند ظهور القبر الشريف وما ورد في فضل الدفن حوله أصبحت من اكبر المقابر للأثر الروحي والديني والطمأنينة والسلام.

تسميات المرقد العلوي الشريف

من ابرز تسميات المرقد العلوي الشريف :

1- العتبة العلوية المقدسة من التسميات التي أطلقت على مرقد الأمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

2- الجامع العلوي الشريف أو حضرة علي هو مسجد بني على قبر الأمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).

3- الروضة الحيدرية  في اللغة هو المكان الذي تتوفر فيه الطمأنينة و الراحة النفسية، وذلك لتوافد الناس إلى مرقد أمير المؤمنين .

4- ضريح الإمام علي لأنه مكان قبره الشريف والذي يقع ما بين (الغريين والذكوات البيض) حسب رواية الأمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) .

موقع القبر الشريف

أولاً : المرحلة الأولى إخفاء القبر الشريف في روايات أهل البيت (عليهم السلام)

لقد خاض الإمام علي بن أبي طالب منذ بداية خلافته  العديد من الحروب وعلى مضضاً و أول الحروب كانت مع عائشة وطلحة والزبير وهي حرب الجمل واتهامهم له بدم عثمان ، والحرب الثانية كانت صفين مع جيش الشام ودم عثمان والمطالبة به أيضاً هي حجتهم و الإمام علي بن أبي طالب وهو البريء منه بقوله ” وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وآله ولا يستزيدوننا الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء” (ابن أبي الحديد ،(د.ت) ،ج17،ص141)، والثالثة مع الخوارج الذين سفكوا  دماء الأبرياء من المسلمين ، وعرف الإمام علي (عليه السلام) ببطل الإسلام المغوار بقتاله الكفرة ورجالات الحروب وأبطالها ، ولهذه الأسباب وغيرها اكتسب الإمام علي (عليه السلام) الكثير من الحاسدين والأعداء لمكانته و سيرته المطهرة ، وكانوا يستغلون اقل الفرص للتخلص منه ،وكان الإمام على علماً بذلك فعهد بوصيته إلى ولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) بالقول “إذا مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر اخويَّ هود وصالح عليهما السلام” (الطوسي، 1962م،ج6،ص34) .

فكان (عليه السلام) على صواباً عندما عهد بوصيته بأن يدفن في عتمة الليل و في الموضع الذي اختاره ودل الحسن والحسين عليه وطلب منهما إخفاء القبر وأي دلالة عليه وذلك لقبيح أفعال أعدائه ومنع قيامهم بنبش قبره ، واستشهد (عليه السلام) في شهر رمضان سنة (40هـ/660م) ،ونفذ ولديه وصيته فقاموا بغسله وتكفينه ونقلوه مع بعض الخواص ليلاً إلى الغريين الذي كان يسمى (ظهر الكوفة أو ظهر الحيرة) وهي النجف حالياً ،وعندما تولى معاوية الخلافة أمر جميع أعوانه بسب وشتم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المنابر وبقي هذا الوضع لمدة ستين سنة حتى عهد عمر بن عبد العزيز ومنع في عهده السب ،إلا انه عاد بعد موته ،ولم تكن سياسة معاوية بن أبي سفيان فقط السب والشتم بل وضع الهدايا والأموال لمن يدله على قبر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، لكنه لم يصل إلى ذلك فكانت سياسته الانتقام والتعرض لكل من كان من آل بيت النبوة فتعرضوا لسفك الدماء والجور والتهجير من ديارهم بسبب بغضه وحقده لأمير المؤمنين (عليه السلام) ،وكتب معاوية إلى عماله “ان برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وال بيته فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً ويبرأون منه ويوقعون فيه وفي آل بيته” (ابن أبي الحديد،(د.ت)،ج11،ص 44).

وعندما سال صفوان الجمال الإمام الصادق (عليه السلام) عن قبر جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومكانه وسبب إخفائه وكان صاحباً له فأجاب الإمام الصادق (عليه السلام) “حذاراً من بني مروان والخوارج ان تحتال في اذاه” (ابن طاووس، 1963م، ص76) .

وهناك رواية عن الإمام الحسين (عليه السلام) عندما سأله احد أصحابه عن قبر أبيه أمير المؤمنين فكان جوابه “خرجنا به ليلاً من منزله حتى مررنا على مسجد الأشعث حتى إذا خرجنا إلى الظهر بجنب الغري من نجف فدفناه هناك وكفينا موضع قبره بوصية منه مخافة دولة بني أمية” (الاصفهاني، 1965م، ص26؛ الكنجي، 1970م،ص470) .

وهناك روايات أخرى لأهل البيت (عليهم السلام) في مكان قبر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) واثبات وجوده في الغري، ففي رواية للإمام الصادق حول قبر أمير المؤمنين “انه لما مات حمله الحسن عليه السلام فأتى به ظهر الكوفة يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة فدفن بين ذكوات بيض” (ابن قولويه، 1937م،ص34) ، وروي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) ذكر انه  “دُفن بناحية الغريين ودُفن قبل طلوع الفجر”(المفيد، 1962م،ج25،ص1).

وعندما سال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) من احد أصحابه عن قبر جده فقال (عليه السلام) ” إذا انتهيت إلى الغري ظهر الكوفة فاجعله خلف ظهرك وتوجه إلى نحو النجف وتيامن قليلا فإذا انتهيت إلى الذكوات البيض والثنية أمامه فذلك قبر أمير المؤمنين عليه السلام وانأ أتيته كثيراً ومن أصحابنا من لا يرى ذلك ويقول هو في المسجد وبعضهم يقول هو في القصر فأرد عليهم بان الله لم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنين عليه السلام في القصر في منازل الظالمين ولم يكن يدفن في المسجد وهم يريدون ستره فأينا أصوب قال أنت أصوب منهم” (ابن قولويه، 1937م، ص85)، وهذا بعضاً من روايات أهل البيت (عليه السلام) في تحديد مكان قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ثانياً: المرحلة الثانية إظهار القبر الشريف و روايات المؤرخين حول مكانه

 لقد كان قبر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) مخفياً طيلة فترة الحكم الأموي وبقي أثره مخفياً أكثر من ثمانين سنة والسبب في ذلك يعود إلى وصيته (عليه السلام) لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) ، بإخفائه وكان محكماً الرأي في ذلك لما جرى من بعده في العصر الأموي من الشتم والسب والتنكيل كما ذكرنا سابقاً ،حتى وصل الحد بهم إلى قتل وإراقة دماء ولده الإمام الحسين (عليه السلام) بواقعة الطف ، كذلك قتل زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام) ونبش قبره الشريف وقاموا بصلبه وإحراقه ونثرهم رماده في نهر الفرات والزرع وكان هذا بأمر الأموي الوليد بن يزيد بقوله “يا أهل الكوفة لادعنكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم” (اليعقوبي، 1939م،ج2،ص326) .

 وعند سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية قل التضييق على أهل البيت كشف الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن قبر جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبدا عندها الناس يتوافدون إلى قبره في الغري للزيارة ،و بدأت حينها تظهر بداية العمارات على القبر الشريف

وقد تضاربت آراء المؤرخين حول مكان وجود قبره الشريف  ولم يرجعوا أو يعتمدوا روايات أهل البيت (عليهم السلام) في ذلك ومن هذه الروايات :-

1- رواية الخطيب البغدادي إذ ذكر قبره بالقول “سمعت أبا بكر الطلحي يذكر أبا جعفر الحضرمي كان ينكر ان يكون القبر المزور بظاهر الكوفة قبر علي بن أبي طالب وكان يقول لو علمت الرافضة قبر من هذا لرجمته بالحجارة هذا قبر المغيرة بن شعبة وقال ابن حطين لو كان هذا قبر علي بن أبي طالب لجعلت منزلي ومقبلي عنده أبداً” ، وقد كان قبر المغيرة بن شعبة في منطقة (الثوية) وهي قرب الكوفة ،وفي رواية أخرى له “دفن بالكوفة عند قصر الإمارة أو في الرحبة أو في البقيع مع فاطمة بنت رسول الله أو أن الإمام الحسن قد حمله ودفنه بالثوية” (الخطيب البغدادي، (د.ت)ج1،ص138 ،417) .

وقد اشتبه الخطيب البغدادي بين منطقة الغري ومنطقة الثوية وسبب ذلك إن كِلاهما قريبة من الأخرى والاثنان في ظهر مدينة الكوفة .

2- رواية ابن أبي الحديد حيث ذكر انه سال بعض الثقات من شيوخ أهل الكوفة في قول الخطيب البغدادي حول قبر الإمام علي (عليه السلام) انه ليس في منطقة الغري والموجود فيه هو قبر المغيرة بن شعبة فأكدوا خطا هذا الرأي وان قبر المغيرة يقع في الثوية وهم ينقلون ذلك عن آبائهم وأجدادهم (ابن أبي الحديد ، (د.ت)،ج6،ص123).

3- هناك بعضاً المؤرخين اعتمدوا التخمين في موقع قبره الشريف ومنهم ابن عساكر(ت571هـ/1175م)، الذهبي (ت 748هـ/1347م) ،والصفدي (ت764هـ/1362م) (الصفدي، 1910م، ص125).

4- وقد اتفق المؤرخ ابن الأثير مع الخطيب البغدادي في الرأي ، وبعض المؤرخين أشاروا إلى وجود قبره في عدة مدن كالشام ومصر وقد بنيت هذه الروايات على اثر وجود كرامات الإمام علي (عليه السلام) فيها (الهروي، 1953م ،ص4،8،15) .

5- أما السيوطي فانه أنكر وجود قبر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف (السيوطي ،1987م ، ص176) ، وقد ذكر الشيخ عبد الحسين الأميني سبب هذا الرأي لبعض المؤرخين بالقول  ” للقوم حول مدفن أمير المؤمنين خلاف عظيم أحدثته يد السياسة لتخذيل الأمة عنه وبعدها عن زيارة ذلك المشهد المقدس” (الأميني، 1977م،ج5،ص68).

أما المؤرخين الذين أكدوا وجود القبر الشريف بالقول  ” أن القبر الشريف موجود في الغري” (ابن تيميه، 1966م،ج4،ص451؛ ابن الصباغ، 1962م، ص120) ، كما ذكر المسعودي وأكد ذلك بقوله أن الإمام علي بن أبي طالب قد دفن في الغري وهو على بعد أميال من الكوفة (المسعودي،1955م ، ص118).

وقد أورد ذلك الشافعي بقوله أن أمير المؤمنين دفن في الغري في جوف الليل (الشافعي، (د.ت)،ص184)، و ذكر ابن الطقطقي ذلك ” وأما مدفن أمير المؤمنين فانه دفن ليلاً بالغري ثم عفى قبره إلى أن اظهر حيث مشهده الآن” (ابن الطقطقي ،1899م،ص92)، كما أكد الكوفي (الكوفي، (د.ت)،ج3،ص 154)،و الاربلي (الاربلي،1966م ،ج2،ص66).

وذكر سبط ابن الجوزي”انه على النجف في المكان المشهور الذي يزار فيه اليوم” (سبط ابن الجوزي، (د.ت)،ص178-179 ) ، و أورد ابن أبي الحديد رواية تفصيلية حول ذلك “وما يدعيه أصحاب الحديث من الاختلاف في قبره وانه حمل إلى المدينة أو انه دفن في رحبة الجامع أو عند باب قصر الإمارة أو عند البعير الذي حمل عليه فأخذته الأعراب باطل كله لا حقيقة له وأولاده اعرف بقبره وأولاد كل الناس اعرف بقبور آبائهم من الأجانب وهذا القبر الذي زاره بنوه لما قدموا العراق منهم جعفر بن محمد عليه السلام وغيره من أكابرهم و أعيانهم”، وله  رواية ثانية في ذلك يذكر فيها انه عندما قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) تم إخفاء قبره من قبل ولديه الحسن والحسين خوفاً من تعرض بني أمية لقبره عليه السلام وانهم أوهموا الناس بغير ذلك ففي ليلة دفنه حملوا تابوتاً على جمل وخرجوا من الكوفة في جوف الليل مع ثقاتهم يوهمون الناس بانهم متوجهين إلى المدينة لدفنه إلى جانب فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وفي نفس الوقت اخرجوا بغلا يحمل جنازة مغطاة  ليوهموا الناس بدفنه في الحيرة وحفروا بأكثر من مكان كرحبة القصر لدار الإمارة وفي الثوية والكناسة وغيرها ،وبذلك توهم الناس بمكان قبره الصحيح ولم يعلمه إلا أهل بيته وهم ولديه وبعض الخواص إذا توجهوا في وقت السحر في ليلة الحادي والعشرين من رمضان نحو موضع الغري في النجف حسب وصيته عليه السلام فاختلف الناس بعد ذلك ،وتكاد تكون هذه الرواية هي الجامعة لاختلافات المؤرخين في الرأي حول موضع القبر الشريف وأكثرها صواباً (ابن أبي الحديد،(د.ت)،ج1،ص 16).

المبحث الثاني

زيارات القبر الشريف خلال العصر الأموي والعباسي

لقد بقي قبر الإمام مخفياً و لا يعرف مكانه سوى أهل البيت (عليهم السلام) وبعضاً من أصحابه الخلص وذلك تنفيذاً لوصية أمير المؤمنين (عليه السلام )، وبقيت زيارات القبر الشريف سرية من قبلهم ،وكانت المراقبة شديدة على العلويين طيلة فترة الحكم الأموي ومن الزيارات السرية هي زيارة الإمام زين العابدين (عليه السلام) للقبر الشريف خلال حكم بني أمية حيث اعتزل في البادية من اجل التخلص من المراقبة والجواسيس حتى يتمكن من زيارة قبره الشريف ،كما كان لا يبيت إلى جانب القبر بل يمكث إلى الجهة الغربية منه ويعرف هذا المكان حالياً في النجف بـ(مقام زين العابدين) .

وورد عن الإمام الباقر(عليه السلام) في رواية عن أبيه انه كان يزوره بهذه الزيارة  “مضى أبي علي بن الحسين إلى قبر أمير المؤمنين فوقف عليه ثم بكى فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده جاهدت في الله حق جهاده وعملت بكتابه واتبعت سنن نبيه حتى دعاك الله إلى جواره…” (الحر العاملي،1978م ،ج10،ص306)، و ذكر (عليه السلام) انه عند زيارته مع أبيه للقبر الشريف لم يكن معهما سوى ناقتيهما (البراقي، 2009م، ص151).

كما ذكر أن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال لصاحبه أبا قرة في موضع قبر جده ” يا أبا قره أتدري أي موضع هذا فقلت لا فقال نحن قرب قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يا أبا قرة نحن في روضة من رياض الجنة “(ابن طاووس، 1963م ، ص96) ،وبقيت هذه  الزيارات مقتصرة على أهل البيت حتى نهاية الدولة الأموية (132 هـ/749م) وقيام الدولة العباسية .

وبمجيء الدولة العباسية التي اتخذت من (الرضا من آل محمد) شعاراً لها من اجل إضفاء الصفة الشرعية لدولتهم ومن اجل كسب الناس وإيهامهم بحبهم لأهل البيت تغير التعامل مع القبر الشريف ، فكان أول خلفاء بني العباس السفاح (132-136ه‍ـ) الذي اتبع سياسة المرونة والسلام تجاه أهل البيت ،مما دفع هذا الأمر إلى الإعلان عن قبر أمير المؤمنين ومكانه من قبل الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) ، وحدد مكانه لصاحبه صفوان الجمال بالقول  ” إذا انتهيت إلى الغري في ظهر الكوفة فاجعله خلف ظهرك وتوجه على نحو النجف وتيامن قليلاً فإذا انتهيت إلى الذكوات البيض والثنية أمامه ذلك قبر أمير المؤمنين عليه السلام” ، وهناك وصف أخر له ذكر فيه الموضع بالقول ” إذا خرجتم فجزتم الثوية والقائم وصرتم على النجف في غلوة أو غلوتين رأيتم ذكوات بيض بينهما قبر قد جرفه السيل فذاك قبر أمير المؤمنين”(المجلسي، 1983م،ج10،ص242).

كما عمل الإمام الصادق (عليه السلام) بمساعدة صاحبه صفوان الجمال بإقامة بناء بسيط مثل الدكة وتخطيط القبر الشريف بعد أن تعرض للجرف بسبب السيول(ابن طاووس، 1963م، ص79) ، وقد كان الإمام (عليه السلام) يزور العراق باستمرار ويقيم في الحيرة ويمر بقبر جده أمير المؤمنين ودائماً يوضح ويدلي الناس على موقع القبر الشريف بسبب الاختلاط عند الناس في تحديد مكانه .

وكان للإمام طرق أخرى بإدلال الناس على موقع القبر الصحيح وذلك من خلال أصحابه الذين يصحبهم فيقومون بتوجيه الناس له ، وبهذه الطريقة وطريقة تحديد القبر الشريف من خلال ذكر (الغريين ، والذكوات البيض) كدلالة عليه بدا الناس يتوافدون إليه بمرور الزمن وبقي الأئمة من بعد الإمام محمد بن جعفر الصادق يزورون القبر الشريف بنفس مكانه ووصفه ويدلون الناس عليه ، كالإمام الكاظم موسى بن جعفر ،والإمام الرضا علي بن موسى ، والإمام الجواد محمد بن علي ،والهادي علي بن محمد ، والإمام الحسن بن علي العسكري(ابن طاووس،1963م، ص86 ،88 ،91).

 لم تقتصر زيارات قبر الإمام علي بن أبي طالب على أهل بيته ومحبيه من الناس بل حتى من بعض الخلفاء والأمراء والوزراء ،ومنهم أبو جعفر المنصور عندما تولى الخلافة في سنة (136-158هـ) وله واقعة مع القبر الشريف وذلك بقيامه بمساعدة احد عبيده بنبش القبر وعندما تبين له وجوده لم يعلم عنه(ابن طاووس،1963م، ص238 )،وبمجيء هارون الرشيد في سنة (170-193هـ) كانت له قصة مشهورة مع القبر سنتناول ذكرها في العمارات .

وكان لمحمد المنتصر الذي ولي سنة (247-249ه‍ـ) زيارة للقبر الشريف مع جدته أثناء توجههم لأداء فريضة الحج  في مكة المكرمة سنة ( 236هـ/850م)، وأيضاً الخليفة العباسي المقتفي بالله (552-555ه‍ـ) له رواية ذكر فيها انه دخل المدينة وأشار بأصبعه إلى موقع القبر وسلم عليه( ابن كثير، 2015م،ص232 )، وكان للعباسي الناصر لدين الله (575-622ه‍ـ)زيارات متكررة للقبر الشريف، وهناك رواية عن المنتصر ابن الناصر لدين الله(623-640هـ‍) يذكر فيها “ان الخليفة المنتصر بالله توجه إلى مشهد الإمام علي عليه السلام وعمل فيه ضريحاً وبالغ فيه”(ابن طاووس، 1963م، ص103) ، وزار القبر الشريف الخليفة المستعصم بالله (640-656هـ) مع والدته أثناء توجههم لمكة المكرمة لأداء فريضة الحج(ابن طاووس، 1963م، ص103) ،وزاره من الوزراء طلائع بن زريك الملقب بابي الغارات سنة (556هـ/1169م)‍، حيث ورد انه زار قبر أمير المؤمنين وله قصيده في ذلك :-

يا راكب الفي دع عنك الضلال… فهذا الرشد بالكوفة الغراء مشهده

من ردت الشمس من بعد المغيب له… فأدرك الفضل والأملاك تشهده

    ومن الأمراء والسلاطين زيارة الحسن بن زيد وأخيه محمد العلويين(ابن شهر آشوب، (د.ت)،ج2،ص 349؛ محبوبه، 2009م،ج1،ص43) إذ كانا متوجهان إلى الحج ، ومعز الدولة أبو منصور بختيار بن معز الدولة كانت زيارته له في سنة(364ه‍/ 974م)(ابن مسكويه، 2002م، ج6،ص355) ، وجلال الدولة أبو طاهر بن بهاء الدولة البويهي سنة (435ه‍/1043م) إذ ذكر انه زاره حافيا عندما وصل إليه تقديساً واحتراماً(الذهبي، (د.ت)،ص319)، وأرسلان بن عبد الله البساسيري أبو الحرث الملقب ب الملك المظفر سنة (451هـ/1059م)(ابن كثير، 2015م، ج12،ص81) ،وابن سيف الدولة أبو الحسن دبيس بن صدقه بن منصور كانت زيارته للمرقد في سنة (513هـ/1119م) .

 فضل القبر الشريف والدفن جواره

1- الروايات التاريخية الواردة في فضل زيارة القبر الشريف

 لقد كان لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أساس في حث الناس على زيارة قبره وقبور آل بيته لما له من اثر على شخص الإنسان من موعظة وعبرة وصفاء لنفسه بقوله “من زار قبري وجبت له شفاعتي”( الشربيني، 1955م،ج1،ص512 ؛ ابن الحاج،1929م ،ص260)،وله حديث أخر يقول فيه “من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي”(العجلوني، 1933م،ج2،ص251) ، فأصبحت زيارة قبره الشريف سنه وكان أهل بيته (عليهم السلام ) أول من اتبع وطبق هذه السنة بزيارة قبره الشريف وزيارة قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) أما الروايات الواردة في فضل زيارة القبر الشريف :

1- رواية رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بقوله لعلي بن أبي طالب ” يا علي من زارني في حياتي وبعد مماتي وزارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة ان أخلصه من أهوالها أو شدائدها حتى أصيره معي في درجتي”(الكليني، 1964م، ج4،ص579).

2- الرواية التي وردت عن الإمام الصادق (عليه السلام) في فضل زيارة قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ،حيث روى أن أعرابياً ورد إلى رسول الله وقال له إن منزله بعيداً عنه وهو يشتاق لزيارته (صلى الله عليه واله وسلم ) ،وعندما يقدم إليه كان لا يجده ويجد بدلاً عنه علي بن أبي طالب فيجلس معه فيؤنسه ويتبادل مع الأحاديث ويوعضه  لكنه يرجع متأسف لعدم رؤيته ، فقال له رسول الله صلى عليه واله وسلم “من زار علياً فقد زارني ومن أحبه فقد أحبني ومن ابغضه فقد ابغضني بلغ قومك هذا عني ومن أتاه زائراً فقد أتاني وأنا المجازي له يوم القيامة وجبريل وصالح المؤمنين”(المجلسي،1983م،ص262-263).

كما أورد ابن طاووس رواية عن الإمام الصادق  يوضح فيها آداب زيارة قبر أمير المؤمنين فيقول ” إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين فاغتسل الزيارة والبس أنظف ثيابك وشم شيئاً من الطيب وامش وعليك السكينة والوقار فإذا وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة وكبر الله تعالى ثلاثين مرة وقل السلام على رسول الله السلام على خير خلق الله…”(ابن طاووس،1963م، ص77) .

3- رواية الإمام الرضا (عليه السلام) في فضل زيارة أهل البيت (عليهم السلام ) ” إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته وان من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة “(الصدوق، 2006م، ج2،ص260).

ولقد كان للائمة المعصومين (عليهم السلام) بدءً بالإمام الصادق (عليه السلام) وحتى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) زيارات عديدة لقبر جدهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وأحياناً كانت هذه الزيارات مع أصحابهم فيدلونهم على القبر الشريف حتى يقوموا بدلالة من يرغب من الناس بزيارة القبر الشريف ،وكانت الزيارة كما في الوقت الحاضر تشتمل على إقامة الصلاة والدعاء وتلاوة القران وتعتبر كالمسجد ومن بيوت الله.

2- الروايات التاريخية الواردة في الفضل حول الدفن جوار القبر الشريف

1- وردت رواية عن حبة العرني وهو صاحب أمير المؤمنين ذكر فيها انه خرج يوماً إلى ارض الغري مع الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ووقفا عند وادي السلام وقام الإمام كأنه يخاطب أقواماً حتى تعبت من الوقوف وجلست ثم قمت حتى مللت فجلست وذكر انه وضع ردائه لأمير المؤمنين وقال له انه أشفق عليه من الوقوف والتعب وليرتاح ساعة  فرد عليه الإمام قائلاً ” يا حبة ان هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته قلت يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك قال نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقاً حلقاً محتبين يتحادثون فقلت أجسام أم أرواح فقال أرواح وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه الحقي بوادي السلام وإنها لبقعة من جنة عدن”(الكليني، 1964م،ج3،ص243؛ الكوفي،(د.ت)، ص9).

2- رواية الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام ) عندما قال له احد الأشخاص ان له أخاً في بغداد ويخاف ان يموت فيها فقال له الإمام “ما تبالي حيثما مات اما انه لا يبقى مؤمن شرق الأرض وغربها إلاّ حشر الله روحه إلى وادي السلام قلت له وأين وادي السلام قال ظهر الكوفة اما اني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون”(الكليني، 1964م،ج3،ص243) .

3- رواية أمير المؤمنين عند شرائه للأرض وقول الناس له انها لا تنبت فرد (عليه السلام) قائلاً “سمعت من رسول الله صلى الله عليه واله يقول كوفان يرد أولها على آخرها يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب واشتهيت أن يحشروا في ملكي”(القبانجي، 2000م،ج8،ص456؛ البراقي، 2009م، ص62) .

وقد تناقل الناس قول الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكانوا يقومون بالدفن في ارض الغري، وبعد كشف الإمام الصادق عن موضع القبر بداية قيام الدولة العباسية بدأ الناس من شيعة أهل البيت بدفن  ونقل موتاهم إلى ارض وادي السلام  والى الوقت الحاضر ، لقداسة هذه الأرض في الروايات التاريخية ومن اجل بركة وشفاعة قبر الإمام علي بن أبي طالب ،وذكر السخاوي بخصوص بركة المكان “يستحب أن يقصد الإنسان بميتهِ قبور الصالحين ومدافن أهل الخير ويدفنه بالقرب منهم وينزله بإزائهم ويسكنه في جوارهم تبركاً بهم” ،فعدت ارض الغري من أقدس بقاع الأرض(السخاوي،1979م ، ص5).

الخلافة العباسية وعمارة القبر الشريف

بعد سقوط الدولة الأموية ومقتل آخر خليفة أموي وهو مروان بن محمد الحمار في مصر في عام (132هـ/749م) ،قامت الدولة العباسية واستمدت شرعيتها في الخلافة من العباس بن عبد المطلب من بني هاشم وهو عم الرسول محمد(صلى الله عليه واله وسلم) ، وكانت بداية نشأتها في منطقة الحميمة وهي بلد من أرض السراة من أعمال عمان في أطراف الشام (ياقوت الحموي ،1977م ،ج2،ص120) ،وقامت الدولة العباسية في سنة (132هـ -656هـ) وبدأت الخلافة بـ(السفاح) (ابن خلكان، 1948م، ص187) وتسلسلهم كالآتي :-

  1. أبو العباس عبد الله السفاح (132-136ه‍).
  2. أبو جعفر عبد الله المنصور (136-158ه‍).
  3. أبو عبد الله محمد المهدي (158-169ه‍).
  4. أبو محمد موسى الهادي (169-170هـ‍).
  5. أبو جعفر هارون الرشيد (170-193هـ).
  6. محمد الأمين (193-198ه‍).
  7. عبد الله المأمون (198-218ه‍).
  8. محمد المعتصم بالله (218-227ه‍).
  9. هارون الواثق بالله (227-232هـ).
  10. جعفر المتوكل على الله (232-247ه‍).
  11. محمد المنتصر بالله (247-248ه‍).
  12. احمد المستعين بالله (248-252ه‍).
  13. محمد المعتز بالله (252-255ه‍).
  14. محمد المهتدي بالله (255-256ه‍).
  15. احمد المعتمد بالله (256-279ه‍ ).
  16. احمد المعتضد بالله (279-289هـ ‍).
  17. علي المكتفي بالله (289-295ه‍/ ).
  18. جعفر المقتدر بالله (295-320ه‍ـ).
  19. محمد القاهر بالله (320-322ه‍ـ).
  20. محمد الراضي بالله (322-329ه‍ـ).
  21. إبراهيم المتقي بالله (329-333ه‍ـ).
  22. عبد الله المستكفي بالله (333-334ه‍ـ).
  23. فضل المطيع لله (334-363هـ).
  24. عبد الكريم الطائع لله (363-381ه‍ـ).
  25. احمد القادر بالله (381-422ه‍ـ).

26.                                                                                                                                               عبد الله القائم بأمر الله (422-467ه‍).

  1. المقتدي بالله (467-487ه‍).
  2. احمد المستظهر بالله (487-512ه‍).
  3. الفضل المسترشد بالله (512-529ه‍).
  4. منصور الراشد بالله (529-530ه‍).
  5. محمد المقتفي بالله (530-555ه‍).
  6. يوسف المستنجد بالله (555-566ه‍).
  7. حسن المستضيء بالله (566-575ه‍).
  8. احمد الناصر بالله(575-622ه‍).
  9. محمد الظاهر بالله (622-623ه‍).
  10. منصور المستنصر بالله (623-640ه‍).

37.                                                                                                                                            عبد الله المستعصم بالله (640-656ه‍ـ).

     وقد مثلت بداية الخلافة العباسية بدءً بأبو العباس السفاح إلى خلافة الواثق بالله (132-232هـ) العصر الذهبي للدولة العباسية وذلك لسيطرتهم التامة من الناحية السياسية ،وكذلك ما شهدت دولتهم من تطور ثقافي وعمراني ومن ناحية توسع الدولة أيضاً، أما الفترة الثانية والتي تبدأ بخلافة المتوكل على الله إلى خلافة المستكفي بالله (232-334هـ)، مثل هذا العصر بداية ضعف الدولة العباسية بتدخل الأتراك فيها بقيام الثورات والحركات وسيطروا على بعض مناطق الدولة(طقوش، 2009م،ص155) وفي المرحلة الثالثة التي بدأت من خلافة المطيع لله إلى خلافة القائم بأمر الله (334-447هـ) ظهرت أمارات مستقلة بتدخل وسيطرة البويهيين في الدولة (طقوش،2009م،ص217) ،ومثل العصر الرابع نهاية الدولة العباسية التي تبدأ من خلافة المقتدي بالله إلى خلافة المستعصم بالله (447-656هـ)(طقوش،2009م،ص235) إذ سيطر السلاجقة الأتراك على بغداد وأصبحوا هم المتحكمين بالخليفة والدولة ، واستغل هذا الضعف السياسي المغول إذ زحفوا نحو بغداد بقيادة هولاكو الذي اتبع سياسة التدمير والدم  وقتل أخر خليفة عباسي وانتهت دولتهم(طقوش،2009م،ص258) ، وقد استعرضنا هذا الملخص للدولة العباسية وخلفائها من اجل فهم تسلسل عمارات المرقد العلوي خلال العصر العباسي للقارئ .

 إصلاح القبر الشريف

 كان على يد الإمام محمد بن جعفر الصادق (عليه السلام) إذ تضرر القبر الشريف بسبب العوامل الطبيعية وحدوث السيول ، وذكر صفوان الجمال بخصوص إصلاح القبر رواية  “لما وافيت مع جعفر الصادق الكوفة نريد أبا جعفر المنصور قال لي يا صفوان أنخ الراحلة فهذا حرم جدي أمير المؤمنين فأنختها قلت يا سيدي تأذن لي أن اخبر أصحابنا من أهل الكوفة به قال نعم وأعطاني دراهم وأصلحت القبر”(ابن طاووس، 1963م،ص79) ، وعند بداية الدولة العباسية وضع داود العباسي وهو عم العباس السفاح صندوقاً على القبر كدليل ومثل هذا الفعل كسباً لود أبناء علي بن أبي طالب ، كما ذكر أن السفاح اصطحب يوماً معه مولى وقال له “خذ معك معولا وزنبيلا وامض معي قال فأخذت ما قال وذهبت معه ليلاً حتى أتى الغري فإذا قبر فقال احفر حتى بلغت اللحد فقلت هذا قبر ظهر فقال له طم ذلك هذا قبر أمير المؤمنين عليه السلام إنما أردت أن اعلم”(المجلسي، 1983م،ج97،ص238).

 وقد حدث تغيراً في هذه العلاقة فعند تولي أبو جعفر المنصور الخلافة كانت الناس لاتصل إلى القبر أو تزوره خوفاً منه ولما يلحق بهم من قتل وبطش وتنكيل من العباسيين(ماهر، 1969م،ص127)، وبمرور الزمن طمس اثر الصندوق من اثر العوامل الطبيعية كالسيول التي حدثت أو أنهم تعمدوا طمس اثر الصندوق، وبعد وفاة الخليفة أبو جعفر المنصور رجع الناس إلى زيارة القبر الشريف والسكن حوله والدفن إلى جواره .

1- العمارة الأولى لـ(هارون الرشيد العباسي)

تولى هارون الرشيد الخلافة في سنة (170-193ه‍ـ) واتفق اغلب المؤرخين على حادثة مشهورة له مع قبر الإمام علي بن أبي طالب عند خروجه للصيد قرب الغري ونص هذه القصة “روى محمد بن زكريا قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال حدثني عبد الله بن حازم قال خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة نتصيد فصرنا إلى ناحية الغريين والثوية فرأينا الضباء فأرسلنا عليها الصقورة والكلاب فجاولتها ساعة ثم لجأت الضباء إلى أكمة فسقطت عليها فسقطت الصقورة ناحية ورجعت الكلاب فعجب الرشيد من ذلك ثم ان الضباء هبطت من الأكمة فهبطت الصقورة والكلاب فرجعت الضباء إلى الأكمة فتراجعت عنها الكلاب والصقورة ففعلت ذلك ثلاثا فقال الرشيد اركضوا فمن لقيتموه فأتوني به فأتيناه بشيخ من بني أسد فقال له هارون اخبرني ما هذه الأكمة قال إن جعلت لي الأمان أخبرتك قال لك عهد الله وميثاقه إلاّ أهيجك ولا أؤذيك قال حدثني أبي عن آبائي أنهم كانوا يقولون ان في هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب عليه السلام جعله الله حرماً لا يأوي إليه شئ إلا امن فنزل هارون فدعا بماء وتوضأ وصلى عند الأكمة وتمرغ عليها وجعل يبكي ثم انصرفنا”( المفيد، 1962م،ج1،ص25-27؛ الكوفي،(د.ت)،ص18-20).

ويوجد لوحة زيتية في خزانة الروضة العلوية توثق هذه الحادثة مع هارون الرشيد وقيل أنها ترجع إلى الصفويين(حرز الدين، 1966م،ج2،ص68)، وبعد هذه القصة أمر هارون الرشيد ببناء القبر الشريف وبنى عليه قبة وكان الناس يتوافدون للزيارة ودفن أمواتهم جواره(ابن عنبه، 1961م، ص62).

ذكر ابن طاووس رواية في طريقة البناء بالقول ” ان الرشيد بنى عليه بنياناً بآجر ابيض  أصغر من هذا الضريح اليوم, من كلّ جانب بذراع, ولمّا كشفنا الضريح الشريف وجدناه مبنياً, عليه تربةً وجصّاً وأمر الرشيد ان يبنى عليه قبة فبنيت من طين احمر وطرح على رأسها جرة خضراء” ، واعتبر هارون الرشيد هو أول من احدث بناءاً للقبر العلوي الشريف وتكون من قبة عالية ،وبهذه السياسة الجديدة تجاه العلويين بدأ الناس يتوافدون إلى ارض الغري للسكن والزيارة والدفن جوار القبر للتبرك به ، ولم يتفق المؤرخون حول سنة عمارة القبر الشريف من هارون الرشيد العباسي ،فالبعض منهم أشار إلى أنها كانت في سنة (155هـ/771م) وهو أمر غير معقول لأنه لم يتولى سلطة الحكم بعد والبعض الأخر أشار إلى أنها كانت في سنة(170هـ/786م) أي عند توليه الخلافة وهي الأقرب للصواب أي إن العمارة أقيمت عند توليه الخلافة(ابن طاووس،1963م،ص145).

2- العمارة الثانية لـ(محمد بن زيد العلوي)

    احد العمارات التي شيدت على قبر أمير المؤمنين هي عمارة محمد بن زيد العلوي وتمت هذه العمارة بعد هدم عمارة هارون الرشيد العباسي من قبل المتوكل على الله العباسي ، عندما تولى المعتضد بالله العباسي الخلافة سنة (279ه‍ـ/989م) عرف بأسلوبه الحسن مع آل أبي طالب، وفي تلك الفترة زار النجف وكربلاء أبناء زيد العلوي وهم محمد و الحسن متوجهين إلى مكة لحج بيت الله الحرام، وقد ورد في الروايات أن محمد بن زيد العلوي الملقب بـ(الداعي الصغير) وكان أميراً على طبرستان وهي احد مناطق بلاد فارس (ياقوت الحموي ،1977م ،ج3،ص147) عندما وصل قبر الإمام علي بن أبي طالب أعطى الأموال لعمارة المرقد الشريف ،وذكر انه بنى قبة على القبر الشريف حائطا وحصناً يتكون من سبعون طاقاً(العاملي، 1978م،ج3،ص587)، كما ذكر أن محمد بن زيد العلوي كان يتواصل مع احد أصحابه الثقات في بغداد ويعرف باسم محمد العطار ويرسل له الأموال وهو بدوره يقوم بتوزيعها على آل علي بن أبي طالب في العراق وحتى مكة والمدينة ، وعندما وصل هذا الأمر إلى الخليفة المعتضد بالله العباسي عن طريق الشرطة ألقى القبض على محمد العطار واخذ المال الذي معه واجبره أن يعترف بـالعلاقة التي بينه وبين محمد بن زيد العلوي ، بعدها أمر المعتضد بالله بإطلاق سراحه وأمره بان يكتب إلى الداعي الصغير محمد بن زيد العلوي أمير طبرستان رسالة علنية ويوجه فيه إليه ما يريد ويوزع ما يأتيه من الأموال بصورة علنية(ابن الجوزي ، 1995م،ج5،ص150؛ الطبري،2008م،ج10،ص41)،هذا الأمر أدى إلى توسع العمارة للمرقد الشريف  وبدأت ملامحها تظهر أكثر حتى بالنسبة لمدينة النجف أدى هذا الأمر إلى زيادة توافد الناس إليها للزيارة والسكن فيها.

3. العمارة الثالثة لـ(أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان)

 كان والياً على مدينة (الموصل) في العراق وهو عبد الله بن حمدان الحمداني (ت317هـ/929م) ‍، ذكر ابن الأثير زيارته للقبر الشريف بالقول ” لقد زار أبي الهيجاء قبر أمير المؤمنين عليه السلام أثناء توجهه إلى مكة المكرمة لأداء مناسك فريضة الحج وذلك في عام 312هـ”(ابن الأثير، (د.ت)،ج6،ص 177).

 فعندما قدم عبد الله بن حمدان الغري أمر ببناء جديد على القبر الشريف بعد عمارة محمد بن زيد العلوي، كما أورد ابن حوقل عمارة أبي الهيجاء قائلاً ” وقد شهر أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان هذا المكان وجعل عليه حصاراً منيعاً وابتنى على القبر الشريف قبة عظيمة رفيعة الأركان ومن كل جانب لها أبواب وسترها بفاخر الستور وفرشها بثمين الحصر الساماني وقد دفن في هذا المكان المذكور جله من أولاده و سادات آل أبي طالب من خارج هذه القبة …” فنسبت لعبد الله الحمداني العمارة الثالثة للقبر العلوي الشريف(ابن حوقل، 1992م، ص215).

4- العمارة الرابعة لـ( عمر بن يحيى العلوي)

هو عمر بن يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وكنيته أبو علي كان يسكن مدينة الكوفة و يشغل منصب (النقابة) لآل أبي طالب فيها ، ونسبت إلى عمر بن يحيى احد مراحل تطور عمارة القبر الشريف وهي العمارة الرابعة في عهد الخليفة المطيع لله العباسي في سنة (338هـ/949م) ، فبنى قبة كبيرة وحرماً واسعاً من أمواله(ابن زهرة ،1962م ،ص161).

وكان لعمر بن يحيى عمل ثاني وهو قيامه بإرجاع الحجر الأسود لمكة المكرمة عندما اخذ من البيت الحرام من قبل القرامطة وكان ذلك في عهد الخليفة المطيع لله فكان وسيطاً بينه وبين القرامطة واستطاع إقناعهم وإرجاعه ووضعه في مسجد الكوفة وبعدها قام بإرجاعه إلى بيت الله الحرام ، وذكر انه كان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في احد الأيام رواية حول هذه القصة قال فيها” ذات يوم بالكوفة لابد أن يسلب الحجر الأسود ويعلق في هذه السارية وأومأ إلى السارية السابعة “(الاميني، 1977م،ص195).

5- العمارة الخامسة لـ(عضد الدولة البويهي)

هو الحسن بن أبي شجاع بن فناخسرو بن تمام عضد الدولة أبي علي ،كانت وفاته في  مدينة بغداد ، وتم نقله إلى النجف ودفنه في المقبرة البويهية حسب وصيته وهذه المقبرة بنيت إلى جوار الحضرة لأمير المؤمنين وهي موجودة حتى الوقت الحاضر(ابن خلكان، 1948م،ج3،218؛ مغنية، 1964م،ص13- 14).

وعد عضد الدولة البويهي أول من دفن من البويهين إلى جانب روضة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وبذل عضد الدولة الكثير من الأموال  من اجل عمارة المرقد العلوي الشريف وبدأ ذلك في سنة (369هـ/979م) حتى وصفت عمارته بأنها ” عمارة عظيمة واخرج لها أموالاً جزيلة وعين له أوقافاً ولم تزل عمارته باقية إلى سنة ثلاثة وخمسين وسبعمائة وكان قد نشر الحيطان بخشب الساج المنقوش فأحترقت تلك العمارة” (البراقي، 2009م،ص200-201) .

كما ذكر أن عضد الدولة البويهي كان سخياً في العطاء إلى العلماء والفقهاء وعامة الناس الساكنين جوار المرقد العلوي ،واكتمل البناء في سنة (371هـ/981م) وكان ذلك في عهد الخليفة العباسي الطائع لله ، وكان البناء قد ضم قبة بيضاء على الحرم المطهر وتم تغليف الجدران بالخشب المنقوش الساج ، وبهذه المناسبة أقيم حفل في داخل الحرم  كان حاضراً فيه عضد الدولة البويهي وبعضاً من الشخصيات الأعيان الذين وفدوا من بغداد ومن ضمن هذه الشخصيات الشاعر الحسين بن الحجاج  الذي ألقى قصيدته المشهورة في مدح الإمام علي بن أبي طالب بحضور عضد الدولة وهي (64)بيتاً(الأميني،1977م ،ج4،ص9؛ابن زهرة 1962م،ص161) قال فيها :

يا صاحب القبة البيضاء في النجف… من زار قبرك واستشفى لديك شفي

زوروا أبا الحسن الهادي لعلكم… تحظون بالأجر و الإقبال و الزلف

زوروا لمن تسمع النجوى لديه فمن… يزره بالقبر ملهوفا لديه كفي

إذا وصلت فأحرم قبل تدخله… ملبيا واسع سعيا حوله وطف

حتى إذا طفت سبعا حول قبته… تأمل الباب تلقا وجهه فقف

وقل: سلام من الله السلام على… أهل السلام وأهل العلم والشرف

إني أتيتك يا مولاي من بلدي… مستمسكا من حبال الحق بالطرف

راج بأنك يا مولاي تشفع لي… وتسقني من رحيق شاني اللهف

لأنك العروة الوثقى فمن علقت… بها يداه فلن يشقى ولم يخف

وإن أسماءك الحسنى إذا تليت… على مريض شفي من سقمه الدنف

لأن شأنك شأن غير منتقص… وإن نورك نور غير منكسف

وإنك الآية الكبرى التي ظهرت… للعارفين بأنواع من الطرف

هذي ملائكة الرحمن دائمة… يهبطن نحوك بالألطاف والتحف

كالسطل والجام والمنديل جاء به… جبريل لا أحد فيه بمختلف

كان النبي إذا استكفاك معضلة… من الأمور وقد أعيت لديه كفي

وقصة الطائر المشوي عن أنس… تخبر بما نصه المختار من شرف

والحب والقضب والزيتون حين أتوا… تكرما من إله العرش ذي اللطف

والخيل راكعة في النقع ساجدة…والمشرفيات قد ضجت على الحجف

بعثت أغصان بان في جموعهم… فأصبحوا كرماد غير منتسف

لو شئت مسخهم في دورهم مسخوا… أو شئت قلت لهم يا أرض انخسفي

والموت طوعك والأرواح تملكها… وقد حكمت فلم تظلم ولم تجف

لا قدس الله قوما قال قائلهم… بخ بخ لك من فضل ومن شرف

وبايعوك بخم ثم أكدها… محمد بمقال منه غير خفي

عاقوك واطرحوا قول النبي ولم… يمنعهم قوله: هذا أخي خلفي

هذا وليكم بعدي فمن عقلت… به يداه فلن يخشى ولم يخف

كما لم يقتصر اهتمام عضد الدولة البويهي بالمرقد العلوي فحسب بل قام بفتح قناة من نهر الفرات من اجل إيصال الماء إلى المدينة وكذلك الآبار من اجل العيش وذلك لطبيعة مناخها القاسي ولأنها فوق مستوى سطح البحر إذ كان أهلها يعتمدون على المياه الجوفية.

6- العمارة السادسة لـ(عمران بن شاهين)

كان ملكاً على مدينة البطيحة وهي الأهوار حالياً وتقع في جنوب العراق ،بنى حول المرقد الشريف رواق يعرف في الوقت الحاضر بـ(جامع عمران بن شاهين) وموقعه في الجهة اليمنى عند دخول المرقد من باب الطوسي وقد تمت تغليفه وترميمه في الوقت الحاضر.

كما أشار ابن بطوطة إلى عمارة المرقد العلوي الشريف أثناء رحلته إلى العراق بقوله ” ثم باب الحضرة حيث القبر الذي يزعمون انه قبر علي عليه السلام وبإزائه المدارس والزوايا والخوانق معمورة أحسن عمارة وحيطانها بالقاشاني وهو شبه الزليج عندنا لكن لونه أشرق ونقشه أحسن ويدخل من باب الحضرة إلى مدرسة عظيمة يسكنها الطلبة والصوفية من الشيعة ولكل وارد عليها ضيافة ثلاثة أيام من الخبز واللحم والتمر مرتين في اليوم ومن تلك المدرسة يدخل إلى باب القبة وعلى بابها الحجاب والنقباء والطواشية فعندما يصل الزائر يقوم إليه احدهم أو جميعهم وذلك على قدر الزائر فيقفون معه العتبة ويستأذنون له ويقولون عن أمركم يا أمير المؤمنين هذا العبد الضعيف يستأذن على دخوله الروضة العلية فان أذنتم له وإلا رجع وان لم يكن أهلاً لذلك فانتم أهل المكارم والستر ثم يأمرونه بتقبيل العتبة وهي من الفضة وكذلك العضادتان ثم يدخل القبة وهي مفروشة بأنواع البسط من الحرير وسواه وبها قناديل الذهب والفضة منها الكبار والصغار وفي وسط القبة مسطبة مربعة مكسوة بالخشب عليه صفائح الذهب المنقوشة المحكمة العمل مسمرة بمسامير الفضة قد غلبت على الخشب بحيث لا يظهر منه شيء وارتفاعها دون القامة وفوقها ثلاثة من القبور يزعمون إن احدها قبر آدم عليه الصلاة والسلام والثاني قبر نوح عليه الصلاة والسلام والثالث قبر علي رضي الله تعالى عنه وبين القبور طسوت ذهب وفضة فيها ماء الورد والمسك وأنواع الطيب يغمس الزائر يده في ذلك ويدهن به وجهه تبركا وللقبة باب آخر عتبته أيضاً من الفضة وعليه ستور من الحرير الملون يفضي إلى مسجد مفروش بالبسط الحسان مستورة حيطانه وسقفه بستور الحرير وله أربعة أبواب عتباتها فضة وعليها ستور الحرير”(ابن بطوطة، تحفة النظار ،ص104-105).

المرقد العلوي الشريف وأثره الفكري في مدينة النجف

بعد قيام الإمام الصادق (عليه السلام) بدلالة الناس على قبر جده علي بن أبي طالب ومكان وجوده وتوافد الزوار لزيارته والدفن إلى جواره زاد انتقال الناس إلى المدينة وللعمارات التي طرأت على المرقد العلوي الشريف أصبحت مدينة النجف مركزاً ثقافياً وفكرياً بسبب التطور والتوسع وكذلك بسبب دعم بعض الأمراء والخلفاء وخاصة البويهيين الذين خصصوا أموالا طائلة ليس للمرقد فقط بل المدينة بصورة عامة من ناحية توفير سبل العيش كتوفير المياه وغيرها، أدى ذلك إلى زيادة أعداد سكانها، فأصبحت النجف مركزاً دينياً وفقهياً وتمثل ذلك بظهور نواة مدرسة دينية علمية بدأت بحلقات دينية وفقهية للدراسة عند مرقد الإمام علي بن أبي طالب وهذا أدى إلى ظهور بعض الأسر العلمية من ساكنيها ومن هذه الأسر أسرة آل شهريار التي كان لها الأثر الواضح في تطور الحركة العلمية ومن ابرز رجالها في العلم احمد بن شهريار أبي نصر ، وحمزة بن احمد بن شهريار، ومحمد بن احمد بن شهريار(آغا بزرك الطهراني، (د.ت)، ص16)،وأسرة  الشيخ  الطوسي (بحر العلوم،1966م، ج1،ص245)، من الأسر العلمية التي وردت النجف سنة (448هـ/1091م) من بغداد وكان لهذه الأسرة دور كبير في تطور الحلقات الدراسية الدينية والفكرية فزاد عدد الطلاب وتخرج الكثير منهم حتى أصبحوا فيما بعد من الفطاحل وابرز علماء هذه الأسرة هو الشيخ محمد بن الحسن الطوسي والذي تميز بفتح باب الاجتهاد (بحر العلوم، 1977م،ص38-39)، والذي يقصد به الإحاطة بجميع إحكام الفقه ، فنظم الشيخ الطوسي حلقات دراسية علمية  كانت تجرى فيها المناظرات والبحوث ووضع نظاماً للتدريس، وألف العديد من الكتب في العلوم الدينية،وبقي هكذا حتى وفاته سنة (460ه/1067م)(الأردبيلي، 1966م،ج2،ص95) وتم دفنه في داره بوصية منه والذي أصبح فيما بعد مسجداً باسم مسجد الشيخ الطوسي و يقع في الجهة الشمالية أمام المرقد العلوي الشريف ،وهناك اسر علمية كثيرة مثل أسرة آل الطحال(محبوبه، 2009م، ج2،ص424) وغيرهم .

  الخاتمة

   إن هذه الدراسة هي مثابرة ومواظبة للكشف عن أهمية المرقد العلوي منذ إخفائه وحتى إظهاره بمرور الزمن وما له من الأثر الروحي والديني الكبير وأهم النتائج التي توصل إليها البحث هي:

1- بيان اختلاف تسميات النجف والمرقد العلوي الشريف و مدلولاتها واتخاذ بعضها اتجاهاً دينياً مثل تسمية وادي السلام ، ونستدل بذلك بالروايات التاريخية باختيار النجف كموضع لقبره الشريف بوصيته لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) .

2- توافد الناس من الأمراء والوزراء والخلفاء إلى زيارته و بمرور الوقت اخذ الناس في بناء البيوت والسكن ودفن موتاهم جواره لما له من الأثر والفضل في الروايات التاريخية .

3- تطوره عمارته وفق كل عصر منذ مرحلة إخفائه في العصر الأموي، ومرحلة إظهاره في العصر العباسي، وما رافق ذلك من ظهور عمارات عديدة منها عمارة هارون العباسي وعمارة الداعي الصغير وغيرها، وعمارة أبي الهيجاء وعمارة عمر بن يحيى وعمارة عضد الدولة البويهي ،وقد أخذت هذه العمارات بالتطور بمرور الزمن حتى سنة (656 هـ).

4- أصبح المرقد احد مراكز العلم المهمة ثقافياً وفكرياً في العالم في ذلك الوقت حيث كان طلبة العلوم يشكلون الحلقات الدراسية فيه، وبمرور الوقت تطور الأمر إلى تشكل المدارس في النجف وظهور بعض الأسر العلمية من ساكنيها ومن هذه الأسر أسرة أل شهريار، وأسرة الشيخ الطوسي وغيرهم ، وقامت هذه المدرسة بتخريج الكثير من العلماء والفقهاء والمجتهدين .

التوصيات والمقترحات

   فيما يتعلق بعنوان البحث ممكن تناول بعض التوصيات استكمالاً لموضوع البحث ونقترح تناول:

1 ـ تاريخ الهندسة المعمارية للمرقد العلوي الشريف.

2 ـ تذهيب قبة ومأذنتي مرقد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

3 ـ الرمزية في عمارة المرقد العلوي الشريف.

القرآن الكريم

الأصفهاني ، أبو الفرج هو علي بن الحسين بن محمد بن احمد بن الهيثم (ت356ه)

مقاتل الطالبيين ، ط2 ، منشورات المكتبة الحيدرية ، النجف ،1965 .

ابن الأثير ، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم (ت606ه)

 النهاية في غريب الحديث والأثر ، المطبعة العثمانية ، مصر ، د.ت .

ابن أبي الحديد ، عز الدين‌ أبو حامد عبد الحميد بن‌ هبة الله‌ (ت656هـ)

شرح نهج البلاغة ،تح : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ،(د .م) ،(د.ت ).

الاربلي ، علي بن عيسى (ت693ه)

 كشف الغمة في معرفة الأئمة ، مطبعة النجف ، النجف ، 1385ه/1966م .

البكري ، عبد الله بن عبد العزيز (487ه)

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع ، تحقيق مصطفى السقا ، ط1 ، مطبعة لجنة التأليف والنشر ، مصر، 1945 .

ابن بطوطه ، محمد بن عبد الله (ت799ه)

تحفة النظار في غرائب الأمصار ، مطبعة وادي النيل ، مصر، 1287ه .

البحراني ، ابو المكارم السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل الكتكاني ا (ت1109ه)

البرهان في تفسير القرآن ، ط2 ، مطبعة بردران علمي ، إيران،(د.ت) .

ابن تيميه ، تقي الدين احمد (ت728ه)

الفتاوى الكبرى ، مطبعة دار الجهاد ، مصر، 1385ه/1966م .

الجوهري ، أبو نصر إسماعيل بن حماد (ت393ه)

تاج اللغة وصحاح العربية ، تحقيق احمد عبد الغفور ، ط1 ،دار العلم للملايين ، مصر ،1956م .

ابن الجوزي ، أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد (ت597ه)

 المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، تحقيق محمد عبد القادر ومصطفى عبد القادر ، دار الكتب العلمية ، لبنان 1995 .

ابن جبير ، محمد بن أحمد بن جبير بن سعيد بن جبير بن محمد بن سعيد بن جبير (ت614ه) رحلة ابن جبير ، دار صادر ، لبنان، 1964م.

ابن حوقل ، أبو القاسم محمد بن علي النصيبي (ت367ه)

صورة الأرض ، منشورات دار مكتبة الحياة ، لبنان، 1992م .

ابن الحاج ، محمد بن محمد بن محمد العبدري (ت737ه)

المدخل ، المطبعة المصرية ، مصر، 1929م .

الخطيب البغدادي ، أبي بكر احمد بن علي (ت463ه)

تاريخ بغداد أو مدينة السلام ، دار الكتب العلمية ، لبنان ،(د.ت) .

ابن خلكان ، أبو العباس شمس الدين احمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر (ت681ه)

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، تحقيق محمد محي ،مطبعة السعادة ، مصر، 1948م.

ابن دريد ، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي (ت321ه)

 الاشتقاق ، تحقيق عبد السلام هارون ، مطبعة السنة المحمدية ، مصر ،1958 م.

الذهبي ، شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان (ت748ه)

 تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ، تحقيق عمر عبد السلام ، دار الكتاب العربي ، لبنان ،(د.ت).

ابن زهرة ،تاج الدين بن محمد بن زهرة كان حياً سنة (753هـ)

غاية الاختصار في البيتوتات العلوية المحفوظة من الغبار، تح: محمد صادق بحر العلوم ،المطبعة الحيدرية ، النجف ،1962م .

الزبيدي ، محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني (ت1205ه)

 تاج العروس من جواهر القاموس ، دار ليبيا ، ليبيا،( د.ت ).

سبط إبن الجوزي ، يوسف بن قزغلي بن عبد الله (ت654)

 تذكرة خواص الأمة في خصائص الأئمة ، تقديم محمد صادق بحر العلوم ، مكتبة نينوى ، إيران-طهران ،(د.ت).

السخاوي ، ابي الحسن نور الدين علي بن احمد بن عمر بن خلف بن محمود (ت902ه)

تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات والتراجم والبقاع المباركات ، تحقيق محمود ربيع وحسن قاسم ، ط1 ، مطبعة العلوم والآداب ، مصر ، 1937 م.

السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن (ت911ه)

 تاريخ الخلفاء ، دار الكتب العلمية ، لبنان ،1408ه .

إبن شهر آشوب ،رشيد الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن شهر آشوب (ت588ه)

مناقب آل أبي طالب ، د.ط ، المطبعة الحيدرية ، العراق-النجف ،(د.ت).

الشافعي ، أبي سالم كمال الدين محمد (652ه)

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، دار الكتب التجارية ، النجف ،(د.ت) .

الشربيني ، شمس الدين محمد بن محمد (ت988ه)

 مُغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، مطبعة الاستقامة ، مصر ، 1955م .

الصدوق ، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381ه)

 علل الشرائع سلوا أهل البيت عليهم السلام ، دار المرتضى ، لبنان، 2006 .

 عيون اخبار الرضا ، دار العلم ، إيران، 1377ه .

الصفدي ، صلاح الدين خليل بن ايبك بن عبد الله (764ه)

تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون ، مطبعة الولاية ، مصر ،1327ه/1910م .

ابن الصباغ ، علي بن محمد (ت855ه)

 الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة ، ط3 ، المطبعة الحيدري ، النجف، 1962م .

الطبري ، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب (ت310ه)

تاريخ الأمم والملوك ، دار إحياء التراث العربي ، لبنان، 1429ه/2008م .

الطوسي ، أبي جعفر محمد بن الحسن (ت460ه)

تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد ، تحقيق السيد حسن الخرسان ، مطبعة النعمان ، النجف ،1962 م.

ابن طاووس ، غياث الدين السيد عبد الكريم (ت693ه)

فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ط2 ، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها ، النجف-العراق، 1963م.

ابن الطقطقي ، محمد بن علي (ت709ه)

الفخري في الآداب السلطانية والدولة الإسلامية ، مطبعة الموسوعات ، مصر، 1317ه .

ابن عساكر ، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (ت571ه)

تاريخ مدينة دمشق ، تحقيق علي شيري ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1995م .

ابن عنبه ، جمال الدين احمد بن علي (ت828ه)

عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب ، تحقيق محمد حسن الطالقاني ، منشورات المطبعة الحيدرية ، النجف، 1961م .

العاملي ، محمد بن الحسن (ت1104ه)

وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، المطبعة الإسلامية ، إيران، 1398ه/1978م .

العجلوني ، إسماعيل بن محمد (1162ه)

كشف الخفاء ومزيل الإلباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ، دار إحياء التراث العربي ، لبنان ، 1351ه/1933م .

ابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي (ت395ه)

معجم مقاييس اللغة ، تحقيق محمد أبو الفضل ، ط1 ، مطبعة مصطفى الحلبي ، مصر 1366ه/1893م .

الفيومي ، احمد بن محمد بن علي المقرئ (ت770ه) ، المصباح المنير في الشرح الكبير ، المطبعة الخيرية ، مصر، 1310ه .

ابن قولويه ، أبي القاسم جعفر بن محمد (ت367ه)

كامل الزيارات ، تحقيق عبد الحسين الاميني ، المطبعة المرتضوية ، النجف، 1356ه/1937م .

الكوفي ، أبي إسحاق إبراهيم محمد الثقفي (ت283ه)

الغارات ، تحقيق السيد جلال الدين المحدث ، د.ط، سلسلة انتشارات انجمن آثار،(د.ت) .

الكليني ، ابو جعفر محمد بن يعقوب (329ه)

اصول الكافي ، منشورات المكتبة الإسلامية ، إيران، 1383ه/1964م .

الكنجي ، محمد بن يوسف (ت658ه)

كفاية الطالب في مناقب آل أبي طالب ، تحقيق محمد هادي الاميني ، المطبعة الحيدرية ، النجف 1970م .

ابن كثير ، أبي الفداء إسماعيل (774ه)

البداية والنهاية مبدأ الخليقة وقصص الأنبياء ، تحقيق محي الدين ديب ، دار ابن كثير ، لبنان 2015 م.

المسعودي ، أبو الحسن علي بن الحسين علي (ت346ه)

إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، ط4 ، منشورات المطبعة الحيدرية ، النجف 1955م .

المفيد ، أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (ت413ه)

الإرشاد ، المكتبة الحيدرية ومطبعتها ، النجف ، 1962م .

ابن مسكويه ، أبي علي احمد بن محمد بن يعقوب (ت421ه)

تجارب الأمم وتعاقب الهمم ، دار الكتب العلمية ، لبنان، 2002م .

ابن منظور ، محمد بن مكرم بن علي (ت711ه)

لسان العرب ، دار صادر ، لبنان ،(د.ت) .

المجلسي ، أبو عبد الله محمد باقر  بن محمد تقي بن مقصود علي (ت1111ه)

 بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، ط2 ، مؤسسة الوفاء ، لبنان-بيروت، 1983م.

الهروي ، أبي الحسن علي بن أبي بكر (ت611ه)

الإشارات إلى معرفة الزيارات ، تحقيق جانين موريل ، المطبعة الكاثوليكية ، سوريا، 1953 م.

ياقوت الحموي ، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله (ت626ه)

معجم البلدان ، دار صادر ، لبنان، 1977 م.

اليعقوبي ، احمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب (ت284ه)

تاريخ اليعقوبي ، مطبعة الغري ، النجف، 1358ه/1939م .

المراجع

آغا بزرك الطهراني ، محمد محسن

 الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، منشورات ا.ب طهراني ، إيران ،(د.ت).

الاميني ، عبد الحسين

 الغدير في الكتاب والسنة والادب ، ط4 ، دار الكتاب العربي ، لبنان 1977م.

شهداء الفضيلة ، مؤسسة الوفاء ، لبنان، (د.ت) .

البراقي ، حسين بن احمد

 اليتيمة الغروية والتحفة النجفية في الأرض المباركة الزكية ، تحقيق كامل سلمان الجبوري ، ط1 ، دار المؤرخ العربي ، لبنان، 2009 م.

البستاني ، عبد الله بن ميخائيل بن ناصيف

 البستان ، المطبعة الاميركانية ، لبنان، 1930م.

حرز الدين ، محمد حسين بن علي بن محمد

 تاريخ النجف الاشرف ، مطبعة نكارش ، إيران، 1385ه.

بحر العلوم ، محمد مهدي

 الاجتهاد أصوله وأحكامه ، دار الزهراء للطباعة والنشر ، لبنان ،1977م.

الفوائد الرجالية ، تحقيق محمد صادق بحر العلوم ، ط1 ، مطبعة الآداب ، النجف، 1966م.

البغدادي ، السيد محمد بن أحمد الحسيني

رحلة المنشيء البغدادي ، ترجمة عباس العزاوي ، شركة الطباعة والتجارة المحدودة ، العراق ، 1948م.

الشلش ، علي حسين

 مناخ العراق ، مطبعة جامعة البصرة ، البصرة ،1988م .

طقوش ، محمد سهيل

 تاريخ الدولة العباسية ، ط7 ، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع ، لبنان ، 2009 م.

القرشي ، باقر شريف

 حياة الإمام الحسين ، ط1 ، مطبعة الآداب ، النجف، 1975 م.

القبانجي ، حسن ، مسند الإمام علي

 الأعلمي للمطبوعات ، لبنان، 2000 م.

الكوفي ، محمد بن عبود

 نزهة الغري في تاريخ النجف ، مطبعة الغري ، النجف، 1952م.

ماهر ، سعاد

 مشهد الإمام علي في النجف وما به من الهدايا والتحف ، دار المعارف ، مصر ، 1969م.

مغنية ، محمد جواد

 دول الشيعة في التاريخ ، مطبعة الآداب ، النجف، 1384ه /1964م.

المقالات

سركيس ، يعقوب

 ماء النجف في القرون الأخيرة “نهر الهندية” مجلة الاعتدال ، العدد الثاني ، السنة الرابعة ، 1937م.

محبوبه ، جعفر بن باقر بن جواد بن محمد حسن

 ماضي النجف وحاضرها ، ط2 ، دار الأضواء ، لبنان ،2009 م.

الرسائل والأطاريح

الخفاف ، عبد علي

 سكان محافظة كربلاء “رسالة ماجستير غير منشورة” ، كلية الآداب جامعة بغداد ،1974 م.

محسن ، سعد عبد الرزاق

 محافظة النجف دراسة في جغرافية السكان “رسالة ماجستير غير منشورة” ، كلية الآداب جامعة البصرة ، 1988م.

ياسر ، شمخي فيصل

 تحليل جغرافي للأنماط الزراعية في مدينة النجف “رسالة ماجستير غير منشورة” ، كلية الآداب جامعة البصرة ، 1988م .

المراجع الأجنبية

ماسينيون ، لويس

 خطط الكوفة وشرح خريطتها ، ترجمة تقي بن محمد المصعبي ، تحقيق كامل سلمان ، ط1 ، مطبعة الغري ، النجف ، 1979 م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *