أكتوبر 28, 2024 10:27 م
12

م.م بان قدس يوسف

الجامعة المستنصرية / كلية العلوم السياسية

ban.q.yousif@uomustansiriyah.edu.iq

   00964 771 449 3484                   

م.م. سهى سامي حسين

الجامعة المستنصرية/ كلية العلوم السياسية

Suha.sami98@uomustansiriyah.edu.iq

            00964 772 286 9008        

  

الملخص

تعتبر العولمة ظاهرة معقدة متعددة الأبعاد تؤثر على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أدى توسع العولمة إلى تغييرات جذرية في هيكل النظام الدولي وفي ديناميكيات القوة والعلاقات بين الدول مما جعل الدول أمام تحديات مثل تآكل السيادة الوطنية، تفاوت التنمية الاقتصادية، الصراعات الثقافية، زيادة التهديدات الأمنية، لكنها فتحت آفاقا جديدة للتعاون الدولي، والابتكار والتكنولوجيا، والتنمية المستدامة ،وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان يجب على الدول العمل معا لاستغلال الفرص وتقليل المخاطر لضمان مستقبل مزدهر ومستدام للجميع.

الكلمات المفتاحية :

العولمة ،التأثيرات الإيجابية والسلبية للعولمة ، تأثير العولمة على سيادة الدول ، التحديات والفرص التي تواجه الدول في التعامل مع تأثيرات العولمة.

 

Political Transformations in the Era of Globalization

(Challenges and Opportunities(

Ban Quds Joseph

Al-Mustansiriya University / College of Political Science

Suha Sami Hussein

Al-Mustansiriya University / College of Political Science

Abstract:

Globalization is a complex, multidimensional phenomenon that affects various aspects of political, economic and social life. The expansion of globalization has led to radical changes in the structure of the international system and in the dynamics of power and relations between countries, which has left countries facing challenges such as the erosion of national sovereignty, uneven economic development, cultural conflicts, and increased security threats. Still, it has opened new horizons for international cooperation, innovation and technology, and sustainable development. To promote democracy and human rights, countries must work together to exploit opportunities and reduce risks to ensure a prosperous and sustainable future for all.

Keywords: Globalization, positive and negative effects of globalization, impact of globalization on state sovereignty, challenges and opportunities facing states in dealing with the effects of globalization.

المقدمة

أصبح العالم اليوم قرية صغيرة بسبب تقلص المسافات وتخطي الحدود الذي اوجده الانفجار المعرفي والتطور الهائل الذي يشهده العالم في مجال التكنولوجيا، مما أدى إلى تطور الاتصال والتواصل في تمازج الثقافات حاملا في ثناياه ظاهرة العولمة  وقد تعددت أشكال ومظاهر العولمة فظهرت العولمة الثقافية والاقتصادية والسياسية جميعها امتازت بتبني منهج الانفتاح والتمازج والانصهار تعتبر العولمة ظاهرة معقدة متعددة الأبعاد تؤثر على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أدى توسع العولمة إلى تغييرات جذرية في هيكل النظام الدولي وفي ديناميكيات القوة والعلاقات بين الدول مما جعل الدول أمام تحديات مثل تآكل السيادة الوطنية، تفاوت التنمية الاقتصادية، الصراعات الثقافية، زيادة التهديدات الأمنية، لكنها فتحت آفاقا جديدة للتعاون الدولي، والابتكار والتكنولوجيا، والتنمية المستدامة ،وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان يجب على الدول العمل معا لاستغلال الفرص وتقليل المخاطر لضمان مستقبل مزدهر ومستدام للجميع.

إشكالية البحث

في ظل تسارع عملية العولمة وانتشارها في كافة أنحاء العالم، تبرز تساؤلات عديدة حول تأثيراتها العميقة على النظم السياسية والسيادة الوطنية للدول. تتمثل الإشكالية الرئيسية لهذا البحث في محاولة فهم كيفية تأثير العولمة على التحولات السياسية في الدول المختلفة، وما ينتج عنها من تحديات التي تبرز نتيجة هذه التحولات، الأسئلة البحثية لتحليل الإشكالية بشكل أعمق، يمكن تقسيمها إلى مجموعة من الأسئلة البحثية

  1. ماهي العولمة ما هي التأثيرات الإيجابية والسلبية للعولمة؟
  2. تأثير العولمة على السيادة الوطنية للدول؟
  3. ما هي التحديات والفرص الرئيسية التي تواجه الدول في التعامل مع تأثيرات العولمة؟

 

اهمية البحث

أن البحث حول العولمة والتحولات السياسية له أهمية كبيرة ولعدة أسباب من جانب أن العولمة تؤثر على السيادة الوطنية حيث تواجه الدول تحديات في الحفاظ على سيادتها السياسية والاقتصادية ، ومن جانب اخر فان التحولات السياسية على المستوى العالم تؤثر على الامن الدولي والسياسات الدفاعية وان دراسة هذه السياسات تساعد على تطوير سياسات امنية أكثر فعالية واستجابة للتحديات الجديدة كالإرهاب الدولي والجريمة العابرة للحدود إن دراسة التحولات السياسية في عصر العولمة تعد ضرورية لفهم العالم المعاصر بكل تعقيداته، والتفاعل معه بشكل يمكن من مواجهة تحدياته واستغلال فرصه لتحقيق التقدم والازدهار.

أهداف البحث

إن الهدف الرئيس لموضوع البحث يتمثل في فهم التحديات والفرص التي تنشأ نتيجة هذه التحولات من خلال دراسة هذا الموضوع ، يمكن تحليل كيفية تأثير العولمة على السياسات الدولية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك تحديد الفرص التي يمكن استغلالها والتحديات التي يجب التعامل معها، وأن تلك الدراسات تساهم في توجيه السياسات العامة وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات واستغلال الفرص المتاحة في عصر العولمة .

 

فرضية البحث

تؤدي التحولات السياسية في عصر العولمة إلى تحديات معقدة للنظم السياسية القائمة،لكنها توفر أيضا فرصا لتعزيز الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والتكامل الثقافي.

منهجية البحث

لمعالجة هذه الإشكالية والتساؤلات اعتمد البحث على المنهج الوصفي والمنهج التحليلي في الوصول إلى النتائج المطلوبة .

ومن أجل الإجابة عن الإشكالية تم تقسيم الدراسة الى المحاور التالية :

المحور الأول : ماهي العولمة وماهي الاثار الإيجابية والسلبية للعولمة

المحور الثاني: تأثير العولمة على السيادة الوطنية للدول

المحور الثالث: التحديات والفرص التي تواجه الدول تأثير العولمة

المحور الأول: ماهي العولمة ؟ ماهي التأثيرات الإيجابية والسلبية للعولمة ؟

أولا : ماهي العولمة

أثارت ظاهرة العولمة (  (Globalizationالكثير من الجدل والمناقشات الفكرية ، ومن هنا كان التعدد في الشروحات والتنوع في التغيرات والتباين في تناول الجوانب المختلفة لها ، فتعريفات العولمة متعددة الابعاد والجوانب منها سياسية وايديولوجية واقتصادية وثقافية ، وهذا يوضح اختلاف المفكرين والباحثين في تحديدهم لمفهوم العولمة ، ويرى جوميت (1996) إن هذا المصطلح مازال غير واضح المعالم سواء من حيث المفهوم أو التطبيق في الواقع العلمي ،  ويقصد بالعولمة تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل ، فهي جعل الشي على مستوى عالمي ، إي نقله من إطار المحدود الى إطار اللامحدود ، وتعني المحدود هنا حدود الدولة القومية حيث رقابة وحدود جغرافية وسياسية وحماية الداخل من أي تدخل خارجي ، أما المقصود من اللامحدود (العالم) فالعولمة وفق هذا تتضمن الغاء حدود الدولة القومية في المجال الاقتصادي (المالي والتجاري) (مصطفى و هالة، 1998، صفحة 115)، ويرجع بعض المفكرين أصل مصطلح العولمة الى تنبؤات عالم الاتصال مارشال ماكلوهان( Marshal Mcluhan)   الذي يرى إن العالم أصبح بفضل تطور قنوات الاتصال قرية كونية ، وعليه فإن ما تشهده في عالمنا اليوم من تقدم هائل في التكنولوجيا الحديثة وخاصة في مجال الاتصالات التي الغت بدورها الحدود والحواجز والمسافات الجغرافية والثقافية بين المجتمعات المختلفة ، مما جعل العالم أشبه ما يكون بقرية صغيرة يمثل أبرز معالم العولمة ، وان ذلك يدل على صحة تنبؤات ماكلوهان، أما أنتوني جيدنز(Anthony Giddens)  فقد عرف العولمة على أنها تكثيف للعلاقات الاجتماعية على مستوى العالمي، والتي تربط المجتمعات المحلية المميزة بطرق تجعل الاحداث المحلية تتأثر بشكل كبير بالأحداث التي تقع على مسافة بعيدة والعكس صحيح (Baylis, smith, & owens, 2011, p. 17)ويرى كل من ( هارس مان مارشال و روبرت ريتش ) بأن العولمة تعني اندماج العالمي للأسواق في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة ، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق  وكذلك خضوع العالم لقوى السوق العالمية الامر الذي يؤدي الى احتراق الحدود القومية وانحسار سيادة الدول عن طريق الاستعمار غير المباشر للشركات الرأسمالية الضخمة متخطية أو عابرة القوميات التي تعد العنصر الأساسي لهذه الظاهرة ، ويرى فاليت أن العولمة عبارة عن مسلسل لتكثيف الافراد والسلع والخدمات والرساميل والوسائل التقنية الحديثة وانتشارها لتشمل الكرة الأرضية بكاملها (اليحياوي، 1999، صفحة 19) وكذلك يعرف جيرني  العولمة على أنها مجموعة من الهياكل والعمليات السياسية والاقتصادية التي تنبع من التغير الحاصل في خصائص وصفات السلع والأموال التي تكون أساس الاقتصاد السياسي الدولي ، ومن جانب أخر عرفت العولمة بدلالة العمليات الأساسية فيها، على أساس أن ابرز هذه العمليات هي المنافسة بين القوى العظمى او الكبرى في مجالات الابتكار والتطور التقني وانتشار عولمة الإنتاج والتبادل والتحديث على الصعيد العالمي (ياسين ا.، 1998، صفحة 18) ، أما محمد الأطرش فيعرف العولمة على انها اندماج أسواق السلع والخدمات وراس المال والقوى العالمية ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق  بحيث تصبح هذه الأسواق سوقا واحدة تماثل السوق القومية ، أما برهان غليون أن العولمة تتمثل في نشوء شبكات اتصال عالمية تعمل على ربط جميع الاقتصاديات والمجتمعات والبلدان وتخضع لحركة واحدة او نظام واحد ، ويعرفها سمير أمين بانها ستار تكمن الرأسمالية الهمجية ورائه (الخزرجي و المشهداني، 2004، صفحة 24) ، ومن جهه نجد ان إسماعيل صبري عبد الله يرى العولمة على انها التداخل بين الاقتصاد والاجتماع والسياسية والثقافة والسلوك دون اخذ بنظر الاعتبار الحدود السياسية للدول ذات السيادة او الانتماء الوطني لوطن معين او دوله ما ودون الحاجة الى إجراءات حكومية ، وليس أخيرا يعرف  المفكر العربي من المغرب )عبد الاله بلقزيز( العولمة بانها اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على سائر الثقافات وانها مرادف للاختراق الذي يجري بالعنف المسلح بالتقانة ويهدد سيادة الثقافة في كافة المجتمعات التي تبلغها العولمة (بلقزيز، 1998، صفحة 91)، اما الكتاب الفرنسيون فقد قدموا عدة تعريفات للعولمة فمثلا يرى (باتريللا) وهو أستاذ ومفكر فرنسي معروف ، أن العولمة هي تلك المعلومات التي يمكن عن طريقها انتاج وتوزيع واستهلاك سلع وخدمات من اجل أسواق عالمية منظمة او ستنظم بمعايير عالمية ، وعن طريق منظمات ولدت او على أساس قواعد عالمية وفق ثقافة تنظيم تتطلع للانفتاح على الاطار العالمي وتخضع لاستراتيجية عالمية ، ويضيف (باتريللا) أن العولمه يؤدي الى ان انبعاث التداخلات المتزايدة بين الدول فيما يخص معالجة المشاكل العالمية (البيئة والفقر والامراض ) وهو ما يستوجب البحث عن أشكال جديدة للتنظيم السياسي للاقتصاد والمجتمع عوضا عن الهيئات الدولية التقليدية (اليحياوي، 1999، الصفحات 20-21) ،وعرفها أنتوني جيدنز العولمة هي تكييف العلاقات  الاجتماعية على مستوى العالم، والتي تربط المجتمعات المحلية المميزة بطرق تجعل الأحداث المحلية تتشكل بفعل الأحداث ، وعرفها استير هامل وبسترسون العولمة هي عبارة تستخدم غالبا لتفسير عالم اليوم .

ونجد تعريفها في مصطلحات العلاقات الدولية، العولمة هو ذلك المصطلح الذي يشير إلى زيادة الآليات والعمليات والأنشطة التي تعزز الترابط العالمي وتسريعها بما يؤدي في النهاية إلى التكامل السياسي والاقتصادي ، وعرفها اولريس بك العولمة هو تقوية الامكنة والوقائع والمشاكل والصراعات والترجمة عبر الحدود .ومن الأمثلة على الامكنة هو أشكال العمل والإنتاج والبنوك والوقائع مثل حملة الانتخابات الأمريكية .

أن ما يمكن استخلاصه من جملة ما تقدم ، أن العولمة تتمثل في محاولة تعميم القيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الصعيد العالم ، ويمكن استخلاص السمات التي تمثل بتقديرنا إطارا تحليليا للظاهرة وهي :

1_ ان ظاهرة العولمة ليست جديدة ، فهي نتائج عمليات تطوير تمتد لقرون عدة ، وأن العولمة عملية مستمرة تتطلب عملية الإحاطة بها ، دراسة وتحديد مؤشرات كمية وكيفية للجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية .

2_ ان بروز العولمة في العقد الأخير من القرن العشرين يرجع الى التقدم التقني الكبير وتوسيع حركة التجارة ، إضافة الى هيمنه الولايات المتحدة على العالم ، وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وفشل النموذجة الذي كان يتبناه .

3_ ان اغلب هذه التعاريف تميز الجانب الاقتصادي وتبرزه على الجوانب أخرى في إطار هذه الظاهرة في حين أن هناك جوانب وابعاد لأخرى ذات صلة وثيقة بالظاهرة موضوع البحث .

4_بعض هذه التعاريف تؤكد اضمحلال او على الأقل تقليص دور وسيادة الدولة واختفاء الحدود السياسية في ظل العولمة، وهذا هو فعلا ما تسعى اليه تلك الظاهرة .

5_ ان اغلب هذه التعاريف نجدها متأثره بالأفكار الغربية نتيجة طبيعية بسبب الضخ الهائل والمتزايد وعبر مختلف وسائل الترويج للظاهرة موضوعة الدراسة ، عبر مؤسسات الإعلامية الغربية وحتى العربية .

6_مع تنامي دور الشركات متعديه الجنسية ووسائل الاعلام الدولية وتقنية المعلومات وحركة الرأسمالية التي بدأت تتجاوز الحدود السياسية والقومية للدول ، فأن العولمة غدت تحمل في ثناياها أثارا تقود الى تقليل من دور الدولة في رسم سياساتها المختلفة (الخزرجي و المشهداني، 2004، صفحة 36).

ثانيا :  الاثار الإيجابية والسلبية للعولمة

أن تأثير العولمة قد تعدى سيادة الدولة ، فقدرة الدولة على ممارسة سيادتها بدأت تتغير في ظل التحولات عملية العولمة التي يشهدها العالم في القرن الواحد والعشرين ، حيث فرضت سياسة العولمة قيودا ومحددات على قرارات الدول وسياساتها، بل أن قدرات الدول على التحكم في عمليات التدفق الإعلامي والمعلوماتي والمالي عبر حدودها بدأت تتأكل وبصورة متسارعة (المطيري، 2001، صفحة 39) ، ويتضح ان للعولمة اثار إيجابية وسلبية ، فالأثار الإيجابية يجب انتهاز الفرصة من اجل الاستفادة منها ، أما السلبية فيجب ان نعد العدة لمقاومتها والتقليل من أثارها ، ومن أهم أثار العولمة ما يلي:

  • الاثار الإيجابية للعولمة :

1_ استقرار الحياة الإنسانية وازدهارها وخلق نوع من التعاون في جميع المجالات، مما يسهم في تحسين مستوى المعيشة للعديد من الناس والوصول إلى السلع والخدمات ويؤدي التبادل التجاري إلى توفير مجموعة واسعة من السلع والخدمات بأسعار معقولة، مما يعزز رفاهية المستهلكين.

2_ تسهل التبادل الثقافي بين الشعوب وتشجيع التعاون وتعايش بين الحضارات نتيجة لإيجاد نوع من الحوار المتبادل بين الأديان والثقافات مما يعزز فهم وتقدير الثقافات المختلفة ، ويثري التنوع الثقافي داخل المجتمعات.

3_ ساعدت العولمة على توسيع الأسواق وتحسين فرص تشجيع الحرية والديمقراطية الاجتماعية وإزالة التجزئة الاقتصادية وجذبت العولمة رؤوس الأموال الأجنبية، مما ساهم في تطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة.

4_ فسح المجال امام الافراد لاختيار ما يلائمهم من الثقافات وإتاحة الفرص لذوي المهارات للاستفادة من مهاراتهم وخبرتهم .

5_ الغاء الحواجز والمسافات بين الدول وتوحيد المقاييس والمواصفات للمنتجات وتحسين جودتها وتحرير التجارة من القيود الجمركية والإدارية وتزكية التنافس وروح الابتكار.

6_ التقدم التكنولوجي: يسهم تدفق التكنولوجيا بين الدول في تحسين الكفاءة والإنتاجية، ويعزز الابتكار في مختلف القطاعات ، الوصول إلى المعرفة: تسهل العولمة الوصول إلى المعلومات والمعرفة عبر الإنترنت، مما يعزز التعليم والبحث العلمي.

 

  • الاثار السلبية للعولمة(المشاقبة، 2021، الصفحات 22-23):

1_ زيادة حجم واردات الدول النامية من الدول المتقدمة مما يؤدي الى تقليل الإنتاج المحلي فيؤدي ذلك الى عجز في موازين المدفوعات تلك الدول ومديونيتها الخارجية.

2_ زيادة البطالة نتيجة لأغلاق المصانع وتسريح العاملين في الإنتاج الصناعي والمحلي او نتيجة لإحلال الوسائل التكنولوجية الحديثة محل العمالة.

3_ أدى زيادة الزخم الإعلامي والدعاية المكثفة الى زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية والكمالية والتموينية على وجه الخصوص والتي تعد غير ضرورة لدى بعض الدول.

4_ انحسار أسعار العملات الوطنية الى جانب العملات الأجنبية نتيجة حتمية لزيادة الطلب على الاستيراد وهيمنه بعض العملات الرئيسية على أسواق العملات .

5_ أدى خصخصة وسائل الاعلام والترويج  لقيم وعادات المستورد الى تقليص دور الدولة في السياسة والاعلام.

6_ توسيع الفجوة بين طبقات المجتمع نتيجة لاقتصار استخدام الوسائل المستخدمة على طبقة القادرين بسبب ارتفاع تكلفتها المالية.

7_ هدم الهوة الثقافية للامة وطمس معالم الدين والحضارة نتيجة لتسخير الاعلام في إشاعة أنماط سلوكية ومفاهيم دخليه باسم التقدم والرقي .

المحور الثاني : تأثير العولمة على سيادة الوطنية للدول

يمكن القول بأن مفهوم السيادة التقليدي التي كانت الدولة تمارسه على حدودها الإقليمية وعلى مواطنيها ، لم تعد ممكنه نتيجة العولمة حيث أصبحت الدول عاجزة في السيطرة على التغيرات التي ظهرت مثل الشركات متعددة الجنسية والاقمار الصناعية وحركة رؤوس الأموال ،فقد تمكنت الشركات متعددة الجنسية من القفز فوق حدود الدول وإزالة التعريفات الجمركية والقيود التي تحول دون تدفق المعلومات والبيانات ، فسلبت بذلك سلطة الدولة التي كانت تمارسها على حدودها السياسية ، والتي تعد من اهم مقوماتها سيادتها ، فالعولمة أدت الى انتزاع سيادة الوطنية للدول في اتجاهين أما إيصال كيانات جديدة فوق الوطنية او تفككها الى كيانات إثنيه دون الوطنية ، (المشاقبة، 2021، صفحة 24)، ولقد نص  ميثاق الأمم المتحدة في مادته الأولى والخاصة بأهداف المنظمة على السيادة الوطنية وعدم استعمال القوة في العلاقات الدولية الافي حالة الدفاع عن النفس وردع العدوان ولكن الدول التي وضعت الميثاق وبعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية ، قد تركوا عده منافذ يمكن من خلالها المساس بسيادة الدوله (ديلمي، 2021، صفحة 404)، بعض مجالات تأثير العولمة على السيادة الوطنية:

  • أزمة العلاقة بين السيادة وبين المجال الدولي

في ظل النظام العالمي الجديد فرضت مدارس القانون الدولي الحديث نفسها كأحد أدوات اختراق الاختصاص الداخلي والسيادة الداخلية للدولة ، التي تقع ضمن النطاق الإقليمي للدولة ، وبدأت العالم يعيش مرحلة من النمو وتفاقم ” الاعتماد المتبادل الشامل ” الامر الذي يهز فكرة السيادة المطلقة ويلحق بمبدأ ( عدم التدخل) (الحسيني، 2000، الصفحات 137-138) ، غير أن القضية الجوهرية هي معرفة ” المجال المحفوظ” المكون من الشؤون التي تمثل السلطان الداخلي ، ولمعرفة ذلك فقد اعتمد فقهاء القانون الدولي أسلوبا بسيطا وفعالا ، عندما عبروا عنه بانه ذلك تكون فيه أنشطة الدولة واختصاصاتها غير مقيدة بالقانون الدولي ، لذا فإن يمكن القول بأنه المجال الخاص للدولة يتقلص كما اتسعت التزاماتها ذات الطبيعة التعاقدية الدولية (النويضي، الصفحات 37-38) ، وبزيادة التعاون الدولي فأن سيادة الدولة تصبع بعيدة عن المطلق وخاصتا كلما اندمجت الدولة في علاقات منظمة مع المجتمع الدولي، فيما يتعلق باتفاقيات حقوق الانسان  وحفظ السلام أو تحقيق الاعتماد المتبادل ، وغالبا ما تكون الدول مضطرة تنازل عن بعض الاختصاصات التي تدرج ضمن المجال المحفوظ ليس لفائدة مؤسسات دولية او منظمات دولية فقط ولكن من اجل تمكين الدولة من العيش المشترك في سلام وأمن ، الامر الذي يجعلها تتنازل عن بعض سيادتها ظاهريا ولكن واقعيا لا يأثر على تلك السيادة ، وعند العودة الى احكام القانون الدولي نجد ان هناك اتجاه لترجيح القانون الدولي على القانون الداخلي ، وازدادت ظاهرة التعاون الدولي نتيجة الدول النامية وبروز العديد من المشاكل فيها الى المجتمع الدولي وسوء نظام الحكم التي تستخدم الاضطهاد في إدارة الدولة ، إضافة الى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتمثلة بالجفاف والتصحر والمجاعة ، والمديونية الخارجية والتي تعد من اكبر المشاكل التي تعاني منها الدول النامية ، والذي ادى الى وقفة دولية لمساعدة تلك الدول للخروج من التخلف ، وان ذلك لم يحدث اله في حالة فرض قيود على سيادة الدولة يسمح بالتعاون والتنمية(صديقي، 2004، صفحة 123)، أما الدول المتقدمة فأنها تسعى الى الاستفادة من عوائد التعاون الدولي، والتي تهدف الى أزاله العوائق  المفروضة على النشاطات الاقتصادية القائمة لكون ان القطاعات الصناعية للدول المتقدمة تتمتع بالاستقرار والنمو ، وأن أي تغير في الهياكل الصناعية يسهم في زيادة التكامل الاقتصادي، وذات اثر فاعل على الأداء الاقتصادي للدول ، وسوف يكسبه المزيد من الفعالية والديناميكية ، واذا ما أدت هذه الكفاءة الناتج عن التعاون فان ذلك يمنح الدول المزيد من الإنتاج والادخار المحتمل ، والذي يؤدي حتما الى رفع مستوى النمو الاقتصادي ويجعل النتائج التعاون الدولي امرا إيجابيا وخيارا هاما ومناسبا للمستقبل (موريس، 2003، صفحة 248) ، وعلى الرغم من النتائج الإيجابية التي حققها التعاون الدولي في الدول المتقدمة ، وزيادة الناتج القومي والنمو الاقتصادي وزيادة التعاون الدولي بينهما في مجال القضاء على الجريمة الدولية والتصدي للإرهاب لكنه في المقابل يؤثر بشكل سلبي على السيادة الوطنية للدول الناتج عن الاتفاقيات والمعاهدات المشتركة نتيجة دخولها في علاقات مشتركة ، فتضطر الدولة الى التنازل عن بعض سيادتها من اجل تحقيق المصالح العامة للجماعة ، ولذا يمكن القول ان الدول المتقدمة تتأثر بعلاقات التعاون الدولي بشكل سلبي كالدول النامية ، فكلاهما ينتقص من سيادته الوطنية (الزيديين، 2019، صفحة 135). ، وفي المجمل ، تظل العلاقة بين السيادة والمجال الدولي ازمة مستمرة تتطلب توازنا دقيقا بين احترام حقوق الدول في السيادة وبين الالتزامات والاحتياجات المشتركة للمجتمع الدولي .

  • السيادة والتدخل لأغراض إنسانية

تتمحور العلاقة بين التدخل الإنساني وبين مبدأ السيادة في كون ان التدخل يمثل مساسا وانتهاكا لسيادة الدول من خلال المساس المباشر لاختصاصات الدولة ، وفي ذلك انتهاك صريح لنص المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة وفحوى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 45/100 الصادر في 14 ديسمبر 1990 والذي ربط بين الحفاظ على حقوق الانسان وبين التأكيد على سيادة الدول وسلامة وحدتها الترابية (خليل، 2003، صفحة 275)، حيث تمتلك الدول اختصاصات داخلية في تسير شؤونها الداخلية لا كنها مقيده بالتزامات دولية لابد من الوفاء بها ،  وقد اثار مفهوم “مسؤولية الحماية ” الذي برز في أوائل القرن الحادي والعشرين وينص على أن للدولة مسؤولية في حماية سكانها من الجرائم الفظيعة واذا فشلت  في ذلك ، يصبح للمجتمع الدولي التدخل سواء في الطرق السلمية او حتى العسكرية  حيث تبنت قمة الأمم المتحدة هذا المفهوم عام (2005) ومن الأمثلة البارزة  قضية ” التدخل الإنساني” في كوسوفو (1999)  عندما تذرع قادة حلف شمال الأطلسي بان الحرب كانت حربا أخلاقية ، حيث أن أعضاء حلف الناتو لم يحركوا ساكنا في بقاع أخرى من العالم على الرغم من كونها شهدت اعتبارات مماثلة بالأكثر بشاعة وان التدخل العسكري دون تفويض من مجلس الامن لحماية الالبان من القمع الصربيوكذلك ما حدث في ليبا عبر التدخل الدولي بقيادة الناتو وبتفويض من مجلس الامن لحماية المدنيين من هجمات قوات القذافي ،(الناصر، 1999، الصفحات 47-61)،وتعتبر حقوق الانسان والمتمثلة في الشرعية الدولية لحقوق الانسان والتي يجسدها الاعلان العالمي لحقوق الانسان من اخطر الانتهاكات لسيادة الدولة وذلك لعدة اسباب (إبراهيم، 2001، صفحة 304):

1_ يعتبر التدخل الإنساني غير مقنن وغير منضبط.

2_ يفرض هيمنة الولايات المتحدة والاحادية القطبية .

3_ يزيد من تفاقم الوضع بعد التدخل.

فالعلاقة بين مبدأ السيادة الوطنية وبين حقوق الانسان العلاقة العدمية، أما ان تكون هي الأقوى ولأتوجد أي سلطة اعلى من سلطتها ، أو الأضعف فتتعرض السيادة للخطر ، وان تطور النظام السيادي من جانب ومن جانب اخر بروز النظام الدولي لحقوق الانسان كانا يعتبران مترابطين فقط عبر تناقضهما المتبادل ، فالفريق المؤيد للسيادة يرى ان النظام السيادي معرض للخطر اذا ما تغول علية نظام حقوق الانسان ، اما الفريق الثاني يرى ان حقوق الانسان مهددة بتحدي النظام السيادي ، لذا فأن العولمة كظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية اعادت النظر في سيادة الدولة ، فلاتنمية بدون سيادة وطنية ولأسياده بدون ديمقراطية تضمنها وتكرسها من خلال(المشاقبة، 2021، صفحة 27) :

1_ أن العولمة غير قادرة على تحقيق التنمية في غياب السيادة الوطنية وغياب التنمية.

2_ ان العولمة غير قادرة على تأصيل الديمقراطية في ضل غياب السيادة الوطنية وغياب التنمية

3_ ان مثلث التنمية والسيادة الوطنية والديمقراطية هي التي تنطلق منها العولمة الصحيحة والمجدية والافانها لاتعد أن تكون مرحلة أخرى من الرأسمالية العالمية.

وفي الختام ، تظل قضية التدخل لأغراض إنسانية إحدى القضايا الأكثر تعقيدا وإثاره للجدل في العلاقات الدولية ، حيث يتعين الموازنة بين ضرورة حماية حقوق الانسان وسيادة الدول.

المحور الثالث  التحديات والفرص التي تواجه الدول تأثير العولمة

تنطوي العولمة على مفارقات كبيرة فهي في الوقت الذي تفتح فيه افاقا جديدة للجماعات من خلال ما تقدمه من فرص النمو الاقتصادي والتجاري ،تطرح تحديات كبيرة على صعيد الجوانب كافة لذا سوف يسلط المحور الضوء على  اهم التحديات  والفرص التي تواجه الدول في ظل العولمة

أولا : التحديات

ان من اهم التحديات التي تواجه الدول  تحديات في الجانب السياسي ،الاقتصادي والاجتماعي

أ :الجانب السياسي

١_السيادة تنازلت بعض الدول عن سيادتها في ظل العولمة  إذ لم تعد الدول مطلقة اليد في ممارسة بعض مظاهر السيادة إذ  بفعل المتغيرات الدراماتيكية المتتابعة في العالم والتي اصبحت تتغير بسرعة تفوق التوقعات بدأت الدولة   تفقد قوتها ونفوذها خاصة مع تزايد نفوذ الشركات متعددة الجنسيات وتطور قوانين السوق وحرية رأس المال والمنظمات الدولية مما افقد الدولة وظائف كانت من اختصاصها.

٢_ تحديات  الاستقرار تظهر فرص تحقيق الاستقرار في عصر العولمة محدودة جدا إذ تؤدي العولمة إلى تدخلات سياسية واقتصادية خارجية مما يزعزع  الاستقرار الداخلي ،وقد تظهر تحركات ضد العولمة كرد فعل على التأثيرات السلبية للعولمة ،مما يسبب  توترات  داخلية بسبب عدم الاتساق المعرفي ما بين السلوك السياسي  للدولة والبيئة الدولية

٣_ فقدان الهوية الوطنية هو من أخطر التحديات التي تواجه الدول اذ تؤثر العولمة على الهويات الوطنية بطرق متعددة من خلال الهيمنة الثقافية  اذ ادى انتشار الثقافة الغربية خاصة  الامريكية عبر وسائل الاعلام إلى تهميش الثقافات المحلية (الشباب) على وجه الخصوص مما يضعف الشعور بالهوية الوطنية، التكنولوجيا  والاعلام اصبح من السهل الوصول  الى وسائل الإعلام العالمية من خلال  الانترنت الذي يعرض بشكل مستمر الثقافات المختلفة ،والعولمة التعليمية التعليم في الخارج اوفي مؤسسات تعليمية تعتمد مناهج دولية يمكن أن تؤدي إلى تبني الطلاب لقيم ومعايير مختلفة ومما يقلل من الارتباط بالهوية الوطنية(موسى، 2008، صفحة 111) .

٤_ استمرار الممارسات غير الديمقراطية  على الرغم من التطورات لا تزال بعض الدول تمارس سياسات غير ديمقراطية وتنتهك حقوق الإنسان ،واستمرار العولمة في نشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان عبر العالم  مما يضغط على الأنظمة الاستبدادية لتبني إصلاحات سياسية .

ب _الجانب الاقتصادي

ان العولمة الاقتصادية قائمة على نظام رأسمالي مبني على اقتصاد السوق والمنافسة وهيمنة التكتلات الاقتصادية الكبرى (الاتحاد الأوروبي، الشركات متعددة الجنسيات  ،المؤسسات الاقتصادية الدولية ،منظمة التجارة العالمية ) تخلق تحديات أمام الدول اهمها

١_ ضعف رأس المال تعاني بعض الدول من قلة الموارد المالية وعدم قدرتها على بناء البنية التحتية مما يجعلها تعاني التبعية الاقتصادية  .

٢_ التفاوت الاقتصادي تساهم العولمة في توسيع الفجوة بين الدول الغنية والفقير وحتى داخل الدول الواحدة بين المناطق المختلفة ، إذ تستفيد بعض الدول بشكل كبير من الاستثمارات والتكنولوجيا  بينما تواجه أخرى صعوبات في مواكبة التغيرات .

٣_ التنافسية العالمية  تحتاج الدول إلى تحسين  تنافسيتها على المستوى العالمي من خلال تحسين البنية التحتية، تعزيز الابتكار وتطوير القوى العاملة .

٤_ الاستثمار الأجنبي  تواجه الدول تحديات في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مع الحاجة إلى توفير ببيئة استثمارية مستقرة .

٥_ ضعف المنتج المحلي تعلب الشركات متعددة الجنسيات دورا كبيرا في تشكيل الذوق العام والعادات الاستهلاكية للمنتجات والخدمات العالمية غاليا ما تحل محل المنتجات  المحلية  مما يؤدي إلى فقدان جزء من الثقافة المحلية المرتبطة بالمنتجات  والخدمات  التقليدية.

٦_ تأثير التكنولوجيا  التقدم التكنولوجي يغير بسرعة طريقة الإنتاج والتجارة مما يتطلب من العمال والشركات التكيف مع المهارات الجديدة مما يؤثر على الدول الفقيرة لعدم قدرتها على مواكبة التطور .

الجانب  الاجتماعي

في عصر العولمة، تبرز التحديات الاجتماعية بشكل ملحوظ، حيث تؤثر العولمة على النسيج الاجتماعي للمجتمعات بطرق متعددة اهمها

١_ تفاقم التمييز الاجتماعي والاقتصادي(موسى، 2008)

أحد أبرز التحديات الاجتماعية هو تفاقم التمييز الاجتماعي والاقتصادي. تسهم العولمة في تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث تستفيد الطبقات الغنية بشكل أكبر من الفرص الجديدة التي توفرها، بينما تجد الطبقات الأدنى صعوبة في التكيف مع التغيرات السريعة(هيرست و تومبسون، 1999، صفحة 279).

٢_ عدم الاستقرار والإقصاء الاجتماعي

يؤدي الضغط الناتج عن التغيرات الاقتصادية والثقافية إلى عدم الاستقرار والإقصاء الاجتماعي. يمكن أن يشعر الأفراد بالتهميش عندما لا يتمكنون من مواكبة التغيرات السريعة أو عندما تتجاهل مجتمعاتهم قيمهم وتقاليدهم.

٣_ انتشار العنف

تساهم العولمة أيضًا في انتشار العنف، خاصة في المناطق التي تعاني من النزاعات والتوترات السياسية. يمكن أن تؤدي التغيرات الاجتماعية والاقتصادية إلى تفاقم الصراعات القائمة وخلق نزاعات جديدة

٤_ افتقار التماسك في السياسات والخدمات الاجتماعية

يمكن أن يؤدي غياب التماسك في السياسات والخدمات الاجتماعية إلى تفاقم التحديات الاجتماعية. تحتاج الحكومات إلى تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع التأثيرات الاجتماعية للعولمة، وضمان توفير الدعم للفئات الأكثر تأثرً

٥_ التأثير على الهوية الثقافية(حرب، 2000، صفحة 97)

تشكل العولمة تحديًا للهوية الثقافية، حيث تؤدي إلى تآكل القيم التقليدية وتعزز النماذج الثقافية الغربية، مما يؤدي إلى فقدان الهوية الوطنية والثقافية لشعوب العالم النامي

لمواجهة هذه التحديات، هناك بعض الإجراءات  الممكنة لتجاوز هذه التحديات

  • تعزيز التعاون بين الدول النامية وذلك بخلق تكتلات اقتصادية كبرى خاصة في دول العالم الثالث
  • إقامة شراكة اقتصادية مع تكتلات العالم المتقدم مثل الاتحاد الأوروبي ومجموعة أمريكا الشمالية لتبادل الحر.
  • إعادة هيكلية الاقتصاد النامي لمواجهة متطلبات السوق الدولية

تحسين المستوى الاجتماعي للمواطنين وتقليص  الفوارق الطبقية

الفرص 

تقدم العولمة فرصا واسعة ومتنوع يمكن أن تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  وسوف نتطرق  إلى بعض من الفرص التي توفرها العولمة (فيصل، 2020، صفحة 26)

١_ حقوق الإنسان

في عصر العولمة زاد الاهتمام بحقوق الإنسان وزاد معها التركيز على التزامات الدول حول موضوع حقوق وواجبات رعاياها فأصبح الموضوع جزء من القانون الدولي ولم تعد انتهاكات الدول وخصوصا النامية بمنأى عن المراقبة العالمية، بل منذ ظهور الاهتمام بالعولمة اصبحت قضايا حقوق الإنسان من اهم القضايا  المطروحة على الساحة .

٢_ التنمية البشرية

بعد أن اذابت العولمة وصهرت ثقافات الشعوب وحدودهم من خلال انتشار وسائل الاتصال والاعلام كان لها أثر كبير في التنمية البشرية من خلال نمو العلاقات الثقافية وزيادة  معدل  انتقال المعلومات والأفكار، أدى إلى اضطرابات مرتفع في تنمية الشعوب وتطويرها .

٣_ التأثير السياسي

يمكن للسياسة في ظل العولمة  ان  تتم فوق الدولة من خلال خطط التكامل السياسي مثل الاتحاد الأوروبي ومن خلال المنظمات الحكومية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية حيث يمكن للنشاط السياسي ان يتجاوز الحدود الوطنية من خلال الحركات العالمية والمنظمات غير الحكومية

٤_ التجارة والاقتصاد

تعزز العولمة التجارة الدولية وتفتح اسواقا جديدة للمنتجات والخدمات وتزيد من فرص النمو الاقتصادي، إقامة شراكات اقتصادية مع تكتلات العالم المتقدم وتمكين الشركات الصغيرة والكبيرة الوصول الى أسواق جديدة وتوسيع نطاق أعمالها.

٥_ التعليم

توفر العولمة فرصًا للتعليم والتدريب عبر الحدود مما يعزز من مهارات وكفاءات الأفراد يمكن للطلاب من الوصول الى مؤسسات تعليمية مرموقة من خلال التعليم الإلكتروني والبعثات الدراسية .

٦_ الاندماج المالي

حققت العولمة الاندماج المالي بواسطة اندماج أسواق الأوراق المالية ،التأمين على الصعيد العالمي ،طلاقة العملة الصعبة ،فعاليات المصارف عابرة الحدود، التمويل العالمي تحرير تجارة الخدمات المصرفية ووضع المقاييس العالمية الموحدة للمصارف ،العمليات المصرفية الالكترونية .

٧_ التنوع الثقافي (اللة و شاهين ، 2018، صفحة 111)

تساهم العولمة في تبادل الثقافات مما يعزز التفاهم والتسامح بين الشعوب الامر الذي يؤدي إلى اثراء المجتمعات  والهام الفنون والادب والعلوم .

الخاتمة

في ختام هذا البحث حول التحولات السياسية في عصر العولمة، تتجلى أمامنا صورة معقدة ومتعددة الأبعاد لواقع جديد تواجهه الدول والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. العولمة، التي تسارعت بفعل التكنولوجيا والتجارة الحرة، قد أحدثت تغيرات جذرية في كيفية تعامل الدول مع بعضها البعض، وفي كيفية إدارة شؤونها الداخلية.

أحد الجوانب الرئيسية التي استعرضناها هو التأثير الكبير للعولمة على السيادة الوطنية. فبينما كانت الدول في الماضي تتمتع بقدرة أكبر على التحكم في شؤونها الداخلية بمعزل عن التأثيرات الخارجية، نجد أن العولمة قد قللت من هذه القدرة، مما أجبر الدول على التكيف مع معايير وأنظمة عالمية. هذا التكيف قد يكون في بعض الأحيان محفوفًا بالتحديات، خاصة للدول النامية التي قد تواجه صعوبة في مواكبة المعايير الدولية أو في التعامل مع التدفق الحر للمعلومات والبضائع والأشخاص.

من ناحية أخرى، توفر العولمة فرصًا غير مسبوقة لتعزيز التعاون الدولي وحل المشكلات العالمية. المسائل مثل التغير المناخي، والأمن الغذائي، والإرهاب، والأوبئة، تتطلب تعاونًا وتنسيقًا دوليًا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إطار عالمي. العولمة تسهم في خلق منصات ومنظمات دولية يمكن من خلالها للدول العمل معًا لمواجهة هذه التحديات المشتركة. على سبيل المثال، يمكن النظر إلى الاتفاقيات المناخية الدولية كمحاولة للتصدي لتحديات بيئية تتجاوز الحدود الوطنية.

كما أن التحولات السياسية في عصر العولمة قد أفرزت موجة جديدة من الديمقراطية وحقوق الإنسان في بعض المناطق. فالتكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام الاجتماعية قد وفرت للشعوب أدوات جديدة للتعبير عن آرائها والمطالبة بحقوقها، مما أدى في بعض الأحيان إلى تغييرات سياسية واجتماعية هامة. حركات الربيع العربي على سبيل المثال، أظهرت كيف يمكن للعولمة أن تلعب دورًا في تعزيز الوعي السياسي والمطالبة بالإصلاحات.

إلا أن هذه التحولات لا تأتي دون ثمن. فقد شهدنا أيضًا تصاعدًا في النزاعات الداخلية والعالمية، حيث تتصارع القوى التقليدية مع الرغبات الحديثة للشعوب. القوى القومية والشعبوية تبرز كرد فعل على بعض آثار العولمة التي يشعر البعض أنها تهدد الهوية الوطنية وتزيد من التفاوت الاقتصادي. هذه النزاعات تعكس التوتر القائم بين الاحتفاظ بالسيادة الوطنية والانفتاح على العالم.

وعلاوة على ذلك، تفرض العولمة تحديات اقتصادية كبيرة، خاصة في ما يتعلق بتوزيع الثروات والفرص الاقتصادية. الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية قد تتسع نتيجة لتفاوت القدرات الاقتصادية والتكنولوجية. الدول القوية اقتصاديا تستطيع غالبًا الاستفادة من العولمة لتعزيز مكانتها الاقتصادية، بينما قد تجد الدول الفقيرة نفسها تتخبط في محاولاتها لمواكبة هذا التسارع.

ومن بين الفرص التي تتيحها العولمة أيضًا هي إمكانية تحقيق التنمية المستدامة. العولمة يمكن أن تساهم في نقل التكنولوجيا والمعرفة والخبرات بين الدول، مما يتيح للدول النامية فرصة لتحسين بنيتها التحتية وتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي. فالمساعدات التنموية الدولية والتعاون الاقتصادي عبر الحدود يمكن أن يساهم في تقليل الفقر وتحسين مستوى المعيشة في الدول الأقل حظًا.

في الختام، يمكن القول إن التحولات السياسية في عصر العولمة تقدم مزيجًا من التحديات والفرص. النجاح في هذا العصر يعتمد على قدرة الدول والمجتمعات على التكيف مع المتغيرات السريعة، واستغلال الفرص المتاحة لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق التنمية المستدامة، مع مواجهة التحديات بحكمة ومرونة. إن فهم هذه التحولات والتعامل معها بفعالية يعد مفتاحًا لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالةً في عالم يتسم بالترابط المتزايد.

 

التوصيات

ا_ تعزيز التعاون الدولي يوصى بضرورة تعزيز التعاون والتفاهم بين الدول في ظل التحولات السياسية والتحديات العالمية المشتركة.

٢_ تعزيز الديمقراطية يجب العمل على تعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع الأنظمة السياسية لضمان استقرار المجتمعات.

٣_ الاستثمار في التعليم والابتكار ينبغي توجيه الاستثمار نحو قطاع التعليم والابتكار لتمكين الشباب وتعزيز القدرات الوطنية

٤_ تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد يجب على الحكومات تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لبناء مؤسسات قوية وموثوقة

٥_ تعزيز الاستقرار الاقتصادي ينبغي وضع سياسات اقتصادية مستدامة وتحفيزية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار.

 

المصادر

john Baylis، steve smith، و patricia owens. (2011). the globalizalization of worl politics : an in troduction to international relations.oxford: oxford university press.

– السيد ياسين. (1998). مفهوم العولمة. بيروت: مجلة المستقبل العربي.

بول هيرست، و جراهام تومبسون. (1999). مسألة العولمة ، الاقتصاد الدولي وإمكانية التحكم. (إبراهيم فتحي، المترجمون) القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع.

– ثامر كامل الخزرجي، و ياسر على المشهداني. (2004). العولمة وفجوة الامن في الوطن العربي (المجلد الاولى). عمان: دار مجدلاوي للنشر.

– خميرة فيصل. (2020). تحديات الامن في عصر العولمة ( دراسة حالة الجزائر). الجزائر.

– سعيد صديقي. (2004). هل تستطيع الدولة الوطنية ان تقاوم تحديات العولمة. بيروت: مركز دراسات الوحدة الوطنية .

– شكيرين ديلمي. (2021). ظاهرة العولمة وتأثير ه سيادة الدول. دفاتر البحوث العلمية، صفحة 404.

– شيف موريس. (2003). التكامل الاقليمي والتنمية . القاهرة: مركز المعلومات القراء في الشرق الاوسط.

– صلاح الدين محمد طحيطر المشاقبة. (2021). اثر العولمة على سيادة الدولة في الوطن العربي دراسة حالة “العراق انموذجا”. جانفي: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتجية والسياسية والاقتصادية .

– عبد الاله بلقزيز. (1998). مجموعة افكار ماخوذة عن ورقته المقدمة الى ندوة العرب والعولمة. بيروت: مجلة المستقبل العربي.

– عبد العزيز النويضي. (بلا تاريخ). اشتراطية حقوق الانسان : ربط المساعدة باحترام حقوق الانسان في العلاقات بين الدول. المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، الصفحات 37-38.

– عبد الواحد الناصر. (1999). حرب كوسوفو الوجة الاخر للعولمة. جريدة الزمن، 46-61.

– علي حرب. (2000). حديث النهايات فتوحات العولمة ومأزق الهوية (المجلد ط2). الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.

– عماد ابراهيم خليل. (2003). منظمة الامم المتحدة. القاهرة: دار النهضة العربية.

– عودة صادق إبراهيم. (2001). النظام العالمي الجديد. عمان: دار الفارس.

– محمد تاج الدين الحسيني. (2000). المجتمع الدولي وحق التدخل . الرباط: سلسلة المعرفة للجميع 18.

– محمد عبد اللة، و محمد شاهين . (2018). تحديات العولمة السياسية والاقتصادية للدول العربية وسبل معالجتها. دار الاكاديميون للنشر .

– مسعود موسى. (2008). اثر العولمة في المواطنة . مجلة العربية للعلوم السياسية19، صفحة 111.

– مصطفى، و هالة. (1998). العولمة دور جديد للدولة. مجلة السياسة الدولية، صفحة 115.

– منصور المطيري. (2001). العولمة في بعدها الثقافي . المملكة العربية السعودية : مجلة كلية الملك خالد العسكرية.

– نواف موسى الزيديين. (2019). اثر العولمة على تطور مفهوم السيادة الوطنية. المجلة الاردنية في القانون والعلوم السياسية .

– يحيى اليحياوي. (1999). العولمة ، أية عولمة؟ القاهرة : الشرق الاوسط.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *