نوفمبر 23, 2024 8:12 ص
35

د.عبدالحليم الشرقي

كلية الآداب والعلوم الإنسانية- سايس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، فاس، المغرب.

الباحثة نورة حجوط

كلية الآداب والعلوم الإنسانية – سايس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، فاس، المغرب.

abdelhalim.cherqui@usmba.ac.ma

00212661506757

الملخص

يستمد هذا العصر قوته من قدرة علومه على تطوير حياة الإنسان وتجديدها، سواء أكانت من صنف العلوم الطبيعية كالعلوم الرياضية والطبيعية أم الإنسانية كعلم الاجتماع وعلم النفس. ومعلوم أن هذا الأخير كغيره من العلوم  الإنسانية كان في أمس الحاجة إلى الاستقلال عن الفلسفة. وقد تيسر ذلك الاستقلال منهجا وموضوعا من خلال السعي نحو تحقيق مبدأ الموضوعية. فكيف تراكم  لعلم النفس ذلك القدر من الموضوعية الذي نحا به منحى النزوع إلى الجمع بين النظرية والتطبيق؟ وكيف أسهم التحليل الإحصائي في تطور القياس النفسي كأهم فرع من فروع علم النفس؟

والإجابة عن ذلك من شأنها إبراز أهمية هذا العمل الذي يندرج ضمن الأبحاث التي تروم بيان وظيفة التحليل الإحصائي في عملية نقل العلوم الإنسانية وتحديدا علم النفس من النظرية إلى التطبيق عبر التلاقح العلمي والإبداع في عملية النقل والأخذ من مختلف العلوم على مستوى المناهج والمضامين.وقد كان من أهداف البحث الكشف عن الوظيفة العلمية للتحليل الإحصائي في عملية تطوير وتجديد مناهج العلوم الإنسانية خاصة علم النفس، بالإضافة إلى التأكيد على أن القياس النفسي من أهم تجليات  الانتقال من النظرية إلى التطبيق في الحقل السيكولوجي.

واعتمدت خطة البحث على عمليات منهجية تمثلت في تقديم قراءة أولية في دلالة موضوع هذه الدراسة من حيث التعريف والعلاقة الرابطة بين  المفاهيم الأساسية لها .ثم تحديد إشكالية مشكلة البحث وأسئلتها وفرضياتها ،والانتقال إلى الإطار النظري ومتن البحث الذي تناول دور التحليل الإحصائي في عملية النقل من المقاربة النظرية إلى التطبيق العملي بالنسبة للعلوم الإنسانية عامة وعلم النفس خاصة. ليتم في الأخير وضع ملخص مركز لأهم النتائج مشفوعا ببعض التوصيات.

الكلمات المفاتاحية :  العلوم الإنسانية، القياس النفسي ، النظرية والتطبيق.

 

Statistical analysis and the development of human sciences: Psychometrics and the evolution of psychology

Abdelhalim Cherqui 1* Noura Hajout 2

1 PhD in Psychology, Faculty of Arts and Human Sciences – Sais, University of Sidi Mohamed Ben Abdallah, Fez, Morocco

2 Researcher in the Master of Social Work and Care Sciences in the Department of Psychology, Faculty of Arts and Human Sciences – Sais, University of Sidi Mohamed Ben Abdallah, Fez, Morocco

                                         *Corresponding Author: Abdelhalim Cherqui

E-mail address: abdelhalim.cherqui@usmba.ac.m

Phone (WhatsApp):+212661506757

 

Abstract

The strength of this age is evident in the ability of its sciences to develop and renew human life, whether these sciences are of the category of natural sciences such as mathematical and natural sciences, or humanities such as sociology and psychology. It is known that psychology, like other human sciences, needed independence from philosophy. This independence was achieved in terms of methodology and content through the pursuit of objectivity. How did psychology accumulate so much objectivity to combine theory and practice? How did statistical analysis contribute to the development of psychometrics as the most important branch of psychology?

The answer to these questions justifies the importance of this research, which aims to demonstrate the function of statistical analysis in the process of transferring the human sciences, specifically psychology, from theory to application through the scientific creativity of the transfer process.

Keywords: Human Sciences, Psychometrics, theory and Practice.

مقدمة

لقد واكبت العلوم الإنسانية العديد من القضايا المعاصرة ذات الصلة بالمجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والنفسية… غيرأن منطق المواكبة كان يقتضي تحقيق شرط الموضوعية في مقاربة كل قضية تكون محل التنازع العلمي لمختلف التخصصات العلمية. فلن يكون هناك تفسير واحد مثلا لسلوكيات الانتحار أو الإدمان أو العدوان…  من لدن المقاربات الطبية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية…، بل سيكون الدارس أمام عدة أنواع شتى من التفسيرات تقوده في نهاية المطاف إلى مساءلة عنصر الموضوعية كأحد مقومات العلمية لدى سائر العلوم الإنسانية.

ومن الآليات العلمية التي كادت هذه العلوم تتفق حول اعتمادها لكسب رهان الموضوعية هو التوظيف الملحوظ للإحصاء كخيار منهجي واختيار تقني في مجال البحوث العلمية والأكاديمية ذات الطابع التطبيقي، في زمن يشهد طفرة  في مجال المعرفة وانفجارا في تكنولوجيا المعلوميات. وسينصب الحديث في هذا البحث على مدى إسهام التحليل الإحصائي في تطور العلوم الإنسانية بصفة عامة وعلم النفس بصفة خاصة. وذلك من خلال تخصيص حيز هام للقياس النفسي كأحد التجليات الأساسية للتحليل الإحصائي في الحقل السيكولوجي.

ولذلك لم يكن الحديث في متن هذا البحث مفصلا فيما قدمه الإحصاء من خدمات علمية لمختلف العلوم الإنسانية، بل انكب النقاش على التحليل الإحصائي وعلاقته بعلم النفس. حيث تدور تلك العلاقة حول مهام جمع البيانات وتصنيفها وترتيبها ومعالجتها وصفا واستدلالا واتخاذ القرار برفض أو قبول الفرض الإحصائي. وتلك مهام رئيسة في القياس النفسي. وامتلاكها أصبح مطلبا ضروريا لإنجاز بحوث علمية متميزة، لا سيما أن العديد من الأبحاث النفسية المدرجة في قاعدة بيانات بعض المجلات عالية التأثير في سكوبس(Scopus) مثلا لم تكتف باعتماد التقنيات الكلاسيكية في القياس النفسي بل اعتمدت تحليلا إحصائيا متقدما من قبيل تحليل المسار أو التحليل العاملي التوكيدي أو نمذجة المعادلة البنائية… لذلك كان هذا البحث لإثارة نقاش حول مشكلة قد تكون ذاتية : متى وكيف نلحق بركب التقدم العلمي في الإنسانيات عموما والقياس النفسي على وجه التحديد؟

مشكلة البحث

ترتبط قوة كل عصر بقوة علومه الصرفة منها كالعلوم الرياضية والإنسانية كعلم النفس. والعصر الحالي أحوج من غيره من العصور السابقة إلى علوم إنسانية قوية متجددة ومبدعة. ومعلوم أن علم النفس كغيره من العلوم الإنسانية كان في أمس الحاجة إلى ما يعضد قوامه حتى يتسنى له الاستقلال عن الفلسفة. وقد تيسرله ذلك الاستقلال منهجا وموضوعا من خلال السعي نحو تحقيق مبدأ الموضوعية. فكيف تراكم لعلم النفس ذلك القدر من الموضوعية الذي نحا به منحى النزوع إلى الجمع بين النظرية والتطبيق؟ وكيف أسهم التحليل الإحصائي في تطور القياس النفسي كأهم فرع من فروع علم النفس؟

أهمية البحث

تتجلى أهمية هذا العمل في الكشف عن مدى الإسهام العلمي للتحليل الإحصائي في حياة الإنسان، لأن إسهامه على مستوى المنهج والموضوع في تجديد العلوم الإنسانية وعلم النفس على وجه التخصيص كان من صميم الإسهام الفعال في بناء حياة متجددة في الحياة البشري. والحجة على ثمرات ذلك الإسهام ظاهرة بجلاء من خلال حسن التنظيم وسلامة التدبير  لمحتلف مجالات الحضارة المعاصرة وفي حياة الناس كافة.

أهداف البحث

يروم هذا البحث تحقيق بعض الأهداف العامة والتي تتمثل فيما يلي:

– بيان فضل علم الإحصاء على بعض العلوم الإنسانية خاصة على مستوى تطوير مناهجها.

– الكشف عن مظاهر إسهام التحليل الإحصائي في تطوير علم النفس ورفع منسوب الموضوعية لديه.

– التأكيد على أنه من بين أهم مظاهر بعث التطور الحاصل في علم النفس وتحقيق قدر معتبر من موضوعيته هو مجال القياس النفسي.

حدود البحث

إن النتائج التي تم التوصل إليها في هذا البحث تبقى نسبية ومحدودة التعميم، بالنظر إلى الاختيار المنهجي الذي هدف إلى دراسة التقاطع العلمي بين علم الإحصاء وبعض العلوم الإنسانية خاصة علم النفس. ذلك أن السياق الذي حكم  التصور العام لهذه الورقة العلمية هو كشف مدى قدرة العلوم الإنسانية على الموازنة بين الاستفادة من فرض النظريات الغزيرة والإقبال على مجابهة تحديات الدرس التطبيقي لبناء حياة إنسانية متجددة.

فروض البحث

على ضوء السؤالين المصرح بهما في سياق بسط مشكلة البحث استقر التخمين على وجود وظيفة علمية للتحليل الإحصائي في عملية تطوير وتجديد العلوم الإنسانية خاصة علم النفس من جهة، وأن القياس النفسي كان من أهم تجليات تلك العملية التي أسهمت في نقل السيكولوجيا من النظرية إلى التطبيق من جهة ثانية.

الإطار النظري والدراسات السابقة

استفادت مختلف العلوم الإنسانية من التطورات التي شهدها علم الإحصاء، وسيتم التركيز في هذه الورقة على ما تحقق من مكاسب لدى علم الاجتماع، وبدرجة أكبر لصالح علم النفس، من خلال انفتاح العلمين على التحليل الإحصائي. ولذلك كان الحديث في هذا الإطار النظري بشكل مقتضب عن علاقة الإحصاء بالعلوم الإنسانية ومفصلا بنوع من التركيز عن علاقة التحليل الإحصائي بعلم النفس.تلك العلاقة التي تجسدت في القياس النفسي.

أ‌-             الإحصاء والعلوم الإنسانية

إن إجراء التحليل الاحصائي في إطار مناهج العلوم الإنسانية ليس بالأمر المتفق عليه، بل من القضايا المتنازع في شأنها. إذ هناك فريق من الدرسين يناصر الإبقاء على الجانب النظري  والمنهج الكيفي في العلوم الإنسانية، مبررا توجه الإبقاء بكون ممارسة التطبيق والرقمنة على العلوم الإنسانية عملية فظة رغم بعض إيجابياتها، فلا طعم لها بالشكل الذي نكون فيه أمام محدودية بناء النظريات، وعدم إتاحة الفرصة لممارسة النقد الذاتي،كما لا تتناول تلك العملية بالجدل الفكري قضايا العرق والجنس مثلا، ولا تتعامل بصفة ناقدة مع الثقافات. وفي المقابل هناك فريق آخر  يحبذ الجانب التطبيقي عملا بالقول المأثور ” كثير من العمل قليل من الكلام” “More hack less yack” ، مؤكدا على ضرورة أن تكون مكتسبات طلاب العلوم الإنسانية في الإحصاء معتبرة مثل تعلم البرمجة والترميز وإنشاء المواد الرقمية(Warwick, 2015).

كما أن هناك بعض المؤلفات التي تسير في نفس اتجاه موضوع البحث، ويتعلق الأمر باستخدام الإحصاء في العلوم الإنسانية لصاحبه جون كانين (Canning, 2014) ، وهو بمثابة دليل تعليمي موجه للدارسين في العلوم الإنسانية. حيث ساق بعض الأمثلة التي تعبر عن أهمية علم الإحصاء بالنسبة لمختلف العلوم الإنسانية. ومن ضمنها أن بعض الصحف بادرت إلى الإعلان عن الفوز المؤكد لمرشح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 1948، قبل احتساب جميع الأصوات. ليتضح بعد ذلك فشل نفس المرشح ،وهذا ينم عن قلة الدراية بما بجوهر علم الإحصاء الذي يتعامل مع أرقام،والأرقام غالبا ما تكون عنيدة .ثم أورد معطى إحصائيا يتعلق بالمتوسط الحسابي المقدر ب 40 سنة في بداية القرن التاسع عشر. وطرح سؤالا ليضع المعطى الإحصائي على المحك وهو:ألم يكن هناك كبار السن ؟ وبطريقة بيداغوجية يقود المؤلف القارئ إلى إدراك أن الإجابات على تلك الأسئلة تتطلب فهما معينا وتفسيرا خاصا لهذه الأرقام. لذلك كان الكتاب بمثابة دليل يستأنس به الباحث في عمله مع حيازة معرفة مسبقة بالتحليل الإحصائي لا تتجاوز في الغالب العمليات الرياضية الأربعة، مع الاستعانة بالآلات الحاسبة المتاحة.

والنقاش بين الفريقين نقاش قديم حديث في كل علم. ويزداد سجاله بين اختيار التحليل الكمي والتحليل الكيفي. ويظل المسلك الأمثل بالنسبة للبحث العلمي هو المزاوجة بينهما حتى لا تفقد هذه العلوم كنهها من طرف، ولا تغرق في أوتون الجدل المنطقي من طرف آخر. وينبغي أن تكون لطالب العلوم الإنسانية كفاءات تزاوج بين المنهج الكمي والكيفي. كما ينبغي للقائمين على المسالك الدراسية ببلداننا أن تجود عروض التوجيه المدرسي والجامعي، وتوازن بين التوجه العلمي الذي يخدم العلوم الصرفة والتوجه الأدبي الذي يعد رافدا أساس لشعب الدراسات الإنسانية.

ب‌-           الإحصاء وعلم الاجتماع

تعددت الظواهر الاجتماعية التي تمت مقاربتها بمنهج القياس والتحليل لإحصائي. ومن تلك الظواهر التي نالت حظها من الشهرة ظاهرة الانتحار.فقد اعتمد دوركايم من خلال كتابه: “الانتحار دراسة في السوسيولوجيا”(Durkheim, 1897) على مؤشرات إحصائية من قبيل معدل الانتحار في مختلف الدول الأوروبية. ولأجل إيجاد الحلول لظاهرة الانتحار ومعرفة مسبباتها كان التنصيص في هذا المؤلف على أن  الحل يتوقف على مدى ممارسة التحليل الإحصائي لبيانات متغرات الظاهرة بشكل يعين على وضع فروض ترتكز على معالجة الأرقام لسبر الدلالة الإحصائية لحجم الإسهام في هذه الظاهرة من لدن المتغيرات السيكولوجية، الطبيعية، العرقية والإثنية، الاقتصادية والصناعية، الاجتماعية، الأسرية والعائلية، الدينية، والسوسيوثقافية والسوسيو اقتصادية…. وهكذا تأتى لعلماء الاجتماع تطوير أبحاثهم بأن صار علم الإحصاء محكا لفروضهم إزاء الظاهرة المدروسة، من خلال توظيف أدوات وأساليب إحصائية لمعرفة طبيعة الفروق أو العلاقات بين متغيرات كل ظاهرة على حدة.

ت‌-    الإحصاء وعلم النفس

العلاقة بين الإحصاء وعلم النفس علاقة متجذرة في التاريخ. ومن التيمات التي شكلت فضاء تلك العلاقة نذكر على سبيل المثال لا الحصر قياس الذكاء وسمات الشخصية والميولات والاضطرابات النفسية والتحصيل…وتسري تلك العلاقة على مختلف ميادين علم النفس، كعلم النفس التجريبي والإكلنيكي وعلم النفس النمو وعلم النفس الاجتماعي وغيرها من الميادين الأخرى. ويظهر ذلك من خلال أعمال رواد التحليل الإحصائي خاصة مند القرن السابع عشر إلى اليوم. فقد أكد عالم النفس البلجيكي كيتوليت (Quetelet, 1853) على إمكانية تفسير الظواهر النفسية من خلال استخدام نظرية الاحتمالات(Théorie des probabilités). وهي نظرية -حسب كيتوليت- سبق أن روج لها العديد من الإحصائيين المتميزين من قبله مثل باسكال(Pascal) ، فيرما(Fermat) ، لايبنيز(Leibnitz) ، هالي (Halley)، بوتفون(Butfon)، لا بلاس (Place) ،فورييه(Fourier)…

كما ساهم عالم النفس الإنجليزي جالتون(Galton, 1886) في إغناء القياس النفسي من خلال تطوير تقنيتين فريدتين في التحليل الإحصائي، ويتعلق الأمر بالانحدار والارتباط. لقد أجرى جالتون سلسلة من التجارب تتعق بإنتاج بذور ذات أحجام مختلفة ومن نفس النوع، وكانت النتائج مثيرة وجديرة بالملاحظة، وخلاصتها أن نسل البدور  من الجيل  الثاني لا يميل إلى التشابه مع بذور الجيل الأول في الحجم، بل يكون أصغر منه إذا كان حجم الجيل الأول كبيرًا ؛ والعكس صحيح. أي ثمة انحدار نحو الرداءة في القوام الوراثي بحسب جالتون.والأسلوبان الإحصائيان (الارتباط والانحدار) كانا أيضا من الاهتمامات التي شغلت بال عالم الإحصاء الإنجليزي كارل بيرسون (Pearson) الذي برع بدوره في أسلوب التحليل العملي التوكيدي.

منهج البحث

تم توظيف مناهج متنوعة في هذا البحث قصد إقناع القارئ بالطرح العام لهذه الورقة العلمية. حيث كان من الأنسب اعتماد المنهج الاستقرائي المقارن خلال التطرق للدراسات السابقة. في حين كان ينبغي نسج معالم متن البحث عبر المزاوجة بين مناهج التحليل والمناقشة والاستنتاج للخروج بخلاصات وتوصيات تشكل قيمة مضافة للبحث العلمي.

متن البحث

أ‌-    قراءة في الدلا لة والنشأة والأهمية

ستتناول هذه الورقة التحليل الإحصائي في علاقته بتطور العلوم الإنسانية، مع التركيز على علم من هذه العلوم وهو علم النفس، من خلال أحد فروعه الذي نشط فيه توظيف علم الإحصاء، والمتمثل في القياس النفسي. والتحليل بوصفه فعلا عقليا ومنهجيا في عنوان هذا البحث جاء مضافا إلى اسم منسوب “إحصائي”. فيكون التحليل حينئذ وفق مقتضيات الدرس الإحصائي القائم ليس على الوصف والتفكيك فحسب، بل يتجاوز كل ذلك إلى إعمال آليات الاستدلال والتأويل. لا سيما أن استعمال هذه الآليات استعمال يعظم فيه منسوب الشك عند إخضاع سلوك فرد أو ظاهرة إنسانية للاختبار والتجريب مقارنة مع ارتفاع مستوى الثقة لدى العلوم الصرفة عند دراستها للمادة.

لقد وردت لفظة “أحصى” الشيء في بعض المعاجم اللغوية بمعان مختلفة. وتم الاقتصار على معنى ورد في المعجم الوسيط مفاده :”عده وأحاط به وضبطه وعرف قدره وحفظه” (مجمع اللغة العربية بالقاهرة, s. d.). فيكون “إحصاء الشيء” بهذا المعنى دالا على أن القائم بعملية الإحصاء ينبغي له أن يتمتع بمهارات العد والضبط والإلمام علما بالشيء المحصى. وتذهب بعض الأشعار العربية في اتجاه يفيد نفس الدلالة كما قال الشاعر: “كُلَّ شيءٍ أحصَى كِتاباً وعِلْمَاً … ولديهِ تجلّتِ الأسْرارُ”(بن ربيعة العامري, 1999) ، مع إضافة لطيفة هاهنا وهي مهارة التدوين أو التوثيق. مما يجعل حيازة الأسرار من صميم امتلاك خاصية الإحصاء. ولعل الإشارة أبلغ وأفصح في سياق هذه الآية : ﴿ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [ الجن: 28].

كما تشير بعض المعاجم الأجنبية إلى أن الإحصاء هو علم يقوم على أساس استخدام المعلومات المكتشفة وتوظيفها من خلال دراسة الأرقام  (Cambridge Dictionary, 2023). وتتعدد التعاريف وتختلف بشأن علم الإحصاء إلى درجة أن ولتر(Walter) أحصى بدوره ما يقارب العشرين ومئة تعريف لهذا العلم سنة 1935م (Dagnelie, 1982). وهذا التضارب في تحديد مفهوم علم الإحصاء كان على رأس الموضوعات الهامة التي اختلف بشأنها أهل الاختصاص في العلم ذاته (Torrens-Ibern, 1956).

وتكمن أهمية الإحصاء في توظيفه من لدن ذوي الاختصاص في شتى المجالات العلمية الأكاديمية أو السياسية الرسمية. فأي دولة لا مقام لها- في الغالب- بدون اعتمادها على علم الإحصاء، إن لم نقل أن هذا العلم هو بمثابة السبيل الأمثل لتدبير مؤسساتها بأسلوب حديث، بالموازاة مع نظمها ودساتيرها وقوانينها (Scholten et al., 2015) . وذلك بالرغم من كون علم الإحصاء كان في أحايين كثيرة محط تجاذبات بين الطموح في تحقيق الحياد والموضوعية من جهة، وبين تضارب المصالح السياسية والاقتصادية لهذه الدولة أو تلك من جهه ثانية (Randeraad, 2020).

وسواء أكانت عملية الإحصاء من باب الخطاب السياسي الرسمي أم من باب الخطاب العلمي الأكاديمي، إنما هي تمثيل للصفات أو للخصائص بأرقام جاءت نتيجة تبويب وترميز. وهذا ما عبر عنه ستيفنس (Stevens) بقوله: “القياس في أوسع معانيه، هو تحديد أرقام لأشياء أو أحداث وفقا لقوانين” (Stevens, 1946).

إن تحديد الأرقام للأشياء والحوادث وفق قوانين محددة من صميم صنعة الباحث وإن شئنا الدقة  من صميم مهننته لعلم الإحصاء كعلم يقتدر به الباحث على جمع (Collection) البيانات الكمية (Quantitative Data) واستخدام الأرقام في وصفها وتبويبها وتنظيمها في هيئة سهلة موضوعية (Descriptive statistics) (سعدع الرحمن،2008)، ومن ثم توظيف مفاهيم إحصائية معينة ، وممارسة الإحصاء الاستدلالي (Inferential statistics) بإعمال أدوات وأساليب (Tools and Methods) من لدن الباحث بغرض إصدار قرار(Decision) يتعلق بكم الصفة المدروسة (ميخائيل أسعد،1990) انطلاقا من عينة ما (Sample) تمثل المجتمع الأصلي (Population). لكن قرار الباحث يبقى  عرضة لدرجة ما من درجات الخطأ، وعلى الباحث في تلك الحالة أن يقدر مدى الخطأ المحتمل عند صياغته للفرض الصفري(Null Hypothesis)، ليتسنى له أمر تعميم النتائج .

ب‌-    القياس النفسي ومبدأ الموضوعية

تاريخ القياس في علم النفس ليس وليد هذا العصر، بل مورس قديما بصيع معينة كعلم الفراسة ومحاولة قراءة وتحليل خطوط الكف وإعطاء تفسيرات لما تعبر عنه قسمات الوجه. وتعددت بعد ذلك  الموضوعات التي تعتبر من مقيسات علم النفس كالذكاء الذي يتجسد في قدرات الفرد على حل المشكلات وأيضا القدرات الخاصة التي ترتبط بالذكاء العملي، وسمات الشخصية كسمتي الانطواء والانبساط، ثم الطبع بوصفه علامة الحكم الذي يميز سمة ما بالإفراط أو التفريط ، وكذلك المزاج الذي تجسده سمات الشخصية ذات الشحنة الانفعالية والتي تعد في معظمها من موضوعات علم النفس الفسيولوجي. بالإضافة إلى التحصيل أي مدى امتلاك الفرد لمادة  دراسية كالكتابة والقراءة والحساب.

وربما يلحظ بعض الدارسين في وطننا العربي أن ثمة تعثر تشهده معظم العلوم الانسانية عامة وعلم النفس خاصة على مستوى الاستقلال النهائي عن التحليل الفلسفي. وقد يعزى هذا التعثر في مسار الاستقلال إلى كون ما يستهلك من محتويات مترجمة -موضوعا ومنهجا – من هذه العلوم في البلدان العربية والإسلامية مجرد مضامين غربية. إذ لا قيمة مثلا لمحتوى سيكولوجي لم تنبته تربة الإنسان في هذه الأوطان من جهة، ولا ثقة في منهج سيكولوجي ما لم يعمل الدارسون على تجسير العلاقة بين بعض العلوم الصرفة كالرياضيات وبين علم النفس من جهة ثانية. إذ لربما الظروف تغيرت ولم يعد مجديا  معه فعل “تحدث” أو “ادعى” أو “ظن” …، وصار الأجدى والأولى خيار التجريب والبحث والقياس…

(أسعد, 1990)

فما مصير العالم لو لم تكن هناك علوم؟ وأي مكانة لعلم من تلك العلوم إذا لم يصح منه العزم على تحقيق الموضوعية؟ وما هو المدخل الرئيس لتحقيق شرط الموضوعية؟

طبعا لا بد من آليات تتأسس عليها الموضوعية كالقدرة على القياس والتقويم والتنبؤ والتحكم. ومن حسن حظ العلوم الإنسانية وعلم النفس خاصة أن تواجد بجواره علوم صرفة امتلكت هذه الآليات مثل الرياضيات والعلوم الطبيعية. مما دفع علم النفس إلى الاحتكاك بهذا النوع من العلوم والإبداع فيما نقل منها خاصة على مستوى المنهج بشكل أفاده في رحلة  الانفصال عن الفلسفة.

لقد أخذ علم النفس عن تلك العلوم بالأساس المنهج وطرق الاشتغال، وحاول التفرد بمحتواه ليتميز عن  غيره من العلوم لضمان استقلاليته. على أن محتوى علم النفس هو ذلك السهل الممتنع المتمثل في سلوك الإنسان الذي يتأرجح  بين البساطة والتعقيد. لقد صار علم النفس ومازال في اتجاه عملية نقل الكثير من العلوم الأخرى وابتدع الكثير مما لم تسطعه العلوم الأخرى على مسوى المنهج تحديدا، لما أخذ عن العلوم الطبيعية منهج التجريب ومن الرياضيات منهج القياس. عندما نبتت بذور الرياضيات والإحصاء والتجريب في نسيج علم النفس والتي لولاها ما قام كعلم مستقل بمنهجه ومحتواه. إذ من الدارسين لعلم الإحصاء من يقر بأن تقدم أي علم من العلوم إنما يقاس بقدرة هذا العلم على تطويع واستخدام رياضياته، ورياضيات علم النفس هي عمليات القياس التي تردفها عمليات أخر كالتنبؤ والتحكم في البيئة الخارجية وضبط متغيراتها والسيطرة عليها(سعد, 2008).  ولو لم يحدث هذا التلاقح وذلك الإبداع في النقل لما وصل منهجا التجريب و القياس مبلغهما من التطور المتسارع مما لو كان لا يزالان جزئين من العلوم الطبيعية أو الرياضية. ويمكن ستحضار منهج التحليل العاملي الذي ابتدع واسنبط في مجال علم النفس المعرفي من أجل تحليل القدرات العقلية، حتى صرنا نتحدث عن معاملات الارتباط ، ثم ملاءمة وتطوير الأدوات الإحصائية بغرض إيجاد العلاقات بين متغيرات السلوك الإنساني. وهذا فضل وكشف علمي يحسب في سجلات  إبستمولوجيا علم النفس. وإذا كان الضامن لموضوعية أي علم يكمن في قدرة هذا العلم أو ذاك على إعمال منهج القياس كمنطلق للتنبؤ والتحكم، فإن علم النفس كان في أمس الحاجة إلى مثل تلك القدرة لمغالبة العمليات الثلاث(القياس والتنبؤ والتحكم).

إن القياس النفسي وما يتعلق به من مفاهيم يمكن تلخيصه في عملية وصف المعلومات وصفا كميا يقوم على أساس استخدام الأرقام بعد تبويب وتنظيم البيانات في هيئة بسيطة وموضوعية يمكن فهمها وتفسيرها. فالقياس حسب بعض الدارسين هو تحويل الأحداث الوصفية إلى أرقام بناء على قواعد وقوانين معينة.

وقد يتساءل القارئ: ماذا نستفيد من تحويل الحدث إلى رقم؟ والجواب يكون من خلال ضرب المثالين الآتيين:

المثال(أ):

– أداء الطالب إسماعيل أفضل من أداء الطالب سهيل في تحصيل مكونات مادة الإحصاء (مقاييس النزعة المركزية والتشتت والالتواء ).

– وأداء الطالب إسماعيل أفضل من أداء الطالب عثمان في تحصيل نفس مكونات المادة.

المثال(ب):

– قيمة المتوسط الحسابي لأداء الطالب إسماعيل في مكونات مادة الإحصاء هي9/10   = i X̄

– قيمة المتوسط الحسابي لأداء الطالب عثمان على مستوى نفس مكونات المادة هي7/10   = o X̄

– قيمة المتوسط الحسابي لأداء الطالب سهيل على مستوى نفس مكونات المادة هي8/10   = s X̄

فما الذي أضافه الرقم في المثال الأخير؟

لقد اعتمدنا في المثال (أ) على وصفية الحدث، فعلمنا أن إسماعيل أفضل أداء من الطالبين الآخرين. لكن صرنا في حاجة إلى تقدير العلاقة بين أداء عثمان وأداء سهيل بالشكل الذي يجعل التقدير مفتوحا على ثلاثة احتمالات: الأفضلية لسهيل أو الأفضلية لعثمان أو الندية لبعضهما. ولعلها من أوعر مغامرات الباحث إذا قدر له إجراء التفاضل بين جمع يجاوز الثلاثة

ولما اعتمدنا على كمية الحدث جاز لنا  تحديد تلك العلاقة  بما لا يدع مجالا للشك كما يلي:

i X̄                                                s X̄             o X̄

وهكذا أمكن تحديد وضع الطلاب الثلاثة على مقياس الأدء في تحصيل مكونات مادة الإحصاء، من خلال مراعاة بعض مقتضيات عمليات القياس. أي قياس مقدار سمة الأداء التي يشترك فيها الطلاب باستعمال الأدة المناسبة وهي الامتحان الإشهادي، لقياس الفرق بين مقدار السمة التي يمتلكها كل واحد منهم عن طريق عمليات رياضية، ويراد تحديد الوضع النسبي لكل فرد منهم على هذه السمة. وبالمثل يستصحب  القياس ليطبق على الذكاء أو القدرة الميكانيكية أو سرعة الانفعال أو القدرة الاجتماعية…

والملاحظ أن مقيسات علم النفس ليست كمقيسات العلوم الصرفة.فليست سمة الذكاء مثل الطول أو الوزن كسمتين ملحوظتين بذاتهما، وإنما يستدل على سمة الذكاء بأثرها وليس بكيانها. وقياسها ليس بالأمر السهل. ويعتبر هذا بمثابة تحد  تكمن فيه أهمية القياس النفسي كفرع من أهم فروع علم النفس له أسسه وقواعده.

ت‌-           القياس النفسي والرقمنة

لما كان القياس أسلوبا يعمل على تحويل أجوبة  المبحوثين بخصوص متغير من المتغيرات إلى ترقيم محدد وبترميز(coding) خاص، فإن القياس بشكل عام والقياس النفسي بشكل خاص أصبح أسلوبا متسما بالدقة والصرامةالعلمية، فتطورت بذلك العلوم الإنسانية ومنها علم النفس. ونقلها منهج القياس من مجرد الجدل المنطقي  إلى السعي نحو مزيد من الحياد والموضوعية (خيري, 2008) .

ولقد بذل جهد علمي متميز في منهج القياس من خلال إكتشاف وابتكار تقنيات إحصائيات جديدة أتاحتها العديد من البرامج الإحصائية. حيث صارت تلك التقنيات من البنية التحتية للعلوم الإنسانية والمعينة لها على تحقيق مزيد من الاكتشافات العلمية على مستوى المحتوى والمنهج. وهذه من الفرص الثمينة لربح معركة مجتمع المعرفة، وذلك عبر سعي الجامعات والمؤسسات التربوية ببلداننا إلى تشجيع البحث الميداني من خلال مناهج حديثة  تعمل على تخريج كفاءات ذوي المواهب الكمية في كل التخصصات كعلم النفس. حيث يكون من مهام تلك المناهج تدريب الطلاب على التوظيف الأمثل لتلك التقنيات الإحصائية من مرحلة جمع وفهم البيانات إلى مرحلة اتخاذ القرار الإحصائي  (Straf, 2003).

وقد يتحجج طالب من شعب العلوم الإنسانية أو من شعبة علم النفس أن بضاعته مزجاة في علم الإحصاء، لأن هذا الأخير يعتمد على الرياضيات بالدرجة الأولى. وهذه حجة قد تفوت على الطالب مغانم كثيرة في البحث العلمي. لأنه لا يهمه من الإحصاء ما يهم المتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلوميات، إذ هو وسيلة له كي توصله لنتائج اختبار فروض بحثه، على أن يكون للطالب قدر من المعارف الإحصائية التي تجنبه الزلل في اختيار الأسلوب الأنسب لتبويب وتحليل متغيرات وبيانات العينة التي يدرسها (أبو النيل, 1987).

فالباحث في حقل السيكولوجيا هو المسؤول في نهاية المطاف عن عمله العلمي، وعن الأسس والمصادر والأدوات والأساليب التي بنى عليها بحثه.ومن ثم ينبغي تملك قدر من الدراية باستخدام بعض البرامج الإحصائية من قبيل برنامج (SPSS) و (Excel) و(Amos) و (Jasp) أو حسب المتاح منها أو من غيرها.

فلم يعد إنجاز القياس النفسي مقصورا على الصيغة الورقية، وإنما توفرت لدى الباحثين صيغ إلكترونية أتاحتها مجموعة من البرامج الإحصائية تختلف مزاياها وعيوبها بحسب طبيعة الأبحاث والتخصصات. وصار على الباحث في علم النفس أن يدرك أن والتناول الرقمي (Digitization) لبعض جوانب سلوك الإنسان يعمل دائما على تخفيض تكلفة الجهد والوقت مع إنجاز التحليل الإحصائي بإتقان وجودة عالية. فالباحث لم يعد مثلا في حاجة إلى التمثيل اليدوي لرسومات بيانية أو جداول إحصائية وما يتطلب ذلك من ضبط وإتقان، كما لم يزل في حاجة إلى عقد المقارنة المباشرة بين القيم المحسوبة(Calculated values) والقيم الحرجة(Critical values)، بل أصبح الأمر يتوقف على إدخال البيانات بالطريقة المناسبة وفق الشروط المطلوبة إحصائيا ليتم إنجاز المهمة في وقت وجيز. إذ تكفلت البرامج الإحصائية بحساب قيمة المعنوية الإحصائية(Significance value)،  والحسم في القرار الإحصائي إما برفض الفرض الصفري أو قبوله، بناء على مستوى الدلالة(Significance level) التي حددها الباحث إبان صياغته لفروض البحث.

خاتمة

ملخص النتائج

يمكن تصنيف ثمرات هذا العمل الى قسمين اثنين:

_ الأول: قسم علمي أكاديمي

  _التحليل الإحصائي تخصص تستدعيه مختلف العلوم الإنسانية وعلم النفس خاصة للقيام بالسخرة العلمية. وعلم النفس كان أشد تلك العلوم تسخيرا للتحليل الإحصائي وفتح له تخصصا يندرج ضمن فروعه وهو القياس النفسي.

     الجدل بشأن انفتاح العلوم الإنسانية  على التقنيات الإحصائية جدال مستمر يقوم على أساس ثنائية المنهج الكمي في مقابل المنهج الكيفي.

    امتلاك مهارات في التحليل الاحصائي من لدن الطلاب والباحثين في العلوم الإنسانية بشكل عام وفي علم النفس بشكل خاص ليس من باب المعجزات، بدعوى ارتباط ذلك بتخصص الرياضيات. فللتحليل الاحصائي قيمة خاصة لا يقدرها إلا من داوم استخدام تقنياته، وتذوق ثمرات توظيف أساليبه وأدواته.

   الرهان على كسب معركة البحث العلمي والنشر في قاعدة بيانات دولية مصنفة يمر عبر امتلاك آليات إحصائية خاصة المتقدمة منها.

_الثاني: قسم تربوي بيداغوجي

      لا مناص من امتلاك كفايات تكنولوجية كمشروع علمي يتجسد بالإرادة الحقيقية للمؤسسات التعليمي والجامعية في إكساب تلك الكفايات للطلاب والباحثين في العلوم النفسية والاجتماعية، من خلال إعداد مناهج هادفة وخادمة للمشروع، وتوفير برامج إحصائية متطورة تكون في الغالب مدفوعة الأجر.

  الموازنة بين التخصصات العلمية والأدبية مطلب ضروري لتخريج طلاب وباحثين أكفاء قادرين على استخدام تقنيات التحليل الإحصائي وتدبير برامجه الحديثة.

توصيات ومقترحات

1 ـ السعي نحو الموضوعية في العلوم الإنسانية عامة وعلم النفس خاصة، من خلال الانتقال من الدراسات النظرية إلى البحوث الميدانية التي تعتمد القياس منهجا؛ كالقياس النفسي نموذجا.

2 ـ الانفتاح على البرامج الإحصائية الحديثة ذات الصلة بالعلوم الإنسانية، مع إسهام المؤسسات التعليمية الجامعية بتوفيرها لصالح الباحثين والتخفيف من تكلفة استعمالها.

3 ـ الأخذ بعين الاعتبار مصداقية البحوث من خلال ارتكازها على الأساليب الإحصائية الحديثة في النشر العلمي الدولي.

 

المصادر والمراجع

العربية

–        القرآن الكريم برواية ورش

–        أبو النيل, م. ا. (1987). الإحصاء النفسي والاجتماعي والتربوي (1re éd.). دار النهضة العربية.

–        أسعد, م. (1990). الإحصاء النفسي و قياس القدرات الإنسانية (1re éd.). دار الافاق الجديدة.

–        بن ربيعة العامري, ل. (1999). ديوان لبيد بن ربيعة العامري. دار صادر.

–        خيري, م. (2008). الإحصاء النفسي (1re éd.). دار الفكر العربي.

–        سعد, ع. ا. (2008). القياس النفسي : النظرية والتطبيق (5e éd.). هبة النيل العربية للنشر والتوزيع.

–        مجمع اللغة العربية بالقاهرة. (s. d.). المعجم الوسيط (Vol. 1). المكتبة الشاملة.

المصادر الأجنبية

–     Cambridge Dictionary. (2023, mai 31). Cambridge Dictionary. https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/statistic

–     Canning, J. (2014). Statistics for the Humanities (1re éd.). http://statisticsforhumanities.net/book/

–     Dagnelie, P. (1982). Diversité et unité de la statistique. Journal de la Société de statistique de Paris, 123(2), 86‑92.

–     Durkheim, É. (1897). Le Suicide, étude de sociologie. Bibliothèque nationale de France.

–     Galton, F. (1886). Regression Towards Mediocrity in Hereditary Stature. The Journal of the Anthropological Institute of Great Britain and Ireland, 15, 246. https://doi.org/10.2307/2841583

–     Quetelet, A. (1853). Théorie des probabilités. Société pour l’émancipation intellectuelle.

–     Randeraad, N. (2020). States and statistics in the nineteenth century : Europe by numbers. Manchester University Press.

–     Scholten, P., Entzinger, H., Penninx, R., & Verbeek, S. (Éds.). (2015). Integrating Immigrants in Europe. Springer International Publishing. https://doi.org/10.1007/978-3-319-16256-0

–     Stevens, S. S. (1946). On the theory of scales of measurement. Science, 103(2684), 677‑680.

–     Straf, M. L. (2003). Statistics : The Next Generation. Journal of the American Statistical Association, 98(461), 1‑6.

–     Torrens-Ibern, J. (1956). Qu’est-ce que la statistique ? Journal de la Société de statistique de Paris, 97, 289‑293.

–     Warwick, C. (2015). Building Theories or Theories of Building? A Tension at the Heart of Digital Humanities. In A New Companion to Digital Humanities (p. 538‑552). John Wiley & Sons, Ltd. https://doi.org/10.1002/9781118680605.ch37

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *