نوفمبر 23, 2024 3:56 ص

                د. مجديالورشفاني                                              أ. أيوب محمد الفارسي        

 محاضر في قسم  الاقتصاد / كلية الاقتصاد                   كلية الاقتصاد / جامعة بنغازي / ليبيا

         جامعة بنغازي / ليبيا

          aiyoblfarci@gmail.com.     Majdi.almabrouk@uop.edu.ly

  00218926255286                         00601139351192          

الملخص

يأتي هذا البحث لمعرفة دور الانفاق العام في تنمية الاقتصاد الليبي من خلال الناتج المحلي الإجمالي، تسعى الدراسة لمناقشة تأثير النفقات العامة في الاقتصاد الليبي على الناتج المحلي الإجمالي وهل ساهمت النفقات في زيادة الناتج الإجمالي حسبما تنص النظرية الاقتصادية أم لا؟ وهل الزيادة في النفقات والناتج المحلي الإجمالي ساهمت في تغيير النمط الاقتصادي القائم على البترول أم لا؟ وتأتي أهمية البحث من في كون الانفاق العام من أهم أدوات السياسة المالية للتأثير في الناتج القومي الإجمالي وتحقيق التنمية الاقتصادية والنمو في البلاد، والوقوف على حقيقة أن التطور في الانفاق الإجمالي لم يكن بالشكل المدروس لتحقيق أهداف تنموية للبلاد وفق خطة شاملة للتغير من النمط الاقتصادي الريعي وتنمية المقدرات الاقتصادية للبلاد.

تقوم الدراسة بتقديم منهج وصفي ليحلل الواق الاقتصادي لبلاد وتطور الانفاق والناتج المحلي خلال فترة الدراسة وتوضيح العلاقة النظرية بينهما، وتم سنقوم في الجزء الثاني من الدراسة باستخدام الأسلوب الكمي من خلال بناء نموذج قياسي لتحليل أثر الانفاق العام على الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا.

وتم الاعتماد على البيانات المنشورة للمصرف المركزي الليبي عن السنوات المذكورة، ومن التعرف على اهم الدراسات السابقة التي تطرقت لأثر الانفاق على الناتج والتنمية.

 وقسم البحث الى أربعة أجزاء رئيسية تدرس التعرف على طبيعة الاقتصاد الليبي خلال الفترات المختلفة لفترة الدراسة، ومن تم معرفة الانفاق العام في ليبيا وتطور الناتج المحلي للاقتصاد الليبي، وهل حقق الانفاق التنموي الأهداف المرجوة منه، وقياس أثر الانفاق العمومي على الناتج المحلي الإجمالي، وختاما النتائج والتوصيات.

هدفت الدراسة لقياس أثر الانفاق على الناتج المحلي الإجمالي لليبيا، وهل هذا الانفاق ساهم في تحقيق تنمية اقتصاديه حقيقية، وذلك من خلال التعرف على طبيعة الاقتصاد الليبي وتطور الانفاق العام ومن ثم قياس اثر الانفاق على الناتج الإجمالي باستخدام طريقة (ARDL) Autoregressive Distributed Lag Model ، التي  استخدمت في عديد الدراسات المشابهة , ومن خلال النتائج تبين وجود علاقة موجبة ما بين الناتج الإجمالي وحجم الانفاق, ولكن نتيجة للنهج الاشتراكي المتبع في الدولة وكذلك عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي للفترة منذ العام 2011م حتى الان, وما صاحباها من توسع في الانفاق التسييري على حساب الانفاق التنموي , والصراعات المسلحة وما صاحبه من دمار للمقدرات المادية , لم يستطع القائمون على الاقتصاد من تغيير نمط الاقتصاد الريعي ولا إحلال تنمية حقيقية تخلق بنى تحتية لتطوير مختلف القطاعات الاقتصادية .وضل الاقتصاد الليبي رهينة لأسعار النفط وتقلباتها.

وتوصي الدراسة بالاستفادة من الاحداث الراهنة في عمل خطة تنموية متكاملة تشمل الاعمار وتنمية الموارد الغير مستغلة في الاقتصاد، وتنمية القطاع الخاص والنهوض به للوصل الى تنمية مستدامة شاملة، وتصفية المشروعات القائمة وفلترتها لمعرفة المجدي منها من عدمه.

الكلمات المفتاحية:

 الانفاق العام – الناتج المحلي الإجمالي – الانفاق التسييري- التنمية – الاقتصاد الليبي- اقتصاد ريعي –  طريقة ARDL))

Public spending and its impact on the gross domestic product of the Libyan economy – A standard study for the period 1970-2014

Dr Majdi Al-Warshafani Lecturer at the Department of Economics/Faculty of Economics/University of Benghazi/Libya

Ayoub Mohamed Younis Faculty of Economics/University of Benghazi/Libya

ABSTRACT

The axis under which the research falls: – The economic axis

This research comes to find out the role of public spending in the development of the Libyan economy through the gross domestic product. The study seeks to discuss the impact of public expenditures in the Libyan economy on the gross domestic product and whether the expenditures contributed to the increase in the gross product as stipulated in economic theory or not? Did the increase in expenditures and gross domestic product contribute to changing the economic pattern based on oil, or not?

The importance of research stems from the fact that public spending is one of the most important tools of fiscal policy to influence the gross national product and achieve economic development and growth in the country, and to stand on the fact that the development in total spending was not studied in the manner to achieve development goals for the country according to a comprehensive plan for change from the rentier economic pattern and development The country’s economic potential.

The study provides a descriptive approach that analyses the country’s economic situation and the development of spending and GDP during the study period and clarifies the theoretical relationship between them. In the second part of the study, we will use the quantitative method by building a standard model to analyse the impact of public spending on GDP in Libya.

It was based on the published data of the Central Bank of Libya for the aforementioned years, and on identifying the most important previous studies that dealt with the impact of spending on output and development.

The research was divided into four main parts that study the identification of the nature of the Libyan economy during the different periods of the study period, the knowledge of public spending in Libya and the development of the GDP of the Libyan economy, and whether the development spending achieved the desired goals, and measuring the impact of public spending on the gross domestic product, and concluding the results and recommendations.

The study aimed to measure the impact of spending on the gross domestic product of Libya, and whether this spending contributed to real economic development, by identifying the nature of the Libyan economy and the development of public spending, and then measuring the effect of spending on the gross product using the (ARDL) Autoregressive Distributed Lag Model, Which has been used in many similar studies, and through the results it was found that there is a positive relationship between the total product and the size of spending, but as a result of the socialist approach followed in the country as well as the political and economic instability for the period since 2011 AD until now, and the accompanying expansion in the management spending at the expense of spending Development, armed conflicts and the accompanying destruction of material capabilities, those in charge of the economy were unable to change the pattern of the rentier economy nor to bring about real development that creates infrastructure for the development of various economic sectors. The Libyan economy has become hostage to oil prices and their fluctuations.

The study recommends making use of current events in the work of an integrated development plan that includes reconstruction and development of untapped resources in the economy, developing and promoting the private sector to reach a comprehensive sustainable development, and filtering existing projects and filtering them to see if they are feasible or not.

Keywords:

  Public spending – GDP – management spending – development – the Libyan economy – rentier economy (ARDL method)

مقدمة

    يعد الاقتصاد الليبي من الاقتصاديات الريعية القائمة على مصدر وحيد للدخل يتمثل في البترول، ولم يستطع الاقتصاد تنويع مصادر الدخل أو حتى تطوير المنتجات البترولية القائمة، فنجد أن مشتقات البترول والغاز تستوردها الدولة الليبية بمعدل 60 % من الإنتاج الفعلي لهذه المنتجات على الرغم من توفر البترول والغاز مما يعد ميزة نسبية لديها في إنتاجها وتصنيعها.

      نتيجة لقلة السكان والتوجهات الاشتراكية التي عملت بها البلاد طيلة اربع عقود خلقت اقتصادا احادي الجانب يستمد قوته من وفرة الاحتياطيات النفطية ووفرة الإيرادات المتحققة منه وخاصة طيلة هذه العقود, وأصبحت البطالة المقنعة وضعف الإنتاجية والاعتماد شبه الكامل على الواردات لتمثل 70 % من حجم التعامل التجاري للعام 2019م , وتضخم الجهاز الاداري القطاع العام  ليصل الى 1.75 مليون موظف أي ما يعادل26 % من حجم السكان للبلاد يعملون في القطاع العام ,و كذلك غياب القطاع الخاص بشكل رسمي في الدولة , لتصبح من السمات التي يتسم بها الاقتصاد الليبي نتيجة لاحتكار الدولة للتوظيف وغياب دور القطاع الخاص وعدم الاستفادة من كبر حجم الإيرادات المحققة في ضل استقرار امني وسياسي في تحقيق تنمية حقيقة للبلاد وخلق قطاعات واعدة  قادرة على خلق قيمة مضافة للاقتصاد.

وعندما تغير نظام الدولة السياسي في ليبيا لم يستقر النظام السياسي والامني مما أدى لتعاقب الحكومات عليه ,ومع غياب دور فعال للرقابة تصدر الاقتصاد المحلي قوائم الدول التي تنقص فيها الشفافية ويكثر فيها الفساد مع تزايد النفقات العامة للدولة دون أي مردود واضح للتنمية, وكذلك كبر حجم النفقات العامة, لنجد أن بند المرتبات في الميزانية العمومية ازداد بمعدل 3 أضعاف منذ العام 2010 م الى العام 2020م وتزايد النفقات بشكل عام وخاصة في الجانب التسييري من الميزانية العمومية , كذلك انقسام الحكومات التسييريه للبلاد إلى حكومة في الشرق وحكومة في الغرب منذ العام 2014 وما ترتب عليه من تضخم الدين العام ليصل الى قرابة 100 مليار ,مع انخفاض الإيرادات المحلية مثل الضرائب التي انخفضت بمعدل 30 % وكذلك إيرادات الجمارك التي انخفضت ب80 % مقارنة بالعام 2010م.

 وعليه فإن هذه الدراسة تقوم على معرفة الأثر الذي تحدثه النفقات العامة على الناتج المحلي الإجمالي للفترة من 1970- 2020م ومعرفة هل يمكن تنمية وتطوير الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل، وذلك من خلال التعرف على تطور حجم النفقات العامة في الاقتصاد وقد توصلت الدراسة القياسية الى أن زيادة الانفاق العام أدت الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي ومتوافقة مع النظرية الاقتصادية خلال هذه الفترة ولكن عدم تحقيق التنمية راجع لأسباب متعددة أهمها عدم وجود سياسة واضحة للتنمية في العهد المستقر من عام 1970 لعام 2011م وعدم الاستقرار السياسي للفترة التي جاءت بعدها . 

1 – التعرف على طبيعة الاقتصاد الليبي

2- الانفاق العام في ليبيا وتطور الناتج المحلي للاقتصاد الليبي

3- هل حقق الانفاق التنموي الأهداف المرجوة منه

4 – قياس أثر الانفاق العمومي على الناتج المحلي الإجمالي

5- النتائج والتوصيات

مشكلة الدراسة

   يعتبر الانفاق العام من أهم أدوات الساسة المالية المؤثرة في الناتج المحلي الاجمالي كما يعتبر الناتج المحلي من أهم مؤشرات قياس قوة الاقتصاد وتطوره والتي تسعى الدول لتطويره وتنميته لتكون في مصاف الدول المتقدمة، تسعى الدراسة لمناقشة تأثير النفقات العامة في الاقتصاد الليبي على الناتج المحلي الإجمالي وهل ساهمت النفقات في زيادة الناتج الإجمالي حسبما تنص النظرية الاقتصادية أم لا؟ وهل الزيادة في النفقات والناتج المحلي الإجمالي ساهمت في تغيير النمط الاقتصادي القائم على البترول أم لا؟

أهمية البحث

   تنطلق أهمية البحث من الدور الأساسي للإنفاق العام، في كونها من أهم أدوات السياسة المالية للتأثير في الناتج القومي الإجمالي وتحقيق التنمية الاقتصادية والنمو في البلاد , ومعرفة كيف أن التطور في الانفاق العام سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي, والأسباب التي حالت دون تحقيق تنمية اقتصاديه حقيقية على ارض الواقع في الاقتصاد الليبي, والوقوف على حقيقة أن التطور في الانفاق الإجمالي لم يكن بالشكل المدروس لتحقيق أهداف تنموية للبلاد وفق خطة شاملة للتغير من النمط الاقتصادي الريعي وتنمية المقدرات الاقتصادية للبلاد.

منهجية الدراسة

      تقوم الدراسة بتقديم منهج وصفي ليحلل الواق الاقتصادي لبلاد وتطور الانفاق والناتج المحلي خلال فترة الدراسة وتوضيح العلاقة النظرية بينهما, وتم سنقوم في الجزء الثاني من الدراسة باستخدام الأسلوب الكمي من خلال بناء نموذج قياسي لتحليل أثر الانفاق العام على الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا كمياً للفترة من 1970 – 2014م، وذلك باستخدام تقنيات الاقتصاد القياسي، وبخاصة الاعتماد على طريقة (ARDL) Autoregressive Distributed Lag Model ، التي  استخدمت في عديد الدراسات المشابهة , من خلال برنامج E-views  تم تحليل النتائج .

الدراسات السابقة

1 – دراسة على مكيد وسوميه فرقاني (2016 ) أثر الانفاق الحكومي الاستثماري على التنمية في الجزائر، وذلك باستخدام نمو الناتج المحلي الإجمالي كمحدد أساسي للتنمية الاقتصادية وذلك باستخدام برنامج E-views.7 لتحليل النتائج القياسية عن الفترة من 2001  – 2014 وبينت النتائج عن وجود علاقة ارتباط قوية بين التغيرات في الانفاق الحكومي والناتج الإجمالي.

2 دراسة معتز أدم سليمان  (2018) أطروحة دكتوراه مقدمة لجامعة السودان للعلوم الاقتصادية بعنوان اثر سياسات الاقتصاد الكلي على الناتج القومي الإجمالي للسودان للفترة , وتقوم الدراسة على دراسة متغيرات الاقتصاد الكلي من عرض النقود والضرائب والانفاق الحكومي والصادرات والواردات على الناتج المحلي الإجمالي باستخدام طريقة ARDL) ) وتبين وجود علاقة في الاجل الطويل بين الناتج الإجمالي وعرض النقود كما تبين وجود اثر لكل من العوامل الأخرى على الناتج الإجمالي في الاجلين باستثناء الضرائب وأعزاء الباحث النتائج السلبية نتيجة للقطاعات الاقتصادية غير المنتجة والتي تم الانفاق عليها بشكل مفرط وعدم الانفاق على القطاعات الإنتاجية والاهتمام بقطاع الصناعة والزراعة والخدمات .

3 دراسة مجدي دربوك ويوسف يخلف مسعود (2018 ) دراسة نموذج Ram على الاقتصاد الليبي للفترة من 1978 – 2016 لدراسة أثر عناصر الطلب الكلي في الاقتصاد ممثلة بالاستثمار الكلية والعمالة والانفتاح الاقتصادي على الناتج الإجمالي وبينت الدراسة وجود علاقة عكسية في المدى الطويل بينها وبين الناتج الإجمالي وغيابها في المدى القصير.

 4 – دراسة نعمان منذر يونس ومنعم احمد خضير ( 2016 ) قياس أثر الانفاق العام على التنمية المستدامة في العراق ( 2000- 2016 ) باستخدام نموذج ARDL, وتوصلت الدراسة الى أن عملية التنمية المستدامة تستدعي نموا اقتصاديا عبر تحسين معدلات الناتج المحلي الإجمالي، ووجود تحسن في نصيب الفرد من الناتج الإجمالي، وركزت الدراسة الاهتمام بالقطاعات الاقتصادية كالزراعة والصناعة وهوا ما يعكس زيادة نصيب الفرد.

5- دراسة نور الدين بالكور (2016 ) نمو الانفاق العام في الجزائر للفترة من 1969 – 2014 بين قانون فاجنر وفرضية كينز، وذلك في الاجلين القصير والطويل واستخلصت الدراسة الى أن الناتج المحلي الإجمالي والانفاق الحكومي يتميزان بخاصية الجدور الوحدوية مما يؤيد صحة قانون فاجنر في الاقتصاد، وأن الاقتصاد الجزائري يدعم قانون فاجنر.

1 – طبيعة الاقتصاد الليبي

الاقتصاد الليبي من الاقتصاديات الريعية والتي تمتلك مخزونا كبيرا من النفط والغاز وتعتبر التاسعة عالميا من حيث توفر المخزون النفطي (EIA .2012  )  بمعدلات تقدر 46.4 مليار برميل، كما أن انخفاض تكاليف الإنتاج لديها بحيث تصل الى دولار للبرميل يعطي لها ميزة نسبية بالخصوص، وأن هذا المخزون قد يكفي لقرابة مائة عام قادمة وذلك من غير مخزون الغاز الطبيعي حسبما تشير معظم الدارسات والمنظمات المختصة. كما أن انخفاض عدد السكان والذي لا يتجاوز 7 ملايين نسمة يعيشون في رقعة جغرافية تناهز 1.7 مليون كيلومتر مربع تطل على ساحل بحري من مصر شرقا الى تونس غربا بمسافة 2000 كيلومتر, وقربها من دول أوروبا وتوسطها للدول العربية مما يعطي امتيازا اخار للاقتصاد الليبي , وحيت أن الأراضي القابلة للزراعة منخفضة بحيث لا تتعدى 8 % من المساحة الاجمالية للبلاد ونتيجة لعدم توفر مصادر للمياه باستثناء المياه الجوفية أو مياه الامطار مما يجعل اغلب الزراعات تعتمد على مياه الامطار أو الزراعات البعلية ( القمح – والشعير ) , وتكون معظم المنتجات الزراعية قائمة على القمح والشعير والبطاطا والحمضيات والزيتون, وهي تساهم بمعدل يتروح ما بين 2-4 % من الناتج المحلي الإجمالي حسب التقارير المنشورة للمصرف المركزي, لاتعد مساهمة القطاع الصناعي بأفضل من مساهمة القطاع الزراعي فهي محدودة نسبيا كذلك,

   فالاقتصاد الليبي قائم على البترول ليشكل قرابة 95 % من الناتج المحلي الإجمالي , ونتيجة للتوجهات الاشتراكية التي عملت بها البلاد خلال العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي أدت لترسيخ دور الدولة في تقديم كل شيء من الوظائف العامة والدعم السلعي وتجريم القطاع الخاص , مما جعل الانفاق العام للدولة يتزايد ولا يقابله تزايد في الناتج الحقيق من السلع والخدمات على الرغم من قيام الدولة بالتوسع في إنشاء المرافق التعليمية والطبية والسكنية وشبكات الطرق الا إن هذه المشاريع لم تكن وفق خطط تنموية مدروسة وجاءت لتلبية رغبات الشعب في معظم هذه المشروعات, وذلك من خلال إعداد الميزانيات العامة عن طريق ما تقره المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية في ذلك الوقت, فكانت المشروعات التنموية تعد من خلالهما كيفما سنوضح لاحقا وبذلك فالاقتصاد الليبي مر بمراحل متنوعة وخلال هذه المراحل لم يحقق أي تنمية حقيقة تذكر لأسباب متنوعة لكل مرحلة كما يلي:-

المرحلة الاولى ما قبل 1970

هذه المرحلة جاءت منذ استقلال الدولة الليبية في 1954م وعلى الرغم من قلة الموارد الاقتصادية المستخدمة والمستغلة ونتيجة لخروج البلاد من سيطرة الاستعمار فكان طبيعة الاقتصاد الليبي اقتصاد زراعي وتجاري بسيط يعتمد على المساعدات الخارجية التي من الخارج مثل الدول التي لها قواعد عسكرية والمعونات من الأمم المتحدة وشكلت هذه 30% من الدخل القومي الإجمالي الليبي عام 1959 م ( IBRD 1960 P371 ) وأن 70 % من السكان يشتغلون في الراعي  والاعمال اليدوية والصناعات والقطاعات العامة كالتعليم والصحة في أدنى مستويتها بسبب تدني الإيرادات ( الحاسية ميلود 1979 ) وبعد اكتشاف النفط منذ العام 1962 م تحسن الوضع الاقتصادي للدولة كما هو مبين في الجدول رقم ( 1) وحقق الميزان التجاري عام 1963 م لأول مرة فائضا ومنها أصبح النفط المصدر الوحيد للدخل وتغير النمط الاقتصادي القائم على الزراعة والرعي والحرف اليدوية للعمل بقطاعات الخدمات والنقل والقطاعات العامة وأصبحت الدولة هي المهيمن على النشاط الاقتصادي.

جدول رقم (1 ) نطور الناتج المحلي الإجمالي

السنة الدخل الإجمالي بالأسعار الجارية         مليون دينار الدخل النفطي مليون دينار الدخل غير النفطي مليون دينار الدخل الفردي دينار
1958 52.3 3.6 48.4 37.4
1959 57.5 24.5 33 37.9
1962 164.6 38 126.6 83.4
1965 435.6 270.1 165.5 171.2
1969 1053.2 754.7 298.5 260.6

المصدر: – الحسابات القومية – وزارة التخطيط

المرحلة الثانية منذ 1970 – 2011م: –

        تزامنت هذه المرحلة بظهور النفط مما جعل هذه المرحلة تتسم بالتوسع في الانفاق العام نتيجة تطور إنتاج النفط وارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية، ولكن طبيعة الاقتصاد السياسية اوجبت الطابع الاشتراكي على الاقتصاد وجرمت الملية الخاصة والنشاط الخاص، ومنها هيمنت الدولة على النشاط الاقتصادي من خلال الملكية العامة.

      ومع التوسع في الانفاق على شتى القطاعات المختلفة وعمل خطط تنموية شملت كل الاقتصاد , ظهر نمو في الناتج الإجمالي وتنامي للمشروعات الصحية والتعليمية وسعت الدولة لمحو الامية وضهور نشاط للقطاع المصرفي المحلي في التمويل , نتيجة للتوجهات الاشتراكية للدولة جعلتها تمر بالعديد من العواقب التي لحقت بالاقتصاد من فرض عقوبات على الاقتصاد المحلي والتي لم تنفك عن الاقتصاد الا بعد عام 2000م , كما أن الطبيعة التي يتم بها الانفاق على التنمية الاقتصادية كان يتبع سلسلة من الإجراءات التي تمر من خلال المؤتمرات الشعبية الأساسية تم من خلال اعتماد الميزانيات من خلال الشعبيات ومن بعدها اعتماد الميزانية من خلال المؤتمر الشعبي العام ومن بعدها يتم تفويض المشروعات التنموية من خلال وزارتي المالية والتخطيط وفي احسن الأحوال لا يتم الانفاق الا على 70 % من المشروعات التي تم إقرارها.

       دعمت الدولة التوسع في قطاع الصناعات التحويلية في شتى ربوع البلاد الا أن هذه المصانع عندما أوقفت الدولة دعمها لها لم تستطع المواصلة في الإنتاج وأخذت الدولة العمل على خصخصتها للتخلص من أعبائها، ولم يكن القطاع الزراعي بأحسن حالا من القطاعات الأخرى، نتيجة دعم الدولة للمشروعات الإنتاجية تطورت ونمت، وعندما توقف دعم الدولة توقفت هده المشاريع.

   فيما يخص القطاع النقدي جميع المصارف تعمل كحسابات جارية فقط ومصارف إيداع وليس لها أي دور في التنمية الاقتصادية ,وبعد عام 2000م أصبحت الدولة تتخلص نسبيا من دور الدولة المهيمنة الى العمل بالنظام المختلط, بحيث سمحت نسبيا للقطاع الخاص بالمشاركة بجانب القطاع العام, فظهرت المؤسسات الخاصة في شتى القطاعات فنجد المدارس والعيادات والشركات والمصارف الخاصة, ولكن لغياب دور التخطيط المتوازن والفعال لتغيير نمط الاقتصاد لم يساهم هذا التغيير في تغير نمط الاقتصاد النفطي الى اقتصاد متنوع ولازال النفط هو المصدر الوحيد للدخل وصاحب اكبر مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي, ولا تعد مساهمة القطاعات الأخرى تذكر بجانبه كما هو موضح في الجدول التالي.

جدول رقم ( 2 ) تطور مساهمة الأنشطة الاقتصادي في الناتج المحلي الإجمالي

السنة قطاع النفط % الزراعة % الصناعة % الخدمات % البناءوالتشيد % القطاع غير النفطي %
1970 63.2 2.57 1.75 25.67 6.81 36.8
1975 53.94 2.26 1.78 30.19 11.83 46.06
1980 62.29 2.24 1.99 23.3 10.44 37.71
1985 45.21 4.36 5.37 36.43 8.63 54.79
1990 4061 5.86 5.55 42.43 5.55 59.39
2000 39.58 8.17 5.52 40.56 6.17 60.42
2005 68.91 2.16 1.3 23.62 4 31.09
2010 59.46 2.48 5.67 24.53 7.87 40.54
2011 44.95 1.7 1.97 48.58 2.8 55.05

المصدر: – مصرف ليبيا المركزي اعداد متنوعة

كما اخذت الدولة بالقيام بسياسة الخصخصة للمشروعات العامة الصناعية والزراعية والخدمية، ولم تعطي أي مردود فعلي للاقتصاد وذلك بسبب افتقار القطاع الأهلي للخبرة مما أدى لضهور الاقتصاد الخفي (عوض الله صفوت- 2002 ) وتطور هذا الاقتصاد لتصبح نسبته في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي حوالي 10.6 % والمقدر بحوالي 1132 مليون دينار، كما نمت هذه النسبة نتيجة لغياب الدور الفعال للدولة في تنظيم الأنشطة الاقتصادية ومراقباتها (الجيلاني أسامة 2007 )

مع تحسن الأوضاع الاقتصادية في هذه الفترة الطويلة وما صاحبها من استقرار في الأوضاع السياسية وكذلك الاقتصادية, لم يحقق الاقتصاد المحلي تنمية ملحوظة فلازال الاعتماد المباشر على الدولة من حيث الانفاق المباشر على المرتبات ولم تقدم القطاعات الخاصة تقدم ملحوظ يذكر في تحقيق فوائض للاقتصاد ( الفارسي عيسى 2003 ), وعلى الرغم من مرور العالم بالأزمة المالية العالمية 2008 – 2009 م التي أثرت في الاقتصاد العالمي الى غاية عام 2018 م الا أن الاقتصاد المحلي لم يتأثر الا في جانب التضخم في الأسعار, وذلك لاعتماد الاقتصاد المحلي على الواردات ونتيجة لقيام الدولة بدعم الأسعار لم يكن الأثر ملحوظا, وعليه يمكن القول بان الاقتصاد في هذه الفترة تمثل في

  • اقتصاد نفطي غير متنوع مما جعل له اثار سلبية على تطور الناتج غير النفطي وخاصة في قطاعي الزراعة والصناعة ومن ثم انخفاض الإيرادات الضريبية المتأتية من هذه القطاعات أو ما يسمى بالمرض الهولندي Dutch Disease[1] ( الفضلي – وبوفرنه – 2019 )
  • اعتماد بشكل تام على الدولة وهيمنتها على النشاط الاقتصادي والاستخدام وتوفير السلع والخدمات
  • لم يستطع إقامة روافد للقطاع النفطي أو حتى تطوير القطاع النفطي من خلال الصناعات القائمة على هذا القطاع من انتاج البنزين والديزل والغاز والزيوت
  • إنفاق ضخم ومشاريع مع عدم وجود رؤية واضحة للتنمية الاقتصادية وتوفير بنى تحتية لشتى القطاعات
  • انخفاض معدلات الأداء والإنتاجية وغياب دور الاستثمار في البلاد والهدر في الموارد الطبيعية
  • يعد الانفاق على المرتبات والدعم أكبر من الانفاق التنموي

المرحلة الثالثة ما بعد2011 م: –

نتيجة للمرحلة السابقة والتي اولت التركيز على الدولة في محاولة لتنمية الاقتصاد, من خلال زيادة الناتج المحلي الإجمالي واحتكار التوظيف وتحقيق اكتفاء ذاتي، ترتب عنها تضخم في الجهاز الإداري عدم اهتمام بالمقدرات البشرية وتنميتها، وغياب سياسة تنموية متكاملة لتشمل القطاعين المالي بما لديه من مقدرات نقدية والنقدي بما لدى المصارف من فوائض نقدية غير مستغلة في التنمية الاقتصادية، عدم تكامل للسياسات الاقتصادية فيما بينها وتركز المشروعات في المدن الكبرى دون القرى والمدن الصغرى , وعلى الرغم من تغير لنظام السياسي الليبي فنتيجة لانتشار السلاح وتعاقب الحكومات, وزيادة حدة النزاع المسلح على السلطة أدى لتعقيدات اكبر في الجانب الاقتصادي , فنتيجة للأحداث الدائرة تم إيقاف انتاج النفط منذ منتصف العام 2013 – الى سبتمبر 2016 مما ضيع على البلاد قرابة 100 مليار دولار نتيجة للإقفال وتسبب بضررٍ بليغ لسمعة النفط الليبي، اضطرت البلاد خلالها لاستخدام الاحتياطي العام لتغطية مصروفات الدولة من مرتبات ووقود وغذاء ودواء وتعليم وغيره ، وصل خلالها الاحتياطي لمستويات متدنية وغير مسبوقة في تاريخ ليبيا الحديث.

أدى الاقفال الى ضرر بالغ بالمعدات السطحية و هجرة النفط من بعض المكامن و تآكل خطوط نقل الخام، وتم رصد أكثر من 800 حالة تسرب كلف إصلاحها جهدا ومالا ولازال قطاع النفط يعاني من اثارها يوميا، واستغراق المؤسسة الوطنية للنفط لوقت طويل حتى تتمكن من رفع الإنتاج لمستويات مرضية” ( المؤسسة الوطنية للنفط ).ومن بعدها تم اقفاله من جديد في مطلع العام 2020م حتى سبتمبر من نفس العام وحسب تصريحات المؤسسة الوطنية للنفط فان الدولة الليبية فقدت ما يقارب عن 321 مليار دينار جراء الاقفال حسب الأسعار الرسمية , وكذلك زيادة الدين العام المحلي نتيجة لانقسام الحكومة في الشرق والغرب ليبلغ حوالي 135 مليار دينار أي ما يعادل 290% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما تطور عرض النقود بالمفهوم الواسع M2 من 57.3 مليار دينار في عام 2011 الى 110.0 مليار دينار في عام 2017 , بنسبة زيادة بلغت 92%, ولم تكن الزيادة في عرض النقود نتيجة لسياسة نقدية توسعية انتهجها المصرف المركزي، بل كانت نتيجة طبيعية للنمو المتسارع في الإنفاق العام. واستمر الاقتصاد الليبي في الانكماش 23 % في هذه الفترة مصحوبا بارتفاع في معدلات التضخم ليصل الى 25 %, وارتفاع معدلات البطالة لتصل الى 16 % عام 2018 م. (ابوسنينة محمد 2018 )

نتيجة لغياب التمويل وتفاقم الدين العام ومحاولة للرفع من قيمة العملة المحلية امام العملات الأجنبية فرض المصرف المركزي رسوم تحصيل على النقد الأجنبي بمعدل 183 % لتبلغ إيرادات هذا الرسم حوالي 55 مليار دولار تستخدم لتغطية الدين العام وعجز الميزانية المتأتي من انخفاض أسعار النفط.

وعليه فان هذه المرحلة تعتبر الاسواء في تاريخ البلاد ولم تحقق أي تنمية اقتصادية تذكر فيها كما أسلفنا سابقا نتيجة لتعاقب الحكومات والبالغ عددها سبع حكومات وزيادة الانفاق العسكري وانتشار الفساد في الأجهزة العامة، والانفاق الضخم على مشروعات غير ذات جدوى والتوسع في الانفاق على الميزانية التسييريه ليكون للمرتبات والدعم النصيب الأكبر من الميزانية العامة دون ميزانية التنمية.

2- الانفاق العام في ليبيا وتطور الناتج المحلي للاقتصاد الليبي

تزداد أهمية النفقات العامة مع تعاظم دور الدولة وتوسع سلطتها وزيادة تدخلها في الحياة الاقتصادية وذلك لكونها الأداة المستخدمة من قبل الدولة في السياسة الاقتصادية وتحقيق أهدافها النهائية.

واختلفت الرؤى الاقتصادية في نضرتها للأنفاق العام، فقد ركز الاقتصاديون الكلاسيكيون على تقييد الانفاق العام في أضيق الحدود وعلى الوظائف الأساسية للدولة ولا يوجد له تأثير على المجال الاقتصادي والاجتماعي، بينما يرى الكنزيون أهمية الانفاق العام في معالجة الكساد الكبير من خلال مساهمة الانفاق العام في الطلب الكلي، وكل زيادة في الانفاق العام في جوانب الاستهلاك والاستثمارات والضرائب تساهم في التشغيل الكامل للاقتصاد.

 ويقول النقديون بإبعاد الدولة عن النشاط الاقتصادي وتقوم بوظائفها التقليدية وركزت على الجانب النقدي دون الجانب المالي والاهتمام بجانب العرض لأن العرض يعني زيادة معدلات الاستثمار وزيادة معدلات التوظف، وأعطى الفكر الاشتراكي للدولة دور كبير مما أدى لتطور النظام المالي للدولة من خلال التوسع في النفقات العامة لتحقيق المصلحة العامة من النواحي المختلفة الاقتصادية والاجتماعية معا (كريمة حامي 2018 ).

ويعتمد الانفاق العام بصفة عامة على ما يقرره المجتمع في الموازنة والمزج ما بين الخاص والعام وبذلك تختلف نسبة الانفاق العام للناتج الإجمالي في مختلف البلدان وذلك باختلاف الدول في منهاجها الاقتصادية وتوجهاتها فالدول الاشتراكية تتسم بزيادة حجم النفقات العامة وسميت في الادبيات الاقتصادية بالدولة المتدخلة، اما الدول التي تقوم على حرية السوق والقيام بوجبات الامن والدفاع فهي الدول الحارسة (عوض الله زينب 1995).

وفي ليبيا حيث يغلب عليها دور الدولة المتدخلة بصفة عامة، فإن الانفاق العام يتسم بصفة الاتساع والشمول ليشمل الانفاق على جميع القطاعات الاقتصادية، ويكون الانفاق العام في شكل ميزانيات وخطط تنموية وعملت بها البلاد لغاية منتصف الثمانيات، ومن بعدها اخدت الدولة بالعمل بميزانيات متعددة سنوية.

ميزانية تسيريه تعدها اللجنة الشعبية العامة للمالية وتشرف على مراقبة صرف مخصصاتها حسب الأبواب المخصصة لها، تختص بالإنفاق على المرتبات وما في حكمها وتصرف بشكل ربع سنوي، كما تعد ميزانية الدعم والدفاع، وميزانية تنموية تقوم بالإنفاق على مشروعات التنمية وما يترتب عليها من التزامات وتعدها اللجنة الشعبية العامة للتخطيط ومجلس التخطيط العام.

 ومنذ العام 2007 تم العمل بميزانية موحدة تسيريه وتنموية ومبوبة, يشمل الباب الأول والثاني منها الانفاق التسييري للدولة والباب الثالث يشمل ميزانية التحول والباب الرابع يشمل ميزانية الدفاع والدعم ,تعد المالية الأبواب الأول والثاني والرابع ويعد التخطيط ومجلس التخطيط الباب الثالث منها , وفيما يتعلق بتمويل الميزانيات كانت تمول ميزانية التحول بنسبة 30 % منها من الإيرادات المحلية ( الضرائب والجمارك والايرادات المحققة من القطاعات المختلفة ) , و70 % منها من إيرادات النفط, وتحوطا من انخفاض أسعار البترول تعد الميزانية بسعر اقل من السعر الرسمي ب ( 40 % ) ,( قانون الميزانية سنوات متعددة).

  نتيجة لارتفاع أسعار النفط اتخذت اللجنة الشعبية العامة حساب سمي بحساب المجنب تودع فيه الفروقات في أسعار النفط وبلغ هذا المجنب 20 مليار في العام 2003 حسب تصريحات القذافي في المؤتمر الخاص بتجنيب إيرادات النفط المنعقد في جامعة التحدي بسرت وحضره القذافي شخصيا , وخصص فيه مبلغ مليار دينار لغرض الإقراض للإسكان, وهذه المبالغ بداء الانفاق منها في العام 2009 م على البرامج الوطنية وهي برامج تنموية شاملة تشمل مشروعات الإسكان والمرافق في انشاء قرابة 120 الف وحدة سكنية بمختلف ربوع البلد بالإضافة لمشروعات البنى التحتية من طرق وتصريف المياه السوداء ومشروعات الكهرباء والتي كانت تسعى لتحقيق تنمية شاملة حقيقية في البلد ولكن توقفت نتيجة الأحداث 2011 م.

ومن بعد عام 2011م توسع الانفاق العام اذ بلغ الانفاق العام للفترة من 2011 – 2017 قرابة 317.7 مليار دينار يذهب معظمها للأنفاق على المرتبات والدعم, فنجد بند المرتبات فقط والدي بلغ عام 2003 م 2 مليار ووصل الى 9 مليار عام 2010 ليصل الى 26 مليار عام 2020م, مع انخفاض في الإيرادات المحققة إذ بلغت إيرادات الضرائب 689 مليون دينار سنويا منذ العام 2011 م الى الان, لتنخفض عن العام 2010 بمعدل (303 %), وكذلك معظم الإيرادات الأخرى , وذلك من غير إيرادات النفط التي انخفضت لأسباب عدة منها الاغلاق للحقول النفطية وانخفاض الأسعار العالمية , مما رتب عليها عجز الميزانية وضهور الدين العام وجعل الدولة تفرض رسم على العملة الأجنبية لتحقيق إيرادات تنفق منها وذلك منذ العام2018م, مما ساهم في عدم قيام تنمية حقيقية وسنوضح فيما يلي الإيرادات العامة والمصروفات العامة ونموها.

جدول رقم ( 3 ) تطور الإيرادات والمصروفات

البند/ السنة 2010 2014 2015 2016 2017 2018 2019 2020٭
الايرادات 57510.14 21543.3 16843.4 8845.2 22337.6 49143.6 57365.2 3813
إيرادات النفط 50686.96 19976.6 10597.7 6665.5 19209 33475.8 31394.7 2388
إيرادات اخرى 6823.18 1566.7 6245.7 2179.7 3128.6 2435.4 2523.2 1425
رسوم النقد 0 0 0 0 0 13232.4 23447.3 1575
المصروفات 57510.14 438142 36014.9 29171.3 32692 39286.4 45813 25614
المرتبات 9190.65 23632.2 20307.2 19094 20293.3 23606.6 24511.6 16133
التسييريه 3285.62 3259.8 3625.9 2488.3 4541 5662.6 9428.9 2391
التحول 28531.78 4482.4 3861.9 1747.6 1887.7 3390.4 4637.5 352
الدعم والطواري 16520 12439.8 8219.9 5841.4 5970 6626.8 7253 6783

شكل رقم (3 ) الإيرادات والمصروفات الاجمالية


المصدر / مصرف ليبيا المركزي اعداد متنوعة

٭لغاية 31/9 / 2020 حسب بيانات مصرف ليبيا المركزي طرابلس

ويلاحظ من الجدول السابق تغير المرتبات بمعدل 267 % عن العام 2010م كما يلاحظ انخفاض ميزانية التنمية بمعدل 810% للعام 2020 عن العام 2010م، بالنسبة لزيادة المصروفات للعام 2010م وذلك بسبب الزيادة في المشروعات التنموية كما سبق ذكره.

[1] – اسم لـ حالة من الكسل والتراخي الوظيفي أصابت الشعب الهولندي في النصف الأول من القرن الماضي 1900 – 1950، بعد اكتشاف النفط في بحر الشمال، حيث هجع الشعب للترف والراحة واستلطف الانفاق الاستهلاكي البذخي، فكان أن دفع ضريبة هذهِ الحالة ولكن بعد أن أفاق على حقيقة نضوب الآبار التي استنزفها باستهلاكهِ غير المنتج فذهبت تسميتها في التاريخ الاقتصادي بالمرض الهولندي.

 1-2 الانفاق وتأثيره في الناتج الإجمالي

       للأنفاق العام أثار على الناتج الإجمالي باعتباره جزء من الموارد الاقتصادية، فتغيره ينعكس على المتغيرات الاقتصادية مباشرة أو غير مباشرة (عبد الحميد عبد المطلب1997), فنجد الانفاق التسييري والانفاق على الدعم يحفز الطلب على الناتج المحلي غير النفطي، أما الانفاق على التنمية والبنى التحتية يحفز القطاع الخاص والتنمية الاقتصادية، ويعمل كمساعد لمدخلات القطاع الخاص مما يساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج للقطاع وتحسين إنتاجية الاقتصاد بشكل عام وخاصة في القطاعات الخدمية وجانب الطلب كما أن الزيادة في الانفاق الحكومي ستحفز العرض الكلي من خلال تراكم رأس المال المادي وتكوين راس المال البشري وتنمية المهارات التقنية (بوفرنة والفضلي 2020 ).

وبالتالي فمساهمة النفقات العامة ستؤثر إيجابيا على نمو الناتج المحلي الإجمالي حسبما تشير النظرية الاقتصادية حيث قام كل من (Musgrave & Rostow) بتحليل نمو الانفاق الحكومي وربطه بالنمو الاقتصادي وبينوا أنه في المراحل المبكرة من النمو والتنمية يكون للاستثمار العام النسبة الأكبر من الاستثمارات وذلك لا نشاء البنى التحتية وذلك الى ان يصل الاقتصاد للنضوج يتغير الانفاق العام للأنفاق على الترفيه والتعليم والصحة وتتجه الاستثمارات لتوفير هذه السلع. (قدوري 2016 )

على الرغم من كبر حجم الانفاق الاستثماري المتراكم طيلة فترة الاستقرار لم يتم إنشاء بنى تحتية متكاملة تؤدي خدمتها بالشكل المطلوب, فلا توجد شبكات للصرف الصحي فبمجرد هطول الامطار تغرق البلاد, ولا توجد شبكات طرق مأخوذة بشكل علمي يتناسب مع نمو السكان ففي أوقات الدروة لا يمكنك التنقل بشكل سلس بل حتى الطرق السرعية غير متلائمة مع الزيادات السكانية وزيادة معدلات الاستخدام وكذلك الخدمات الصحية, على الرغم من كثرة العيادات وكثرة الأطباء في البلاد الا ان معظم الليبيين يذهبون للعلاج بالخارج وكذلك المؤسسات التعليمية وتغيير المناهج التعليمية.

 ويعتبران (التعليم والصحة) من أهم مقومات التنمية في أي اقتصاد فلم يهتم بهما بالشكل المطلوب لا في فترة الاستقرار التي دامت قرابة أربعين عاما ولا في الفترة التي تلتها والدليل تصنيف مؤسستنا التعليمية والصحية في المنظمات العالمية وتقرير الأمم المتحدة عن السياسة المالية للبلاد في كون معظم التقرير تتفق على عدم وجود مسار محدد للسياسة المالية ولا يوجد ارتباط بين الأهداف التي تسعى لها الميزانية، وسنبين فيما يلي تطور الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد منه

جدول رقم (4) الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد منه

البيان / السنة 2010 2012 2014 2015 2016 2017 2018 2019
الناتج المحلي الإجمالي    مليار 74.77 81.87 41.14 27.84 26.2 37.88 52.61 51.48
معدل التغير % 9% -50% – 32 % -6 % 44 % 38% – 2%
نصيب الفرد          دينار 12064.8 10066.6 6530.9 5899.9 5446.7 7085.8 8038.6 8145.2
معدل التغير 17% -35%  – 10   % – 8 % 30 % 13% 1 %

المصدر: – أطلس بيانات العالم

يلاحظ من الجدول السابق أن الناتج المحلي الإجمالي بلغ دروته في العام 2012م بمعدل زيادة عن العام 2010م 9 % ومنذ العام 2014 نتيجة لتوقف انتاج البترول في الفترة من العام 2014 / 2016 , ليصل حجم الإنتاج 190 الف برميل بعد أن كان حجم الإنتاج 1.6 مليون برميل, ويبدأ الإنتاج من جديد في العام 2017 وذلك اثر بشكل كبير في النمو الاقتصادي للبلاد في هذه الفترة ومتوسط نصيب الفرد منه , حيث بلغ النمو الاقتصادي للفترة من 2000 / 2012م الى 122 % ( الحاسي عبدالله 2020 ) مما أدى لخسارة البلاد ثلثي احتياطاتها وشهد معها الاقتصاد انكماشا كبير على الرغم من الارتفاع في أسعار البترول في تلك الفترة, وبعدها تحسن وضع الإنتاج مع انخفاض الأسعار العالمية, مما أدى لانخفاض معدلات النمو ب 8.5 %, ونتيجة لانخفاض أسعار البترول وضعف حجم الإيرادات للدولة ونتيجة للانقسام السياسي في البلاد ووجود حكومتان أدى بالمصرف المركزي لاتخاذ رسوم على الصرف الأجنبي ب183 % تنفق لتدبير شؤون البلاد كما هي مبينة في الجدول 3 والتي بلغت 23 مليار دينار للعام 2019 ويكون انفاق هذه الأموال لتمويل التنمية وسداد الدين العام.

ومجمل القول فان معظم الحكومات التي توافدت على البلاد منذ العام 1970 الى الان لم تحقق تنمية حقيقية في البلاد، وأن معظم الإيرادات التي ينفق منها على الميزانية هي من إيرادات النفط وليس كما في قوانين الميزانية بان يكون التمويل 70 % من النفط و30 % من الإيرادات السيادية للدولة مما يدل على ضعف الموارد في الدولة.

3- هل حقق الانفاق العام الأهداف المرجوة منه؟

النمو الاقتصادي هو الزيادة في الناتج القومي الإجمالي للبلد، وهو مقياسه من خلال التطور في الموارد الطبيعية والبشرية وراس المال والتقدم التقني, وتعد الميزانية العامة من الأدوات المستخدمة من قبل الدولة في الإنعاش الاقتصادي وتحفيز الطلب الكلي, وتدني مستويات النمو تدل على هشاشة الاقتصاد الوطني , وتتحدد الميزانيات دون تحديد مجملات انفاق متفقة مع الأهداف المرجوة من الميزانيات بل تتحدد وفق الاحتياجات للقطاعات التنفيذية من أسفل للأعلى, ولكن نجد أن الناتج المحلي الإجمالي قد زاد بشكل ملحوظ للفترة 1970 الى الان وانخفض في فترات اغلاق الحقول النفطية وبذلك يتبين لنا أن الانفاق العام لم يكن وفق رؤية استراتيجية واضحة في تحديد المشروعات التي ينفق عليها, ولم يستطع تنويع مصادر الدخل وذلك بسبب الاشتراكية وتبعاتها على الاقتصاد فحتى في السنوات 2003 – 2004 سعت الدولة لتقوية القطاع الخاص من خلال تخفيض أسعار الفائدة وتشجيع الاستثمارات الخاصة سواء كانت محلية أو اجنبية من خلال الإعفاءات الضريبية والامتيازات الجمركية , وكل ذلك لم يغير من نضرة الشعب للقطاع العام بانه الأساس والاعتماد المباشر على الدولة في الدعم للأسعار وسداد المرتبات من الخزانة العامة, مما أدى لمؤسسات القطاع العام بالإخفاق حسب المعايير الاقتصادية, ولم تتحسن الأوضاع المعيشية لمعظم الليبيين ولم تتحقق الرفاهية الاقتصادية المرجوة من وراء هذا الانفاق, مما أدى بالشلل في القطاعات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة لتصبح 15 %,  كما أن الصراعات المسلحة الدائرة في البلاد وما خلفته من دمار للمدن أصبح التفكير من قبل القائمين على السلطة في أعادة الاعمار, ولكن نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وغياب الامن أدى كل ذلك لميزانيات تلبي احتياجات الواقع الفعلي وحل المختنقات التي تطرا دون النظر الي سياسة تنموية  شاملة .

 وبذلك يمكن القول بأن الانفاق الحكومي قد حقق نمو اقتصادي ولم يحقق تنمية اقتصادية بسبب: –

  • النهج الاشتراكي المتبع خلال الفترة السابقة
  • عدم العمل بخطط تنموية منذ العام 1985م والعمل بميزانيات تنموية سنوية غير متصلة
  • عدم استقرار الجهاز الإداري المنوط بعمل الميزانية ومتابعتها من خلال قطاع التخطيط وتبعيته مما يعرقل عمل القطاع
  • التوسع في الانفاق على مشروعات غير ذات جدوى اقتصادية للبلاد
  • عدم وجود تنمية متكاملة للمشروعات حيث توفر البنى التحتية قبل تنفيذ المشروعات
  • عدم ارتباط القطاعات ببعضها عند تنفيذ المشروعات مثلا ينفذ مشروع طرق دون الأخذ بالاعتبار تصريف مياه الامطار وعبارات المياه والكهرباء وغيرها
  • لم تقدم البلاد مشروعات ذات جدوى تنموية الا في عامي 2009 / 2010 من خلال البرامج الوطنية التي ساهمت فت احداث تنمية حقيقية في تلك الفترة
  • عدم التركيز على خلق الكوادر المهنية المؤهلة
  • غياب الامن والاستقرار
  • التوسع في الانفاق التسييري والدعم بمعدل أكبر من الانفاق التنموي ب 300% منذ العام 2014

النموذج القياسي ونتائج التقدير

      وسنقوم في هذا الجزء من الدراسة بتحليل أثر الانفاق العام على الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا كمياً، وذلك باستخدام تقنيات الاقتصاد القياسي، وبخاصة الاعتماد على طريقة (ARDL) Autoregressive Distributed Lag Model، التي استخدمت في عديد الدراسات المشابهة.

طريقة تقدير النموذج: طريقة ARDL

         استخدمت العديد من الدراسات السابقة اختبارات قياسية متنوعة حسب تحقق شروط كل اختبار، ففي حين أن اختبارات التكامل المشترك مثل (أنجل وجرانجر – جوهانسن) تتطلب أن تكون المتغيرات محل الدراسة متكاملة من الرتبة نفسها، إلا أن هذه الاختبارات تعطي نتائج غير دقيقة في حالة كون حجم العينة صغيراً، وهذا يضع شرطاً على استخدام هاتين الطريقتين في تحليل العلاقات طويلة الأجل بين المتغيرات (Hassler,2005).

      ونتيجة لهاتين المشكلتين أصبحت منهجية (Autoregressive Distributed Lag Model {ARDL}) للتكامل المشترك شائعة الاستخدام في السنوات الأخيرة، والذي قُدم من قبل بيساران وآخرون (Pesaran et.al) عام (2001)، إذ دمج فيها نماذج الانحدار الذاتي (Autoregressive Model) مع نماذج فترات الإبطاء الموزعة (Distributed Lag Model) في نموذج واحد، وفي هذه المنهجية تكون السلسلة الزمنية دالة في إبطاء قيمها وقيم المتغيرات التفسيرية الحالية وابطائها بمدة واحدة او أكثر (Pesaran & et.al, 2001: 289).

بناء النموذج: تم تقدير النموذج وفقا للصيغة التالية:

                                   حيث GDP = الناتج المحلي الإجمالي، G = الانفاق العام.

ويمكن التعبير عن الدالة بصيفة ARDL كما يلي:

نتائج اختبارات جذر الوحدة

    تم اختبار استقرار السلاسل الزمنية لتفادي الوقوع في الانحدار الزائف Spurious Regression بين متغيرات الدراسة. وقد تم استخدام اختبار ديكي- فولر المعدل Augmented Dickey-Fuller، للكشف عن وجود جذر الوحدة Unit Root في السلاسل الزمنية محل الدراسة. 

ويبين الجدول ( 5) نتائج اختبار ADF لاستقرار السلاسل الزمنية لمتغيرات الدراسة، حيث يتضح أن المتغيرات GDP و G مستقرة عند الفرق الأول First Difference. والجدير بالذكر أن نموذج ARDL لا يشترط اجراء فحصا مسبقا لخصائص السلاسل الزمنية من حيث درجة التكامل (الاستقرار)، ويمكن استخدام هذه الطريقة سواء كانت السلاسل الزمنية للمتغيرات مستقرة عند المستوى I (0) أو عند الفرق الأول I (1)، أو خليط من الاثنين، غير أنه يتطلب عدم وجود سلاسل مستقرة عند الفرق الثاني (Pesaran & et al , 2001).

جدول رقم (5) نتائج اختبار جذر الوحدة للمتغيرات -اختبار Dickey-Fuller

المصدر: من عمل الباحثين باستخدام برنامج Eviews 11

     بالنظر للجدول ( 6) يتبين عند مقارنة القيم المحسوبة مع القيم الحرجة لجدول Pesaran أن القيمة المحسوبة تزيد عن الحد الأعلى للقيم الحرجة I(1)لاختبار  F- statistic عند كل مستويات المعنوية، وبالتالي هذه النتيجة تؤكد وجود علاقة توازنيه طويلة الأجل بين متغيرات النموذج، وبالتالي يتم رفض فرضية العدم وقبول الفرض البديل.

الشكل رقم ( 4 ) يبين العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي والانفاق العام

تقدير معلمات الأجل الطويل والقصير للنموذج:

يتضح من نتائج الجدول (7 ) أن الإنفاق العام يرتبط بعلاقة موجبة مع الناتج المحلي الإجمالي، وأن مرونة الناتج المحلي الإجمالي تجاه الانفاق العام بلغت 2.41 ، وذات دلالة احصائية، كما بينت النتائج وجود تأثير للأنفاق العام في الفترات السابقة وذلك من خلال معنويات فترات الابطاء للمتغير، بالإضافة لتأثير الناتج المحلي الإجمالي في الفترة السابقة t-1 .

الجدول ( 7) يوضح نتائج تقدير معلمات الأجل الطويل والأجل لنموذج الدراسة

المصدر: من عمل الباحثين باستخدام برنامج Eviews 11

    أما نتائج تقدير معلمات الأجل القصير فجاءت ذات دلالة احصائية، ومعامل تصحيح الخطأ ecm (-1) يتوفر فيه الشرطان الكافي والضروري فقد جاء سالبا ومعنويا، وهو يعبر عن سرعة العودة إلى الوضع التوازني نتيجة أي انحرافات قد تحدث في الأجل القصير، وفي هذا النموذج فإن 37.4% من عدم التوازن في العام السابق يتم تصحيحه في العام الحالي. فيما بلغت قيمة معامل التحديد 72%، أي أن 72% من التغيرات في المتغير التابع أمكن تفسيرها بالتغيرات بالمتغير المستقل.

جدول رقم ( 8 ) نتيجة اختبار تصحيح الخطأ ECM

المصدر : من عمل الباحثين باستخدام برنامج Eviews 11

اختبارات كفاءة النموذج

  • اختبارات سلسلة البواقي Residuals

     تم التحقق من مدى وجود ارتباط تسلسلي serial correlation في سلسلة البواقي من خلال اختبار serial correlation LM test، وتؤكد النتائج في الجدول (9) أن النموذج لا يعاني من هذه المشكلة، وذلك لكون قيمة الاحتمال الاحصائي للاختبار غير معنوية حيث كانت قيمتها 0.362 وهي تزيد عن مستوى الدلالة 5%، وبذلك نقبل فرض العدم الذي يعني بأن النموذج لا يعاني من مشكلة الارتباط التسلسلي.

    وكذلك تم اختبار التوزيع الطبيعي لسلسلة البواقي عن طريق اختبار Normality test   وجاءت النتيجة بأن الاحتمال الاحصائي سجل ما قيمته 0.893  وهي قيمة غير معنوية عند مستوى الدلالة 5%، وبذلك نقبل فرض العدم الذي ينص على أن سلسلة البواقي موزعة توزيعا طبيعيا.

      أما اختبار عدم التجانس Heteroskedasticity فقد جاءت نتيجته تنص على قبول فرض العدم القاضي بأن سلسة البواقي لا تعاني من مشكلة عدم التجانس، وذلك حسب اختباري ARCH واختبار Breusch-Pagan-Godfrey، وذلك لعدم معنوية الاحتمال الاحصائي للاختبار التي جاءت بقيمة 0.027  ، 0.618 و 0.130 على التوالي، وهي غير معنوية عند مستوى الدلالة 5%.

جدول( 9) الاختبارات التشخيصية Diagnostic Test  

  • اختبارات استقرار هيكل النموذج The Model Stability

     للتأكد من استقرار هيكل النموذج تم استخدام اختباري CUSUM OF SQUARES، CUSUM، وأكدت النتائج أن النموذج يتصف بالاستقرار، وكذلك معلماته تتصف بالثبات عند المعاينات المتكررة، وذلك من خلال وقوع الشكل البياني لكلا الاختبارين داخل حدود القيم الحرجة 5% critical bounds كما في الشكل (5).

الشكل ( 5) اختبار استقرار هيكل الدراسة باستخدام اختبار CUSUM

الشكل ( 6) اختبار استقرار هيكل الدراسة باستخدام اختبارOf Squares  CUSUM

النتائج: –

  • من خلال النتائج السابقة يتبين لنا استقرار السلاسل الزمنية وموزعة توزيعا طبيعيا وجود علاقة توازنيه طويلة الأجل بين متغيرات النموذج أن الإنفاق العام يرتبط بعلاقة موجبة مع الناتج المحلي الإجمالي.
  • v     وأن مرونة الناتج المحلي الإجمالي تجاه الانفاق العام بلغت 2.41 وذات دلالة احصائية.
  • v     كما بينت النتائج وجود تأثير للأنفاق العام في الفترات السابقة وذلك من خلال معنويات فترات الابطاء للمتغير.
  • v     أما نتائج تقدير معلمات الأجل القصير فجاءت ذات دلالة احصائية، ومعامل تصحيح الخطأ ecm (-1) يتوفر فيه الشرطان الكافي والضروري فقد جاء سالبا ومعنويا، وهو يعبر عن سرعة العودة إلى الوضع التوازني نتيجة أي انحرافات قد تحدث في الأجل القصير.
  • قيمة الاحتمال الاحصائي للاختبار غير معنوية حيث كانت قيمتها 0.362 وهي تزيد عن مستوى الدلالة 5%، وبذلك نقبل فرض العدم الذي يعني بأن النموذج لا يعاني من مشكلة الارتباط التسلسلي
  • وأكدت النتائج أن النموذج يتصف بالاستقرار، وكذلك معلماته تتصف بالثبات عند المعاينات المتكررة، وذلك من خلال وقوع الشكل البياني لكلا الاختبارين داخل حدود القيم الحرجة 5% critical bounds
  • ومن خلال التحليل الاحصائي يتبين لنا أهمية الانفاق العام في زيادة الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد الليبي، وعلى الرغم من تحقيق نمو اقتصادي إلا أن التنمية الاقتصادية لم تتحقق بالشكل الحقيقي لها وذلك لسبب أساسي هو الاقتصاد الريعي.

التوصيات: –

  • يجب تحقيق الامن لتنفيذ المشروعات التنموية
  • تنمية الحس الوطني والانتماء للبلاد للجميع من دون استثناء
  • العمل على توحيد مصدر الانفاق من خلال المصرف المركزي والحكومة
  • العمل على خطة تنموية شاملة لكل البلاد من خلال رؤية تستهدف فلترة المشروعات القائمة وتنقيحها وربطها ببرامج إعادة الاعمار.
  • v     العمل على إحلال القطاع الخاص وتنمية المقدرات للبلاد والسعي للاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية والمنتجات الزراعية وحماية القائمين عليها من المنافسة الخارجية
  • التوسع في الصناعات البتروكيماوية القائمة على البترول
  • ضبط الانفاق التسييري وتعديله من خلال تنظيم العمل وفق الملاكان الوظيفة وتنظيم القطاعات العامة
  • الاهتمام بالتنمية البشرية من التأهيل والتطوير والاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة من خلال التطور التقني
  • رسم اهداف واضحة للأنفاق ومتابعة تحقيق هذه الأهداف

المراجع

1- أسامة الجيلاني – الاقتصاد الخفي في ليبيا أسبابه حجمه اثاره الاقتصادية – مركز البحوث والاحصاء مصرف ليبيا المركزي – 2008م.

2- حامي كريمة – العلاقة بين الانفاق الحكومي والنمو الاقتصادي – دراسة قياسية للفترة 1970- 2016 م- رسالة ماجستير جامعة اكلي البويرة 2018 م.

3- زينب عوض الله – مبادئ المالية العامة – الدار الجامعية للنشر والتوزيع والاعلان – الطبعة الأولى – 1995 – ص 23 – 28.

 4 – صفوت عبد السلام عوض الله – الاقتصاد السري –دراسة في اليات الاقتصاد الخفي وطرق علاجه – دار النهضة العربية 2002 – ص 8.

5 – طارق قدوري – مساهمة ترشيد الانفاق الحكومي في تحقيق تنمية اقتصادية في الجزائر -1999 – 2014 –مجلة رؤى اقتصادية جامعة الشهيد حمة لخضر –العدد 11 – 2016 – ص95 – 110.

6 – عبد المطلب عبد الحميد- السياسات الاقتصادية، تحليل جزئي وكلي – مكتبة زهراء الشرق القاهرة -1997 – ص  2.

7 -عبد الله الحاسي – دراسة تمهيدية عن الاقتصاد الليبي الواقع والتحديات والافاق – الجزء الأول من الحوار الاجتماعي والاقتصادي الليبي –الأمم المتحدة 2020 م.

8- د . عيسى الفارسي – الخصخصة والتنمية الاقتصادية في الاقتصاد الليبي: الصعوبات والاثار الاقتصادية المتوقعة – مجلة البحوث الاقتصادية – منشورات مركز البحوث الاقتصادية بنغازي – المجلد 14 – 2003 – ص2-7.

9- على مكيد- سوميه فرقاني- قياس أثر الانفاق الحكومي الاستثماري على التنمية الاقتصادية في الجزائر 2001 – 2014م – دراسات العدد الاقتصادي المجلد 7 العدد 2 – جوان 2016 – جامعة الاغواط ص 129 – 137.

10– د. عيس الفضلي – د. فاخر بوفرنه- انخفاض أسعار وانتاج النفط والتكيف الاقتصادي – حالة الاقتصاد الليبي – المجلد السادس والعشرون العدد الأول 2019/2020 ص 72.

11 – ليلى غضبانة – العلاقة بين الانفاق الحكومي والنمو الاقتصادي بالجزائر – 1999- 2012 م –المجلة الأردنية للعلوم الاقتصادية المجلد 2 العدد الأول 2015 م ص 71 – 90 .

12 – د. محمد ابوسنينة – الاقتصاد الليبي بين عامي 2011 -2017 م -حقائق ومؤشرات – مصرف ليبيا المركزي 2018

13-  ميلود جمعة الحاسية – دور النقود في الاقتصاد الليبي دراسة تحليلية تطبيقية – 19منشورات جامعة قاريونس -1979 م ص1– 17

14- مجدي صالح دربوك – يوسف يخلف مسعود – اختبار نموذج Ram على الاقتصاد الليبي – دراسة قياسية للفترة 1978 – 2016 م – مجلة لدراسات الاقتصادية – المجلد الأول العدد الثاني مارس 2018م – كلية الاقتصاد جامعة سرت ص 46- 66

15- معتز ادم عبد الرحيم – تقيم اتر السياسات الكلية على نمو الناتج المحلي الإجمالي للسودان للفترة 1997 -2017 – رسالة دكتوراه –جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا – 2018 م.

16 – د – نور الدين بالكور – نمو الانفاق الحكومي في الجزائر للفترة 1969 – 2014 م بين قانون فاجنر وفرضية كينز- مجلة دراسات العدد الاقتصادي المجلد 7 العدد3 – سبتمبر 2016 – جامعة الاغواط ص 90- 110.

17- نعمان منذر – منعم احمد خضير – قياس أثر الانفاق العام على التنمية المستدامة العراق 2000 – 2016 –جامعة تكريت العراق – 2018م.

18 – Hassler, Uwe; Wolters, Jürgen (2005), Autoregressive distributed lag models and cointegration Working Paper, Diskussionsbeiträge, No. 2005/22, Freie Universität Berlin, Fachbereich Wirtschaftswissenschaft, Berlin P05.

19 – Pesaran, M. H., Yongcheol Shin and R. J. Smith (2001), Bounds testing approaches to the analysis of level relationships. Journal of Applied Econometrics, Volume 16(3), pp.289-32

20 – CountryAnalysisBriefs. EIA .2012

21 -IBRD, The Economies Development of Libya, the Jonns Hopkins Press, 1960, p.371.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *